نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

احتياج فيه على اقامة البرهان بتقريب (١) انه لو لم يجب لجاز تركه وح ان بقى الواجب على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق وإلّا يلزم خروج الواجب عن كونه واجبا كى يرد عليه (٢) بمنع الملازمة بين عدم الوجوب وجواز الترك فعلا اذ

______________________________________________________

العمدة فى الوجه وهو الوجدان وعدم الايراد عليه وحكم العقل انما فى مرحلة الامتثال وترشح الارادة القهرية فى رتبة العلل والثبوت فلا موطن لحكم العقل حتى يكون ارشادا اليه اصلا.

(١) ذكر فى الكفاية ج ١ ص ٢٠١ وهو ما ذكره ابو الحسن البصرى الاشعري وهو انه لو لم يجب المقدمة لجاز تركها وح فان بقى الواجب على وجوبه ـ اى مع فرض توقف وجوده على المقدمة ـ يلزم التكليف بما لا يطاق ـ اى هو قبيح عقلا ـ وإلّا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا الخ اى انقلب الى المشروط بوجود المقدمة لا مطلقا وهو خلاف الفرض من سقوط التكليف ح.

(٢) واجاب عنه فى الكفاية وتبعه المحقق الماتن وغيره قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٠١ وفيه بعد اصلاحه بارادة عدم المنع الشرعى من التالى ـ اى قوله لجاز تركها فيراد منه انه لم يكن منع شرعى عن تركها ـ فى الشرطية الاولى لا الاباحة الشرعية والّا ـ اى وان كان المراد الاباحة الشرعية ـ كانت الملازمة واضحة البطلان ـ اى انتفاء وجوبها لا يقتضى ثبوت الاباحة شرعا بل يتردد بين الاحكام الاربعة الباقية نعم لا يجوز اتصافها بحكم آخر يضاده ـ وارادة الترك ـ اى تركها خارجا عما اضيف اليه الظرف ـ اى اذ المضاف اليه كلمة حين ـ لا نفس الجواز ـ اى ليس المراد حين ان جاز تركها ـ وإلّا فمجرد الجواز بدون الترك ـ اى الترك خارجا ـ لا يكاد يتوهم صدق القضية الشرطية الثانية ـ اى لو كان المراد حين اذ جاز تركها فيوجب كذب الشرطية الثانية لان بقاء الواجب على وجوبه على تقدير جواز الترك لا يوجب التكليف بما لا يطاق وانما يقتضى ذلك على تقدير الترك الخارجى للمقدمة ـ ما لا يخفى ـ اى الجواب عن الاستدلال بعد الاصلاح ـ فان الترك بمجرد عدم المنع شرعا لا يوجب صدق احدى الشرطتين ـ اى القضيّتين الشرطيتين كقولك اذا اطلعت الشمس وجدت الظلمة فانها قضية شرطية كاذبة فالمراد الشرط والجزاء جميعا ـ اى الشرط والجزاء معا ـ فلا يرد عليه ما افاده استادنا الحكيم فى الحقائق ج ١ ص ٢٩٨ فيكون محصل الايراد المنع من

٦٤١

بعد حكم العقل (١) بلابدّية ايجادها مقدمة لامتثال ذيها لا يبقى مجال لحكم الشرع بجواز تركه فعلا اذ حكم هذه المقدمة حكم الغير المقدور تركه الآبي عن تعلق الحكم المولوى ايجابا او ترخيصا نحوه نعم (٢) لئن اغمض عن منع

______________________________________________________

بطلان احد اللازمين اى التكليف ما لا يطاق والخلف مع الالتزام بصدق الشرطيتين معا لا بطلان احدى الشرطيتين كما قد يظهر من العبارة الخ ـ ولا يلزم احد المحذورين ـ اى التكليف ما لا يطاق وخروج الواجب المطلق عن كونه واجبا ـ فانه ـ اى عند تركه فتختار ـ وان لم يبق له وجوب معه ـ اى مع تركها خارجا ولكن لا يوجب خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا فان ترك المقدمة يوجب ترك ذيها ـ إلّا انه كان ذلك بالعصيان لكونه متمكنا من الاطاعة والاتيان وقد اختار تركه بترك مقدمته بسوء اختياره مع حكم العقل بلزوم اتيانها ارشادا الى ما فى تركها من العصيان المستتبع للعقاب ـ اى كما ان التكليف يسقط بالطاعة يسقط بالمعصية ـ نعم لو كان المراد من الجواز جواز الترك شرعا وعقلا يلزم احد المحذورين ـ اى كلا المحذورين من تكليف ما لا يطاق وخروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا بل يصير مشروطا باتيان المقدمة لانه اذ اجاز ترك المقدمة عقلا كان ترك ذيها ليس معصية فيكون خروج الواجب عن كونه واجبا بلا طاعة ولا معصية باطل ـ إلّا ان الملازمة على هذا فى الشرطية الأولى ـ اى ان المقدمة لو لم تكن واجبة لجاز تركها ـ ممنوعة بداهة انه لو لم يجب شرعا لا يلزم ان يكون جائزا شرعا وعقلا لامكان ان لا يكون محكوما بحكم شرعا وان كان واجبا عقلا ارشادا الخ.

(١) قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٤٠٠ اذ بعد حكم العقل بلابدية الاتيان بالمقدمة لامتثال الامر بذيها لا يبقى مجال لحكم الشارع بجواز تركها فعلا لان شان المقدمة بعد تعلق الحكم العقلى المزبور بها شان غير المقدور تركه فى عدم قابليته لتوجه الترخيص الشرعى اليه.

(٢) نعم لو سلمت الملازمة بين عدم وجوبها وجوازها الشرعى بالفعل لم يكن به عن توجه احد المحذورين على سبيل منع الخلو لان توجه الالزام الشرعى الى ذى المقدمة فى فرض ترخيص الشارع بالفعل فى تركها الراجع الى ترخيصه فى ترك ذيها يستلزم التكليف بما لا يطاق كما ان عدم توجه الوجوب اليه فى هذا لفرض يستلزم

٦٤٢

الملازمة المزبورة امكن تصحيح التالى بلا ورود اشكال عليه لانه لو فرض جواز الترك من ناحية الشرع فلو بقى الوجوب لزم التكليف بما رخّص فى تركه ومن المعلوم ان لازم الترخيص الفعلى ان له اختيار تركه ففى هذا الظرف لو التزم بايجاد ذيها يلزم التكليف بما لا يطاق وإلّا يلزم خروج الواجب عن كونه واجبا وح العمدة فى رد البرهان المزبور منع الملازمة المسطورة ولكن قد عرفت ان شهادة الوجدان (١) تكفينا لاثبات المدعى بلا احتياج فيه الى اقامة برهان

______________________________________________________

الخلف الخ وتقريبا هو عين عبارة المقالات مع اختلاف يسير جدا واذكر صريح عبارة القوم لئن تعرف ان ما اختاره الأساتذة من المطالب بل بعض العبارة مقتبس من المحققين الاعلام كالمحقق النّائينيّ والمحقق الاصفهانى تبعا لصاحب الكفاية الذى يقول استادنا البجنوردي ان الكفاية قرآن الاصول قدس الله ارواحهم جميعا.

(١) فعمده الوجه هو الوجدان والارتكاز فى الواجبات العرفية والشرعية وفى الارادات التكوينية للانسان المتعلقة بماله من المقدمات وفى ذلك كفاية ، قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٢٠٢ واما التفصيل بين السبب ـ اى العقود والايقاعات بالنسبة الى المسببات كعلقة الملكية والزوجية والحرية ونحوها فتجب ـ وغيره ـ اى كان من المعدات كدخول السوق لشراء اللحم او نصب السلم للكون على السطح ونحوهما فلا تجب ـ فقد استدل على وجوب السبب بان التكليف لا يكاد يتعلق إلّا بالمقدور والمقدور لا يكون إلّا هو السبب وانما المسبب من آثاره المترتبة عليه قهرا ولا يكون من افعال المكلف وحركاته او سكناته فلا بد من صرف الامر المتوجه اليه عنه الى سببه ـ اى الى مقدمته لعدم القدرة على المسبب هذا فى الاول دون الثانى فانه بنفسه مقدور للمكلف فلا ملزم لصرفه عنه الى مقدمته فلا تجب مقدمته ـ واجاب عنه صاحب الكفاية والمحقق العراقى وغيرهما قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٠٢ لا يخفى ما فيه من انه ليس بدليل على التفصيل بل على ان الامر النفسى انما يكون متعلقا بالسبب دون المسبب ، مع وضوح فساده ضرورة ان المسبب مقدور للمكلف وهو متمكن عنه بواسطة السبب ولا يعتبر فى التكليف ازيد من القدرة كانت بلا واسطة او معها كما لا يخفى الخ وذكر المحقق الماتن فى البدائع ص ٤٠١ وفيه ان ذلك ليس دليلا على

٦٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

التفصيل بين السبب وغيره فى الملازمة لان مرجعه الى ان الامر النفسى المتوجه الى المسبب فمتعلقة بالسبب حقيقة ، وحيث انتهى الكلام بنا الى هذا لمقام فلا باس بالتعرض لتحقيق هذا لامر وهو رجوع الامر بالمسبب الى الامر بالسبب فى الحقيقة وعدمه والاقوال فى ذلك ثلاثة ثالثها التفصيل بين ان يكون السبب من قبيل الآلة بالنسبة الى المسبب فلا يرجع الامر بالمسبب الى الامر بالسبب وان لا يكون كذلك فيرجع الامر به الى الامر بالسبب ، حجة القول برجوع الامر بالمسبب الى الامر بالسبب مطلقا امران الاول انه يعتبر فى متعلق التكليف ان يكون مقدورا والمسبب ليس مقدورا للمكلف وانما الذى تحت اختياره هو السبب ، الثانى انه يعتبر فى متعلق التكليف ان يكون فعلا صادرا من المكلف والمسبب ليس كذلك لانه صادر من السبب ولو بالطبع كالاحراق المسبب من النار ، ويرد على الاول ان مقدورية متعلق التكليف لا يلزم ان تكون بالمباشرة بل هى اعم من المباشرة والتسبيب والمسبب مقدور للمكلف بواسطة القدرة على سببه ، ويرد على الثانى ان المسبب من افعال المكلف بنظر العرف على انه يكفى فى متعلق التكليف مجرد الاستناد الى المكلف وان لم يكن فعلا له والمسبب مستند الى المكلف بالنظر الدقى ومن هنا يظهر وجه القول بالتفصيل والتحقيق عدم الرجوع مطلقا ويظهر وجهه مما ذكرناه فى دفع وجهى القول الاول.

بقى فى المقام شيء وهو ان المسبب الذى يكون سببه مركبا من فعل المكلف وفعل غيره كالبيع المتوقف وجوده على الايجاب والقبول هل يكون الامر به راجعا الى الامر بالجزء الاختيارى من سببه بالنظر الى عدم مقدورية تمام السبب للمكلف حتى يكون المسبب مقدورا له او لا يكون الامر به راجعا اليه لان المسبب فى هذا الفرض مقدور للمكلف بمقدار حفظ وجوده من ناحيته ، الحق هو الثانى لان تعلق الامر بالمسبب فى هذا الفرض كما انه ظاهر فى ان المأمور به هو المسبب حقيقة له ظهور ايضا فى انه لازم التحصيل بتمامه ومن جميع جهاته وحيث ان التحفظ على كلا الظهورين غير ممكن يقع التعارض بينهما فيرفع اليد عن الظهور الثانى لكونه اهون من رفع اليد عن الظهور الاول الخ وذكر المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥٤ واما ما قيل بان العلة والمعلول اما ان يكون لكل منهما وجود ممتاز عن الآخر فى الخارج كما فى شرب الماء ورفع العطش حيث كانا امرين ممتازين وجودا فى الخارج واما ان

٦٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

يكونا عنوانين لفعل واحد غايته طوليا لا عرضيا كالقاء والاحراق المتصف بهما فعل المكلف فى الخارج حيث كان صدق عنوان الالقاء متقدما على صدق عنوان الاحراق فان كانا من قبيل الاول ففى مثله يتعلق الارادة الفاعلية بالمعلول اوّلا لقيام المصلحة به ثم تتعلق بعلته وسببه لتوقفه عليها ونحوه الارادة التشريعية الآمرية فانها ايضا تتعلق اوّلا بالمعلول والمسبب ثم بعلّته وسببه فيصير سببه واجبا بالوجوب الغيرى المقدمى واما ان كانا من قبيل الثانى كما فى الالقاء والاحراق وعنوان الغسل والتطهير ونحوهما فيلزمه كون الامر بالمسبب والمعلول عين الامر بسببه وعلّته والامر بالسبب عين الامر بالمسبب لانه فى تعلق الامر بالمسبب يكون السبب مأخوذا فيه لا محاله كما انه فى تعلقه بالسبب يكون معنونا بالمسبب فعلى كل تقدير يكون الامر بكل منهما امرا بالآخر وفى مثله لا يكاد اتصاف السبب بالوجوب الغيرى بوجه اصلا كما لا يخفى ، فمدفوع بان مثل عنوان الالقاء والاحراق عنوانان ممتازان وجودا كل منهما عن الآخر حيث كان الالقاء الذى هو فعل المكلف سببا لملاصقة الخشب مع النار التى هى سبب لتحقق الحرقة فى الخارج ـ اى للخشب ـ فالحرقة لها وجود مستقل فى قبال الالقاء الذى هو من فعل المكلف نظير حركة اليد وحركة المفتاح اللتين هما وجودان من الحركة إحداهما معلولة للاخرى نعم غاية ما هناك انه ينتزع من وجود المعلول عنوانان احدهما عنوان الاحراق بالاضافة الى الفاعل والآخر عنوان الحرقة بالاضافة الى نفسه نظير الايجاد والوجود ولكن مجرد ذلك لا يقتضى صدق عنوان الاحراق وانطباقه حقيقة على الالقاء الذى هو فعل المكلف وعليه فاذا كان العنوانان كل منهما ممتاز وجودا عن الآخر فى الخارج فلا محاله يكون حالهما حال شرب الماء ورفع العطش فى اتصاف الالقاء بالوجوب الغيرى عند تعلق الامر بالاحراق وعدم كون الامر بالاحراق امرا حقيقة بالالقاء كما هو واضح. ثم ان هذا كله اذا كان المسبب والمعلول من آثار فعل المكلف خاصة على معنى كون فعله علة تامة لتحققه بحيث لا يكون لفعل الغير ايضا واختياره دخل فى ترتب المسبب والمعلول وتحققه ، واما اذا كان لفعل الغير واختياره ايضا دخل فى تحققه كعنوان حقيقة البيع مثلا الذى هو مترتب على مجموع ايجاب البائع وقبول المشترى فقد يقال ح بان التكليف بالمسبب وهو البيع حقيقة تكليف سببه وهو الايجاب من جهة خروج المسبب ح بعد مدخلية قبول المشترى عن حيّز

٦٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قدرة البائع حتى بالواسطة فمن ذلك لو ورد امر بشخص بيع داره لا جرم لا بد بعد خروجه عن حيّز قدرته من صرفه الى سببه وهو ايجابه الناشى منه من جهة امتناع بقائه على ظاهره فى التعلق بعنوان البيع ، ولكنه ايضا مدفوع بانه كذلك اذا كان قضية الامر بالبيع امرا بايجاده على الاطلاق واما اذا كان امرا بحفظ وجوده من قبل ما هو تحت قدرته واختياره فلا يلزم ارجاعه وصرفه عنه الى سببه بل يجعل الامر فى تعلقه بالمسبب على حاله ح ويقال بان الواجب هو حفظ وجوده من قبل ما هو تحت اختياره كما هو الشأن ايضا فى كلية المقيّدات ببعض القيود غير الاختيارية اذ كان مرجع للتكليف بها ايضا الى التكليف بسد باب عدمه وحفظه من قبل ما هو تحت الاختيار فى ظرف انحفاظه من قبل سائر القيود غير الاختيارية وح فاذا كان الواجب هو حفظ وجود المعلول والمسبب من قبل ما هو فعل اختيارى للمكلف وهو ايجابه وكان هذا المقدار من الحفظ بتوسيط القدرة على الايجاب تحت قدرته واختياره فلا جرم يكون الايجاب الذى هو سبب لهذا لمقدار من الحفظ متصفا بالوجوب الغيرى لا بالواجب النفسى كما توهم الخ وذكرناه بطوله لمزيد الفائزة ، واما التفصيل بين الشرط الشرعى وغيره قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٠٣ فقد استدل على الوجوب فى الاول ـ اى الشرط الشرعى كالطهارات الثلاث والستر والقبلة ونحوها ـ بانه لو لا وجوبه شرعا لما كان شرطا حيث انه ليس مما لا بد منه عقلا او عادة الخ كالسير الى الحج او دخول السوق لشراء اللحم او نصب السلم للصعود على السطح مما يتوقف عليه الواجب عقلا او عادة فهو غير واجب شرعا وبعبارة اخرى قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٤٠٢ ان المقدمة اذا لم تكن من الشروط الشرعية فالعقل حاكم بلابدية الاتيان بها ومعه لا مجال لتوجيه الحكم المولوى من قبل الشارع بلزوم تحصيلها لكونها لغوا واذا كانت من قبيل الشروط الشرعية فلا بد فى لزوم تحصيلها من الالزام المولوى لكون العقل اجنبيا عن ادراك دخلها فى الواجب حتى يحكم بلابدية الاتيان بها الخ واجاب عنه صاحب الكفاية اوّلا ج ١ ص ٢٠٣ بقوله وفيه مضافا الى ما عرفت من رجوع الشرط الشرعى الى العقلى الخ هذا على مسلكه وقد تقدم وبينا الخدشة فيه ولذا اجاب عن التفصيل المحقق العراقى فى البدائع ص ٤٠٢ ويرد عليها اوّلا ان الشرطية للواجب لا يمكن ان تستفاد من الامر الغيرى الترشحى بل ينحصر استفادتها فى تعلق الامر النفسى

٦٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بما هو مقيد بشيء آخر وح فالمقدمة الشرعية وغيرها سيان فى حكم العقل بلابدية الاتيان بها ، وثانيا ما تقدم من ان حكم العقل بلابدية الاتيان بالمقدمة لا يمنع من ترشح الامر الغيرى القهرى عليها من قبل الامر بذيها الخ واجاب صاحب الكفاية ثانيا ج ١ ص ٢٠٣ انه لا يكاد يتعلق الامر الغيرى إلّا بما هو مقدمة الواجب ، ولو كانت مقدميته متوقفة على تعلقه بها ـ اى كون التكليف والامر من قبيل الواسطة فى الثبوت بالنسبة الى الشرطية والمقدمية بحيث لو لا امر الشارع لما كان مقدمة وشرطا ـ لدار ـ اى بداهة ان الامر الغيرى انما يتعلق بما هو مقدمة الواجب وشرطه فلو كان مقدميته متوقفة على الامر الغيرى بها لدار وصار التوقف من الطرفين ـ والشرطية وان كانت منتزعة عن التكليف إلّا انه عن التكليف النفسى المتعلق بما قيد بالشرط لا عن الغيرى الخ وقال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥٦ وان اريد كون التكليف والامر من قبيل الواسطة فى الاثبات بالنسبة الى المقدمية والشرطية بحيث يكشف امر الشارع به عن كونه مقدمة وشرطا فى الواقع ، ففيه مع انه كثيرا ما يكون دليل الشرطية بغير لسان التكليف كما فى قوله لا صلاة إلّا بطهور ولا صلاة الّا الى القبلة نقول بانه لا يكون ذلك تفصيلا فى المسألة لان مقتضاه ح هو وجوب كل ما يتوقف عليه الواجب بالوجوب الغيرى ولو كان الطريق الى المقدمية غير امر الشارع كما هو واضح الخ. فعليه يكون التكليف بما هى مقدمة واقعا كما ستعرف ولا دور. واجاب عن الدور المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٧ ومنه تعرف ايضا عدم ورود الدور لان الوجوب المقدمى تعلق بما هى مقدمة واقعا لتوقف مصلحة الواجب عليها ـ اى فى مرحلة الثبوت ـ وحيث انه شرط شرعى اتفاقا فلا منشأ لانتزاعه الا الوجوب المتعلق به وح فالجواب ان منشائه الوجوب النفسى المتعلق بالصلاة عن طهارة مثلا ـ اى انتزاع عنوان الشرطية اثباتا يتوقف على تعلق الوجوب النفسى المتعلق بما قيد ـ لا الوجوب المقدمى كما فى المتن الخ اى الشرطية المتوقفة عليها الوجوب الغيرى غير الشرطية المتوقفة على الوجوب الغيرى هو فى مرحلة الثبوت وهذا فى مرحلة الاثبات.

بقى الكلام فى جهات ثلاث الجهة الاولى فى تأسيس الاصل فى باب الملازمة قال فى الكفاية ج ١ ص ١٩٩ اعلم انه لا اصل فى محل البحث فى المسألة فان

٦٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذى المقدمة وعدمها ليست لها حالة سابقة بل تكون الملازمة او عدمها ازلية الخ وقال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٩٨ لا ريب فى عدم وجود اصل عملى فى هذه المسألة من الناحية الاصولية وهى جهة الملازمة لانها على تقدير تقررها فى الواقع ونفس الامر ولو لم يتحقق طرفاها ليس لها حالة سابقة معلومة بل هى اما ثابتة ازلا او معدومة ازلا وعلى تقدير كونها تابعة فى التقرر لتحقق طرفيها ليس لها حالة سابقة معلومة بمفاد ليس الناقصة كى تستصحب كما هو واضح واما حالتها السابقة بمفاد ليس التامة عند عدم تحقق طرفيها فلا اثر لاستصحابها لعدم كون وجوب المقدمة من آثار الملازمة الخ اى شرعا وقال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥٠ وحديث الرفع ايضا غير جار فيها لعدم كونه امر شرعيا ولا موضوعا ايضا لاثر شرعى لان ترتب فعلية الوجوب عليها ح ترتب عقلى لا شرعى كما هو واضح الخ وبذلك اعترف المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٣٠ وغيره ، مضافا الى ان الملازمة عقلية والعقل لا يشك فى موضوع حكمه وقال فى الكفاية ج ١ ص ١٩٩ نعم نفس وجوب المقدمة يكون مسبوقا بالعدم حيث يكون حادثا بحدوث وجوب ذى المقدمة والاصل عدم وجوبها الخ وقال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٩٨ واما الجهة الفقهية لهذه المسألة فالظاهر جريان استصحاب عدم وجوب المقدمة فيها لمعلومية عدم وجوبها فى ظرف عدم وجوب ذيها فيستصحب الخ واورد عليه المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٣٠ فعدم جريان الاصل فيها لعدم ترتب الاثر عليه بعد فرض لزوم الاتيان بالمقدمة عقلا وما لم يكن لنفى الوجوب او لاثباته اثر عملا لا معنى لجريان الاصل العملى فى مورده نفيا واثباتا الخ فلا يترتب على نفى وجوبها ثمرة اصلا من حيث الحركة والسكون ، فاجاب عن هذا الايراد المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٩٨ وفيه ان وجوب المقدمة وان لم يكن ذا اثر عملى بنفسه إلّا ان ضمه الى كبريات أخر على ما تقدم يوجب ترتب الاثر عليه فلا مانع من جريان الاصل المزبور الخ وسيأتى فى الثمرة وتوضيحه ولكن قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥١ بعدم انحصار الاثر ح بحيث الحركة والسكون وانه يكفى فيه التوسعة فى التقرب باتيان المقدمة بداعى مراديتها حيث انه بنفى وجوبها ح يترتب نفى هذا لاثر فيتضيق بذلك دائرة التقرب ، واما توهم عدم كون مثل هذا الاثر ح شرعيا لانه من

٦٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

كيفيات الاطاعة التى هى من الآثار العقلية فلا يكاد يمكن اثباتها بمثل هذه الاصول التعبدية فمدفوع كنفس الاطاعة من لوازم مطلق وجوب الشى ولو ظاهرا ـ اى اثرا شرعيا ـ ولكن مع ذلك كله يشكل الاكتفاء بمثل هذا الاثر فى جريان الاستصحاب ينشأ من عدم كونه اثرا للمستصحب حتى يجرى الاستصحاب بلحاظه وكونه من آثار نفس الحكم ـ اى الوجوب ـ الاستصحابيّ اذ ح جريان الاستصحاب بلحاظ مثل هذا الاثر لعله من المستحيل فلا بد ح من التماس اثر فى البين للمستصحب حتى يكون جريان الاستصحاب بلحاظه وحيثما لا يكون فى البيع اثر عملى يترتب على المستصحب فلا مجال لجريانه بوجه اصلا الخ والجواب عنه يكفى الاثر للنقيض عند عدم جريان الاصل كما ذكر هو قدس‌سره فى الاصل العدم الازلى وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٩ وتوهم عدم جريانه بانه لكون وجوبها على الملازمة من قبيل لوازم الماهية ـ اى بالاضافة الى وجوب ذى المقدمة ـ غير مجعولة ـ اى شرعا فالمجعول هو وجوب ذى المقدمة فقط ـ ولا اثر آخر مجعول مترتب عليه ـ اى ما يتوهم كونه اثرا له ليس باثر ـ ولو كان لم يكن بمهم هاهنا ـ اى كالنذر ونحوه والمعتبر فى جريان الاستصحاب ان يكون المستصحب حكما مجعولا او موضوعا ذا حكم شرعى مجعول ـ مدفوع بانه ـ اى وجوب المقدمة ـ وان كان غير مجعول بالذات لا بالجعل البسيط الذى هو مفاد كان التامة ـ اى الوجود النفسى وهو وجود الشيء فى نفسه ويقال له الوجود المحمولى ووجود الرابط وهو مفاد كان التامة مثل قولنا وجد زيد ـ ولا بالجعل التأليفى الذى هو مفاد كان الناقصة ـ اى وجوده لا فى نفسه مثل قولنا كان زيد قائما ـ إلّا انه مجعول بالعرض ويتبع جعل وجوب ذى المقدمة وهو كاف فى جريان الاصل الخ اى ينسب اليه الجعل بالعرض والمجاز ، وايضا دفع التوهم المحقق العراقى فى البدائع ، ص ٣٩٨ ان وجوب المقدمة له تحقق مستقل منحاز عن وجوب ذى المقدمة ونسبته اليه نسبة المعلول الى علته لا نسبة لوازم الماهية الى الماهية لان لازم الماهية ليس مجعولا مستقلا وانما هو مجعول بالعرض الخ وتوضيح ذلك ذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٤ ظاهر كلامه ـ اى الكفاية ـ زيد فى علو مقامه تسليم كون المورد من قبيل لوازم الماهية إلّا ان حاله حالها فى عدم قبول الجعل استقلالا وبالذات وقبول الجعل بالعرض وهو كاف فى جريان الاصل ، والتحقيق كونه من قبيل لوازم الوجود لا

٦٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

لوازم الماهية اذ ليست ارادة المقدمة بالاضافة الى ارادة ذيها كالزوجية بالاضافة الى الاربعة فان الزوجية من المعانى الانتزاعية من الاربعة بلحاظ نفسها مع قطع النظر عن الوجودين من الذهن والعين ـ اى لوازم الماهية امور انتزاعية اعتبارية يكون منشأ انتزاعها واعتبارها نفس الماهية كما عرفت ولاجل ذلك كان جعلها عرضا بجعل الماهية حقيقة ـ وهو مناط كون الشى من لوازم الماهية فنفس وضع الماهية كافية فى صحة انتزاعه منها فلذا لا وجود له غير وجودها فلا جعل له غير جعلها والجعل الواحد ينسب الى الماهية بالذات والى لازمها بالعرض بخلاف ارادة المقدمة فانها بحسب الوجود غير ارادة ذيها لا ان ارادة واحدة متعلقة بذيها بالذات وبها بالعرض ومع تعدد الوجود يجب تعدد الجعل فلا يعقل كون الوجوب المقدمى بالاضافة الى الوجوب النفسى من قبيل لوازم الماهية التى لا اثنينية لها مع الماهية وجودا وجعلا نعم حيث ان الغرض الاصيل يدعوا الى ارادة ذى المقدمة اوّلا وبالذات والى ارادة المقدمة ثانيا وبالتبع يطلق على جعل وجوب المقدمة انه جعل بالتبع وهو غير الجعل بالعرض الذى ينسب الى لازم الماهية فى قبال جعل الماهية والى جعل الماهية فى قبال الوجود ـ هذا على ما هو المعروف فى لوازم الماهية واما على ما هو التحقيق من ان الوجود هو الاصيل وان الماهية اعتبارية فلا يعقل ان ينتزع ماهية من ماهية اخرى ويستحيل ان تكون ماهية مستلزمة لماهية اخرى وإلّا كان الاستلزام والاستتباع جزء ذات الماهية بل المراد من لوازم الماهية لوازمها سواء كانت موجودة فى الذهن او فى العين لا مع قطع النظر عن الوجودين لكن تلك اللوازم حيث انها منتزعة عن الماهية الموجودة ذهنا الخ ـ هذا ان اريد الاشكال على اصل الجعل ـ هذا حال الارادة الغيرية بالاضافة الى الارادة النفسية ، وذكر استادنا الحكيم فى الحقائق ج ١ ص ٢٩٥ واما حال الوجوب الغيرى بالاضافة الى الوجوب النفسى فان اريد من الوجوب نفس اظهار الارادة بداعى البعث فاظهار الارادة الغيرية اجنبى عن اظهار الارادة النفسية فانه مثله وهما معا امران حقيقيان معلولان للارادتين اللتين احداهما معلولة للاخرى وان اريد من الوجوب الامر الاعتبارى المنتزع عن مقام اظهار الارادة فهو وان كان امرا اعتباريا لكنه اجنبى عن الوجوب النفسى بل جعله بجعل منشإ اعتباره كما ان الوجوب ، النفسى كذلك الخ وهنا توهم ثالث لجريان اصالة عدم وجوب المقدمة ذكر فى الكفاية ج ١ ص ١٩٩ ولزوم

٦٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

التفكيك بين الوجوبين ـ اى الوجوب النفسى لذى المقدمة والوجوب الغيرى للمقدمة ـ مع الشك ـ اى احتمال الملازمة ـ لا محاله لاصالة عدم وجوب المقدمة مع وجوب ذى المقدمة الخ وتوضيح ذلك ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٩٨ انه يعتبر فى جريان الاستصحاب ان يكون التعبد الشرعى بالمستصحب او اثره ممكنا عقلا فى حد نفسه ومن الواضح انه على تقدير الملازمة بين وجوب ذى المقدمة ووجوب مقدمته لا يمكن التعبد الشرعى بعدم وجوب المقدمة فى فرض وجوب ذيها وحيث نشك فى الملازمة كما هو المفروض نشك فى امكان التعبد الشرعى بعدم وجوبها الخ فيكون من الشبهة المصداقية لموضوع الاستصحاب واورد عليه صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٠٠ لا ينافى الملازمة بين الواقعتين واما ينافى الملازمة بين الفعليين ـ اى الاصل يوجب العلم بالانفكاك ظاهرا وهو لا ينافى احتمال الملازمة بينهما واقعا ـ نعم لو كانت الدعوى هى الملازمة المطلقة حتى فى المرحلة الفعلية يصح التمسك بذلك ـ اى احتمال الملازمة بينهما ظاهر ايضا فيرد الاشكال ـ فى اثبات بطلانها الخ وتوضيحه والمناقشة فيه ذكر المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٩٩ وقد اجاب عنه فى الكفاية بان استلزام جريان استصحاب عدم وجوب المقدمة فى فرض وجوب ذيها التفكيك بين الوجوبين فى مقام الفعلية لا ينافى الملازمة بينهما فى مرحلة الواقع نعم لو كانت الملازمة المدعاة بين الوجوبين غير مختصة بمرحلة الواقع وثابتة فى مرحلة الفعلية ايضا لما جرى الاستصحاب المزبور ، ولا يخفى ما فى الجواب المزبور اذ من يدعى الملازمة يثبتها حتى فى مقام الفعلية ، والجواب الصحيح عن الشبهة هو ما سيأتى فى محله من انه لا يعتبر فى التعبد الشرعى احراز عدم امتناعه عقلا بل يكفى عدم ثبوت الامتناع فلا مانع من جريان استصحاب فى المقام بعد فرض كون الملازمة بين الوجوبين فى مرحلة الفعلية مشكوكة الخ وبمثل ذلك اجاب المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٥ بل الدعوى فى خصوص مرتبة الفعلية فان الوجدان والبرهان ليس الاعلى استلزام ارادة ذى المقدمة لارادة المقدمة وعلى استلزام البعث الحقيقى نحوه للبعث الحقيقى نحوها بلا نظر الى مرتبة الانشاء بما هى انشاء بداهة عدم الوجدان والبرهان فى مثلها والجواب ح ما ذكرناه فى امثال المقام فى اول مبحث الظن ان احراز الامكان فى موارد العمل غير لازم بل احراز الاستحالة مانع وإلّا

٦٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

احتمال الاستحالة غير حجة فلا يمنع عن تصديق الحجة الخ ولاجل ذلك كله او بعضها تبع استادنا الخوئى المحقق النّائينيّ وقال فى المحاضرات ج ٢ ص ٤٣٥ اما ما افاده بالاضافة الى المسألة الفرعية من وجود الاصل فيها ـ لا يخلو من ان يكون البراءة او الاستصحاب والاولى لا تجرى بكلا قسميها اما العقلية فلانها واردة لنفى المؤاخذة والعقاب والمفروض انه لا عقاب على ترك المقدمة وان قلنا بوجوبها والعقاب انما هو على ترك الواجب النفسى واما الشرعية فبما انها وردت مورد الامتنان فيختص موردها بما اذا كانت فيه كلفه على المكلف ليكون فى رفعها بها امتنانا والمفروض انه لا كلفه فى وجوب المقدمة حيث لا عقاب على تركها على ان العقل يستقل بلزوم الاتيان بها لتوقف الواجب عليها سواء قلنا بوجوبها ام لم نقل فاذن اى اثر ومنة فى رفع الوجوب عنها ـ والاستصحاب ـ لا يجرى لان موضوعه وان كان تاما إلّا انه لا اثر له بعد استقلال العقل بلزوم الاتيان بها الخ ولكن قد عرفت الاثر من توسع دائرة القربة على القول به وان لابديته عقلا غير مانع عن وجوبها شرعا قهرا كما لا يخفى. وقد تقدم مفصلا وذكره المحقق الاصفهانى ايضا فى النهاية ج ١ ص ٢١٤ وان اريد الاشكال على اختيارية الايجاب المقدمى حيث انه لا يتمكن المولى من عدمه بعد ايجاب ذى المقدمة فقد اشرنا سابقا الى دفعه من ان الايجاب بالاختيار لا ينافى الاختيار فان العلة المتأصلة فيهما واحدة ـ اى الغرض ـ فاذا تمت تلك العلة وبلغت حد الوجوب وجد معلولها قهرا وهو عين الايجاد بالارادة والاختيار وإلّا لزم صدور المعلول عن غير علته التامة او امكان انفكاك المعلول عن علته التامة الخ وكل ذلك محال فايجاب ذى المقدمة بعد ما كان اختيارا فلا محاله يلازم قهرا مع ايجاب المقدمات وهو يكفى فى اختياريته وذلك بعد تحقق العلة وهى الغرض والملاك.

بقى شيء وينفع للمسألة الآتية ايضا قال المحقق الحائرى فى الدرر ج ١ ص ١٠١ لو شك فى كون ترك الضد مقدمة بعد علمه بوجوب مقدمة الواجب وعلمه بوجوب فعل الضد الآخر فهل الاصل يقتضى الحكم بصحة العمل ان كان من العبادات او الفساد قد يقال بالاول لان فعلية الخطاب مرتفعة بواسطة الشك خصوصا فى الشبهة الموضوعية التى قط اطبقت على اجراء البراءة فيها كلمة العلماء من الاصوليين والاخباريين واذا لم يكن الوجوب فعليا لا مانع من صحة العمل لان المانع قد تحقق فى

٦٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

محله انه الوجوب الفعلى ولذا افتى العلماء بصحة الصلاة فى الارض المغصوبة فى صورة نسيان الغصبية ولو انكشف الخلاف بعد ذلك لم يجب عليه الإعادة والقضاء وما نحن فيه من هذا القبيل واوضح من ذلك صورة القطع بعدم المقدمية وانكشاف خطاء قطعه بعد ذلك فان الحكم بفساد صلاته موجب لفعلية الخطاب حين القطع بعدمه والحق ان الشك فى المقام ليس موردا لاصالة البراءة لا عقلا ولا شرعا اما الاول فلان مقتضاها هو الأمن من العقاب على مخالفة التكليف الواقعى على تقدير ثبوته ولا يمكن جريانها هنا لان العقاب لا يترتب على مخالفة التكليف المقدمى ولا يمكن الحكم بسقوط العقاب عن التكليف النفسى اذا استند تركه الى هذه المقدمة المشكوكة مقدميتها لان التكليف النفسى معلوم ويعلم ان الاتيان به ملازم لهذا الترك الذى يحتمل كونه مقدمه انما الشك فى ان هذا الترك الذى قد علم كونه ملازما لفعل الواجب المعلوم هل هو مقدمة ام لا وهذا لا يوجب سقوط العقاب عن الواجب النفسى المعلوم كما هو واضح واما الثانى فلانه على تقدير كون الترك مقدمة فالوجوب المتعلق به بحكم العقل على حد الوجوب المتعلق بفعل ضده فكما انه فى هذا الحال يكون فعليا منجزا كذلك مقدمته وعلى هذا الفرض لا يعقل الترخيص والمفروض احتمال تحقق الفرض فى نظر الشاك وإلّا لم يكن شاكا ومع هذا الاحتمال يشك فى امكان الترخيص وعدمه عقلا فلا يمكن القطع بالترخيص ولو فى الظاهر لا يقال بعد احتمال كون الترخيص ممكنا لا مانع من التمسك بعموم الادلة الدالة على اباحة جميع المشكوكات واستكشاف الامكان بالعموم الدال على الفعلية لانا نقول فعلى هذا يلزم من ثبوت هذا الحكم عدمه اذ لو بنينا على انكشاف الامكان بعموم الادلة فاللازم الالتزام بدلالة العموم على عدم كون ترك الضد مقدمة اذ مع بقاء هذا الشك لا يمكن انكشاف الامكان فلو علم من عموم الحكم عدم كون ترك الضد مقدمة فلا مجرى له لان موضوعه الشك وبالجملة فلا ارى وجها لجريان اصالة الاباحة فى المقام الخ ولكن فيه انه من الاقل والاكثر الارتباطى بالنسبة الى التقيد بالمقدمة ومجرى البراءة شرعا وعقلا لان التقيد يترتب عليه العقاب لو كان مقيدا باعتبار القيد.

٦٥٣

كما لا يخفى.

خاتمة (١) فى بيان ثمرة المسألة واحسن ثمراتها (٢) التوسعة فى دائرة التقرب بالمقدمة عباديّا كما اشرنا فى بحث التقرب بالمقدمة فى طىّ تقسيم الوجوب بالنفسى والغيرى فراجع (٣)

______________________________________________________

فى الثمرة الفقهية لمقدمة الواجب

(١) الجهة الثانية فى بيان الثمرة لمسألة وجوب المقدمة.

(٢) منها ما ذكر فى التقريرات ص ٨٢ لشيخنا الاعظم الانصارى ان القول بوجوب المقدمة مما يؤثر فى صحتها اذا كانت عبادة كما ان القول بعدم الوجوب مما يقضى بفسادها ح الخ.

(٣) وهذه الثمرة مرضية عند المحقق الماتن وغيره وجعلها العمدة قال فى الفصول ص ٨٨ منها فى صحة قصد الامتثال والقربة بفعلها من حيث كونها مقدمة فعلى القول بالوجوب يصح قصد ذلك لان تعلق الطلب بفعل ولو للغير يوجب صحة قصد الآتي به لتعلق الطلب به انه يأتى به لذلك فيصح وقوعها على وجه العبادة اذا كان مشروعيتها كذلك كما فى الصلاة الى الجهات وفى الاثواب المشتبهة ولا يصح على القول الآخر لانتفاء الطلب الخ وتبعه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٩٦ ان ثمرة المسألة الاصولية ليست إلّا وقوع نتيجتها فى طريق استنباط الحكم الفرعى كما تقدم مرارا ـ اى استخراج الاحكام الالهية كما صرح المحقق الماتن فى المتن وذلك لأن يشمل الاصول العملية التعريف ـ وتطبيق ذلك فى المقام هو انه اذا بنينا على الملازمة بين وجوب الواجب ووجوب مقدمته التى هى فى الحقيقة عبارة اخرى عن وجوب المقدمة وضممنا هذه الكبرى الى كل من صغرياتها فقيل مثلا الوضوء مقدمة للصلاة ومقدمة الواجب واجبة تنتج مسألة فرعية وهى وجوب الوضوء فى هذا المورد وهذه النتيجة وان لم تكن بنفسها ذات اثر عملى بعد حكم العقل بلابدية الاتيان بالمقدمة إلّا ان بتطبيق كبريات أخر مستفادة من محالها عليها كتحقق التقرب فى كل واجب بقصد امره وكضمان الآمر بامر معاملى بالنسبة الى المأمور بذلك الامر تتحقق الثمرة لتلك النتيجة فانه بعد فرض وجوب المقدمة يمكن تحقق التقرب بقصد امرها كما يمكن

٦٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

التقرب بقصد التوصل بها الى ذى المقدمة فتتحقق بذلك التوسعة فى التقرب بها وكذلك اذا امر شخص شخصا آخر امرا معامليا بفعل له مقدمات فاتى المأمور بتلك المقدمات ولم يأت بذلك الفعل يكون ضامنا للشخص المأمور اجرة المقدمات بعد فرض كون الامر بالفعل امرا بمقدماته وقد ظهر بذلك ان الثمرة العملية لمسألة وجوب مقدمة الواجب انما تتحقق بضم نتيجتها الى كبريات أخر منقحه فى مواردها وقد اورد على اثبات الثمرة لمسألة وجوب مقدمة الواجب بأمور منها ان ثمرة المسألة الاصولية هى ان تقع نتيجتها فى طريق استنباط الحكم الفرعى وذلك لا يتحقق فى المسألة المزبورة لان نتيجتها ان كانت هى الملازمة بين الوجوبين فضم هذه النتيجة الى كل صغرى من صغرياتها لا ينتج حكما فرعيا وانما هو من باب تطبيق الكبرى الاصولية على مواردها الخاصة وان كانت هى وجوب المقدمة فذلك بنفسه حكم فرعى فكيف يقع فى طريق استنباط الحكم الفرعى ويظهر هذا من المحقق الأصفهاني فى النهاية ج ١ ص ٢١٢ قال لا يخفى عليك ان جعل الوضوء مقدمة والحكم عليه بان كل مقدمة يستلزم وجوب ذيها وجوبها وهو نتيجة المسألة ينتج ان الوضوء يستلزم وجوب ذيه وهذا تطبيق النتيجة الكلية الاصولية على مصاديقها لا ان القياس المزبور منتج لوجوب المقدمة لتكون نتيجته حكما فقهيا كما ان جعل الوضوء مقدمة والحكم على كل مقدمة بالوجوب كذلك فان هذا تطبيق محض يتوقف على الفراغ عن وجوب كل مقدمة حتى يصح ان يقال الوضوء مقدمة وكل مقدمة واجب مع ان هذه الكلية ليست نتيجة البحث عن المسألة الاصولية بل نتيجة تلك المسألة ثبوت الملازمة فالقياس المنتج للوجوب المناسب للفقه ان يجعل ثبوت الملازمة كلية صغرى للقياس المنتج للحكم الشرعى فيقال كل مقدمة يستلزم وجوب ذيها وجوبها وكل ما كان كذلك فهو واجب فيستنتج منه ان كل مقدمة واجب ثم هذا القياس الفقهى ينطبق على موارده الخ وعليه فلا ثمرة لمسألة الملازمة فى الحكم الفرعى قال المحقق العراقى فى البدائع ويرد عليه ان نتيجة المسألة المزبورة هى الملازمة وهى عين وجوب المقدمة ولكن ذلك ليس حكما فرعيا بل هو كبرى من الكبريات الاصولية لما تقدم فى صدر المبحث من الضابط لتشخيص الكبرى الاصولية عن الكبرى الفرعية وبضم هذه الكبرى الكلية الى صغرياتها كقولنا الوضوء مقدمة للصلاة ومقدمة الواجب واجبة نستنتج حكما فرعيا كليا

٦٥٥

وايضا ربما يظهر الثمرة (١) فى ما لو امر بفعل له مقدمة فعلى القول بملازمة امره بالفعل امره بمقدمته ربما يستحق الفاعل المأمور الاجرة على المقدمة ايضا لانه ايضا تحت امره وامّا لو لم نقل بالملازمة المزبورة فلا يقتضى امره بالفعل الا استحقاق الاجرة على ذى المقدمة لا المقدمة لانه لم يكن بامر الامر وانما الملزم له لابدية وجوده عقلا وذلك غير مرتبط بالآمر ، ثم فى هذه الثمرة ربما يفرّق بين القول بوجوب مطلق المقدمة او الموصلة منها فى فرض اتيانه بالمقدمة محضا فيستحق الاجرة عليها على الأول دون الثانى كما لا يخفى واما بقية الثمرات المذكورة لها من عدم جواز اخذ الاجرة عليه (٢) بناء على وجوبه وجوازه بناء

______________________________________________________

وهو وجوب الوضوء فى المثال ، ومنها ان وجوب المقدمة وان سلم كونه كبرى اصولية وان ضمه الى صغرياتها ينتج حكما فرعيا كوجوب الوضوء مثلا إلّا ان هذا الحكم الفرعى ليس له اثر عملى لان العقل حاكم بلابدية الاتيان به بعد فرض كونه مقدمة ، ويرده ان الحكم الفرعى المستنتج فى المقام وان لم يكن بنفسه ذا اثر عملى إلّا ان تطبيق كبريات آخر مستفادة من محالها عليه يحقق الثمرة ويوجب ترتب الاثر العملى عليه على ما تقدم بيانه فى تصوير الثمرة لهذه المسألة الخ من تحقق العبادية بقصد الامر الغيرى.

(١) هذه الثمرة ذكروها للفرق بين المقدمة الموصلة ومطلق المقدمة كما فى الفصول ص ٦٢ واما لو اتى بالواجب الغيرى للامتثال بالغير ولم يترتب عليه اختيارا كما لو نقض عزمه او اضطرارا كما لو طرأ مانع عقلى او شرعى لم يمتثل به من حيث كونه واجبا فى الواقع ـ والى هذا ـ اى هذا التفصيل ـ ينظر قولهم بان الاجير على الحج من البلدان قطع المسافة وفاته الحج لموت وشبهه استحق اجرة القطع بالنسبة وان تركه متعمدا لم يستحق شيئا الخ ونحن تعرضنا له هناك مفصلا وعن قريب ايضا فلا نعيد.

(٢) ومنها عدم جواز اخذ الاجرة على الواجبات ان كانت المقدمة واجبة شرعا وعدمه ان لم تكن واجبة تقدم فى محله عدم تمامية اصل الكبرى على اطلاقه كما ستعرف ايضا.

٦٥٦

على عدمه او النذر (١) باتيان واجب او واجبين مثلا فى يومه وامثال ذلك مما ذكر فى المطولات فلا مجال لا تمامها اذا النذر (٢) لا يصلح ان يقع ثمرة فى المسائل الاصولية الواقعة فى طريق استخراج احكام كلية كما اشرنا اليه فى بحث الصحيح والاعم كما ان جواز الاجرة (٣) على المقدمة وعدمه تابع مجانيّة وجوده لدى الشارع وعدمها من دون دخل وجوبه وعدمه فى جهة مجانيّته اذ لا ملازمة بين الجهتين (٤) كما لا يخفى وقس عليهما حال بقية الثمرات

______________________________________________________

(١) ومنها قال فى الفصول ص ٨٩ وقد يجعل من ثمرة النزاع براءة ذمة الناذر وعدمها فى ما لو نذر ان يأتى بواجب فاتى بمقدمته فانه تبرأ ذمته بفعلها على القول بوجوب المقدمة ولا تبرأ على القول الآخر ، وهذا انما يتم اذا نوى مطلق الواجب وإلّا فالاطلاق ينصرف الى الواجب النفسى الخ.

(٢) واجاب عنه صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٦ وهى فى المسألة الاصولية كما عرفت سلفا ليست إلّا ان يكون نتيجتها صالحة للوقوع فى طريق الاجتهاد واستنباط حكم فرعى ـ اى كلى فرعى ـ ومنه قد انقدح انه ليس منها مثل بر النذر الخ وتوضيح ذلك ما ذكره المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٤٨ فلمنع كونه ثمرة اصولية اذ هو انما يكون ثمرة لمسألة فرعية لانه من تطبيق كبرى فرعية وهى كبرى وجوب الوفاء على المورد واين ذلك والمسألة الاصولية التى من شأنها وقوع نتيجتها فى طريق استنباط ـ اى الاستخراج الحكم الفرعى الكلى وبالجملة نقول بان المسألة الاصولية عبارة عما وقع نتيجتها فى طريق استنباط الحكم الفرعى الكلى لا فى طريق تطبيق الحكم الشرعى الكلى على المورد ومسألة النذر انما كانت من قبيل الثانى الخ.

(٣) وذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٦ وعدم جوا اخذ الاجرة على المقدمة الخ بناء على الملازمة بلحاظ خروجها ح عن ملكه وعن حيطة سلطانه من حيث الفعل والترك فكان اخذ الاجرة عليها اكلا للمال بالباطل.

(٤) والجواب عنه مضافا الى ما تقدم من عدم كونها ثمرة للمسألة الاصولية وانما من باب تطبيق الحكم الفرعى المستفاد من الدليل على المورد ، ذكر المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٤٩ فلوضوح عدم اقتضاء مجرد وجوب شيء على المكلف عينا ام

٦٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

كفاية لخروجه عن المالية بحيث لا يجوز له اخذ الاجرة بازائه ما لم يعتبر كونه على وجه المجانية ومن ذلك ترى جواز اخذ الاجرة على كثير من الواجبات كالصناعات الواجبة عينا ام كفاية وكموارد المخمصة التى امر فيها ببذل الاموال فان ذلك كله شاهد عدم اقتضاء مجرد الامر ببذل الاعمال والاموال ووجوب اتلافها لخروجها عن المالية رأسا بحيث كان اخذ العوض بازائه من اكل المال بالباطل وح فيحتاج حرمة اخذ الاجرة عليه الى قيام دليل بالخصوص يقتضى ايجاب بذله على نحو المجان كما ورد فى مثلا الاذان والقضاء ونحوهما وإلّا فلو كنّا نحن ومجرد وجوب العمل عليه عينا ام كفاية فلا يقتضى هذا المقدار خروجه عن المالية حتى يحرم عليه اخذ الاجرة بازائه كما هو واضح الخ وظاهر كلامه بل صريح ذلك بقرينة استثناء الاذان هو الاعم من الواجب التوصلى والتعبدى ولكن قال فى الكفاية ج ١ ص ١٩٧ واخذ الاجرة على الواجب لا بأس به اذا لم يكن ايجابه على المكلف مجانا وبلا عوض بل كان وجوده المطلق مطلوبا كالصناعات الواجبة كفائية التى لا يكاد ينتظم بدونها البلاد ويختل لولاها معاش العباد بل ربّما يجب اخذ الاجرة عليها لذلك اى لزوم الاختلال وعدم الانتظام لو لا اخذها هذا فى الواجبات التوصلية واما الواجبات التعبدية فيمكن ان يقال بجواز اخذ الاجرة على اتيانها بداعى امتثالها لا على نفس الاتيان كى ينافى عباديتها فيكون من قبيل الداعى الى الداعى غاية الامر يعتبر فيها كغيرها ان يكون فيها منفعة عائدة الى المستأجر كيلا يكون المعاملة سفهية واخذ الاجرة عليها اكلا للمال بالباطل الخ وتوضيحه ان الاجرة تارة تبذل بازاء نفس العمل واخرى بازاء صدوره عن داعى امتثال الامر والنحو الاول غير جائز لانه يمنع من تحقق الاطاعة للامر بل الفعل يكون اطاعة للمستأجر لا غير اما النحو الثانى فلا باس به لان المستاجر عليه الفعل عن داعى الامر فلا بد فى مقام الوفاء بالاجارة من قصد الفعل لله سبحانه ويكون الداعى اليه امره تعالى غاية الامر يقصد صدور الفعل عن داعى الامر بداعى امر المستأجر فيكون من قبيل داعى الداعى ويكون الفعل واجدا لما يعتبر فيه من كونه طاعة وعبادة ، وهو الذى عليه المحقق الماتن ايضا قال فى تعليقته الاستدلالية على العروة ص ٩٩ فى الاجرة على الاذان قال اذا كان اخذ الاجرة من دواعى نفس العمل واما لو كان بنحو الداعى على الداعى القربى ففى البطلان تأمل لعدم دليل على اعتبار ازيد من ذلك

٦٥٨

المذكورة (١) فى المقام من دون مساعدة الفرصة لتعرضها ودفعها والله العالم.

______________________________________________________

فالاصل يقتضى خلافه الخ ان قلت قال استادنا الحكيم فى الحقائق ج ١ ص ٢٩٢ ان داعى الامر المعتبر فى صدق الطاعة والعبادة يعتبر ان يكون بنحو يستحق به على الآمر الجزاء وبه يكون متقربا اليه والفعل الصادر على النحو المذكور ليس كذلك ولذا لو امر زيد بكرا باطاعة عمرو فاطاعه لم يستحق على عمرو توابا اصلا ولا يكون إلّا مستحقا على زيد لا غير لانه اطاعة له دون عمرو ولاجل هذا ونحوه كانت اوامر الاطاعة ارشادية لا مولوية ـ وكفى شاهدا بما ذكرنا ما فى مرتكز المتشرعة من كون العبادة على النحو المذكور من اوضح المنكرات الشرعية الخ قلت اوّلا كما يصدق عرفا اطاعة زيد يصدق عرفا اطاعة عمرو ايضا وانكاره مكابرة جزما وثانيا اجنبى عن اوامر الاطاعة بان تكون ارشادية فان اوامر الاطاعة ارشاد الى حكم العقل وهنا ارشاد الى اى شيء فلو كان ارشاديا يكون امر زيد ارشاد الى اوامر العمرو لا ان يكون اوامر العمر وإرشادية مع ان عمرو هل يكون اوامره واجب الاطاعة ام لا وعلى كلا التقديرين اطاعة لهما وثالثا ان ما ذكره من الارتكاز لا دليل عليه ولذا قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٤٦ واما اذا كان الواجب هو المعنى المعبر عنه باسم المصدر الموجب لكون العمل مملوكا لله تبارك وتعالى فان كان عينيا كالصلاة ونحوها فلا يجوز اخذ الاجرة عليه وان كفائيا وكان مما يدخله النيابة بحيث يكون الثواب والاطاعة للمستنيب لا للنائب كما فى استنابه مريد الحج غيره وفى الجهاد الواجب عليه كفاية على القول بجوازها فيجوز اخذ الاجرة عليه ايضا وإلّا فلا الخ فيدفع ذلك ما تقدم من صاحب الكفاية من لزوم منفعة عائدة الى المستأجر وليس فى هذه الموارد اى الواجبات العينية تلك المنفعة وتمام الكلام فى محله إن شاء الله تعالى.

(١) ومنها ما نقل فى الكفاية ج ١ ص ١٩٦ وحصول الفسق بترك واجب واحد بمقدماته اذا كانت له مقدمات كثيرة لصدق الاصرار على الحرام بذلك ـ اى الجواب عنه مضافا الى انها ليست ثمرة للمسألة الاصولية كما مر مرارا ـ ولا يكاد يحصل الاصرار على الحرام بترك واجب ولو كانت له مقدمات غير عديدة لحصول العصيان بترك اول مقدمة لا يتمكن معه من الواجب فلا يكون ترك سائر المقدمات بحرام اصلا ـ اى يخرج بقية المقدمات عن حيّز الوجوب فلا يتحقق الاصرار الموجب للفسق ـ لسقوط التكليف ح كما هو واضح الخ واجاب ايضا المحقق العراقى فى النهاية

٦٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ج ١ ص ٣٤٩ مضافا الى ذلك ، بان تعدد العصيان انما يكون تابعا لتعدد الغرض فاذا لا يتحقق من ترك الواجب بماله من المقدمات العديدة إلّا فوت غرض واحد لا يكاد يترتب عليه إلّا عصيان واحد الخ ومنها وهى المنسوبة الى الوحيد البهبهانى فى الكفاية ج ١ ص ١٩٨ وربما يجعل من الثمرة اجتماع الوجوب والحرمة اذا قيل بالملازمة فيما اذا كانت المقدمة محرمة فيبتنى على جواز اجتماع الامر والنهى وعدمه ـ اى على القول بجواز اجتماع الامر والنهى له الاتيان بالمقدمة بداعى كونها مرادة للمولى ـ بخلاف ما لو قيل بعدمها ـ اى عدم الملازمة فانه لا يندرج فى باب الاجتماع حتى يبتنى على الخلاف فى تلك المسألة ـ وفيه اوّلا انه لا يكون من باب الاجتماع ـ اى على الملازمة ـ كى يكون مبتنية عليه لما اشرنا اليه غير مرة ان الواجب ـ اى بعد كون عنوان المقدمية من الجهات التعليلية لا التقييدية عبارة عن ـ ما هو بالحمل الشائع مقدمة ـ اى الفعل الموقوف عليه ـ لا بعنوان المقدمة فيكون على الملازمة من باب النهى فى العبادة والمعاملة ـ اى لا من باب الاجتماع كى يكون مبنيا عليه الخ واجاب عنه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٥٠ ان المقدمية وان كانت من الجهات التعليلية لا التقييدية ولكن الواجب بعد كونه فى المقام عبارة عن الجامع بين الفردين والخصوصيتين فلا محاله يندرج فى مسألة الاجتماع حيث يصير الفرد المحرم ح مجمع العنوانين فكان باحد العنوانين وهو الجامع المنطبق عليه متعلقا للحكم الوجوبى وبالعنوان الآخر متعلقا للحكم التحريمى لا فى مسألة النهى فى العبادة او المعاملة الذى ملاكه توارد الحكمين على موضوع واحد من جهة واحدة وهذا واضح بعد معلومية عدم سراية مصلحة الجامع الى الخصوصية ولا مفسدة الخصوصية الى الجامع المزبور ووقوف كل منهما على نفس متعلقة فانه فى مثله ينحصر التزاحم بين الملاكين فى عالم الوجود محضا وإلّا ففى مقام التأثير فى الحب والبغض لا يكون بينهما مزاحمة اصلا الخ وذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٨ وثانيا لا يكاد يلزم الاجتماع اصلا لاجتماع الوجوب بغير المحرم فى غير صورة الانحصار به وفيها اما لا وجوب للمقدمة لعدم وجوب ذى المقدمة لاجل المزاحمة واما لا حرمة لها لذلك كما لا يخفى الخ وفيه انه تعلق التكليف على الجامع بين الافراد وفى صورة عدم الانحصار هذا الفرد مبتلا بنقص لا يتحقق معه الامتثال وفى صورة الانحصار يكون التزاحم بين الملاكين و

٦٦٠