نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

ينتزع العنوانان (١) وإلّا فالمؤثر فى وجود هذه الاعمال الموصوفة باحد الوصفين هو ارادة العامل على ايجاد العمل صحيحا او محفوظا مثلا صحة الصلاة وحفظها منتزعة (٢) من تطبيق القواعد المضروبة لها عليها وقس عليه صحة الكلمة والكلام والاستنباط وهكذا (٣)

______________________________________________________

(١) فبتطبيق تلك القواعد الخاصة تصير تلك القواعد منطبقة على الموارد فينتزع ح عنوان الحفظ عن الخطأ مثلا وصحة العمل القابلة للصدور من فاعلها على الاحتمالين المتقدمين ومن المعلوم ان للحفظ المزبور ايضا جهات عديدة تترتب كل جهة على قاعدة من تلك القواعد بلحاظ مطابقتها معها مثلا عنوان حفظ الكلام عن الغلط فى النحو له جهات عديدة واضافات متعددة الى كل قاعدة من قواعد الفن اضافة خاصة وينتزع عنوان الحفظ المزبور من مطابقة الكلام لمجموع تلك القواعد الواقعية ولا تكون دخلا تأثيريا كما مر.

(٢) اى باعتبار الجنس الانتزاع فلا يحتاج الى تصحيحه (منتزعان) ولا (لهما) الآتي.

(٣) فملخص الكلام ان المؤثر فى وجود الوصفين اى صحة العمل والحفظ من جهة هو ارادة الفاعل لايجاد الاعمال الصحيحة خارجا وتطبيق النحوى مثلا قواعد النحو فى مقام التكلم واداء الكلمات وعلى ذلك فكانت القواعد الواقعية طرّا طرفا لهذه الاضافة كما هو واضح ـ ولا يكون من قبيل دخل المؤثر فى المتأثر اصلا ـ اقول ان ما ذكره قدس‌سره من عدم كونه من قبيل دخل المؤثر فى المتأثر مبنى على ان يكون الغرض والغاية هو الحفظ الفعلى عن الوقوع فى الغلط فى النحو مثلا والاستنباط الفعلى فى الاصول وهكذا وانت خبير بان مثل هذا لا يمكن ان يكون غاية لان الغاية كما عرفوها علة للشيء بماهيتها اى بوجودها الذهنى ومعلول له بانيتها اى بوجودها الخارجى ومعلوم ان المعلول لا يمكن ان ينفك عن علته فالغاية فى هذه العلوم ليست إلّا التمكن والقدرة على هذه الامور وان شئت قلت انها الدخلية مع ضم ارادة المريد ذلك فان لم يعلم بتلك القواعد لا يمكن له الاستفادة فالقواعد مقتض لترتب الاثر ـ الجهة الخامسة قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٥ ـ والمسائل عبارة عن جملة من قضايا متشتتة جمعها اشتراكها فى الداخل فى الغرض الذى لاجله دوّن هذا العلم فلذا قد يتداخل بعض العلوم فى بعض المسائل مما كان له دخل فى مهمين لاجل كل منهما دوّن علم على حده فيصير من مسائل العلمين لا يقال على هذا يمكن تداخل علمين فى تمام مسائلهما فى ما كان هناك مهمان متلازمان فى الترتب على جملة من القضايا لا يكاد انفكاكهما ـ فانه يقال مضافا الى بعد ذلك بل امتناعه عادة ـ لا يكاد يصح لذلك تدوين علمين

٢١

و (١)

______________________________________________________

وتسميتهما باسمين بل تدوين علم واحد يبحث فيه تارة لكلا المهمين واخرى لاحدهما وهذا بخلاف التداخل فى بعض المسائل فان حسن تدوين علمين كانا مشتركين فى مسألة او ازيد فى جملة مسائلهما المختلفة لاجل مهمين مما لا يخفى انتهى ـ مثلا مسألة مقدمة الواجب باعتبار كونها من الملازمات العقلية تكون من المسائل الاصولية ويمكن ان يجعلها من المسائل الفقهية بان مقدمة الواجب واجبة ام لا فيكون فعل من افعال المكلفين والبحث عن عوارضه الذاتية ـ ويمكن ان يدخل فى المسائل الكلامية بانه هل يترتب العقاب على المقدمة ام لا فيكون من المسائل الكلامية فان الموضوع فيها هو البحث عن احوال المبدا والمعاد ـ اما لو ترتب الغرضين على جميع المسائل فيدوّن عند العقلاء علما واحدا ولا يحسن علمين بل علم واحد تارة يبحث عن كلا الغرضين واخرى عن احد الغرضين وثالثة عن الغرض الآخر.

(١) الامر السابع وقع الكلام فى ان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات كما عليه القدماء او بالغرض كما عليه صاحب الكفاية وقد تقدمت عبارته او بالاعتبار بان تتحقق الوحدة الاعتبارية باعتبار المعتبر فذهب القدماء بان التمايز بالموضوعات فلما يلزم تداخل جملة من العلوم فى تمام مسائلها فان الموضوع فى علم النحو هى الكلمة والكلام فلو فرضنا انه يبحث عن عوارضه الذاتية فلا بد ان يبحث فى علم النحو عن جميع ما يعرض لهما فيلزم ادخال جميع المسائل الادبية فى النحو وهذا باطل ـ ولذا قال المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٥ مدفوع بان الموضوع حيث قيّد بحيثية الاعراب او البناء فكل عارض له دخل بالحيثية المزبورة يبحث عنه انتهى.

ذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٦ المشهور ان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ولو بالحيثيات بمعنى ان موضوعى العلم قد يتغايران بالذات وقد يتغايران بالاعتبار وليس الغرض من تحيث الموضوع كالكلمة والكلام بحيثية الاعراب والبناء فى النحو وبحيثية الصحة والاعتلال فى الصرف ان تكون الحيثيات المزبورة حيثية تقييدية لموضوع العلم اذ مبدأ موضوع المسألة لا يعقل ان يكون حيثية تقييدية لموضوعها ولا لموضوع العلم وإلّا لزم عروض الشيء لنفسه ولا يجدى جعل التحيث داخلا والحيثية خارجة لوضوح ان التحيث والتقيد لا يكونان إلّا بملاحظة الحيثية والقيد فيعود المحذور بل الغرض من اخذ الحيثيات كما عن جلة من المحققين من اهل المعقول هو حيثية استعداد ذوات الموضوع لورود المحمول عليه مثلا الموضوعات فى الطبيعيات هو الجسم الطبيعى لا من حيث الحركة والسكون كيف ويبحث عنهما فيها بل من حيث استعداده لورودهما عليه لمكان اعتبار الهيولى فيه وفى النحو و

٢٢

ح (١) فلا طريق الى اخذ جامع بين الشتات بمحض وحدة الغرض المترتب عليها اذ ليس (٢) فى المقام جهة تأثير وتأثر كى يبقى مجال استكشاف الجامع بين الشتات

______________________________________________________

الصرف الموضوع هى الكلمة مثلا من حيث الفاعلية المصححة لورود الرفع عليها ومن حيث المفعولية المعدة لورود النصب عليها او من حيث هيئة كذا المصححة لورود الصحة والاعتلال عليها وجميع هذه الحيثيات سابقة لا لاحقه بالاضافة الى الحركات الاعرابية والبنائية ونحوهما انتهى واجاب عنه الاستاذ الخوئى فى تعليقة الاجود ج ١ ص ٥ القيد راجع الى البحث لا الى الموضوع ضرورة ان الصلاة بما هى صلاة تكون واجبة لا من حيث اقتضائها للوجوب مع انه على تقدير تسليم تقييد الموضوعات بالحيثيات فاما ان يكون موضوع العلم الذى هو عنوان جامع لموضوعات المسائل مأخوذا بنحو المعرفية وبه يشار الى موضوعات المسائل او يلحظ هو بنفسه بما انه جامع لها والاول يستلزم انكار وجود الموضوع للعلم حتى يقع البحث عن عوارضه الذاتية والثانى يستلزم عدم كون عوارض موضوعات المسائل ذاتية لموضوع العلم فان العنوان الانتزاعى انطباقه على منشأ انتزاعه على حد دون حد انطباق العناوين الذاتية على مصاديقها فاذا فرضنا ان عوارض النوع غريبة بالقياس الى الجنس مع انه ينطبق عليه بالذات فعوارض ما يكون منشأ لانتزاع عنوان اولى بالغرابة بالقياس الى نفس العنوان الانتزاعى وكون ما به الامتياز فى العناوين الانتزاعية عين ما به الاشتراك لا ينافى التغاير بين موضوعات المسائل فان موضوع كل مسألة بنفسه مغاير لموضوع مسألة اخرى هذا مع ان كون ما به الاشتراك من الامور الانتزاعية عين ما به الامتياز لا يستلزم كون المقيد بالامر الانتزاعى كذلك كما هو ظاهر انتهى ـ ونعم ما قال وحينئذ نكون بيان ان العلم والفن لا يحتاج الى الموضوع بل يكفيه فى ترتب غرض خاص على تلك المسائل الخاصة ـ وفيه جهتين من الكلام الجهة الاولى فى ان تمايز العلوم بتمايز الاغراض مطلقا ام لا.

(١) ذكروا انه بعد وحدانية الغرض القائم بتلك القواعد الخاصة والمسائل المتشتتة لا بد من كشف جامع وحدانى بين تلك الشتات ليكون تأثيرها فى ذاك الغرض الوحدانى باعتبار ذاك الجامع السارى المحفوظ فى ضمنها للبرهان المعروف من امتناع تأثير الواحد بما هو واحد عن المتعدد بما هو كذلك فالغرض الواحد كيف يتأثر عن المتعدد وهو محال فعليه يلزم الجامع الوحدانى بين قواعد العلم ويجعل ذلك الجامع المستخرج من بين المسائل هو الموضوع للعلم ـ فاجاب عنه قدس‌سره بوجوه.

(٢) هذا هو الجواب الاوّل من ان الغرض ليس من قبيل التأثير والتأثر والعلية حتى تجرى القاعدة المعروفة فان الغرض ليس معلولا للقواعد فقط بحيث يحصل بعدها مثل حصول

٢٣

بالبرهان المعروف بل (١) لو فرض كون دخلها فى الغرض المسطور دخلا تاثيريا لا يقتضى البرهان المعهود ايضا اخذ جامع بينها لان مجرد وحدته وجودا مع اختلاف الجهات فيه لا يوجب وحدة سنخية بين الشتات بل من الممكن ان يكون كل واحد من الشتات بخصوصيتها مؤثرا فى جهة منه دون جهة نعم لو كان الغرض بسيطا من جميع الجهات لا بد من انتزاع جامع بين مؤثراتها (٢) بالبرهان بل (٣) بناء على ذلك

______________________________________________________

المعلول بعد حصول العلة اللذان لا ينفكان وتكون وحدة المعلول كاشفة عن وحدة العلة بل الغرض يترتب على القواعد الخاصة مع العلم وارادة المتكلم تطبيق تلك القواعد الخاصة وبالجملة ليس الغرض نحو اثر يتولّد منه ويكون وجوده معلولا لوجوده بل قواعد كلية مقياسا للجزئيات من استكشاف صحتها وفسادها وعليه فكون العلم بهذا الشأن والاستعداد هو الغرض المترتب عليه وهو امر اضافى لا توليدى.

(١) الجواب الثانى ان الغاية والغرض يكون على نحوين تارة تكون الغاية بسيطة فلا محاله يكون ترتب الغاية على هذه المسألة مع سائر المسائل فلا بد من تخريج جامع وحدانى بين شتات القواعد ـ واخرى تكون الغاية ذو جهات كما فى اغلب العلوم التي بايدينا مثلا كل مسألة من مسائل علم النحو تضمن جهة من جهات الاعراب فاذا عرف مسائل المرفوعات تمكن من حفظ لسانه عن الغلط فيها وكذلك الحال فى سائر الابواب وسائر العلوم ـ وح على فرض كون دخلها فى الغرض على نحو المؤثرية نمنع ايضا اقتضاء البرهان المزبور فى المقام لتخريج الجامع الوحدانى بينها بمحض وحدة الغرض القائم بها لوضوح ان مجرد وحدة الغرض وجودا ولو مع اختلاف الجهات فيه غير موجب للزوم وحدة سنخية بين الشتات المختلفة لامكان ان تكون تلك القواعد كل واحدة منها مؤثرة بخصوصيّتها فى جهة خاصة من ذلك الغرض دون جهة اخرى ولا برهان يقتضى استحالة مثل ذلك. ـ والحاصل ان وحدة الغرض بالعنوان لا تستلزم وحدته بالذات فضلا عن استلزام وحدة ذاتية لتلك الامور المترتب عليها ذلك الغرض ـ فلا يكون الغرض وحدة شخصية بل نوعية وبالجملة ان المراد بالواحد هو الواحد البسيط من جميع الجهات والغرض هنا غير بسيط فلا موجب لفرض وحدة سنخية من المسائل.

(٢) اى الجهات ولا وجه لتذكير الضمير.

(٣) الجواب الثالث انه لو تسلم لزوم الجامع بين شتات تلك المسائل فتصوير الجامع بين الموضوعات لا يرتفع به الاشكال بل يحتاج الى وجود جامع بين المحمولات ايضا وذكر قدس‌سره بل ينتزع ويتصور الجامع بين موضوع كل مسألة ومحمولها ايضا ولا يمكن ذلك

٢٤

لا تختص الموضوعات بالجامع المزبور بل لا بد من انتزاع الجامع بين المحمولات ايضا بل وبين الموضوعات والمحمولات كذلك ولكن انّى لنا بذلك فى امثال المقام كما عرفت فحينئذ (١) فلا طريق الى اخذ جامع بين موضوعات المسائل المختلفة ما لم يكن لها جهة جامعة صورية من باب الاتفاق كما انه لا مجال لجعل امتياز العلوم باطلاقها بتميز موضوعاتها (٢) كيف وفى غالب العلوم لا يكون جامع صورى بين موضوعات المسائل (٣) اذ ترى (٤) ان الكلمة غير الكلام لتقوم الكلام

______________________________________________________

لكون المحمولات من عوارض الموضوعات ولا جامع ذاتى بين الموضوع وعارضه فضلا عن صحة دعوى الجامع بين المعانى الحرفية اعنى النسب وبين المعانى الاسمية وهى الموضوعات ومحمولاتها ـ والظاهر انّه لا يحتاج الى الجامع بين الموضوعات والمحمولات لان مناط وحدة القضية والعلم التصديقى وحدة الحكم وهو يتحقق بتصور الموضوع وتصور المحمول وثبوت النسبة دون وحدة الموضوع والمحمول والقضية الواحدة يمكن ان تترتب عليها غاية واحدة بسيطة مع اختلاف موضوعها مع محمولها كما هو واضح. ـ الجواب الرابع قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ص ٨ ، ج ١ ، مع ان البرهان المزبور لا يجرى إلّا فى الواحد بالحقيقة لا الواحد بالعنوان فلا يكشف عن جهة وحدة ذاتية حقيقية وما نحن فيه من قبيل الثانى فصون اللسان فى النحو ليس واحدا بالذات بل بالعنوان انتهى. الذى انتزع من مجموع اغراض متعددة بتعدد القواعد المبحوث عنها فى العلوم.

(١) قال قدس‌سره ولا طريق لنا الى اخذ الجامع بين موضوعات المسائل الخاصة اصلا نعم يمكن ان يتصور جامع صورى من باب الاتفاق كما ذكروه من الكلمة فى الصرف والكلمة والكلام فى النحو وهكذا او المفاهيم العامة كشيء وامثاله المقيد بخصوصية من خصوصيات العلم إلّا انه امر عرضى لموضوعات مسائل العلم ولا يبحث عن عوارضه الذاتية فى العلم.

(٢) الجهة الثانية فى بيان ان تمايز العلوم ليس بتمايز الموضوعات مطلقا وذكر لذلك وجهين.

(٣) الوجه الاوّل فى انه لا جامع بين موضوعات المسائل وما قيل من ان الموضوع فى النحو هو الكلمة والكلام فمخدوش كما ستعرف. والمراد من الصورى هو الظاهرى كشيء او موجود والمعنوى هو القدر المشترك بين جميع المسائل وهو القول فى علم النحو مثلا.

(٤) وذلك لان الكلمة غير الكلام فالكلمة هى القول واللفظ والكلام متقوم بنسبة

٢٥

بنسبة معنوية خارجة عن سنخ اللفظ ـ وكذا (١) التصور غير التصديق والفصاحة (٢) غير البلاغة وهكذا الامر (٣) فى ذوات الادلة التى هى موضوع علم الاصول بل وفى بعض مسائل الفقه لا يتصور جامع ولو معنويا مع غيرها وان نسبتها كنسبة الوجود والعدم وذلك كالصوم والصلاة مثلا بعد ما كان الصوم عبارة عن نفس التروك بشهادة انه لو تبيّت فى الليل ونام الى الغروب كان صومه صحيحا بلا اشكال وبديهى انه ليس من سنخ الصلاة وغيرها من سائر الافعال (٤) فحينئذ اين موضوع

______________________________________________________

معنوية خارجة عن سنخ القول واللفظ فلا يمكن ح دعوى كون الجامع بينهما هو ما يتلفظ به من القول واللفظ مع تقوم الكلام بامر معنوى خارج عن سنخ اللفظ او يكون معا جامعا وحدانيا بين موضوعات مسائل النحو بل الكلمة جامعة بين موضوعات بعض المسائل والكلام جامع آخر بين موضوعات بعضى المسائل الآخر وعليه يلزم المحذور من كونه علمين لتعدد موضوعه وذلك كلّه فى موضوع علم النحو وهو الكلمة والكلام.

(١) وكذا لا جامع بين التصور وهو لحاظ مفردات القضية ودلالة اللفظ على تمام ما وضع له والتصديق وهو مع ثبوت النسبة والحكم فى القضية وذلك فى موضوع علم المنطق وهو المعلوم التصورى والتصديقى.

(٢) فان الفصاحة ما يكون الكلام سالما عن مخالفة القوانين والتنافر وخالصا عن الغرابة والتعقيد المعنوى واللفظى واما البلاغة فهي القاء الكلام على وفق مقتضى الحال وذلك فى موضوع علم البيان وهو الفصاحة والبلاغة.

(٣) فان من البداهة انه لا جامع متصور فيها من جهة ان عمدة مسائلها انما هى حجية الامارات الملحوظة فيها جهة الإراءة والكاشفية عن الواقع والاصول الملحوظة فيها جهة عدم الإراءة عن الواقع والسترة عنه ولا جامع بين الإراءة واللاإراءة عن الواقع فى طرفى النقيض.

(٤) وكذا لا يتصور جامع ولو معنويا وسنخية مشتركة فى كثير من المسائل الفقهية كالصوم الذى عبارة عن الترك ولذا لو نوى الصوم فى الليل ونام الى الغروب يكون صومه صحيحا والصلاة التى هى مركبة من الامور الوجودية فاىّ جامع ذاتى يتصور بين الوجود والعدم بل كذلك نفس الصلاة فانها مركبة من مقولات متعددة كالفعل والاضافة والوضع ونحوها فاىّ جامع يتصور كذلك حتى يكون موضوعا لهذه العلوم ويمتاز به عن الفن الآخر ويكون تمايز العلوم بتمايز موضوعاته كما لا يخفى.

٢٦

واحد يمتاز به هذه العلوم عن غيرها ـ وعليه فلا يبقى مجال جعل امتياز كل علم بميز موضوعه خصوصا (١) بعد تعريفهم اياه بما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية اذ فى امثال ما ذكرنا (٢) من العلوم اين موضوع واحد يبحث عن عوارضه المزبورة لانه (٣) ان نظرنا الى موضوعات مسائلها المعروضة

______________________________________________________

ذكر صاحب الكفاية قدس‌سره ، ج ١ ، ص ٦ ، ثم انه ربما لا يكون لموضوع العلم وهو الكلى المتحد مع موضوعات المسائل عنوان خاص واسم مخصوص فيصح ان يعبر عنه بكل ما دلّ عليه بداهة عدم دخل ذلك فى موضوعيته اصلا انتهى. وقال المحقق الأصفهاني فى النهاية ، ج ١ ، ص ٨ فائدة التعيين ان يكون الطالب على بصيرة من امره من اوّل الامر فعدم كون الجامع غير معلوم الاسم والعنوان مع كونه محققا بالبرهان وان لم يوجب عدم كون العلم بلا موضوع او عدم وحدة الفن إلّا ان الفائدة المترقبة من الموضوع لا تكاد توجد إلّا اذا كان معلوم الاسم والعنوان ولا يكفى العلم بوجوده بحسب البرهان انتهى ونعم ما قال.

(١) هذا هو الوجه الثانى.

(٢) كعلم الفقه والاصول والنحو والصرف وامثاله.

(٣) وملخص هذا الوجه هو انه لا يمكن ان يكون تمايز العلوم بتمايز الموضوعات وذلك لانهم ذكروا ان موضوع كل علم هو الذى يبحث فيه عن عوارضه الذاتية فهل يكون المراد من الموضوع والجامع هو الجامع الذاتى الماهوى يكون بالنسبة الى موضوعات المسائل كالكلى الطبيعى بالنسبة الى افراده ومصاديقه فهذا شيء لا دليل عليه بل الدليل على عدمه ألا ترى ان موضوعات المسائل الفقهية بعضها من قبيل الجوهر مثل الدم نجس وبعضها الآخر عرض ومن افعال المكلفين كالصلاة ولا جامع ذاتى بين الجوهر والعرض كما عرفت ـ وان كان المراد جامع عرضى ومن قبيل المفاهيم العامه كمفهوم شيء وما شابهه فهذا وان كان صحيحا لكن ذلك لا يجتمع مع ما اتفقوا عليه من ان موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية لانه من الواضح ان محمولات المسائل ليست من العوارض الذاتية لذلك المفهوم العام العرضى الخارج المحمول كما هو واضح والغرض مترتب على عوارض موضوعات المسائل ـ والفرق بين الوجه الاول والثانى ان الاول يبين ان ما ذكروه من صغرى الموضوع ليس بتام لانه ليس جامع بين المسائل لكونه مركبا من المتباينين والثانى ان الجامع الذى يمكن ان يفرض ما هو حقيقته مع الاغماض عن صغرياته وما يقال ان الجامع بين موضوعات المسائل الفقهية تعين الحكم الشرعى ايضا فاسد لعدم كون البحث عن عوارضه الذاتية كما هو واضح ـ واجاب صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ٥ ، بوجه ثالث قال وقد انقدح بما

٢٧

لعوارضه (١) الذاتية فلا تكون الا متكثرات بلا جامع ذاتى غالبا بينها المبحوث (٢) عن عوارضه المذكورة وان نظرنا الى جامع عرضى وانتزاعى بينها فهو وان كان واحدا ولكن لا يكون معروضا لعارض كى يبحث فى العلم عن عوارضه الذاتية نعم (٣) ربما يكون لبعض العلوم (٤) ككثير من

______________________________________________________

ذكرنا ان تمايز العلوم انما هو باختلاف الاغراض الداعية الى التدوين لا الموضوعات ولا المحمولات وإلّا كان كلّ باب بل كل مسألة من كل علم علما على حده كما هو واضح لمن كان له ادنى تأمل فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع او المحمول موجبا للتعدد كما لا يكون وحدتهما سببا لان يكون من الواحد انتهى ـ اما كل باب كباب المرفوعات فى علم النحو يباين المنصوبات وهما يباينان المجرورات ومباحث الالفاظ فى علم الاصول تباين مباحث الاصول العملية وهكذا ـ واما كل مسألة فان مسألة رفع الفاعل تباين مسألة رفع المبتدا وهكذا. ومسألة مقدمة الواجب تباين مسألة الضد ونحو ذلك ـ.

(١) اى الموضوع ولا حاجة لتأنيث الضمير.

(٢) غايته (ال) زائدة ولا ضير فيه.

(٣) ولكن ذكر المحقق الماتن قدس‌سره ان العلوم على قسمين القسم الاول من العلوم يكون تمايز بعضها مع بعض بالموضوعات لا غير ولا مجال للنزاع فى انه هل هو بها او بالاغراض ـ والقسم الثانى لا موضوع لها الا موضوعات مسائلها فتمايزها لا يكون إلّا بالاغراض واليك توضيحه.

(٤) هذا هو القسم الاول وهو ما دوّن لاجل معرفة حالات حقيقة من الحقائق وليس الغرض من التدوين الا معرفة محمولاتها العرضية التى تحمل عليها بالحمل الشائع حملا حقيقيا لا يصح سلب ذلك المحمول عن تلك الحقيقة ولا يخفى ان المتصدون لمعرفة الحقائق لما التفتوا الى ان معرفة حالات جميع الحقائق بالنسبة الى شخص واحد صعب بل غير ميسور غالبا فلذلك وضعوا الحقائق انواعا واجناسا وبحثوا عن حالات كل واحد منها على حده فصار البحث عن حالات كل واحد منها علما غير سائر العلوم كعلم الطب فانه كان من الممكن ان يجعلوا جميع العلوم التى هى من هذا السنخ علما واحدا وذلك باخذ مفهوم عام جامع لجميع موضوعات العلوم والبحث عن حالاته التى هى عبارة عن جميع حالات جميع تلك الموضوعات كمعرفة احوال الانسان من عوارضه الجسمانية وموضوعها الانسان وبهذا الاعتبار علم واحد له موضوع واحد مندرج فيه جميع العلوم الحقيقية التى ليس الغرض منها الا معرفة الانسان بهذا الوجه ولكن مع ذلك افردوا البحث عن بعض الحقائق وجعلوه علما

٢٨

العلوم الفلسفية (١) والرياضية (٢) موضوع وحدانى سار فى موضوعات مسائلها بنحو تكون الخصوصيات المأخوذة فى مسائلها على فرضها من (٣) قبيل من الجهات التعليلية (٤) لطرو العرض على ذات الموضوع المزبور مستقلا (٥) نظير الفاعلية والمفعولية بالاضافة الى عروض الرفع والنصب مثلا على ذات الكلمة (٦) فضلا عما لا يكون الموضوع متخصصا بالجهة التعليلية ايضا بل لا يكون تخصّصه الا من قبل

______________________________________________________

على حده بحسب اجزاء جسم الانسان وجوارحه من العين والاذن والمعدة والكلا والعصب والمخ والحلق والانف والداخلية والقلب الى غير ذلك لصعوبة العلم بجميع موضوعاته لشخص واحد ـ ففى هذا القسم من العلوم لا يمكن ان لا يكون لها موضوع بل القول بعدمه خلف لان المفروض انهم عيّنوا حقيقة من الحقائق ووضعوها للبحث عن حالاتها ولا معنى للموضوع الا هذا.

(١) فانهم عرفوا الحكمة بانها العلم باحوال اعيان الموجودات على قدر الطاقة البشرية وجعلوا موضوعها مفهوما عاما يشمل جميع الحقائق وهو مفهوم الموجود وبهذا الاعتبار يقسمون الحكمة الى النظرية والعملية والنظرية الى الالهية والطبيعية والرياضية فهى بهذا الاعتبار علم واحد له موضوع واحد مندرج فيه جميع العلوم الحقيقية التى ليس الغرض منها الا معرفة حقائق الاشياء ولكنهم مع ذلك افردوا البحث عن بعض الحقائق وجعلوه علما على حده وسمّوه باسم مخصوص.

(٢) فانّهم بحثوا عن احوال الجسم وسمّوه بعلم الطبيعة وعن احوال الكم والمقدار وسمّوه بالرياضيّات.

(٣) اى على فرض وجود هذه الخصوصيات.

(٤) الفرق بين الجهة التعليلية والتقييدية هى ان التقييدية ما يكون الموضوع والمعروض مقيدا به كالماء المتغير والجهة التعليلية ما كانت الخصوصية علّة غائية لعروضه كقوله «ع» ماء البر واسع لأن له مادة ، وسائل ، باب ١٤ من ابواب الماء المطلق ، ح ٦ ، فيكون المقصود بيان علّة الشيء لا تقييده كما فى الأولى.

(٥) فانه يبحث عن عوارض بدن الانسان من جهة البصر او الاذن او الحلق وامثال ذلك وينتزع العرض من صميم الذات.

(٦) فالكلمة مرفوعة لكونها فاعلا وهكذا.

٢٩

العارض (١) وذلك مثل ابحاث علم الحساب المبحوث فيه عن الاعراض الطارية على نفس العدد (٢) ككون العدد اوّليّا (٣) او اصمّ او كالجمع والتفريق والضرب والتقسيم واعمال الكسور او كابحاث علم الهندسة المتعرض للوازم المقدار (٤) العارضة له غالبا بنفسه كمبحث الاشكال والنظريات الهندسية وح نقول ان فى امثال هذه العلوم امكن دعوى وجود موضوع وحدانى للعلم المبحوث فيه عن عوارضه الذاتية ولو بجهات عديدة ـ بل (٥)

______________________________________________________

(١) وملخصه ان موضوعات المسائل فى الحقائق على قسمين منها ما له جهة تعليلية توجب تخصيصه فموضوعها نفس الانسان لكن من جهة البصر او الاذن ونحوهما ـ واخرى لا يكون له جهة تعليلية فموضوع المسألة نفس موضوع العلم وتخصصه بالبحث عن عوارضه كعلم الحساب فموضوعه العدد وهو موضوع المسألة فيبحث عن عوارضه ولعلّه من هذا القبيل بعض مسائل الفلسفة والحكمة فان موضوعها الموجود وموضوع مسألة منها ايضا الوجود ويبحث فيه ان الوجود اشرف من العدم ولذا قال صاحب الكفاية قدس‌سره ، ج ١ ، ص ٢ ، هو نفس موضوعات مسائله عينا وما يتحد معها خارجا وان كان يغايرها مفهوما تغاير الكلى ومصاديقه والطبيعى وافراده انتهى والجملة الاولى اشارة الى ما ذكرنا والجملة الثانية هو غالب المسائل كالكلمة والفاعل مرفوع.

(٢) فالموضوع لعلم الحساب عندهم هو الكم المتصل.

(٣) يطلق الأوّلي على ما لا ينقسم الاعلى نفسه وعلى واحد وهو الفرد مثل ١١ ـ ١٣ ـ ولعل المراد من الاصم هو الزوج كاثنين واربع وهكذا.

(٤) والمقدار اسم اصطلاحا لكمية متصلة التى يتناول الجسم والسطح والخط والثخن اسم لحشو ما بين السطوح وهو الارتفاع ـ والموضوع لعلم الهندسة هو الكم المتصل عندهم.

(٥) يقول قدس‌سره كما عرفت الاشارة اليه انه يتعين ان يكون تمايز امثال هذه العلوم بالموضوعات لا الغايات والوجه فى ذلك ان الغاية غالبا متحده كمعرفة حقائق الاشياء فى الحكمة والفلسفة وينشعب الى علوم متعددة ومعرفة احوال الانسان فى علم الطب وهكذا وانما تختلف تلك العلوم بحسب موضوعاتها اما بالتباين كالعلم بعوارض البصر مع العلم بعوارض الذاتية للاذن او الحلق وامثال ذلك او بالعموم والخصوص كالعلم بالصحة العامة للجسم مع العلم بعوارض الذاتية للبصر بالخصوص وهكذا.

٣٠

وفيها (١) امكن دعوى كون امتياز العلوم صورة بها (٢) نظرا الى ان غاياتها غالبا لما كان استنباط حقائق الاشياء بلوازمها كانت من سنخ واحد ولا يكون مناط فى تحديد غاية كل علم بحد مخصوص بحسب الظاهر إلّا بامتياز موضوعاتها المختلفة بنحو التباين او العموم والخصوص ـ واين ذلك (٣) بما اشرنا اليه من العلوم الادبية (٤) والنقلية (٥) حيث انها فى تمام المعاكسة مع العلوم السالفة (٦) اذ علاوة (٧) عن عدم موضوع وحدانى فيها (٨) كانت (٩) غاياتها ايضا فى كمال الامتياز بعضها عن الآخر لوضوح اختلافها سنخا كيف وحفظ الكلام عن الغلط (١٠) غير مرتبط بسنخ حفظ فعل المكلف وهكذا بمقام حفظ الاستنباط وغير ذلك ففى مثلها لا محيص من جعل امتياز امثال هذه العلوم بامتياز اغراضها لا بموضوعاتها و

______________________________________________________

(١) اى فى امثال هذه العلوم.

(٢) اى بالموضوعات.

(٣) هذا هو القسم الثانى من العلوم وهو عبارة عن مجموع قضايا مختلفة من الموضوعات والمحمولات جمعت ودوّنت لاجل غرض خاص وترتب غاية مخصوصة عليها بحيث لو لا ذلك الغرض وتلك الغاية لم تدوّن تلك المسائل ولم تجمع فهذه العلوم اوّلا ليس لشيء منها موضوع وحدانى لما مرّ من عدم امكان تصور الجامع بين تلك المسائل ـ وثانيا ان الغاية المترتبة على كل منها تمتاز عن الآخر بالتباين فيكون بعكس القسم الاول فيكون الامتياز لمثل هذه العلوم بالغاية والغرض الخاص المترتب عليها لا غير وهو العلوم التى بايدينا كما سنشير اليه.

(٤) كالنحو والصرف والبيان والمنطق.

(٥) كعلم الفقه واصول الفقه فانهما علوم نقلية ثبت بالنقل والادلة الشرعية وبناء العقلاء.

(٦) اى العلوم الحقيقية بوجهين.

(٧) الوجه الاول لا موضوع له كما مر.

(٨) اى فى العلوم الادبية والنقلية ـ ويرجع اليها ايضا ضمير غاياتها.

(٩) الوجه الثانى ان الاغراض فيها متغايرة.

(١٠) اى حفظ الكلام عن الغلط فى النحو سنخ غير مرتبط بسنخ حفظ فعل المكلف فى الفقه او حفظ الاستنباط فى الاصول او حفظ الفكر عن الخطا الذى هو الغرض فى علم المنطق وهكذا.

٣١

ح لا غرو فى دعوى الفرق بين انحاء كثير من العلوم العقلية من الفلسفة والرياضة وبين غيرها من الادبية والنقلية فى وجه احتياج امتيازها الى ميز الموضوع او الغاية فلا مجال لجرى جميع العلوم على منوال واحد فى ما به الامتياز (١) ويبالى (٢) ان الناظر فى العلوم النقلية نظرا (٣) الى ديدن اهل العلوم العقلية ورأى انهم بنوا فى امتياز علومهم غالبا بموضوعاتها وغفلوا عن نكتة نظرهم فاتبعوهم رمية من غير

______________________________________________________

(١) فنتيجة الكلام ان العلوم على صنفين صنف منها لا يكون امتيازها الا بتمايز موضوعاتها كما فى العلوم الفلسفية والرياضية لوجود موضوع وحدانى فيها سار فى موضوعات مسائلها ـ وصنف منها لا يكون امتيازها الا باغراضها كما فى العلوم الادبية والنقلية ولذا يقال ولاجله لا بد من التفصيل فى وجه نسبة موضوع العلم الى موضوعات مسائله بجعل النسبة بينها فى العلوم الرياضية بنحو من الاتحاد ونسبة الكلى الى افراده ومثل العلوم الادبية والنقلية بنحو العينية ومن قبيل نسبة الكل الى اجزائه فان موضوع المسألة هو الدخيل فى الغرض وعين ما يترتب على العلم من الغاية ـ وبعبارة اخرى انه لا يكون الموضوع فيها الا نفس موضوعات المسائل لعدم تصور موضوع وحدانى فيها والوحدة الاعتبارية الناشئة من وحدة الغرض الخاص لا يكون بشيء لانه لا يبحث عن عوارضه الذاتية ولا معروضة لعرض هذا ولكن فسرنا نفس مسائله عينا فى ما تقدم بغير هذا الوجه فراجع.

وما يقال ان حقيقة كل علم حقيقة اعتبارية وليست وحدتها وحدة بالحقيقة والذات ليكون تميزه عن غيره بتباين الذات كما لو كانت حقيقة كل واحد منهما على مقولة على حده او بالفصل كما لو كانت من مقولة واحدة بل وحدتها بالاعتبار وتميز كل مركب اعتبارى عن مركب اعتبارى آخر يمكن ان يكون بالموضوع والمحمول والغرض وفهرس الابواب فى مقام التعلم وانما التمايز بالغرض فى مقام التدوين فيه اوّلا ان الامر الاعتبارى تابع معتبره فان رفع اليد عنه كالدنانير يسقط عن الاعتبار وهذه العلوم لها واقعية كما مر وثانيا انه عرفت ان العلوم تارة حقيقية لا يتصور فيها الاعتبار واخرى غير الحقيقية فالعبرة بالغرض ولا يحتاج الى الاعتبار كما لا يخفى.

(٢) يقول قدس‌سره ان الاشتباه بين القسمين هو ما نظر بعض الاصوليين الى العلوم العقلية ورأى انها تمتاز بالموضوعات وتخيل ان العلوم الادبية والنقلية ايضا كذلك وقد عرفت خلافه.

(٣) ولعل (الف) زائدة ولا حاجة الى زيادة واو الجمع.

٣٢

رام وأجر وامثل هذه القاعدة فى علومهم ايضا فوقعوا من الالتزام بهذا المسلك فى علومهم الادبية والنقلية فى حيص وبيص وربّما التزموا بمحاذير ربما نشير اليها فى طى الكلام ـ فالأولى جعل العلوم صنفان صنف لا يكون امتيازها الا باغراضها وصنف لا يكون امتيازها الا بموضوعاتها وحيث كان الامر كذلك (١) فلا محيص لنا ايضا من شرح الموضوع وشرح العوارض الذاتية الواقعة فى كلماتهم عند تعريفهم موضوع العلم كى تكون على بصيرة فى جميع العلوم.

فنقول (٢) وعليه التكلان ان توضيح هذه العويصة (٣) ايضا منوط بتمهيد مقدمتين (٤) إحداهما ان الاوصاف المنسوبة الى شيء (٥) تارة ينتزع من نفس ذات الشيء كالابيضية والموجودية المنتزعتين عن البياض والوجود (٦) واخرى منتزعة عن جهة خارجة عن ذات الموصوف ـ

وفى هذه الصورة (٧) تارة يكون اتصاف الذات به (٨)

______________________________________________________

(١) من كون بعض العلوم لا بدلها من الموضوع خلافا لصاحب الكفاية من جعل التمايز فى جميع العلوم بالاغراض.

(٢) الامر الثامن فى بيان العوارض الذاتية.

(٣) فى شرح العوارض الذاتية المأخوذة فى تعريف موضوع كل علم عموما وهو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية فالموضوع يكون له وجود جوهرى ضرورة ان كل قضية تتركب عن وجود جوهرى هو الموضوع ووجود رابطى وهو المحمول ووجود الرابط وهو النسبة بينهما والمحمول فى العلم مسائله.

(٤) ذكر قدس‌سره ان توضيح المرام يحتاج الى مقدمة فى بيان امرين وبتعبيره قدس‌سره تمهيد مقدمتين وفى التعبير تسامح لان المقدمة واحدة لا متعددة ـ المقدمة الاولى.

(٥) المشهور والمعروف ان الاوصاف والعوارض على سبعة اقسام.

(٦) القسم الاول ان ينتزع الوصف كما فى المثال عن نفس ذات الشيء من دون جهة خارجية فى البين زائدة على ذات الموصوف وهو المعبر عندهم باتصاف المعروض به بلا توسط امر آخر وهو الحمل الاولى الذاتى كالبياض ابيض والوجود موجود ونحوهما ولا اشكال فى كونه من العوارض الذاتية عندهم.

(٧) اى منتزعة عن جهة خارجة عن ذات الموصوف.

(٨) اى بالوصف.

٣٣

باقتضاء ذاته (١) وذلك كتوصيف بعض الانواع والفصول ببعض خواصها وذلك كتوصيف العقل بالمدركية (٢) والانسان بقوة الضحك (٣) والتعجب (٤) واخرى لا يكون إلّا باقتضاء امر خارجى (٥) وذلك ايضا تارة يكون الامر الخارجى موجبا لعروض الوصف على شيء بلا كونه بنفسه معروضه وذلك كالمجاورة للنار الموجب لعروض الحرارة على الماء مستقلا بمعنى كون الماء تمام المعروض للحرارة بلا دخل المجاورة فيه إلّا بنحو التعليل (٦) واخرى يكون الامر بعكس ما سبق بان

______________________________________________________

(١) اى الف اي نفس الذات.

(٢) اى توصيف الانسان بالمدركية بواسطة امر مساو للمعروض وهو العقل والادراك.

(٣) اى قابلية الانسان للضحك.

(٤) وهذا هو القسم الثانى بان ينتزع الوصف عن جهة خارجة عن الذات بان لا تكون جزئه لكن يتصف الذات به باقتضاء ذاته بلا توسيط امر آخر وبتعبيرهم انه يتصف المعروض به بواسطة امر آخر مساو للمعروض فان صفة الضحك العارضة للانسان وهو النوع بواسطة امر مساو له وهو صفة التعجب وكذا صفة التعجب عارضة له بواسطة امر مساو له وهو صفة الادراك وهذا عندهم ايضا من العرض الذاتى.

(٥) بان يكون اتصاف المعروض به بواسطة امر خارج ذاته لا مساو له كما فى الفرض المتقدم سواء كان على نحو السببية والعلية المعبر عنه بالمقتضى او على نحو الشرطية بلا اقتضاء لذلك فى نفسه كما فى حركة اليد لحركة المفتاح.

(٦) هذا هو القسم الثالث بان يكون عروض الوصف بواسطة امر خارج المعبر عنه بالامر المباين للمعروض لكن لا يكون ذلك الامر الخارجى بنفسه معروضا لذلك العرض اصلا وغير متصف به ابدا بل وانما كان شانه مجرد السببية لعروض الوصف والعرض على الشيء كالمثال فان المجاورة للنار موجبة لعروض الحرارة على الماء مستقلا ويكون جهة تعليلية فان علّة حرارة الماء هى مجاورة النار ولا تتصف بالحرارة المجاورة وكذا عروض الحركة للسيارة والطائرة بواسطة القوى الكهربائية وكمماسة النار للجسم ومثل ذلك كلية الجهات التعليلية الموجبة لعروض الوصف على شيء واتصافه به كالفا عليه والمفعولية ونحوهما فى عروض الرفع والنصب على ذات الكلمة ـ وان شئت قلت كما قيل ان الاحوال الاعرابية الطارية على الكلمة والكلام بواسطة الوضع وهو امر مباين للفظ ـ وهذا ايضا عندهم من العرض الذاتى

٣٤

يكون العرض عارضا للواسطة بلا عروضه لذى الواسطة (١) وذلك (٢) ايضا تارة (٣) تكون قابلة (٤) للحمل على ذى الواسطة وذلك مثل الخواص العارضة على الفصل بالنسبة الى جنسه مثل المدركية العارضة للنفس الناطقة فانه (٥) قابلة (٦) للحمل على الجنس بتبع حمل فصله (٧) ولكن بالدقة لم يكن عارضا للجنس اذ بعد كون الفصل تمام المعروض لهذا الوصف يستحيل دخول الجنس فى معروضه اذ الجنس وان كان متحصلا (٨) بالفصل ولكن فى عين تحصله به جهة زائدة عن حيثية فصله (٩) فمع كون العارض من خواص هذه الحيثية يستحيل

______________________________________________________

وهو المعبر عنه بواسطة فى الثبوت والجهة التعليلية.

(١) بان كان الامر الخارجى وهو الواسطة بنفسه معروضا للعرض ومتصفة به.

(٢) اى ما كان العرض عارضا للواسطة.

(٣) وهو القسم الرابع المعبر عنه بانه يعرض على الشيء بواسطة امر خارج اخص وهو قابل الحمل على ذى الواسطة وفى الحقيقة يعرض على الواسطة كعوارض الفصل يحمل على الجنس فى النوع فان الانسان مركب بالتحليل العقلى من الجنس وهو الحيوان والفصل وهو الناطق فالخواص العارضة على النفس الناطقة كالمدركية للكليات قابلة للحمل على الجنس وهو الحيوان وان لم يكن بالدقة عارضا للجنس لان الجنس والفصل متغايران وعوارضهما متفاوتة فاذا كان تمام العروض لها جهة الفصلية فهى تكون اجنبية عن جهة الجنسية مع ما كان بينهما من الاتحاد فى الوجود وعدم تحصله الا بالفصل ولكنه بملاحظة قابلية الفصل الذى هو الواسطة للحمل على الجنس ويقال بعض الحيوان ناطق صح بهذا الاعتبار حمل خواصه عليه ايضا ويقال بعض الحيوان مدرك للكليات اى يدرك بالعقل فيختص بالانسان وإلّا فدرك الجزئيات كالعداوة والصداقة ونحوهما يدركها جميع الحيوانات ومغاير للنفس الناطقة.

(٤) وتأنيث الضمير فيهما فى محله باعتبار الواسطة وتذكير الضمير كما فى الطبع الحديث غلط ويظهر ذلك بالدقّة فى العبارة والفهم ولعله قليل جدّا.

(٥) اى مثل المدركية.

(٦) تأنيث باعتبار المدركية.

(٧) اى بتبع قابلية حمل فصله على الجنس لا بتبع حمل العرض على فصله.

(٨) اى محققا ومندمجا بالفصل.

(٩) بالتحليل العقلى منفصلان حيوان وناطق.

٣٥

دخول حيثية اخرى فى معروض هذا العارض كيف وهو خلف محض (١) ومجرد وحدتهما وجودا لا يضر بتعددهما (٢) جهة وحيثية (٣) والمفروض ان العارض المزبور من خواص الحيثية الفصلية فجهة الجنسية ح خارجة عن الحيثية الاخرى فكيف يصح ح نسبة العروض اليها (٤) حقيقة ودقة ولكن بملاحظة قابلية حمل الفصل على الجنس يصح حمل خواصّه عليه ويقال بعض الحيوان مدرك للكليات (٥). ومن هذا الباب ايضا حمل الضحك والتعجب على الحيوان (٦) بناء على كونهما من خواص فصله (٧) وتارة (٨) لا تكون الواسطة المعروضة (٩) قابلة للحمل ايضا علاوه على عدم قابليتها للعروض على ذى الواسطة وذلك مثل السرعة والبطء العارضين للحركة العارضة للجسم فانه بملاحظة عدم قابلية حمل الواسطة على الجسم لا يصح حمل الوصفين ايضا عليه (١٠) ومن هذا الباب ايضا

______________________________________________________

(١) لان عوارض الفصل لو كانت عوارض الجنس حقيقة يلزم خروج الفصل عن الفصلية للجنس وكان جنسا.

(٢) بالتحليل العقلى جهة.

(٣) فمن جهة الدقة يكون المعروض هو الفصل ومن جهة اخرى وهو صحة حمل الفصل على الجنس يصح حمل عوارضه عليه.

(٤) اى الى الحيثية الاخرى.

(٥) فبعض الحيوان جنس وحمل يعرض الفصل على الجنس.

(٦) فصحة حمل الضحك والتعجب على الحيوان فى قولك بعض الحيوان ضاحك او متعجب انما هو بتبع حمل فصله عليه وإلّا فلا يكون جهة الجنسية والحيوانية معروضة لهما كما هو واضح.

(٧) وقوله بناء لعله اشارة الى انه يحتمل كون التعجب والضحك يعرض للحيوانات ايضا فانه يتعجب بالسكوت وبضحك القردة.

(٨) القسم الخامس ان يكون العرض عارضا للواسطة وتكون الواسطة امر خارج اخص والوصف غير قابل للحمل على ذى الواسطة نظرا الى عدم صحة حمل الواسطة على ذى الواسطة.

(٩) اى الوصف العارض للواسطة غير قابل للحمل على ذى الواسطة.

(١٠) فالسرعة والبطء يعرضان على الواسطة وهى الحركة العارضة للجسم لكن بما

٣٦

الاستقامة والانحناء العارضين للخط القائم على الجسم (١) ومنه ايضا حركة السفينة بالنسبة الى جالسها (٢) ففى امثال ذلك يكون نسبة الوصف الى ذى الواسطة من باب نسبة الشيء الى غير ما هو له (٣) وكان توصيفه به بنحو من العناية والمسامحة العرفية. ثم هنا قسم ثالث (٤) وهو صورة صدق العروض على الواسطة مستقلا حقيقة وعلى ذى الواسطة ضمنا كذلك (٥) ومنه كل مورد يكون العرض من خواص النوع لا خصوص فصله فانه ح كان العرض المزبور عارضا لجنسه ايضا لكن بنحو الضمنية لا الاستقلال (٦) ومن هذا الباب الاعراض الثابتة للعناوين الخاصة بخصوصية تقييدية كالوجوب العارض للصلاة بخصوصية عنوانها وهكذا غيرها (٧) المستلزم لعروض مثل هذا العرض لفعل المكلف الذى هو بمنزلة

______________________________________________________

ان الواسطة وهى الحركة غير قابلة للحمل على ذى الواسطة وهو الجسم فلا يقال الجسم المطلق متحرك وكذلك لا يصح حمل ذلك الوصف عليه فلا يقال بان الجسم سريع او بطيء كما لا يقال ان الجسم متحرك.

(١) فكما لا يقال ان الجسم وهو ذى الواسطة خط كذلك لا يقال الجسم استقامة او انحناء لعدم صحة حمل الواسطة على ذى الواسطة.

(٢) ولعل من ذلك حركة السفينة لجالسها فالحركة للسفينة وهى الواسطة والجالس هو ذى الواسطة فكما لا يقال الجالس سفينة كذلك لا يقال الجالس متحرك إلّا بنحو من العناية والمسامحة ومن المعلوم ان القسمين الاخيرين قسم واحد بواسطة امر خارج اخص وله شقين كما ذكره المحقق الماتن قدس‌سره. ويجعلونهما من العوارض الغريبة.

(٣) اى الوصف بحال متعلقه كزيد عالم ابوه.

(٤) القسم السادس وهو ان يكون المعروض هو الواسطة ويصدق عليه العرض حقيقة ويطلق على ذى الواسطة ضمنا.

(٥) اى حقيقة.

(٦) وذلك كمدركية الانسان فانه من خواص النوع بناء على انه ليس من خواص الفصل حتى يدخل فى القسم الاول فيكون عارضا لجنسه بنحو الضمنية فيقال الحيوان الناطق مدرك للكليّات ـ فيكون من العوارض الغريبة لذى الواسطة عندهم.

(٧) اى غير الصلاة.

٣٧

الجنس له ضمنا لا مستقلا (١) ثانى المقدمتين (٢) انه صرّح فى شرح الاشارات (٣)

______________________________________________________

(١) فان فعل المكلف بمنزلة الجنس وعنوان الصلاة المركب من مقولات متعددة بمنزلة النوع وهو الواسطة فالوجوب العارض للصلاة بعنوان الصلاتية لا محاله عارض لفعل المكلف ايضا ضمنا كما هو واضح.

اما القسم السابع وهو ما كان بواسطة جزئه الاعم كالحركة الارادية للانسان بواسطة الحيوان وبواسطة خارج الاعم كالتحيز للابيض بواسطة الجسم الاعم منه ويكون من الاعراض الغريبة هذا الفرض او الذاتية محل كلام بينهم ـ فهذه اقسام سبعة.

(٢) المقدمة الثانية فى بيان الاعراض الذاتية عند القوم والاعراض الغريبة.

(٣) قال فى شرح الاشارات لخواجه نصير الدين الطوسى فى اواخر باب المنطق منه قال اشارة الى الموضوعات والمبادى والمسائل والعلوم ـ الى ان قال ـ اقول موضوع العلم هو الذى يبحث فى ذلك العلم عن احواله والشيء الواحد قد يكون موضوعا لعلم اما على جهة الاطلاق كالعدد للحساب واما لا على الاطلاق بل من جهة ما يعرض له عارض اما ذاتى له كالجسم الطبيعى من حيث يتغير للعلم الطبيعى او غريب كالكرة المتحركة لعلمها والاشياء الكثيرة قد تكون موضوعات لعلم واحد بشرط ان تكون متناسبه ووجه التناسب ان يتشارك ما هو ذاتى كالخط والسطح والجسم اذا جعلت موضوعات للهندسة فانها تشارك فى الجنس اعنى الكم المتصل القار الذات واما فى عرضي كبدن الانسان واجزائه واحواله والاغذية والادوية وما يشاكلها اذا جعلت جميعا موضوعات علمى الطب فانها تتشارك فى كونها منسوبة الى الصحة التى هى الغاية فى ذلك العلم وانما سمى هذا الشيء او الاشياء بموضوع العلم لان موضوعات جميع مباحث ذلك العلم تكون راجعة اليه بان يكون هو نفسه كما يقال العدد اما زوج واما فردا ويكون جزئيا تحته كما يقال الثلاثة فردا وجزء منه كما يقال فى الطبيعى الصورة تفسد وتخلف بدلا او عرضا ذاتيا له كما يقال الفرد ، امّا اولى او مركب وانما يبحث فى العلم عن احوال موضوع العلم اى عن اعراضه الذاتية التى مر ذكرها فى النهج الاول فهى محمولات جميع مسائل العلم التى يكون اثباتها للموضوعات هو المطالب فيه انتهى والجسم التعليمى فى مقابل الطبيعى الجسم الطبيعى هو الكمية السارية فى الجهات الثلاث للجسم الطبيعى وسطح وخط بان تؤخذ كل من المقادير لا بشرط اى من غير التفات الى شيء من المواد واحوالها فيكون جسما تعليميا وسطحا تعليميا وخطا تعليميا والجسم الطبيعى الواحد مما يقبل القسمة بالعرض.

وقال ايضا فى شرح الاشارات ، ج ١ ، ص ٣٠٤ على ما نقل العلوم تتناسب وتتخالف

٣٨

فى باب تناسب العلوم ما ملخّصه ان كثيرا من العلوم التى لموضوعاتها عنوان وحدانى مشترك بين مسائلها ربما تختلف موضوعاتها بنحو العموم والخصوص بنحو يكون موضوع العلم العالى من قبيل الجنس بالنسبة الى موضوع العلم السافل وذلك مثل موضوع علم الهندسة وهو المقدار الذى هو جنس للجسم التعليمى الذى هو موضوع علم المجسمات او من قبيل العام العرضى الذى هو موضوع الفلسفة بالنسبة الى المقدار وغيره من سائر العناوين الاخصّة الموضوعة لسائر العلوم او من قبيل المطلق والمقيد كالاكر (١) مطلقة يكون موضوع علم ومقيدة

______________________________________________________

بحسب موضوعاتها فلا يخلو ما ان يكون بين موضوعاتها عموم وخصوص او لا يكون فان كان فاما ان يكون على وجه التحقيق او لا يكون والذى يكون على وجه التحقيق هو الذى يكون العموم والخصوص بامر ذاتى وهو ان يكون العام جنسا للخاص كالمقدار والجسم التعليمين اللذين احدهما موضوع الهندسة والثانى موضوع المجسمات والعلم الخاص الذى يكون بهذه الصفة يكون تحت العام وجزء منه والذى ليس على وجه التحقيق هو الذى يكون العموم والخصوص بامر عرضى وينقسم الى ما يكون الموضوع فيهما شيئا واحدا لكن وضع ذلك الشيء فى العام مطلقا وفى الخاص مقيدا بحالة خاصة كالاكر مطلقة ومقيدة بالحركة اللذين هما موضوعا علمين والى ما يكون الموضوع فيهما شيئين ولكن موضوع العام عرض عام لموضوع الخاص كالوجود والمقدار اللذين احدهما موضوع الفلسفة والثانى موضوع علم الهندسة والعلم الخاص الذى يكون على هذين الوجهين يكون تحت العلم العام ولكنه لا يكون جزء منه انتهى وبذلك لا يكون اعراض ذاتية للاخص اعراض ذاتية للأعم فتدبر.

واما الاستعداد الموجود فى كلماتها قال السبزوارى فى شرح المنظومة فى الفلسفة ، ص ٧٦ قد يوصف الامكان باستعدادى وهو بعرفهم سوى استعداد فان تهيؤا الشيء لصيرورة شيئا آخر له نسبة الى الشيء المستعد وله نسبة الى الشيء المستعد له فبالاعتبار الاول يقال له الاستعداد فيقال ان النطفة مستعدة للانسانية وبالاعتبار الثانى يقال له الامكان الاستعدادى فيقال الانسان يمكن ان يوجد النطفة انتهى وهنا الاستعداد لان يلحقه العرض ـ والمراد من المقدار فى عبارته هو القدر المعين من امتداد الجسم.

(١) جمع كره وهو جسم يحيط به سطح واحد فى داخله نقطة يكون جميع الخطوط الخارجة منها الى ذلك السطح متساوية والنقطتان مركزهما كما فى شرح الاشارات فالبحث عن اصل الكرة كالكرة الارضية او غيرها شيء داخل فى علم الافلاك والبحث عن تحرك الكرة

٣٩

بالحركة موضوع علم آخر انتهى مضمون كلامه.

ومرجعه بالأخرة الى ان كل عرض ثابت لعنوان خاص بخصوصية منوّعة (١) لا بد وان يبحث فى علم مستقل يكون هذا العنوان موضوعه (٢) ولا يبحث فى علم يكون موضوعه عنوان اعم من ذلك باحد الوجوه السابقة (٣) بل لا بد فى مثل هذا العلم (٤) من البحث عن العوارض الطارية على العنوان الاعم والى ذلك (٥) ايضا اشار صدر المتألهين قدس‌سره فى اسفاره فى مقام تمييز الاعراض الذاتية عن الغريبة بان كل عرض ثابت لنوع متخصص الاستعداد من غير ناحية هذا العرض فهو من الاعراض الغريبة المبحوثة عنها فى علم آخر يكون هذا النوع موضوعه وكل عرض ثابت لشيء بنحو يكون هذا العرض موجبا لتخصصه كالبحث من استقامة الخط وانحنائه فهو من العوارض الذاتية انتهى مضمونا (٦).

______________________________________________________

الارضيّة او الشمسية امر آخر يكون موضوع علم آخر.

(١) وهو الذى اشار اليه بقوله بان الشيء الواحد قد يكون موضوعا لعلم الخ.

(٢) على ما اشير اليه بقوله وانما يبحث فى العلم عن احوال موضوع العلم الخ.

(٣) وهو الذى تعرض له بقوله والاشياء الكثيرة قد تكون موضوعات لعلم واحد الخ. وهو العموم والخصوص الذاتي والعموم والخصوص العرضى والاطلاق والتقييد.

(٤) الذى موضوعه الاعم.

(٥) اى كون عوارض النوع غريب بالنسبة الى الجنس وعوارض الاخص ليست عوارض الاعم بذاتية وانما تعرض للاعم بعد تخصصه بالاخص.

(٦) فى الاسفار الاربعة ، ج ١ ، فصل موضوع العلم الالهى ، ص ٦ ، قال نعم كل ما يلحق الشيء لامر اخص وكان ذلك الشيء مفتقرا فى لحوقه له الى ان يصير نوعا متهيئا لقبوله ليس عرضا ذاتيا بل عرض غريب على ما هو المصرح به فى كتب الشيخ وغيره كما ان ما يلحق الموجود بعد ان يصير تعليميا او طبيعيا ليس البحث عنه من العلم الالهى فى شيء وما اظهر لك ان تفطن بان لحوق الفصول الطبيعية الجنس كالاستقامة والانحناء للخط مثلا ليس بعد ان يصير نوعا متخصص الاستعداد بل التخصص انما يحصل بها لا قبلها فهى مع كونها اخص من طبيعة الجنس اعراض اوليه الى آخر كلامه بطوله ـ وتوضيحه على ما افاده بعض المحققين قدس‌سره ان الموضوع فى علم المعقول مثلا هو الموجود او الوجود وهو ينقسم اوّلا الى الواجب والممكن ثم الممكن الى الجوهر والمقولات العرضية ثم الجوهر الى عقل و

٤٠