نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

لازم من وجود الموضوع وقيوده خارجا انما هو فى طرف تطبيق المامور الذى هو ايضا طرف محركية خطابه وبعثه الذى هو (١) من آثار الخطاب واما (٢) فى نفس الخطاب فلا يحتاج الى احراز شىء من الموضوع بنفسه او بقيده وانما المحتاج اليه (٣) فى هذا المقام ليس إلّا لحاظ الموضوع بنفسه او بقيده وانما المحتاج اليه فى هذا المقام ليس إلّا لحاظ الموضوع وفرض وجوده خارجا بقيوده المشتاق اليه فعلا (٤) ويريدها (٥) بمرتبة منها (٦) الموجب له (٧) ابراز اشتياقه وح فمرتبة (٨) محركية الخطاب للعبيد اجنبية عن مدلول الخطاب بل هو من شئون التطبيق المتأخر عن الخطاب ولذا نقول بان لفعلية الخطاب مقام (٩)

______________________________________________________

(١) اى المحركيته من آثار الخطاب.

(٢) ولا يحتاج الى ذلك ـ اى وجود الموضوع والقيد فى الخارج ـ فى نفس الخطاب.

(٣) وانما المحتاج اليه فى ظرف الخطاب مجرد لحاظ القيود فى الموضوع فى عالم اللحاظ والتصور لا الخارج.

(٤) بل فرض وجوده خارجا فى عالم اللحاظ.

(٥) فيتعلق به الإرادة والاشتياق.

(٦) بهذه المرتبة المتحققة فى عالم اللحاظ فان الارادة والاشتياق ونحوهما مما كان ظرف عروضها هو الذهن حيث لا يكون دخل تلك القيود فيها الا بوجودها اللحاظى دون الخارجى.

(٧) اى الموجب لابراز الارادة والاشتياق بالخطاب.

(٨) وقد مر مرارا ان مرتبة التطبيق ومحركية العبد وانبعاثه وان شئت قلت الإطاعة والامتثال متاخرة عن مرتبه اصل فعلية الخطاب وابراز الارادة والاشتياق.

(٩) ـ اى فعلية الارادة والخطاب يغاير مقام فاعليتهما ـ لكون فعلية الارادة والاشتياق المبرز بالخطاب الفعلى منوط بفرض القيد ولحاظه فى الذهن بوجود المصلحة فى المتعلق فقهرا يتوجه نحوه الارادة ومباديها ويبرزها بالخطاب.

٤٦١

غير مقام فاعليته (١) ، وانما مرحلة الفاعلية المساوق لتاثير الخطاب فى حركة العبد منوط بتطبيق العبد اياه على المورد الذى هو فى رتبة متاخرة عن مضمون الخطاب ويستحيل (٢) بلوغ نفس الخطاب الى هذه المرتبة لاستحالة شموله مرتبة متاخرة عن نفسه ، وح فما توهمه (٣) بعض بان الخطابات حيث كانت فى مقام انشاء البعث فلا تكاد تتحقق حقيقة المنشأ الا بوجود شرطه خارجا وان روح الحكم هو البعث وانه لا مجال للتفكيك بين فعلّية الحكم وفاعله (٤) ، فاسد

______________________________________________________

(١) واما فاعلية الارادة ومحركيتها نحو المراد لا تكون الا فى ظرف تحقق القيد خارجا الذى هو ظرف اتصاف المتعلق بالمصلحة فيفكك بين فعلية الارادة وفاعليتها بجعل فعليتها فى ظرف الانشاء وفاعليتها فى ظرف تحقق القيد فى الخارج.

(٢) ولا يمكن ان يكون فعلية الخطاب عند فاعلية الارادة ومحال لان الفاعلية فى المرتبة المتأخرة وفعلية الخطاب فى الرتبة السابقة عليها كيف يتاخر ما هو متقدم وبالعكس فهل هذا إلّا تقدم الشى على نفسه وهو محال.

(٣) المتوهم هو المحقق النّائينيّ قدس‌سره وقد تقدم كلامه والجواب عنه وكرره حرصا على الانكار عليه وتوضيح بطلانه.

(٤) قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٢٧ ان موضوع الحكم فى القضية الحقيقية لا بد وان يكون عنوانا عاما يشاربه الى الموضوعات الخارجية وماخوذا فى القضية على نحو الفرض والتقدير حتى يحكم بمعرفيته على ذات المفروض مثلا اذا قلنا الخمر مسكر ـ فمعناه انه اذا فرض شيء فى الخارج وصدق عليه انه خمر فهو مسكر ـ وكذلك الحال فى الانشاءات فان الحاكم بوجوب الحج على المستطيع مثلا لا بد وان يفرض وجود المستطيع ويحكم على هذا الموضوع المفروض وجوده بانه يجب عليه الحج فما لم يوجد فى الخارج هذا الموضوع وكل قيد اخذ مفروض الوجود معه يستحيل فعلية الحكم بل هو باق بمرتبته الانشائية واذا وجد فى الخارج فيخرج المفروض عن حد الفرض والتقدير الى مرتبة الفعلية والتحقيق ويثبت له الحكم بنفس ذاك الانشاء لا بانشاء آخر اذا المفروض ان الحكم كان ثابتا للموضوع على تقدير وجوده فبعد وجوده يكون هو بنفسه موضوع الحكم لا شىء آخر اذا المنشا

٤٦٢

جدا (١) اذ لنا ان نسأل ان الغرض (٢) من البعث المساوق للمحركية ما هو محفوظ فى مرتبة نفس الخطاب بلا دخل لمرحلة التطبيق المتاخر عنه رتبة فيه فهو (٣) من الاغلاط لما عرفت ان محركيّة الخطاب من شئون تطبيق العبد لا من شئونه ولو قبل التطبيق (٤) وان كان الغرض (٥) انّ البعث من شئون الخطاب ولو بشرط

______________________________________________________

هو الحكم لهذا الموضوع لا لامر آخر غيره فالقول بان الحكم انشأ بمفهومه لا بواقعه وان الحكم بعد وجود موضوعه يمكن ان يكون فعليا ويمكن ان لا يكون كذلك مما لا يعقل اذ ليس حال الاحكام الشرعية الثابتة للموضوعات الاكحال سائر الاحكام الثابتة للموضوعات المقدر وجوداتها ويستحيل تخلفها عن وجود موضوعها الخ.

(١) فاجاب عنه المحقق الماتن اولا ذو شقين.

(٢) الشق الأول انه هل المراد ان البعث ومحركية العبد نحو المراد يتحقق فى رتبة نفس الخطاب من دون دخل تطبيق العبد الخطاب على نفسه الذى هو فى الرتبة المتاخرة عن الخطاب.

(٣) فاجاب عنه قدس‌سره انه من الاغلاط.

(٤) وذلك لان انبعاث العبد ومحركيته من شئون التطبيق وعلم المكلف فى الرتبة المتأخرة عن الخطاب دون ان يكون من شئون نفس الخطاب قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٤٦ ومما يؤيد ما ذكرنا من كون التكليف المشروط فعليا قبل تحقق شرطه انه لا اشكال فى انشاء الشارع للتكليف المشروط قبل تحقق شرطه ولا ريب فى ان انشاء التكليف من المقدمات التى يتوصل بها المولى الى تحصيل المكلف به فى الخارج والواجب المشروط على المشهور ليس بمراد للمولى قبل تحقق شرطه فى الخارج فكيف يتصور ان يتوصل العاقل الى تحصيل ما لا يريده فعلا فلا بد ان يلتزم المشهور فى دفع هذا الاشكال بوجود غرض نفسى فى نفس انشاء التكليف المشروط قبل تحقق شرطه وهو كما ترى ولكن من التزم بما ذهبنا اليه فى الواجب المشروط لا يرد عليه هذا الاشكال لفعلية الارادة قبل تحقق الشرط فالمولى يتوصل بانشائه الى ما يريده فعلا وان كان على تقدير الخ وبذلك يخرج عن عويصة المقدمات المفوتة كما سيأتى.

(٥) الشق الثانى انه يكون البعث والتحريك من شئون الخطاب ولو بشرط

٤٦٣

تحقق مقدمات التطبيق ، ففيه (١) ان مثل هذه المرحلة اذا كان دخيلا فى البعث يستحيل ان يكون البعث من شئون الخطاب وماخوذا فيه لاستحالة (٢) سعة الخطاب للمرتبة المتاخرة عن نفسه فكيف يكون الامر المترتب فى المرتبة المتاخرة (٣) من شئون الخطاب ومضمونه (٤) ، ومما ذكرنا (٥) ظهر ايضا ان مفاد نفس الخطابات التكليفية أجنبيّة (٦)

______________________________________________________

تطبيق المكلف به على نفسه.

(١) فاجاب المحقق الماتن قدس‌سره نعم ان المحركية والبعث والفاعلية فى مرحلة التطبيق لكن ح لا يكون البعث من شئون الخطاب بل من شئون التطبيق وفعلية الخطاب تكون فى المرتبة المتقدمة على التطبيق.

(٢) وذلك لاستحالة سعة الخطاب للمرتبة المتأخرة عن نفسه وإلّا يلزم تقدم الشى على نفسه وهو محال.

(٣) فلا يمكن ان يكون ما هو فى الرتبة المتأخرة وهو التطبيق.

(٤) من شئون الرتبة المتقدمة وهو الخطاب.

(٥) من كون رتبة البعث والتحريك من شئون التطبيق وفى الرتبة المتاخرة عن الخطاب كما تقدم مرارا.

(٦) بيانه قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٤٥ انه لم يصح جعل الاحكام الشرعية بنحو القضايا الحقيقية بل الذى صح عندنا كما تقدم بيانه هو كون الاحكام الشرعية فعلية قبل تحقق شروطها وموضوعاتها سواء كانت مشروطة ام مطلقة منجزة ام معلقة لان الحكم كما شرحنا حقيقته هى الارادة التشريعية التى اظهرها صاحبها بقوله او فعله ولكن فعلية هذه الارادة فى نفس المريد تتوقف على جملة تصورات منها تصور كون المراد ذا مصلحة ومنها تصور ما يتوقف عليه حصول تلك المصلحة فى الخارج ومنها تصور كون اظهار هذه الارادة التشريعية لا مانع منه الى غير ذلك من التصورات وعند اجتماعها فى نفس المولى تتعلق ارادته بفعل العبد ثم يظهر تلك الارادة بما يكشف عنها من قوله او فعله سواء كانت ارادته لذلك الفعل على تقدير دون تقدير ام على كل تقدير وعلى ذلك يكون الحكم فعليا قبل تحقق شرطه سواء كان الشرط من بعض قيود موضوع الحكم ام كان من قيود النسبة وقد تقدم شرح ذلك

٤٦٤

عن القضايا الحقيقية المستلزم فيها (١) تبعية فعلية المحمول لفعلية موضوعه وفرضه لفرضه اذ (٢) فى المقام فعلية مضمون الخطاب الذى هو المحمول تابع فرض وجود الموضوع ولحاظه طريقا الى خارجه وانما تخيّل من تخيّل كونها من القضايا الحقيقية (٣) من جهة توهمه (٤) فى اخذ حيثية المحركية الفعلية فى مضمون الخطاب وعبّر عنها بمرتبة الارادة والايجاب غافلا (٥) عن ان هذه المرتبة من لوازم تطبيق العبد خطابه على المورد وبديهى ان مرحلة التطبيق المزبور اجنبى من مفاد الخطاب ومتاخر عنه رتبة كما هو واضح كما ان من توهم (٦) توقف فعلية الوجوب بوجود الشرط خارجا ايضا (٧) مبنى (٨) على اخذ

______________________________________________________

مفصلا نعم لو كان الوجوب ونحوه مجعولا اعتباريا كالملكية لامكن القول بجعل الاحكام بنحو القضية الحقيقية كما امكن جعل الملكية واعتبارها قبل الموت مع ان ظرف تحققها هو ما بعد الموت كما هو الشأن فى الوصية التمليكية ولكن قد عرفت ان حقيقة الحكم الشرعى ليست كذلك بل هى عبارة عن الارادة التشريعية التى اظهرها صاحبها بقوله او فعله فانتزع منها عنوان الوجوب او الاستحباب مثلا الخ.

(١) اى فى القضايا الحقيقية يتبع الخطاب للموضوع فان كان فعليا فعلى وان كان فرضيا فرضى.

(٢) وهذا هو الجواب عنه بان فعلية الخطاب يتبع فرض وجود الموضوع وقيود ولحاظه طريقا الى الخارج.

(٣) اى منشأ توهم كونها من القضية الحقيقية.

(٤) هو تخيل كون المحركية ماخوذا فى مضمون الخطاب وكونها فى مرتبة الارادة والايجاب.

(٥) وقد عرفت انها مرتبة التطبيق والانبعاث وهى مرتبة متاخرة عن الخطاب.

(٦) ايضا المتوهم هو المحقق النّائينيّ وقد مر آنفا.

(٧) من توقف فعلية الوجوب والارادة بوجود الموضوع خارجا مع قيوده.

(٨) ذلك على تخيّل اخذ المحركية فى مضمون الخطاب.

٤٦٥

المحركية فى مضمون الخطاب وإلّا لو ترى (١) كما اشرنا سابقا ايضا ان شأن الخطاب (٢) ليس إلّا بروز مجرد الاشتياق الملازم (٣) لمرتبة من الارادة من الامر المتعلق بحفظ وجود مرامه (٤) بصرف خطابه مع (٥) جعل مقدمات التطبيق فى عهدة عبدة لكان يصدّق (٦) ان هذا المقدار لا يقتضى فعليّة وجود الشرط او الموضوع بقيوده خارجا بل شانه ابراز الاشتياق المنوط بوجود الموضوع بحدوده وقيوده فى لحاظه الطريق الى خارجه فيكتفى (٧) بقوله لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا من دون احتياج مضمون الخطاب الحاصل فعلا الى وجود مستطيع او استطاعة (٨)

______________________________________________________

(١) وكل ذلك توهم باطل لما مر سابقا.

(٢) من كون الخطاب هى الارادة المبرزة بمباديها.

(٣) وتكشف عن مرتبة من الارادة فى نفس المولى.

(٤) المتعلقة بما اشتياق اليه من المكلف به وبين بهذا الخطاب ، غاية ما هناك انه لا يكون الاشتياق والارادة على نحو الاطلاق كما فى الواجبات المطلقة بل كان الاشتياق منوطا بالفرض المزبور.

(٥) اما مقدمات التطبيق يكون بيد العبد وليس من شئون الخطاب.

(٦) وهذا المقدار من فعلية الخطاب بابراز الاشتياق لو كان يتفكر فيه الخصم لكان يصدّق بعدم استلزام وجود الموضوع والقيد خارجا فى فعليّته بل يكفى وجوده اللحاظى والفرضى فى الاشتياق والارادة الفعلية وابراز الخطاب فانه فى ظرف فرض وجود الموضوع ولحاظه حيثما يعلم بوجود المصلحة فيه يتحقق حقيقة الاشتياق والإرادة لا فرضه.

(٧) بيان ذلك إذا لاحظ الشارع الحج فى ظرف لحاظ الاستطاعة طريقا الى الخارج يقطع منوطا بالفرض المزبور بكونه ذا مصلحة محضة ومع قطعه ذلك بمقتضى تبعية الارادة للعلم بالمصلحة يتوجه نحوه الميل والمحبة والاشتياق فعلا فيطلبه ويريده منوطا بالفرض المزبور.

(٨) بل المنوط به والموضوع هو الملحوظ الذهنى بنحو يرى خارجيا على

٤٦٦

وانما يحتاج اليه (١) فى مقام تطبيق العبد اياه على المورد وعليه فلبّ الواجبات (٢) ومضمون الخطابات ليس إلّا ارادة المولى الموجب لابراز اشتياقه لمحض الدعوة بمباديها فى ظرف تطبيق العبد وهذه المرتبة (٣) من الارادة تارة مطلقة (٤) حسب اطلاق اشتياقه واخرى منوطة (٥) بوجود موضوعه او شرط من شروطه فى لحاظ الامر حسب اناطه اشتياقه بها وصالحة للمحركية فى طرف تحقق مقدمات تطبيق المامور هذه الكبريات على المورد بلا محركيتها للعبد فعلا (٦) ، ولعمرى انه لا يكاد ينقضى تعجبى فى اخذهم المحركية المزبورة فى

______________________________________________________

وجه لا يلتفت الى ذهنيّته فالموضوع للارادة والاشتياق هو فرض وجود الموضوع ولحاظه طريقا الى الخارج فلا جرم فى ظرف فرض وجود الموضوع وفرض وجود المنوط به يتحقق حقيقة الاشتياق والإرادة.

(١) وانما وجود الموضوع وقيوده خارجا يعتبر فى محركية العبد وانبعاثه.

(٢) وحاصل الكلام ان التكاليف والواجبات هى الارادة والاشتياق وانما الخطاب لابراز الارادة ومباديها ويكون داعوية الخطاب ومحركيته عند تطبيق العبد فانبعاثه من شئون التطبيق لا الخطاب فان الخطاب فعلى عند ابرازه الارادة والاشتياق وهى مرتبه من الارادة.

(٣) وهذه المرتبة من الإرادة الفعلية المبرزة عند لحاظ الموضوع على نحوين.

(٤) النحو الأول كون الارادة مطلقة عند لحاظ الموضوع من دون اناطته بقيد او شرط فيكون واجبا مطلقا.

(٥) النحو الثانى كونها تابعة فرض وجود تلك القيود فى لحاظه وتصوره على نحو الطريقية الى الخارج بنحو يلزمه فعلية الطلب وتحققه قبل تحقق المنوط به فى الخارج غايته لا مطلقا بل منوطا بفرض وجوده ولحاظه لا تابعة وجود تلك القيود فى الخارج حتى لا يكون للطلب وجود الا فى ظرف وجود القيود فى الخارج.

(٦) ولا يكون الخطاب محركا للعبد الا عند التطبيق وهى المرتبة المتأخرة عنها.

٤٦٧

مضمون الخطاب وجعل الايجاب الذى هو مضمونه بزعمهم منوطا بوجود الموضوع والشرط خارجا بحيث يوجب فرض الموضوع فرض محموله وادخلوا مثل هذه الخطابات ايضا فى القضايا الحقيقية مع ان مضامين الخطابات التكليفية على ما عرفت بما لا مزيد عليه اجنبية عن هذا المرتبة بمراحل (١). ثم ان للعلامة الاستاد كلام فى تصويره اناطة فعليّة البعث فى المشروطات بوجود الشرط خارجا مع التزامه بكفاية وجوده اللحاظى (٢) فى توجّه اشتياقه (٣) وملخصه انه من الممكن قيام مفسد فى بعثه قبل وجود شرطه فلا جرم يصير بعثه منوطا بانتفاء المفسدة الملازم لوجود شرطه خارجا (٤) ، ولكن

______________________________________________________

(١) وذلك فان مضمون الخطاب وهى الارادة والاشتياق يكون عند فرض الموضوع وقيوده فى اللحاظ والذهن فى الرتبة المتقدمة وابرازها متاخر عنها برتبة وعلم المكلف وتطبيقه فى الرتبة الثالثة حتى يوجب محركية الخطاب فكيف يؤخذ ما هو فى الرتبة الثالثة وهو وجود الخارجى الموضوع وقيوده فى الرتبة السابقة عليه بمراحل فليس إلّا تقدم الشى على نفسه وهو محال.

(٢) قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٣ لا يخفى ان كون وجود الطبيعة او الفرد متعلقا للطلب انما يكون بمعنى ان الطالب يريد صدور الوجود من العبد وجعله بسيطا لا انه يريد ما هو صادر وثابت فى الخارج ـ وانه لا بد فى تعلق الطلب من لحاظ الوجود او العدم معها فيلاحظ وجودها فيطلبه ويبعث اليه لى يكون ويصدر منه الخ.

(٣) قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٥١ فالحرى ان يقال ان الواجب مع كل شيء يلاحظ معه ان كان وجوبه غير مشروط به فهو مطلق بالإضافة اليه وإلّا فمشروط كذلك وان كان بالقياس الى شىء آخر بالعكس ثم الظاهر ان الواجب المشروط كما اشرنا اليه نفس الوجوب فيه مشروط بالشرط بحيث لا وجوب حقيقة ولا طلب واقعا قبل حصول الشرط الخ.

(٤) قال صاحب الكفاية فى ج ١ ص ١٥٤ المنشا اذا كان هو الطلب على تقدير حصوله فلا بد وان لا يكون قبل حصوله طلب وبعث وإلّا لتخلف عن انشائه وانشاء امر على تقدير كالاخبار به بمكان من الامكان ـ اى ان قال ـ كما يمكن ان يبعث فعلا

٤٦٨

لا يخفى ما فيه مضافا (١) الى ان الظاهر (٢) الخطابات المشروطة اناطة الوجوب بجميع مباديه على الشرط كما ان الظاهر (٣) منها ايضا ان الحكم بفعليته منوط

______________________________________________________

اليه ويطلبه حالا لعدم مانع عن طلبه كذلك يمكن ان يبعث اليه معلقا ويطلبه استقبالا على تقدير شرط متوقع الحصول لاجل مانع عن الطلب والبعث فعلا قبل حصوله ـ الى ان قال ـ ان يصير بعثا بعد حصول الشرط بلا حاجة الى خطاب آخر بحيث لولاه لما كان فعلا متمكنا من الخطاب هذا مع شمول الخطاب كذلك للايجاب فعلا بالنسبة الى الواجد للشرط فيكون بعثا فعليا بالإضافة اليه وتقديريا بالنسبة الى الفاقد له الخ وعليه اذا تحقق الشرط خارجا ارتفع المانع عن الطلب فيصير الطلب فعليا.

(١) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٤٧ وفيه اوّلا ـ اى عليه ـ ان المعلق عليه وجود التكليف خارجا ح هو عدم المانع لا وجود الشرط وعليه يلزم المتكلم ان ينشئ خطابه هكذا اذا لم يكن كذا فافعل كذا.

(٢) اى هذا خلاف ظاهر الخطابات الواجب المشروط من اناطة الوجوب والارادة بجميع مباديها على الشرط لا المانع والمفسدة كما قاله صاحب الكفاية ولو سلّم ـ فان قلت ان ما ذكرته مستقيم فى الخطابات العرفية التى يمكن للمكلف معرفة المانع فيصح للمولى العرفى ان ينشئها معلقة على عدم المانع فيقول اكرم زيدا اذا لم يتهاون بحقك واما التكاليف الشرعية المبنية على المصالح والمفاسد الخفية التى لا يهتدى اليها عامة الناس فلا يمكن تعليق التكاليف المنشأة بلحاظها على وجودها او عدمها نعم يمكن ان ينشئها الشارع معلقا لها على عناوين عرفية يلازم وجودها وجود تلك المصالح او عدم تلك المفاسد فاذا علق خطابا على وجود امر فى الخارج وثبت بالدليل استحالة كونه بوجوده الخارجى شرطا لوجود الحكم فلا بد ان نصرف التعليق عن ظاهر القضية ونقول ان المعلق عليه فى الواقع هو عدم المانع وانما علق الحكم على العنوان الوجودى لملازمته لعدم المانع فى الواقع وامكان اطلاع المكلف على هذا العنوان الوجودى دون عدم المانع.

(٣) قلت ـ اى ان الظاهر من الخطابات المشروطة ان الحكم بفعليته منوط بنفس الشرط لا بلازمه وهو الملازم لوجود شرطه خارجا كما قال فى الكفاية ولو سلم على هذا ثبت ان القضية الشرطية لا يمكن الاخذ بظاهرها كما هو مذهب المشهور بل لا بد من التصرف فيها اما بجعل الشرط قيدا للواجب فيكون المكلف به هو الفعل

٤٦٩

بنفس الشرط (١) لا بلازمه (٢) ، انه (٣) ما المراد من البعث المانع عنه المفسد فان اريد (٤) مرتبة محركية الاشتياق للمولى فى عالم جعل احكامه الفعلية على العباد (٥) ،

______________________________________________________

المقيد بوجود الشرط المعلق عليه التكليف فى ظاهر القضية الشرطية كما هو راى العلامة الانصارى فى ما نسب اليه قده واما بجعل الشرط قيدا للحكم بالطور الذى رايناه وشرحناه فيما سبق وهو انه كما يمكن ان تتعلق الارادة التشريعية بفعل العبد على كل تقدير لكونه ذا مصلحة على كل تقدير كذلك يمكن ان تتعلق بفعل العبد على تقدير دون تقدير فاذا لاحظ الآمر الفعل على هذا التقدير الخاص فوجده ذا مصلحة تعلقت به ارادته فعلا على ذلك التقدير واظهر تلك الارادة الخاصة بطور التعليق كاشفا عن نحوها الخاص ليكون تاثيرها فى تحريك العبد نحو المكلف به عند حصول ذلك التقدير المقيد للارادة التشريعية والتصرف فى ظاهر القضية الشرطية باحد هذين النحوين اولى من التصرف المزبور لقرب ظاهر القضية اليهما دونه لكون ظاهرها تعليق وجود على وجود لا تعليق وجود على وجود لملازمته لعدم شىء الخ فانه خلاف ظاهر القضية كما عرفت ويتعين الوجه المختار ايضا لما عليه الوجدان بل سيأتى انه لا وجه لرجوع القيود الى المادة دون الهيئة.

(١) اى الشرط المعلق عليه فى القضية.

(٢) وهو وجود الشرط خارجا الملازم لعدم المانع.

(٣) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٤٨ وثانيا ما المراد بالمانع عن فعلية التكليف قبل تحقق شرطه.

(٤) فان كان المراد به ما يكون مانعا عن حدوث الارادة التشريعية فى نفس الشارع كما اذا علم المولى ان ارادته التشريعية تستلزم بعض المفاسد التى يبغض وجودها فكما ان تصور كون الفعل على تقدير ذا مصلحة يوجب تعلق الارادة التشريعية بذلك الفعل على ذلك التقدير كذلك تصور ان فعلية الارادة التشريعية قبل تحقق التقدير المزبور تستلزم بعض المفاسد يكون مانعا من حدوث الارادة التشريعية قبل تحقق شرط التكليف.

(٥) فهو توهم مردود بان المفسدة التى تنشأ من فعلية الارادة او تلزمها انما

٤٧٠

ففيه (١) ان هذه المرتبة كما تقدم منتزعة عن مجرد ابراز اشتياقه بانشائه وخطابه ليدعو عبيده عند تطبيقه الى العمل وبديهى ان هذا المعنى قد تحقق اذ بخطابه ابرز اشتياقه الغير المنوط لوجود شىء خارجا حسب اعترافه ، وان اريد (٢) مرتبه محركيّته للعبد فقد تقدم انه من تبعات تطبيق العبد مفاد الخطاب على المورد (٣) وهو ح اجنبى عن مضمون الخطابات طرّا وكان منوطا بوجود الشرط

______________________________________________________

هى فى طولها ـ اى فى المرتبة المتاخرة عن الارادة بانه يلزم من الارادة التالى فاسد ـ وما يكون فى طول الشىء لا يعقل ان يمنع من وجوده فالمفسدة لا يعقل ان تمنع من وجود الارادة فكذلك لا يعقل ان يكون العلم بوجودها مانعا عن وجود الارادة اذ كما ان الارادة لا تتحقق بتصور مصلحة فيها كما تقدم فكذلك لا يتصور عدم تحققها لتصور مفسدة فيها مع انه لو اغضينا عن ذلك لكفى فى فساد هذا التوهم استلزامه لاختيارية الارادة اذ ما يكون عدمه باختيار الانسان كان وجوده باختياره ايضا وكون الارادة امرا اختياريا خلاف ما يظهر منه ، وان كان المراد بالمانع هو المانع عن اظهار الارادة التشريعية قبل تحقق شرطا التكليف ـ اى بالخطاب والابراز ـ.

(١) ـ اى ايضا لا يتم ـ فهو خلاف الوجدان ـ اى ابرز الاشتياق بالخطاب ـ فانا نعلم من نفس انشاء الوجوب المشروط عدم المانع المزبور اذ لو كان مانع من اظهاره الارادة التشريعية المعلقة على شرط ما لما أنشأ الشارع هذا التكليف بنحو القضية الشرطية فبدليل الإنّ نستكشف عدم المانع عن اظهار الارادة التشريعية.

(٢) وان كان المراد بالمانع هو المانع عن اظهار الإرادة التشريعية قبل تحقق شرط التكليف على نحو البعث والتحريك الفعلى كى يوجب حركة المكلف فعلا.

(٣) ففيه ما عرفت من ان باعثيّة الحكم ومحركيته غير قابل لان يؤخذ فى قوام نفس الحكم لكى يصح ان يقال بان الحكم مشروط ومعلق على وجود الشرط لملازمته لارتفاع المانع عنه بل هى مما يحصل بعد تطبيق المكلف حكم المولى بتمام حدوده وقيوده المعتبرة فيه على نفسه والمفروض عدم تمامية ذلك الا فى ظرف وجود الشرط ـ اى خارجا ـ الملازم لارتفاع المانع فالذى هو مشروط ليس هو الحكم ـ اى المشروط محركيته وهو لا يلازم وجود المفسدة بل يلزم وجود الشرط خارجا تطبيق العبد على نفسه كان هناك مفسدة ارتفع به ام لا ـ واما نفس الحكم فلم يفرض

٤٧١

خارجا بلا احتياج الى قيام مفسدة فى نفسه كما لا يخفى. ثم (١) انّ من شئون كون

______________________________________________________

اشتراطه وتعليقه ومرجعه ح الى ما اخترناه فى تفسير الواجب المشروط الخ واما استادنا الخوئى قال فى بيان الواجب المطلق والمشروط فى هامش الاجود ج ١ ص ١٢٩ التحقيق ان يقال انه بعد ما ظهر من ان حقيقة الانشاء انما هو ابراز امر نفسانى الذى هو فى موارد الجمل الطلبية عبارة عن اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف وليس فى موارد الانشاء من ايجاد المعنى باللفظ عين ولا اثر وبعد وضوح ان فى موارد الجمل الشرطية لا معنى لرجوع القيد الى نفس المادة ضرورة ان استعمال قضية اذا توضأت فصل فى مقام طلب الصلاة المقيدة بالطهارة يعد من الاغلاط وبعد ما ستعرف من ان ارجاع القيد الى المادة المنتسبة لا محصل له لا مناص من رجوع القيد فى القضايا الشرطية الى ما هو المستفاد من الهيئة وهو اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف بيان ذلك ان الاعتبار النفسانى قد يتعلق بكون شىء على ذمة المكلف على الاطلاق وقد يتعلق به على تقدير دون تقدير والمبرز لاطلاقه وتقييده فى مقام الثبوت هو اطلاق الخطاب وتقييده فى مقام الاثبات وعلى ذلك فالفرق بين الواجب المشروط والمطلق هو الفرق بين بابى الوصية والإجارة فان الانشاء فى كليهما وان كان فعليا إلّا ان المعتبر فى باب الوصية هى الملكية على تقدير الموت بخلاف باب الاجارة فان المعتبر فيه هى الملكية المطلقة غير المعلقة على شىء ولو كانت المنفعة متاخرة ايضا ـ الى ان قال ـ ان الايجاب ان اريد به ابراز المولى لاعتباره النفسانى فالابراز والبروز والمبرز كلها فعلية من دون ان يكون شيء منها متوقفا على حصول امر فى الخارج وان اريد به الاعتبار النفسانى فيما انه من الصفات ذات الإضافة كالعلم والشوق ونحوهما فلا مانع من تعلقه بامر متاخر فكما انه يمكن اعتبار الملكية او الوجوب الفعليين يمكن اعتبار الملكية او الوجوب على تقدير الخ فلا يكون الوجوب قبله كما لم يمكن الملكية فى الوصية قبل الموت وهو يرى الحكم حقيقته من الامور الاعتباريّة وجعل الاعتبار ولو يكون ازلا لكن العبرة بوجود الموضوع وقيوده فى فعلية الحكم تبعا لاستاده المحقق النّائينيّ وقد مر مفصلا فساده مرارا ويكون كالملكية فالصحيح ما عليه المحقق العراقى قدس‌سره.

(١) بقى الكلام فى ثمرة الفرق بين المختار والمشهور فى الواجب المشروط وتختلف على المسالك المسلك الاول وهو المختار من فعلية الوجوب قال المحقق

٤٧٢

المحركيّة (١) من شئون تطبيق العبيد كبراه على مورده ان العبد بمحض علمه بحصول الشرط فى موطنه (٢) يقطع باحتياج حفظ مرام مولاه بحفظ مقدماته

______________________________________________________

الماتن فى البدائع ص ٣٤٩ تظهر ثمرة الفرق بين المختار والمشهور فى الواجب المشروط فى المقدمات المفوتة وهى المقدمات التى اذا لم يفعلها المكلف قبل تحقق شرط التكليف لا يمكنه فعلها بعد تحققه فانها على المختار تجب وجوبا غيريا تعيينيا اذ منشأ وجوبها الغيرى وهو الوجوب النفس المشروط متحقق بالفعل على الفرض وبما انه لا بدل لها بعد تحقق الشرط فيتعين الاتيان بها قبله كما هو شان الواجب التخييرى اذا انحصر وجوده فى بعض مصاديقه وافراده وكذلك تجب المقدمات الغير المفوتة تخييرا لاقتضاء فعلية الوجوب ذلك ايضا وقال فى ص ٣٦٦ قد ظهر مما تقدم ان مقدمات وجود الواجب تكون على الملازمة واجبة بالفعل وان كان الواجب المتوقف عليها مشروطا او معلقا ولم يحصل شرطه او قيده لان الوجوب النفسى على المختار دائما متحقق وان لم يتحقق موضوعه او شرطه وح يكون وجوب المقدمات المفوتة او حرمة تفويتها على طبق القاعدة ولا نحتاج فى اثباته الى دليل آخر غايته ان وجوب المقدمات غير المفوتة فى الواجب المشروط والمعلق قبل حصول شرطه او قيده يكون تخييريا وفى المفوتة يكون تعيينا وعليه لا اشكال فيما ورد من وجوب مقدمات بعض الواجبات المشروطة قبل تحقق شرطه ولو ورد من الشارع المقدس خطاب غيرى بفعل بعض مقدمات الواجب المشروط قبل تحقق شرطه امكن استكشاف كون تلك المقدمة من المقدمات المفوتة بدليل الإنّ كما انه يحتمل كونها من غير المفوتة فوجوبها الغيرى لا محاله يكون تخييريا وانما عين الشارع الاتيان بها قبل حصول شرط الواجب النفس لمصلحة نفسية فى تقديمها هذا كله على المختار الخ من الالتزام فى جميع الواجبات المشروطة بفعلية الطلب فيها قبل حصول شرطها غايته انه ينفك فيها كما ذكرنا بين الفعلية وبين الفاعلية فيجعل فاعلية الطلب فى ظرف حصول المنوط به فى الخارج الذى هو ظرف اتصاف الذات بالمصلحة.

(١) اى فاعلية الخطاب انما يكون عند تطبيق العبد.

(٢) وعلم العبد بحصول الشرط فى موطنه والارادة فعليه.

٤٧٣

فعلا (١) فيطبّق (٢) الاشتياق الغيرى على المقدمة الناشى عن الاشتياق الفعلى الحاصل فى طرف لحاظ القيد فى موطنه اذ لا يرى ح قصورا فى ترشّح الاشتياق الغيرى من الاشتياق الفعلى المنوط بوجود الشىء المحرز فى موطنه فيتحرك (٣) العبد ح نحو المقدمات قبل حركته نحو ذيها وح (٤) لنا ايضا نقول انّه لو كانت المحركيّة الفعلية للمامور ماخوذا فى فعليّة الارادة ومضمون الخطاب فيلزم الالتزام بتقدم ارادة المقدمة فى غالب المقامات عن ارادة ذيها وهو خلاف ديدنهم من تبعية ارادة المقدمة عن ارادة ذيها كما لا يخفى ، ومن التامل فى ما ذكرنا (٥) ظهر ايضا ان الخطابات (٦) بنفسها كافية فى احداث الارادة الغيرية نحو

______________________________________________________

(١) ويتوقف على مقدمات فعلية.

(٢) فلا محاله يترشح الإرادة الغيرية الى مقدماته لحفظ مرام مولاه من الارادة الفعلية المنوط بالشرط.

(٣) وبها تتحرك نحو المقدمات قبل تحركه نحو ذيها.

(٤) وهذا اشاره الى الاشكال على ما عليه المشهور قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٦٧ واما على المشهور فيشكل الامر فى وجوب المقدمات المفوتة قبل حصول شرط الواجب النفسى وفى وجه الوجوب الغيرى الصادر من الشارع فى بعض المقدمات المفوتة قبل تحقق وقت الواجب النفسى كالغسل قبل الفجر على من وجب عليه صوم ذلك اليوم وحاصل الاشكال انه كيف يعقل وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها مع ان وجوبها من آثار وجوب ذيها ومن توابعه الخ بناء على عدم فعلية الارادة والتكليف بهما قبل حصول القيد فى الخارج وقد فر صاحب الكفاية من الاشكال بالوجوب التهيئي والمحقق النّائينيّ بمتمم الخطاب والصحيح ما تقدم منا.

(٥) كما مر مفصلا من ان الارادة فعلية والخطاب مبرزها ومحركيتها فيما بعد وتترشح الارادة على مقدماتها.

(٦) اى يرتفع الاشكال فى الواجبات الموقتة قبل وقتها ايضا لفعلية الطلب والارادة قبل الوقت ويترشح الوجوب الى المقدمات عند العلم بحصوله الشرائط فى موطنه.

٤٧٤

المقدمات المفوتة بمحض تطبيق العبد الخطاب فى المورد حتى فى الموقّتات قبل وقتها من دون احتياج الى خطاب آخر مسمّى بمتمم الايجاب او بالوجوب التهيّئي (١)

______________________________________________________

(١) المسلك الثانى وهو عدم فعلية الوجوب الا بعد تحقق الموضوع فذهب الى الواجب التهيئي هو الذى ذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ١٦٦ فانقد ح بذلك انه لا اشكال فى الموارد التى يجب فى الشريعة الاتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب كالغسل فى الليل فى شهر رمضان وغيره مما وجب عليه الصوم فى الغد اذ يكشف به بطريق الإنّ عن سبق وجوب الواجب ـ اى الواجب المعلق ـ وانما المتاخر هو زمان اتيانه ولا محذور فيه اصلا ولو فرض العلم بعدم سبقه لاستحال اتصاف مقدمته بالوجوب الغيرى فلو نهض دليل على وجوبها فلا محاله يكون وجوبها نفسيّا ولو تهيّأ ليتهيأ باتيانها واستعد لايجاب ذى المقدمة عليه ولا محذور ايضا الخ وهذا له موارد عديدة بوجوب المقدمة من قبل وجوب ذى المقدمة منها ما تقدم حكمهم بوجوب الغسل على المحدث بالاكبر فى الليل من قبل ان يطلع الفجر مقدمة للصوم المتعين فى الغدو منها حكمهم بوجوب السعى الى الحج على المستطيع النائى من قبل هلال ذى الحجة ومنها حكمهم بوجوب حفظ الماء من قبل دخول وقت الصلاة اذا علم بعدم التمكن منه بعد دخول الوقت ومنها حكمهم بوجوب معرفة القبلة لمن حاول المسافرة الى البلدان النائية الى غير ذلك فنسب الى المحقق التقى صاحب الحاشية المعالم من الالتزام بالوجوب النفسى التهيئي يعنى يكون وجوب المقدمة قبل وقتها وجوبا نفسيا لا غيريا ويمكن ان تكون المصلحة النفسية فيه التهّيؤ والاستعداد لورود الوجوب النفسى المتعلق بذى المقدمة بعد الوقت لكن ارادة التهيّؤ ارادة غيرية فالوجوب الناشى منها غيرى فيرجع الاشكال لامتناع انفكاك الارادة الغيرية عن الارادة النفسية إلّا ان هذا التقريب مبنى على لزوم التفكيك بينهما فى مثل الفرض لكن عليه يلزم ان تكون جميع الواجبات الغيرية المتقدمة على الواجب النفسى زمانا واجبات تهيئية ، وقال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣١٨ وهو ايضا مما يحتاج الى قيام دليل عليه بالخصوص من اجماع او غيره يقتضى وجوب تحصيلها بوجوب نفسى تهيئى وح فان قام فى البين نص او اجماع على وجوب تحصيل تلك المقدمات تعبدا فهو وإلّا فمقتضى القاعدة بعد

٤٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

عدم فعلية الوجوب والتكليف بالنسبة الى ذيها هو عدم وجوبها وان كان ادّى تركها فى الحال الى ترك الواجب فى ظرفه عند حصول قيده وشرطه من جهة امتناع تحققه فى ظرفه ح بعد ترك المقدمات فى الحال الخ هذا ما ذكروه من وجوب النفسى التهيئي وقد عرفت ما فيه ولذا جعلوا من تقسيمات الواجب تقسيمه الى النفسى والتهيئي قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٣١ والمراد من الواجب التهيئى هو ما كان المقصود من ايجابه التوصل به الى ايجاب شىء آخر وعمده الغرض من هذا التقسيم انما هو الفرار عن شبهة المقدمات المفوتة للواجبات الموقتة قبل وقتها فانهم بعد ان بنوا على عدم فعلية التكليف بالموقت قبل حصول وقته اشكل عليهم وجوب مقدماته الوجودية قبل حصول الوقت فمن ذلك التزموا بوجوبها وجوبا تهيئيا فرارا عن محذور وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها فصار وافى مقام هذا التقسيم وإلّا فعلى ما ذكرنا من فعلية الوجوب فى الموقتات والمشروطات قبل حصول وقتها وشرائطها لا يحتاج الى مثل هذا التقسيم ومن ذلك ايضا لم يكن لهذا لقسم من الواجب عين ولا اثر فى كلمات القدماء وانما حدث ذلك فى زمان المتاخرين من جهة شبهة وجوب المقدمات المفوتة فى الموقتات والمشروطات قبل حصول وقتها وشرائطها وعلى كل حال نقول بان هذا التقسيم ايضا كسابقه كان بلحاظ مقام التحميل والايجاب المنتزع عن مرحلة ابراز الإرادة واظهارها لا بلحاظ لب الإرادة والاشتياق وإلّا فبحسب لب الإرادة لا تخلوا ارادة الشىء عن النفسية والغيرية كما لا يخفى الخ وتوضيح ذلك ان حقيقة الحكم وهى الارادة لا تختلف من جهة كونه نفسيا او تهيئيا كما كان تختلف من جهة كونها نفسيا او غيريا لاجل التوصل الى وجود واجب آخر وانما كان ذلك من شئون الخطاب وابراز الارادة فالخصوصية فى الخطاب بانه لاجل ايجاب شيء آخر وعدمه ولذا تقدم انه يحتاج الى دليل خاص ـ فنرجع الى ما كنا فيه من بيان الطرق لوجوب المقدمات المفوتة للواجب قبل وجود شرطه ـ والمسلك الثالث ايضا بناء على عدم فعلية الوجوب وهو مذهب متمم الايجاب والجعل قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٥٦ الملاك الملزم اذا فرض كونه تاما فى ظرفه ولم يمكن استيفائه بخطاب واحد اذا المفروض عدم التمكن من امتثاله فى ظرفه على تقدير عدم الاتيان بالمقدمة قبله فلا بد للمولى من استيفائه بخطاب نفسى آخر يتعلق بالمقدمة حتى يكون متمما للجعل

٤٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الاول وبما ان الجعل الثانى نشا من شخص الملاك الناشى منه الجعل الاول فيكون هو والجعل الاول فى حكم خطاب واحد ويكون عصيانه موجبا لاستحقاق العقاب على ترك ما وجب بالجعل الاول فى ظرفه فان الامتناع بالاختيار لا ينافى صحة العقاب كما عرفت فعدم كون الواجب مقدورا فى ظرفه لا ينافى العقاب على تركه المنتهى الى الاختيار مع فرض خطاب آخر نفسى ناش من نفس ذاك الملاك بحيث يكون عصيانه عصيانا لذلك الخطاب من الآن نعم لو فرضنا ان الملاك بحسب ظاهر الخطاب يكون تابعا للقدرة الخاصة وهى القدرة فى زمان الواجب فلا يمكن استكشاف خطاب آخر الى آخر كلامه وقال فى ص ١٥١ وان اردت توضيح ذلك فارجع الى نفسك فى ارادتك التكوينية وقس عليها الارادة التشريعية فانك لا تشك فى ان من يعلم بابتلائه فى السفر بالعطش او يطمئن به او هو فى معرض الابتلاء به عادة لو ترك تحصيل المقدمات من الاول ولم يحصل الماء قبل ابتلاءه يكون مذموما عند العقلاء لانتهاء الامتناع الى الاختيار فلا محاله تتعلق ارادة تكوينيه بايجاد القدرة او حفظها قبل بلوغه الى وقت العطش وكون شرب الماء ذا مصلحة ملزمة فاذا كان هذا حال الارادة التكوينية يعرف منه حال الارادة التشريعية ايضا للملازمة بينهما الخ واورد عليه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٦٨ ان القاعدة المزبورة لا شبهة فى صحتها فى موردها وهو ما اذا تحقق التكليف فى حق المكلف لاجتماع شرائطه ولكن المكلف يقصر فى تهيئة مقدمات امتثاله حتّى يمتنع عليه امتثاله فى ثانى الاحوال والأزمنة فامتناع امتثاله فى ثانى الأزمنة وان اوجب سقوط الخطاب فيه ولكنه لا ينافى كون عصيانه لذلك الخطاب انما هو بالاختيار فيستحق عليه العقاب واما لو قصر قبل دخول الوقت فى تحصيل مقدمات الواجب التى لو فعلها قبل تحقق وقت الخطاب لتمكن من امتثاله فيه ولكن تساهل فى تحصيل تلك المقدمات حتى حضر وقت التكليف وهو عاجز عن امتثاله فلم يتوجه اليه خطابه لعدم قدرته على امتثاله فلا يكون المكلف بتقصيره فى تحصيله هذه المقدمات مقصرا فى امتثال تكليف ما اصلا اما بذى المقدمة فلانه على الفرض لم يتوجه اليه فى ظرفه لفرض عدم قدرته على امتثاله واما المقدمة فلم يتحقق تكليف بها لا عقلا لعدم وجود ملاكه فيها ولا نقلا لعدم دليله وبالجملة تفويت المقدمة قبل توجه الخطاب بذيها لا يكون تقصيرا ومن المسلم ان مورد القاعدة

٤٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

المزبورة هو ما اذا كان التفويت عن تقصير واثبات كون التفويت المذكور تقصير بتلك القاعدة دور واضح والشاهد على ان مورد تلك القاعدة هو ما اذا كان التفويت عن تقصير عدم شمول القاعدة لصورة الجهل عن قصور مطلقا وبهذا الملاك ايضا لا تشتمل القاعدة صورة العلم بتوجه الخطاب فيما ياتى وذلك لان ملاك عدم شمولها لصورة الجهل هو قبح عقاب بلا بيان وهذا الملاك بنفسه متحقق فى صورة العلم بتوجه الخطاب فيما ياتى ايضا لان علم المكلف بانه سيخاطب فى المستقبل لا يكون بيانا لخطاب فعلى اصلا لا فى المقدمة لعدم التكليف بها قبل حضور وقت الخطاب بديها ولا فى ذى المقدمة لعدم تحقق شرط الخطاب به واما دعوى حكم العقل بوجوب حفظ المقدمة قبل وجوب ذيها لان العقل يستقل بحفظ القدرة ولزوم تحصيل المقدمات اذ اعتبار القدرة انما هو لكان قبح تكليف العاجز ومثل هذا الشخص لا يكون عاجزا بل يكون قادرا ولو بحفظ قدرته ، فغير تامة اذ لنا ان نسأل هذا المدعى هل يلتزم بان العقل يحكم ايضا بوجوب حفظ ذى المقدمة قبل وجود الشرط وقبح تفويته من ذلك الزمان اولا يلتزم اما على الثانى فما وجه حكم العقل بوجوب حفظ المقدمة وحرمة تفويتها مع انه ليس فيها مصلحة سوى التوصل الى ذيها والمفروض عدم وجوب حفظ ذيها فى ذلك الزمان ـ اى اذا كان المدار فى البيان واللابيان على البيان فى ظرف التكليف فلا جرم بعد فرض عدم التكليف الفعلى بذيها قبل حصول الشرط والمنوط به خارجا لا يكاد يجدى مجرد العلم بحصول المنوط به والشرط وفعلية التكليف والغرض بذيها بعد ذلك فى تحصيل مقدماته الوجودية واستحقاق العقوبة على تفويت الواجب بوجه اصلا ـ واما على الاول فمرجعه الى القول بفعلية الارادة والبعث الى ذى المقدمة وفاعليتها ومحركيتها اليه بحفظ وجوده من ناحية تلك المقدمة اذ لا نعنى من فعلية الوجوب الا باعثيّته الى العمل لكونه مقدورا بالواسطة ولو بجهة من جهاته على الفرض كما هو الشأن فى الواجب المنجز فاتضح مما تقدم انه لا حكم للعقل بحفظ وجود المقدمة الا من جهة حكمه بلزوم حفظ ذيها ولو ناحيتها الخ فيكون مكلفا من الحين بحفظ الواجب فيما بعد من قبل مقدماته الوجودية الاختيارية فيكون الوجوب فعليا قبل حصول الشرط بهذا المقدار من قبل مقدماته كذلك فيكون وجوبا غيريا ترشحيا لا نفسيا تهيئيا ومما تقدم ظهر فساد ما اجاب عن المحقق النّائينيّ استادنا

٤٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٥١ ما افاده فى المقام وان كان صحيحا لا ينبغى الريب فيه ضرورة ان العقل لا يفرق فى حكمه بقبح مخالفه المولى بين مخالفة تكليفه ومخالفه غرضه الملزم الذى هو ملاك الحكم وما به قوامه فاذا علم العبد بوقوع ابن المولى فى البحر وهو قادر على انقاذه فلا ريب فى استحقاق العقاب على تركه ولو كان المولى غافلا عنه او عن حضور العبد عنده إلّا انه لا مجال معه لاستكشاف حكم شرعى مولوى متمم للجعل الاول اصلا فان حكم العقل باستحقاق العقاب على تقدير المخالفة يكفى فى لزوم حركة العبد وانبعاثه كما هو الحال فى مطلق موارد حكمه بقبح المعصية وحسن الإطاعة وانما يمكن استكشاف الحكم الشرعى من الحكم العقلى فيما اذا كان العقل مدركا لملاك الحكم من المصلحة او المفسدة واين ذلك من ادراكه استحقاق العقاب كما فى المقام وبالجملة حكم العقل بقبح تفويت الغرض الملزم واستحقاق العقاب عليه وان كان ثابتا إلّا انه لا يلازم حكم الشارع بوجوب المقدمة شرعا بل يكون ذلك من اللغو الواضح نعم يحكم الشارع به ارشادا الى حكم العقل لكنه خارج عما هو محل الكلام الخ واجاب عنه استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ١٨٠ وانت خبير بان حكم العقل فى هذا المقام ناشئ عن نفس الملاك والمصلحة التى فى الواجب فكما ان المقصود من الامر النفسى هو وجود المصلحة المترتبة على المامور به وحفظ تلك المصلحة ـ الجعل الآخر ايضا ناشى عن تلك المصلحة وذلك الملاك فليس من قبيل اطيعوا الله لانه ارشاد محض الخ وهذا على مسلك استاده متمم الجعل والجواب عن اللغوية قال ص ١٨١ اولا متحد الورود فى جميع موارد حكم العقل بوجود المصلحة الملزمة او المفسدة الملزمة مثلا وثانيا تبعية الارادة لما لا يمكن تحصيل المناط بدونه قهرية بمعنى ـ كل ما يتوقف عليه هذا الذى له المصلحة الملزمة تترشح عليه الارادة من تلك الإرادة النفسية واما اذا لم يمكن الترشح لتقدم زمان وجوده على زمان وجود الارادة النفسية فقهرا تتعلق به ارادة نفسيه ناشئه من نفس ذلك الملاك القائم بالواجب النفس الخ وفيه ان لازمه الوجوب النفس لا الغيرى كما اعترف به والعمدة فى الجواب عنه ان قبح تفويت الغرض عقلا من الاحكام العقلية فى مرحله العلل لا الطاعة لانه لا امر ولا تكليف ـ واما اللغوية فيرتفع بان فى موطن ولا يكون حكم العقل محركا للعبد نحو العمل فلا بد من الشرع حتى يحركه ويستحقق العقوبة مضافا

٤٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الى انه يرجع الى عدم وجوب المقدمة شرعا وهو امر آخر سيأتى ـ مضافا الى ان العلم بوقوع ولد المولى فى البحر من المصلحة الفعلية دون المقام لعدم الملاك الفعلى بل الفرضى وهنا مسلك رابع للمحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٩٢ وهو ان الانسان بالجبلة والفطرة يحب ذاته ويحب كل ما يعود فائدته الى جوهر ذاته او الى قوة من قواه فما يلائم ذاته وقواه محبوب بذاته ـ وكذا ما هو مقدمة لما يلائم ذاته وقواه محبوب بالتبع فالتوصل بما هو توصل محبوب لكونه توصلا الى ما يلائمه بنفسه فهو ملائم بالتبع فهو محبوب كذلك ـ بينهما التقدم والتاخر الطبعيان لان الحب التبعى لا يمكن إلّا عند الحب الذاتى ولا عكس والمحبوب اذا لم يكن له مزاحم ومانع عن ايجاده فى نظر الفاعل ـ لا محاله يقوم الانسان بصدده فالحب مع الجزم علة معدة لفيضان صورة الارادة فى النفس ـ واذا كان المحبوب الذاتى والتبعى فعل الغير فلا محاله يجب التسبيب الى ايجادهما من الغير بجعل الداعى اليهما واذا فرض ان المقدمة متقدمة بالوجود الزمانى على ذيها فكما ان ارادة الفاعل للمقدمة متقدمة على ارادته لذيها كذلك يجب ان يتقدم البعث اليها قبل البعث الى ذيها فان ايجادها من الغير كوجودها من الغير مقدم على ايجاد ذيها كوجود ذيها من الغير وانما يتصف البعث المقدمى بالتّبعيّة لا من حيث التاخر فى الوجود بل من حيث ان الغاية المتأصلة الداعية الى التسبيب الى ايجاد المقدمة من الغير ايجاد ذيها باسبابه من الغير ومن جملة اسبابه البعث اليه فذو المقدمة باسبابه كالعلة الغائية للبعث المقدمى فاتضح ان لا تبعية فى الوجود للبعث المقدمى بمباديه للبعث الى ذى المقدمة حتى يرد المحذور وهو تقدم المعلول على علته بالوجود ، واما محذور عدم استحقاق العقاب على ذى المقدمة تبرك المقدمة حيث لا بعث اليه فى ظرفه لعدم القدرة عليه ، فيندفع بان دفع التكليف مع تمامية اقتضائه تفويت للغرض المعلوم غرضيته وهو خروج عن ذى الرقية فيستحق العقوبة عليه ولو لم يكن مخالفة التكليف الفعلى بخلاف دفع مقتضى التكليف كعدم تحصيل الاستطاعة الخ وفيه ان الارادة التبعية لو سلم تابع للارادة الذاتية فلو فرض ان الارادة الذاتية غير فعليه كيف تكون الارادة التبعية فعليه ولا يقاس بما يعود الى قواه وجوهر ذاته فان الحب فيهما فعليان واستحقاق العقوبة عليه فقد عرفت من كلام المحقق العراقى بعدم ثبوته مع عدم كون الامر فعليا ـ ولا حكم للعقل بذلك كما

٤٨٠