نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

لحدوثه وعليه فلا حاجة فى الوصول الى غرضه الى وسيلة تعدد الامر لاستقلال العقل مع عدم حصول غرض الامر بمجرد موافقة الامر بوجوب الموافقة على نحو يحصل به غرضه فيسقط امره الخ ، واجاب عنه المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٦٢ وحاصل الدفع ان الاشكال مبنى على تخيل ان تعدد الامر انما يكون عن ملاك يختص بكل واحد وقد عرفت انه ليس المراد من تعدد الامر ذلك بل ليس هناك الاملاك واحد لا يمكن ان يستوفى بامر واحد الخ ولكن فيه ذكر المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٨٩ بانه بعد فرض عدم قيام الغرض والمصلحة فى العبادات بنفس الذات ولو مجردة عن الدعوة بل قيامه بالذات مع الدعوة فلا جرم فى مثله يستحيل أوسعية دائرة الارادة والامر عن دائرة قيام الغرض والمصلحة الخ فيكون متعلق الامر الاول حصة من طبيعة الصلاة اعنى بها الصلاة المقارنة لدعوة الامر اليها ولا يحتاج الى متمم الجعل اصلا ، هذا هو الجواب عن المحقق النائينى واما الجواب عما افاده فى الكفاية قال المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٩٤ نقول انه لو تم هذا الاشكال فانما هو على مبنى مرجعية قاعدة الاشتغال فى نحو هذه القيود عند الشك فى اعتبارها وإلّا فبناء على مبنى البراءة كما هو التحقيق فلا موقع لهذا الاشكال وذلك لانه فى فرض استقلال العقل بمرجعية البراءة عند الشك لا محيص للمولى من بيان مدخلية قصد الامتثال فى غرضه على فرض دخله فيه واقعا وبيانه انما هو بامره مستقلا لكى لا يذهب المكلف ويستريح فى بيته متكلا على حكم عقله بالبراءة وإلّا فمع عدم امره بذلك لكان قد اخل بما هو مرامه وغرضه ومن المعلوم بداهة ان كمال المجال ح لاعمال المولوية بامره كما هو الشأن ايضا فى الامر الاول المتعلق بذات العباد فكما ان الامر الاول امر مولوى ورافع لموضوع حكم العقل بالبراءة بلا كلام كذلك الامر الثانى المتعلق بقصد الامتثال فهو ايضا امر مولوى قد اعمل فيه جهة المولوية لرفع موضوع حكم العقل بالبراءة الخ مضافا الى ان لغوية الامر الثانى فى فرض العلم بعبادية المأمور به فى الخارج لا مع الغفلة والشك فى عباديته ودخل مثله فى تحقق غرضه. الوجه الرابع ما افاده فى الكفاية واشرنا اليه مرارا ، ج ١ ، ص ١٠٧ والاتيان بالواجب بداعى امره كان مما يعتبر فى الطاعة عقلا لا مما اخذ فى نفس العبادة شرعا ، وعليه فلا حاجة فى الوصول الى غرضه الى وسيلة تعدد الامر لاستقلال العقل مع عدم حصول غرض الامر بمجرد

١٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

موافقة الامر بوجوب الموافقة على نحو يحصل به غرضه فيسقط امره ، واجاب المحقق النائينى عنه فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٦٢ ولكن الانصاف انه لم نعرف معنى محصلا لهذا الوجه فانه ان اراد ان العقل يعتبر قصد الامتثال من عند نفسه فهو واضح الفساد اذا العقل لم يكن مشرعا يتصرف من قبل نفسه ويحكم بما يريد اذ ليس شان العقل الا الادراك ، وان اراد العقل يعتبر ذلك بعد العلم بان ما تعلق الامر به انما شرع لاجل ان يكون من الوظائف التى يتعبد بها العباد فهذا ليس معنى اعتبار العقل ذلك من قبل نفسه بل العقل ح يستقل بجعل ثانوى للمولى على اعتبار قصد التقرب ويكون حكمه فى المقام نظير حكمه بوجوب المقدمة حيث انه بعد وجوب ذيها شرعا يستقل الوجوب بوجوبها ايضا بمعنى انه يدرك وجوب ذلك ويكون كاشفا عنه لا انه هو يحكم بالوجوب فانه ليس ذلك من شان العقل فكذا فى المقام حيث انه بعد اطلاع العقل بان وجوب الصلاة مثلا انما هو لاجل ان تكون من الوظائف المتعبد بها فلا محاله يدرك ان هناك جعلا مولويا تعلق باعتبار قصد الامتثال ويكشف عن ذلك لكشفه عن وجوب المقدمة واين هذا من دعوى كون قصد الامتثال مما يعتبره العقل من دون ان يكون للشارع دخل فى ذلك الخ وفيه اولا ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٣٢ ان صاحب الكفاية لم يقصد بما ذكره من استقلال العقل بلزوم فعل ما يحتمل دخله فى الامتثال الا لزوم الاحتياط عند العقل فى موارد الشك بامتثال الامر الفعلى اعنى به جريان قاعدة الاشتغال فى مثل المورد وعدم جريان اصالة البراءة إلّا ان ما اشار اليه صاحب الكفاية للنظر فيه مبنى وبناء مجال واسع اما المبنى فلما سيجيء إن شاء الله تعالى من ان المرجع فى امثال المورد هى البراءة ـ واما البناء فلانا لا نسلم انه مع استقلال العقل بلزوم الاحتياط تخلصا من العقاب المحتمل لا يبقى مجال لاعمال المولوية بالامر والنهى اذ لا ينحصر غرض الامر المولوى فى جعل الداعى الى فعل ما يحصل به غرض المولى بل هناك اغراض اخرى لا تحصل إلّا بالامر المولوى ونحوه كمعرفة المكلف به تفصيلا ورفع الشك عن المكلف ليعمل على بصيرة من امره ، وثانيا ذكر فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١١١ مضافا الى القطع بانه ليس فى العبادات الا امر واحد كغيرها من الواجبات والمستحبات غاية الامر يدور مدار الامتثال وجودا وعدما فيها المثوبات والعقوبات بخلاف ما عداها فيدور فيه خصوص المثوبات واما العقوبة

١٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فمترتبة على ترك الطاعة ومطلق الموافقة الخ واجاب عنه المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٩٧ اذ ذلك انما يرد بناء على القول بالاحتياج الى تعدد الامر فى الخارج ـ وهو متمم الجعل ـ وإلّا فبناء على ما ذكرنا من التعدد بحسب الانحلال فلا يرد هذا المحذور اذ ما فى الخارج ح لا يكون إلّا انشاء واحد وامرا واحدا الخ وكذا لو كان امر واحد تعلق حصة خاصة وهى دعوة الامر فلا يرد الاشكال ايضا كما هو واضح وفى ذكر هذه الوجوه كفاية إن شاء الله تعالى ، واختار استادنا الخوئى الوجه الخامس وليس وجها على حده وقد تقدم فى ضمن الكلمات ايضا فى هامش الاجود ، ج ١ ، ص ١٠٧ بما ان قصد الامر وجعله داعيا الى الفعل الخارجى من افعال النفس فالامر بالصلاة مثلا المقيدة بقصد الامر يكون امرا بالمجموع المركب من الفعل الخارجى والنفسانى ومن الواضح ان الامر بالمركب ينحل الى الامر بكل من الجزءين فيكون ذات الفعل متعلقا لحصته من الامر الفعلى لا محاله كما ان جعل هذه الحصة من الامر داعيا الى الفعل متعلق للحصة الثانية من الامر فاذا اتى الفعل بداعى الامر المتعلق به فى ضمن الامر بالمركب فقد تحقق تمام المركب فى الخارج وبذلك يظهر الفرق بين المقام وما اذا كان الجزء الآخر غير قصد الامر فان قصد الامر الضمنى فى المقام محقق لتمامية المركب بخلاف ما اذا كان الجزء الآخر غير قصد الامر فانه لا يمكن فيه الاتيان بقصد امره الا مع قصد الاتيان بالمركب بداعى امتثاله ، وبما ذكرناه من الانحلال يندفع ما اورد على اخذ قصدا لامر فى المتعلق من انه يستلزم ان يكون شخص الامر داعيا الى داعوية نفسه وهو على حدّ وكون الشى علة لعلية نفسه ـ كما عن المحقق الاصفهانى ـ وذلك فانه بناء على الانحلال المزبور يكون احد الامرين الضمنيين داعيا الى داعوية الامر الضمنى الآخر واين ذلك من دعوة الامر الى داعوية نفسه كما انه يندفع به ما افيد فى المتن من ان الاخذ المزبور يستلزم توقف قصد الامتثال على نفسه ، ضرورة لزوم تاخره طبعا عن جميع الاجزاء والشرائط فلو كان هو بنفسه من الاجزاء ايضا لزم التوقف المزبور ، ووجه الاندفاع هو ان المأخوذ فى المتعلق اذا كان قصد الامر ضمنى ودعوته فاين تقدم الشيء وتوقفه على نفسه فظهر مما بيناه ان اخذ قصد الامر فى المتعلق وكونه جزء من اجزاء المامور به لا مانع منه اصلا ، وفيه ان كان الامر ضمنيا كما فرضه فالامر المتعلق بالمجموع بسيط فاتصاف بعض اجزاء متعلقه بكونه

١٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ماتياً به بداعى امره لا يكون إلّا فى ضمن اتصاف المجموع بكونه ماتياً به بداعى امره ولا يمكن الاتيان بالمجموع بداعى امره لان بعض المجموع المركب هو كون الامر داعيا الى فعل الصلاة مثلا فيلزم من الاتيان بالمركب بداعى الامر كون الامر داعيا الى كون الامر داعيا وذلك محال ، وان كان الامر استقلالا فهو الذى افاده المحقق العراقى قدس‌سره فى رد المحقق الاصفهانى قال الاول فى البدائع ص ٢٢٦ ان الامر المتعلق بالمركب يتحصص بعدد اجزاء المركب فكل جزء منه تتعلق به حصة من الامر المتعلق بالكل وامتناع تعلق قصد الامتثال بالحصة المتعلقة بقصد الامتثال لا يستلزم امتناع تعلق قصد الامتثال بالحصة المتعلقة بنفس الصلاة مثلا بل هو ممكن فاذا قلنا بانحلال الامر المتعلق بالمركب الى حصص بعدد اجزاء المركب لزم ان يكون الامر المتعلق بالصلاة بقصد امتثال امرها منحلا الى الامر بالصلاة نفسها والى الامر بقصد امتثال امرها فيكون بعض حصص الامر المتعلق بالمركب موضوعا للحصة الاخرى منه وكما يصح باعتبار اجزاء متعلقه التى تركب منها كذلك يصح باعتبار قيوده التى تقيد بها لان الانحلال المزبور ليس إلّا تجزية عقلية والعقل لا يرى فرقا فى هذه التجزية بين الاجزاء التى هى كون الاشياء المتغايرة منضما بعضها لى بعض وبين الخصوصيات التى يصير الشى بانضمامها اليه شيئا خاصا فى قبال شيء آخر ان قلت بناء على الانحلال المزبور يلزم ان يكون بعض الامر الواحد حقيقة توصليا وهى الحصة المتعلقة باتيان الصلاة بداعى امرها وبعضه الآخر تعبديا وهى الحصة المتعلقة بنفس الصلاة ولا يكاد يتصور امر واحد حقيقة بعضه توصلى وبعضه تعبدى قلت قد سبق ان معنى كون الامر توصليا هو كون الغرض المترتب على متعلقة لا يتوقف حصوله فى الخارج على قصد التقرب بخلاف التعبدى فالتوصلية والتعبدية عنوانان يطرءان على الامر باعتبار هذه الخصوصية لا انهما خصوصيتان ذاتيتان فيه ليستحيل اجتماعهما فى شيء واحد بل هو واقع فى اكثر الواجبات التعبدية باعتبار كثير من شروطها كالاستقبال فى الصلاة والطهارة من الخبث ونحوهما الى آخر كلامه ، وتقدم الجواب عنه مرارا من كونه ليس هناك إلّا امر واحد إلّا ان يراد سنخ الحكم كما تقدم بقى شيء ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٣٥ هذا كله فى امكان اخذ دعوة الامر او قصد الامتثال فى متعلق الامر واما الدواعى الاخرى التى تكون متقدمة على الامر وجودا كالمصلحة والارادة والحب

١٤٤

فاخذ دعوتها فى متعلق الامر بمكان من الامكان ضرورة ان ذلك لا يستلزم شيئا من المحاذير المشار اليه انتهى وذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ١١٢ هذا كله اذا كان التقرب المعتبر فى العبادة بمعنى قصد الامتثال واما اذا كان بمعنى الاتيان بالفعل بداعى حسنه او كونه ذا مصلحة اوله تعالى فاعتباره فى متعلق الامر وان كان بمكان من الامكان إلّا انه غير معتبر فيه قطعا لكفاية الاقتصار على قصد الامتثال الذى عرفت عدم امكان اخذه فيه بديهة الخ واجاب استادنا الخوئى عن ما قاله صاحب الكفاية فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١٠ بقوله فيرد عليه انها انما تكشف عن عدم اخذ خصوص غير قصد الامر فى المأمور به واما عدم اخذ الجامع فيه فلا كاشف عنه اصلا نعم لا مناص عن الالتزام بتعلق الامر بذات الفعل ليكون المكلف متمكنا من الاتيان به بقصد الامر إلّا أنّك قد عرفت ان الامر بالمركب يستلزم تعلق حصة منه بذات الفعل لا محاله الى آخر كلامه وتقدم ما فيه والجامع بين الممكن وغير الممكن ايضا لا يمكن كما تقدم مضافا الى انه لم يتضح الفرق بين داعى الامر والدواعى المذكورة لان داعى المصلحة اذا كان مقوما للمصلحة لزم خلوا الفعل فى نفسه عن المصلحة فيمتنع الاتيان به. بداعى المصلحة وهكذا الحال فى داعى الحسن وداعى ذاته تعالى. واستشكل المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٠٨ فى سائر الدواعى ايضا فقال واما بناء على ما ذهب اليه استاذ الاساطين الشيخ الانصارى قده من كون قصد الجهة وهى المصلحة موجبا للتقرب فى عرض قصد الامر فيلزم من اخذه فى المأمور به ذاك المحذور عينا فان قصد جهة الصلاة مثلا يتوقف على كون الصلاة ذات جهة وكون الجهة مترتبة على نفسها والمفروض ان الجهة انما تترتب على قصد الجهة لفرض كونه جزء المأمور به فبدونه لا جهة حتى تقصد فالجهة فرع قصدها وقصدها فرع تحققها فيلزم توقف الشى على ما يتوقف عليه بلا واسطة وهو الدور المصرح المستلزم لتقدم الشى على نفسه بمرتبتين فان الشى متاخر عن علته بمرتبة والمفروض انه متقدم على علته بمرتبة لكونه علة لعلته فيتقدم على نفسه بمرتبتين الخ واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ، ص ٢٣٥ بقوله ويمكن دفع الاشكال المزبور بان موضوع المصلحة وان كان الفعل المقيدة بالدعوة إلّا ان الفعل نفسه مقوم لموضوع المصلحة وفيه استعداد لحصولها به حيث ينضم اليه القيد المزبور فالعاقل اذا تصور ان الصلاة مثلا مستعدة لحصول القرب بها

١٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

من الله تعالى او النهى عن الفحشاء اذا نضم اليها دعوة المصلحة المذكورة كان ذلك التصور كافيا فى دعوة العبد الى فعل الصلاة كما هو الشأن فى المصالح القائمة بالافعال القصدية كالتعظيم مثلا القيام فى وجه القادم مستعد ليكون تعظيما له حيث يكون فاعله قاصدا به التعظيم مع ان الدور المزبور جار فيه لان قصد التعظيم متوقف على كونه تعظيما وكونه تعظيما متوقف على قصد التعظيم ولكن هذا الدور كسابقه مندفع بما اشرنا اليه انتهى وفيه ان الصلاة بنفسها لا استعداد لها اصلا للمصلحة فهل يتوهم احد ان صلاة الخاص لها الاستعداد كذلك كلا فالاستعداد انما للصلاة مع نية الداعى فيرجع المحذور ، ثم قال المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٠٩ واما على المختار من كون جميع الدواعى القربية فى عرض واحد وان الجامع بين الجميع كون العمل لله كما يستفاد من قوله «ع» وكان عمله بنية صالحة يقصد بها ربه فوجه امتناع اخذ الجامع المنطبق على جميع الدواعى القربية فى المأمور به هو ان الداعى اياما فرض ـ كالمصلحة ـ فهو فى مرتبة سابقة على الارادة المحركة للعمل اى فيكون العمل متأخرا عنه برتبتين فيستحيل كونه ـ اى الداعى ـ فى عرض العمل الصادر عن الارادة التكوينية ـ حتى يتعلق به قصد العمل وقصد الداعى ـ فان المفروض سبقه على الارادة وتاخر العمل عنها فاذا لم يكن وقوع الداعى فى حيز الارادة التكوينية فلا يمكن وقوعه فى حيز الارادة التشريعية ايضا بداهة ان متعلق الارادة التشريعية هو بعينه ما يوجده العبد فى الخارج وتتعلق به ارادته فلو لم يمكن تعلق الارادة التكوينية بشيء لا يمكن تعلق الارادة التشريعية به ايضا انتهى واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٣٦ وفيه او لا انه خلاف ما ذهب اليه المستشكل من امكان التوصل الى اخذ الامتثال او الدعوة فى متعلق الامر بامرين كما تقدمت الاشارة اليه وعلى التقريب المزبور يمتنع اخذ الدعوة فى متعلق الامر ولو بامر ثان وثانيا ان دعوة الداعى التى نقول بامكان اخذها قيدا فى متعلق الامر ليست هى شخص الدعوة التى اوجبها نفس الامر بل هى دعوة المصلحة والحب الى اتيان العمل التى توجبها فى نفس العبد دعوة الامر المتوجه اليه فالامر المتعلق بفعل الصلاة مثلا بداعى مصلحتها يدعو المكلف الى الاتيان بالصلاة بداعى مصلحتها فيكون الامر من قبيل الداعى الى الداعى كما هو المشهور فى تصحيح الاجرة على العبادة والمحذور المذكور فى التقريب المزبور انما

١٤٦

و (١)

______________________________________________________

يلزم لو كان المأخوذ فى متعلق الامر شخص الدعوة التى يوجبها الامر فى نفس المكلف لا دعوة اخرى توجبها دعوة الامر نعم يرد الاشكال المشهور فى مطلق باب جعل الداعى الى الداعى وهو عدم تعقل الدعوة الى الدعوة المفروض نشوها من الغير وهذا غير مرتبط بما نقلناه من الاشكال انتهى لكن فيه ان المصلحة الفعلية يمكن قصدها لا ما يكون فيه قوة المصلحة فالدور فى المقام يكون كما فى قصد الامر ولا يمكن رفعه الا بالانحلال او بالامرين كما مر فيه.

(١) ثم انه يقع الكلام فى الثمرة من التمسك بالاصل اللفظى والعملى والاصل اللفظى هو الاطلاق على نحوين الاطلاق اللفظى والاطلاق المقامى ، والكلام ح فى الاطلاق اللفظى ، وتقدم ان عمدة الفرق بين الاطلاقين بعد اشتراكهما فى كون المتكلم فى مقام البيان ان الاطلاق اللفظى يستفاد من نفس اللفظ لتعلق الحكم على الطبيعة المقسم كاكرم العالم مثلا واعتق رقبة ونحوهما وهذا بخلاف الاطلاق المقامى فانه لا يكون لفظ كذلك وانما بين جملة من اجزائه وقيوده ولم يبين هذا القيد فيكشف عدم دخله فى المأمور وإلّا هو الذى اخل بغرضه بعد ما كان من القيود المغفولة عنها كصحيحة حماد الطويلة فى باب الصلاة ، وعلى اى ذكر صاحب الكفاية قدس‌سره ج ١ ص ١١٢ انه اذا عرفت بما لا مزيد عليه عدم امكان اخذ قصد الامتثال فى المأمور به اصلا فلا مجال للاستدلال باطلاقه ولو كان مسوقا فى مقام البيان على عدم اعتباره كما هو اوضح من ان يخفى فلا يكاد يصح التمسك به الا فيما يمكن اعتباره فيه فانقدح بذلك انه لا وجه لاستظهار التوصلية من اطلاق الصيغة بمادتها ولا لاستظهار عدم اعتبار مثل الوجه مما هو ناش من قبل الامر من اطلاق المادة فى العبادة لو شك فى اعتباره فيها الخ وهذا على مسلكه تام وتبعه المحقق الاصفهانى قال فى النهاية ج ١ ص ١٣٧ ليس وجه التلازم بين استحالة التقييد واستحالة الاطلاق ان الاطلاق والتقييد متضايفان فلا بد من قبول المحل لتواردهما اذ ليس هذا شان المتضايفين كيف والعلية والمعلولية من اقسام التضايف ولا يجب ان يكون كلما صح ان يكون علة صح ان يكون معلولا وبالعكس بل الوجه فيه ان هذا النحو من التقابل من قبيل العدم والملكة فلا معنى لاطلاق شيء إلّا عدم تقييده ، بشيء من شانه التقييد به فما يستحيل التقييد به يستحيل الاطلاق من جهته نعم لا حاجة الى اثبات استحالة الاطلاق

١٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لانها غير ثابته بل عدم التقييد لا يكشف عن عدم دخل القيد فى الغرض فلعله ممكن الدخل غير ممكن التقييد الخ. وذكر المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١٢ اختلفت كلمات الاصحاب فى مقتضى الاصل اللفظى فى المقام فاختار جماعة ومنهم المحقق الانصارى قده اصالة التوصلية واختار صاحب الاشارات قده وجماعة ممن تبعه اصالة التعبدية والحق فى المقام وفاقا لجملة من المحققين هو الاهمال وعدم الاطلاق مطلقا واستدل العلامة الانصارى على مختاره بعدم امكان التقييد فيثبت الاطلاق ولا يخفى عدم صحة الاستدلال المذكور فانه يبتنى على ان يكون الاطلاق مقابلا للتقييد تقابل الايجاب والسلب بان يكون معنى الاطلاق هو مطلق عدم التقييد ولو بالعدم الازلى وهذا المعنى فاسد حتى عنده قدس‌سره فان الاطلاق وان كان عدميا إلّا انه موقوف على ورود الحكم على المقسم وتمامية مقدمات الحكمة فالتقابل بينهما لا محاله يكون تقابل العدم والملكة فاذا فرضنا فى مورد عدم ورود الحكم على المقسم فلا معنى للتمسك بالاطلاق قطعا وما نحن فيه من هذا القبيل فان انقسام المتعلق بما اذا اتى به بقصد الامر وعدمه يتوقف على ورود الامر فانه كما عرفت من الانقسامات الثانوية فليس قبل تعلق الامر وفى مرتبة سابقه عليه مقسم اصلا فالحكم لم يرد على المقسم بل صحة التقسيم نشأت من قبل الحكم فلا معنى للتمسك بالاطلاق فكل مورد لم يكن قابلا للتقييد يمتنع الاطلاق فيه ايضا ، واما لو بنينا على ما هو المشهور قبل سلطان العلماء (قده) من كون الاطلاق امرا وجوديا وانه بمنزلة التصريح بالعموم فعدم صحة التمسك بالاطلاق اوضح فانه فى قوة ان يقال صل سواء كان بقصد الامر او لا فان التصريح المذكور انما يصح فيما اذا كان الانقسام قبل الامر لا بعده وإلّا كان اخذ المقسم بما هو مقسم فى متعلق الامر مع ان كونه مقسما انما نشأ من قبله مستلزما لتقدم الشى على نفسه ـ الى ان قال ـ ربما يتمسك لاثبات التوصلية فى مورد الشك فيها بحكم العقل بالاجزاء وان الاتيان بالمأمور به يجزى عقلا والمفروض ان المأمور به غير مقيد بقصد القربة قطعا وهذا الوجه هو المحتمل من عبارة صاحب التقريرات وبيان دفعه ـ اذا فرضنا ان غرض المولى مترتب على الصلاة بداعى القربة فاذا اراد المولى استيفاء غرضه فحيث انه لا يمكن له ذلك إلّا بامرين فلا بد له من امر متعلق بذات الصلاة وامر آخر باتيانها بقصد القربة فكما ان ذات الصلاة تعلق بها ارادة الشارع لكونها مما له

١٤٨

ح فلنا (١) ان ندعى بانه بعد امكان مثل هذا القيد فى حيّز شخص انشائه المتعلق بالذات ايضا ففى صورة لم يؤخذ مثل هذا القيد فى حيز الخطاب فلا باس بالاخذ باطلاق الخطاب لنفى مثل هذا القيد القابل لاخذه فى حيزه بناء على التحقيق كما سيجيء إن شاء الله (٢) من ان مثل هذا القيد ايضا محتاج الى البيان عند دخله فى

______________________________________________________

دخل فى غرضه كذلك لا بد وان يكون داعى القربة متعلقا لارادته غاية الامر انه لا يعقل ذلك بالامر الاول فلا بد من الامر الثانى المتمم للجعل الاول حتى يكون الامر ان فى حكم امر واحد ، فظهر ان توهم سقوط الامر مع عصيان الامر الثانى لا معنى له فان ذلك انما يصح فيما اذا كان الامر ان مستقلين وناشئين عن ملاكين كما اذا فرضنا تعلق النذر بفعل صلاة الفريضة فى المسجد فانه اذا صلاها فى الخارج يسقط الامر الصلاتى وان كان عاصيا بالقياس الى الامر النذرى ويجب عليه الكفارة لا فى مثل ما نحن فيه الذى نشا الامر ان فيه عن ملاك وغرض واحد فيستحيل سقوط احدهما دون الآخر كما ظهر ان عدم السقوط ولزوم الاتيان بداعى الامر من قبل الامر الثانى لا من قبل حكم العقل والزامه لما عرفت ان شانه الادراك لا الالزام فتحصل مما ذكرناه انه فى كل مورد احتمل العقل عدم تمامية الجعل والاحتياج الى امر آخر لا يعقل استقلاله بالاجزاء قطعا وما نحن فيه من هذا القبيل الى آخر كلامه.

(١) واما المحقق العراقى فيتمسك بالاطلاق اللفظى وذلك بعد امكان اخذ الدعوة فى متعلق الامر بوجوبين منشأين بانشاء واحد انه يمكن التمسك باطلاق شخص الخطاب لنفى اعتبار قيد الدعوة فى متعلقة ضرورة ان حال قيد الدعوة حال سائر العقود التى يحتمل اخذ شيء منها فى متعلق الامر غاية الامر ان قيد الدعوة على فرض اخذه فى متعلق الامر لا يكون إلّا بطلبين كما اشرنا اليه وباقى القيود الاخرى يكفى فى اخذها نفس الطلب المتعلق بالمقيد.

(٢) ثم يشير الى ان التمسك بالاطلاق اللفظى مبنى على احد امرين اما كون المرجع هى البراءة عند الشك فى اعتبار قيد الدعوة فى متعلق ، واما كون قيد الدعوة من القيود المغفول عنها اذا قلنا بان المرجع هو الاشتغال عند الشك فى اعتبار شيء فى المأمور به قيدا او جزء.

١٤٩

الغرض (١) وإلّا (٢) فلو بيننا على ان المرجع فى مثلها لزوم الاحتياط بحث يكفى

______________________________________________________

(١) لاحد الوجهين المتقدمين.

(٢) اى وان لم يكن هذا القيد محتاج الى البيان بان قلنا بالاشتغال مع كون القيد غير مغفول عنه فلا يمكن التمسك بالاطلاق المزبور لعدم اجتماع مقدماته التى منها كون المتكلم الحكيم مخلا بغرضه لو لم يبين ما احتمل المكلف دخله فى متعلق التكليف اذ على الفرض ان المكلف غير غافل عن هذا القيد الذى يحتمل دخله فى المأمور به مع كونه ملتزما بالاشتغال عقلا فى موارد الشك بالقيود غير المغفول عنها كما فى المقام لجواز أن يكتفى المولى الحكيم بالزام العقل بالاحتياط فى موارد الشك فلا يكون مخلّا بغرضه لو كان الشى المشكوك فيه دخيلا فى غرضه ولم يصرح بدخله لكفاية حكم العقل بالاتيان به حيث يكون الشى المشكوك بدخله مما يلتفت اليه المكلف غالبا كما هو المفروض ، واما لو كان الشى المحتمل دخله فى المكلف به من الامور المغفول عنها غالبا فلا مانع من التمسك بالاطلاق لنفى اعتباره لاجتماع مقدمات الاطلاق وان قلنا بالاشتغال فى موارد الشك فيما يحتمل دخله فى المكلف به لان كون الشى مما يغفل عنه غالبا يمنع المولى الحكيم من الاتكال على حكم العقل بالاحتياط لان موضوعه الملتفت ومع فرض كون الشيء مغفولا عنه غالبا تمنع الحكمة من الاتكال على حكم العقل بالاحتياط على فرض الالتفات اتفاقا لا خلاله بغرضه فى الغالب كما لا يخفى لهذا تجد من يقول بالاشتغال يتمسك بالاطلاق فى جملة من موارد الشك فى ما يحتمل دخله فى المكلف به ، وربما يقال والذى يقوى فى النظر ان قيد الدعوة بعد انتشار الشريعة بين المسلمين واطلاعهم على خصوصيات تكاليفها من حيث توقف امتثال بعضها على قصد القربة ونحوه فقد صار قيد الدعوة من القيود غير المغفول عنها عند المسلمين فى عهد النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لكثرة ابتلائهم بالتكاليف المقيدة بهذا القيد وعليه لا يبقى مجال للقائل بالاشتغال ان يتمسك بالاطلاق كلاميا كان ام مقاميا فى مثل المقام لما عرفت وسيأتى ان التمسك بالاطلاق المقامى ايضا يتوقف على احد الامرين من البراءة وكون الشى المحتمل دخله فى المكلف به مغفولا عنه لو قلنا بالاشتغال ومع عدمهما لا يمكن التمسك بالاطلاق المقامى ايضا ، واما القائل بالبراءة كما هو المختار عند المحقق الماتن العراقى وعندنا ايضا فهو فى مجال واسع من حيث صحة التمسك بكل من الاطلاقين ، مضافا الى انه سيأتى من المحقق العراقى

١٥٠

لتنجز التكليف بها مجرد تماميّة البيان فى الامر بنفس الذات امكن دعوى عدم اقتضاء اطلاق الخطاب ايضا نفى قيديّته لامكان اتكال الشارع فى بيانه الى حكم العقل بلزوم تحصيله عند تنجز الامر بنفس الذات كما هو ظاهر ، لا يقال ان شخص هذا الخطاب لا محيص من دعوته حتى فى التوصليات نظرا الى ان شأن الامر المولوى باى شيء هو الدعوة غاية الامر لا يكون هذه الدعوة دخيلا فى التوصليات فى المصلحة بخلاف العبادات وما هذا شأنه كيف له اطلاق يشمل حال عدم الدعوة بل مهما تحقق يكون توأما مع الدعوة وان لم يؤخذ مثله فى حيّزه (١) لانه يقال (٢) ان هذه الدعوة التى تكون من لوازم وجوده ربما ليس

______________________________________________________

حتى لو كان غير مغفول عنه وحكم العقل بالاشتغال يجوز التمسك بالاطلاق اللفظى وبه يفرق مع الاطلاق المقامى.

(١) وتوضيح الاشكال الاطلاق انما يتمسك به فيما يمكن اخذه فى المطلق وعدم اخذه ودعوة الامر الى متعلقه هى من شئونه ولوازمه التى لا تكاد تنفك لا عن الامر كما هو واضح ولا عن متعلقه لما بينا سابقا من ان الداعى الى الامر بالشيء هو جعل الداعى الى الاتيان بذلك الشى فمتعلق الامر هى طبيعة الفعل التى جعل المولى داعيا للعبد الى الاتيان بها لا مطلق طبيعته ومعه كيف يتصور امكان الاطلاق فى متعلق الامر ليتمسك باطلاق الخطاب فى مورد الشك ، ولعله اشارة الى اصالة التعبدية الآتي إن شاء الله تعالى.

(٢) وملخصه ان قيد الدعوة يمكن ان يكون دخيلا فى المصلحة التى اوجبت تعلق الارادة بذلك الفعل الذى اشتمل على تلك المصلحة كما انه يمكن ان لا يكون دخيلا فيها والارادة التشريعية دائما تبتع المصلحة سعة وضيقا فى تعلقها بالفعل المراد فالفعل المأمور به وان لم يكن فيه استعداد للاطلاق من ناحية الامر المتعلق به لما ذكر ولكنه فيه مجال للاطلاق والتقييد من حيث الارادة التشريعية التابعة للمصلحة القائمة بالفعل فيمكن التمسك باطلاق المادة لنفى اعتبار قيد الدعوة فى متعلق الارادة اذ لو كان ذلك القيد دخيلا فى المصلحة الموجبة للارادة لاراده ولو اراده لبينه وبما ان الامر كاشف عن الإرادة ومنبعث عنها يصح التمسك باطلاق متعلق الارادة لنفى اعتبار قيد

١٥١

مأخوذا فى المصلحة بل هو من الامور العقلية التى شأن الشارع ليس بيانه وما هو شأنه بيانه هو الدعوة الدخيلة فى المصلحة والعقل لا يحكم بان ما هو من لوازمه عقلا دخيلا فى مصلحة امره مطلقا وح يحتاج بيان هذه الجهة الى اخذه فى حيّز خطابه فمع عدم اخذه يحكم باطلاق الخطاب وتجريده عنه بعدم دخله فى المصلحة فكان ما نحن فيه من هذه الجهة نظير القدرة الملازمة عقلا لفعلية الخطاب ومع ذلك عند تجريد الخطاب عنه يستكشف باطلاق الخطاب عدم دخله فى المصلحة ولئن شئت فعبر فى المقامين باطلاق المادة ايضا فتدبر. ومن هذا البيان (١) ظهر ايضا فساد زعم (٢) عدم جواز التمسك باطلاق الخطاب

______________________________________________________

الدعوة فى متعلق الامر حين تعلق الامر به لا من حيث تعلق الامر به وان شئت قلت كفاية اطلاق الامر من جهة كشفه عن الارادة لاثبات التوصلية وكشف قيام المصلحة والغرض بمطلق وجود المتعلق المجرد عن حيث دعوة الامر فاذا ورد خطاب من الشارع تعلق بعنوان مثل عنوان الخمس او الجماعة فى الصلاة وشك فى توصليته او تعبديته فيوخذ باطلاق الخطاب فى فرض كونه فى مقام البيان ويثبت به اطلاق متعلق الإرادة نعم لا يجرى بالنسبة الى عنوان المأمور به بما هو كذلك نظرا الى ما تقدم من عدم اطلاق فيه حتى فى التوصليات يشمل غير صورة داعوية الامر اذ عليه نقطع بعدم اطلاق دائرة المأمور به حتى فى التوصليات وتخصيصه بالذات المقرونة بداعى الامر ولكن لا يستلزم تضيق دائرة المأمور به وعدم شموله لغير صورة داعوية الامر لتضيق دائرة المراد والمصلحة كما فى التوصليات حيث كان دائرة المصلحة ودائرة المراد فيها اوسع من دائرة المأمور به وح فلا باس باطلاق الخطاب من تلك الجهة لاثبات التوصلية وبالجملة تلك الداعوية تكون بحكم العقل فى مرحلة الامتثال وليس شأن الشارع بيانه والداعوية التى دخيله فى الملاك والمصلحة من شأن الشارع بيانه ولا دخل له حكم العقل اصلا.

(١) من امكان التمسك بالاطلاق لاثبات التوصلية.

(٢) ولعل المراد المحقق النائينى كما تقدم من امتناع اخذ قيد الدعوة قيدا فى متعلق الارادة والمصلحة والامر بالجعل الاول وما يمتنع تقييده يمتنع اطلاقه لان

١٥٢

لدفع قيديّة دعوة الامر ببيان ان هذا ليس تقييدا فى دليل تلك العبادة حتى يدفع باطلاقها ، اذ (١) ذلك الكلام ايضا من فروع زعم ان المنشأ بهذا الانشاء شخص وجوب قائم بموضوعه (٢) وإلّا فعلى ما ذكرنا (٣) فيصلح الخطاب للتقييد به فيكون مثل هذا القيد ايضا قابلا لتقيّد الخطاب الشخص فيدفع ح باطلاقه نعم لو بدل هذا البيان ببيان آخر (٤) من امكان اتكال الشارع فى بيانه الى حكم العقل بلزوم تحصيله عند تنجز الامر والخطاب بنفس الذات كما هو شأن من ذهب الى الاحتياط فى مثل هذه القيود عند الشك لكان امتن اذ قصور الخطاب فى اطلاقه ح من جهة احتمال اتكاله فى بيان القيد الى حكم العقل بلزوم تحصيله (٥) وهذه

______________________________________________________

الاطلاق يقابل التقييد مقابلة العدم والملكة وتوضيح ذلك لان قيد الدعوة لا يكون من قيود متعلق الامر الاول ليكون ناظرا اليه نفيا واثباتا ليؤخذ باطلاقه دليلا على عدم اعتباره فى متعلقه بل هو من قيود الغرض التى استدعى الغرض بيانها بخطاب آخر وح ينتهى الامر الى الاطلاق المقامى فلا بد من احراز احد الامرين المتقدمين فى مقام الرجوع اليه اعنى بهما القول بالبراءة فى مقام الشك بمثل هذه الامور وكون القيد من الامور المغفول عنها اذا لم نقل بالبراءة حيث يكون المرجع هو الاحتياط.

(١) هذا هو الجواب عنه وملخصه ان الاطلاق المقصود فى المقام مقابل للتقييد الممكن فيه وقد سبق ان التقييد الممكن يتصور باحد نحوين احدهما كون المطلوب هى الحصة فيكون التقييد دالا على حدود الحصة المطلوبة لا على دخل التقيد فيها ، وثانيهما كون القيد مطلوبا لمصلحة فيه فى عرض ذات المقيد غاية الامر ان مصلحة القيد والمقيد متلازمتان فى مقام التحصيل والاستيفاء فيطلبان معا بطلبين متلازمين فى الانشاء وعليه يكون الاطلاق فى المقام دالا على عدم كون المطلوب هى الحصة او على عدم كون القيد ذا مصلحة لازمة الاستيفاء فى عرض المقيد وملازمة له.

(٢) وهو وجوب واحد شخصى بسيط.

(٣) من وجوب واحد سنخى المنحل بالافراد العرضية والطولية.

(٤) وهو الذى افاده صاحب الكفاية كما تقدم.

(٥) ولكن ذكر المحقق العراقى فى البدائع ، ص ٢٣٩ ولكن مقتضى التحقيق

١٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ان يفرق بين الاطلاق اللفظى والاطلاق المقامى بعدم كون حكم العقل بالاشتغال مانعا عن التمسك بالاطلاق اللفظى مطلقا بخلاف الاطلاق المقامى لاشتراطه بكون القيد مغفولا عنه على الاشتغال بيان ذلك ان حكم العقل بالاشتغال متوقف على عدم الاطلاق فلو كان الاطلاق منوطا بعدم حكم العقل لزم الدور ولكن الاطلاق وارد على حكم العقل اذ حكم العقل بالاشتغال يكون فى ظرف عدم البيان والاطلاق يكون بيانا بخلاف العكس والسر فيه هو ان كون المتكلم فى مقام البيان الذى هو من مقدمات الحكمة ان كان المراد منه هو بيان مرامه بكل ما يمكن ان يبينه به سواء كان متصلا ام منفصلا حتى مثل حكم العقل المنفصل وان كان فى ظرف الشك فلا تتم مقدمات الحكمة ، وان كان المراد منه كونه فى مقام بيان تمام مرامه باللفظ الصادر منه كما هو ديدن العقلاء فالاطلاق يتم غاية الامر ان الدليل المنفصل ان كان اقوى من المطلق ترفع اليد عنه باقوائية ذلك الدليل واما مثل حكم العقل بالاشتغال فلا يبقى له موضوع بعد تمامية الاطلاق ، وهذا بخلاف الاطلاق المقامى فانه مبنى على احراز كون المولى فى مقام بيان مراده بكل ما يمكن ان يتوصل به الى كشفه ولو كان ذلك حكم العقل فى ظرف الشك ولذا لو اتكل فى بيان مرامه عليه ما نقض غرضه فتمامية هذا الاطلاق متوقفة على ما ذكرنا من احد الامرين وبهذا يفارق مع الاطلاق اللفظى انتهى والحاصل ان مجرد عدم التمكن من اخذه قيدا فى المأمور به لا يمنع عن اطلاقه حتى فى فرض تمكنه من الاتيان بامر مستقل متصل بالكلام كيف وان للمولى ح بيان مثل هذه القيود التى لها الدخل فى تحقق غرضه ومرامه ولو بامر آخر متصل بالكلام وإلّا لتحقق الاخلال منه بغرضه ، وذكر فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١١٤ نعم يمكن ان يقال ان كلما يحتمل بدوا دخله فى امتثال امر وكان مما يغفل عنه غالبا للعامة كان على الامر بيانه ونصب قرينة على دخله واقعا وإلّا لاخل بما هو همه وغرضه واما اذا لم ينصب دلالة على دخله كشف عن عدم دخله وبذلك يمكن القطع بعدم دخل الوجه والتميز فى الطاعة بالعبادة حيث ليس منهما عين ولا اثر فى الاخبار والآثار وكانا مما يغفل عنه العامة وان احتمل اعتباره بعض الخاصة الخ. بقى شيء وهو ان الاطلاق اللفظى لو تم على القول به هل يكون اطلاق الصيغة بمادتها او بهيئتها يظهر من صاحب الكفاية الاول قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١١٢ انه لا وجه لاستظهار التوصلية من اطلاق الصيغة

١٥٤

الجهة غير مرتبط بعالم عدم قابلية للتقيد كى يرد عليه ما ذكرنا فتدبر هذا كله حال الاطلاقات لفظيا وفى المقام تقريب آخر للاطلاق (١) بدعوى ان هذا القيد لما

______________________________________________________

بمادتها الخ وكان فى تعبير المحقق العراقى ايضا باطلاق المادة كما يظهر من المحقق الاصفهانى ايضا وكذا المحقق النائينى بان الاطلاق تدل على عموم المتعلق وهو الصحيح ايضا ولعله اتكلوا على وضوحه فانه لا معنى لاستظهار التوصلية وعدم اعتبار قصد القربة فى مورد الشك من اطلاق الصيغة بهيئتها فان مفاد الهيئة هو الطلب وقصد القربة على تقدير اعتباره فى العبادات شرعا هو من قيود المادة نظير الستر والطهور والقبلة ونحوها للصلاة لا من قيود الهيئة اى الوجوب والطلب نعم لو شك فى ثبوت قيد للطلب بان شك ان الطلب الوجوبى او الندبى هل هو مطلق ثابت على كل حال او مقيد ثابت على تقدير دون تقدير فعند ذلك يتمسك باطلاق الصيغة بهيئتها لا بمادتها ـ لكن يظهر من بعض الكلمات التمسك باطلاق الهيئة قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٨ فان قلت اطلاق الهيئة عرفا يدل على ان المتعلق تمام المقصود وهو متعلق الغرض فيفيد التوصلية فحمله على التعبدية وان الامر تمهيد وتوطئه لتحقق موضوع الغرض خلاف الظاهر قلت هذا ان نسب الى بعض الأجلة (وهو السيد المحقق الاصفهانى) قدس‌سره ولكن مبنى على تخيل اخصية الغرض وحيث عرفت ان ذات الفعل وافٍ بالغرض وان الشرائط دخيلة فى ترتب الغرض على ما يقوم به تعرف عدم اخصية الغرض وعدم كون الامر تمهيدا وتوطئه فان قلت اطلاق الهيئة يقتضى التعبدية لان الوجوب التعبدى هو الوجوب لا على تقدير خاص بخلاف الوجوب التوصلى فانه وجوب على تقدير عدم الداعى من قبل نفس المكلف قلت الايجاب الحقيقى جعل ما يمكن ان يكون داعيا لا جعل الداعى بالفعل حتى يستحيل مع وجود الداعى الى الفعل من المكلف ولذا صح تكليف العاصى وان كان له الداعى الى خلافه انتهى ويمكن ان يرجع القيد الى المادة ويشملها اطلاق الامر.

(١) قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١١٢ فانقدح بذلك انه لا وجه لاستظهار التوصلية من اطلاق الصيغة بمادتها ولا لاستظهار عدم اعتبار مثل الوجه مما هو ناش من قبل الامر من اطلاق المادة فى العبادة لو شك فى اعتباره فيها نعم اذا كان الامر فى مقام بصدد بيان تمام ما له دخل فى حصول غرضه وان لم يكن له دخل فى متعلق امره ومعه سكت فى المقام ولم ينصب دلالة على دخل قصد الامتثال فى حصوله كان هذا

١٥٥

كان مغفولا عنه عند العرف فى محاوراتهم فعند تجريد الخطاب منه لا ينسبق الى اذهانهم الا كفاية مجرد الاتيان بالمأمور به فى الوفاء بالغرض ففى هذه الصورة لو لم ينبّه المولى الى القيد لنقض غرضه فالعقل يحكم ح بعدم دخله فيه ، ومثل (١) هذا التقريب يسمى فى كلماتهم بالاطلاق المقامى وهو اوسع (٢) من التقريب

______________________________________________________

قرينة على عدم دخله فى غرضه وإلّا لكان سكوته نقضا له وخلاف الحكمة الخ والمراد من الوجه هو نية الوجوب او الندب فى صحة العبادة ومثله التمييز بين الواجب من الاجزاء وغيره ، وذكر المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١٦ ثم لا يخفى ان تمامية الجعل وعدمها انما تعلم من الخارج فتارة يدل الدليل على وجود الامر الثانى وان غرض المولى مترتب على فعل المأمور به مع قصد القربة فيفيد الامر الثانى نتيجة التقييد وان الامر الاول لا يسقط بمجرد الفعل كيفما اتفق واخرى يدل الدليل على عدم وجود الامر الثانى وان الجعل لا يحتاج الى متمم فيكون النتيجة نتيجة الاطلاق هذا بالاضافة الى متعلق الامر واما بالاضافة الى موضوع التكليف فتارة يدل الدليل على ان غرض المولى مترتب على الفعل من كل مكلف عالم او جاهل فيكون النتيجة نتيجة الاطلاق كما دلت ادلة اشتراك المكلفين فى التكليف على ذلك واخرى يدل الدليل على ان الغرض مترتب على فعل العالم دون الجاهل كما فى القصر والاتمام او الجهر والاخفات فيكون النتيجة نتيجة التقييد وعلى هذا فاذا كان المولى فى مقام بيان اظهار تمام جعله ومع ذلك لم يأمر بقصد القربة فيستكشف من هذا لاطلاق المسمى بالاطلاق المقامى تمامية الجعل الاول وعدم احتياجه الى جعل المتمم ثانيا فيكون النتيجة كما فى الاطلاق الكلامى الخ ، وذكر المحقق العراقى ايضا فى النهاية ، ص ١٩٩ ، ج ١ ، يكفينا ح الاطلاقات المقامية بناء على كون مثل تلك القيود من القيود المغفول عنها عند عامة الناس اذ يستكشف بها ايضا عن عدم دخل داعى القرب فى ما هو مرامه وغرضه الخ.

(١) ثم بين الفرق بين الاطلاق اللفظى والمقامى فى المقام بجهتين.

(٢) الجهة الاولى ان الاطلاق المقامى يجرى حتى لو قلنا بان الامر الدال عليه الانشاء امرا واحد شخصيا ولا يمكن بيان القيد بالامر فيمكن التمسك بالاطلاق المقامى وهو المعبر عنه بالاوسعية من الاطلاق اللفظى لانه يختص بما اذا كان دالا

١٥٦

الاول الراجع الى الاطلاق اللفظى من جهة واضيق منه من جهة ، وجه اوسعيّته انه يجرى حتى على مسلك من جعل مفاد الخطاب حكما شخصيا غير قابل للاطلاق كعدم قابلية للتقيد حيث انهما متضايفان (١) ووجه اضيقيته (٢) بملاحظة اختصاصه بامور يكون غالبا مغفولا عنه عند العرف وإلّا فلا مجال لاتمام هذا التقريب ، وح ربما امكن الجمع بين كلمات شيخنا العلامة فى رسائله حيث منع من الاخذ بالاطلاقات فى مقام واتكل بها فى مقام آخر يحمل الاول على اللفظى والآخر على المقامى على ما وجه به بعض الاعظام من المحشين ، ولكن الذى يمكن ان يقال على التقريب الثانى (٣) هو ان ذلك صحيح فى كل اطلاق وارد قبل

______________________________________________________

على سنخ الحكم وتعدد الامر كما تقدم.

(١) تقدم الاشارة الى ذلك فى ان التقابل بين الاطلاق والتقييد هو التضايف او العدم والملكة وسيأتى مفصلا فى باب المطلق والمقيد.

(٢) الجهة الثانية يعتبر فى الاطلاق المقامى ان يكون القيد مغفول عنه كما مر مرارا.

(٣) وهو الاطلاق المقامى فالعمدة اثبات ان هذا القيد من القيود المغفول عنها عند عامة الناس ، وتقدم ان الريا من الامور الغير المغفولة عند الناس وفيه ان فى مورد الشك فى التعبدية يكون القيد من المغفول عنه وإلّا لم يشك فيه ايضا يكون مجال الاطلاق المقامى باق ولا يكون بمنزلة القرينة العقلية المتصلة جزما بمجرد انه غير مغفول عنه فى سائر الموارد نعم قصد الوجه والتمييز من الامور المغفولة عنها كما مر. ثم ان استادنا الآملي نقل عنه فى المجمع ، ج ١ ، ص ١٧١ ان المحقق الخراسانى حيث لم يكن الاطلاق اللفظى عنده بمرضى سواء كان بامر واحد او امرين تصدى لاثبات اطلاق ذاتى وهو ان الخطاب اذا كان فى نفسه السريان ولم يكن لحاظه يكفى كما فى الاوامر المتوجهة الى الناس فان اشتراك العالم والجاهل فى ذلك يكون من اجل ان ذاته السريان وحيث لا يمكن ان يكون العلم بالخطاب من شرائط التكليف لان اللازم منه الدور فان العلم بالخطاب متوقف عليه ضرورة انه ما لم يكن الخطاب لم يكن العلم به حاصلا وهو متوقف على العلم به ففى المقام ايضا حيث لا يمكن اخذ قصد الدعوة

١٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فى متعلق التكليف لان اللازم منه الدور يكون للخطاب سعة بانه سواء كان مع القصد او بدونه يكفى والنسبة بين الاطلاق والتقييد هو التضاد لا العدم والملكة حتى يكون المطلق ما من شأنه ان يكون مقيدا بل ما يكون فيه السريان الذاتى ولو لم يكن قابلا للتقييد يكفى للاطلاق وبعض الاعيان اجاب عن ذلك (فى نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٣٧ وسيأتى) ولكنا نقول ان الدور يكون فى جميع المراتب من المصلحة والارادة والامر كما مر من عدم امكان اخذ ذلك فى الخطاب إلّا بنحو الانحلال فالحق مع المحقق الخراسانى انتهى وبالفعل عجالة لم اجد ذلك فى الكفاية ولعله فى حاشيته على الفرائد قال المحقق الاصفهانى ، ج ١ ، نهاية ص ١٣٧ ليس الاطلاق ماخوذا فى موضوع الحكم بل لتسرية الحكم الى تمام افراد موضوعه فالموضوع نفس الطبيعة الغير المتقيدة بشيء مع انه من حيث الاستحالة ايضا كذلك لان الارسال حتى من هذه الجهة المستحيلة يوجب جميع المحاذير المتقدمة فان قلت كما ان اطلاق الهيئة ذاتا فى مسألة مشمول كل حكم للعالم والجاهل دليل على الشمول فليكن اطلاق المادة ذاتا هنا دليلا على عموم المتعلق فلا حاجة الى الاطلاق النظرى والتوسعة اللحاظى بل يكفى الاطلاق الذاتى وان كان منشؤه عدم امكان التقييد النظرى والتفهيم اللحاظى قلت نفس امتناع توقف الحكم على العلم او الظن به او الشك فيه كامتناع دخل تعلق احدى الصفات به فى ترتب الغرض الباعث على الحكم دليل على عدم دخل احدى الصفات فى مرتبة من المراتب لا اطلاق الهيئة ذاتا فنفس البرهان الجارى فى جميع المراتب دافع للتردد البدوى الحاصل للغافل بخلاف ما نحن فيه فان عدم تقييد متعلق الامر والإرادة معلوم بالبرهان واما دخله فى الغرض وفى الخروج عن عهدة الامر فلا والاطلاق النظرى القابل لدفع الشك ممتنع وعدم التقييد مع تسليم امتناعه لا يكشف عن عدم دخله فيما ذكر ولا برهان كما فى تلك المسأله على امتناع دخل داع الهى فى الغرض انتهى. هذا كله فى اصالة التوصلية ، واما اصالة التعبدية فذكر المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٥٦ وعلى كل حال لا موقع لاصالة التوصلية كما انه لا موقع لاصالة التعبدية نظرا الى ان الامر انما يكون محركا لارادة العبد نحو الفعل ولا معنى لمحركية الامر سوى كون الحركة عنه اذ لو لا ذلك لما كان هو المحرك بل كان المحرك هو الداعى الآخر والحاصل ان الامر بنفسه يقتضى ان يكون محركا للارادة نحو الفعل

١٥٨

معهودية العبادات فى شرعنا وإلّا فبعد معهوديتها لا يبقى للغفلة عن مثل هذا القيد

______________________________________________________

فاذا كانت حركة العبد نحو الفعل لمكان الامر كان الامر محركا وإلّا لم يكن الامر محركا وهذا خلف لما فرض ان الامر هو المحرك ولا نعنى بقصد الامتثال سوى كون الحركة عن الامر ، ولكن لا يخفى عليك ما فيه اما اوّلا فلان ذلك يقتضى انحصار التعبدية بقصد الامر كما هو مقاله صاحب الجواهر والحال انه لا ينحصر التعبدية بذلك ، وثانيا ان ذلك مغالطه لان الامر انما يكون محركا نحو الفعل واما كون هذه الحركة عنه وبداعيه فهو امر آخر لا يمكن ان يكون الامر متعرضا له والحاصل ان الامر لا يكاد يكون متعرضا لدواعى الحركة وانه عنه او عن غيره فان الامر يدعو للفعل واما دواعى الفعل فلا يكون الامر متكفلا له انتهى ـ وفيه اما عن الاول فان المصلحة الملزمة ايضا داع للمحركية للفعل فلا يوجب الانحصار بداع الامر ـ وعن الثانى ان الامر اذا كان محركا نحو الفعل فالفعل منبعث ومتحرك منه نظير الفعل والانفعال فلازمه اتيان العمل بداع الامر فيكون على زعم الخصم عباده فالصحيح فى الجواب ما تقدم فى شرح كلام محقق الماتن فراجع ثم قال المحقق النائينى بعد ذلك كما ان دعوى اصالة التعبدية من جهة دلالة قوله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ) وقوله (ص) انما الاعمال بالنيات وغير ذلك التى استدلوا بها على اعتبار التعبد فى الاوامر واضحة الفساد لوضوح ان قوله تعالى (وَما أُمِرُوا) انما يكون خطابا للكفار كما يدل عليه صدر الآية ومعنى الآية ان الكفار لم يأمروا بالتوحيد الا ليعبدوا الله ويعرفوه ويكونوا مخلصين له غير مشركين وهذا المعنى كما ترى اجنبى عما نحن فيه مع انه لو كان ظاهرا فيما نحن فيه ولم يكن المراد الريا فى العمل لكان اللازم صرفه عن ذلك لاستلزام تخصيص الاكثر لقلة الواجبات التعبدية بالنسبة الى الواجبات التوصلية فتأمل فانه لو عمم الامر للمستحبات لامكن منع اكثرية التوصليات بالنسبة الى التعبديات لو لم يكن الامر بالعكس لكثرة الوظائف التعبدية الاستحبابية ، واما قوله (ص) انما الاعمال بالنيات وسائل باب ٥ مقدمه العبادة ح ٧ فهو لا دلالة له على المقام فان مساقه كمساق لا عمل إلّا بالنية وليس فيه دلالة على ان كل عمل لا بد فيه من نية التقرب بل معناه ان العمل المفروض كونه عبادة لا يقع إلّا بالنية او يكون معناه كمعنى قوله (ص) لكل امرئ ما نوى وعلى اى حال لا دلالة فى الاخبار والآيات على اعتبار قصد الامتثال فى الاوامر الخ ، وهذا هو الحق ايضا.

١٥٩

مجال ومجرد عدم معهوديته فى محاوراتهم لا يقتضى الغفلة عنها فى الشرعيات بعد فرض معهوديته عباداته وح لا يكون فى البين الا الاطلاقات اللفظية بالتقريب المتقدم على المبنى المقدم كما لا يخفى هذا كله بمقتضى الدليل الاجتهادى واما بحسب الاصول العملية (١) فنقول انه قد يتوهم (٢) بان المرجع فى المقام هو الاحتياط وان بيننا على البراءة فى الاقل والاكثر (٣) نظرا الى

______________________________________________________

(١) وقع الكلام فى مقتضى الاصل فى المقام على قولين ذهب صاحب الكفاية الى الاشتغال والمحققين الى البراءة فانه بناء على امكان اخذ قصد الامتثال فى متعلق الامر يكون حال الشك فى التعبدية حال الشك فى الاقل والاكثر الارتباطى فكما يمكن ان نقول بجريان البراءة عقلا ونقلا فى الاكثر الارتباطى كذلك يمكن ان نقول بجريانها فى التعبدية وان قلنا بجريان البراءة نقلا فقط كذلك المقام واما على القول بامتناع اخذ قيد الدعوة فى متعلق الامر فتقريب الاشتغال على وجوه.

(٢) منها ما افاده فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١١٣ فاعلم انه لا مجال هاهنا إلّا لاصالة الاشتغال ولو قيل باصالة البراءة فيما اذا دار الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين وذلك لان الشك هاهنا فى الخروج عن عهدة التكليف المعلوم مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها فلا يكون العقاب مع الشك وعدم احرام الخروج عقابا بلا بيان والمؤاخذة عليه بلا برهان ضرورة انه بالعلم بالتكليف تصح المؤاخذة على المخالفة وعدم الخروج عن العهدة لو اتفق عدم الخروج عنها بمجرد الموافقة بلا قصد القربة وهكذا الحال فى كل ما شك دخله فى الطاعة والخروج به عن العهدة مما لا يمكن اعتباره فى المأمور به كالوجه والتمييز الخ.

(٣) والضابط فى الرجوع الى البراءة او الاشتغال فان البراءة انما تكون فى مورد كان الشك فى اصل التكليف والاحتياط فى مورد كان الشك فى سقوط التكليف المتعلق بالعمل والخروج عن عهدة امتثاله باتيان المشكوك وح فلا بد بحكم العقل الجزمى باقتضاء الاشتغال اليقينى بالشيء للفراغ اليقينى عنه من الاحتياط وتحصيل الجزم بالفراغ.

١٦٠