نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

عرفت ومجرد كون فى ظرفه يصير فعليا لا يوجب فعليه مقدماته ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٠ ثم انه قد يتوجه على المختار الشكال وهو انه يلزم عليه وجوب الوضوء قبل دخول وقت الصلاة لادائها فى وقتها اما تعيينا فيما لو علم بعجزه عن الوضوء فى الوقت لانه ح يكون من المقدمات المفوتة واما تخييرا فيما لو علم باستمرار تمكنه من الوضوء الى ما بعد الوقت مع انه لا يقول بذلك احد بل الاجماع منعقد على عدم وجوب الوضوء للصلاة الواجبة قبل دخول وقتها بل عدم مشروعيته كذلك ولو علم بعدم قدرته على الوضوء فيما بعد الوقت والجواب عنه انا نستكشف من هذا الاتفاق ان الوضوء الذى هو شرط صحة الصلاة ومقدمة لوجودها لا يتصف بالمصلحة الغيرية التى بها قوام مقدميته إلّا بدخول وقت الصلاة كنفس الصلاة فكما انها لا تتصف بالمصلحة النفسية إلّا بدخول وقتها كذلك بعض مقدماتها اعنى الوضوء ولهذا لا يجب بل لا يكون مشروعا قبل دخول الوقت ان قلت يلزم على هذا انه لو توضأ المكلف لغاية اخرى ولم ينقض هذا الوضوء حتى دخل الوقت لما كان يصح منه اداء الصلاة فى وقتها بهذا الوضوء مع انه يصح منه ذلك بالاتفاق قلت ايضا نستكشف من ضم هذا الاتفاق الى الاتفاق السابق ان الوضوء الذى لا يكون واجدا للمصلحة الغيرية وملاك المقدمية هو الوضوء الذى يؤتى به قبل وقت الصلاة لاداء الصلاة فى وقتها اما الوضوء الذى يؤتى به لغاية مشروطة به فهو اذا استمر الى دخول وقت الصلاة يتصف بالمصلحة الغيرية وملاك المقدمية اما قبل دخول الوقت فهو كسائر اقسام الوضوء غير متصف بالمصلحة الغيرية وملاك المقدمية للصلاة الواجبة فى وقتها ولهذا يجوز نقضه قبل الوقت كما يجوز نقض غيره من اقسام الطهارات وربما يتصف بالمصلحة الغيرية وملاك المقدمية للصلاة بدخول وقتها فاذا كان هذا التقرير فى مرحلة الثبوت صحيحا كان ضم احد الاجماعين الى الآخر دليلا على وقوعه فى مرحلة الاثبات ان قلت اذا كان الوضوء للصلاة فى الوقت قبل دخوله غير واجب بل غير مشروع لزم ان يكون متعلقاته ومقدماته مثله فى عدم وجوب تحصيل شىء منها قبل الوقت او الاحتفاظ به اذا كان فلا يحب حفظ الماء الحاصل قبل الوقت الوضوء فى الوقت ولا تحصيله اذا لم يكن حاصلا والحكم عند جملة من الفقهاء فى ذلك غير ذلك فانهم يفتون بوجوب حفظ الماء الحاصل قبل الوقت للوضوء فيه ووجوب تحصيله اذا لم يكن حاصلا قلت نعم

٤٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

الامر كذلك مع عدم وجوب الوضوء بل عدم مشروعيته قبل الوقت ووجه جميع ذلك بالنظر الى ما قررناه قبلا واضح جدا فانا قد بينا ان وجوب الواجب المشروط على المختار متحقق قبل تحقق شرطه وعلى ذلك بنينا وجوب تحصيل المقدمات المفوتة تعيينا وجوب غيرها تخييرا قبل تحقق شرط الوجوب النفسى ومن جملة المقدمات للوضوء الواجب بعد الوقت حفظ الماء اذا كان حاصلا ووجوب تحصيله اذا لم يكن حاصلا واما عدم وجوب الوضوء قبله فللدليل الدال على عدم اتصافه بالمصلحة الغيرية او بملاك المقدمية قبل الوقت ومعه كيف يعقل ان يتعلق الوجوب الغيرى بما ليس مقدمة وانما يكون الوضوء مقدمه للصلاة بدخول وقتها فيتعلق الوجوب الغيرى به فيه وهذا بخلاف حفظ الماء وتحصيله فان مقدمية ذلك للوضوء والواجب بعد الوقت غير مشروطة بالوقت مثلا لهذا يتعلق به الوجوب الغيرى قبله هذا كله فى المقدمات غير التعلم ، واما الكلام فيه فالتحقيق ان حاله حال سائر المقدمات الاخرى فتارة يكون من المقدمات المفوتة فيجب تعيينا واخرى يكون من المقدمات غير المفوتة فيجب تخييرا بيان ذلك ان ترك التعلم قبل الوقت اما ان يوجب الغفلة عن التكليف فى ظرف امتثاله او لا يوجب فعلى الاول يكون ترك التعلم موجبا للعجز عن الامتثال فيكون التعلم من المقدمات المفوتة وعلى الثانى فاما ان نقول ان الشك فى التكليف فى ظرف امتثاله بسبب ترك التعلم قبل الوقت يكون موردا للاحتياط فى حال امكانه مع القول بصحة الامتثال عن طريق الاحتياط حتى مع امكان الامتثال بغير طريقه فيكون التعلم من المقدمات غير المفوتة فيجب تخييرا واما ان قلنا بعدم صحة الامتثال بطريق الاحتياط او كان الاحتياط غير مقدور فيكون ترك التعلم موجبا للعجز عن الامتثال ويكون التعلم من المقدمات المفوتة وبالجملة التعلم اما ان ينحصرا الامتثال به فيكون من المقدمات المفوتة فيجب تعيينا لفعلية وجوب ذى المقدمة على المختار ولقاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافى الاختيار على المشهور واما ان لا ينحصر الامتثال به فيجب تخييرا على المختار فقط الخ قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٥٤ اما المعرفة اعنى بها تعلم الاحكام الشرعية ومتعلقاتها فلا وجه للاستدلال على لزومها بقاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للعقاب بداهة ان الواجب لا يكون غير مقدور بعدم تعلم حكم الى ان قال ص ١٥٧ فوجوب التعلم ليس بملاك وجوب المقدمات المعدة

٤٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

التى يستلزم تركها عدم القدرة على الواجب فى ظرفه بل هو بملاك آخر لا يبتنى على قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للعقاب اصلا وهو لزوم دفع الضرر المحتمل حيث ان المفروض مقدورية الواجب مثلا فى ظرفه لعدم دخل معرفة الحكم فى القدرة على فعله بالبداهة فيكون تركه عصيانا للتكليف الفعلى مع وجود البيان ولا اشكال فى استتباعه للعقاب فاحتمال تكليف تمت الحجة عليه يوجب احتمال الضرر وجدانا فيجب دفعه عقلا الخ فاجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٢ عرفت من ان التعلم فى بعض الصور يكون من المقدمات المفوتة فيصح التمسك لوجوبه بقاعدة الامتناع بالاختيار على المشهور كما انه فى بعض الصور لا يكون من المقدمات المفوتة فلا يجب اصلا على المشهور ولا يكون ح وجه للاستدلال على وجوبه بقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ايضا الخ ومن هنا ظهر فساد ما افاده استادنا الخوئى فى ذلك فى حاشية الاجود ص ١٥٤ ج ١ التحقيق فى هذا المقام هو ان تارك التعلم قبل الوقت قد يكون متمكنا من الامتثال واحرازه بعد الوقت وفى ظرف الواجب ولو كان ذلك بالاحتياط وقد يكون متمكنا من نفس الامتثال والاتيان بالواجب إلّا انه لا يكون متمكنا من احرازه ـ اى احراز التفصيلى والاجمالى كما لو كان الوقت ضيقا لا يتمكن إلّا باتيان فعل واحد كالقصر والتمام لا الاحتياط وقد لا يكون متمكنا من الامتثال ايضا اما الشق الاولى فلا يجب فيه التعلم قبل الوقت لفرض تمكن المكلف من الاتيان بالواجب واحرازه فى ظرفه ولو بالاحتياط ، واما الشق الثانى فيجب فيه التعلم قبل مجىء ظرف الواجب لكنه لا بملاك عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار اذ المفروض عدم امتناع الواجب بترك تعلم حكمه بل بملاك حكم العقل بوجوب دفع الضرر المتحمل ضرورة انه مع احتمال ترتب ترك الواجب الفعلى المنجز على تقدير وجوده على ترك التعلم يحتمل العقاب فيستقل العقل بوجوب دفعه ولا يفرق فى ذلك بين موارد دخل القدرة فى ملاك التكليف باقسامه وعدم دخلها فيه كما هو ظاهر واما الشق الثالث وهو ما اذا كان ترك التعلم موجبا لامتناع الواجب فى ظرفه اما لغفلة المكلف عنه او لتوقف القدرة عليه على التعلم كما فى الصلاة ونحوها مما يمتنع صدورها عن غير من يتعلمها ولا سيما اذا لم يكن عارفا باللغة العربية فيجرى فيه ما يجرى فى غيره من المقدمات التى يترتب على تركها فوت الواجب فى ظرفه فيكون وجوبه بملاك قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار

٤٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

للاختيار ولازم ذلك ان لا يجب التعلم قبل الوقت فى هذا الشق فيما اذا كانت القدرة فى ظرف الواجب شرطا للوجوب ودخيلة فى ملاكه وعليه فلا مناص فى اثبات وجوبه فى هذا الفرض من الالتزام بوجوبه النفسى كما التزم به المحقق الاردبيلى قدس‌سره وإلّا فلا مقتضى لوجوبه اصلا الخ وفيه اما الوجوب النفسى التهيّئي قد عرفت ما فيه واما وجوب دفع الضرر المحتمل يختص باحتمال التكليف المنجز قبل الفحص عن الأدلّة دون معرفة الاحكام التى لا ربط انها بالتكاليف بل اذا لم يكن التكليف فعليا لا يكون احتمال الضرر اصلا فلا مقدمية لترك التعلم بالنسبة اليه ولذا يكون المرجع فيها البراءة على قول المشهور ، قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٦٨ والذى يسهل الخطب فى هذا المورد انه بعد ورود التكليف من الشارع بفعل شيء من هذا المقدمات المفوتة لا يبقى مجال للتشكيك بلزوم الاتيان بهذه المقدمات سواء كان وجوبها غيريا ام كان نفسيا لكن الخطب المهم هو تحصيل الدليل على وجوب بقية المقدمات المفوتة التى لم ينص الشارع المقدس على وجوبها وافتى الفقهاء بوجود بها الخ وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٥٨ واما المعرفة فلا يبعد القول بوجوبها حتى فى الواجب المشروط بالمعنى المختار قبل حصول شرطه لكنه لا بالملازمة بل من باب استقلال العقل بتنجز الاحكام على الانام بمجرد قيام احتمالها الا مع الفحص والياس على الظفر بالدليل على التكليف فيستقل بعده بالبراءة وان العقوبة على المخالفة بلا حجة وبيان والمؤاخذة عليها بلا برهان الخ وفيه ان وجوب الفحص بالروايات والآيات لثبوت التكاليف يكون صحيحا يعتمد عليه فى هذا الباب واما فى المقام مع عدم فعلية التكاليف على المشهور كيف يجب التعلم فمن لا يكون عليه الوجوب الفعلى بالنسبة الى التعلم فلاى جهة يؤخذ بتركة ويعاقب عليه ومن هنا يظهر فساد التمسك بالامتناع بالاختيار لا ينافى الاختيار عقابا وبعبارة اخرى ان الكلام فى المعرفة التى هى من المقدمات الوجودية وحكم العقل بتنجز الاحكام بمجرد احتمالها الا بعد الفحص والياس لا يقتضى وجوبهما وانما يقتضى عدم جواز الرجوع الى البراءة بل يجب الاحتياط واين هذا من وجوب المعرفة قبل حصول الشرط وبالجملة ان العقل لا يحكم بوجوب حفظ اغراض المولى بان نفعل شيئا حتى يحفظ اغراض الآمرين حين امرهم ولا يكون هذا من اقتضاء العبودية بشيء فان اقتضائها بعد فعليه التكليف هو ذلك واما قبل ذلك فلا مولوية حتى

٤٨٤

اذ (١) هذا التكلفات انما هو من تبعات اخذ المحركية الفعلية فى مضمون الخطاب ولقد عرفت ما فيه بما لا مزيد عليه وبالجملة نقول ان الواجبات والخطابات المطلقة مع المشروطة منها (٢)

______________________________________________________

يقتضى العبودية اتيان العمل لحفظ الغرض.

(١) فيقول المحقق الماتن ان هذا التكلفات من القول بالوجوب التهيئي ومتمم الجعل والخطاب والواجب المعلق الآتي وغير ذلك ينشأ من جعل المحركية الفعلية فى الارادة ومبرزها وهو الخطاب وقد عرفت انهما فى رتبتان ولا ربط لاحدهما بالآخر.

(٢) وان الواجبات المطلقة والمشروط سيان فى الارادة الفعلية ومبادئها والخطاب وانما المشروطة انيط الاشتياق الفعلى بلحاظ وجود الشرط دون المطلق فلم انيط بشيء كما هو واضح وكذا الموقت انيط بلحاظ وجود الوقت فالإرادة والاشتياق فعليان وانما المحركية والبعثية بعد وجود الشرط ولذا ترشح الإرادة الغيرية على المقدمات وهى ايضا ان انيطت بالشرط والوقت فلا محركية الا بعد الشرط والوقت وان كانت المصلحة الغيرية فيها مطلقة فيكون محركا فعليا اما تعيينيا او تخييريا. بقى الكلام فى غير البالغ هل يجب عليه تعلم الاحكام قبل البلوغ لئلا يفوته بعض التكاليف بعد البلوغ بواسطة العجز ام لا ووجوبه عقلى او شرعى فيه كلام بينهم يحتمل ان يكون وجوبه شرعى كالبالغين واجيب عنه برفعه قلم التشريع عنه والقول بتخصيصه بما عد التعلم بعيد غايته ـ وقال المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٠٥ وبالجملة العقل كما يستقل بوجوب النظر فى معجزة مدعى النبوة كذلك يستقل بوجوب تعلم احكام الشريعة والفحص عن الادلة والمقيدات والمخصصات اذا المناط فى الجميع واجد وهو استقلال العقل بان ذلك من وظيفة العبد ومن هنا لا يختص وجوب التعلم بالبالغ كما لا يختص وجوب النظر الى المعجزة به بل يجب ذلك قبل البلوغ اذا كان مميزا مراهقا ليكون اول بلوغه مؤمنا ومصدقا بالنبوة وإلّا يلزم ان لا يكون الايمان واجبا عليه فى اول البلوغ هذا بالنسبة الى الايمان وكذلك بالنسبة الى سائر احكام الشريعة يجب على الصبى تعلمها اذا لم يتمكن منه بعد البلوغ او نفرض الكلام فى الاحكام المتوجهة عليه فى ان اول البلوغ فانه يلزمه تعلم تلك الاحكام قبل البلوغ كما لو فرض انه سيبلغ فى آخر وقت ادراك الصلاة فانه لا اشكال فى وجوب الصلاة عليه

٤٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ح ويلزمه تعلم مسائلها قبل ذلك وما قيل من ان الاحكام مشروطة بالبلوغ ليس المراد ان جميع الاحكام مشروطة به حتى مثل هذا الحكم العقلى المستقل فان هذا غير مشروط بالبلوغ بل مشروط بالتميز والالتفات مع العلم بعدم التمكن من التعلم عند حضور وقت الواجب نعم حكم العقل بوجوب التعلم ليس نفسيا ـ بل حكم العقل فى المقام انما يكون على وجه الطريقية ويدور العقاب مدار مخالفة الواقع الخ واجاب عنه استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٣٧٥ وذلك لان وجوبه عقلى وحديث الرفع لا يرفع الوجوب العقلى خاطى جدا والوجه فى ذلك ان حكم العقل فى المقام وان كان يعم الصبى وغيره إلّا انه معلق على عدم ورود التعبد من الشارع على خلافه ومعه لا محاله يرتفع بارتفاع موضوعه والمفروض ان التعبد الشرعى قد ورد على خلاف فى خصوص الصبى وهو حديث رفع القلم فان مفاده ان فعل الصبى كلا فعل فلا يترتب عليه أى اثر من استحقاق عقاب او نحوه وعلى هذا فلا يعقل استحقاق الصبى العقاب على تفويت الملاك بعد البلوغ استنادا الى تركه التعلم قبله وان شئت قلت ان مقتضى حديث رفع القلم او ما شاكله هو ان ملاك الواجب فى ظرفه غير تام فى حقه من ناحية التعلم والمعرفة لكى يكون تركه موجبا لتفويته واستحقاق العقاب عليه كما هو الحال ايضا بالإضافة الى سائر مقدمات الواجب (وقال فى ص ٣٧٤) والسبب فى ذلك هو ان البالغ اذا ترك التعلم وفات الواجب منه فى زمنه لم يستحق العقاب على فوت الواجب لفرض عدم قدرته عليه وانما استحق العقاب على تفويت الملاك الملزم فيه من ناحية تفويت مقدمته اختيارا وقد تقدم ان الامتناع بالاختيار لا ينافى الاختيار ومن الطبيعى ان هذا المعنى لا يتاتى فى حق الصبى وذلك لان الشارع قد رفع القلم عنه ومقتضاه هو ان بتركه التعلم قبل البلوغ كلا ترك فلا يترتب عليه اى اثر وبعد البلوغ لا يقدر على الواجب فاذن لا يفوت منه شيء لا الواجب الفعلى ولا الملاك الملزم حتى يستحق العقاب الخ لكن فيه انه لو ثبت حكم العقل كان مستقلا كوجوب المعرفة ووجوب الفحص قبل الرجوع الى الأدلّة وغير معلق على شيء وحديث رفع القلم انما يرفع الآثار الشرعية والتكاليف الشرعية والوضعية لا حكم العقل فهل يمكن التعبد بجواز اجتماع النقيضين او الضدين او جواز ارتكاب الضرر وهو العقاب نحو ذلك والصحيح عدم وجوب التعلم للصبى لا شرعا ولا عقلا اما الاول فلو كنا نحن والواجب

٤٨٦

والموقتة (١) قبل شرطيتها سيان فى فعليّة الاشتياق الذى هو مضمون الخطاب

______________________________________________________

المشروط على المختار كان الوجوب فعليا لكون الارادة أزلية ويترشح الارادة الغيرية الى المقدمات منها القلم لكن حكم شرعى يرفعه حديث رفع القلم اللهم إلّا ان يقال ان حديث رفع القلم يرفع التكاليف الإلزاميّة المستتبع لاستحقاق العقاب لا مطلقا والواجب الغيرى لا يستحق عليه العقاب لكن فيه ان ذلك خالف اطلاق رفع قلم الالزام عن الصبى فلا تجب شرعا واما حكم العقل فليس للصبى من الاول فان حكم العقل بوجوب المعرفة للمميز غير معلق على البلوغ فيجب تنجيزا والاعتقاد فى نفس الوقت بخلاف تعلم الاحكام للبلوغ فان المصالح والملاكات والتكاليف بعد البلوغ غير فعلى للمميز قبل البلوغ باى نحو فاذا لم يكن فعليا فكيف يحكم العقل بوجوب التعلم مقدمه لعدم تفويت الملاكات والتكاليف وانما يحكم العقل بالتقصير إن كان التكليف فعليا لا مطلقا فلا يجب عليه التعلم واما ما ورد مروهم بالصلاة ابناء سبع سنين انما لمجرد مشروعية اعمالهم بامر الاولياء من دون ان يدل على وجوب التعلم وعند البلوغ يجب عليه ذلك ص ٧١٩ ثم انه يجب القلم على البالغين مع العلم او الاطمينان بالابتلاء او كان فى معرض الابتلاء كمسائل الشك والسهو فى الصلاة ونحوها وفى غير ذلك لو شك يستصحب عدم الابتلاء ولا يجب تعمله فتفصيل ذلك فى محله إن شاء الله تعالى.

فى الموقت وغير الموقت

(١) ثم اشار هنا الى تقسيم ثالث للواجب قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٩ لا يخفى انه وان كان الزمان مما لا بد منه عقلا ـ اى لكونه زمانيا ـ فى الواجب إلّا انه تارة مما له دخل فيه شرعا فيكون موقتا واخرى لا دخل له فيه اصلا فهو غير موقت ـ اى كغسل الميت والصلاة عليه ـ والموقت اما ان يكون الزمان الماخوذ فيه بقدره فمضيق ـ اى كالصوم ـ واما ان يكون اوسع منه فموسع ـ اى كالصلاة اليومية ـ الخ قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٦ ثم ان قضية دخله فيه شرعا تارة تكون من جهة كونه قيدا للهيئة وللطلب واخرى من جهة كونه قيدا للمادة والمتعلق الراجع الى مقام الدخل فى وجود المحتاج اليه والمتصف فارغا عن اصل الاتصاف والاحتياج حيث انه يجرى فيه كلا الاحتمالين كما فى غيره من القيود الأخر نعم لو بنينا على عدم امكان المعلق واستحالته فى نفسه لكان المتعين فى المقام هو ارجاعه عقلا بقول مطلق الى الهيئة والطلب ولو كان بحسب ظاهر القضية راجعا الى المتعلق والمادة حتى فى

٤٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ما لو كان دخله فى المصلحة من قبيل الدخل فى وجود المتصف والمحتاج اليه غير ان الفرق ح بينه وبين سائر المشروطات من جهة الاناطة حيث كان اناطة الطلب به فى المقام عقلية وفى سائر المشروطات شرعية واما بناء على المختار ـ اى على ما سيأتى ـ من امكان المعلق ايضا كالمشروط فيجرى فيه كلا الاحتمالين كما فى غيره من القيود فيكون قيدا للهيئة وللطلب تارة وللمتعلق اخرى ، ثم ان الزمان الماخوذ فى الواجب ظرفا ان كان بقدر الواجب لا اوسع فمضيق كالصوم مثلا وان كان اوسع منه فموسع وامثلته كثيرة كالصلوات اليومية وصلاة الكسوف والخسوف ونحوها واما كونه اضيق من الواجب فغير ممكن من جهة امتناع التكليف بما لا يسعه وقته وظرفه مع ارادة ايجاد الواجب بتمامه فى ذلك الوقت وهو واضح نعم لا باس به لو اريد ايجاده فيه ولو ببعض اجزائه لا بتمامه ولكن ذلك ح خارج عن الفرض نظرا الى ان الموقت ح انما هو الواجب ببعض اجزائه لا بتمامه ومن اوله الى آخره الخ كما فى من ادرك ركعة من الوقت بناء على كون خارج الوقت ليس وقتا لباقى الفعل لعدم التلازم بين التنزيلين كما ذكر فى محله ـ ويمكن ان يمثل باضيق من الواجب بالترتب كما لو وجبت صلاة الآيات واليومية وضاق وقتها فان الوقت لا يسع إلّا لاحدهما كقريب الغروب او نصف الليل فى الكسوف والخسوف او الزلزلة بناء على كونها موقتا والمفروض ان اليومية اهم فعلى الترتب يحب كليهما طوليا فان تركهما فيعاقب عليهما مع ان الوقت لا يسعهما معا (اشكال فى الموسع ودفعه).

اما الاشكال انه يلزم جواز الترك من وقت الى آخر فيلزم جواز ترك الواجب وانه ينافى وجوبه ولذا احالوه عقلا ومنعوا من وقوعه شرعا كما حكى عن جماعة من القدماء ، وقد يقرب بانه مستلزم لترك الواجب فى اول الوقت لجواز تاخيره الى آخر وقت امكان ادائه فى الوقت وهذا دليل عدم وجوبه الا فى ذلك الوقت الاخير اما الدفع فقد اجاب عنه المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٩٠ ان الغرض اذا كان مترتبا على صرف وجود الطبيعة من دون اى خصوصية فيها فكما انه لا يفرق بين افرادها الغرضية فى جواز الاتيان ببعض الافراد وتلك الآخر كذلك لا يفرق بين افرادها الطولية والملاك فى كلا المقامين واحد وهو قيام الغرض بالطبيعة من دون خصوصية فى بعض الافراد الخ واجاب ايضا عنه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٧ بما عرفت من وقوعه

٤٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الذى هو ادل على امكانه كالامثلة المزبورة ومرجعه الى مطلوبية الكلى الجامع بين الافراد التدريجية للتخير بين الافراد المزبورة الخ.

اشكال فى المضيق ودفعه ، اما الاشكال فبان الانبعاث بما انه لا بد وان يتاخر عن البعث ولو انا ما فلا بد من فرض زمان يسع البعث والانبعاث اعنى بهما الوجوب وفعل الواجب ولازم ذلك زيادة زمان الوجوب على زمان الواجب فاذا فرض تحقق وجوب الصوم مثلا قبل الفجر مع فرض انه مشروط به فيلزم تقدم المشروط على شرطه المستلزم لتقدم المعلول على علته واذا فرض تحققه حين الفجر فلا بد وان يتاخر الانبعاث عنه آناً ما وهو خلاف المطلوب اذ لازمه خلو بعض الزمان من الواجب فيه فلا بد وان يلتزم بتحقق الوجوب قبل الفجر آناً ما ليكون الانبعاث اول وقت الواجب وبعدم اشتراط الوجوب بدخوله لئلا يلزم تقدم المعلول على علته وذلك يستلزم عدم وجود المضيق ، واجاب عنه المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٩٠ ان لزوم تقدم البعث على الانبعاث وان كان بديهيا إلّا ان تقدمه عليه ليس بالزمان بل بالرتبة بداهة انه لا يزيد على تقدم العلل التكوينية على معلولاتها فانه ايضا بالرتبة لا بالزمان ـ اى تحركت اليد فتحرك المفتاح مع ان تحركهما فى زمان واحد ـ فلا مانع من كون اول آن الفجر زمان الوجوب والانبعاث كليهما نعم لا بد من ان يكون علم المكلف بحدوث الوجوب عند الفجر متقدما على الفجر زمانا ليتمكن من الانبعاث حينه ولعل المستشكل خلط بين تقدم العلم على الانبعاث وتقدم البعث عليه وقد عرفت ان اللازم هو الاول دون الثانى هذا فى العلم بالحكم واما العلم بالموضوع وهو العلم بالفجر فى المثال فلا يعتبر تقدمه على الموضوع زمانا كما هو ظاهر الخ وذكر استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٩٠ لا يخفى ان العلم بحدوث الحكم عند تحقق موضوعه كالعلم بوجوب الصوم عند تحقق الفجر فى المثال وان كان متقدما زمانا على تحقق الموضوع وحكمه غالبا إلّا انه ليس مما لا بد منه من جهة توقف الانبعاث عند تحقق الموضوع على تقدير العلم بالبعث عقلا ضرورة ان الترتب بين العلم بالحكم والعلم بترتب العقاب على مخالفته واختيار الفعل خارجا فرارا عن العقاب طبعى لا زمانى فحال العلم بالحكم حال العلم بالموضوع فى عدم اعتبار تقدمه على معلومه زمانا الخ قلت ان العلم بالحكم لا بد وان يكون متقدما زمانا على العلم بالموضوع وإلّا يلزم الآن

٤٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الأول من الواجب وهو ان العلم بالحكم غير منبعث وهو مستلزم للنقص فى الامتثال ويعود المحذور والعمدة ان الاشكال على مسلك المشهور من عدم تقدم الحكم على الوقت وهو قد عرفت مفصلا عدم تماميته ثم اشار صاحب الكفاية الى بحث آخر فقال ج ١ ص ٢٣٠ ثم انه لا دلالة للامر بالموقت بوجه على الامر به فى خارج الوقت بعد فوته فى الوقت لو لم نقل بدلالته على عدم الامر به الخ فالفروض ثلاثة الفرض الاول قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٣٠ وبالجملة التقييد بالوقت كما يكون بنحو وحدة المطلوب الخ قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٧ ان قضية دليل الموقت اما ان تكون على نحو وحدة المطلوب بحيث يستفاد منه كون التقييد بالوقت بلحاظ اصل المطلوب لا بلحاظ تمامه ـ الى ان قال ـ فلا اشكال فى عدم اقتضاء الامر بالموقت لوجوب الاتيان به فى خارج الوقت مع الاخلال به فى الوقت لو لا دعوى اقتضائه لعدم وجوبه الخ والوجه فى ذلك واضح فان الزمان المعين بعد ما كان دخيلا فى تمام مراتب مصلحة الواجب بحيث تفوت المصلحة من اصلها بفوات الزمان ويعبر عنه بوحدة المطلوب كما تقدم فلا يجب الفعل فى خارج الوقت لعدم المصلحة فيه ولو دل دليل على وجوبه كان من قبيل التدارك والجبران لما فات نظير بعض الكفارات المترتبة على بعض الواجبات خطأ ، الفرض الثانى قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٣٠ كذلك ربما يكون بنحو تعدد المطلوب بحيث كان اصل الفعل ولو فى خارج الوقت مطلوبا فى الجملة وان لم يكن بتمام المطلوب إلّا انه لا بد فى اثبات انه بهذا النحو من دلالة ولا يكفى الدليل على الوقت الا فى ما عرفت الخ وقال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٧ واما ان تكون على نحو تعدد المطلوب بحيث يستفاد منه كون التقييد به بلحاظ تمام المطلوب لا أصله ـ ايضا لا اشكال فى اقتضائه وجوب الاتيان به فى خارج الوقت بعكس القسم الاول من غير فرق فى ذلك بين ان يكون التوقيت بدليل متصل او منفصل الخ والوجه فى ذلك ان الزمان يكون دخيلا فى بعض مراتب المصلحة دون بعض بحيث يترتب على الفعل فى الخارج بعض المصلحة فلا محاله يجب الفعل فى خارج الوقت ان كان الباقى من المصلحة مما يجب تداركه ويستحب ان كان مما يستحب تداركه ، الفرض الثالث قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٧ واما ان لا يستفاد منه شىء من الوجهين بل كان مجملا من هذا الجهة ومردّدا بين التقييد فى اصل

٤٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

المطلوب او تمامه ـ اى فيه تفصيل ـ فان كان بدليل متصل بالكلام فلا اشكال ايضا فى عدم اقتضاء دليل الواجب لوجوبه فى خارج الوقت من جهة انه باتصاله به يوجب اجماله اجمالا لدليل الموقت ايضا ومعه لا يبقى له ظهور حتى يصح التمسك به لاثبات الوجوب بعد انقضاء الوقت الخ كما تقدم عبارة صاحب الكفاية وذلك لانه لا دلالة للدليل كاغتسل للجمعة على كون الوقت دخيلا فى تمام مراتب مصلحة الواجب او بعضها فالمرجع فى وجوب الفعل خارج الوقت هو الاصل العملى ان لم يقم دليل على وجوبه وإلّا كان عليه المعوّل ، قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٠ نعم لو كان التوقيف بدليل منفصل لم يكن له اطلاق على التقييد بالوقت ـ اى الاطلاق الدال على تقييد جميع مراتب المصلحة بالوقت ـ وكان لدليل الواجب اطلاق لكان قضيّة اطلاقه ثبوت الوجوب بعد انقضاء الوقت وكون التقييد به بحسب تمام المطلوب لا أصله الخ مثلا لقوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وقوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) بيان ذلك تارة يكون لدليل وجوب الفعل اطلاق يقتضى وجوبه بعد الوقت ولدليل التقييد اطلاق يقتضى دخل الوقت فى تمام مراتب المصلحة وتارة يكون لاحدهما اطلاق دون الآخر وثالثه لا يكون لاحدهما اصلا اطلاق فعلى الاول يؤخذ باطلاق دليل التقييد وعلى الثانى يؤخذ بالاطلاق الثابت لاحدهما وعلى الثالث يرجع الى الاصل العملى هذا لو لم يقم دليل على القضاء وإلّا فعليه المعول ، وتبعه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٧ نعم لو كان التوقيت ح بدليل منفصل وكان لدليل الواجب ايضا اطلاق بان فرض كونه فى مقام البيان من هذه الجهة لا فى مقام اصل المشروعية لكان قضية اطلاقه ح هو ثبوت الوجوب فى خارج الوقت ايضا ، ولكن ذلك ايضا مجرد فرض اذ نقول اولا بظهور دليل التوقيت فى وحدة المطلوب وفى كون التقييد به بلحاظ اصل المطلوب لا بلحاظ تمامه ، وعلى فرض عدم ظهوره واجماله من تلك الجهة لا يكون لدليل العبادة فى تلك الموقتات من نحو قوله اقيموا الصلاة اطلاق يحص التمسك به لاثبات الوجوب فى خارج الوقت لانها طرا على ما حقق فى محله فى مبحث الصحيح والاعم كانت واردة فى مقام اصل المشروعية لا فى مقام البيان من تلك الجهات وعليه فلا يبقى مجال التمسك بدليل الموقتات فى العبادات لاثبات الوجوب فى خارج الوقت بل لا بد ح من قيام دليل عليه بالخصوص وإلّا فلو كنا نحن ونفس تلك الادلة لا يمكننا

٤٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

اثبات الوجوب به بعد انقضاء الوقت كما هو واضح الخ ولكن قد تقدم فى محله ان بعض تلك الأدلّة ليست فى مقام المشروعية فقط بل فى مقام البيان وعلى اى وتبع صاحب الكفاية فى هذا التفصيل استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٩١ قال وهناك تفصيل آخر ذكره صاحب الكفاية وهو متين جدا وحاصله ان التقييد اذا كان لاجل القرينة المتصلة او لاجل القرينة المنفصلة فيما كان لها اطلاق لحالتى الاختيار والاضطرار فلا محاله يسقط الامر بخروج الوقت اذ لا معنى للامر بالمقيد بعده مع عدم التمكن من امتثاله واما اذا لم يكن لها اطلاق وكان القدر المتيقن هو التقيد بالوقت مع التمكن وفى حال الاختيار وكان لدليل الواجب اطلاق بالقياس الى الاتيان به فى الوقت وفى خارجه فبعد خروج الوقت يؤخذ باطلاق دليل الواجب لفرض عدم المعارض له فى هذا الحال ويثبت الوجوب فى خارج الوقت ايضا وهذا التفصيل يجرى فى مطلق موارد ثبوت التقييد بالقرينة المنفصلة من دون فرق بين كون القيد زمانا وكونه زمانيا الخ ولكن المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٩١ قال والحق هو السقوط مطلقا اما فى القرينة المتصلة فظاهر واما فى المنفصلة فلان القائل بعدم السقوط بدعوى ان التقييد بالمنفصل لا يفيد إلّا كون المقيد مطلوبا على نحو التعدد فى المطلوب فاذا سقط احدهما بقى الآخر على حاله ان ادعى ان ذلك هو مقتضى القاعدة فى تمام التقييدات سواء كان القيد زمانا ام زمانيا فهو سد لباب حمل المطلق على المقيد ولا يمكن الالتزام به ، وان ادعى اختصاص ذلك بخصوص الزمان دون الزمانى فهى دعوى بلا بينه ولا برهان مع وحدة الملاك فى كلا المقامين وهو ظهور القيد فى الركنية وتضييق دائرة المطلوب الاول نعم اذا قام دليل على وجوب القضاء فى خارج الوقت ـ يكون الامر بالقضاء امرا جديدا حادثا بفوت الواجب الأول ـ فان ظاهر لفظ القضاء هو تدارك ما فات فى وقته ولا معنى للتدارك على كل من الوجهين ـ اى تعدد المطلوب وطلبان او كون القيد ركنا فى حال الاختيار فقط وطلب واحد بالمقيد حال التمكن وبالفاقد عند عدمه ـ فانه بناء عليهما يكون الفعل فى خارج الوقت مامورا به بنفس الامر الاول الى آخر كلامه وفيه انه لا يقال بكونه امرا به فى خارج الوقت ثبوتا مطلقا فى القيد المنفصل حتى يدعى على خلافه الوجدان والبرهان بل فى فرض واحد وهو عدم اطلاق لدليل القيد وثبوت الاطلاق لدليل اصل المكلف به وهذا لا محذور

٤٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فيه اصلا وان شئت قلت انه لو قلنا بكون القيد دخيلا فى المرتبة الاعلى فقط وهو الوقت لا يلزم سد باب الاطلاق والتقييد مطلقا بل يلزم فى صورة كون المطلق والمقيد مثبتين وعدم العلم بوحدة المطلوب ولا اشكال فى عدم التقييد فيه بخصوصه مثل اكرم العالم واكرم العالم العادل والمقام ايضا يكون من المثبتين مثل صل وصل فى الوقت فكما يقال ان العدالة لا تكون دخيلة فى اصل وجوب الاكرام بل فى المرتبة الاعلى منه كذلك نقول فى المقام ، ان قلت ان الارادة بسيطة فان تعلقت بالاكرام المقيد بالعدالة والصلاة المقيدة بالوقت لا تتعلق بشيء آخر غير المركب من القيد والمقيد فكيف تستفاد ارادتان بالنسبة الى المرتبة الاعلى والادنى وهو خارج الوقت ، قلت ان لها مراتب فالارادة الشديدة متعلقه بالمقيد والضعيفة بغيره والزمان مفرد فكل فرد يكون متعلق ارادة بحسبه كما لا يخفى ، اشكال ودفع.

ذكر المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٨ ولكن الذى يسهل الخطب هو ما عرفت من ظهور الادلة فى وحدة المطلوب وفى كون التقيد بالوقت بلحاظ اصل المطلوب لا تمامه وح فلا بد فى اثبات وجوب القضاء فى خارج الوقت وفاقا للمحققين من قيام دليل عليه بالخصوص وإلّا فلا يكفيه نفس الامر الاول كما هو واضح ، نعم ربما ينافى ما ذكرنا ظهور مادة القضاء فى التدارك المقتضى لوفاء الماتى به فى خارج الوقت ببعض مراتب مصلحة الوقت حيث ان لازمه هو قيام المصلحة من الاول بالجامع بين الفرد الواقع فى الوقت والفرد الواقع فى خارجه ولازمه هو تعلق الامر الأول ايضا من الأول بالجامع بين الفردين لا بخصوص الفرد الواقع فى الوقت ولازمه ايضا ان يكون وجوب الاتيان به فى خارج الوقت بنفس الامر الاول لا بامر جديد ، ولكنه يندفع ذلك بانه وان كان الامر كذلك إلّا انه نقول بان فردية الماتى به فى خارج الوقت للجامع لما كانت فى طول الافراد الواقعة فى الوقت وفى رتبة متاخرة عن سقوط الامر والتكليف عنها فقهرا مثل هذه الطولية توجب تضيقا فى دائرة الطبيعة المامور بها بالامر الاول بنحو يخرج عنها مثل هذا الفرد فمن ذلك يحتاج فى اثبات وجوبه بعد عدم شمول الامر الاول له الى امر آخر يقتضى وجوبه فى خارج الوقت وعليه فلا تنافى بين القول بان القضاء بامر جديد وبين ما يقتضيه ظهور مادة القضاء. فى الوفاء ببعض مراتب مصلحة الموقت كما لا يخفى الخ ونعم ما افاد بقى الكلام

٤٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فى الاصل الجارى فى المسأله وموضوعه قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٠ ومع عدم الدلالة الخ قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٨ نعم لو شك ولم يعلم من دليل الموقت بان التقييد بالوقت كان بلحاظ اصل المطلوب او بلحاظ تمام المطلوب الخ فالموضوع هو ما كان قاطعا بعدم اتيانه فهل يجب فى خارج الوقت قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٠ فقضية اصالة البراءة عدم وجوبها فى خارج الوقت ولا مجال لاستصحاب وجوب الموقت بعد انقضاء الوقت الخ والوجه فيه من ان الزمان اذا اخذ قيدا للفعل كان الفعل المقيد به غير الفعل الواقع فى خارجه فتسرية الحكم من الاول الى الثانى من قبيل تسرية الحكم من موضوع الى آخر فيكون من القياس لا من الاستصحاب لانه يعتبر فى صحة الاستصحاب وحدة الموضوع ليتحقق الابقاء الذى هو قوام الاستصحاب مثلا الصوم يوم الجمعة غير الصوم يوم السبت فاذا ثبت الوجوب للأول وشك فى وجوب الثانى لا يكون رفع اليد عن وجوبه نقضا لليقين السابق فيرجع فى وجوب الثانى الى اصالة البراءة لكن ذكر المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٨ ربما كان مقتضى الاصل وهو الاستصحاب بقائه فى خارج الوقت ايضا اذ ح يشك عند ذهاب الوقت فى ذهاب اصل المطلوبية او ذهاب مرتبة منع مع بقائه ببعض مراتبه الأخر فيستصحب ح بقائه ولو ببعض مراتبه نظير الاستصحاب الجارى فى اللون الخاص اذا شك فى ذهابه من رأسه او ذهابه ببعض مراتبه مع بقائه ببعض مراتبه الأخر ومعه فلا يجرى فيه اصالة البراءة عن الوجوب الخ وبالجملة فالمرجع فى اتحاد موضوع الاستصحاب ليس لسان الدليل بل العرف والموضوع فى نظره واحد كما عرفت ، وعلى فرض عدم الجريان فالاصل يقتضى البراءة لان الشك يكون فى الجعل فانه لا يعلم ان التكليف هل يكون مجعولا فى خارج الوقت ام لا فالمرجع البراءة ولا يكون الاصل فى المقام الاشتغال بتوهم ان الشك يكون فى الفراغ لان التكليف فى الوقت لا يوجب الاشتغال فى خارج الوقت ، ولكن من المعلوم ان الاستصحاب يجرى ان كان نفس الارادة باقية لكن بمرتبة ضعيفه لكن لو تبدلت بارادة اخرى ضعيفه كان من تبدل الموضوع ولا يجرى الاستصحاب ثم ان محقق النّائينيّ جعل موضوع البحث فى الاصل امرا آخر وهو ما اذا كان شاكا فى اتيان العمل فى الوقت قال فى الاجود ج ١ ص ١٩٢ ثم انه فيما ثبت فيه وجوب القضاء كالصلاة والصوم اذا خرج الوقت وشك

٤٩٤

البالغ الى مرتبة من الارادة بإبرازها بها وانما الفرق بينهما فى صرف اناطة الاشتياق بوجود الوقت او المشروط فى لحاظه فى الثانى دون الأول. نعم فى المقام صورة اخرى من الاشتياق المتعلّق بالمقيّد لكن لا به بجميع شئونه بل كان متعلقا به ببعض شئونه على وجه يكون مانعا عن بعض انحاء تروكه نظير ما تصورنا هذا النحو من الوجوب فى الواجبات التخييرية (١)

______________________________________________________

المكلف فى الاتيان بالفعل فى وقته وقطع النظر عن قاعدة ان الشك بعد الوقت لا اعتبار به او فرض الكلام فى غير مورد القاعدة فهل يجرى استصحاب عدم الاتيان بالفعل فى الوقت لاثبات وجوب القضاء أو لا ومنشأ الاشكال هو ان الفوت الذى علق عليه وجوب القضاء فى الادلة هل هو عنوان وجودى يعبر عنه بخلو الوقت عن الفعل ويلازم عدم الاتيان به فى الوقت او هو عين عدم الاتيان بالواجب فى الوقت فعلى الثانى لا اشكال فى وجوب القضاء لان موضوعه وهو عدم الاتيان به فى الوقت يحرز بالاصل المزبور بخلاف الاول فان وجوب القضاء بناء عليه ليس من آثار نفس المستصحب بل هو من آثار ما هو لازم له عقلا فيكون اجراء الاصل المزبور لاثبات اثر اللازم مبنيّا على القول بحجية الاصول المثبتة ولا نقول بها ، ثم انه لو شك فى ذلك ولم يعلم ان عنوان الفوت امر وجودى يلازم عدم الفعل فى الوقت او انه نفس عدم الفعل لما امكن اجراء الاستصحاب ايضا لانه متوقف على احراز كون المستصحب ذا اثر شرعى فالشك فيه يكون شكا فى صحة جريان الاستصحاب وان المورد هل هو قابل للتعبد اولا فلا يمكن الحكم بشمول ادلته لكون الشبهة مصداقية فيكون الفعل بعد سقوط الاستصحاب مجرى للبراءة الخ ولكن فيه ان البحث الاصولى فى الشبهة الحكمية لا المصداقية فموضوع الشك هو ما تقدم ثم لترجع الى ما كنا فيه من الواجب المطلق والشروط والموقت من اناطة الوجوب بالشرط او الوقت والقيد فيكون الخطاب والاشتياق فعليا والمحركية الفعلية فى الرتبة المتأخرة عن ذلك كما لا يخفى وقبل ذلك تعرض لتقسيم آخر للوجوب.

تقسيم الواجب الى التعيينى والتخييرى

(١) التقسيم الرابع للواجب فانه ينقسم الى التعيينى والتخييرى قال المحقق

٤٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨١ فالاول ما لا بدل له فلا يسقط امره باتيان غيره بخلاف الثانى فانه يسقط امره باتيان بدله ولا اشكال فى وقوعه فى الشرعيات والعرفيات انما الاشكال فى تعقل كنهه وشرح حقيقته من جهة ان الارادة التى هى من الصفات النفسانية لا بد وان يكون متعلقها امرا معيّنا غير مبهم فلا يعقل تعقلها بما له بدل وما هو مردّد بين الامرين والوجوه التى يتفصى بها عن الاشكال امور الخ قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٥ اذا تعلق الامر باحد الشيئين او الاشياء ففى وجوب كل واحد على التخيير بمعنى عدم جواز تركه الا الى بدل ـ اى يكون الالتزام بالفعل والمنع من تركه الى غير بدل فيكون كل واحد من عدلى الوجوب التخييرى واجبا على النحو المذكور ـ او وجوب الواحد لا بعينه ـ اى يكون الواجب واحدا لا غيرا ما وجوب الجامع بين الامرين كما عليه صاحب الكفاية فيكون التخيير بينهما فى الحقيقة تخييرا عقليا او وجوب الواحد لا بعينه المصداقى وهو الفرد المنتشر والفرد المردد فى الخارج هذا او ذاك او وجوب الواحد لا بعينه المفهومى وهو مفهوم احدهما لا بعينه ـ او وجوب كل منهما مع السقوط بفعل احدهما ـ اى يكون الوجوب تعيينى بالنسبة الى كل من الافراد غايته ان امتثال واحد منها مسقط لغيره كما يسقط الواجب بالواجب وبغير الواجب مثل قراءة الامام المسقطة لقراء الماموم ـ او وجوب المعيّن عند الله اقوال الخ اى الذى يعلم الله تبارك وتعالى ان العبد يختاره واما ما قبل الاخير من القول بوجوب كل منهما تعيينا وان اتيان احدهما مسقط لغيره قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٢ هذا الوجه بظاهره لا يمكن التفوه به إلّا ان الظاهر ان مراد القائل به هو ان هناك غرضين متزاحمين لا يمكن جمعهما فى الوجود الخارجى ولاجله تقع المزاحمة بين الامرين فيكون كل منهما مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الآخر والتزاحم فى المقام وان كان يغاير التزاحم فى مقام الامتثال فى ان التزاحم فى المقام انما تشا من عدم امكان اجتماع الملاكين وجود او الا فالمكلف قادر على ايجاد كلا الفعلين فى الخارج واما التزاحم فى مقام الامتثال فهو انما ينشأ عن عجز المكلف عن امتثال التكليفين من دون ان يكون هناك تزاحم فى الملاك اصلا إلّا ان نتيجة التزاحم فى كلا المقامين هو اشتراط خطاب كل منهما بعدم وجود متعلق الآخر الخ واختار هذا القول المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٥٤ لوجهين الأوّل قال ـ نعم يمكن ان يفرض غرضان ـ اى فى الصوم و

٤٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

العتق مثلا متباينة لا متقابله بحيث لا يمكن الجمع بينهما ـ لكل منهما اقتضاء ايجاب محصله ـ اى ايجاب كل واحد من الخصال لزوميا تعيينيا ـ إلّا ان مصلحة الارفاق والتسهيل يقتضى الترخيص فى ترك احدهما فيوجب كليهما لما فى كل منهما من الغرض الملزم فى نفسه ويرخصّ فى ترك كل منهما الى بدل فيكون الايجاب التخييرى شرعيا محضا من دون لزوم الارجاع الى الجامع الخ ونتيجه ذلك هى انه اذا ترك الكل فلا يعاقب الاعلى ترك ما لا يجوز تركه وهو ليس إلّا الواحد منها واذا فعل الكل دفعة واحدة كل ممتثلا بالاضافة الى الجميع ، الثانى قال فى ص ٢٥٤ نعم لا يتأثر الذائقة بالحلاوة من كل شىء بل مما هو حلو بالذات ومما ينتهى الى ما بالذات ـ اى كالسكنجبين المنتهى الى السكر ـ إلّا ان هذه السنخية والمناسبة قد عرفت ان منشأها لزوم الحلاوة لاشياء خاصه ـ اى كالعسل والتمر والسكر ـ بحيث لا يكون استلزامها لها عن جهة اخرى غير ذاتها حتى يجب الانتهاء الى جامع يكون ذلك الجامع هو السبب بالذات فليكن الفرض اللازم لوجود الصوم والعتق والاطعام كذلك وان كان تاثر النفس مثلا او محل آخر بذلك الاثر القائم بها قيام العرض بموضوعه مثلا بلحاظ قيام الاثر الخاص بمؤثرات مخصوصة إلّا ان هذا المعنى لا يستدعى انتهاء الاثر القائم بالصوم والعتق والاطعام الى جامع بين الافعال الثلاثة وان كان تاثر المحل بذلك الاثر من تلك الافعال بالسنخيّة والمناسبة بين الاثر القائم لمحل والغرض القائم بتلك الافعال الخ إلّا ان الالزامى من ذلك الغرض وجود واحد منه وبما ان نسبة كل منها الى ذلك الوجود الواحد على السوية فلذا يجب الجميع وحيث ان وجود واحد منها يحصل بها الغرض فيجوز ترك كل منها عند الاتيان بالآخر واجاب عنه فى المحاضرات ج ٤ ص ٢٩ اما عن الاول اوّلا انه مخالف لظاهر الدليل حيث ان ظاهر العطف فيه بكلمة او هو وجوب احدهما او احدها لا وجوب الجميع ، وثانيا انا لا طريق لنا الى احراز الملاك فى شيء ما عدا تعلق الامر به وحيث ان الامر فيما نحن فيه تعلق باحد الطرفين او الاطراف فلا محاله لا نستكشف إلّا قيام الغرض به فاذن لا طريق لنا الى كشف تعدد الملاك اصلا ـ وثالثا انه لا طريق لنا الى ان مصلحة التسهيل والارفاق على حد توجب جواز ترك الواجب وعلى فرض تسليم انها تكون بهذا الحد فهى عندئذ تمنع عن اصل جعل الوجوب للجميع ضرورة ان مصلحة ما عدا واحد منها مزاحمة بتلك

٤٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

المصلحة اعنى مصلحة التسهيل والارفاق ومن الواضح جدا ان المصلحة المزاحمة بمصلحة اخرى لا تدعوا الى جعل حكم شرعى اصلا وغير قابلة لان تكون منشأ له فاذن ايجاب الجميع بلا مقتض ـ ثم انه على فرض ايجاب الجميع وعدم كون مصلحة التسهيل والارفاق مانعة منه فلا موجب لسقوط وجوب بعضها بفعل الآخر ضرورة انه بلا مقتض وسبب فان سقوط وجوب الواجب باحد امور امتثاله والعجز عن امتثاله والنسخ والمفروض ان الاتيان بالواجب الآخر ليس شيئا من هذا الامور ودعوى انه اذا فرض ان وجوب كل منها مشروط بعدم الاتيان بالآخر فلا محاله يكون اتيانه مسقطا له مدفوعة ـ عدم الدليل عليها حيث ان الظاهر منها وجوب احد الاطراف لا وجوب الجميع بنحو الاشتراط ، ورابعا لو سلمنا ان مصلحة التسهيل إلزامية وسلمنا ايضا انها لا تمنع عن اصل جعل الوجوب للجميع وانما توجب تقييد وجوب كل منها بعدم الاتيان بالآخر ولكن لازم ذلك هو التزام فى صورة المخالفة وعدم الاتيان بشىء منها باستحقاق العقاب على ترك كل منها ضرورة انه لا يجوز ترك الواجب بدون الاتيان ببدله وانما يجوز الترك الى بدل لا مطلقا فاذا فرض ان المكلف ترك الصوم بلا بدل وترك العتق والاطعام كذلك فلا محاله يستحق العقاب على ترك كل منها ـ اى لا عقابا واحدا كما افاده ـ واما الثانى فيرده اولا انه خلاف ظاهرا الدليل ـ اى كما مر ـ وثانيا انه لا طريق لنا الى احراز ان الغرض المترتب على الخصال واحد بالسنخ والنوع وان الالزامى منه وجود واحد وثالثا على تقدير تسليم ذلك إلّا ان لازمه وجوب احد تلك الخصال لا وجوب الجميع الى آخر كلامه ويمكن الجواب عنه اما عن الوجه الأول اما عن الايراد ان يكون ظاهرا فى وجوب احدهما ممنوع ـ وعن الثانى مصادره ويمكن ان يدعى ان الامر تعلق على جميع الاطراف على نحو التخيير لا احدها فيمكن كشف الملاك به ـ وعن الثالث ان مصلحة التسهيل فى مرحلة الامتثال فى طول الملاك الوجود فى الشىء فلا تزاحم ذلك وانما هو ترخيص للمكلف فى مرحلة الامتثال بتركه عند اتيان الآخر نظير بلى قد ركع فى قاعدة التجاوز ولو لا ان أشقّ على امتى لامرتهم بالسواك ونحو ذلك من الاجزاء فى مقام الامتثال ـ وما قيل من عدم الدليل على الاشتراط ففيه ـ اولا لم يذكر الاشتراط فى كلامه وثانيا نفس دليل التخيير قرينة على التسهيل بزعمه ـ وعن الرابع بعد ورود الترخيص فى مرحلة الامتثال فلم يترك الا واجب واحد لا وجوبات

٤٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

متعددة حتى يعاقب عليه ـ واما عن الوجه الثانى اما الايراد الاول فواضح رده كما مر لعدم الظهور كذلك ـ وعن الثانى ان لنا القرينة على انه سنخ واحد وهو جعل هذه الاشياء فى عداد اطراف التخيير وإلّا لجعل كل شيء عداده فيعرف ان له سنخ اثر كذلك ـ وعن الثالث ان ما ذكره من اللازم باطل لان الوجوب يتبع الملاك وفى الجميع ملاك موجود فيجب الجميع لكن العمدة فى الجواب ثبوت الدليل على الترخيص والتسهيل ومجرد الدليل على التخيير لا يلازم ذلك مضافا الى ان وجوب كل واحد من الاطراف اذا كان عن ملاك وغرض تام يتعين الجميع لا على وجه التخيير ، اجاب عن هذا القول بان يكون على وجه الاشتراط استادنا الزنجانى فى تقريراتنا ص ١٩٠ دفتر ٣ بانه هل يكون وجوب كل منها مشروطا بعدم الآخر وتركه هو الترك الازلى الذى قبل فعلية التكليف او الترك الذى بعد تعلق الامر وفعليه التكليف وهو الترك الذى يكون تركا للمامور به فان كان المراد هو الأول وانه مشروط بالترك المطلق وهو الازلى فيكون حين فعلية التكليف فعليا ذلك والشرط حاصلا اى الترك المطلق فلا بد وان يكون الحكمان فعليان لفعلية موضوعهما مع انه لا يكون الحكمان فعليا معا ، لامتناع اجتماعهما فى التحقق ، وان قلت بان شرط عدم المسبوق وتركه كعدم العتق لا العدم المطلق الازلى بل الشرط ترك العتق الذى مامور به كما ان الامر بالعتق ايضا يتوقف على ترك الصيام لا المطلق بل بعنوان انه مامور به فيلزم ما هو الواقع فى رتبة الموضوع والعلة واقعا فى رتبة المعلول وهذا هو تقدم الشى على نفسه وهو محال الخ وبعبارة واضحة وجوب كل منهما متاخر عن عدم الآخر لكونه مشروط به وعدم كل واحد فى رتبة وجود نفسه لان النقيضين فى رتبة واحدة فينتج ان وجوب كل واحد منهما متاخر عن وجود الآخر فيكون موقوفا على وجود الآخر والحال انه موقوف على عدمه فيلزم اجتماع النقيضين وكان ينقل هذا الاشكال استادنا البجنوردي عن المحقق العراقى وذكر ذلك فى الواجب الكفائى ـ ولكن فيه قال استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ٢١٩ بان هذه مغالظة واضحة لان ما فى رتبة علة الشى واجزاء علة الشى ليس علة ولا جزء علة للشيء فما فى رتبة الشرط ليس بشرط ولا مما يتوقف عليه الشى من حيث انه فى رتبته بل لو كان لا بد وان يكون لجهة وخصوصية فى نفسه ، ووجوب كل منهما ليس متوقفا على عصيان الآخر بل على عدم الاتيان بالآخر الخ فلا دور بان

٤٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وجوب كل واحد يتوقف على عصيان الآخر والعصيان لا يتحقق إلّا بعد وجود الامر والوجوب فيكون وجوب كل منهما متوقفا على وجوب الآخر وقد عرفت فساده اما القول بالفرد المردد ومصداق احدهما واقعا هو الذى اختاره المحقق النّائينيّ بخلاف استادنا الخوئى فاختار مفهوم احدهما كما سيأتى قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨١ الاول ان امتناع الابهام وعدم التردد فى متعلق الإرادة يختص بالارادة التكوينية ولا يعم التشريعية ـ الى ان قال ـ ان كل ما فرض اعتباره فى الارادة التكوينية فان كان معتبرا فيها لا لخصوصية كونها تكوينيه بل لكونها ارادة فهو معتبر فى التشريعية ايضا لا محاله ـ اى كمبادئ الارادة ـ بخلاف ما اذا كان اعتباره فيها لاجل خصوصية كونها تكوينيه فلا يعم التشريعية قطعا ولا باس فى افتراقهما فى بعض الامور مثلا تنقسم الارادة التشريعية الى تعبدية وتوصلية باعتبار آنها ان سقطت بفعل المامور به وان لم يقصد به التقرب فهى توصلية وإلّا فتعبدية وهذا الانقسام من خواص الارادة التشريعية التى تتعلق بفعل الغير ولا يعم التكوينية بالضرورة وكذا يمكن تعلق الارادة التشريعية بالكلى الملغى عنه الخصوصيات الفردية والصنفية بل هى كذلك دائما غاية الامر انه يختلف دائرة الكلى المتعلق به الارادة سعة وضيقا وهذا بخلاف الارادة التكوينية فانها لكونها علة لايجاد المراد لا تتعلق الا بالشخص لامتناع ايجاد الكلى فى الخارج الا فى ضمن فرده والذى يترجح فى النظر ان يكون امتناع تعلق الارادة التكوينية بالمردد وما له بدل من لوازمها خاصه ولا يعم التشريعية فان الغرض المترتب على كل من الفعلين اذا كان امرا واحدا كما هو ظاهر العطف بكلمة او ولو كان عطف جملة على جملة كما هو الغالب او عطف مفرد على مفرد فانه بحسب مقام الاثبات الموافق لمقام الثبوت يدل على ان هناك غرضا واحدا يترتب على واحد من الفعلين على البدل فلا بد وان يتعلق طلب المولى باحدهما على البدل ايضا لعدم الترجيح بينهما وليس هنا ما يتوهم كونه مانعا عن تعلق الطلب بشيئين كذلك لا ثبوتا ولا اثباتا الا ما تقدم من دعوى امتناع تعلقه بالمبهم والمردد وقد عرفت انه يختص بالتكوينية التى لا ينفك المراد عنها ويوجد بها فلا بد وان يكون متعلقها امرا معينا شخصيا فيوجد بها فى الخارج الخ وقال استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٨٣ قد عرفت فيما تقدم انه لا موجب لتسرية احكام الارادة التكوينية الى الحكم

٥٠٠