نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

الخ ـ وفيه اولا اما الاستصحاب فقد تقدم الكلام فيه فلا نعيد ـ وثانيا قال استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٠١ انه لا موجب لاعتبار الحسن الفاعلى فى اتصاف الفعل الخارجى بكونه مصداقا للواجب بعد ما كان الوجوب ناشئا عن الملاك القائم بالفعل ومن حسنه فى نفسه على ان لازم ذلك ان لا يتصف الفعل الخارجى اذا لم يؤت به بداعى التقرب بكونه مصداق الواجب ولو كان الوجوب توصليا ضرورة ان مجرد صدور الفعل عن الاختيار لا يكفى فى اتصافه بالحسن الفاعلى مع انه واضح البطلان نعم يعتبر فى الاتصاف المزبور ان لا يتصف الفعل بالقبح الفاعلى لكنه اجنبى عما نحن بصدده الخ كما لو كان عن استهزاء وسخرية ونحوهما وذكر فى المحاضرات ج ٢ ص ١٥٢ فى كون الماتى به فى الخارج مصداقا للحرام حقيقتا كعسل الثوب المتجنس بالماء المغصوب او نحوه فتارة نعلم بان الاتيان بالواجب فى ضمن فرد محرم مسقط له وسقوطه من ناحية سقوط موضوعه كازالة النجاسة عن المسجد ومرده الى حصول غرضه لا ان الواجب هو الجامع وتارة اخرى نشك فى انه يسقط لوجئ به فى ضمن فرد محرم اولا وذلك كغسل الميت فلو غسل بالماء المغصوب وشككنا فى سقوط التكليف مقتضى اطلاق الواجب عدم السقوط بداهة ان الفرد المحرم لا يعقل ان يكون مصداقا للواجب لاستحالة انطباق ما هو محبوب للمولى على ما هو مبغوض له فعدم السقوط من هذه الناحية لا من ناحية استحالة اجتماع الامر والنهى فى شيء واحد فبطبيعة الحال يتقيد الواجب بغيره فلا محاله يرجع الى الشك فى الاطلاق والاشتراط بمعنى ان وجوبه مطلق فلا يسقط عن ذمته باتيانه فى ضمن فرد محرم او مشروط بعدم اتيانه فى ضمنه ومقتضى الاطلاق عدم الاشتراط ان كان وإلّا فالمرجع اصالة البراءة الخ والذى يرد عليه ان العام لا يعنون بعنوان الخاص بل هو يوجب مقراض بعض الافراد وهم غير العدول عن تحت الحكم وبقية الافراد تحت الحكم لا تحتاج الى اثبات عنوان العدالة بل شمول الحكم لها طبيعى فلا يتقيد الواجب بغيره بل يكون كموت بعض الافراد فلا يكون من دوران الامر بين الاطلاق والاشتراط والصحيح ما ذكرنا.

في اطلاق الصيغة النفسية والعينية والتعينية

نموذج الرابع ـ قال فى الكفاية ج ١ ص ١١٦ قضية اطلاق الصيغة ـ يعنى اذا

١٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

شك فى وجوب شيء من حيث انه نفسى او غيرى او تعيينى او تخييرى او عينى او كفائى ـ كون الوجوب نفسيا ـ اى لا غيريا ـ تعيينيا ـ اى لا تخييريا ـ عينيا ـ اى لا كفائيا ـ لكون كل واحد مما يقابلها يكون فيه تقييد الوجوب وتضييق دائرته ـ اى معنى كونه غيريا انه منوط بوجوب شيء آخر كما ان معنى كونه تخييريا انه منوط بعدم فعل شيء آخر ومعنى كونه كفائيا انه منوط بعدم فعل مكلف آخر وهذه الاناطة تقييد فى الوجوب ينفيه اطلاق دليله ـ فاذا كان فى مقام البيان ولم ينصب قرينة عليه فالحكمة تقتضى كونه مطلقا وجب هناك شيء آخر او لا اتى بشيء آخر او لا اتى به آخر او لا كما هو واضح لا يخفى الخ فيرجع الى قيد زائد انه غيرى او يسقط ولو باتيان شخص او باتيان مصداق آخر وحيث كان المولى فى مقام البيان ولم يبين فالاصل عدم وجود هذا القيد هذا هو الوجه الاول للاطلاق لكن ربما يناقش ان المولى اذا قال يجب على زيد ان يقوم فظاهر الهيئة الكلامية دخل كل من خصوصيتى القيام وزيد فى موضوع الوجوب على نحو لا يكفى القعود عن القيام ولا عمرو عن زيد فيكون الوجوب تعيينيا عينيا ولا يتوقف على مقدمات الاطلاق ، واما كون الوجوب نفسيا ناشئا عن مصلحة فى متعلقه او غيريا ناشئا عن مصلحة فى غيره فلا دلالة للكلام ولا لمقدمات الحكمة على احدهما نعم اطلاق البعث نحو الشى يكون حجة عند العقلاء على وجوبه واحتمال عدم ارادته لعدم القدرة على ما يحتمل كونه واجبا لاجله لا يصلح عذرا فى نظر العقلاء ولعل هذا هو المراد بالاطلاق لكن فى اسناده الى الصيغة تامل ، هذا مضافا لى انه يمكن ان يقال اما اولا بان الفاظ موضوعة مهملة وقابلة للاطلاق والتقييد ومقدمات الحكمة لا تثبت الاطلاق بل تنفى القيد واثباته يحتاج الى دليل على حدة ، وثانيا ليس الوجوب النفسى والغيرى من صنف واحد حتى يقال ان الوجوب النفسى مطلق بالنسبة اليه بل الوجوب الغيرى هو الوجوب الناشى عن وجوب آخر غير مربوط بما دل عليه الخطاب فعلا ، وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤١ فى وجه ذلك ان النفسية ليست إلّا عدم كون الوجوب للغير وكذا البواقى وعدم القرينة على القيود الوجودية دليل على عدمها وإلّا لزم نقض الغرض لا ان النفسية والغيرية قيدان وجوديان واحدهما وهو الاطلاق من حيث وجوب شىء آخر مثلا كانه ليس تقييد بل احد القيدين عدمى ويكفى فيه عدم نصب القرينة على الوجودى المقابل له فمقتضى

١٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الحكمة تعيين المقيد بالقيد العدمى لا المطلق من حيث وجوب شىء آخر كما هو ظاهر المتن اذ المفروض اثبات الوجوب النفسى وهو الوجوب لا لغيره لا الوجوب المطلق الذى وجب هناك شىء آخر اولا اذ ليس الوجوب الغيرى مجرد وجوب شىء مع كون الشىء الآخر واجبا مقارنا معه بل الوجوب المنبعث عن وجوب آخر ومن الواضح ان اطلاق الوجوب من حيث انبعاثه عن وجوب آخر وعدمه غير معقول وكذا الوجوب التخييرى هو الوجوب المشوب بجواز الترك الى بدل واطلاق الوجوب من حيث الاقتران بجواز الترك وعدمه غير صحيح بل المراد بالاطلاق المعين للنفسية واقرانها هو عدم التقييد بما يفيد الغيرية والتخييرية والكفائية كما صرح به قده فى آخر المطلق والمقيد الخ وفيه ان الوجوب النفسى والغيرى وان قيل ان لهما جهة اشتراك وهى البعث نحو امر وجهة افتراق وهى عدم ذكر كونه ناشئا عن الغير فى النفسى وكونه من الغير فى الغيرى كما قيل فى الامر الاستحبابى ولكن ليس كذلك بل الفرق بينهما ماهوى ولا يمكن اثبات قيد للطبيعة بواسطة نفى احدهما فانه ارادة تامة وناقصة على ما عرفت وتعرف ـ واما ما ذكره اخيرا فهو الذى اراد صاحب الكفاية واراد ذلك اشارة ، والوجه الثالث يمكن ان يقال ان الامر المطلق يحمل على ما ذكر لا لاجل دلالة اللفظ اى لا مادة ولا هيئة بل لان صدور الامر عن المولى تمام الموضوع للطاعة اى ببناء العقلاء وحكم العقل ووظيفة العبودية فاذا تعلق امر بشىء يصير حجة عليه لا يسوغ له العدول الى غيره باحتمال التخيير فى متعلق الامر كما لا يجوز له الترك مع اتيان الغير باحتمال الكفائية ولا التقاعد عن اتيانه باحتمال الغيرية مع سقوط الوجوب عن غيره الذى يحتمل كون الامر المفروض مقدمة له وكل ذلك لا لاجل دلالة بل لبناء منهم على ذلك وان لم نعثر على علة البناء وملاكه لكنا نشاهده مع فقدان الدلالة اللفظية كافادة البعث بنحو الإشارة ، وان ابيت عن ذلك وقلت ان بناء العقلاء كذلك لم يثبت فنقول هو ان كلا منهما يكون اثباته بواسطة القيد اعني البعث يدل على نفس الطبيعة وكونه نفسيا او غيريا قيد وجودى يكون به نوعية كل منهما إلّا ان فى نظر العرف احد القيدين قليل المئونة بحيث لا يرى العرف عناية رائده فيه وهى كون الوجوب نفسيا والفرد الآخر وهو كونه غير يا يحتاج الى مئونة وهو كونه ناشئا عن الغير فيحمل الخطاب ابتداء على الطبيعة لعدم المئونة للنفسية كما قد يقال فى الحمل

١٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

على صرف الوجود عند الدوران بينه وبين الطبيعة السارية فان الامر مثل النهى ولكن هو يدل على صرف الوجود والنهى يدل على السريان لان صرف العدم يكون بفقدان جميع الافراد بخلاف صرف الوجود فانه يتحقق بفرد واحد فدلالته على السريان يحتاج الى مئونة بخلاف دلالة النهى عليه. وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢٠٠ حول حقيقة الواجب التخييرى ان الأقوال فيه ثلاثة الاول ان الواجب ما اختاره المكلف فى مقام الامتثال ففى موارد التخيير بين القصر والتمام مثلا لو اختار المكلف القصر فهو الواجب عليه ولو عكس فبالعكس ، الثانى ان يكون كل من الطرفين او الأطراف واجبا تعيينيا ومتعلقا للارادة ولكن يسقط وجوب كل منهما بفعل الآخر فيكون مرد هذا القول الى اشتراط وجوب كل من الطرفين او الاطراف بعدم الاتيان بالآخر ، الثالث ما اخترناه من ان الواجب هو احد الفعلين او الافعال لا بعينه وتطبيقه على كل منهما فى الخارج بيد المكلف كما هو الحال فى موارد الواجبات التعيينية غاية الامر ان متعلق الوجوب فى الواجبات التعيينية الطبيعة المتاصلة والجامع الحقيقى وفى الواجبات التخييرية الطبيعة المنتزعة والجامع الانتزاعى ـ فلا مانع من اعتبار الشارع احد الفعلين او الافعال على ذمة المكلف الخ والاقوال الثلاثة فى محالها مخدوشة سيما الأخيرة فان الواحد اللامعين هو الفرد المردد ولا وجود له فى الخارج حتى يعتبره فى ذمة المكلف كما ان القول بان الوجوب تابع لاختيار المكلف محال فانه يختار اى شىء ويتفحص عن اى حكم مع ان الحكم تابع لاختياره فهو محال وله توالى فاسده ، كما لو كان كل منها مقيدا بعدم فعل الآخر يلزم الدور ـ ولم يحتمل هنا احتمالا رابعا بان الوجوب إرادة ناقصة وان يكون وجوب كل واحد عند حصة وحالة خاصه وهو سد باب عدمه مطلقا ما عدى حالة خاصة وهو اتيان الآخر من عدل التخيير او عدل المكلف وبذلك يرتفع المحاذير كما سيأتى فى محله ـ ومن هنا لا يبقى مجال لما قال ايضا فى المحاضرات ج ١ ص ٢٠٢ حول حقيقة الوجوب الكفائى وجوه الاول ان يقال ان التكليف متوجه الى واحد معين عند الله ولكن يسقط عنه بفعل غيره لفرض ان الغرض واحد فاذا حصل فى الخارج فلا محاله يسقط الامر ، الثانى ان يقال ان التكليف فى الواجبات الكفائية متوجه الى مجموع آحاد المكلفين من حيث المجموع على نحو العموم المجموعى الثالث ان يقال ان التكليف متوجه الى عموم المكلفين على نحو

١٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

العموم الاستغراقى فيكون واجبا على كل واحد منهم على نحو السريان غاية الامر ان وجوبه على كل مشروط بترك الآخر الرابع ان يكون التكليف متوجها الى احد المكلفين لا بعينه المعبر بصرف الوجود وهذا الوجه هو الصحيح الخ وقد عرفت ان صرف الوجود من المكلفين لا وجود له فى الخارج وانما الخارج وجود معين شخصى وبعد تحققه ينتزع منه صرف الوجود لا الواحد على البدل كما لا معنى للمجموع يتعلق التكليف بل على كل واحد بارادات ناقصة فى حال عدم اتيان الغير كما لا يخفى وهذا الاحتمال الخامس هو المتعين ولم يحتمله ، هذا كله مقتضى الاطلاق واما مقتضى الاصل العملى فسيأتي فى بحث البراءة إن شاء الله تعالى واشرنا الى ذلك لاجل التمهيد لما سيأتي من بيان حقيقة هذه الواجبات على نحو التفصيل فانتظر إن شاء الله تعالى.

فى الامر عقيب الحظر اوتوهمه

نموذج الخامس فى البحث عن وقوع الامر عقيب الحظر او توهم الحظر قال فى الكفاية ج ١ ص ١١٦ انه اختلف القائلون بظهور صيغه الامر فى الوجوب وضعا او اطلاقا فيما اذا وقع عقيب الحظر او فى مقام توهمه على اقوال نسب الى المشهور ظهورها فى الإباحة والى بعض العامه ظهورها فى الوجوب والى بعض تبعيتها لما قبل النهى ان علق الامر بزوال علة النهى الى غير ذلك الخ وللقول الاخير قوله تعالى (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) وقوله تعالى (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ) وقوله تعالى (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) وكذا قوله تعالى (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) وقوله عليه‌السلام دع الصلاة ايام اقرائك فان الامر بقتل المشركين فى الآية الاولى بعد الانسلاخ والامر بحلق الرأس بعد وصول الهدى الى محله فى الآية الأخيرة والامر بالصلاة والصوم بعد رفع المانع عن الحائض والنفساء قد تعلق بزوال علة النهى وهو الانسلاخ فى الآية الاولى ووصول الهدى محله فى الأخيرة ودفع المانع عن الحائض والنفساء فى الرواية وهكذا غيرها وما ورد فى الاعتكاف لا تخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها وغير ذلك واما الامر فى مقام توهم الحظر فى الرواية فى ابواب الاستحاضة المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر وتصلى الظهر والعصر ثم تغتسل عند المغرب فتصلى المغرب والعشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلى الفجر ، فالأمر عقيب

١٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

توهم الحظر والمنع عن وقوع الصلاتين بغسل واحد ، ثم انه دعوى الظهور فيما ذكر اما يكون لدعوى ان للصيغة وضعين فى حالين احدهما فى غير مقام الحظر وهو الوجوب والثانى فى مقامه وهو غيره ، وهذا ظاهر البطلان بل له وضع واحد اما لمطلق الطلب او للوجوب بالخصوص على ما مر ، واما لدعوى ان وقوعها عقيب الحظر يكون قرينة عامة على واحد من الوجوه كما يظهر من الكلمات واما لدعوى ان مقدمات الحكمة تقتضى الحمل على احدها والقدر المتيقن هى الاباحة وسيأتى ، بقى شيء وهو تحرير محل النزاع ذكر المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٠٩ الظاهر ان مورد النزاع ومحل الكلام بينهم انما هو فى مورد كان متعلق الامر بعينه هو المتعلق للنهى من حيث العموم والخصوص كما فى قوله لا تكرم النحويين او لا تكرم زيدا وقوله بعد ذلك اكرم النحويين او اكرم زيدا وإلّا فمع اختلاف متعلق الامر والنهى من جهة العموم والخصوص كان خارجا عن موضوع هذا لنزاع نظير قوله لا تكرم النحويين وقوله اكرم الكوفيين منهم فانه فى مثله لا بد من التخصيص او التقييد الكاشف عن عدم تعلق النهى بالخاص من اوّل الامر يشهد لذلك بناء العرف فى نحو ذلك بحمل العام والمطلق فيها على الخاص والمقيد الخ اذا عرفت ذلك كله قال فى الكفاية ج ١ ص ١١٦ والتحقيق انه لا مجال للتشبث بموارد الاستعمال فانه قل مورد منها يكون خاليا عن قرينة على الوجوب او الإباحة او التبعية ومع فرض التجريد عنها لم يظهر بعد كون عقيب الحظر موجبا لظهورها فى غير ما تكون ظاهرة فيه غاية الامر يكون موجبا لاجمالها عن ظاهرة فى واحد منها إلّا بقرينة الأخرى كما اشرنا الخ وحاصله ان وقوع الامر عقيب الحظر لم يظهر انه من القرائن العامه التى لا يجوز العدول عن مقتضاها إلّا بدليل الموجبة لظهور الصيغة فى الإباحة مطلقا او الوجوب او رجوع الحكم السابق على النهى او غير ذلك والاستعمال يدل على شىء من ذلك لامكان استناد الظهور فيه الى قرينة خاصه غير الوقوع عقيب الحظر فلا يصح الاستناد اليه فى اثبات الدعوى ، وذكر المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٠٩ بانه ان بنينا على حجية اصالة الحقيقة من باب التعبد العقلائى فلا شبهة فى ان لازمه هو الحمل على الوجوب ما لم يكن فى البين قرينة قطعيّة على الخلاف حيث ان مجرد وقوعه عقيب الحظر او توهمه لا يمنع عن الحمل على الحقيقة ، واما لو بنينا على حجيتها من باب الظهور

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

التصديقى كما هو التحقيق ففى ذلك لا مجال للحمل على الوجوب لانه بمحض اقترانه بما تصلح للقرينية ينتفى ظهوره فيما كان ظاهرا فيه فلا يبقى له ظهور فى الوجوب بل ولا فى الاستحباب ايضا بحيث لو قام بعد ذلك دليل على الخلاف يحكم بالمعارضة بينهما ضرورة انه بعد ارتفاع ظهوره فى الوجوب لا مقتضى فى تعين ظهوره فى غيره من الاستحباب او الإباحة بالمعنى الاخص بل هو يصير حينئذ مجملا من تلك الجهة غير ظاهر فى شىء مما ذكر الا مع قيام القرينة فى البين على ارادة الندب او الاباحة او على حكم ما قبل النهى وإلّا فمع خلو المقام عن القرينة لا يكون فيه ظهور لا فى الوجوب ولا فى الندب ولا فى الإباحة بالمعنى الاخص نعم يستفاد من هذا الامر عدم الحرج فى الفعل واباحته بالمعنى الاعم الذى هو جامع بين الوجوب والندب والإباحة بالمعنى الاخص ومن ذلك يحتاج فى تعيين احدى الخصوصيات الى ملاحظه خصوصيات الموارد وقيام القرينة على التعيين نعم يمكن ان يقال باستفادة الاستحباب فى خصوص العبادات نظرا الى اقتضاء الامر فيها لمحبوبية المتعلق ورجحانه إذ حينئذ بعد ارتفاع ظهوره فى الوجوب من جهة وقوعه عقيب الحظر او توهمه يمكن الحكم باستحبابه نظرا الى قضية ظهوره فى محبوبية المتعلق ورجحانه ففى الحقيقة استفادة الاستحباب ح فى العبادات انما هو لمناسبة خصوصية المورد لا من جهة ظهور الامر فى الاستحباب بعد ارتفاع ظهوره فى الوجوب كم هو واضح ، الخ فان الملاك فى اصالة عدم القرينة هو الظهور او مع احقاف الكلام وشك فى قرينيته لا ينعقد ظهور ولم يحرز بنائهم على العمل بالاصل المذكور تعبدا بلا ظهور واما استفادة الاستحباب الشرعى فمحل اشكال اما الرجحان فلا يدل على الاستحباب الشرعى وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤٢ الوجه الثالث المتقدم قال نعم ربما يتشبث بذيل دليل الحكمة لتعيين بعض المحتملات بملاحظة كونه قدرا متيقنا بتقريب ان المورد اذا لم يكن عباديا واحتمل الإباحة الخاصة كان هى المتيقن لان الاذن معلوم والاباحة الخاصة هو الاذن الساذج اى الاذن الذى ليس فيه اقتضاء طلبى فالقيد عدمى يكفى فى عدمه عدم القرينة على ثبوته بخلاف غيرها واذا كان المورد عباديا ولم يحتمل الاباحة الخاصة كان المتيقن هو الاستحباب لان اصل الاقتضاء معلوم لخروج الاباحة الخاصة على الفرض وحد الاستحباب عدمى اى عدم المنع من الترك يكفى فيه عدم نصب القرينة

١٨٧

والله العالم. مقالة (١) فى ان صيغ الاوامر هل يقتضى الاتيان بالمأمور به مرة او

______________________________________________________

عليه والفرق بين ما نحن فيه وبين ما تقدم فى حمل الصيغة على الوجوب بمقدمات الحكمة هو ان الصيغة ظاهرة وضعا فى الطلب والوجوب لا يزيد على الطلب بما هو بشىء بخلاف ما نحن فيه فان اصل الاقتضاء علم من الخارج حسب الفرض وخصوصية الندب حيث كانت عدمية لا يحتاج الى دليل فلذا صار الاستحباب متيقنا من بين المحتملات نعم يرد عليه ان القدر المتيقن الذى يصح الاتكال عليه عرفا هو المتيقن فى مقام التخاطب والمحاورة لا المتيقن فى مقام المرادية مع ان الاقتضاء بعد خروج الإباحة الخاصة غير معلوم لاحتمال الكراهة الغير المنافية للاذن والرخصة فافهم الخ والجواب عنه انه قد تقرر فى محله ان لنا اباحة اقتضائية واباحة لااقتضائية والاول ضد لسائر الاحكام فكيف يمكن ان يقال يكون هو المتيقن من الخطاب والكلام فى هذا القسم من الاباحة الذى يراد استفادته من الجهات ، وان وصلت النوبة الى الاصل العملى فى المسأله الفرعية فان له الحالة السابقة يؤخذ به وإلّا فالمرجع البراءة والحمد لله.

في بيان دلالة الامر على المرة او التكرار

(١) نموذج السادس فى ان الامر هل يدل على المرة او التكرار او لا يدل إلّا على صرف وجود الطبيعى الذى يتحقق باول وجوده عقلا فيه وجوه ولعله اقوال ايضا قال استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢٠٦ لا اشكال فى انحلال الاحكام التحريمية بانحلال موضوعاتها كما تنحل بانحلال المكلفين خارجا ضرورة ان المستفاد عرفا من مثل قضية لا تشرب الخمر او ما شاكلها انحلال الحرمة بانحلال وجود الخمر فى الخارج ـ واما التكاليف الوجوبية فائضا لا اشكال فى انحلالها بانحلال المكلفين وتعددها بتعددهم بداهة ان المتفاهم العرفى من مثل قوله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) او ما شاكله هو تعدد وجوب الحج بتعدد افراد المستطيع خارجا واما انحلالها بانحلال موضوعاتها فيختلف ذلك باختلاف الموارد فتنحل فى بعض الموارد دون بعضها الآخر ومن الاول قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) وقوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) وما شاكلهما حيث ان المتفاهم العرفى منهما هو الانحلال وتعدد وجوب الصلاة ووجوب الصوم عند تعدد الدلوك والرؤية ومن الثانى قوله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) الخ حيث ان المستفاد منه عرفا عدم

١٨٨

يقتضى تكرارا او لا يقتضى شيئا منهما بل العقل (١) حاكم بالاكتفاء بالمرة فى مورد وعدمه اخرى ولو من جهة اختلاف المراد من الصيغ حسب اختلاف المقامات المشهور هو الاخير (٢) واظن (٣)

______________________________________________________

انحلال وجوب الحج بتعدد الاستطاعة خارجا فى كل سنة ـ ان صيغه الامر او ما شاكلها لا تدل على التكرار ولا على المرة فى كلا الموردين واستفادة الانحلال وعدمه انما هى بسبب قرائن خارجيه وخصوصيات المورد لا من جهة دلالة الصيغة عليه وضعا وبكلمة اخرى ان المرة والتكرار فى الافراد الطولية والوحدة والتعدد فى الافراد العرضية جميعا خارج عن اطار مدلوله الصيغة الخ وفيه ان انحلال الاحكام اجنبى عن المقام فان الانحلال انما جاء باعتبار تعلق الطلب فى مرحلة العقل على سنخ الحكم وعلى مسلكهم كانت القضية حقيقيه وتعلق الحكم على موضوع مفروض الوجود لكن الكلام ان الحكم شخصى فهل فى مرحلة الامتثال يسقط بفرد واحد ام لا وعلى اى تحقيق الكلام يكون فى ضمن امور.

(١) فى مرحلة الامتثال.

(٢) الامر الاول ان المشهور هو عدم الدلالة على شىء منهما وهو التحقيق لما عرفت غير مرة ان الامر مركب من مادة وهيئة وان المادة تدل على الحدث الملحوظ لا بشرط وان الهيئة انما تدل على البعث نحو تلك المادة فلم يبق فى كلمة الامر ما يجوز ان يكون دالا على احد الامرين المزبورين نعم قد يستفاد من القرائن كمقدمات الحكمة وغيرها ان المادة مطلوبة على نحو يستلزم امتثاله التكرار تارة واخرى يتحقق بالمرة مثلا مقدمات الحكمة قد تقتضى ان المادة مطلوب ايجادها بنحو صرف الوجود وقد تقتضى انها مطلوب ايجادها بنحو الطبيعة السارية مثل أحل الله البيع واو فوا بالعقود وبما ان مقدمات الحكمة تقتضى ان المطلوب بالامر هو صرف الوجود صح ان يقال ان الامر يدل على المرة.

(٣) الامر الثانى ان الدال على المرة والتكرار عند القائل به هل هى صيغه الامر او مادته او المجموع منهما قال فى الفصول ص ٧٢ وانما حررنا النزاع فى الهيئة لنص جماعة عليه ولان الاكثر حرر والنزاع فى الصيغة وهى ظاهرة بل صريحة فيها ولانه لا كلام فى ان المادة وهى المصدر المجرد عن الكلام والتنوين لا تدل الاعلى

١٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الماهية من حيث هى على ما حكى السكاكى وفاقهم عليه وخص نزاعهم فى ان اسم الجنس هل يدل على الجنس من حيث هو او على الفرد المنتشر بغير المصدر ويؤيد ذلك بل يدل عليه عدم احتجاج القائل بالمرة هنا بدلالة المادة عليها مع ان من المواد ما لا نزاع فى دلالته على الدوام والاستمرار الخ واجاب عنه فى الكفاية ج ١ ص ١١٧ فانه غفلة وذهول عن ان كون المصدر كذلك لا يوجب الاتفاق على ان مادة الصيغة لا تدل الاعلى الماهية ضرورة ان المصدر ليست مادة لسائر المشتقات بل هو صيغه مثلها كيف وقد عرفت فى باب المشتق مباينة المصدر وسائر المشتقات بحسب المعنى كيف بمعناه يكون مادة لها فعليه يمكن دعوى اعتبار المرة والتكرار فى مادتها ان قلت فما معنى ما اشتهر من كون المصدر اصلا فى الكلام قلت مع انه محل الخلاف معناه ان الذى وضع اولا بالوضع الشخص ثم بملاحظته وضع نوعيا ـ اي بالنسبة الى المادة ـ او شخصيا اى بالنسبة الى الهيئة سائر الصيغ التى تناسبه مما جمعه معه مادة لفظ متصورة فى كل منها ومنه بصورة ومعنى كذلك هو المصدر او الفعل الخ ولا يخفى ما فى هذا الجواب فانه اذا ثبت بالاتفاق المزبور ان المصدر لا يدل على المرة والتكرار ثبت ان مادة المصدر لا تدل على شىء منهما وذلك يدل على ان مادة الامر ايضا لا تدل على شيء من المرة والتكرار لاتحاد مادة الامر والمصدر فكان تمام نظره فى النقض بمثل المصدر المجرد عن اللام والتنوين الى تلك المادة المأخوذة فيه التى هى جهة مشتركه سارية فيه وفى سائر الصيغ من الماضى والمضارع وغيرهما لا ان نظره الى ان المصدر هو الاصل والمادة لسائر المشتقات نعم لو قيل بعدم انحلال الوضع فى المشتقات الى وضعين وضع المادة المشتركة فى الجميع وضعا نوعيا ووضع الهيئة فى كل واحدة من الصيغ وضعا نوعيا او شخصيا على الكلام فيه وان الوضع فى كل واحدة من الصيغ من قبيل الوضع فى الجوامد فى كون كل واحد منهما مادة وهيئة موضوعا لمعنى خاص لامكن المجال لما فى الكفاية من المناقشة بان عدم دلالة المصدر على المرة والتكرار لا يقتضى عدم دلالة الصيغة عليهما لكن الكلام فى اصل المبنى فانه خلاف ما عليه المحققون فى اوضاع المشتقات اذ بنائهم فيها على انحلال الوضع فيها الى وضعين مادة وهيئة وعلى ذلك فيتجه الاستدلال لعدم دلالة المبدا فى الصيغة على المرة والتكرار بانتفائها فى طرف المصدر المجرد عن اللام و

١٩٠

ارجاع الاولين (١) اليه ايضا بملاحظة نظر كل طائفة الى اقتضاء (٢) الصيغ فى مورد معنى لا يحكم العقل فيه الا بالاكتفاء بالمرة (٣) وفى مورد آخر (٤) يقتضى معنى لا يحكم العقل إلّا اتيانه مكررا غاية الامر أخطئوا فى تسرية ما فهموه على طبق مرامهم فى كل مورد والتزموا بما التزموه على الاطلاق (٥) وإلّا ففى غاية البعد منهم اخذ القيدين فى مدلول الصيغ (٦) مع إباء مادته وهيئته عنه (٧) كما لا يخفى وبالجملة (٨)

______________________________________________________

التنوين ـ وقال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤٢ بل لا يعقل اذ ليس النزاع فى وضع الصيغة للطلب المكرر والدفعى بل فى وضعها لطلب الشىء دفعة او مكررا فالمرة والتكرار من قيود المادة لا الهيئة الخ.

(١) ثم قدس‌سره فى بيان تأويل القولين الاولين من المرة والتكرار بعدم دلالة المادة ولا الصيغة على ذلك بل صاحب القولين ايضا يقولون بدلالة المادة على صرف الطبيعى والهيئة الاعلى النسبة الإرسالية الملازمة لطلب الطبيعة وانما المرة والتكرار يكون بمقدمات الحكمة كما اشرنا اليه وحكم العقل على اختلاف الموارد.

(٢) مقدمات الحكمة.

(٣) من جهة تحقق صرف الوجود باول وجوده وتحقق الامتثال بذلك.

(٤) ايضا بمقدمات الحكمة تقتضى الطبيعة السارية كما مر.

(٥) وانما خطاهم فى انه يدل على التكرار مطلقا او على المرة مطلقا بل يختلف بحسب الموارد.

(٦) وقد عرفت ان مدلول الصيغة آب عنهما.

(٧) ايضا عرفت ذلك فى الامر الاول.

(٨) الامر الثالث فى تعيين المراد من المرة والتكرار حيث ان فيها وجوها ثلاثة الاول ان يكون المراد من المرة هو الفرد فيقابلها التكرار بمعنى الافراد الثانى ان يكون المراد منها الوجود الواحد وفى قبالها التكرار بمعنى الوجودات ، والفرق بينهما هو انه على الاول يكون الفرد بخصوصية الفردية تحت الطلب والامر بخلافه على الثانى فانه عليه يكون مطلوبية الفرد بما انه وجود للطبيعى فتكون خصوصية الفردية

١٩١

نقول ان الظاهر (١) من العنوان كون المراد من القيدين الدفعة والدفعات (٢) لا

______________________________________________________

خارجة عن دائرة الطلب وربما يثمر ذلك فى مقام الامتثال عند الاتيان بالفرد بقصد الخصوصية لا بما انه وجود الطبيعى حيث انه على الاول يقع الامتثال بالخصوصية بخلافه على الثانى فانه علاوه عن عدم تحقق الامتثال بالخصوصية ربما صدق التشريع المحرم ايضا فى قصده الخصوصية نظرا الى ما هو المفروض من خروج الخصوصية عن دائرة الطلب والامر ، الثالث ان يكون المراد من المرة الدفعة ومن التكرار ما يقابلها وهو الدفعات والفرق بين ذلك والوجهين المتقدمين واضح اذ على هذا المعنى ربما يتحقق الامتثال بالمتعدد فيما لو اوجد دفعة افرادا متعددة فانه ح يتحقق الامتثال بالمجموع بخلافه على المرة بمعنى الفرد او الوجود الواحد فانه عليهما يقع الامتثال بواحد منها وح فهذه احتمالات ثلاثة فى المراد من المرة والتكرار ، قال صاحب الكفاية فيها ج ١ ص ١١٩ ثم المراد بالمرة والتكرار هل هو الدفعة او الدفعات او الفرد والافراد والتحقيق ان يقعا بكلا المعنيين محل النزاع وان كان لفظهما ظاهرا فى المعنى الاول الخ وقال فى الفصول ص ٧٢ ثم هل المراد بالمرة الفرد الواحد وبالتكرار الافراد او المراد بها الدفعة الواحدة وبالتكرار الدفعات وجهان استظهر الاول منهما بعض المعاصرين ولم نقف له على ماخذ والتحقيق عندى هو الثانى لمساعدة ظاهر اللفظين عليه فانه لا يقال لمن ضرب بالسوطين دفعة انه ضرب مرتين او مكررا بل مرة واحدة الخ.

(١) الاحتمال الاول ربما يقال بعيد غايته عن مصب كلماتهم بقرينة النزاع الآتي فى تعلق الامر بالطبيعة او الفرد فانه لو كان المراد من المرة فى المقام هو الفرد لكان اللازم هو ذكرهم ذلك فى طى المقام الآتي فى انه بعد فرض تعلق الامر بالفرد لا بالطبيعة فهل الامر يدل على فرد واحد او على افراد متعددة لا جعلهم ذلك بحثا مستقلا فى قبال البحث الآتي وح فنفس تعرضهم لهذا لبحث مستقلا فى قبال البحث الآتي قرينة على ارادتهم من المرة فى المقام الفرد والافراد كما هو واضح وسيأتى الجواب عنه ولعل المراد الظاهر من العنوان عرفا هو ذلك كما لا يخفى وهو الدفعة والدفعات لا غيرها من الامرين الآخرين.

(٢) والوجه فى ذلك انه هو المنساق منها فى الذهن عند العرف ومن ذلك لو اتى بالماء مثلا فى ظروف متعددة دفعة واحدة لا يقال بانه اتى بالماء مرات أو أتى به

١٩٢

الوجود والوجودات (١) وعلى اى تقدير (٢) لا يرتبط (٣) المسألة بباب تعلق

______________________________________________________

متكررا بل يقال انه اتى بالماء مرة واحدة.

(١) الامر الرابع ثم على الدفعة او الوجود هل المراد هو المرة بنحو بشرط لا عن الزيادة فى مرحله الوجود الخارجى او المرة بنحو لا بشرط على معنى وقوع الامتثال بواحد من الوجودات وباوّل وجود على المرة بمعنى الدفعة وصيرورة الزائد لغوا فيه كلام مقتضى ما يستفاد من كلماتهم وظاهرهم انما هو صيرورة الزائد على المرة باى معنى فرضناها لغوا محضا فى قبال القائل بالتكرار الذى يقول بتحقق الامتثال بالزائد ايضا لا انه كان مخلا ايضا بالامتثال بالنسبة الى اول وجود.

(٢) الامر الخامس هنا توهمان ودفع كل منهما واشرنا اليهما معا اما التوهم الأول ان النزاع على فرض ارادة الفرد والافراد من العنوان مبنى على المسألة الاخرى وهى كون الامر متعلقا بالطبيعة او الفرد فمن اختار ان الامر المتعلق بالفرد يصح له ان يبحث فى ان المطلوب هل هو الفرد الواحد او الافراد واما من يختار ان الامر متعلق بالطبيعة فلا يتاتى منه البحث المزبور كما هو واضح نعم على تقدير ارادة الدفعة والدفعات يجرى النزاع حتى على القول بتعلق الامر بالطبيعة وهذا التوهم من الفصول قال ص ٧٢ مع انهم لو ارادوا بالمرة الفرد لكان الانسب بل اللازم ان يجعل هذا المبحث تتمه للمبحث الآتي من ان الامر هل يتعلق بالطبيعة او الفرد فيقال عند ذلك وعلى تقدير تعلقه بالفرد هل يقتضى التعلق بالفرد الواحد او المتعدد او لا يقتضى شيئا منهما ولم يحتج الى افراد كل منهما بالبحث كما فعلوه واما على ما اخترناه ـ اى الدفعة والدفعات ـ فلا علقة بين المسألتين الخ.

(٣) اما الدفع فان البحث عن افاده الامر المرة او التكرار يصح حتى على القول بتعلق الامر بالطبيعة لان البحث عن ان الامر هل هو متعلق بالطبيعة او الفرد ليس المقصود به الا استكشاف كون الخصوصيات المفردة داخلة فى حيز الخطاب او ليست داخله وإلّا فمن الضرورى كون الطبيعة لا يمكن وجودها الا فى ضمن فرد ما وح يصح ان يقال بتعلق الامر بالطبيعة ثم يبحث عن ان المطلوب بالامر هل هى الطبيعة بايجادها فى ضمن فرد او افراد قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٠ فاسد لعدم العلقة بينهما لو اريد بها الفرد ايضا فان الطلب على القول بالطبيعة انما يتعلق بها باعتبار وجودها فى الخارج ضرورة ان الطبيعة من حيث هى ليست إلّا هى لا مطلوبة ولا غير مطلوبه ولهذا

١٩٣

الامر بالطبيعة او الافراد بخيال انه من تبعات تعلق الامر بالفرد فانه ح ينازع بان المراد فرد واحد او الافراد اذ على تقدير كون المراد الدفعة والدفعات الامر واضح (١) لملاءمته مع تعلق الامر بالطبيعة ايضا كما انه بناء على المعنى الآخر (٢)

______________________________________________________

الاعتبار كانت مرددة بين المرة والتكرار بكلا المعنيين فيصح النزاع فى دلالة الصيغة على المرة والتكرار بالمعنيين وعدمها اما بالمعنى الاول فواضح واما بالمعنى الثانى فلوضوح ان المراد من الفرد او الافراد وجود واحد او وجودات وانما عبر بالفرد لان وجود الطبيعة فى الخارج هو الفرد غاية الامر خصوصيته وتشخصه على القول بتعلق الامر بالطبائع يلازم المطلوب وخارج عنه بخلاف القول بتعلقه بالافراد فانه مما يقومه الخ قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤٣ حاصله ان المراد بالفرد هو وجود الطبيعة حيث انها لا وجود لها فى الخارج الا بوجود فردها والكلام فى المبحث الآتي ليس فى ان الطبيعة من حيث هى متعلقه للامر او فردها بل الكلام فى ان لوازم وجود الطبيعة ومشخصاته داخله فى المطلوب ومقومة له او خارجة عنه ومن لوازمه بعد الفراغ عن تعلق الطلب بوجود الطبيعة فالفرد هنا غير الفرد هناك ـ الى ان قال قلت هذا بناء على التحقيق من كون التشخص بنفس الوجود وما يراه الجمهور من مشخصات الطبيعة يكون من لوازم التشخص لا ما به التشخص اما لو قيل من كون التشخص بهذه الامور اللازمة بوجود الطبيعة فى الخارج فتكون لوازم الوجود فى هذه المسأله داخلة فى المطلوب فيتحد الفرد فى هذه المسأله المدلول عليه بالصيغة مع الفرد فى تلك المسألة فالتحقيق فى رد ما فى الفصول هو ان مجرد ترتب موضوع مسالة على موضوع مسألة اخرى او محمولها على محمولها لا يستدعى جعله تتمه لتلك المسألة بل ميزان الوحدة والتعدد وحدة جهة البحث وتعددها وتعدد جهة البحث هنا وهناك واضح فان جهتى الوحدة والتعدد فى الوجود وان كانتا عارضتين له ومترتبتين عليه لكنهما متغايرتان له قطعا فالبحث عن احدهما غير البحث عن الآخر وان كانت رتبة احدهما متاخره عن الآخر الخ.

(١) لا مكان اتيان الافراد دفعة واحدة فيلائم مع الامر بالطبيعة.

(٢) اى الوجود والوجودات من تعلق الامر بالطبيعة ويتحقق صرف الوجود باوّل وجوده من دون دخل الخصوصية الفردية.

١٩٤

ايضا يجئ هذا النزاع على الطبيعة بملاحظة قابلية الطبيعة لوحدة الوجود وتكرره الآبي عن دخل الخصوصية فى المطلوب وهذه الجهة غير مرتبط بعالم الفرد الملازم لدخل الخصوصيّة الفرديّة فى متعلق طلبه (١) كما ان هذا البحث (٢) غير مرتبط بالبحث الآتي (٣) من اقتضاء الامر للاجزاء وعدمه اذا البحث الآتي فى ان كل مطلوب يقتضى الاجزاء ام لا وهذا البحث فى ان المطلوب اى مقدار و

______________________________________________________

(١) والقول بالتكرار ايضا يحتمل فيه وجهان فانه على المعنيين من الوجودات والدفعات تارة يراد تكرر الوجود بنحو الارتباط كما فى العام المجموعى واخرى يراد تكرره بنحو الاستقلال والسريان على نحو كان كل فرد ووجود مورد التكليف مستقل كما نظيره فى العالم الاستغراقى والفرق بينهما واضح مثل الفرق بينهما والطبيعة الصرفة فانه على الثانى يكون كل فرد وكل وجود مورد التكليف مستقل حسب انحلال التكليف المتعلق بالطبيعة ويكون لكل واحد منها امتثال مستقل غير مرتبط بامتثال الآخر بخلافه على الاول فانه عليه وان لوحظ الطبيعى بنحو السريان فى ضمن الافراد إلّا انه بنحو كان المجموع موضوعا وحدانيا فى مقام تعلق الطلب والامر فمن هذه الجهة لا يكاد تحقق الامتثال إلّا باتيان الطبيعى خارجا متكررا ولا يكاد يكون لاتيان المجموع الا امتثال واحد ولا على مخالفتها الاعقاب واحد كما هو واضح.

(٢) اى المرة والتكرار قد يتوهم وهو التوهم الثانى ان البحث فى المقام هو نفس بحث الاجزاء حقيقة لكنه بعنوان آخر لان من يقول باجزاء الاتيان بالمامور به على وجهه عن اعادته ثانيا يريد بذلك كفاية المرة الواحدة عن التكرار ومن يقول بعدم الاجزاء يريد انه لا تكفى المرة الواحدة بل لا بد من اعادة العمل مرات متكررة وهو معنى القول بالتكرار.

(٣) هذا هو دفع التوهم وهو ان البحث فى مبحث المرة والتكرار انما يتعلق بمفاد الخطاب وتشخيص المطلوب بالامر وبحث الاجزاء انما يقصد به استعلام ان الاتيان بالمطلوب المشخص اى شىء كان هل يجزى عن اعادته ثانيا فيكون البحث الاول متعلقا بتشخيص الصغرى والبحث الثانى متعلقا بتحقيق الكبرى واين هذا من ذاك.

١٩٥

لا يرتبط احدهما بالآخر وكيف كان نقول ان (١) عمدة نظر القائل بالمرة الى الامر بالموقتات فى وقتها والامر بالحج وامثالها حيث لا يجب إلّا مرة ونظر (٢) القائل بالتكرار الى الامر بالصلاة بلحاظ الايام وصوم الرمضان بلحاظ السنوات وامثالها و (٣) لا يكاد يطرّد كلام كل واحد فى كل مورد (٤) وجواب كل واحد معلوم (٥) من امكان كون المراد من الصيغة بمادتها صرف الطبيعة فى الاول الملازم لحكم العقل بالاكتفاء بالمرة (٦) وكون المراد فى الثانى من المادة الطبيعة السارية الملازم عقلا لعدم الاكتفاء بمرة واحدة (٧) بلا كون المرة فى الاول ولا

______________________________________________________

(١) الامر السادس فى الوجوه التى استدل بها المرة والتكرار قال فى الفصول ص ٧٣ واخرى بالمعارضة بالحج حيث امر به ولا تكرار ويمكن ان يعارض ايضا بالصلاة بالنسبة الى كل وقت من اوقاتها حيث امر بها فيه ولا تكرار الخ هذا هو دليل القول بالمرة.

(٢) قال فى الفصول ص ٧٣ الاول انها لو لم يكن للتكرار لما تكرر الصوم والصلاة وقد تكررا واجيب تارة بمنع الملازمة لجواز ان يكون التكرار ثابتا فيهما بدليل آخر الخ وهذا هو دليل التكرار.

(٣) ويرد على كلا الدليلين بعدم الاطراد.

(٤) ذلك لعدم التكرار فى الصلاة فى وقتها كما عرفت وتكرار الحج بافساد الاول ونحوه ويكون الحج هو الاول والثانى عقوبة على قول وهو المختار عندى.

(٥) اما الجواب عن الصوم والصلاة المتكررة فى كل سنة ويوم ، ان تكرر الصلاة فى كل يوم والصوم فى كل سنة انما هو من جهة اقتضاء قضية الشرط لتعدد الوجود عند تكرره حسب اناطة وجوب الصوم بدخول شهر رمضان واناطة وجوب الصلاة بدخول الوقت واين ذلك واقتضاء الامر للتكرار.

(٦) لما عرفت من ان الصيغة تدل على صرف الطبيعى المتحقق عقلا بأول وجوده.

(٧) ولكن تدل المادة على الطبيعة السارية فى الاوامر تحتاج الى دليل حتى لا يكتفى عقلا فى مرحلة الامتثال الا بالتكرار وذلك كقضية الشرط المتقدم وكاوفوا بالعقود وأحل الله البيع ونحوهما فلا يكتفى بالمرة.

١٩٦

التكرار فى الثانى ماخوذا فى مدلول الصيغة ومن هذه الجهة (١) ذهب المشهور الى عدم اخذ واحد من القيدين فى مدلول الصيغة وانما هما من تبعات حكم العقل فى اخذ المادة صرف الطبيعة او الطبيعة السارية ومن هنا نقول (٢) ان طبع مقدمات الحكمة ايضا يقتضى كون المراد من المادة صرف الطبيعة إلّا اذا كان فى البين قرينة ولو بمثل مناسبة الحكم مع الموضوع كون المراد الطبيعة السارية ، ومن هذه الجهة ربما نقول ان الاصل فى الاوامر الاجزاء بالمرة الى ان يثبت

______________________________________________________

(١) من انه لا تدل المادة الاعلى صرف الطبيعى وكذا الهيئة لا تدل الاعلى طلب ايجاد الطبيعة فلا يكون فى شىء منهما اقتضاء المرة والتكرار اصلا وانما الاكتفاء بالمرة لاجل حكم العقل بتحقق صرف الوجود باول وجوده وتحقق الامتثال بذلك لا من جهة ان الامر يقتضى المرة كما ان تحقق الامتثال باتيان افراد عرضية دفعة انما هو من جهة انطباق الطبيعى المامور به على الجميع كانطباقه فى الأول على وجود واحد لا من جهة اقتضاء الامر للتكرار.

(٢) والمتحصل انه لا يدل الامر على شيء من المرة والتكرار لان الامر مركب من مادة وهيئة وان المادة تدل على الحدث الملحوظ لا بشرط والهيئة تدل على البعث نحو تلك المادة فلم يبق فى الصيغة ما يدل على المرة او التكرار نعم قد يستفاد من القرائن لمقدمات الحكمة وغيرها ان المادة مطلوبه على نحو يستلزم امتثاله التكرار تارة واخرى يتحقق بالمرة مثلا مقدمات الحكمة قد تقتضى ان المادة مطلوب ايجادها بنحو صرف الوجود وقد تقتضى انها مطلوب ايجادها بنحو الطبيعة السارية مثل أحل الله البيع واوفوا بالعقود وبما ان مقدمات الحكمة تقتضى ان المطلوب بالامر هو صرف الوجود صح ان يقال ان الامر يدل على المرة ، وربما يستدل للتكرار بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله اذا امرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم وفيه ما لا يخفى اذ بعد الغض عما يرد عليه من لزوم تخصيص الاكثر فى مثل الصلاة اليومية وصوم شهر رمضان وسائر الواجبات من الصلاة وغيرها نقول بانه ينافى ذلك ما فى ذيل تلك الرواية من الظهور بل الصراحة فى عدم لزوم التكرار وهو قوله ص ويحك وما يؤمنك ان أقول نعم والله لو قلت نعم لوجب فان المستفاد من الذيل خلاف ما يقول به القائل بالتكرار.

١٩٧

الخلاف نعم (١) فى المقام اشكال آخر (٢) وهو ان هذا الاصل ربما انقلب فى النواهى الشرعية النفسية حيث ان الاصل فيها كون المراد من مادتها الطبيعة السارية بشهادة عدم سقوط النهى بالعصيان وح يبقى مجال السؤال عن الفرق بين الامر والنهى بانه لم صار الاصل فى الامر المرة وفى النهى التكرار ، وقد يجاب (٣) بان مناسبة المفسدة للطبيعة السارية والمصلحة لصرف الطبيعة اوجب الفرق بينهما ، وهو كلام ظاهرى (٤) لالتيام كل من المصلحة والمفسدة لكل نحو من الطبيعة (٥)

______________________________________________________

(١) الامر السابع فى وجه الفرق بين الاوامر والنواهى.

(٢) اما الاشكال هو ان الأمر يجرى فى مقام امتثاله صرف وجود متعلقه بخلاف النهى فانه لا بد من ترك جميع وجودات متعلقة فى مقام امتثاله مع ان متعلق النهى هو بنفسه متعلق الامر لذا يكون مقابل افعل هو لا تفعل فاذا كان البعث فى افعل على صرف الوجود فاللازم ان يكون الزجر فى لا تفعل ايضا عن صرف الوجود ولازم ذلك هو الاجتزاء بترك صرف الوجود فى مقام امتثال النهى وهو يحصل بترك الطبيعة المنهى عنها آناً ما ولكن ليس الامر كذلك بل لا بد من ترك جميع وجودات الطبيعة المنهى عنها فما هو الوجه فى هذا الافتراق بين الامر والنهى مع اشتراكهما ظاهرا فى نحو التعلق.

(٣) وذكروا فى الفرق بينهما بوجوه الوجه الاول ما اشار اليه المحقق الماتن قدس‌سره وملخصه ان النواهى كاشفة عن مفسدة فى المتعلق والاوامر كاشفة عن مصلحة فيه وتحصيل المصلحة يقتضى الاكتفاء بالمرة بخلاف دفع المفسدة فانه لا يتحقق إلّا بترك جميع الافراد الملازم لكون المراد مع المتعلق الطبيعة السارية.

(٤) وملخص الجواب عن هذا الوجه ان مصلحة المتعلق ان كانت قائمة بالطبيعة السارية فلا وجه للاكتفاء بالمرة كما ان المفسدة اذا كانت قائمة بصرف الوجود بحيث كان صرف الترك محبوبا توجه الاكتفاء بالمرة واما نفس المصلحة والمفسدة فلا يقتضيان شيئا منهما.

(٥) الوجه الثانى ان مفاد الامر هو البعث الى الطبيعة وهو يحصل باول الوجود

١٩٨

والاولى ان يقال (١) ان طبع اطلاق المادة فى المقامين (٢) وان كان مقتضيا لموضوعية صرف الطبيعة (٣)

______________________________________________________

ومفاد النهى الزجر عنها وهو لا يحصل عقلا إلّا بترك جميع الافراد والجواب عنه اذا كانت الطبيعة على نحو الطبيعة السارية فهى لا تحصل عقلا باول الوجود بل يتوقف تحققها على تحصيل كل فرد ممكن منها كما فى قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) كما انه اذا كانت على نحو صرف الوجود فنفيها يتحقق بترك اول الوجود فان من الواضح ان امتثال النهى المتوجه الى الطبيعة على نحو صرف الوجود يكون بترك الطبيعة فى اول آن وجودها.

(١) الوجه الثالث وملخص ذلك ان اطلاق الهيئة فى النواهى هو الدوام والاستمرار بملاحظة اقتضاء اطلاقها لسعة دائرة الطلب وشموله للوجودات العرضية والطولية ومبغوضية الطبيعة بوجودها السارى فى جميع الافراد وتحكيمه على قضية اطلاق المادة فيها فى اقتضائه لكون تمام المبغوض هو صرف وجود الطبيعى المتحقق بأول وجود ولو من جهة علية الهيئة لتحقق المادة خارجا بخلاف الاوامر حيث ان صحة تحكيم اطلاق الهيئة فى باب النواهى واستفادة الدوام والاستمرار منه انما هو من جهة عدم ترتب محذور العسر والحرج فى الترك على الدوام والاستمرار بخلافه فى الاوامر فانه يلزم فيها من تحكيم قضية اطلاق الهيئة على اطلاق المادة محذور العسر والحرج الشديد فمن هذه الجهة ربما يمنع مثل هذا المحذور فى باب الاوامر عن جريان اطلاق الهيئة فيها والاخذ بها ومع عدم جريان الاطلاق فيها لا جرم يبقى اطلاق المادة فيها على حاله سليما عن المزاحم ومقتضاه كون تمام المطلوب عبارة عن صرف الطبيعى المتحقق بأول وجوده دون الطبيعة السارية.

(٢) اى الاوامر والنواهى.

(٣) فان مقتضى مقدمات الحكمة كون متعلق التكليف امرا كان او نهيا هو صرف وجود الطبيعة الملازم للاكتفاء بالمرة ضرورة ان المقدمات وان كانت وظيفتها الغاء القيود ورفضها لا اثباتها والسر فيه كالسريان قيد من القيود إلّا انه حيث لا يمكن ان يكون المقسم مرادا بالفرض فلا بد وان يكون احد الاقسام مراد او بما ان صرف الوجود اقل مئونة من غيره يتعين الحمل عليه هذا مقتضى جريانها فى المادة التى تكون متعلقا للحكم.

١٩٩

ولكن اطلاق الهيئة (١) بمفادها يقتضى سعة الطلب او الزجر المناسب قيامهما بالطبيعة السارية ، وعمدة النكتة الفارقة بين الاطلاقين هو (٢) ان الاطلاق فى طرف المادة انما يجرى فى طرف موضوعية الحكم وهو منحصر قبل وجوده فمركز هذا الاطلاق ليس إلّا نفس الطبيعة وبديهى ان سعة الطبيعى انما هو بسعة قابليته للانطباق على اى مرتبه من وجودها قليلا كان او كثيرا ولذا لا يقتضى هذا الاطلاق الا قابلية وجودها فى ضمن فرد واحد فلذا يجتزى العقل من قبل اطلاقه بفرد واحد وهذا (٣) بخلاف الاطلاق فى مدلول الهيئة اذ اطلاقه انما يجرى فى الطبيعة المنطبقة على الوجود وفارغا عن انطباقه وح مركز هذا الاطلاق الطبيعة الموجودة ومعلوم ان سعة الطبيعة الموجودة بسعة وجوده والطلب بهذه السعة لا يناسب تعلقه بصرف الطبيعة القابلة للانطباق على وجود واحد اذ الوجود الواحد غير متحمل لسعة الطلب الا من حيث الشدة لا حيثية

______________________________________________________

(١) فان مقتضى مقدمات الحكمة فى الهيئة فهو الحمل على الطبيعة السارية لوجود المانع من حمل مفادها اعنى الحكم على صرف الوجود فيحمل على السريان بعد الغاء سائر القيود.

(٢) والسر فيه ان مقدمات الحكمة فى متعلق الحكم تجرى قبل وجوده كما هو واضح وعليه لا مانع من كون المراد منه صرف وجود الطبيعة بحيث ينطبق على القليل والكثير الملازم لجواز الاكتفاء بالمرة.

(٣) واما بالنسبة الى مفاد الهيئة اعنى الحكم فتجرى بعد الوجود اذ قد تقدم مرارا ان حقيقته هى الارادة المبرزة ومن المعلوم انها امر شخصى موجود لا يتصور فيها السعة فى الانطباق كما يتصور فى المتعلق وعليه يكون مقتضى الاطلاق فى الارادة السعة بحسب الوجود الخارجى من جهة سعة افراد متعلقها والسعة بحسب المراتب ومقتضى عموم الاطلاق الشمول للسعة فى الوجود بكلا النحوين ولازم السعة بحسب افراد المتعلق حمل الارادة على نحو السريان بحيث تشمل جميع الحصص ولا يشذ عن حيطتها شىء منها وإلّا يلزم القصور فى شمول الارادة ولازم ذلك التقييد ثبوتا.

٢٠٠