نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاتين فى طول الاخرى ، اى لم يقم الاجماع على عدم اتيان صلاتين فى يوم واحد واحداهما واجب دون الآخر كما فى المقام ولكن هذا بناء على كون الاستصحاب من الاصول المحرزة للواقع واما بناء على كون مفاده جعل حكم المماثل للحكم الواقعى فالظاهر انه حاكم على الدليل الاولى ولا يكون له كشف خلاف ، وقد مر الجواب عن جميع ذلك.

الجهة الرابعة لا فرق فى كون مقتضى القواعد الأولية هو عدم الاجزاء بين المجتهد والمقلد فكما ان المجتهد اذا انكشف له الخطا فى اجتهاده كان مقتضى القواعد هو عدم اجتزائه بعمله على طبق ذلك الاجتهاد كذلك المقلد اذا قلد من يقول بعدم وجوب السورة او بعدم كون الارتماس مفطرا مثلا ثم تبدل راى ذلك المجتهد بنقيض الراى الاول او قلد غيره لموته او لاختلال شرط من شروط جواز تقليده وكان من راى ذلك الغير هو وجوب السورة او كون الارتماس مفطرا فان مقتضى القاعدة هو عدم اجزاء عمل المقلد الجارى على طبق الراى الاول وذلك لان الملاك فى كليهما واحد ، وقد يتوهم الفرق بينهما بان حجية الادلة فى حق المجتهد انما هى على الطريقية وحجية راى المجتهد فى حق المقلد انما هى على الموضوعية فاذا كانت حجية الادلة الاجتهادية لا تقتضى الاجزاء فلا يستلزم ذلك كون حجية راى المجتهد فى حق مقلده كذلك ، ولكنه توهم فاسد لما تقرر فى محله من ان راى المجتهد انما يكون حجة على المقلد من باب الطريقية لا الموضوعية مضافا الى ما عرفت من ان حجية الامارات على السببية لا تستلزم الاجزاء ايضا ، وقد يستدل للاجزاء مطلقا فى جميع الموارد فى صورة كون الدليل على الحكم الأمارة وانكشف خلافه بالأمارة فهو ان للشارع طرق لبيان الحكم على العباد وليس لهم الدخول فى العمل الا بعد البيان وقد بين الحكم فى الزمان السابق بالامارة السابقة ويكون اتيان العمل على طبق الدليل والحجة والامارة الثانية ايضا وان بنيت خلاف ما فى الزمن السابق ولكن حيث تكون حجة ظنيه ولا يكون لنا القطع بخلاف الواقع لانه كما يحتمل خطا تلك الأمارة يحتمل خطا هذه فلا دليل لرفع اليد عما مضى من العمل على طبقها نعم الآثار التى يكون لها البقاء تكون مترتبة فمثل العصير العنبي على قول من ذهب الى طهارته بعد الغليان ثم ظهر بالامارة الثانية نجاسته يكون له آثار النجاسة فان كان ملاقيا لشيء فى السابق يحكم الآن

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

بنجاسته ان لم يعرض عليه الطهارة بعدها ، والجواب عن هذا الدليل هو ان الكشف السابق والبيان السابق يكون صورة كشف وصورة بيان وليس ببيان واقعى حتى يمكن الاعتماد عليه لصحة العمل فان خيال بيان شىء للحكم بواسطة الاستظهار التخيلى او عدم العثور على المخصص او غير ذلك لا يوجب كون هذا التخيل بيانا وحجة ، ولا فرق بين ان يكون كشف الخلاف فى الموضوع او الحكم فان قامت الامارة فى الموضوع على طهارة شيء ثم ظهر خلافها فيكون الكلام والبحث فيه ايضا كما انه اذا كان التبدل فى الحكم بالصلاة مثلا فى جلد الارنب فانكشف خلافه وعدم جواز الصلاة فيه فاذا ظهر خطاء الشاهد فى الموضوع لا يجزى العمل كما اذا ظهر ضعف الرواية فى مورد من الموارد ، وفيما ذكرنا كفاية وسيأتى التفصيل فى باب الاجتهاد والتقليد ، والمحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٥٩ قد حكى الاجماع على الاجزاء فى جميع موارد تبدل الاجتهاد او عدول المقلد من تقليد مجتهد الى مجتهد آخر لموجب من موت او خروج المقلد عن اهلية التقليد او غير ذلك الخ وهو المعتمد عندنا سواء كان فى العبادات او المعاملات ويشهد له السيرة المستمرة بين المسلمين والمتشرعين من عدم اعادة اعمالهم بعد موت مجتهدهم او الرجوع من احدهم الى آخر ويؤيده لزوم العسر والحرج لانهم لا زال يلزم ان يكونوا فى صدد اعادة اعمالهم بواسطة موت المجتهدين وتبدل فتاويهم وهو مرفوع عن الأمة فلا تجب الاعادة مطلقا وفيه انه خلط بين ما يكون حكمة التشريع لنوع العباد كحق الشفعة وبين ما يكون علة الحكم ولا يلزم الاطراد فى الاول وليس علة الحكم فلا يعتبر الضرر الشخصى فالشفعة مجعولة حتى لمن لم يكن فى مادته ضرريا عدمها بخلاف قاعدة الضرر والحرج فانها حاكمة على الادلة الاولية فيكون الحكم الاولى ثابتا فى غير صورة الضرر والحرج ولا عبرة بالضرر والحرج النوعى ولا يمكن الفتوى بنفى الحكم كلية فى حق جميع العباد بعد تشريعه لمكان استلزامه الضرر والحرج بالنسبة الى بعض العباد فالعبرة بالضرر والحرج الشخصى وبعد تشريع الاحكام من وجوب صلاة الظهر فى الوقت وقضائها فى خارج الوقت بالنسبة الى كل احد كيف يمكن القول بعدم وجوب ذلك مطلقا اعادة وقضاء بالنسبة الى جميع العباد لمكان الحرج بالنسبة الى بعض الاشخاص فى بعض الاحوال فيقتصر على مورده لا العموم.

٣٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الجهة الخامسة كما لا يجوز ترتيب الاثر على الأمارة المنكشف خطاها ولو بالظن المعتبر لمن انكشف خطاها لديه فى عمل نفسه المختص به كذلك لا يجوز له ترتيب الاثر عليها بالنسبة الى العمل الصادر من غيره البانى على اعتبار تلك الأمارة مثلا من ذهب الى طهارة العصير العنبى لو توضأ مع تلوث اعضاء الوضوء به لا يجوز لمن انكشف له خطا تلك الأمارة الدالة على طهارة العصير المزبور ان ياتم بذلك القائل بطهارته وسره ما عرفت من ان انكشاف عدم اعتبار الأمارة ولو بالظن المعتبر يوجب سقوطها عن الحجية فيكون ما قامت عليه بلا حجه فلا يجوز ترتيب اثر الواقع عليه لمن لا يرى كونها حجة عليه ومنه ما لو سقطت الامارة عن الحجية باختيار معارضها حيث يثبت التخيير اذ قد عرفت ان اختيار احد المتعارضين يوجب سقوط الآخر عن الحجية فى حق المختار وتفصيله فى محله قال استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢٨٦ نعم اذا كان العمل فى الواقع صحيحا بمقتضى حديث لا تعاد صح الاقتداء كما اذا افترضنا ان شخصا يرى عدم وجوب السورة مثلا فى الصلاة اجتهادا او تقليدا فيصلى بدونها جاز لمن يرى وجوبها فيها الاقتداء به لفرض ان صلاته فى الواقع صحيحه بمقتضى هذا الحديث ولذا لا تجب الاعادة عليه عند انكشاف الخلاف الخ ولكن هذا مورد خاص والكلام على نحو العموم.

الجهة السادسة فى الاصول العدمية فملخص الكلام فيها انه بعد نفى التكليف بالجزء والشرط المشكوك فيه بتلك الاصول لا يمكن اثبات التكليف بباقى الاجزاء او الشروط بادلتها اذ لا اطلاق لها من هذه الجهة ولذا لا يتمسك الفقهاء فى باب الاقل والاكثر لنفى التكليف بالنسبة الى الاكثر باطلاق دليل الاقل وعليه لا محيص من اثبات وجوب الباقى بتلك الاصول كما يكون نفى التكليف بالمشكوك فيه بها وذلك يتوقف على مقدمتين الاولى ان تكون الاصول المزبورة ناظرة الى نفى الجزئية او الشرطية تنزيلا بان تكون من الاصول التنزيلية العدمية بحيث تتضمن تنزيل المشكوك فيه منزلة العدم فى ترتيب اثر العدم عليه لا حلية الترك فى مرحلة الظاهر اذ عليه لا يسوغ الاكتفاء بالباقى لمكان الارتباطية بين الاجزاء وقد مر فى المقدمات ان نفى التكليف ببعض الاجزاء بدليل ثانوى يكون على نحوين احدهما نفيه بلا نظر الى نفيه فى الواقع وعليه لا يجوز الاكتفاء بالباقى لمكان ارتباطية المصلحة ، ثانيهما ان يكون نفيه ناظرا الى نفيه

٣٢٣

بقى فى المقام (١) شىء وهو ان مثل كل شيء لك حلال او طاهر هل هو من

______________________________________________________

فى الواقع ومقتضى ذلك جواز الاكتفاء بالباقى ، المقدمة الثانية ان يكون وجوب الباقى من الآثار الشرعية لنفى المشكوك فيه ليترتب على نفيه هذا ولكن يمكن منع كلتا المقدمتين اما الأولى فلان الظاهر من دليل اعتبار امثال هذه الاصول انها وظيفة شرعت فى ظرف الجهل ولا تكون ناظرة الى نفى التكليف فى مرحلة الواقع ، واما الثانية فلان الاصل الوجوب وان كان مجعولا شرعيا ولكن تحديده بالاقل لازم عقلى لعدم جزئية المشكوك فيه او شرطيته فترتب الوجوب المحدود بالاقل على نفى المشكوك فيه يكون من الاصل المثبت إلّا ان يتشبث لدفع هذا المحذور بخفاء الواسطة او جلائها او بوجه آخر وهو الذى بنى عليه صاحب الكفاية فى حديث الرفع فراجع ، ثم انه بعد تمامية المقدمتين وجواز الاكتفاء بالباقى ببركة القاعدة تصل النوبة الى مسالة الاجزاء وعدمه بعد انكشاف الخلاف وقد عرفت مما سبق ان التنزيل فى تلك الاصول ناظر الى ترتيب الاثر تعبدا وان ارادة ترتيب اثر الواقع واقعا منها خلاف الظاهر ولا اقل من الشك فالنتيجة عدم الاجزاء ، وهنا وجه ادق لاستحالة اقتضاء اللسان المزبور لرفع الجزئية الواقعية نظرا الى ان العلة للرفع ح انما كان هو الجهل والشك بالجزئية وهو من جهة تاخره الرتبى عن الجزئية الواقعية لا يكاد يقتضى رفع ما هو فى الرتبة السابقة بوجه اصلا بل ما هو المرفوع ح لا يكون إلّا ما هو نقيض هذا الرفع المتاخر عن الشك وهو لا يكون إلّا الوجود فى تلك المرتبة المتأخرة عن الشك لا الوجود فى الرتبة السابقة عن الشك وهو الجزئية الواقعية لانه لا يكون نقيضا لهذا الرفع المتاخر فيستحيل ح تعلق الرفع فى المرتبة المتاخرة حقيقة بالوجود فى المرتبة السابقة على الشك اعنى الجزئية الواقعية وح فبعد عدم اقتضاء اللسان المزبور لرفع الجزئية الواقعية حقيقة فلا بد وان يكون الرفع رفعا تعبديا تنزيليا بلحاظ عدم وجوب الاحتياط فى مقام العمل وعليه نقول بانه بعد انكشاف الخلاف لا بد من الاعادة لاقتضاء الجزئية الواقعية ح وجوب الاعادة والقضاء عند انكشاف الخلاف.

(١) تنبيه اشارة الى قاعدة الحلية والطهارة ، اما قاعدة الطهارة قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٠٣ واما المجعول فى الاصول غير المحرزة كقاعدتى الطهارة والحل هو الامر بترتيب آثار الواقع فى ظرف الشك فان لسان قاعدة الطهارة وان كان يوهم ان المجعول فيها هى الطهارة فى ظرف الشك بها إلّا ان التامل فى اطرافها

٣٢٤

الاصول التنزيلية (١) ام لا (٢) وجهان والظاهر (٣) انه لا مجال للمصير فى قاعدة

______________________________________________________

خصوصا بملاحظة مناسبة الحكم لموضوعه ينفى ذلك التوهم ويوجب للملتفت استظهار ان المراد فى مثل قوله «ع» كل شىء نظيف حتى تعلم انه قدر هو تعبد المكلف بترتيب آثار الطهارة فى ظرف الشك بها كجواز الدخول فى الصلاة ونحوها من الاعمال المشروطة بالطهارة ولازم ذلك هو عدم الاجزاء بعد انكشاف الخلاف كما اشرنا الى ذلك فى نظير المقام كما انه لا يصح ان يقوم مقام القطع الموضوعى لعدم تنزيل الشك مثل فى هذا الاصل منزلة اليقين كما هو شان الاصول المحرزة وبهذه الخصوصية تفترق قاعدة الطهارة مثلا عن الاستصحاب الخ.

(١) فهل تكون قاعدة الحلية من الاصول التنزيلية المحرزة للواقع كما هو الشأن فى قاعدة الطهارة ايضا وان مفادها عبارة عن اثبات الحلية الواقعية فى المورد تعبدا وتنزيلا لا اثبات الحلية الحقيقية الظاهرية للشيء بعنوان كونه مجعول الحكم.

(٢) او نقول بان قاعدة الحلية من القواعد المتكفلة لاثبات الحلية الظاهرية للشيء حقيقة بعنوان كونه مجهول الحكم فى طول الحلية الواقعية ، ولا يخفى ان التمسك بقاعدة الحل لاحراز الشرط فى مثل الصلاة يتوقف على مقدمه وهى ان الظاهر من اشتراط وقوع الصلاة من وبر او شعر ما يؤكل لحمه لو اراد المكلف ايقاعها فى شيء من اجزاء الحيوان هو كون الحيوان حلال الاكل فى الشريعة بعنوانه الاولى الذاتى لا مطلق ما كان حلالا اكله ولو بعنوان ثانوى اوجب طرو الحلية عليه بعد ما كان اكله حراما بعنوانه الاولى الذاتى كالميتة حال الاضطرار الى اكلها وعليه لو كان المجعول فى قاعدة الحل هو الامر بترتيب آثار الحلية الأولية اعنى بها الحلية الثابتة للحيوان بعنوانه الذاتى لكان اثر ذلك جواز الدخول فى الصلاة بشيء من اجزاء حيوان محكوم بحلية اكله بقاعدة الحل وعدم الاجزاء بعد انكشاف الخلاف لو لا حكومة حديث لا تعاد ، ولو كان المجعول فيها هى الحلية الواقعية بمعنى ان الشارع حكم بالحليّة على كل حيوان شك فى حلية اكله فى حال الشك لكان اللازم ح هو عدم جواز الدخول فى الصلاة بشيء من اجزاء حيوان محكوم بحلية اكله بقاعدة الحل لان الشرط فى جواز الدخول فى الصلاة بشيء من اجزاء الحيوان هى حلية اكله بعنوانه الاولى الذاتى لا مطلق الحلية الاعلى التوسعة الحقيقية كما مر.

(٣) ثم اشار الى قاعدة الطهارة.

٣٢٥

الطهارة الى مجرد جعل الطهارة فى مرتبه الشك بها بلا نظر فيه الى اثبات الواقع (١) اذ بعد ظهور كبرى دخل الطهارة فى شيء هو الطهارة الواقعية لو كان مفاد القاعدة اثبات مجرد الطهارة الظاهرية (٢) لا يكاد يثبت بمثله الكبرى الواقعة مع ان بنائهم على احرازها بها فيجرون القاعدة فى ماء شك فى طهارته فيتطهر به حدثا وخبثا (٣) ولا مجال (٤) ح لتوهم اعمّية موضوع الكبرى عن الطهارة الواقعية والظاهرية كيف (٥) و (٦) لازمه صحة الوضوء بما كشفت بعده نجاسته و (٧) كذلك صحة تغسيله به من البدن او اللباس بلا احتياج الى تغسيل جديد ولا اظن التزامه من احد (٨)

______________________________________________________

(١) وانها ليست من الاصول المحضة بل ممحض لاثبات الطهارة الواقعية تعبدا وتنزيلا بلحاظ المعاملة مع المشكوك معاملة الواقع بلا اقتضائها لازيد من ذلك.

(٢) هذا هو الوجه لكونها اصلا محرز الا محضا فانها لو كانت مجرد ترتيب الاثر او جعل الطهارة لا غير من دون النظر الى اثبات الواقع فلا يمكن الدخول معها فى الصلاة وما يعتبر فيها الطهارة لعدم احرازها بها.

(٣) فتدلنا ان القاعدة فى بيان الطهارة الواقعية ولذا يتطهر به الحدث والخبث.

(٤) وقد تقدم احتمال ترتب الاثر فى كبرى الخطاب الواقعى على مطلق الطهارة اعم من الطهارة الواقعية والظاهرية ومقتض لاثبات التوسعة الحقيقية فى دائره كبرى الاثر بما يعم الطهارة التعبدية ، غير صحيح.

(٥) وذلك لانه يستلزم توال فاسده.

(٦) هذا هو الاول وهو صحة الوضوء لو كشفت بعده نجاسة الماء.

(٧) هذا هو الثانى فلو غسل ثوبه او بدنه النجس واقعا ثم انكشف نجاسة الماء فلا يلزم غسل الثوب والبدن للصلوات الآتية ويكون طاهرا لان انغسال الثوب بماء طاهر واقعى للتوسعة فى الطهارة الواقعية.

(٨) ولذا يلزم فقه جديد فلذا يكشف كشفا قطعيا عن بطلان القول بالتوسعة الحقيقية ، ويلزم هذه التوالى الفاسدة لو كان المجعول الاحكام الظاهرية فى حال الشك

٣٢٦

فلا محيص (١) ح الا من دعوى نظر القاعدة الى اثبات الطهارة الواقعية بلحاظ التوسعة فى مقام العمل محضا كى به يجمع بين ترتيب آثار الطهارة الواقعية مع عدم اقتضاء صحة العمل واقعا عند كشف خلافها و (٢) ح فربما امكن حمل قاعدة الحلية عليه بمقتضى وحدة لسانه ولازمه ايضا اثبات حلية لحم ما يشك فى حليته وحرمته ولو كان لحمه خارجا فعلا عن محل الابتلاء مع الابتلاء بجلده وشعره وامثالهما فعلا بلحاظ صلاته فيه نعم (٣) لو بنينا على جعل صرف الحلية الظاهرية بلا نظر منه الى اثبات الواقع فاقتضاؤه (٤) صحة الصلاة فى المشكوك مبتنى على جعل الحلية فى كبراه اعم من الواقعية والظاهرية نعم (٥) بناء عليه

______________________________________________________

وهو جعل المماثل.

(١) فالصحيح ما ذكرنا من الامر بترتيب آثار الواقع فى ظرف الشك فى مقام العمل فاذا انكشف الخلاف انكشف عدم الواقع اصلا وما ترتب عليه من الآثار بلا وجه هذا كله فى قاعدة الطهارة.

(٢) واما قاعدة الحلية فائضا يكون كقاعدة الطهارة فى بيان ترتيب آثار الواقع فى ظرف الشك فيكون حلية واقعية لان سياقهما واحد ولذا ينطبق على كل ما هو مصداق له ولو كان خارجا عن محل الابتلاء وكذا لو كان خارجا عن محل الابتلاء بعض اجزائه فتجرى فى الجلد وان كان اللحم خارجا عن محل الابتلاء.

(٣) واما لو كان المجعول حكما ظاهريا فعليا من جعل المماثل فلا محاله يختص بما كانت المصلحة فيه وهو ما اذا كان محل الابتلاء دون الخارج عن محل الابتلاء لكون جعل الحكم الفعلى للخارج عن محل الابتلاء لغو.

(٤) مضافا الى انه لا بد من التصرف فى ادلة الاجزاء والشرائط بان يكون اعما من الحكم الواقعى والظاهرى حتى يجوز له الدخول فى الصلاة مثلا وإلّا لو اختص بالحكم الواقعى فلا يعمه ادلة الشرائط ولا يصحح العمل به وكذا لو كان المراد ترتيب آثار الحلية الظاهرية فى عنوان مجهول الحكم لا يجوز معه الدخول فى الصلاة إلّا بذلك.

(٥) كما تقدم فلو قلنا بحكومة قاعدة الحل على دليل ذلك الشرط عند جعل

٣٢٧

ايضا لا يكاد يجرى الا فى موارد يكون اللحم المشكوك بنفسه محل ابتلاء المكلف وإلّا فلا يكاد يجرى الاصل اذ لا معنى لجعل الحلية الفعلية لما هو خارج عن محل ابتلاء المكلف فعلا فتدبر.

مقالة فى وجوب مقدمة الواجب (١) فنقول قبل الخوض فى المرام (٢) ينبغى بيان

______________________________________________________

المماثل فلا محاله توجب توسعة من حيث الحلية الواقعية والظاهرية وح لا مانع من الدخول فى الصلاة بشيء من اجزاء الحيوان المحكوم بحلية اكله بقاعدة الحل إلّا ان القول بذلك كما تقدم مرارا يستلزم توالى فاسده لا يمكن الالتزام بها.

الجهة السابعة قال فى الكفاية ج ١ ص ١٣٦ وهكذا الحال فى الطرق فالاجزاء ليس لاجل اقتضاء امتثال الامر القطعي او الطريقى للاجزاء بل انما هو لخصوصية اتفاقية فى متعلقهما كما فى الاتمام والقصر والاخفات والجهر الخ المعروف والمشهور ان من اتم فى موضع القصر جاهلا أجزأه ويعاقب لو كان مقصرا وكذا لو جهر فى موضوع الاخفات او بالعكس والمستند فى ذلك النصوص المعتبرة فى المقامين ولهم فى ذلك اشكال وفى التفصى عنه وجوه تذكر فى شرائط الاصول هذا تمام الكلام فى الاجزاء والحمد لله.

فى مقدمة الواجب

(١) نموذج التاسع فى وجوب مقدمة الواجب وكذا مقدمات سائر الاحكام الخمسة.

(٢) تحقيق الكلام فيه يكون فى ضمن جهات قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣١٠ ان النزاع فى هذه المسألة ليس فى اللابدّية العقلية اذ هى مما لا سبيل الى انكارها فى كل مقدمة بالإضافة الى ذيها لعدم اختصاص ذلك بمقدمة الواجب الشرعى بل هو ثابت حتى عند منكرى الحسن والقبح العقليين وعليه يكون مورد النزاع فى هذه المسألة هو الوجوب الشرعى ثم ان الوجوب ينقسم باحد الاعتبارات الى النفسى والطريقى والغيرى ومن الواضح ان الوجوب الشرعى المبحوث عنه فى المقام ليس هو الوجوب النفسى اذ ليست فى المقدمة بما انها مقدمة مصلحة نفسية تستتبع هذا النحو من الوجوب كما انه

٣٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ليس من القسم الثانى اذا الوجوب الطريقى هو ما يكون الغرض منه تنجيز الواقع عند الإصابة فيكون تنجيز الواقع متوقفا على الوجوب الطريقى واصابته وهذا بخلاف وجوب المقدمة فانه على القول به يتوقف تحققه على تحقق وجوب ذيها فلا محاله يكون النزاع فى الوجوب الغيرى وينقسم الوجوب ايضا باعتبار آخر الى الاصلى والتبعى وهما يطلقان على معنيين احدهم الوجوب المستقل فى الخطاب وغير المستقل فيه ثانيهما الارادة المستقلة فى تعلقها بالمراد اعنى الارادة التى لم تنشأ من وجود ارادة اخرى وغير المستقلة وهى التى تنشأ من ارادة اخرى ولا شبهة فى ان الاصلى بكلا المعنيين ليس محلا للنزاع اما الاول فلان ايجاب المقدمة بخطاب مستقل فى ابواب الفقه قليل جدا واما الثانى فلان القائل بالوجوب لا يدعى تعلق ارادة مستقلة بالمقدمة كما هو واضح ولا شبهة ايضا فى ان التبعى بالمعنى الاول ليس موردا للنزاع لعدم الجدوى فى ذلك فيبقى التبعى بالمعنى الثانى ويدور الامر بين ان يكون النزاع فى هذه المسألة فى التبعى بهذا المعنى وبين ان يكون فى معنى آخر وهو امكان تولد ارادة متعلقة بالمقدمة من الارادة النفسية المتعلقة بذيها وان كان الآمر غافلا بحيث لو التفت الى المقدمة لارادها والظاهران محل النزاع هو هذا المعنى الاخير الخ وذكر المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٥٨ فمرجع هذا البحث فى الحقيقة عندهم الى البحث عن الملازمة بين ارادة الشىء وارادة مقدماته ومن ذلك ايضا لا يختص هذا النزاع بخصوص مقدمة الواجب بل يجرى فى مقدمة الحرام والمكروه والمستحب كما هو واضح كما ان الظاهر هو عدم اختصاص النزاع بخصوص المقدمات التبعيّة غير الواقعة تحت الخطاب المستقل كما لعله يظهر من بعضهم حسب جعلهم مورد النزاع الوجوب التبعى الغيرى الشرعى بل يعم البحث هذه وما وقع منها مورد الامر فى حيّز خطاب مستقل كالوضوء والغسل ونحوهما لان مجرد وقوعها تحت خطاب اصلى مستقل لا يقتضى وجوبها شرعا بالوجوب الغيرى لامكان كون الامر بها فى تلك الخطابات ارشاد يا الى وجوبها العقلى بمناط اللابدّية فتامل الخ ، لكن يظهر من المحقق القمى خلاف ذلك فى القوانين ح ١ ص ١٠١ الوجوب المتنازع فيه هو الوجوب الشرعى لان الوجوب العقلى بمعنى توقف الواجب عليه وانه لا بد منها فى الامتثال مما لا ريب فيه ذو مسكة والمراد من الوجوب الشرعى هو الاصلى الذى حصل من اللفظ

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وثبت من الخطاب قصدا وبالجملة النزاع فى ان الخطاب بالكون على السطح هل هو تكليف واحد وخطاب بشيء واحد او تكليفات وخطاب بامور احدها الكون والثانى نصب السلّم والتدرج بكل درجة درجة وغيرهما الخ واجاب عنه المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢١٣ والظاهر ان هذا المعنى ليس محلا للكلام ايضا فان الوجوب المترشح الاستقلالى انما يكون عند الالتفات الى المقدمية وهو قد يكون وقد لا يكون فلا يلازم وجوب ذى المقدمة دائما بداهة ان ايجاب ذى المقدمة لا يستلزم وجوب مقدمته وجوبا استقلاليا الا مع التصديق بالمقدمية فلو قطع الآمر بعدم المقدمية او غفل عن ذلك فلا يتاتى منه هذا النحو من الايجاب قطعا ـ اى الوجوب الاستقلالى الناشى عن وجوب ذى المقدمة ـ وان كانت متصفة بنحو آخر من الوجوب بناء على ثبوت الملازمة كما ستعرف وثانيهما ما يظهر من كلام متاخرى المحققين كونه محلا للنزاع وهو الوجوب الترشحى التبعى الذى لا يدور مدار الالتفات وعدمه الخ وقد تقدم اشارة اليه.

قال المحقق الحائرى فى الدرر ج ١ ص ٥٢ اعلم ان الواجب فى الاصطلاح عبارة عن الفعل المتعلق للارادة الحتمية المانعة عن النقيض فلا يشتمل ترك الحرام وان كان ينتزع من مبغوضية الفعل وعدم الرضا به كون تركه متعلقا للارادة الحتمية المانعة عن النقيض إلّا انه لا يسمى واجبا فى الاصطلاح فلو اقتصر فى العنوان المبحوث عنه هنا بمقدمة الواجب كما فعله الاصوليون فاللازم جعل الحرام عنوانا مستقلا يتكلم فيه فالاولى جعل البحث هكذا هل الارادات الحتمية للمريد سواء كانت متعلقه بالفعل ابتداء او بالترك من جهة مبغوضية الفعل تقتضى ارادة ما يحتاج ذلك المراد اليه ام لا حتى يشمل مقدمة الفعل الواجب والترك الواجب ثم على القول بالاقتضاء يحكم بوجوب جميع مقدمات الفعل الواجب من المعد والمقتضى والشرط وعدم المانع ومقدمات المقدمات واما الترك الواجب فلا يجب بوجوبه الا ترك احدى مقدمات وجود الفعل والسر فى ذلك ان الفعل فى طرف الوجود يحتاج الى جميع المقدمات ولا يوجد إلّا بايجاد تمامها ولكن الترك يتحقق بترك إحداها فلا يحتاج الى تروك متعددة حتى يجب تلك التروك بوجوب ذلك الترك ومن هنا ظهر انه ان لم يبق الا مقدمة مقدورة واحد اما بوجود الباقى واما بخروجه عن حيز القدرة فحرمة

٣٣٠

كون المسألة من المسائل الفقهية (١) او الأصولية (٢)

______________________________________________________

ذلك الفعل تقتضى حرمة تلك المقدمة المقدورة عليها عينا كما هو الشأن فى كل تكليف تخييرى امتنع اطرافه الا واحدا فانه يقتضى ارادة الطرف الباقى تحت القدرة معينا وهذا واضح فلو فرض ان صب الماء على الوجه مثلا يترتب عليه التصرف فى المحل المغصوب قطعا بحيث لا يقدر بعد الصب على ايجاد المانع او رفع المحل عن تحت الماء فحرمة الغصب ووجوب تركه تقتضى حرمة صب الماء على الوجه عينا الخ ولكن فيه ان يعم البحث لمقدمات الحرام ايضا ويكون المحرم هى جميع المقدمات التى توصل الى الوقوع فى الحرام على القول بمقدمة الموصلة كما هو المختار وسيأتى ذلك مفصلا وان ما ذكره صاحب الدرر من التخيير فى مقدمة الحرام لا اساس له بعد ترشح الحرمة الى المقدمات كلها كترشح الوجوب الى المقدمات لكن كل مقدمة فى ظرف انضمامها ببقية المقدمات الملازم لترتب الحرام عليها خارجا لا مطلقا كما لا يخفى.

(١) ويتوقف على بيان ما يمكن ان تكون هذه المسألة من مصاديقها ، منها المسألة الفقهية هى موضوعها فعل المكلف ومحمولها احد الاحكام التكليفية او الوضعية وفى المقام كذلك لان موضوعها فعل المكلف وهو المقدمة ومحمولها الوجوب او الحرمة وهو الحكم الشرعى التكليفى.

(٢) ويمكن ان تكون مسألة اصوليه كما عليه المحققين قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٦٠ على انه ينطبق عليه ايضا ميزان المسألة الاصولية فان ميزان كون المسألة اصوليه كما افادوه هو ما يكون نتيجتها واقعة فى طريق استنباط الحكم الفرعى على معنى وقوع نتيجتها كبرى فى القياس لصغرى يفيد الحكم الفرعى ومثل هذا الميزان ينطبق على المسألة كما فى قولك هذه مقدمة الواجب وكل مقدمة الواجب واجبة فهذه واجبة كما ينطبق فى فرض جعل النزاع فى ثبوت الملازمة غايته انه على ذلك يحتاج الى تشكيل قياسين فى انتاج الحكم الفرعى بخلافه على ظاهر عنوان البحث فانه لا يحتاج إلّا الى تشكيل قياس واحد ـ اى يقال الوضوء مقدمة وثبت فى الاصول الملازمة بين حكم المقدمة وحكم ذيها فالوضوء له حكم ذيها والوضوء مقدمة للصلاة والصلاة واجبة فالنتيجة ان الوضوء واجب ـ واما توهم انتقاضه بمثل الشرط المخالف للكتاب والسنة لوقوع نتيجتها ايضا كبرى فى القياس فى قولك هذا

٣٣١

او الكلامية (١) او انها من مبادى الاحكامية (٢) كما انه بناء على كونه من المسائل

______________________________________________________

شرط مخالف للكتاب وكل ما هو كذلك فاسد فهذا فاسد مع وضوح كونها من اجلى المسائل الفرعية فيدفعه شخصية الحكم المحمول فيها بخلاف الحكم المحمول فى المقام على عنوان المقدمية ومعه لا وجه لجعل المسألة من المسائل الفرعية غير المناسبة لتعرض الاصولى اياه فى الاصول لمحض الاستطراد ـ اى حكم شخصى من الحرمة لنفس شرط المخالف المنطبق عليه بخلاف المقام فانه حكم نوعى عنوان حكم ذى المقدمة لعنوان المقدمة نظير الوضع فى المشتقات ـ ثم ان ذلك كله بناء على الاخذ بظاهر عنوان البحث وهو وجوب المقدمة وإلّا فبناء على الاخذ بما هو الاهم فى المقام من ثبوت الملازمة وعدمها فعدم ارتباطها بالمسألة الفرعية اوضح الخ وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٣٩ الظاهر ان المهم المبحوث عنه فى هذه المسألة البحث عن الملازمة بين وجوب الشى ووجوب مقدمته فتكون مسألة اصوليه الخ.

(١) اما كون المسألة من الكلامية فان موضوعها احوال المبدا والمعاد والثواب والعقاب وفى المقام هل يكون لترك المقدمة او لفعلها مع قطع النظر عن ذيها ثواب او عقاب ام لا.

(٢) وكون المسألة من المبادى الاحكامية وهى المسائل التى تكون محمولاتها من عوارض الاحكام التكليفية او الوضعية كتضادّ الاحكام وملازمة بعضها لبعض وغير ذلك مما يرجع الى نفس الاحكام وفى المقام يقال هل الوجوب يسرى من ذى المقدمة اليها فان الوجوب حكم والبحث من السريان عن عوارضه ، او انها من المبادى التصديقية وهى القضايا التى يستدل على ثبوت المحمولات للموضوعات كما مر بتقريب ان موضوع علم الاصول الادلة الأربعة ومنها حكم العقل والمراد به كل حكم عقلى يتوصل به الى حكم شرعى فلا محاله يجب ان يبحث فى الاصول عن لواحق القضايا العقلية المثبتة للاحكام الشرعية لا عن ثبوت نفسها ونفيها والبحث فى مسالة المقدمة اذا كان عن تحقق الملازمة بين الوجوبين كان بحثا عن نفس الحكم العقلى لا عن عوارضه وعليه يصير البحث من المبادى التصديقية نعم لو كان الموضوع نفس العقل لكان البحث المزبور من المباحث الأصولية ، واورد عليه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣١١ ما ثبت فى اول الكتاب من ان موضوع علم الاصول ليس هو الادلة الأربعة بل هو ما يمكن ان يكون نتيجه البحث عن عوارضه واقعة فى طريق

٣٣٢

الأصولية هل هى من المباحث العقلية (١) او اللفظية (٢) او القواعد الكلية التى امر تطبيقها بيد المجتهد (٣)

______________________________________________________

الاستنباط وبما ان نتيجه بحث المقدمة يمكن ان تقع فى طريق الاستنباط يكون البحث المزبور من مسائل العلم الخ.

(١) فان المسائل الأصولية على قسمين القسم الاول المباحث العقلية وهى ايضا على وجهين تارة من المستقلات العقلية كقبح عقاب بلا بيان وحسن الاحتياط ونحوهما مما لا ربط له بالشرع اى سواء صدر من الشارع حكم ام لا فيكون من الاحكام العقلية المحضة كحكمه بان الكل اعظم من الجزء وان الواحد نصف الاثنين وكحكمه ببطلان الدور والتسلسل واجتماع النقيضين وكذا بعض المباحث الأصولية كما عرفت واخرى المباحث العقلية غير المستقلة كمباحث الاستلزامات العقلية من الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها والامر بالشيء مستلزم للنهى عن ضده عقلا على القول به والنهى مستلزم للفساد ونحو ذلك فانه بانضمام امر الشارع او نهيه يحكم العقل بالملازمة وهكذا فانه بعد ورود الدليل على وجوب شيء من الشرع يحكم اولا يحكم كمبحث اجتماع الامر والنهى ايضا والمفاهيم وغيرهما مما يحتاج الى ورود حكم الشرع اولا ، القسم الثانى المباحث اللفظية المرتبطة بالدلالات اللفظية كمباحث الوضع من الامر وصيغته وهيئتهما وغير ذلك مما مر وسيأتى فى النهى ايضا ، والنتيجة ان مقدمة الواجب هل من المسائل العقلية او اللفظية.

(٢) بمعنى انها تكون وجوب المقدمة من الدلالة اللفظية.

(٣) وهنا ذكر المحقق الماتن قسما ثالثا وهو ان تكون من القواعد الكلية التى امر تطبيقها بيد المجتهد ويراد منه القاعدة الأصولية التى تكون طريقا لحكم فرعى قال فى النهاية ج ١ ص ٢٥٩ ومع الغض عن ذلك والاخذ بظاهر عنوان البحث نقول بعدم ارتباطها ايضا بالمسألة الفرعية لان الملاك فى المسألة الفرعية على ما يقتضيه الاستقراء فى مواردها انما هو وحدة الملاك والحكم والموضوع فكان المحمول فيها دائما حكما شخصيا متعلقا بموضوع وحدانى بملاك خاص كما مثل الصلاة واجبة فى قبال الصوم واجب والحج واجب ومثل هذا الملاك غير موجود فى المقام فلا يكون تعلق الوجوب بعنوان المقدمة من باب تعلق شخص حكم بموضوع وحدانى بمناط وحدانى خاص بل بعد ان كان عنوان المقدمية من الجهات التعليلية لا التقييدية لا جرم

٣٣٣

اقول قد يتوهم (١) من ظاهر العنوان كونه من المسائل الفقهية وان ذكرها فى المقام استطرادى محض لمجرد (٢) مناسبته لمدلول الامر من الوجوب الثابت للشىء بصيغة الامر او مادته (٣) واورد عليه (٤) بان علم الفقه متكفل لبيان احوال

______________________________________________________

الحكم المحمول على العنوان المزبور يكون حاكيا عن وجوبات متعددة مختلفه شدة وضعفا بموضوعات عديدة بملاكات متعددة فكان حال المقدمة ح بعد كون وجوبها بمناط دخلها فى ذيلها حال كل واجب يترشح اليه الوجوب من جهة دخله فى ترتب المصلحة الخاصة عليه فيختلف الوجوب فيها ح حقيقة وملاكا باختلاف ما يترتب على المقدمات نظير اختلاف الوجوبات باختلاف المصالح المترتبة عليها وعليه فلا يكون هذا العنوان فى المقام حاكيا عن محمول واحد متعلق بموضوع واحد بملاك واحد كما فى الصلاة واجبة والصوم واجب بل هو يكون حاكيا ومرآة موضوعا ومحمولا عن موضوعات متعددة محكومة باحكام متعددة بمناطات مختلفه ومن المعلوم ح انه لا يكون فى البين ح جهة وحدة فى البحث المزبور الا حيثيّة الملازمة التى عرفت كونها محط النظر والبحث وعليه لا يكاد ارتباطها بالمسألة الفرعية بوجه اصلا مضافا الى ما عرفت ايضا من عدم اختصاص مورد البحث بخصوص مقدمة الواجب بل عمومه فى مقدمات الحرام والمكروه والمستحب ايضا مع ما لها من الاختلاف بحسب المراتب والمناط فكان المقام من هذه الجهة من قبيل البحث عن ان فعل المكلف هل يكون محكوما بالاحكام الخمسة ام لا ومعلوم ح عدم ارتباطها بالمسألة الفرعية كما هو واضح الخ فتكون عليه قاعدة كلية فتكون المسألة كمسألة جواز خلوا الواقعة عن الحكم بملاحظة عموم البحث لمقدمه الحرام والمكروه والمستحب.

(١) قال فى الكفاية ج ١ ص ١٣٩ لا عن نفس وجوبها ـ اى وجوب المقدمة ـ كما هو المتوهم من بعض العناوين ـ اى ان مقدمة الواجب واجبة ام لا ـ كى تكون فرعية وذلك لوضوح ان البحث كذلك لا يناسب الاصولى والاستطراد لا وجه له الخ.

(٢) هذا هو الوجه للاستطراد من المناسبة بين وجوب المقدمة ووجوب الثابت بالامر مادة وصيغة ولذا ذكروها فى الاصول.

(٣) اى هيئة الامر يدل على الوجوب فى صيغة افعل ومادة الامر يدل فى لفظ ـ امر ـ.

(٤) والمورد هو المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢١٣ فان علم الفقه

٣٣٤

موضوعات خاصه كالصلاة والصوم وغيرهما والبحث عن عنوان المقدمة الغير المنطبق على شيء مخصوص لا يتكفله علم الفقه ، وفيه (١) ان كثيرا من القواعد الاصطيادية وغيرها من القواعد الفقهية مع ان موضوعها (٢) بنفسها ليس عنوانا مخصوصا (٣) بل كان موضوعها مرآة للعناوين المخصوصة (٤) مثل قاعدة كلما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده الشامل للمعاوضات (٥) وعقود الضمانات كالقرض وغيرها اذ (٦) عنوان ما يضمن فى مثلها جعل مرآة الى نحوى الضمان و

______________________________________________________

متكفل لبيان احوال موضوعات خاصه وكالصلاة والصوم وغيرها والبحث عن وجوب كلى المقدمة التى لا ينحصر صدقها بموضوع خاص لا يتكفله علم الفقه اصلا الخ.

(١) فاجاب عنه المحقق العراقى قدس‌سره بان لازم ذلك خروج كثير من المباحث الفقهية عن علم الفقه قال فى البدائع ص ٣١٢ والمسألة الفقهية هى المسألة التى ينتج البحث فيها حكما فرعيا اصليا اى غير واقع فى طريق احراز حكم آخر وحدانيا ناشئا من ملاك واحد سواء كان متعلقه طبيعة شرعيه كالصلاة والصوم ام عنوانا يشاربه الى مصاديقه التى هى متعلقات تلك الاحكام كالموضوع فى قاعدة ما يضمن وامثالها الخ وتبعه فى هذه المناقشة استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ٢١٣ قال لا يختص المباحث الفقهية بما يبحث فيه عن حكم موضوع من الموضوعات الخاصة لان جملة من المباحث الفقهية كمباحث وجوب الوفاء بالنذر واخويه ووجوب اطاعة الوالدين ووجوب الوفاء بالشرط ونحوها يبحث فيها عن احكام العناوين العامه القابلة للصدق على الافعال المختلفة فى الماهية والعنوان الخ وكذا غيره من اساتذتنا.

(٢) اى هذه القواعد.

(٣) كطبيعة الصلاة والصوم.

(٤) والمصاديق المتعددة.

(٥) فان قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده يشمل البيع والإجارة ونحوهما.

(٦) هذا هو الوجه لعنوان قاعده ما يضمن وعقود الضمانات وهما المراد من (نحوى الضمان) فالضمان فى جميع العقود الفاسدة حكم وحدانى ناشئ من ملاك

٣٣٥

ما هو موضوع (١) الحكم فى كل باب شيء غير الآخر ، و (٢) مثل قاعدة الطهارة المعلوم كون موضوعها مرآة للعناوين الخاصة كموضوع (٣) قاعدة كلما لاقى نجسا فهو نجس الذى هو ايضا مرات لعناوين اخرى ، ومنها (٤) ايضا قاعدة مخالفة الشرط او الصلح للكتاب والسنة بناء على ان المراد مخالفه مضمونهما (٥) الحاكية عن امور مختلفه وموارد متفاوته (٦) ، وح الأولى (٧) جعل

______________________________________________________

واحد وهو قاعدة اليد.

(١) وانما المصاديق مختلفه والموضوعات متفاوته تارة هو البيع واخرى الإجارة وثالثه الدين ورابعه الهبة المعوّضة الفاسدة وهكذا.

(٢) ومنها قاعدة الطهارة التى لها باب وسيع يجرى فى جميع الامور من الشبهة الموضوعية والحكمية فى الابواب المختلفة والموضوعات المتفاوتة المتضادة فى الماء والتراب وغيرهما لكن ذكر فى محله انها مسالة اصوليه.

(٣) ومنها قاعدة كل ما لاقى النجس فهو نجس التى لها المصاديق المتغايرة من الدم والبول والمنى والعذرة وغير ذلك لكن بمدرك واحد وهو الحكم الفرعى الاصلى بنجاسة الملاقى للنجس.

(٤) ومنها ما ورد من ان المسلمون عند شروطهم الاكل شرط خالف كتاب الله عزوجل فلا يجوز وسائل باب ٦ ابواب الخيار والصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحا أحل حراما او حرم حلالا وسائل باب ٣ احكام الصلح.

(٥) اى مضمون الصلح ومخالفة الشرط ومفادهما ومدلولهما.

(٦) فيكون مضمون الصلح والشرط بحسب المصاديق كثيرة حيث تكون مخالفا للكتاب والسنة او أحل حراما وحرم حلالا لكن ناشى من ملاك واحد وهو الحكم الفرعى المستفاد عن هذه الادلة كالشرط والصلح على الامر المحرم وعلى انتفاء ما هو ماهية العقد كالبيع بلا ثمن والإجارة بلا اجره ونحو ذلك.

(٧) تقدم ان المسألة الفقهية هى التى ينتج البحث فيها حكما فرعيا اصليا كما مر ولو كان عنوان مشيرا الى مصاديقه التى هى متعلقات تلك الاحكام وبالجملة ان المناط فيها هو كون المحمول خاصا بمعنى انه يكون احد الاحكام وضعية او تكليفيه بدون اختلاف المرتبة فى ذلك الحكم بالنسبة الى آحاد الموضوعات المندرجة تحت

٣٣٦

المدار فى فقهية المسألة اشتمالها على محمول خاص ثابت للعناوين المخصوصة ولو بتوسيط عنوان آخر مرات لها اذ حينئذ ما من مسألة فقهيه الا وشأنها ذلك (١) ولا يرد ح النقوض السابقة ايضا (٢) وح ربما يكفى هذا المقدار ايضا لاخراج مسألتنا هذه عن المسائل الفقهية (٣) اذ مضافا (٤) الى مرآتية

______________________________________________________

ذلك العنوان فحكم وحدانى ناش عن ملاك واحد أصالة لا ان يكون طريقا للغير.

(١) فان كل مسالة تشتمل على محمول خاص لعنوان مخصوص.

(٢) والنقوض السابقة لا ترد لانها عنوان يشاربه الى مصاديقه.

(٣) فيخرج مسألة مقدمة الواجب عن المسائل الفقهية لوجهين بل ثلاثة.

(٤) الوجه الاول قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣١٢ ان المسألة الأصولية ما يمكن ان تقع نتيجتها فى طريق الاستنباط او ما يبحث فيها عن ما يرجع اليه المجتهد عند الياس عن الدليل الاجتهادى ـ الى ان قال ـ فان مبحث مقدمة الواجب منها حتى اذا كانت نتيجة البحث فيه هو وجوب المقدمة لا تحقق الملازمة والسر فى ذلك هو ان وجوب المقدمة ليس حكما وحدانيا ناشئا عن ملاك واحد بل هو واحد عنوانا ومتعدد بتعدد ملاكات الواجبات النفسية الخ مضافا الى وجوبات متعددة مختلفه شدة وضعفا بحسب المناطات المختلفة واولى من ذلك ان الحق بالوجوب مقدمات سائر الاحكام الخمسة فيكون اختلاف المحمول عليه اوضح والمحمول اكثر من حكم واحد فالواجب مقدمته واجبة والمستحب مستحب وهكذا ولا يرتبط بالمسألة الفرعية ، الوجه الثانى ايضا ذكر فى البدائع ص ٣١٣ ان هذا البحث لا يختص بالواجبات الشرعية بل نتيجته ان مقدمة كل واجب واجبة بوجوب من سنخ وجوب ذيها الخ واشار الى ما ذكرنا فى الكفاية ج ١ ص ١٣٩ وتقدم مرارا الظاهر ان المهم المبحوث عنه فى هذه المسألة البحث عن الملازمة بين وجوب الشى ووجوب مقدمته فتكون مسألة اصوليه الخ وتبعه الأساتذة منهم استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ٢١٣ بل الوجه فى خروج هذه المسألة عن المباحث الفقهية هو ان البحث فى المقام انما هو عن ثبوت الملازمة بين طلب شيء وطلب مقدمته سواء كان الطلب وجوبيا ام كان استحبابيا واما تخصيص الموضوع فى كلام كثير منهم بالوجوب فانما هو لاجل الاهتمام بشانه لا من جهة اختصاص النزاع به وعليه فلا وجه لتوهم دخول المبحث فى المباحث

٣٣٧

موضوعها للعناوين بخصوصية اخرى كان محمولها ايضا مرآتا لاحكام خاصه ناشئة عن مناطات المخصوصة علاوه عن اختلافها بحسب المرتبة من الشدة والضعف بل ولئن الحق بالوجوب باقى الاحكام الخمسة بوحدة المناط كان اختلاف المحمول فى المسألة اوضح وبهذه الملاحظة لا يناسب هذه المسألة مع المسائل الفقهية كما (١) ان المهم من هذه المسألة (٢) اثبات وجوب المقدمة من

______________________________________________________

الفقهية بل هو بحث اصولى تقع نتيجته فى طريق استنباط الحكم الشرعى وذلك لانه بعد ثبوت الملازمة ووجوب شيء فى الخارج نقول لو كان هذا الشى واجبا لوجبت مقدمته لكنه واجب فمقدمته واجبة الخ.

(١) ثم انه بعد ما كانت المسألة من المسائل الأصولية هل هى من المسائل العقلية او اللفظية قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٣٩ لا لفظية كما ربما يظهر من صاحب المعالم حيث استدل على النفى بانتقاء الدلالات الثلاث مضافا الى انه ذكرها فى مباحث الالفاظ الخ بيان ذلك ان المراد من الدلالات الثلاث هى الدلالات اللفظية المطابقة والتضمن والالتزام ومن المعلوم ان انتقاء هذه الدلالات انما يقتضى نفى الدلالة اللفظية لا الدلالة العقلية والفرق بين الدلالة الالتزامية اللفظية وبين اللزوم العقلى المدعى كونه محل النزاع ان الدلالة الالتزامية يعتبر فيها اما اللزوم العرفى كالجود والحاتم او العقلى البيّن بالمعنى الاخص بحيث يلزم من تصور الملزوم تصور اللازم كتصور الأربعة يلازم تصور الزوج واللزوم العقلى فى كلام القوم اعم من ذلك ومن البين بالمعنى الاعم وهو ما يجب معه الحكم باللزوم عند تصور الطرفين كما فى آية الحمل ومن غير البيّن وهو ما لا يكون كذلك.

(٢) ثم ان عنوان البحث بناء على كونها عقلية احد امرين احدهما ما هو المعروف اثبات وجوب المقدمة من ناحية وجوب ذى المقدمة ، وثانيهما ما افاد ، فى الكفاية ج ١ ص ١٣٩ البحث عن الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته فتكون مسألة اصوليه ـ الى ان قال ـ والكلام فى استقلال العقل بالملازمة وعدمه الخ واختار ذلك أساتذتنا منهم استاذنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ٢١٣ قال بل الوجه فى خروج هذه المسألة عن المباحث الفقهية هو ان البحث فى المقام انما هو عن ثبوت الملازمة بين طلب شيء وطلب مقدمته سواء كان الطلب وجوبيا ام كان استحبابيا هو

٣٣٨

ناحية وجوب ذيها وان كان وجوب ذيها ثابتا بالادلة اللبية فلا يناسب جعلها من مباحث الالفاظ اذ لا خصوصية للفظ فى هذه الجهة من الكلام ، و (١) ارجاع هذا العنوان (٢) الى البحث عن الملازمة بين الوجوبين ايضا ، غير وجيه (٣) فلا وجه

______________________________________________________

بحث اصولى تقع نتيجته فى طريق استنباط الحكم الشرعى الخ واختار المحقق الماتن الامر الاول وذكر انه لا فوق بين ان يكون وجوب ذيها ثابتا بالدليل اللبى او غيره فلا خصوصية للفظ فيه ولا يناسب جعلها فى مباحث الالفاظ نعم وجه المناسبة قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٦١ فانه بعد الفراغ من دلالة الصيغة على الوجوب يناسب البحث عن ثبوت الملازمة بين وجوب الشىء ووجوب مقدمته الخ.

(١) هذا ما ذكره فى الكفاية وقد تقدم من ان الكلام فى استقلال العقل بالملازمة وهو العقل غير المستقل وذلك بعد استفادة اصل الحكم الشرعى من الدليل يبحث عن الملازمة.

(٢) والمراد ارجاع عنوان ترشح وجوب المقدمة من وجوب ذيها كما تقدم عن الكفاية الى الملازمة وقال ايضا ص ١٣٩ ج ١ ضرورة انه اذا كان نفس الملازمة بين وجوب الشى ووجوب مقدمته ثبوتا محل الاشكال فلا مجال لتحرير النزاع فى الاثبات والدلالة عليها باحدى الدلالات الثلاث كما لا يخفى الخ.

(٣) واجاب عنه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٦١ اذ نقول بان ما افيد من عدم المجال لا يراد البحث فى مقام الدلالة مع الاشكال فى اصل ثبوت المعنى انما يتم بالنسبة الى المدلول المطابقى الذى يمكن فيه تخلف الدلالة واما بالنسبة الى المدلول الالتزامى فحيث انه لا ينفك ثبوت الملازمة عن دلالة اللفظ عليها بنحو الالتزام فلا يتم هذا الاشكال اذ عليه يكون البحث عن دلالة الصيغة عين البحث عن ثبوت الملازمة ويستكشف بنحو الإنّ من دلالة الصيغة عن ثبوت الملازمة ومن عدم دلالتها عن عدم ثبوت الملازمة بين المعنيين نعم يرد عليه ح ان مجرد ثبوت الملازمة بين معنيين ما لم يكن اللزوم بنحو البين بالمعنى الاخص لا يرتبط بمقام الدلالة اللفظية حتى تكون المسألة لفظية وداخلة فى مباحث الالفاظ وعليه ينحصر الامر فى المسألة فى كونها عقلية محضة الخ.

٣٣٩

لادراجها فى المسائل العقلية الغير المستقلة (١) ومجرد تلازم العنوانين (٢) لا يقتضى ارجاع احدهما الى الآخر بل لا بد فى كل عنوان ملاحظة دخوله فى اىّ مسألة (٣) ، وبهذه الجهة (٤) لا وجه لارجاعها الى البحث عن المبادى الاحكامية وان لا يخلو عن مناسبة (٥) بل ومن هذه البيانات (٦) ظهر ايضا عدم مناسبة مثل

______________________________________________________

(١) وبعد ما لم يكن من باب الملازمة فلا تكون من المسائل العقلية غير المستقلة بل عقلية محضة وتقدم ان البحث عن المقدمة لا تختص بالاحكام الشرعية فالنتيجة ان لزوم المقدمة من ناحية لزوم ذيها هل يحكم به العقل ام لا فتكون من العقلية المحضة.

(٢) اى عنوان وجوب المقدمة من ناحية وجوب ذيها تلازم عنوان الملازمة فلا يرجع العنوان الاول الى العنوان الثانى.

(٣) فالمدار على ان كل عنوان يدخل فى اى مسالة عقلية محضة او غير مستقلة.

(٤) ثم يشير الى كون المسألة من المبادى الاحكامية وفساده اما كونها من المبادى الاحكامية باعتبار كونها بحثا عن لوازم وجوب الشى وانه هل من لوازم وجوب الشى وجوب مقدماته ام لا ، وجه الفساد قال فى البدائع ص ٣١١ ما بيناه فى اول الكتاب من انه لا ضير فى ان تكون للمسألة جهتان يوجب كل منهما تعنونها بعنوان مستقل وهذه المسألة وان كانت من المبادى الاحكامية إلّا انها بما ان نتيجتها تقع فى طريق الاستنباط يصح البحث عنها فى المسائل الأصولية الخ.

(٥) فانه بعد الفراغ من دلالة الصيغة على الوجوب يناسب البحث عن لوازم وجوب الشى.

(٦) من كون المدار على العنوان فى جعلها مسألة اصوليه عقلية او غيرها ظهر عدم كون المسألة كلاميه قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٥٩ من جهة وضوح ان المقدمة على القول بوجوبها ليست مما يترتب عليها المثوبة والعقوبة عند الموافقة والمخالفة فان المثوبة والعقوبة كانتا من تبعات موافقة الواجب النفسى ومخالفته لا من تبعات مطلق الواجب ولو غيريا وما يرى من استحقاق العقوبة عند ترك المقدمة فانما هو من جهة تادية تركها الى ترك ذيها الذى هو الواجب النفسى لا من جهة انها مما

٣٤٠