نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

ان عمدة الذى دعاهم الى الالتزام بما ذكر (١) هو توهم احتياج تخصيص كل لفظ بمعناه الى خصوصية وربط بينهما هو المرجح للتخصيص (٢) واظن ان الالتزام بذلك فى جميع الاضافات والاختصاصات يوجب انكار المقارنات الاتفاقية بين الاشياء (٣) اذ مقارنة الوجودين (٤) أو الموتين (٥) يستلزم ربط بينهما حذرا من ترجيح اختصاص هذا الوجود بحال وجود الآخر دون غيره بلا مرجح فلا بد وان يكون لمرجح وربط بينهما وهكذا الامر فى الموتين ـ ورفع هذه الغائلة ليس إلّا بدعوى امكان تقارب الآجال (٦) وتصارم الاستعدادات للوجود (٧) بل (٨) ويمكن فى المقام دعوى كون المرجح خصوصية فى نفس وضع اللفظ لمعناه لا

______________________________________________________

المعانى انما هو قضية تقارنهما للوجود فى عالم الذهن.

(١) اى لزوم المناسبة بين اللفظ والمعنى حتى يوضع هذا اللفظ لهذا المعنى.

(٢) كما تقدم ذلك وبدونه يلزم ترجيح بلا مرجح.

(٣) كمقارنة مجيء زيد مع مجيء عمرو للحمام بلا لزوم مناسبة بينهما مع ان كل منهما مستند الى سببه.

(٤) اذ تقارن تولد زيد مع تولد عمرو لا يكون لمناسبة ذاتية بينهما بل كل ينسب الى سببه ولو يوجد بها نحو مناسبة بان زمان تولدهما واحد.

(٥) فلو مات عمرو عند موت زيد فتقارن وفاتهما من دون مناسبة ذاتية بينهما كما فى الوجودين المتقارنين.

(٦) وهو اجل زيد مقارن لاجل عمرو وهكذا من دون تناسب بينهما وكل يستند الى علته.

(٧) اى تصرّم الاستعدادات وانقضائها مقتض للوجود لكن كل وجود ينسب الى علته واستعداده وانما يكون مجرد تقارن الوجودات او الوجودان من دون اى مناسبة بينهما.

(٨) هذا هو الجواب الثانى وملخصه انه لو سلم لزوم الترجيح والمناسبة فلا يلزم ان يكون بين اللفظ والمعنى بل يكفى وجود الترجيح والمناسبة فى نفس الوضع وان فى نفس جعل هذا اللفظ لهذا المعنى خصوصية وترجيح ـ وان شئت قلت يكفى فى الترجيح نفس انسباق اللفظ الى الذهن من بين الالفاظ عند ارادة الوضع فانه موجب لتخصيصه بالمعنى الملحوظ من بين الالفاظ.

٨١

بينهما نظير ما قيل فى الاحكام الوضعية (١) من كون الجعل لمصلحة فى نفس الجعل بلا ربط بين متعلقى الجعل ابدا (٢) كما ان (٣) الالتزام بكون علّام الغيوب

______________________________________________________

(١) المراد من الاحكام الوضعية هى المصطلحة كما عرفت فى قبال التكلفية لا الاحكام الموضوعة أى المجعولة.

(٢) فتكون المصلحة فى نفس جعل نجاسة الكفار ولو لم يكن فى متعلقه وهو الكافر شيء من القذارة والميكروب اصلا وهكذا فى جعل الحجية للخبر الواحد من دون ان يكون مصلحة فى المجعول اصلا وذلك تسهيلا للعباد مثلا او غيره. وقال استادنا الخوئى فى تعليقة الاجود ، ج ١ ، ص ١١ ، اولا انه لا يلزم ان يكون المرجح هى المناسبة الذاتية بل يجوز ان يكون المرجح امرا خارجيا كما هو الواقع كثيرا فى الاعلام الشخصية ـ وثانيا ان المستحيل انما هو الترجح من دون ترجيح ـ اى وجود حادث بلا سبب ـ كما سيأتى فى محله واما الترجيح بلا مرجح فلا استحالة فيه بل ولا قبح فيه ايضا اذا كان هناك مرجح لاختيار طبيعى الفعل مع عدم وجود المرجح فى شيء من افراده وح فالمصلحة الموجودة فى طبيعى الوضع كافية فى اختيار لفظ خاص وتخصيصه لمعنى مخصوص ولو من دون ربط ومناسبة بينهما اصلا انتهى. ومما ذكرنا ظهر الجواب عن الوجه الثانى فانه مجرد مصادره لا غير ـ وهنا جواب آخر للمحقق الماتن سيأتى ويمكن الجواب عن لزوم المناسبة ايضا اولا لا يعقل تحقق المناسبة بين جميع الالفاظ والمعانى لاستلزام ذلك تحققها بين لفظ واحد ومعانى متضادة او متناقضة كما اذا كان للفظ واحد معان كذلك كلفظ ـ جون ـ الموضوع للاسود والابيض ولفظ ـ القرء ـ الموضوع للحيض والطهر وغيرهما وهو غير معقول فان تحققها بين لفظ واحد ومعان كذلك يستلزم تحققها بين نفس هذه المعانى ـ وثانيا يمكن ان يكون المرجح هو ارادة الفاعل وثالثا انه يمكن ان يكون الترجيح انسباق اللفظ الى الذهن من بين الالفاظ عند ارادة الوضع ولو من جهة اقتضاء استعداده للوجود فى عالم الذهن انه موجب لتخصيصه بالمعنى الملحوظ من بين الالفاظ ففى الحقيقة ما هو الموجب لتخصيص لفظ من بين الالفاظ لمعنى من بين المعانى انما هو قضية تقارنهما للوجود فى عالم الذهن.

(٣) هذا هو الجواب عن الامر الثالث المتقدم بان الواضع هو الله تبارك وتعالى وملخصه انه لو فرض من اوّل خلقة آدم على نبيّنا وآله و ـ عليه‌السلام ـ الى زماننا هذا كل طائفة قد وضعوا جملة من الالفاظ لجملة من المعانى المتداولة بينهم على قدر ابتلائهم بها فى اظهار ما فى ضمائرهم الى ان انتهى الامر الى زماننا الذى قد كثر فيه اللغات وكثرت الالفاظ والمعانى فاىّ محذور عادى او عقلى يترتب عليه كما نشاهد ذلك بالعيان والوجدان من

٨٢

واضعا ايضا مستند الى توهم كون الواضع لجميع الالفاظ لمعانيها شخصا واحدا محيطا بجميع الالفاظ بمعانيها. وهذا التوهم ايضا اوضح فسادا من الأول اذ من الممكن ان من زمن آدم الى زماننا فى كل طبقة اشخاص عديدة واضعين الفاظا مخصوصة لمقدار من المعانى التى كانت محل ابتلائهم بحيث ينتهى امر الواضعين بمرور الزمان الى اشخاص غير محصورين الخارجين عن تحت الضبط بحيث لم يقبل نقلهم فى التواريخ ولا فى غيره (١) نعم ربما ضبطوا فى التاريخ اوّل واضع فى كلّ لغة كما حكى ان المخترع للغة العرب يعرب وهكذا الامر لمخترع سائر اللغات وان كان الواضع فى كل طائفة ايضا غير محصورين ـ ولعمرى (٢) ان الوجدان السليم يساعد ما ذكرنا (٣) ولا اقل من امكانه واحتماله (٤) فينسد حينئذ طريق كشف الربط والخصوصية بين اللفظ والمعنى (٥) او كون الواضع هو البارى عزّ اسمه (٦)

______________________________________________________

وجود كثير من المعانى والالفاظ المستحدثة فى زماننا التى لا يكون لها فى سالف الزمان عين ولا اثر كما فى كثير من الجوهريات والآلات كالطائرة والسيارة وغيرهما.

(١) وبذلك اندفعت النواحى المتقدمة لاثبات كون الواضع هو علّام الغيوب من كونها غير متناهية وعدم نقل الواضع فى التاريخ فان الامر كذلك لو كان الواضع شخص واحد او شخصين فى كل لغة فكيف يقوم بوضع هذه الالفاظ غير المتناهية للمعانى كذلك ولم ينقل فى التاريخ لكن الامر ليس كذلك وانما يستند وضع الالفاظ فى اللغات الى الواضعين على نحو التدرج بحسب مرور الدهور والازمنة لوضع كل طائفة جملة من الالفاظ لجملة من المعانى التى دار عليها ابتلائهم ـ والشاهد على ذلك اختلاف عدد الكلمات واللغات بحسب اختلاف الامم والازمنة والامكنة حسب قلة الاحتياج وكثرته كما انهم يرفعون سائر احتياجاتهم حسب الفطرة التى فطرهم الله عليها.

(٢) نتيجة مترتبة على كلا الامرين الثانى والثالث معا.

(٣) من كون الواضع للغات ليس شخص معيّن بل كل لغة اشخاص غير معينين فى درج الزمان حسب ابتلائهم وسعة اجتماعاتهم واحتياجاتهم فمرور الزمن موجب لاتساع احتياجاتهم فيزداد الوضع ويتسع لا محالة كما نشاهده بالوجدان.

(٤) فاذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال فلا يكشف ما تقدم من الامور للمتوهم.

(٥) فعدم الدليل عليه.

(٦) لانه بلا وجه.

٨٣

فلا محيص ح الا من الالتزام بعدم انتهاء دلالة الالفاظ الى المناسبات الذاتية (١) ولا كون الواضع علام الغيوب (٢) بل (٣) من الممكن وضع الالفاظ من المخلوقين لمحض انتقاله (٤) الى لفظ من باب الاتفاق بالنسبة الى معنى كذلك (٥) او لا اقل من جهة خصوصيّة فى نفس وضعه بلا ربط بين اللفظ والمعنى (٦) كما نشاهد فى وضع الاعلام الشخصية (٧) او المعانى الحادثة الاختراعية (٨) وما نرى ايضا من بعض المناسبات العرضية فى بعض المقامات (٩) غير مرتبط بمحل البحث اذ هى

______________________________________________________

(١) لعدم لزوم محذور منه اصلا كما تقدم.

(٢) لان ما توهمه من المحذور قد ارتفع بكثرة الواضعين حتى خرج عن حد الاحصاء.

(٣) وهذا اشارة الى الجواب الأوّل المتقدم من كونه كالمقارنات الاتفاقية لا يحتاج الى وجود المناسبة بينهما اصلا. فى الامر الثانى ـ.

(٤) اى انتقال الشخص.

(٥) اى اتفاقى.

(٦) وهذا ايضا اشارة الى الجواب الثانى المتقدم من كون الخصوصية والمزية فى نفس الوضع لا بينهما كما هو واضح. ـ وذلك فى الامر الثانى ـ.

(٧) فحال الاعلام الشخصية فى غاية الوضوح اذ يعلم كل عاقل على ان واضع تلك الالفاظ لمعانيها ليس هو الله تعالى ولا مناسبة ذاتية بين تلك الالفاظ مع المعانى نعم يمكن ان يكون المناسبة لامر خارج كوضع لفظ محمّد لولده مثلا لما تولد ليلة ٢٧ من رجب.

(٨) فان المخترعات الجديدة حالها حال الاعلام الشخصية فان المخترعون لهذه الادوات والآلات والمكائن والسيارات والطائرات هم الذين يضعون هذه الاسماء حين اختراعها من دون رعاية اى مناسبة بين الالفاظ والمعانى اصلا وهكذا الامر فى غيرها من اسماء الاجناس والمشتقات فيكون وضعها تدريجى ومن اشخاص كثيرة كما تقدم حسب احتياجاتهم فى مقام التعبير عن مقاصدهم من دون اى تناسب بين اللفظ والمعنى اصلا وذلك فى الامر الثانى المتقدم.

(٩) هذا هو الجواب الثالث عن الامر الثانى المتقدم من لزوم المناسبة وملخصه ان ما نرى بين بعض الالفاظ والمعانى مناسبات كما ذكرنا فى الاعلام الشخصية فانه لو تولد فى بعض ولادات المعصومين عليهم‌السلام او وفياتهم «ع» او بعض الصلحاء فبهذه المناسبة يسموه باسم ذلك المعصوم «ع» وامثال ذلك من المناسبات الموجودة كثيرا فيها بل وكذا فى اسماء

٨٤

امور عرضية ملحوظة احيانا غير مرتبط بالمناسبة الذاتية المقتضية لتعيين اللفظ لمعناه بالطبيعة كما هو المدّعى كما لا يخفى (١) وحيث اتضح لك ما تلوناه وانتهى امر الدلالة الى نحو علقة واختصاص حاصلة بين اللفظ والمعنى من جعل جاعل او كثرة الاستعمال (٢)

______________________________________________________

الاجناس فان الموضحة اسم لما تكشف الجرح عن وجه العظم وهو غليظ لفظا ومعنى ايضا كما هو واضح فى قبال الحارصة والمتلاحمة والسمحاق اسم لما لا تبلغ ذلك وهو لا غلظة فيه لا معنى ولا لفظا ـ لا يفيد للمقام اصلا.

(١) فمحل الكلام هى المناسبات الذاتية بين اللفظ والمعنى المنجر الى القول بكون الواضع هو الله تعالى فانه علّام الغيوب ويعلم تلك المناسبات الذاتية لا الامور العرضية المنتزعة من الامور الخارجية وهى ايضا ترجع الى المقارنات الاتفاقية فلا يرتبط بالبحث اصلا ـ وذكر استادنا الخوئى فى الجواب عن النواحى الثلاث فى الامر الثالث فى تعليقه الاجود ، ج ١ ، ص ١١ ، ومن هنا يظهر ان دعوى كون الوضع وسطا بين الامور التكوينية الواقعية والجعلية لا يمكن المساعدة عليها ضرورة انه لا واسطة بين الامور الواقعية والجعلية والتخصيص وان كان بالهام الهى كما فى حمله من افعال العباد ايضا إلّا ان حقيقته لا تخلو من ان تكون من الواقعيات او الاعتباريات الجعليات انتهى وبالجملة ان الشيء اذا كان من الموجودات الحقيقية التى لا تتوقف فى وجودها على اعتبار اى معتبر فهو من الموجودات التكوينية وإلّا فمن الامور الاعتبارية الجعلية ولا نعقل ما يكون وسطا بين الامرين.

(٢) الامر الرابع فى كيفية نفس الوضع من التعيين والتعين ـ فاشار قدس‌سره الى تقسيم الوضع بلحاظ كيفيته فقد يوضع اللفظ بازاء المعنى بالتصريح بانشائه وجعله بالقول كسمّيت ولدى عليا ام بالفعل باستعماله فيه بقصد جعله له اذ الانشاء قد يكون بالفعل كما يكون بالقول وسيأتى الاشارة اليه وهذا يسمى بالوضع التعيينى ـ وقد يكثر استعماله فى المعنى الى ان يحصل به الاختصاص والعلقة الخاصة ويسمى بالوضع التعينى ـ وقد يقال لزوم انتهاء هذه الاوضاع التخصصّية الى الوضع التخصيصى وانه لا بد فى تحقق العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى من القصد الى تحققها فى احد تلك الاستعمالات وإلّا فبدونه لا يكاد يجدى مجرد الاستعمال فى تحققها ولو بلغ الاستعمال فى الكثرة ما بلغ وسيأتى مفصلا ان حقيقة الوضع هو العلاقة والربط بين اللفظ والمعنى وهذا تارة يكون جعليا بحيث يحتاج فى تحققها الى توسيط انشاء وجعل فى البين وتتحقق بالانشاء القول والفعلى على ما سيأتى واخرى تتحقق بالانشاء القول والفعلى على ما سيأتى واخرى تتحقق بكثرة الاستعمال كما

٨٥

قد يبقى الكلام فى شرح هذه العلقة (١) فنقول اوّلا (٢) ان هذه العلقة هو نحو من

______________________________________________________

نشاهد بالوجدان والعيان فى استعمالنا الالفاظ فى المجازية حيث نرى انه بكثرة الاستعمال يحدث مرتبة من العلاقة بينه وبين المعنى الثانى وبهذا المقدار يضعف علاقته عن المعنى الاول بحيث كلما كثر الاستعمال تضعف علاقته للمعنى الاول ويشتد فى قباله العلاقة بينه وبين المعنى الثانى الى ان تبلغ بحد يصير المعنى الاول مهجور بالمرة وتصير العلاقة التامة بينه وبين المعنى الثانى بحيث لو اريد منه المعنى الاول لاحتاج الى قيام قرينة فى البين ـ ذكر صاحب الكفاية فى ج ١ ، ص ١٠٤ ، مع ان الاستعمال وان كثر فيه إلّا انه كان مع القرينة المصحوبة وكثرة الاستعمال كذلك فى المعنى المجازى لا توجب صيرورته مشهورا فيه ليرجح او يتوقف على الخلاف فى المجاز المشهور كيف وقد كثر استعمال العام فى الخاص حتى قيل ما من عام الّا وقد خصّ ولم ينثلم به ظهوره الخ وقال المحقق الماتن فى نهاية الافكار ، ج ١ ، ص ٣١ ، بل قد يدعى كما عن المحقق الخراسانى لزوم انتهاء الاوضاع التخصصيّة ايضا الى مثل هذا النحو من الوضع التخصيصى وانه لا بد فى تحقق العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى من القصد الى تحققها فى احد تلك الاستعمالات وإلّا فبدونه لا يكاد يجدى مجرد الاستعمال فى تحققها ولو بلغ الاستعمال فى الكثرة ما بلغ فلذلك اورد على تقسيم المشهور للوضع بالوضع التعينى تارة وبالتعيين اخرى وقال بانه لا مجال لهذا التقسيم وان الحرى هو حصره بخصوص التعيين بالجعل والانشاء غايته بالاعم من الانشاء القولى والفعلى انتهى قد عرفت ما فيه فلا نعيد.

(١) الامر الخامس فى حقيقة الوضع وتحقيقها فى ضمن جهتين.

(٢) الجهة الاولى فى حقيقة الوضع وفيها اقوال القول الاول قال صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠ ، الوضع هو نحو اختصاص اللفظ بالمعنى وارتباط خاص بينهما الخ ـ والقول الثانى ما ذكره المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٢ ، ان حقيقة الوضع هو التخصيص والجعل الالهى الخ ـ القول الثالث للمحقق الاصفهانى قال فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٤ ، فانه كانه وضع على المعنى ليكون علامة عليه الخ. القول الرابع ما اختاره جماعة واستادنا الخوئى قال فى تعليقة الاجود ، ج ١ ، ص ١٢ ، ان حقيقة الوضع على ما يساعده الوجدان عبارة عن الالتزام النفسى بابراز المعنى الذى تعلق قصد المتكلم بتفهيمه بلفظ مخصوص فمتعلق الالتزام والتعهد امر اختيارى وهو التكلم بلفظ مخصوص عند تعلق القصد بتفهيم معنى خاص الخ ـ وقال المحقق الماتن فى حقيقة الوضع انه نحو اختصاص وارتباط خاص بين طبيعى اللفظ وطبيعى المعنى الموضوع له بحيث يكون طبيعى اللفظ الموضوع مستعدا لاحضار ذلك المعنى

٨٦

الارتباط الحاصل بين المرآة ومرئيه بحيث لا يلتفت الى اثنينيتهما ويحسب احدهما قالبا للآخر ونحو وجود له وكانا بنحو يكون الانتقال باحدهما عين الانتقال بالآخر وربما يسرى صفات احدهما الى الآخر فقبح المعنى ربما يسرى الى اللفظ كما ان تعقيد اللفظ قد يسرى الى المعنى (١) و (٢) بذلك تمتاز نسبة الالفاظ الى معانيها عن نسبة العلامات الى ذيها كالبيرق الموضوع علامة للحرب والخشبة الموضوعة علامة للفرسخ او الدخان الذى هو علامة وجود النار فان الالتفات (٣) الى البيرق والخشب والدخان يلازم الالتفات الى غيره لا عينه بل ولا

______________________________________________________

فى الذهن من يسمع ذلك اللفظ او يتصوره وبعبارة اخرى توجب قابلية اللفظ للمعنى وفنائه فيه فناء المرآة فى المرئى بحيث يصير اللفظ مغفولا عنه وبالقائه كان المعنى هو الملقى بلا توسيط امر فى البين. ـ اما قبح المعنى كعمر فيسرى الى لفظه والتقييد كقوله ما لكم تكاكاتم على كما تكاكاتم على ذى جنة افرنقعوا عنى هذا تعقيد اللفظ سرى الى المعنى.

(١) من جهة هذا لفناء يسرى تعقيد اللفظ الى المعنى مع ان المعنى لا يكون فيه تعقيد والتعقيد للفظ وربما العكس فيسرى قبح المعنى او حسنه الى اللفظ مع ان اللفظ لا يكون فيه حسن ولا قبح اصلا وانما يكونان للمعنى كما هو واضح.

(٢) ثم اشار الى القول الثالث فى حقيقة الوضع وهو ما ذهب اليه جماعة منهم المحقق الاصفهانى فى نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٤ ، قال فتخصيص الواضع ليس إلّا اعتباره الارتباط والاختصاص بين لفظ خاص ومعنى خاص ـ ثم انه لا شبهة فى اتحاد حيثية دلالة اللفظ على معناه وكونه بحيث ينتقل من سماعه الى معناه مع حيثية دلالة بسائر الدوال كالعلم المنصوب على رأس الفرسخ فانه ايضا ينتقل من النظر اليه الى ان هذا الموضع رأس الفرسخ غاية ان الوضع فيه حقيقى وفى اللفظ اعتبارى بمعنى ان كون العلم موضوعا على رأس الفرسخ خارجى ليس باعتبار معتبر بخلاف اللفظ فانه كانه وضع على المعنى ليكون علامة عليه فشأن الواضع اعتبار وضع لفظ خاص على معنى خاص ومنه ظهر ان الاختصاص والارتباط من لوازم الوضع لا عينه انتهى.

(٣) وملخص الجواب عنه ان فى اختصاص الامارة لذيها انتقالان عرضيان انتقال الى نفس العلامة وانتقال منه بواسطة الملازمة الى ذيها ولازمه فى المقام ان يكون انتقال الذهن الى المعنى عند سماع اللفظ من شئون الانتقال الى اللفظ ولازمه ان يكون انتقال الذهن الى اللفظ فى عرض الانتقال الى المعنى بحيث كان انتقالان عرضيان انتقال الى اللفظ وانتقال منه

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بواسطة الملازمة الى المعنى نظير الانتقال من الدخان الى وجود النار بنحو الانتقال من اللازم الى الملزوم لعلمه بالملازمة بين الوجودين مع ان ذلك كما ترى مما يحكم بفساده فى المقام بداهة الوجدان ضرورة انه بالقاء اللفظ لا يكاد فى الذهن الا انتقال واحد الى المعنى بلا التفات الى شخص اللفظ الملقى بنحو كان المعنى بنفسه قد القى بلا توسيط لفظ كما هو الشأن فى الكتابة ايضا فان الناظر فيها بمقتضى الارتكاز لا يرى إلّا نفس المعنى بلا التفاته فى هذا النظر الى حيث نقوش الكتابة تفصيلا ومن المعلوم انه لا يكون الوجه فى ذلك الا جهة شدة العلاقة والارتباط بينهما التى اوجبت قالبية اللفظ للمعنى وفنائه فيه ولذا يسرى صفات اللفظ الى المعنى وبالعكس كما عرفت مفصلا ـ وبالجملة انه تجد ابتداء احست بالشيء الذى انتقلت اليه بسبب سماعه اللفظ نظير من ينظر ليرى وجهه فى المرآة فعند ما يرى الصورة المنعكسة منه فى المرآة يرى انه قد راى وجهه الحقيقى ابتداء لا انه تصور وجهه بسبب نظره الى وجهه المنعكس فى المرآة وليس ذلك كله إلّا لفناء الواسطة المتصورة فى ذى الواسطة والوجه فى ذى الوجه وهكذا حال اللفظ مع المعنى عند دلالته عليه ولذا قلنا مرارا ان اللفظ مصنوعا بلون المعنى من الحسن والقبح واجاب عنه استادنا الخوئى فى تعليقه الاجود ، ج ١ ، ص ١١ ، بقوله وفيه اوّلا ان هذا المعنى على تقدير صحته فى نفسه فهو بعيد عن اذهان الواضعين خصوصا القاصرين منهم كالاطفال وامثالهم مع انا نرى صدور الوضع منهم كثيرا فكيف يمكن ان يكون حقيقة امرا يغفل عنه الخواص فضلا عن غيرهم ـ وثانيا ان لازم هذا البيان كون المعنى موضوعا عليه لا موضوعا له وكم فرق بينهما فان الموضوع عليه فى الوضع الحقيقى انما كان هو المكان المخصوص للدلالة على كونه رأس الفرسخ فكونه رأس الفرسخ هو الذى وضع عليه العلامة وعليه فما هو الموضوع له فى المقام اذا كان المعنى هو الموضوع عليه انتهى فوضع العلم له ثلاثة اركان الموضوع وهو العلم والموضوع عليه وهو المكان والموضوع له وهو الدلالة على كون المكان رأس الفرسخ وفى اللفظ يتقوم بركنين الموضوع وهو اللفظ والموضوع له وهو دلالته على معناه ولا يحتاج الى شيء ثالث وهو الموضوع عليه واطلاقه على الموضوع له من الاغلاط ولا اقل ليس من الاطلاقات المتعارفة هذا ولكن فيه. اما عن الاول فانه مجرد استبعاد لا يوجب ابطال هذا القول. وعن الثانى ان التشبيه والتنظير ليس من جميع الجهات فالعلم انما يكون فى الامور الحقيقية والوضع من الامور الاعتبارية ـ ثم عدم الاطلاق عليه لا يوجب كونه من الاغلاط وانما المدار على الاستعمالات المتعارفة وانما غيره مجاز او منقول عن المعنى الحقيقى ونحو ذلك. مضافا الى ان ما ذكره

٨٨

يسرى صفات احدهما حسنا وقبحا الى الآخر كما يشهد له الوجدان السليم والذوق المستقيم ـ بقى تتميم فيه تحقيق (١) وهو ان هذه العلقة والارتباط بعد (٢)

______________________________________________________

فى العلامة ثلاثة موضع الشارة الحمراء والموضوع عليه مكان الشارة والموضوع له دلالة على الخطر وهنا امران احدهما موضوع والآخر موضوع عليه ، وفيه ان التعدد موضوع له والموضوع عليه لا يلزم ان يكون متباينين وجودا بل الموضوع له صفة قائمة بالموضوع عليه والعلامة صفة للفرسخ وهنا تعدد فى الصفة والموصوف محفوظة فالواضع يضع اللفظ على الصورة الذهنية للدلالة على انها صورة ماء ـ والصحيح فى الجواب عنه ما تقدم مضافا الى ان فى الوضع الحقيقى كالشارة الحمراء على موضع الخطر لا يكفى لحصول الدلالة المطلوبة ما لم تضم اليه عناية اخرى فكيف بالوضع الاعتبارى بين اللفظ والمعنى.

(١) الجهة الثانية فى بيان ان العلقة الموجودة بين اللفظ والمعنى واقعية لا اعتبارية محضة.

(٢) ان الامور والاشياء على ثلاثة اقسام فانه تارة يكون المحمول بالضميمة وما له بازاء فى الخارج كالجواهر والاعراض وان شئت فعبر بالوجودات الحقيقية غير المحتاجة فى الوجود الى الجعل والاعتبار لا حدوثا ولا بقاء ـ واخرى من الامور الجعلية والاعتبارية وخارج المحمول ليس بازائها شيء فى الخارج المحتاجة الى الجعل حدوثا وبقاء بحيث ينعدم بانقطاع الاعتبار ـ ولا ريب فى عدم كون الاختصاص المزبور من القسم الاول وهو المقولات الواقعية ، اما الجوهر فواضح لانحصاره فى العقل والنفس والصورة والمادة والجسم وهى ليست من احداها ـ اما الاعراض التسعة وذلك لان المقولات العرضية مما تحتاج الى موضوع محقق فى الخارج بداهة لزومه فى العرض فان وجودها فى نفسها عين وجودها لغيرها مع ان طرفى الاختصاص والارتباط وهما اللفظ والمعنى ليسا كذلك فان الموضوع والموضوع له طبيعى اللفظ والمعنى دون الموجود منهما فان طبيعى لفظ الماء موضوع لطبيعى ذلك الجسم السيّال وهذا الارتباط ثابت حقيقة ولو لم يتلفظ بلفظ الماء ولم يوجد مفهومه فى ذهن احد ـ والقسم الثانى ايضا على قسمين تارة من الاعتباريات المحضة القائمة باعتبار المعتبر ويرتفع بانقطاع الاعتبار ولا يكون صقعها الا الذهن كما فى النسب بين الاجزاء التحليلية فى المركبات العقلية فى مثل الانسان والحيوان الناطق ـ واخرى بمجرد اعتبارها يصير من الواقعيات التى قابلة لتعلق الالتفات اليها تارة والغفلة اخرى المحفوظة فى موطنها من الذهن او الخارج وان شئت قلت متوسطة بين هاتين فكانت سنخها من قبيل الاعتباريات التى كان الخارج موطن منشأ اعتبارها كما نظيره فى الملكية والزوجية ونحوهما من الاعتباريات مما لا يكون الخارج

٨٩

تمامية جعلها وصحة منشأ اعتبارها (١) وان سميت من الامور الاعتبارية (٢) فى قبال ما لها بازاء فى الاعيان (٣) من نحو هيئة قائمة بها (٤) ولكن لم يكن من الاعتبارات المحضة (٥) المتقومة بالاعتبار محضا بحيث تنعدم بانقطاعه بل (٦) كانت من الواقعيات التى كان الاعتبار طريقا اليها بحيث كانت قابلة لتعلق الالتفات اليها تارة والغفلة اخرى (٧) ولها موطن ذهنى وخارجى (٨) نظر (٩) الملازمات

______________________________________________________

موطن نفسها بل موطن مصحح اعتبارها من الانشاء القولى او الفعلى ـ ولكن مع ذلك لها واقعية كما ستعرف.

(١) بان يصح اعتبار ذلك المعتبر.

(٢) اى الجعلية.

(٣) وهو المحمول بالضميمة.

(٤) اى هيئة ذلك الامر قائمة بالاعيان الخارجية كما فى الاضافات الخارجية توجب احداث هيئة خارجية كهيئة السريرية الحاصلة من ضم الاخشاب بعضها ببعض على كيفية خاصة وكالفوقية والتحتية والتقابل ونحوها من الاضافات والهيئات القائمة بالامور الخارجية.

(٥) كما فى القسم الاول من الامور الاعتبارية.

(٦) هذا هو القسم الثانى من الامور الاعتبارية فان هذا القسم ومنه الوضع كسائر العلوم الجعلية والقوانين المخترعة تحتاج الى الجعل حدوثا لا بقاء لانها بعد الجعل متحققة فى نفس الامر ومتن الواقع وجد فى الخارج من يعلم بها ام لا.

(٧) وغاية ما يمكن ان يقال فى كون العلقة واقعية ان صقعها قبل وجود اللفظ فى الخارج وان لا يكن الا الذهن إلّا انها بنحو ينال العقل خارجيتها عند وجود طرفيها تبعا لهما بانه لو وجد اللفظ وجدت العلاقة والارتباط بينه وبين المعنى.

(٨) بتبع طرفيها فان العلاقة والارتباط الخاص الحاصلة بين اللفظ والمعنى بالجعل لما كانت بين طبيعة اللفظ وطبيعة المعنى فقبل وجود طرفيها خارجا لا يكون صقعها الا الذهن ويكون كالمفاهيم التحليلية من الاجناس والفصول والوجودات الادعائية الخيالية كانياب الاغوال ولكن بعد وجود طرفيها تبعا لهما تصير الملازمة بينهما ايضا خارجية فكلما وجد اللفظ فى الخارج تحققت العلقة والارتباط بينه وبين المعنى ويكفى فى خارجيتها كون الخارج ظرفا لمنشا انتزاعها.

(٩) الصحيح ـ نظير ـ.

٩٠

الذاتية (١) بين الاشياء المحفوظة فى عالم تقررها المخزونة فى الذهن تارة وفى الخارج اخرى تبعا لوجود طرفيها خارجا وذهنا فالعقل كما يرى فى الذهن الملازمة بين الطبيعتين كك يرى فى الخارج هذه الملازمة بين الموجودين فى الخارج. وهكذا نقول فى العلقة المزبورة (٢) بانها بين الطبيعتين (٣) ذهنى وبين الموجودين (٤) خارجا خارجى (٥) ولا نعنى من خارجية هذه الامور (٦) الا كونها بنفسها خارجية (٧) لا بوجودها نظير نفس الوجود والعدم (٨) كما ان فى الذهن ايضا كذلك (٩) اذ واقع ما هو ملازمة واختصاص بالحمل الشائع (١٠) غير

______________________________________________________

(١) كالملازمة بين النار والحرارة فان صقع هذه الملازمة قبل وجود النار فى الخارج لا يكون إلّا الذهن فاذا تصور النار والحرارة حكم وجزم بالملازمة بينهما فعلا وان جزم فعلا بعدمهما فى الخارج وبوجود النار وتحققها تصير الملازمة تبعا بوجود طرفيها خارجية. وكالملازمة بين كون العدد زوجا ومنقسما الى متساويين وفردا غير منقسم كذلك لكن امثال هذه الملازمة ذاتية وفى المقام اعتبارية فان الاعتبار سبب لحدوثها وكذلك الربط الوضعى بالوضع تتحقق الملازمة الطبيعية بين الماهيتين المتلازمتين فى الواقع وان لم يوجد شيء منهما فى الخارج فالملازمة بين حضور المعنى الموضوع له وقصور اللفظ الموضوع فى ذهن العالم بالوضع ـ موجودة فعلا عند تصورهما وان لم يوجد اللفظ فى الخارج.

(٢) اى العلقة الوضعية.

(٣) اى طبيعة اللفظ وطبيعة المعنى.

(٤) اى وجود اللفظ ووجود المعنى خارجا.

(٥) اى العلقة والملازمة خارجية تبعا لطرفيها.

(٦) اى العلقة الوضعية والملكية ونحوهما.

(٧) اى نفس الملازمة واقعية وخارجية ومحققه بين اللفظ والمعنى فى اىّ موطن كان لا بوجودها كالملازمات الذاتية وقد تقدمت. وبعبارة اخرى ان اللازمة متحققة فى موطنها وبالاعتبار من دون النظر الى لحاظ اى لاحظ او لافظ.

(٨) فان الوجود بنفسه خارجى لا بوجوده وإلّا لتسلسل وهكذا العدم وإلّا يلزم الخلف.

(٩) اى كون العلاقة بنفسها ذهنية لا بوجودها عند ما كان طرفيها ذهنية.

(١٠) الحمل على قسمين الحمل الاولى الذاتى وهو ما كان متحدان مفهوما ومتغايران بالاجمال والتفصيل وهو حمل هو هو كالانسان حيوان ناطق واخرى الحمل الشائع الصناعى

٩١

مفهومهما (١) وما هو موجود فى الذهن هو امثال هذه المفاهيم (٢) لا مصداقها فمصداقيتهما (٣) التى هى قائمة بالطرفين تبعا لنفس الطرفين بنفسها (٤) ذهنية بحيث لا يرى فى الذهن وجود زائد عن الطرفين (٥) بشهادة انه لو فرض رفع الملازمة مثلا عنهما لا يتغير صورتهما فى الذهن عما هما عليه حين تلازمهما كما هو الشأن ايضا فى وجودهما خارجا (٦) وبهذه الجهة (٧) نقول ان مثل هذه العلائق لا يوجب تغيرا فى وجود طرفيه لا خارجا ولا ذهنا (٨) وليس من الموجودات فى الاعيان (٩)

______________________________________________________

وهو حمل ذو هو وهو ما كانا متغايران مفهوما والموضوع من صغريات المحمول ومصاديقه كزيد قائم.

(١) اى ان الملازمة الخاصة بين اللفظ والمعنى ثابتة فى الواقع بواقعيتها من دون مساس بالخارج او الذهن كما فى زوجية العدد مع قابليته للانقسام وكذا المقام ولذا يحمل عليه بالحمل الشائع فيقال الصعيد مطلق وجه الارض اى الموضوع من صغريات مطلق وجه الارض والملازمة ثابتة بواقعيتها لا بمفهومهما اى الملازمة والاختصاص فانهما بمفهومهما غير قابل للحمل وانما يكون بين اللفظ والمعنى مصداق الملازمة فى الواقع.

(٢) اى مفهوم الملازمة والفرق بين المفهوم والمصداق ان المفهوم هو الكلى غير الموجود فى الخارج الا فى ضمن الحصص ـ والمصداق هو منطبق ذلك الكلى فى كل موطن تحقق والموجود فى الذهن هو ذلك المفهوم لا المصداق بل المصداق يتحقق فى موطنه.

(٣) اى الملازمة والاختصاص.

(٤) اى نفس المفاهيم.

(٥) وبهذه الملاحظة يقال انها ذهنية لانها ليست شيئا زائدا على الطرفين ويوجد بهما فى اى موطن كان.

(٦) فان وجد الطرفين من اللفظ والمعنى خارجا فالملازمة ايضا ثابته خارجا لكن تبعا للطرفين فيكون تبعا لوجود الطرفين فى الذهن توجد فى الذهن وبوجودهما فى الخارج توجد فيه.

(٧) اى كون وجودها تابعة للطرفين.

(٨) لانه زائدا على الطرفين ليس شيء لا فى الخارج ولا الذهن.

(٩) اى الاعيان الخارجية.

٩٢

كالنسب الموجبة لهيئة خارجية (١) او ذهنية فى طرفيهما كالفوقية والتحتية والتحاذى والتقابل وامثالها (٢) ولكن مع ذلك لا يقتضى ذلك نفى الواقعية لها (٣) فلا مجال (٤) ح للاستشهاد بعدم تغيّر الوجودات بمثل هذه النسب ذهنا وخارجا على

______________________________________________________

(١) وهذا مثال لما يوجب التغير فى وجود طرفيه خارجا فى النسب والاضافة كالوضع والجدة من التعمم والتقمص ونحوهما فانها توجب هيئة خارجية خاصه والمقام وهى العلاقة الخارجية لا توجب تغيّر كذلك.

(٢) وهذا مثال لما يوجب الهيئة الخارجية باعتبار طرفيهما كالفوقية او التحتية فانها هيئة تنزع من العالى فى الاول مباينة لهيئة مع السافل ولها وجود مغاير مع الاضافة التحتية وهكذا فان فى ذلك اضافة ناشئة عن خصوصية فى المتضائفين ولكن فى المقام ليست لملازمة كذلك توجب تغير فى طرفيها فى الذهن ولا الخارج بل ليست فى الذهن ولا لخارج الا نفس الطرفين.

(٣) فان الملازمة ولو لم توجب التغيير كما عرفت لكن لها واقعية محفوظة وموجودة بوجود طرفيها. قال الاستاد الخوئى فى المحاضرات ، ج ١ ، ص ٣٩ ، انه ان اراد بوجود الملازمة بين طبيعى اللفظ والمعنى الموضوع له وجودها مطلقا حتى للجاهل بالوضع بطلانه من الواضحات التى لا تخفى على احد فان هذا يستلزم ان يكون سماع اللفظ وتصوره علة تامة لانتقال الذهن الى معناه ولازمه استحالة الجهل باللغات مع ان امكانه ووقوعه من اوضح البديهيات ـ وان اراد به ثبوتها للعالم بالوضع فقط دون غيره فيرد عليه ان الامر وان كان كذلك يعنى ان هذه الملازمة ثابتة له دون غيره إلّا انها ليست بحقيقة الوضع بل هى متفرعة عليها ومتأخرة عنها رتبة ومحل كلامنا هنا فى تعيين حقيقته التى تترتب عليها الملازمة بين تصور اللفظ والانتقال الى معناه انتهى قلت اولا ليس حقيقة الوضع ما وراء ذلك بعد اعتبار الواضع وجعله وذلك فى الامور المجعولة فان العلقة الوضعية تبقى فى موطن وجودها بين طرفيها تبعا لهما فليس الوضع من الامور التكوينية حتى يتفحص عن حقيقة ما وراء ذلك ـ وثانيا سيأتى ان الجعل والاعتبار على قسمين وهنا يكون الاعتبار ليس لاحداثه بل لكونه طريقا للامر الواقعى وسيأتى ذلك مفصلا إن شاء الله تعالى فما اورده غير تام.

(٤) ثم اشار قدس‌سره كما قلنا الى القول الآخر من كون العلقة الوضعية من القسم الثانى المتقدم وهو الاعتبارات المحضة. لا الامور الواقعية ولعله اشارة الى ما افاده المحقق الاصفهانى قال فى نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٣ ، فالتحقيق فى امثال هذه المفاهيم انها غير

٩٣

كونها من الاعتباريات المحضة المنقطعة بانقطاع الاعتبار (١) كيف (٢) وذلك يستلزم انعدامها واقعا بانعدام الاعتبار واللحاظ والعقل يابى عن الالتزام بانعدام الملازمة ولو جعلته واقعا بمحض الغفلة عن لحاظها او اعتبار عدمها فى مورد ثبوتها ـ ولئن شئت توضيح المقام بازيد من ذلك فاسمع فان حقيقة الملازمة ينتزع من ملاحظة وجود شيء فى ظرف وجود غيره ولو فى فرضه الطريق الى الخارج (٣) كما (٤) ان مرجع اختصاص اللفظ بالمعنى فى مقام الابراز ايضا الى مبرزية اللفظ له فى فرض وجوده كذلك (٥)

______________________________________________________

موجودة فى المقام واشباهه بوجودها الحقيقى بل بوجودها الاعتبارى بمعنى ان الشارع او العرف او طائفة خاصه يعتبرون هذا المعنى لشيء او لشخص لمصلحة دعتهم الى ذلك كما فى التنزيلات والحقيقة الادعائية اما نفس الاعتبار فهو أمر واقعى قائم بالمعتبر واما المعنى المعتبر فهو على حد مفهوميته وطبيعته ولم يوجد فى الخارج وانما وجد بمعنى صيرورته طرفا لاعتبار المعتبر فينسب اليه الوجود ـ الى ان قال ـ فتخصيص الواضع ليس إلّا اعتباره الارتباط والاختصاص بين لفظ خاص ومعنى خاص انتهى وبذلك اختار العلامية كما تقدم.

(١) ايضا قال فى نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٣ ، الاختصاص الوضعى فان معروضه نفس الطبيعى لا بما هو موجود ذهنا كالكلية والجزئية والنوعية والجنسية ولا بما هو موجود خارجا كالمقولات العرضية انتهى.

(٢) هذا هو الجواب عن هذا القول ـ اى كون الوضع اعتبار محض وملخصه انه لو كان اعتبارا محضا كاعتبار المالية للقرطاس فلا محاله بانعدام الاعتبار او اعتبار عدمها او الغفلة عنها يستلزم رفع الملازمة والاختصاص بينهما مع ان العلقة الوضعية ليست كذلك فبالاعتبار تتحقق تلك العلقة وان رفع اليد عنه المعتبر كما هو واضح.

(٣) وذلك كملاحظة وجود الانقسام الى المتساويين عند وجود عدد الزوج ولو يكون المفروض طريقا الى العدد الموجود فى الخارج وكالملازمة بين النار والحرارة فان صقع هذه الملازمة قبل وجود النار فى الخارج لا يكون إلّا الذهن وبوجود النار وتحققها تصير الملازمة تبعا لوجود طرفيها خارجية فكذا المقام.

(٤) ومعنى الملازمة فى الوضع هو مبرزية المعنى عند وجود اللفظ فى اى موطن كان.

(٥) اى فى مقام المبرزية والجد لا الهزل ونحوه.

٩٤

ومثل هذه الجهة (١) من الامور الواقعية كسائر القضايا الحقيقية المبينة على فرض وجود الموضوع فى فرضه الطريق الى واقعه (٢) لا بنحو الموضوعية (٣) وبذلك (٤) يمتاز امثال هذه النسب والاختصاصات عن الامور الاعتبارية المحضة المتقومة بحقائقها بنفس الاعتبار كالوجودات الادعائية والتنزيلية (٥) حيث لا واقعية لها لو لا اعتبار معتبر. ومن هذا الباب (٦) اعتبار وجود غول وانيابه ـ ومنه ايضا (٧) النسب الحاصلة بين المفاهيم التحليلية (٨) المنتزعة عن وجود واحد حيث ان بانقطاع الاعتبار ينعدم مثل هذه النسب واقعا. وبذلك (٩) ايضا اجابوا عن شبهة اعتبار اضافة اخرى بين الاضافة والمضاف على من التزم بوجود الاضافات فى الخارج (١٠)

______________________________________________________

(١) اى الاختصاص والملازمة من باب مبرزية اللفظ له وملخصه ان الملازمة بنحو القضية الحقيقية بانه لو وجد اللفظ وجدت العلاقة والارتباط بينه وبين المعنى فان العلقة الحاصلة بينهما بالجعل لما كانت بين الطبيعتين فقبل وجود طرفيها خارجا لا يكون صقعها الا الذهن وبعده تكون تبعا لهما خارجيا.

(٢) اى الطريق الى حصول الواقع المعهود.

(٣) لا انه اخذ على نحو ـ الموضوعية فالاعتبار انما هو طريق الى العلقة ومبرز لذلك الواقع لا انه مأخوذا على نحو الموضوعية بحد ذاته.

(٤) اى كون الاختصاص والعلاقة من الامور الواقعية.

(٥) كما فى باب المجاز السكاكى مثل رأيت اسدا ويراد منه الرجل الشجاع ادعاء.

(٦) اى الوجودات الادعائية والتنزيلية فوجوده وبقائه باعتبار المعتبر والآزال.

(٧) اى من الامور الادعائية التى لا واقعية لها.

(٨) كمفهوم الحيوان الناطق المنتزع عن الانسان.

(٩) اى بما ذكرنا من ان الامور الاعتبارية المحضة متقومة بنفس الاعتبار وينعدم بانقطاع الاعتبار كالاسكناس الدارجة فى ايدى الناس.

(١٠) اما الشبهة فهى ان القضية مركبة من الموضوع والمحمول والنسبة فالنسبة والاضافة لو كانت خارجية كالطرفين فحينئذ يحتاج الى اضافة اخرى بين هذه الاضافة والموضوع. واما الجواب عنها هو ان هذه النسب من الامور الاعتبارية المحضة لا الامور الخارجية حتى يحتاج الى اضافة أخرى.

٩٥

وعمدة الوجه فيها (١) هو ان فى امثال هذه الاعتبارات كان لحاظ المعتبر من وسائط ثبوتها لا طريقا اليها بخلاف ما ذكرنا من انحاء الاختصاصات الجعلية اذ هى كانحاء الملازمات الذاتية (٢) كان لحاظها (مجددا) طريقا اليها لا من وسائط ثبوتها ـ ولقد (٣) اشرنا فى اول الكتاب بان حقيقة الفنون عبارة عن القواعد التى يتعلق بها العلم تارة والجهل اخرى مع ان قوانينها غالبا جعلية (٤) وما كان منها غير جعلى كان من سنخ ابواب الملازمات الواقعية (٥) ولو كانت مثل هذه ايضا من الاعتبارات المتقومة باعتبار المعتبر لزم الالتزام بانعدام القوانين من كل فن بمحض غفلة اللاحظ عن لحاظها (٦) فينتهى الى انعدام الفنون واقعا بمحض الغفلة عنها (٧)

______________________________________________________

(١) وملخصه ان النسب والاضافات على قسمين تارة يكون لحاظ المعتبر واسطة فى ثبوت هذه الاضافات. واخرى يكون طريقا وكاشفا عن الاضافة والنسب الواقعية. وما تقدم من النسب والاعتبارات يكون اللحاظ فيه واسطة فى الثبوت ولذا يتبع اعتبار المعتبر فان انعدم انعدم وهو الاعتبارات المحضة وهذا بخلاف المقام من النسب فان هذه الاضافات لها واقعية والاعتبار طريق اليها وبالجملة فالملازمة الوضعية بعد جعلها تكون من الامور الواقعية وانما الاعتبار سبب حدوثها لا مقوم لذاتها وانظار غيره طرق الى ادراكها والعلم بها فان الملازمة الوضعية لو كانت امر اعتباريا كان متقوما بنفس اعتبار المعتبر تقوم بنفسه لا تتجاوزه الى غيره إلّا باعتبار ثان مثل الاعتبار الاول يقول بنفس المعتبر الثانى وهكذا كلما تعدد الاعتبار تعدد وجود الامر المعتبر والملازمة الوضعية ليست كذلك كما لا يخفى.

(٢) كملازمة النار للحرارة.

(٣) فى بيان الشاهد على كون المقام ليس من الاعتبارات المحضة بل مما له واقعية محفوظة.

(٤) كحجية الخبر الواحد والاجماع وظواهر الكتاب وامثال ذلك.

(٥) كمقدمة الواجب والنهى فى العبادات والمعاملات واجتماع الامر والنهى والمفهوم ونحوها.

(٦) كسائر الامور الاعتبارية المحضة التى يرتفع الاعتبار بمجرد رفع اليد عنه المعتبر.

(٧) مع ان هذه القواعد الخاصة المعبر عنها بالفنون بواقعيتها محفوظة ولا يتبع لحاظ الجاعل اصلا.

٩٦

وهذا مما يابى عنه العقل السليم والذوق المستقيم ـ فان قلت (١) ان ذلك (٢) انما يلزم لو كانت اعتباريّتها (٣) تابع اعتبار اىّ شخص كان واما لو قيل بانها تابع اعتبار معتبر خاص فلا شبهة ح فى انّ نظر غيرهم بالنسبة اليها طريق صرف بلا موضوعيّة له الا نظر شخص الجاعل وح لا يلزم ما ذكرت من التالى من انعدام الفنون بالغفلة عنها ـ قلت ان كان الغرض من اعتبار الغير الخاص حدوث اعتباره محضا (٤) فلا شبهة فى انعدامه خصوصا بفناء معتبره فلازمه عدم بقاء الامر الاعتبارى اذ هو تابع اعتباره حدوثا وبقاء فلازمه ح عدم تصور بقاء للفنون حتى مع التفات غير المعتبر فضلا عن غفلته (٥) وهذا المعنى (٦) اشدّ (٧) محذورا فى باب الفنون الأبديّة بدية الغير المنسوخة (٨) وان كان الغرض اعتبار المعتبر بنحو يبقى اعتباره الموجب لبقاء

______________________________________________________

(١) وملخصه انه ينعدم الاعتبار ان كان الاعتبار بيد اىّ شخص من الاشخاص فبانعدامه او رفع اليد عنه او الغفلة عنه ينعدم ذلك الامر الاعتبارى المحض ويكون لحاظه واسطة فى الثبوت. واما لو كان الاعتبار من معتبر خاص وهو الجاعل ونظر الغير ولحاظه طريق الى ذلك الاعتبار فلا ينعدم الاعتبار بغفلة الغير عن هذا اللحاظ او اعتبار عدمه لكونه طريق محض والموضوعية لنفس نظر الجاعل الخاص.

(٢) اى انعدام الاعتبار والفنون.

(٣) اى الملازمة.

(٤) بان كان لحاظ المعتبر علّة لثبوت الاضافة والنسبة.

(٥) وملخصه وقد تقدم ان الغرض من اعتبار المعتبر والجاعل الخاص على نحوين تارة يكون غرضه هو حدوث الاعتبار المحض ـ واخرى يكون غرضه هو ببقائه فى موطنه بحيث يكون اللحاظ طريقا الى ذلك الامر الواقعى المحقق فى موطنه فان كان على النحو الاول فينعدم بانعدام معتبره ولا اثر لالتفات غير معتبره فضلا عن غفلته. وان كان على النحو الثانى فلا محال يكون الجعل والاعتبار موجبا لاحداث نحو اختصاص وعلاقة بين اللفظ والمعنى ومتحقق فى موطنه من الذهن والخارج ما دام يكون الجعل مقتضيا له سواء بقى المعتبر ام انعدم.

(٦) من كونها من الاعتباريات المحضة.

(٧) اما الاشدية فلاجل انها غير قابلة للتغيير فكيف يكون من الاعتباريات المحضة ويكون تابعا لاعتبار المعتبر.

(٨) ولعله يريد بذلك جملة من علوم الفلسفة من الرياضيات والهندسة بل الالهيات

٩٧

الامر الاعتبارى فنقول كيف يتصور ذلك مع فناء المعتبر (١) وح لا يتصور البقاء فى الامور الجعلية إلّا بدعوى صيرورة الجعل منشأ لاحداث نحو اختصاص وملازمة بين الطرفين باقية ما دام اقتضاء الجعل له نظير سائر الملازمات الذاتية (٢) ومرجع ذلك الى الالتزام بنحو من الواقعية التى اشرنا اليها آنفا فراجع. وعليه فلا غرو بدعوى (٣) ان لامثال هذه النسبة نحو شباهة بالاعتبارات المحضة حيث لا يوجب (٤) تغيير صورة بين الطرفين لا خارجا ولا ذهنا بل هى (٥) بنفسها ذهنيّة وخارجية ولها (٦) ايضا نحو شباهة بالاضافات المقولية والنسب الخارجية حيث ان لها واقعية بحيث يكون قابلا للالتفات اليها تارة والغفلة اخرى (٧) ولئن شئت قلت ان مثل هذه الاعتبارات بل وانحاء الملازمات الخارجية (٨) نحو اعتبار وسيط بين الاعتباريات المحضة المنقطعة بانقطاع الاعتبار وبين النسب الخارجية المحدثة لانحاء من الهيئة لطرفيها (٩) كما لا يخفى ـ بقى هنا دفع سهم آخر لعلك تقول ايضا (١٠) ان لازم واقعية هذه الامور الجعلية عدم اختلاف احد فى اعتبارها

______________________________________________________

ايضا ونحوها وذلك كالتسلسل والدور ونحوهما مما هو مستحيل الى الأبد وكشريك البارى او يراد علم الاحكام باعتبار لفظ غير المنسوخة وهو بعيد.

(١) لانه بفناء المعتبر ينعدم الاعتبار كالاسكناس الموجود فى هذا الزمان.

(٢) كالملازمة بين النار والحرارة.

(٣) وهو على ما تقدم واسطة بين الامور الاعتبارية المحضة والاضافات المقولية.

(٤) هذه النسبة والملازمة.

(٥) اى النسبة بنفسها محققه وذهنيّتها وخارجيّتها تابعة للطرفين.

(٦) اى لهذه الملازمة والنسبة.

(٧) كما فى التعمم والتقمص والفوقيّة والتحتية ونحوها.

(٨) كالملازمة بين الاربعة والزوجية.

(٩) وذلك كالفوقية والتحتية ونحوهما فان لزيد مع السقف الذى يكون فوقه هيئة خاصه مباينة لهيئته مع الارض التى تكون تحته.

(١٠) لعله اشارة الى ما افاده المحقق الاصفهانى قدس‌سره قال فى نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٣ ، ومما يشهد لما ذكرنا من عدم كون الاختصاص معنى مقوليا ان المقولات امور

٩٨

بمحض جعل جاعل مع انا نرى اختلافهم وربما لا يعتبر بعضهم الاختصاص المعهود مع التفاته بجعل غيره كما ترى مخالفة الشارع مع العرف فى اعتبار الملكية بل وترى الاختلاف بين اهل العرف فى ذلك (١) قلت ذلك كله لو لا رجوع اختلافهم الى صحة الجعل ومنشئه (٢) والّا (٣) فمرجع اختلافهم الى تخطئة بعضهم

______________________________________________________

واقعية لا تختلف باختلاف الانظار ولا تتفاوت بتفاوت الاعتبار مع انه لا يرتاب احد فى ان طائفة يرون الارتباط بين لفظ خاص ومعنى مخصوص ولا يرونه بينهما طائفة اخرى بل يرونه بين لفظ آخر وذلك المعنى انتهى مثلا ترى العرب الربط الوضعى بينه وبين المعنى المعروف ولكن لا يرى ذلك الربط غيرهم فتستكشف من هذا ان الربط الوضعى ليس امرا واقعيا بل هو امر اعتبارى قائم بنفس المعتبر.

(١) فان المحقق الاصفهانى قدس‌سره يرى الملكية والاختصاص من سنخ واحد قال فى ج ١ ، من النهاية ، ص ١٣ ، فكذا الملكية والاختصاص فان مفهومهما من المفاهيم الاضافية المتشابهة الاطراف ـ الى ان قال ـ فالتحقيق فى امثال هذه المفاهيم انها غير موجودة فى المقام واشباهه لوجودها الحقيقى بل بوجودها الاعتبارى بمعنى ان الشارع او العرف او طائفة خاصة يعتبرون هذا المعنى لشيء او بشخص لمصلحة دعتهم الى ذلك ـ الى ان قال ـ فالموجب والقابل مثلا مالكان والعوضان مملوكان فى عالم اعتبار الشارع او العرف لا فى الخارج مع قطع النظر عن اعتبارهما انتهى فالملكية عليه نحو من انحاء الاعتبار تختلف فيه الانظار.

(٢) اى اختلاف الانظار لو لم يرجع الى صحة الجعل بل يرجع الى الاختلاف فى نفس الملازمة لاختلاف الطوائف فتتم المناقشة مضافا الى انه عليه ايضا لا اختلاف فى الانظار لما تقدم من ان الملازمة الوضعية فى اى لغة كانت فانه بعد العلم بتحققها فى تلك اللغة يذعن بوجودها حتى من لم يكن من اهل تلك اللغة وتؤثر اثرها فى نفسه كما تؤثر فى نفس من هو من اهلها مثلا اذا علم غير العربى بان لفظ الماء موضوع عند العرب لهذا المعنى المعروف فقد علم بتحقق الملازمة الوضعية بينهما لهذا اذا سمع هذا اللفظ او حضر فى ذهنه بسبب آخر تؤثر تلك الملازمة فى نفسه باحضار معناه فى ذهنه فتكون الملازمة الوضعية واقعية بعد اعتبار المعتبر وكذا الملكية بعد اعتبار المعتبر كون شيء خاص سببا لها يكون لها نحو وجود وتقرر فى الواقع.

(٣) اى لو فرضنا اختلاف الانظار يرجع الى صحة الجعل وما هو المنشا لاعتبار الملكية واسبابها لا فيها نفسها مثلا العرف العام يرى فى البيع الربوى مصلحة تقتضى اعتباره

٩٩

بعضا فى المنشأ بملاحظة عدم ما يرى غيره منشأ بمنشإ ـ والى ذلك (١) ايضا يرجع امر اختلاف العرف والشرع فى اعتبار الملكية (٢) وهذا المقدار (٣) لا يقتضى نفى الواقعية لها عند واقعية منشئه وصحته وهل ترى احد (٤) يعتبر عدم الاختصاص واقعا بين اللفظ والمعنى فى فرض كون المنشأ كثرة الاستعمال ولو كان اعتباريا محضا لزم امكان اعتبار خلاف الاختصاص حتى مع كثرة الاستعمال وهو كما ترى (٥)

______________________________________________________

سببا لتملك الزيادة الربوية بهذا النحو من البيع فاعتبره سببا لذلك ولكن الشرع المقدس لكونه ابصر بالمصالح والمفاسد لم يعتبر ذلك بالبيع سببا لتملك الزيادة الربوية فيكون الشرع فى نهيه عن المعاملة بالبيع الربوى قد اظهر خطا العرف فى ما يراه من المصلحة فى البيع الربوى وفى الوضع ايضا يرى هذه الطائفة كثرة الاستعمال لا يوجب الوضع فيخطئون من يراه موضوعا بذلك ولا مانع منه.

(١) اى الى تخطئة الشرع للعرف فى صحة الجعل والمنشا.

(٢) وقد عرفت ان بيع الربوى يعتبر عند العرف سببا للتملك دون الشرع فيرى خطاء العرف فى ذلك.

(٣) من الاختلاف لا ينافى تقررها النفس الامرى فى الوعاء المناسب لها عند حصول اسبابها فى فرض التوافق على منشئية المنشا لصحة الجعل ولا يكون اختلاف بينهم فى اعتبار الملكية عند تحقق المنشأ.

(٤) وملخصه لو حصلت الملازمة الوضعية بكثرة الاستعمال فلا محالة تكون لها واقعية محفوظة ينافى ذلك اعتبار خلاف الاختصاص وجدانا.

(٥) فانه خلاف الارتكاز والوجدان ـ لكن يمكن الايراد عليه ان الملكية والزوجية ونحوهما مما اخترعها العرف او الشرع من سنخ المفاهيم وانما يوجد المنشا نحوا من الاعتبار القائم بالطرفين كالمالكية والمملوكية وهذا باق ما دام الطرفين باقيان لانها موضوع له لا شخص المنشا ولا الطبيعة ومن ثم لو كان طرفان من سنخ المفهوم فلا محاله لا ينعدم إلّا باعتبار ما يخالفه مقامه كالاختصاص الناشى من الوضع الحاصل بين طبيعة اللفظ والمعنى وهذا كاعتبار السبعية للمنية فانه اعتبار حاصل بين المفهومين ولذا يبقى مدى الزمان وان لم يبق من اعتبره نعم قد يكون مفاهيم اختراعية متسلسلة متقومة باللحاظ بحيث اذا قطع النظر عنها انعدمت كالنسب والاضافات المترتبة المتسلسلة المنقطعة بانقطاع الاعتبار فقضية زيد

١٠٠