نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

المقام الثالث (١) فى ان الانسان بمجرد علمه بوجود المصلحة فى شىء بلا مزاحم لمفسدة اخرى فيه يتوجه اليه اشتياقه (٢) ولازمه ملاحظة ما قام به

______________________________________________________

التحقيق ان ذلك غير مبنى على مذهب العدلية اذ على القول بانتفاء المصلحة والمفسدة ايضا يتم ما ذكرنا فان العاقل اذا توجه الى امر والتفت اليه فاما ان يتعلق طلبه بذلك الشىء اولا يتعلق طلبه به لا كلام على الثانى وعلى الاول فاما ان يكون ذلك الامر موردا لامره وطلبه مطلقا على جميع اختلاف طواريه او على تقدير خاص وذلك التقدير الخاص قد يكون شيئا من الامور الاختيارية كما فى قولك ان دخلت الدار فافعل كذا ـ الى ان قال ـ ما حاصله وقد يكون من الامور الغير الاختيارية كالزمان كما ان الاختيارى قد يكون ماخوذا على نحو يكون موردا للتكليف كما اذا قال مثلا صل عن طهارة واخرى يكون على نحو لا يكون موردا للتكليف كما اذا قال حج عند الاستطاعة الخ واجاب عنه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٩٤ بقوله توضيح الفساد يظهر مما قدمنا من اختلاف انحاء القيود فى كيفية دخلها فى الغرض والمصلحة من حيث رجوع بعضها الى الدخل فى اصل الاحتياج واتصاف الذات بكونها مصلحة وصلاحا ورجوع بعضها وهو قيود الواجب الى الدخل فى تحقق المحتاج اليه والمتصف بالمصلحة والصلاح فارغا عن اصل اتصاف الذات بالوصف العنوانى اذ فى مثله يكون قيود الواجب باعتبار دخلها فى وجود المحتاج اليه وتحقق ما هو المتصف بالوصف العنوانى فى رتبة متاخرة عن قيود اصل الاتصاف ومعه كيف يمكن اخذ ما هو راجع الى اصل الاتصاف فى ناحية الموضوع فى عرض قيود المحتاج اليه الخ وبالجملة ان انكار اختلاف دخالة القيود فى المصلحة مكابرة جزما فلا يمكن ارجاعها الى امر واحد.

(١) الامر الثالث بيانه قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٣٩ قد عرفت ان تحقق المصلحة فى متعلق الحكم متوقف على تحقق شرطها وهو شرط الوجوب فى الخارج ـ اى قيود الاتصاف دخلها بالنسبة الى المصلحة بوجودها الخارجى حيث يستحيل اتصاف الذات بها الا فى ظرف تحقق هذه القيود فى الخارج.

(٢) واما تحقق الارادة التشريعية فهو يتوقف على تصور ذلك الشرط وملاحظته بما هو عليه من التاثير بحدوث المصلحة فى متعلق الحكم ـ اى دخل

٤٤١

المصلحة بجميع حدوده وقيوده وح (١) فبأيّ نحو يكون القيد دخيلا فى

______________________________________________________

المصلحة بالنسبة الى الارادة ومباديها من الميل والمحبة والاشتياق لا يكون إلّا بوجودها العلمى اللحاظى لا بوجودها الخارجى فكم فرق بين المصلحة وبين الارادة والاشتياق فان المصلحة باعتبار كونها من الاعراض التى ظرف عروضها واتصافها هو الخارج تحتاج فى عروضها الى تحقق قيود الاتصاف فى الخارج بخلاف الاشتياق والارادة ونحوهما مما كان ظرف عروضها هو الذهن حيث لا يكون دخل تلك القيود فيها الا بوجودها اللحاظى دون الخارجى كما كان ذلك هو الشأن ايضا بالنسبة الى معروض الارادة حيث لا يكون المعروض لها ايضا الا العناوين والصور الذهنية دون الخارج نظرا الى ان الخارج انما كان ظرفا لسقوط الارادة لا لثبوتها غايته انه لا بنحو يلتفت الى ذهنية تلك الصورة ومغايرتها مع الخارج بل بنحو يرى كونها فى لحاظها ذلك عين الخارج بلحاظ طريقية لحاظها الى الخارج من دون سرايتها منه الى الخارج وبهذه الجهة من الاتحاد والعينية بين تلك الصورة الذهنية وبين الخارج ايضا ربما تكتسب تلك الصورة الذهنية لون المصلحة من الخارج فتتصف بكونها ذات مصلحة فيتعلق بها الارادة والشوق وكذا بالعكس فيكتسب الخارج لون المطلوبية والمرادية من تلك الصورة فيتصف بكونه مرادا ومطلوبا وإلّا فالمصلحة لا يكاد تقوم الا بالخارج وكذا الارادة لا تكاد تتعلق الا بالصور الذهنية.

(١) فاذا التفت العاقل الى فعل ما فاما ان يجده ذا مصلحة مطلقا او على تقدير دون تقدير فعلى الأول يكون تصوره لذلك الفعل كذلك واعتقاده بكونه ذا مصلحة مطلقا موجبا لهيجان شوقه اليه حتى يصير ذلك الشوق ارادة اما تكوينيه تحرك المريد على فعل متعلقها واما تشريعيه تبعث صاحبها على انشاء طلب متعلقها وعلى الثانى فاما ان يجد ذلك التقدير حاصلا فى الخارج اولا وعلى الاول يكون حاله حال القسم الاول فى فعلية الارادة تكوينيه كانت ام تشريعيه اذ كون الفعل ذا مصلحة وان كان مشروطا بامر خاص وعلى تقدير دون تقدير إلّا ان العاقل لما التفت اليه وجد التقدير المزبور حاصلا فى الخارج ووجد الفعل ذا مصلحة بالفعل لحصول شرطه كما هو الفرض وعلى الثانى اعنى به كون الملتفت الى التقدير الخاص يجده غير حاصل فى الخارج فلا محاله يريد ذلك الفعل على تقدير حصول الشرط المتوقف على حصوله فى الخارج اتصاف ذلك الفعل بالمصلحة الخ.

٤٤٢

المصلحة بذاك النحو يكون لحاظه دخيلا فى توجه الاشتياق نحوه (١) ولازمه (٢) ح ان يلاحظ قيود الاحتياج (٣) خارجة (٤) عن حيّز اشتياقه وتوجّه الشوق (٥) نحو العمل منوطا بفرض وجوده الطريق الى خارجه (٦) كما هو الشأن فى دخله فى المصلحة واتصافها بها (٧) حفظا (٨) لتبعيّة الاشتياق بشىء لنحو مصلحته فقيودها (٩) علاوه (١٠) عن ان الانسان مهما امكن لا يصير فى مقام الاحتياج فما (١١) هو علّة للاحتياج لا يشتاق اليه جزما نعم (١٢) لا بد وان يلاحظ

______________________________________________________

(١) اى بعد ان كان شان الاشتياق والارادة من كونها تابعة للعلم بالمصلحة فى المتعلق وكونه ذا صلاح لا تابعة لكونه كذلك فى نفس الامر فكان العلم واللحاظ مع كونه طريقا الى الخارج له موضوعية بالنسبة الى مرحلة تعلق الاشتياق والارادة نقول بانه لا بد من لحاظ كيفية العلم بالمصلحة من حيث الاناطة والاطلاق.

(٢) اى من لوازم تبعية الارادة والاشتياق للعلم بالمصلحة.

(٣) اى ما هو الدخيل فى اصل الاحتياج الى الشى واتصاف الذات بكونها صلاحا.

(٤) اى هذه القيود خارجة عن حيز الطلب والارادة بل وعن مباديها من الاشتياق والمحبوبية ايضا.

(٥) اى صيرورة الارادة والشوق منوطة بفرض تحققها ووجودها.

(٦) اى تحققه فى الخارج.

(٧) اى ان قيود الاتصاف دخلها بالنسبة الى المصلحة بوجودها الخارجى حيث يستحيل اتصاف الذات بالمصلحة الا فى ظرف تحقق هذه القيود فى الخارج.

(٨) اى لتبعية الإرادة والاشتياق ومباديها لا طوار المصلحة وكيفيتها.

(٩) اى قيود الاحتياج.

(١٠) اى ما يقتضيه جبلة النفس وفطرته من عدم كون الانسان بصدد تحصيل الاحتياج الى الشىء وجعل نفسه محتاجا اليه هذا اوّلا.

(١١) وثانيا ان قيود الاحتياج يكون فى الرتبة السابقة على الارادة ومباديها وعلة له فلا اشتياق ولا ميل اليه جزما كالميل الى المرض.

(١٢) اى فى ظرف تحقق القيد كالمرض له الاشتياق والميل تبعا للمصلحة فى

٤٤٣

القيد المزبور ويجعل فرض وجوده مما انيط به اشتياقه تبعا لكيفية دخله فى قيام المصلحة فى المتعلق نعم (١) قيود وجود المحتاج اليه لا محيص فى صيرورتها فى طىّ اشتياقه ولو غيريّا ، ومن هذا البيان (٢) ظهر (٣) ان وجه اناطة الاشتياق بقيد وعدمه ليس إلّا مستندا الى اختلاف انحاء دخله فى المصلحة لا (٤) انه مستند الى اختلاف فى كيفية نفس القيد من اخذ وجوده مطلقا او من باب الاتفاق وان قيود الوجوب طرّا من قبيل الثانى (٥) كيف (٦) وهذا المقدار لا يوجب فرقا

______________________________________________________

المتعلق وهو شرب الدواء مثلا وبدونه لا ميل بل مبغوض عنده بل ربما فيه مفسدة كتلف النفس هذا فى قيود الاحتياج.

(١) اما قيود المحتاج اليه وهو ظرف ما كان متصفا بالمصلحة نحو ظرف وجود المرض حيث ان شرب الدواء مثلا ح دخيل فى وجود ما هو المتصف بالمصلحة والصلاح ومتعلق الإرادة ومباديها فتكون متعلقا للارادة الغيرية.

(٢) يبين الثمرة لهذا التقسيم واختلاف دخل القيود.

(٣) وهى ان اختلاف انحاء القيود انما فى كيفية دخلها فى المصلحة والغرض من حيث رجوع بعضها فى الدخل اصل الاحتياج ورجوع بعضها الى الدخل فى تحقق المحتاج اليه.

(٤) اى مما ذكرنا يظهر فساد ما توهم من ان منشأ الاختلاف فى القيود فى الخروج عن حيز الارادة اختلاف انحاء وجودها من اخذ بعضها بنحو يترشح اليها الارادة واخذ بعضها بنحو لا يترشح اليها الإرادة اما لخروجها عن تحت الاختيار او من جهة دخلها بوجودها من باب الاتفاق او وجودها الناشى عن سائر الدواعى غير دعوة الامر مع اتحاد الجميع فى كيفية الدخل فى الغرض ولذا ارجعوا جميع القيود الى المتعلق وارجعوا جميع الشروطات الى المعلقات كما مر عن التقريرات.

(٥) اى من باب الاتفاق.

(٦) فاجاب عنه بان مجرد اخذ القيد من باب الاتفاق لا يوجب الفرق فى عدم تعلق الميل والاشتياق اليه وفى قيود المحتاج اليه يكون متعلق الارادة ومباديها.

٤٤٤

فى توجّه الاشتياق نحوه ولازمه (١) الاشتياق الى حصول شرط الوجوب ايضا وان لم يكن واجبا وكان خارجا عن حيّز الإرادة كغير المقدور وهو (٢) خلاف ظاهر الخطابات المشروطة بشروطها الخارجة عن حيّزها بجميع مباديها مع (٣) انه كيف يلتزم فى مثل الكفارة المنوطة العصيان اذ مقتضاه توجّه الاشتياق نحو العصيان وهو كما ترى (٤). المقام الرابع (٥) ان الحاكم بعد اشتياقه الى فعل عبده (٦) فمع عدم وجود مزاحم فى البين (٧) يوجب هذا الاشتياق تحريكا للحاكم بابراز اشتياقه بانشائه على وفق مرامه (٨) ومثل هذه الحركة كاشف عن

______________________________________________________

(١) اى على ذلك يلزم ان تتعلق بقيود الوجوب الاشتياق ايضا لكن ليس بواجب بان كان خارجا عن حيّز القدرة كغير المقدور مع ان الامر ليس كذلك بل لا يتعلق به الاشتياق اصلا.

(٢) وذلك باطل جزما اما اولا فلان ظاهر الواجبات المشروطة ان الشرائط خارجة عن حيّز الخطاب وان وجود الشرط علة للارادة ومباديها كما مر.

(٣) وثانيا انه لو تعلق الاشتياق على القيد وكان القيد من باب الاتفاق والاختلاف فى انحاء وجود القيود فيلزم تعلق الاشتياق بالعصيان ليترتب عليه وجوب الكفارة مع انه مبغوض جزما وله عقوبة.

(٤) اى فلا اشتياق للمبغوض اصلا وإلّا لم يكن مبغوضا كما هو واضح.

(٥) الامر الرابع في حقيقه الحكم وهى الارادة وجعله ومبرزه وهو فعليته.

(٦) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٤٠ ان من له الامر ـ اى الحاكم والمولى ـ اذا التفت الى كون فعل غيره ذا مصلحة على تقدير خاص لا مطلقا ـ اى بل ستعرف ان كان مطلقا ايضا كذلك لكن الكلام فى المشروط ـ اراده منه على ذلك التقدير.

(٧) فان لم يجد مانعا من اظهار ارادته المذكورة اظهرها بما يجده مظهرا لها من قول او فعل.

(٨) كان يقول افعل كذا ان كان كذا او يقول اريد منك ان تفعل كذا اذا تحقق كذا او يشير الى هذا المعنى ببعض حركاته.

٤٤٥

مرتبة من ارادة المولى (١) لوجود العمل وحفظه بمقدار استعداد انشائه وخطابه (٢) بلا كونه مريدا له من سائر الجهات (٣) ومن هذا المقام (٤) ايضا ينتزع مقام جعل الاحكام اذ لا نعنى من جعل الاحكام التكليفية الا مجرد ابراز (٥) اشتياقه الكاشف عن مرتبة من الارادة (٦) المنتزع عن حملة نفس المشتاق الى حفظ وجود المقصود ولو من ناحية مقدمة من مقدماته فلا جرم (٧) يصير مثل هذه الخطابات حاكيا عن مرتبة من فعلّية الحكم المحفوظ فى حق العالم والجاهل وهو (٨)

______________________________________________________

(١) اى الانشاء والخطاب كاشف عن الارادة التشريعية المتعلقة بالعمل.

(٢) اى من كونه على تقدير دون تقدير.

(٣) اى يكون خطابه تبعا لارادته لحفظ العمل لا على وجه الاطلاق.

(٤) فاذا اظهر ارادته التشريعية بهذا النحو من الاظهار اعتبر العرف هذا لاظهار حكما وطلبا وقالوا حكم الشارع مثلا على كذا بكذا او طلب الشارع هذا الفعل ونحو ذلك من التعبير بالعناوين المنتزعة عن اظهار الآمر لارادته بالنحو المزبور.

(٥) اى جعل الاحكام عبارة عن الانشاء والخطاب الكاشف عن الارادة.

(٦) اى حقيقة الاحكام عبارة عن الارادة المبرزة بالخطاب.

(٧) وهذا هو الحكم الفعلى الذى يشترك فيه العالم والجاهل لان جميع ما يمكن ان يصدر ويتأتى من الامر قد حصل منه بشوقه وارادته واظهاره لارادته المتعلقة بالفعل الذى علم باشتماله على المصلحة اما مطلقا او على تقدير دون تقدير فالوجوب مثلا سواء كان مطلقا ام مشروطا اذا انشأه المولى بالنحو المزبور صار حكما فعليا علم به المكلف ام لم يعلم حصل شرطه فيما لو كان مشروطا ام لم يحصل ولا يعقل ان يكون للحكم بالمعنى الذى قررناه نحو ان من الوجود وان كان مشروطا ليكون الحكم المشروط حكما انشائيا قبل تحقق شرطه وحكما فعليا بعد تحقق شرطه الخ وذلك لما عرفت ان القيد بوجوده العلمى اللحاظى دخل فى الارادة والحكم لا بوجود الخارجى.

(٨) اى الحكم يتحقق.

٤٤٦

ايضا بنفسه (١) قابل للتحقق ولو كان منفكا عن مقام محركيّة عبده (٢) ولذا يصلح (٣) ان ينشا الامر ويبرز اشتياقه منوطا بفرض وجود الموضوع ولحاظه بحدوده وقيوده بلا احتياج الى وجوده خارجا اصلا ، ثم (٤) ان الغرض من الخطاب (٥) وابراز الاشتياق (٦) لما كان هو دعوة الخطاب لعبده فلا شبهة فى ان شان الخطابات ليس إلّا مجرد صلاحيتها للدعوة وعدم قصور فيها من ناحيتها وإلّا فمن البديهى ان الدعوة الفعلية (٧) المساوق لمحركيّة الخطاب (٨) عقلا منوط بتطبيق العبد جميع القيود الماخوذة فى الخطاب (٩) حتى قيد القدرة الماخوذة فيه عقلا على المورد ومن البديهى ان هذه المرحلة خارجة عن مضمون الخطاب و

______________________________________________________

(١) اى بنفس الخطاب المبرز عن الارادة.

(٢) اى ولو لم يعلم به المكلف ويكون محركيته للعبد فى الزمن المتاخر.

(٣) اى على ذلك كله يكون الحكم الفعلى هو شوقه وارادته واظهاره لارادته المتعلقة بالفعل الذى علم باشتماله على المصلحة منوطا بفرض وجود الموضوع ودخل المصلحة فى الإرادة ومباديها بوجودها العلمى اللحاظى لا بوجودها الخارجى كما مر مرارا.

(٤) ثم بيّن الفرق بين ظرف ثبوت التكليف والارادة وابرازها وظرف سقوط التكليف.

(٥) فقد عرفت ان معروض الارادة هى الصور الذهنية دون الخارج.

(٦) وان غرض ابراز الارادة والاشتياق بالخطاب لدعوة المكلف نحو الفعل وعدم قصور الخطاب صلاحية الدعوة كذلك.

(٧) واما محركية الخطاب للدعوة الفعلية يتوقف على علم المكلف بالحكم والقدرة عليه وغير ذلك من وجود الشرائط خارجا حتى يصدر منه الفعل والخارج ظرف سقوط التكليف ولا ربط له بالثبوت.

(٨) اى محركيته نحو الفعل عقلا ومنبعثا اليه.

(٩) اى يوجد جميع القيود فى الخارج حتى القدرة والعلم.

٤٤٧

متاخر عنه رتبة (١) وح (٢) فما هو ماخوذ فيه هى هذه الامور بوجوداتها اللحاظية لا الخارجية كيف (٣) ووجودها خارجا انما كان ضم العلم بها دخيلا فى تطبيق الخطاب على المورد الخارج عن مضمونه وإلّا (٤) ففى توجّه اشتياق المولى نحو العمل المقيد باى قيد لا يحتاج الى وجودها خارجا بل يكفى مجرد وجودها فى لحاظ المولى فلا يكون للوجودات الخارجية المزبورة مدخلية الّا فى تحريك العبد المنوط بتطبيق العبد ايّاها على المحل (٥) ولقد عرفت ان هذه المرحلة خارجة عن مضمون الخطاب ومتاخرة عن مضمونه رتبة ومن هذا البيان ظهر (٦) ان دخل قيد القدرة ايضا فى الخطابات نظير دخل سائر القيود فيه

______________________________________________________

(١) وهذا فى الرتبة المتأخرة عن الخطاب فظرف الخطاب ظرف ثبوت التكليف واما ظرف سقوط التكليف فى الرتبة المتاخرة عنه.

(٢) فالقيود دخلها فى الارادة ومباديها من الميل والمحبة والاشتياق يكون بوجودها اللحاظى لا بوجودها الخارجى.

(٣) اى كيف يمكن ان يعتبر فيها بوجودها الخارجى مع انه يشترط العلم بالتكليف بتلك القيود حتى يتحقق ذلك من المكلف فى الخارج فان لم يعلم بالقيد فلا يمكن تحققه خارجا فلم يتعلق اشتياق المولى بالمقيد باى قيد بل تعلق بقيد خاص ويلزم منه فى التطبيق العلم به ولا يعلم به الا بوصول الخطاب اليه وهو فى الرتبة المتاخرة عن الخطاب وابراز الارادة فان اعتبر بوجوده الخارجى يلزم الخلف وتقدم الشى على نفسه وهو محال.

(٤) اى لا يحتاج توجه اشتياق المولى الى العمل القيد الى وجود القيد خارجا بل يكفى وجوده اللحاظى الحاكى عن الخارج.

(٥) فالوجود الخارجى للقيد محرك نحو العمل للعبد فى الرتبة المتأخرة عن الخطاب ومتوقف على العلم به كما مر مرارا.

(٦) بيان ذلك قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٤٢ ان شرائط الوجوب جميعا تكون بوجودها اللحاظى شروطا لتحقق الوجوب فى الخارج وبوجودها الخارجى توجب استعداد الوجوب لتأثيره الانبعاث والحركة فى نفس المكلف نحو

٤٤٨

من كونه بوجوده اللحاظى ماخوذا فى مضمون الخطاب وبوجوده الخارجى ماخوذا فى مقام تطبيق العبد المنوط به محركيّة خطاب المولى. وان توهّم من توهّم (١) فى اخذ القدرة الخارجية من قيود الخطاب وشروطه كتوهّمه (٢) دخل

______________________________________________________

الواجب ولا فرق فى ذلك بين ان يكون شرط التكليف شرطا قد اعتبره الشارع مثلا كالشروط التى يعلق عليها الشارع تكليفه فى خطابه وان يكون شرطا قد اعتبره العقل فى حصة التكليف كالقدرة فهى اذا كسائر شروط التكليف تكون بوجودها اللحاظى شرطا فى فعلية التكليف فى الخارج وبوجودها الخارجى توجب استعداد التكليف للتاثير فى نفس المكلف الانبعاث والحركة نحو المكلف به الخ فعليه تكون القدرة شرطا لتنجز التكليف لا لاصل ثبوت التكليف وفعليّته.

(١) قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٥٠ الثانى ان القدرة قد تكون شرطا عقليا للتكليف وغير دخيله فى ملاك الفعل اصلا فيكون اعتبارها فى فعلية التكليف من جهة حكم العقل بقبح خطاب العاجز الخ واتضح مما تقدم فساده وسيأتى ايضا انه ليس القدرة شرط حسن الخطاب عقلا اصلا.

(٢) قال المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ١٧٣ واما فى القضية الحقيقية فيعتبر فيها تحقق الموضوع خارجا اذا الشرائط فى القضية الحقيقية هو وجود الموضوع عينا ولا عبرة بوجوده العلمى لان الحكم فى القضية الحقيقية على الافراد المفروض وجودها فيعتبر فى ثبوت الحكم وجود الافراد ولا حكم مع عدم وجودها ولو فرض علم الامر بوجودها ـ وبذلك يظهر امتناع الشرط المتاخر لانه بعد ما كان الشىء شرطا وقيدا للموضوع فلا يعقل ثبوت الحكم قبل وجوده وإلّا يلزم الخلف الخ وقد عرفت فساده ، وقال فى ص ١٧٥ واما فى القضية الحقيقية فالجعل والانشاء انما يكون ازليا والفعلية انما تكون بتحقق الموضوع خارجا فان انشائه انما كان على الموضوع المقدر وجوده فلا يعقل تقدم الحكم على الموضوع لانه انما انشاء حكم ذلك الموضوع وليس للحكم نحو وجود قبل وجود الموضوع حتى يسمى بالحكم الانشائى فى قبال الحكم الفعلى فى بعض الكلمات والحاصل انه فرق بين انشاء الحكم وبين الحكم الانشائى والذى تتكفله القضايا الحقيقية الشرعية انما هو انشاء الحكم نظير الوصية حيث ان الوصية انما هى تمليك بعد الموت ولا يعقل تقدمه على الموت لان الذى أنشأ بصيغه

٤٤٩

بقيّة القيود بوجودها الخارجى فى مضمون الخطاب ليس (١) الّا لاجل خياله

______________________________________________________

الوصية هو هذا اى ملكية الموصى له بعد موته فلو تقدمت الملكية على الموت يلزم خلاف ما انشاء ولا معنى لان يقال الملكية بعد الموت الآن موجودة لان هذا تناقض فكذا الحال فى الاحكام الشرعية فان انشائها عبارة عن جعل الحكم على الموضوع المقدر وجوده فما لم يتحقق الموضوع لا يكون شىء اصلا واذا تحقق الموضوع يتحقق الحكم لا محاله ولا يمكن ان يتخلف فتحصل انه ليس قبل تحقق الموضوع شيء اصلا حتى يسمى بالحكم الانشائى فى قبال الحكم الفعلى اذ ليس الانشاء الا عبارة عن جعل الحكم فى موطن وجود موضوعه فقبل تحقق موطن الوجود لا شيء اصلا ومع تحققه يثبت الحكم ويكون ثبوته عين فعليّته وليس لفعليّة الحكم معنى آخر غير ذلك وحاصل الكلام انه ليس للحكم نحوان من الوجود يسمى بالانشاء تارة وبالفعلى اخرى بل الحكم هو عبارة عما يتحقق بتحقق موضوعه وهذا هو الذى أنشأ ازلا قبل خلق عالم وآدم فلو فرض انه لم يتحقق فى الخارج عاقل بالغ مستطيع فلم يتحقق حكم ايضا اصلا فالحكم الفعلى عبارة عن الذى أنشأ وليس وراء ذلك شىء آخر فلو أنشأ الحكم على العاقل البالغ المستطيع فلا محيص من ثبوت الحكم بمجرد تحقق العاقل البالغ المستطيع ولا يعقل ان يتخلف عنه الخ.

(١) فاجاب عنه المحقق الماتن قده فى النهاية ج ١ ص ٣٠٠ (بما وضح المقام) بان القضايا الحقيقية بالمعنى المصطلح الذى يلزم من فرض وجود الموضوع فرض الحكم ومن فعلية الموضوع خارجا فعلية الحكم اجنبية عن القضايا الطلبية حيث نقول بان القضية بالمعنى المصطلح انما تتصور بالنسبة الى الاعراض الخارجية التى كان الخارج ظرفا لعروضها واتصافها كما فى النار حارة وكما فى الاحكام الوضعية كالملكية ونحوها فانها باعتبار كونها من الامور التى كان الخارج ظرفها لعروضها يوجب لا محاله فرض وجود الموضوع فيها فرض محموله وفعليّة الموضوع فعليّة محموله واما بالنسبة الى الارادة ونحوها من الصفات الذهنية التى كان ظرف عروضها الذهن والخارج ظرف اتصافها فلا يتصور فيها القضية الحقيقية بوجه اصلا حتى يناط فعلية الارادة فيها بفعلية موضوعها من جهة ان المنوط به والموضوع كما ذكرنا لا يكون الالحاظ الموضوع وفرضه لا وجوده الخارجى غايته انه لا بد وان يكون الملحوظ الذهنى بنحو يرى خارجيّا على وجه لا يلتفت الى ذهنيّته كما هو الشأن ايضا فى مثل

٤٥٠

اخذ فعليّة الارادة المساوقة للمحركيّة للعبد فى مضمون الخطاب (١) وإلّا فلو فتح البصر ودقّق النظر (٢) فى ان مقام محركيّة الخطاب (٣) ودعوته الفعليّة للعبيد انما هو من شئون تطبّق العبد خطاب مولاه بجميع قيوده حتى القدرة على المورد (٤) لا يبقى (٥) مجال شبهة (٦) فى اخذ وجود القدرة وامثالها خارجا فى مضمون الخطاب لبداهة (٧) ان مقام التطبيق المزبور متأخر عن مضمون الخطاب

______________________________________________________

القطع والظن فى تعلقهما بالموضوع وما انيط به وح فبعد ان كان الموضوع للارادة والاشتياق هو فرض وجود الموضوع ولحاظه طريقا الى الخارج فلا جرم فى فرض وجود الموضوع وفرض وجود المنوط به يتحقق حقيقة الاشتياق والارادة لا انه يتحقق من فرضه فرض الاشتياق وفرض الارادة كما هو الشأن ايضا فى العلم بالمصلحة على ما بيناه الخ ويكون ما ذكره خلط بين قيود الحكم والارادة وبين قيود فعلية المصلحة كما مر مرارا وان شئت قلت الفرق بين قيود الداعوية وبين قيود المحركية الفعلية او الخلط بين مرحلة الثبوت ومرحله السقوط.

(١) اى يتحيل اخذ فعلية الارادة المساوية لمحركيتها للعبد نحو الفعل فى مضمون الخطاب.

(٢) اى وهذا خطأ محض فان الارادة ومباديها شيء المساوية ومحركية الخطاب للعبد امر آخر.

(٣) فان محركية الخطاب وداعويّة الحكم لمحركية العبد انما يتوقف على علم المكلف بالحكم ووجود القيود فى الخارج وهو فى الرتبة المتأخرة عن الارادة والخطاب.

(٤) فلذا يعتبر ان يكون جميع القيود متحققا فى الخارج وينطبق الخطاب على نفسه بجميع قيوده حتى القدرة.

(٥) اى من هنا اتضح ان وجود القدرة متاخر عن الخطاب فلا يمكن اخذها فى الخطاب للزوم تقدم الشى على نفسه.

(٦) والشبهة من المحقق النّائينيّ وقد تقدم من اعتبارها فى التكليف من جهة فبح تكليف العاجز عقلا.

(٧) تعليل لبطلان كون القدرة شرط الخطاب لكونها فى الرتبة المتأخرة عن

٤٥١

رتبة ويستحيل اخذها فيه نعم (١) كلما له بوجوده الخارجى دخل فى التطبيق لا بد وان يكون بوجوده اللحاظى ماخوذا فى مضمون الخطاب لاستحالة اوسعيّة مضمون الخطاب عن مرحلة تطبيقه (٢).

فان قلت (٣) ان غاية ما يستقل به العقل ان لتطبيق القدرة ايضا دخل فى المحرّكية فى عرض تطّبق سائر القيود المأخوذة فى الخطاب (٤) وذلك لا يقتضى دخل القدرة (٥) ولو بوجودها اللحاظى فى مضمون الخطاب كى يكون حال القدرة

______________________________________________________

الخطاب فكيف يؤخذ فيه.

(١) اى كل قيد دخيل بالنسبة الى فعلية المصلحة بوجودها الخارجى ودخيل بوجوده الخارجى فى التطبيق ومحركيته للعبد لا بد وان يكون دخيلا فى مضمون الخطاب والارادة بوجوده العلمى اللحاظى.

(٢) للزوم تطابق مضمون الخطاب مع تطبيق العبد من دون ان يكون اوسع او اضيق.

(٣) اشكال ودفع اما الاشكال هو ان القيود فلنفرض وجودها اللحاظى دخيلا فى تحقق الإرادة ومباديها اما تصور ـ القدرة فلا يكون دخيلا فيه بيان ذلك.

(٤) قال المحقق الماتن فى البدائع لا ريب فى كون تصور مصلحة الفعل او مفسدته التى تترتب عليه فى الخارج دخيلا فى فعلية ارادته او كراهته اى مع العلم بكونه ذا صلاح ولو من جهة العلم بوجود قيود الاتصاف فى الخارج لا محاله يتوجه نحوه الميل والاشتياق والارادة فيحدث فى النفس تلك الحالة الانقداحية الموجبة لطلبه وبعثه وان لم يكن كذلك فى الواقع ونفس الامر ولا يكون ذلك الشىء الا ذا مفسدة محضة كما انه فى صورة العكس والعلم بكونه غير ذى المصلحة او ذا مفسدة محضة لا محاله لا يكاد يتعلق به الميل والمحبة والشوق والارادة وان فرض كونه فى الواقع ذا مصلحة محضة.

(٥) ولكن اى دخل لتصور كون المكلف قادرا على الفعل او الترك فى ظرفه فى فعلية التكليف ليكون تصور القدرة من شروطه مع ان القدرة ليست من الشروط التى يتوقف على تحققها فى الخارج اتصاف الفعل بالمصلحة او المفسدة ـ واما الجواب عنه ـ.

٤٥٢

ايضا حال سائر القيود المأخوذة فى مضمون الخطاب ، قلت ان دخل القدرة فى المحركيّة لا يكون الّا من جهة دخلها فى وجود المرام عقلا (١) وان لم يكن دخيلا فى مصلحته ومن البديهى ان ما له الدخل فى وجود مرام المولى (٢) لا بد فى مقام ابراز اشتياقه المقصود به التوصل به الى مرامه ان يلاحظه فى مقام توجيه اشتياقه نحو مقصوده لجزمه بعدم وصوله بمقصده بدونه (٣) غاية الامر (٤) منشأ هذا الدخل هو العقل قبال سائر القيود المنشا دخلها مدخليّتها فى المصلحة.

ومن هذا البيان ايضا ظهر (٥) معنى حكم العقل بشرطية القدرة فى الخطابات بان مرجع هذا الحكم (٦) الى دخل تطبيقه (٧) فى محركيّة الخطابات لا دخله (٨)

______________________________________________________

(١) لا ريب فى ان تصور كون الفعل ذا مصلحة او ذا مفسدة من الدواعى لارادته او كراهته تشريعا ولا يعقل ان يؤثر تصور مصلحة الشى او مفسدته فى ارادة فعل او تركه تشريعا إلّا ان يتصور المريد قدرة المكلف على فعل ذلك الشى او تركه فيكون تصور كونه قادرا على العمل المكلف به فى ظرفه شرطا لفعلية تاثير تصور المصلحة او المفسدة فى الارادة او الكراهة فى نفس المولى الخ فيكون دخيلا فى وجود مرام المولى عقلا ولو لا يكون دخيلا فى المصلحة.

(٢) اى الداعى لارادته ومباديها.

(٣) اى فلا بد من لحاظ كل ما هو دخيل فى مقصوده ومرامه عقلا او شرعا.

(٤) اى انما الفرق بين هذا القيد وسائر القيود ان سائر القيود يكون دخيلا فى المصلحة وهذا القيد دخيل عقلا فى فعلية الارادة ومباديها اى القدرة.

(٥) تبين معنى ان القدرة قد اعتبره العقل فى صحة التكليف والخطاب من جهة المحركية.

(٦) اى مرجع حكم العقل بذلك.

(٧) هو دخالة القدرة عند تطبيق ما حكم به فى موطنه فى محركية الخطاب وفعليته.

(٨) اى لا دخل ما حكم به العقل بشرطية القدرة بوجودها الخارجى فى مضمون الخطاب.

٤٥٣

بوجوده فيه بمضمونه كيف (١) ولا يعقل (٢) دخله (٣) فى صرف ابراز الاشتياق بحكم الوجدان ولا تكفل (٤) الخطاب لفعلية الارادة البالغة الى محركيّة لعبده اذ (٥) هذه المرتبة (٦) من شئون تطبيق العبد الاجنبى عن مضمون الخطاب (٧) كما عرفت والمفروض ايضا ان العقل لا يحكم بدخل القدرة فى ازيد من هذه المرتبة (٨) نعم لازم دخلها فى مرحلة التطبيق والمحركيّة (٩) دخلها (١٠)

______________________________________________________

(١) والوجه لعدم يكون كون القدرة الخارجية دخيلا فى فعلية الارادة والخطاب.

(٢) هو عدم المعقولية بالوجدان لحسن الخطاب.

(٣) اى وجه عدم دخله فان الإرادة ومباديها يتعلق بالشيء وجدانا من دون وجود القدرة خارجا بالفعل.

(٤) وكون الخطاب انما ابراز لتلك الارادة الفعلية ومحرك للعبد نحو العمل من دون اعتبار وجود القدرة الخارجية حين الخطاب ـ اى فعلية الإرادة والخطاب اجنبيان عن وجود القدرة الخارجية بل القدرة الخارجية فى الرتبة المتأخرة عن الخطاب وهى المحركية الفعلية فلا يمكن ان يكون فى الرتبة المتقدمة وإلّا يلزم الخلف ـ.

(٥) لما عرفت من ان القدرة الخارجية توجب استعداد التكليف للتاثير فى نفس المكلف الانبعاث والحركة نحو المكلف به.

(٦) فتكون الرتبة الثالثة فالرتبة الاولى تعلق الارادة والاشتياق بالفعل والرتبة الثانية تعلق الخطاب بها وابرازها بالخطاب وفى شيء منهما لا تعتبر القدرة بوجودها الخارجى الرتبة الثالثة تطبيق العبد الخطاب على نفسه والحركة نحو المكلف به فهذا يعتبر فيه القدرة بوجودها الخارجى.

(٧) ـ اى اجنبى عن الخطاب ـ وهو الرتبة الثانية المتقدمة.

(٨) والعقل لا يحكم بدخل القدرة بوجودها الخارجى الا فى الرتبة الثالثة المتقدمة دون الرتبة الاولى والثانية.

(٩) اى كل قيد دخيل بوجوده الخارجى فى الموضوع لانبعاث المكلف نحو الفعل سواء كان قيدا شرعيا ام عقليا.

(١٠) يلازم ذلك دخله بوجودها اللحاظى فى الارادة والاشتياق والخطاب.

٤٥٤

بوجودها اللحاظى كسائر القيود فى مضمون الخطاب وبذلك (١) ربما يفرق (٢) بين القدرة والعلم مع ان كلاهما من مقومات التطبيق ومع ذلك مثل القدرة ماخوذة فى مضمون الخطاب ولو بوجودها اللحاظى كسائر القيود الشرعية بخلاف العلم فانه لم يكن ماخوذا فى الخطاب ولو بوجوده اللحاظى ولا يحسب ايضا من قيود الخطاب بوجه اصلا وتوضيح وجه الفرق (٣) هو ان العلم (٤) بالخطاب لما كان فى رتبة متاخرة عن الخطاب فيستحيل اخذه ولو فى

______________________________________________________

(١) اى بكون القدرة فى عرض سائر القيود الشرعية قابل ان يكون بوجودها العلمى اللحاظى دخيلا فى تحقق الارادة وفعلية الخطاب وبوجودها الخارجى دخيل فى محركية العبد للمكلف به.

(٢) اشاره الى توهم وهو ان القدرة والعلم كلاهما دخيل فى محركية العبد نحو المكلف به والتطبيق كيف ان القدرة بوجودها العلمى اللحاظى ماخوذ فى الخطاب دون العلم بالتكليف فلم يكن من قيود الخطاب كذلك.

(٣) فاجاب عنه المحقق الماتن ببيانين احدهما فى البدائع ص ٣٤٣ قال ولا يخفى ان علم المكلف بالتكليف وان كان دخيلا فى امكان انبعاثه وحركته على طبق التكليف لاستحالة انبعاث الغافل عن التكليف وتحريكه اياه فيستلزم ذلك ان يكون تصور المولى كون العبد ملتفتا الى تكليفه شرطا فى فعلية تكليفه كالقدرة إلّا انه لما كان جعل تصور كون المكلف ملتفتا الى التكليف شرطا فى فعلية التكليف يستلزم التهافت فى اللحاظ فى نظر العقلاء امتنع جعله شرطا من شروط فعلية التكليف وذلك لانهم يرون ان التفات المكلف الى التكليف وعلمه به فرع وجود التكليف فكيف يكون تصور الالتفات الى التكليف والعلم به شرطا لوجوده فيكون متفرعا على الالتفات اليه والعلم وهذا هو التهافت فى اللحاظ الخ كما كان يلزم لو كانت القدرة الخارجية دخيلة فى الإرادة والخطاب من لزوم التهافت على ما مر.

(٤) وثانيهما ان العلم بالشيء متاخر عن المعلوم لا محاله فالعلم بالخطاب متاخر عن الخطاب وهو متعلق العلم فلا يمكن اخذه فى الرتبة المتقدمة ولو فى عالم اللحاظ فى مضمون الخطاب.

٤٥٥

عالم اللحاظ فى مضمون خطابه اذ يرى (١) العلم بالخطاب خارجا عنه وطريقا اليه وكيف يرى دخيلا فيه (٢) فى لحاظه الطريق الى الخارج بنحو لا يلتفت الى ذهنيته وهذا بخلاف نفس القدرة (٣) فانها بملاحظة دخلها فى وجود المرام انما كان فى عرض سائر القيود فلا قصور فى اخذها بوجودها اللحاظى فى مضمون الخطاب. نعم (٤) للقدرة (٥) جهة فرق مع سائر القيود الماخوذة فى الخطاب علاوة عن عدم دخلها فى المصلحة (٦) دون سائر القيود الشرعية (٧) ان الدليل (٨)

______________________________________________________

(١) والوجه فى ذلك ان العلم بالخطاب خارج عن الخطاب ومتاخر منه وطريق الى الخطاب وكاشف عنه فكيف ياخذ ما هو متاخر عنه رتبة فى السابق فيلزم تقدم الشيء على نفسه ولو فى عالم اللحاظ والتصور.

(٢) اى ما هو طريق الى الخطاب لا يكون دخيلا فى الخطاب فى لحاظه الطريق الى الخارج فلا يمكن ذلك اصلا.

(٣) اما القدرة كما عرفت فى عرض سائر القيود الشرعية فبوجودها الخارجى دخيل فى انبعاث العبد وبوجودها اللحاظى دخيل فى الطريق الى الخارج ، فى فعلية الإرادة والخطاب ولا مانع منها اصلا فان القدرة دخيل فى وجود المرام وتحقق الارادة دون ان يكون طريقا الى شىء وكاشفا عنه اصلا.

(٤) ثم بين قدس‌سره فرقان بين القدرة وسائر القيود ونعم الفارق بينهما الفرق الاول.

(٥) اى القدرة العقلية لا الشرعية كما ستعرف.

(٦) فان القدرة العقلية غير دخيلة فى المصلحة وانما هى دخيلة فى محركيّة الارادة والاشتياق والخطاب.

(٧) والقيود الشرعية دخيله فى المصلحة هذا هو الفارق بينهما.

(٨) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٤٤ ثم ان القدرة اما ان ياخذها المولى فى خطابه ويجعلها قيدا لامره كما لو قال ان استطعت فحج حالها ح حال سائر الشروط التى يعلق عليها امره من حيث دلالتها على كونها دخيلة فى اتصاف المامور به بالمصلحة واما ان يهمل ذكرها فى خطابه وينشئه مطلقا من ناحيتها ظاهرا فيستفاد من

٤٥٦

على الدخل المزبور لما كان هو العقل المنفصل عن الخطاب (١) فلا يوجب مثل هذا الدليل الا رفع اليد عن حجيّة الخطاب فى فعليّة المحركيّة فى ظرف تطبيقه واما حجيّة الخطاب فى ثبوت المصلحة حتى فى حال العجز فلا قصور للخطاب عنه (٢) ،

______________________________________________________

هذا الاطلاق انها غير دخيلة فى اتصاف المامور به بالمصلحة بل هو متصف بالمصلحة ولو مع قطع النظر عن كونه مقدورا.

(١) اى ان امثال هذه القيود كالقدرة بما انه بحكم العقل يكون بمنزلة دليل لبّى منفصل عن الخطاب واصل الخطاب باق على اطلاقه وانما يرفع حجية بعض اطلاقاته.

(٢) فالتحقيق فى وجه استفادة ذلك ـ اى وجود المصلحة حال العجز ـ التمسك بظهور الخطاب لان كل خطاب يشتمل على ظهورات متعددة بلحاظ تعدد الامور المستفادة منه مثلا اذا قال المولى صل فهذا الخطاب يكون ظاهرا فى امور منها كون طلب الصلاة فعليا ومنها كون الصلاة محبوبة للمولى ومرادة له ومنها كونها ذات مصلحة تستدعى الامر بها الى غير ذلك فاذا سقط بعض هذه الظهورات عن الحجية بدليل عقلى او لفظى اقوى منه تبقى سائر الظهورات الاخرى على حجيتها لعدم المزاحم فان قلت هذا صحيح فى نفسه ولكن لا ريب فى ان هذه الظهورات ليست عرضية ليستقل كل منها بنفسه ولا يكون سقوط احدها عن الحجية موجبا لسقوط الآخر بل هذه الظهورات طولية فان ظهور الخطاب بالصلاة فى كونها محبوبة للمولى ومرادة له وانها ذات مصلحة تابع لظهوره فى فعلية الطلب فاذا سقط هذا الظهور عن الحجية فلا محاله يسقط جميع ما يتفرع عليه من الظهورات المزبورة عن الحجية كما لا يخفى ، قلت لا ريب فى ان الامور الطولية متلازمة فى التحقق والسقوط فى ما تكون طولية فيه واما احكامها اذا كانت عرضية فلا ملازمة بينها فى التحقق والسقوط كما هو الشأن فيما نحن فيه فان الامور الطولية هى الظهورات المزبورة وهى لا تسقط عن الظهور بقيام الدليل المنفصل العقلى على عدم حجية بعضها اعنى به ظهور الخطاب فى فعلية الطلب مطلقا وحجية هذه الظهورات ليست بطولية بل هى عرضية فسقوط بعضها عن الحجية لا يستلزم سقوط الآخر عن الحجية كما لا يخفى.

٤٥٧

وبمثل هذا البيان (١) نتمسك باطلاقات الخطابات لاحراز المصلحة حتى فى حال العجز (٢) لا (٣) بما يتوهم (٤) من التمسك باطلاق المادة دون الهيئة (٥) اذا (٦) التفكيك بين الهيئة والمادة فى ظهور الاطلاق وعدمه مع اتصالهما فى الكلام فى غاية البعد والاشكال وسيجيء توضيح ذلك ايضا فى بحث خطاب المشافهة (٧) إن شاء الله نعم (٨) مع انفصال القرينة العقلية (٩) فى التمسك باطلاق الخطاب عند

______________________________________________________

(١) اى ظهور الخطاب فى ثبوت المصلحة وانما ليس له المحركية للعبد.

(٢) اى نتمسك باطلاق الخطاب وهذا الظهور لثبوت المصلحة حتى فى حال العجز.

(٣) واما استفادة ان طبيعة المامور به ذات مصلحة مطلقا حتى فى حال سقوط امرها للعجز ـ اى غير ما تقدم منه من ظهور الخطاب ـ.

(٤) فقد يستدل ـ اى المتوهم ـ لها باطلاق المادة وهو يستلزم كون المصلحة من لوازم المادة فتكون مطلقة باطلاقها.

(٥) اى دون اطلاق الهيئة من جهة اقتضاء فعلية التكليف فقاصرة عن الشمول حال العجز.

(٦) ـ هذا هو الجواب عنه ـ اذ لا يتحقق الاطلاق فى المادة لا بالخطاب المتعلق بها ومع سقوطه بالعجز ونحوه يبقى نفس اللفظ ـ اى المادة ـ بلا خطاب اى بلا تكليف فلا يكون مستعملا فى معنى ليقع التردد فى كونه مطلقا او غير مطلق الخ وان شئت قلت فاذا كانت الهيئة المزبورة قاصرة عن الدلالة على السعة فمع اقترانها بالمادة كانت من باب اتصال المادة بما يصلح للقرينة وان لم يكن بقرينة وهذا المقدار يكفى لمنع ظهور المادة فى الاطلاق.

(٧) فى باب العام والخاص ان الخطاب يشتمل الغائبين والمعدومين ام لا سيأتى إن شاء الله تعالى.

(٨) ثم اشار الى التمسك بالاطلاق فى الشك فى القدرة واليك توضيحه وهو الفارق الثانى بين القدرة وسائر القيود الشرعية.

(٩) ففى القرائن المنفصلة الغير الكاسرة لظهور الخطاب نظير حكم العقل باشتراط القدرة فى صحة توجيه التكليف والشك فى القدرة يؤخذ بظهور الخطاب

٤٥٨

الشك فى القدرة واحرازها به مبنى على جواز التمسك بالعام عند الشك فى مصداق المخصص اللبى وإلّا كما هو المختار ففى التمسك باطلاق الخطاب اشكال (١) نعم الذى يسهل الخطب (٢) هو ان الشك فى القدرة (٣) فى كلّية التكاليف (٤) حتى (٥) الثابتة بادلة لبيّة (٦) كحكم العقل بالملازمة (٧) وامثاله محكوم عند العقل بالاحتياط (٨) بل (٩) وبالغاء احتمال عدمها قبال (١٠) سائر قيود التكليف شرعا فانها تجرى البراءة عند الشك وذلك هو الوجه (١١) فى احراز

______________________________________________________

فى الاطلاق لمجرد قابلية المحل من جهة القدرة ما لم تقم قرينة خارجيه على عدم القدرة.

(١) ولكن هذا مبنى على جواز التمسك بالعام عند الشك فى مصداق المخصص اللبّى وعند المحقق الماتن وعندنا غير جائز فلا مجال للتمسك باطلاق الخطاب لذلك ولكن هناك طريق آخر.

(٢) وهو انه فى مورد الشك فى القدرة لا بد من الاحتياط لا لاجل التمسك باطلاق الخطاب بل لوجه آخر وبه تفترق مع سائر القيود حيث ان المرجع فى سائر القيود الى البراءة.

(٣) وملخص الوجه ان القدرة العقلية.

(٤) الثابتة فى مطلق التكاليف الشرعية.

(٥) سواء كانت بادلة لفظية كالكتاب والسنة.

(٦) ام الدليل اللبي كالاجماع وحكم العقل المستقل.

(٧) او غير المستقل كباب الملازمات العقلية.

(٨) فى جميع ذلك يحكم العقل بوجوب الاحتياط عند الشك فى القدرة.

(٩) بل يحكم بلزوم الغاء احتمال عدمها وعدم الاعتناء به.

(١٠) فى قبال سائر القيود التى يرجع الى البراءة عند الشك فى وجوده.

(١١) فوجوب الاحتياط عقلا والذهاب الى اتيان المكلف به حتى يحرز انه غير مقدور هو الوجه للزوم احراز القدرة ولو لم يكن للدليل اطلاق يشمل حال الشك.

٤٥٩

القدرة مع الشك بها حتى فى مورد لم يكن للتكليف اطلاق لا (١) بالاطلاق فى الخطاب كما توهم وكيف كان ظهر (٢) مما ذكرنا ان حال القدرة (٣) من سائر الجهات (٤) حال سائر القيود كانت بوجودها اللحاظى دخيلا فى مضمون الخطاب وبوجودها الخارجى دخيلة فى مقام تطبيق العبد ومحركيته. وبالجملة (٥) نقول ان ملخص الكلام فى كلّية المرام حرصا لتوضيح المرام ان شان الخطابات ليس إلّا مجرد ابراز الاشتياق (٦) توطئة (٧) لدعوة المامور وانبعاثه فى طرف (٨) تطبيق المامور هذا الخطاب على مورده وح من الواضح (٩) ان ما هو

______________________________________________________

(١) وليس الوجه هو التمسك باطلاق المادة كما توهم ولعل المراد هو ما نسب الى شيخنا الاعظم الانصارى كما سيأتى مفصلا من انه ارجع القيود الى المادة حتى ما ارجع بحسب القواعد الى الهيئة وعليه لا تكون الهيئة قابلة للاطلاق ايضا فيتمسكون باطلاق المادة وقد عرفت تلازمهما.

(٢) اى ظهر من جميع ما تقدم ان شروط الوجوب بوجودها الذهنى اللحاظى لها دخل فى فعلية التكليف وبوجودها الخارجى لها دخل فى فعلية تاثير التكليف فى الانبعاث والتحريك فى نفس المكلف.

(٣) والقدرة من هذا القبيل ايضا.

(٤) اى غير مورد الشك فيها فانه مجرى اصالة الاحتياط لا البراءة.

(٥) ثم قام فى توضيح ان الخطابات توطئة للدعوة والمحركية لا انه بنفسه داع.

(٦) وملخصه ان الخطابات الشرعية ابراز للارادة والاشتياق الى المكلف به من المولى للعبد.

(٧) ويكون توطئة ومقدمة لمحركية العبد وانبعاثه فى ظرف العمل والتطبيق.

(٨) الصحيح لعله فيه وفيما بعده كلمة ـ ظرف ـ وهو المناسب.

(٩) فما هو المعتبر من وجود القيد فى الخارج هو ظرف محركية العبد وانبعاثه وهو ظرف تطبيق العبد هذا الخطاب على نفسه لوجود قيوده.

٤٦٠