نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

الحكمة الخ واجاب عن اصل الاستدلال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٦٥ فقال والتحقيق فى المقام هو ان يقال ان القيد المزبور اما ان يكون متصلا بالكلام او منفصلا عنه وعلى فرض اتصاله فاما ان يكون موجبا لاجمال الكلام او غير موجب لاجماله فان كان موجبا لاجماله كما هو الحق فلا مجال لما ذكره الشيخ من الترجيح ولا لما اورد عليه ، وان كان اتصال القيد غير موجب لاجماله فلا يتجه الايراد المذكور على ما ذكره الشيخ من رجحان رجوع القيد الى المادة لكونه اقل مخالفة للاصل العقلائى لانه بعد البناء على ان قلة مخالفة الاصل من المرجحات يكون ترك الاخذ بظهور المادة فى الاطلاق ولو لارجاع القيد الى الهيئة المستلزم لبطلان اطلاق المادة مخالفا للاصل لفرض انعقاد ظهور المادة فى الاطلاق فاختيار ارجاع القيد الى الهيئة ترك للاخذ بظهورين واختيار ارجاعه الى المادة ترك للاخذ بظهور واحد ولا ريب فى ان الثانى اقل مخالفة للاصل فيلزم الاخذ به ، واما اذا كان القيد منفصلا فلا ريب فى دخله فى المادة وعدم الاجتزاء باتيانها قبل تحققه فى مقام امتثال التكليف المتعلق بها لان القيد ان كان راجعا اليها فهى مقيدة به ذاتا وان كان راجعا الى الهيئة فالمادة مقيدة به تبعا وعلى كل نعلم تفصيلا بتقييدها به ويكون احتمال رجوعه الى الهيئة وتقييدها به شكا بدويا يصح التمسك باطلاقها لإلغائه واما وجوب تحصيل القيد لاحتمال رجوعه الى المادة فحيث ان تقييد المادة من هذا الجهة لا يكون متيقنا اذ تقييد الهيئة الذى يوجب تقييد المادة هو جهة عدم امكان الامتثال الا بعد وجود ذلك القيد واما حيث وجوب تحصيل ذلك بالقيد فلا يترتب عليه بل هو مترتب على تقييد المادة اصالة على نحو يسرى الوجوب اليه فاطلاقها ينفيه عنها ويثبت بذلك رجوعه الى الهيئة للعلم الاجمالى برجوعه الى احداهما وان المثبت من الاصول اللفظية حجة كما ان اطلاق الهيئة ينفيه عنها ويثبت بذلك رجوعه الى المادة بالنحو المزبور فالاطلاقان متعارضان واذ لا مرجح لاحدهما فهما ساقطان ويكون احتمال وجوب تحصيل القيد شكا بدويا تجرى البراءة فيه ونتيجة ذلك تساوق نتيجة رجوع القيد الى الهيئة على عكس النتيجة فى الاول كما لا يخفى الخ هذا ما برجع الى رجوع التقييد الى المادة دون الهيئة وقد عرفت عدم تماميته وعند الدوران لا بد من الرجوع الى الاصل العملى كما مر.

٥٦١

يخفى والله العالم. و (١)

______________________________________________________

واجب الاصلى والتبعى

(١) التقسيم السابع للواجب ينقسم الواجب الى اصلى وتبعى والاختلاف بين الوجوب الاصلى والتبعى تارة يكون لاختلاف خصوصية الارادة من حيث كونها ناشئة تبعا لارادة اخرى اولا واخرى يكون لاختلاف خصوصية اللحاظ من حيث كون المراد ملحوظا تفصيلا اولا وثالثه لاختلاف خصوصية الدلالة من حيث كونه مدلولا عليه بالاصالة او التبعيّة ذهب الى الاحتمال الأولى المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٢ بل التحقيق ما اشرنا اليه فى بعض الحواشى المتقدمة من انه للواجب وجودا ووجوبا بالنسبة الى مقدمته جهتان من العلية إحداهما العلية الغائية حيث ان المقدمة انما تراد لمراد آخر لا لنفسها بخلاف ذيها فانه مراد لا لمراد آخر كما مر مفصلا والثانية العلية الفاعلية وهى ان ارادة ذى المقدمة علة لارادة مقدمته ومنها تنشأ وتتشرح عليها الارادة والجهة الاولى مناط الغيرية والجهة الثانية مناط التبعية ووجه الانفكاك بين الجهتين ان ذات الوجوب النفسى حيث انه مترتب على الواجب الغيرى فهى الغاية الحقيقية لكنه ما لم يجب لا يجب المقدمة فوجوب المقدمة معلول خارجا لوجوب ذيها ومتاخر عنه رتبة إلّا ان الغرض منه مترتب ذيها عليها الخ ذكر استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ٢٣٥ فظاهر لفظ الاصلى والتبعى اذا اسند الواجب اليهما يقتضى ان يكون المراد من الاصلى مقابل التبعى بقرينة المقابلة هو الواجب الذى ليس وجوبه وارادته تابعة لارادة غيره ووجوبه ومثل هذا المعنى ينحصر فى الواجب النفسى وان يكون المراد من التبعى هو الواجب الذى يكون وجوبه تبعا لوجوب شيء آخر وارادته ناشئة من ارادة اخرى ومثل هذا المعنى ينحصر فى الواجب الغيرى وذلك لان الواجب الغيرى مع النفسى الذى يكون ذلك الغيرى مقدمة له متعاكسان وجودا ووجوبا فوجود النفسى مترتب على وجود الغيرى لانه من اجزاء علة وجوده كما ان وجوب الغيرى مترتب على وجوب النفسى وهذا هو الظاهر من التبعية ففى الحقيقة بناء على هذا لا فرق بين ان نقول الواجب الاصلى والتبعى وبين ان نقول الواجب النفسى والغيرى الخ وهذا هو الاحتمال الاول وغير مراد ظاهرا ، والاحتمال الثانى اختاره صاحب الكفاية قال فيها ج ١ ص ١٩٤ والظاهر ان يكون هذا التقسيم بلحاظ الاصالة والتبعية

٥٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فى الواقع ومقام الثبوت حيث يكون الشى ـ اى المراد ـ تارة متعلقا للارادة والطلب مستقلا للالتفات اليه ـ اى بان يكون ملحوظا مستقلا ـ بما هو عليه ـ اى من المصلحة مما يوجب طلبه فيطلبه كان نفسيّا او غيريا واخرى متعلقا للارادة تبعا لارادة غيره لاجل كون ارادته لازمة لارادته من دون التفات اليه ـ اى لم يلحظ المراد مستقلا ـ بما يوجب ارادته ـ وعلى ذلك فلا شبهة فى انقسام الواجب الغيرى اليهما واتصافه بالاصالة والتبعية كلتيهما حيث يكون متعلقا للارادة على حدة عند الالتفات اليه بما هو مقدمة واخرى لا يكون متعلقها لها كذلك عند عدم الالتفات اليه كذلك فانه يكون لا محاله مرادا تبعا لارادة ذى المقدمة على الملازمة كما لا شبهة فى اتصاف النفسى ايضا بالاصالة ولكنه لا يتصف بالتبعيّة ضرورة انه لا يكاد يتعلق به الطلب النفسى ما لم يكن فيه المصلحة النفسية ومعها يتعلق الطلب بها مستقلا ولو لم يكن هنا شىء آخر مطلوب اصلا كما لا يخفى الخ وهذا هو الذى نسب الى شيخنا الاعظم الانصارى صاحب التقريرات من ان الواجب الاصلى هو الذى يكون مرادا بالالتفات اليه تفصيلا والواجب التبعى ما يكون مرادا ارتكازا مع عدم الالتفات اليه تفضيلا ، واورد على هذا الاحتمال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١١ لا مقابلة بين الاصلى والتبعى بهذا المعنى إلّا بارادة الارادة التفصيلية من الاصلى والارادة الاجمالية الارتكازية من التبعى مع ان الارادة النفسيّة ربما تكون ارتكازية بمعنى انه لو التفت الى موجبها لاراده كما فى ارادة انقاذ الولد الغريق عند الغفلة عن غرقه والحال انه لا شبهة فى كونها ارادة اصليه لا تبعية ، مضافا الى ان المناط لو كان التفصيلية والارتكازية لما كان وجه لعنوان التبعية حيث ان تبعية الارادة لارادة اخرى ليس مناط الوجوب التبعى بل ارتكازيتها لعدم الالتفات الى موجبها فلا وجه للتعبير عنها بالتبع الخ وفيه اما عن الاول فارجاعه الى الارادة التفصيلية والارتكازية لا وجه له اصلا بل المراد ملحوظ مستقلا او تبعا غير ملتفت اليه بالخصوص فاجنبى عن الارادة الارتكازية لإنقاذ الولد فانها اصليه لوجود الملاك واما عن الثانى فتبعية الإرادة للارادة ايضا موجودة باعتبار المراد فلا باس بهذا الاحتمال ثم ان هذين الاحتمالين كان فى مرحلة الثبوت واما الاحتمال الثالث المراد من الاصلى هو الواجب الذى يكون مقصودا بالافادة من الكلام بخلاف التبعى ان لا يكون مقصودا بالافادة من الكلام وان استفيد تبعا كما عليه المحقق

٥٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

القمى فى القوانين ج ١ ص ١٠١ السادسة ـ الاصلى الذى حصل من اللفظ وثبت من الخطاب قصدا ـ الى ان قال ـ السابعة ـ ودلالة الآيتين على اقل الحمل ونحو ذلك فهذا الحكم وان كان انما حصل من العقل لكن حصل بواسطة خطاب الشرع ويقال لذلك انه خطاب تبعى يعنى انه خطاب حصل بتبعية الخطاب الشرعى وان كان الحاكم باللزوم هو العقل الخ واليه اشار صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٤ لا بلحاظ الاصالة والتبعية فى مقام الدلالة والاثبات فانه يكون فى هذا المقام ايضا تارة مقصودا بالإفادة واخرى غير مقصودة بها على حدة إلّا انه لازم الخطاب كما فى دلالة الإشارة ونحوها ـ اى كالمفاهيم ـ الى ان قال ـ نعم لو كان الاتصاف بهما بلحاظ الدلالة اتصف النفسى بهما ايضا ضرورة انه قد يكون غير مقصود بالافادة بل افيد بتبع غيره المقصود بها ، لكن الظاهر كما مر ان الاتصاف بهما انما هو فى نفسه لا بلحاظ حال الدلالة عليه وإلّا لما اتصف بواحد منهما ـ اى الأصلية والتبعية ـ اذا لم يكن مفاد دليل وهو كما ترى الخ كما لو استفيد من دليل لبى كاجماع وحكم العقل ونحوهما ، ووجه البطلان انه قابل للانقسام اليهما أيضا فالنفسى قد يكون مقصودا بالافادة للمتكلم وقد لا يكون مقصودا بها فان النفسى اذا جاز ان لا يكون مفاد الدليل لفظى اصلا بل قد استفيد من دليل لبّى فجواز استفادته من اللفظ على نحو لا يكون مقصودا بالافادة بطريق اولى ، وهنا احتمال رابع وهو ما افاده فى الفصول ص ٨٣ فالاصلى ما فهم وجوبه بخطاب مستقل اى غير لازم لخطاب آخر وان كان وجوبه تابعا لوجوب غيره والتبعى بخلافه وهو ما فهم وجوبه تبعا لخطاب آخر وان كان وجوبه مستقلا كما فى المفاهيم والمراد بالخطاب هنا ما دل على الحكم الشرعى فيعم للفظى وغيره وزعم بعض المعاصرين ـ اى صاحب القوانين ـ ان الواجب الاصلى هو الذى استفيد وجوبه من اللفظ وقصده المتكلم منه والتبعى بخلافه وهو غير واضح الخ وهذا هو الذى اختاره المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٢ فالاصلى هو ما كان ايجابه مقصود بخطاب مستقل كالصلاة والوضوء فى مثل قوله عليه‌السلام اذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور والتبعى ما كان ايجابه لا بخطاب مستقل بل بتبع خطاب متعلق بامر آخر ، والغرض من هذا التقسيم ايضا انما هو الفرار عما لورد على القول بوجوب المقدمة بانه كيف ذلك مع انه كثيرا ما تكون المقدمة غير ملتفت اليها بل وكثيرا ما يكون الآمر قاطعا من باب الاتفاق بعدم مقدمية

٥٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الشىء لمطلوبه كما نظيره كثيرا فى العرفيات فى مثل الامر بشراء اللحم مع العقلة عن مقدميّة المشى الى السوق لذلك ومع هذه العقلة كيف يمكن دعوى وجوب المقدمة بقول مطلق فمن ذلك صاروا بصدد هذا التقسيم لبيان انه لا يلزم فى وجوب الشىء غيريا ام نفسيا ان يكون بايجاب اصلى وخطاب مستقل بل يكفى فيه كونه تبعا لايجاب امر آخر عند ثبوت الملازمة بينهما كما فى المتلازمين فى الحكم حيث انه بعد ثبوت الملازمة بين الشيئين فى الحكم يكون ايجاب احدهما كافيا عن ايجاب الآخر وصيرورته موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال بلا احتياجه الى خطاب على حدة ففى المقام ايضا نقول بانه بعد التلازم بين ارادة الشىء وارادة مقدماته يكون نفس ايجاب الشىء قهرا مستتبعا لايجاب جميع ما يتوقف عليه الشى من المقدمات بنحو الاجمال فتكون كل واحدة من المقدمات ح واجبة بعين ايجاب ذيها وان لم يكن الآمر ملتفتا اليها بنحو التفصيل ولا اوجبها بخطاب اصلى مستقل وعليه فيرتفع الاشكال على وجوب المقدمات التى لم تقع بالاستقلال تحت خطاب اصلى مستقل ، ومن ذلك ظهر ايضا ان هذا التقسيم كسابقه انما كان بلحاظ مقام التحميل ومرحلة الايجاب المنتزع عن مقام ابراز الارادة لا بلحاظ لبّ الارادة ولذلك يجرى القسمان فى الواجب النفسى ايضا من حيث كون ايجابه وطلبه تارة اصليا كالصلاة والصوم والحج ونحوها واخرى تبعيا كما فى المتلازمين فى الحكم وإلّا فبحسب لبّ الارادة لا مجال للتبعيّة والاصليّة بهذا المعنى كما هو واضح الخ لكن على هذا التقريب لا يصح ان يقال الواجب اصلى او تبعى الا مسامحة بل دلالة الدليل اصلى او تبعى بخلاف الاحتمالين الاولين ولا يبعد الاحتمال الثانى فيرجع الى الواقع والثبوت لا لب الارادة ولا ابراز الخطاب لكن الكاشف عن تعلق الارادة المستقلة وعدمه هو الخطاب لا محاله ، بقى الكلام فى امرين الامر الاول فى الشك قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٥ ثم انه اذا كان الواجب التبعى ما لم يتعلّق به ارادة مستقلة فاذا شك فى واجب انه أصليّ او تبعىّ فباصالة عدم تعلّق ارادة مستقلة به يثبت انّه تبعىّ ويترتب عليه آثاره اذا فرض له اثر شرعى كسائر الموضوعات المتقوّمة بامور عدميّة ، اى مثل الماء القليل اذا قلنا انه عبارة عن الماء الذى لم يكن كرا وفى المقام جزء محرز بالوجدان وهو الوجوب وباصالة عدم ارادة تفصيليه تحقق موضوع التبعى ـ نعم لو كان التبعى امرا وجوديا حاصا ـ اى ارادة

٥٦٥

منها (١) تقسيمهم الوجوب الى نفسى وغيرى ومرجع (٢) الوجوب النفسى الى

______________________________________________________

إجمالية ـ غير متقوم بعدمى وان كان يلزمه لما كان يثبت بها الاعلى القول بالاصل المثبت كما هو واضح فافهم الخ قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٢ إن كان مناط التبعية عدم تفصيلية القصد والارادة فالتبعية موافقة للاصل للشك فى ان الارادة ملتفتا اليها اولا والاصل عدمه وان كان مناطها نشو الارادة عن ارادة اخرى وترشحها منها فالاصلية موافقة للاصل اذا لترشح من ارادة اخرى ونشوها منها امر وجودى مسبوق بالعدم وليس الاستقلال فى الارادة على هذا امرا وجوديا بل هو عدم نشوها عن ارادة اخرى بخلاف الاستقلال من حيث توجه الالتفات اليها فانه امر وجودى كما عرفت الخ ، الامر الثانى ذكر الأساتذة منهم استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٤٣٣ وكيف كان فالتعرض لهذا التقسيم هنا انما هو تبعا للمحقق صاحب الكفاية (قده) وإلّا فهو عديم الفائدة والاثر الخ لكن قال استادنا الآملى فى المجمع ج ١ ص ٣٠٤ اما ثمرة البحث فى ذلك فقيل بانه ربما يقدم الاصلى على التبعى فى مقام المعارضة فاذا عارض المنطوق مع المفهوم يقدم الاول لاصالته ويسقط الثانى لتبعيته ، وايضا تظهر ثمرته فى صورة ذهاب الدلالة المطابقية وسقوطها عن الحجية فان الدلالة الالتزامية فى كشف المصلحة من الخطاب باقية على فرض عدم التبعية فيتمسك بها فى صورة كون اتيان العمل بداعى الملاك على مبنى من يقول ببقاء هذه الدلالة كما هو التحقيق واما على فرض التبعية فهى ساقطة ولا مصلحة بعد سقوط الوجوب الاصلى عن الحجية فى التبعى لعدم الكاشف لها الخ والامر كما ذكره.

فى الواجب النفسى والغيرى

(١) التقسيم الثامن للواجب انه ينقسم الى النفسى والغيرى.

(٢) وقد اختلف الكلمات فى تعريفهما قيل الواجب النفسى هو الواجب الذى لا تكون ارادته مترشحة عن ارادة غيره والغيرى ما يكون وجوبه وارادته مترشحة من ارادة اخرى ومعلولا لها ـ ولكن ليس الترشح فى الاحكام الشرعية موضوع اصلا بل الموضوع والحكم وجعل الشارع واعتباره او تعلق الارادة التشريعية به على المسلكين ـ وقيل النفسى ما امر به لاجل ملاك فى نفسه ومقابله الغيرى وهو ما امر به لا لملاك فى نفسه بل لملاك فى غيره وذكر صاحب الفصول ص ٨٢ فالواجب

٥٦٦

الايجاب الصادر عن المولى بدوا بلا تبعية لايجاب آخر بخلاف الوجوب الغيرى فانه ايجاب ناشى عن ايجاب آخر ثم التزموا بان المقدمة واجبة بالايجاب الغيرى المسبوق بايجاب شىء آخر نفسى كوجوب الوضوء مثلا بالنسبة الى وجوب الصلاة (١) وفى هذا المقام (٢)

______________________________________________________

النفسى اما تعلق الطلب به لنفسه والواجب الغيرى ما تعلق الطلب به للوصلة الى غيره ، وحكى عن التقريرات ان الواجب الغيرى ما امر به المتوصل الى واجب آخر والنفسى ما لم يكن كذلك الخ وتبعه فى ذلك غيره قال فى الكفاية ج ١ ص ١٧١ وحيث كان طلت شىء وايجابه لا يكاد يكون بلا داع فان كان الداعى فيه هو التوصل به الى واجب لا يكاد التوصل بدونه اليه لتوقّفه عليه فالواجب غيرى وإلّا فهو نفسى سواء كان الداعى محبوبية الواجب بنفسه كالمعرفة بالله او محبوبيته بما له من فائدة مترتبة عليه كاكثر الواجبات من العبادات والتوصليات الخ.

(١) قال صاحب الفصول ص ٨٤ لا نزاع فى عدم تعلق الخطاب الاصلى بها ـ اى بالمقدمة ـ بحيث يكون الخطاب بالشيء خطابا بامرين به وبمقدمته لظهور ان معنى افعل ليس إلّا طلب الفعل فقط دون ذلك مع طلب مقدماته ولا فى عدم كونها مطلوبة لنفسها ضرورة ان مطلوبية شيء لنفسه لا توجب مطلوبية ما يتوقف عليه لنفسه ايضا وانما النزاع فى وجوبها بالواجب الغيرى التبعى ـ وقال فى ص ٨٣ الحق ان الامر بالشيء مطلقا يقتضى ايجاب ما لا يتم بدونه من المقدمات الجائزة ـ وقال فى ص ٨٥ ثم اعلم ان مقدمة الواجب المطلق قد تنحصر فى المقدور كالطهارات بالنسبة الى المتمكن ـ وقال فى ص ٨٥ ان صريح العقل قاض بان اتصاف الامر المقدور بالرججان النفسى المانع من النقيض بالفعل يوجب اتصاف ما يتوقف عليه من مقدماته التى تقدم ذكرها بالرجحان له اعنى الرجحان الغيرى ـ وحيث ان رجحان الواجب رجحان مانع من النقيض فلا بد ان يكون رجحان مقدماته ايضا كذلك وذلك يستلزم وجوبها على القاعدة المذكورة وهو المطلوب الخ فما ذكره المحقق الماتن من الالتزام من ان الوجوب الغيرى معلول من الوجوب النفسى هو المستفاد من كلماتهم.

(٢) هاهنا اشكالين احدهما ما ذكره فى الكفاية ج ١ ص ١٧٢ فلا يتوجه عليه الاعتراض بان جل الواجبات لو لا الكل يلزم ان يكون من الواجبات الغيرية فان

٥٦٧

اشكال مشهور (١) وهو (٢) ان الغرض من هذا التقسيم ان كان (٣) ارجاعه الى مرتبة لب الاشتياق فروح الارادة بها غيرى ناشئ عن الاغراض المترتبة عليها من المصالح القائمة بها وان (٤) كان الغرض منه ارجاعها الى مقام ابرازهما بالخطاب الذى هو فى الحقيقة منشأ انتزاع الايجاب دون المرتبة السابقة عن هذا الابراز ، ففيه ان لازمه عدم وجوب غالب المقدمات غيريا لعدم وقوعها فى حيّز خطاب اصلا وح اين مركز هذا التقسيم وما هو مقسّمه ، و (٥)

______________________________________________________

المطلوب النفسى قلّ ما يوجد فى الاوامر فان جلّها مطلوبات لاجل الغايات التى هى خارجة عن حقيقتها فتامل الخ وهذا الاعتراض من شيخنا الاعظم الانصارى فى التقريرات قال وعلى ما ذكرنا فى التمهيد يلزم ان يكون جميع الواجبات الشرعية او اكثرها اى ما سوى المعرفة بالله الكريم من الواجبات الغيرية اذا المطلوب النفسى قلما يوجد فى الاوامر فان جلها مطلوب لاجل الغايات التى هى خارجة عن حقيقتها الخ وتبعه صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧١ لكنه لا يخفى ان الداعى لو كان هو محبوبيته كذلك اى بماله من الفائدة المترتبة عليه كان الواجب فى الحقيقة واجبا غيريّا فانه لو لم يكن وجود هذه الفائدة لازما لما دعى الى ايجاب ذى الفائدة الخ.

(١) وما تقدم هو الاشكال المشهور.

(٢) لان التقسيم اما بلحاظ نفس الارادة او ابرزها.

(٣) فعلى الاول يكون فى الحقيقة الارادة غريه لترتب الفوائد والمصالح عليها.

(٤) وعلى الثانى اى الخطاب يكون نفسيا او غيريا فلازمه عدم وجوب غالب المقدمات غيريا لعدم وقوعها تحت خطاب أصلا حتى يكون للتوصل الى واجب آخر.

(٥) واجاب عن الاشكال فى تقريرات شيخنا الاعظم الانصارى بقوله ان يكون ما يترتب عليه امرا لا يكون متعلقا لطلب فى الظاهر فيكون من قبيل الخواص المترتبة على الافعال التى ليست داخلة تحت مقدرة المكلف حتى يتعلق الامر بها بنفسها وبعينه اختاره استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٦٧ انه اذا بيننا على خروج الاسباب عن حريم النزاع فى بحث مقدمة الواجب بدعوى ان الوجوب النفسى المتعلق بالمسبب

٥٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

يتعلق بعنيه بالسبب فالاشكال مرتفع من أصله فانه بناء عليه يكون فعل الواجب متعلقا للوجوب النفسى لا محاله واما بناء على عدم تعلق الوجوب النفسى الثابت للمسبب بسببه فالوجه فى عدم كون وجوب الواجبات باجمعها غيريا هو ان الاغراض المترتبة على الواجبات وان كانت لزومية ومقدورة للمكلف بالقدرة على اسبابها إلّا انها غير قابلة لتعلق التكليف بها لما عرفت من ان متعلق التكليف لا بد وان يكون امرا عرفيا قابلا لان يقع فى حيّز الخطاب حسب انظار عرف العامة ومن الواضح ان الاغراض المترتبة على الواجبات ليست كذلك فلا مناص عن تعلق الوجوب النفسى بنفس الافعال دون الاغراض المترتبة عليها فيصدق انها واجبة لا لوجوب امر آخر فلا اشكال الخ ويرد على ما افاده الاستاد بانه ربما انظار العرف يواقفه كالصوم جنة من النار والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ونحو ذلك وناقش فيه اى فى كلام الشيخ الانصارى فى الكفاية ج ١ ص ١٧١ قلت بل هى داخلة تحت القدرة لدخول اسبابها تحتها والقدرة على السبب قدرة على المسبب وهو واضح وإلّا لما صحّ وقوع مثل التطهير والتمليك والترويج والطلاق والعتاق الى غير ذلك من المسببات مورد الحكم من الاحكام التكليفية ، فالأولى ان يقال ان الاثر المترتب عليه وان كان لازما إلّا انّ ذا الاثر لما كان معنونا بعنوان حسن يستقل العقل بمدح فاعله بل ويذم تاركه صار متعلقا للايجاب بما هو كذلك ، ولا ينافيه كونه مقدمة لامر مطلوب واقعا بخلاف الواجب الغيرى لتمحّض وجوبه فى انه لكونه مقدمة لواجب نفسى وهذا ايضا لا ينافى ان يكون معنونا بعنوان حسن فى نفسه إلّا انه لا دخل له فى ايجابه الغيرى الخ واجاب عن صاحب الكفاية المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٠ بقوله فانه لو فرض تصوّره فى الشرعيات غير جار فى الواجبات العرفية المتداولة بين انفسنا وذلك من جهة وضوح ان الداعى والباعث فى جميع الواجبات العرفية هو حيث مقدميتها ومن ذلك ترى انه لو امرت عبدك باتيان الماء فسألك عن انك لاىّ غرض امرت باتيان الماء تقول بانه لغرض الشرب ولو سأل عن ذلك ايضا تقول بانه لو اريد الشرب لغرض رفع العطش وهو لغرض استراحة النفس التى هى غرض من الاغراض وح فاذا كان لبّ الارادة فى جميع الواجبات العرفيّة غيريّا يتوجه الاشكال المزبور بانه كيف الحال لهذا التقسيم الخ واختار وجها آخر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٩٤ قال لا ريب فى ان كل ما

٥٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بالعرض ينتهى الى ما بالذات مثلا اذا اراد الانسان اشتراء اللحم فلا محاله يكون لغرض وهو طبخه والغرض من طبخه اكله والغرض منه اقامة البدل لما يتحلّل من البدن والغرض منه ابقاء الحياة والغرض منه ابقاء وجوده وذاته فغاية جميع الغايات للشوق الحيوانى ذلك واذا كان الشوق عقلانيا فغاية بقائه اطاعة ربه والتخلق باخلاقه وينتهى ذلك الى معرفته تعالى فجميع الغايات الحيوانية ينتهى الى غاية واحدة وهى ذات الشخص الحيوانى وجميع الغايات العقلانية ينتهى الى غاية الغايات ومبدإ المبادى جل شانه وكون كل غاية من الغايات ملائمة للذات ومقصودة بالعرض او بالذات لا يتوقف على الالتفات حتى يقطع بانه ليس فى كل فعل تصوّرات وتشوقات متعاقبة فان الغايات الحيوانية فى الحيوان بما هو حيوان والغايات العقلائية فى الانسان بما هو انسان صارت كالطبيعية لهما فلا يحتاج الى فكر ورويّة وقصد تفصيلى هذا كله فى الارادة التكوينية ، واما الارادة التشريعية فقد مر مرارا ان حقيقتها ارادة الفعل من الغير ومن الواضح ان الانسان لو اراد اشتراء اللحم من زيد فالغرض منه وان كان طبخه لكنه غير مراد منه بل لعل الطبخ مراد من عمرو واحضاره فى المجلس مراد من بكر وهكذا فلا تنافى بين كون شيء مرادا من احد والغرض منه غير مراد منه وان كان مقصودا من الفعل لترتبه عليه فالاشتراء مراد بالذات من زيد ومقدماته مرادة بالعرض منه وان لم يكن الغرض من اشتراء اللحم نفسه بل ينتهى الى نفس الامر مثلا ومنه يعلم حال الصلاة وسائر الواجبات فان الغرض من الصلاة وان كانت مصلحتها إلّا انها غير مرادة من المكلف لا بالعرض ولا بالذات بل المراد بالذات عن المكلف نفس الصلاة والارادة التشريعية متقومة بارادة الفعل من الغير لا انها مطلق الشوق حتى يقال ان الشوق الى الصلاة منبعث عن الشوق الى غايتها الى ان ينتهى الى غاية الغايات الخ فاذا لم يرد الغايات من المكلف فلا تكون الواجبات غيريا واورد عليه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٠ ان الارادة التشريعية ليست إلّا عبارة عن ارادة وجود العمل بما انه فعل اختيارى للمكلف وان اضافة نشو كونه منه انما هو من جهة اقتضاء توجيه التكليف بالايجاد اليه وذلك ايضا بلحاظ انه من جهة اقتضاء توجيه التكليف بالايجاد اليه وذلك ايضا بلحاظ انه من جهة كونه فعله الاختيارى غير قابل للتحقق الا من قبله فلا يكون المراد بالارادة التشريعية الانفس فعل الغير وعليه نقول بانه اذا لا يكون الامر

٥٧٠

حلّ الاشكال (١) بان يقال ان هذا الشبهة انما يرد (٢) لو كان المراد من الوجوب

______________________________________________________

بشراء اللحم من جهة مطلوبيّة الشراء نفسا مع قطع النظر عن الطبخ بل كان ذلك من جهة مقدميته لغرض الطبخ الذى هو لغرض الاكل فلا جرم لا تكون هذه الارادة إلّا غيريّة ومعه يتوجّه الاشكال المزبور من لزوم خروج اكثر الواجبات النفسيّة كما لا يخفى الخ.

(١) واجاب عن اصل الاشكال محقق الماتن كما فى النهاية ج ١ ص ٣٣١ وح فالأولى فى الجواب انما هو بجعل التقسيم المزبور بلحاظ مقام التحميل ومرحلة البعث والالزام لا بلحاظ لب الارادة وعليه يكون الواجب الغيرى هو الذى امر به لاجل التوصل به الى وجود واجب آخر ثبت وجوبه بتحميل مستقل والواجب النفسى ما لا يكون كذلك فيرتفع ح الاشكال المزبور فى الواجبات النفسية فى مثل الصوم والصلاة والحج ونحوها فى الشرعيات ومثل شراء اللحم وسقى الماء فى العرفيات لانه فيها لمّا لم يثبت تحميل وايجاب على ما يترتب عليها من الاغراض كان ايجابها ايجابا نفسيا بحسب مقام التحميل وان كان غيريا بحسب لبّ الارادة على ما عرفت ولا منافات ايضا بين غيريّة الشى ومقدميّته بحسب لبّ الارادة وبين نفسيّته بحسب مرحلة التحميل والايجاب اذ يمكن ان يكون الشىء مع كونه غيريا بحسب لب الارادة نفسيا بحسب مقام التحميل ثم انه مما يشهد على ما ذكرنا ايضا من كون التقسيم بلحاظ التحميل لا بلحاظ لب الإرادة تعريفهم الواجب الغيرى بما ذكرنا بانه ما امر به لاجل التوصل الى وجود واجب آخر لا ما امر به لاجل التوصل به الى امر آخر ولو لم يرد تحميل بالنسبة اليه كما هو واضح الخ ولكن يرد عليه ما ورد فى الصحيح عن ابى جعفر عليه‌السلام وسائل ج ١٢ ص ٢٧ قال خطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فى حجة الوداع فقال يا ايها الناس ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار الا وقد امرتكم به وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة الا وقد نهيتكم عنه الحديث فليس الاوامر والنواهى الشرعية لاجل التوصل الى وجود واجب آخر بتحميل مستقل والعمدة فى الجواب ان النظر فى الواجبات الشرعية نفسية او غيرية الى افعال المكلفين وما يتوقف عليها لا الاغراض والعلة الغائية والآثار والتقسيم للب الإرادة ويشهد له كون الثواب تفضل وكون العمل هو وظيفة العبودية والطاعة للمولى.

(٢) اى ينتفي الشبهة لو كان بلحاظ لب الإرادة السابق على الابراز بالخطاب وهى الارادة المستقلة المنتزع عن الخطاب المستقل فيكون التقسيم بهذا اللحاظ نفسيا او

٥٧١

الغيرى القائم بالمقدمة وجوبا مستقلا ناشيا عن الخطاب بها مستقلا واما (١) لو كان الغرض هو وجوب المقدمة غيريّا مجرد كونه من لوازم الخطاب لغيره بنحو يكون مدلولا التزاميا له بلا غرو ح بدعوى كون مركز التقسيم مقام إبراز لارادته ولو بكونه مدلوله الالتزامى فانه ح امكن دعوى ان المولى باى عنوان ابرز ارادة بخطابه بدوا (٢) ينتزع عنه عنوان الوجوب النفسى وان كان لبّ ارادته غيريّة (٣) وباىّ عنوان ما (٤) ابرز بخطابه بدوا بل فى ابرازه أوكل على ما هو مدلوله الالتزامى ولو عقلا انتزع من مثله الوجوب الغيرى التابع لغيره فى جميع العوالم من عالم الاشتياق الى عالم الابراز بالخطاب ، وبذلك (٥) يجاب (٦) عن النقض بصورة يكون الوجوبان النفسيان متلازمين فى الوجود وابرز ارادته بخطابه فى احدهما

______________________________________________________

غيريا كما تقدم مشكلا.

(١) اى لو كان التقسيم بحسب مقام الابراز والخطاب فالنفسى ما كان مبرز الإرادة بخطاب مستقل والغيرى ما كان مبرزها بدلالته الالتزامية.

(٢) اى ابتداء او مستقلا خطابه فهو نفسى.

(٣) اى وان كان فى الواقع حقيقة الارادة غيرية.

(٤) ما ـ نافية اى لم يبرز بخطابه ابتداء فهو غيرى.

(٥) اى بما تقدم مفصلا وحاصله ، قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٧٢ انا نختار ان الوجوب هى الارادة التشريعية التى اظهرها المريد بقوله او فعله مطابقه او التزاما وح يكون كل من التعريفين مطردا منعكسا لان الواجبات الغيرية لم ينص الشارع على وجوبها مطابقه وقد نص على وجوبها الغيرى التزاما بناء على الملازمة الخ.

(٦) اى يجاب عن النقض وهو ما لو كان وجوبان متلازمان فى الوجود فكيف المصير فى النفسية والغيرية فيهما مع ان احدهما مدلول مطابقى والآخر التزامى والجواب عنه ان ما يكون بخطاب ابتدائى هو الواجب النفسى وغيره بالدلالة الالتزامى هو الواجب الغيرى.

٥٧٢

وأوكل بمدلوله الالتزامى فى الآخر ولازمه تبعية هذا الوجوب للآخر فى عالم الابراز فيلزم ان يكون واجبا غيريا للآخر وهو كما ترى (١) ، وتوضيح الجواب (٢) بان مجرد التبعية فى عالم الابراز غير كاف فى غيريّة الوجوب بل الوجوب الغيرى ما هو تابع غيره فى جميع العوالم (٣) كما اشرنا.

______________________________________________________

(١) لكن المحقق الماتن لم يلتزم بهذا الجواب عن النقض وقال ـ كما ترى يعنى فيه مناقشة.

(٢) وتوضيح المناقشة ان الواجب الغيرى ليس مجرد كون وجوبه مدلول الخطاب لا بالمطابقة بل بالالتزام بل يكون وجوبه تابعا لغيره فى جميع العوالم.

(٣) اى حتى فى ما قبل الابراز وهو لب الارادة فان الارادة على المقدمة غيرية يترشح من الإرادة على ذى المقدمة فعليه يبقى الاشكال فى المتلازمين على حاله ، وتقدم لكن لا يرد على اصل الاستدلال لان كونه مدلولا للخطاب بالالتزامى يكشف عن ترشح ارادة المقدمة من ذيها بخلاف المتلازمين فانهما معلولان لعلة ثالثه كالحرارة وضياء العالم معلولان لطلوع الشمس ، واورد على اصل الشبهة المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٦٧ فلما ذكرنا سابقا فى ان الافعال بالإضافة الى ما يترتب عليها من المصالح من قبيل المعدات التى يتوسط بينها وبين المعلول امور غير اعتبارية فلا يمكن تعلق الارادة التكوينية بها فكذلك التشريعية لما بينا من الملازمة بينهما امكانا وامتناعا فهى من قبيل الدواعى لتعلق الارادة بالافعال لا انها بانفسها تحت التكليف حتى يكون الامر المتعلق بالافعال مترشحا من الامر المتعلق بها وما قيل من انها مقدورة بالواسطة ولا فرق فى القدرة بين ان تكون بلا واسطة وان تكون بالواسطة قد عرفت ما فيه من انه انما يتم فى الافعال التوليدية لا فى العلل المعدة الخ واجاب عنه استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٦٧ لا يخفى ان فعل الواجب بالقياس الى الغرض الاقصى المترتب عليه وان كان من قبيل العلل المعدة لكون الغرض خارجا عن تحت اختيار المكلف وقدرته إلّا انه بالقياس الى ما يترتب عليه بلا تخلف وهى جهة الاعداد لحصول ذلك الغرض من قبيل الاسباب الى مسببا بها مثلا الغرض الاقصى الداعى الى الامر بزرع الحب وهو تحصيل النتاج وان كان خارجا عن اختيار المكلف إلّا ان الغرض المترتب على الزرع من غير تخلف وهو اعداد المحل

٥٧٣

نعم هنا شبهة اخرى (١) وهو ان ابراز الارادة لشىء ولو بالمدلول الالتزامى فرع الالتفات بموضوعه فمع الغفلة يستحيل كون المغفول عنه تحت ارادته كى يتكل فى ابرازه بمدلول خطابه ولو التزاما وح (٢) فيخرج المقدمات المغفول عنها عن حيّز الوجوب الغيرى باىّ مرتبه عنه ، ودفع الشبهة (٣) مضافا الى عدم وروده فى الشرعيات الآبي مواليه عن العقلة عن مقدمات مطلوبه ، انه (٤) يكفى فيه التفاته الاجمالى نحو المقدمة ولو بهذا العنوان فى سراية الوجوب الى المعنون كما هو الشأن (٥) فى كثير من الموارد السارى فيه الحكم الى موضوعه بعنوانه الاجمالى

______________________________________________________

للانتاج مقدور للمكلف بالقدرة على سببه لا محاله وبما ان المفروض كون هذا الغرض المترتب على الفعل لزوميا فاشكال دخول جميع الواجبات النفسية فى تعريف الواجب الغيرى قد بقى على حاله الخ ولا باس به فان فى المقام ان العمل وان لم يكن علة تامة لحصول المصلحة ولكن يكون معدا لذلك وكفى له ان يكون غيريّا فالعمدة ما ذكرنا.

(١) الاشكال الثانى على وجوب المقدمة بالوجوب الغيرى وهو ما كان مبرز الارادة لازم الخطاب ، ان كثير اما تكون المقدمة غير ملتفت اليها فى الشرعيات بل العرفيات وتقدم ذلك مفصلا فى الواجب الاصلى والتبعى ومع الغفلة عن الدلالة الالتزامية كيف يمكن دعوى وجوب المقدمة بقول مطلق وانها متعلق الارادة ويتكل فى الابراز بالدلالة الالتزامية للخطاب.

(٢) وعلى ذلك يخرج المقدمات المغفولة عنها عن الوجوب الغيرى.

(٣) واجاب عنه الماتن اولا لا غفلة فى موالينا صلوات الله عليهم اجمعين فى المقدمات وذيها أصلا حتى يتوجه الاشكال فى المقدمات الشرعية.

(٤) وثانيا انه بعد تعلق الارادة على ذى المقدمة يكفى توجه الاجمالى الارتكازى الى المقدمات فإرادة الشى يلازم ارادة ما يتوقف عليه الشيء قهرا وان لم يكن الامر ملتفتا اليها تفصيلا.

(٥) كقوله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فانه يسرى ويتعلق الحكم وهو الوجوب الى موضوعه وهو المستطيع وهو العنوان الاجمالى للأفراد وهو البالغ العاقل المستطيع.

٥٧٤

كالاحكام السارية الى كل فرد ملحوظ بعنوانه الاجمالى (١) لا التفصيلى (٢) ، وهذه الجهة من الشبهة (٣) ايضا دعاهم الى تقسيم الوجوب بالاصلى والتبعى و

______________________________________________________

(١) اى فى القضايا الخارجية كمن فى الصحن الشريف ومن فى المدرسة الوسطى ونحو ذلك مما يكون عنوانا اجماليا لهذه الافراد بالخصوص بل القضايا الطبيعية ايضا كالفقراء والسادات ونحوهما.

(٢) اى غير ملحوظ كل واحد من الافراد تفصيلا.

(٣) تقدم هذه الشبهة فى كلماتهم فى تقسيم الواجب الى الاصلى والتبعى وبيانهما فراجع ، قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٧٨ الصحيح هو ان يرجع البحث ـ اى النفس والغيرى ـ الى ثمرة فقهيه وهى تكون فى صورة البحث عن ان هذا الواجب هل يكون مقدمة للغير فلا يجب الا بوجوبه فما دام لم يحصل العلم بوجوبه لا يكون هذا واجبا او يكون الامر به نفسه ولا ربط له بالغير فيجب الاتيان به فالواجب النفسى هو الذى لا ينشأ وجوبه من الغير والغيرى بالعكس فما عن المحقق الخراسانى من ان النفسى ما يكون حسنه ذاتيا والغيرى ما يكون حسنه غير ذاتى ممنوع لعدم رجوعه الى ثمرة فقهيه الخ والامر كما ذكره الاستاد.

بقى الكلام فى فرض الشك فى واجب انه نفسى او غيرى قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٧٩ يجب ملاحظة ان المغايرة بين النفسى والغيرى بالتباين او الاقل والاكثر والحق انه من قبيل الثانى ويكون لهما اشتراك فى اصل البعث وللغيرى زيادة وهى ان يكون بعثه ناشيا من بعث آخر بخلاف النفسى فان البعث اليه يكون لمصلحة فى نفسه لا من مصلحة فى غيره الخ قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٢ فالتحقيق ان الهيئة وان كانت موضوعة لما يعمّها ـ اى النسبة الطلبية ـ إلّا ان اطلاقها يقتضى كونه نفسيا فانه لو كان شرطا لغيره لوجب التنبيه عليه على المتكلم الحكيم الخ وقال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٢ فان كان هناك اطلاق فمقتضى الاطلاق هو كون الوجوب نفسيا وذلك لان الوجوب النفسى مطلق من حيث التعلق بواجب آخر كما هو مقتضى تعريفه بخلاف الوجوب الغيرى فانه مقيد بواجب آخر يتبعه فى جميع شئونه كما هو مقتضى الملازمة فاطلاق الكاشف عن الوجوب اعنى الارادة التشريعية يكشف عن عدم تعلق الارادة المزبورة بارادة اخرى وإلّا لزم بيان تعلقها وتقيدها بها لكون الارادة التشريعية الغيرية من شئون الارادة التشريعية النفسيّة الخ فحيث لم يبين

٥٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

خصوصية نشوه من الغير نعلم عدم دخالته فيه وإلّا لاخل بالغرض ، نقل صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٣ واما ما قيل ـ اى الشيخ الاعظم الانصارى فى التقريرات ـ من انه لا وجه للاستناد الى اطلاق الهيئة لدفع الشك المذكور بعد كون مفادها الافراد التى لا يعقل فيها التقييد الخ اى مفادها معنى حرفى جزئى غير قابل للاطلاق والتقييد ليتمسك باطلاقها لاثبات طور الوجوب من النفسية والغيرية قال فى مطارح الانظار الشيخ الانصارى ص ٦٧ والتحقيق هو القول بان هيئة الامر موضوعة لخصوصيات الطلب المنقدحة فى نفس الطالب باعتبار دواعيها التى تدعوا اليها ولا يختلف تلك الافراد باختلاف الدواعى اختلافا يرجع الى اختلاف الطلب نوعا حتى يقال بالاشتراك المعنوى بين النوعين الى ان قال ـ بعد شهادة الوجدان بان المستفاد من الامر خصوص افراد الطلب من غير فرق بين اختلاف الدواعى التى تعتور باعتوارها النفسية والغيرية فلا وجه للاستناد الى اطلاق الهيئة لدفع الشك المذكور بعد كون مفادها الافراد التى لا يعقل فيها التقييد نعم لو كان مفاد الامر هو مفهوم الطلب صح القول بالاطلاق لكنه بمراحل عن الواقع اذ لا شك فى اتصاف الفعل بالمطلوبية بالطلب المستفاد من الامر ولا يعقل اتصاف المطلوب بالمطلوبية بواسطة مفهوم الطلب فان الفعل يصير مرادا بواسطة تعلق واقع الارادة وحقيقتها لا بواسطة مفهومها وذلك امر ظاهر الخ ، واجاب عنه فى الكفاية ج ١ ص ١٧٣ ان مفاد الهيئة كما مرت الاشارة اليه ليس الافراد بل هو مفهوم الطلب كما عرفت تحقيقه فى وضع الحروف ـ اى كما فى الاسماء لا فرق بينهما ـ ولا يكاد يكون فرد الطلب الحقيقى والذى يكون بالحمل الشائع طلبا ـ اى حمل الطبيعى على مصداقه وإلّا لما صح انشائه بها ـ اى لا بد ان يكون كليا فى الانشائيات فانها لا تتعلق الا بالمفاهيم ـ ضرورة انه ـ اى الانشاء ـ من الصفات الخارجية الناشئة من الاسباب الخ وفيه ان هذا يكون على مبناه فى المعانى الحرفية من انه لا فرق بين الحروف والاسماء الا من حيث الاستعمال لكن تقدم خلافه وانهما متباينان ، لكن مع ذلك لا ينافى عموم الموضوع له واطلاقه واجاب عن التوهم المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٣ بما مر غير مرة من ان المعانى الحرفية ليست بجزئيات حقيقيه بل هى معانى كلية بالنحو الذى يليق بها ولا يستلزم استقلالها على ما تصورناه وصورناه ـ اى كونها عاما وتابعة للطرفين فى الكلية والجزئية وموضوعة للنسبة والربط بين المادة والحدث فلا اشكال فى اخذ

٥٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الاطلاق منها عند الدوران بينه وبين التقييد هذا اولا وثانيا ـ ولو سلم ان معانيها جزئيات حقيقية لكان للتمسك باطلاقها الاحوالى مجال واسع الخ فان الاطلاق الافرادى لو كان جزئيا يكون له المانع على فرضه «قده» واما الاطلاق الاحوالى فلا اشكال فيه فان الجزئى ايضا له احوال فاذا وجد البعث يمكن ان يوجد مع حالة وهى الاناطة بالغير وبدونها وهو عدم الاناطة فبمقدمات الاطلاق يلقى القيد ويقال ان الخطاب نفسى لا غيرى وقال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٧٩ وثالثا ان الاطلاق المقامى ايضا يجرى لان من شرائطه هو ان يكون المولى بصدد البيان ويكون القيد مغفولا لانه لو لم يكن مغفولا يمكن ان يتكل المولى على وضوحه عند العقل فلم يبينه فلا يمكن الاخذ بالاطلاق والمقام حيث يكون قيد الغيرية من المغفول فيمكن ان يؤخذ الاطلاق المقامى ايضا لينتج نفسية الخطاب الخ وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٦٩ واما فساد اصل الاستدلال فلان مفاد الهيئة وان لم يكن قابلا للاطلاق والتقييد حتى على القول بعموم الموضوع له والمستعمل فيه لانه معنى حرفى وملحوظ آلى والاطلاق والتقييد من شئون المفاهيم الاستقلالية الخ وما كان هذا شأنه فهو دائما مغفول عن ملاحظته بخصوصه وعليه فكيف يعقل توجه الاطلاق والتقييد اليه لاستلزامه الالتفات اليه بخصوصه فى حال كونه مغفولا عنه بخصوصه وهذا خلف ، وفى الاخير ارجع التقييد الى المادة المنتسبة وتقدم الكلام فيها واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٣ وذلك لا ناقد بينا فيما سبق ان المعانى الحرفية سواء كانت كلية ام جزئية ليست مغفولا عنها حين الاستعمال ولا ملحوظة تبعا لمتعلقاتها من المعانى الاسمية بنحو تبعية لحاظ الآلة لملاحظة ذى الآلة بل هى من جملة المعانى التى ينظر اليها بخصوصها فى مقام الافادة والحكاية عنها ولكنها لقصور ذواتها عن الاستقلال حتى فى مقام التصور والخيال امتنع تصورها ولحاظها بنفسها منفصلة عن متعلقاتها من المعانى الاسمية فاذا اريد الحكاية عنها وافادتها فلا بد من ملاحظتها فى ضمن ملاحظة متعلقاتها فهى بهذا المعنى من اللحاظ يقال انها غير مستقلة باللحاظ بل ملحوظة بتبع لحاظ متعلقاتها الخ قال استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ١٩٧ فمقتضى الاطلاق مطلقا سواء كان اطلاق المادة فى الغير او اطلاق الهيئة فى مشكوك الغيرية او اطلاق كليهما كون الواجب واجبا نفسيا بيان ذلك انه لا شك فى ان وجود

٥٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وجوب الواجب الغيرى منوط بوجود وجوب ذلك الغير اناطة وجود كل معلول بوجود علته ـ فاذا شككنا فى انه منوط اى غيرى او غير منوط اى نفس فالاطلاق يحكم بعدم الاناطة فينتج كونه نفسيا ـ هذا بالنسبة الى اطلاق الهيئة ـ واما اطلاق المادة فى جانب الواجب الذى يحتمل ان يكون هذا المشكوك الغيرية مقدمة له فيما اذا كان على تقدير كونه مقدمة شرطا شرعيا حتى يكون موجبا لتقييد ذى المقدمة لا من قبيل المقدمات الوجودية العقلية حتى لا يكون موجبا لتقييده فائضا يدفع كونه واجبا غيريا ـ واثبات النفسية باطلاق المادة فى جانب ذلك الغير ـ ولو كان مثبتا لا باس به لان الاطلاق من الامارات الخ وكل ذلك لا بأس به ومتسالم عليه بينهم اجمالا ولذا يقول المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٦٩ لا اشكال فى وجود الواجب الغيرى فى الاحكام الشرعية وغيرها ولم ينسب احد الى الشيخ «قده» انكاره الخ مع انه قال الهيئة معنى حرفى غير قابل للتقييد وعلى اى هذا كله فيما لو كان هناك اطلاق ، واما اذا لم يكن هناك اطلاق فلا محاله يكون المرجع هو الاصول العملية وهو يختلف باختلاف الموارد بيان ذلك ان الشك فى كون الواجب نفسيا او غيريا يمكن ان يقع على وجهين ، الوجه الأول قال فى الكفاية ج ١ ص ١٧٥ واما اذا لم يكن ـ اى الاطلاق ـ فلا بد من الاتيان به ـ الى المامور به ـ فيما اذا كان التكليف بما احتمل كونه شرط له فعليا للعلم بوجوبه فعلا وان لم يعلم جهة وجوبه الخ بيان ذلك قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٣ ما اذا علم المكلف بفعلية الخطاب النفسى بالصلاة مثلا وشك بوجوب الطهارة لنفسها او لغيرها فالاصل يقضى بعدم اشتراط الواجب النفسى بالطهارة مثلا فيجوز الاتيان به بلا طهارة واما نفس الطهارة فيعلم بوجوبها فى ذلك الوقت على كل حال اما لنفسها او لغيرها الخ ان قلت هذا ينافى العلم الاجمالى بوجوبها اما نفسيّة او غيرية لانها على فرض غيرية وجوبها يجب ان تكون قبلا ، قلت يكون المقدمية واسطة فى التنجيز وهذا غير عزيز فى الاصول فان الكأسين النجسين اذا علمنا بطهارة احدهما اجمالا يستصحب النجاسة فى كليهما مع انه مخالف للعلم بطهارة احدهما فلا اشكال فى تفكيك الآثار ، الوجه الثانى قال فى الكفاية ج ١ ص ١٧٥ وإلّا فلا لصيرورة الشك فيه بدويّا كما لا يخفى الخ قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٣ الثانى ما اذا لم يعلم الا وجوب ما يحتمل كونه نفسيا او غيريا مع احتمال ان يكون فى الواقع واجب آخر مقيد بما علم

٥٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وجوبه فى الجملة وهذا على نحوين احدهما انه على فرض احتمال كون المشكوك واجبا غيريا يكون المقيد واجبا فعليا ـ اما النحو الاول فقد يتوهم عدم وجوب اتيان ما يحتمل كونه واجبا نفسيا او غيريا لجريان البراءة عن وجوبه للشك فى وجوب ما يحتمل اشتراطه به فلا يعلم ح بوجوبه على كل حال ، ولكنه غير تام لما قرر فى باب الاقل والاكثر من لزوم الاتيان بالاقل المعلوم وجريان البراءة فى الزائد المشكوك مع ان وجوب الاقل مردد بين كونه نفسيا او غيريا والمقام من هذا القبيل بلا فرق كما هو واضح ، وعليه المحقق النّائينيّ ايضا فى الاجود ج ١ ص ١٧١ وقال فالحق فيها انه يلزم الاتيان بما علم وجوبه فانه يعلم ح باستحقاق العقاب على تركه اما لنفسه او لكونه مقدمة لواجب فعلى فان ترك ما يحتمل وجوبه النفسى المستند الى ترك معلوم الوجوب مما يوجب العقاب واما تركه من غيرنا حيته فالمكلف لجهله فى سعة منه وتشمله ادلة البراءة واماما فى الكفاية من التمسك بالبراءة فى المقام فغير سديد بعد البناء على صحة التفكيك فى التنجز فى مبحث الاقل والاكثر وما نحن فيه ايضا من هذا القبيل فان استحقاق العقاب على ترك معلوم الوجوب اما لنفسه او لتوقف واجب فعلى عليه معلوم تفصيلا فيكون منجزا وان لم يكن ذاك الوجوب المحتمل ثبوته فى الواقع منجزا من جهات أخر فان عدم تنجزه من جهة لا ينافى تنجزه من جهة واصالة البراءة لا تنافى فعليته واقعا وتنجزه بمقدار العلم الخ واورد عليه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٤ ولكنه ليس كذلك اذا الظاهر منه كما اشرنا اليه اختصاص البراءة بالنحو الثانى فراجع ـ وقال فى ص ٣٧٣ ثانيهما ان يكون المقيد فى ذلك الفرض محتمل الفعلية ـ واما النحو الثانى فلا يجب اتيان الواجب المردد وجوبه لعدم العلم بواجب فعلى على ذلك الفرض كما لا يخفى وما ذكرنا من التفصيل هو الظاهر من عبارة الكفاية الخ وتبعه استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٧١ لا يخفى ان ما افاده فى الكفاية من الرجوع الى البراءة انما هو فى غير هذه الصورة فان مورد كلامه هو ما اذا علم وجوب شيء فى الشريعة اجمالا لكن تردد امره بين ان يكون واجبا نفسيا وان يكون مقدمة لواجب غير فعلى كما اذا علمت الحائض غير المكلفة بالصلاة بوجوب الوضوء المردد بين ان يكون نفسيا وان يكون غيريا ولا ريب ان المرجع فى هذا الصورة هى اصالة البراءة للشك فى الوجوب الفعلى الخ والصحيح ما ذكروه ولا يكون العلم الاجمالى

٥٧٩

غرضهم من الاصلى ما هو منظور اليه تفصيلا ومن التبعى ما هو منظور اليه بعنوانه الاجمالى المشير الى الموضوع باشارة اجمالية كما لا يخفى. ثم (١) ان المناط (٢) فى استحقاق العقوبة فى نظر العقل بعد ما كان منحصرا بتفويت الغرض

______________________________________________________

منجزا فى هذه الصورة دون الصورة السابقة.

(١) قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٢٤ ثم ان وجود هذين القسمين ـ اى النفسى والغيرى ـ فى الواجبات وان كان وجدانيا غير قابل للانكار ولكن الظاهر هو كون الغرض من ذلك دفع ما يتوهم وروده من الاشكال من لزوم ترتب مثوبات وعقوبات متعددة كذلك على فعل واجب واحد له مقدمات عديدة نظرا الى تخيل ان المثوبة والعقوبة تابعتان لفعل مطلق الواجب وتركه ، اذ يستشكل ح بانه على الملازمة من وجوب المقدمة ايضا يلزم ترتب مثوبات متعددة على فعل واجب واحد له مقدمات متعددة وعقوبات كذلك على تركه بما له من المقدمات لانه ترك واجبات متعددة فمن اجل ذلك صاروا بصدد هذا التقسيم فقسموا الواجب الى الغيرى والنفسى للتنبيه على انه ليس مطلق الواجب مما يترتب عليه فعلا وتركا استحقاق المثوبة والعقوبة حتى يتوجه الاشكال المزبور وان الذى يترتب عليه ذلك انما هو خصوص الواجب النفسى واما الواجب الغيرى فحيث انه كان وجوبه لاجل التوصل به الى وجود واجب آخر فلا يكاد يترتب عليه فعلا او تركا استحقاق المثوبة والعقوبة بوجه اصلا وح فلا ينافى القول بوجوب المقدمة شرعا وحدة المثوبة والعقوبة على فعل الواجب وتركه كى يكون مجال للاشكال المزبور هذا اقول ولكن لا يخفى عليك ما فى هذا الجواب والاشكال المزبور حيث انه مبنى على كون مدار استحقاق المثوبة والعقوبة على عنوان الاطاعة والمعصية بموافقة الامر النفسى ومخالفته والّا.

(٢) فبناء على كونهما من تبعات عنوان التسليم للمولى وعنوان الطغيان عليه بما انه ابراز للجرأة عليه والتمرد عن امره ونهيه الجامعين بين الانقياد والاطاعة والتجرى والعصيان كما هو التحقيق على ما حققناه فى مبحث التجرى فلا مجال لهذا الجواب ولا موقع ايضا للاشكال المزبور نظرا الى امكان الحكم ح بترتب المثوبة والعقوبة على موافقة الامر الغيرى ومخالفته ايضا مع الالتزام بعدم تعدد المثوبة والعقوبة عند تعدد المقدمات.

٥٨٠