نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

المجعول اصلا واما امكان تعلق الطب باحد الفعلين او الافعال على البدل كما افيد فهو الصحيح الذى لا ينبغى الريب فيه ضرورة انه لا يعتبر فى متعلق الوجوب الذى قد عرفت انه امر اعتبارى ان يكون من الكليات المتاصلة بل يجوز ان يكون من الكليات الانتزاعية فاذا فرض ترتب غرض واحد على احد الفعلين او الافعال على البدل فلا بد وان يكون متعلق الايجاب ايضا كذلك هذا مع انه يمكن تعلق الصفة الحقيقية باحد الامرين او الامور ايضا فاذا علمنا اجمالا بعدالة احد الرجلين مع احتمال عدالة الآخر ايضا وفرضنا فى الواقع عدالة كل منهما فبما ان المعلوم بالاجمال لا تعين له فى الواقع بالضرورة لان نسبة العلم الاجمالى الى كل منهما على حد سواء وليست كلتا العدالتين المتحققتين فى الواقع معلومتين على الفرض وليست العدالة الكلية الجامعة متعلقه العلم اذا المفروض كون احد الخصوصيّتين معلومة على الاجمال فلا مناص من الالتزام بكون متعلق العلم احدى العدالتين على نحو الابهام والتردد فاذا امكن ذلك فى الصفات الحقيقية ففى الاعتباريّة بطريق اولى الخ واجاب عن هذا القول المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٥٥ والتحقيق كما اشرنا اليه سابقا ان المردد بما هو مردد لا وجود له خارجا وذلك لان كل موجود له ماهية ممتازة عن سائر الماهيّات بامتياز ماهوى وله وجود ممتاز بنفس هوية الوجود عن سائر الهويّات فلا مجال للتردد فى الموجود بما هو موجود وانما يوصف بالتردد بلحاظ علم الشخص وجهله فهو وصف له بحال ما يضاف اليه لا بحال نفسه واما حديث تعلق العلم الاجمالى بأحد الشيئين فقد اشرنا اليه سابقا الى ان العلم يتشخص بمتعلقه ولا يعقل التشخص بالمردد مصداقا بما هو كذلك اذا الوحدة والتشخص رفيق الوجود يدور ان معه حيثما دار فمتعلق العلم مفصّل دائما غاية الامر ان متعلق متعلقه مجهول اى غير معلوم وضم الجهل الى العلم صار سببا لهذا الاسم والالم يلزم قيام صفة حقيقيه بالمردد بداهة ان المعين لا يتحد مع المبهم والمردد وإلّا لزم اما تعين المردد او تردد المعين وهو خلف ـ ومما ذكرنا يتضح ان عدم تعلق البعث بالمردد ليس لخصوصية فى البعث بلحاظ انه لجعل الداعى ولا ينقد ح الداعى الى المردد بل لان البعث لا يتعلق بالمردد حيث ان تشخص هذا الامر الانتزاعى ايضا بمتعلقه وإلّا فالبعث بما هو لا يوجد فلا يتعلق الا بالمعين والمشخص ولو كان بمفهوم المردد فان المردد بالحمل الاولى معيّن بالحمل

٥٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

الشائع والكلام فى المردد بالحمل الشائع وهكذا الارادة التكوينية والتشريعية لا تشخص لهما الا بتشخص متعلقهما اذا الشوق المطلق لا يوجد الخ واما التعبدية ليست لونا للارادة بل التعبدية تحصل بارادتين بالعمل وبداعى امره او العمل التوام مع التقرب ولا يوجب الفرق بين التشريعية والتكوينية واجاب عنه استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٤ ص ٣١ بل نقول بوجوب احدهما لا بعينه وهو غير احدهما المردد فى الواقع المعبر عنه باحدهما المصداقى ضرورة ان الاول قابل لتعلق التكليف به دون هذا فهاهنا دعويان الاولى ان احدهما لا بعينه المعبر عنه بالجامع الانتزاعى قابل لتعلق التكليف به الثانية ان احدهما المردد فى الواقع غير قابل له اما الدعوى الاولى فلانه لا يعتبر فى متعلق التكليف الذى هو امر اعتبارى ان يكون جامعا ذاتيا بل يجوز ان يكون جامعا انتزاعيا وهو عنوان احد الفعلين او الافعال ـ واما الدعوى الثانية فلان المردد فى الواقع والخارج محال فى ذاته ضرورة انه لا ثبوت ولا وجود له فيه فاذن كيف يتعلق الامر به الخ ، وفيه ان مصداق احدهما لا بعينه كمفهوم احدهما لا بعينه لا خارجية له ليكون موضوعا للغرض فيمتنع ان يتعلق به الامر مضافا الى ان مفهوم الوحدة من الامور الاعتبارية التى لا تكون موضوعا للتكليف ولاجل ذلك يمتنع التكليف بمفهوم الواحد بعينه وان جاز التكليف بمصداقه اما الاحتمال الرابع فيه اولا قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٢ ان الواجب هو الجامع الانتزاعى وهو مفهوم احدهما الصادق على كل منهما ـ وان كان لا مانع من الالتزام به ضرورة ان مفهوم احد الشيئين وان لم يكن من العناوين الانتزاعية التى يكون منشأ انتزاعها موجودا فعلا كمفهوم المتقدم والمتاخر لكنه ليس من العناوين الانتزاعية الفرضية غير القابلة لتعلق التكليف بها ايضا بل هو من العناوين التى يمكن فرض منشإ انتزاعها ليكون التكليف المتعلق بها متعلقا بمنشإ انتزاعها وعليه فيمكن فرض منشإ انتزاع له بفرض شيئين او اشياء وتوجيه التكليف اليه إلّا أنّك بعد ما عرفت امكان تعلق التكليف بواقع احدهما تعرف ان توسيط العنوان الانتزاعى فى تعلق الخطاب يكون لغو او غير محتاج اليه الخ واورد عليه استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٨٤ لا يخفى ان ما ذكرناه من امكان تعلق الطلب باحد الفعلين او الافعال على البدل متحد مع هذا الوجه بعينه واماما افيد فى المتن من امكان تعلقه بواقع احد الفعلين او الافعال فان اريد منه

٥٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الواقع المعين الذى يختاره المكلف خارجا فالالتزام بتعلق التكليف به متحد مع الالتزام بالوجه الخامس ـ اى الآتى الآن ـ الواضح بطلانه وان اريد منه غيره فلا واقع لعنوان احدهما ليلتزم بجواز تعلق التكليف به دون نفس العنوان الخ وثانيا قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣٧٧ فلان عنوان الاحد على الترديد لا يكون له وعاء فى الخارج ـ اى ليكون موضوعا للغرض فيمتنع ان يتعلق به الامر ـ فانه لا شبهة فى ان الالتزام اذا ذهب بواسطة فعل الاحد لا يذهب اصل المطلوبية فيمكن الجمع مع البعض الآخر الخ مضافا الى هذا خلاف ظاهرا الدليل من كون كل واحد منهما واجب لا ان الواجب احدهما لا بعينه ، ومما ذكرنا كله ظهر فساد ما افاده استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٤ ص ٤٠ من الاصرار على اثبات هذا القول منها ان الاحكام الشرعية امور اعتبارية ومن المعلوم ان الامر الاعتبارى كما يصح تعلقه بالجامع الذاتى كذلك يصح تعلقه بالجامع الانتزاعى فلا مانع من اعتبار الشارع ملكية احد المالين للمشترى ـ كما فى باب الوصية فانه اذا اوصى الميت بملكية احد المالين لشخص بعد موته ـ تكون وصيته نافذة وكذا لا مانع من اعتبار الشارع احد الفعلين او الافعال فى ذمة المكلف الخ وفيه ان العنوان الانتزاعى ليس شيء حتى يتعلق به التكليف ولا الملكية والتنظير الذى اتى به كل ذلك محل اشكال ولا مصلحة فى المفهوم الانتزاعى والمصلحة فى فعل المكلف الصادر منه فى الخارج لا العنوان ، مضافا الى ان الاحكام الوضعية لو تم لا يقاس عليه لفعلية موردهما دون المقام وهو احدهما من دون ان يكون منشأ انتزاعه فعليا وقال فى ص ٤١ فى الجواب عما ذكرنا ـ وذلك لعدم الطريق لنا الى معرفة سنخ الغرض الداعى الى ايجاب شيء او تحريمه نعم نعلم فى الاول مصلحة وفى الثانى مفسدة لكن لا نعلم سنخ تلك المصلحة وسنخ تلك المفسدة ، ويجب علينا التحفظ على ظواهر الأدلّة وتعيين الحكم ومتعلقه بها ، ونعلم ان الاتيان بمتعلق الوجوب فى الخارج محصل للمصلحة الداعية الى ايجابه ، فالنتيجة على ضوء هذه النواحى لا بد من الالتزام بان متعلق الوجوب هو العنوان الانتزاعى الخ وفيه انه ولو لم نعمل سنخ المصلحة والمصلحة فى الفعل لكن لا يلازم تعلق الوجوب على احدهما لا بعينه بل بوجه آخر سيأتى وظاهر الأدلّة وجوب الجميع لا واحد لا بعينه ، وقال فى ص ٤٢ مرادنا من تعلق الامر بالجامع الانتزاعى ليس تعلقه به بما هو موجود فى النفس ضرورة انه غير قابل

٥٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لان يتعلق به الامر والغرض بل مرادنا من تعلق الامر به بما هو منطبق على كل واحد من الفعلين او الافعال فى الخارج ويكون تطبيقه على ما فى الخارج بيد المكلف الخ وفيه ان ما فى الخارج هو واحد بعينه لا لا بعينه فلا يمكن ما فى النفس انطباقه على الخارج اصلا الى غير ذلك من الاشكالات عليه وظاهر الدليل لو سلم لا بد من تاويله لكونه غير ممكن تعلق التكليف بالمردد واحدهما اما احتمال كون الواجب ما هو المعين عند الله وهو ما يختاره المكلف فى مقام الامتثال مثلا ففى موارد التخيير بين القصر والاتمام لو اختار المكلف القصر مثلا فهو الواجب عليه ولو عكس فبالعكس ، فقد اجاب عنه استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٨٢ اذ يرد عليه اولا ان التكليف بالمعين خلاف ظواهر الادلة الدالة على الوجوب التخييرى وثانيا انه ينافى الاشتراك فى التكليف المقطوع به من الادلة ـ اى لازم هذا القول ان الواجب يختلف باختلاف المكلفين بل باختلاف حالاتهم فلو اختار احدهم القصر هو الواجب عليه والآخر التمام هو الواجب عليه واقعا ـ وثالثا انه اذا فرض عصيان المكلف وعدم اتيانه بشىء من الفعلين فما ذا يكون متعلق التكليف التخييرى وبما انه لا تعين له فى هذا الفرض لا يكون له تعين فى فرض الامتثال ايضا ضرورة ان الامتثال والعصيان انما يتعلقان بشىء واحد الخ وما ذكره الاستاد يمكن المناقشة فيه اما عن الاول فظاهر الادلة خلافه فان ظاهر قوله تعالى (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) الخ كون كل واحد منها واجبا لا انه يجب واحد منها اما كيفية الوجوب فسيأتي إن شاء الله ـ واما عن الثانى فلا ارى وجها لتنافيه مع الاشتراك فى التكليف فان الاشتراك انما يكون فى اصل وجوب الكفارة كوجوب الصلاة اما متعلق الوجوب اى شيء وخصوصية لا ينافى تغايرهما كما فى اختلاف الموضوعات من القصر والاتمام والقيام والجلوس ونحوهما ـ واما عن الثالث فياتى فى ذمته بعين ما فات منه وهو ما يعيّنه ويختاره واقعا هو الواجب عليه قضاء لو كان له القضاء وهو المعاقب عليه كذلك هذا لو كان التخيير واقعا واما لو كان الواجب هو القصر كما فى موارد التخيير محتمل والاتمام فى مقام الاجزاء والتسهيل وخصوصية المكانية فحينئذ لا بد من قضاء القصر لانه الاصل الذى فات دون الآخر سيما يؤيده ان الركعتين الاخيرتين سنة والاوليتين فريضه وقال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣٧٧ فى الجواب عن هذا

٥٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

القول فلأن التكليف لا يكون منوطا بارادة العبد حتى يكون الله تعالى لا يريد المعين إلّا اذا اراده العبد لانه تصويب محال الخ ، واما القول الثانى وهو ما عليه صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٥ والتحقيق ان يقال انه ان كان الامر باحد الشيئين بملاك انه هناك غرض واحد يقوم به كل واحد منهما بحيث اذا اتى باحدهما حصل به تمام الغرض ولذا يسقط به الامر كان الواجب فى الحقيقة هو الجامع بينهما وكان التخيير بينهما بحسب الواقع عقليّا لا شرعيّا وذلك لوضوح ان الواحد لا يكاد يصدر من اثنين بما هما اثنان ما لم يكن بينهما جامع فى البين لاعتبار نحو من السنخية بين العلية والمعلول وعليه فجعلهما متعلقين للخطاب الشرعى لبيان ان الواجب هو الجامع بين هذين الاثنين ، وان كان بملاك انه يكون فى كل واحد منهما غرض لا يكاد يحصل مع حصول الغرض فى الآخر مع اتيانه كان كل واحد واجبا بنحو من الوجوب يستكشف عنه تبعاته من عدم جواز تركه الا الى الآخر وترتب الثواب على فعل الواجد منهما والعقاب على تركهما الخ واجاب عنه المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٥٣ لا يخفى عليك ان قاعدة عدم صدور الكثير عن الواحد وعدم صدور الواحد من الكثير مختصة بالواحد الشخصى لا الواحد النوعى كما تقتضيه برهانها فى الطرفين فان تعيّن كل معلول ـ اى تشخص كل معلول لان الشى ما لم يتشخص لم يوجد ـ فى مرتبه ذات علته لئلا يلزم التخصيص بلا مخصص ـ اى لخصوصية فى العلة ـ وكون الخصوصية الموجبة لتعيّنه ذاتية للعلة اذا الكلام فى العلة بالذات ولزوم الخلف من تعيّن معلولين فى مرتبة ذات علة واحدة من جميع الجهات للزوم خصوصيتين فيها ـ اى العلة واحدة شخصيه من جميع الجهات امتنع تعين معلولين متباينين فى مرتبه ذاتها ووجودها فالحرارة اذا كانت من مراتب وجود النار فلا يعقل ان تكون البرودة من مراتبه وجودها لا ربط له بعدم صدور الكثير عن الواحد النوعى كما ان كل ممكن ليس له إلّا وجود واحد ووجوب واحد فهو لا يقتضى ان لا يكون له وجوبان فى مرتبة ذات علّتين مورده صدور الواحد الشخصى عن علتين شخصيتين ـ اى مرده الى تعدد الواحد الشخصى لفرض ان وجوده فى مرتبه ذات العلة يباين وجوده فى مرتبه ذات العلة الاخرى ـ وكذا كون استقلال كل من العلتين فى التاثير مع دخل كل من الخصوصيتين فى وجود شىء واحد موجبا لعدم علية كل منهما مستقلا وعدم دخل الخصوصيتين موجبا لكون الجامع علة لا ربط له ايضا

٥٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

باستناد الواحد النوعى الى المتعدد بل مفاد كلا البرهانين عدم صدور الواحد الشخصى عن الكثير وعدم صدور الكثير بالشخص عن الواحد الحقيقى ولذا قيل باستناد الواحد النوعى الى المتعدد كالحرارة المستندة الى الحركة تارة والى النار اخرى والى شعاع الشمس ثالثه والى القصب ايضا وكالاجناس فانها لوازم الفصول والفصل كالعلة المفيدة لطبيعة الجنس فيستند الواحد الجنسى الى فصول متعددة مع تباين الفصول بتمام ذواتها ـ الى ان قال ـ والفرض ان القاعدة المزبورة مختصة بالواحد الشخصى والكلام فى الواحد النوعى ، واما مسالة المناسبة والسنخية بين العلة والمعلول فلا يقتضى الانتهاء الى جامع ماهوى ضرورة ان المؤثر هو الوجود ومناسبة الاثر لمؤثره لا تقتضى ان يكون هذا المقتضى والمقتضى الآخر مندرجين بحسب الماهية تحت ماهية اخرى ألا ترى ان وجودات الاعراض ـ اى المقولية كالكم والكيف ونحوهما ـ مع تباين ماهيّاتها لكونها اجناسا عالية او منتهية اليها مشتركة فى لازم واحد وهو الحلول فى الموضوعات وكذا الحلاوة مثل لازم واحد سنخا للعسل والسكر وغيرهما من دون لزوم اندراج الحلاوة وموضوعها تحت جامع ماهوى ولا اندراج موضوعاتها تحت جامع ماهوى بل اقتضاء كل من الموضوعات لها بذاتها ـ الى ان قال فى الجواب ان يكون فى كل واحد غرض ـ عدم حصول الغرض من احدهما مع حصوله من الآخران ان كان لمجرد ان استيفاء احدهما لا يبقى مجالا لاستيفاء الآخر مع كون كل من الغرضين لازم الحصول فى نفسه فلا محاله يجب الامر بهما دفعة تحصيلا للغرضين ولو فرض عدم حصولهما الا تدريجا لعدم امكان اجتماعهما فى زمان واحد كانا كالمتزاحمين فان التزاحم قد يكون فى الامر وقد يكون فى ملاكه وكما ان التخيير فى المتزاحمين من حيث الامر تخيير عقلى لا مولوى كذا التخيير هنا وان كان تضاد الغرضين على الاطلاق لا من حيث ان اجتماع المحصلين فى زمان واحد غير ممكن وسبق كل منهما لا يوجب مجالا لاستيفاء الآخر بل من حيث ان ترتب الغرض على احدهما مقيد فى نفسه بعدم ترتب الغرض على الآخر ولازمه عدم حصول شىء من الغرضين عند الجمع بين المحصلين فهذا مع عدم انطباقه على الواجبات التخييرية الشرعية خارج عن محل الكلام لان التخيير ح عقلى ايضا لا مولوى شرعى كما ان فرض استقلال كل من الفعلين فى اثر خاص بحيث لا يجتمعان معا من حيث ذاك الاثر لتضاد الاثرين وترتب احد

٥٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الاثرين بخصوصه عند الاجتماع لينطبق على الواجبات التخييرية التى لا باس بالجمع بينها خروج ايضا عن محل الكلام لما عرفت مضافا الى ان لازمه التخيير بين كل منهما على انفراده وبين كليهما معا الخ واجاب عن صاحب الكفاية المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٤ ان وحدة الغرض وان كانت كاشفة عن وحدة المؤثر لا محاله لامتناع صدور الواحد عن الكثير إلّا أنها لا توجب كون التخيير عقليا وتعلق الطلب بالجامع الملاكى المستكشف تحققه بالبرهان لا يكفى فى جواز تعلق التكليف به بل لا بد فيه من ان يكون الجامع جامعا عرفيا يمكن ان يقع فى حيز الخطاب حتى يخيّر العقل بين افراده فالتخيير العقلى يحتاج الى مقدمة ثالثه وهى وجود الجامع العرفى والمفروض انه غير متحقق فى المقام الخ واجاب عنه استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣٧٧ ان امكان الجمع يضاده فلا يكون الجامع هو المكلف به الخ فبامكان الجمع بين اطراف التخيير يضاد الوحدة وكون الجامع هو المكلف به بل ظاهر فى ان كل واحد مامور به وإلّا لو أتى بطرف يسقط الواجب ويتحقق الجامع ولا مجال لاتيان البقية وكان استادنا الزنجانى على ما فى تقريراتنا دفتر ٣ ص ١٩١ يفسر عبارة الكفاية بنحو من الوجوب الخ بقوله الخ التخيير الشرعى هو الواجب على البدل بان يكون كل من الطرفين او الاطراف واجبا لكن شأنيا بحيث لو أتى بواحد منها صار ذلك الواجب فعليا بدلا عن الآخر ولا مجال لاتيان الآخر بعد اتيانه الاول لانه لا يكون ح وجوده بدلا عن الآخر فالواجب التخييرى على ما اختاره من ان الوجوب لا يكون قبل وجود الواجب فعليا ولكن كذلك حين وجوده يصير فعليا بدليا فيما نحن فيه ويسقط الآخر باتيان العدل ويرتفع شأنيته وهذا ما قاله الآخوند انه نحو وجوب الخ وفيه انه على مسلكه ان حقيقة الاحكام هى الامور الاعتباريّة دون الإرادة والكراهة ، وان فعلية الحكم عنده واتصافه بالوجوب عند الاشتغال بالفعل ، وكلاهما محل منع عندنا وقد مر الأول مرارا بل الثانى وان الخارج مرحلة السقوط لا الثبوت ، مضافا الى ان العدل الثانى ربما يكون مستحبا بعد ذلك كيف يسقط من رأس ، انه لو كان واجبا شانيا مجردا كيف باتيان المكلف فى الخارج يصير فعليا فان الشانية لا داعوية لها للمكلف نحو الفعل وانما الداعوية عند الفعلية والتنجز فكيف مجرد الشانية لها البعث والتحريك والصحيح ما افاده المحقق العراقى وقد تقدم ايضا وهو القول الاول قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٩١

٥٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

اذا تعلق الامر باحد الشيئين او الاشياء على وجه التخيير فالمرجع فيه كما عرفت الى وجوب كل واحد منها لكن بايجاب ناقص بنحو لا يقتضى إلّا المنع عن بعض انحاء تروكه وهو الترك فى حال ترك البقية من غير فرق فى ذلك بين ان يكون هناك غرض واحد يقوم به كل واحد منهما ولو بملاحظة ما هو القدر الجامع بينهما او اغراض متعدّدة بحيث كان كل واحد منهما تحت غرض مستقل وتكليف مستقل وكان التخيير بينهما من جهة عدم امكان الجمع بين الغرضين اما من جهة التضاد بين متعلقيهما كما فى المتزاحمين او من جهة التضاد بين نفس الغرضين فى عالم الوجود بحيث مع استيفاء احد الغرضين فى الخارج لا يبقى مجال لاستيفاء الآخر او فى مرحلة اصل الاتصاف بحيث مع تحقق احد الوجودات واتصافه بالمصلحة لا تتصف البقية بالغرض والمصلحة حيث ان مرجع الجميع الى تعلق وجوب ناقص بكل واحد من الوجودات بنحو لا يقتضى إلّا المنع عن بعض انحاء تروكه وهو الترك فى حال ترك البقيّة لا تعلق الوجوب التام بكل واحد منها مشروطا بعدم الآخر ولا وجوب احد الوجودات لا بعينه او احدها المعين عند الله نعم غاية ما هناك من الفرق بين الصور المزبورة ـ اى هى الثمرة المترتبة على الاحتمالات ـ انما هو من جهة وحدة العقوبة وتعددها عند ترك الجميع حيث انه فى بعضها كالصورة الاولى والأخيرة لا يترتب على ترك الجميع الا عقوبة واحدة ، وفى بعضها الآخر كالصورة الثانية والثالثة تترتب عقوبات متعددة حسب وحدة الغرض وتعدده ، لا يقال بانه مع المضادة المزبورة لا يكاد يستند الى المكلف عند تركه للجميع إلّا فوت احد الاغراض من جهة فوات البقية عليه على كل تقدير ومعه كيف يمكن استحقاقه للعقوبات المتعددة وبعبارة اخرى ان استحقاق العقوبة لا بد وان يكون على ما هو تحت قدرة المكلف واختياره فاذا لم يكن للمكلف ح بمقتضى المضادة المزبورة بين المتعلقين او الغرضين فى عالم الوجود الا القدرة على تحصيل احد الغرضين لا جرم لا يترتب على تركه للجميع الّا عقوبة واحدة ، فانه يقال نعم وان كان لا قدرة للمكلف على الجمع بين الغرضين ولكن مجرد ذلك لا يمنع عن استحقاقه للعقوبات المتعددة عند ترك الجميع من جهة تمكنه ح الاتيان باحد الوجودين واخراج البقية عن حيّز الوجوب الفعلى فتامل ، لا يقال على ذلك فى الصورة الاخيرة ايضا لا بد من الالتزام بتعدد العقوبة فما وجه التفرقة بينها وبين غيرها ، اذ يقال بان عدم الالتزام

٥٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فيها بتعدد العقوبة انما هو من جهة عدم صدق ترك المتصف بالمصلحة الاعلى احد التروك نظرا الى ما كان بينها من المضادة فى اصل الاتصاف بالمصلحة وبالجملة ان يترتب العقوبة انما هو على ترك الشى فى ظرف الفراغ عن اتصافه بكونه تركا لما فيه الغرض والمصلحة ومثل هذا المعنى انما يصدق فى الصورة الثانية والثالثة واما فى الصورة الأخيرة فلا يكاد صدق ترك المتصف الاعلى احد التروك فمن ذلك لا يكاد يترتب على تركه للجميع الا عقوبة واحدة فتامل الخ ولعل الامر بالتامل اشارة الى انه عقوبة واحدة فى جميع الفروض لكونها ارادة ناقصة لكل واحد من الاطراف والإرادة والشوق والوجوب لا فرق فيها بين التام والناقص وانما السعة والضيق فى متعلقها من تعلقها بالشيء سواء ترك غيره أم لا او يتعلق عند ترك الآخر.

ثم ان هنا ثمرة قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣٧٨ واما مقام الاثبات ففى ارتكاز الفقهاء هو ان الخطابات التخييرية فى الشرع يكون معناها منع الخلو لا منع الجمع والشاهد عليه انه يمكن قصد القربة بخصوصية كل مثل خصوصية الاطعام والصوم ولذا نقول يكون التخيير شرعيا بخلاف مثل الصلاة فى المسجد وفى الدار مثلا فان قصد المكان بخصوصه ممنوع لعدم خطاب عن الشرع به هذا اذا جمع بين الخصالين فى ان واحد مثل الاطعام والعتق واضح واما فى التدريجيين مثل الصوم واخويه فالقائل بمنع الجمع يقول بان الثانى اتيانه لغو ونحن نقول بان الالزام لا يكون فيه كما يقول المولى لعبده اما يكون الواجب عليك الكنس فى الدار او اشراب الاشجار فانه يعلم ان احدهما الزامى والآخر مطلوب الخ واما على قول صاحب الكفاية من تعلق الامر بالجامع وكون التخيير عقليا ايضا لا يمكن التقرب بكل واحد منها كما هو واضح ، وعلى اى فما قاله استادنا الزنجانى من انه يكون البحث علميا ففى غير محله كما عرفت.

قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٢٦ بقى الكلام فى انه هل يمكن التخيير عقلا او شرعا بين الاقل والاكثر ربما يقال بانه محال فان الاقل اذا وجد كان هو الواجب لا محاله ولو كان فى ضمن الاكثر لحصول الغرض به وكان الزائد عليه من اجزاء الاكثر زائدا على الواجب ـ اى كيف يتخير بينهما ويتعلق الوجوب به ففى التخيير بين التسبيحة والتسبيحات الثلاث مثلا بمجرد ان اتى بتسبيحة واحدة حصل بها الغرض

٥٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الباعث للامر وسقط الوجوب فكيف تقع التسبيحات الثلاث بعده على صفة المامور به ـ لكنه ليس كذلك فانه اذا فرض ان المحصل للغرض فيما اذا وجد الاكثر هو الاكثر لا الاقل الذى فى ضمنه اى الاقل بشرط شيء ـ بمعنى ان يكون لجميع اجزائه ح دخل فى حصوله وان كان الاقل لو لم يكن فى ضمنه كان وافيا به ـ اى الاقل الماخوذ بشرط لا بحيث كان لحده ايضا دخل فى الواجب وفى حصول الغرض ـ فلا محيص من التخيير بينهما اذ تخصيص الاقل بالوجوب ح كان بلا مخصص فان الاكثر بحده يكون مثله على الفرض ـ اى الآتي بالاكثر لا يكون آتيا بالاقل بحده فى ضمنه من غير فرق فى ذلك بين ان يكون للاقل الكائن فى ضمن الاكثر وجود مستقل بحيث كان هناك تخلل سكون فى البين كما فى التسبيحات ام لا ـ مثل ان يكون الغرض الحاصل من رسم الخط مرتبا على الطويل اذا رسم بماله من الحد لا على القصير فى ضمنه ومعه كيف يجوز تخصيصه بما لا يعمه ومن الواضح كون هذا الفرض بمكان من الامكان ان قلت هبه فى مثل ما اذا كان للاكثر وجود واحد ـ اى متصل كمفهوم الورود الصادق على القليل والكثير بنحو واحد والقصر والاتمام فى مواضع التخيير ـ لم يكن للاقل فى ضمنه وجود على حده كالخط الطويل الذى رسم دفعة بلا تخلل سكون فى البين لكنه ممنوع فى ما كان له فى ضمنه وجود كتسبيحة فى ضمن تسبيحات ثلاث او خط طويل رسم مع تخلل العدم فى رسمه فان الاقل قد وجد فى حده وبه يحصل الغرض على الفرض ومعه لا محاله يكون الزائد عليه مما لا دخل له فى حصوله فيكون زائدا على الواجب لا من اجزائه قلت لا يكاد يختلف الحال بذلك فانه مع الفرض لا يكاد يترتب الغرض على الاقل فى ضمن الاكثر وانما يترتب عليه بشرط عدم الانضمام ومعه كان مترتبا على الاكثر بالتمام وبالجملة اذا كان كل واحد من الاقل والاكثر بحده مما يترتب عليه الغرض فلا محاله يكون الواجب هو الجامع بينهما وكان التخيير بينهما عقليا ان كان هناك غرض واحد وتخييرا شرعيا فيما كان هناك غرضان على ما عرفت نعم لو كان الغرض مترتبا على الاقل من دون دخل للزائد لما كان الاكثر مثل الاقل وعدلا له بل كان فيه اجتماع الواجب وغيره مستحبا كان او غيره حسب اختلاف الموارد الخ نعم قد يشكل على ما ذكر ايضا بان الاكثر بعد ان اخذ لا بشرط من طرف الزيادة وقد وجب الاتيان بذات الاقل ايضا على كل تقديرفلا جرم لايبقى طرف التخيير الانفس الحدين و

٥١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

هما الوقوف على الاقل او التعدى والتجاوز عنه وح فحيث انه مع الاتيان بذات الاقل لا محيص له من احد الحدين ولا يمكنه ترك كليهما يندرج لا محاله فى التخيير العملى العقلى بمناط اللاحرجية نظير التخيير بين النقيضين او الضدين اللذين ليس لهما ثالث لا فى التخيير الشرعى من جهة عدم المجال ح لاعمال المولوية بالامر التخييرى نحو الحدين لما ذكرنا غير مرة بان مرجع الامر التخييرى باحد الامرين انما هو الى النهى عن تركهما معا وهو انما يصح فى مورد يتمكن المكلف من ترك كلا الامرين وإلّا فمع عدم تمكنه من ذلك ولابدية اتيانه باحد الامرين عقلا يكون الامر باتيان احد الفردين لغوا محضا فعلى ذلك ح يتسجل الاشكال بانه كيف المجال للتخيير الشرعى بين الاقل والاكثر مع كون ذات الاقل واجبة الاتيان على كل تقدير وكون التخيير بين الحدين ايضا عقليا محضا بمناط اللاحرجية ، فاجاب عنه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٤ ولكن يمكن التقضى عن هذا الاشكال ايضا بان بان ما هو طرف التخيير ح انما كان هو الاقل بما هو متقيد بحد الأقلية فكان لحيث التقيد ايضا دخل فى موضوع الوجوب وفى مثله معلوم بداهة كما المجال لتعلق الامر المولوى التخييرى باحد الامرين اما الاقل او الاكثر وح فتمام الخلط انما هو من جهة الغاء حيث التقيد بحد الاقليّة عن موضوع الوجوب ولحاظ ذات الاقل عارية عن التقيد المزبور فمن ذلك استشكل بان ذات الاقل ح بعد ان كانت واجبة الاتيان على كل تقدير لا على تقدير دون تقدير فلا جرم لا يبقى فى البين الانفس الحدين اللذين عرفت بانه لا يكون التخيير فيهما الا تخييرا عقليا بمناط اللاحرجية وإلّا فبناء على ملاحظه مجموع الذات مع التقيد المزبور لا يبقى مجال للاشكال المزبور اصلا من جهة وضوح ان الاقل ح بوصفه لا يكون واجب الاتيان على كل تقدير كما هو واضح وعلى ذلك فمن اخذ الاقل بشرط لا ومحددا بحد الاقلية يرتفع تلك الاشكالات باجمعها على التخيير بين الاقل والاكثر نعم على ذلك يكون مرجع التخيير المزبور الى التخيير بين المتبانيين نظرا الى مباينة الاقل ح ولو بحده مع الاكثر الخ واما مقتضى الاصل عند الشك فى التخيير فله فرضين ـ الفرض الأول فى الخصال اذا شك فى انه هل يكون احدها وافيا بالمصلحة عن الآخر او يكون مشروطا بوجوده للوفاء بالمصلحة كالافطار بالمحرم فى نهار شهر رمضان فالاصل يقتضى الاشتغال بالجميع ووجوب الاكثر من واحد لمعلومية اصل الخطاب والظاهر عدم

٥١١

.................................................................................................

______________________________________________________

الفرق فى ذلك على جميع المسالك من ان الواجب كل واحد منهما بوجوب ناقص كما هو المختار او الواجب احدهما فيكون الشك فى ان الواجب كل واحد منهما معينا او مخيرا ، الفرض الثانى شك فى انه هل يكون ضم بقية الخصال مضرا بما هو احد فردى التخيير فاطلاق الخطاب يقتضى عدم كونه مانعا لان الشك يرجع الى الشك فى طور التكليف ، ولكن الظاهر من الخطاب التخييرى هو كفاية احد الافراد وعدم قيام المصلحة بالجميع فانه لو كان مطلوبه اكثر من واحد لبينه ، وعند عدم الاطلاق فالاصل عدم كونه مضرا بما هو المطلوب لانه يحرز المصلحة بواسطة الوجود الأول هذا تمام الكلام فى الواجب التخييرى.

تقسيم الواجب الى العينى والكفائى

التقسيم الخامس للواجب ينقسم الى الواجب العينى والكفائى والواجب العينى هو ما يكون الخطاب والتكليف متوجها الى آحاد المكلفين بحيث لا يكون الاتيان من بعضهم موجبا لسقوطه عن آخرين كالصلاة والصوم وغيرهما من اغلب الواجبات العبادية وغير العبادية واما الكفائى فهو الواجب الذى يسقط بفعل بعض عن الآخرين ولو تركوا جميعا يستحقون كلهم العقاب ـ وحال الواجب الكفائى فى الترديد والدور ان هو بعينه حال الواجب التخييرى غاية الامر الترديد والتخيير فى التخييرى كان فى المكلف به وهاهنا فى المكلف ـ قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٢٨ والتحقيق انه سنخ من الوجوب وله تعلق بكل واحد ـ اى المكلفين ـ بحيث لو اخل بامتثاله الكل لعوقبوا على مخالفته جميعا وان سقط عنهم لو اتى به بعضهم لانه قضية ما اذا كان هناك غرض واحد حصل بفعل واحد صادر عن الكل او البعض كما ان الظاهر هو امتثال الجميع لو أتوا به دفعة واستحقاقهم للمثوبة وسقوط الغرض بفعل الكل كما هو قضية توارد العلل المتعددة على معلول واحد الخ قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٤ ومرجعه كما فى الواجب التخييرى الى تعلق وجوب ناقص بفعل كل واحد من المكلفين بنحو لا يقتضى إلّا المنع عن بعض انحاء تروكه وهو تركه فى حال ترك بقية المكلفين غير ان الفرق بينهما هو توجه التكليف هناك الى المكلف بكلا شقى التخيير من جهة كونه نتيجة التكليف التعيينى بالجامع بخلافه فى المقام حيث انه بعد عدم قدرة شخص

٥١٢

مكلف واحد على كلا الشقين لا يكاد يصح توجيه التكليف التعيينى اليه بالجامع بمعناه الاطلاقى القابل للانطباق على فعل نفسه وفعل غيره ومن ذلك لا يكون التكليف المتوجه الى كل مكلف الا تكليفا ناقصا متعلقا بشق واحد ولا يكون امره الناقص الا امرا واحدا ـ بجعل التكليف المتوجه الى كل مكلف تكليفا ناقصا على نحو لا يقتضى إلّا المنع عن الترك فى حال ترك بقية المكلفين ونتيجة ذلك كما عرفت انما هو سقوط التكليف عن الجميع بفعل البعض منهم مع استحقاق الجميع للعقوبة عن اخلالهم جميعا بالواجب والمامور به الخ ويجرى الوجوه السابقة واجوبتها فيه ، واورد على صاحب الكفاية المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٥٧ ـ هذا اى توارد العلل المتعددة الخ ـ انما يتم بالنسبة الى الفعل الواحد الشخصى القائم بجماعة كما اذا اشتركوا فى تغسيل الميت وتكفينه ودفنه لا فيما اذا صلوا عليه دفعة فان هناك وجودات من الفعل ومن الغرض المترتب عليه إلّا ان اللازم تحصيله وجود واحد من الغرض وحيث انه لا مخصص لاحد وجودات الفعل والغرض فلا يستقر الامتثال على وجود خاص منها ومعنى استقراره على الجميع سقوط الامر والغرض الباعث عليه قهرا بفعل الجميع ولا عليّة لوجود الفعل والغرض بالإضافة الى سقوط الامر والداعى حتى تنتهى الامر ايضا الى توارد العلل المتعدّدة على معلول واحد بل بقاء الامر ببقاء الداعى الباقى ببقاء عدم وجود الغاية الداعية فى الخارج على حاله فاذا انقلب العدم الى الوجود سقط الداعى اعنى تصور الغاية عن الدعوة لتمامية اقتضائه لا لعليّة وجودها خارجا لعدم وجودها بصفة الدعوة بداهة ان ما كان علة لوجود شيء لا يكون ذلك الوجود علة لعدمه وإلّا كان الشى علة لعدم نفسه وبتقريب آخر عدم الامر ولو كان طاريا لا ازليا لا يحتاج الى مقتض يترشح العدم من مقام ذاته لانه هو بنفسه محال واذا لم يكون له فاعل ولا قابل لان اللاشيء لا يحتاج الى مادة قابلة له فلا يحتاج الى شرط لانه مصحح الفاعلية او متمم القابلية فوجود الفعل ليس مقتضيا لعدم الامر ولا بشرط له بل الامر علة بوجوده العلمى لا نقدا ح الداعى الى ارادة الفعل فيسقط عن التأثر بعد تاثيره اثره ولا يخفى ان الامر وإن كان شرط لتحقق الإطاعة والعصيان بعنوانهما ولا باس بان يكون المشروط موجبا لانعدام شرطه إلّا ان الكلام فى علية ذات الفعل لسقوط الامر الذى علة بوجوده العلمى لذات الفعل بالواسطة الخ اى الفعل يستلزم كون الامر بلا اثر فيسقط لا كونه علة

٥١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لسقوط الامر والجواب عنه واضح ان الفرض الاول الاشتراك فى العلة والفرض الثانى توارد العلل المتعددة على معلول واحد عرفا كما فى غسل واحد لاسباب متعددة كالجنابة والحيض والزيارة والجمعة.

بقى اشكال ودفع اما الاشكال وهو انه لو اتى به الجميع دفعة واحدة فلا يحصل الامتثال لان الامر تعلق على حصة خاصه وهو ترك الآخر وقد أتى به الآخر فى الفرض ـ اما الدفع اما اولا فقد حصل الفرض كما تقدم بواحد منها وبقى الأخر مستحبا ـ واما ثانيا فقد حصلت الحصة الخاصة للجميع لان الجميع اتى دفعة واحدة ومسبوق بترك الآخر ولذا ينوى الوجوب الجميع ولكل منهم ارادة ناقصة ـ وثالثا قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٥ ففى جميع الصور كان المكلفون كل واحد منهم مكلفا بالايجاد ولكن بتكليف ناقص بنحو لا يقتضى إلّا المنع عن الترك فى حال ترك البقية ـ مع امتثال الجميع ايضا واستحقاقهم للمثوبة لو اتوا بالمامور به دفعة واحدة نعم هذا الاخير مخصوص بالفرض الاول وهو فرض قيام الغرض الوحدانى بالجامع فان قضيته ح هو تحقق الامتثال بفعل الجميع فلا يجرى فى بقية الفروض لانه فيها حسب مضادة تلك الاغراض القائمة بافعالهم اما بحسب الوجود او الاتصاف لا يكاد انتهاء النوبة الى امتثال الجميع مع اتيانهم دفعة واحدة حتى يترتب عليه استحقاقهم اجمع ايضا للمثوبة بل ومقتضى بطلان الترجيح بلا مرحج ح هو عدم حصول الغرض وعدم تحقق الامتثال من واحد منهم ايضا ولكن الذى يسهل الخطب هو ان ما ذكره من الفروض الأخر فى الواجب الكفائى مجرد فرض وبيان امكان جريان فروض الواجب التخييرى فى الكفائى ايضا وإلّا فما هو الواقع فى الواجبات الكفائية طرا انما هو خصوص الفرض الاول وعليه فكما انه باخلالهم بالامتثال يستحق الجميع العقوبة كذلك باتيانهم جميعا للمامور به دفعة واحدة يتحقق الامتثال من الجميع ويستحق الجميع للمثوبة ـ ورابعا ذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٧ ان موضوع التكليف هو صرف وجود المكلف فبامتثال احد المكلفين يتحقق الفعل من صرف وجود الطبيعة فيسقط الغرض فلا يبقى مجال لامتثال الباقين ومنه ظهر انه لو حصل الفعل من الجميع فى عرض واحد لاستحق كل واحد منهم ثواب امتثال ذلك الامر كما لو كان منفردا به لصدق صرف الوجود عليه كما انه عند مخالفه الجميع يستحق كل واحد منهم العقاب لتحقق مناطه فيه

٥١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذا الوجه الذى ذكرنا هو التحقيق فى تصوير الوجوب الكفائى ، واما ما قيل من ان الخطاب متعلق بكل واحد منهم عينا غاية الامر انه مشروط بعدم فعل الآخر ففى الحقيقة هناك خطابات متعددة بعدد اشخاص المكلفين كل منها مشروط بعدم صدور الفعل من الآخر ـ فهو وان كان ممكنا فى حد ذاته ويترتب عليه النتيجة التى رمناها وهى استحقاق ـ إلّا ان الغرض حيث انه واحد ومترتب على صرف الوجود فلا بد وان يكون الخطاب ايضا كذلك لانه يتبعه ويستحيل تخلفه عنه وإلّا لكان بلا داع وغرض وهو محال الخ ولكن يرد عليه بما ذكره المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٥ فقال فانه ان اريد من الاناطة اناطة كل واحد من التكاليف بعصيان البقية فعدم امكانه واضح من جهة ما يلزمه ح من تاخر كل واحد من هذه التكاليف عن الآخر برتبتين وهو من المستحيل كما عرفت وان اريد اناطة كل واحد منها بعدم البقية أي العدم السابق على الامر والتكليف وكذلك ايضا اذ ح وان لم يرد عليه المحذور المتقدم من جهة وقوع التكاليف ح فى رتبة واحدة إلّا انه بعد تحقق المنوط به بالنسبة الى الجميع يلزمه ان يكون كل واحد منهم مكلفا بتكليف فعلى تام بالايجاد ومثل هذا المعنى بعد فرض مضادة بتلك المصالح والاغراض وامتناع اجتماعهما فى الوجود والتحقق يكون من المستحيل لاستحالة البعث الفعلى التام نحو امور يمتنع اجتماعيها فى التحقق فمن ذلك لا محيص فى المقام ايضا كما فى الواجب التخييرى من ارجاع تلك التكاليف الى التكليف الناقص الخ فالصحيح انه يحصل الفرض باتيان الجميع دفعة ولازمه سقوط الامر لعدم الاثر له وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٨ فاذا فرضنا شخصين فاقدى الماء وجدا فى وقت الصلاة ماء لا يكفى الا لوضوء احدهما فبما ان ملاك وجوب الحيازة فى كل منهما تام بلا نقصان والمفروض انه لا يمكن استيفاء الملاكين معا لفرض عدم وفاء الماء الا بوضوء واحد فلا محاله يكون الزام كل منهما بالحيازة مشروطا بعدم سبق الآخر فان سبق احدهما سقط التكليف عن الآخر كما انه اذا تركاها معا استحق كل منهم العقاب ـ فرع اذا كان كل من واجدى الماء فى الفرض المزبور متيما فهل يبطل تيمم كل منهما او لا يبطل شيء منهما او يبطل واحد منهما على البدل الاقوى هو الاول بيانه ان فى المقام امور ثلاثة الاول الامر بالوضوء الثانى الامر بالحيازة الثالث القدرة على الحيازة لا اشكال فى ان الامر بالوضوء مترتب على الحيازة الخارجية وكون الماء

٥١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فى تصرف المكلف واما الامر بالحيازة فقد عرفت انه مشروط بعدم سبق الآخر وحيازته واما القدرة على الحيازة فهى بالقياس الى كلا الشخصين المفروضين فعلية اذ المفروض تمكن كل منهما على حيازة الماء نفى نفسه وعدم كفاية الماء المفروض الا لوضوء واحد انما يكون منشأ لتحقق التزاحم فى مقام فعلية الحيازة منهما خارجا واما فعلية قدرة كل منهما على الحيازة فلا تزاحم فيها اصلا وبما ان بطلان التيمم لم يترتب فى لسان الدليل على الامر بالوضوء بل هو مترتب على وجدان الماء المحقق فى ظرف القدرة على الحيازة فيبطل التيممان معا ومن الضرورى ان تزاحم الخطابين فى ناحية الوضوء لا يستلزم التزاحم فى ناحية الحكم ببطلان التيممين وبالجملة الحكم ببطلان كلا التيممين اذا لم يترتب عليه محذور عقلى فلا مناص من الالتزام به لاطلاق ما دل على بطلان التيمم بوجدان الماء المفروض تحققه فى مفروض الكلام كما عرفت الخ واجبا عنه الأساتذة ونعم ما اجابوا منهم استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٨٩ بل الاقوى هو التفصيل بين صورتى سبق احدهما الى الحيازة وعدمه ففى الاولى يبطل تيمم السابق فقط ويستكشف به عدم قدرة الآخر على الوضوء وبقائه على ما كان عليه من عدم وجدانه الماء واما فى الصورة الثانية فبما ان كلا من الشخصين المفروضين قادر على حيازة الماء واستعماله من دون مزاحم فيبطل كل من التيممين والوجه فى ما ذكرناه هو ان الامر بالوضوء وبطلان التيمم مترتبان فى لسان الدليل على وجدان الماء فاذا تحقق يترتب عليه كل من الاثرين كما انه اذا لم يتحقق فلا يتحقق شىء منهما فالتفصيل بين بطلان التيمم وعدم الامر بالوضوء كما افيد فى المتن لا وجه له الخ ودخول الفرع فى الواجب الكفائى من باب الامر بالحيازة التى هى مقدمة للوضوء مع عدم امكان كون المامور كليهما بالفعل بل احدهما فى ظرف عدم سبق الآخر فحيازة الماء واجبة كدفن الميت ومن قبيل الواجب الكفائى ايضا تعاقب ايادى متعددة على العين وبدله فضوليا وغصبا من ان المالك له الرجوع الى كل واحد منها على البدل على ما ذكر فى محله وعند الرجوع الى احدها ليس له الرجوع الى غيره ثانيا كما لو قام الجميع فلا يجوز له الاخذ الامى احدهم وذلك لا يوجب الفرق بينه وبين الواجب الكفائى فتدبر.

٥١٦

ونقول (١) ان المطلوب والمشتاق اليه (٢) هو المقيّد من حيث ذاته التوأم مع قيده

______________________________________________________

فى الواجب المعلق والمنجز

(١) التقسيم السادس ينقسم الواجب الى المنجز والمعلق قال فى الفصول ص ٨٠ وينقسم باعتبار آخر الى ما يتعلق وجوبه بالمكلف ولا يتوقف حصوله على امر غير مقدور له كالمعرفة وليسم منجزا والى ما يتعلق وجوبه به ويتوقف حصوله على امر غير مقدور له وليسم معلقا كالحج فان وجوبه يتعلق بالمكلف من اول زمن الاستطاعة او خروج الرفقة ويتوقف فعله على مجيء وقته وهو غير مقدور له والفرق بين هذا النوع وبين الواجب المشروط هو ان التوقف هناك للوجوب وهنا للفعل ـ الى ان قال ـ فلا تكليف فى الاول بالفعل ولا وجوب قبله بخلاف الثانى الخ قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٦٠ لا يخفى ان شيخنا العلامة اعلى الله مقامه حيث اختار فى الواجب المشروط ذاك المعنى ـ اى ان الواجب فيه يكون مقيدا به بحيث يكون الطلب والايجاب فى الخطاب فعليا ومطلقا وانما الواجب يكون خاصا ومقيدا وهو الاكرام على تقدير المجيء ـ وجعل الشرط لزوما من قيود المادة ثبوتا واثباتا حيث ادعى امتناع كونه من قيود الهيئة كذلك اى اثباتا وثبوتا على خلاف القواعد العربية وظاهر المشهور كما يشهد به ما تقدم آنفا عن البهائى انكر عن الفصول هذا التقسيم ضرورة ان المعلق بما فسره يكون من المشروط بما اختاره له من المعنى على ذلك كما هو واضح حيث لا يكون ح هناك معنى آخر معقول كان هو المعلق المقابل للمشروط ومن هنا انقدح انه فى الحقيقة انما انكر الواجب المشروط بالمعنى الذى يكون هو ظاهر المشهور والقواعد العربية لا الواجب المعلق بالتفسير المذكور وحيث قد عرفت بما لا مزيد عليه امكان رجوع الشرط الى الهيئة كما هو ظاهر المشهور وظاهر القواعد فلا يكون مجالا لانكاره عليه الخ وتبعه المحقق النّائينيّ من انكار الواجب المعلق كما سيأتى.

(٢) ويبيّن لنا محقق الماتن الواجب المعلّق والامتياز بينه وبين المطلق والمشروط قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٥١ جميع هذه الاقسام تشترك على المختار فى فعلية الوجوب وعلى المشهور يشترك المنجز والمعلق فقط فيها وعلى المختار ينفرد المشروط عن المنجز والمعلق بكون قيده دخيلا فى اتصاف متعلق

٥١٧

بلا توجّهه الى قيده بل القيد خارج عن حيّز الاشتباه (١) فهذه الصورة (٢) من حيث عدم محركيته نحو المقيد الّا فى ظرف وجود القيد شريك (٣) مع الواجب المشروط (٤) كما (٥) ان فى عدم اناطة الاشتياق بوجود القيد شبيهة بالواجب المطلق فهو (٦) ح نحو من الوجوب ووسيط بين المطلق والمشروط ومرجعه الى وجوب الذات الملازم مع وجوب قيده من باب الاتفاق (٧) كما هو الشأن فى

______________________________________________________

خطابه بالمصلحة دون المنجز والمعلق فان قيد الواجب فيهما يكون دخيلا فى فعلية وجود المصلحة الكامنة فيهما.

(١) لعل الصحيح الاشتياق.

(٢) اى المعلق.

(٣) وينفرد المنجز عن المشروط والمعلق بفعلية تحريك خطابه وبعثه الى نفس الواجب بالأصالة والى جميع مقدماته التى منها قيد به المتعلق فى الخطاب دون المشروط والمعلق فان خطابهما وان كان فعليا فى البعث والتحريك فيما لو علم المكلف بتحقق الشرط والقيد فيما ياتى إلّا انه بالنسبة الى ما عدا شرط الواجب وقيده.

(٤) اى يشتركان فى كون تحريكه عند تحقق القيد.

(٥) اى ويفترقان ويشبه المعلق للمطلق بعدم اناطة الوجوب والارادة بالقيد كما فى الواجب المشروط فانه انيط بالقيد والشرط.

(٦) ان الواجب المعلق برزخ بين المنجز والمشروط على المختار اما جهة شبهه بالمشروط فلان الشرط فى كل منهما لا تتعلق به الارادة التشريعية لا بالاصالة ولا بالتبع واما جهة شبهه بالمنجز فلان الشرط فى كل منهما مما تتوقف عليه فعلية اثر الواجب ومصلحته فى الخارج وان كلا من الشرطين تتعلق به مبادى الارادة من الرغبة بوجوده والشوق اليه وغير ذلك مما يقع فى صراط خروج الارادة من القوة الى الفعل الخ.

(٧) قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٠٣ الواجب المعلق هو الذى يكون الوجوب فيه فعليا مطلقا غير منوط بشيء ولكن الواجب فيه مقيد بامر استقبالى غير اختيارى حتى فى ظرفه ولو لكونه قهرى الحصول والتحقق فى موطنه كالوقت

٥١٨

وجوب كل طرف من الوجوب التخييرى بالنسبة الى وجود الطرف الآخر بلا اناطة كل منهما به (١) ولذا ليست (٢) الواجبات التخييرية من سنخ المشروطات بل (٣) هى ايجابات مطلقة ناقصة حافظة

______________________________________________________

مثلا كما فى الحج فى الموسم او مقيدا بامر اختيارى لكن لا بمطلق وجوده بل بوجوده الاتفاقى الناشى من جهة غير اختيار المكلف او بوجوده الناشى من قبل سائر الدواعى غير دعوة الامر والتكليف اذ نقول ح بان مثل هذه القيود بعد ان كانت راجعة الى مقام الدخل فى وجود المحتاج اليه والمتصف بالصلاح والمفسدة لا فى اصل الاحتياج واتصاف الذات بالمصلحة والصلاح كما فى قيود التكليف كالاستطاعة بالنسبة الى الحج فلا جرم تبعا للعلم الفعلى بقيام المصلحة التامة المطلقة بالمقيد المزبور يتعلق به الاشتياق الفعلى المطلق البالغ الى حد الانقداح المعبر عنه بالارادة ايضا بلا حالة منتظرة فى البين ولا اناطة لها فى فعليتها بحصول القيود المزبورة فى الخارج بل ولا بفرضها ولحاظها ايضا بوجه ـ نعم جميع مبادى الارادة من الميل والمحبة والاشتياق متحققة بالنسبة اليها ولكنها من جهة عدم قابليتها لتعلق الارادة بها كانت خارجة عن حيز التكليف بالايجاد ولكن مجرد خروجها عن حيز التكليف ايضا غير مقتض لاناطة اصل التكليف فى فعليته بحصولها فى الخارج كما فى قيود الوجوب فى المشروطات على مسلك المشهور بل ولا بفرضها ولحاظها ـ اى كما على المختار فالواجب المعلق ـ هو الذى يكون الواجب امرا استقباليا مقيدا بزمان الاستقبال وكان الوجوب فيه فعليا مطلقا غير منوط بشيء حتى فى الفرض واللحاظ فى قبال المشروط المشهور الذى يكون الوجوب فيه منوطا بوجوب الشرط والمنوط به فى موطن الخارج الملازم لعدم فعليته ايضا قبل حصول شرطه فى الخارج وفى قبال المشروط لدى المختار الذى يكون الوجوب فيه فعليا لكن منوطا بفرض الشى ولحاظه لا مطلقا كما هو واضح الخ وتطويل الكلام لاجل وضوح الفرق بين الجميع.

(١) ثم ينظر المقام بالواجبات التخييرية التى تقدمت بان كل واحد من الاطراف وجوبه غير منوط بوجود الآخر وغير مشروط به كما هو احد الاقوال فيها.

(٢) ولا تكون الواجبات التخييرية من قبيل المشروطات.

(٣) بل الواجبات التخييرية يكون الوجوب على كل واحد من الاطراف وجوب

٥١٩

لبعض جهات وجود المتعلق (١) الملازم لمنعها عن بعض تروكها (٢) لا مطلقا (٣) ففى ما نحن فيه ايضا قد يكون طلب المولى (٤) بالمقيد بهذا المنوال لا مطلق (٥) حافظ لجميع انحاء وجوده ولا (٦) مشروط بقيوده ففى هذه الصورة (٧) ايضا اذا طبّق المامور (٨) مثل هذه الكبرى على المورد ولو باحرازه وجود القيد من باب الاتفاق فى موطنه يتحرّك فعلا من قبل ارادته الحاصلة بابراز المولى اشتياقه نحو مقدّماته المفوّتة (٩) من دون فرق فيه ايضا بين كون القيد الخارج عن حيّز

______________________________________________________

مطلق لكن ناقص وارادة ناقصة على كل واحد من الاطراف بمعنى ان الارادة المتعلقة على كل واحد من الاطراف لا توجب سدّ جميع ابواب عدم متعلقه بل تسد ابواب عدمه إلا باب عدمه فى ظرف وجود الطرف الآخر.

(١) وهو عند عدم الطرف الآخر.

(٢) وهو سد باب عدمه فى ظرف عدم الآخر فانه ممنوع الترك فيما لو كان له طرفين مثلا.

(٣) اى ليس ايجاب على نحو الاطلاق والتام حتى فى ظرف وجود الطرف الآخر ولا الايجاب التام مشروطا بعدم الآخر كما مر.

(٤) ففى الواجب المعلق ايضا كذلك تحريكها نحو الفعل ليس تحريكا تاما بحيث يحركه نحوه فى جميع الظروف والحالات.

(٥) اى لا يطلب ولا يحرك نحو الفعل فى الحال بان ياتى بالحج فى غير موسمه فلا اطلاق له لسد باب عدمه فى جميع الحالات.

(٦) اى ولا انيط الوجوب بالقيد والشرط كما فى المشروط.

(٧) اى ففى الواجب المعلق انتظار حصول القيد المقيد به لدخالته فى فعلية امتثال هذا التكليف لا فى فعليّة نفس التكليف.

(٨) اى القيد دخيل فى التطبيق عند وجوده من باب الاتفاق وانما الارادة فعلية من الأول قبل وجود القيد خارجا ولحاظا.

(٩) فيترشح الى المقدمات المفوتة قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣١٨ القيود الوجودية للواجب فى المعلق مما اخذ وجودها فيه من باب الاتفاق فانها

٥٢٠