نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

فنقول ان مرجع الموضوعية ان كان (١) الى انقلاب الواقع حتى بمصلحتها الى مؤدى الطريق فلا بد وان يقتضى الاجزاء ، إلّا (٢) انه تصويب محال مجمع على

______________________________________________________

بالتصويب فيها والتصويب فى الامارات الجارية فى الشبهات الموضوعية غير معقول بداهة ان البينة الشرعية اذا قامت على ان المائع الفلانى خمر مثلا لا توجب انقلاب الواقع عما هو عليه من هذه الناحية فلو كان فى الواقع ماء لم تجعله خمرا وبالعكس كما اذا قامت على انه ماء وكان فى الواقع خمرا لم تجعله ماء او اذا قامت على ان المال الذى هو لزيد قد نقل منه بناقل شرعى الى غيره ثم بعد ذلك انكشف الخلاف وبان انه لم ينتقل الى غيره لم توجب انقلاب الواقع عما هو عليه وتغيره يعنى قلب ملكية زيد الى غيره او اذا افترضنا انها قامت على ان المائع الفلانى ماء فتوضأ به ثم انكشف خلافه لم يكن مجزيا لما عرفت من انها لا توجب انقلاب الواقع ولا تجعله غير الماء ماء ليكون الوضوء المذكور مجزيا عن الواقع الخ وفيه ان ما ذكره يتم على غير هذه المسالك الثلاثة مما يأتى فانه على احد هذه المسالك متصور ومعقول من اقوائية مصلحة المؤدى عن الواقع ونحوها وانما المحال او الممنوع هو القلب كما مثل به وهو ايضا يقال فى قاضى حمص من حكمه بموت رجل وجاء من السفر فامر بدفنه لحكم الحاكم بذلك. فالبحث عام لكل منهما.

(١) السببية قد تطلق ولا يراد ما تقدم بل امر آخر وهو ان الحكم واقعا منحصر فى مؤدى الامارة فلا حكم واقعى اصلا غير مؤداها ، او ان الحكم الواقعى ينقلب الى مؤدى الامارة ولا ريب فى الاجزاء بناء على السببية بهذا المعنى.

(٢) لكن لا ريب فى فساد هذا عقلا ونقلا ، وذلك اما ما نسب الى الأشاعرة من ان الله تعالى لم يجعل حكما من الاحكام فى الشريعة المقدسة قبل تأدية نظر المجتهد الى شيء وانما يدور جعله مدار تادية نظرية المجتهد ورأيه فكلما ادى اليه رأيه جعل الشارع ذلك الحكم فيه ، فلا مناص من الاجزاء حيث لا واقع على الفرض ما عدا مؤدى الأمارة لنبحث عن ان الاتيان به مجز اولا ، لكن السببية بهذا المعنى غير معقولة من الدور والخلف فان الامارة تحكى عن اى شيء وانها تؤدى الى اى حكم فلو توقف ثبوته على قيام الامارة عليه لزم الدور او الخلف ، مضافا الى انه خلاف الضرورة من الشرع ويكذبه الكتاب والسنة اذ لازمه بطلان بعث الرسل وانزال الكتب ، ـ واما ما نسب الى المعتزلة من ان الامارة لو كانت مخالفة للواقع توجب

٣٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

انقلاب الواقع وتغييره وجعل المؤدى على خلافه لكون الامارة توجب مصلحة اقوى من مصلحة الواقع وتوجب اضمحلال مصلحة الواقع وجعلها بلا اثر كما هو مسلك الاول مما تقدم ، ايضا لا مناص من القول بالاجزاء اذ لا واقع فى مقابل مؤدى الامارة ليقع البحث عن ان الاتيان به مجز عنه ام لا بل الواقع هو مؤدى الأمارة فالاتيان به اتيان بالواقع ، وهذا القول امر معقول بان يكون ثبوت الواقع مقيدا بعدم الامارة على خلاف ذلك نظير تقييد ثبوت الاحكام الواقعية بغير موارد الاضطرار والضرر والحرج ، لكن قام الاجماع على بطلانه مضافا الى السيرة العقلائية والآيات والروايات فان سيرتهم على كونها طريقا الى الواقع وكاشفا عنه لا من باب السببية وما ورد من ان لله احكاما يشترك فيه العالم والجاهل مضافا الى اطلاقات الادلة الشاملة لهما وغير ذلك ، واما ما تطلق ويراد بها انه بقيام الامارة تحدث فى المؤدى مصلحة تجبر ما فات من مصلحة الواقع مثل مصلحة اول الوقت فى الصلاة بوضوء قامت الامارة على طهارة مائه مع انكشاف الخلاف فى الوقت او مصلحة تمام الوقت فى المثال المزبور مع انكشاف الخلاف بعد خروج الوقت ولا ريب فى عدم الاجزاء على هذا المعنى من السببية ، ولعل مثل ذلك ما قيل من الاحتمال الثانى وهو المصلحة السلوكية وليس من التصويب بشيء كما افاده الشيخ الانصارى والمحقق النائينى والوجه لعدم الاجزاء هو ان مصلحته بمقدار يتدارك بها مصلحتها ما لم ينكشف الخلاف فيه فان كان السلوك بمقدار فضيلة الوقت فكانت مصلحته بمقدار يتدارك بها مصلحة الوقت فمصلحة اصل الوقت باقية فلا بد من الاعادة وان كان بمقدار تمام الوقت وكان انكشاف الخلاف فى خارجه فطبعا كانت مصلحته بمقدار يتدارك بها مصلحة تمام الوقت الفائتة واما مصلحة اصل العمل باقية فلا بد من استيفائها لصدق الفوت فى ذلك ولو كان بوحدة المطلوب فى الصلاة وان القضاء بامر جديد ، لكن اصل المسلك باطل لانه لا ملزم للالتزام بالمصلحة السلوكية ويكفى فى خروج اعتبار الامارات عن اللغوية ترتب المصلحة التسهيلية عليه حيث ان تحصيل العلم الوجدانى بالحكم الشرعى غير ممكن فللمصلحة التسهيلية قد نصب الشارع طرقا مؤدية غالبا الى الاحكام الواقعية وغيرها تحتاج الى دليل ، وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢٧٢ انه تصويب باطل والسبب فيه هو اننا اذا افترضنا قيام مصلحة فى سلوك الامارة التى توجب تدارك مصلحة الواقع

٣٠٢

خلافه ، وان كان (١) مرجعها الى توسعة الكبرى الواقعى حقيقة على وجه يشمل للمؤدى بان يكون مؤدّى الامارات ايضا من مصاديق الكبرى الواقعية وان لها مصداقان حقيقيان احدهما واقعى والآخر ظاهرى فهذا المعنى ايضا (٢) موجب للاجزاء به عن الواقعى ولم يحكم العقل باستحالته ايضا لامكان جعل الادلة

______________________________________________________

فالايجاب الواقعى عندئذ تعيينا غير معقول كما اذا افترضنا ان القائم بمصلحة ايقاع صلاة الظهر مثلا فى وقتها امران احدهما الاتيان بها فى الوقت الثانى سلوك الامارة الدالة على وجوب صلاة الجمعة فى تمام الوقت من دون كشف الخلاف فيه فعندئذ امتنع للشارع الحكيم تخصيص الوجوب الواقعى بخصوص صلاة الظهر لقبح الترجيح من دون مرجح من ناحية وعدم الموجب له من ناحية اخرى بعد ما كان كل من الامرين وافيا بغرض المولى فعندئذ لا مناص من الالتزام بكون الواجب الواقعى فى حق من قامت عنده أمارة معتبره على وجوب صلاة الجمعة مثلا هو الجامع بينهما على نحو التخيير اما الاتيان بصلاة الظهر فى وقتها او سلوك الامارة المذكورة ومعه كيف يعقل ان يكون الحكم الواقعى مشتركا بين العالم والجاهل فانه بطبيعة الحال يكون تعيينا فى حق العالم وتخييريا فى حق الجاهل وهذا خلاف الضرورة والاجماع واطلاقات الادلة التى مقتضاها عدم الفرق بينهما بالاضافة الى الاحكام الواقعية الخ ـ وفيه كما صرح المحقق النائينى فى كلماته ان المصلحة القائمة بسلوك الامارة تختلف باختلاف السلوك وكشف الخلاف فان فات فضيلة الوقت فمصلحتها بمقدار الفائت وتجب الاعادة وان فات الوقت فمصلحتها بمقدار الفائت وتجب القضاء فكيف يكون الامر بالجامع وليس فى الصلاة الجمعة مصلحة اصلا حتى يكون احد فردى التخيير وفى سلك الامارة مصلحة لكن لا تفى بالواقع حتى يكون فى عرضه بل تكون بمقدار الفائت بل حتى لو لم ينكشف الخلاف فالمصلحة التى فيها بمقدار ما يكون فيها السترة ولا يفى بالمصلحة الواقعية حتى يتعلق التكليف بالجامع.

(١) وملخص هذا الفرض ان يكون الموضوع اعم من الواقعى او ما قامت الامارة عليه فتوسعة فى الواقع كما ان الشرط فى باب الصلاة الطهارة الاعم من الواقعية او محرز الطهارة وكان نجسا واقعا.

(٢) فهذا ايضا مجز جزما.

٣٠٣

الظاهرية شارحة للكبرى الواقعية الدالة على تعيين الواقعية فى تعلق الامر به بخصوصه بجعله رافعا لظهور الكبرى المزبورة فى دخل خصوصه فى الحكم وان لبّ موضوع الحكم هو الجامع بين الواقعية والظاهرية ولكن (١) الظاهر كونه ايضا تصويبا مجمعا على خلافه ، ولئن اغمض عن الاجماع المزبور (٢) فلا اقل من احتمال آخر من كون مفاد الادلة الظاهرية جعل حكم مماثل للواقع فى مرتبة الظاهر بلا اقتضائها تغيير الواقعيات عما هى عليها من تعلق الخطاب بموضوعاتها بخصوصياتها اذ مع هذا لاحتمال لا يبقى مجال للتحكيم المزبور (٣) بنحو يوجب الادلة الظاهرية لرفع اليد عن ظهور الكبريات الواقعية فى دخل الخصوصية ولازمه (٤) عدم اقتضائها الاجزاء عن الواقعيات الا بمناط التفويت

______________________________________________________

(١) لكن المحقق الماتن قدس‌سره ايضا يجعله من التصويب المجمع على بطلانه بمعنى ان الامارة ان طابق الواقع فقد تنجز الواقع وان لم يطابق الواقع فالمصلحة فى مؤدّاه فلا يكون حكم واقعى على تقدير مع ان لله احكاما يشترك فيه الجاهل والعالم.

(٢) فملخص كلام المحقق العراقى قدس‌سره انه مع صرف النظر عن الاجماع هنا طريق آخر بانه بقيام الامارة تحدث فى المؤدى مصلحة غالبة على مصلحة الواقع الموجبة لعدم فعلية الواقع وجعل حكم مماثل مثلا اذا قامت الامارة على طهارة ماء نجس بعينه فتوضأ به المكلف وصلى فانه بقيام الامارة على طهارته تحدث فى الوضوء به مصلحة غالبة على مصلحة الوضوء بماء طاهر وهذا المعنى من السببية وان كان خلاف ظاهر ادلة اعتبار الامارات فان ظاهر ادلتها هو اعتبارها بنحو الطريقية إلّا انه يمكن توجيه السببية بهذا المعنى بنحو لا يتوجه عليه اشكال عقلا والظاهر عدم قيام الاجماع على بطلان هذا النحو من السببية ، ومحل النزاع فى الاجزاء على السببية هو هذا النحو منها.

(٣) فهذا الطريق لا يوجب رفع الواقع فى مورد قيام الأمارة على خلاف الواقع بل ما هو فعلى مؤدى الامارة دون الواقع.

(٤) اى ولازم هذا الطريق هو عدم الاجزاء وتوضيح ذلك ان غاية ما يتوهم سندا للاجزاء هو ما مر من ان قيام الامارة يوجب مصلحة فى مؤداها وباطلاق دليل

٣٠٤

الممنوع فى المقام بملاحظة احتمال وجه اختصاص او امرها بخصوصها فى ظرف الجهل من جهة المصلحة القائمة بخصوصها فى هذه المرتبة لا من جهة الرضا بتفويته المصلحة الواقعية حتى مع كشف خلافها وبذلك (١) يمتاز المقام ايضا عن باب الاضطرار اذ لا مصلحة يلتزمه بخصوصه بل لا مقتضى للترخيص

______________________________________________________

اعتبارها وحجيتها يثبت كون تلك المصلحة وافية بمصلحة الواقع او بمقدار منها بنحو لا يمكن مع استيفائها استيفاء الباقى وعليه لا محاله يتحقق الاجزاء ولكن فيه ان الاجزاء فى المقام اما ان يكون بملاك الوفاء فهو غير معقول اذ الاجزاء بملاك الوفاء لا يتصور إلّا باحداث مصلحة فى المتعلق مسانخه مع مصلحة الواقع ولازم المسانخة انقلاب الارادة الواقعية الى ارادة اخرى متوجهة الى مؤدى الامارة وهذا احد انحاء التصويب الباطل عقلا ونقلا ، واما ان يكون بملاك التفويت والاستيفاء وهو غير ثابت بل الثابت خلافه وذلك لان غاية ما يمكن ان يستدل به على ذلك هو الاطلاق وهو اما كلامى او مقامى والكلامى لا يتصور فى المقام لانه لا يتحقق إلّا بملاحظة عدم تقييد الكلام بذكر عدل للتخيير او بالجمع بين العمل على طبق الأمارة والعمل على طبق الواقع كما لو قال فى الاول اعمل على طبق الامارة او على طبق الواقع او اعمل على طبق الامارة والواقع معا وهذا لنحو من التقييد غير معقول لعدم امكان الاخذ به فى حال الجهل بالواقع واذا كان تقييد الكلام بقيد غير معقول فاطلاقه اللحاظى من ذلك القيد غير تام والاطلاق المقامى وان كان متصورا وكافيا فى اثبات المدعى لانه يمكن المولى اذا كان فى مقام البيان ان يقول اعمل على طبق الأمارة واذا انكشف له خطأها فاعمل على طبق الواقع فاذا سكت وهو فى مقام البيان عن ذكر حكم العمل على طبق الواقع بعد انكشاف الخلاف كشف سكوته عن اجزاء العمل على طبق الامارة إلّا ان هذا النحو من الاطلاق غير ثابت لكفاية اطلاقات الاحكام الواقعية بيانا لحكم العمل على طبق الواقع بعد انكشاف الخلاف.

(١) اى يفترق جعل الحكم المماثل مع الاضطرار ففى الاول تكون المصلحة فى ظرف الجهل فلو انكشف الخلاف فلا يجوز تفويتها ولا يجزى بخلاف الاضطرار فيجوز تفويت مصلحة المختار فلا وجه لعدم الاجزاء اصلا.

٣٠٥

به الا الرضا بفوت مصلحة المختار كما اسلفناه فتدبر (١) هذا كله فى فرض

______________________________________________________

(١) ثم انه لا فرق فيما ذكرنا بين ان يكون مؤدى الامارة حكما من الاحكام الشرعية او موضوعا من موضوعاتها وان كان موضوع الحكم التكليفى ايضا حكما شرعيا قد جعل شرطا للمكلف به او قيد الموضوع التكليف كطهارة الماء والتراب واللباس فى الصلاة وذكر فى البدائع المحقق العراقى ص ٢٩٨ عن استاد الأساتذة المحقق الخراسانى قد فصل فى الحكم بالاجزاء وعدمه فذهب الى الاجزاء فيما اذا كان مؤدى الامارة حكما شرعيا قد جعل موضوعا لحكم آخر او قيد الموضوع حكم آخر كالطهارة المجعولة قيدا للماء والتراب وشرطا فى صحة الدخول فى الصلاة والى عدم الاجزاء فيما اذا كان مؤداها حكما شرعيا غير مجعول موضوعا لحكم آخر او قيدا لموضوع حكم وحاصل ما افاده فى وجه ذلك ان قيام الامارة على طهارة الماء النجس فى الواقع مثلا يوجب جعل الطهارة له شرعا فى حال الجهل بنجاسته فيكون طاهرا واقعا فى هذا الحال ويكون العمل المشروط بالطهارة واجد الشرطة وباطلاق دليل حجية الامارة يستفاد الاجزاء بخلاف ما اذا كان مؤدى الأمارة حكما شرعيا غير مجعول موضوعا لحكم او قيدا لموضوع حكم فانه لا مانع من ان يكون المؤدى واجبا لمصلحة تحدث فيه بسبب قيام الامارة والواقع غير المؤدى واجبا للمصلحة الواقعية التى استدعت وجوبه فى الواقع ولا موجب لاجزاء الاتيان باحد الواجبين عن الآخر إلّا ان يدل دليل آخر على كفاية مؤدى الامارة عن الواقع كالاجماع المدعى على عدم وجوب صلاتين فى الوقت ولكن ذلك اجنبى عن الاجزاء المبحوث عنه فى المقام هذا ، ولا يخفى ما فى هذا الوجه ، اما ما افاده فى وجه الاجزاء فلما عرفت من ان ظاهر الادلة الواقعية هو كون الامر الواقعى الحقيقى شرطا للعبادة كالطهارة الواقعية وظاهر دليل حجية الامارة على السببية هو لزوم ترتيب اثر الواقع على المؤدى تعبدا لمصلحة حدثت فيه بقيام الامارة وذلك لا ينافى كون الشرط او الجزء هو الامر الواقعى الذى هو ظاهر دليله لا ان المؤدى هو الواقع تنزيلا ، ولو سلم ذلك لما دل على الاجزاء الاعلى الحكومة لتوجب ذلك توسعه فى الشرط او الجزء فيستلزم الاجزاء ولكن قد عرفت محاذيرها اجمالا وسيأتى تفصيلا ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا ان ظاهر دليل الامارة هو تنزيل المؤدى منزلة الواقع على نحو الحكومة لما كان للتفصيل المزبور وجه ايضا لان التنزيل المذكور كما يوجب توسعة فى مصاديق الشرط او الجزء كذلك يوجب توسعة

٣٠٦

الانكشاف قطعيا ، وان كان الانكشاف ظنيا (١) بطن يعتبر مثله فلا شبهة (٢) فى ان مرجعية الظن الثانى لا محيص اما من جهة ترجيحه على الاول باحد المرجحات او من جهة الاخذ به من جهة التخيير الاستمرارى الثابت له بدليله ، وعلى التقديرين نقول ان لازم اختيار الثانى (٣) حصر حجية فى هذا الحال بما اخذ ترجيحا ام تخييرا ولازم (٤) حصر حجيته هو الاخذ بخصوصه الحاكم ببطلان

______________________________________________________

فى مصاديق متعلق الامر الواقعى لان دليل حجية الأمارة واحد سواء كان مؤداها موضوعا ام حكما اذ قد عرفت ان المؤدى اذا كان موضوعا فهو فى الحقيقة حكم وعليه يكون مفاد الامارة التى مؤداها كون صلاة الجمعة واجبة هى التوسعة فى مصاديق الواجب الواقعى فالاتيان بصلاة الجمعة يستلزم الاجزاء ايضا لكونها احد افراد الواجب الواقعى انتهى.

(١) كان الكلام فى انكشاف الخلاف عن الطرق والامارات انكشافا قطعيا وح يقع الكلام فى ما لو انكشف انكشافا ظنيا فالتحقيق بمقتضى القواعد الأولية هو عدم الاجزاء.

(٢) بيان ذلك هو ان انكشاف الخلاف اما ان يكون من حيث اختلاف الراى فى اصل الظهور واما من حيث العثور على مخصص للعموم بعد ان لم يكن واما من حيث العثور على معارض للدليل الاول اقوى منه ولا ريب فى انه يجب على المكلف بعد تبديل رأيه هو تطبيق عمله فى مقام امتثال تكليفه على رأيه الجديد اما ترجيحا او احد عدلى التخيير.

(٣) وذلك لانه تخيير فى المسألة الأصولية فبايّهما اخذ فيتعين وليس له الرجوع الى العدل الآخر.

(٤) فان حصر حجية رأيه فى الجديد ففى اعماله الماضية التحقيق هو لزوم الاخذ بالراى الجديد ايضا فيها حيث يكون لها اثر بعد انكشاف الخلاف كالقضاء اذ انكشاف الخلاف بالظن المعتبر مثل انكشافه بالعلم وسره ان التكليف الواقعى فى نفسه محفوظ فى نشأته سواء تعلق به القطع ام الظن ام أخطأ فكما انه فى صورة انكشاف خطا القطع ينكشف للمكلف كذب الحجة على الحكم الفعلى بل عدمها كذلك فى صورة حصول الرأى الأول بظن معتبر تمّ تبدله براى آخر بظن معتبر آخر ينكشف

٣٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

للمكلف عدم تمام الحجة على الراى الاول بحسب الواقع وانه كان يتخيل وجودها عليه ولا ريب فى ان المكلف يرى انه يلزمه عقلا تدارك الواقع الذى وصل اليه بالحجة الثانية كما فى صورة انتقاض القطع الاول بالقطع الثانى ، وعليه لا وجه للقول بالاجزاء فى الاعمال السابقة الا توهم تدارك مصلحة الواقع بمصلحة جعل الطريق او المؤدى وقد عرفت فساد ذلك الوهم مضافا الى انه يمكن ان يقال انه لو قيل بالاجزاء فى صورة انكشاف خطأ الامارة يقينا لما امكن ان يقال به فى صورة تبديل الراى الاول لانكشاف عدم تمامها فى الاول لانه ينكشف بذلك عدم تحقق الطريق المجعول فلم يكن فى البين ما يوهم التدارك ليقال بالاجزاء ، ومما ذكرنا ظهر لك فساد ما قد يقال انه بعد انكشاف الخلاف بالظن المعتبر تتحقق عند المكلف حجتان كل فى ظرفه احداهما الحجة الاولى على الراى الاول وثانيتهما الحجة الثانية على الراى الثانى فما المرجح للثانية على الاولى فى متعلقها فى ظرفها ليلزم عدم اجزاء الاعمال السابقة الماتى بها على وفق الحجة الأولى ، وجه الفساد هو انه بعد انكشاف الخلاف بالظن المعتبر ينكشف للمكلف ان الحجة الظنية على الرأى الاول لم تكن حجه بالخصوصيات المعتبرة فى الحجة وبذلك يعلم المكلف ان رأيه الاول لم يكن له حجة عليه حينما ادى اليه ظنه فتكون اعماله على وفقه بلا حجة فيلزم تدارك ما يمكن تداركه منها بعد تمام الحجة على الراى الثانى ، نعم لو عثر المكلف على حجة على خلاف الراى الاول تساوى الحجة عليه فى الخصوصيات المعتبرة فى الحجة واقع التعارض بينهما وح يلزم الرجوع الى القواعد المقررة عند تعارض الحجتين المتساويتين من التخيير او السقوط والرجوع الى الاصول ففى مورد التخيير ان قلنا بالتخيير البدوى لزم العمل على طبق الحجة الاولى والاخذ بالراى الاول وان قلنا باستمرار التخيير فان اختار المكلف للبقاء على الاخذ بالراى الأول صح عمله سابقا ولاحقا وان عدل عنه اخذا بالحجة الثانية صح عمله الجارى على طبقها وكشف صيرورتها حجة عليه باختيارها عن فساد اعماله السابقة الجارية على طبق الحجة الاولى فيلزم تدارك ما يمكن تداركه منها ، ثم انه قد يستدل للاجزاء بوجوه غير تامة احدها ان عدم الاجزاء وايجاب الإعادة او القضاء مستلزم للحرج غالبا ، وفيه ان الظاهر من دليل نفى الحرج الشخصى لا النوعى فيلزم تقدير الضرورة بقدرها ، ثانيها ما عن الفصول ان الواقعة الواحدة لا تتحمل

٣٠٨

العمل على طبق الاول ولا يعنى من عدم الاجزاء الا هذا ، ولا فرق ايضا فى مثل هذا البيان بين العبادات او المعاملات لو لا (١) دعوى شمول قولهم لكل قوم نكاح لمثل المقام وإلّا (٢) فبناء على انصرافه الى صور اختلاف الامم فى نكاحهم من

______________________________________________________

اجتهادين ، وفيه ان عدم امكان اجتماع اجتهادين متنافيين فى حكم واقعة واحدة فى زمان واحد مسلم واما فى زمانين فممنوع الى غير ذلك من الوجوه التى لا ينبغى الالتفات اليها ، هذا كله مقتضى الادلة الأولية واما مقتضى الادلة الثانوية فالظاهر تحقق الاجماع على عدم وجوب الاعادة والقضاء فى الصلاة وقد يدعى بعضهم الاجماع على الاجزاء مطلقا ولكن قال المحقق العراقى عهدة هذه الدعوى على مدعيها ، كما انه قد يتمسك لعدم وجوب الاعادة فى الصلاة بحيث لا تعاد وقد تقدم تقريبه.

(١) ومقتضى الادلة الثانوية فى المعاملات فى باب النكاح لكل قوم نكاح بتقريب ان يكون المراد بحسب الآراء والنظريات على حسب اختلاف المجتهدين قال عليه‌السلام فى باب ٨٣ نكاح البعيد لكل قوم نكاحا الحديث.

(٢) لكن الظاهر من الروايات على ما ورد فى ابواب مختلفه وتطبيقها على مواردها فى باب ميراث المجوس وتطليقات ثلاثة من المخالفين ونحوهما هو النظر الى اهل الملل المختلفة لا المذهب الواحد المنجية والاختلاف فى الحكم الظاهرى فلا بد من الرجوع الى مقتضى القواعد الأولية وترتيب احكام الشبهة على الوطى السابق ان لم يكن اجماع على خلافه وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٠٦ والتحقيق ان هناك ثلاثة مقامات المقام الاول لاجزاء فى العبادات الواقعة على طبق الاجتهاد الاول عن الإعادة والقضاء ـ فلا اشكال فى انه القدر المتيقن من مورد الاجماع ـ على الاجزاء اعادة وقضاء ـ الثانى الاجزاء فى الاحكام الوضعية فيما لم يبق هناك موضوع يكون محلا للابتلاء كما اذا بنى على صحة العقد الفارسى اجتهاد او تقليدا فعامل معاملة فارسية ولكن المال الذى انتقل اليه بتلك المعاملة اتلفه او تلف عنده ـ ففى شمول الاجماع له اشكال بل منع وان كان لا يبعد انعقاد الاجماع على عدم التبعة فى الافعال الصادرة على طبق الاجتهاد الاول سواء كانت التبعة هى الإعادة والقضاء او الضمان ـ الثالث الاجزاء فى الاحكام الوضعية مع بقاء الموضوع الذى كون محلا للابتلاء كبقاء المال بعينه فى الفرض السابق وكما اذا عقد على امرأة بالعقد

٣٠٩

حيث حكمهم واقعا لا مجرد اختلافهم فى الاحكام الظاهرية فيلحق باب النكاح ايضا بسائر الابواب فلا بد من الحكم بفساد النكاح السابق حين كشف الخلاف ولو بالامارة غاية الامر يكون الوطى السابق لشبهة الموجب لالحاق الولد والتوارث بينهم وتفصيله ايضا موكول الى محله ، وفى الفصول هنا تفصيل (١) لا

______________________________________________________

الفارسى وكانت محل الابتلاء له بعد انكشاف الخلاف ـ فلا اشكال فى خروجه عن مورده وفتوى جماعة فيه بالاجزاء انما هو لا لاجل ذهابهم الى كون الاجزاء هو مقتضى القاعدة الأولية لاجل الاجماع على ذلك الخ واجاب عنه استاذنا الخوئى فى هامش الاجود الظاهر انه ليس فى شيء من المقامات الثلاثة اجماع تعبدى والقائل بالاجزاء انما ذهب اليه لدلالة الدليل عليه باعتقاده ـ نعم بناء على ما هو التحقيق عندنا من شمول حديث لا تعاد لموارد الجهل عن قصور لا يجب اعادة الصلاة عند انكشاف مخالفة الماتى به للواقع فى غير الخمس المذكور فى الحديث الخ لكن فيه ان انكار الاجماع فى الجملة مكابرة جزما والسيرة القطعية الجارية بين المسلمين من لدن زمن النبى ص الى زماننا هذا فى النكاح وبابى الطهارة والنجاسة مما لا يمكن انكارها فلا يبعد الاجزاء بدليل خاص كما سيأتى تفصيله فى محله وتقدم الكلام من المحقق العراقى ايضا.

(١) قال فى الفصول ص ٤٠٦ فان كانت الواقعة مما يتعين فى وقوعها شرعا اخذها بمقتضى الفتوى فالظاهر بقائها على مقتضاها السابق فيترتب عليها لوازمها بعد الرجوع اذ الواقعة الواحدة لا يحتمل اجتهادين ولو بحسب زمانين لعدم دليل عليه ـ ولاصالة بقاء آثار الواقعة ـ فيستصحب واما عدم جريان الاصل بالنسبة الى نفس الحكم حيث لا يستصحب الى الموارد المتأخرة عن زمن الرجوع فلمصادمة الاجماع ـ وبالجملة فحكم رجوع المجتهد فى الفتوى فيما مر حكم النسخ فى ارتفاع الحكم المنسوخ عن موارده المتأخرة عنه وبقاء آثار موارده المتقدمة ان كان لها آثار وعلى ما قررنا فلو بنى على عدم جزئية شىء للعبادة او عدم شرطيته فاتى بها على الوجه الذى بنى عليه ثم رجع بنى على صحة ما اتى به حتى آنها لو كانت صلاة الى آخر كلامه ، وقال فى الكفاية ج ٢ ص ٤٣٣ ولم يعلم وجه للتفصيل بينهما كما فى الفصول وان المتعلقات لا تتحمل اجتهادين بخلاف الاحكام الا حسبان ان الاحكام قابلة للتغيير و

٣١٠

يفهم منه مقصوده بل المحكى عن بعض الاساطين انه سأل عن نفسه قدس‌سره فى شرح مرامه بعبارته فتأمل كثيرا واعترف بانّى لا افهم منها شيئا إلّا انى حين كتبت كتبته صحيحا فيحتاج بعد الى تأمل جديد ، ثم ان ذلك كله فى الاجزاء بمقتضى ادلة الامارات والطرق ، واما ادلة الاصول (١) فهى ايضا على السنة مختلفة منها (٢) ما كان لسانه اثبات الواقع تعبدا بماله من الآثار وذلك مثل

______________________________________________________

التبدل بخلاف الموضوعات والمتعلقات وانت خيبر بان الواقع واحد فيهما وقد عين اولا بما ظهر خطأه ثانيا الخ قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ٣ ص ٢٠٥ الظاهر منه قدس‌سره ـ اى صاحب الكفاية ـ انه استظهر من الفصول التفصيل بين الاحكام ومتعلقاتها كما عن بعض الأجلة قده استظهار التفصيل بين الواجبات العبادية والعقود والايقاعات وبين الاحكام التى هى القسم الرابع من ابواب الفقه ـ اى الارث والاطعمه والأشربة ونحوها ـ وبالجملة كلام صاحب الفصول بحسب العنوان هو التفصيل بين ما يتعين فى وقوعه شرعا اخذه بمقتضى الفتوى وما لا يتعين فى وقوعه شرعا اخذه بمقتضى الفتوى ـ الى ان قال ـ ومن الأمثلة والعنوان يظهر فساد كلا الاستظهارين فان العنوان وان كان موهما للتفصيل بين الاحكام ومتعلقاتها إلّا ان الأمثلة لا تساعده والأمثلة وان كانت توهم التفصيل الثانى إلّا ان العنوان لا تساعده وقد بلغ الاجمال فى كلام صاحب الفصول قده الى حد بحيث قال بعض الأجلة ره حاكيا عن استاده العلامة الانصارى قده انه ارسل الفصول الى صاحبه قده بواسطة بعض الاعلام من تلامذته قده لتحصيل المراد من العنوان الواقع فى كلامه ره فلم يحصل من بيانه ما يرفع الاجمال عن كلامه زيد فى علو مقامه وهو عجيب الخ وحكى بعض المحشين على الكفاية انه حكى عن الشيخ قده انه قد تردد فى فهم مراد الفصول فى المقام واشكل عليه الامر حتى ارسل بعض السادة من افاضل تلامذته الى كربلا لملاقاة صاحب الفصول واستيضاح الحال منه شفاهيا فرجع السيد ولم يات بشيء يرجع الى محصل الخ.

(١) الاصول على ثلاثة اقسام.

(٢) الاول هى الاصول المحرزة وهى اثبات الواقع بلا مثبت واحرازه بلا محرز كالاستصحاب وقاعدتى التجاوز والفراغ وقاعدتى الطهارة والحلية بناء

٣١١

الاستصحاب وقاعدة التجاوز والفراغ ويلحق به مثل كل شيء طاهر بل وكل شيء لك حلال بناء على كون مفادهما اثبات الطهارة والحلية الواقعية تنزيلا ويعبر عن هذه بالاصول التنزيلية ، ومنها (١) ما لا يكون بلسانه ناظرا الى اثبات الواقع بل كانت مثبتة للحكم فى ظرف الشك وذلك مثل الاصلين الاخيرين بناء على وجه آخر من كون مفادهما مجرد اثبات الطهارة او الحلية فى ظرف الشك بلا نظر فيهما الى كونهما واقعية ولو تنزيلا ، ويلحق بهما ما كان بلسان ايجاب الاحتياط عند الشك بحكم او موضوع ، ومنها (٢) ما لا يكون بلسانه مثبتا لحكم اصلا بل كان لسانه نفى الحكم عن موضوعه فى ظرف الشك وذلك مثل حديث الرفع والحجب وامثالهما ، وح نقول اما ما كان (٣) بلسان الاستصحاب من

______________________________________________________

على دلالتها على التنزيل كما هو التحقيق.

(١) الثانى ما كان بلسان اثبات الصغرى لما هى الكبرى الكلية المستفادة من الادلة الواقعية لا التنزيل وهى الاصول غير المحرزة التى يرى بعض انها وظيفة عمليه مهدها الشارع للمكلف ليرجع اليها عند الشك فى التكيف ويرى آخرون انها احكام ظاهرية جعلها الشارع للشاك فى تكليفه كما قاعدتى الطهارة والحل على المشهور وكايجاب الاحتياط شرعا.

(٢) الثالث بلسان رفع المشكوك فيه وهى الاصول العدمية كقاعدة الرفع ونحوها ثم ان هذه الاصول اما ان يكون متعلقها حكما شرعيا او موضوع حكم ، فلا بد من افراز كل واحد منها بالبحث مستقلا فى استفادة الاجزاء وعدمه فالكلام فى جهات.

(٣) الجهة الاولى فى الاستصحاب قال فى الكفاية ج ١ ص ١٣٣ والتحقيق ان ما كان منه يجرى فى تنقيح ما هو موضوع التكليف وتحقيق متعلقه وكان بلسان تحقق ما هو شرطه او شطره كقاعدة الطهارة او الحلية بل واستصحابهما فى وجه قوى ـ اشارة الى جعل حكم المماثل ـ ونحوها بالنسبة الى كلما اشترط بالطهارة او الحلية يجزى فان دليله يكون حاكما على دليل الاشتراط ومبيّنا لدائرة الشرط وانه اعم من الطهارة الواقعية والظاهرية فانكشاف الخلاف فيه لا يكون موجبا لانكشاف فقدان العمل لشرطه بل بالنسبة اليه يكون من قبيل ارتفاعه من حين ارتفاع الجهل الخ بخلاف

٣١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الامارة فلا يجزى ، وذكر المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٥٣ ان جعل الطرق والامارات والاصول انما يكون فى رتبة احراز الحكم الواقعى ومن هنا كان فى طول الحكم الواقعى ولا يعارضه ويزاحمه فكما ان احراز الواقع بالعلم يكون فى المرتبة المتأخرة عن الواقع كذلك ما جعله الشارع بمنزلة العلم من الطرق والامارات والاصول حيث انه جعلها محرزة له تشريعا وفردا للعلم شرعا فكان الشارع بجعله للطرق والاصول خلق فردا آخر للعلم فى عالم التشريع ونفخ فيها صفة الاحراز وجعلها علما فجعل الطرق والاصول انما يكون فى واد الاحراز وواقعا فى رتبة العلم وهذا معنى حكومتها على الواقع فان معنى حكومتها عليه هو انها محرزة للواقع وموصلة اليه لا انها توجب توسعة او تضييقا فى ناحية الواقع الخ وفيه اما الجواب عن كونه فردا ، ان الفرق بين الحكومة الواقعية والظاهر به لا وجه له لان الفردية فى الظاهرية وان كانت تستفاد منها بالمدلول المطابقى ولكن الشرطية ايضا تستفاد منها بمدلولها الالتزامى فتكون التوسعة فى الواقع لان لازم كون الشخص بالتنزيل واجدا لفرد من الطهارة هو كونه واجد الشرط الصلاة وانه الاعم من الظاهرى والواقعى ، واما الجواب عن عدم الفرق بين الامارات والاصول فنقل عن المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٠٣ بان الفرق بينهما واضح من جهة ان الأمارة تكون طريقا الى الواقع وكاشفة عنه ويكون التعبد بها لذلك بخلاف الاصل فانه وظيفة قررت للمتحير فى مقام العمل عند عدم الطريق للواقع فيمكن ان يقال بالاجزاء فى الثانى لعدم كشف الخلاف فيه ضرورة ان حكم المتحير كان ذاك ولم ينكشف خلافه بل لا يكون له كشف خلاف بخلاف ما يكون طريقا كالامارة الى الواقع فانه يكشف خلافه فالقول بعدم الاجزاء فيه صحيح ، والامر كما ذكره قدس‌سره لكن عند التدبر يظهران كلام المحقق الخراسانى فى الاستظهار غير صحيح فانه كما استظهر ان القاعدة لا تكون ناظرة الى الواقع اصلا ولكن نحن ونستفيد من قوله «ع» كل شيء نظيف حتى لعلم انه قدر ان عدم العلم كان مانعا عن الوصول الى الواقع وإلّا فهل يمكن ان يكون العلم علة للنجاسة مثلا ان الدم اذا كان فى اللباس ولم نعلمه فهل اذا علمنا ينقلب عما هو عليه ويصير نجسا بعد ما كان طاهرا ام يكون من باب كشف الغطاء عن وجه النجاسة فان المتيقن هو الثانى ، لا اقول لا يمكن ان يكون العلم غاية للحكم الواقعى الثانوى بل هو غاية للاعم منه ومن

٣١٣

الاصول التنزيلية فان كانت (١) ناظرة الى توسعة الواقع حقيقة ولو بتحكيمها على الكبريات الواقعية فى ظهورها فى دخل خصوصية موضوعها فى حكمه برفع اليد عن هذا الظهور وجعل الموضوع الجامع بين الواقعية والظاهرية فلا شبهة فى اقتضائه الاجزاء عن الواقع ولكن (٢)

______________________________________________________

الحكم الظاهرى إلّا ان الارتكاز العرفى على ان القاعدة مضروبة لحفظ الواقع وكونها فى مقام بيان حكم ثانوى يحتاج الى مئونة زائده مفقوده فنعلم ان جعل القاعدة ايضا يكون للوصول الى الواقع فيكون الحكم بالطهارة من حيث التوجه الى الواقع فاذا انكشف خلافه فالحق عدم الاجزاء فى صورة كشفه سواء كان الاصل موجبا للخطإ او الأمارة.

(١) اشارة الى ما تقدم من الكفاية فى المقام الملازم للقول بالاجزاء وملخصه ان هذا التنزيل لاثبات التوسعة الحقيقية لدائرة الشرطية فى كبرى الدليل بما يعم الطهارة الحقيقية الواقعية والطهارة التعبدية التنزيلية فبناء على استفادة هذه الجهة لا جرم يلزمه الاجزاء قهرا وعدم وجوب الإعادة بل لا معنى لانكشاف الخلاف ايضا لانه بعد استفادة التوسعة لدائرة الشرطية من دليل حرمة النقض يكون الماتى به مع الطهارة التعبدية الاستصحابية واجدا لما هو شرطه بحسب الواقع ومعه لا معنى لانكشاف الخلاف كما لا يخفى.

(٢) تقدم من المحقق العراقى قدس‌سره ان هذا القول غير مرضى عنده ويحتمل كما افاده فى الكفاية ج ٢ ص ٢٨٧ قال كما هو الظاهر فى مثل قضية لا تنقض اليقين حيث تكون ظاهرة عرفا فى انها كناية عن لزوم البناء والعمل بالتزام حكم مماثل للمتيقن تعبدا اذا كان حكما ولحكمه اذا كان موضوعا الخ فان مفاد لا تنقض عبارة عن جعل مماثل الاثر للمشكوك فى ظرف الشك ولا اجزاء فانه اذا كان الشرط فى الصلاة مثلا بحسب ظواهر الأدلّة هو الطهارة الواقعية الثابتة للشيء بعنوانه الاولى فلا جرم لا يكاد يفيد مثل هذه الطهارة الظاهرية الاستصحابية فى الحكم بالاجزاء بل لا يكاد يجدى ايضا فى اصل جواز الاتيان بالصلاة مع مثل هذه الطهارة إلّا اذا فرض ان ما هو الشرط فى دليل الكبرى هو الاعم من الطهارة الواقعية والظاهرية الاستصحابية فيجوز له الدخول معها ح فى الصلاة ويجزى الماتى به معها ايضا عن الاعادة والقضاء

٣١٤

مثل هذا المعنى (١) ممنوع فى الامارات حتى على الموضوعية (٢) فضلا عن الاصول التنزيلية الناظرة الى صرف توسعة الواقع فى مقام العمل (٣) لمحض المصلحة فى الجعل من جهة التسهيل على المكلف ولا اقل من كونها فى مقام يجعل المماثل للحكم فى مرتبة الظاهر بلا نظر الى توسعة الموضوع الواقعى حقيقة فيبقى الواقع على ما هو عليه من دخل خصوصه مؤدى كبراه فى موضوع حكمه ولقد عرفت ان هذا المعنى فى الطرق حتى على الموضوعية غير مقتضى للاجزاء فالمقام ايضا مثله (٤)

______________________________________________________

باعتبار اتيانه ح بما هو المامور به واجدا لما هو شرطه وهو الطهارة.

(١) اى مثل حكومته على الأدلّة الواقعية.

(٢) كما مرت الاشارة اليه من ان الامارات حتى على السببية والموضوعية غير مجز فكيف بالاصول التنزيلية التى توسعة فى مقام العمل فلم يثبت مثل هذه الحكومة اصلا.

(٣) والعمدة فى وجه ذلك من عدم الاجزاء فى الاصول التنزيلية ان ذلك لمصلحة التسهيل لكونه غالب المطابقة وعدم امكان حصول القطع لا يوجب التوسعة فى الواقع وانما يوجب جعل المماثل فالواقع باق على حاله من الخصوصية.

(٤) وقد عرفت انه لا يوجب الاجزاء ، وتوضيح ذلك مقتضى التحقيق على ما حققناه فى محله هو رجوع التنزيل فى حرمة النقض الى نفس اليقين ملحوظا كونه استقلالا بان يكون الموضوع المستصحب محرزا بطريق معتبر ولازم احرازه هو ترتيب آثار اليقين على الشك آثاره الشرعية ، لا مرآة الى المتيقن كما هو مسلك الكفاية من انه مرآة الى المتيقن ويكون عليه متعلق الجعل الشرعى هو نفس العمل على طبق الاصل بترتيب آثار الواقع فى حال الشك وعلى اى ومن ذلك نلتزم بقيام الاستصحاب مقام الامارات والقطع الطريقى كما فى باب الشهادة ، ونلتزم ايضا بتقديم مثل الاستصحاب على قاعدة الحلية والطهارة بمناط الحكومة دون الورود ودون التخصيص وعليه لا بد من القول بعدم الاجزاء ووجوب الاعادة والقضاء عند انكشاف الخلاف من جهة ان قضية النهى عن نقض اليقين ح ليست إلّا المعاملة مع اليقين الزائل معاملة الباقى فى

٣١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لزوم الحركة على طبقه من دون اقتضائه لمصلحة ح فى نفس العمل كى امكن تصور الاجزاء فيه باحد المناطين المزبورين سابقا من ان الاجزاء اما ان يستند الى وفاء المصلحة الحادثة فى متعلق الاصل بمصلحة الواقع لاقوائيته على فرض السببية واما لاجل تفويت مصلحة الواقع به وعلى كلا التقديرين فقد بينا فى مسالة الامارات ان ذلك لا يستلزم الاجزاء وح فعند انكشاف الخلاف لما كانت المصلحة الواقعية على حالها بلا استيفاء تماما او بعضا فلا جرم تقتضى وجوب الاعادة فى الوقت او القضاء فى خارج الوقت كما هو واضح وان شئت قلت انه لا يزيد اثر الطريق المجعول تشريعا على اثر الطريق المجعول تكوينا اعنى به اليقين فكما ان العمل على طبق اليقين الواقعى لا يوجب الاجزاء بعد انكشاف الخلاف كذلك العمل على طبق اليقين التنزيلى اعنى به الاصل المحرز بل وعلى فرض تسليم اخذ اليقين فى دليل حرمة النقض مرآة الى المتيقن وعبور التنزيل من اليقين اليه نقول بان غاية ما يقتضيه التنزيل المزبور ح انما هو مجرد التعبد بوجود الاثر وتحققه عند الشك لا التوسعة الحقيقية لدائرة الاثر والشرطية الواقعية ولا اقتضاء جعل مماثل الاثر للمشكوك حقيقة كى يحتاج الى التصرف فى ظاهر دليل كبرى الاثر بجعله عبارة عن الاعم من الطهارة الواقعية والظاهرية حتى يترتب عليه الاجزاء وعدم وجوب الإعادة والقضاء بعد انكشاف الخلاف وعليه لا محيص من القول بعدم الاجزاء من جهة انه بانكشاف الخلاف وحصول العلم بالنجاسة يرتفع التعبد المزبور ومع ارتفاعه لا بد بمقتضى شرطية الطهارة الواقعية والحلية الواقعية من الاعادة والقضاء إلّا اذا كان هناك دليل بالخصوص على عدم وجوب الإعادة والقضاء كما فى الطهارة الخبثيه ، وبعبارة اخرى ان الامر بترتيب آثار الواقع فى حال الشك لا يستلزم تحقق الواقع ولا تحقق ما يقوم مقامه ويفى بمصلحته بل يكون ذلك الامر من قبيل الاوامر الطريقية المقصود بها الاحتفاظ بالواقع فى حال الشك فيه وبعد انكشاف الخلاف يكون التكليف الواقعى داعيا الى متعلقه لعدم ما يوجب سقوطه ، ولا يخفى ان الالتزام بجعل مماثل الاثر حقيقة او التوسعة الحقيقية فى دائرة كبرى الاثر وحكومة دليل الاصل على ادلة الاجزاء والشرائط لا يخلو عن اشكالات بعضها قابل الذب دون بعض منها ان الالتزام بالحكومة يوجب فقها جديدا مثلا ملاقى الماء النجس واقعا الطاهر ظاهرا يلزم ان يكون طاهرا واقعا ولو بعد انكشاف نجاسة الماء واقعا

٣١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

للحكومة المزبورة ، وايضا يلزم طهارة المغسول بماء نجس واقعا طاهر ظاهرا ولو انكشفت نجاسة الماء ، وايضا يلزم صحة الغسل او الوضوء بماء نجس واقعا طاهر ظاهرا وان انكشفت نجاسة ذلك الماء الى غير ذلك من التوالى التى لم يلتزم بشيء منها فقيه ، وبمثله يجرى فى جعل المماثل ، ومنها يترتب على الاول لزوم عدم جريان استصحاب الطهارة فى ماء تالف فعلا قد غسل به ثوب نجس او توضأ به سابقا باعتقاد الطهارة من جهة انه فى ظرف الشك الذى هو ظرف جريان الاستصحاب لا وجود للماء المغسول به الثوب النجس حتى امكن جعل الطهارة الحقيقية ولو ظاهرية له فلا بد ح اما من القول بجواز جعل الطهارة الحقيقية ح للماء التألف او الالتزام بعدم جريان الاستصحاب فى مثل الفرض عند الشك فى طهارة الماء التالف الذى غسل به الثواب النجس سابقا مع انهما كما ترى فان الاول منهما مستحيل فى نفسه والثانى منهما خلاف الاجماع فانه باجماع منهم يجرى استصحاب الطهارة بالنسبة الى الماء التالف ويحكم بطهارة الثوب المغسول به وبصحة الوضوء السابق وصحة الصلاة الماتى بها مع ذلك الوضوء بلا كلام اللهم إلّا ان يكون ذلك لقاعدة الفراغ لا الاستصحاب ولكن ذلك يختص بالصلاة والبحث عام ، وهناك وجوه آخر فلا وجه للاطالة فلا محيص ح من المصير الى ان الطهارة المعتبرة فى الماء فى دليل كبرى الاثر عبارة عن خصوص الطهارة الواقعية وان ما هو مفاد دليل حرمة النقض فى فرض رجوع التنزيل فيه الى المتيقن عبارة عن مجرد التعبد بوجود الاثر وتحقق الطهارة فى المورد الراجع الى الامر بالمعاملة مع المشكوك معاملة الطهارة الواقعية ما دام الشك بلا نظر له الى اثبات التوسعة الحقيقية فى دائرة كبرى الاثر ولا اقتضاء لجعل مماثل الاثر حقيقة للمشكوك وعليه فلا محيص من القول بعدم الاجزاء ووجوب الاعادة والقضاء عند انكشاف الخلاف كما لا يخفى ، لكن مع ذلك يمكن ان يقال ان كل ما قلتم يكون بمناط الحكومة وهى تكون فى صورة كون الدليلين لفظيين مثل قوله «ع» لا صلاة إلّا بطهور الذى هو الدليل اللفظى على شرطية الطهارة وكل شيء طاهر الذى هو كذلك فالحاكم والمحكوم لفظيان ، واما بالنسبة الى الملاقاة وشرطية كون الماء طاهرا فى التطهير وكذا شرطية طهارته فى الوضوء حيث لا يكون له دليل لفظى يشك فى الحكومة لارتكاز العرف بان فاقد الشى كيف يمكن ان يكون معطيا له فالنجس كيف يمكن ان

٣١٧

و (١)

______________________________________________________

يوجب الطهارة والحاصل اما لا يكون لنا دليل لفظى او كان ويكون ارشادا الى ما يفهمه العقل من شرطية الطهارة فى المطهر وحيث يشك فى النظر الى دليل المحكوم مع احتياج الحكومة اليه لا وجه لما اشكل عليه من الاجزاء بخلاف مثل الصلاة فانه لا طريق للعقل من جهة شرطية طهارة لباس المصلى اليها فاى اشكال فى كون الطهارة الاعم من الظاهرى والواقعى شرطا والنجاسة المعلومة مانعا لا النجاسة المجهولة ، على ان قاعدة الطهارة مفادها ان كل اثر يكون للطهارة مترتبة على مفادها لا الآثار التى على النجاسة مثل الملاقاة فالتنزيل فى إحداهما لا يستلزم التنزيل فى الاخرى ، وذكر المحقق النائين فى الجمع بين ما دل على عدم وجوب اعادة الصلاة عند انكشاف الخلاف وبين ما دل على اشتراط الصلاة بطهارة الثواب والبدن ـ فى الفوائد ج ٤ ص ٣٥٥ ان يكون الاجزاء وعدم وجوب الإعادة فى هذه الموارد لاجل القناعة عن المامور به بما يقع امتثالا له فيكون الفعل الماتى به بعنوان امتثال الواقع بدلا عن الواقع المامور به ومما يقوم به الغرض من الامر الواقعى فى هذا الحال الخ واجاب عنه المحقق العراقى قدس‌سره فى هامشه بان ما افيد انما يتم على احد الوجهين اما الالتزام بكون الماتى مفوتا للواقع بمناط المضادة او الالتزام بامكان قيام غرض واحد سنخا بشيئين متباينين والتالى لا مجال عقلا والاول ينافى جهة البدلية الظاهرة فى كونه وافيا بالغرض الواقعى سنخا وح فلا محيص من الالتزام بكون الماتى به وافيا بما يفى به الطهارة الواقعية ولازمه كون الوافى به الجامع بينهما لا خصوص كل واحد فمرجعه الى شرطية الاعم من الطهارة الواقعية والإحرازية وهو عين الوجه الثانى ولا يبقى لوجه آخر مجال الخ وهذا يختص بالثوب فى الصلاة لدليل خاص ولا يعم غيره والكلام على نحو العموم.

(١) الجهة الثانية فى الاصل غير المحرز وهو القسم الثانى من الاصول قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٠٠ فالتحقيق فيها عدم الاجزاء ان قلنا بلزوم الاقتصار على ظاهر ادلة الاجزاء والشرائط فلا يجوز العمل على طبق الاصل فى حال الشك اصلا سواء قلنا بان الاصل وظيفة مجعولة للشاك فى حال الشك ام قلنا بانه حكم واقعى فى حال الشك لان ظاهر ادلة الاجزاء والشرائط هو كون الشىء الواقعى شرطا او جزء والاصل غير المحرز بكلا تفسيريه غير ناظر الى الواقع ليصح الاخذ به فى حال الشك ،

٣١٨

اما فى غير الاصول التنزيلية (١) فامر اقتضائها للاجزاء فرع نظر الكبرى (٢) الواقعية فى موضوعه نفيا ام اثباتا الى الاعم من الواقعى والظاهرى وإلّا فلو كان نظره (٣) الى خصوص النفى والاثبات الواقعيين فلا يصلح (٤) مثل هذه الاصول

______________________________________________________

قال قلنا بان المستفاد من ضم دليل الاصل الى ادلة الاجزاء والشرائط هو كون الجزء او الشرط اعم من الواقع ومتعلق الاصل لحكومة دليل الاصل على ادلة الاجزاء والشرائط فلا اجزاء ح وجه وجيه إلّا ان الحكومة المذكورة تقدمت الاشكالات عليه ولكن فليعلم كون المجعول فى الاصول غير المحرزة كقاعدتى الطهارة والحل هو الامر بترتيب آثار الواقع فى ظرف الشك فان لسان قاعدة الطهارة وان كان يوهم ان المجعول فيها هى الطهارة فى ظرف الشك بها إلّا ان التامل فى اطرافها خصوصا بملاحظة بمناسبة الحكم لموضوعه ينفى ذلك التوهم ويوجب للملتفت استظهار ان المراد فى مثل قوله «ع» كل شىء نظيف حتى تعلم انه قدر هو تعبد المكلف بترتيب آثار الطهارة فى ظرف الشك بها كجواز الدخول فى الصلاة ونحوها من الاعمال المشروطة بالطهارة ولازم ذلك هو عدم الاجزاء بعد انكشاف الخلاف كما اشرنا الى ذلك فى نظير المقام كما انه لا يصح ان يقوم مقام القطع الموضوعى لعدم تنزيل الشك فى مثل هذا الاصل منزلة اليقين كما هو شان الاصول المحرزة وبهذه الخصوصية تفترق قاعدة الطهارة مثلا عن الاستصحاب ، ومن ذلك كله علم ان الاصول الوجودية مطلقا تكون اصولا تنزيلية غاية الامر بعضها يكون محرزا كالاستصحاب وبعضها غير محرز كقاعدتى الطهارة والحلية ، ومما ذكرنا يظهر وجه ما افتى به الاصحاب من جواز الاخذ بالاصول والجرى على وفقها فى حال الشك ولزوم الإعادة او القضاء وترتيب جميع آثار الواقع كنجاسة الملاقى وعدم ارتفاع النجاسة بالماء المتعبد بطهارته استصحابا او لقاعدة الطهارة وامثال ذلك بعد ارتفاع الشك وانكشاف الواقع الخ والامر كما ذكره.

(١) اى من الاصول الوجودية كما تقدم.

(٢) اى نظر ادلة الاجزاء والشرائط الى التوسعة كما تقدم.

(٣) اى نظر الكبرى الى الاجزاء والشرائط الواقعية فقط.

(٤) فلا يثبت هذه الاصول الجزء والشرط فكيف يدل على الاجزاء بالتوسعة.

٣١٩

لاثبات موضوع الكبرى اصلا فضلا عن اقتضائه الاجزاء عنه نعم (١) غاية ما فى الباب احتمال كونه مفوتا للمصلحة الواقعية والاصل يقتضى خلافه بعد عدم اقتضاء ادلة الاصول للاجزاء المزبور كما اشرنا نظيره فى الامارات فتدبر ، وفى ما ذكرنا كله (٢) ايضا لا فرق بين كشف الخلاف باليقين او بالامارة لكشف الامارة عن فساد العمل من الاول فلا يجزى (٣)

______________________________________________________

(١) اى للاجزاء طريق واحد وهو كونه مفوتا للمصلحة غير قابل للتدارك والاصل عدمه.

(٢) بلا فرق بين كون الخلاف منكشفا باليقين او بالأمارة لان الحكم الأول كان كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ـ ان قلت ان كان بقاعدة الطهارة والحلية والاستصحاب يجوز معها الدخول فى الصلاة فلا محاله يلازم التوسعة الواقع ويلازم الاجزاء وإلّا لا معنى لجواز الصلاة معها وعدم الاجزاء فانه لغو وان قيل بعدم الاجزاء فلا محاله يلازم عدم جواز الدخول فى الصلاة لعدم التوسعة الواقعية ـ وكون الواقع من الجزء يبقى على حاله من الخصوصية بعد انكشاف الخلاف ينافى ذلك ـ قلت ان جعل الطرق والاصول لاجل التسهيل ويكون على نحو القضايا الطبيعية على القولين ويكون ترتيب آثار الواقع على الشك وح ما يصل الى الواقع كما هو الغالب فلا محاله واجد للجزء الواقعى وله مجوز الدخول فى العمل وما هو خلاف الواقع بما انه جاهل به فمقتضى العموم واحتمال انه موافق للواقع يجرى الاصل ويكون هو المجوز للدخول فى العمل لعدم العلم حين العمل وبعد انكشاف الخلاف يتبين انه لم يكن له المجوز للعمل وان الجزء باق على جزئيته ولا بد من الإعادة والقضاء ولا يكون الجعل لغو ابعد ما كان المجعول مجعولا على نحو الكلى وغالب المطابقة.

(٣) الجهة الثالثة قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٣٥ واما ما يجرى فى اثبات اصل التكليف كما اذا قام الطريق او الاصل على وجوب صلاة الجمعة يومها فى زمن الغيبة فانكشف بعد ادائها وجوب صلاة الظهر فى زمانها فلا وجه لا جزائها مطلقا غاية الامر ان تصير صلاة الجمعة فيها ايضا ذات مصلحة لذلك ولا ينافى هذا بقاء صلاة الظهر على ما هى عليه من المصلحة كما لا يخفى إلّا ان يقوم دليل بالخصوص على عدم وجوب صلاتين فى يوم واحد الخ واوردوا عليه بان الاجماع فى صورة كون احدى

٣٢٠