نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

المقابل للتوصلى عبارة عما جعلت من وظائف العبودية ومن ابزاره وكانت مما بها يتخضع العبد لمولاه كتقبيل اليد والقيام فى حضوره او السجدة له وامثالها المعمولة عند العرف لمواليهم مع امضاء الشارع ايّاهم فى اصل الوظيفة فربما (١) ينفك مثل هذه الامور عن القربية غاية الامر (٢) هى مقتضيات للتقرب بها الى المولى لو لا نهيه عنها وإلّا فمع نهيه يخرج عن القربية (٣) ولكن مع ذلك لا يخرج عن كونها من وظائف العبودية غاية الامر هذه الوظيفة فى مورد خاص وبجهة خاصه مبغوضة للمولى ومنهى عنه وح يخرج عن القربية لا عن كونها عبادة وعن كونه وظيفة العبد من حيث خضوعه لمولاه (٤) والى هذا المعنى (٥) ايضا نظر من تصور حرمة العبادة مولويا (٦)

______________________________________________________

بنفسه مع قطع النظر عن تعلق الامر به يكون عبادة او يكون عباديته متوقفة على الامر به لكونه بنفسه غير عبادة بل عباديته انما هى باتيانه بداعى الامر الى آخر كلامه.

(١) ومن آثار هذا القسم ـ اى القسم الثانى ـ هو كون الفعل مقربا من المتعبد له فهو يفتقر الى عدم كونه منهيا عنه اذ يجوز ان تكون مثل هذه العبادة مبغوضه للمتعبد له لما فيها من المفسدة مع كونها عبادة بالفعل فمثل هذه الامور ، يجتمع حيث عباديتها مع مبغوضيتها للمولى.

(٢) هذا هو الفارق الثانى بين القسم الثانى والقسم الاول فان القسم الثانى فيها اقتضاء المقربية بنفس اتيانها لمولاه من دون اعتبار قصد كونها بداعى امره بخلاف القسم الاول فان مقربيتها تحتاج الى توجه الامر بها واتيانها بداعى امرها حتى يصير مصداقا للطاعة ومنطبقا عليه.

(٣) تقدم فى الفارق الاول وان فى هذا القسم اى الثانى يحتاج فى مقربية هذه الامور فعلا ان لا يكون مخلا بغرض المولى من جهة اخرى ومبغوضا فعليا للمولى وإلّا فلا يكاد يصلح مثلها للمقربية بوجه اصلا كما فى صلاة الحائض.

(٤) لان الركوع والسجود خضوع للمولى وعبادة له ببناء العقلاء.

(٥) من ان النهى فى هذا القسم يخرج عن المقربية لا العبودية الفعل.

(٦) كما فى صلاة الحائض فتكون حراما لما فيه المفسدة كحرمة شرب الخمر

١٠١

لا تشريعيا محضا ففى (١) مثل هذه الصورة امكن تصور قيام المصلحة بنفس ذات هذه الوظيفة المجامعة حتى مع المفسدة الطارية عليه من العوارض الخارجية ، ولازمه ح امكان استيفاء المصلحة به حتى مع اتيانه محرّما نظير التوصليات التى لم يكن شأنها كونها من وظائف العبودية ولا يسمى عبادة حتى مع الامر بها وح لا يكون سقوط الامر بها منوطا بقربيتها ، ولئن شئت توضيح المرام بازيد من ذلك فاسمع بان ملاك عبادية العمل قبال التوصليات تارة (٢) بكونها اطاعة لامره التى يكون مقربيته ذاتية على وجه يستحيل انفكاكه عن المقربية ، وتارة (٣) بكونها من ادوات الخضوع لمولاه وفى هذا الصنف ليست مقربيتها ذاتيه بل هى مقتضاة للتقرب لو لا نهى مولاه عنه فمع نهى المولى لا يخرج عن كونه خضوعا ايضا ولا عن كونها من ابراز العبودية ولكن يخرج عن كونها مقربا ومن (٤)

______________________________________________________

لا تشريعية بعدم جعل الحرمة لها وانما يحرم بعنوانه الثانوى وهو نسبة ما ليس من الدين الى الدين.

(١) الفارق الثالث بينهما ان فى القسم الاول بالامر يكشف عن وجود المصلحة لا غير ولو كانت فى الواقع مفسدة فى مرحلة الجعل كانت مرجوحة بالنسبة الى المصلحة بخلاف القسم الثانى فانه تكون المصلحة فى عرض المفسدة عند ما طرف النهى من العوارض الخارجية ولذا يمكن استيفائها كما فى باب التوصليات ولذا لو صلى فى مكان المغصوب عن جهل يكون صلاته صحيحة لحصول القربة وعدم تنجز النهى.

(٢) وهو القسم الثانى المتقدم.

(٣) وهو القسم الاول المتقدم.

(٤) الفارق الرابع بينهما انه على القسم الثانى يختص بخصوص بعض الاعمال المجعولة آلة للخضوع وللعبودية ولا يجرى فى جميع الاعمال بخلافه على القسم الاول فانه لا اختصاص له بعمل دون عمل بل يجرى فى جميع الاعمال التى امر المولى

١٠٢

شأن هذا الصنف (١) ايضا عدم جريانها لا فى مجعولات مخصوصة عرفية وشرعية ولا يكاد ينطبق على كل عمل ولو كانت مأمورا بها بخلاف (٢) عنوان الطاعة فانه يجرى فى كل عمل امر به بلا اختصاصها بعمل دون عمل ، كما (٣) ان من شئون الصنف الاوّل (٤) ايضا قابلية صدورها عن النائب بل (٥) ويصدر عمن يقصد عمله عن قبل غيره مع رضا الغير به ولو تقديرا بلا انشاء توكيل منه ولا امره فيصير حينئذ هذا العمل مقربا لغيره إلّا (٦) ان ينهى الغير اياه عن اتيانه من قبله فانه

______________________________________________________

بها فان اطاعة المولى من لوازم العبودية.

(١) وهو القسم الثانى المتقدم.

(٢) القسم الاول المتقدم.

(٣) الفارق الخامس بينهما انه على القسم الثانى يمكن استنابة انسان فى اتيانها عن غيره ضرورة ان العقلاء يعدون من استناب عن غيره عنه فى تقبيل يد من يريد ان يعظمه انه قد عظمه بهذا التقبيل المنوى به النيابة عنه بل يتحقق تعظيمه اياه ولو لم يستنبه بالتقبيل المذكور اذا فعله المقبل ناويا به النيابة عن الغير وكان ذلك المنوب عنه راضيا بهذه النيابة المتبرع بها.

(٤) وهو العباد الجعلية.

(٥) هذا ترق بانه ربما لا يحتاج الى الامر ايضا فيتقرب بعمل غيره عنه تبرعا بمحض رضائه بذلك وان لم يكن بتسبيب منه كما لو خضع احد لزيد وقبل يده عن قبل الغير فانه بمحض رضاء ذلك الغير بهذا الخضوع عن قبله يقع ذلك خضوعا له لا للفاعل فكان الفاعل بمنزلة الآلة لايجاد ما هو خضوع الغير من دون استناد لهذا الخضوع الى شخص الفاعل بوجه اصلا.

(٦) نعم يستثنى صورة واحدة وهو ما لو كان ناهيا له عن النيابة فلا يكون ما يفعله النائب من التعظيم من تعظيم المنوب عنه تبرعا لانه لا بد من اضافة هذا النحو من العبادة الى شخص معين ومع قطع الاضافة التى تبرع بها النائب عن غيره بنهيه اياه عنها لا تقع العبادة المزبورة مضافة الى احد فلا تكون عبادة من ناحية المنوب عنه بل يمكن ان نقول انها لا تقع عبادة مطلقا لان المنوب عنه قد قطع اضافتها بالنهى عنها و

١٠٣

ح لا يكون مقربا له لمنع صدق الخضوع منه ايضا وهذا (١) بخلاف الصنف الثانى (٢) فان حقيقة الاطاعة من المنوب لا يكون إلّا بكون المنوب مأمورا بعمل غيره ولو تسبيبا وإلّا فمع عدم التسبب وعدم اضافه ايجاد العمل اليه ولو تسبيبا لا يكاد يحصل له التقرب لعدم صدق الاطاعة على مثله فى حقه (٣) بل ولا يكون هذه العمل مقربا للنائب ايضا لعدم امر متعلق بالنائب و (٤) مجرد تنزيل

______________________________________________________

النائب لم يقصد اضافتها عن نفسه فتكون من قبيل ما قيل ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد.

(١) واما القسم الاول وهو العبادة الذاتية فلا يمكن نيابة الغير بها عن غيره لعدم امكان صدور الفعل من النائب او المنوب عنه باحد الدواعى القربية اما المنوب عنه لم يكن مأمورا بهذه العبادة مباشرة وتسبيبا لتكون استنابه او استنابه وكيله او وصية تسبيبا منه الى فعله لموته واما النائب فلانه ليس مأمورا بهذه العبادة نيابة عن غيره ليكون الامر بها مصححا لعباديتها ولا ان الفعل محبوب للمولى او ذو مصلحة ترجع اليه ليتسنى له اتيانه بها بداعى المحبوبية المصلحة.

(٢) وهى العبادة الذاتية.

(٣) اى فى حق النائب اذا الامر المتعلق بالعبادة على الفرض انما هو متوجه الى المنوب عنه دون النائب ومعه كيف يمكن صدورها عن النائب بداعى امرها لعدم صلاحية الامر للداعوية بالنسبة الى غير من توجه اليه ، والمفروض ان المنوب عنه ميّت ولا امر له.

(٤) اشارة الى توهم وهو انه كذلك لو لا دليل التنزيل وإلّا فبملاحظة دليل التنزيل لا اشكال فى البين لانه بتنزيل نفسه منزلة المنوب عنه يتوجه امره اليه من جهة صيرورته هو اياه بهذا الاعتبار وح فيأتى بالعبادة بدعوة هذا الامر المتوجه اليه ويكون عمله مقربا للمنوب عنه وهذا من الشيخ الاعظم الانصارى فى المكاسب ، ص ٦٥ وتبعه المحقق النائينى فى منية الطالب ، ج ١ ، ص ١٨ وغيره قال الشيخ الانصارى متى جعل نفسه بمنزلة الغير وعمل العمل بقصد التقرب الذى هو تقرب المنوب عنه بعد فرض النيابة انتفع المنوب عنه سواء فعل النائب هذه النيابة بقصد الاخلاص فى امتثال اوامر النيابة عن المؤمن ام لم يلتفت اليها اصلا ـ الى ان قال ـ فالصلاة الموجودة

١٠٤

النائب نفسه منزلة المنوب لا يقتضى (١) توجه امره اليه حقيقة بل غاية الامر ادعاء الامر فى حقه بالعناية والتنزيل وهو لا يجدى الا فى ادعاء مقربيته و

______________________________________________________

فى الخارج على جهة النيابة فعل للنائب من حيث انها نيابة عن الغير وفعل للمنوب عنه بعد نيابة النائب يعنى تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه فى هذه الافعال وبهذا الاعتبار يترتب عليه الآثار الدنيوية والاخروية لفعل المنوب عنه الذى لم يشترط فيه المباشرة الى آخره وقال فى الثانى فان الامر العبادى متوجه الى المنوب عنه والامر الاجارى الى النائب ولا يتحد متعلقهما وان اجتمع العنوانان فى الخارج فى مصداق واحد ـ وانما يقع الاجرة بازاء قصد النائب النيابة فى عمله ـ الى ان قال ـ فان داعى المتبرع عنه هو امر الله سبحانه المتوجه اليه اما ببدنه او ببدنه التنزيلى وداعى المتبرع هو تنزيل نفسه منزلة غيره ونيابة عنه الى آخر كلامه ففيه مضافا الى ان فى رواية عبد الله بن سنان قال كنت عند ابى عبد الله عليه‌السلام اذ دخل عليه رجل فاعطاه ثلاثين دينارا يحج بها عن إسماعيل الخ ظاهره اتيان العمل عوضا عن الغير وبدلا عنه كاداء الدين عنه وليس تنزيل اصلا هو الجواب الآتي.

(١) هذا هو الجواب عنه وهو ان مجرد التنزيل لا يوجب توجه امره اليه حقيقة وان نزل نفسه منزلته الف مرة بل وانما غايته هو توجه مماثل الامر المتوجه الى المنوب عنه اليه وفى مثل ذلك نقول بان اتيانه بداعى هذا الامر لا محاله لو اثر لكان مؤثرا فى مقربية نفس النائب دون المنوب عنه لانه فى الحقيقة يكون هو المكلف بالعبادة وفى مثله يستحيل مقربية عمله للمنوب عنه حقيقة فعليه يكون ايراد آخر وهو ان العبادة التى يأتى بها النائب كيف يحصل القرب منها للمنوب عنه مضافا الى ان التنزيل بعد ما لم يكن حقيقيا وكان ادعائيا انما يقتضى ذلك لو كان صادرا ممن له جعل الاحكام والآثار لكونه طريقا الى ذلك عرفا اما لو كان صادرا من غيره فلا يقتضى ذلك اصلا فتنزيل نفسه منزلة العمر ولا يقتضى جواز وط زوجته ووجوب نفقة زوجته والتصرف فى امواله وصحة طلاقه لزوجاته ونحو ذلك مما لعمرو من الاحكام التكليفية والوضعية ولا يخفى ان الكلام فى مرحلة الثبوت اما مقام الاثبات يكون من المحرز بالاجماع والضرورة من الدين والروايات صحة النيابة والاستيجار وعلى اى حال يكون مورد الاشكال ثبوتا واجابوا عنه بوجوه منها محقق العراقى قدس وسيأتى منه مفصلا ومنها ما تقدم ولعله سيأتى غيرهما ايضا.

١٠٥

تنزيله منزلة المقرب وهذا التنزيل لا اثر له عند العقل فى حكمه باستحقاق المثوبة بل ومورد حكمه هذا ليس إلّا مورد صدق الاطاعة حقيقة والمقربية واقعا (١) ومن هنا نقول ان النيابة فى العبادات لا يتصور إلّا فى الصنف الاول (٢) كما هو شأن كل عبادة وإلّا ففى الصنف الثانى لا مجال لمقربية العمل للمنوب عنه بل ولا للنائب كما عرفت آنفا (٣) وبعد هذه البيانات (٤) ووضوح ان العبادة

______________________________________________________

(١) لنفس النائب.

(٢) وهى العبادات الجعلية فكان النائب اذا اتى بما هو آلة الخضوع ولو بجعل الشارع كالصلاة والصوم والحج والزيارة والطواف بالبيت لوجهه سبحانه عن قبل الغير يقع هذه الخضوعات حقيقة لذلك الغير وكان هو المتقرب بعمل النائب لكن مع تسبيبه اياه فى ايجاد تلك الخضوعات عن قبله ولا اقل من رضائه بذلك ففى الحقيقة مقربية هذه الخضوعات الغير منوطة بامرين احدهما خضوع الغير لله سبحانه عن قبله وثانيهما رضاء ذلك الغير وطيب خاطره به بحيث لو كان مكرها فيه لما كان العمل عبادة له ولما كان متقربا به فاذا تحقق الامر ان المزبور ان يقع القرب لا محالة لذلك الغير وعليه فلا يرد اشكال فى باب النيابة فى العبادات وسيأتى توضيح ذلك إن شاء الله.

(٣) والتفصيل بازيد من ذلك موكول الى محله.

(٤) من القسمين فى العبادة والفارق بينهما ـ والفارق السادس هو انه فى الوظائف الجعلية يكفى فى مقربيتها مجرد اتيانها لله بلام الصلة واما فى الوظائف الذاتية فلا يكفى هذا المقدار فى مقربيتها بل لا بد فى مقربيتها من اتيانها بداعى امرها وجعل الله سبحانه غاية عمله الراجع الى كون عمله راجحا ومحبوبا عند المولى هذا اذا احرز كونها من قبيل الوظائف الجعلية وإلّا فمع الشك فيها من انها من قبيل القسم الاول الذى قوام عباديته بتعلق الامر بذاته او من قبيل القسم الثانى الذى فيه اقتضاء المقربية بنفس اتيانها لمولاه من دون قصد كونها بداعى امره يشكل جواز الاكتفاء بها باتيانها لمولاه من دون قصد كونها بداعى امر مولاه نعم غاية ما هناك ح فى احراز كونها من قبيل الاول انما هو التشبث بمثل ادلة النيابة فى موارد ثبوت مشروعيتها فى ابواب العبادات وذلك بالكشف منها بنحو الإنّ عن كونها من الوظائف المجعولة ولو بجعل الشارع آلات الخضوع والعبودية.

١٠٦

القابلة للصدور عن النائب منحصرة بالعبادة بالمعنى الاول نقول (١) انه لو كان المراد من التعبدى فى قبال التوصلى مطلق التعبدى (٢) القابل للصدور عن النائب ايضا (٣) امكن فى مثله دعوى (٤) امكان عدم اناطة الغرض القائم به بقربيته وعدم ملازمة التعبد به مع القربية كما اشرنا ولو كان (٥) المراد من التعبدى خصوص ما كانت عبوديته باطاعة امره ولو لم يكن العمل بذاته من وظائف العبودية فلا محيص (٦) ح الا من ادخال ما هو صادر من النائب المقرب للمنوب عنه فى التوصليات اذ ح كلما لم يكن تقربه الا باطاعة امره فهو من التوصليات لعدم واسطة بين التعبدى والتوصلى وحيث (٧) لا اظن التزام ذلك من احد فلا محيص من اختيار الشق الاول (٨) ولازمه ح كما عرفت عدم ملازمة

______________________________________________________

(١) وبعد بيان هذه الجهة يرجع الى وجه الفرق بين التعبدى والتوصلى الذى قد تقدم.

(٢) اى ان كان المراد من التعبدى هى العبادة الجعلية.

(٣) الذى تقدم يمكن صدوره من النائب.

(٤) اى ينتقص تعريف التعبدى بانه ما توقف حصول الغرض من التعبد به على قصد التقرب به ، طرده بالسجود لله تعالى فى المكان المغصوب فانه لا ريب فى كونه عبادة مع عدم توقف حصول الغرض العبادى منه على التقرب لحصول الغرض من العبادة بالسجود لله تعالى وان كان منهيا عنه وكان فاعله عالما بالنهى عنه لان السجود من العبادات الجعلية.

(٥) اما لو كان المراد من التعبدى العبادة الذاتية وتوقف حصول الغرض بداعى الامر لم ينتقص بما ذكرنا.

(٦) لكن الاشكال انه لا يقبل النيابة فلا بد وان يدخل عمل النائب المقرب للمنوب عنه يدخل فى التوصليات لعدم الامر للنائب على ما مر.

(٧) وهو خلاف ظاهر الاصحاب من انه مقرب للمنوب عنه.

(٨) فلا بد وان يراد من التعبدى هى العبادة الجعلية.

١٠٧

سقوط الغرض بكونه قربيا وح (١) لا بد وان يقال ان المعيار فى التعبدية على كون العمل بنفسه او بعنوان اطاعة امره من وظائف العبودية قبال التوصلى وهو ما لا يكون من وظائف العبودية لا بنفسه ولا من جهة كونه معنونا بعنوان الاطاعة كما لا يخفى هذا. ولكن مع ذلك كله (٢) نقول ان بناء الاصحاب (٣) ليس على الاكتفاء فى العبادات بمجرد كونها مقتضيات للقرب (٤) ولو لم يكن مقرباتا فعلا (٥) ولو لنهى عرضى متوجه بها بشهادة (٦) اعلى صوتهم بفساد العبادة فى فرض كونه ضدا للاهم منها مع الالتزام بان الامر مقتضى للنهى عند ضده اذ (٧) مثل هذا الامر عرضى محض غير مناف لعبادية ما هو مجعول (٨) لوظيفة العبودية ولا لمصلحته لو فرض قيامها بنفس ذاته وانما (٩) هو مضر بقربيته فالتزامهم

______________________________________________________

(١) فلذا لا بد من تعريف التعبدى بانه يكون بنفسه او باطاعة امره مقربا ومن وظائف العبودية حتى يستوعب القسمين بخلاف التوصلى حيث لا يكون فيه شيء منهما.

(٢) هذا اشكال على ما تقدم من ان المراد من العبادة هى العبادة الجعلية.

(٣) فانه على ما يظهر من كلام الاصحاب فى تشخيص معنى التعبدى باثبات بعض الآثار ونفيها مما يدل على انهم لم يقصدوا بالتعبدي الا ما مر من انه ما توقف حصول الغرض من التعبد به على قصد التقرب به.

(٤) فمجرد جعل العقلاء وبنائهم على العبودية والخضوع لا يكفى.

(٥) ما لم يقصد التقرب به ولو لوجود مانع كالنهى.

(٦) والوجه فى ذلك ذهابهم الى فساد العبادة المنهى عنها ولو نهيا غيريا ولذا جعلوا البحث عن كون الامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده من صغريات البحث عن كون النهى عن الشى يوجب فساده اذا كان عبادة.

(٧) وذلك فان الامر المتعلق به عرضى فان الفعل الذى تبانى العقلاء على التعبد به كالسجود والركوع لا يتوقف كونه عبادة على نية التقرب به.

(٨) عند العقلاء.

(٩) اى انما النهى.

١٠٨

بفساد العبادة فى هذه الصورة يكشف عن عدم التزامهم بقيام المصلحة الداعية على الامر بها بنفس ذاتها بل انما هى قائمة بها بقيد قربيتها (١) وح فالتعبدى فى كلماتهم قبال التوصلى (٢) ليس مطلق ما كان مقتضيا للقرب لمحض كونه من وظائف العبودية بل المراد منه ما كان مصلحته والغرض الباعث على الامر به منوط بقربيته فعلا بل (٣) لنا ان نقول ايضا بانه ليس بنائهم على الاكتفاء بمقربيتها الذاتية (٤) ولو لم يكن فى البين مانع عن مقربيتها (٥) كيف (٦) ولازمه الاكتفاء (٧) باتيانها بداعى الشهوة (٨) اذ هذا المقدار لا يضر بقربيته ما هو من وظائف العبودية اذ من دعاه شهوته (٩) على الخضوع لمولاه ولو بتقبيل يده بداعى خضوعه له ولو كان محرّكه على هذا الخضوع شهوته كان متقربا لمولاه ولا يضر هذا

______________________________________________________

(١) فزائدا على قربيته الجعلية لا بد من قصد التقرب شرعا.

(٢) فالنتيجة ان ما يظهر من الاصحاب كون الفعل عبادة يتوقف على نية التقرب به وبدونها لا يكون عبادة وان حصل القرب به من المولى كالسجود الصادر من العبد بداعى تعظيم المولى حيث لا يكون منها عنه ولا مأمورا به فمثل هذا السجود يكون مقربا للعبد من المولى وان لم يقصد به التقرب.

(٣) والشاهد على اعتبار نية التقرب زائدا على قربيته الجعلية انه لو كانت قربيّتة الجعلية كاف يلزم ان يكتفى ولو لم يكن نهى ايضا ان يأتى بداع الشهوة مع انه غير مجز جزما بيانه ستعرف.

(٤) اى الجعلية من تبانى العقلاء عليه.

(٥) ولم يكن نهى عليه.

(٦) هذا هو الاشكال والنقض.

(٧) انه يكتفى باتيان الفعل القربى بداع الشهوة.

(٨) كالتبريد فى الوضوء ونحوه.

(٩) كالقيام لرفع وجع رجله.

١٠٩

المقدار (١) بمقربيته الذاتية ومع ذلك ليس بنائهم (٢) على الاكتفاء فى مثل الصلاة والصوم وغيرهما مع كونها من وظائف العبودية ومقرّبا ذاتا بشهادة تشريعها فى نيابة العبادات باتيانها خضوعا لمولاه ولو بداعى شهوته بل يحتاجون فى مثلها الى التقرب بجهة زائدة عن مقربية ذواتها كما لا يخفى ولازمه (٣) قيام المصلحة فى امثالها على الفعل باتيانها بهذا النحو من التقرب الغير المجامع مع اتيانها بداعى الشهوة ولا يرد (٤) عليه ح بان لازم ذلك عدم صحة نيابتها اذ مع عدم

______________________________________________________

(١) من الشهوة.

(٢) ولكن الاصحاب ليس بنائهم على الاكتفاء بذلك بل لا بد من نية التقرب زائدا عليه.

(٣) اى لازم بنائهم هو لزوم نية التقرب بلا داع الشهوة.

(٤) فعلى هذا من اعتبار نية التقرب فيورد ما تقدم من اشكال النيابة فى التعبديات عن الغير لعدم وجود الامر لا للنائب ولا للمنوب عنه فكيف يقصد النائب التقرب كما كان يورد فى العبادات الذاتية وذكر بعض اساتذتنا فى المستمسك ، ج ٧ ، ص ١٠٦ فى دفع اصل الاشكال ان الخطاب وان كان متوجها الى المنوب عنه إلّا ان ملاكه موجود فى كل فعل مضاف اليه اضافة الملك سواء كان مضافا اليه اضافة الصدور كفعل نفسه أم لا كفعل النائب الذى يصدر منه بعنوان كونه للمنوب عنه فالنائب مهما تصور الفعل الماتى به للمنوب عنه وحده واجدا لملاك الامر فيجوز ان ياتى به قاصدا التقرب بذلك الملاك فيصح طاعة وعبادة كما يصح لو صدر من المنوب عنه بقصد كونه عن نفسه الخ وفيه او لا ان الملاك الذى كان موجودا فى فعل المنوب عنه لا يكون مقربا لفعل النائب ويجرى ما ذكرنا فى قصد الامر فيه فالمصلحة التى فى فعل نفسه يكون مقربا للعمل لا فى فعل الغير اللهم إلّا ان يقال موجود فى فعل النائب فيكون مسقطا عن فعله لا عن المنوب عنه وثانيا ان الكلام فى قصد الامر لا قصد الملاك فى حصول التعبد وثالثا ان بعد ما مات المنوب عنه وسقط الامر كيف نكشف عن بقاء الملاك فهذا ايضا لا يتم.

١١٠

الاكتفاء بقربيتها بنفسها والاحتياج الى قربيتها بعنوان آخر (١) كيف يتصور ذلك فى حق النائب عن الميت لما عرفت من انه لم يكن فى البين جهة قابلة للتقرب بداعيها عن الميت ، قلت (٢)

______________________________________________________

(١) وهو نية التقرب.

(٢) ويمكن الجواب عن اشكال النيابة بوجه وهو ان العبادة كما مر على نوعين تارة ان العبادة التى يعظم بها المتعبد غيره تتحقق بنفس طلب ذلك الغير اياها من المتعبد بلا سبق جعل واعتبار منه لعباديتها كزيارة احد المعصومين «ع» والغسل لها إلّا انه علمنا من دليل آخر ان هذا العمل لا يصح إلّا اذا قصد فاعله امتثال امره ومع عدم الامر به لا يتاتى من المكلف اتيان ذلك العمل عبادة لعدم الامر المتوقف عليه قصد الامتثال الموجب لكون العمل المزبور عبادة ومثل هذه العبادة يشكل صحة النيابة عن الغير فيها مع عدم توجه الخطاب بالنيابة فيها الى النائب ، واخرى تتحقق العبادة بجعل العقلاء او طائفة منهم لبعض الافعال واعتبارهم اياه عبادة او نحوا من انحاء التعظيم ومظاهره وبهذا الجعل والاعتبار يتم امر العبادة فى العرف وكما يتاتى ذلك من العرف او طائفة منه كذلك يتاتى من الشارع المقدس بل هو بطريق اولى لانه من له واليه الامر خصوصا فى مثل هذا الامر فاذا دلت الأدلّة الصادقة على جعل الشارع لطائفة من الاعمال واعتباره اياه عبادات يتقرب بها امكن التقرب بها اليه اصالة ونيابة حيث لا يكون فاعلها منهيا عنها ولا يتوقف وقوعها عبادة وتعظيما له على امره بها فى خصوص مورد العمل كما هو شأن العبادات العرفية وان كان يحتاج فى تحقق العبادة الى التقرب نعم قد دل دليل آخر على اعتبار قصد التقرب فى صحة كون العمل عبادة زائدا عن المقدار الذى يحصل باتيان العمل الذى يكون من آلات العبودية فيما اذا عمله اصالة لنفسه لا نيابة عن غيره فلا يكفى فى وقوعه عبادة قصد التعبدية للمولى وتعظيمه به. قال المحقق الماتن فى حاشيته على التبصرة ، ج ٢ ، ص ٢٦٨ وعليه فحل هذه الشبهة منحصر باحد تقريبين احدهما دعوى كفاية قصد النائب مقربية العمل للغير فى مقربيته بلا احتياج الى اتيانه بداعى امره فتكون المقربية مثل التعظيم من الجهات القصدية تارة والذاتية اخرى مثل اتيان العمل على وجه الامتثال فان مقربيته ذاتية لا قصدية ثانيهما بدعوى ان بعض الافعال لما كان من وظائف التذلل والعبودية يكفى فى

١١١

من الممكن التفكيك فى القرب (١) الدخيل فى المصلحة بين مراتبه بالاضافة الى الحى والميت وان ما هو دخيل فى المصلحة فى الاحياء هو الفعل القربى بجهة زائدة حتى فى وظائف العبودية وفى (٢) غير الاحياء مجرد اتيان الوظيفة المخصوصة على وجه قربيته من قبل نفسه لغيره عند اتيانه عن قبل الغير وح فلك ان تقول ان للقرب مراتب بمرتبة منه يجدى فى فعل النائب عن الميت وبمرتبة اخرى زائدا عن هذه المرتبة (٣) يحتاج اليه فى حق الاحياء (٤) وعلى اى تقدير مصلحة العبادى منوطة بالقربة الفعلية ليس الّا وح فلا محيص فى تعريف

______________________________________________________

التقرب بها مجرد قصد كون العمل لله كما اشرنا نظيره فى السجود فانه من مجرد مثل هذا القصد ينتزع العرف التذلل لمولاه الموجب القربة ونظيره فى العرفيات تقبيل اليد بعنوان التذلل فان ذلك بنفسه لو لا مانع آخر موجب للتقرب ولو لم يكن من قبل مولاه امر بذلك كى ياتيه بداعى امره ومن المعلوم ان مثل هذا المعنى من الاعتباريات القابلة للنيابة عرفا فيقصد النائب ح تقريب الميت بقصد ايجاد ما هو من وظائف العبودية لمولاه عن قبل الميت ولا ضير فى هذا المقدار فى تصوير النيابة فى العبادة فبعد قيام الدليل يلتزم بكون العمل من وظايف العبودية القابلة لقصد التذلل بها لنفسه او عن قبل غيره انتهى وقال فى ص ٢٦٥ لا اشكال فى مشروعية نيابة العبادات وان كانت على خلاف القاعدة لعدم طريق لاحراز قابلية المحل للتسبب بفعل النائب نعم مع ثبوت هذه القابلية يكفى ادلة النيابة والوكالة لرفع اليد عن ظهور التكليف فى قيد المباشرة الخ.

(١) وعليه يصح ان يقال ان التعبدى هو ما يتوقف حصول الغرض منه على قصد التقرب به غاية الامر للقرب مرتبتين مرتبة منه مقوم لعبادية العمل الذى يصدر من الاحياء وذلك للدليل الخاص الذى دل على اعتبار قصد التقرب بهذه المرتبة فى وقوع العمل المجعول عبادة فيما اذا فعله المكلف لنفسه.

(٢) ومرتبة منه مقوم لعبادية العمل الذى يصدر من النائب وهى التى تحصل باتيان العمل الذى يكون من آلات العبودية والخشوع.

(٣) وهو نية التقرب.

(٤) كما عرفت مفصلا.

١١٢

التعبدى ان يقال بما قالوا (١)

______________________________________________________

(١) وهو ما كان الغرض لا يترتب على مجرد الفعل بل لا بد من ضم قصد القربة اليه بخلاف التوصلى ولا يتوجه عليه اشكال النيابة لكفاية التعبد والتعظيم فى وقوع ذلك العمل المنوب به عن الغير عبادة ولكن يرد عليه ان الجواب اخص من المدعى فان المدعى هو ان جميع اجزاء الصلاة وسائر العبادات مثل الزكاة والحج كيف يؤتى به للغير مع عدم الامر به بالنسبة الى غير المكلف وهذا الجواب يكون فى بعض افعال الصلاة مثل الركوع والسجود الذى ينتزع منه عنوان التخشع ذاتا فلا يكون هذا جوابا عن الاشكال العام فى ما لا يكون عبادته فى ذاته. وذكر السيد محمد كاظم اليزدى فى حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ١٠١ ، وجها آخر لدفع الاشكال فى النيابة ثم ان العمل عن الميت او الحى لا يلزم ان يكون من باب النيابة بل يجوز الاتيان به عنه لا بالنيابة كما فى الاداء الدين المالى عن الغير فانه يمكن ان يجعل نفسه نائبا عن المديون فى اداء دينه ويمكن ان يؤدى دينه بنفسه لا بعنوان كونه هو ويجوز الاستيجار على هذا الوجه ايضا انتهى وقال فى ص ٩٨ والتحقيق فى تصحيح العبادات الاستيجارية هو ما ذكرنا من الوجهين وحاصل احدهما ان المضر بالاخلاص انما هو الداعى الدنيوى الذى هو فى عرض داعى الامتثال واما اذا كان فى طوله بان يكون الداعى على العمل امتثال امر الله والداعى على الامتثال غرض آخر دنيوى او اخروى فلا باس به ـ الى ان قال ـ وحاصل الثانى يمكن ان يقال بصحة العمل من جهة امتثال الامر الاجارى المتحد مع الامر الصلاتى فان حاصل قوله ف بإجارتك صل وفاء للاجارة ودعوى ان هذا الامر توصلى لا يكون مقر بالعبادية العبادة مدفوعة اولا بان غايته انه لا يعتبر فى سقوطه قصد القربة فاذا اتى بقصد الامتثال يكون عبادة قطعا ـ وثانيا بانا لا نسلم كونه توصليا مطلقا بل هو تابع لمتعلقه الى آخر كلامه الى غير ذلك من الوجوه ويرد عليه اولا ان الامر الاجارى توصلى ولا ربط له بمتعلقة وثانيا انه لا يختلف باختلاف متعلقه بل توصلى ابديا وثالثا ان العبرة بعبادية العمل قبل تعلق الاجارة به فلا يمكن تحقق تعبديته بنفس الاجارة فهذا غير ممكن فتعلقت الاجارة بالصلاة التى مع نية التقرب لا مجرد الصلاة بدونها فهذا الوجه لا يتم ايضا ولعل التوجيه التقريب كما عن المحقق العراقى وقد مر ان الامر المتعلق بالعمل عباديا بمقتضى ضم ادلة العبادة انه اعم من المباشرة والتسبيب فيأتى النائب او المتبرع

١١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

بداعى نفس القربة المتعلقة على العمل للمنوب عنه بمقتضى الادلة الخاصة فراجع باب ١٢ قضاء الصلاة وسائل وان ابيت عن ذلك فتكون النيابة امرا تعبديا ثابت بالدليل المذكور ولا محذور فيه وازيد من ذلك موكول الى محله واشكل على تعريف التعبدى بحسب الغرض المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١٢ وقال انه ان اريد من الغرض المصلحة الكائنة فى المأمور به فيرد عليه ان الافعال بالاضافة الى المصالح من قبيل العلل المعدة لا من قبيل الاسباب بالاضافة الى مسبباتها فيستحيل ان تقع تحت التكليف والالزام فحصولها وعدمها اجنبى عن المكلف فلا معنى لكونه بصدد تحصيلها بل هو مكلف بايجاد المأمور به خارجا والمصالح علل الجعل والتشريع لا مما يجب ايجاده خارجا وان اريد منه الغرض القائم بالامر فبما ان الامر فعل من افعال المولى ولا بد ان يكون فيه غرض فالغرض من الامر التوصلى نفس وجود المأمور به خارجا وان لم يكن بدعوة الامر ومن التعبدى دعوة الامر بوجود المأمور به فيرد عليه اولا من لزوم كون الامر داعيا وان بقية الدواعى فى طوله لا فى عرضه واما على المختار فلا اشكال فى كفاية بقية الدواعى فلا تكون دعوة الامر التعبدى فعلا من لوازم ذاته قطعا واستحالة كون دعوة الامر غرضا منه وموجودا بوجوده ثانيا وعدم دليل على لزوم الحركة على طبق الغرض من الامر ثالثا انتهى واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٢٢ وقال لا يخفى ما فيه اما اوّلا فلان الفعل المأمور به مقتض للغرض المترتب عليه كسائر الافعال التى يؤمر بها عرفا لانه يترتب على وجود مصالح وفوائد لا يتوصل اليها إلّا بتلك الافعال فالعرف يرى ان تلك الافعال اسباب تترشح منها تلك المصالح ولا يرى فاعلا ومؤثرا فيها الا تلك الافعال وفاعلها والشارع قد سلك مسلك العرف فى استيفاء المصالح التى اطلع على تأثير بعض الافعال فيها فامر بها المكلفين واما ثانيا فلانا لو سلمنا ان افعال المكلفين من قبيل الاسباب المعدة بالاضافة الى المصالح المترتبة عليها لما كان هناك ما يمنع من التفرقة بين الافعال بما يترتب عليها من الاغراض وتشخيص كل فعل وتعريفه بالامر الذى يكون ذلك الفعل من اسبابه المعدة فالتفرقة بين الافعال فى مقام الثبوت لا ربط لها بتعلق التكليف بنفس الفعل او بالغرض الذى يكون الفعل معدا له وعليه يصح ان تفرق بين التعبدى والتوصلى بان الاول هو الفعل الذى يكون فى حال قصد التقرب به معد للغرض الكذائى

١١٤

ولازمه (١) كون القربية قيدا شرعيا لا عقليا لان المدار فى القيود الشرعية على

______________________________________________________

والثانى هو الفعل الذى يكون معد الحصول الغرض الكذائى كيف ما جيء به انتهى.

(١) اى لازم هذا التعريف من عدم ترتب الغرض على الفعل المجرد بل يتوقف على قصد القربة كون قصد التقرب من القيود الشرعية لا العقلية ، لدخل القيد الشرعى فى الغرض ولا دخل للعقل فيه وانما العقل له الدخل فى مرحلة الامتثال واستحقاق المثوبة ووقع الكلام بينهم فى ان قصد التقرب قيد شرعى او عقلى يظهر من الشيخ الاعظم الانصارى وصاحب الكفاية انه عقلى ويظهر من السيد محمد كاظم اليزدى صاحب العروة والمحقق الماتن وغيرهما انه شرعى واليك جملة من العبارات قال السيد الطباطبائى اليزدى فى حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٩٨ فى ذيل ما تقدم عبارته ولعل المصنف (اى الشيخ الانصارى) يتخيل ان الفرق بين الامر التعبدى والتوصلى انما هو فى كيفية الطلب مع انه ليس كذلك قطعا بل الامر على نسق واحد وانما الفرق باعتبار المتعلق فكلما كان صحته موقوفة على قصد القربة يقال ان امره تعبدى وكل ما ليس كذلك يقال ان امره توصلى ولذا حيث قلنا ان قصد القربة معتبر فى موضوع العبادات على وجه القيدية والشرطية قلنا ان جميع الاوامر توصلية بمعنى انه لا يعتبر فيها إلّا اتيان متعلقها والمتعلق قد لا يعتبر فيه قصد القربة وقد يعتبر واما المصنف القائل بان قصد القربة فى العبادات لا يعقل ان يكون قيدا فيها وإلّا لزم الدور بل هو معتبر فى طريق الامتثال فله ان يقول ان الامر قسمان فمنه ما يكفى فيه اتيان متعلقه ومنه ما لا يكفى ذلك إلّا اذا كان مع ذلك قاصدا للقربة فى طريق اتيانه الخ وقال المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٥٢ ، انه لا يمكن اخذ ما يكون به العبادة عبادة فى متعلق الامر مطلقا سواء كان المصحح لها خصوص قصد الامر او الاعم منه ومن قصد الجهة او الاعم من ذلك وكفاية اتيانها لله تعالى وقال فى ص ١٦١ انه ينحصر كيفية الاعتبار بمتمم الجعل ولا علاج له سوى ذلك الى آخر كلامه وقال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٧ ان التقرب المعتبر فى التعبدى ان كان بمعنى قصد الامتثال والاتيان بالواجب بداعى امره كان مما يعتبر فى الطاعة عقلا لا مما اخذ فى نفس العبادة شرعا الخ وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٩ وقال ان الطاعة اما تكون بمعنى ما يوجب استحقاق المدح والثواب او ما يوجب التخلص عن الذم والعقاب فان اريد الاطاعة بالمعنى الاول فالتقرب معتبر فيها عقلا إلّا ان الاطاعة بهذا المعنى غير واجبة

١١٥

دخلها فى الغرض بنحو يكون تفويتها تقصيرا مستتبعا لاستحقاق العقوبة ومن المعلوم ان العقل قاصر عن درك هذا المعنى فلا بد ان يكون بيانه بيد الشرع ليس إلّا نعم ما يدركه العقل مستقلا هو دخل القربية فى استحقاق المثوبة (١) وفى مثل ذلك لا يكون امر وضعه ورفعه بيد الشرع بل لو بين ذلك كان من باب الارشاد الى حكم العقل محضا ولكن هذه الجهة غير مرتبط بعالم دخله فى الغرض كيف وهو (٢) جار حتى التوصليات كما لا يخفى. وبعد ما اتضح هذا الامر فنقول ان الجهة الزائدة عن قربتها الذاتية الاقتضائية الموجبة لمرتبة اخرى من القرب يتصور فى طىّ مراتب اخرى (٣) اذ تارة (٤) يتصور القرب بداعى رجحان العمل

______________________________________________________

بقول مطلق عقلا بل فى خصوص التعبدى ، وان اريد الاطاعة بالمعنى الثانى فهى وان كانت واجبة عقلا مطلقا إلّا ان التقرب غير معتبر فيها بقول مطلق بل فى خصوص ما قام الدليل على دخله فى الغرض من الواجب ليجب اسقاط الغرض عقلا فيجب التقرب انتهى فيظهر منه انه قيد شرعى وقد عرفت ان المحقق العراقى قدس‌سره ايضا يرى كون قصد التقرب فى العبادة التى اعتبر دخله فيها انما هو قيد شرعى اعتبره الشارع فى العبادة لعلمه بدخله فى ترتب الغرض عليها لا انه قيد عقلى نحو قصد التقرب الذى اعتبره العقل فى مقام تحصيل الثواب بالتوصليات وبعد امكان أخذ نيّة التقرب فى نفس المتعلق ولو على نحو القضية الحينية على ما سيأتى مفصلا من ان العمل مطلوب فى حصة خاصة وهى ما قصد الامر والامتثال فيكون قيدا شرعيا.

(١) كما فى التوصليات لو اراد بها حصول الثواب.

(٢) اى استحقاق المثوبة.

(٣) الجهة الثانية الدواعى القربية على انحاء.

(٤) منها كون الداعى الى العمل هو الحسن العقلى والمصلحة الكامنة فيه التى تكون ملاحظتها منشأ للحب والارادة المتعلقين به وان لم تكن الارادة فعلية لبعض الموانع منها لا لقصور فى المصلحة التى تقتضى ملاحظتها تعلق الارادة به ويكون راجح عقلا وحسن كذلك.

١١٦

عقلا المعبر عنه بداعى حسنها المحرز لدى المولى جزما ، واخرى (١) بداعى رجحانه شرعا المعبر عنه بداعى محبوبية العمل لدى الشرع ، وثالثه (٢) بداعى ارادتها الفعلية الذى هو مضمون امره وهو المعبر عنه بداعى امره ، ورابعة (٣) بداعي كون مولاه مستحقا للعبودية مع فرض كون العمل من وظائف العبودية ذاتا (٤)

______________________________________________________

(١) ومنها كون الفعل محبوبا لمن تلزم اطاعته لو امر به بان يكون راجح شرعا ولكن لوجود بعض الموانع لم تتعلق به ارادته وامره فيكون راجح شرعا ومحبوب كذلك.

(٢) ومنها كون الفعل مرادا له بالفعل ولكن لوجود بعض الموانع لم يكشف عن ارادته بنحو من انحاء الامر ، او كون الفعل مأمورا به بالفعل فيأتى بداعى الامر ولا ريب فى ان تعظيم الانسان غيره بنحو من انحاء التعظيم يوجب له القرب من ذلك الغير حيث لا يكون تعظيمه مبغوضا له لبعض الملاحظات وان لم يفعله بداعى شيء من هذه الدواعى المزبورة ، واما اذا فعله المكلف باحد هذه الدواعى اوجب له نحوا آخر من القرب وهو الذى امر المكلف ان يقصده فيما لو فعل العبادة لنفسه لا نيابة عن غيره نعم جعل المصلحة من الدواعى القربية مطلقا لا يخلو من نظر لان المصلحة قد تزاحمها مفسدة تترتب على الفعل الذى تترتب عليه تلك المصلحة فاذا كانت مفسدته اشدّ من مصلحته فلا محاله يكون مبغوضا ومعه لا يمكن التقرب به لكونه ذا مصلحة لاستحالة التقرب الى الانسان بما هو مبغوض له مثلا الصلاة فى المكان المغصوب بناء على الامتناع وتقديم جانب النهى عمل يشتمل على مصلحة ما ومفسدة كذلك ولكن لكون مفسدته آكد من مصلحته صار منهيا عنه ليس إلّا وذلك يكشف عن كونه مبغوضا للمولى ليس إلّا ومعه لا يعقل التقرب اليه بتلك الصلاة.

(٣) ومنها ما رواها فى الوافى المجلد الاول ، ص ٧٠ وفى مرآة العقول المجلد الثانى ص ١٠٤ عن امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه انه قال ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا فى جنتك ولكن وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك الحديث فيأتى بالعبادة لانه اهلا للعبودية ومستحقا لها وهذا يختص بالمعصومين عليهم‌السلام.

(٤) اشاره الى القسم الاخير كون العمل من وظائف العبودية اما ذاتا اى بامر

١١٧

ام جعلا (١) و (٢) اما اتيان العمل بداعى تحصل الثواب او الفرار عن العقاب فلا محيص (٣) فى العبادات من سبق داعى آخر وإلّا فيستحيل اتيانها بهذا الداعى الا لغفلة وذهول وهو مما لا يعبأ به (٤)

______________________________________________________

الشارع يكون مصداقا للطاعة.

(١) اى بالجعل وبناء العقلاء على كونه عبادة وكذا القسم الاول كما سيأتى.

(٢) ومنها خوفا من النار وطمعا فى الجنة قال فى نهج البلاغة روى فى الوسائل باب ٩ من ابواب مقدمة العبادات ح ٣ انه عليه‌السلام قال ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الاحرار الحديث.

(٣) يقول الماتن ان القسم الاخير لا محاله يكون لداع آخر من امر المولى او المصلحة الملزمة فى العمل وإلّا لما ذا يأتى بالعمل طمعا فى الجنة او خوفا من النار مع انه لا امر له ولا نهى عنه قال المحقق النائينى فى كتاب الصلاة ، ج ٢ ، ص ١١ ان الاتيان بداعى الثواب والعقاب يتصور على وجهين الاول ان يكون نفس العلم بترتبهما محركا له فى العمل مع قطع النظر عن كونهما معلولى الامر بحيث لو فرض ولو محالا ترتبهما من غير وجود الامر كان ذلك داعيا له نحو العمل وفى مثله يبطل العمل لعدم تحقق تحريك لامر المولى فيه اصلا سواء اتى به بداعى الثواب الاخروى او فرارا عن عقابه او اتى به بداعى الدنيوى منهما ، وثانيهما ان يكون الامر بما يترتب عليه من الثواب على موافقته او العقاب على مخالفته محركا وداعيا له نحو العمل بحيث يكون انبعاث الارادة من العبد نحو العمل بتحريك الامر ودعوته لكن لا بما هو نفسه بل بما يترتب عليه من الاثر فصفة البعث انما هى له فهو المحرك وهو الباعث واقعا لكن بما يترتب عليه من الاثر بحيث لو لم يكن يترتب عليه ذلك لما كان يدعوا المكلف نحو العمل بما هو امر المولى لقصور العبد عن معرفة جلاله وجماله لكن مع ذلك يكون هو الداعى والمحرك لا ان نفس اثره هو المحرك الخ.

(٤) قد عرفت عدم كفايته ، ومنها ما عن المحقق النائينى فى كتاب الصلاة ج ٢ ص ٢٧ ان المستفاد من الادلة الشرعية من الكتاب والسنة ليس إلّا اعتبار ان تكون

١١٨

ثم ان الظاهر الاكتفاء (١) بكل واحد من هذه المراتب فى قرب العبادى الزائد عن قربها الذاتى الاقتضائى (٢) كما ان الظاهر ايضا امكان اخذ المرتبة الاولى (٣) والاخيرة (٤) فى حيّز الامر والارادة ولو شخصية (٥) نعم فى اخذ القرب بالمرتبتين الاخيرتين من دعوة المحبوبية او الامر شخصا اشكال مشهور (٦) و

______________________________________________________

العبادة بداعى ابتغاء مرضات الله تعالى وهذا المعنى يتحقق باتيان العمل بداعى الامر او طلبا لثوابه او فرارا عن عقابه او لكونه اهلا له الخ.

(١) كما عرفت مفصلا.

(٢) بمعنى كون العمل عبادة جعلية يحتاج الى نية التقرب باحد هذه الدواعى وبدونه لا تتحقق العبادة.

(٣) بداعى رجحان العمل عقلا.

(٤) بداعى كونه اهلا للعبادة.

(٥) لان المختار امكان اخذ قصد التقرب فى متعلق شخص الامر المطلوب قصد امتثاله فحال قصد التقرب حال سائر القيود الشرعية الاخرى ولذا سيأتى ان اخذ فى متعلق الامر فهو وإلّا فمع جريان مقدمات الحكمة يتمسك بالاطلاق لنفى اعتباره ومع عدم جريانها لاختلال بعض شروطها يكون المرجع ما يناسب المورد من الاصول ، واما على القول بامتناع اخذ قصد التقرب فى متعلق شخص الامر فان قلنا بامكان التكليف به بامر آخر فالمتبع هو ذلك الامر الآخر ومع عدمه يكون المرجع فى مقام العمل هو الاصل وان قلنا بامتناع الامر به مطلقا فيمكن بيان اعتباره باحد طريقين اما باخبار المولى بدخله فى الغرض او بحكم العقل بلزومه فى مقام الشك لو قلنا بالاشتغال فى امثاله وسيأتى مفصلا.

(٦) ايضا سيأتى مفصلا والعمدة ان العبادة لا تنحصر بقصد الامر كما ذهب اليه جمع منهم صاحب الجواهر قدس‌سره وعلى هذا الاساس انكر الشيخ البهائى الثمرة فى بحث الضد لان العبادة تتوقف على قصد الامر ولا امر بضد الاهم ولو لم نقل باقتضاء الامر بالشيء النهى عن ضده الخاص وجوابه بطلان هذا الاساس كما عرفت وسيأتى ايضا وان تحقق العبادة لا يتوقف على قصد الامر فقط على ما عرفت مضافا الى ان الملاك والمصلحة التى هى علة للامر قصدها بما هى علة للامر يرجع بالاخرة الى

١١٩

عمدة وجه الاشكال (١) استحالة اخذ ما هو شئون الامر فى موضوعه وتوضيح

______________________________________________________

قصد الامر وهكذا قصد كل ما هو واقع فى سلسلة معاليل الامر بما هى معاليل له ، تذنيب تقدم ان العبادات فى الشرع كثيرة قال عليه‌السلام فى الوسائل باب ١ مقدمات العبادات بنى الاشياء على خمسة اشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية وفى باب ٨ منها عن عبد الله بن سنان قال كنا جلوسا عند ابى عبد الله عليه‌السلام اذ قال له رجل اتخوف ان اكون منافقا فقال له اذا خلوت فى بيتك نهارا او ليلا أليس تصلى فقال بلى فقال فلمن تصلى قال الله عزوجل قال فكيف تكون منافقا وانت تصلى لله عزوجل لا لغيره ، وفى باب ١٢ منها فى رواية يجاء بالعبد يوم القيامة قد صلى فيقول يا رب قد صليت ابتغاء وجهك فيقال له بل صليت ليقال ما احسن صلاة فان اذهبوا به الى النار ـ وفى رواية اخرى اجعلوا امركم هذا لله ولا تجعلوا للناس فانه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد الى الله الى غير ذلك اللهم اجعل اعمالنا خالصة لك يا ارحم الراحمين ـ والوجوب التوصلى ايضا كثيرا باب ١ اسئار اذا اصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وفى رواية اخرى عن خنزير شرب من انا : كيف يصنع قال يغسل ثلاث مرات وفى ثالث واغسله بالتراب اول مرة ثم بالماء وباب ١٨ نواقض الوضوء فى الرجل يبول فينسى غسل ذكره ثم يتوضأ وضو الصلاة قال يغسل ذكره ولا يعيد الوضوء الى غير ذلك والنكاح المشوب بالعبادة بعدم الخيار وان لم يعتبر فيه قصد القربة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تزوجوا وزوجوا فمعلوم التعبدية كالصلاة والصوم ونحوهما ومعلوم التوصلية كدفن الميت والوفاء بالنذر ومشكوك التعبدية كالعتق.

(١) اصل الاشكال هو ما اشار اليه المحقق الماتن قدس‌سره من امتناع اخذ قصد الامتثال فى متعلق الامر بنحو التقيدية او الجزئية ومن التعرض فى جواز اخذ مثل القرب الناشى عن دعوة الامر فى المأمور به وعدم جوازه يظهر ايضا حال اخذ الجامع بين هذا القرب والقرب الناشى عن اتيان العمل لوجهه الاعلى او القرب الناشى من دعوة الملاك والمصلحة من حيث جواز اخذه بنحو الشرطية او الشطرية فى المأمور به وفى متعلق الامر لانه اذا لا يجوز اخذ القرب الناشى من دعوة الامر فى المأمور به لا يجوز ايضا اخذ جامع القرب الناشى من دعوة الامر ومن دعوة الرجحان والمصلحة وعلى اى فقد قرب الامتناع بوجوه.

١٢٠