نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

مع ذلك صار موجبا لضيق دائرة الامر بنحو لم يتعلق إلّا بالذات التوأمة مع التقرب فى عالم الوجود لا بشرط التقرب ولا لابشرطه فكذلك فى المقام (١) ولازم ذلك ح قصور ترخيص الواضع من وضعه على اى نحو من الاستعمال بلا احتياج فيه الى شرط خارجى (٢) فى متن عقد لازم وح يكون استعمال كل واحد بغير ما يوافق غرضه الداعى على وضعه غلطا (٣) كما لا يخفى

______________________________________________________

(١) فاذا كان الغرض من وضع الحروف مثلا تفهيم معناه ملحوظا باللحاظ الآلي بنحو القضية الحينية والاسماء باللحاظ الاستقلالى كذلك فعليه يتضيق من اجله دائرة موضوع وضعه ويختص بذات المعنى فى حال كونه ملازما مع اللحاظ الآلي او الاستقلالى بنحو القضية الحينية لا التقييد.

(٢) كما توهم وما ذكرنا من القضية الحينية والحصة التوأمة مع الآلية فى الحروف والاستقلالية فى الاسماء هو مراد صاحب الكفاية قدس‌سره من جواب ان قلت قال فى الكفاية ، ح ١ ، ص ١٥ ان قلت على هذا لم يبق فرق بين الاسم والحرف فى المعنى ولزم كون مثل كلمة من ولفظ الابتداء مترادفان صح استعمال كل منهما فى موضع الآخر وهكذا سائر الحروف مع الاسماء الموضوعة لمعانيها وهو باطل بالضرورة كما هو واضح قلت الفرق بينهما انما هو فى اختصاص كل منهما بوضع حيث انه وضع الاسم ليراد منه معناه بما هو هو وفى نفسه والحرف ليراد منه معناه لا كذلك بل بما هو حالة لغيره كما مر الاشارة اليه غير مرة فالاختلاف بين الاسم والحرف فى الوضع يكون موجبا لعدم جواز استعمال احدهما فى موضع الآخر وان اتفقا فى ما له الوضع الخ وليس مقصوده اشتراط عند الوضع على المستعملين بان لا يستعملوا الحروف الا فى حال لحاظ المعنى مرآة لحال المتعلق ولا الاسماء الا فى حال المعنى مستقلا كما مر مفصلا مع جوابه.

(٣) اى فى غير الحصة التى وضع اللفظ لذلك المعنى فى تلك الحصة والمحدودة بذلك الحد واما الجواب عما ذكره اخيرا من الجمع بين النقيضين ففيه انا لا نسلم كون المفاهيم والمعانى الحرفية بسائط غاية البساطة بل هى مركبه ولها فصول واجناس وليس ما به الامتياز فيها عين ما به الاشتراك اذ لا شك فى ان المفاهيم الذهنية يمتاز بعضها عن بعض فتارة يكون الامتياز فيها بتمام الذات كالاجناس العالية واخرى ببعض الذات كالانواع المتداخلة تحت جنس واحد كما فى مفهوم الانسان والبقر مثلا ومرة يكون الامتياز فيها بالعوارض الزائدة عن اصل الذات كما فى الاضافة والاشخاص المتداخلة تحت نوع واحد فهذه المفاهيم تمتاز بالعيان والوجدان بعضها عن البعض الآخر فكيف يمكن القول بان المفاهيم الحرفية كلها

١٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

بسائط غاية البساطة ، وما قيل فى المعقول من ان المفاهيم مجردة فى مرحلة التعقل فان المدرك فيه مجرد من المادة والمقدار والاضافة معا ويكون محذوفا عنه كل شيء كما هو الحال فى حقائق الاشياء فانها موجودة فى قوة العاقلة مجردة عن جميع عوارض المادة والمقدار والاضافة ولكن تخيل ان المراد من التجرد هو التجرد عن كل شيء حتى من الاجزاء العقلية غفلة عن ان مرادهم من التجرد هو التجرد عن المادة والصورة والمقدار لا تجردها من الاجزاء العقلية حتى يشمل الاجناس والفصول كما هو واضح ـ مضافا الى انه بناء على تسليم كون المفاهيم بسيطة وانه لا جامع فى البين فمع ذلك لا يلزم ارتفاع النقيضين كما سيأتى فانه يكون موضوعا للماهية المبهمة كما لا يخفى. وقال المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ٢٧ ليس المراد من الكلية والجزئية فى المقام ما هو المتبادر منها فى المفاهيم الاسمية من قابلية الصدق على الكثيرين وعدمها كما توهمه المحقق صاحب الكفاية (قدس‌سره) فاورد على القائلين بكون الموضوع له خاصا بان ما يستعمل فيه الحروف غالبا لا يكون خاصا كما فى مثل سر من البصرة الى الكوفة فان ما يستعمل فيه الحروف كما عرفت فى المقام الاول ليس إلّا النسب الرابطة فى الكلام بحيث اذا افيد الكلام مرة ثانية تكون النسبة مغايرة للاولى وهذه النسبة يستحيل صدقها على الخارج حتى تتصف بالكلية والجزئية باعتبار الصدق وعدمه وبعبارة واضحة المفهوم الاسمى والحرفى متعاكسان فان المفهوم الاسمى له خارج يطابقه ولو فرضا فاما ان يكون الوضع لنفس المفهوم او لمصاديقه بخلاف المفهوم الحرفى فانه متقوم بطرفى الكلام ويستحيل صدقه على موطن آخر غير موطنه الكلامى بل هو من جملة ما ينطبق عليه المفهوم الاسمى كمفهوم النسبة الصادق على النسبة الخارجية والكلامية فالمفاهيم الاسمية مفاهيم منطبقة والمفاهيم الحرفية مما ينطبق غيرها عليها ـ لا هى على غيرها ، بل المراد من الكلية والجزئية فى المعان الحرفية هو ان ما يتقوم به النسبة الكلامية وهى اطراف الكلام كما انها خارجة عن حريم المعنى الحرفى فهل التقيدات ايضا خارجة حتى يكون الموضوع له واحدا وكليا ام هى داخله فى الموضوع له حتى يكون المعنى متعددا والموضوع له خاصا وبعبارة اخرى المفاهيم الحرفية لا بد فى مقام الوضع لها من تصور مفاهيم اسمية عامة كمفهوم النسبة الابتدائية فيكون الوضع لا محاله عاما ثم ان الموضوع له اما ان يكون تلك المفاهيم الربطية الكلامية بخصوصياتها فيكون الموضوع له خاصا او لا فيكون عاما وهذا معنى كلام الفصول حيث قال ويحتمل خروج القيد والتقيد انتهى. وفيه ان المراد من الكلية صدق على كثيرين وسيأتى فى وضع الحروف بيان ذلك وعدم تمامية ما ذكره

١٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المحقق النائينى قدس‌سره فانتظر. وذكر استادنا الخوئى فى الجواب عن صاحب الكفاية فى المحاضرات ، ح ١ ، ص ٥٨ بوجهين الجواب الاول ان لازمها صيرورة جملة من الاسماء حروفا لمكان ملاك الحرفية فيها وهو لحاظها آلة ومرآة كالتبيّن المأخوذ غاية لجواز الاكل والشرب فى قوله تعالى (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) الآية فانه قد اخذ مرآة وطريقا الى طلوع الفجر من دون ان يكون له دخل فى حرمة الاكل والشرب وعدمها فبذلك يعلم ان كون الكلمة من الحروف لا يدور على لحاظه ـ الجواب الثانى ان ما هو المشهور من ان المعنى الحرفى ملحوظ آلة لا اصل له وذلك لانه لا فرق بين المعنى الاسمى والحرفى فى ذلك اذ كما ان اللحاظ الاستقلالى والقصد الاولى يتعلقان بالمعنى الاسمى فى مرحلة الاستعمال كذلك قد يتعلقان بالمعنى الحرفى فانه هو المقصود بالافادة فى كثير من الموارد وذلك كما اذا كان ذات الموضوع والمحمول معلومين عند شخص ولكنه كان جاهلا بخصوصيتهما فسأل عنها فاجيب على طبق سؤاله فهو والمجيب انما ينظران الى هذه الخصوصية نظرة استقلالية مثلا اذا كان مجيء زيد معلوما ولكن كانت كيفية مجيئة مجهولة عند احد فلم يعلم انه جاء مع غيره او جاء وحده فسأل عنها فقيل انه جاء مع عمرو فالمنظور بالاستقلال والملحوظ كذلك فى الافادة والاستفادة فى مثل ذلك انما هو هذه الخصوصية التى هى من المعان الحرفية دون المفهوم الاسمى فانه معلوم بل ان الغالب فى موارد الافادة والاستفادة عند العرف النظر الاستقلالى والقصد الاولى بافادة الخصوصيات والكيفيات المتعلقات بالمفاهيم الاسمية انتهى. وشيء من الوجهين لا يمكن المساعدة عليه وذلك يحتاج الى بيان كلام صاحب الكفاية حتى يتضح الاشكال عليه وهو كون المعنى الحرفى مفهوما كليا كمفهوم الابتداء مثلا يتخذ آلة لملاحظة خصوصيات التقيدات او النسب فيكون مغفولا عنه وتمام النظر الى تلك الخصوصيات والنسب فان عرفت ذلك فهل التبين فى الوجه الاول آلة ومرآة الى النسب الخاصة حتى يكون معنى حرفيا ويرد المناقشة عليه بان بعض الاسماء ايضا يلاحظ آلة او ان التبيين تارة يلاحظ موضوعا واخرى طريقا الى مفهوم اسمى آخر فاى ربط له بالحروف ـ كما ان ما ذكر فى الوجه الثانى من لحاظ الاستقلالى على الحروف لا اساس له فان النسبة والارتباطات لا تتحقق الا بالطرفين فكيف يلاحظ مستقلا نعم يمكن ان تلاحظ مستقلا معنا اسميا وهو خارج عن محل الكلام فالكلام فى كونه معنا حرفيا وهو الارتباط والنسبة الملازمة للمصاحبة المتحققة فى الكلام ذهنا فلا يكون الا آلة ومرآة لغيره اى المفهوم والمعنى مرآة لتلك النسبة فان المفهوم والمعنى لا محاله مغفول عنها وتمام النظر الى تلك

١٦٣

بل العمدة فى وجه الاشكال (١) انه (٢) بعد الجزم بحسب الوجدان ان فى موارد استعمال الحروف ينسبق الى الذهن النسب المخصوصة او الابتداء الخاص مثلا بخصوصياتها التفصيلية لا مجال (٣) لاستفادة ذلك من مفهوم النسبة او الابتداء

______________________________________________________

النسبة الخاصة كما لا يخفى والحاصل تعلق اللحاظ الاستقلالى بطرفى المعنى الحرفى وهو المعنى الاسمى لا بنفسه مضافا الى انه يمكن ان ينتزع مفهوما اسميا ويشير الى واقع النسبة وهو المعنى الحرفى ويستفهم عن تلك الخصوصية فما ذكره موهون جدا ، وما قيل فى رد صاحب الكفاية انه لو كان آلة ومرآة للمصاديق الخاصة فكل مفهوم يكون مرآة لمصاديقه الحاكية عن الحيثية المشتركة بين الافراد ، ايضا باطل من فرق هذه المصاديق عن غيرها بامكان لحاظ غيرها مستقلا وهذه المصاديق لا يمكن ان تلاحظ إلّا بمعنى اسميا كما هو واضح.

(١) ثم بين قدس‌سره عمدة وجه الاشكال الوارد على صاحب الكفاية قدس‌سره فانه امرين.

(٢) هذا هو الامر الاول وملخصه ان ما فيه من مخالفته لما عليه الوجدان والارتكاز من انسباق الروابط الخاصة من موارد استعمالها لا الكلى فكون المعنى الحرفى مفهوما كليا يتحد آلة لملاحظة خصوصيات التقيدات او النسب خارجا خلاف الوجدان لان ما يستحضره عند تصور الحروف فى ضمن جملة ما هى صورة النسبة الخارجية كما هى عليه تفصيلا لا مفهوم كلى يشير الى النسب الخاصة.

(٣) هذا هو الامر الثانى للايراد عليه وهو الاستحالة وتوضيحه انه انما يمكن المصير الى ذلك فى ما لو امكن جعل المفهوم الكلى كمفهوم الابتداء مثلا مرآة الى مصاديق النسب الابتدائية الذهنية بين المفهومين بخصوصياتها التفصيلية وهو من المستحيل جدا بداهة ان مصاديق الروابط الخاصة التفصيلية مما يباين مفهوم الابتداء الكلى او النسبة الابتدائية وذلك لما مر مفصلا من ان الخاص لا يكون مرآة للعام باى نحو كان ولو بدال آخر فالخاص يباين العام كما ان الكلى يمتنع ان يكون مرآة للجزئيات والمصاديق التفضيلية على ما مر ايضا مفصلا ومعه كيف يمكن حكاية الكلى بما هو كلى عن الروابط الجزئية الخاصة المفصلة وح يدور الامر بين الغاء الخصوصيات التفصيلية طرا والمصير الى ان الموضوع له للفظ من مثلا عبارة عن مفهوم الابتداء الكلى او النسبة الابتدائية التى هى جهة مشتركة بين مصاديق النسب الابتدائية الذهنية او المصير الى ان الموضوع له فيها عبارة عن نفس الروابط الذهنية الخاصة فعلى الثانى يلزمه الالتزام فى وضع الحروف بكونها من باب عام الوضع وخاص الموضوع له

١٦٤

الملحوظ مرآة اذ يستحيل مرآتية نفس الكلى عن مصاديقه بنحو من التفصيل ولا استفادة الفرد الخاص المشتمل للجهة المشتركة الضمنية عن المفهوم المشترك المخزون بنحو الاستقلال فى الذهن ولو بضميمة دال آخر وح فلا محيص من انكار مفهوم آخر بين اللفظ وهذه الخصوصيات التفصيلية فلا يبقى (١) بازاء اللفظ الا هذه الصور التفصيلية ولا يتبادر منها الا هذا فلا وجه (٢) للالتزام بمعنى آخر غير ملتفت اليه الآبى (٣) عن إراءة هذه الخصوصيات ايضا بنحو التفصيل المنسبق الى الذهن ولو بدال آخر بشهادة الوجدان كما عرفت ، ولعمرى (٤) ان عمدة ما دعاهم على هذا التصوير شهادة وجدانهم على كون من والى وعلى فى موارد استعمالها سنخ واحد وان استفادة الخصوصيات بدال آخر فالتزموا لحفظ الوحدة السنخية لمعنى كلى مستقل وجعل ذلك مرآة الى الحالة الطارية على السير والبصرة وغفلوا (٥) عن ان المفهوم الكلى المعرى عن الخصوصية يستحيل ان يرى الخصوصية

______________________________________________________

وعلى الاول وان كان لا يلزم عليه هذا المحذور إلّا انه يلزمه عدم انسباق الروابط الخاصة فى موارد استعمالها بعد عدم امكان جعل المفهوم الكلى بما هو كلى مرآة لملاحظة الروابط الذهنية الخاصة وهو كما ترى خلاف الوجدان.

(١) اشارة الى الشق الثانى المتقدم.

(٢) اشارة الى الشق الاول المتقدم.

(٣) ومن آثارها كونها غير ملتفت اليها لزوم صرف جميع التقيدات عن مدلول الهيئة وارجاعها تماما الى المادة والمتعلق وهو كما ترى خلاف الوجدان كما سيجيء فى محله.

(٤) ثم ذكر قدس‌سره السبب الاساسى لذهابهم الى هذا القول وملخصه ان المعان الحرفية بالوجدان على نسق واحد فى مرحلة الاستعمال والخصوصيات انما يستفاد من دال آخر وانه فى بعض موارد استعمال الحروف كالمثال المتقدم ينسبق الخصوصيات الى الذهن وفى بعض الموارد يستعمل فى المعنى الكلى فان كلا من الاستعمالين بلا عناية وعلى اى فمن اجل هذه الوحدة السنخية بين معانى الحروف التزموا لمعنى كلى مستقل ويكون ذلك مرآة الى النسبة باعتبار الحالة الطارية على السير والبصرة من الابتداء والانتهاء ونحوهما او الأينية فى الدار.

(٥) يشير الى ما تقدم من ان الكلى لا يكون مرآة الا الى القدر المشترك بين الافراد لا الخصوصيات.

١٦٥

التفصيلية ولو بضميمة الف دال آخر (١) بل لا ينسبق من المفهوم العام المعراة عن الخصوصية الا ما بازائه من الوجود السعى المعراة (٢) بلا انتقاله (٣) منه الى الخصوصيات بصورة انضمامها بالجهة المشتركة المطابقة لنحو وجودها خارجا ، وحينئذ التحقيق فى حقيقة المعانى الحرفية كونها عبارة عن النسب والارتباطات القائمة بالمعانى المفهومية (٤) وعلى اختلاف النسب والارتباطات (٥) من النسب الابتدائية والاستعلائية والظرفية وغيرها (٦) فحينئذ معنى عدم استقلالها بالمفهومية عدم استقلال ذات المفهوم (٧) المجامع مع استقلال فى عالم اللحاظ كما اشرنا ولقد اجاد (٨) من قال فى تعريفها بان الحرف ما دل على معنى فى غيره يعنى

______________________________________________________

(١) اى لو كان الف دال آخر يدل على الخصوصيات تلك الدوال لكن الكلى يبقى على ما هو عليه من كونه دالا على القدر المشترك المعراة عن الخصوصيات.

(٢) اى عن الخصوصيات.

(٣) اى من دون انتقال اللاحظ من الكلى الى الخصوصيات كما هو كذلك فى الخارج فان القدر المشترك مع الخصوصيات خارجا فانه لو انتقل الى الخصوصيات المطابقة لنحو وجودها فى الخارج فامر ممكن لكن لا يكون الكلى مرآة لها بل بلحاظ آخر تعلق على الخصوصيات ، ويمكن الجواب عنه بان يتصور معنى جامعا اسميا ثم يشير به بين الافراد والطرفين لكونه معنى حرفيا كما سيأتى الاشارة الى ذلك ايضا.

(٤) فكما ان فى الخارج يكون النسب قائمة بالطرفين كذلك فى الذهن قائمة بالطرفين ويجئ فى الذهن كما فى الخارج.

(٥) اى الملازمة مع الابتدائية والانتهائية والاستعلائية ونحوها.

(٦) من الترجى والتمنى ونحوهما.

(٧) اى ذات المفهوم والمعنى غير مستقل بل قائم بالطرفين ولذا يجامع ذلك مع الاستقلال فى عالم اللحاظ لا عدم المستقل من حيث اللحاظ وانه آلة لغيره كما مر مرارا.

(٨) لم ار بهذه العبارة فى كلماتهم تقدم عن الرضى فى شرح الكافية ، ج ١ ، ص ٩ ، الحرف كلمة دلت على معنى ثابت فى لفظ غيرها الخ وقال فى شرح الانموذج ص ٢١٨ ، من جامع المقدمات وان لم تدل بنفسها على معنى بنفسه بل بواسطة غيره ، وهكذا سائر العبارات وما نسب الى امير المؤمنين عليه‌السلام كما فى الاجود ، ج ١ ، ص ٢٢ ، ان الحرف ما اوجد معنى فى غيره فراجع فوائد الاصول ، ج ١ ، ص ٥٠.

١٦٦

معناه قائم بمعنى آخر لا انه تحت لفظ آخر كما توهم (١)

______________________________________________________

(١) من ان الحرف لا معنى له وانه علامة للمعنى فى الغير كما مر بيانه مفصلا واجاب عن هذا القول بوجهين استادنا الخوئى فى المحاضرات ، ج ١ ، ص ٧٤ ، الوجه الاول انا نقطع بعدم كون الحروف موضوعة للاعراض النسبية الاضافية لصحة استعمالها فى ما يستحيل فيه تحقق عرض نسبى كما فى صفات الواجب تعالى والاعتبارات والانتزاعيات فان العرض انما هو صفة للموجود فى الخارج فلا يعقل تحققه بلا موضوع محقق خارجا وعليه فيستحيل وجوده فى تلك الموارد ـ الوجه الثانى هو ما بيناه من ان للاعراض التسع جميعا مفاهيم مستقلة بحد ذاتها وانفسها فى عالم مفهوميتها من دون فرق بين الاعراض النسبية وغيرها غاية الامر ان الاعراض النسبية تتقوم فى وجودها بامرين وغير النسبية لا تتقوم الا بموضوعها وكيف كان فان الاعراض جميعا موجودات فى انفسها وان كان وجودها لموضوعاتها انتهى وما ذكره لا يمكن المساعدة عليه اصلا ، اما الوجه الثانى هو الاشارة الى ما انكره من وجود الرابط وان الممكن فى الخارج اما جوهر او عرض ووجود الرابط لا من اقسام الجوهر ولا من اقسام العرض وليس فى الخارج موجود آخر لا يكون من اقسام الجوهر ولا العرض وهذا سفسطة من الكلام وسيجيء التعرض له واما الوجه الاول فلم يتدبر كلام المحقق المزبور حتى يناقش بذلك فانه قدس‌سره صرح هى من سنخ النسب والاضافات القائمة بالطرفين فهى فى الاذهان من سنخ الوجودات الرابطية الخارجية فيكون الموضوع له هى واقع النسبة بين الطرفين فى الاذهان وذلك من مخترعات النفس فلا تنافى انه فى الخارج يكون الاعراض عين ذاته فلا نسبة وانما الكلام فى النسبة الكلامية فخلط بين الخارج والذهن فيستحيل وجوده فى تلك الموارد خارجا لا ذهنا فى النسبة الكلامية فما ذكره مجرد اشكال بلا تدبر ولا تأمل. القول الخامس ما ذهب اليه المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٦ وملخصه ان المعانى الحرفية عبارة عن النسب والروابط الخارجية التى ليس لها استقلال بالذات بل هى عين الربط لا ذات له الربط قال ان المعنى الحرفى والاسمى متباينان بالذات لا اشتراك لهما فى طبيعى معنى واحد والبرهان على ذلك هو ان الاسم والحرف لو كانا متحد فى المعنى وكان الفرق بمجرد اللحاظ الاستقلالى والآلي لكان طبيعى المعن الواحد انى قابلا لان يوجد فى الخارج على نحوين كما يوجد فى الذهن على طورين مع ان الحرفى كانحاء المعنى الوحدانى النسب والروابط لا يوجد فى الخارج الا على نحو واحد وهو الوجود لا فى نفسه ، وهو المعبر عنه بالوجود الرابط فى مقابل الوجود الرابطى وهو وجود لا فى نفسه فان حقيقة الربط والنسبة لا توجد فى الخارج إلّا بتبع وجود المنتسبين من دون نفسيه واستقلالية لها اصلا

١٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فهى بذاتها متقومة بالطرفين لا فى وجودها وهذا بخلاف العرض فان ذاته غير متقومة بموضوعه بل لزوم القيام به ذاتى وجوده ، وقد استدلوا على وجود الرابط فى مقابل الوجود الرابطى وهو وجود العرض وهو وجوده فى نفسه ولغيره يعنى انه غير قائم بذاته بل متقوم بموضوع محقق فى الخارج وصفة له فان وجوده فى نفسه عين وجوده لموضوعه فلا يعقل تحقق عرض ما بدون موضوع موجود فى العين ، وعلى اى ذكروا فى الفرق بينهما بان كثيرا ما كنا نتيقن بوجود الجوهر والعرض ولكن نشك فى ثبوت العرض له ومن الواضح جدا انه لا يعقل ان يكون المتيقن بعينه هو المشكوك فيه بداهة استحالة تعلق صفة اليقين والشك بشيء فى آن واحد لتضادهما غاية المضادة وبذلك نستدل على ان الربط والنسبة وجودا فى مقابل وجود الجوهر والعرض وهو مشكوك دون وجودهما ولا يعقل ان توجد النسبة فى الخارج بوجود نفسى بل وجوده وجود لا فى نفسه فانه لو وجدت فى الخارج بوجود نفسى لزمه ان لا يكون مفاد القضية الحملية ثبوت شيء لشيء بل ثبوت اشياء ثلاثة فيحتاج ح الى الرابطة بين هذه الموجودات الثلاثة فاذا كانت موجودا فى نفسه احتجنا الى رابطة وهكذا الى ما لا يتناهى ويترتب على ذلك ان الاسماء موضوعة للماهيات القابلة للوجود المحمولى لوجوده فى نفسه بجواهر واعراضها على نحوين كما توجد فى الذهن كذلك والتى تقع فى جواب ما هو اذا سئل عن حقيقتها والحروف والادوات موضوعة للنسب والروابط الموجودات لا فى انفسها المتقومة بالغير بحقيقة ذاتها لا بوجوداتها فقط ولا تقع فى جواب ما هو فان الواقع فى جواب ما هو ما كان له ماهية ووجود الرابط سنخ وجود لا ماهية له ملحوظة فى العقل ولذا لا يدخل تحت شيء من المقولات بل كان وجوده اضعف جميع مراتب الوجودات فالمفهوم الحرفى سنخ مفهوم ليس له تقرر ذاتى فى مرحلة سابقة على الوجود بخلاف المفهوم الاسمى فحينما نتصور الانسان يمكننا بالنظر التحليلى نحلله الى ماهية وهو الانسان وهو الموضوع ومحمولها الوجود بان يلحظ مفهوم الانسان فى القضية دون ان يلحظ معه عالم الوجود ثم ينسب اليه الوجود فالمفهوم الاسمى له تقرر ذاتى فى مرحلة سابقة على الوجود بخلاف المفهوم الحرفى ليس كذلك فان شخص النسبة متقومة ذاتا بشخص وجود الطرفين فلا يعقل ان يكون لتلك النسبة نحو تقرر ذاتى فى مرحلة سابقة على عالم الوجود ومن هنا يظهر ان تنظير المعنى الحرفى والاسمى بالجوهر والعرض فى غير محله اذا العرض موجود فى نفسه لغيره ـ وبالجملة لا شبهة فى ان النسبة لا يعقل ان توجد فى الخارج الا بوجود رابط لا فى نفسه مع ان طبيعى معناها لو كان قابلا للحاظ الاستقلالى لكان من الماهيات التامة كالجواهر والاعراض

١٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فى اللحاظ وهى قابلة للوجود النفسى فعدم قابلية الربط والنسبة للوجود النفسى المحمولى كاشف عن انه لا يتصور ان يكون للنسبة فى حد ذاتها قبول اللحاظ الاستقلالى وإلّا كان فى تلك الحال ماهية تامة فى اللحاظ ومثلها اذا كان قابلا للوجود العينى كان قابلا للوجود النفسى وقد عرفت آنفا ان بمجرد لزوم القيام بالغير لا ينافى الوجود النفسى كيف والعرض من انحاء الموجود فى نفسه مع ان وجوده فى نفسه عين وجوده لغيره فكون النسب حقيقة امرا قائما بالمنتسبين لو لم يكن نقصان فى حد ذاتها لم يكن مانعا عن وجودها فى نفسها مع ان من البديهى ان حقيقة النسبة لو توجد فى الخارج إلّا بتبع وجود المنتسبين من دون نفسية واستقلال اصلا فهى متقومة فى ذاتها بالمنتسبين لا فى وجودها فقط بخلاف العرض فان ذاته غير متقومة بموضوعه بل لزوم القيام بموضوعه ذاتى وجوده فان وجوده فى نفسه وجوده لموضوعه واذا كانت النسبة بذاتها وحقيقتها متقومة بالطرفين فلا محاله يستحيل اختلافها باختلاف الوجودين من الذهن والعين ، ثم ان الحروف والادوات لم توضع لمفهوم النسبة والربط فانه من المفاهيم الاسمية الاستقلالية فى عالم مفهوميتها وانما الموضوع لها الحروف واقع النسبة والربط اى ما هو بالحمل الشائع نسبة وربط الذى نسبة ذلك المفهوم اليه نسبة العنوان الى المعنون لا الطبيعى وفرده فانه متحد معه ذهنا وخارجا دون العنوان فانه لا يتعدى عن مرحلة الذهن الى الخارج ومغايرا للمعنون ذاتا ووجودا فمفهوم النسبة والربط نسبة وربط بالحمل الاولى الذاتى ولا يكون كذلك بالحمل الشائع الصناعى فان ما كان بهذا الحمل نسبة وربط معنون هذا العنوان وواقعة نظير مفهوم العدم فانه لا يحكى إلّا عن عنوان موجود فى ظرف الذهن لا عما هو بالحمل الشائع عدم وليس العدم كالماهية يوجد بنحوين من الوجود بل وكذلك الامر فى لفظ الوجود بناء على اصالة الوجود فان حقيقة الوجود ليست كالماهية حتى توجد تارة فى الذهن واخرى فى العين وبالجملة المعانى على قسمين بالاضافة الى ما فى الخارج فتارة من قبيل الطبيعى وفرده والجامع بين الموجود الذهنى والخارجى متحقق واخرى من قبيلى العنوان والمعنون والعنوان لا يتعدى عن مرحلة الذهن وهو غير المعنون ذاتا ووجودا ، ومن ثمة كان المتبادر من اطلاق لفظ الربط والنسبة واقعة لا مفهومه فان ارادته تحتاج الى عناية زائدة كما هو الحال فى قولهم شريك البارى ممتنع واجتماع النقيضين مستحيل والمعدوم المطلق لا يخبر عنه فان المحكوم به بهذه الاحكام معنونات هذه الامور لا مفاهيمها فان غير محكوم به بهذه الاحكام معنونات هذه الامور لا مفاهيمها فانها غير محكوم بها كيف وانها موجودة وغير معدومة ولا ممتنعة وتحصل مما ذكرنا ان الحروف

١٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

موضوعه لانحاء النسب والروابط مطلقا سواء كان بمعنى ثبوت شيء لشيء كما فى الوجود الرابط المختص بمفاد الهليات المركبة الايجابية او بمعنى هذا ذاك الثابت حتى فى مفاد الهلية البسيطة وهو ثبوت الشيء او كان من النسب الخاصة المقومة للاعراض النسبية لكون الشيء فى المكان او فى الزمان او غير ذلك ، وحقيقة المعنى الحرفى والمفهوم الأدوى هو ما كان فى حد ذاته غير استقلالى باى وجود فرض فعدم استقلاله باللحاظ كعدم استقلاله فى الوجود العينى من جهة نقصان ذاته عن قبول الوجود النفسى فى اى وعاء كان لا ان اتصافه بعدم الاستقلال بلحاظ اللحاظ حتى يكون الوصف المذكور وصفا له بحال متعلقة لا بحال نفسه هذا غاية ما يمكن ان يستفاد من كلامه قدس‌سره مع التوضيح وقال ايضا اذا عرفت حقيقة المعنى الحرفى تعرف انه لا يعقل الوضع لها من حيث هى هى إلّا بتوسط العناوين الاسمية كالابتداء الآلي ونحوها الى ان قال ان الابتداء معنى اسمى من مقوله الاضافة وما هو معنى حرفى هو نسبة المبتدإ به بالمبتدإ منه كما ان الظرفية والمظروفية ايضا كك ونسبة الكون فى المكان المقومة لمقولة الاين تارة ولمقولة الاضافة اخرى معنى حرفى ونسبة شيء الى شيء ليست شيئا من الاشياء ولا مطابق لها فى الخارج بل ثبوتها الخارجى على حد ثبوت المقبول بثبوت القابل على نهج القوة لا الفعل وهكذا ثبوتها الذهنى فلا ثبوت فعلى للنسبة الا هكذا وهى دائما متقومة بطرفين خاصين بحيث لو لوحظ ثانيا كان ثبوتا فعليا آخر للنسبة فلا ثبوت فعلى للنسب خارجا حتى يكون النسب الذهنية بالاضافة اليه كالطبيعى بالنسبة الى افراده وان كانت النسبة الذهنية تطابق النسبة الخارجية فان المطابقة متحقق بين جزءين وهى غير الصدق الى آخر كلامه ويفترق هذا القول مع مختار الماتن انه يقول موضوع للربط والنسبة وهو وجود الرابط الخارجى ومختار المحقق العراقى هو الوضع للنسب ونفس الروابط بين الطرفين وهو المعبر عنه بالوجود الرابطى فكم فرق بينهما وبعبارة اخرى على المشرب الاخير هو الشيء المرتبط وجوده بالغير وعلى مشرب المحقق العراقى هو نفس الربط بين الطرفين ولذا سيجيء الاشكال من بعضهم فى وجود الرابط لكن لا مناقشة له فى وجود الرابطى والفرق بين مشرب المحقق الاصفهانى وصاحب الكفاية من وجوه الاول انه على هذا المشرب يكون المعنى الحرفى بذاته وحقيقته مباينا مع المعنى الاسمى حيث كان المعنى الحرفى ح من سنخ المحمولات بالضميمة والاعراض الخارجية التى وجودها فى نفسها عين وجودها لغيرها فيغاير ذاتا وحقيقة مع الاسم الذى لا يكون معناه كذلك بخلاف مشرب الكفاية فلا يكون اختلاف بينهما حقيقة وذاتا وانما كان من جهة لحاظ الالية والاستقلالية مع كون الملحوظ واحد

١٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

حقيقة ، والوجه الثانى من جهة الاستقلالية والتبعية فانه على مشرب الكفاية من حيث توجه اللحاظ كالنظر الى المرآة كما مر مرارا بخلافه على مسلك الآخر فانهما من صفات نفس المعنى والملحوظ فانه فى الذهن محدود بحد مستقل غير متقوم بالغير واخرى لا كذلك بل قائم بالغير كقيام العرض بمعروضه ، الوجه الثالث الفرق بينهما فى نحوى القيام بالغير فانه على الاول يكون لا يكون للمعنى الحرفى قيام زعمى تخيلى بخلافه على الثانى فان قيام المعنى الحرفى بالغير عليه قيام حقيقى وعلى اى اجاب استادنا الخوئى فى المحاضرات ، ج ١ ، ص ٧ ، عن المحقق الاصفهانى بوجهين او ثلاثة الوجه الاول الصحيح ان النسبة والربط لا وجود لها فى الخارج فى قبال وجود الجوهر والعرض وان اصر على وجودها جماعة من الفلاسفة والوجه فى ذلك هو انه لا دليل على ذلك سوى البرهان المذكور المتقدم وهو ان كثيرا ما كنا يتقن بوجود الجوهر والعرض ولكن نشك فى ثبوت العرض له ومن الواضح جدا انه لا نتيقن ان يكون المتيقن بعينه هو المشكوك فيه بداهة استحالة تعلق صفة اليقين والشك بشيء فى آن واحد لتضادهما غاية المضادة وبذلك نستدل على ان الربط والنسبة وجودا فى قبال وجود الجوهر والعرض وهو مشكوك فيه دون وجودهما. وهو غير تام وذلك لان صفتى اليقين والشك وان كانتا صفتين متضادتين فلا يمكن ان تتعلقا بشيء فى آن واحد من جهة واحدة إلّا ان تحققهما فى الذهن لا يكشف عن تعدد متعلقيهما فى الخارج فان الطبيعى عين فرده ومتحد معه خارجا ومع ذلك يمكن ان يكون احدهما متعلقا لصفة اليقين والآخر متعلقا لصفة الشك كما اذا علم اجمالا بوجود الانسان فى الدار ولكن شك فى انه زيد او عمرو فلا يكشف تضادهما عن تعدد متعلقيهما بحسب الوجود الخارجى فانهما موجودان بوجود واحد حقيقة وذلك الوجود الواحد من جهة انتسابه الى الطبيعى متعلق لليقين ومن جهة انتسابه الى الفرد متعلق للشك. وما نحن فيه من هذا القبيل فان اليقين متعلق بثبوت طبيعى العرض للجوهر والشك متعلق بثبوت حصة خاصة منه له فليس هنا وجود ان احدهما متعلق لليقين والآخر للشك بل وجود واحد حقيقة مشكوك فيه من جهة ومتيقن من جهة اخرى تلخص ان تضاد صفتى اليقين والشك لا يستدعى الا تعدد متعلقهما فى افق النفس واما فى الخارج عنه فقد يكون متعددا وقد يكون متحدا ، وان شئت فقل ان الممكن فى الخارج اما جوهر او عرض وكل منهما زوج تركيبى يعنى مركب من ماهية ووجود ولا ثالث لهما والمفروض ان ذلك الوجود اى الوجود الرابط سنخ وجود لا ماهية له فلا يكون من اقسام الجوهر ولا من اقسام العرض والمفروض انه ليس فى الخارج موجود آخر لا يكون من اقسام الجوهر ولا العرض. والوجه

١٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

الثانى على تقدير تسليم ان للنسبة والروابط وجودا فى الخارج فى مقابل الجوهر والعرض فلا نسلم ان الحروف والادوات موضوعة لها لان الالفاظ موضوعه لذوات المفاهيم والماهيات لا للموجودات الخارجية ولا الذهنية فان الاولى غير قابلة للاحضار فى الذهن وإلّا فلا تكون بخارجية والثانية غير قابلة للاحضار ثانيا فان الموجود الذهنى لا يقبل وجودا ذهنيا آخر والمفروض ان الغرض من الوضع التفهيم والتفهم وهو لا يجتمع مع الوضع للموجود الذهنى او الخارجى بل لا بد وان يكون الوضع لذات المعنى القابل لنحوين من الوجود وبتعبير آخر ان اللفظ موضوع بازاء المعنى اللابشرطى سواء كان موجودا فى الخارج ام معدوما ممكنا كان او ممتنعا وقد يعبر عنه بالصور المرتسمة العلمية ايضا وعلى ذلك فلا يمكن ان تكون الحروف موضوعه لانحاء النسب والروابط لانها كما عرفت سنخ وجود لا ماهية لها فلا تكون قابلة للاحضار فى الذهن واما مفاهيم نفس النسب والروابط فهى من المفاهيم الاسمية وليست مما وضعت لها الحروف والادوات هذا ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا امكان وضع اللفظ للموجود بما هو ولكنا نقطع بان الحروف لم توضع لانحاء النسب والروابط لصحة استعمالها بلا عناية فى موارد يستحيل فيها تحقق نسبة ما حتى بمفاد هل البسيطة فضلا عن المركبة فلا فرق بين قولنا الوجود للانسان ممكن ولله تعالى ضرورى ولشريك البارى مستحيل فان كلمة اللام فى جميع ذلك تستعمل فى معنى واحد وهو تخصص مدخولها بخصوصية ما فى عالم المعنى على نسق واحد بلا عناية فى شيء منها وبلا لحاظ آية نسبة فى الخارج حتى بمفاد كان التامة فان تحقق النسبة بمفاد كان التامة انما هو بين ماهية ووجودها كقولك زيد موجود واما فى الواجب تعالى وصفاته وفى الانتزاعيات والاعتبارات فلا يعقل فيها تحقق آية نسبة اصلا الى آخر كلامه وما ذكره من الوجهين بل الوجوه لا يمكن المساعدة عليه اصلا اما عن الوجه الاول من انكار وجود الرابط فامر مستحيل بل لا بد من ذلك والوجه فى ذلك ان كل ما اسند الى شيء او قيد ذلك به على اختلاف انحاء التقييدات اذا كان للقيد وجود غير وجود ذات المقيد ولو كان ذلك القيد من الموجودات فى عالم الاعتبار كجميع الاحكام الشرعية وضعية ام تكليفية بالنسبة الى موضوعاتها فانه يحتاج الى وجود رابط بين ذلك القيد وما قيد به فان كان ذلك القيد من الامور العينية اى من المحمولات بالضمائم سواء كان جوهر ام عرضا فلا بد وان يكون رابط بينهما فى عالم العين والواقع وان كان من الامور الاعتبارية كالطهارة والنجاسة والملكية والزوجية وسائر الاحكام الشرعية وضعية ام تكليفية فلا بد وان يكون بينهما رابط فى عالم الاعتبار فالقيد فى اى وعاء من

١٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

اوعية الواقع كان موجودا لا بد من وجود الرابط ايضا فى ذلك الوعاء والى هذا يرجع تقسيمهم للقضية فى المنطق الى ثنائية وثلاثية بان سموا ما لا يحتاج الى الرابط بالثنائية وما يحتاج اليه بالثلاثية فقالوا ان القضية التى محمولها الوجود المطلق وما هو مفاد الهلية البسيطة ثنائية والتى محمولها الوجود المقيد ومفاد الهلية المركبة ثلاثية واما اذا لم يكن للقيد وجود آخر غير وجود ما اسند اليه وما قيد به ولو كان وجوده فى نفسه عين وجوده لموضوعه بل ولو كان وجودا اعتباريا فلا يحتاج الى وجود رابط بينهما الا فى الذهن وفى مرحلة تشكيل القضية اما عدم الاحتياج فى غير تلك المرحلة فلانه ليس هناك وجودان حتى نقول بلزوم رابط بينهما فى الوعاء الذى وجد القيد فى ذلك الوعاء ، واما الاحتياج فى تلك المرحلة فلان تشكيل القضية لا يمكن إلّا بان يكون فرق بين الموضوع والمحمول ولو كان ذلك الفرق اعتباريا فباعتبار ذلك الفرق والتغاير لا بد من وجود رابط فى عالم الذهن واللحاظ حتى يربط احدهما بالآخر فى تلك المرحلة ولذلك ان كل قضية لا بد فيها من تصور الموضوع والمحمول والنسبة الحكمية فمرادهم كون القضية ثنائية فى هذا القسم انه لا رابط بين الموضوع والمحمول فى خارج الذهن وغير مرحلة تشكيل القضية لا عدم الرابط فى تلك المرحلة فجميع الجمل مشتملة على النسبة بين اجزائها وبين متعلقاتها على اختلاف النسب ، وان شئت قلت ان الفرق بين القضية المعقولة وما تنطبق عليه خارجا ليس إلّا باختلاف الموطن بحيث لو امكن قلب احدهما الى الآخر لحصل التطابق بلا زيادة ونقصان فحينئذ فكما ان الربط التكوينى بين الجواهر والاعراض انما هو بوجودات الرابطة بحيث لولاها لا يستقل كل فى مكانه ولم يكن زيد مثلا مرتبطا بالدار ولا الدار مرتبطة بزيد فكذلك حال المعقولات فانه لا يلتئم الجواهر المعقولة مع الاعراض فى الذهن إلّا ببركة الربط الذهنى ـ وما ذكره فى اليقين والشك ففيه لا يمكن ان يكون وجود واحد متعلق الشك واليقين بتضادهما فيستدعى تضاد متعلقهما فى النفس والخارج مع ان الشك فى حصة خاصة هو الشك فى وجود النسبة والربط فانكار وجود الربط خلاف الوجدان ومن هنا ظهر الجواب عن الوجه الثانى فانه على هذا القول لا مانع من وضع الحروف لهذا الربط ويلاحظها بتوسيط مفهوم اسمى ولعل مراد المحقق الاصفهانى انها موضوعة لماهية النسبة وكون النسبة موجودة خارجا او ذهنا غير مأخوذ فى مدلول الحروف ويكون مراده تشبيه المعنى الحرفى والاسمى وان المعنى الحرفى بالنسبة الى المعنى الاسمى فى عالم المفاهيم فى الذهن كالوجود الرابط بالنسبة الى الوجود المحمولى فى الخارج لا ان المعنى الحرفى هو وجود الرابط ولذا يصرح بمجيء المعانى الحرفية فى موارد

١٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

هل البسيطة مع انه لا وجود رابط خارجى بين وجود الشيء وماهيته وبهذا الوجه يجاب عن جميع هذه المناقشات كما ظهر الجواب عن التنزيل الذى ذكره لصحة استعمالها فى ما يستحيل الخ فانه قد عرفت ان القضايا على قسمين وقسم منه ولو فى الخارج ليس له وجود الربط لكن فى تشكيل القضية لا بد من الربط فى الذهن والعمدة فى الجواب عن المحقق الاصفهانى ان المعانى الحرفية لا تكون من سنخ الرابط محتاجا الى طرف واحد بل من سنخ الاضافات تحتاج الى الطرفين بالوجدان كما لا يخفى مضافا الى ان ما ذكره فى صدر كلامه من مطابقة عالم الخارج مع الذهن فى انحاء الوجود اصلا موضوعيا من ان طبيعى المعنى الوحدانى قابلا لان يوجد فى الخارج على نحوى آليّ واستقلالى كما يوجد فى الذهن على نحوى آلى واستقلالى لا يتم لعدم الدليل على لزوم التطابق بين الوجود الذهنى والوجود الخارجى بل البرهان على خلافه فان العرض لحاظه فى الذهن يمكن ان يكون مستقلا عن موضوعه مع انه فى الخارج لا يوجد إلّا فى موضوعه فالتحقيق ما عليه المحقق الماتن قدس‌سره بانه وضع الحروف للاعراض النسبية المحتاجة الى الطرفين وكذلك سيجيء ما وضع لربط الاعراض بمحالها هى الحروف مثل زيد قائم ولا فرق فى ذلك بين المفردات والجهة التركيبية مثلا لفظ فى فى قولنا زيد فى الدار يدل على النسبة الالية بين احد الشيئين والجهة التركيبية على تطبيق زيد والدار ويدل على ما ذكر ملاحظه جهة زيد فى الدار وعمرو على السطح وهكذا فان لفظه فى تدل على الظرفية وعلى على الاستعلاء وهكذا والهيئة التركيبية على ربط هذه الاعراض بمحالها فلو لم يكن الفاظ الحروف موضوعه على النسبة فاى شيء يدل عليه ولا يمكن تفوه ان الهيئات تدل عليها والحروف على الربط ، ان قلت ان الحروف لو كانت موضوعة للاعراض النسبية فهى بنفسها منتسبة الى محالها فلا نحتاج الى رابط آخر لانه يلزم تكرار الربط بعد دلالة الحروف عليه اذا قيل ان الهيئة ايضا رابطة ـ قلت ان الحروف للاعراض النسبية التي تكون بنفسها منتسبة الى الطرفين واما خصوصيات ذلك تستفاد من الهيئة فالهيئة لربط الاعراض النسبية لموضوعاتها المشخصة ومن هنا ظهر انه لا وجه للاشكال ان النسبة بنفسها نحوا من الربط فلا حاجة الى ربط آخر بطرفيها ليقال الهيئة تتكفل بربطها بطرفيها كما لا اشكال ان النسبة الموضوعة لها الحروف انما يلاحظ مفهوما اسميا طريقا الى النسبة الواقعة بين الطرفين ويكون الواقع النسبة هى الموضوع له للحروف واختار استادنا الخوئى قولا سادسا فى المحاضرات ، ج ١ ، ص ٧٥ من ان الحروف ما يدخل على المركبات الناقصة والمعانى الافرادية كمن والى وعلى ونحوها بانها موضوع لتضييق المفاهيم الاسمية

١٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فى عالم المفهوم والمعنى وتقييدها بقيود خارجة عن حقائقها ومع هذا لا نظر لها الى النسب والروابط الخارجية ولا الى الاعراض النسبية الاضافية فان التخصيص والتضييق انما هو فى نفس المعنى سواء كان موجودا فى الخارج ام لم يكن فالمفاهيم الاسمية بكليتها وجزئيتها وعمومها وخصوصها قابلة للتقسيمات الى غير النهاية باعتبار الحصص او الحالات التى تحتها ولها اطلاق وسعة بالقياس الى هذه الحصص او الحالات سواء كان الاطلاق بالقياس الى الحصص المنوعة كاطلاق الحيوان مثلا بالاضافة الى انواعه التى تحته او بالقياس الى الحصص المصنفة او المشخصة كاطلاق الانسان بالاضافة الى اصنافه او افراده او بالقياس الى حالات شخص واحد من كمه وكيفه وسائر اعراضه الطارية وصفاته المتبادلة على مر الزمن وبما ان غرض المتكلم فى مقام التفهيم والافادة كما يتعلق بتفهيم المعنى على اطلاقه وسعته كذلك قد يتعلق بتفهيم حصة خاصة منه فيحتاج ح الى مبرز لها فى الخارج وبما انه لا يكاد يمكن ان يكون لكل واحد من الحصص او الحالات مبرزا مخصوصا لعدم تناهى الحصص والحالات بل عدم تناهى حصص او حالات معنى واحد فضلا عن المعانى الكثيرة فلا محاله يحتاج الواضع الحكيم الى وضع ما يدل عليها وليس ذلك إلّا الحروف والهيئات الدالة على النسب الناقصة ، ولا فرق فى ذلك بين ان تكون الحصص موجودة فى الخارج او معدومة ممكنة كانت او ممتنعة ومن هنا يصح استعمالها فى صفات الواجب تعالى والانتزاعيات كالامكان والامتناع ونحوهما والاعتباريات بلا لحاظ عناية فى البين فان الحروف وضعت لافادة تضييق المعنى فى عالم المفهومية مع قطع النظر عن كونه موجودا فى الخارج او معدوما ممكنا او ممتنعا فيدل على تضييقه على نسق واحد ويقول انه من ثمرات مسلكنا فى الوضع فان القول بالتعهد يستلزم وضعها لذلك فان الغرض قد يتعلق بتفهيم الطبيعى قد يتعلق بتفهيم الحصة ولا يكون عليها دال ما عدا الحروف وتوابعها فلا محاله يتعهد الواضع ذكرها او ذكر توابعها عند قصد تفهيم حصة خاصة كماء له مادة وماء البئر فكلمة اللام فى الاول وهيئة الاضافة فى الثانى تدلان على ان المراد من الماء ليس هو الطبيعة السارية الى كل فرد بل حصة خاصة منه وادعى على ذلك انه موافق للوجدان ومطابق للمرتكز فى الاذهان فان الناس يستعملونها لافادة حصص المعانى وتضييقاتها فى عالم المعنى غافلين عن وجود تلك المعانى فى الخارج او عدم وجودها وعن امكان تحقق النسبة بينها او عدم امكانها واما الحروف والهيئات الداخلة على المركبات التامة ايضا كذلك وضعت لافادة التضييق فى المعانى الاسمية هذا ملخص كلامه وفيه ان تخصيص مفهوم اسمى وتضييقه

١٧٥

نتائج ولوازم (١) منها (٢) انه بعد ما كان حقيقة هذه المعانى من سنخ اشخاص

______________________________________________________

بلحاظ مفهوم آخر لا يعقل إلّا بلحاظ النسبة بين المفهومين بحيث يقع احد المفهومين طرفا لنسبة مع المفهوم الآخر وينشا ضيق فى مفهومه وما لم نفرض نسبة بين مفهومين لا يعقل ان يتضيق احدهما بلحاظ الآخر فاذا اريد كون الحرف موضوعا للنسبة التى بها تتضيق المفاهيم فهذا هو الذى افاده المحقق العراقى من كونه موضوعة للنسبة بين الطرفين كالاضافات الخارجية ، مضافا الى انه لو كان التضيق فى المفاهيم الاسمية هى الحروف دالة عليه وغير النسبة فما هو الدال على النسبة فان لم يكن هناك دال عليها بقى المدلول ناقصا ولا يتصور الدال عليه الا الحرف ومعه لا يحتاج الى اخذ التضييق ، مع ان الحروف فى بعض المواقع لا يدل على الضيق والتحصص كجاء انسان وحمار فالواو حرف العطف فهل يدل على تضيق الانسان المقترن مع مجيء الحمار مضافا الى ان ذلك يرجع الى ان الحرف لا معنى له وانما يكون علامة كالرفع للمعنى فى مدخوله فكذلك الحروف علامة لسعة وضيق مدخوله مع ان هذا لازم المعنى الحرفى لا مفهومه فان الموضوع له للحروف هى النسبة المتقومة بالطرفين الملازم لسعة وضيق مدخوله واما ما ذكره من ارتباط حقيقة الوضع مع وضع الحروف لتفهيم التضيقات الاسمية ففيه لا ربط احدهما بالآخر لان الكلام فى الوضع وفى مقام التصور ان الاسماء والحروف متباينان حقيقة وذاتا ام متفقان كذلك ومن سنخ واحد بلا فرق بين ان يكون الوضع هو تخصيص اللفظ بالمعنى او التعهد والالتزام بتفهيم المعنى عند القاء ذلك اللفظ.

(١) الامر الثانى فى اللوازم المترتبة على ما ذكرنا من حقيقة المعانى الحرفية من انها النسب والاضافات ونشير بالفعل الى لازمين.

(٢) اللازم الأول فى ان الموضوع له فى الحروف عام كالوضع او خاص فان هذه المعانى المنسبق منها فى موارد استعمالاتها هى المصاديق الخاصة من الروابط التى لاختلافها لا يجمعها جامع واحد حيث كان شخص الربط الحاصل من اضافة السير بالبصرة فى قولك سرت من البصرة غير شخص الربط الحاصل من اضافته الى الكوفة فى قولك سرت من الكوفة وهو ايضا غير شخص الربط الخاص من اضافته الى مكان آخر وهكذا فلا محيص الا من الالتزام بكونها فى الذهن كخارجها من متكثرات الوجود وهى اشخاص النسب القائمة باشخاص الصور الذهنية ولذا بعد عدم جامع فى البين بين تلك الروابط الخاصة الا مفهوم الربط الذى هو معنى اسمى لا حرفى لا مناص إلّا من القول بخصوص الموضوع له فيها.

١٧٦

النسب القائمة باشخاص الصور الذهنية كلية (١) او جزئية (٢) فلا محيص الا من الالتزام فى الذهن كخارجها من متكثرات الوجود (٣) حتى جعل بعض المحققين (٤) هذه الجهة (٥) من عيوب المعانى الحرفية بنحو يابى عن كونها من متحد المعنى فالتزم فيها بعموم الوضع وخصوص الموضوع له ، ولكن (٦) قد

______________________________________________________

(١) نحو سر من البصرة الى الكوفة فان الابتداء والانتهاء المقيد بهما السير ليسا جزئيين لعدم تحقق السير المقيد بهما ليتشخصا ولم يقيد بمكان خاص.

(٢) كالامثلة المعروفة زيد فى الدار وسرت من البصرة الى الكوفة ونحوهما فابتداء السير وانتهائه من محل خاص والى محل مخصوص.

(٣) كما عرفت مفصلا.

(٤) وهو صاحب تشريح الاصول قال فى ص ٤١ ، وما ذكرنا من عيب بيان المعنى الحرفى وعدم امكان تطابق التعبير بما هو مقصود بيانه صار سببا للقول يكون وضع الحروف عاما والموضوع له خاصا ـ الى ان قال ـ يلاحظ حين الوضع بمفهوم كلى هو المسمى بآلة الملاحظة ويوضع اللفظ لخصوصياته فالموضوع له حين الوضع والاستعمال يختلف من حيث الملاحظة فانه حين الوضع يلاحظ بعنوانه وحين الاستعمال يتحقق بمصداقه وهما من حيث الوجود الذهنى والمفهومية متغايران انتهى.

(٥) اى من جهة كونها فى الذهن اشخاص نسب متكثرة كالخارج فجعل الموضوع له خاصا وانها ليست من متحد المعنى فانه بعد عدم انسباق معنى عام فى الذهن فى موارد استعمالات الحروف بل المنسبق اشخاص الروابط فلا مناص بخصوص الموضوع له.

(٦) ثم قام قدس‌سره فى بيان انه مع كونه من متكثر الوجود ذهنا مع ذلك يكون الموضوع له عاما وليس الموضوع له خاصا وذلك لما ذكرنا من المعنى الثانى للوضع عام والموضوع له عام المتقدم وفى المقام يكون الموضوع له هى السنخية الابتدائية المحفوظة فى جميع اشخاص النسب الابتدائية وكذا سنخية الانتهائية المحفوظة فى جميع اشخاص النسب الانتهائية وهكذا فان فى الروابط الابتدائية وحدة سنخية وجامعا محفوظا توجب امتياز هذه الطائفة من الروابط عن الطوائف الاخرى من الروابط الانتهائية والظرفية والاستعلائية ونحوها فان مثل هذا الجامع المحفوظ وان لم يكن له وجود مستقل فى الذهن بنحو امكن لحاظه وتصوره مستقلا حيث كان وجوده دائما فى ضمن الفرد والخصوصية لكنه فى مقام الوضع امكن وضع اللفظ بازائه ليكون الخصوصيات طرا خارجة عن دائرة الموضوع له اذ يكفى فى الوضع لحاظ المعنى الموضوع له ولو بنحو اجمالى بالاشارة الاجمالية اليه بما

١٧٧

اسلفنا سابقا فى تصور عموم الموضوع له نحوا لا ينافى تكثرها فى الوجود ذهنا وان الموضوع له هى الحيثية السنخية المحفوظة فى ضمن انحاء النسب الشخصية من الابتدائية والانتهائية والظرفية وغيرها ولقد اجاد (١) من التزم بوحدة مفهومها

______________________________________________________

هو المحفوظ فى ضمن الروابط الخاصة وعليه يكون الموضوع له كالوضع عاما فى الحروف لا خاصا واستفادة الخصوصيات من قبيل تعدد الدال والمدلول وبالجملة ان لكل من معنى لفظة من وإلى وعلى ونحوها سنخا وجهة مشتركة بين الوجودات التى كل واحد منها فرد جزئى متميز عن الفرد الآخر بتخلل العدم بينهما والمفروض انها لا تنفك تصورا فى عالم الذهن عن الوجودات الفردية ، ان قلت ان كلما ينتزع عن المفاهيم الحرفية من مفهوم النسبة والربط والسنخية ونحوها معان اسمية مستقلة فى المفهوم فلا محاله انها مباينة بالذات للمعنى الحرفى فلا بد للواضع فى مقام الوضع احضار واحد من هذه المفاهيم الاستقلالية وجعلها مرآة للمعنى الحرفى ويكون كمباينة المرآة للمرئى فلا يكون الموضوع له عاما ، قلت ان ذلك المعنى الاسمى يحكى عن تلك الجهة المشتركة بين الجميع وهو كلى وعام لا خاص وجزئى فالموضوع له عام باعتبار واقع السنخية لا مفهومها كما عرفت.

(١) قال فى الفصول ، ص ١٦ ، فان التحقيق ان الواضع لاحظ فى وضعها معاينها الكلية ووضعها بازائها باعتبار كونها آلة ومرآة لملاحظة حال متعلقاتها الخاصة فلاحظه فى وضع من مثلا مفهوم الابتداء المطلق ووضعها بازائه باعتبار كونه آلة ومرآة لملاحظة حال متعلقاتها الخاصة فلاحظ فى وضع من مثلا مفهوم الابتداء المطلق ووضعها بازائه باعتبار كونه آلة ومرآة لملاحظة حال متعلقاتها الخاصة من السير والبصرة مثلا فيكون مداليلها خاصة لا محاله ـ الى ان قال ـ فبأن وضعها للجزئيات اجمالى فلا يلزم تعدد الوضع فضلا من عدم تناهية هذا ولو نزلت مقالتهم على انها موضوعة لمفاهيم المقيدة بالقيود المذكورة على ان يكون كل من القيد والتقييد خارجا عن المعنى معتبرا فيه وادعى كلية المفهوم المعتبر كذلك استقام كلامهم انتهى وقال فى هداية المسترشدين ، ص ٣٢ ، واما الحروف فلانها موضوعة للمعانى الرابطية المتقومة بمتعلقاتها الملحوظة مرآة لحال غيرها وذلك المعنى الرابطى وان اخذ فى الوضع على وجه كلى إلّا انه لا يمكن ارادته من اللفظ إلّا بذكر ما يرتبط به فلا يمكن استعمال اللفظ فى ذلك المعنى الكلى الا فى ضمن الخصوصيات الحاصلة من ضم ما جعل مرآتا لملاحظته لتقوم المعنى الرابطى به فالحصول فى ضمن الجزئى هنا ايضا من لوازم الاستعمال فى ما وضعت له بالنظر الى الاعتبار المأخوذ فى وضعها له لا لتعلق الوضع بتلك الخصوصيات فعدم استعمالها فى المعنى العام على اطلاقه انما هو لعدم امكان ارادته كذلك لا

١٧٨

نظرا الى تبادر جهة وحدة سنخية من كل حرف غاية الامر اخطأ فى تشخيص هذا المفهوم الواحد وجعله من المفاهيم الكلية المتصورة فى الذهن معراة عن الخصوصيات ثم جعل ذلك مرآة الى الخصوصيات الطارية على الطرفين ـ ولقد عرفت ما فيه (١) فالأولى فى حفظ الوحدة السنخية ومجيء المتكثرات فى الاذهان هو الالتزام بعموم الموضوع له بنحو نحن حققنا فى قبال العام المشهورى (٢) فتدبر

______________________________________________________

لعدم تعلق الوضع به. انتهى ولعل هذه العبارة مراد الماتن قدس‌سره.

(١) من استحالة ان يكون الكلى مرآة عن الخصوصيات ولو بالف دال كما تقدم مفصلا.

(٢) وتوضيح ما ذكره قدس‌سره فى هذا الباب هو ان الجامع المفهومى الذاتى بين المعانى الحرفية بحيث يحمل على تلك المعانى وتكون المعانى مصداقا له وان كان لا يمكن لانه مستلزم لخروج المعنى الحرفى عن كونه معنى حرفيا لكن الذى يمكن تصوره ان بين افراد كل صنف من اصنافها جهة اشتراك وسنخية ليست تلك الجهة وذلك الاشتراك بين افراد هذا الصنف وافراد الصنف الآخر او بينها وبين سائر الاشياء مثلا ليس نسبة الربط الابتدائى المستعمل فيه كلمة من فى قولك سرت من الكوفة الى البصرة الى الربط الابتدائى المستعمل فيه تلك الكلمة فى قولك قرأت القرآن من اوله الى آخره كنسبة ذلك الربط الاستعلائى المستعمل فيه كلمة على فى قولك زيد على السطح ولا كنسبته الى زيد وعمرو من المعانى الاسمية بطريق اولى ، فمن هذا نعلم ان بين معانى كل واحد من الحروف والهيئات جهة اشتراك ولكن تلك الجهة كاصل الافراد ليست قابلة للتعقل استقلالا ولكن كما يمكن ان يجعل ذلك المعنى الاسمى مرآة للخصوصيات والافراد كذلك يمكن ان يجعل مرآة لتلك الجهة المشتركة ويكون الموضوع له تلك الجهة المشتركة فاتضح مما ذكرناه ان الموضوع له كالوضع فى الحروف عام فان الموضوع له فيها هو القدر المشترك بين جزئيات المعنى الحرفى الذى لا يكاد ينفك عن الخصوصيات التى تضيق سعته ولا يمكن تصوره الا فى ضمن تصورها لان المعنى الحرفى فى حد ذاته وقوامه متقوم بمدخوله من المعانى الاسمية فلا يمكن تصوره منفصلا عنها وإلّا لخرج عن كونه معنى حرفيا ولا شبهة فى ان الابتداء الذى هو معنى لفظ من له جزئيات خارجية متماثلة وتماثلها بامر ذاتى داخل فى قوامها مشترك بينها ويدل على ذلك ان الحرف كمن مثلا يستعمل فى جزئيات معناه بعناية واحدة والعرف لا يرى ذلك فى استعماله فى الجزئيات المتعددة من متكثر المعنى بل يراه من متحد المعنى وان استعماله فى جميع تلك الجزئيات بلحاظ واحد على حد استعمال الاسم غير العلم فى جزئيات

١٧٩

فانه دقيق تذييل فيه تنقيح (١) وهو ان النسب ان كانت قائمة بالشخصين فلا تقبل

______________________________________________________

معناه فاذا تحقق ان بين جزئيات المعنى الحرفى قدرا مشتركا بينها فلا مانع من الوضع لذلك القدر المشترك كما انه هو الواقع والاستعمالات المذكورة اصدق شاهد عليه فمثل قولنا سر من البصرة الى الكوفة فان لفظ من وإلى استعملا فى طبيعى معناهما فى المثال كاستعمال لفظ سر وان استعمالها فى مثل المورد على نحو استعمالها فى مثل قولنا سرت من البصرة الى الكوفة ، ولا ينافى ذلك تبادر المعنى الخاص من الحرف فى مقام استعماله فى موارده الخاصة سواء كان حصة من طبيعى معنى الحرف كما فى مثل سر الخ ام كان فردا من افراده كما فى مثل سرت من الخ فان الخصوصية فى كلا الفرضين غير مستند الى نفس الحرف ليكون دليلا على وضعه للخاص بل هو مستند الى قرائن حالية او مقالية اوجب تضييق معنى لفظ من والى حتى صار حصة منه فى مثل سر من البصرة الخ لان تصور معناه متوقف على تصور مدخوله من المعانى الاسمية لكونه معنا ارتباطيا متقوما فى حد ذاته بالارتباط بغيره وان كانت خصوصية تقييده بمدخوله غير مأخوذة فى قوام معناه واما ثمرة البحث عن ان وضع الحروف هل يكون عاما والموضوع ايضا عام ام لا تظهر فى صورة الاطلاق والتقييد فلو كان وضعها عاما يمكن ان يكون القيد قيدها واما لو كان خاصا لا يمكن ان تكون مقيدة نعم يمكن ان يكون له اطلاق احوالى فى صورة كون الوضع للموضوع له الخاص فالثمرة فى الاطلاق الافرادى ضرورة ان الشيء الواحد الشخصى ايضا له حالات يتعدد بتعددها ، وعلى فرض كون الوضع عاما للموضوع له العام تكون الثمرة الاخرى له وهو صحة اخذ المفهوم وعدم صحته لانه لو كان عاما يمكن ان يقال سنخ الحكم صار مقيدا كما ذكر فى محله ان ميزان اخذ المفهوم هو اناطه سنخ الحكم بالشرط وصاحب الكفاية قائل بان سنخ المادة مقيدة ولا دخل له فى الملاك وسيأتى ان شاء الله.

(١) اللازم الثانى وملخصه تقدم ان كلية المعانى الحرفية والنسب والاضافات الحاصلة فى الطرفين وجزئيتها بتبع الطرفين فان كان الطرفين شخصيا كسرت من البصرة فلا محاله يكون النسبة ايضا خاصا وجزئيا من الابتداء الخاص وان كانا كليين كسر من البصرة الى الكوفة فالنسبة ايضا كلية يصدق على اى مكان من الابتداء والانتهاء والوجه فى ذلك لأن فى الأوّل لا يصدق الطرفين على الكثيرين فلا مجال لصدق النسبة بينهما التى يكون قائما بهما ان يصدق على كثيرين بخلاف الاخير فبما ان الطرفين يصدق على كثيرين فالنسبة يتبعهما كما هو واضح ، ومن هنا ظهر فساد ما ذكره المحقق النائينى فى ما تقدم من ان الكلية هنا بمعنى آخر فراجع لكن يمكن الايراد عليه بان ملاك الاتصاف بالكلية ملاحظة كل مفهوم بنفسه

١٨٠