نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

ثم (١) ان فى ظهورها فى خصوص الطلب الوجوبى فى الصيغ اشكل (٢) من

______________________________________________________

(١) الجهة الثالثة فى دلالة صيغة الامر على الوجوب وعدمها بان يكون حقيقة فى مطلق الطلب الجامع بين الالتزامى والاستحبابى قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٣ ، ولا يبعد تبادر الوجوب عند استعمالها بلا قرينة ويؤيده عدم صحة الاعتذار عن المخالفة باحتمال ارادة الندب مع الاعتراف بعدم دلالته بحال او مقال وكثرة الاستعمال فيه فى الكتاب والسنة وغيرهما لا توجب نقله اليه او حمله عليه لكثرة استعماله فى الوجوب ايضا مع ان الاستعمال وان كثر فيه إلّا انه كان مع القرينة المصحوبة الخ لا تمنع عن حملة على المعنى الحقيقى عند اطلاقه مجردا عنها ، وفيه سيأتى ان التبادر ليس مستندا الى حاق اللفظ بل الى الاطلاق ، والسيرة العقلائية على الذم لا تدل على الوضع للوجوب والظاهر انها حقيقة فى مطلق الطلب كما فى لفظ الامر وظاهر فى الطلب الوجوبى عند عدم القرينة على خلافه بحيث لو كانت فى الكلام صيغ متعددة وقامت القرينة على عدم ارادة الوجوب فى بعضها لما كان ذلك ضائرا فى ظهور الباقى فى الوجوب وهذه فى الجملة لا اشكال فيه.

(٢) وجه الأشكلية بين المحقق الماتن قدس‌سره ما مخلصه ان مادة الامر حقيقة فى الطلب المبرز او ابراز الطلب فبعد تجريد مفهومه عن الابراز يمكن ارادة الوجوب منه لكون الطلب مفهومه اسميا بلا حاجة الى مقدمات الحكمة بخلاف المقام فان مركز النزاع هو مفاد صيغة افعل وانه اى معنى هو ، فربما يقال ان مفاد الهيئة لا محاله يكون معنى حرفيا مغفولا عنه فلا مجال للنزاع فيه ـ وفيه قد عرفت ان المعنى الحرفى لا يعقل ان يكون مغفولا عنه مع كونه من لواحق المحكوم به وعليه غايته انه ملحوظ بالتبع ـ فعمدة الاشكال هو ان الوجوب يفترق عن الاستحباب بالشدة والضعف ومن الواضح عدم امكان تحقق هذا الفارق فى البعث الملحوظ بنحو النسبة فى صيغة افعل ـ وهنا توهم اخرى بان النزاع يكون فى مادة صيغة افعل التى هى متعلق الارادة لا فى مفاد الصيغة ولا فى نفس الارادة فان المادة هى الطبيعة المشتملة على المصلحة والمفسدة وهما تقبلان الشدة والضعف فتكون لزومية وغير لزومية واما نفس الارادة فلا يتصور فيها الشدة والضعف اذ هى نفس الشوق المؤكد المحرك للعضلات فحيث يصل الشوق الى هذا الحد فهى الارادة وإلّا فلا سواء كان متعلقها لزوميا ام غير لزومى قال المحقق النائينى قال فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣٥ ، ان الطلب لا يقبل الشدة والضعف

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

لوضوح ان طلب ما كان فى غاية المحبوبية وما لم يكن كذلك على نهج واحد وهذا ليس من الامور التى يرجع فيها الى اللغة بل العرف ببابك فهل ترى من نفسك اختلاف تصدى نفسك وحملتها نحو ما كان فى منتهى درجة المصلحة وقوة الملاك كتصدى نفسك نحو شرب الماء الذى به نجاتك او نحو ما كان فى اوّل درجة المصلحة كتصدى نفسك لشرب الماء لمحض التبريد كلا لا يختلف تصدى النفس المستتبع لحركة العضلات باختلاف ذلك بل ان بعث النفس للعضلات فى كلا المقامين على نسق واحد نعم ربما تختلف الارادة بالشدة والضعف كسائر الكيفيات النفسانية إلّا ان الارادة ما لم تكن واصلة الى حد الشوق المؤكد الذى لا مرتبة بعده لا تكون مستتبعة لتصدى النفس هذا فى طلب الفاعل وارادته وقس على ذلك طلب الآمر فانه لا يختلف بعث الامر حسب اختلاف ملاكات البعث بل انه فى كلا المقامين يقول افعل ويبعث المامور نحو المطلوب فدعوى اختلاف الطلب فى الشدة والضعف وكون ذلك هو المائز بين الوجوب والاستحباب مما لا وجه لها بل العرف والوجدان يكذبها انتهى ـ وفيه ان الوجدان حاكم على خلافه ضرورة اقوائية ارادة الغريق لاستخلاص نفسه من الامواج من ارادته لكنس البيت وشراء الزيت. وقال المحقق العراقى فى الجواب عنه ان منشأ التوهم هو غلط الارادة التشريعية بالارادة التكوينية فان الارادة التى لا يتصور فيها الشدة والضعف بالنحو المزبور هى الارادة التكوينية واما الارادة التشريعية فهى تابعة للمصلحة التى تنشأ منها فن كانت المصلحة لزومية كانت الارادة الناشئة منها إلزامية وان كانت المصلحة غير لزومية كانت الارادة غير الزامية نعم تتولد من الارادة التشريعية مطلقا ارادة تكوينية وهى ارادة اظهار تلك الارادة التشريعية بداعى جعل الداعى وهذه الارادة التكوينية طبعا لا تقبل الشدة والضعف كغيرها فاتضح مما ذكرنا ان مركز النزاع هى الارادة التشريعية المتحدة مع الطلب ولكن يمكن المناقشة فيه بان الآثار كما يستدل بوجودها على وجود المؤثرات كذلك يستدل باختلافها شدة وضعفا على اختلافها كذلك اذا لاختلاف فى المعلول ناش عن الاختلاف فى علته ونحن نرى بداهة ان هناك اختلافا فى حركة العضلات فى انجاز الاعمال سرعة وبطء او شدة وضعفا وهو يكشف عن اختلاف الارادات المؤثرات فيها فتلخص ان الارادة تختلف شدة وضعفا باختلاف الدواعى كما انه باختلاف الارادة تختلف حركة العضلات وفعاليتها فلا وجه

٨٢

ظهور مادة الامر اذ فى المادة كانت دلالته على الطلب بعد تجريد مفهومه عن قيد اظهاره بنحو المطابقة وفى مثله امكن ارادة الوجوبى منه ولو لم يكن فى البين مقدمات اطلاق لا مكان ارادة مطلق الطلب منه واما فى الصيغ فليس دلالتها على الطلب إلّا بتوسيط مفاد الهيئة ومعلوم ان مفاد الهيئة ليس إلّا نسبة ارسالية بين الفاعل والمبدا وهذه النسبة كما يناسب الوجوب يناسب الاستحباب ايضا فلا وجه لتوهم وضعها لخصوص الوجوب لعدم ميز (١) بين النسبة الارسالية الوجوبية والاستحبابية (٢) وح فاستفادة الوجوب لا يكون إلّا بتقريب الاطلاق باحد الوجهين السابقين (٣)

______________________________________________________

للتفصيل بين الارادة التشريعية والارادة التكوينية.

(١) فانها لا تقبل الشدة والضعف وانما لازمها تقبل الشدة والضعف وهو الطلب والارادة.

(٢) مضافا الى ان منشأ ظهور الصيغة فى الوجوب ليس هو الوضع اما التبادر فكونه مستند الى نفس اللفظ غير معلوم اما الآيات والاخبار التى استدل بها على دلالة مادة الامر على الوجوب لصدق مفهوم الامر على الصيغة فقد عرفت عدم امكان الاستدلال بها ومجرد الاستعمال لا يدل على كونه حقيقة فيه وغلبة الصيغة ممنوع صغرا وكبرا اما الصغرى فلوضوح غلبة استعمال الصيغة فى غير الوجوب اما الكبرى فلمنع كون غلبة الاستعمال موجبة للظهور فليس منشأ الظهور فى الوجوب هو الوضع.

(٣) وقد تقدما مفصلا فى مادة الامر احدهما ان الطلب الوجوبى هو الطلب التام الذى لا حد له من جهة النقص والضعف بخلاف الاستحبابى فانه مرتبة من الطلب محدودة بحد من حدود الضعف ويفتقر الى بيان حده فليزم حمل الكلام على المرتبة التامة كما هو الشأن فى كل مطلق ، ولو كان الموضوع له هو الجامع لكن الاطلاق ينصرف الى الطلب التام لانه ارادة غير محدود ولا ينافى ذلك الموضوع له ، وما قيل من ان ما به الاشتراك عين ما به الامتياز فى الوجود لا يوجب عدم الاحتياج فى صرف الجامع الى احد القسمين الى بيان زائد عن بيان نفس الطبيعة فالوجود المشترك مفهوما بين مراتب الوجودات لا يمكن ان يكون معرفا لمرتبة منها بل لا بد من قيد زائد

٨٣

كما لا يخفى (١).

______________________________________________________

فالارادة القوية كالضعيفة تحتاج الى قيد زائد كما فى وجود الواجب يحتاج الى قيد زائد وهو المطلق والتام والواجب بالذات ففيه ان الفرد الاكمل انما يستفاد من الاطلاق لا من نفس الطبيعة كما ان الوجود الحقيقى هو الوجود الواجبى وغيره من اشعات وجوده فالبيان الزائد هو الاطلاق لا غير ـ وثانيهما ان اطلاق الطلب يقتضى ايجاده ولو كان هناك ما يقتضى قصوره عن التأثير التام فى وجود المطلوب ولو لقصور المصلحة الموجبة لطلبة فى نفسها او لمانع يوجب قصورها عرضا لوجب عليه ان يطلبه بتلك المرتبة من الطلب وإلّا فقد اخل فى بيان ما يحصل به غرضه كما لا يخفى وسيأتى المناقشة فى الاول وردها.

(١) لكن فى المقام شيء وهو ان جريان مقدمات الحكمة فى مادة الامر يكون مجراه هو المعنى المراد بها فاذا اقتضى جريانها ثمة ارادة الطلب الوجوبى ذلت بالالتزام على كون الارادة المتعلقة بالمأمور به ارادة لزومية وفى المقام حيث لا يمكن جريان مقدمات الحكمة فى مفهوم الصيغة لكونه لا يقبل الشدة والضعف فلا اطلاق ولا تقييد فيه من هذه الناحية فلا محاله يكون مجرى المقدمات هى الارادة المتعلقة بمادة الصيغة ، ومن هنا قد يتوجه الاشكال بانه لا مجال فى المقام لجريان مقدمات الحكمة مطلقا اما فى مفهوم الصيغة فلكونه هو البعث الملحوظ نسبة بين الذات اعنى به المبعوث وبين المبعوث اليه اعنى به المادة والبعث المزبور لا يقبل الشدة والضعف لكونه فى الامر الوجوبى مثله فى الامر الندبى واما فى الارادة فلكونها امرا شخصيا جزئيا لا يتصور فيه الاطلاق والتقييد ايضا ليتوسل بمقدمات الحكمة الى بيان ما اريد منهما فيها ، لا يقال ان الامر الشخصى وان لم يكن موضوعا للاطلاق والتقييد من حيث المفهوم ولكنه يمكن ان يكون موضوعا لهما من حيث الاحوال فاذا امتنع الاطلاق الافرادى فى الامر الشخصى فلا يمتنع الاطلاق الاحوالى فيه ويمكن ان يكون الشدة والضعف المتواردين على الارادة الخارجية من احوالها واطوارها فتكون باعتبارهما مجرى لمقدمات الحكمة ، لانا نقول ليست الشدة والضعف فى الارادة من اطوارها الطارية عليها بعد وجودها بل هما من مشخصات وجودها لانها اذا وجدت فهى اما شديدة او ضعيفة لا انها توجد مطلقة من حيث الشدة والضعف ثم يعرض عليها احدهما ، والتحقيق فى حل هذا الاشكال افادة المحقق العراقى قدس‌سره هو ما حرره

٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فى محله فى تشخيص مجرى مقدمات الحكمة وبيان الفائدة المترتبة عليها ومحصله هو ان مقدمات الحكمة كما تجرى فى مفهوم الكلام لتشخصه من حيث سعته وضيقة كذلك يمكن ان تجرى فى تشخص الفرد الخاص فيما لو اريد بالكلام فردا مشخصا ولم يكن فيه ما يدل على ذلك بخصوصه كما لو كان لمفهوم الكلام فردان ومصداقان فى الخارج وكان احدهما يستدعى مئونة فى البيان اكثر من الآخر حيث يريد المتكلم الدلالة على احدهما مثلا الارادة الوجوبية انما تفترق عن الارادة الندبية بالشدة فيكون ما به الامتياز عين ما به الاشتراك واما الارادة الندبية فهى انما تفترق عن الوجوبية بالضعف فما به الامتياز فيها غير ما به الاشتراك فالارادة الوجوبية مطلقة من حيث الوجود الذى يكون به الوجوب بخلاف الارادة الندبية فانها محدودة بحد خاص به تكون ارادة ندبية وعليه يكون اطلاق الكلام فى مقام الدلالة على الارادة الخاصة كافيا فى الدلالة على كونها وجوبية لكونها لاحد لها كى تكون به وجوبية ليفتقر المتكلم فى مقام افادته الى بيان ذلك الحد لأن ما به الاشتراك فى المقام عين ما به الامتياز وهذا بخلاف ما لو كانت الارادة ندبية فانها محدودة بحد خاص ليس من سنخ المحدود ولهذا يفتقر المتكلم فى بيانه الى تقييد الكلام بما يدل عليه وان شئت قلت ان شدة الارادة ايضا ارادة مثل شدة الوجود واما ضعفها فهو امر خارج عنها واحتاج الى مئونة زائدة ولذا يمكن ان يقال لو كانت الارادة ضعيفة لبين المولى ضعفها وحيث ما بين فالصيغة دالة على ارادة الوجوب لا الاستحباب قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٥ توضيحه ان حتمية الارادة عبارة عن بلوغها مرتبة لا يرضى بترك ما تعلقت به وندبيتها عبارة عن نقصان مرتبتها بحيث يرضى بترك متعلقها فالارادة الحتمية الاكيدة ارادة محضة لا يشوبها شيء والارادة الندبية حيث انها مرتبة ضعيفة من الارادة فهى فاقده لمرتبة منها فهى منفصلة بفصل عدمى ليس من حقيقة الارادة فى شيء فاذا كان المتكلم فى مقام البيان فله الاقتصار على الصيغة الظاهرة فى البعث الصادرة عن ارادة فى افادة حتمية الارادة لان حتمية الارادة حيث انها مرتبة من نفس الارادة الخاصة فكانها لم تزد شيئا على الارادة حتى يحتاج الى التنبيه عليه بخلاف ما اذا كان فى مقام افادة الندب لانه ممتاز بامر خارج عن حقيقة الارادة وان كان عدميا فلا بد من التنبيه عليه وإلّا كان ناقضا لغرضه ولعل المراد بالاكملية المحكية عن بعض

٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

المحققين هو صاحب الحاشية هذا المعنى انتهى ـ ان قلت كما عن استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ، ص ١٢٩ لو تنزلنا وسلمنا ان الارادة الشديدة غير محدودة بخلاف الارادة الضعيفة إلّا انه مع ذلك لا يمكن التمسك باطلاق الصيغة والحمل على الوجوب والسبب فى ذلك ان بساطة الارادة الشديدة وتركب الارادة الضعيفة انما هما بالنظر الدقى العقلى وليستا من المتفاهم العرفى ومن الطبيعى ان الاطلاق انما يعين ما هو المتفاهم العرفى دون غيره وحيث ان بساطة تلك المرتبة وعدم وجود حد لها وتركب هذه المرتبة ووجود حدّ لها أمران خارجان عن الفهم العرفى فلا يمكن حمل الاطلاق على بيان المرتبة الاولى دون الثانية الخ وهو مأخوذ من المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٢٩ قال إلّا ان الانصاف ان هذا التقريب دقيق ومثله غير قابل للاتكال عليه عند التحقيق انتهى وفيه بهذا التعبير الفلسفى لا يفهم العرف واما اذا قلنا ان الارادة الشديدة ليس فيها قيد اصلا ولاحد والضعيفة يكون فيها ذلك وهو جواز الترك فهو مما يفهمه كل احد وجريان المقدمات يكون بالنسبة الى واقع الارادة كما لا يخفى ، واما كون صيغة الامر موضوعا لانشاء الطلب او ابراز الامر الاعتبارى فقد تقدم الكلام فيه مرارا فلا نعيد كما تقدم الكلام فى الارادة من الشدة والضعف فلا نعيد ، وبما ذكرنا من الجواب هنا قد اندفع ما يقال من ان جريان مقدمات الاطلاق فى صقع المفهوم القابل للسعة والضيق كمفهوم الرقبة دون فى ما كان شخصا خارجيا كالمقام الذى يكون الكلام فى الربط البعثى الشخصى والشخص غير قابل للشدة والضعف فان الطلب والارادة شخص ومن المعانى الحرفية التى لا يمكن تقييدها ، وجه الدفع ان شدة الارادة ارادة ولو يكون شخصا وضعفها امر خارج عنها تحتاج الى المئونة وذلك بدال آخر وراء اصل الخطاب وسعتها نفس عدم الحد وهو متحقق وقد تقدم الكلام فيه ايضا. وثمرته الفقهية قد استعملت الصيغة فى الوجوب والاستحباب معا فى الرواية باب ١٥ احكام الخلوة فى الوسائل اين يضع الغريب ببلدكم فقال اجتنب افنية المساجد وشطوط الانهار الخ وحملوها على الاستحباب فى غير المساجد وفى الرواية باب ٣٥ ابواب الوضوء ان نسيت غسل وجهك فغسلت ذراعيك قبل وجهك فاعد غسل وجهك ثم اغسل ذراعيك الحديث وفى الرواية المعتبرة باب ١ من الابواب الاغسال المسنونة اغتسل يوم الاضحى والفطر والجمعة واذا غسلت ميتا وفى باب ٢٣ منها صوموا

٨٦

ثم (١) ان ديدنهم فى الفقه استفادة الوجوب من الجمل الفعلية كقوله تغتسل وتصلى (٢) و (٣) قيل (٤) فى وجهه بان الجمل المزبورة استعملت فى انشاء الطلب وهو (٥) من البعد بمكان. و (٦) لذا ذهب آخرون بان الجمل باق على اخباريته وان

______________________________________________________

شعبان واغتسلوا ليلة النصف منه ، قال الله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، وفى المعتبرة اغسل ثوبك من ابوان ما لا يؤكل لحمه الى غير ذلك.

(١) الجهة الرابعة فى بيان دلالة الجملة الخبرية فى مقام الانشاء على الوجوب.

(٢) فان فى الآيات والروايات كثيرة كقوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ، (قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ) وفى الرواية باب ٢ احكام الخلوة اذا دخلتم الغائط فتجنبوا القبلة وفى باب ١ من الخلل رجل لا يدرى واحدة صلى او ثنتين قال يعيد ، رجل شك فى الركعة الاولى قال يستأنف وفى باب ٢ منه الرجل يشك فى الفجر قال يعيد وفى الرواية يتوضأ الى غير ذلك وفى جميع ذلك قد استظهر الاصحاب رضوان الله عليهم الوجوب واستعملت فى افادة الطلب وتدل على طلب متعلقها شرعا وعرفا ويقع الكلام ح فى مقامين.

(٣) المقام الاول فى كيفية دلالتها على الطلب وهو على وجوه.

(٤) منها ما يظهر من كلمات القدماء من انها قد استعملت فى الطلب مجازا.

(٥) ووجه البعد انا نرى بالوجدان انه لا عناية فى استعمالها حين دلالتها على الطلب فانه لا فرق بين نحو استعمالها حين الاخبار بها ونحو استعمالها حين افادة الطلب بها.

(٦) ومنها انه كثيرا ما يخبر العقلاء خصوصا اهل الفن منهم بوقوع بعض الامور فى المستقبل لعلهم بتحقق مقتضية اما للغفلة عن مانعة او لعدم اعتنائهم به لندرة وجوده كما نشاهد ذلك جليا فى اخبار المنجمين والمتطببين بحدوث بعض الحوادث او عروض بعض الاحوال لبعض الاصحاء او المرض لاطلاعهم على تحقق اسباب تلك الامور التى اخبروا بها وعليه يمكن ان يكون ما نحن بصدد بيان وجهه منطبقا على هذا الوجه بمعنى ان من له الامر حيث يعلم ان من مقتضيات وقوع فعل المكلف فى الخارج وتحققه هو طلبه وارادته ذلك منه فاذا علم بارادته ذلك الفعل وطلبه من المكلف فقد

٨٧

المصحح للاخبار وجود مقتضيه من طلب المولى فيخبر بوقوع المطلوب لمحض وجود مقتضيه التشريعى كما انه قد يخبر بوقوع التكوينيات كالاخبار بهلاك الشخص لمحض العلم بوجود مقتضى هلاكه ، وفيه (١) ان المقتضى لوجود

______________________________________________________

علم بتحقق مقتضيه وصح منه ان يخبر بوقوع ذلك الفعل تعويلا على تحقق مقتضيه وبما ان سامع هذا الخبر يعلم ان المخبر ليس فى صدد الاخبار بوقوع الفعل من المكلف فى المستقبل بل بداعى الكشف عن تحقق مقتضى وقوعه اعنى به ارادة من له الامر وطلبه منه يكشف ذلك الخبر بتلك الجملة عن تحقق ارادة المولى وطلبه لذلك الفعل من المكلف.

(١) واجاب عن ذلك المحقق الماتن ما ملخصه انه لما صح الاخبار بوقوع الفعل لعلم المخبر بتحقق مقتضيه لان مقتضى الفعل هى ارادة المولى ذلك الفعل من المكلف وهى لا تكون مقتضيا لوقوعه وصدوره من المكلف وداعيا له اليه الا فى حال علمه بها لا بوجوده الواقعى محضا وعلمه بها متوقف على الاخبار بوقوع الفعل وعليه يلزم الدور لان الاخبار بوقوع الفعل متوقف على تحقق مقتضيه فى الخارج وهو ارادة المولى مع علم المكلف به وتحقق مقتضيه متوقف على الاخبار بوقوعه وبدونه لا علم له مضافا الى ذلك ان اخبار المنجم والطبيب بوقوع بعض الحوادث او الاحوال انما يكون بداعى الكشف عن تحققه فى المستقبل اعتمادا منه على تحقق علته لا انه يخبر بذلك بداعى الكشف عن تحقق مقتضيه من باب الاخبار عن وجود احد المتلازمين بالاخبار عن الآخر ليكون كناية ولا ريب فى ان من يريد وقوع فعل ما من الآخر ويكشف عن ارادته بوقوعه منه فى المستقبل لا يخبر به بداعى الكشف عن وقوعه فى المستقبل بل بداعى الكشف عن ارادته ذلك الفعل منه وبذلك يكون الاخبار بالوقوع كناية عن طلب المخبر وارادته لوقوع الفعل من المخاطب وح لا يكون وقع للمقدمة التى قدمها ولا ربط لها بهذا الوجه ومنها ما اورد عليه المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٨٢ ، قال ولكن نقول بان ارادة الفعل من المكلف واقعا لما كانت سببا لاعلام المكلف والمأمور به وكان الاعلام سببا لحكم عقله بالاطاعة وحكم عقله بالاطاعة سببا لتحقق العمل منه فى الخارج فقهرا بهذه السلسلة الطويلة تكون الارادة سببا ومقتضيا لوجود العمل وتحققه ومعه نقول بانه يكفى هذا المقدار

٨٨

المخبر به فى التشريعيات هو علم المأمور بوجود الطلب وان لم يكن فى الواقع طلب كما انه لو كان ولم يعلم به المكلف لما كان طلبه بوجوده الواقعى مقتضيا وحيث كان الامر كذلك يستحيل ان يكون الموجب لهذا طلبه واقعا ولا علمه به كيف وعلمه به من نتائج هذا الخبر لا من مباديه (١) فلا مجال ح لقياس المقام بالاخبار فى التكوينيات بوجود المخبر به بعناية وجود مقتضيه كالاخبار بموت الشخص مثلا لوجود مقتضيه كما لا يخفى ، و (٢)

______________________________________________________

من الدخل فى مصححية الاخبار انتهى. كما هو الصحيح والمختار.

(١) فيلزم الدور.

(٢) ومنها ما عن الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٤ ولكنه لا يخفى انه ليست الجمل الخبرية الواقعة فى ذلك المقام اى الطلب مستعملة فى غير معناها بل تكون مستعملة فيه إلّا انه ليس بداعى الاعلام بل بداعى البعث بنحو الآكد حيث انه اخبر بوقوع مطلوبه فى مقام طلبه اظهارا بانه لا يرضى إلّا بوقوعه فيكون اكد فى البعث من الصيغة كما هو الحال فى الصيغ الانشائية على ما عرفت من انها ابدا تستعمل فى معانيها الايقاعية لكن بدواع أخر كما مر لا يقال كيف ويلزم الكذب كثيرا لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك فى الخارج تعالى الله واولياؤه عن ذلك علوا كبيرا فانه يقال انما يلزم الكذب اذا اتى بها بداعى الاخبار والاعلام لا لداعى البعث كيف وإلّا يلزم الكذب فى غالب الكناية فمثل زيد كثيرا الرماد او مهزول الفصيل لا يكون كذبا اذا قيل كناية عن جوده ولو لم يكن له رمادا او فصيل اصلا وانما يكون كذبا اذا لم يكن بجواد فيكون الطلب بالخبر فى مقام التأكيد ابلغ فانه مقال بمقتضى الحال هذا الى آخر كلامه تقدم منه ان الاخبار والانشاء من طوارى الاستعمال لا من قيود المعنى المستعمل فيه وح فاستعمال هذه الجمل فى الانشاء لا الاخبار ليس استعمالا لها فى غير معناها نعم يبقى الاشكال فى انه لو استعملت فى الانشاء كيف تكون لانشاء الطلب مع ان الطلب ليس معنى للمادة اذ يعيد ويتوضأ الاعادة والوضوء وليس معنى للهيئة لما عرفت من انه ليس معنى نسبيا كذلك وكون معنى الهيئة النسبة الطلبية كما فى هيئة افعل على المشهور غير ممكن بشهادة عدم دلالة الهيئة على النسبة المذكورة عند استعمالها خبر

٨٩

الاولى ان يقال (١) فى وجهه ان هيئة الكلام بعد ما كان دالا على ايقاع نسبة بين الفعل وفاعله فلا شبهة فى انه قد يقصد به الحكاية عن ايقاع النسبة بينهما تشريعيا (٢) وهذا الايقاع بالملازمة (٣) يدل على ارادة تشريعية قبال قصد

______________________________________________________

ولذا قيل انها لو استعملت انشاء فهى لانشاء النسبة الصدورية ادعاء نظير انشاء النسبة الحملية فى قول المولى لعبده انت حر وزوجتى طالق وهذا الانشاء لما كان مظهرا للارادة كان موجبا للبعث.

(١) وتوضيح ما افاده المحقق الماتن قدس‌سره هو ان هيئة الجملة الخبرية الفعلية سواء قصد بها الكشف عن وقوع شيء فى الخارج ام قصد بها انشاء امر ما نحو بعث ويغتسل تستعمل دائما فى ايقاع النسبة بين الفاعل المسند اليه ذلك الحدث وبين مادة ذلك الفعل غاية الامر انه اذا كان الداعى الى ايقاع النسبة المزبورة هو الكشف عن وقوعها فى الخارج كانت الجملة خبرية محضة وان كان الداعى الى ايقاع النسبة هو التوسل والتسبيب الى وقوعها فى الخارج كانت الجملة الخبرية قائمة مقام الجملة الانشائية فى افادتها الطلب لدلالته بالملازمة على طلب المخبر للفعل الذى اخبر بوقوعه كما فى مثل يغتسل جوابا للسائل عمن خرج منه بلل مشتبه بعد الانزال وقبل الاستبراء وبما ان الجملة المزبورة لم يقصد بها الكشف عن وقوع النسبة فى الخارج لا تكون خبرا عنها للعلم المخبر بتحقق مقتضى وقوعها فليس الباعث للمتكلم على الاخبار بالجملة الخبرية فى مقام البعث على مؤداها هو علمه بتحقق مقتضى ما اخبر به ليتوجه اشكال الدور المتقدم بل الباعث له على الاخبار بها هو التسبيب الى وقوع الفعل وصدوره من المسند اليه فى ظاهر الجملة فالارادة التشريعية لم تكن عند ذيها سببا ومقتضيا لوقوع ذلك الفعل من المكلف بل كانت سببا لايقاع المتكلم النسبة بين الفعل ومن اسند اليه حيث يتسبب بذلك الى وقوعها فى الخارج لان ايقاع النسبة لا بداعى الكشف عن وقوعها فى الخارج بل بداعى التسبيب الى وقوعها يكشف عن طلب المتكلم بتلك الجملة للفعل ممن اسند اليه فى ظاهر تلك الجملة.

(٢) بان يكون الداعى هو التوسل الى وقوعها فى الخارج.

(٣) فكما ان ايقاع النسبة بينه وبين الفاعل فى الخارج ملازم مع ارادة الوجود ولا يمكن انفكاكه عنها كذلك هذه النسبة الايقاعية الذهنية فاذا كان المتكلم فى مقام

٩٠

الحكاية بها عن وقوع النسبة ومفروغية ثبوته (١) خارجا وما هو مقوّم الخبر هو هذا القصد ولازمه انسلاخه عن قصد حكايته عن الامر الثابت وارادة الحكاية منه عن ايقاع النسبة بينهما بتشريعه وتسبيبه فهذه الجمل فى الحقيقة وان كانت منسلخة عن الاخبار لكن ليس المراد منها ارادة انشاء الطلب (٢) وايقاعه بل اريد منها انشاء مادته وايقاع نسبته الى الفاعل ولو تسبيبا بتوسط تشريعه فقهرا يدل على ارادته التشريعية بهذه المناسبة ، ولئن شئت قلت ان المتكلم بهذا الكلام فى مقام ايقاع نسبة المبدا خارجا الى الفاعل بعناية وجود مقتضيه من ارادته التشريعية لا فى مقام الحكاية عن صدوره عن الفاعل بعناية وجود مقتضيه من ارادة المخبر من المعلوم ان مثل ارادة المخبر اجنبى عن الاقتضاء فى صدور الفعل منه كما اسلفنا بخلاف مقام اصداره من المخبر ولو تسبيبا فان لارادته التشريعية كمال الاقتضاء لهذا المعنى نعم (٣) فى دلالتها على الوجوب مع فرض مناسبة هذه العناية للاستحباب ايضا يحتاج الى مقدمات اخرى قد اسلفناه فى وجه دلالة الصيغ على الوجوب وهى (٤) بعينها جارية فى المقام ايضا (٥) نعم عن

______________________________________________________

الجد بهذا الايقاع فقضية جده بذلك تقتضى ملازمته مع ارادة الوجود من المكلف.

(١) وهو الكشف والحكاية عن الواقع الثابت وهى الجملة الخبرية.

(٢) كما يقوله صاحب الكفاية قدس‌سره.

(٣) المقام الثانى فى ان الجملة الخبرية بعد الفراغ عن كونها دالة على الطلب هل تكون ظاهرة بنفسها فى الطلب الالزامى او تكون فى نفسها صالحة للدلالة على الالزامى وغيره.

(٤) وهى مقدمات الحكمة والاطلاق من وجهين.

(٥) تقدم عن الكفاية انها فى الدلالة على الطلب اكد وقال فى الكفاية ج ١ ، ص ١٠٦ ، مع انه اذا اتى بها فى مقام البيان فمقدمات الحكمة مقتضية لحملها على الوجوب فان تلك النكتة ان لم تكن موجبة لظهورها فيه فلا اقل من كونها موجبة لتعيّنه

٩١

بعض الاعاظم من المعاصرين (١) كلام فى وجه استفادة الوجوب من الصيغ و

______________________________________________________

من بين محتملات ما هو بصدده فان شدة مناسبة الاخبار بالوقوع مع الوجوب موجبة لتعين ارادته اذا كان بصدد البيان مع عدم نصب قرينة خاصة على غيره انتهى. وملخص كلام المحقق العراقى قدس‌سره انه بناء على ما استظهر فى وجه دلالتها على الطلب انه لا فرق بين الطلب الالزامى وغيره بالنسبة اليها نفسها لصلوحها فى ذاتها لافادة كل منهما وذلك لان الانسان كما يكون بصدد افادة طلبه الالزامى يكون بصدد افادة طلبه غير الالزامى والجملة الخبرية فى حد ذاتها صالحة لافادة كل منهما اذا المتكلم كما يتسبب بايقاع النسبة الخبرية الى افادة طلب وقوعها الزاما كذلك يتسبب الى افادة طلب وقوعها ندبا نعم يمكن دعوى ظهور الجملة الخبرية فى الطلب الالزامى بضميمة مقدمات الحكمة اليها باحد التقريبين السابقين واما على الوجه الثانى المتقدم فالجملة الخبرية بملاحظته تكون ظاهرة فى الطلب الالزامى بل تكون دلالتها عليه آكد من غيرها لان الاخبار بوقوع الفعل اعتمادا على تحقق مقتضيه وهو طلب المخبر اياه يدل على ان ذلك الطلب طلب الزامى اذ هو المقتضى لوقوع الفعل المطلوب اقتضاء يكاد ان لا ينفك عنه مقتضاه وربما يشكل على مقدمات الحكمة بان المقدمات المعروفة لو جرت لا تثبت الانفس الطلب الذى هو القدر المشترك بين الفردين فان مادة الامر وضعت لنفس الجامع بلا خصوصيته فردية والاطلاق المفروض لو ثبت ببركة مقدماته لا تفيد الا كون ما وقع تحت البيان تمام المراد وقد فرضنا ان البيان بمقدار الوضع ولم يقع الوضع الا لنفس الجامع دون الخصوصية فمن اين يستفاد كون الوجوب هو المراد ـ ولكن فيه ان المقدمات لا تدل على الوضع وانما تدل على ما لا حاجة له الى المئونة وقد عرفت ان الاكمل هو لا مئونة له دون غيره.

(١) وهو المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ٩٥ ، قال فاعلم ان الصيغة متى صدرت من المولى فالعقل يحكم بلزوم امتثاله باقتضاء العبودية والمولوية ولا يصح الاعتذار عن الترك بمجرد احتمال كون المصلحة غير لزومية إلّا اذا كانت هناك قرينة متصلة او منفصلة على كونها غير لزومية وتوضيح ذلك ان الوجوب لغة بمعنى الثبوت وهو تارة يكون فى التكوين واخرى فى التشريع فكما ان فى التكوينيات يكون ثبوت شيء تارة بنفسه واخرى بغيره وما كان بالغير لا بد وان ينتهى الى ما بالذات فكذلك الثبوت فى عالم التشريع فما هو ثابت بنفسه نفس اطاعة المولى فانها واجبة بنفسها و

٩٢

الجمل (١) بدعوى ملخصه ان الصيغة بمحض صدوره عن المولى العقل يحكم بلزوم امتثاله إلّا ان يقوم قرينة على خلافه ، وافاد فى توضيح مرامه بان الوجوب بمعنى الثبوت وهو تكوينى وتشريعى وكل منهما ينقسم الى ما كان بالذات وبالغير وكل ما بالغير ايضا فى المقامين ينتهى الى ما بالذات وان وجوب الطاعة نفسى ووجوب غيره به الى ان افاد بعده اذا صدر بعث من المولى العقل يحكم بوجوب طاعته قضاء لحق المولوية فالوجوب انما هو من تبعات حكم العقل بالطاعة ومن لوازم صدور الصيغة من المولى او صدور الجمل منه انتهى كلامه اقول (٢) ان (٣) اراد ان مجرد تحريك المولى وبعثه ملازم ذاتا مع وجوب امتثاله و

______________________________________________________

غيرها يكون واجبا باعتبار انطباق عنوان الطاعة عليه فاذا صدر بعث من المولى ولم تقم قرينة على كون المصلحة غير لزومية فلا محاله ينطبق عليه اطاعة المولى فيجب بحكم العقل قضاء لحق المولوية والعبودية فالوجوب انما هو بحكم العقل ومن لوازم صدور الصيغة من المولى لا من المداليل اللفظية انتهى.

(١) اى الجمل الخبرية قال المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ٩٦ ، وقد ذكرنا فى المقام الاول صحة استعمال الفعل الماضى والمضارع فى مقام الانشاء وطلب شيء بين المكلف وان المستعمل فيه من الجميع شيء واحد وهو النسبة التحققية والتلبسية وان الانشاء والاخبار من المداليل السياقية ومنه يظهر ان دلالتهما على الوجوب ايضا بحكم العقل ومن لوازم صدور الكلام من المولى ولا ربط له بالمداليل اللفظية اصلا.

(٢) وملخص جوابه اوّلا ان كلية الكبرى ممنوعة اذ لا ريب فى كون الطلب الاستحبابى موضوعا للاطاعة مع كونه غير واجب الامتثال عقلا وعليه لا تكون اطاعة المولى مطلقا واجبة عقلا بل بعضها واجب وهو ما كان فى متعلقها غرض لازم الاستيفاء ولا ملازمة بين البعث ووجوب الطاعة عقلا كما فى الاستحباب.

(٣) بيانه قال المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣٦ ، ان الوجوب انما يكون حكما عقليا لا انه امر شرعى ينشئه الامر حتى يكون ذلك مفاد الصيغة ومدلولها اللفظى كما هو مقالة من يقول بوضعها لذلك ومعنى كون الوجوب حكما عقليا هو ان

٩٣

لو لكون ذلك باطلاقه حق المولى فهو مع التزامه تحريكه مع القرينة على ارادة غير لزومية لا يوجب الامتثال غير (١) خال عن المضادة (٢) اذ لازم كلامه الاخير عدم الملازمة بين التحريك ذاتا مع الوجوب وإلّا لا يجتمع التحريك مع القرينة على الخلاف ولازمه (٣) عدم كونه مطلقا حق المولى ومع عدم الملازمة الذاتية فمن اين يقتضى مجرد التحريك وجوب الطاعة وهل هو الا دعوى بلا برهان وقولا بلا اتقان ولا اظن صدور ذلك منه واظن ان بيان مقرره قاصر وإلّا مثل هذا البيان لا يصلح من ذى مسكة فلا بد وان يحصل مرامه من نفسه او من غير هذا المقرر (٤) وإلّا هذا المقدار لا يستاهل ردا.

______________________________________________________

العبد لا بد ان ينبعث عن بعث المولى إلّا ان يرد منه الترخيص بعد ما كان المولى قد اعمل ما كان من وظيفته واظهر وبعث وقال مولويا افعل وليس وظيفة المولى اكثر من ذلك وبعد اعمال المولى وظيفته تصل النوبة الى حكم العقل من لزوم انبعاث العبد عن بعث المولى ولا نعنى بالوجوب سوى ذلك انتهى. وقد عرفت الجواب عنه اوّلا.

(١) بيان الاشكال الوارد عليه ثانيا هى المضادة قال فى الفوائد ، ص ١٣٧ ، وليس علة وجوده الا البعث فالبعث يقتضى الوجود لو خلى وطبعه ولم يقم دليل على ان البعث لم يكن للترغيب الذى هو معنى الاستحباب الخ فانه تحريك من المولى ولا يحكم العقل بلزوم الانبعاث ولا تكون الملازمة موجودة فانه لا تخلوا المضادة بين صدر كلامه وذيله.

(٢) بيان المضادة لان لازم كلام الاخير انه لا ملازمة ذاتا بين البعث والوجود فكيف بمجرد التحريك يلازم وجوب الامتثال عقلا كما فى الاستحباب وفى صدر كلامه قال اذا صدر بعث من المولى العقل يحكم بوجوب طاعته.

(٣) اى لازم كلامه الاخير عدم الملازمة الذاتية بين بعث المولى وتحريكه ووجوب الطاعة عقلا.

(٤) قد عرفت بيان كلا مقرريه. الجهة الخامسة بعد ما عرفت ظهور لفظ الامر وصيغته فى الوجوب وكذا الجملة الخبرية فنقول اما لفظ يجب ومشتقاته الموجود فى كثير من الروايات فنص فى اللزوم وهو الموضوع له إلّا ان يؤول بقرينة فيكون

٩٤

مقالة (١) اطلاق الامر او الخطاب هل يقتضى التوصلية ام لا فيه كلام وتوضيح هذا المقصد يقتضى تقديم مقدمة (٢) فى بيان المراد من التعبدية و

______________________________________________________

مجازا قال عليه‌السلام باب ١ من ابواب الجنابة غسل الجنابة واجب غسل الحائض اذا طهرت واجب غسل المستحاضة واجب غسل النفساء واجب وغسل الميت واجب الحديث فراجع وكذا لفظ الفريضة ظاهرة فى الوجوب ففى نفس الباب غسل الجنابة فريضه ، وهناك اصطلاح خاص فى بعض الروايات ان الفريضة ما فرضه الله والسنة ما سنه النبوى ولا تترك الفريضة بالسنّة ولذا يكون القصر فى الصلاة بركعتين لان الساقط سنة وهذا امر آخر وكلاهما ظاهر فى الوجوب والكلام فى الظهور.

فى التعبدى والتوصلى

(١) النموذج الثالث فى التعبدى والتوصلى والكلام فيه عن جهات.

(٢) ويظهر انه على وجوه وسيأتى وانما يلزم التنبيه الى امرين الامر الاولى. قال المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣٨ وقد يطلق التوصلية ويراد منها عدم اعتبار المباشرة او عدم اعتبار الارادة والاختيار او عدم اعتبار الاباحة والسقوط بفعل المحرم ولا يخفى ان النسبة بين الاطلاقين هى العموم من وجه اذ ربما يكون الشى توصليا بالمعنى الاول اى (مقابل التعبدى بان لم يشرع لاجل اظهار العبودية) ومع ذلك يعتبر فيه الارادة والاختيار كوجوب رد التحية فانه لا يعتبر فيه قصد التعبد ومع ذلك يعتبر فيه المباشرة وربما ينعكس الامر ويكون الشى توصليا بالمعنى الثانى اى لا يعتبر فيه المباشرة ويسقط بالاستنابة وفعل الغير ومع ذلك لا يكون توصليا بالمعنى الاول بل يكون تعبديا كقضاء الصلاة الميت الواجب على الولى فانه يعتبر فيه التعبد مع عدم اعتبار المباشرة انتهى وكالحج الواجب استنابه عن الحى العاجز الغير القادر وربما يجتمعان كوجوب ازالة النجاسات وغيرها فلا يعتبر المباشرة ولا الاختيار ولا يعتبر فيها اظهار العبودية وسيأتى مفصلا ويسقط بالفعل المحرم وهو الماء المغصوب. الامر الثانى قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٩ لا يخفى عليك ان الفرق بين التعبدى والتوصلى (على ما سيأتى عن بعضهم) فى الغرض من الواجب لا الغرض من الوجوب اذا الوجوب ولو فى التوصلى لا يكون إلّا لان يكون داعيا للمكلف الى ما تعلق به ومنه يظهر ان

٩٥

التوصلية المشهور (١) بين القدماء كون المدار فى توصلية المأمور به معلومية الغرض الداعى على الامر بحيث يعلم ان المقصود للامر او المأمور التوصل به الى هذا الغرض (٢) وفى قباله ما لا يعلم الغرض المزبور فيسمى تعبديا بملاحظة ان الاقدام به ليس إلّا من جهة التعبد (٣) لولاه (٤) بلا قصده (٥) التوصل به الى شيء معلوم (٦)

______________________________________________________

الوجوب فى التوصلى لا يغاير الوجوب فى التعبدى اصلا حتى بلحاظ الغرض الباعث للايجاب والاطلاق المدعى فى المقام هو اطلاق المادة دون اطلاق الوجوب والامر ففى الحقيقة لا وجه لجعل هذا البحث من مباحث الصيغة انتهى. فالتوصلى والتعبدى يشتركان فى الوجوب ويأتى الفعل بداعى الوجوب وانما التعبدى يأتى بالواجب بداع القربة به زائدا على الوجوب والهيئة لا تدل عليه حتى يتمسك باطلاقه بل يكون من اطلاق المادة ثم ان التعبدى كالصلاة والصوم والحج والخمس والزكاة وامثال ذلك والتوصلى لوجوب الوفاء بالدين والنذر ورد السلام ونفقة الزوجة ومواراة الميت ونحو ذلك.

(١) الوجه الاول ما هو المشهور بين القدماء وملخصه ان الغرض من الامر ان كان معلوما للمكلف يجوز ان يأتى بالمأمور به لاجل ذلك الغرض لا لاجل امتثال امره وان لم يكن الغرض من الامر معلوما كان اتيان المكلف بالمأمور به للتعبد بامتثال امر المولى ليس إلّا فالتعبدى يكون بقصد الامر والتوصلى لا يكون كذلك.

(٢) فان الغسل معلوم الغرض لطهارة الثوب او البدن والعقد لاجل تحقق الزوجية او الملكية وجوب غسل النجاسة عن المسجد لاجل الازالة وخلوه عنها ونحو ذلك كدفن الميت للمواراة.

(٣) اى التعبد بامر المولى.

(٤) اى لو لا هذا التعبد لما يقدم على اتيان العمل.

(٥) اى ليس شيء معين حتى يقصد التوصل الى شيء معلوم. وتصحيح لولاه ـ بمولاه ـ غلط فما معنى التعبد لمولاه كما هو واضح.

(٦) والجواب عن هذا الوجه ذكر المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٨٣ ، بما يرى كثيرا من التوصليات التى لا يعلم انحصار الغرض والمصلحة فيها فى شيء على

٩٦

وعند اهل العصر من امثال زماننا (١) كون المدار فى التوصلية على عدم احتياج حصول الغرض (٢) والمصلحة القائمة بالمأمور به الى كون الفعل قربيا قبال ما اذا

______________________________________________________

ان التعبدى بهذا المعنى غير مجد فى ما هو المهم فى مثل المقام حيث ان المهم والمقصود من التعبدى فى المقام هو الذى لا يحصل الغرض الداعى على الامر به ولا يسقط امره إلّا باتيانه على وجه قربى ويقابله التوصلى الذى يحصل الغرض ويسقط الامر بمجرد وجوده كيفها اتفق انتهى. مضافا الى ان البعث فى كليهما يكون عن الامر فان من يدفن الميت ايضا داعية الامر بالدفن نعم ربما لا يبقى موضوع التكليف كمن يكون مأمورا بتطهير الثوب فوقع فى الماء بريح ونحوه فانه مثل ان يأكل الذئب الميت قبل دفنه فان وقوع المأمور به يكون فى الخارج بدون قصد الامر لانه ما صدر عن الفاعل المختار. واما ما وردت الاخبار فى علل الاحكام مفادها حكم الاحكام لا عللها وهى الملاكات والمصالح وعلى فرض ان يكون مفادها العلل والاغراض فانها كما وردت فى التوصليات كذلك وردت فى التعبديات لكنه اجنبى هذا الاصطلاح عن محل كلامنا فى مورد الشك فى اعتبار قصد القربة هل يمكن التمسك بالاطلاق لاثبات التوصلية ام لا وبالجملة ليس المدار على العلم بالغرض وعدمه فالمرأة تجب عليها العدة فى الطلاق بعد الدخول بها سواء كانت عقيمة او زوجها عقيم ام لا مع ان العدة لاختلاط المياه ويكون الصوم تعبديا والغرض منه لان يصل الغنى الى جوع الفقير ويدرك ألمه وهكذا.

(١) الوجه الثانى قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٧ ، الوجوب التوصلى هو ما كان الغرض منه يحصل بمجرد حصول الواجب ويسقط بمجرد وجوده بخلاف التعبدى فان الغرض منه لا يكاد يحصل بذلك بل لا بد فى سقوطه وحصول غرضه من الاتيان به متقربا به منه تعالى انتهى.

(٢) الغرض الاصلى من الوجوب هو الاثر المترتب على الواجب فان الغرض من الوجوب توصليا كان او تعبديا وان كان هو احداث داع عقلى للمكلف الى فعل الواجب اذ هو الذى يترتب على الوجوب إلّا ان هذا الغرض لما كان مقصود ابداعى حصول الاثر المترتب على الواجب الذى كان بوجوده العلمى داعيا الى ارادته النفسية كان اثر الواجب غرضا اصليا للوجوب ايضا واورد عليه ان وظيفة العبد هو اتيان المأمور به واما تحصيل الغرض فليس من وظيفته ولا طريق الى تحصيله إلّا اتيان

٩٧

احتاج الى ذلك فيسمى تعبديا ، ولئن قيل (١) بان المدار فى التوصلية (٢) على عدم احتياج رفع اشتغال الذمة بالمأمور به على اتيانه قربيا قبال احتياجه اليه فيسمى تعبديا لكان (٣) اشمل من التعريف السابق اذ ح ربما يحكم بالتوصلية (٤) مع عدم العلم بحصول الغرض والمصلحة المزبورة بلا كون العمل قربيا بخلافه على الاول (٥) ولكن ربما يقال (٦) ان ذلك (٧) لا يكون إلّا (٨) مع الشك فى

______________________________________________________

المأمور به والكيفية التى يعتبرها العقل فى مقام الاطاعة لانه هو الحاكم فى باب الاطاعة والعصيان.

(١) الوجه الثالث لعله يميل اليه المحقق الماتن قدس‌سره وملخصه ان المكلف به ان افتقر تفريغ الذمة من تكليفه الى قصد امتثاله كان الامر المتعلق به تعبديا وإلّا كان الامر به توصليا.

(٢) والفرق بين هذا الوجه وسابقه ان هذا الوجه ناظرا الى مرحلة الامتثال وحكم العقل بالطاعة والوجه المتقدم عليه ناظرا الى ترتب الغرض والمصلحة القائمة بالعمل.

(٣) هذا هو الوجه لميله قدس‌سره الى الوجه الثالث وملخصه ان التوصلى بهذا المعنى يكون اوسع صدقا واجمع افرادا لشموله ما لو شك فى كونه تعبديا لفراغ الذمة من تكليفه لو فعله وان لم يقصد امتثاله وان كان فى الواقع تعبديا مع عدم العلم بحصول الغرض لعدم كون المدار على الغرض.

(٤) كما فى مورد الشك الذى عرفت.

(٥) من عدم احتياج حصول الغرض الى كون الفعل قربيا فلا بد من قصد الامتثال للعلم بحصول الغرض ولو فى مورد الشك.

(٦) وملخص ذلك فى الجواب عن الأوسعية انه خلط بين تشخيص المعانى فى حد ذواتها وبين مقام العمل حسب القواعد المقررة للشك فى معنى المأمور به فانا فى هذا المقام بصدد تشخيص المعانى من حيث ذواتها لا فى مقام تشخيص وظيفة المكلف فى مقام العمل.

(٧) اى من الحكم بالتوصلية مع عدم العلم بحصول الغرض.

(٨) اى يختص بمورد الشك فى التعبدية.

٩٨

التعبدية والتوصلية واقعا وإلّا (١) فمع العلم بالتعبدية لا يكاد يسقط الغرض إلّا بقرينة العمل وح فالتعبدية الواقعية منوط به فتعين التعريف الاول (٢) نعم (٣) هنا شيء آخر وهو ان لقائل ان يقول ان ذلك البيان (٤) انما يتم (٥) على كون (٦) عبادية

______________________________________________________

(١) اى ليس موضوع البحث هو الشك بل العلم بالتعبدية فيلازم حصول الغرض مع قربية العمل والعبرة به.

(٢) ـ اى المتعين من تعريف التعبدى والتوصلى ـ وهو ان الواجب التعبدى ما لا يكاد يحصل الغرض الداعى على الامر به إلّا باتيانه على وجه قربى والواجب التوصلى بخلافه وهو الذى يحصل الغرض الداعى على الامر به بمجرد وجوده ولو لا يكون الاتيان به عن داع قربى بل ولو كان حصوله من غير ارادة المكلف واختياره كما فى مثل غسل الثوب من الخبث حيث انه بمحض تحققه يحصل الغرض الداعى على الامر به ويسقط الامر به ايضا ولو كان ذلك بمثل اطارة الريح اياه فى الماء نعم فى مقام ترتب المثوبة ولو فى التوصليات لا بد من اتيان العمل عن داعى امره سبحانه بلحاظ ان المثوبة انما كان ترتبها على عنوان الاطاعة وهذا العنوان مما لا يكاد تحققه إلّا اذا كان الاتيان بالواجب بداعى امر المولى لكن مجرد ذلك لا يقتضى تعبديته حيث ان المدار فى التعبدية والتوصلية امر آخر عرفته.

(٣) ثم قام فى مقام التحقيق فى معنى العبادة وما ملخصه ان العبادة على قسمين بعد ما كانت عبارة عن اظهار العبد والمأمور به خضوعه وعبوديته لمولاه.

(٤) اى ما تقدم من الوجه الثانى من ان التوصلى ما لا يحتاج حصول الغرض الى قصد التقرب بخلاف التعبدى.

(٥) اى انما يتم الوجه الثانى المتقدم على قسم الاول من العبادة الآتى دون الثانى وبيانه سيأتى.

(٦) القسم الاول ما يكون عبادة لوقوعه اطاعة لطلب من طلبه من فاعله وذلك لان اطاعة العالى عبادة بذاتها وكل فعل يصدر من فاعله معنونا بعنوان اطاعة شخص ما يكون عبادة بالعرض ولا محاله ان الاطاعة لا تتحقق الا بعد تعلق طلب المطاع بفعل المطيع وقصد المطيع بفعله امتثال طلب المطاع او باتيان الفعل بداعى حب المولى مثلا اياه او بداعى كون الفعل ذا مصلحة للمولى مثلا وبالجملة لا تتحقق

٩٩

الشيء ملازما لقربية بحث لا يتصور فيه المصلحة الا فى صورة ايجادها قربيا و (١) من (٢) لوازمه ايضا عدم تصور حرمة العبادة بوصف عبادته الا تشريعيا (٣) نظرا الى مضادة الحرمة مع اصل العبادية ، واما (٤) لو قلنا بان حقيقة العبادة

______________________________________________________

العبادة إلّا اذا صدر الفعل من فاعله باحدى الدواعى القربية وبملاحظة ذلك يصح ان يقال ان الغرض من هذا النحو من العبادة لا يحصل إلّا اذا صدر الفعل المتعبد به من فاعله بقصد القربة. وقد عبر عن هذه العبادة وهى مطلق ما امر به بداعى امره العبادة الذاتية غير جعلية فان كون مثل هذه الاعمال من وظائف العبودية انما هو ذاتى.

(١) ولهذا القسم آثار وفوارق يفترق مع القسم الثانى الآتي.

(٢) من آثار هذه العبادة الذاتية ان مقربيتها ايضا ذاتية غير قابلة للمبعدية ولا المبغوضية بوجه اصلا لانه من المستحيل ح توجه النهى الى مثل هذا العنوان الذى اخذ فى حقيقته تعلق الامر بذاته وح فلا يمكن انفكاك عباديتها عن جهة مقربيتها بخلاف الوظائف الجعلية الآتي فان انفكاك جهة المقربية عن جهة العبادية فيها بمكان من الامكان ولذلك قلنا بامكان الالتزام بحرمة العبادة ذاتا كما فى صلاة الحائض بلا احتياج الى ارجاع النهى الوارد فيها الى حيث التشريع هذا هو الفارق الاول بينهما.

(٣) بان ينسب الى الدين ما ليس من الدين والى الله سبحانه.

(٤) القسم الثانى ما تبانى العقلاء على فعله فى مقام تعظيم بعضهم بعضا كالسجود والركوع وبعض الاعمال الاخرى الرائجة اما فى العرف العام كتقبيل اليد والرجل او عند طائفة خاصة كرفع القلنسوة من الرأس ورفع اليد الى الاذن والقيام بنحو الاستقامة وتحريك اليد وهكذا غير ذلك من الامور المجعولة عند العرف والعقلاء آلات للتعظيم وللخضوع والعبودية وربما امضى الشارع بعضها فاعتبره عبادة ومثل هذه العبادة يفتقر كونها عبادة بالفعل الى قصد العنوان الذى صار الفعل عبادة فى بناء العرف والى اضافته الى شخص بخصوصه لهذا لا يكون وضع الجبهة على الارض لا بقصد السجود سجودا كما انه لو قصد هذا العنوان ولكن لم يقصد به تعظيم شخص بخصوصه لا تكون عبادة بالفعل وباقتران هذه العبادة بهذين الامرين يكون الفعل عبادة بالفعل ويعبر عنه بالعبادة الجعلية ولا مشاحة فى الاصطلاح ذكر المحقق النائينى فى كتاب الصلاة ، ج ٢ ، ص ١٠ اما ان يكون العمل بذاته عبادة وذلك كالسجود حيث انه

١٠٠