نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

ومنشأ الاشكال امران (١) احدهما (٢) توهم (٣) كون مفاد الهيئة على حذو

______________________________________________________

دون الفعل والمادة ، وعلى ان هنا اقوال وآثار فلو كان الشرط قيدا لما هو مفاد الهيئة وهو الوجوب مثلا فتكون النتيجة اناطة الوجوب بالشرط ففى مثل ان استطعت فحج يكون مفاد هيئة الجزاء الذى هو وجوب الحج منوطا بوجود الاستطاعة فما لم تتحقق الاستطاعة لا وجوب فى البين وهو الواجب المشروط عند المشهور ، ولو كان الشرط قيدا للمادة يعنى للحج فكان الطلب متعلق بالحج الصادر عن المستطيع بحيث يكون الطلب مطلقا غير مشروط بشيء ولا تقييد فيه وانما القيد لوحظ فى جانب المادة فالحج الصادر عن المستطيع مطلوب بدون تقييد فى جانب الطلب وهو الواجب المشروط عند الشيخ الاعظم الانصارى والواجب المعلق عند صاحب الفصول واتباعه ، وذهب المحقق النّائينيّ الى تقييد المادة المنتسبة اى المجموع المركب من المادة والهيئة فالقيد راجع الى المادة بما هى منتسبة الى الفاعل كاناطة وجوب الاكرام الذى هو مفاد جملة الجزاء بالشرط فى قضية ان جاءك زيد فاكرمه مثلا وهذا ايضا هو عين مفاد تقييد الهيئة الذى تقدم انه عبارة عن الواجب المشروط عند المشهور.

(١) الاشكال فى رجوع القيد الى الهيئة والطلب ولزوم رجوعه الى المادة يكون بوجهين.

(٢) الوجه الاول على ما اختاره صاحب الكفاية من المسلك فى الحروف والهيئات من جعل معاينها معانى آلية لمتعلقاتها وجعل الفارق بينها وبين الاسماء من جهة اللحاظ الآلي والاستقلالى.

(٣) والمتوهم هو المحقق النّائينيّ فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٣١ ، واما تقييد النسبة ان اريد منه تقييد الانشاء فهو غير معقول لان الانشاء امر آنى يتصف بالوجود والعدم لا بالاطلاق والاشتراط كما هو واضح وان اراد منه تقييد المنشا وهى النسبة الطلبية كما هو الظاهر من كلام بعض اهل الادب فهو على تقدير صحته يرجع الى الوجه السابق الذى اخترناه فان النسبة الطلبية لا تكون فعلية الا عند وجود الشرط ويستحيل تقدمها عليه وإلّا لم تكن مشروطة به وهو خلف إلّا ان التحقيق عدم صحة ذلك فان النسبة حيث انها مدلولة للهيئة فهى ملحوظة آلة ومعنى حرفيا والاطلاق والتقييد من شئون المفاهيم الاسمية الاستقلالية ، واما ما اجيب به عن ذلك ـ اى فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٥٣ ، اما حديث عدم الاطلاق فى مفاد الهيئة فقد حققناه سابقا ان كل واحد

٥٤١

المعانى الحرفية معانى آلية غير ملتفت اليها وارجاع القيد الى شيء يحتاج الى الالتفات به ، ثانيهما (١) ان مفادها معانى خاصة غير قابلة للسعة والضيق ببركة القيد فكيف يرجع القيد الذى شأنه التضيق اليها ، ولكن لا يخفى ان الاشكال

______________________________________________________

من الموضوع له والمستعمل فيه فى الحروف يكون عاما كوضعها وانما الخصوصية من قبل الاستعمال كالاسماء وانما الفرق بينهما انها وضعت لتستعمل وتقصد بها المعنى بما هو هو والحروف وضعت لتستعمل وتقصد بها معانيها بما هى آلة وحالة لمعانى المتعلقات فلحاظ الالية كلحاظ الاستقلالية ليس من طوارى المعنى بل من مشخصات الاستعمال كما لا يخفى على اولى الدراية والنهى والطلب المفاد من الهيئة المستعملة فيه مطلق قابل لان يقيد ـ من ان المعانى الحرفية معان كلية لا جزئية فهى قابلة للتقييد والاطلاق فهو غير صحيح لان المانع عن الاطلاق والتقييد ليس الجزئية كما توهمه المجيب (قده) بل المانع هو كون المعنى ملحوظا آليا وهذا لا يرتفع بكون المعنى كليا الخ نظرا الى الاقتضاء التقييد لكونه ملحوظا استقلالا واستلزام ذلك لانقلاب المعنى عن كونه معنى حرفيا الى المعنى الاسمى بل واستلزامه لاجتماع النظرين ايضا النظر الآلي والاستقلالى وهو غير ممكن لان الالية غير ملتفت اليه استقلالا ومغفول عنه والاستقلالى ملتفت اليه فلا يجتمعان.

(١) الوجه الثانى ما نسب الى الشيخ الاعظم الانصارى فى تقريراته مطارح الانظار للكلانترى قال وكيف كان فلا فرق فيما ينقدح فى نفس الامر بين ان يكون الزمان بحسب القواعد اللغوية قيد للفعل كما اذا قيل افعل فى وقت كذا او للحكم كما اذا قيل اذا جاء وقت كذا افعل كذا ـ الى ان قال ـ ولا يعقل ان يكون القيد الزمانى راجعا الى نفس الطلب دون الفعل المطلوب فان تقييد الطلب حقيقة مما لا معنى له اذ لا اطلاق فى الفرد الموجود منه المتعلق بالفعل حتى يصح القول بتقييده بالزمان او نحوه فكلما يحتمل رجوعه الى الطلب الذى يدل عليه الهيئة فهو عند التحقيق راجع الى نفس المادة الخ وحكى عن التقريرات انه قال ان هيئة الامر موضوعة بالوضع النوعى العام والموضوع له الخاص لخصوصيات افراد الطلب والارادة الحتمية الالزامية التى يوقعها الامر ويوجدها فالموضوع له والمستعمل فيه فرد خاص من الطلب وهو غير قابل للتقييد الخ مع ان تفرع تقيد الشى على اطلاقه واضح.

٥٤٢

الأول (١) مبنى على جعل المعانى الحرفية آليا مرآتيا بحيث لا يلتفت اليها مستقلا اصلا وهو خلاف التحقيق بل لبّ معانيها من سنخ الاضافات والروابط بين متعلقاتها من المعانى الاسمية ومثل هذه الروابط ربما يلتفت اليها غاية الامر تبعا لمتعلقاتها وهذا المقدار كاف فى ارجاع القيد اليها كما لا يخفى ، واما الشبهة الثانية فانما يتوجه (٢) لو اريد من الخصوصية المأخوذة فيها الخصوصية الناشئة حتى

______________________________________________________

(١) واجاب المحقق الماتن عن الوجه الأول بانكار اصل المبنى قال فى البدائع ص ٣٦٠ ان المعنى الحرفى وان كان لا يستقل بالتصور واللحاظ لكونه متقوما فى حد ذاته وماهيته بارتباطه بالمعنى الاسمى فضلا عن وجوده فهو لاجل ارتباطه الذاتى المفهومى لا يمكن تصوره مستقلا عن المعنى الاسمى إلّا انه لا يخرج بذلك عن كونه خصوصيته من خصوصيات المعنى الاسمى وقيدا من قيوده المنظورة اليها فى مقام الحكاية عنه والاخبار عنه ومع هذا كيف يعقل ان يكون مغفولا عنه فى حال استعماله فى ضمن المعانى الاسمية نعم لا باس بكونه ملحوظا تبعا لملاحظة غيره من المعانى الاسمية كما هو شأن كل قيد مع المعنى المقيد به بل كل جزء مع الكل فى حال ملاحظة الكل الخ وبالجملة فالهيئات معانيها عبارة عن الاضافات الخاصة والارتباطات القائمة بالطرفين فكان الفرق بينهما من جهة نفس المعنى والملحوظ لا من جهة اللحاظ الآلي والاستقلالى وهى ملتفت اليها ولو بتبع الطرفين فلا مانع من تقييدها.

(٢) واجاب المحقق الماتن عن الشبهة الذاتية كما له فى النهاية ج ١ ص ٣١٣ بوجهين الثانى منهما انه لو سلم كون المعنى فيها جزئيا وخاصا فانما هو باعتبار الخصوصيات الذاتية وهذا المقدار لا يقتضى خروج المعنى فيها عن الاطلاق وعن قابلية التقييد بالنظر الى الطوارى والعوارض اللاحقة ولذلك ترى ان زيدا مع كونه جزئيا وخاصا كان مطلقا بالنظر الى الحالات والطوارى العارضة عليه من نحو القيام والقعود ونحوهما كما يعبر عنه بالعموم الاحوالى او الاطلاق الاحوالى ولعل هذا هو ما ذكره المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٨١ ان المعانى الحرفية ـ مع ان وضعها عام والموضوع لها خاص إلّا ان معانيها غير جزئية عينية ولا ذهنية بل جزئيتها وخصوصيتها بتفوقها بطرفيها كما انها غير كلية بمعنى صدقها على كثيرين لانها لا جامع

٥٤٣

من قبل الحالات الطارية عليها وإلّا فلو لم يؤخذ فيها ازيد من المشخصات الفردية والخصوصيات المفردة مع قطع النظر عن طروّ الحالات الخاصة على كل فرد فرد فلا شبهة ح ان كل فرد قابل للسعة والضيق من ناحية طروّ الحالات المخصوصة عليها فلا قصور ح فى تضييقها بارجاع قيد اليه موجب لطرو ضيق حالى على الفرد المخصوص ، ثم (١) ان ذلك بناء على الالتزام بخصوصه المستعمل فيه فى الحروف وإلّا فبناء على كونها من باب عموم الموضوع له والمستعمل فيه ولو بنحو نحن تصورناه فى امثال المقام بلا قصور ايضا فى ارجاع القيد الى الجامع الملحوظ مع خصوصية فردية ومتحد معه فى ذهنه كما لا يخفى (٢) وح فلا غرو فى ابقاء ظهور اللفظ فى رجوع القيد الى الحكم ولو كان

______________________________________________________

ذاتى لها حتى يصدق على افرادها نعم كليتها بمعنى قبولها لوجودات لا محذور فيها لان القدر المسلم من خصوصيتها هى الخصوصية الناشئة من التقوم بطرفها فقط لكنه مع هذا كله لا مانع من تقييدها بمعنى ان البعث الملحوظ نسبة بين اطرافها من الباعث والمبعوث والمبعوث اليه ربما لا يكون له تخصص آخر غير ما حصل له من اطرافه الثلاثة وربما يكون له تخصص آخر من قبل ما علق عليه وان لم يكن جامع ذاتى بين النسبة الغير المتخصصة بقيد والمتخصصة به فكون النسبة البعثية فى ذاتها خاصه لا ينافى زيادة تخصص لها من ناحية المعلق عليه وان لم تكن النسبة ذات جامع ذاتى يعقل فيه معنى وسيع يصدق على ازيد مما يصدق عليه مما يندرج تحته الخ.

(١) واجاب المحقق الماتن عن الشبهة الثانية كما فى النهاية له ، ج ١ ، ص ٣١٣ ، اوّلا قد تقدم ايضا عموم الموضوع له فيها ـ اى فى الحروف ـ كالوضع نظرا الى تحقق القدر المشترك بين الاضافات الخاصة من كل سنخ منها وعليه فلا مانع عن ورود القيد على الهيئة بوجه اصلا.

(٢) واجاب عن الشبهة الثانية صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ١٥٤ مع انه لو سلم انه فرد فانما يمنع عن التقيّد لو أنشأ اولا غير مقيد لا ما اذا أنشأ من الاول مقيدا غاية الامر قد دل عليه بدالين وهو غير انشائه اوّلا ثم تقييده ثانيا فافهم الخ واورد عليه المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ٣١٣ اوّلا بقوله لو اريد من خصوصية المعنى فيه

٥٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وجزئيته كونه خاصا وجزئيا بقول مطلق على معنى اشتماله على جميع ما يفرض من الخصوصيات حتى الناشئة من الطوارى الخارجية بحيث كان انشاء مدلول الهيئة مساوق انشاء الطلب المقيد لكان لما ذكر ـ اى المستشكل ـ عدم قابلية المعنى فى الهيئة للتقييد كمال مجال ـ اذ تقول بانه على هذا الفرض لا محاله يكون القيد المزبور من خصوصيات الطلب المدلول بالهيئة حيث كان انشاء مدلول الهيئة مساوق انشاء الطلب المقيد ومعه لا يبقى مجال لتقيده بالقيد المزبور كيف وانه على فرض عدم كون ذلك من خصوصياته لا بد وان يكون المدلول فى الهيئة هو الطلب المجامع مع الخصوصية تارة وغير المجامع معها اخرى فيلزم كونه مطلقا من هذه الجهة وهو خلف بالفرض لان المفروض هو كونه جزئيا غير قابل للتقييد ، ومن ذلك ظهر عدم المجال لما أفاده ايضا من حديث تعدد الدال والمدلول ـ اى ثانيا بقوله ـ لان ذلك انما يكون فى فرض تجريد الهيئة عن تلك الخصوصية بجعلها عبارة عن الطلب المجامع معها تارة والمفارق عنها خرى كى يكون الدال على ذات الطلب الهيئة وعلى الخصوصية القيد الخارجى وإلّا فمع عدم تجريدها عنها كما هو الفرض من اخذ الخصوصية فيها لا جرم يكون الدال على الذات والخصوصية هو الهيئة فقط كما هو واضح ولكن الذى يسهل الخطب هو بطلان اصل الفرض فان جزئية المعنى فى الحروف والهيئات لو قيل بها فانما هى باعتبار الخصوصيات الذاتية لا مطلقا حتى بالنظر الى الخصوصيات الناشئة من الطوارى والعوارض الخارجية خصوصا الناشئة منها من الجهات التعليلية كالعلة والشرط فانها مما لا يكاد يمكن اخذها فى ذات المعنى ومن ذلك ترى الفرق الواضح بين مثل قوله اكرم زيدا لعلمه او ان كان عالما وبين قوله اكرم زيدا العالم من حيث كون تمام الموضوع للحكم فى الاول هو زيدا وفى الثانى زيدا المتقيد بالخصوصية بنحو خروج القيد ودخول التقيد بحيث كان زيد جزء الموضوع والجزء الآخر هو التقيد بالعلم والخصوصية وعليه فلا يمنع مجرد جزئية المعنى فى الهيئة عن تقيدها وارجاع الشرط اليها فامكن اثباتا ايضا كل من المعلق والمشروط الخ واجاب عن الشبهة الثانية المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٨١ بل التحقيق ان المعنى الانشائى وان كان جزئيا حقيقيا إلّا انه يقبل التقييد بمعنى التعليق على امر مقدر الوجود وان لم يقبل التقييد بمعنى تضييق دائرة المعنى فالمراد من الاطلاق عدم تعليق الفرد الموجود

٥٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

على شيء ومن البديهى ان المعلق عليه الطلب ليس من شئونه واطواره كى يكون موجبا لتضييق دائرة مفهومه الخ وفيه ان التقدير والاناطة ايضا يرجع الى التقييد بحسب الطوارى والحالات فيرجع المحذور لان تعليق وجوب الاكرام على المجيء معناه وجوب الاكرام عند المجيء فيرجع المحذور وليس الكلام فى التعبيرات المختلفة وانما الكلام فى واقع تقييد الهيئة والطلب واما لزوم كونه من قيود المادة لبا حكى التقريرات عن الشيخ الاعظم الانصارى فان العاقل اذا توجه الى امر والتفت اليه فاما ان يتعلق طلبه بذلك الشيء او لا يتعلق طلبه به لا كلام على الثانى وعلى الاول فاما ان يكون ذلك الامر موردا لامره وطلبه مطلقا على جميع اختلاف طواريه او على تقدير خاص وذلك التقدير الخاص قد يكون شيئا من الامور الاختيارية كما فى قولك ان دخلت الدار فافعل كذا ـ الى ان قال ما حاصله ـ وقد يكون من الامور الغير الاختيارية كالزمان كما ان الاختيارى قد يكون مأخوذا على نحو يكون موردا للتكليف كما اذا قال مثلا صل عن طهارة واخرى يكون على نحو لا يكون موردا للتكليف كما اذا قال حج عند الاستطاعة الخ وملخصه ان الطلب المنقدح فى نفس الآمر شيء واحد لا اختلاف فيه وانما الاختلاف راجع الى القيد الراجع الى الفعل لبا اذ الفعل هو الذى يختلف مصالحه ومفاسده باعتبار قيوده الطارية عليه بل ولو لم نقل بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد فان العاقل اذا توجه الى شيء فاما ان لا يريده الخ. واجاب عنه صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ١٥٤ ففيه ان الشيء اذا توجه اليه وكان موافقا للغرض بحسب ما فيه من المصلحة او غيرها كما يمكن ان يبعث فعلا اليه ويطلبه حالا لعدم مانع عن طلبه كذلك يمكن ان يبعث اليه معلقا ويطلبه استقبالا على تقدير شرط متوقع الحصول لاجل مانع عن الطلب والبعث فعلا قبل حصوله فلا يصح منه الا الطلب والبعث معلقا بحصوله لا مطلقا ولو متعلقا بذاك على التقدير فيصح منه طلب الاكرام بعد مجيء زيد ولا يصح منه الطلب المطلق الحاكى للاكرام المقيد بالمجيء هذا بناء على تبعية الاحكام لمصالح فيها فى غاية الوضوح الخ فيكون الطلب منوطا بالقيد والشرط وهو الواجب المشروط عند المشهور بان لا يكون الطلب فعليا الا عند حصول القيد والشرط واورد عليه المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ٣١٤ اذ مضافا الى منافاته مع ما يقتضيه ظهور القضايا الشرطية فى كون المنوط به للطلب هو نفس القيد والشرط ـ اى الامر

٥٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الوجودى ـ لا امرا آخر ـ اى عدمى ـ ملازما لوجوده كما يقتضى البيان المزبور من جعل الطلب من تبعات عدم المانع الذى هو ملازم لوجود القيد ، نقول بانه مع تمامية المصلحة فى المتعلق وهو المقيد وعدم مزاحمتها مع مفسدة اهم وجودا لا محاله يكون مجرد الالتفات الى تلك المصلحة غير المزاحمة مع المفسدة علة تامة للاشتياق التام البالغ الى حد الارادة وفى مثله لا يكاد يمنع عنه ما ذكر من المانع والمفسدة المزبورة بعد عدم مزاحمتها وجودا مع مصلحة المطلوب وذلك من جهة ان تلك المفسدة حسب ترتبها على الارادة والطلب تكون معلولة للطلب وفى رتبة متأخرة عنه فيستحيل ح مانعيتها عن نفس الطلب فضلا عن ممانعتها عن مصلحة المطلوب والمتعلق ، وتوهم ان المانع ح عن الطلب حقيقة هو العلم بترتب المفسدة على الطلب لا نفس المفسدة فلا محذور مدفوع بان مانعية العلم انما تكون باعتبار كشفه عن معلومه فكان ما هو المانع بنظر العقل هو نفس المعلوم والمنكشف دون العلم وح يتوجه المحذور المزبور بانه كيف يمكن مانعية ما هو معلول الشيء وفى رتبة متأخرة عنه عن ذلك الشى ، ومن ذلك ايضا نقول بامتناع تبعية الاحكام لمصالح فى نفسها وانها لا بد من كونها تابعة لمصالح فى متعلقاتها فتصح الكلية المدعاة بان الواجبات الشرعية الطاف فى الواجبات العقلية وان كل ما حكم به الشرع بوجوبه بحكم العقل بحسنه الخ فعلى ذلك يتم كلام الشيخ الانصارى من رجوع القيد الى المادة والطلب فعليا والجواب الصحيح ما تقدم مرارا من الاختلاف فى القيود قال المحقق الماتن فى النهاية ، ج ١ ، ص ٢٩٤ يظهر مما قدمنا من اختلاف انحاء القيود فى كيفية دخلها فى الغرض والمصلحة من حيث رجوع بعضها الى الداخل فى اصل الاحتياج واتصاف الذات بكونها مصلحة وصلاحا ورجوع بعضها وهو قيود الواجب الى الدخل فى تحقق المحتاج اليه والمتصف بالمصلحة والصلاح فارغا عن اصل اتصاف الذات بالوصف العنوانى اذ فى مثله يكون قيود الواجب باعتبار دخلها فى وجود المحتاج اليه وتحقق ما هو المتصف بالوصف العنوانى فى رتبة متأخرة عن قيود اصل الاتصاف ومعه كيف يمكن اخذ ما هو راجع الى اصل الاتصاف فى ناحية الموضوع فى عرض قيود المحتاج اليه مع انك عرفت بخروج قيود الاحتياج والاتصاف عن دائرة الارادة بمباديها من الميل والمحبة والاشتياق ـ بل وصيرورته مبغوضا عنده كما فى المرض ـ وهذا بخلافه فى قيود

٥٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

المحتاج اليه والمتصف بالمصلحة والصلاح فانها وان امكن خروجها عن تحت الارادة اما لعدم كونها اختيارية او ـ الدخيل ـ وجودها من باب الاتفاق ـ او وجودها الناشئ عن سائر الدواعى غير دعوة الامر والارادة إلّا انها غير خارجة عن مباديها من الميل والمحبة والاشتياق نظرا الى ما هو قضية الوجدان من اشتياق الانسان بمقتضى جبلته وفطرته بعد احتياجه الى الشى وصيرورته فى حقه ذا مصلحة وصلاح الى مقدمات وجوده وان فرض كونها خارجة عن الاختيار الخ قال صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ١٥٦ واما بناء على تبعيتها للمصالح والمفاسد فى المأمور بها والمنهى عنها فكذلك ضرورة ان التبعية كذلك انما تكون فى الاحكام الواقعية بما هى واقعيّة لا بما هى فعليّة فان المنع عن فعلية تلك الاحكام غير عزيز كما فى موارد الاصول والامارات على خلافها وفى بعض الاحكام فى اوّل البعثة بل الى يوم قيام القائم عجل الله فرجه مع ان حلال محمد «ص» حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة ومع ذلك ربما يكون المانع عن فعلية بعض الاحكام باقيا مرّ الليالى والايام الى ان تطلع شمس الهداية ويرتفع الظلام كما يظهر من الاخبار المروية عن الائمة عليهم‌السلام الخ واجاب عنه المحقق الماتن فى النهاية ، ج ١ ، ص ٣١٥ بان عدم فعلية تلك الاحكام فى الموارد المزبورة يمكن ان يكون من جهة مزاحمة مصالحها لمصالح اخرى اهم ولو كانت هى مصلحة التسهيل او لمفسدة كذلك بحسب الوجود فلا يرتبط ح بالمقام المفروض خلو المتعلق فيه عن المفسدة وح نقول بان المولى بعد ان لاحظ المقيد وعلم بان فيه مصلحة غير مزاحمة مع المفسدة لا جرم يحدث فى نفسه الاشتياق التام فيريده فعلا من دون حالة منتظرة اصلا نعم ابراز تلك الارادة واظهارها ربما يحتاج الى عدم المانع اذ لا يكفى فيه مجرد العلم بالمصلحة ولا الاشتياق التام نحوه ومن ذلك نرى بالوجدان ان الانسان ربما يشتاق الى الشى بل يريده ايضا من عبده بارادة فعلية ولكن مع ذلك لا يتمكن من ابراز الارادة واظهارها خوفا عما يترتب عليه من المفاسد فى نظره كما لو فرض انه كان عدوّ له يقتله بمحض اظهاره للارادة او يحسد عليه فيضره ونحو ذلك من المفاسد كما لعله من هذا القبيل ولاية ولى الله ـ اى تأخير اظهارها ـ لمكان خوفه «ص» من ان يرتد الناس عن دينهم ـ نعم اذا كان عدم اظهار الارادة علّة تامة لعدم تحقق الوجود فى الخارج مع فرض قيام المصلحة به فحينئذ

٥٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

يستكشف من عدم اظهار الارادة عدم بلوغها الى مرتبة الفعلية من جهة كشفه انا عن ابتلاء المصلحة المزبورة فيه بمفسدة اخرى اهم وجودا كما فى الاحكام التى لم يكشف عنها النبى «ص» والائمة المعصومون عليهم‌السلام وكما فى موارد الامارات والاصول المؤدية الى خلاف الواقع ولكن مثل ذلك كما عرفت غير مرتبط بالمقام المفروض خلو مصلحة المتعلق عن الابتلاء بالمفسدة وجودا خصوصا مع تحقق الانشاء الفعلى ايضا من المولى الخ ، واماما افاده المحقق النّائينيّ من المادة المنتسبة قال قال فى الاجود ج ١ ص ١٣٠ الحق هو رجوع القيد الى المادة دون الهيئة بيان ذلك ان المراد من تقييد المادة ليس ما هو ظاهر تقريرات شيخنا الانصارى (قده) من كون القيد من قيود الواجب وكون الوجوب مطلقا فعليا حتى يرجع الى الواجب المعلق باصطلاح صاحب الفصول (قده) فان ذلك باطل لا يمكن المصير اليه بعد فرض كون القضية حقيقية التى يمتنع فيها فعلّية الحكم من دون فعلية موضوعه وقد نقل الاستاذ دام ظله عن السيد العلامة الشيرازى عدم صحة هذه النسبة الى العلامة الانصارى قدس‌سرهما بل المراد منه هو تقييد المادة المنتسبة فان الشيء قد يكون متعلقا للنسبة الطبية مطلقا من غير تقييد وقد يكون متعلقا لها حين اتصافه بقيد فى الخارج مثلا الحج المطلق لا يتصف بالوجوب بل المتصف هو الحج المقيد بالاستطاعة الخارجية فما لم يوجد هذا القيد يستحيل تعلق الطلب الفعلى به وكونه طرفا للنسبة الطلبية فالقيد راجع الى المادة بما هى منتسبة الى الفاعل الخ ثم ان المحقق النّائينيّ حول اثبات المادة المنتسبة كلام قال فى الاجود ج ١ ص ١٣١ وملخص ما ذكرناه هو ان أداة الشرط بما انها وضعت لجعل مدخولها واقعا موقع الفرض والتقدير فهى لا بد وان تكون رابطة بين الجملتين فلا يعقل ان يكون مدخولها قيدا للمادة قبل النسبة ولا فى رتبتها لانها مفهوم افرادى وأداة الشرط موضوعة لربط الجملتين وبما ان النسبة مفهوم حرفى وملحوظ تبعى فلا يمكن ان يكون القيد قيدا لها ايضا لان الاطلاق والتقييد من شئون المفاهيم الاسمية فلا بد وان يرجع القيد الى المادة المنتسبة وهى فى الاخبارات نتيجة الحمل فان نتيجة قضية النهار موجود هو وجود النهار وهو معلق على طلوع الشمس وفى الانشاءات نتيجة الجملة الانشائية وهى اتصاف الاكرام بالوجوب مثلا فالمعلق فى الحقيقة هى المادة بعد الانتساب لا بمعنى البعدية الزمانية حتى يكون ملازما للنسخ بل بمعنى

٥٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

البعدية الرتبية فان اتصاف المادة بالوجوب فرع وقوع النسبة الطلبية عليها وتقييد الجملة الانشائية باداة الشرط انما هو بلحاظ هذا الاتصاف فقط الخ واورد عليه استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٦٠ اما القيد فلا يرجع الا الى الهيئة فان الحكم وهو الوجوب يكون فى الحج مشروطا بالاستطاعة ولا يلزم ان يكون الربط بين المفردين بل يكون بين الجملتين لان معنى حجّ يرجع الى قول القائل ان استطعت يجب الحج فان قوله يجب الحج جملة واستطعت ايضا جملة ولفظ ان حرف شرط الخ والعمدة ما اورد عليه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣١٧ بعدم اجداء مثل هذا الحمل ايضا لدفع ما اورده من الاشكال على المشروط ، فانه ان اريد بالمادة المنتسبة المادة المتقيدة بمفهوم الانتساب الذى هو معنى اسمى لا حرفى فهو كما عرفت خارج عن محل الكلام ومن ذلك خصصنا الاشكال من الاول بما اذا كان الطلب منشأ لا بمادة الوجوب والطلب بل منشأ بالهيئة ، وان اريد بها المادة المتقيدة بالنسبة بما هى معنى حرفى ولو بنحو خروج القيد ودخول التقيد فلا شبهة ح فى انه غير واف ح بدفع ما ذكر من الاشكال من حيث جزئية المعنى او مرآتيته فان النسبة بما هى معنى حرفى حيثما يكون جزئيا ومغفولا عنه بالفرض تمنع عن جواز ارجاع القيد الى المادة المنتسبة وإلّا فمن الاول ايضا يجوز ارجاعه الى نفس الهيئة فلا يحتاج الى التجشم المزبور كما هو واضح ، وان اريد بها المادة فى حال كونها منسوبة الى الهيئة لا بما هى متقيدة بالانتساب اليها بنحو دخول التقيد وخروج القيد ـ اى بما هو مقارن الوجوب والطلب الوارد عليه بنحو المعنى الحرفى فيعلق معنى المادة فى حال اقترانه بالوجوب على الشرط وح فلا يكون المعنى الحرفى جزء من المعنى المعلق على الشرط فلا يعود المحذور ـ فهذا غير ما ذكره التقريرات من جهة وضوح انه ليس المراد من تقييد المادة فى كلامه تقيدها بما هى مطلقة وعارية عن ورود النسبة عليها بل المراد هو تقيدها فى حال كونها تحت الهيئة لا مطلقة ولا مقيدة بالانتساب كما لا يخفى ـ اى نعم وان كان بهذا النحو من التقييد لا يعود المحذور المزبور إلّا انه يستلزم المحذور الآخر وهو صيرورة الواجب معلقا لان المادة فى حال وجوبها اذا علقت على امر لا يكون متعلقا للوجوب الغيرى صارت واجبة معلقة وهذا القائل لا يقول له به ـ وح فعلى التحقيق بعد ما امكن كل من المعلق والمشروط ثبوتا واثباتا ايضا برجوع القيد الواقع فى القضية

٥٥٠

منشأ بالهيئة وح فلا داعى على ارتكاب خلاف الظاهر فى امثالها وارجاع القيد الى المادة ويلتزم برجوع الواجبات المشروطة الى المطلقة المعلقة وان كان المعنيين سيّان فى عدم لزوم الامتثال الا فى طرف وجود القيد (١) ، نعم هنا فذلكة اخرى وهو ان من التزم بارجاع الواجبات المعلقة الى المشروطة (٢) لا بد له من جوابه عن الشبهتين (٣)

______________________________________________________

الى الهيئة تارة والمادة اخرى فلا جرم يكون المتبع فى استفادة انه من اى القبيل هو لسان الدليل وفى مثله يفرّق بين مثل قوله ان جاءك زيد فاكرمه او يجب اكرامه او قوله اكرم زيدا ان جاءك الظاهر فى اناطة الوجوب بمادته بالمجيء وبين قوله اكرم زيد الجائى بنحو القضية الوصفية الظاهر فى اطلاق الوجوب وفى كون الموضوع هو الذات المتقيد ، والمتصفة بالوصف العنوانى في قبال القضايا الشرطية الظاهرة فى ان تمام الموضوع للحكم فى القضية هو نفس الذات محضا الخ فالمتبع هو الظهور.

(١) قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣١٧ لا ينبغى الاشكال فى عدم وجوب تحصيل مقدمات الوجوب وقيوده فى المشروط وخروجها عن حريم النزاع وهكذا الحال فى القيود الوجودية للواجب فى المعلق مما اخذ وجودها فيه من باب الاتفاق فانها ايضا غير واجبة التحصيل ولو كانت مقدورة للمكلف والسر فى ذلك واضح وذلك اما بالنسبة الى قيود الوجوب فى المشروط فلما تقدم من خروجها عن حيز الارادة والطلب بمباديه من الاشتياق والمحبوبية ايضا واما بالنسبة الى القيود الوجودية للواجب فى المعلق مما اخذ وجودها فيه من باب الاتفاق ولو مع مقدوريتها فكذلك ايضا وذلك اما على القول برجوعه ايضا الى المشروط فظاهر واما على المختار فلانها حسب دخلها فى وجود المتصف والمحتاج اليه وان كانت غير خارجة عن حيّز مبادئ الارادة من المحبوبية والاشتياق حتى مع عدم مقدوريتها ولكن قضية اخذها بوجودها من باب الاتفاق توجب خروجها عن حيّز الطلب بنحو يستحيل ترشح التكليف اليها الخ والامر كما ذكره.

(٢) كالمحقق النّائينيّ واتباعه وانكار الواجب المعلق.

(٣) اى المتقدمتين من عدم امكان رجوع القيد الى الهيئة والوجوب فلا بد من ردهما.

٥٥١

فى ارجاع القيود الى الهيئة وإلّا (١) فكيف (٢) يمكنه الالتزام باشتراط الوجوب الذى هو مفاد الهيئة فى القضية وح فالجمع بين المسلكين (٣) غير معقول كما لا

______________________________________________________

(١) اى لو كانتا الشبهتين واردتين ولم ينقضهما.

(٢) اى لا يمكن القول بالواجب المشروط لان فى الواجب المشروط الهيئة والوجوب مشروط لا المادة.

(٣) من انكار الواجب المعلق وارجاعه الى الواجب المشروط بتقييد الهيئة كما مر مفصلا امران متنافيان وقال استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٢٩ التحقيق ان يقال انه بعد ما ظهر من ان حقيقة الانشاء انما هو ابراز امر نفسانى الذى هو فى موارد الجمل الطلبية عبارة عن اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف وليس فى موارد الانشاء من ايجاد المعنى باللفظ عين ولا اثر وبعد وضوح ان فى موارد الجمل الشرطية لا معنى لرجوع القيد الى نفس المادة ضرورة ان استعمال قضية اذا توضأت فصل فى مقام طلب الصلاة المقيدة بالطهارة يعد من الاغلاط وبعد ما ستعرف من ان ارجاع القيد الى المادة المنتسبة لا محصل له ـ اى لوجهين نفس ما تقدما عن المحقق العراقى وعلى اى الاول تقييد اتصاف المادة بالوجوب عبارة اخرى عن تقييد الهيئة ، الثانى ان مفاد الهيئة اذا لم يكن قابلا لرجوع القيد اليه لكونه ملحوظا آليا فاتصاف المادة بالوجوب الذى هو مفهوم الجملة يكون كذلك ايضا والمحذور المتوهم منعه عن رجوع القيد الى مفاد الهيئة بعينه موجود فى رجوعه الى المادة المنتسبة ـ لا مناص من رجوع القيد فى القضايا الشرطية الى ما هو المستفاد من الهيئة وهو اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف بيان ذلك ان الاعتبار النفسانى قد يتعلق بكون شيء على ذمة المكلف على الاطلاق وقد يتعلق به على تقدير دون تقدير والمبرز لاطلاقه وتقييده فى مقام الثبوت هو اطلاق الخطاب وتقييده فى مقام الاثبات وعلى ذلك فالفرق بين الواجب المشروط والمطلق هو الفرق بين بابى الوصية والاجارة فان الانشاء فى كليهما وان كان فعليا إلّا ان المعتبر فى باب الوصية هى الملكية على تقدير الموت بخلاف باب الإجارة فان المعتبر فيه هى الملكية المطلقة غير المعلقة على شيء ولو كانت المنفعة متاخرة ايضا الخ قال فى المحاضرات ج ٢ ص ٣٢٣ فلان الاعتبار بما انه من الامور النفسانية ـ ذات الإضافة كالعلم ـ فلا مانع من تعلقه بامر متاخر كما يتعلق بامر حالى نظير العلم ـ فكما يمكن تاخر المعلوم عن العلم زمنا كقيام زيد غدا ـ حيث ان العلم به

٥٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

حالى والمعلوم امر استقبالى فكذلك يمكن تاخر المعتبر عن الاعتبار بان يكون الاعتبار حاليا والمعتبر امرا متاخرا كاعتبار وجوب الصوم على زيد غدا او نحو ذلك فالتفكيك انما هو بين الاعتبار والمعتبر ولا محذور فيه اصلا الخ هذا على مسلكه من كون حقيقة الاحكام هو الاعتبار فالامر واضح لكن ما المراد من رجوع القيد الى ما هو المستفاد من الهيئة ، فالقيد اما يرجع الى الهيئة او الى المادة فان كان المراد تقييد الهيئة فلا بد من علاج محذور المعنى الحرفى من التقييد ، ولكن فى المحاضرات قد غير العنوان قال فى ج ٢ ص ٣٢٧ انما هو رجوع القيد الى المعتبر وعدم رجوعه اليه لا الى الاعتبار نفسه ضرورة ان الاعتبار والابراز غير قابلين للتقييد والتعليق اصلا ـ اى امر نفسانى بسيط جزئى ذهنى يدور امره بين الوجود والعدم فلا يتصور فيه الاطلاق والتقييد ـ وان اراد بالطلب ما تعلق به الاعتبار وهو المعتبر المعبر عنه بالوجوب تارة وبالالزام تارة اخرى فصريح الوجدان شاهد على انه قابل للتقييد كما انه قابل للاطلاق ـ بيان ذلك ان الفعل الذى هو متعلق للوجوب مرة يكون ذا ملاك ملزم فعلا فلا يتوقف على شيء من زمان او زمانى ـ الوجوب المتعلق به فعلى ـ وان كان تحقق الفعل فى الخارج ـ يتوقف على مقدمات ـ ولعل من هذا القبيل ـ من شهد منكم الشهر فليصمه فان الظاهر منها هو ان وجوب الصوم فعلى بعد دخول الشهر ـ بتمامية ملاكه من الليل ـ ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا هو ان وجوب الحج فعلى بعد فعلية الاستطاعة وان كان المكلف غير قادر على الاتيان به الا بعد مجيء زمانه وهو يوم عرفه وهذا لا ينافى كون الملاك فيه تاما من حين تحقق الاستطاعة ، ومرة اخرى يكون ذا ملاك فى ظرف متاخر لا فعلا بمعنى ان ملاكه لا يتم إلّا بعد مجيء زمان خاص او تحقق امر زمانى فى ظرف متاخر ففى مثل ذلك لا يعقل ان يكون الوجوب المتعلق به فعليا بل لا محاله يكون تقديريا ـ واصنف الى ذلك ظهور القضايا الشرطية فى انفسها فى ذلك اى رجوع القيد الى الهيئة دون المادة الخ وقد عرفت كون الوجوب فعليا ومنطويا بالقيد ولا محذور فيه وهنا صرح بتقييد نفس الهيئة ولعله هو المراد والله العالم ولكن هو لم يقل بالواجب المعلق على المختار بل يرجع الى الشرط المتاخر كما تقدم ويختار الواجب المشروط على مسلك المشهور من كون الوجوب يصير فعليا بعد حصول القيد وتقدم الجواب عن جميع ذلك.

٥٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

تنبيه : قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٦١ لا اشكال فى ما لو علمنا بتقييد الوجوب او بتقييد الواجب وانما الاشكال فيما لو شككنا بتقييد شىء منها وح تكون للشك صور الاولى لو شك فى تقييد الوجوب فان كان لدليله اطلاق اخذنا به وإلّا فمقتضى البراءة عدم الوجوب قبل تحقق القيد المحتمل تقيد الوجوب به وعدم الاطلاق المستلزم لجريان البراءة يساوق الاشتراط نتيجة كما لا يخفى ، الثانية اذا شك فى تقييد الواجب فمقتضى الاطلاق لو كان ومقتضى الاصل فيما لو لم يكن شيء واحد وهو عدم وجوب تحصيل القيد المحتمل والاجتزاء بفعل غير المقيد فى مقام الامتثال ، الثالثة اذا علم بتقييد الواجب ولكن شك فى ان القيد هل اعتبر قيدا للواجب فيما لو حصل وتحقق بطبعه فيكون الواجب معلقا او اعتبر قيدا له مطلقا بحيث يجب تحصيله اذا لم يكن حاصلا فيكون الواجب منجزا وليكن مورد الشك المزبور فى القيد مقدورا وغير قصد القربة للعلم بكون الواجب المقيد فى الغير المقدور معلقا وفى الثانى منجزا كما لا يخفى ولا اشكال فى عدم صحة التمسك بالاطلاق لو كان او بالاصل فيما لو لم يكن لنفى التقيد بالقيد المزبور لفرض العلم به وانما الشك فى كيفية اخذ القيد كما اشرنا اليه نعم يمكن التمسك بالبراءة لنفى الوجوب المستلزم لتحصيل القيد ـ اى نفى الوجوب المقيد كذلك وهو اصل سببى حاكم على اصالة البراءة من وجوب تحصيل القيد لانه مسبب عن كيفية الوجوب ـ الصورة الرابعة ما لو دار الامر بين كون القيد قيدا للوجوب وكونه قيدا للواجب بنحو التنجيز فالتحقيق انه لا يصح التمسك بالاطلاق لو كان سواء كان فى المادة ام فى الهيئة اما فى حال اتصال القيد بالكلام فللاجمال واما فى حال انفصاله فللتعارض وعليه فالمرجع هى الاصول العملية اما على المشهور فى الواجب المشروط فلا ريب فى جريان البراءة واما على المختار فالظاهر ايضا جريانها الصورة الخامسة ما لو دار الامر بين كون القيد قيدا للوجوب وكونه قيدا للواجب على نحو المعلق لا اشكال بعدم وجوب تحصيل القيد المزبور واما باقى القيود التى يتوقف عليها تحقق الواجب فعلى المختار لا اشكال ايضا بوجوب تحصيلها تعيينا فى المفوتة منها وتخييرا فى غير المفوتة وعلى كل فلا ثمرة عملية فى هذه الصورة على المختار واما على المشهور فان قلنا بوجوب تحصيل المقدمات المفوتة وحرمة توفيتها فلا ثمرة عملية ايضا فى هذه الصورة واذا لم نقل بذلك فان كان هناك

٥٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

اطلاق دار الامر بين اطلاق الهيئة واطلاق المادة فمع اتصال القيد بالكلام لا يصح التمسك بالاطلاق للاجمال ومع انفصاله للتعارض كما سبق وعلى كل فالمرجع هو الاصل العملى وهى البراءة او استصحاب عدم الوجوب بالنسبة الى المقدمات المفوتة وذلك فيما لو قلنا بجريان البراءة فى المقدمات وإلّا فالمرجع الاشتغال الخ ـ وقع الكلام فى وجود ما يرجح رجوع القيد الى الهيئة او المادة عند الدوران بينهما ام لا قال استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ١٨٩ افاد صاحب الحاشية ـ اى الشيخ محمد تقى فى هداية المسترشدين ـ وجها لترجيح رجوع مثل هذا القيد الى المادة وهو انه اذا رجع الى المادة يكون تقييدا واحدا لان تقييد المادة لا ينافى بقاء الهيئة على اطلاقها مثلا فى المثال المتقدم اى صل متطهرا ان كان القيد راجعا الى المادة فيكون معناه يجب عليك الصلاة مع الطهارة فالصلاة مقيدة بالطهارة والوجوب مطلق اى يجب عليك سواء كنت متطهرا او لم تكن واما لو كان القيد راجعا الى الهيئة فيكون معناه ان وجوب الصلاة يوجد فى فرض كونك متطهرا فما لم توجد الطهارة لا يتحقق وجوب الصلاة لانه منوط بها قهرا وتقييد المادة ايضا بتقييد الهيئة لان الصلاة التى هى معروض لهذا الوجوب بعد تقييد الوجوب بالطهارة لا يمكن ان تكون مطلقة بالنسبة الى هذا القيد وإلّا يلزم تحقق المعروض بوصف معروضيته بدون عرضه وهو محال فتقييد الهيئة يلازم تقييد المادة ففى تقييد الهيئة ورجوع القيد اليها يكون تقييدان وفى تقييد المادة تقييد واحد واذا دار الامر بين تقييد واحد وبين تقييدين لا شك فى ان التقييد الواحد اولى لان التقييد خلاف الاصل هذا ما ذكره صاحب الحاشية واجيب عنه بان التقابل بين الاطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة وفى كل مورد لا يكون قابلا للتقييد لا يكون قابلا للاطلاق لان الاطلاق عدم التقييد فى المورد القابل للتقييد وهاهنا بعد تقييد الهيئة بقيد لا تكون المادة قابلة للتقييد بذلك القيد لانه من قبيل تحصيل الحاصل لانه بتقييد الهيئة حصل ما هو نتيجة التقييد فى المادة فتقييد الهيئة يبطل محل الاطلاق فى المادة فلا ينعقد ظهور اطلاقى فى المادة حتى يحتاج الى التقييد الخ لا انه تقييدين ولذا عدلوا الى وجه آخر وهو ان صاحب التقريرات نسب الى شيخنا الاعظم الانصارى فى الدوران بين رجوع القيد الى الهيئة او المادة بترجيح الاطلاق فى طرف الهيئة فانه وان التزم برجوع الشرط الى المادة لبا ولكنه اعترف برجوع الشرط بحسب القواعد

٥٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

العربية الى الهيئة وذلك بوجهين احدهما نقل عنه فى الكفاية ج ١ ص ١٦٨ ان اطلاق الهيئة يكون شموليا كما فى شمول العام لافراده فان وجوب الاكرام على تقدير الاطلاق يشمل جميع التقادير التى يمكن ان يكون تقديرا له واطلاق المادة يكون بدليا غير شامل لفردين فى حالة واحدة الخ وتوضيحه قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٦٢ هو ان اطلاق الهيئة شمولى بمعنى ان مفادها هو الوجوب على كل تقدير يمكن ان يتوجه معه الخطاب الى المكلف ـ اى اذا وجب اكرام زيد فى الجملة وشك فى ان الطهارة شرط للوجوب او للواجب فاذا كانت قيدا للواجب وبقى الوجوب على اطلاقه فاطلاقه شمولى لان مدلوله ثبوت الوجوب فى حال الطهارة وفى حال الحدث معا ولا يختص باحدهما لا على التعيين ولا على البدل ـ وليس كذلك اطلاق المادة فانه بدلى بمعنى ان مفاده صلوح اى فرد من افراد الطبيعة المامور بها للامتثال به ـ اى اذا كانت قيدا للوجوب وبقى الواجب على اطلاقه فاطلاقه بدلى فانه يدل على كون الواجب صرف الطبيعة الصادق على الاكرام فاذا وجود فى حال الطهارة مثلا صدق عليه وامتنع صدقه على فرد آخر سواء كان فى حال الطهارة ام حال الحدث ـ واذا دار الامر بينهما فالعموم البدلى اولى برفع اليد عنه ويؤخذ بالعموم الشمولى لكونه اقوى فى العموم وعليه بنى اطلاق الشمولى فى مثل لا تكرم فاسقا على الاطلاق البدلى فى مثل اكرم عالما الخ واجاب عنه صاحب الكفاية فى ج ١ ص ١٦٩ اما فى الاول فلان مفاد اطلاق الهيئة وان كان شموليا ـ اى كقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) فانها تدل على حلية جميع افراد البيع الا ما اخرجه الدليل ـ بخلاف المادة ـ اى كونه بدليا كقوله تعال فتحرير رقبة مؤمنة فانه تقتضى شمول الرقبة لكل رقبة له بدليا ـ إلّا انه لا يوجب ترجيحه على اطلاقها لانه ايضا كان بالاطلاق ومقدمات الحكمة غاية الامر انها تارة تقتضى العموم الشمولى واخرى البدلى كما ربما تقتضى التعيين احيانا ـ اى كما فى الموارد المشكوكة بان صيغه الامر للوجوب العينى التعيينى النفسى او فى قبالهم ـ كما لا يخفى وترجيح عموم العام ـ اى العموم الشمولى كما فى صيغة كل ونحوها ـ على اطلاق المطلق انما هو لاجل كون دلالته بالوضع لا لكونه شموليا بخلاف المطلق فانه بالحكمة فيكون العام اظهر منه فيقدم عليه ـ اى كونه صالحا لان يكون قرينة على الآخر دون العكس ـ فلو فرض انهما فى ذلك على العكس فكان عام بالوضع دل على العموم البدلى ـ اى

٥٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

كمن وما وأىّ ـ ومطلق باطلاقه دل على الشمول لكان العام يقدم بلا كلام الخ وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٦١ والتحقيق ان ما ذهب اليه المحقق الانصارى من تقديم الاطلاق الشمولى على الاطلاق البدلى هو الاقوى فان تقديم الاطلاق البدلى يقتضى رفع اليد عن الاطلاق الشمولى فى بعض مدلوله وهى حرمة اكرام العالم الفاسق فى مفروض المثال بخلاف تقويم الاطلاق الشمولى فانه لا يقتضى رفع اليد عن مدلول الاطلاق البدلى اصلا فان المفروض انه الواحد على البدل وهو محفوظ لا محالة غاية الامر ان دائرته كانت وسيعة فصارت ضيقه وببيان آخر يحتاج الاطلاق البدلى زائدا على كون المولى فى مقام البيان وعدم نصب القرينة على الخلاف الى احراز تساوى الافراد فى الوفاء بالغرض حتى يحكم العقل بالتخيير بخلاف الاطلاق الشمولى فانه لا يحتاج الى ازيد من ورود النهى على الطبيعة غير المقيدة فيسرى الحكم الى الافراد قهرا فمع وجود الاطلاق الشمولى لا يحرز العقل تساوى الافراد من حيث الوفاء بالغرض فيكون الاطلاق الشمولى حاكما على الاطلاق البدلى من حيث دليليته وحجيته وان كان ظهوره منعقدا فى حد نفسه لفرض كون القرينة منفصلة ـ الى ان قال ـ هذا فى القرينة المنفصلة واما فى المتصلة فيكون الاطلاق الشمولى رافعا للظهور فى البدلى ويكون واردا عليه ولاجل ما ذكرنا يقدم العام الوضعى على الاطلاق الشمولى ، مع ان العام من جهة تعيين مدخوله وانه ليس إلّا نفس الماهية من دون اخذ قيد فيه يحتاج الى مقدمات الحكمة بداهة ان الفاظ العموم لم توضع الا لتعميم مدخوله من حيث هو فهى غير متكفلة لبيان حال مدخوله والسر فى التقديم مع ان كلا منهما يحتاج الى مقدمات الحكمة هو ان مقدمات الحكمة ـ فى طرف الاطلاق بعد جريانها تعطى قابلية السريان للمطلق الى جميع افراده وهذه القابلية المتوقفة على جريان المقدمات فى طرف المطلق فعلية فى طرف العام من جهة الوضع فالعام بنفسه يصلح بيانا للمطلق دون العكس وإلّا لدار ـ الى ان قال ـ ولكن لا يخفى ان ذلك وان كان صحيحا فى نفسه إلّا انه لا ربط له بالمقام بداهة انه لا تعارض فى المقام بين الاطلاقين فى حد انفسهما حتى يقال بكون احدهما اقوى من الآخر لحكومته عليه بل التعارض لامر خارجى وهو العلم الاجمالى بعروض التقييد على احدهما ولا يكون اقوائية احدهما موجبة لارجاع القيد الى الآخر بل لو فرضنا حصول العلم

٥٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الاجمالى بعروض تقييد لعام وضعى او مطلق بدلى لما كان هناك مجال للقول برجوع القيد الى المطلق البدلى لضعفه فالمسألة المبحوث عنها فى باب التعادل والتراجيح من دوران الامر بين تقييد المطلق الشمولى او البدلى أجنبية عما نحن فيه بالكلية الخ واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٦١ لعدم الفرق بين الاطلاق الشمولى والاطلاق البدلى من حيث الاطلاق لاتحاد السبب الموجب لكل منهما فما يقتضى الاطلاق الشمولى هو بنفسه يقتضى الاطلاق البدلى من حيث الاطلاق نفسه فما يكون شرطا فى احدهما لا محاله يكون شرطا فى الآخر وذلك ـ انه ليس فى وسع مقدمات الحكمة اثبات كون المراد هو المطلق البدلى او السريانى بل وظيفتها اثبات ان مدلول اللفظ يكون تمام موضوع الحكم فقط والبدلية والسريان يستفاد ان من حكم العقل حسب مناسبة الحكم مع موضوعه وعليه ففيما اذا وضع اللفظ متعلقا للامر يحكم العقل فى مقام الامتثال بالاكتفاء بالمرة الملازم للاطلاق البدلى اذ امتثال المهملة التى هى مدلول اللفظ يحصل بأول الوجود واما اذا وقع متعلقا للنهى فالعقل يحكم بلزوم الانزجار عن جميع الافراد اذا الانزجار عن المهملة لا يحصل إلّا بترك جميع افرادها ونتيجه ذلك الاطلاق الشمولى فمقتضى مقدمات الحكمة التى هو الاساس للظهور امر واحد وهو اثبات كون الموضوع له تمام موضوع الحكم والاختلاف نشأ من جهة خصوصية اخرى ادركها العقل هذا فيما لو كان مورداهما مختلفين من جهة النفى والاثبات واما المتفقان كالمقام فالامر اوضح اذ الاطلاق الشمولى فى الهيئة يستفاد من عدم اناطة الطلب بشيء فان من لوازمه العقلية سعة الطلب حتى فى ظرف عدم القيد كما ان البدلى يستفاد من عدم تقييد المادة المستلزم عقلا للسعة فى الانطباق وكون المطلوب صرف الوجود فمقتضى الاطلاق فى الجميع امر واحد وعليه لا مجال لتوهم تقديم الاطلاق الشمولى على البدلى مع كون منشئهما واحدا بتوهم احتياج تحقق الاطلاق البدلى فى مقامه الى احراز تساوى افراد المطلق فى الوفاء بالغرض كيف واحراز كون كل فرد من افراده وافيا بالغرض انما يستفاد من الاطلاق فلو توقف الاطلاق على احراز ذلك لدار ، نعم قد يكون الاطلاق الشمولى اظهر فى نظر العرف من الاطلاق البدلى فيقدم عليه لذلك وإلّا فاللازم هو التساقط كما اشرنا اليه.

واما ما اشار اليه فى ذيل كلامه من احتياج مدخول أداة العموم فى مقام

٥٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

تشخيص معناه الى مقدمات الحكمة ففيه ان أداة العموم لا ريب فى كونها موضوعة للدلالة على الشمول كما انه لا ريب فى ان مدخولها موضوع لمعنى كلى يصدق على كثيرين فاذا دخلت أداة العموم على هذا المعنى القابل للصدق على كثيرين دلت على ارادة جميع ما يصدق عليه مدخولها من افراده فاذا افادت أداة العموم شمول افراد مدخولها بالدلالة الوضعية لم يبق مجال لاعمال مقدمات الحكمة لاستفادة الشمول بل تكون أداة العموم واردة على مقدمات الحكمة كما لا يخفى ، فان قلت لا اشكال فى ان مدخول أداة العموم موضوع للطبيعة المهملة والسامع يحتمل ان المتكلم اراد حصة خاصة منها باضافة قيد اليه يوجب انقسامه الى حصص لكل واحدة منها افراد واحتمال ارادة المتكلم لحصة خاصة من المدخول لا ينافى دلالة أداة العموم على الشمول لفرض ان تلك الحصة المحتمل ارادتها لها افراد ومن شان أداة العموم الدلالة على شمول افراد مدخولها واما ان معنى المدخول اى شيء هو فلا تدل عليه أداة العموم فنحتاج فى تعيينه الى امر آخر يدل عليه وليس هو فى المقام الا مقدمات الحكمة ، قلت لو كان وضع أداة العموم لشمول افراد ما يراد من المدخول ـ اى كما عليه صاحب الكفاية ـ فالامر كما ذكر ولكن الظاهر انها وضعت لسراية الحكم الى جميع افراد ما ينطبق عليه المدخول وعليه لا نحتاج الى جريان مقدمات الحكمة فى المدخول كيف ولو جرت مقدمات الحكمة فيه لاستغنينا عن ذكر أداة العموم ، ثم انه مع استغناء مدخول أداة العموم عن مقدمات الحكمة لا شبهة فى تقدم العموم على الاطلاق الشمولى لان دلالة العام ح تكون وضعية تنجزيّة ودلالة المطلق الشمولى تعليقية اى انها معلقة على عدم البيان ومع الدلالة الوضعية ينتفى موضوع الاطلاق شموليا كان ام بدليا فلا تعقل معارضته للعام ولا فرق فى تقديم العام على المطلق بين ان يكون التعارض بينهما ذاتيا وان يكون عرضيا نشا من العلم الاجمالى بطرو قيد ما على احدهما اذ على الثانى ايضا يدور والامر بين رفع اليد عن اصالة الظهور فى طرف المطلق المستندة الى عدم البيان فاصالة الظهور فى طرف العام تنفى مقتضى الظهور فى طرف المطلق ولا عكس اذ لا يعقل ان يكون ظهور المطلق فى الاطلاق نافيا الظهور العام فى العموم لان تحقق ظهور المطلق فى الاطلاق متوقف على عدم العام ومع وجود العام لا يتحقق ظهور المطلق ليكون نافيا او مزاحما لظهور العام وعليه تكون اصالة الظهور فى طرف العام

٥٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

مع العلم بطرو قيد ما على احدهما بمنزلة البيان لرجوع القيد الى المطلق اى ان الفرد الذى يحتمل خروجه من حكم المطلق لاحتمال رجوع القيد اليه ليس من ناحية المطلق دليل على شمول حكمه اياه فلا يصح الاجتزاء به فى مقام الامتثال ولا يجب ترتيب حكم المطلق عليه هذا فيما لو كان العام والمطلق المعلوم رجوع القيد الى احدهما متصلين وواقعين فى كلام واحد كما فى ما نحن فيه واما لو كانا منفصلين فلا يجرى فيهما ما ذكر بل التقديم منوط باقوائية الظهور لفرض تماميته فى المطلق المنفصل كما سيجيء الخ ـ وعليه كون البحث أجنبيا عن المقام لا وجه له الوجه الثانى نقل صاحب الكفاية ج ١ ص ١٦٨ ان تقييد الهيئة يوجب بطلان محل الاطلاق فى المادة ويرتفع به مورده بخلاف العكس وكلما دار الامر بين تقييدين كذلك كان التقييد الذى لا يوجب بطلان الآخر أولى اما الصغرى فلاجل انه لا يبقى مع تقييد الهيئة محل حاجة وبيان لاطلاق المادة لانها لا محالة لا تنفك عن وجود قيد الهيئة بخلاف تقييد المادة فان محل الحاجة الى اطلاق الهيئة على حاله فيمكن الحكم بالوجوب على تقدير وجود القيد وعدمه واما الكبرى فلان التقييد وان لم يكن مجازا إلّا انه خلاف الاصل ولا فرق فى الحقيقة بين تقييد الاطلاق وبين ان يعمل عملا يشترك مع التقييد فى الاثر وبطلان العمل به وما ذكرناه من الوجهين موافق لما افاده بعض مقررى بحث الاستاد العلامة اعلى الله مقامه الخ واورد عليه صاحب الكفاية ج ١ ص ١٦٩ فلان التقييد وان كان خلاف الاصل إلّا ان العمل الذى يوجب عدم جريان مقدمات الحكمة وانتفاء بعض مقدّماتها لا يكون على خلاف الاصل اصلا اذ معه لا يكون هناك اطلاق كى يكون بطلان العمل به فى الحقيقة مثل التقييد الذى يكون على خلاف الاصل وبالجملة لا معنى لكون التقييد خلاف الاصل الّا كونه خلاف الظهور المنعقد للمطلق ببركة مقدمات الحكمة ومع انتفاء المقدّمات لا يكاد ينعقد له هناك ظهور كان ذاك العمل المشارك مع التقييد فى الاثر وبطلان العمل باطلاق المطلق مشاركا معه فى خلاف الاصل ايضا وكانه توهم ان اطلاق المطلق كعموم العام ثابت ورفع اليد عن العمل به تارة لاجل التقييد واخرى بالعمل المبطل للعمل به وهو فاسد لانه لا يكون اطلاق الا فيما جرت هناك المقدّمات نعم اذا كان التقييد بمنفصل ودار الامر بين الرجوع الى المادة او الهيئة كان لهذا التوهم مجال حيث انعقد للمطلق اطلاق وقد استقر له ظهور ولو بقرينة

٥٦٠