نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

حتى مع الاغماض عما اسلفنا (١) اذ (٢) كل واحد من المعنيين اريد من اللفظ بقيد الوحدة ولا شبهة للمحقق القمى (٣) اذ اريد كل منهما من اللفظ فى حال الانفراد فى اللحاظ وح العمدة فيه تصور امكانه لما عرفت من استحالة طروّ اللحاظين على لفظ واحد وح فعمدة المحذور ذلك (٤) لا غيره فتدبر وقد يتخيل طريق آخر اقرب من ما ذكرنا (٥) وملخصه (٦) ان استعمال اللفظ عبارة عن ايجاد المعنى فى الخارج (٧)

______________________________________________________

(١) من انها قضية حينية لا تقييديه.

(٢) هذا جواب آخر ردا للمعالم وهو انه بعد ما كان بمنزلة استعمالين ان استعمال اللفظ المشترك فى اكثر من معنى لا يوجب الاخلال بقيد الوحدة لان فرض النزاع انما هو فى استعمال اللفظ فى كل من المعنيين بلحاظ يخصه لا فى استعماله فيهما بلحاظ واحد وما ينافى طريقة الواضع هو الثانى لا الاولى فلا تنافى ذلك مع قيد الوحدة.

(٣) اى القضية الحينية لما عرفت من فرض النزاع فى استعمال اللفظ فى كل من المعنيين بلحاظ يخصه فلا ينافى وضعه فى حال الانفراد لكونه بمنزلة استعمالين مستقلين كما مر.

(٤) من امتناع ان يكون لفظ واحد فانيا فى المعنيين على ما مر مفصلا.

(٥) من توجّه اللحاظين الى لفظ واحد كما مر.

(٦) وهو المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٦٤ قال والتحقيق ان الامر فى الاستحالة اوضح من ذلك بيانه ان حقيقة الاستعمال ايجاد المعنى فى الخارج باللفظ حيث ان وجود اللفظ فى الخارج وجود لطبيعى اللفظ بالذات ووجود لطبيعى المعنى بالجعل والمواضعة والتنزيل لا بالذات اذ لا يعقل ان يكون وجود واحد وجودا لماهيّتين بالذات كما هو واضح وحيث ان الموجود الخارجى بالذات واحد فلا مجال لان يقال بان وجود اللفظ وجود لهذا المعنى خارجا وجودا آخر لمعنى آخر حيث لا وجود آخر كى ينسب الى الآخر بالتنزيل وليس الاستعمال إلّا ايجاد المعنى بنحو وجوده اللفظى خارجا وقد عرفت ان الايجاد والوجود متحدان بالذات وحيث ان الوجود واحد فكذا الايجاد وبالجملة الاستقلال فى الايجاد التنزيلى كما هو مبنى الاستعمال الذى هو محل الكلام يقتضى الاستقلال فى الوجود التنزيلى وليس الوجود التنزيلى والاختصاص به يقتضى التفرد بالوجود الحقيقى وإلّا لكان وجودا تنزيليا لها معالا لكل منفردا انتهى.

(٧) باللفظ المستعمل فيه.

٤٢١

بوجوده التنزيلى (١) وحيث ان ايجاد كل واحد من المعنيين بلفظ واحد (٢) فلا محيص من ان يكون وجود المعنيين واحدا وح لا يعقل ان يكون لكل معنى وجود مستقل بل كلاهما تحت وجود واحد (٣) وهو يقتضى عدم استقلال كل واحد بالوجود وهو خلاف فرض استقلال كل منهما فى عالم الايجاد والاستعمال (٤) حيث ان الايجاد عين وجود الشىء كما هو واضح لما انه ذكر فى ذيل مرامه بيانا آخر (٥) اتقن باعتقاده تسجيلا لمرامه بانه لو فرض كون الاستعمال خاليا عن اللحاظ كان الايجادين محالا وانه لا ينوط الاستحالة على امكان اللحاظين وعدمه ، اقول لا شبهة فى ان مصحّح تنزيل كون وجود اللفظ عين وجود المعنى ليس إلّا قيامه (٦) فيه (٧) ومرجع فنائه (٨) الى كونه مرآة له (٩) ومقوّم مرآتيته (١٠) ليس

______________________________________________________

(١) فيكون وجود اللفظ خارجا وجودا طبيعيا لماهية اللفظ ووجودا تنزيليا للمعنى.

(٢) وذلك لان اللفظ المشترك اذا اطلق واستعمل فى كل من معنييه فلا محاله يلزم ان يكون وجود اللفظ الحقيقى فى الخارج وجودين تنزيليين لمعنيين محال كصيرورة وجود واحد وجودا بالذات لماهيّتين فالموجود الخارجى واحد بالذات فلا مجال للقول بان وجود اللفظ وجود لهذا المعنى خارجا ووجود آخر لمعنى آخر حيث لا وجود آخر هناك كى ينسب اليه بالتنزيل.

(٣) بان فرض استعماله فى اكثر من معنى بلحاظ واحد لا بلحاظات متعددة بعدد المعانى فهو وان كان ممكنا لصيرورة وجود اللفظ الحقيقى وجودا تنزيليا واحدا لجملة من المعانى ومستعملا فيه استعمالا واحدا إلّا انه خلاف الفرض.

(٤) وهو الذى محل الكلام.

(٥) قال المحقق الاصفهاني فى النهاية ج ١ ص ٦٤ ومنه تعرف ان الاستعمال لو فرض محالا تحققه بلا لحاظ لكان محالا وانه لا يدور الامتناع والجواز مدار امتناع تقوم الواحد بلحاظين وعدمه الخ.

(٦) ولعل الصحيح ـ فنائه ـ بقرينة الجملة الآتية والضمير يرجع الى اللفظ.

(٧) اى فى المعنى.

(٨) اى فناء اللفظ.

(٩) اى للمعنى.

(١٠) اى اللفظ.

٤٢٢

الا عبور نظره (١) منه (٢) اليه (٣) وح فلئن فرض امكان النظرين (٤) مستقلا حسب اعترافه (٥) فقهرا يتحقق مناط التنزيلين فيه (٦) ومرجعه الى اعتبار العقل لفظا واحدا بالوحدة الحقيقية متعددا بالعناية (٧) بملاحظة تعدد مناط تنزيله له وهو تعدد اللحاظين الموجب كل لحاظ لفناء مستقل المستتبع لكونه وجود الكل واحدا من المعنيين بوجود المستقل فعدم اعتبار العقل مثل هذه العنايات بملاحظة عدم تعقل منشئه من تعدّد اللحاظين (٨) ومن هنا ظهر انه لو فرض خلوّه من اللحاظ لا معنى

______________________________________________________

(١) اى نظر المتكلم.

(٢) اى من اللفظ.

(٣) اى الى المعنى وبالجملة ان التنزيل يرجع الى فناء اللفظ فى المعنى ومرآتية اللفظ للمعنى بحيث يكون تمام النظر الى المعنى كما هو المختار فان تم ذلك فيرجع المحذور من انه كيف يكون لفظ واحد شخصى فانيا فى المعنيين.

(٤) واللحاظين كذلك للمعنيين.

(٥) فى كلامه بان اللحاظين المستقلين ممكن وانما الايجادين محالا كما هو صريح ذيل كلامه.

(٦) والتنزيلين لا يوجب المحال لانه كما سيأتى امر اعتبارى قابل ان يعتبر وجودين بالاعتبار.

(٧) والاعتبار ، وحاصل الجواب ان امتناع صيرورة الوجود الواحد وجودا بالذات لماهيتين لا يستلزم امتناع صيرورة وجود واحد بالذات وجودين تنزيليين لمعنيين وذلك لان امتناع الاول ذاتى وهو من القضايا التى قياساتها معها لان فرض الماهيّتين هو فرض الوجودين فانها من حدود الوجود اما تنزيل شىء منزلة شىء آخر انه وجود تنزيلى واعتبارى وجعلى بالمواضعة الاعتباريّة وهو لا يوجب التكثر فى الوجود الواقعى فكون شىء وجودا تنزيليا لشيء لا يستنبط منه سوى كونه بالاعتبار كذلك لا بالذات والحقيقة وعليه يجوز ان ينزل امرا واحدا منزلة امرين ويترتب عليه اثر التعدد.

(٨) والعمدة فى الامتناع تعدد اللحاظين الاستعماليين فى لفظ واحد لا تنزيليين فان ملاك التنزيل فى المقام متقوم بامرين احدهما الوضع والثانى هو الاستعمال ولا ريب فى امكان وضع لفظ واحد لمعان متعددة كما ان صاحب هذا الدليل يعترف بامكان لحاظ المعنيين او المعانى المتعددة كل واحد بلحاظ استعمال يخصه فى وقت واحد حين اطلاق اللفظ

٤٢٣

لقيامه (١) فيه كى يبقى مجال تنزيله منزلة وجوده كما لا يخفى (٢) فتامل كى لا يغشّك مثل هذه التمويهات المبعّدة عن الواقعيّات ، وبعد وضوح المقصد نقول انه لا مجال للفرق فى منع الجواز بين المفرد والتثنية الملحق به الجمع ايضا بخيال (٣) ان الالف والنون دال على ارادة المعنيين من مدخولهما (٤) اذ مرجعه الى لحاظهما مستقلا بتوسيط لفظ المبدا (٥) بقرينة أداة التثنية (٦) وح (٧) علاوه (٨) عن لزوم استعمال

______________________________________________________

المشترك وعليه لا يبقى مجال لادعاء امتناع صيرورة الوجود الواحد الخارجى وجودين تنزيليين لمعنيين فالمانع هو مراتبه اللفظ لمعنى واحد وفنائه فيه ولا يمكن اجتماع لحاظين استعماليين فى لفظ واحد.

(١) الصحيح ـ لفنائه ـ وهذا هو الجواب عما ذكره فى ذيل كلامه فان المحذور هو اللحاظ الاستعمالى للفظ واحد فانه فانيا فى ـ المعنيين وان لم يكن لحاظ الاستعمال فى البين فكيف تصور الفناء والمرآتية اصلا.

(٢) وملخص الكلام انه لو كان التنزيل مناطه غير الفناء فلا محذور فيه والعمدة اللحاظ الاستعمالى وان كان مناطه الفناء والمرآتية فالمحذور باق ولا يكون وجه مستقل للامتناع.

(٣) اختاره فى المعالم ص ٣٣ قال ولنا على كونه حقيقة فى التثنية والجمع انهما فى قوة تكرار المفرد بالعطف والظاهر الاتفاق فى اللفظ دون المعنى فى المفردات ألا ترى انه يقال زيدان وزيدون وما اشبه هذا مع كون المعنى فى الآحاد مختلفا ـ الى ان قال ـ وتاويل بعضهم له بالمسمى تعسف بعيد وح فكما انه يجوز ارادة المعانى المتعددة من الالفاظ المفردة المتعددة المتعاطفة على ان يكون كل واحد منهما مستعملا فى معنى بطريق الحقيقة فكذا ما هو فى قوته الى آخر كلامه.

(٤) وهو رجل فى رجلان وزيد فى زيدان وعين فى عينان وهكذا فالالف والنون قرينة على ارادة المعنيين مستقلا كل واحد منهما من رجل وزيد وعين وهكذا.

(٥) وهو المدخول

(٦) فيكون ح فى قوة تكرير المفرد بالعطف ولمّه افادة العلامة ذلك.

(٧) هذا فى مقام الجواب عنه وجوابه من نواح ثلاث الناحية الاولى فى اسماء الاجناس وهو الجواب الاول الذى افاد وجهين فيه

(٨) هذا هو الوجه الاول وملخصه ان التعدد والتكرار ولو يكون من جهة افادة العلامة ذلك لكن لا انه كان من جهة استعمال المدخول فى المتعدد والعلامة قرينة عليه و

٤٢٤

اللفظ (١) الموضوع للطبيعى فى تثنية الطبائع الكلية (٢) فى خصوص الفرد (٣) وهو مجاز يلزم (٤) فى لحاظ كل واحد مستقلا اجتماع النظرين (٥) فى لفظ واحد ايضا وعرفت انه محال وح (٦) فلا بد ان يراد فى امثال هذه المقامات من المبدا نفس الطبيعة ومن أداة التثنية وجودها (٧) فى ضمن فردين بنحو الدالين والمدلولين (٨) فليس فى البين ح استعمال لفظ فى المعنيين نعم (٩) قد يشكل الامر فى تثنية الاعلام الشخصية كزيدين وحسنين وامثالهما اذ لا مجال للبيان السابق هنا (١٠) لعدم

______________________________________________________

الا يلزم استعمال اللفظ وهى المادة الموضوعة لطبيعى المعنى فى بعض افراده وهو خلاف الوجدان وسيأتى ما هو المراد منه.

(١) وهو المدخول

(٢) اى فى موضوع التثنية والجمع الطبائع الكلية

(٣) اى مستعمله فى خصوص الفرد

(٤) هذا هو الوجه الثانى وهو انه ملاك الاستحالة هو استلزام استعمال اللفظ فى اكثر من معنى لاجتماع اللحاظين فى لفظ واحد شخص وهذا الملاك متحقق بنفسه فى ما لو كان تثنية او جمعا كالمفرد لو استعمل فى المعنيين او ازيد.

(٥) اى اللحاظين الاستعمالى الموجب لفناء اللفظ فى المعنى ومرآة له.

(٦) وعليه فالمراد من التثنية وكذا الجمع والموضوع له فيها اما مدخولهما صرف الطبيعة التى هى معنى كلى قابل للتعدد واما العلامة والاداة فلافادة التعدد من المدخول او تقيد مدخولها بالتعدد وهذا ليس من استعمال المدخول فى المتعدد بشيء.

(٧) اى الطبيعة

(٨) فبما ان المادة مستعمله فى معناها الذى وضعت له اعنى به طبيعة المعنى وكما انه يجوز اطلاقها بمالها من المعنى على بعض افراد طبيعى المعنى من باب التطبيق والصدق وتستفاد خصوصية الفرد من قرنية اخرى كما لو قلت رايت رجلا كذلك تستعمل فى معناها وتطلق بمالها من المعنى على فردين او اكثر فى مقام التثنية والجمع توصل بها علامة التثنية او الجمع للدلالة على خصوصية الافراد كما فى حال استعمالها فى المفرد.

(٩) هذه هى الناحية الثانية وذلك فى الاعلام الشخصية كزيدين ونحوه.

(١٠) والوجه فى ذلك ان اسامى الاجناس مما كان قابلا للتعدد كالرجل والحنطة وامثالهما واما الاعلام الشخصية كزيد غير قابل للتعدد حتى يكون المدخول قابلا للانطباق

٤٢٥

صالحية المبدا للوجودين كى يصلح دخوله فى باب الدالين والمدلولين (١) وتوهم تاويلهما بالمسمى (٢) وهو ايضا من الطبائع القابلة للتكرر ، مدفوع باستلزامه نكارة العلم الشخصى عند تثنيته مع انهم يرتبون ايضا آثار المعرفة على مثلها (٣) وح (٤)

______________________________________________________

على الفرد وعلى الفردين.

(١) ويكون علامة التثنية او الجمع للدلالة على خصوصية الافراد كما فى حال استعمالها فى المفرد وقيل فى تصحيحها وجهين.

(٢) ولعله المشهور بينهم وذهب اليه صاحب الكفاية قال فى ج ١ ص ٥٦ والتثنية والجمع فى الاعلام انما هو بتاويل المفرد الى المسمى بها انتهى وتوضيحه ان هذه المعانى الخاصة المتباينة التى سميت بما هى متباينة باسم واحد فكان هذا الاسم الواحد مرتبطا بكل واحد من هذه المعانى بخصوصه ودالا عليه بما هو مباين للمعنى إلّا ان ارتباطه بجميع هذه المعانى المتباينة بسبب وضع لفظ واحد لكل منها جهة جامعه تجتمع فيها فى حال تبانيها وافتراقها وتلك الجهة الجامعة عبارة عن عنوان كونها مسماة بهذا اللفظ وباعتبار هذا المفهوم منها جهة جامعة تجتمع فيها فى حال تباينها وافتراقها وباعتبار هذا المفهوم والجامع الوحدانى اعنى به مفهوم المسمّى بلفظ زيد مثلا صح تثنيه الاعلام وجمعها فالمعنى العام اعنى به المسمى الجامع بين هذه الافراد المتباينة اعنى معانى لفظ زيد قد استعملت مادة زيد فيه فى حال التثنية والجمع وافيد التعدد سواء كان تثنيه ام جمعا بدال آخر وهى العلامة.

(٣) فاجاب عن هذا الوجه قدس‌سره بانه لو فرضنا ارادة هذا العنوان الجامع بين المعانى المتعددة وهو المسمّى به فيلزم ان يكون نكرة فيقول جاء زيدان لعدم التعيين والتعريف الذاتيين بسبب ارادة هذا العنوان مع ان ذلك خلاف المستفاد من الاستقراء فى اللغة والعربية من استعمال تثنيه الاعلام والجموع معرفة بلام العهد ويقال جاء الزيدان وجاء الزيدون.

(٤) وتوضيحه ان علامة التثنية والجمع موضوعة للدلالة على التعدد اما فى مدخولها او فى معنى مدخولها فاذا امتنع التعدد فى معنى مدخولها انحصرت دلالتها فى تعدد نفس مدخولها فمثل الاعلام حيث يمتنع التعدد فى معانيها انحصرت دلالة علامة التثنية والجمع الداخلة على احد الاعلام على تعدد نفس مدخولها اعنى به لفظ العلم وح يكون مفهوم لفظ زيدان مثلا هى افادة التعدد فى لفظ زيد تثنيه كان ام جمعا وليكن هذا التاويل هو معنى قولهم التثنية والجمع فى قوة تكرار لفظ المفرد وهو تكرار اللفظ بلا حاجة الى الاتفاق فى المعنى مكررا.

٤٢٦

الاولى فى امثال المقام ان يقال بان علامة التثنية فيها دالة على تكرر طبيعة مدخوله اما بنفسه (١) او بمعناه (٢) وهنا بلحاظ تكرر اللفظ فى ضمن فردين الحاكي كل منهما عن شخص معناه بل ويمكن الالتزام بمثله (٣) فى تثنية الاجناس ايضا فيراد من الإنسانين لفظين من الانسان المراد من كل واحد فرد منه (٤) لو لا (٥) لزوم محذور المجاز من ارادة الفرد من اللفظ الموضوع للطبيعة ففيها (٦) لا بد وان يكون بلحاظ تكرر معناه (٧) وعليه فيختص هذا التوجيه (٨) فى تثنية الاعلام الشخصية بل (٩) و

______________________________________________________

(١) اى نفس المدخول وهو لفظه

(٢) اى معنى المدخول.

(٣) اى كون التثنية علامة تكرار اللفظ فى الاجناس ايضا فرجلين اى لفظين من الرجل المراد من كل واحد من الرجلين فرد من الرجل المغاير للآخر معنى وبعبارة اخرى ان التثنية والجمع فى باب الاعلام باعتبار لفظ زيد الذى هو كلى قابل للتعدد لا باعتبار مدلوله ومعناه نظير باب استعمال اللفظ فى نوعه فاريد من المدخول ح نفس طبيعة اللفظ ومن العلامة تقيده بالتعدد ولكنه لا بنحو يكون اللفظ بنفسه منظورا استقلاليا فى قبال معناه بل بما انه مرآة الى معناه بحيث كان النظر اليه نظرا عبوريا وكان المنظور بالاستقلال هو المعنى كما فى قولك رايت زيدين اى زيد بن عمر وزيد بن بكر فى قبال ما لو كان المنظور بالاستقلال هو اللفظ خاصه كقولك الكتب زيدين او اقرأ زيدين حيث كان النظر الاستقلالى فيهما بتمامه الى خصوص اللفظ بلا نظره الى مدلوله ومعناه فيراد من العلامة فى مثل زيدين فردان من طبيعة لفظ زيد على نحو يكون كل فرد حاكيا عن معنى خارجى.

(٤) اى من الانسان.

(٥) يبين قدس‌سره ان فى اسماء الاجناس محذور ليس فى اعلام الاشخاص فان فى اعلام الاشخاص موضوع للذات الخاصة فارادة تكرار اللفظ المستعمل فى الفرد لا محذور فيه بخلاف اسماء الاجناس فانها موضوعة للطبيعة المهملة فاستعمالها فى الفرد يكون مجازا فلا بد وان يراد تكرار معنى مدخولها.

(٦) اى فى اسماء الاجناس

(٧) اى معنى مدخولها

(٨) من الدلالة على تكرار اللفظ

(٩) واما الناحية الثالثة وهى اسماء الاشارة كهذين وهاتين ونحوهما التى من

٤٢٧

يجرى مثل ذلك (١) فى تثنيه اسماء الاشارة المتوغّلة فى التعريف كهذين مثلا بحيث لا معنى فيها للتاويل بالمسمى اصلا (٢) مع (٣) امكان دعوى ان مثل هذه الالفاظ لما كان وضعها للمعنى المبهم المعروض للاشارة اليه فيكون تعيينها من قبل هذا العارض (٤) وح فلا قصور فى ذات المعنى (٥) لان يتحقق فى ضمن المتكرر الحاكى عنه أداة التثنية بنحو الدالين والمدلولين (٦) بضميمة كون المتكرر (٧) متعلق التعيّن بالاشارة اليهما كما لا يخفى فتدبر ، ولقد عجز فى الفصول (٨) عن الاشكال المزبور (٩)

______________________________________________________

المعارف.

(١) فيمكن توجيه التثنية والجمع فيها بوجهين ، الوجه الاول هو نفس ما تقدم فى الاعلام من ان يكون المراد لفظ المدخول القابل للتكرر لكن اللفظ بما هو حاك عن المعنى

(٢) لما عرفت ان التاويل بالمسمى يستلزم التنكير وهذه الاسماء معرفة من رأس.

(٣) وهذا هو الوجه الثانى ما ملخصه ان معنى اسم الاشارة سنخ مفهوم مبهم من جميع الخصوصيات الا خصوصيّة الاشارة الّتى تخصص بها ذلك المعنى المبهم فهو بهذا المفهوم يقبل الصدق على كثيرين فيمكن ان يراد به فردين او اكثر من فردين مما تنطبق عليه ذلك المعنى المبهم المتخصص بالاشارة او المعهوديّة ونحوهما بنحو خروج القيد ودخول التقيد فاذا دخلت علامة التثنية او الجمع على اسم الاشارة دلت على خصوصية التعدد الطارئة على المعنى المستعمل فيه اسم الإشارة وهكذا باقى المعارف من الموصولات والضمائر لهما ونحوها فان مفاده كلى قابل للتعدد بتعدد الدال والمدلول بمعنى ان نفس اسم الإشارة او الضمير او الموصول موضوعة للمعنى المبهم المزبور وعلامة التثنية والجمع دال على التعدد.

(٤) وهو علامة التثنية والجمع

(٥) المبهم

(٦) على ما عرفت

(٧) وهو المعنيين.

(٨) قال فى الفصول ص ٥٧ واما نحو هذان رفعا وهذين نصبا وجرا فهما موضوعان بوضع مستقل للاشارة فى الحالتين الى كل فردين مما يشار اليهما وليسا بتثنية هذا لامتناعها بدون التاويل ومعه يلزم عدم اختصاصه بالفردين المشار اليهما لكلية المسمى مع ان المتبادر خلافه الخ.

(٩) من صاحب المعالم من انه بمنزلة التكرار

٤٢٨

خصوصا فى تثنية الاشارات فاجاب (١) بجعل مثل هذه الكلمة بمجموعهما (٢) موضوعة للاشارة الى الاثنتين بلا مراعات قواعد التثنية فيها (٣) من كونها (٤) من باب الدالين والمدلولين وهو (٥)

______________________________________________________

(١) وملخص جواب صاحب الفصول ان مثل هذين ونحوه بان الوضع فيه انما هو كوضع الجوامد بدعوى ان هذين وضع مادة وهيئة وضعا واحدا للإشارة الى الفردين من المذكر فلا يكون تثنية حقيقة.

(٢) مادة وهيئة

(٣) من كونها تثنيه المفرد وانما مفرد موضوعة لكذا والعلامة تدل على التكرار باعتبار تعدد الدال والمدلول.

(٤) اى اسماء الاشارة كهذين ونحوه

(٥) هذا هو الجواب عنه من انه خلاف الوجدان ومخالف لما اجمع عليه اهل العربية من ان علامة التثنية من الف ونون فى حال الرفع والياء ونون فى حال الجر والنصب موضوعة على حده وضعا نوعيا ، ثم انه لا فرق بين ان يكون المعنيين حقيقيين او مجازيين او احدهما حقيقيا والآخر مجازيا ونقل المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٦٧ عن بعض المدققين من المعاصرين (صاحب المحجة) دعوى الاستحالة هنا وان قلنا بالامكان هناك نظر الى ان الحقيقية والمجازية وصفان متقابلان والاستعمال الواحد واللفظ الواحد لا يتصف بوصفى متقابلين لاستحالة الجمع بين المتقابلين ، ويندفع باختلاف الجهة والحيثية فان اللفظ من حيث انه يفيد المعنى الموضوع له مطابق للوضع فمن هذه الجهة يتصف بوصف اعتبارى وهو كونه حقيقة ومن حيث انه يفيد المعنى الذى لم يوضع له غير مطابق للوضع فيتصف من هذه الحيثية بالمجازية فهناك حيثيتان حقيقيّتان موافقتان لنفس الامر وبهما يصح اتصاف اللفظ والاستعمال بالحقيقيّة والمجازية انتهى فالمتحصل انه لا فرق بين ان يكون المعنيان حقيقيين او مجازيين او مختلفين لاتحاد المناط فى الجميع وهو عدم امكان ان يكون وجود واحد شخصى وجود تنزيليا وفانيا فى معنيين ، ونقل فى المحاضرات ج ١ ص ٢١٠ هكذا وما قيل في بيان استحالة ارادة المعنى المجازى والمعنى الحقيقى معا من ان ارادة المعنى المجازى تحتاج الى القرينة الصارفة عن ارادة المعنى الحقيقي وهى مانعة عن ارادته ولا تجتمع معها ، يندفع بان هذا انما هو فيما اذا اراد المتكلم خصوص المعنى المجازى واما اذا اراد المعنى الحقيقى والمجازى معا على نحو المجموع او الجميع فيحتاج ذلك الى القرينة الصارفة عن ارادة خصوص المعنى الحقيقى لا عن ارادته مع المعنى المجازى اذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك

٤٢٩

كما ترى لا يساعده الوجدان تفريع (١) قد يتوهم (٢) بان ارادة التكليف والمال من الموصول فى قوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) من باب استعمال اللفظ فى المعنيين كما هو الشأن (٣) فى ارادة الاعلام والاعطاء من الايتاء ، علاوه (٤) عن لزوم اجتماع النظرين فى اضافه الفعل اليه حيث ان اضافه الفعل الى المفعول المطلق نحو من الربط الغير المربوط باضافته الى المفعول به ، ولكن يمكن التفصى عن الشبهة الاولى (٥) بان المراد من الموصول

______________________________________________________

انتهى.

(١) ازاحة شبهة من ثمرات استعمال اللفظ فى اكثر من معنى جواز او امتناعا.

(٢) ذكر الشيخ الاعظم الانصارى قدس‌سره فى الرسائل ص ١٩٣ نعم لو اريد من الموصول نفس الحكم والتكليف كان ايتائه عبارة عن الاعلام لكن ارادته بالخصوص ينافى مورد الآية اذ موردها الانفاق من الميسور وارادة الاعم منه ومن المورد يستلزم استعمال الموصول فى معنيين اذ لا جامع بين تعلق التكليف بنفس الحكم والفعل المحكوم عليه فافهم الخ اذا التكليف فعل الشارع والانفاق فعل العبد وارادة التكليف منه تستلزم كون كلمة الموصول مفعولا مطلقا لقوله تعالى (لا يُكَلِّفُ) وارادة متعلق التكليف تستلزم كونه مفعولا به ولا جامع بين المفعولين واللم فى ذلك انه على المفعول المطلق يحتاج فى اضافة الفعل الى الموصول الى لحاظ كونه من شئون الفعل وكيفياته على نحو يكون وجوده يعين وجود الفعل بخلافه على المفعول به فانه يحتاج فى اضافه الفعل اليه الى لحاظ كونه موجودا فى الخارج قبل الفعل ليكون الفعل موجبا لايجاد وصف عليه بعد وجوده ومفروغية ثبوته وبعد عدم تصور جامع قريب بينهما بنحو يوجب رجوع النسبتين الى نسبة واحدة لا يمكن ارادة الجميع من الموصول الّا بنحو استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد.

(٣) من لزوم استعمال اللفظ فى المعنيين

(٤) هذا هو اشكال آخر وملخصه انه يلزم ان يكون الفعل الواحد فى الكلام فى تعلقه بالموصول نسبتان مختلفتان الى المفعول به تارة والمفعول المطلق اخرى المستلزم ذلك لاجتماع اللحاظين المتنافين فى كلام واحد باعتبار قوام تعدد النسبة بتعدد اللحاظ وهو محال.

(٥) وتوضيحه انه لا مانع من ان يكون المراد من ما الجامع بين التكليف ومتعلقه والمراد بإيتاء الانفاق والاعلام بيان ذلك فان الموصول قد استعمل فى معناه الكلى العام وارادة الخصوصيات المزبورة يكون من دوال أخر خارجيه فلا يرد محذور ح فى البين لا من جهة

٤٣٠

هو الجامع (١) المنطبق على كل من الفردين (٢) من باب الدالين كما هو الشأن فى الايتاء (٣) بارادة المعنى الواحد منه وتطبيقه على مصداقه الادعائى (٤) والحقيقى (٥) من باب الدالين (٦) وعن الشبهة الثانية اوّلا (٧) بان اضافة الفعل الى الجامع بين المفعولين اضافه ثالثه ولا يلزم فى مثله اجتماع النظرين ، وثانيا (٨)

______________________________________________________

الموصول لانه لم يستعمل الا فى معناه الكلى العام والخصوصيات انما كانت بتوسيط دال آخر خارجى ولا فى لفظ الايتاء فانه مستعمل فى معناه وهو الاعطاء غير انه مختلف مصاديقه من كونه تارة هو الاعلام عند اضافته الى الحكم واخرى الانفاق عند اضافته الى المال فلا محذور اصلا.

(١) بين المفعول به والمفعول المطلق كما عرفت

(٢) من المفعول

(٣) وهو الاعطاء واعطاء كل شيء بحسبه فالمال بانفاقه والحكم باعلامه

(٤) وهو الاعلام

(٥) وهو الانفاق

(٦) كما مر

(٧) وملخصه ان اضافه الفعل وتعلقه بالموضوع حيث لا يكون إلّا على نحو تعلق واحد به وهو الجامع فلا محذور فيه ومجرد تعدده بالتحليل الى نحو التعلق بالمفعول به والتعلق بالمفعول المطلق لا يقتضى تعدده بالنسبة الى الجامع الذى هو مفاد الموضوع.

(٨) وتوضيحه ان ارادة الحكم من الموصول انما يقتضى كونه المفعول المطلق لو كان المراد من التكليف فى الآية ايضا هو الحكم والّا ففى كونه بمعناه اللغوى اى الكلفة والمشقة فلا يتعين ذلك فانه من الممكن ح جعل الموصول عبارة عن المفعول به وارجاع النسبتين الى نسبة واحدة فان معنى الآية انه سبحانه لا يوقع عباده فى كلفة حكم او مال الا الحكم الذى اوصله اليهم بخطابه او المال انفقه وبقية الكلام يتكل الى محله إن شاء الله تعالى هذا تمام الكلام فى الثمرة الاولى من استعمال اللفظ المشترك فى الاكثر من معنى واحد اما الثمرة الثانية قال فى الكفاية ج ١ ص ٥٧ وهم ودفع لعلك تتوهم ان الاخبار الدالة على ان للقرآن بطونا سبعة او سبعين تدل على وقوع استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد فضلا عن جوازه ولكنك غفلت عن انه لا دلالة لها اصلا على ان ارادتها كان من باب ارادة المعنى من اللفظ فلعله كان بارادتها فى انفسها حال الاستعمال فى المعنى لا من اللفظ كما اذا استعمل فيها ـ اى ان يكون اللفظ قالبا لاحدها وعلامة للباقى او كان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ وان كان افهامنا

٤٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

قاصرة عن ادراكها انتهى وهناك محامل آخر لا وجه لذكره وعلى اى لو فرض الدلالة لها لوجب التصرف فيها لامتناع المدلول عقلا ذكر المحقق الاصفهانى ج ١ نهاية ص ٦٧ وجها عرفانيا قال وربما يمكن اصلاح تعدد البطون بتعدد المحققات والمصاديق لمعنى واحد مثلا الطريق والميزان لهما معنى معروف وهما ما يسلك فيه ويوزن به ومحققاتهما كثيرة منها الطريق الخارجى وما له كفتان ومنها الامام عليه‌السلام حيث انه السبيل الاعظم والصراط الاقوم الذى لا يضل سالكه وبه عليه‌السلام يعرف صحة الاعمال وسقمها وخفتها وثقلها الى غير ذلك من المصاديق المناسبة وارادة المصاديق المتعددة فى كل مورد بحسبه لا تنافى الاستعمال فى معنى واحد يجمع شتاتها ويحوى متفرقاتها انتهى الثمرة الثالثة قال الشيخ الانصارى فى الرسائل ج ٢ ص ١٦ وقد يستدل على المطلب ـ اى البراءة فى الشبهة التحريمية الحكمية ـ اخذا من الشهيد فى الذكرى بقوله عليه‌السلام كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه ـ الى ان قال ـ فالرواية مختصة بالشبهة فى الموضوع ـ الى ان قال ـ وقد اورد على الاستدلال بلزوم استعمال قوله عليه‌السلام فيه حلال وحرام فى معنيين احدهما انه قابل للاتصاف بهما وبعبارة اخرى يمكن تعلق الحكم الشرعى به فيخرج ما لا يقبل الاتصاف بشيء منهما والثانى انه ينقسم اليهما ويوجد النوعان فيه اما فى نفس الامر او عندنا وهو غير جائز وبلزوم استعمال قوله (ع) حتى تعرف الحرام منه بعينه فى المعنيين ايضا لان المراد حتى تعرف من الادلة الشرعية اذا اريد معرفة الحكم المشتبه وحتى تعرف من الخارج الحرمة اذا اريد معرفة الموضوع المشتبه فليتامل انتهى وليته امر بالتامل فى الايراد الاول ايضا ويمكن ارجاعه اليهما معا وهو الاولى الى آخر كلامه قدس‌سره وقال صاحب الكفاية ج ٢ ص ٣٠٠ ولا يخفى انه لا يلزم على ذلك ـ اى ظهور المغيا فيها في بيان الحكم للاشياء بعناوينها الواقعية وبغايته دل على الاستصحاب واستمرار ما حكم على الموضوع واقعا على ما سلكه ـ استعمال اللفظ فى معنيين اصلا وانما يلزم لو جعلت الغاية مع كونها من حدود الموضوع وقيوده غاية لاستمرار حكمه ليدل على القاعدة والاستصحاب الى آخر كلامه وتفصيله يتكل الى محله ومثل ما ذكر الشيخ الانصارى فى ج ٢ من الرسائل ص ٢٠٠ قوله (ع) فى موثقة عمار كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر بناء على انه مسوق لبيان استمرار طهارة كل شيء الى ان يعلم حدوث قذارته ـ الى ان قال ـ نعم ارادة القاعدة والاستصحاب معا يوجب استعمال اللفظ فى معنيين لما عرفت ان المقصود فى القاعدة مجرد اثبات الطهارة فى المشكوك وفى الاستصحاب خصوص ابقائها فى معلوم الطهارة سابقا والجامع بينهما غير موجود فيلزم

٤٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ما ذكر الى آخر كلامه الثمرة الرابعة ذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٦٨ ونظير اشكال تعدد البطون ما ورد من طلب الهداية عند قراءة قوله عزّ من قائل اهدنا الصراط المستقيم ونحوه فى غيره فان محذور الاستحالة تعدد المحكى عنه مع وحدة الحاكى وهو جار هنا لان القراءة هى الحكاية عن اللفظ ـ اى لفظ القرآن الذى اتى به جبرئيل ـ باللفظ المماثل والانشاء قصد ثبوت المعنى باللفظ ولا يمكن استعمال اللفظ فى اللفظ وفى المعنى ، وربما يجاب عنه بان المعنى يقصد من اللفظ الذى هو المعنى كما فى اسماء الافعال عند من يجعلها موضوعه لالفاظ الافعال فلم يلزم استعمال اللفظ فى اكثر من معنى بل استعمل كل لفظ فى معنى ، وفيه ان قصد المعنى من اللفظ المحكى عنه باللفظ اوضح استحالة من قصده من اللفظ الحاكى ضرورة ان الاستعمال كذلك غير معقول سواء كان الاستعمال بمعنى الاعلام والتفهيم او بمعنى ايجاد المعنى باللفظ او بمعنى افناء اللفظ فى المعنى وجعله وجها وعنوانا له فان هذه الاوصاف لا يوصف بها ما لا وجود لها خارجا بل جعلا وتنزيلا مع ان الفرض انشاء المعنى باللفظ فاللفظ مما ينشأ به ويتوسل به الى ثبوت المعنى وهذا مع عدم تحقق ما ينشا به ويتوسل به غير معقول اذ ليس الانشاء مجرد قصد المعنى كما لا يخفى ، فالاولى ان يجاب عن الاشكال بحمل ما ورد من الاخبار فى هذا المضمار على طلب الهداية مقارنا لقراءة اهدنا الصراط المستقيم لا طلب الهداية بها ، ويمكن ان يجاب ايضا بان القراءة ليست الحكاية عن الالفاظ بالالفاظ واستعمالها فيها بل ذكر ما يماثل كلام الغير من حيث انه يماثله فى قبال ذكره من تلقاء نفسه وهذا لمعنى غير مشروط بعدم انشاء المعنى به حتى يلزم الجمع بين اللحاظ الاستقلالى والآلي فيما يماثل كلام الغير من حيث انه يماثله بقصد المعنى فان من مدح محبوبه بقصيدة بعض الشعراء فقد قرء قصيدته ومدح محبوبه بها نعم لو لم يلتقت الى ذلك ومدحه بما انشاه من تلقاء نفسه لم يصدق القراءة وان كان مماثلا لما انشاه الغير انتهى وقد اجابوا عن هذه المناقشة بانه يستعمل اللفظ فى ذلك اللفظ وبدونه ليس بقراءة اصلا لكن يمكن الانشاء به تبعا بان يستعمل اللفظ بماله من المعنى الانشائى فى اللفظ الذى اتى به جبرئيل (ع) والنفس بما انها جوهر بسيط لها القوة من اجتماع اللحاظين بل اكثر فى زمان واحد كما مر مرارا ، لكن الظاهر انه لا يمكن اصلا ولو جوز السيد محمد كاظم اليزدى فى العروة مسألة ٨ من مستحبات القراءة ، لكن كما ذكر لا يتم وذلك فان على التحقيق من اعتبار استعمال اللفظ فى مثله يكون هذا اللفظ الصادر فى مثل اياك نعبد فانيا فى اللفظ الصادر عن جبرئيل فان القرآن هو لفظه ولا يكون انشاء المعنى بهذا اللفظ من عند النفس قرآنا فلو اردنا معنى

٤٣٣

مقالة فى المشتق (١) و (٢) هو من الشق

______________________________________________________

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وصدر عنا هذه العبارة ما قرانا القرآن ومن لم يفهم معن استعمال اللفظ فى مثله قال فى امثال هذا ان انشاء اللفظ بعد ارادة المعنى فقط لا اشكال فيه ولا يلزم الفناء فى لفظ جبرئيل الثمرة الخامسة ان استعمال لفظ المشترك فى المعنيين فى الآيات القرآنية كثيرة فلا بد من التاويل كما قد يوجد فى الروايات ايضا قال الله تعالى (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) الآية والصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة طلب المغفرة فلا بد من الحمل على الجامع بينهما قال الله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) الآية ولا محاله ان السجود يختلف فمن الناس وضع الجبهة على الارض ومن الحيوانات بوجه آخر ومن الجمادات بشكل ثالث ومن المجردات بنحو رابع وهكذا فلعل السجود استعمل فى الخضوع ومصاديقه متفاوته قال الله تعالى (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) ورد فى الحديث ان علمتم لهم دينا ومالا ، وفى حديث آخر قال (ع) ان يتشهد ان لا إله إلّا الله وان محمدا رسول الله (ص) وذلك ايضا يحمل على مصاديق الخير اللهم ثبتنا بالشهادتين والشهادة الثالثة بولاية امير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام واولاده المعصومين سلام الله عليهم اجمعين وقال استادنا الخوئى فى المحاضرات ثمرة اخرى قال فى ص ٢١٠ ج ١ وتظهر الثمرة بين الامرين فيما لو كان لشخص عبدان كل منهما باسم واحد الغانم مثلا فباعهما المالك فقال للمشترى بعتك غانما بدرهمين ووقع النزاع بين البائع والمشترى فى استعمال هذا اللفظ وانه هل استعمل فيهما على سبيل المجموع ليكون ثمن العبد درهمين فيكون استعمال اللفظ فى معنيين او على سبيل الاستغراق ليكون ثمن كل منهما درهمين والمجموع اربعة دراهم ففى مثل ذلك نرجع الى اصالة عدم اشتغال ذمة المشترى للبائع بازيد من درهمين انتهى والحمد لله.

(١) نموذج ١٥ فى المشتق.

(٢) وقع الكلام فى ان المشتق حقيقة فى خصوص من تلبس بالمبدإ فى الحال او الاعم من المتلبس به والمنقضى عنه بعد اتفاقهم على كونه مجازا فى خصوص من لم يتلبس بالمبدإ ولكن سيتلبّس به ، وتحقيق الكلام فيه يكون فى ضمن امور ، الأمر الأول فى مفهوم المشتق لغة واصطلاحا فنقول ان المشتق ماخوذ من الشق ولغة هى الفرقة ولعل ما هو المصطلح عليه من انه قابل لان يؤخذ منه الماضى والمضارع والفاعل ونحو ذلك لانطباق ذلك المعنى اللغوى على المادة لتشقيق المادة وتفريقها بشقوق متعددة ومتكثرة فى ضمن هيئات عديدة وانطباقها على معنى المادة المتحدة كالحدث الكذائى فى ضمن خصوصيات متكثرة ونسب متعددة كما ستعرف.

٤٣٤

ولو بملاحظة كون الهيئات المختلفة (١) الطارية على مادة واحدة (٢) موجبة لتشقيق المادة (٣) بشقوق محفوظة فى ضمن هيئاته (٤) كما هو الشأن فى معناها (٥) من جهة تصور جهة واحدة (٦) فى ضمن خصوصيّات متصوّره (٧) و (٨) ربما يكون المناسبة (٩) المغروسة (١٠) بين اللفظ والمعنى (١١) داعية (١٢) على كون وضعها (١٣) انحلاليا (١٤) منحلا الى وضع وحدانى للمادة فى ضمن كل هيئة موضوعة ووضع كل

______________________________________________________

(١) كالماضى والمضارع والامر واسم الفاعل والمفعول والمكان والزمان وغيرها.

(٢) كالضرب.

(٣) وتفريقها.

(٤) كضرب يضرب ضربا وضارب ومضروب واضرب ولتضرب ولم تضرب ولا تضرب ولا تضرب ومضرب.

(٥) اى المادة.

(٦) وهو الحدث المولم مثلا فى الضرب.

(٧) من النسبة الماضوية والمستقبلية والفاعلية والمفعولية ونحوها.

(٨) الامر الثانى فى كيفية وضع المشتقات مادة وهيئة.

(٩) وهى ما عرفت من التشقيق والفرقة.

(١٠) فى الاذهان.

(١١) من كون مادة اللفظ المشتق منها فى ضمن هيئات متعددة ومعناها التى يتخصّص بخصوصيات متكثرة فلهذه المناسبة اوجب كون وضعها انحلاليا.

(١٢) اى تلك المناسبة داعية وموجبة.

(١٣) اى المشتقات.

(١٤) ومعنى انحلالية وضع المشتقات ان مادتها موضوعة بوضع وحدانى لمفهوم خاص وهو القدر المشترك بين انحاء صور الحدث الكذائى وهذا هو معنى كون وضع مادة المشتقات نوعيا وانحاء الهيئات الطارية على تلك المادة وغيرها من المواد موضوعة للنسبة المخصوصة وبعبارة اخرى ان كل هيئة موضوعة للدلالة على خصوصية من خصوصيات الحدث اىّ حدث فرض ذلك الحدث ولاىّ مادة من المواد فانحلالية الوضع باعتبار المادة والهيئة وان المادة موضوعة بوضع مستقل وهيئتها على اختلافها موضوعه كل واحد منها بوضع مستقل للنسبة الكذائية فى ضمن هذه المادة كانت ام غيرها.

٤٣٥

هيئة لخصوصه طارية على هذه المادة وغيرها من المواد الموضوعة وبهذه الملاحظة (١) يكون وضع كل منهما قانونيا (٢) قبال وضع الجوامد الغير الملحوظ فيها مادة فى ضمن هيئات ولا هيئة كذلك (٣) بل وضع اللفظ فيها بمادته وهيئة المخصوصة لمعنى خاص بوضع شخصي بلا تصوّر القانونية فيها (٤) و (٥)

______________________________________________________

(١) اى بملاحظة كون وضعها انحلاليا كذلك المادة فى ضمن اى هيئة موضوعة بالوضع) الوحدانى للحدث الكذائى والهيئات على اختلافها موضوعة كل واحد منها للنسبة الكذائية فى ضمن اى هيئة كانت.

(٢) تقدم فى كيفية الوضع ان الوضع على قسمين تارة قانونى واخرى شخصى ، اما الشخصى وهو وضع الجوامد فانها مجموع مادتها مع هيئتها موضوعة للدلالة على المعنى الواحد وهذا بخلاف القانونى كالمشتقات فان مادتها موضوعة للمعنى الكذائى فى ضمن اى هيئة كانت وهيئتها موضوعة للنسبة الكذائية فى ضمن اى مادة كانت ، وبعبارة اخرى فكما ان عدم اختصاص المادة بهيئة من الهيئات اوجب كون وضعها نوعيا كذلك عدم اختصاص الهيئة بمادة من المواد اللفظية الدالة على الاحداث اوجب ان يكون وضعها نوعيا.

(٣) بل المادة فى ضمن هذه الهيئة الخاصة موضوعة لمعنى خاص.

(٤) بل وضع شخصى كما عرفت.

(٥) الامر الثالث فى بيان مفاد الهيئات وتفصيل ذلك تقدم ان المادة السارية فى المشتقات لا بد ان تكون لا بشرط من حيث اللفظ عن جميع الهيئات الواردة عليها ومن حيث المعنى ايضا لا بشرط عن جميع الخصوصيات الواردة عليها وذلك اما من حيث اللفظ فظاهر لان كل واحد منها هيئة تخصه وتكون مضادة لسائر الهيئات فقد يتلبس بهيئة يقال له اسم مصدر وقد يتلبس بهيئة يقال له معها مصدر وقد يتلبس بهيئة يقال معها فعل الى آخر اطوار مادة لفظ ضرب وغيره فى تلبسها بهيئات وصور يكون فى كل منها مباينة لنفسها فى حال كونها فى اخرى ومادة ضرب مثلا هى الجهة الجامعة بين جميع المشتقات واما من حيث المعنى فلان جميع الافعال والاحداث وان كان له طور واحد من الوجود وهو وجود رابطى متحد مع الذات التى صدر منها ولكن بحسب الاعتبارات الذهنية واللحاظ له انحاء من الصور الذهنية التى يكون بكل صورة منها مفهوما خاصا لما يدل عليه من الالفاظ احدها لحاظها من حيث وجودها فى انفسها بما انه شيء من الاشياء وان كانت وجودات فى انفسها عين وجوداتها لموضوعاتها ولكن تلاحظ بالاعتبار الاول ولا يلاحظ كونها نعتا للغير ومرتبطا به وانها وجودات رابطيه بل لها وجود فى قبال سائر الاشياء وبهذا الاعتبار تكون مفاد اسم المصدر

٤٣٦

ايضا (١) لازم (٢) كون الهيئة فى المشتقات (٣) حاكية عن انحاء الارتباطات (٤) بين المادة الحدثية والذوات كان وضعها حرفيا (٥)

______________________________________________________

فمفاد اسم المصدر يكون ذات ما يصدر من الفاعل من دون ملاحظة جهة اصداره وانتسابه الى فاعل ما ، وثانيها لحاظها من حيث صدورها وانتسابها الى فاعل ما اعنى به كونه مهملا من جميع خصوصيات النسبة من حيث كونها قد تحققت او هى متحققة بالفعل او ستحقق فيما ياتى او مطلوبة التحقق ونحو ذلك وبهذا الاعتبار تكون مفاد المصدر فمفاد المصادر تكون تلك الافعال والاحداث باعتبار صدورها عن فاعل ما ، وثالثها يلاحظ منتسبا الى ذات ما بالنسبة التلبسيّة الاتّحادية الناعتية نسبة مشخصة من جهة ومهملة من جهة اخرى اعنى انها مشخصة من حيث اتصاف ذات ما بذلك الحدث ومهملة من حيث زمان وقوعها وعلى اى تشخصها من حيث اتصاف ذات ما بذلك الحدث وهو مفاد هيئات الاسماء المشتقة من الصدورية والوقوعية والحلولية والظرفية الزمانية والمكانية وسائر انحاء التلبّسات من الخصوصيات التى تتشخص بها هذه النسبة كاسم الفاعل والمفعول والآلة والمكان والزمان ونحوه ، ورابعها ان يلاحظ الحدث مغاير اللذات ومنسوبا اليها نسبة تامة مشخصة من حث زمان وقوعه وهذا تارة ملاحظتها منتسبة الى الذات بالنسبة التحققية الانقضائية والوقوع وهو هيئة الفعل الماضى ، واخرى تلاحظ بالنسبة التحققية التلبسية بين الحدث المتصور مستقلا مع الذات اى على نحو ترقب التحقق والوقوع وهو هيئة الفعل المضارع ، وثالثه ملاحظتها منتسبة الى الذات بالنسبة الطلبية اى طلب اصدار المادة وايجادها عن الذات وارادة وقوع الحدث وهى النسبة التى يدل عليها فعل الامر ولا يخفى ان بين جميع صور الحدث التى تقدمت قدرا مشتركا ساريا فى جميعها لا يكاد يوجد فى الذهن الا فى ضمن صورة منها وهى الحروف الّتى تكون محفوظة فى جميع المشتقات من دون ملاحظة هيئة معها وهى موضوعه بالوضع النوعى اى فى ضمن اىّ هيئة كانت للحدث الكذائى والهيئات ايضا موضوعة بالوضع النوعى كما مر مفصلا.

(١) اى ايضا كما عرفت ان وضع المادة وكذا الهيئة قانونى ونوعى.

(٢) فمن لوازمه كون الهيئة معنى حرفيا.

(٣) كهيئة الماضى والمضارع والامر والفاعل والمفعول وغيرها.

(٤) والنسبة كما عرفت مفصلا.

(٥) اى حالة وآلة بغيره لا يتحقق إلّا مع الغير ، وبعبارة اخرى ان كل باب من ابواب المشتقات مشتمل على هيئة مخصوصة ومادة مشتركه بينه وبين سائر الصيغ سارية فى

٤٣٧

قبال اسميّة المادة (١) كما (٢) ان تباين الهيئات عن الآخر يقتضى كون طروّها على مادة واحدة (٣) بنسبة واحدة فى عرض فارد (٤) و (٥) لكن ربما يكون اختلافها (٦) من حيث اقتران بعضها (٧) بشيء زائد (٨) وعدمه (٩) بل واعتبار العقل فى بعض (١٠) تاخير رتبة (١١)

______________________________________________________

جميعها بحيث لا يكاد يمكن التلفظ بها باعتبار اندكاكها الا فى ضمن هيئة مخصوصة ولو كانت تلك الهيئة هيئة ضاد وراء وباء وكذا لهذه المادة السارية المحفوظة فى جميع تلك الصيغ ايضا معنى هو مثلها فى التجرد بنحو لا يمكن تصوره واخطاره فى الذهن الا بتعين خاص وهذين من لوازم الحرف.

(١) وهى الضرب.

(٢) الامر الرابع فى ما هو الاصل للمشتقات لا اشكال ان الهيئات تباين كل واحد منها مع الآخر كما عرفت فلا محاله لا يكون بعضها ماخوذا من بعض وان قيل بان المصدر والفعل او اسم المصدر هو الاصل فى المشتقات لكن غير صحيح بل كل واحد من هذه المذكورات صيغه لها مادة وهيئة فى قبال سائر الصيغ وفى عرضها.

(٣) كالضرب مثلا.

(٤) وليس احدها فى طول الاخرى فلذا لا يمكن ان يكون شىء مما ذكروه اصلا للمشتقات بل المادة المحفوظة فى جميع تلك الصيغ من المصادر والافعال والاسماء بمالها من المعنى السارى فيها هو الاصل المحفوظ فى المشتقات دون غيرها.

(٥) ثم قام قدس‌سره فى بيان توجيه ما قيل من ان المصدر اصل للمشتقات.

(٦) اى المشتقات.

(٧) اى بعض المشتقات كفعل الماضى والمضارع.

(٨) وهو خصوصية الزمان.

(٩) كما فى المصدر باعتبار دلالته على مجرد المبدا وهو الحدث المضاف الى ذات ما وعرائه عن خصوصية الزمان وبعبارة اخرى منتسبا بنسبة ناقصة والافعال هو الحدث المنتسب بنسبة تامة والنسبة الناقصة مندرجة ومندكة فى النسبة التامة.

(١٠) وهو الاسماء المشتقة كاسماء الفاعلين والمفعولين.

(١١) فانهما متاخران رتبة عن الفعل الماضى والمضارع من جهة اشتمال الفعل على النسب التامة كما عرفت والاسماء تشتمل على نسبة ناقصة فان انتزاع عنوان اسم المشتق من الذات لا يصح إلّا بعد وقوع الحدث منها الذى هو مبدأ الاسم المشتق فيكون الفعل الدال على

٤٣٨

عن غيره (١) اوجب الطولية فى انحاء المشتق (٢) حتى اعتبر الصرفيّون اخذ بعضها عن بعض ويقال فلان مشتق من فلان وليس ذلك الّا من العنايات الماخوذة فى المعانى وبهذه الملاحظة (٣) ربما يكون اسبق (٤) المعانى الاشتقاقية لعرائه عن بقية الطوارى هو المصدر (٥) ولعلّ بهذه المناسبة صار المصدر اصلا فى المشتقات (٦) ثمّ (٧) انّ (٨) مفاد الهيئة فى الافعال نحو اضافة بين المنفصلين مفهوما وفى الاوصاف نحو ربط اتصالى بين المبدا والذات بحيث يرى المبدا والذات متحدا مع الذات

______________________________________________________

وقوع الحدث متقدما بالطبع على الاسم المشتق ولذا يكون كالاصل له عناية.

(١) وهو اسمى الفاعل والمفعول.

(٢) لما عرفت من كيفية الطوليّة.

(٣) من العناية المزبورة.

(٤) واقرب المعانى الخ.

(٥) فانه اقرب الى ذلك المعنى المجرد من جهة قلة وجدانه للخصوصيات بحسب اللفظ والمعنى ويكون اصلا بالنسبة الى ما كثر فيه الخصوصية بحسب المعنى او اللفظ فيكون مدار الأصلية والفرعية على مثل هذه الاقربيّة الاعتباريّة.

(٦) لما عرفت عرائه عن خصوصيّة الزمان وان فعل الماضى اصل بالنسبة الى المضارع لمكان اشتمال فعل المضارع على خصوصية زائده ولو بحسب اللفظ وان فعل المضارع اصل بالنسبة الى اسماء الفاعلين والمفعولين باعتبار تقدمه الرتبى عليها واما عدم جعل اسم المصدر اصلا لانه اقرب لاجل قلة خصوصيّة عن الجميع وذلك لتجرده عن خصوصيّة النسبة بل وعدم كون الوضع فيها انحلاليا وانما من قبيل الجوامد عن كونه مبائنا مع سائر المشتقات وخارجا عنها فجعلوا الاصل لما يكون من سنخ المشتقات انحلاليا وهو المصدر.

(٧) الامر الخامس فى الفرق بين هيئة الافعال وهيئة الاسماء والاوصاف بوجوه.

(٨) الوجه الاوّل هو ان مفاد هيئات الافعال هو ربط خاص بين مفهومين ممتازين باللحاظ والتصور اعنى بهما مفهوم الحدث كالضرب مثلا ومفهوم الذات التى وقع منها الحدث وهو الزيد مثلا بخلاف مفاد هيئات الاسماء ، المشتقة فانه عبارة عن ربط الحدث بالذات على نحو الاتحاد معها المصحح ذلك الاتحاد لانتزاع عنوان يكون فانيا فى تلك الذات المتلبسة بذلك المبدا.

٤٣٩

بنحو من الاتحاد (١) الحاصل بينهما خارجا (٢) و (٣) من هذه الجهة (٤) كانت الافعال اشبه بالمعانى الحرفية الحاكية عن الإضافة بين المنفصلين (٥) وربما (٦) هذه الجهة (٧) اوجبت البناء فى الافعال (٨)

______________________________________________________

(١) من الصدور والايجاد والوقوع والحلول والظرفية وغيرها.

(٢) والوجه فى ذلك تقدم ان هيئة الفعل تدل على نسبة تامة يصح السكوت عليها وتلك النسبة تستدعى ملاحظه كل من الحدث والذات المنسوب اليها ذلك الحدث ملاحظه خاصه به فيمتاز كل منهما عن صاحبه ولا تكون النسبة الواقعة بينهما مقومة لاحدهما وفانية فيه كما هو الشأن فى النسبة الناقصة التى تدل عليها هيئة الاسم المشتق فانها لا محاله تكون مقومة للعنوان المنتزع عن الذات المتلبسة بالمبدإ وفانية فيه.

(٣) هذا هو الوجه الثانى من الفرق بين هيئة الافعال والاسماء.

(٤) اى هيئة الافعال تدل على ربط خاص بين امرين ممتازين باللحاظ ولا يكون ذلك الربط مقوما وفانيا فيه.

(٥) اى للافعال شباهة بالحروف ووجه شباهته هيئة الافعال بالحروف الداخلة على متعلقاتها من الاسماء والافعال اذ كما ان تلك الحروف مثل من وإلى وغيرهما تدل على ربط خاص بين امرين ممتازين باللحاظ كذلك هيئة الافعال.

(٦) هذا هو الوجه الثالث من ان الافعال مبنى دون الاسماء.

(٧) اى شباهتها بالحروف.

(٨) وذلك بعد ما تقدم ان الهيئة فى الافعال تدل على النسبة بين المتمايزين وان كان هذه الهيئة ملازمة للمعنى الاسمى اعنى به الحدث الدال عليه مادة الفعل لكن لاستقلالها بافادة معناها غير الفانى فى معنى المادة لم يبق مجال لدخول عامل آخر على المادة الدالة على الحدث ليؤثر فيها اثرا جديدا يفتقر فى الدلالة عليه الى دال آخر من الحركات وغيرها لزم بناء الفعل على هيئة خاصه لا يفارقها بخلاف الاسم المشتق فان هيئته وان كانت ملازمة للمادة لا ينفك عنها إلّا انه لما كان معناها مقوما لمعنى ذلك الاسم المشتق اعنى به العنوان المنتزع وفانية فيه بقى ذلك الاسم المشتق مستعدا ومؤهلا لدخول العوامل عليه الّتى يؤثر كل منها فيه اثرا جديدا يفتقر الى دال عليه فى مقام الإفادة والاستفادة فلم تقتضى حكمة الوضع الا باهمال هذه الاسماء من النبإ لتظهر عليها حركات الاعراب الدالة على اثر العوامل المعتورة عليه ، تنبيه ان قوله فى اول مقالة المشتق ان مفاد الهيئة فى الافعال نحو اضافه بين المنفصلين مفهوما ، وقوله فى مقالة وضع المركبات من دلالة هيئة الفعل على اسناد المسند الى شيء ما

٤٤٠