نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

للصدق على الكثيرين نظرا الى عدم صدق الطرفين على الكثيرين وان كانت قائمة بالكليتين يستتبع صدق الطرفين على الكثيرين لصدق النسبة المفهومية ايضا على نسب متكثرة خارجية وهذا معنى قولهم بان كلية المعانى الحرفية وجزئيته تابع كلية الطرفين او جزئيته فتدبر ، ومنها (١) انه بعد ما ظهر سنخ المعانى الحرفية يبقى الكلام فى ان الحروف هل هى دالة على مثل هذا المعنى ومنبأ (٢) عنها (٣) كانباء الاسماء عن معانيها (٤) او انها موجدة لها (٥) وكانت (٦) من قبيل الوسائط فى الثبوت لها كى يكون كيفية استعمالها على خلاف استعمال الاسماء اختار ذلك بعض الاعاظم من المعاصرين قدس‌سره ولعل نظره كما استفدناه من بعض تقريرات

______________________________________________________

بالنسبة الى ما يطابقه من مصاديقه وليس كلية شيء باللحاظ المذكور علة لكلية شيء آخر لا يجرى فيه هذا اللحاظ اصلا هذا لو كان كلية الطرف علة لثبوت الكلية للمعنى الحرفى فقد عرفت فساده باتصاف المعنى الحرفى حقيقة بالكلية وان كان المراد بالمجاز والعناية فذلك امر آخر لا بأس به لكن الصحيح ان يقال بان المعنى الحرفى يصدق على الامور الخارجية كالمعنى الاسمى غاية الامر ان المعنى الاسمى يصدق على مطابقه فى خارج ولو جيء به منفردا كما فى المعانى الأفرادية والمعنى الحرفى لا يصدق على مطابقة فى الخارج الا فى ضمن المعنى التركيبى اعنى فى حال استعماله منضما الى المعانى الاسمية ولعل الى ذلك اشار بقوله فتدبر.

(١) الامر الثالث بعد ما تبين كون المعانى الحرفية من سنخ النسب والروابط الذهنية بين المفهومين يقع الكلام فى ان المعان الحروف اخطارية او ايجادية وهو بحث مهم جدا قد اختلف فيه المحققين الاعلام فذهب المحقق الماتن قدس‌سره الى الاخطارية وكذا استادنا الخوئى الى الاخطارية والمحقق النائينى قدس‌سره الى الايجادية والثالث الى التفصيل وسيأتى.

(٢) اى مخبر وحاك عن المعنى.

(٣) كالرجل يحكى ويخبر وينبأ عن مسماه.

(٤) وهو القول الاول من انه يحكى ويخطر المعنى فى الذهن كما فى الاسماء.

(٥) اى للمعنى وهو القول الثانى.

(٦) اى كانت الحروف واسطة فى ثبوت المعنى وعلة لايجاده.

١٨١

بحثه (١) ان مفاهيم الاسماء بعد ما لم يوجد فيها جهة الارتباط الى الغير فلا جرم

______________________________________________________

(١) قال المحقق النائينى فى اجود ، ج ١ ، ص ١٧ ، مقدمات الاولى ان المعانى ينقسم الى اخطارية وغير اخطارية فان الاسماء بجواهرها واعراضها عند التكلم بها يخطر معاينها فى الذهن سواء كانت فى ضمن تركيب كلامى ام لم تكن بخلاف الحروف فانها بنفسها لا توجب خطور معاينها فى نفس سامعها ما لم تكن فى ضمن كلام تركيبى ، الثانية ان المعانى غير الاخطارية تنقسم الى قسمين ايجادية ونسبية اما الاولى فكحروف التشبيه والنداء والتمنى وغيرها فان الحروف الموضوعة لها فى مقام الاستعمال يوجد فردا منها فى الخارج بحيث يصدق على الموجود خارجا انه فرد من التشبيه او النداء او التمنى او غير ذلك ، واما الثانية فكالنسب الخاصة التى بين الاعراض ومعروضاتها فان الاعراض حيث ان وجودها فى نفسها عين وجودها لموضوعاتها وإلّا لم يكن وجودها لموضوعاتها وجودا رابطيا بل استقلاليا يحتاج الى رابط آخر وح فبينها وبين موضوعاتها نسب خاصة على اختلافها ـ الى ان قال ـ ان الحروف باجمعها معانيها ايجادية نسبية كانت او غيرها فانها لم توضع الا لاجل ايجاد الربط بين مفهومين لا ربط بينهما كلفظ زيد والدار فكلمة فى هى الرابطة بينهما فى الكلام فى مقام الاستعمال فالموجد للربط الكلامى هو الحرف ـ الى ان قال ـ الركن الاول ان المعانى الحرفية باجمعها ايجادية وإلّا لكانت اخطارية فتكون هناك معان متعددة اخطارية كمفهوم زيد ودار ومفهوم النسبة الظرفية لا حقيقتها فما الرابط بهذه المفاهيم غير المربوطة بعضها ببعض انتهى. وإلّا لزمه ما يلزمها من الافتقار الى الربط فلا بد ان يكون ذلك الربط هى حقيقة الربط الواقعى فلا يكون ذلك الا الحروف وهى من وفي وإلى وامثال ذلك فتكون الحروف كلها آلات لايجاد معانيها ، ثم قال قدس‌سره ، ص ٢٠ ، الركن الثانى ان لازم كون المعانى الحرفية ايجادية ان لا واقع لها بما هى معان حرفية فى غير التراكيب الكلامية بخلاف المفاهيم الاسمية فانها مفاهيم متقررة فى عالم مفهوميتها سواء استعمل اللفظ فيه ام لا انتهى وتوضيحه ان الاسماء اذا استعملت فى معانيها تحضر تلك المعانى فى ذهن السامع بمجرد سماعها لان المعان الاسمية لها نحو تفرز وثبوت فى وعاء الذهن فبمجرد الاستعمال تحضر المعانى فى الذهن من دون توقف حضورها فيه على شيء فالمعانى الاسمية باسرها تكون اخطارية وهذا بخلاف المعانى الحرفية فانها ايجادية حيث ان الحروف توجد معانيها فى نفس التراكيب الكلامية ولا توجب اخطارها فى الذهن واحضارها فيه مثلا اذا استعملت كلمة يا النداء او ك الخطاب وغيرهما من الحروف فى النداء والخطاب فى قولك يا زيد واياك فمن البديهى عدم وجود النداء والخطاب فى اى موطن من المواطن قبل استعمالها فى النداء والخطاب بل

١٨٢

كانت عارية عن الارتباط المزبور فى عالم الذهن وح اين ارتباط فى البين كى يكون اللفظ حاكيا عنه فلا محيص الا من الالتزام بكون اللفظ موجدا للارتباط بين المفهومين. اقول (١) ما افيد (٢) كذلك (٣) لو كانت المعانى الاسمية (٤) الموضوعة للماهية المهملة بوصف إراءتها عن التقييد والتجرد المساوق للاطلاق (٥) وإلّا (٦) فبناء على التحقيق (٧) من استحالة تحقق المعنى اللابشرط المقسمى (٨) فى الذهن

______________________________________________________

وجدا بنفس هذا الاستعمال فوعاء معانى الحروف نفس الاستعمال وليس لها وعاء آخر ثابتة فيه.

(١) هذا هو الجواب الاول من المحقق الماتن قدس‌سره عن القول بالايجاد مطلقا.

(٢) فى وجه كون مداليل الحروف ايجادية من ان الرابط ليس هو إلّا الوجود الجامع بين المعانى الاسمية الحادث بآلة الحرف كما تقدم مفصلا.

(٣) اى يتم ويلزم ان يكون ايجاديا والرابط هى حقيقة الربط الواقعى على ما عرفت.

(٤) كما عليه المشهور فى اسامى الاجناس ونحوها.

(٥) بان يكون مداليلها عبارة عن نفس الطبائع المجردة التى تقتضيها مقدمات الحكمة عند السلطان إذ حينئذ بعد عراء المعنى الاسمى دائما فى الذهن عن خصوصية الارتباط بالغير امكن المجال لدعوى ايجادية خصوصية جهة ارتباط احد المفهومين بالآخر.

(٦) اى وان لم نقل بهذا القول.

(٧) وهو مسلك سلطان العلماء من وضع اسامى الاجناس للماهية المبهمة والجامع بين الفاقد للخصوصية وواجدها الذى لا يكاد تحققه فى الذهن الا مقرونا مع احدى الخصوصيتين اما التجرد والاطلاق واما الواجد للقيد والخصوصية وسيأتى الثمرة بينهما بانه على الاول فالاطلاق لا يحتاج الى مقدمات الحكمة بل نفس الوضع تدل عليه وانما التقييد يحتاج الى القرينة ، وهذا بخلاف قول السلطان فان التقييد كما يحتاج الى الدال يكون الاطلاق ايضا محتاجا الى مقدمات الحكمة لكونه موضوع للطبيعة المبهمة لا المرسلة ولا المقيدة ، وعدم امكان خلو شيء عن قيد ونقيضه فى الواقع لا ينافى عدم تقيد ذلك الشى بذلك القيد ولا بنقيضه مثلا الرقبة فى حاق الواقع لا يمكن ان تخلو من قيد الايمان ونقيضه ولكن مع ذلك ما وضع له لفظ الرقبة لا مقيد بالايمان ولا بعدمه.

(٨) وهى الماهية المبهمة.

١٨٣

إلّا بشكل التجرد او بشكل المقيد (١) فعند ارادة المقيد (٢) لا بد وان يكون المعنى الحاضر فى ذهن المتكلم الواجد للتقييد (٣) وبعد ذا يحكى المتكلم عن ذات الماهية المحفوظة فى المقيد بالاسم (٤) وعن تقييده بالحرف (٥) كما (٦) يحكى عن تجرده المساوق لاطلاقه المسمى باللابشرط القسمى (٧) بدال آخر ولو مثل مقدمات الحكمة وإلّا (٨) فجهة الاطلاق كجهة التقييد زائدة عن ذات المعنى الاسمى (٩)

______________________________________________________

(١) وانه لا يكاد تحققه فى الذهن الا مقرونا مع احدى الخصوصيتين فعلى هذا القول لا يكاد يتم هذه المقالة حيث انه بعد عدم امكان تحقق ذلك الجامع فى الذهن الا مقرونا مع خصوصية التجرد والاطلاق الذى يقتضيه مقدمات الحكمة او مع خصوصية التقييد وذلك.

(٢) اى انه اذا لوحظ المعنى الاسمى مقرونا مع خصوصية ارتباطه بالغير فى مثل سر من البصرة والماء فى الكوز والزيد على السطح ونحو ذلك واريد القاء ما تصوره من الصورة المرتبطة الى ذهن المخاطب فلا جرم يحتاج الى وجود دال وكاشف فى البين يحكى به عما تصوره من الصورة الخاصة.

(٣) بان يلحظ كذلك وح كما ان ذات المعنى الاسمى وهى الطبيعة المهملة تحتاج الى كاشف فى مقام الكشف عنها كذلك ايضا جهة خصوصيته ارتباطه الغير فيحتاج تلك ايضا الى كاشف يكشف عنها.

(٤) فالاسم كاشف عن الماهية المبهمة.

(٥) والكاشف عن الارتباط والتقييد هو الاداة والحروف.

(٦) ثم يشير الى انه على هذا القول وهو المختار عند لحاظ المعنى مجردا عن القيد والخصوصية ايضا يحتاج الى مقدمات الحكمة من جهة كشفها عن خصوصية التجرد والاطلاق كما مرّ فى محله.

(٧) وهو كما تقدم الطبيعة اللابشرط المجردة حتى من لا بشرط.

(٨) اى لو لم يكن دال آخر على الاطلاق او التقييد لم يدل اللفظ الاعلى الطبيعة المهملة كما مر بما هى متحققة تارة فى ضمن الفاقد للقيد واخرى فى ضمن الواجد لها.

(٩) فملخص الجواب انه يلاحظ فى الذهن الطبيعة المقيدة بالخصوصية ويكون اللفظ مبرز وحاك عما فى الذهن بما عرفت فما معنى كون الحروف واجدا للمعنى فانه كما لا يكون مداليل الاسماء الا منبئة عن المعانى وحاكية لها كذلك مداليل الحروف تكون منبئة تنبئ عنها الاداة لا انها كانت موجدة بالاداة وبعبارة اخرى ان المعانى التى نتصورها النفس اما ان تكون مرتبطة بعضها ببعض او غير مرتبطة فما تصورته النفس مرتبطا فلا يعقل احداث

١٨٤

فيلزم (١) ان يكون مقدمات الحكمة ايضا موجدة لاطلاق المعنى لا حاكيا عنه ولا

______________________________________________________

الربط بين اجزائه لانه تحصيل للحاصل وما تصورته النفس غير مرتبط فلا يعقل احداث الربط فيه لان الموجود لا ينقلب عما هو عليه ولكن يمكن ان يفنى ويحدث فى اثره وجود آخر بخصوصية اخرى مثلا النفس يمكن ان تتصور مفهوم زيد مستقلا وكذلك مفهوم الدار ويمكن ان تتصور هذين المفهومين مرتبطا بعضهما ببعض بان نتصور مفهوم قولنا زيد فى الدار فحينما يتلفظ بلفظ زيد يتصور السامع مفهومه مستقلا لا محاله اذ لا يعلم بالمعنى المركب ليتصوره مرتبطا فاذا اتبعه بقوله فى الدار فمدعى الايجادية يدعى اما احداث الربط فى الموجود غير المرتبط فقد تقدم انه غير معقول او احداث موجود آخر مرتبط غير المتصور الاول وهو خلاف الوجدان. وتوضيح اكثر كما فى مرحلة الخارج هيئات ونسبا خارجية متحققة كوضع حجر على حجر آخر كذلك ايضا فى عالم الذهن لنا ان نلاحظ ونتصور هيئات كاحجار موضوعه بعضها على بعض كما ان لنا التصور احجارا لا يكون بينها ارتباط كالخارج متفرقات فاذا تصور شخص الحجر الموضوع على حجر آخر بهذا الارتباط الخاص واراد القاء ما تصوره فيبرز بقوله الحجر على حجر بذكر على للارتباط الخاص الذى بين المفهومين فلا محاله تحقق هذا الارتباط الخاص قبل هذا الاستعمال فى ذهنه فيكون ايجادها فى الحروف تحصيل للحاصل فتعين عن الكشف عما فى ذهنه من الصورة الخاصة هو الاخطارية.

(١) هذا هو الجواب الثانى من انه لو كان الدليل على التقييد موجدا للمعنى كان الدال على الاطلاق ايضا موجدا له لانهما سيان بالنسبة الى الطبيعة المهملة مع انه لا يلتزم به احد فلا محاله كما ان الدال على الاطلاق ينبأ عن المعنى كذلك الدال على التقييد ينبأ عن ذلك فتلخص مما ذكرنا انه على ما هو التحقيق من مسلك السلطان فى وضع اسامى الاجناس من كونها موضوعة للماهية المهملة والجامع بين الطبيعة المجردة والمقيدة لا محيص من الالتزام بكون الحروف ايضا كالاسماء حاكية عن مداليلها لا موجدة لها فعند ملاحظة مفهومى الاسمين مرتبطا احدهما بالآخر كالماء فى الكوز والسير من البصرة لا بد فى مقام الحكاية والقاء ما فى الذهن الى المخاطب من جعل الاسم حاكيا عن مدلوله والاداة عن الارتباط الخاص بين المفهومين ولا سبيل ح الى دعوى موجدية الاداة للربط الخاص بين المفهومين بعد فرض تحقق الربط بينهما قبل ذكر الاداة كما هو واضح ـ مضافا الى انه نقول بانه لازم كاشفية الاسماء عن مداليلها انما هو تحقق مضامينها فى رتبة سابقة عن كشف الالفاظ عنها كما هو شأن كل محكى بالنسبة الى حاكيه وح فلو كان شان الاداة والهيئات هو الموجدية لمداليلها التى هى الارتباطات الخاصة بين مفاهيمى الاسماء يلزمه تأخر صقع الارتباط بين المفهومين عن صقع

١٨٥

اظن يلتزمه احد فنحن ح نقول ان الحاكى عن التقييد كالحاكى عن الاطلاق بدال آخر لا باسباب موجدة اخرى كما لا يخفى نعم هنا توهم آخر (١) من التفصيل فى موجدية المعنى بين بعض الحروف عن بعض نظرا الى توهم كون بعض الحروف

______________________________________________________

الالفاظ والاداة المتاخر عن صقع مفهومى الاسمين بمرتبتين نظرا الى علية الاداة لوجود الارتباط بين المفهومين ولازمه ح تقوم مثل هذا الربط الواقع فى الصقع المتأخر بما يكون صقعه متقدما عليه بمرتبتين وهو كما ترى ، بل لازمه ايضا هو اخراج جميع مثل هذه التقيدات عن حيز الطلب والارادة فى الطلب المنشا بالهيئة كما فى نحو سر من البصرة الى الكوفة ونحو اضرب زيدا فى الدار من جهة ان لازم موجدية الاداة والهيئات ح للتقييدات والارتباطات هو وقوع جهة تقيد السيرة بالبصرة وتقيد زيد بالدار فى المثال فى الموطن المتأخر عن موطن مفهومى الاسمين اعنى ذات السير والبصرة الملازم ذلك لكونه فى عرض الطلب المنشا بالهيئة من جهة انه كما ان لفظ من فى المثال علة لتحقق التقيد والارتباط الخاص بين مفهومى السير والبصرة كذلك الهيئة ايضا علة لايجاد الطلب ومن المعلوم ح ان لازم وحدة الرتبة بين العلتين اى الهيئة ولفظ من انما هو عرضية معلوليهما وهما الطلب والتقييد ايضا ولازمه خروج جهة التقييد عن حيز الطلب وتجريد متعلقة منه لاستحالة اخذ ما هو فى عرض الطلب فى متعلقة وفى رتبة سابقة عليه مع انه كما ترى ، بنائهم من اخذ التقيد فى معروض الطلب ولذا يحكمون بوجوب تحصيل القيد بخلافه على القول بالكاشفيّة فالتقيد متعلق الطلب ومجرد العرضية بين الكاشفين لا يقتضى العرضية بين المنكشفين كما لا يخفى.

(١) وهو الذى ذهب اليه المحقق صاحب الحاشية على المعالم المسمى بهداية المسترشدين ، ص ٢٢ ، قال الثانية الغالب فى اوضاع الالفاظ ان تكون بازاء المعانى التى يستعمل اللفظ فيها وح فقد يكون ذلك المعنى امرا حاصلا فى نفسه وقد يكون ذلك المعنى حاصلا بقصده من اللفظ فيكون اللفظ آلة لايجاد معناه وأداة لحصوله ـ الى ان قال ـ والنوع الثانى منها كاسماء الاشارة والافعال الانشائية بالنسبة الى وضعها النسبى وعدة من الحروف كحروف النداء والمشبهة بالفعل ونحوها فان كلا من الاشارة والنسبة الخاصة والنداء والتأكيد حاصل من استعمال هذا واضرب ويا وان فى معانيها فمفاد تلك الالفاظ ايجاد معانيها لافرادية فى الخارج نظير الانشاءات فى المعانى التركيبية وقال ايضا وكان تعبير المنطقيين عن الحروف الاداة مبنى على ذلك اذ كثير من المعانى الحرفية من هذا القبيل والمعانى الانشائية الحاصلة فى المركبات انما يكون بملاحظة وضعها الهيئى وهو ايضا من قبيل الاوضاع الحرفية.

١٨٦

موجدة للنسب الخاصة كلام الامر وأداة النداء والتمنى والترجى وامثالها (١) فى قبال سائر الحروف الحاكية عن نسب ثابتة (٢) وفيه انه على فرض تسليم ايقاعية مفاهيم هذه الالفاظ كما سيأتى توضيحها (٣)

______________________________________________________

(١) كاداة الاستفهام والحروف المشبهة بالفعل وغيرها مما يكون مداليلها عبارة عن ايقاع النسبة فانها موجدة لها فان يا زيد وانت وهذا ونحوها موجد لمصاديق النداء والاشارة والاستفهام وان كان بمنزلة تحريك اليد والعين توجد مصداق النداء حقيقة ومصداق الاشارة والخطاب والبعث نحو الشيء كذلك ايضا بتلك الاداة يا زيد توجد مصداق النداء وانت توجد فردا للخطاب وكذا هذا توجد مصداق الاشارة وليضرب توجد مصداق البعث الى الضرب من دون ان يكون تحقق لتلك المصاديق قبل هذا الاستعمال.

(٢) كاداة الجارة ونحوها كالماء فى الكوز وسرت من البصرة فانه فيها قبل هذا الاستعمال كان لتلك النسبة واقع تطابقه تارة ولا تطابقه اخرى.

(٣) يظهر منه قدس‌سره فى الجواب الاول انه محل كلام بينهم هل يكون التمنى والترجى وامثالهما من الانشاء والايقاع او الاخبار والوقوع وسيأتى فالاخبار عبارة عن وقوع النسبة وثبوتها وفى الانشاء ايقاعها وهو خروجها من العدم الى الوجود ولذا قيل المستعمل ان قصد الحكاية عن نسبة ثابتة خارجية كان اخبارا وان قصد موجديتها للمبدا تكون إنشاء مضافا الى ان منشأ التوهم هو توهم وضع هذه الاداة للنداء الخارجى والاشارة والخطاب والاستفهام الخارجية فعلى هذا الاساس لا محيص من القول بكونها آلات لايجاد معانيها وان معانيها معان احداثية ولكنه توهم فاسد كيف وان المعنى الحرفى ليس إلّا عبارة عن الربط الخاص بين المفهومين لا الربط بين الخارجيين فلو انه كان مثل هذه الاداة موضوعا لايقاع مصداق النداء الخارجى والاستفهام والبعث والتمنى الخارجى يلزم كون معانيها من سنخ الارتباطات المتقومة بالخارجيات وهو كما ترى لا يلائم مع حرفية المعنى فيها من جهة ان المعنى الحرفى كما عرفت انما هو عبارة عن الروابط الذهنية القائمة بالمفاهيم كما يشهد لذلك ايضا استعمال تلك الاداة احيانا فى معانيها لا بداعى النداء والاستفهام والبعث الحقيقى الخارجى بل بغيره من الدواعى الأخر من هزل او سخرية كما هو كذلك فى أداة التمنى والترجى يا ليتنى كنت جمادا مع كون الاستعمال المزبور ايضا على نحو الحقيقة دون المجاز فان ذلك شاهد عدم كونها الا موضوعة لايقاع الربط والنسبة ذهنا بين المفهومين فى موطن الاستعمال المطابق تارة للربط الخارجى واخرى لا غايته انه لا بما هو ربط ذهنى بحيث يلتفت الى ذهنيته بل بما انه يرى خارجيا تصورا وان كان تصديقا يقطع بخلافه وعليه لا

١٨٧

لا يقتضى (١) ذلك (٢) ايضا كون اللفظ موجدا بل اللفظ ايضا حاك من ايقاع هذه النسب وح لنا ان ندعى ان الحروف بقول مطلق حاكيات عن النسب ثابته (٣) ام اثباتا (٤) كما (٥)

______________________________________________________

محيض من الالتزام بالكاشفية كما فى الاسماء وذلك عن صورة ايقاع الربط بين المفهومين الموجودة فى ذهنه فى مرحلة تصوره نعم لما لا يكون مثل هذا الربط الايقاعى ملحوظا الا خارجيا ربما اوجب ذلك تخيل كون المعنى والموضوع له عبارة عن ايقاع الربط الخارجى فتأمل جيدا.

(١) الجواب الثانى انه لا يلازم كون اللفظ موجدا بل يحكى عن النسبة الايقاعية فالمستعمل فيه فى التمنى هى النسبة الخاصة بين المتمنى والمتمنى اعنى بها تشوّق المتمنى الى حصول ما لا طمع له بحصوله وفى الترجى نسبة اخرى كما سيأتى مفصلا.

(٢) اى ما كان حاصلا بقصده كما مر.

(٣) اى النسبة الوقوعية والخبرية.

(٤) اى النسبة الايقاعية والانشائية فتلخص من الجواب الثانى ان الحروف مطلقا حاكيات بمقتضى الارتكاز والوجدان سواء كان حكاية عن النسبة الثابتة المحفوظة كالاخبار او عن نسبة ايقاعية توقعها المستعمل فى وعائها المناسب لها كالانشاء فكل منهما مشترك فى جهة الحكاية مضافا الى ما يرد على الايجادية بقول مطلق من انا لا نتعقل مفهوما محصلا لايجادية مداليل الحروف والهيئات فانه ان اريد بايجاديتها حضورها فى الذهن باعتبار ما يكون للنفس من الخلاقية للصور فى وعاء الذهن فهو مسلم لا يعتريه ريب ولكنه نقول بان هذا المعنى لا يكون مختصا بمداليل الحروف والهيئات فيجرى فى الاسماء ايضا ففى مثل الماء فى الكوز كان كل واحد من مفهوم الماء والكوز والنسبة الظرفية بينهما من موجدات النفس حسب ما لها من الخلاقية للصور بلا خصيصة لذلك بالحروف ولكن لا يكون الموضوع له ح هو هذه المفاهيم بقيد وجودها فى الذهن بل الموضوع له ح هو نفس المتصور الذى تعلق به اللحاظ والتصور وذلك ايضا لا بما هو هو بل بما هو يرى خارجيا وفى هذه المرحلة كما لا يكون مداليل الاسماء ايجادية كذلك الحروف ايضا ـ وان اريد بايجادية معانى الحروف كون الحروف موجدة لها فى مقام الاستعمال فهو ايضا امر لا نتعقله بعد فرض تحقق تلك النسبة والارتباطات الخاصة بين المفهومين قبل استعمال اداتها اذ هو كما مر من تحصيل الحاصل وغير محتاج اليه.

(٥) ثم قام قدس‌سره فى بيان النص الوارد عن مولانا امير المؤمنين صلوات الله عليه

١٨٨

صرح به فى النص المحكى (١) بان الحرف ما انبأ عن معنى لا هذا ولا ذاك (٢) نعم فى رواية اخرى (٣) الحرف ما اوجد معنى فى غيره ، وامكن توجيهه (٤) بان غالب الحروف (٥) حاكية عن نسبة محدثة للهيئة المخصوصة بين طرفيها فى الذهن (٦) كاحداثها فيها خارجا (٧) و (٨) ان نسبة الموجدية الى اللفظ بملاحظة شدة علاقتها (٩) مع المعنى وقوة ارتباطها معه تراهما (١٠) شيئا واحدا بحيث تضاف صفات المعنى الى اللفظ وبالعكس كما اسلفناه (١١)

______________________________________________________

فى مفهوم الحرف.

(١) روى ابو الاسود الدؤلى عن مولانا على بن أبي طالب عليه افضل الصلاة والسلام ان الحرف ما انبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل ، وهى منقولة على ما قيل عن العامة والخاصة ، ومعنى انبأكما تقدم هو الحكاية والاخبار.

(٢) هذا نقل بالمضمون ظاهرا كما عرفت متنها.

(٣) وهى عامية ولعلها نفس الرواية الاولى نقلت بوجه آخر.

(٤) وملخصه ان استعمال لفظ الايجاد فى الحروف بملاحظة كون النسب التى هى المعنى الحرفى علة لتحقق الهيئة فى الذهن ولذا عبر عنها بذلك وان شئت توضيح اكثر فالحروف منبئة وموجده من جهتين فينبأ عن معناه مثل كون زيد فى الدار يكون فيه انباء عن الظرفية ويكون موجدا لنسبة بين الدار وزيد فى الذهن فعبر بها ذلك.

(٥) باعتبار انشائى منها والايقاعى لا الاخبارى كما سيأتى.

(٦) فالنكتة فى العدول فيها فى الحروف الى الايجاد انما هى ملاحظة كون النسب التى هى المعنى الحرفى علة لتحقق الهيئة فى الذهن.

(٧) اى كاحداث الهيئة فى الطرفين خارجا كالنسب بين ذوات الاخشاب بالنسبة الى تحقق الهيئة السريرية.

(٨) اى وذلك بضميمة ما كان بين الالفاظ ومعانيها من الارتباط والعلاقة الخاصة الموجبة لفنائها فيها.

(٩) اى اللفظ مع المعنى.

(١٠) اى اللفظ والمعنى.

(١١) فان حسن المعنى يسرى الى اللفظ وكذا قبحه وكذا العكس على ما مر وحينئذ باعتبار ان الاداة مرآة لمعانيها التى هى النسب الخاصة بين المفهومين وموجدية تلك النسبة

١٨٩

و (١) من التأمل فى ما ذكرنا (٢) ظهر معنى الهيئات (٣) الطارية على الكلمة (٤) او الكلام (٥) بعد ما كان سنخ معانيها (٦) سنخ الحروف من كونها من سنخ النسب والارتباطات ، وإن كان بينهما فرق (٧) من حيث ان معانى الحروف من سنخ الاضافة

______________________________________________________

للهيئة فى الذهن اضيف صفة الموجدية فى الرواية الى الاداة فعبر عنها بهذه العناية بانها اوجدت معنى فى غيره ثم المثال لتوجيه الرواية قال عليه‌السلام خمس صلوات فى الليل والنهار ، فينبأ ويخطر بظرفية الليل والنهار لوجوب الصلاة الخمس بكلمة فى الموضوعة للنسبة الظرفية ويكون موجدا لنسبة بين الصلاة والزمان الليل والنهار فى الذهن وعلة لتحقق الهيئة فى الذهن كاحداثها فيها خارجا وبما ان بين اللفظ والمعنى شدة العلاقة لمكان الاداة اوجدت ذلك ، وان شئت قلت النسبة بين زيد والدار تتصور فى الذهن وهذه النسبة علة لتحقق الهيئة كما هى موجودة فى الخارج وبما ان اللفظ حاك عن النسبة وله اتحاد مع المعنى فكان اللفظ اوجد الهيئة ولو كان فى الحقيقة هو المعنى كما هو واضح ـ هذا كله مضافا الى ان مسألتنا هذا ليست من المسائل التى يستدل بها باخبار الآحاد مع اختلاف النسخ وعدم تمامية السند كما لا يخفى.

(١) الامر الرابع يقع الكلام فى الهيئات.

(٢) فى شرح المعانى الحرفية من انها هى النسب والروابط الذهنية القائمة بالطرفين كسرت من البصرة وامثال ذلك.

(٣) حيث ان مداليل الهيئات ايضا عبارة عن النسب والروابط الذهنية القائمة بالمفاهيم.

(٤) كما فى المشتقات من النسبة الصدورية والحلولية والوقوعية وامثالها فى الفاعل والنسبة الماضوية فى الماضى والنسبة الحالية والاستقبالية فى المضارع وامثال ذلك.

(٥) كما فى قولك زيد قائم حيث ان مفاد الهيئة فى تلك الجملة عبارة عن النسبة الكلامية والربط القائم بين المفهومين وهو مفهوم زيد ومفهوم القيام.

(٦) اى سنخ معانى الهيئات وهى النسب والروابط.

(٧) ويتضح الفرق بعد مقدمة وملخصها ان الوجودات فى العين على انحاء منها وجود الجوهر ومنها وجود العرض باقسامه التسعة المعبر عنه بالوجود الرابطى ومنها ربط الاعراض بموضوعاتها المعبر عنه بالوجود الرابط ، والعرض من حيث افتقاره الى الموضوع ينقسم الى قسمين احدهما ما يستغنى بموضوع واحد مثل مقولة الكيف والكم ، وثانيهما ما

١٩٠

بين الشيئين القائمة بهما (١) ومعانى الهيئات (٢) ربما يكون من سنخ قيام العرض بمعروضه (٣) ومنها قيام الاضافة بطرفيها (٤) فهذه النسبة (٥) ربما تكون معنى الهيئة ونفس الاضافة القائمة بالطرفين معنى حرفى كما لا يخفى (٦) ثم (٧) ان ذلك (٨)

______________________________________________________

يحتاج فى تحققه الى موضوعين يتقوم وجوده بهما مثل مقولة الاين والاضافة وباقى الاعراض الاضافية ، وحسب الاستقراء من سيرة العقلاء انهم لم يهملوا معنى من المعانى التى تدور عليها الافادة والاستفادة من حيث جعل الطريق لها والكاشف عنها وهو الكلام فلا بد من تحصيل الالفاظ الدالة على كل واحد من هذه المفاهيم فالاسماء تدل على الجواهر وجملة من الاعراض ويبقى بقية الاعراض فلا تدل عليها الا الحروف والهيئات فتكون المعانى الحرفية من اهم المعانى التى يحتاج الانسان الى الدلالة عليها فى مقام الافادة والاستفادة كل ذلك بحسب الاستقراء والفحص عما يدل من الالفاظ الموضوعة على المعانى المذكورة.

(١) تقدم مرارا ان الحروف تدل على الاعراض الاضافية النسبية والروابط بين الطرفين.

(٢) واما الهيئات فعلى نحوين.

(٣) هذا هو النحو الاول من ربط العرض بموضوعه بمفاد الهيئة مثلا لفظ فى يدل على العرض الاينى العارض على زيد فى مثل قولنا زيد فى الدار وهيئة هذه الجملة التركيبية تدل على ربط هذا العرض الاينى بموضوعه اعنى زيد وكذلك هيئة مثل عالم وابيض ومضروب تدل على ربط العرض النسبى بموضوع ما وكذا سائر الحروف تدل على اضافة خاصة وربط مخصوص بين المفاهيم الاسمية.

(٤) هذا هو النحو الثانى من قيامها بالطرفين كزيد قائم حيث ان مفاد الهيئة فى تلك الجملة عبارة عن الربط القائم بالمفهومين وهو زيد وقيام.

(٥) اى القيام بالطرفين.

(٦) فيكون المعنى الحرفى وهو القائم بالمفهومين تارة الدال عليه الحروف واخرى الهيئة.

(٧) فى بيان الفارق بين الحروف والهيئات المركبة الناقصة والتامة.

(٨) اشارة الى ما ذكره قدس‌سره من ان الهيئة قائمة بموضوع واحد غالبا وهو وجود الرابط ، والحروف قائمة بالطرفين وهو وجود الرابطى ويجرى فى الهيئة النزاع المتقدم من انه ايجادية او اخطارية والحق انها اخطارية وينبأ عن المعنى على ما مر فى الحروف ، و

١٩١

هو الفارق بين الهيئة المركبات الناقصة (١) والحروف (٢) وإلّا (٣) فالفرق بين الحروف ومعانى الجمل اسميه (٤) او فعليه (٥)

______________________________________________________

ملخصه ان معنى الهيئة معنى ارتباطى غير مستقل فى اللحاظ يحكى عن ربط خارجى فى ضمن حكاية مدخولة اعنى به المعنى الاسمى عن مطابقة فى الخارج فيكون اخطاريا كالمعنى الاسمى والحرفى ويكون ممتازا عن المعنى الاسمى بذاته لا باللحاظ كما مر ، والموضوع له فى الهيئات كالحروف وضع عام والموضوع له عام وهو القدر المشترك بين مصاديق كل معنى من معانيها وهو الوحدة السنخية مثلا هيئة ضارب تدل على ارتباط العرض بموضوع ما بلا اخذ خصوصية العرض من كونه ضربا او قياما او حركة او سكونا وبلا اخذ خصوصية موضوع ذلك العرض فى معنى تلك الهيئة لهذا تجدها دالة على معناها فى مادة ضرب كما تدل عليه فى مادة قام او سكن وكذلك تدل على معناها اذا كان موضوع مادتها زيدا مثلا كما تدل عليه اذا كان موضوع مادتها عمروا بلا تفاوت فيه من ناحية اختلاف هذه الخصوصيات وهذا يدل على ان الموضوع له فيها هو القدر المشترك بين المصاديق الجزئية.

(١) المراد من الهيئة المركبة الناقصة هى ما لا تصح السكوت عليه كالهيئة الطارية على الصفة والموصوف من زيد العالم وعلى المضاف والمضاف اليه كغلام زيد ، ومثل المرأة المسلمة فى بعض الروايات لا بأس ان تصلى المرأة المسلمة ليس على رأسها قناع ، فالجمل الناقصة ترى النسبة فيها ثابته للموضوع او المحمول فيعتبرها جزء من الموضوع او المحمول فى القضية الاخرى.

(٢) على ما تقدم مفصلا.

(٣) اى ان ذلك كان هو الفارق بين الجمل التركيبية الناقصة والحروف وان لم تكن الجملة ناقصة فالفرق بينها وبين الحروف واضح من وجوه.

(٤) فان التركيب التام وهو ما يصح السكوت عليه على اقسام تارة حملية كقوله «ع» الغسل واجب واخرى شرطية كقوله «ع» فى رواية عن الرجل يجنب فى الثوب او يصيبه بول وليس معه ثوب غيره قال يصلى فيه اذا اضطر اليه. وثالثه جملة اسمية قال «ع» غسل الجمعة واجب على الرجال والنساء فى السفر والحضر ، او فعلية قال «ع» ويصلى ركعتين واربع سجدات وهو جالس.

(٥) فان هيئات الافعال تدل على نسب مختلفة لاختلاف خصوصياتها مثلا هيئة الماضى تدل على نسبة الحدث الى الفاعل على نحو التحقق وهيئة المضارع تدل على نسبة الحدث الى الفاعل على نحو التوقع والترقب وهيئة الامر تدل على نسبة الحدث الى الفاعل

١٩٢

فى غاية الظهور اذ (١) لمفاد الجمل نحو إراءة عن واقعية النسبة فى موقعه كما هو شأن (٢) التصديق بشيء قبال تصوره (٣) ولذا يسمى هذه النسب (٤) بنسب تصديقية

______________________________________________________

على نحو الايقاع والاصدار وسيأتى ذلك مفصلا.

(١) هذا هو الفارق الاول بين الجملة التركيبية الناقصة والتامة حيث كان المحكى للهيئة فى الجمل التامة مطلقا عبارة عن ايقاع النسبة بخلافه فى الجمل الناقصة والمركبات التقييدية حيث كان المحكى للهيئة فيها عبارة عن وقوع النسبة لا ايقاعها اذ كما انه فى الاضافات الخارجية الحاصلة من وضع الحجر على حجر آخر يتصور حيثيتان حيثية ايقاع النسبة اعنى خروجها من العدم الى الوجود المعبر عنها بالمعنى المصدرى وهو ان يلاحظ احجارا بنحو لا يكون بينها ارتباط وذلك بملاحظة حجر ثم ملاحظة حجر آخر غير مرتبط بالحجر الاول وملاحظة ماء وكوز غير مرتبط احدهما بالآخر وحيثية وقوع النسبة وثبوتها المعبر عنها بالاسم المصدرى بوضع الحجر على حجر آخر وخشب فوق خشب وكون شيء فى وعاء كالماء فى الكوز كذلك يتصور هاتان الحيثيتان فى النسب والروابط الذهنية بين المفاهيم فيتصور النسبة تارة من حيث ايقاعها وصدورها واخرى من حيث وقوعها وثبوتها فارغا عن ايقاعها باعتبار تفرع وقوع الشيء وثبوته دائما على ايقاعه فكان المحكى للجمل التامة مطلقا اسمية كانت ام فعليه ام شرطية هى النسب الايقاعية نحو زيد قائم وعبدى حر وللجمل الناقصة فى المركبات التقييدية التوصيفية كزيد القائم هى النسب الثابتة التى تعتبر قيدا مقوما للموضوع او المحمول كغلام زيد قائم او زيد غلام عمرو او زيد العالم فى الدار او هذا زيد العالم ففى الجمل التامة يرى الانسان بالوجدان ان المتكلم يرى الموضوع عاريا عن النسبة التى يريد اثباتها اخبارا او انشاء وهو بالحمل او بالانشاء يوقعها بين الموضوع والمحمول بخلاف الجمل الناقصة فان المتكلم يرى النسبة فيه ثابته للموضوع او المحمول فيعتبرها جزء من الموضوع او المحمول.

(٢) فان التصور عبارة عن لحاظ مفردات القضية من دون ربط بينها والتصديق عبارة عن الاذعان بثبوت النسبة وعدم ثبوتها وبتعبير آخر المطابقة واللامطابقة.

(٣) والجمل التامة من النسب التصديقية لحكايتها عن النسبة الخارجية بين زيد والقيام فى قولك زيد قائم واقتضاء المحكى فيها للوجود فى الخارج لما عرفت عبارة عن ايقاع النسبة وصدورها.

(٤) اى النسب الجملة التركيبية التامة نسبة تصديقية.

١٩٣

بخلاف معانى الحروف ومفاد الجمل الناقصة اذ ليس فيها هذه (١) بل هو شبيه بالتصور (٢) القابل لواقعية (٣) متصورة وعدمه ، بل (٤) فى النسبة التصديقية انشائية ام خبرية (٥) امتياز آخر عنها (٦) حيث مفادها (٧) ليس إلّا لنفس التصديق (٨) من كون ظرف عروضها ذهنا وانما الخارج ظرف اتصافها (٩) بخلاف النسبة التصورية (١٠) فانها ربما تكون ظرف عروضها واتصافها خارجيا وان الصور

______________________________________________________

(١) اى هذه الإراءة والحكاية عن واقعية النسبة فيطلق عليه التصور كما مر.

(٢) فان فى التصور يكون لحاظ مفردات القضية من دون الاذعان بثبوت النسبة وعدمها كذلك الهيئة تحكى عن وقوعها وثبوتها من دون النظر الى ثبوت الجملة الوصفية ونحوها وعدمه.

(٣) من حيث تحقق هذه النسبة وعدمه.

(٤) اشارة الى الفرق الثانى بين الجمل التركيبية التامة وبين الحروف والجمل التركيبية الناقصة والتقييدية.

(٥) وسيأتى الفرق بينهما إن شاء الله تعالى والاخبارية كزيد قائم والانشائية نحو عبدى حر.

(٦) اى عن الجمل الناقصة.

(٧) اى النسبة التصديقية هى ثبوت النسبة وعدم ثبوتها والمطابقة اللامطابقة.

(٨) اى الاذعان والعلم.

(٩) فظرف العروض هو الذهن وظرف الاتصاف فى الخارج فزيد عالم فان ظرف اتصاف الزيد بالعالمية فى الخارج لكن ثبوت النسبة فى القضية وعدم ثبوتها فى الذهن.

(١٠) فان النسبة التصورية ظرف عروضها واتصافها خارجيا لانه ينتزع الغفل عن خارجها مفردات القضية بالتحليل فان فى زيد العالم يكون فى الخارج ظرف اتصاف الزيد بالعالمية وظرف عروضها ايضا وتصور زيد وتصور العلم وتصور النسبة والتقييد ولو يكون موجودا فى الذهن لكن يكون منتزعا عن الخارج ، وان شئت توضيح اكثر فنقول انه بمثل ذلك يفترق الفعل عن الاسم المشتق من حيث المطابق الخارجى فان الذات التى تلبست بالحدث خارجا تكون مطابقا للعنوان المنتزع منها اعنى به الاسم المشتق مطابقة تامة ويكون مفهوم الاسم المشتق بما هو فى الذهن حاكيا عما هو فى الخارج كما هو فيه بلا نقص ولا زيادة بخلاف الفعل فان مفهومه المتصور فى الذهن لا يكون كما هو فيه حاكيا عما هو فى الخارج كما فيه لان مفهوم الفعل ملحوظ بنحو الفرق والتفصيل بين الحدث والذات التى صدر منها

١٩٤

الموجودة فى الذهن منتزعة عن خارجها كما لا يخفى ، ولقد اشرنا فى مبحث المشتق ايضا الى ذلك فراجع ، وحيث ظهر لك هذه الجهات نقول ايضا فى معانى الهيئات فانها (١) ايضا قد تحكى عن نسبة ثابته (٢) كهيئة المركبات التقييدية (٣) ومنه الاوصاف الاشتقاقية (٤) ومنها (٥) ما يحكى عن ايقاع النسبة (٦) كالجمل التامة (٧) حمليه (٨) او شرطيه (٩) فعليه (١٠) ام اسميه (١١) بشهادة الوجدان من انه

______________________________________________________

الحدث ولحاظ النسبة بينهما وما فى الخارج ليس هو إلّا الذات المتلبسة بالحدث على نحو لا يكاد ترى بينهما فرقا واثنينية كما ترى ذلك فى مفهوم الفعل وهكذا كل نسبة تكون مورد التصديق بالنفى والاثبات بخلاف النسبة التى تكون متعلقا للتصور فقط فانها لا تكون ملحوظة إلّا بنحو الاجمال والاندكاك فى جنب غيرها من المعانى الاسمية التى تكون موضوعا لقضية او محمولا كما هو الشأن فى النسبة التى يشتمل عليها الاسم المشتق.

(١) اى الهيئات.

(٢) وهى النسبة الوقوعية فى المركبات الناقصة.

(٣) وهو المركبات الناقصة سواء كان القيد مقوما للموضوع كغلام زيد موجودا وللمحمول كزيد غلام عمرو.

(٤) كزيد العالم.

(٥) اى ومن الهيئات المركبات التامة.

(٦) وتحققها.

(٧) اى مما يصح السكوت عليها.

(٨) كزيد قائم فى الاخبار وعبدى حرفى مقام انشاء العتق والموضوع عار عن النسبة التى يريد اثباتها اخبارا او إنشاء وبالحمل او بالانشاء يوقعها بين الموضوع والمحمول بخلاف النحو الاول فالنسبة ثابته للموضوع او المحمول فيعتبرها جزء من الموضوع او المحمول كقوله «ع» الغسل الواجب الخ.

(٩) كان زالت الشمس وجبت الصلاة فى الانشاء وان طلعت الشمس وجد النهار فى الاخبار تقدم قوله «ع» يصلى فيه اذا اضطر اليه.

(١٠) كضرب يضرب وتقدم ان هيئات الافعال تدل على نسب مختلفة لاختلاف خصوصيتها وسيأتى ايضا.

(١١) كالامثلة المتقدمة من زيد قائم وعبدى حر ونحوهما.

١٩٥

فيها (١) ترى الموضوعات عارية عن النسبة فيوقع المتكلم حين استعماله محمولاتها (٢) او مباديها (٣) نسبة (٤) حمليه او صدورية (٥) وامثالهما (٦) بمعنى انه يلاحظ مفاهيمها (٧) بنظر ايقاع النسبة بينها (٨) وبين المسند اليه (٩) فكان شان المتكلم اسناد احدهما الى الآخر فيصير بهذا لاسناد احدهما مسندا (١٠) والآخر مسند اليه (١١)

______________________________________________________

(١) فى الجمل التامة.

(٢) فى الجملة الاسمية.

(٣) فى الجملة الفعلية.

(٤) اى يوقع نسبة حملية كما تقدم ويقال زيد قائم وقبل ذلك لا نسبة بينهما وبذلك يوقع النسبة الثابتة وكذلك عبدى حر.

(٥) كاضرب زيدا او ضرب زيد او يضرب عمرو وهكذا فيوقع النسبة الصدورية من الفاعل بهذا الحدث.

(٦) من النسب المختلفة كما مر لاختلاف خصوصيتها من نسبة الحدث الى الفاعل على نحو التحقق فى الماضى والتوقع والترقب فى المضارع والايقاع والاصدار فى الامر ، وموجود فى هذه الرواية جملة من النسب ، رجل يقضى شيئا من صلاة الخمسين فى المسجد الحرام او مسجد الرسول او مسجد الكوفة أتحسب له الركعة على تضاعف ، فنسبة بين القضاء والرجل وهى الصدورية ، ونسبة بينه وبين الصلاة وهى النسبة الوقوعية ونسبة بين الصلاة والخمسين وهى النسبة التوصيفية ونسبة بين القضاء ومسجد الحرام وهى الظرفية المكانية وهكذا وقال عليه‌السلام ايضا يقضى صلاة اليوم الذى يفيق فيه ، فيكون نسبة بين القضاء واليوم وهى النسبة الظرفية الزمانية وقال «ع» ويقيم فى اولهن ، وهى النسبة الابتدائية وقال «ع» الوتر ثلاث ركعات الى زوال الشمس ، وهى النسبة الانتهائية وبعض هذه النسب مفاد الحروف وبعضها مفاد الهيئات كما لا يخفى.

(٧) اى مفاهيم هذا القسم من المركبات.

(٨) اى بين تلك المفاهيم.

(٩) فى الجملة الاسمية كزيد فى زيد عالم مسند اليه واوقع النسبة بين عالم وزيد وزيد مسند اليه فى ضرب زيد واوقع الاسناد بين الضرب وزيد.

(١٠) وهو قائم فى زيد قائم.

(١١) وهو زيد فى المثال.

١٩٦

و (١) حيث (٢) ان فى ايقاع النسبة بين المبدا وفاعله يرى خروج المبدا عن فاعله (٣) ماضيا (٤) او مستقبلا (٥) واخراج (٦) المبدا عن فاعله تسبيبا كما فى الامر حاضرا ام غائبا (٧) فبالنظر المزبور يرى حركة المبدا ، والى ذلك اشار فى النص بان الفعل ما دل على حركة المسمى (٨) لا (٩) ان المراد من الحركة الحركة من كتم العدم الى الوجود كيف (١٠) و (١١) لا معنى له (١٢) فى مثل استحال وامتنع و

______________________________________________________

(١) اشارة الى جهة اخرى فى فقه الحديث الرواية الواردة وقد تقدم عن على عليه‌السلام الاسم ما انبأ عن المسمى والفعل ما انبأ عن الحركة فى المسمى والحرف ما اوجد المعنى فى غيره ، اما الفقرة الاولى فواضح من جهة ان شيئا ما فى الخارج او فى الذهن اذا اردنا ابرازه نضع له لفظا يحكيه مثل لفظ زيد الحاكى عن ذاته ، والفقرة الثالثة تقدم الكلام فيها ، والكلام فى الفقرة الثانية.

(٢) هذا هو الاحتمال الاول واختاره المحقق الماتن قدس‌سره وملخصه ان الافعال على اختلاف نسبها تدل على ان الحدث الذى اشتملت عليه هيئاتها هو من آثار الفاعل وصوادره المترشحة من ذاته بحسب ظاهر لفظها ولذا اطلق عليه حركة المبدا.

(٣) اى صدوره منه.

(٤) صدوره بالنسبة التحققية.

(٥) صدوره بالنسبة الترقبية.

(٦) اى ايقاعه واصداره من الغير تسبيبا من الامر.

(٧) كما فى مثل اضرب وليضرب.

(٨) كما عرفت من انه من صوادره المترشحة وان لم يكن لذلك مطابق فى الخارج كما فى امتنع ويمتنع واستحال يستحيل.

(٩) اشارة الى الاحتمال الثانى وهو المردود عند المحقق الماتن قدس‌سره وملخصه حركة الحدث من العدم الى الوجود فانه لا يتم فى بعض الافعال لعدم مطابق لحدث مادتها فى الخارج كما عرفت.

(١٠) هذا هو المحذور الوارد عليه فان الافعال على قسمين.

(١١) هذا هو القسم الاول من عدم مطابق لحدث مادتها فى الخارج ليتصور فيه الحركة المزبورة على ما تقدم.

(١٢) اى للحركة من كتم العدم الى الوجود.

١٩٧

عدم اذ لا يتصور لها وجود كما لا يخفى بل (١) لنا اعتبار آخر (٢) فى اطلاق الحركة بلحاظ دلالة الفعل على حركة المادة من القابلية الى الفعلية وبهذه العناية (٣) ربما يحسب من منافع الاعيان (٤) قبال النظر الى فراغها عن الفعلية (٥) فانها (٦) لا تحسب من تبعات شيء آخر بحسب منفعته ، وبذلك (٧) اجبنا عن شبهة (٨) اجارة الاراضى والبساتين بلحاظ كلائها واثمارها (٩)

______________________________________________________

(١) نعم بعض الافعال بل غالبها التى يكون لها مطابق فى الخارج يمكن تصور الحركة بمعنى الخروج من القابلية الى الفعلية فى مطابقة الخارجى كالضرب وامثاله وذلك ان كل ممكن يوجد فى الخارج له اعتبار ان اعتبار من حيث نفسه ووجوده واعتبار من حيث صدوره من موجده وفاعله وهو بالاعتبار الاول حقيقة من الحقائق الثابتة وبالاعتبار الثانى يكون فعلا لفاعله وحدثا حدث منه ويكون حدوثه نفس حركته وخروجه من القابلية الى الفعلية.

(٢) فى الفعل.

(٣) اى باعتبار دلالة بعض الافعال على حركة المادة من القابلية والقوة الى الفعلية يترتب عليه منافع الاعيان المنافع بالقوة والمنافع الموجودة فان الموجودة لا تحسب من تبعاتها دون ما بالقوة.

(٤) المنافع بالقوة والقابلية للاعيان فتحسب من منافعها.

(٥) وهو الموجودة حين العقد.

(٦) اى المنافع الفعلية.

(٧) اى الفرق بين المنافع بالقوة والقابلية والمنافع الفعلية.

(٨) اما الشبهة فانه اشكل فى ايجار البساتين باعتبار ثمراتها الحاصلة حين ايجارها واستيجارها لان الثمرات الموجودة حين المعاملة لا يصح ان تكون من المنافع المتعلقة بالعين المستأجرة ليسوغ باستيجار العين استيفاء تلك المنافع العينية بل هى بعض العين المستأجرة فاما ان تكون داخلة فى ايجار العين المستأجرة فلا يجوز التصرف فيها بالاتلاف كما لا يجوز التصرف فى نفس اعيان اشجار البستان بالاتلاف لان فائدة الايجار هو الانتفاع بالعين مع بقائها وان لم تكن داخلة فى الايجار فلا يجوز التصرف فيها اصلا واما جواز التصرف فيها بالاتلاف فيحتاج الى سبب آخر غير عقد الايجار.

(٩) وربما يجاب عن هذا الاشكال بان ايجار البستان بلحاظ الانتفاع بثمرته الموجودة حين الايجار يرجع الى بيع تلك الثمرة بلفظ الايجار.

١٩٨

كما لا يخفى (١) ثم بعد دلالة الهيئة على هذا الايقاع (٢) لا شبهة فى انه يتصف المركب بالكلامية ويمتاز عن المركبات التقيدية (٣) الحاكية عن النسبة الثابتة وربما (٤) تكون مفاهيمها فى رتبة متاخره عن مفاهيم الجمل تأخر الثبوت عن الاثبات ، واليه (٥) ايضا يشير كلماتهم من ان الاخبار بعد العلم بها اوصاف و

______________________________________________________

(١) ولكن الجواب الصحيح ما تقدم منه وملخصه ان تلك الاثمار الموجودة حين الايجار لها حيثيتان إحداهما حيثية ذاتها من حيث هى حقيقة من الحقائق الموجودة فى الخارج وهى بهذا الاعتبار عين من الاعيان كنفس البستان فلا يصح بلحاظ هذه الحيثية تعلق الايجار بها إلّا باعتبار كونه بيعا بلفظ الايجار وثانيتهما وهى حيثية ترشح الثمرة وتولدها من اعيان البستان فهى بهذا الاعتبار منفعة البستان والاشجار فيصح ايجار البستان بلحاظ هذه المنفعة.

(٢) فى الجمل التامة فانها تحكى عن اثبات النسبة كزيد ضارب فيخبر باثبات نسبة الضرب لزيد.

(٣) فان قولنا زيد القائم ضارب يكون نسبة القيام الى زيد ثابته يخبر بها بهذا التعبير فلذا يكون شان الهيئة هو الحكاية عن نسبة ثابته بعد فرض الثبوت.

(٤) اشارة الى الفرق الثالث بين الجمل التركيبية التامة وبين الحروف والجمل الناقصة وملخصه ان مفاد الهيئة الناقصة دائما فى طول مفاد الهيئة التامة وفى رتبة متأخرة عنها باعتبار كونها نتيجة لمفاد القضايا الحملية والجمل التامة.

(٥) اى الى اختلاف الرتبة يقال ان الاوصاف قبل العلم بها اخبار والاخبار بعد العلم بها اوصاف لكن فى جملة اخرى لا فى هذه الجملة كما ستعرف فيصير زيد القائم ضارب فى الجملة الاخبارية فكون القضية التوصيفية اخبارا قبل العلم بها انما كان بلحاظ ان الملحوظ فيها ح هى النسبة لكن لا من حيث ثبوتها بل من حيث ايقاعها كما ان كون القضية الحملية توصيفية بعد العلم بها انما هو بلحاظ ان الملحوظ فيها هو ثبوت النسبة فارغا عن ايقاعها فان زيد القائم بوصف القيام يصير موضوعا لقولك زيد القائم ضارب فيصير بالجملة اخبارية ، ومن الفرق بينهما وهو الفرق الرابع عدم اقتضاء المحكى للمركبات التقييدية للوجود خارجا وكونه عبارة عن ذات الماهية بما هى قابلة للوجود والعدم ومن ذلك يحمل عليه الوجود تارة والعدم اخرى فيقال زيد الضارب موجودا ومعدوم اذ التقييد المزبور لا يقتضى إلّا تضييق دائرة الذات واخراجها عما لها من سعة الاطلاق وهذا بخلافه فى المركبات التامة فان للمحكى فيها اقتضاء الوجود الخارجى ولذلك لا يصح ان يقال زيد قائم موجود او معدوم وبعبارة واضحة ان المحكى عنه فى النسبة التامة هى النسبة بلحاظ وجودها اما حكاية عن وجودها فى الخارج

١٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فكما فى الاخبار او توجد النسبة بينهما ابتداء كما فى الانشاء وكذا اذا قال المتكلم زيد قائم فهى تحكى عن النسبة الموجودة بين زيد والقيام وكذلك عبدى حر واضرب وامثاله يحكى عن نسبة المحمول الى الموضوع على سبيل الانشاء بخلاف التركيب الناقص فان المحكى عنه به هى النسبة بلحاظ نفسها مع قطع النظر عن وجودها وعدمها فى الخارج بل الملحوظ هو ذاتها فى مقام الحكم عليها وبها فالتامة اخبار عما وقع فى الخارج والناقصة ليست باخبار وان شئت قلت بعبارة اخرى ان الجمل التامة تحكى عن تحقق شيء او لا تحققه ولكن فى الناقصة تدل على نفس الربط والاضافة لا على تحققها وعلى الهوهوية بنحو التصور لا على ثبوتها فى الخارج ، ومن الفروق الأخر بل ثمرة شرعية انه بعد ما لا يكون وزان القيود الواقعة فى حيز الجمل الناقصة على وزان القيود الواقعة فى حيز الجمل التامة فان فى الاول يكون التقييد فى نفس ذات الماهية القابلة للوجود والعدم بخلاف التامة فان محل التقييد فيه هو صقع موجودية الذات خارجا فيرتب عليه الثمرة من جريان الاصول فى الاعدام الازلية بيان ذلك اذا كان القيد واقعا فى حيز الجمل الناقصة كالقريشية للمرأة والكرية للماء والشرط المخالف للكتاب ونحوه فعند الشك فى تلك القيود امكن استصحاب اعدامها ولو بنحو السلب المحصل وهو غير المعدولة والسلب ليس جزء للموضوع ولا للمحمول ولا لهما كقولك ليس شيء من الانسان بحجر فانه بعد ان كان معروض التقييد ح هو الذات العارية عن حيث الوجود والعدم لا هى بوصف موجوديتها وكان الوجود من العوارض الطارية على الذات المتقيدة بالوصف والقيد فلا جرم لا مانع من جر عدم الوصف والقيد الناشى من عدم الموصوف الى زمان وجوده من دون اقتضاء حيث عدم موجودية الذات فى الخارج لسلب هذا التقيد كى يلزمه عدم صحة جريان استصحاب عدم الوصف الى زمان وجود الموصوف كما لا يخفى وهذا فموضوع الحكم بعدم الانفعال فى لسان الدليل هى طبيعة الماء الخاص مع قطع النظر عن وجوده وعدمه وان كان هذا الحكم لا يترتب عليه الا فى حال وجوده إلّا انه لم يجعل الوجود قيدا لموضوعه فى لسان دليله بل جعلت طبيعة الماء المخصوص اعنى حصة خاصة من الماء موضوعا للحكم وعدم موضوع هذا الحكم وهو عدم الانفعال وهو عدم الماء الكر يتحقق فى الخارج بعدم احد امرين بعدم نفس الماء وبعدم قيده وهو الكرية وعليه يمكن اثبات عدم موضوع الحكم المزبور باستصحاب عدم كل من الامرين مثلا المائع المحرز كونه كرا المشكوك مائيته يستصحب عدم كونه ماء باستصحاب عدم كونه ماء قبل وجوده ، وان احرزنا مائيته وشككنا فى كريته فنستصحب عدم كريته قبل وجوده ويثبت عدم كريته ففى كلا

٢٠٠