نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

كيف (١) والوحدة الناشئة من قبل وحدة الوجوب والارتباط الجائى من قبله يستحيل اخذها فى معروضه والمفروض عدم اخذ وحدة اخرى فى متعلق وجوبه ولو فرض اخذها (٢) فيه ايضا لا دخل لهذه الوحدة فى الارتباط فى الواجب بما هو واجب بشهادة (٣) فرض تعدد وجوب كل واحد مقيّدا بهذه

______________________________________________________

موضوعه فلا جرم فى رتبة تعلق الوجوب لا يبقى إلّا الذوات المتكثرة الخارجة ولا يكون متعلق الوجوب ومعروضه الانفس الذوات المتكثرة ومعه لا يبقى مجال لاعتبار الكلية والجزئية للواجب اذ لا يكون فى هذه المرحلة امر وحدانى تعلق به الوجوب حتى ينتهى الامر الى مقدمية الاجزاء بوجه اصلا.

(١) تقدم توضيح هذا الاشكال فان اعتبار الوحدة الاعتباريّة من جهة معلوليتها للتكليف وتاخرها الرتبى عنه فيمتنع ان ياخذها فى موضوع التكليف ومتعلقه فانه تقدم الشىء على نفسه.

(٢) هذا اشاره الى دفع توهم قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٦٦ لا يقال بان ذلك كذلك بالنسبة الى الوحدة الطارية من قبل الوجوب والتكليف واما بالنسبة الى الوحدة الناشئة من قبل وحدة اللحاظ والمصلحة فلا باس باخذها فى موضوع التكليف ومتعلقه وح فامكن اعتبار التركب فى الواجب بهذا الاعتبار ، فانه يقال نعم وان امكن ذلك ولا يلزم منه المحذور المتقدم من اخذ الشى المتاخر عن الشى فى رتبة سابقه عليه ولكن من الواضح ح ان ما تعلق به الوجوب لا يكون إلّا عبارة عن ما تقوم به المصلحة واللحاظ وهو لا يكون إلّا الذوات المتكثرة الخارجية لكونها هى المؤثرة فى الغرض والمصلحة دون العنوان الطارى عليها من قبل وحدة اللحاظ والمصلحة فلا بد ح من الغاء هذه الوحدات طرا وتجريد المتعلق منها حتى الوحدة الاعتباريّة الناشئة من قبل وحدة المصلحة واللحاظ بجعله عبارة عن الذوات المتكثرة الخارجية التى تعلق بها اللحاظ والمصلحة ولازمه لا محاله ح هو بطلان القول بمقدمية الاجزاء الخ.

(٣) ويشهد لكون الذوات المتكثرة متعلق الوجوب وقد تقدم انه من تعلق تكليف واحد بعدة امور يطرأ عليها وحدة اعتبارية ينتزع به عنها عنوان الاجتماع والانضمام ومن تعلق تكاليف متعددة مستقلة بها ينتزع عنها عنوان الانفراد والاستقلال

٣٦١

الوحدة كما اسلفناه وح اين كل وواحد ارتباطى ماخوذ فى متعلق الوجوب وموضوعه كى ينازع بان جزء الواجب هل واجب غيرى بمناط المقدمية ام لا بل اعتبار الكلية والجزئية بما هو واجب انما هو فى الرتبة المتاخرة عن الوجوب وفى هذه الرتبة لا يكون وجوب وفى رتبة كان له وجوب ليس هنا صقع الكلّية والجزئية كى يصير مركز البحث والقيل والقال فى وجوب جزء الواجب كما لا يخفى. فان قلت لو تعلق الوجوب الواحد بمتكثرات تحت هيئة واحدة مثل السرير وامثاله او الهيئات المخصوصة باشكاله من المسدس والمربع وغيرها فى فرض دخل الهيئة المخصوصة فى الواجب فقهرا يكون هذا الواحد المتشكل بشكل مخصوص ذات اجزاء مرتبطة فى رتبة سابقه عن تعلق الوجوب بها ففى هذه الصورة يبقى مجال البحث فى ان جزء هذا الواجد المتشكل المعروض للوجوب واجب بوجوب غيرى ام لا فنظر المنازعين فى وجوب المقدمات الداخلية الى امثال هذا الفرض وهذه الصور (١) ، قلت بعد فرض عدم دخل هذه

______________________________________________________

ويقال واجبات متعددة مستقلة وان فرض كونها فى الخارج متلازمات الوجود لملازمتها مع هيئة خارجيه كما فى اجزاء السرير.

(١) تقدم هذا الاشكال والجواب فى ضمن الكلمات ولا بأس بتكراره قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣١٨ ان قلت لا ريب فى ان مثل السرير من المركبات الاعتباريّة له هيئة باعتبارها يسمى باسم مخصوص ويقال له كل بالإضافة الى المواد التى تركب منها وتسمى تلك المواد اجزاء له واعتبار هذه الهيئة الاتصالية فى هذه المركبات الاعتباريّة هى المصحّحة لانتزاع عنوان الكل من ذلك المركب وعنوان الجزء من المواد التى تركب منها ذلك المركب فليكن الشأن كذلك فى المركبات الجعلية الشرعية فكما ان المركب الاعتبارى التكوينى كالسرير تتعلق الارادة التكوينية به بهذه الهيئة الاتصالية المصححة لانتزاع كونه كلا بالنسبة الى المواد التى تركب منها فيكون المراد تكوينا هو ذلك المركب بتلك الهيئة الاتصالية فكذلك المركب الجعلى الشرعى تتعلق الارادة التشريعية به بما هو متصف بالهيئة الاتصالية الموجبة لكونه كلا بالنسبة

٣٦٢

الجهة من الوحدة فى تركب الواجب بما هو واجب بشهادة فرض تعدد الوجوب لكل واحد من الذوات مع الهيئة القائمة بها (١) نقول (٢) انه مع فرض تعدد الوجوبات فهل متعلق الوجوبات الّا ذوات كل واحد مع هيئتها فى عرض واحد بلا اعتبار (٣) مقدّمية لاجزاء هذا الواحد الخارجى لواجب مركب منها بل (٤) غاية ما فى الباب ح مقدميّة بعض الواجبات لواجب آخر نظرا الى مقدّمية معروضات الهيئة من الذوات للهيئة التى هى ايضا واجب مستقل فى عرض وجوب البقية وذلك غير مرتبط بمقدمية الجزء للكل اذ لا يتصور ح تركب وكلية للواجب كما هو ظاهر فكك (٥) نقول ايضا انه لو فرض تعلق وجوب واحد بعين ما تعلقت الوجوبات المتعددة به لا بد ان يقال ان معروض هذا الوجوب

______________________________________________________

الى الامور التى تركب منها فيكون المامور به هو ذلك فيكون كل واحد من تلك الامور الداخلة فى قوامه مقدمة داخلية الخ ولذا يقال ان الصلاة لها هيئة اتصالية كما عن الشيخ الاعظم الانصارى ويشهد لها القواطع.

(١) اما الجواب بعد فرض كون المصلحة النفسية قائمة بالاجزاء والهيئة الاجتماعية معا قال فى البدائع المحقق الماتن ص ٣١٨ يكون الواجب عدة امور ومن جملتها الهيئة الاجتماعية فلا يتحقق ايضا فى معروض الوجوب كل ذو اجزاء الخ.

(٢) ثم قال ، والشاهد على ذلك هو انه فى هذا الفرض يمكن ان يؤمر بتلك الامور مع الهيئة الاجتماعية باوامر متعددة كما انه يمكن ان يؤمر بها بامر واحد وهذا يكشف عن ان متعلق الامر ليس كلا ذا اجزاء الخ ويكون الوجوبات على الذوات وهيئتها فى عرض واحد.

(٣) فلا يكون ح الجزء مقدمة للكل لكون الجميع فى عرض واحد.

(٤) نعم يكون بعض الواجبات مقدمة لواجب آخر الى لمحقق موضوع الواجب الآخر فان الهيئة عارضة للذوات وكل واحد منها لها وجوب مستقل فالهيئة التى تتحقق من الذوات ايضا لها وجوب مستقل فلا كل ولا جزء اصلا هذا فى الواجبات المستقل.

(٥) وكذا لو كان لها وجوب واحد فتعلق وجوب واحد على الاجزاء والهيئة الاجتماعية فى عرض واحد فلا مقدمية ولا جزء ولا كل اصلا.

٣٦٣

الواحد ايضا كل واحد من الذوات فى عرض وجوب الهيئة بلا جهة ارتباط فى جهة وجوبه الّا وحدة وجوبه نظرا الى عرضيّة الجميع فى عالم عروض الوجوب فاذا كانت فى معروضية الوجوب على الجميع عرضية محضة فاين مقدمية شىء لشىء بالنسبة الى معروض الوجوب بما هو معروضه ، ومجرد (١) جزئية الذوات للمركب من حيث الشكل والهيئة لا يوجب جزئيتها لما هو واجب مركب فى رتبة سابقه عن وجوبه كما هو ظاهر نعم (٢) غاية ما فى الباب ايضا مقدّمية بعض الواجبات الضمنيّة على واجب ضمنى آخر نظير ما فرضنا مقدّمية بعض الواجبات المستقلة على بعض فى فرض تعدد الوجوب من دون فرق بينهما من تلك الجهة ، نعم (٣) غاية الفرق بينهما ان هذه المقدمية فى فرض تعدد الوجوب يكون موجبا لترشح الوجوب من ذى المقدمة الى مقدمته ونتيجته تأكد وجوبه

______________________________________________________

(١) ان قلت لا يمكن انكار ان الاجزاء اجزاء للمركب وان الهيئة الاجتماعية تتحقق بذلك فهذا هو الكل وتلك هو الجزء ، قلت هذا مسلم من ان الاجزاء بها يتحقق المركب لكن مجرد ذلك لا يوجب جزئيته للمركب الاعتبارى فى الرتبة السابقة على الوجوب بان لو خط كذلك وتعلق به الامر بل بالامر بالتكثرات تحقق المركب والاجزاء ولا يكون كلا ولا جزء.

(٢) ويكون المقام غايته مقدمية بعض الواجبات الضمنية على البعض الآخر لا غير كالاستقلالى.

(٣) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣١٨ نعم بينهما فرق وهو انه لو امر بها باوامر متعددة يتحقق فى الاجزاء غير الهيئة الاتصالية ملاك الوجوب الغيرى والنفسى فلا محاله بتاكد الوجوب كما هو الشأن فى كل واجب نفسى يكون مقدمة الواجب النفسى الآخر وهذا خلاف ما لو امر بها بامر واحد اذ عليه لا يمكن ان يترشح الى باقى الاجزاء وجوب غيرى ضرورة انه لا يتصور ترشح الوجوب عن شىء الى شىء آخر يكون متحدا معه فى الوجود كما انه لا يتصور تاكد الوجوب على فرض تسليم ترشح الوجوب عن الهيئة الاجتماعية الى باقى الاجزاء لمكان الطولية بينهما الخ.

٣٦٤

كما هو الشأن فى كل واجب نفسى مقدمة لواجب نفسى آخر ولكن فى صورة وحدة الوجوب لا يصلح هذه المقدمية ان يصير مناط ترشح الوجوب عن ذى المقدمة الى مقدمته لان الوجوب الغيرى الناشى عما هو متحد مع وجوبه يستحيل قبوله للتاكد كما انه يستحيل اجتماع الوجوبين ايضا فى محل واحد والله العالم وبالجملة (١) نقول انه بعد فرض انتزاع تركب الواجب من وحدة وجوب المتكثّرات يستحيل ح تعلق الوجوب بالمركب والكل بما هو مركب اعتبارى وكل بل صقع الكلّية والجزئية فى المرتبة المتاخرة عن وحدة الوجوب المنشأ لاعتبار الارتباط بين المتكثرات ولذا اشتهر (٢) فى الاحكام الوضعية انتزاع الجزئية عن الوجوب ومن المعلوم ان لازمه انتزاع الكلية ايضا منه كيف (٣) والجزئية والكلية متضايفان منتزعان عن الشى فى رتبة واحدة فمع

______________________________________________________

(١) فتحصل ان الوجوب يتعلق على عدة اجزاء وبالامر يصير له وحدة اعتبارية فليس مركب اعتبارى قبل تعلق الوجوب حتى يكون المركب كلا والذوات جزء وتعلق بذلك المركب الاعتبارى الوجوب.

(٢) ويشهد لذلك ما اشتهر انه جزء للواجب فى قباله كل الواجب او جزء المامور به فالجزئية وفى قبالها الكلية تنتزع عن المامور به وما تعلق به الامر فلا معنى لان يكون الذوات مقدمة للكل والمركب لعدم السبق واللحوق اصلا بل تعلق الامر على الذوات فى عرض واحد.

(٣) الجزئية والكلية من الامور الذات الإضافة فلا يتحقق الجزء الا مع الكل والكل الا مع الجزء كالتحتيّة والفوقية ، هذا ولعل ما حققه المحقق الماتن هو المراد من كلام صاحب الكفاية ج ١ ص ١٤٠ ثم لا يخفى انه ينبغى خروج الاجزاء عن محل النزاع كما صرح به بعض وذلك من كون الاجزاء بالاسر عين المامور به ذاتا وانما كانت المغايرة بينهما اعتبارا فتكون واجبة بعين وجوبه ومبعوثا اليها بنفس الامر الباعث اليه فلا تكاد تكون واجبة بوجوب آخر لامتناع اجتماع المثلين ولو قيل بكفاية تعدد الجهة وجواز اجتماع الامر والنهى معه لعدم تعدّدها هاهنا لا الواجب بالوجوب الغيرى لو

٣٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

كان انما هو نفس الاجزاء لا عنوان مقدميتها والتوسل بها الى المركب المامور به ضرورة ان الواجب بهذا لوجوب ما كان بالحمل الشائع مقدمة لانه المتوقف عليه لا عنوانها نعم يكون هذا العنوان علة لترشح الوجوب على المعنون الخ. والامر كما ذكره بقى شيء ـ وهى الثمرة لدخول المقدمات الداخلية فى محل النزاع وعدم دخولها ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣١٩ ثم ان الثمرة بين القولين تظهر فى باب الاقل والاكثر الارتباطيين من جهة الرجوع الى البراءة والاشتغال فانه على القول بالوجوب الغيرى للاجزاء ربما يتعين فى تلك المسألة المصير الى الاشتغال نظرا الى وجود العلم الاجمالى بالتكليف وعدم صلاحية العلم التفصيلى بمطلق وجوب الاقل الاعم من الغيرى والنفسى للانحلال لتولده من العلم الاجمالى السابق عليه وتحقق التنجز ـ اى تنجز الاكثر بالعلم الاجمالى بالوجوب النفسى او الوجوب الغيرى ـ فى الرتبة السابقة واما على القول بعدم وجوب الاجزاء بالوجوب الغيرى اما من جهة انتفاء ملاك المقدمية فيها او من جهة محذور اجتماع المثلين فيمكن الرجوع الى البراءة فى تلك المسألة نظرا الى رجوع الامر ح الى علم تفصيلى بتعلق ارادة الشارع بذات الاقل ولو لا بحده وهو الخمسة مثلا والشك البدوى فى تعلقها بالزائد واما العلم الاجمالى فانما هو متعلق بحد التكليف وانه الاقل او الاكثر كالخط الذى يتردد حده بين الذراع والذراعين ومثل هذا العلم لا اثر له فى التنجيز لان المؤثر منه انما هو العلم الاجمالى بذات التكليف لا بحده الخ واجاب عنه استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٣٠١ قال ان ما افاده قدس‌سره خاطئ جدا والسبب فى ذلك هو ان انحلال العلم الاجمالى وعدمه فى تلك المسألة يرتكزان على نقطه اخرى وهى جريان اصالة البراءة عن وجوب الزائد وعدم جريانها ولا صلة لها باتصاف الاجزاء بالوجوب الغيرى وعدم اتصافها به وان شئت قلت ان الامر بالمركب اذا لم يكن امر بالاجزاء فلا موجب للانحلال وان كان الامر به عين الامر بالاجزاء كما هو كذلك تعين القول بالانحلال بناء على ما حققناه فى مورده من عدم المانع من جريان اصالة البراءة عن وجوب الزائد وعلى كلا التقديرين لا فرق بين القول بوجوب الاجزاء غيريا والقول بعدمه الخ وفيه ان الكلام فى الانحلال وان العلم التفصيلى المتولد من العلم الاجمالى لا يوجب انحلال العلم الاول لتنجز اطرافه به قبل ذلك وهو الاثر ولا يبتنى على وجوب الزائد فان الكلام فى اصل المقتضى ـ وذكر

٣٦٦

التزام انتزاع الكلّية المساوق للتركب عن الوجوب فلا يكون فى الرتبة السابقة اعتبار تركب وكليّة بل ليس فى هذه المرتبة الا متكثّرات تحت هيئة واحدة قابلة لتعلق وجوب واحد بها فيصير مركبا او وجوبات متعددة فيصير واجبات متعددة بلا وحدة واجب ولا تركبه وح فمع الالتزام بتأخر صقع الكلّية والجزئية رتبة عن وجوب الشىء كيف يبقى له مجال البحث فى المقام بان الوجوب اذا تعلق بالمركب فاجزائه الداخلية تحت بحث وجوب المقدمة اذ ح لنا ان نقول اين مركب اعتبارى تعلق به الوجوب كى يبقى المجال للبحث المزبور فتدبر فى المقام فانه من مزال الاقدام. ومنها (١) تقسيمهم المقدمة بالعقلية (٢)

______________________________________________________

استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٤٤ وامّا على فرض وجوب المقدمات الداخلية فحيث يرجع الامر الى ان نقول اما يكون الاقل واجبا نفسيا او غيريا اى نعلم اجمالا اما يكون الاقل واجبا بوجوب نفسى او غيرى والعلم الاجمالى بان الواجب اما الاقل او اكثر لا ينحل بواسطة هذا العلم الاجمالى كذلك لان المنجز لا ينجز ثانيا فان الاقل حيث صار منجزا بواسطة العلم الاجمالى الاول الدائر بين النفسى والغيرى لا يمكن ان يصير احد اطراف العلم الاجمالى بانه اما يكون الاقل واجبا او الاكثر فانه على فرض كونه نفسيا قد نجز اوّلا ، لا يقال ان العلم التفصيلى الناشى عن العلم الاجمالى لا يكون موجبا للانحلال فان العلم التفصيلى بوجوب الاقل يكون ناشئا من العلم الاجمالى بوجوب الاكثر او الاقل فلا يكون الاجمالى معدما لنفسه لأنّا نقول ان التفصيل يكون فى المعلوم لا العلم اى يكون المعلوم تفصيلا هو الاقل لا ان العلم الاجمالى ينحل الى العلم التفصيلى الخ وفى العبارة تعقيد ودقة ولعل لا يقال يرجع الى القول بعدم وجوب المقدمات الداخلية فتدبر كسائر عباراته وكما افاده ، وتقدم ثمرة أخرى من امكان قصد التقرب بالامر الغيرى بعنوان المقدمية وعدمه وان كان فيه كلام من كون الامر الغيرى موجبا للتقرب هذا كله فى المقدمات الداخلية واما المقدمات الخارجية سيأتى الكلام فيه.

(١) النوع الثانى تقسيم المقدمات الخارجية الى العقلية والشرعية والعادية.

(٢) قال فى الكفاية ج ١ ص ١٤٣ فالعقلية فهى ما استحيل واقعا وجود ذى

٣٦٧

والشرعية (١) والعادّية (٢) وقيل (٣) بارجاع الجميع (٤) الى العقلية و (٥) هو كذلك (٦) لو كان النظر فى كل واحد (٧) بعد الفراغ عن مرحلة الاناطة التى هى

______________________________________________________

المقدمة بدونه الخ وذلك كما اذا كان المعلول التكوينى لعلة تكوينية واجبا فيكون توقف هذا المعلول الواجب على علتها عقليا.

(١) قال فى الكفاية ج ١ ص ١٤٣ والشرعية على ما قيل ما استحيل وجوده بدونه شرعا الخ كالطهارة للصلاة فانها مقدمة شرعا للصلاة ولا تحصل الصلاة بدونها والتوقف شرعى لا عقلى اذ لا توقف للحركات المخصوصة من الركوع والسجود وغيرهما على الطهارة.

(٢) والعادية تحتمل معنيين سيأتى.

(٣) والقائل هو صاحب الكفاية فيها ج ١ ص ١٤٣ ولكنه لا يخفى رجوع الشرعية الى العقلية ضرورة انه لا يكاد يكون مستحيلا ذلك شرعا إلّا اذا اخذ فيه شرطا وقيدا واستحالة المشروط والمقيد بدون شرطه وقيده يكون عقليا الخ فبعد اعتبار الشارع شرطية شيء لشيء كالطهارة للصلاة لا محاله يصير التوقف عقليا من جهة استقلال العقل بعد توسيط الشارع باستحالة تحقق المشروط بدون شرطه.

(٤) اى الشرعية والعادية معا يرجعان الى العقلية اما الشرعية فقد عرفت واما العادية باحد معنييه قال فى الكفاية ج ١ ص ١٤٣ وان كانت بمعنى ان التوقف عليها وان كان فعلا واقعيّا كنصب السلم ونحوه للصعود على السطح إلّا انه لاجل عدم التمكن عادة من الطيران الممكن عقلا فهى ايضا راجعة الى العقلية ضرورة استحالة الصعود بدون مثل النصب عقلا لغير الطائر فعلا وان كان طيرانه ممكنا ذاتا الخ فقضاء العادة باستحالة تحقق المشروط بدون شرطه واستحالة الصعود على السطح لغير الطائر بدون نصب السلم.

(٥) هذا هو الجواب عن الشبهة.

(٦) وملخصه انه بعد توسيط جعل الشارع واعتباره او قضاء العادة وان كان الامر كما ذكر من صيرورة التوقف عقليا إلّا ان هذا المقدار لا يقتضى رجوع الشرعية والعادية الى العقلية والوجه فى ذلك.

(٧) ان حكم العقل بالتوقف حكم وارد على المقدمة فارغا عن الاناطة التى هى مناط مقدمية الشىء.

٣٦٨

مناط المقدمية وإلّا (١) فلا شبهة فى اختلاف المقامات بالاضافة الى هذه المرحلة لانه ربما يكون اناطة احد الوجودين بالآخر ذاتيا بحيث لو عرض على العقل يرى بينهما الترتب (٢) واخرى يكون الاناطة بجعل شرعى ففى مثل هذا الفرض لا يرى العقل بنفسه بينهما الاناطة وانما يرى الاناطة بينهما من ناحية الشرع (٣) وثالثه (٤) لا يرى الاناطة المزبورة الا من جهة اقتضاء العادة وفى الاخير (٥)

______________________________________________________

(١) اى وان لم يكن النظر الى ذلك بل النظر الى اصل الإناطة كما هو محط النظر فى هذا التقسيم فى اصل تلك الاناطة من كونها تارة ذاتية محضة بلا توسيط شىء من جعل شرعى او قضاء عادى واخرى شرعية محتاجة الى اعتبار الشارع اياها كالصلاة فى ظرف الطهارة فان الاناطة بين الصلاة والطهارة ح لم تكن ذاتية كما عرفت وانما هى من جهة توسيط جعل الشارع ايّاها من جهة انه لو لا جعل الشارع لم يكن اناطة بين الطهور والصلاة بل كان العقل يجوز تحقق الصلاة بدون الطهارة.

(٢) هذا هى الذاتية بان يرى الاناطة بين الوجودين كطلوع الشمس واضاءة العالم ذاتيا فيحكم العقد بترتب المعلول على العلة وجدت فوجد ولو يكون زمانا واجد.

(٣) وهذا هى الشرعية ومجرد دخلها فى المصلحة ايضا لا يقتضى اناطة الصلاة بها قهرا لا مكان ان لا يعتبرها الشارع فيها فى مقام الامر بها ولو من جهة مصلحة اخرى كمصلحة التسهيل على المكلفين فالاناطة يكون بجعل الشارع وبدونه لا اناطة اصلا.

(٤) وثالثه تكون الاناطة عاديه فانه لو لا قضاء العادة لما كان اناطة بنظر العقل بينهما بوجه اصلا لتجويزه تحقق ذيها بدونها كما فى علم المعصومين عليهم‌السلام حيث انها كانت حاصلة لهم من غير اشتغالهم بتحصيل العلم فى مرور الزمان مع ان عادة غالب الناس وعادة على حصول العلم بتحصيله.

(٥) وقلنا ان العادية على قسمين واشار اليهما فى الكفاية ج ١ ص ١٤٣ واما العادية فان كانت بمعنى ان يكون التوقف عليها بحسب العادة بحيث يمكن تحقق ذيها بدونها إلّا ان العادة جرت على الاتيان بواسطتها فهى وان كانت غير راجعة الى

٣٦٩

ايضا تارة (١) يكون العادة بمثابة لا ينفك عن الاناطة المزبورة دائما واخرى (٢) ينفك عنه احيانا وبهذه الملاحظة (٣) امكن دعوى اختلاف المقدمات فى الانتساب الى العقل والشرع والعادة بمناط اختلافهم فى مناط المقدمية الذى هو جهة اناطة احدهما بالآخر ، ثم (٤) لا اشكال دخول المقدمات العقلية (٥) والشرعية (٦) والعادية (٧) بالمعنى الاول (٨) فى حريم النزاع فيصير مقدمية نصب السلّم من قبيل المقدمات العادية لكونه على السطح قبال الطهارة التى يكون من المقدمات الشرعية وتحصل الماء الذى هو من المقدمات العقلية واما المقدمات العادية (٩) بالمعنى الثانى كاعتياده بحركة قبل صلاته مثلا ففى دخوله فى حريم

______________________________________________________

العقلية إلّا انه لا ينبغى توهم دخولها فى محل النزاع وان كانت بمعنى ان التوقف الى آخره وقد تقدم اذ لا توقف عليها كما هو واضح.

(١) هذا اشارة الى القسم الأول من العادية التى لا يمكن تحقق ذيها بدونها وقد تقدم.

(٢) هذا اشارة الى القسم الثانى واشرنا اليه اخيرا من امكان تحقق ذيها بدونها.

(٣) ثم رجع الى اصل المدعى وان التقسيم صحيح من العقلية والشرعية والعادية بحسب الإناطة ولو بعد تحقق الإناطة بتوسيط جعل الشارع او بتوسيط قضاء العادة يكون التوقف عقليا لكن محط النظر اصل الاناطة.

(٤) والمقدمات يدخل فى محل النزاع.

(٥) سواء كانت المقدمة عقلية.

(٦) ام التوقف شرعيا محض.

(٧) او بمقتضى العادة لا مطلقا.

(٨) اى مما يتوقف عادة عليه كالكون على السطح بنصب السلم ولم يكن طريق آخر لاتيان الواجب منه عادة وان لم يكن مستحيلا عقلا غيره كالطيران.

(٩) دون ما جرت العادة على الاتيان به قبل ذى المقدمة من دون توقف عليه وجودا مثل ما جرت العادة عند شخص من تطهير محل الاستنجاء قبل الوضوء من دون

٣٧٠

النزاع بحث ربما يجزم (١) بخروجه عن مركز البحث اذ (٢) المدار فى المقدمية على اقتضائه انتفاء ذيه وهذا المعنى لا يكاد يتحقق فى مثله غاية الامر يدخل

______________________________________________________

توقف وجود الوضوء عليه.

(١) قد عرفت من صاحب الكفاية ج ١ ص ١٤٣ قال لا ينبغى توهم دخولها فى محل النزاع الخ.

(٢) هذا هو الوجه لخروجها عن محل النزاع لعدم التوقف عليها نعم غالبا يلازم ذلك لا اثر لها فى الدخول فى محل النزاع وذكر فى المحاضرات ج ٢ ص ٣٠٣ نعم لا وقع لتقسيمها ثالثا الى الشرعية والعقلية والعادية وذلك لان الاولى بعينها هى المقدمة الخارجية بالمعنى الاعم ـ اى خارجة عن المامور به قيدا وداخله فيه تقييدا كالشرائط ـ وليست مقدمة اخرى فى مقابلها والثانية هى المقدمة الخارجية بالمعنى الاخص ـ اى غير دخيلة فى الواجب لا قيدا ولا تقيدا او انما يتوقف وجوده فى الخارج على وجودها كتوقف وجود الصلاة على مكان ما ـ واما الثالثة فان اريد منها ما جرت العادة على الاتيان بها من دون توقف الواجب عليها خارجا فلا شبهة فى خروجها عن مورد النزاع ، وان اريد منها ما يستحيل وجود الواجب فى الخارج بدونها عادة وان لم يستحل عقلا وذلك كالكون على السطح مثلا حيث انه بلا طى المسافة محال عقلى لاستحالة الطفرة ولكنه بلا نصب السلم محال عادى ضرورة امكان الطيران ذاتا ـ الى ان قال ـ فاذن ترجع المقدمة العادية الى المقدمة العقلية ـ اى حيث ان المقدمة الجامعة بين الطيران ونصب السلم وحيث ان الفرد الاول غير متحقق انحصر الجامع عقلا فى الفرد الاخير وهو نصب السلم الى آخر كلامه وفيه اولا ان المقدمة الخارجية بالمعنى الاعم فى مطلق الشرائط وهذه اخص وهى الشرائط الشرعية وثانيا فلان المقدمات العقلية فمما يكون محال ذاتا كوجود الممكن بلا علة والمقدمات الخارجية بالمعنى الاخص اعم من ذلك لعدم انحصاره بها لتوقف ذلك عليه عقلا وثالثا قد عرفت ان المدار على الإناطة ولا يرجع العادية ولا الشرعية الى العقلية اصلا فالصحيح ما ذكرنا وما ذكره تبعا لاستاده المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٢٠ بعين عبارة محاضرات المتقدمة فى غير محله مضافا الى ان فى الكفاية تقسيم المقدمات الى الخارجية والداخلية على الوجه الذى ذكروه والامر فى ذلك سهل.

٣٧١

ذلك فى باب المقدمية الغالبية لا مطلقا وهو اجنبى عن محل الكلام فتدبر. ومنها (١)

______________________________________________________

(١) النوع الثالث يكون الكلام فى المقدمات الخارجية ذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢١٩ والتحقيق في هذا المقام ان يقال ان ما يسمى علة ومعلولا اما ان يكون وجود احدهما مغاير الوجود الآخر فى الخارج او يكونا عنوانين لموجود واحد وان كان انطباق احدهما عليه فى طول انطباق الآخر لا فى عرضه اما ما كان من قبيل الاول كشرب الماء ورفع العطش فلا اشكال فى ان الارادة الفاعلية تتعلق بالمعلول اولا لقيام المصلحة به ثم تتعلق بعلته لتوقفه عليها فيكون حال الارادة التشريعية الآمرية ايضا كذلك وهذا معنى ما يقال من ان المقدور بالواسطة مقدور فلا معنى لصرف الامر المتعلق بالمسبب الى سببه بعد كون المسبب مقدورا ولو بالواسطة وكونه هو الوافى بالغرض الاصلى واما ما كان من قبيل الثانى كالقاء النار والاحراق المتصف بهما فعل واحد فى الخارج وان كان صدق عنوان الالقاء متقدما على صدق عنوان الاحراق رتبة وكذلك عنوان الغسل والتطهير فقد بينا سابقا ان كلا من العنوانين قابل لتعلق التكليف به كما فى قوله (ع) اغسل ثوبك من ابوال ما لا يؤكل لحمه وقوله تعالى (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) فاذا تعلق بالمسبب فى ظاهر الخطاب فهو متعلق بذات السبب فى نفس الامر لا محاله كما انه اذا تعلق بالسبب فهو يتعلّق به بما انه معنون بمسببه وهذا القسم هو مراد العلامة الانصارى (قده) من المحصّل فى ما ذهب اليه من ان البراءة لا تجرى عند الشك فى المحصل كما اشرنا اليه سابقا فلا معنى للاتصاف بالوجوب الغيرى فانه فرغ التعدد والمفروض هو الواحدة الخ واورد عليه استادنا الخوئى فى حاشية الاجود ج ١ ص ٢١٩ ما افاده قدس‌سره من خروج القسم الثانى مما يسمى بالعلة والمعلول ولو بالعناية عن محل البحث فى المقام وان كان متينا جدا كما اشرنا اليه سابقا إلّا ان تمثيله لذلك بعنوانى الالقاء والاحراق وبعنوانى الغسل والتطهير فى غير محله لان وجود الملاقاة فى الخارج مغاير لوجود الحرارة بالضرورة فيكون الالقاء غير الاحراق ايضا اذا الايجاد والوجود متحدان بالذات وان كانا مختلفين بالاعتبار وكذلك الطهارة بمعنى النظافة العرفية موجودة فى الخارج بوجود مغاير لوجود الغسل ومترتبة عليه بالوجدان واما الطهارة الشرعية فهى حكم شرعى مترتب على وجود موضوعه خارجا وهو الغسل فكيف يعقل ان يكون عنوان الطهارة منطبقا على ما ينطبق عليه عنوان

٣٧٢

تقسيمهم المقدمات الى المقتضى (١) والشرط (٢) وعدم المانع (٣) والمعد (٤) ومنشأ (٥) هذا التقسيم ايضا ليس إلّا بلحاظ اختلاف المقدمات فى انحاء دخلها

______________________________________________________

الغسل الخ ـ ولكن فيه الصحيح ما ذكره المحقق النّائينيّ فانه كما افاده الاستاد البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ٢٨٣ فى مقام الرد على المحقق النّائينيّ قال ، ان هذا خلط بين باب العلل والمعلولات التكوينية مع معلولاتها موجودات بوجودات متعددة بخلاف باب الاسباب التوليدية مع مسبباتها فان السبب التوليدى مع المسبب التوليدى سواء كان المسبب التوليدى من الامور القصدية كالبيع بالنسبة الى الاعطاء الخارجى فى البيع المعاطاتى او القيام بالنسبة الى التعظيم او لم يكن من الامور القصدية كالاحراق والقتل والرجوع بالنسبة الى الالقاء فى النار واطلاق الرصاص او الضرب بالسيف وتقبيل المرأة المطلقة رجعية بناء على عدم لزوم القصد فى تحقق الرجوع كما هو الصحيح لهما وجود واحد فهناك ليس إلّا فعلا واجدا صادرا من الفاعل يسمى بعنوانه الاولى سببا وبعنوانه الثانوى مسببا فتعلق الارادة النفسية باحدهما مساوق لتعلقها بالآخر فلا يبقى مجال للوجوب الغيرى بخلاف باب العلل التكوينية مع معلولاتها فحيث ان هناك وجودان احدهما للمعلول والآخر للعلة فلو كانت للمعلول مصلحة ويترتب على وجوده غرض فلا محاله تتعلق به الارادة النفسية لتبعيتها للملاك والمصلحة واما العلة فان كانت ايضا لوجودها مصلحة ملزمة اخرى فقهرا تتعلق به ايضا ارادة نفسيه اخرى وإلّا فلا وجه لكونه واجبا نفسيا نعم بناء على وجود الملازمة بين وجوب شيء ووجوب ما يتوقف عليه ذلك الشى تكون العلة واجبا غيريا الخ فما ذكره فى المحاضرات من انها وجودين ففى غير محله وانما يكون فى غير المسببات التوليدية.

(١) اما المقتضى وهو السبب والعلة فى لسان الحكم قد عرّفوه بما يلزم من وجوده الوجود دائما ذاتا.

(٢) والشرط هو ما يلزم من عدمه العدم.

(٣) والمانع ما يلزم من وجوده العدم.

(٤) والمعد ما يقرب تاثير العلة فى وجود المعلول.

(٥) والسر فى هذا التعبير هو اقتضاء اختلاف المقتضى مع الشرط والمانع فى كيفية الدخل فى وجود المعلول وتحققه وعدم كون الجميع على وزان واحد فى ذلك وان مناط دخل كل غير ما هو المناط فى الآخر وإلّا لما كان وجه للعدول فى

٣٧٣

فى وجود ذيها بعد اشتراك الجميع فى اصل الدخل الموجب لانتفاء ذيها بانتفائها وتوضيح الحال فى هذا المقال بان يقال ان المقدمة تارة (١) كان شأنه اعطاء وجود ذيها بحيث يخرج وجود ذيه من كمونه وتارة ليس (٢) شانه ذلك بل (٣)

______________________________________________________

الشرط والمانع عن التعريف المزبور للمقتضى والامر كذلك كما ستعرف.

(١) فان ملاك المقدمية فى المقتضى عبارة عن حيثية المؤثرية اذ هو فى الحقيقة عبارة عن معطى الوجود لانه هو الذى يخرج المعلول من ذاته ويترشح وجوده ويستند اليه وجوده كما فى مثل النار والاحراق حيث يرى ان ما ينشا ويتولد منه الاحراق انما هو النار خاصه.

(٢) اى وهذا بخلافه فى مثل الشرط والمانع فان دخلهما فيه لا يكون على نحو دخل المقتضى فى كونه بنحو المؤثرية والمتأثرية بل وانما كان بمناط آخر غير المؤثرية كما ستعرف كيف ولا اشكال بينهم فى ان عدم المانع من المقدمات ومن اجزاء العلة التامة حسب تفسيرهم اياها بالامور الثلاثة المقتضى والشرط وعدم المانع ويكشف عنه ايضا التزامهم بترشح الحرمة الغيرية نحو المانع فى مثل الصلاة فى غير الماكول وبنائهم على جريان كل شيء لك حلال فى مشكوك المانعية عند الشك فى كون اللباس من الماكول او غيره بتقريب اقتضاء القاعدة حلية المشكوك ولو غيريا والترخيص فى ايجاد الصلاة فيه مع انه من المستحيل ان يكون دخل عدم المانع فى تحقق المعلول بنحو المؤثرية كما فى المقتضى لضرورة انه لا سنخية بين الوجود والعدم فكيف يمكن دخل العدم المزبور فى وجود المعلول بنحو المؤثرية.

(٣) فانه بعد ما لا يمكن ان يكون دخل عدم المانع فى المطلوب بمناط المؤثرية والمتأثرية لاختصاص مثل هذا الدخل بخصوص السبب والمقتضى فلا محيص عن ان يكون مناط الدخل فيه وكذا الشرائط بوجه آخر وليس ذلك إلّا دعوى دخله فى قابلية المعلول والاثر للتحقق والانوجاد من قبل موجده ومؤثره على معنى دخله فى تحدّد الطبيعة بحد خاص يكون بذلك الحد قابلا للتحقق بحيث لو لا ذلك الحد الخاص الناشى من اضافة الطبيعة الى العدم المزبور ككون الشى فى ظرف عدم كذا او وجود كذا فى الشرائط لما كان قابلا للتحقق من قبل موجده ومقتضيه.

٣٧٤

كان شانه تحديد دائرة الوجود بنحو يكون بهذا الحد (١) قابلا للتحقق خارجا او (٢) قابلا للتاثير فى المقصود ومرجع (٣) هذا النحو من الدخل ليس الى تاثير المقدمة فى وجود شىء لعدم كون الحد من سنخ الوجود بل (٤) مرجعه الى تضيق دائرة الوجود بحدّ يكون بذلك الحد (٥) قابلا للتحقق خارجا او قابلا للتاثير فى الغرض المقصود الحد (٦)

______________________________________________________

(١) اى لا يفرق فى ما ذكرنا بين ان يكون الشرائط راجعة الى مقام التاثير الفعلى والوجود الخارجى.

(٢) وبين ان يكون راجعا الى مقام اصل الاقتضاء الشى فانه على كل تقدير لا دخل لها الا فى حدود الشى غايته انه على الاول يرجع دخلها الى قابلية الاثر والمقتضى بالفتح للتحقق وعلى الثانى يرجع دخلها الى قابلية المقتضى فى اقتضائه للتاثير باعتبار ان ما هو المؤثر من الاول هو الوجود المحدود بالحدود الخاصة واما دخل هذه الحدود فى القابلية المزبورة فى المقتضى فهو كما عرفت لا يكون إلّا ذاتيا غير معلل بلم وبم.

(٣) اى مرجع هذا الدخل فى الحقيقة الى دخل طرف الاضافة فى الاضافة ودخل منشإ الاعتبار فى الامر الاعتبارى لا من باب المؤثرية والمتأثرية كما فى المقتضى فلو لم يكن سافل وعال لم يكن ينتزع للواقف بينهما من العلو الفوقية وعن السافل التحت والطرفين غير دخيل فى ذلك وانما طرفى الإضافة كذلك هذه الحدود.

(٤) فيكون دخلها فى قابلية الاثر والمقتضى للتحقق خارجا باعتبار كونها مما تقوم به الحدود الخاصة التى بها يكون الاثر قابلا للتحقق لا بدونها او يرجع الى اصل اقتضاء المقتضى للتاثير فى الغرض المقصود.

(٥) فيكون طرفا للاضافة ومحدّدة للشيء بحدود خاصة.

(٦) قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٧٥ ومن المعلوم ايضا كفاية هذا المقدار من الدخل فى مقدمية عدم المانع ـ اى وكذا الشرط ـ بنظر العقل للمطلوب وتقدمه الرتبى عليه وصحة تخلل الفاء بينهما فى قولك وجد المانع فعدم المطلوب ـ اى او عدم الشرط فعدم المطلوب ـ وذلك لما تقدم سابقا بانه لا يحتاج فى صحة تخلل الفاء المزبور بين الشيئين اعتبار المؤثرية والمتأثرية بينهما ولذلك يصح هذا التخلل

٣٧٥

ومثل هذا الحد (١) روحه يرجع الى انتهاء الوجود (٢) واتصاله بالعدم (٣) فلا يكون (٤) وجودا ولا عدما (٥) بل نحو اتصال بينهما (٦) ويعبر عنه شرّ التركيب (٧)

______________________________________________________

فى ما بين العارض والمعروض ايضا مع انه لا يكون بينهما اعتبار المؤثرية والمتأثرية ـ الى ان قال ـ بان العدم المزبور ـ اى او الشرط المزبور ـ من حيث وقوعه طرفا للاضافة ومنشئيته لتحدد الشى بحد خاص ينال العقل جهة المقدمية منه ويرى كونه فى رتبة سابقه على الحد المزبور بنحو يفصل الفاء المزبور بينهما الكاشف عن اختلاف الرتبة بينهما كما كان ذلك ايضا بالقياس الى بعض الامور الوجودية ككون الشى مثلا فى ظرف وجود كذا وفى مكان كذا فانه قد يكون الشى لا يكون فيه القابلية للوجود والتحقق ولو مع وجود مقتضيه وتماميته فى مرحلة اقتضائه إلّا اذا كان محدودا بحدود خاصه ناشئة تلك الحدود من اضافته الى بعض الامور الوجودية او العدمية واما دخل مثل هذا الحدود فى القابلية المسطورة بهو لا يكون إلّا ذاتيا فلا يعلل بانه لم وبم لان مرجع ذلك الى ان ما هو القابل للتحقق من الاول هو الشى المحدود الخ وهذا هو الصحيح كما ستعرف.

(١) ثم بين لنا المحقق الماتن حقيقة الحد والإضافة.

(٢) فبما ان الممكنات محدوده فحقيقة الحد هو انتهاء الوجود لا نفس الوجود بل امد الوجود من ناحية المقتضى والتاثير الفعلى او من ناحية المتقضى والتحقق الخارجى.

(٣) فالحد انتهاء الوجود واتصاله بالعدم.

(٤) فالحد لا يكون امرا وجوديا لعدم كون الزائد على وجود المقتضى بالكسر او وجود المقتضى بالفتح وجود آخر يسمى بوجود الحد.

(٥) ولا امرا عدميا لان العدم لا دخل له فى الوجود والمفروض ان الحد من شئون الوجود وحدوده.

(٦) بل الحد هو الاتصال بين الوجود والعدم.

(٧) ووقع الاصطلاح منهم والتعبير عن ذلك ـ شرّ التركيب ـ اى المركب من الوجود والعدم.

٣٧٦

وهو (١) ايضا لا يخلو عن مسامحة اذ (٢) ليس الحد مركبا منهما بل (٣) عبارة عن انتهاء كل منهما بالآخر ولئن شئت (٤) فعبر عنه بنحو اضافة واتصال بين الوجود والعدم لا وجود ولا عدم نعم له (٥) واقعية كالوجود فى الخارج ولذا لا يكون موجود اولا معدوما بل (٦) بنفسه كالوجود فى الخارج غاية الامر يتبعه. ثم (٧) ان هذا الحد تارة ذاتى لوجود خاص واخرى عرضى (٨)

______________________________________________________

(١) اى فى هذا التعبير مسامحة واضحة.

(٢) اى الوجه فى ذلك ان الحد ليس بمركب من الوجود والعدم.

(٣) بل الحد انتهاء كل من الوجود والعدم بالآخر.

(٤) وان شئت قلت اتصال انتهاء الوجود وابتداء العدم.

(٥) فالحد له واقعية وحقيقة فى قبال الوجود والعدم لا مجرد اعتبار فيكون كالوجود فى الخارج.

(٦) فالحد لا يكون موجودا ولا معدوما بل كما عرفت امر واقعى حقيقى فى الخارج فى قبال الوجود والعدم وانما يتبع الوجود ويكون انتهاء الوجود هذا غاية ما يمكن ان يفسر الحد قال السبزوارى فى شرح المنظومة فى الفلسفة ص ١٣١ فالقوة النارية لا تؤثر فى ماء القدر اينما وقعت بل اذا حصل بينهما وضع خاص ومحاذاة خاصه والشمس لا تضيء الارض كيفما تحققت بل بمقابلة خاصه او ما فى حكمها ـ اذ بمقتضى ثبوت الحركة الجوهرية فى القوى والطبائع كل قوة تنحل الى قوى كل واحدة منها محفوفة بالعدمين ـ اى عدم سابق وعدم لا حق ـ محدودة ذاتا واثرا واشتراط الوضع ايضا ـ وضع مع منفعلها الخ فالحد تكون تضييق دائرة الوجود وتحديد دائرة الوجود حتى يكون قابلا للتحقق خارجا او قابلا للتاثير فى الغرض المقصود وليس ذلك من باب المؤثرية وانما هو خصوصية بها يؤثر المقتضى ويتأثر المقتضى كما هو واضح.

(٧) تقدم ان دخل الشرائط والموانع لا يكون إلّا كونها طرفا للاضافة ومحدّدة للشيء بحدود خاصة وهذا تارة يكون الحد ذاتيا كما فى العلل التكوينية كما فى احتراق النار من شرطية الوضع والمحاذاة ويبوسة المحل فانها من حدوده ذاتا.

(٨) اى واخرى عرضى اعتبارى فجميع الشرائط والموانع يكون دخلها من باب دخل منشإ الاعتبار فى الامر الاعتبارى.

٣٧٧

بمعنى انه يلاحظ (١) من وجود الشىء مقدارا منه على قيام استعداد التاثير فى هذا المقدار و (٢)

______________________________________________________

(١) بان يلاحظ حدا خاصا يوجب المقتضى التاثير فى مؤثر كذا.

(٢) ثم ان هنا يشير الى النوع الرابع من تقسيم المقدمات ونشير اليها اجمالا تنقسم المقدمة الى المقدمة المتقدمة والمتاخرة والمقارنة بحسب الوجود بالإضافة الى ذيها زمانا لا رتبة فانها متاخرة عن ذى المقدمة فانه لا بد من ملاحظه ذى المقدمة اولا كالطبيخ مثلا حتى يلاحظ مما يتوقف عليه من اشتراء الارز واللحم والدهن والكلام وجودها زمانا ، ومتقدمة مرتبه ، فان المقدمة تارة تكون متقدمة فى الوجود بالإضافة الى ذى المقدمة وذلك كغسل الجنب والحائض والنفساء بعد نقائهما فى الليل وذلك قبل الفجر الذى هو شرط صحة صوم الغد وكذا غسل المستحاضة ، واخرى تكون المقدمة مقارنة فى الوجود مع ذيها زمانا وذلك كالطهارة مع الحدث والخبث وما شاكلهما من الشروط المقارنة للصلاة زمانا ولا تصح بدونها ، وثالثه تكون متاخرة عن ذيها زمانا وذلك كالاغسال الليلية للمستحاضة التى هى معتبرة فى صحة صومها فى اليوم الماضى بحيث لو لم تغتسل لم يصح صومها المتقدم على القول به هذا فى شرط المكلف به ، واما شرط التكليف ايضا قد يكون مقارنا له كالعقل والبلوغ والعلم والقدرة ونحو ذلك واخرى يكون سابقا كمضى الحول على الانعام الثلاثة فى وجوب الزكاة عليها فى الشهر الثانى عشر وثالثه يكون متاخرا كاستقرار وجوب الحج وهو حجه الاستطاعة ان مضى زمان الحج وكان واجدا للزاد والراحلة وبدونه لا يستقر وجوب الحج ، وهكذا فى الوضع فقد يكون مقارنا له كالماضوية والعربية والتنجيز مما يعتبر فى العقود والايقاعات والعلم بالعوضين المعتبر فى صحة البيع ونحو ذلك فانها شرط مقارن لصحة البيع التى هى من الاحكام الوضعية ، وقد يكون سابقا على الوضع فمثل العقد فى الوصية او شرط فى عقد الوصية فان العقد شرط لحصول الملكية التى هى اثر وضعى وكذا شرط فيه ولكن الملكية حاصلة عند الموت وكذا العقد فى الصرف والسلم شرط لحصول الملكية لكن الملكية تحصل عند القبض ، وقد يكون لاحقا كالإجازة فى العقد الفضولى بناء على الكشف الحقيقى فالملكية حاصلة حين العقد والاجازة متاخرة عنها زمانا هذا ثم ان تفصيل الكلام فى ما هو الممكن وما هو الممتنع من اقسام هذه الشرائط سيأتى إن شاء الله.

٣٧٨

ربما يقاس المقدار المزبور (١) بمقارنته لشيء او بسبقه به أو لحوقه بحيث يكون مثل هذه الاعتبارات من مقدّرات الوجود بنحو ينحصر استعداد التاثير فيه (٢) وفى مثله قهرا يستند الاثر الى اصل وجوده وحدّه الى مقداره (٣) وعليه ربما يكون التحديدات القياسية كان بطرف اضافاتها دخل فى حدّ الاثر (٤) او فى حدّ المؤثرية (٥) وبديهى (٦) ان هذا الدخل ليس دخلا تاثيريا بل هو نحو من الدخل وطور من الارتباط الذى ليس شان وجودها اعطاء الوجود بل ليس شانه الا التحديد الموجب للقابلية على نحو لا يعلل (٧) كما لا يخفى وبهذه العناية يقال بان شان امثال هذه المقدمات ليس إلّا اعطاء القابلية للمعلول وجودا (٨) ام تاثيرا (٩).

______________________________________________________

(١) تقدم ان الشرائط وعدم الموانع حدود الوجود لتاثير خاص والحدود بحسب ما فى التكليف من المصلحة يختلف فربما حد مقارن للوجود واخرى متقدم عليه وثالثه متاخر.

(٢) فتأثير الوجود يكون بهذه الاعتبارات الثلاثة للحد.

(٣) فالاثر لوجود ذلك الشى لا محاله والحد انما يؤثر فى مقدار الاثر لا غير وليس للحد دخل فى التاثير اصلا.

(٤) اى وان الشرائط وكذا عدم الموانع كما مر يرجع دخلها الى قابلية الاثر والمقتضى بالفتح للتحقق.

(٥) اى او يرجع دخلها الى قابلية المقتضى فى اقتضائه للتاثير باعتبار ان ما هو المؤثر من الاول هو الوجود المحدود بالحدود الخاصة.

(٦) اى لا يكون إلّا كونها طرفا للاضافة ومحدّدة للشىء بحدود خاصه.

(٧) اى دخل هذه الحدود فى القابلية المزبورة فى المقتضى يكون ذاتيا لا برهانيا بلم وبم بعبارة اخرى ان ما له القابلية للتحقق من الازل هى الطبيعة المحدودة بالحدود الخاصة الناشئة من اضافتها الى امر كذا من المقارنة والمتقدمة والمتأخرة.

(٨) اى فى ما يرجع الى اصل الاقتضاء.

(٩) فى ما يرجع فى مقام التاثير الفعلى.

٣٧٩

ومما يوضح هذه الجهة (١) ملاحظة الشرائط الشرعية (٢) الصادرة عن العالم بالواقعيات فى تحديد موضوعات حكمه بمقدار قابليّتها للتاثير فى اغراضه اذ ترى (٣) فيها (٤) تحديد موضوعه (٥) بكونه فى حال كذا (٦) وبوصف كذا (٧) ومعلوم ان مرجعه (٨) الى تقييد الموضوع بامور يكون (٩) طرف الاضافة لموضوعه الموجب لاناطة الموضوع به (١٠) وهذه الاناطة ما جاء (١١) الا (١٢) من

______________________________________________________

(١) ومما يشهد لدخل الشرائط وكذا عدم الموانع فى قابلية الاثر للتحقق باعتبار كونها مما تقوم به الحدود الخاصة التى بها يكون الاثر قابلا للتحقق لا بدونها.

(٢) هو النظر الى الشرائط الشرعية وكذا عدم الموانع ولا فرق بينهما إلّا ان الشرائط يطلق على ما كان وجود الشى دخيلا فى قابلية الاثر وفى المانع عدمه قيد للمطلوب.

(٣) فمثل الصلاة التى ورد أنها قربان كل تقى وتنهى عن الفحشاء ونحوهما.

(٤) اى قد اعتبر الشارع فيها من القيود الوجودية والعدمية ككونها عن طهور وكونها الى القبلة وفى حال الستر وكونها فى ظرف عدم القهقهة والبكاء للدنيا وعدم الاكل والشرب.

(٥) اى كل ذلك تحديد للموضوع.

(٦) اى ككونه فى حال الطهارة.

(٧) اى ككونه بوصف الاستقبال.

(٨) اى ومرجع كون الموضوع فى حال كذا ووصف كذا الى تقييد الموضوع به وتحديد الموضوع به.

(٩) وبعبارة اخرى يكون هذه الامور ظرف اضافه الموضوع.

(١٠) ولا محاله يكون اناطة الموضوع به.

(١١) ولعل الصحيح ـ جاءت ـ اى الاناطة لكن يمكن صحة ـ جاء ـ ايضا ان رجع الى التحديد.

(١٢) بمعنى ان هذه الاناطة بهذه القيود لا محاله دخيلة تلك القيود بنفسها فى الاضافة الى المقتضى بالفتح.

٣٨٠