نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

الاصلى (١) فلا يرى العقل عقوبة على تفويت كل مقدمة مقدمة وح فليس الوجوب المتعلق بالمقدمات موجبا لاستحقاق العقوبة على كل مقدمة مقدمة وح لا مجال لتعبير الوجوب القائم بالمقدمات بما يستحق فاعله العقاب على متعلقه بل هذا المعنى (٢) ايضا لا يجرى فى غالب الواجبات النفسية التى لبّ ارادتها غيريّة وان كان فى عالم الابراز لم يكن تبع غيره نعم فى المقام شيء (٣) وهو ان المقدمة بتفويتها كما كان علّة لفوت الغرض فالاقدام من الأوّل على هذا التفويت ابراز نحو جرأته على المولى وربما يستحق بهذه الجرأة والطغيان عقوبة مولاه ولكن لا بنحو يتعدد العقوبة بتعدد تفويت المقدمة عرضا اذ مناط الجرأة والطغيان على وحدة الغرض الاصلى فتفويت الف مقدمة اذا لم ينتهى الّا الى فوت غرض واحد فلا يكون مثله الّا تجريا واحدا فلا يستحق ح الّا عقوبة واحدة وح فلك ان تقول باستحقاق العبد من حين تفويته لكن لا من جهة تفويته بما هو بل من جهة دخوله به فى صراط تفويت غرض المولى وهذا نحو طغيان كان شروعه من حين تفويت المقدمة وربما يؤيد (٤) بناء العقلاء على ذمّه بمجرد

______________________________________________________

(١) بلحاظ كونهما تابعتين فى الوحدة والتعدد التسليم والطغيان ووحدتيهما التابعين لوحدة الغرض وتعدده وذلك انما هو من جهة وضوح انه كما يتحقق عنوان التسليم والطغيان بموافقة الاوامر النفسيّة ومخالفتها كذلك يتحقق ايضا بموافقة الاوامر الغيرية ومخالفتها.

(٢) اى غالب الواجبات النفسية ليس لاجل العقاب على متعلقه بل لاجل تفويت الغرض.

(٣) وهكذا الامر فى طرف الطغيان فانه ايضا مما يتحقق بمجرد شروعه فى مقدمات الحرام او تركه لما هو مقدمة الواجب حيث انه يصدق عليه بانه ممن ابرز الجرأة على المولى وصار بصدد التمرد عن امره ونهيه.

(٤) ومن اجل ذلك يصير موردا للتوبيخ والذم من العقلاء بلا حالة منتظرة

٥٨١

رفع يده عن الشاهق بلا انتظارهم فى لومهم الى حين موته كما هو ظاهر لصاحب الوجدان ، ثم (١) انه كما كان تفويت المقدمة من حينه شروعا فى الطغيان على

______________________________________________________

ايضا فى ذلك الى وقت فوت الواجب النفسى كما فى من رمى سهما لقتل مؤمن مع كون السهم يبلغ اليه بعد ساعة فانه من الحين يصير هذا الرامى موردا للذم عند العقلاء كما هو واضح.

(١) ومن ذلك بمجرد كونه فى صراط الاطاعة وشروعه فى مقدمات المامور به ترى انه يمدحونه العقلاء ويحكمون باستحقاقه الاجر والثواب من دون انتظار منهم فى المدح وحكمهم باستحقاق الاجر والثواب الى وقت اتيانه بما هو المطلوب النفسى للمولى كما لا يخفى ومعلوم انه لا يكون له وجه الا ما ذكرنا من تحقق عنوان التسليم بموافقة الامر الغيرى ايضا كتحققه بموافقة الامر النفسى وإلّا لكان اللازم عدم الحكم باستحقاق الاجر والثواب فعلا الا بعد اتيانه بما هو المطلوب النفسى الخ لكن ذلك محل المناقشة فان التسليم المجرد من دون العمل هل يثاب او التمرد من دون الترك هل يعاقب كلا لا يمكن المساعدة عليه بالفعل ويتكل الى محله ورمى السهم كجزء الاخير من العلة التامة فى ما لو اصاب فذمه لذلك والمقدمات القابلة للفصل عن ذى المقدمة وكذا رفع يده للوقوع من الشاهق وح يقع الكلام فى استحقاق الثواب وعدمه واستحقاق العقاب وعدمه ومجرد مدح العقلاء على شيء استحقاق الثواب عليه ام لا بل لاجل القيام بالعبودية قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٥ لا ريب فى استحقاق الثواب على امتثاله الامر النفسى وموافقته واستحقاق العقاب على عصيانه ومخالفته عقلا الخ وذكر المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٧٤ كون الثواب مطلقا هل هو بالاستحقاق او بالتفضل لا يخفى ان المعروف عند المتكلمين هو الاول والمنقول عن الشيخ المفيد «قده» واتباعه هو الثانى وربما يستدل للثانى بان اطاعة المكلف لربه تعالى واجبة عليه بحكم العقل لان الانسان من اظهر مصاديق العبد لمولى الموالى تعالى وطاعة العبد لمولاه والالتزام بآداب العبودية من اظهر الواجبات العقلية التى يلزم بها العقل بلا عوض حفظا للنظام العام وليس المكلف اجيرا للمولى تعالى فى تكليفه بالعمل ليستحق عليه العوض بعد الفراغ من العمل المكلف به ، ومن ذلك يظهر حال تاثير التوبة فى سقوط العقاب الذى استحقه العاصى بعصيانه فانه ايضا بالتفضل لان العبد كما يجب عليه عقلا امتثال اوامر المولى ونواهيه كذلك يجب عليه العزم على

٥٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

عدم معصيته والندم على ما سبق منها ، والتحقيق هو ان يقال ان الاستحقاق المتنازع فيه ان كان المراد به هو ثبوت حق المكلف على الله تعالى بطاعته اياه كما يثبت حق لبعض المكلفين على بعض اذا امره بعمل فعمله له ناويا به اخذ العوض منه فالحق مع النافى لان وجود المكلف وقدرته وتوفيقه للطاعة وجميع ما يستعد به لها هو من الله تعالى فكلما لا يستحق العبد فى العرف والشرع عوضا واجرا على مولاه اذا كلفه بعمل فعمله له فبالطريق الاولى ان لا يستحق المكلف ذلك على مولى الموالى تعالى فى الاعمال التى كلفه بها ، وان كان المراد به معنى اللياقة والاستعداد للثواب والنعيم فى الدار الآخرة ليكون معنى ان العبد المطيع يستحقق الثواب هو انه لائق واهل لذلك فالحق مع مدعى ذلك لان العبد بطاعته يستعد لدخول دار النعيم وجوار ربه الكريم بخلاف العاصى ، ولا يتوهم ان هذا المعنى هو نفس القول بالتفضل لوضوح ان العاصى وان كان مستعدا للتفضل عليه بالعفو والغفران والخلود فى الجنان ولكن لم يكن مستعدا واهلا لنفس الثواب وإلّا لم يبق فرق بين المطيع والعاصى وذلك باطل بالضرورة واما التوبة فهى وان كانت من الواجبات على العبد العاصى إلّا انه يحتمل قريبا ان المعصية لا توجب استحقاق العاصى للعقاب إلّا اذا تجردت عن التوبة واما المعصية التى تتعقبها التوبة فلا توجب استحقاق العقاب وعليه لا يكن العفو او سقوط استحقاق العقاب عن التائب بالتفضل اذ لا استحقاق للعاصى التائب ليسقط بالتفضل بل التوبة تكشف عن عدم استحقاق العاصى بمعصيته قبل التوبة للعقاب الخ وقال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٩٧ والمراد بالاستحقاق ليس ايجاب الثواب بل المدح والثواب على الاطاعة فى محله نظير قولهم باستحقاق المدح والذم على فاعل القبيح والحسن الخ فان كان المراد ما ذكرنا من الاستعداد فى محله وإلّا ينافى ذلك لفظ الاستحقاق كما لا يخفى فالاستحقاق بنحو ما يستحقه الاجير لا يكون اصلا كيف وان العبد وجوده وجميع شئونه لمولاه كما مر مضافا الى انه لا ربط البحث فى الثواب والعقاب على المقدمة بالبحث عن كون الثواب والعقاب تفضلا او على نحو الاستحقاق او التفصيل بينهما كما لا يكون الكلام فى ثواب الانقياد لو لم تصل الى ذيها ولا كلام من جهة التجرى بتركها لو كان له عقاب والكلام كله فى الثواب والعقاب على ذات المقدمة بنفسها ـ والثمرة الفقهية هو قصد الامر الغيرى المتوجه الى نفس المقدمة

٥٨٣

المولى وبه يستحق اللوم والعقوبة كك اتيانها بقصد التوصل بها الى ذيها ايضا كان شروعا فى تسليمه لمولاه وكونه فى صراط طاعته وانقياده ومن المعلوم ان العقل فى هذه الصورة ايضا يرى استحقاق المدح والثواب بنفس شروعه بايجادها بهذا القصد نعم لا يستحق الثواب ايضا بايجاده المقدمة بما هو مقدمة ولو لم يكن فى ايجاده قاصدا للتوصل به الى غرض مولاه كما عرفت من همّ العقل فى حكمه باستحقاق الثواب والعقاب كونه فى مقام التسليم وطغيانه التابعين لكونه فى صراط تفويت غرض مولاه وتحصيله وذلك لا يحصل إلّا بصيرورته فى مقام ايجاده المقدمة قاصدا للتوصل به الى الغرض وح يستحق الثواب بتسليمه من حين ايجادها ولو لم نقل بوجوب مقدمة الواجب (١) ، نعم امكن

______________________________________________________

يكفى فى العبادية لو كان الثواب مترتبا عليها.

(١) قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٥ واما استحقاقهما على امتثال الغيرى ومخالفته ففيه اشكال وان كان التحقيق عدم الاستحقاق على موافقته ومخالفته بما هو موافقة ومخالفة ضرورة استقلال العقل بعدم الاستحقاق الا لعقاب واحد او ثواب كذلك فيما خالف الواجب ولم يات بواحدة من مقدماته على كثرتها او وافقه واتاه بما له من المقدمات الخ وقال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٧٥ والتحقيق ان امتثال الاوامر الغيرية لا يستتبع ثوابا بما هو امتثال للواجب الغيرى والوجه فى ذلك هو ان الثواب والعقاب الذين ينشئان من موافقة التكليف ومخالفته انما جعلا على ذلك تحصيلا للغرض النفسى الداعى للمولى الى التكليف بالواجب النفسى ولا شبهة فى ان الواجب الغيرى لا غرض نفسى فيه ليترتب على موافقته ثواب وعلى مخالفته عقاب نعم يمكن تصوير ترتب الثواب على موافقة الواجب الغيرى بوجهين الاول ان من ياتى بالمقدمة بقصد التوصل الى ذيها يراه العقل متلبسا بامتثال الواجب النفسى ـ كما انه لو لم يات بشيء من مقدماته فى الوقت الذى يلزم الامتثال فيه يرونه متلبسا بعصيانه ـ وهذا لمدح والثواب والذم والعقاب اللذان يستحقهما المكلف حين الشروع بفعل بعض مقدمات الواجب او تركها جميعا انما هما من رشحات ثواب الواجب النفسى وعقاب تركه لا انهما شيء آخر ثبت فى حق المكلف بسبب آخر اذ لا قيمة لشيء من المقدمات

٥٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

عند العقلاء مع قطع النظر عن ذيها نعم لا بد من قصد التوصل بفعل المقدمة الى الواجب النفسى فى استحقاق المدح عند العقلاء والثواب عند الشارع وان لم يتحقق بذلك بها الوصول اليه فلو فعل لا بقصد التوصل الى ذيها لا يستحق المدح ـ اذ لا يرونه متلبسا بامتثال الواجب النفسى بل ـ نفس الواجب النفسى اذا فعله المكلف لا بقصد امتثال امره لا يستحق ـ الثواب وان سقط به الامر اذا كان توصليا ـ الثواب المترتب على فعل المقدمات بقصد التوصل هو الثواب المقرر لنفس الواجب النفسى المنبسط عليه بجميع شئونه التى منها مقدماته لا انه شيء آخر ليتعدد بتعدد المقدمات ـ وليس هو ثواب الانقياد ـ اى يمتد هذا التسليم الواحد الى زمان الاتيان بذيها الذى هو المطلوب النفسى كما انه كذلك ايضا فى طرف الطغيان حيث انه يتحقق بمجرد الشروع فى المقدمة ويمتد الى زمان تحقق الحرام فى الخارج لا انه يتعدد التسليم والطغيان بتعدد المقدمات حتى يلزمه تعدد المثوبة والعقوبة ايضا كما هو واضح كوضوح ان استحقاقه للمثوبة والعقوبة على التسليم والطغيان بشروعه فى مقدمات الواجب او الحرام ايضا انما يكون فيما اذا استمر على ذلك ولم يحصل له البداء بعد ذلك فى العصيان او الإطاعة وإلّا فلو حصل له البداء بعد ذلك وحصل منه الطغيان بترك الواجب يكون طغيانه ذلك بعكس التوبة من الحين رافعا لما استحقه على تسليمه السابق بحيث كانه لم يفعل شيئا ولم يتحقق منه التسليم اصلا مع صدور هذا الطغيان منه كما انه فى صورة العكس يكون الامر بالعكس فاذا كان بصدد ترك الواجب او فعل الحرام واتى ببعض المقدمات ثم ندم واتى بالواجب او ترك الحرام يكون تسليمه ذلك باتيان الواجب وترك الحرام رافعا لما استحقه على طغيانه من الحين بحيث كأنه لم يتحقق منه الطغيان ابدا نعم لو كان عدم حصول الواجب والمامور به لا من جهة حصول البداء له وطغيانه بل من جهة عدم تمكنه منه خارجا لموت او مرض او غير ذلك مع كونه بصدد الامتثال واتيان المامور به يدخل ذلك ح فى الانقياد فيستحق المثوبة ح على انقياده كما انه فى فرض العكس يكون الامر بالعكس فيندرج فى التجرى كما هو واضح ولكن المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٧٣ قال فالآتي بالواجب الغيرى ان قصد به التوصل الى الواجب النفسى فهو شارع فى امتثال الامر النفسى فيثاب على اطاعته وإلّا فلا ـ الى ان قال ـ ثم ان الظاهر ان الثواب المترتب

٥٨٥

دعوى استحقاقه الثواب ايضا بمحض اتيانها بداعى وجوبها (١) كما هو الشأن فى

______________________________________________________

على اتيان الواجب الغيرى بقصد التوصل متحد مع الثواب المترتب على نفس الواجب النفسى غاية الامر ان الثواب يزيد عند اتيان المقدمة بقصد التوصل وتكون الاطاعة من حين الشروع بالمقدمة الخ وهذا تبعا لصاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٥ نعم لا باس باستحقاق العقوبة على المخالفة عند ترك المقدمة وبزيادة المثوبة على الموافقة لو اتى بالمقدمات بما هى مقدمات له من باب انه يصير ح من افضل الاعمال حيث صار اشقها وعليه ينزل ما ورد فى الاخبار من الثواب على المقدمات او على التفضل الخ وبعينها فى تقريرات شيخ الانصارى ص ٦٩ ان عسر المقدمات يوجب ازدياد ثواب الواجب كان افضل الاعمال اشقها الخ واورد عليه استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٨٥ ان الترك اذا لم يكن بداعى ترك ذى المقدمة بل بداعى شهوانى آخر لا منقصة فيه بل المنقصة فى ترك الواجب فمن اهرق الماء بقصد التبريد مثلا لا يكون عاصيا بذلك بل يكون عاصيا من جهة تركه الوضوء ففى صورة الالتفات يكون فاعلا للحرام لانه مقدمة لترك الواجب وهو الوضوء ـ ان كل مورد تكون الرواية على ذلك نستكشف كون العمل بنفسه تحت مصلحة وهو غير مربوط بالمقام الذى نريد ان نثبت الثواب على المقدمة بعنوان انه كذلك وذكر استادنا الخوئى فى هاشم الاجود ج ١ ص ١٧٤ الظاهر ان الاتيان بالمقدمة بداعى التوصل الى الواجب النفسى يوجب استحقاق الثواب عليه غير الثواب المترتب على اتيان الواجب النفسى وذلك لان الاتيان المزبور بنفسه ومع قطع النظر عن ترتب الواجب النفسى عليه مصداق لتعظيم المولى وجرى من العبد على طبق عبوديته نعم ترك المقدمة لا يزيد على الهتك المتحقق بترك الواجب النفسى ـ ولا يفرق فيما ذكرناه بين القول بوجوب المقدمة والقول بعدمه الخ وهذا غير ما يظهر من كلمات المحقق العراقى فراجع من انه عند الشروع فى المقدمة كانه ياتى بالواجب النفسى ويثاب على ذلك لا المقدمة ولم يثبت ثواب زائد على الواجب النفسى باتيان المقدمة لكن سيأتى عبارة المحقق العراقى ينافى ما ذكرنا هنا.

(١) الوجه الثانى ان الآتي بالمقدمة بقصد امرها من دون التفات الى غيريته وان لم يتحقق منه قصد التوصل بها الى ذى المقدمة بالفعل إلّا انه بايجاد المقدمة بذلك النحو يكون لبا فى مقام امتثال الواجب النفسى ـ اى لمحبوبيته لدى المولى ـ فينبسط على المقدمة ثواب ذى المقدمة على نحو ما تقدم فى الوجه الاول ولكن الفرق بين

٥٨٦

الواجبات النفسية وان كانت لبّها غيريّة اذ لا شبهة فى استحقاقه الثواب باتيانه لمحض محبوبيّة لدى مولاه وان لم يكن بباله تحصيل غرضه ، فان قلت انّ ذلك يتم بناء على وجوب ذات المقدمة واما بناء على وجوب المقدمة الموصلة كما ياتى إن شاء الله فلا يمكن الاتيان بداعى وجوبه الا مع قصد التوصل بذيها فلا جرم يحتاج فى التقرب بامره الى قصد التوصل به الى ذيها اذ بدونه لا يكون واجبا (١) ، ولا يرد فى هذا المقام النقض (٢) بالواجبات النفسيّة التى لب ارادتها غيره اذ (٣) موصليتها الى الغرض ذاتى فيها من دون احتياج فيه الى ارادة وقصد

______________________________________________________

الوجهين متحقق من جهتين الأولى ابتناء الوجه الاول على قصد التوصل وابتناء الثانى على عدمه الثانية ابتناء الثانى على القول بالملازمة دون الأول الخ وبعبارة اخرى ان قصد الامر الغيري بما انه من شئون الامر النفس الذى هو علة له لا مانع من كونه حافظا لعبادية المقدمات العبادية فيجوز فعلها بعد الوقت مثلا بقصد الامر الغيرى على النحو المذكور.

(١) وتوضيح ان قلت قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٧٧ ان ذلك انما يتم على القول بوجوب مطلق المقدمة واما بناء على وجوب خصوص الموصلة كما هو الحق فلا يعقل الاتيان بها مع عدم قصد التوصل بها الى ذيها اذ لا يمكن تحقق القصد الى متعلق الامر وهو الحصة الخاصة من المقدمة الا فى ظرف ارادة ذى المقدمة وهى تستلزم قصد التوصل اليه وعليه فلا يمكن الاتيان بالمقدمة بداعى امرها من دون قصد التوصل بها الى ذيها ومن ذلك يتضح ان عبادية المقدمة انما تتحقق فى الرتبة السابقة على الامر لان ملاكها وهو قصد التوصل فى رتبة متعلق الامر الغيرى فلا تصل النوبة فى عبادية المقدمة الى نشو التقرب من ناحية قصد الامر.

(٢) ـ اى النقض ـ بالواجبات النفسية من حيث ان الارادة المتعلقة بها فى لب الواقع غيريّة ومع ذلك لا يعتبر قصد التوصل الى ذلك.

(٣) ـ اى الجواب عن النقض بذكر العلة ـ فان موصليتها الى الغرض امر ذاتى فيها ولا يحتاج الى الارادة والقصد وهذا بخلاف سائر المقدمات فان موصليتها تتوقف على تعلق ارادة اخرى بذيها وعند ذلك يتحقق قصد التوصل كما تقدم.

٥٨٧

آخر بخلاف بقيّة المقدمات فان موصليّتها منوطة باعمال ارادة اخرى نحو ذيها فحينئذ فهذه الارادة والقصد دخيل فى وجوبها وح لا يكون دعوة وجوبه الا فى ظرف قصده لذى المقدمة المتلازم لقصد التوصل به الى ذيها فاذا كان كذلك فنقول ان قصد التوصل مقدمة لدعوة امره فمع تحققه يكفى فى استحقاقه المثوبة مجرد هذا القصد السابق عن دعوة الامر فلا يبقى ح مجال لصيرورة دعوة الامر موجبا لاستحقاقه الثواب بعد الجزم بعدم استحقاق واحد على المقدمة (١) ، قلت (٢) انّ غاية ما يقتضى القول بايصال المقدمة عدم الجزم بوجوبها فى طرف عدم العلم بالايصال لا فى طرف عدم قصده اليه فعلا اذ ربما لا يلتفت الانسان الا الى ترتب ذيها واما كونها منوطا بقصده لذيها فعلا فلا يلزم مع (٣) انه لو فرض لزوم ذلك فلا شبهة فى ان هذه الارادة ملازم للتوصل بالمقدمة الى ذيها لا ملازم لقصده وح ربما يلتفت الانسان الى الملزوم ولا يلتفت الى لازمه وعلى فرض الالتفات اليه ايضا لا يقتضى الالتفات اليه قصده وح فملازمة وجود ذى المقدمة

______________________________________________________

(١) ـ اى قصد التوصل هو الذى يوجب المثوبة على المقدمة لا الامر الغير المترتب عليه ـ.

(٢) ـ اى الجواب عنه اولا ـ ان موصلية المقدمة لا توقف لها بوجه على ارادة ذى المقدمة فلا تتوقف على قصد التوصل بها اليه اذ من الممكن ان يؤتى بالمقدمة بداعى امرها مع الغفلة التامة عن وجوب ذيها ثم بعد الفراغ منها والاتيان بذيها عقيب الالتفات اليه يتحقق عنوان الموصلية فيها.

(٣) ـ اى الجواب عنه ثانيا ـ امكان ان يلتفت الى المقدمة والى ذيها ويريد ايجاد كل منهما مع الغفلة عن المقدمية فيتحقق الاتيان بالمقدمة الموصلة فى الواقع بداعى امرها من دون ان يتحقق قصد التوصل بها اليه لفرض الغفلة عن المقدمية ومما ذكرنا قد ظهر ان عبادية المقدمة على القول بوجوب الموصلة لا تتوقف على قصد التوصل فى الرتبة السابقة على الامر الغيرى كما قرر فى الاشكال كى لا تصل النوبة الى التقرب به.

٥٨٨

لوجوبها اجنبى عن ملازمه وجوبها لقصد التوصل بها الى ذيها بمراحل شتّى ففى هذه الصورة لا باس بدعوة وجوبها بلا خطور قصد التوصل بها الى البال ، واضعف من ذلك تقريب آخر لاعتبار قصد التوصل فى الامتثال وهو ان ارادته للعمل بعد ما كان تبعا لارادة مولاه فلا محيص فى كونه فى مقام اطاعته مطاوعا لمولاه كمطاوعة القابل فى عقود المعاملات للموجب ومن الواضح ان روح المطاوعة بتبعيّة قصده لقصده واذا كان قصد المولى للمقدمة التوصل به الى ذيها فلا جرم يكون قصد المامور ايضا كذلك والّا لم يكن مطاوعا له ولا مطيعا لمثله (١) ، وتوضيح دفعه بان مرجع ما افيد الى ان الاطاعة والمطاوعة لا تكاد تتحقق الا بكون ارادة العبد للعمل فى الكيفية من حيث النفسيّة والغيرية تبعا لارادة مولاه وهو اول شيء ينكر كيف وفى هذا المقام يكفى النقض (٢) باطاعة الاوامر النفسيّة التى لبّ ارادتها غيرية اذ لم يلتزم احد بلزوم ارادته لمحض التوصل به الى الغرض اذ بدونه لا يكون ارادة العبد غيريا ولازم (٣) ما افيد ح عدم تحقق

______________________________________________________

(١) ـ اى بيان ان قلت ـ لا يعقل ان يؤتى بالمقدمة بداعى امرها الغيرى من دون قصد التوصل بها الى ذيها وذلك لان ارادة المكلف الاتيان بالمامور به امتثالا لامر مولاه لا بد ان تكون تابعة لارادة المولى فى الخصوصيات وصادرة بنحو المطاوعة لتلك الارادة المولوية ومن الواضح ان الارادة المولوية المتعلقة بالمقدمات ارادة غيرية ناشئة من ارادة الواجبات النفسيّة لغرض التوصل بتلك المقدمات الى تلك الواجبات فيلزم ان يكون المكلف فى مقام الاتيان بالمقدمة امتثالا لامرها ومطاوعة لارادة مولاه قاصدا التوصل بها الى ذيها لتتحقق خصوصية المطاوعة.

(٢) ـ اى الجواب اولا ـ انتقاض ذلك بالواجبات النفسية فان ارادة المولى انما تعلقت بها لغرض تحصيل ما فيها من المصالح ومن المعلوم عدم توقف الامتثال فيها على قصد التوصل بها الى ملاكاتها.

(٣) ـ اى الجواب ثانيا ـ ان حقيقة الامتثال هى الاتيان بالمامور به بداعى الامر المولوى المتوجه اليه ـ اى المحبوبية ـ واما خصوصيات الارادة المتعلقة به فهى

٥٨٩

الاطاعة فيها بصرف اتيانها بداعى محبوبيتها لدى المولى وهو كما ترى لا يستاهل ردا. ثم (١) انه بعد ما ظهر نحوى التقريب فى المقدمات فلا باس ح باخذ

______________________________________________________

اجنبية عن هذا المقام والحاكم بذلك هو العقل الخ وقال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٢٥ وعلى ذلك نقول بانه اذا كان مدار المثوبة والعقوبة على عنوان التسليم والطغيان ـ اى التابع للغرض لا على عنوان الاطاعة والمعصية بموافقة الامر النفسى ومخالفته وكان التسليم ايضا يتحقق بموافقة الامر الغيرى ومخالفته كتحققهما بموافقة الامر النفسى ومخالفته فلا قصور ترتب المثوبة والعقوبة على الواجبات الغيرية التوصلية ايضا بل وترتب القرب عليها ايضا فيما لو كان الاتيان بها بداعى امرها ـ الى ان قال ـ يظهر لك عدم المجال ايضا لما افيد فى دفع الاشكال المزبور من تخصيص المثوبة والعقوبة بموافقة الامر النفسى ومخالفته اذ ـ لا وجه ح لهذا لتخصيص بعد صدق عنوان التسليم والطغيان على موافقة الامر الغيرى ومخالفته ـ لمكان تحقق عنوان التسليم والانقياد بذلك الخ وقد عرفت منا قضيته مع ما تقدم ومع ما فى المقالات ان اراد مثوبة اخرى وعلى اى الصحيح ما ذكرنا حتى ان المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٢٥ قال لا معنى للبحث عن استحقاق الثواب على امتثال الواجب الغيرى لان امتثاله انما يكون بعين امتثال ذى المقدمة الذى تولد امره منها وليس له امر بحيال ذاته حتى يبحث عن استحقاق الثواب عند امتثاله من غير فرق فى ذلك بين المقدمات الشرعية او العقلية الخ وهذا ينافى مع ما تقدم من الاجود من انه يزيد الثواب ويرتفع التنافى بينهما بان المراد من الفوائد هو ثواب واحد لكن اتى بقصد التوصل يزيد لا ثواب آخر على المقدمة.

(١) قال فى الكفاية ج ١ ص ١٧٧ اشكال ان الامر الغيرى لا شبهة فى كونه توصّليا وقد اعتبر فى صحتها اتيانها بقصد القربة الخ قال المحقق الماتن فى البدائع هو انه ربما يستشكل فى الطهارات من وجهين الاول انه لا ريب فى ترتب الثواب على الطهارات الثلاث وفى كونها عبادة مع ان الامر الغيرى المتوجه الى المقدمة لا يكون إلّا توصليا ولا يترتب على امتثاله الثواب ، ويرده امكان تحقق الثواب عليها بأحد الوجهين المتقدمين وان كان الامر الغيرى بنفسه لا يستتبع الثواب والعقاب الخ فيمكن تحقق القرب ح باتيانها بداعى محبوبيّتها ومراديتها للمولى ولو بارادة غيريّة كما يتحقق بقصد التوصل كما تقدم مرارا وصاحب الكفاية اجاب عن الاشكال الاول و

٥٩٠

احد النحوين فى المقدمات العبادى كالطهارات الثلاث ، وتوهم (١) اذ (٢) دخلها (٣) فى المقدميّة مستلزم لعدم التقرب بكل واحد من النحوين (٤) اذ (٥) ح بدون التقريب لا يمكن اتيانها بقصد التوصل ولا بداعى وجوبها فينتهى ح استلزام دخل التقرب فى المقدمات العبادى الى توقف التقرب بها على نفس التقرب (٦) ، وهو كما ترى مدفوع (٧) بان دخل التقرب فى المقدمية لا يخرج ذواتها عمالها من

______________________________________________________

الثانى بوجه واحد وسيأتى.

(١) قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٧ اشكال ـ فهو انه اذا كان الامر الغيرى بما هو لا اطاعة له ولا قرب فى موافقته ولا مثوبة على امتثاله فكيف حال بعض المقدمات كالطهارات حيث لا شبهة فى حصول الاطاعة والقرب والمثوبة بموافقة امرها الخ وتوضيح الاشكال ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٩ الثانى انه لا اشكال فى ان الطهارات الثلاث قد اعتبرت مقدمة للصلاة بنحو العبادية وليس حالها حال بقية المقدمات فى ان مطلق وجودها فى الخارج مقدمة لذيها وعليه فالعبادية فى الطهارات الثلاث ماخوذة فى متعلق الامر الغيرى فى الرتبة السابقة على تحققه وح فمحقق عباديتها ان كان هو الامر الغيرى لزم الدور ، بتقريب ان الامر الغيرى يتوقف على عباديتها والمفروض ان عباديتها متوقفة عليه وان كان هو الامر النفسى المتعلق بذواتها فهو فاسد لوجوه ثلاثة الاول انه لا يتم فى خصوص التيمم لعدم لعدم استحبابه النفسى قطعا ، الثانى ان الامر النفسى الاستحبابى لا بد من انعدامه عند عروض الوجوب الغيرى ـ اى للتضاد بينهما ـ الثالث انه يصح اتيان الطهارات الثلاث بقصد امرها الغيرى من دون التفات الى رجحانها النفسى الخ.

(٢) ولعل الصحيح ان ـ مكان ـ اذ.

(٣) اى الطهارات الثلاث.

(٤) لما عرفت من عدم محبوبيته الذاتية للتضاد وعدم قصد التوصل لعدم تعلق الامر الغيرى بذات المقدمة.

(٥) تعليل للاستلزام.

(٦) وهو الدور كما عرفت.

(٧) فاجابوا عن الاشكال بوجوه منها ما افاده صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٧

٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

فالتحقيق ان يقال ان المقدمة فيها بنفسها مستحبة وعبادة وغاياتها انما تكون متوقفة على احدى هذه العبادات فلا بد ان يؤتى بها عبادة وإلّا فلم يؤت بما هو مقدمة لها فقصد القربة فيها انما هو لاجل كونها فى نفسها امورا عبادية ومستحبّات نفسيّة لا لكونها مطلوبات غيريّة ، والاكتفاء بقصد امرها الغيرى فانما هو لاجل انه يدعو الى ما هو كذلك فى نفسه لا حيث انه لا يدعو الّا الى ما هو المقدمة الخ وتوضيحه ان حصول الطاعة وما يترتب عليها من القرب والمثوبة ليس بموافقة الامر الغيرى بل هى فى انفسها عبادات مستحبة شرعا مع قطع النظر عن الوجوب الغيرى وتكون الاطاعة بها من جهة الاستحباب النفسى ، ومقدميتها للواجب ليست قائمة بذوات الافعال مطلقا حتى يكون الاتيان بها ولو لا على نحو العبادية موجبا للتوصل الى الواجب ومسقطا لامرها بل هى قائمة بذوات الافعال بما انها عبادة فلا بد من الاتيان بها كذلك وإلّا فلو لم يؤت بالمقدمة ولا بما هو الواجب الغيرى ، وقصد الامر الغيرى ليس لانه باعث على ذات العمل الموجب لعباديته بل لانه باعث على اطاعة الامر النفسى الاستحبابى لان الامر الغيرى قد عرفت انه يتعلق بما هو مقدمة والمقدمة من هذه الافعال ما كان فى نفسه عبادة فالعبادية مفروضة فى رتبة سابقه على الامر الغيرى وليست آتية من قبله حتى يكون هو المقصود لذات العمل بل هو المقصود للاتيان به بنحو عبادى اى بقصد امتثال امره النفسى ، وذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٠ وهذا الجواب قد تضمن دفع الوجه الثالث من وجوه الاشكالات المتقدمة فقط لسهولة امر الوجهين الاولين اذ يمكن دفع الوجه الاول باستظهار الاستحباب النفسى للتيمم من اطلاق قوله عليه‌السلام التيمم احد الطهورين ، ودفع الوجه الثانى بان اختلاف الوجوب والاستحباب ليس إلّا فى حد الرجحان والارادة بمعنى ان مقوم خصوصية الوجوب هو شدة الارادة ومقوم خصوصية الاستحباب هو ضعفها فاصل الارادة والرجحان متحقق فيهما وان اختلف حده وعليه فحد الاستحباب النفسى وان زال بتحقق الوجوب الغيرى إلّا ان اصل الرجحان لا موجب لانعدامه هذا ، ولكن يرد على جواب المحقق المزبور «قده» اولا حيث ان المقدمة عبادة ويعتبر اتيانها بداعى رجحانها ذاتا فلا بد من الالتزام بصدور الوضوء واخويه بداعى رجحانها بداعى امرها وليس كذلك جزما كيف ويكفى اتيانها بداع واحد وهو دعوة امرها بلا لزوم تكرر الداعى منه ولو طولا

٥٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وثانيا ان مقوم القصد والارادة هو الالتفات ومن المعلوم امكان الاتيان باحدى الطهارات الثلاث بداعى امرها الغيرى مع الغفلة عن عباديتها بالكلية وفى مثل ذلك يستحيل استتباع قصد الامر الغيرى لقصد الامر النفسى الخ قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٢٩ مع ما يرد عليه على مسلكه من عدم اجداء تعدد الرتبة لمحذور اجتماع الحكمين التماثلين احدهما الرجحان النفسى القائم بذات المقدمة فى رتبة سابقة على الامر الغيرى وثانيهما رجحانه الثابت فى رتبة متاخرة عن الامر الغيرى الخ.

واجاب عن الاشكال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٧٥ انه لا وجه لحصر منشأ عبادية الطهارات الثلاث فى الامر الغيرى وفى الامر النفسى المتعلق بذواتها بل هناك امر ثالث وهو الموجب لكونها عبادة بيان ذلك ان الامر النفسى المتعلق بالصلاة مثلا كما ان له تعلقا باجزائها وهو موجب لكونها عبادة لا يسقط امرها إلّا بقصد التقرب فكذلك له تعلق بالشرائط الماخوذة فيها فلها ايضا حصة من الامر النفسى وهو الموجب لعباديتها فالموجب للعبادية فى الاجزاء والشرائط على نحو واحد الخ واورد عليه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٠ وقال ، يرده ما تقدم فى المباحث السابقة من بطلان المبنى المزبور وهو انبساط الامر النفسى على الشرائط لامكان توجه الامر الى المقيد بما هو مقيد بحيث يكون التقيد كنفس المقيد ما تقدم للامر من دون حاجة الى تعلقه بمنشإ انتزاعه ، اضف الى ذلك ما تقدم من استلزام المبنى المزبور عدم تحقق الفرق بين الاجزاء والشرائط ، على انه لو اغمضنا النظر عن ذلك وسلمنا المبنى لا يترتب عليه دفع الاشكال اذ انبساط الامر النفسى على الشرائط ليس لملاك نفسى فيها كم اعترف بذلك هو «قده» وانما ذلك من جهة التخلص عن عدم امكان تعلق الامر بالتقيد فلا محاله يلتزم بتعلقه باصل القيد الذى هو منشأ انتزاعه وعليه فلا يترتب على تعلق مثل هذا الامر بها كونها عبادة الخ وتبعهم استادنا الخوئى وذكر فى هامش الاجود ج ١ ص ١٧٦ ان الواجب المشروط بالطهارات الثلاث بما انه يتوقف عليها بما هى عبادة فالامر المتعلق بها وان كان يتوقف على كونها عبادة إلّا ان كونها عبادة لا يتوقف على تعلق الامر الغيرى بها بل هو متوقف على احد امرين على سبيل منع الخلو احدهما قصد الامر النفسى المتعلق بها مع قطع النظر عن مقدميتها للواجب وهذا يتوقف على وجود الامر النفسى وهو ثابت فى الغسل بلا اشكال وفى الوضوء ايضا على المختار

٥٩٣

الدخل فيها (١) كما لا تخرج هذه الذوات عن صلاحيّة تعلق الوجوب بهذه الذوات فى الرتبة السابقة عن التقرب بها (٢) كما هو الشأن فى دخل التقرب بدعوة الامر فى الواجبات النفسية (٣) وبعد ذلك (٤) فلا غرو بقصد التوصل بنفس الذوات الى ذيها وبمثل (٥) هذا القصد ح يتم المقدمية بضم القربة كما لا غرو

______________________________________________________

بل لا يبعد ثبوته فى التيمم ايضا كما مر ثانيها قصد التوصل بها الى الواجب فانه ايضا كما عرفت موجب لوقوع المقدمة عبادة الخ وقد عرفت الجواب عنهما واجاب عن الاشكال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨١ الصحيح فى دفع الشبهة هو ان يقال انا نختار الشق الأول من الشقين المقررين فى الشبهة اعنى به تحقق عبادية الطهارات الثلاث من ناحية المقدمية بان يؤتى بها اما بقصد التوصل بها الى ذيها واما بقصد امرها الغيرى على ما تقدم تحقيقه فى تقريب ترتب الثواب على فعل المقدمة ان قلت ان ذلك مستلزم للدور كما قرر فى تقريب الشبهة سواء كان الاتيان بداعى الامر الغيرى ام بقصد التوصل اما الاول فقد قرر استلزامه الدور فى ما تقدم واما الثانى فلان قصد التوصل لا بد من تعلقه بالمقدمة المفروض انها عبادة فاذا كانت عباديتها ناشئة من قصد التوصل بها فذلك هو الدور قلت.

(١) ان المقدمة فى باب الطهارات الثلاث مركبة من ذوات الافعال الخارجية وقصد التقرب بها.

(٢) وعليه فتكون ذوات الافعال فى انفسها مقدمة للصلاة ايضا بمعنى ان لها الدخل فى ايجاد الصلاة ـ اى تعلق الوجوب عليها ـ فى الرتبة السابق عن قصد القربة.

(٣) اى بما تقدم فى مبحث قصد القربة عن كلية العبادات بالالتزام بامرين ضمنيين.

(٤) وح فيمكن ان يؤتى بها بقصد التوصل بها الى فعل الصلاة فيحصل له قصد القربة بعد ما كان الامر تعلق بالذوات فى الرتبة السابقة.

(٥) وبذلك يتحقق القيد الماخوذ فى المقدمة وهو التقرب غاية الامر ان حصول القيد والمقيد المحققان للمقدمة انما كان بنحو الطولية لا فى عرض واحد ولا ضير فى ذلك اصلا هذا كله فى تقريب الاتيان بها بقصد التوصل ، واما معقولية الاتيان بها بداعى الامر الغيرى من دون توجه محذور الدور فهو ان الامر الغيرى المتوجه الى

٥٩٤

بجعل وجوب نفس هذه الذوات داعيا بنفسها ومتمما للمقدمية ولئن شئت قلت ان الاشكال المزبور انما يتم لو كان التقرب باحد النحوين دخيلا فى اصل المقدمية وتمامه لا دخيلا فى تتميم المقدمة بعد الفراغ عن وجدان الذات لاصل المقدمية والوجوب (١) ، فان قلت ان الذات على الاطلاق لا يكون واجبا بناء على دخل الايصال فيه ومع عدم وجوبه كيف يتقرب بامره (٢) ، قلت ذلك كذلك ولكن لا يقتضى ذلك ايضا اناطة الذات فى وجوبه بالتقرب به بل غاية الامر ما هو

______________________________________________________

المركب او المقيد ينبسط على اجزاء متعلقه الخارجية والعقلية كانبساط الامر النفسى على اجزاء الواجب فينحل الى اوامر ضمينه غيرية وح فتكون ذوات الافعال فى الطهارات مامورا بها بالامر الضمنى من ذلك الامر الغيرى واذا اتى بها بداعى ذلك الامر الضمنى يتحقق ما هو المقدمة اعنى الافعال الخارجية المتقرب بها وبذلك يسقط الامر الضمنى المتوجه الى القيد بعد فرض كونه توصليا لحصول متعلقه قهرا بامتثال الامر الضمنى المتعلق بذات الفعل.

(١) اى بعبارة اخرى يتعلق هذا الامر الغيرى الضمنى بذات الوضوء وذات الغسل باعتبار كونها مما لها الدخل فى تحقق ذيها ومما يتوقف عليها وجود الواجب ولو بنحو الضمنية لانها ايضا مما يلزم من عدمها العدم مع الكشف ايضا عن تعلق امر ضمنى غيرى آخر بوصفها وهو اتيانها بداعى امرها المتعلق بها فاذا اتى المكلف ح بالوضوء فى الخارج بداعى امره الغيرى الضمنى يتحقق الوضوء القربى الذى جعل مقدمة للوضوء.

(٢) ـ اى ـ ان هذا انما يتم على القول بوجوب ذات المقدمة واما على القول بوجوب خصوص المقدمة الموصلة فيعود محذور الدور لان الامر الغيرى انما يتوجه على هذا التقدير الى خصوص الاجزاء الموصلة لا الى ذوات الاجزاء ومن المعلوم ان اتصاف كل من الاجزاء بالموصلية لا يتحقق إلّا باتيانه بقصد القربة فيكون قصد القربة فى كل جزء ماخوذا فى متعلق حصة ذلك الجزء من الامر الغيرى وعليه فلا يمكن امتثال الامر الغيرى الضمنى المتوجه الى ذوات الافعال الخارجية فى الطهارات الثلاث لعدم توجه الامر الى ذواتها بعد اخذ قصد القربة فى متعلق امرها قلت.

٥٩٥

واجب هو الذات التوأم مع التقرب فى رتبة سابقة عنه كما هو الشأن فى كليّة العبادات كما لا يخفى (١) وبعد ما اتضح ما ذكرنا لا نحتاج هذه المسألة الى القيل والقال والالزام بما لا يلزم او المخل بالمقصود فراجع الكلمات ترى اىّ قدر كثّروا الكلام فى هذه النقطة (٢) فتعرف قدر ما قلنا.

______________________________________________________

(١) ان الواجب على القول بوجوب خصوص المقدمة الموصلة كما هو المختار ليس هو ذات المقدمة مقيدة بهذا العنوان بل الحصة الخاصة التى يترتب عليها الايصال خارجا وعليه فالامر الغيرى ينبسط كما قلنا على كل من الجزءين فى المقام وهما ذات الفعل وتقييده بقصد القربة فالمأمور به بالامر الضمنى الغيرى فى الحقيقة هو ذات الفعل التوأم مع قصد القربة وح فبإتيان ذات الفعل بقصد امره الضمنى المتوجه اليه تتحقق توأميته مع قصد القربة كما انه بذلك يتحقق ما هو الدخيل فى المقدمية وهو كونها عبادة فلا يتوجه محذور الدور اصلا لان المقدمية وكونها موصلة يتوقفان على اتيان الافعال بقصد الامر واما الامر فلا يتوّجه الّا الى ذوات الافعال فلا توقف له على الموصلية والعبادية هذا الخ.

(٢) ذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٨ وقد تفصّى عن الاشكال بوجهين آخرين ـ اى نسب ذلك الى شيخنا الاعظم الانصارى فى التقريرات احدهما ما ملخصه ان الحركات الخاصة ربما لا تكون محصلة لما هو المقصود منها من العنوان الذى يكون بهذا العنوان مقدمة وموقوفا عليها ـ اى ان اعتبار التقرب فى الطهارات الثلاث ليس لاجل عبادية اوامرها بل للضرورة الخارجية وهى الجهل بعناوين الطهارات التى بها صارت مقدمة للصلاة وحيث ان تلك العناوين قصدية لا تتحصل فى الخارج من دون تعلق القصد بها ولم تكن معلومة لنا بالتفصيل وكان امتثال الامر متوقفا على ايجاد المامور به بعنوانه ـ فلا بد فى اتيانها بذاك العنوان من قصد امرها ـ اى احتيج الى قصد اوامرها الغيرية للاشارة الى العناوين المجهولة ـ لكونه لا يدعو الّا الى ما هو الموقوف عليه فيكون عنوانا اجماليا ومرآة لها ـ اى لان الامر لا يدعو إلّا الى متعلقه فقصد الامر الغيرى انما اعتبر فيها لكونه طريقا الى قصد عنوان المامور به لا لكونه معتبرا فيها بذاته كى يتوجه الاشكال بان الامر الغيرى ليس عباديا ـ فاتيان الطهارات عبادة واطاعة لامرها ليس لاجل ان امرها المقدمى يقضى بالاتيان كذلك بل انما كان لاجل

٥٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

احراز نفس العنوان الذى تكون بذاك العنوان موقوفا عليها ، قال فى مطارح الانظار ص ٧١ الثانى ان المقدمة التى تكون عبادة ليست من الافعال العادية التى تعلم بارتباط ذيها بها على نحو معلومية ارتباط الصعود على السطح بمقدماته التى يتوقف عليها فان المعلوم عندنا من الصلاة ليس إلّا نفس الحركات والسكنات ونحن لا نعقل توقفا لهذه الصورة على الافعال الواقعة عند تحصيل الطهارات كما لا يخفى نعم بعد ما كشف الشارع الحكيم عن توقف الصلاة عليها لا بد من ايجادها للتوصل بها اليها وحيث ان الافعال الواقعة فى الطهارات ايضا مما لا يعرف منها الا الحركة الخاصة فلا بد ان يكون الداعى الى ايجادها هو توقف الصلاة عليها فى نظر الامر كما انه لا بد من ايجاد هذه الحركات على وجه يكون فى الوقاع مما يترتب عليها فعل الصلاة ولا سبيل لنا الى العلم بذلك إلّا ان يقع هذه الحركات على وجه تعلق الامر بها ولا نعنى بالقربة الا ذلك وتوضيحه ـ الى ان قال ـ فان ذوات الحركات الخاصة ربما لا تكون محصلة لما هو المقصود بالامر بها فلا بد من قصد الحركة التى امر بها لاجل الصلاة تحصيلا للمقدمة لان يلاحظ مطلوبية تلك المقدمة وتوقف المامور به عليها عنوان اجمالى لما هو المتوقف عليها ومرآة لها الى آخر كلامه وقال صاحب الكفاية ، وفيه مضافا الى ان ذلك لا يقتضى الاتيان بها كذلك لا مكان الاشارة الى عناوينها التى تكون بتلك العناوين موقوفا عليها بنحو آخر ولو بقصد امرها وصفا لا غاية وداعيا بل كان الداعى الى هذه الحركات الموصوفة بكونها مامورا بها شيئا آخر غير امرها ـ اى ان الاشارة الى تلك العناوين يمكن بقصد الامر بنحو التوصيف لا بنحو الغاية كما هو المفروض وكذلك يمكن قصدها الاجمالى بقصد عنوان المقدمية اذ عنوان المقدمية عنوان طار على تلك العناوين الخاصة فيشار به اليها ـ غير واف بدفع اشكال ترتب المثوبة عليها كما لا يخفى ـ اى انه لا يندفع محذور الدور بذلك الوجه لان قصد الامر الغيرى بنحو الغائية لا يتحقق إلّا بقصد عنوان المتعلق فكيف يمكن تحقق قصد العنوان المزبور من طريق قصد الامر بنحو الغاية ، وثانيهما ما محصّله ان لزوم وقوع الطهارات عبادة انما يكون لاجل ان الغرض من الامر النفسى بغاياتها كما لا يكاد يحصل بدون قصد التقرب بموافقته كذلك لا يحصل ما لم يؤت بها كذلك لا باقتضاء امرها الغيرى وبالجملة وجه لزوم اتيانها عبادة انما هو لاجل ان الغرض فى الغايات لا يحصل إلّا باتيان خصوص

٥٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الطهارات من بين مقدماتها ايضا بقصد الاطاعة ـ اى ان اعتبار قصد التقرب فى الطهارات لاجل ان الغرض من غاياتها لا يتحقق إلّا بدلك لا لاقتضاء الامر الغيرى ذلك بنفسه لينا فى توصّلية الاوامر الغيرية ، قال الشيخ الاعظم الانصارى فى مطارح الانظار ص ٧١ الثالث انك قد عرفت فيما تقدم ان الاوامر العبادية من حيث تعلقها بمتعلقاتها يغاير الاوامر التوصلية حيث ان نفس الامر واف بتمام المقصود فى الثانى دون الاول فلا بد فيه من بيان زائد على اصل الفعل المطلوب بالطلب المستفاد عن الامر اولا ولا فرق فى ذلك بين المقدمة وذيها فما هو المصحح لاحدهما مصحح للآخر من غير حاجة الى القول باستفادة التعبدية من الامر المقدمى وتوضيحه انه كما يمكن ان يكون الفعل ذا مصلحة على تقدير الامتثال به فيجب على المريد لايصال تلك المصلحة الى المكلف ان يامره اولا بذلك الفعل ثم يبين له ان المقصود هو الامتثال بذلك الامر كذلك يمكن ان يكون الفعل موقوفا على عنوان بشرط ان يكون الداعى الى ايجاد ذلك العنوان هو توقف ذلك الفعل عليه فهو بحيث لو وجد فى الخارج ولم يكن الداعى اليه ترتب الغير عليه لا يكون موقوفا عليه واذا وجد فى الخارج على الوجه المذكور يترتب عليه الغير فالطالب لوجود ذى المقدمة له ان يحتال فى ذلك بان يامر او لا بذيها ويلزم من ذلك الامر بما هو مقدمة له فى الواقع وهو الفعل المقدمى على الوجه المذكور إلّا انه حيث لا يمكن له الاكتفاء بذلك الامر فيحتال بالقول بان المطلوب موقوف على ذلك الفعل على وجه يكون الداعى الى ايجاده هو التوقف المذكور فما يقتضيه الامر المقدمى فى الحقيقة هو ليس إلّا التوصل بالموقوف الذى هو الواجب النفسى الخ وذيله وهو الحيلة جعل صاحب الكفاية وجها آخر قال ص ١٧٩ بعد الجواب عن الثالث بقوله وفيه ايضا انه غير واف بدفع اشكال ترتب المثوبة عليها ، واما ربما قيل فى تصحيح اعتبار قصد الاطاعة فى العبادات من الالتزام بامرين احدهما كان متعلقا بذات العمل والثانى بداعى امتثال الاول لا يكاد يجزى فى تصحيح اعتبارها فى الطهارات اذ لو لم تكن بنفسها مقدمات لغاياتها لا يكاد يتعلق بها امر من قبل الامر بالغايات فمن اين يجئ اطلب آخر من سنخ الطلب الغيرى متعلق بذاتها ليتمكن به من المقدمة فى الخارج الخ وهذا غير ما اخترنا فتدبر جيدا واجاب عن الاشكال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٣ ان التقرب المعتبر ان كان هو التقرب بامرها الغيرى فيعود محذور الدور السابق فان

٥٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الغرض من الواجب النفسى كيف يتوقف على حصول المقدمة المقصود بها الامر مع تولد الامر هو من نفس هذا التوقف لا فى مرتبة سابقة عليه ، وان كان هو التقرب بالامر النفسى المتوجه الى ذيها فيرجع الى تحصيل عبادية المقدمة بقصد التوصل الى ذيها وهو احد الوجهين اللذين بيننا على صحتهما الخ.

اشكال ودفع ، اما الاول لا اشكال فى صحة الطهارات الثلاث اذا اتى بها قبل وقت وجوب غاياتها بداعى المحبوبية النفسية على ما هو المختار من استحباب التيمم فى نفسه ايضا كما لا ريب فى صحتها اذا اتى بها بعد دخول وقت غاياتها بداعى الامر الغيرى المتعلق بها وانما الاشكال فى صحة الاتيان بها بعد دخول الوقت بداعى الاستحباب النفسى المعروف تعين نية الوجوب بل حكى عن العلامة فى جملة من كتبه لزوم الاستئناف لو دخل الوقت فى الاثناء ومرادهم منها بنحو الداعى قال الشيخ الانصارى فى مطارح الانظار ص ٧١ الكلام فى ما هى مقدمة للصلاة الواجب مثلا وبعد عروض الوجوب على ما هو المفروض يمتنع بقاء المطلوبية النفسية لطريان ما هو اقوى منها تاثيرا واشد مطلوبية فلا يعقل ترتب الثواب عليها بعد عروض الوجوب اذ لو لم يكن قاصدا الى الجهة النفسية لم يقع على وجه الامتثال فلا يستحق ثوابا عليها وبعد ارتفاع الامر النفسى ولو بواسطة طريان الامر الوجوبى الغيرى لا يعقل ان يكون الداعى اليها هو الامر لانتفائه فلا امتثال الخ هذا هو الاشكال ، نقل المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٣ لما قد يتوهم من انها بعد دخول الوقت تكون معروضة للوجوب الغيرى ولازم ذلك اندكاك الامر النفس الاستحبابى فى ضمن الامر الغيرى لان اجتماعهما فى متعلق واحد من قبيل اجتماع الضدين وعليه فيكون قصد الامر النفسى بعد الوقت متعلقا بما لا ينطبق عليها ، ويرده ـ اى الثانى وهو الدفع ـ ان اختلاف الوجوب والاستحباب ليس إلّا من قبيل اختلاف الرتبة مع تحقق اصل الرجحان فى كليهما ومقتضى ذلك بقاء الرجحان فيها مع تبدّل رتبته بعروض الوجوب الغيرى وعليه فقصد الرجحان النفسى بعد الوقت متعلق بما هو منطبق على الطهارات الخ ولم يقم اجماع على نفى الاجزاء ان نو الرجحان النفسى ، واجاب عن الاشكال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٧٧ لا اشكال فى صحة الوضوء والغسل بداعى محبوبيتهما وامتثال الامر النفسى المتعلق بانفسهما قبل دخول وقت الواجب المشروط بهما ـ واما

٥٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بعد دخول وقت الواجب النفسى المشروط بهما فان اتى بهما بداعى الامر النفسى المتعلق بذلك الواجب النفسى المشروط بالطهارة فلا اشكال فى الصحة ايضا وان اتى بهما لابداع التوصل الى ذلك الواجب بل بداع آخر ولم يكن له داع اليه فعلا فالحق صحتهما ايضا لان الامر النفسى الاستحبابى المتعلق بهما وان كان مندكا فى ضمن الامر النفسى المتعلق بهما فى ضمن الامر بالمقيد بالطهارة إلّا ان المعدوم هى المرتبة الاستحبابية واما ذات الطلب فهى باقية عند الاشتداد والتبدل الى مرتبة اكيدة ايضا فيصح الاتيان بهما بداعى ذات الطلب الموجود ـ هذا حال الامر الاستحبابى مع الامر الوجوبى النفسى الضمنى واما مع الامر الوجوبى الغيرى فلا تبدل اصلا بل كلاهما موجودان بالفعل ولا تنافى بينهما توضيح ذلك ان فى الوضوء والغسل بعد فعلية وجوب ما يتوقف عليهما ثلاث جهات الأولى كونهما مطلوبين بالطلب الاستحبابى النفسى الثانية كونهما مطلوبين بالطلب النفسى الوجوبى الضمنى الثالثة كونهما مطلوبين بالطلب الغيرى الوجوبى وعند اجتماع الجهات تندك الجهة الاولى فى الثانية دون الثالثة والضابط ان الامر الوجوبى ان كان متعلقا بعين ما تعلق به الامر الاستحبابى فلا بد وان يندك احدهما فى الآخر فيتحصل منهما طلب واحد اكيد لامتناع اجتماع المثلين فى موضوع واحد واما اذا كان احدهما فى طول الآخر ومتعلقا بالفعل الماتى به بداعى الامر الاول بان يكون المامور به فى الامر الثانى هو الفعل المقيد بكون الداعى له هو الامر الاول ـ اى الامر الاستحبابى يتعلق بذات الطهارات الثلاث والامر الغيرى متعلق بما يؤتى به يقصد الامر النفسى ـ فيتعدد الموضوع فلا اشكال مثال الاول تعلق النذر بفعل مستحب فى حد ذاته كصلاة الليل ـ يندك الامر الاستحبابى فى الوجوب ويكتسب الامر الاستحبابى ما كان فاقده وهو تاكد الطلب كما ان الامر الوجوبى الناشى من قبل النذر يكتسب من الامر الاستحبابى ما هو فاقده وهى تعبدية الامر فتكون ـ وجوبا واحدا نفسيا تعبديا ومثال الثانى الإجارة على صلاة الليل عن ميت ـ فان الامر الاستحبابى متعلق باتيان العمل عن الغير وبدلا عنه بداعى امتثال الامر المتعلق به فهو متعلق بذات العمل بخلاف الامر الوجوبى الناشئ من الاجارة فانه متعلق باتيان الصلاة بداعى امتثال امرها الاول فقد اخذ الامر الاول فى موضوع الامر الثانى فلا يعقل تبدل احدهما بالآخر لكونه فى طوله ـ الى ان قال ـ والعجب من

٦٠٠