نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

الاوصاف قبل العلم بها اخبار ، وان احتمل فيه معنى آخر ايضا (١)

______________________________________________________

الفرضين يثبت ببركة استصحاب العدم الازلى موضوع المفهوم وهو عدم ماء الكر الذى هو نقيض المنطوق وهو الماء الكر بخلافه فى القيود الواقعة موضوعا للحكم الشرعى الواقعة فى حيز الجمل التامة فلا يجرى استصحاب عدم الازلى فلو شك فى انه كر او ليس بكر فلا يجرى استصحاب عدم كونه كر اقبل ان يوجد وذلك لانه لما لا يكون صقع التقيد فيها عبارة عن صقع ذات الماهية بل كان صقعه صقع موجودية الذات خارجا يلزمه لا محاله عدم صحة استصحاب عدم الوصف المتحقق فى ظرف عدم الموصوف فموضوع الحكم من عدم الانفعال هو الماء المتحقق كونه كرا فى الخارج بعد التقييد بكونه كرا على سبيل النسبة التامة لا الماء من حيث هو كما ان موضوع نقيض هذا الحكم وهو الانفعال هو الماء المتحقق كونه كرا فى الخارج فاستصحاب عدم كون هذا الماء الجارى كرا بلحاظ عدم كونه كذلك قبل وجوده لا يثبت اتصاف الماء المشكوك كونه كرا بعدم الكرية الا على القول بالاصل المثبت.

(١) ولعل المعنى الآخر هو ان الاوصاف قبل العلم بها قد تكون اوصافا ولكن ينزل المخاطب العالم منزلة الجاهل لوجود محائل الجهل كما ان الاخبار بعد العلم بها قد تكون اخبارا كما اذا كان المراد لازم فائدة الخبر هكذا اشار الحسن الچلبى فى حاشية المطول ، ص ١٦٨ ، والمطول ، ص ٣٥٠ واورد على ما سلكه المحقق العراقى من الفرق بين المركبات الناقصة والتامة اولا بان المركبات الناقصة لا تحكى عن النسبة الثابتة الواقعية ان كان مراده من النسبة الثابتة هى الواقعة بحسب نفس الامر كما هو الظاهر من مقابليتها لايقاع النسبة ضرورة ان الحكاية عن الواقع امر تصديقى لا تصورى ، وايضا ان المركبات التامة تحكى عن النسبة الثابتة الواقعية تارة وعن الهوهوية التصديقية اخرى ولا معنى لحكايتها عن ايقاع المتكلم نسبة ذهنية او كلامية ولذا لا ينتقل السامع الا الى الثبوت الواقعى ويكون ايقاع المتكلم مغفولا عنه إلّا باللحاظ الثانى ، وفيه اوّلا انه يرى ان مفاد الهيئة عبارة عن النسبة الكلامية والربط القائم بالمفهومين اى مفهومى زيد والقيام ومداليل الهيئات عبارة عن النسب والروابط الذهنية القائمة بالمفاهيم مع كونه حاكية وكاشفة عنها لا موجدة وثانيا انه مر مرارا انه كما فى الاضافات الخارجية كوضع حجر على حجر يتصور حيثيتان حيثية ايقاع النسبة وخروجها من العدم الى الوجود وحيثية وقوع النسبة وثبوتها كذلك يتصور فى النسب والروابط الذهنية بين المفاهيم فتارة يتصور من حيث ايقاعها وصدورها واخرى يتصور من حيث وقوعها وثبوتها فارغا عن ايقاعها وبالجملة ان القضايا فى الذهن ثلاث. ولو ان فى الخارج لا تركب اصلا كما فى الله موجود فلا نسبة اصلا واما زيد قائم فى الخارج النسبة

٢٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

موجود وجعل الهوهوية اصطلاح لا يغير الواقع عما هو عليه فكيف بمثل زيد فى الدار فى الخارج وامثال ذلك من الاضافات ويمكن ان يقال بتعبير آخر ان الهيئات فى الجمل الناقصة موضوعة للنسب التحليلية اى ما بازائها وجود ذهنى واحد كما فى الخارج والنسبة جزء تحليلى للمركب التحليلى الموجود بذلك الوجود فى صقع الذهن وهذا ليس نسبة حقيقية خارجية وواقعية لاتحادهما اى الصفة والموصوف فى الخارج كالرجل العالم وانما النسبة الخارجية حتى فى الحمل الشائع الصناعى وهو الكلى والفرد بين الرجل والعلم لا الرجل والعالم وانما هى نسبة فى صقع الذهن فالذهن فى مجال تصور الواقعة يحولها بطرفيها الى مفهوم واحد مركب تركبا تحليليا بحيث تكون النسبة المذكورة تحليلية فى هذا المفهوم ويكون هى الجملة الناقصة ، والفرق بين التامة والناقصة تنشأ عن تحليلية النسبة وواقعيتها لان النسبة اذا كانت تحليلية فمعناه انه لا يوجب فى الذهن الا مفهوما افراديا ينتظر فى حقه طرفا للارتباط فلا يصح السكوت عليه واما اذا كانت واقعية فمنعناه احتواء الذهن كلا من النسبة والمنتسبين فيكون تامة وكل نسبة يكون موطنها الاصلى هو الخارج اى نسبة خارجيته فهى نسبة تحليلية فى الذهن كالجمل الناقصة وكل نسبة يكون موطنها الاصلى الذهن فهى نسبة ذهنية واقعية ولذا لا يجرى اعتراض استادنا الخوئى بعدم تعقل الفرق بين الجمل الناقصة والتامة فى ما فرض انهما موضوعات للنسبة اذ ليست النسبة من الامور القابلة للقلة والكثرة او التمامية والنقصان فمنشأ الفرق ان تكون الجمل التامة موضوعا لقصد الحكاية عن وقوع تلك النسبة ليكون مطلبا تصديقيا يصح السكوت عليه وقد عرفت الجواب عنه واورد ثانيا ان تأخر الوقوع عن الايقاع انما هو فى ما اذا كان الاول معلول الثانى وليست النسبة فى الجمل الناقصة معلولة لايقاع النسبة فى التامة فلا وجه للتأخر مع فقد مناطه ، وفيه قد عرفت تفرع وقوع الشيء وثبوته على ايقاعه دائما ويكون ترتب عقلى بينهما فان ذكر الهيئة فى الجمل التامة بعنوان الموقعية لنسب ذهنية بخلاف المركبات التقييدية حيث كان من ذكر اللفظ ولحاظ معنى مفروغ التحقق فى الذهن والاول علة للثانى ، وبالجملة ليسا من الامور الحقيقية حتى يقال يلزم ان يكون ترتب العلية والمعلولية بل مجرد الاعتبار ان الوقوع مترتب على الايقاع كما لا يخفى واورد ثالثا هذا اذا كان المراد من النسبة الثابتة هى النفس الامرية واما اذا كان المراد منها هى النسبة اللفظية فلا ريب فى كونها فى الجملتين بايقاع المتكلم بوجه استجرارى تبعا للاخبار عن الواقع على ما هو عليه فى الجمل الاخبارية المشتملة على النسبة لا كما ذكره من المتكلم يرى الموضوع عاريا عن النسبة فيوقعها ضرورة

٢٠٢

و (١) بالجملة (٢) نقول بعد امتياز الجمل التامة من المركبات الناقصة تخرج الناقصة

______________________________________________________

ان المتكلم حين التكلم لا يتوجه الى كلامه استقلالا ولا ينظر الى خلوه عن النسبة ، وفيه ان المتكلم يلاحظ فى الذهن لا محاله المفهومين والنسبة ثم يبرز باللفظ والكلام فتارة يلاحظ المفهوم عاريا عن النسبة فيوقعها واخرى منسوبا وانما يكون تمام نظره الى الخارج باعتبار ان محكية هو الخارج لكن الخارج بتوسط الصورة الذهنية لا بلا واسطة والصورة الذهنية كذلك كما هو واضح وذهب استادنا الخوئى الى انه وضع هيئات الجمل الناقصة للتحصص والتضيق فى المفاهيم الاسمية كما مر فى الحروف وقد عرفت ان التحصص لا يكون إلّا فى طول نسبة بين المفهومين فلا بد من دال آخر وليس إلّا الهيئة فى الجملة الناقصة ، وربما يورد على المحقق العراقى من اجل الفرق بين الهيئة الناقصة والتامة ـ ان اريد ايقاع النسبة ايجادها التصورى فى الذهن ومن ثبوتها وجودها التصورى كذلك فيكون الفرق ان الجملة الناقصة موضوعة لافادة الوجود والتمامية لافادة الايجاد ـ فيرد عليه ان الوجود التصورى والايجاد كليهما ليسا دخيلين فى مدلول الجملة بل مدلولهما ذات المعنى فى نفسه بلا اخذ الوجود فيه فلا بد من تصوير فرق ذاتى النسبة فى انفسهما ، وان اريد بايقاع النسبة كونها موجودة فى صقع الذهن حقيقة وبالنسبة الثابتة كونها موجودة ضمنا وفيه انه على كل منهما مدلولهما المعنى لكن هذا المعنى موجود وذلك معنى ايقاعى واثباتى ويكون شبيه التصور فلا محذور وفيه ان هذا هو المراد من الفرق عند التحقيق لا الاول ولا ايراد اصلا.

(١) الامر الخامس فى بيان الجمل الانشائية والاخبارية وموردهما وبيان الفرق بينهما ، وثمرته فى الفقه كثيرة جدا ذكر الفقهاء يجوز انشاء الايجاب بلفظ اشتريت وبعت وملكت وانشاء القبول بمثل شريت وتملكت ونحوهما وقال فى العروة يشترط قصد الانشاء فى اجراء الصيغة قال عليه‌السلام ان يقول لها وهى طاهرة من غير جماع انت طالق ، وقال «ع» فيقول ابيعك سكناى ، وقال «ع» ابيعك هذا الغنم وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله زوجتكها على ما تحسن من القرآن ، واتزوجك على كتاب الله وسنة نبيّه وغير ذلك موارد الانشاءات وكذا الاخبار عنه «ع» رجل اشترى جارية ، رجل باع ثوبا بعشرة الى غير ذلك فقصد الانشاء الذى يعتبرونه فى صحة العقد لا بد من ان يفهم معناه.

(٢) فى بيان ان الجمل الانشائية والاخبارية هل تختصان بالجمل التركيبية التامة ام يعمان الجمل الناقصة ايضا فاختار المحقق الماتن قدس‌سره الاول وملخصه ان الاخبار والانشاء يطريان لما يصح السكوت عليه وهى الجمل التامة فالجمل الناقصة لا تتصف بالاخبارية فلا محاله لا تتصف بالانشائية لاجل عدم انفكاكهما فى الجرى على الموضوع كما

٢٠٣

عن التقسيم بالانشائية والاخبارية كيف وهو من شئون الجمل وإلّا فالمركبات الناقصة غير صالحة للاخبارية فلا يصلح للانشائية ايضا اذا العنوانان طاريان على ما يصح السكوت عليه وما هذا شانه ليس إلّا الجمل التامة ، و (١) بعد ذا نقول فى مقدار دلالة الكلام على إيقاعية النسبة جهة مشتركة بين الاخبار والانشاء (٢) فامتيازهما (٣) لا بد وان يكون بجهة زائدة عن هذا المقدار (٤) فقد يتوهم (٥) ح ان الفارق بينهما هو قصد الحكاية عن الواقع او قصد موجديته لمضمونه وفيه (٦) ان جهة الموجدية مأخوذة فى اطواره (٧)

______________________________________________________

هو واضح وعلى ذلك اهل الادب كما فى المطول فراجع.

(١) فى بيان الفرق بين الجمل الخبرية والانشائية وما به الاشتراك بينهما وما به الامتياز فيهما.

(٢) هذا هو جهة الاشتراك بينهما وهى النسبة الايقاعية كما مر مرارا.

(٣) اما الفرق بين الانشاء والاخبار بوجوه.

(٤) ثم انه قد يتكلم فى الالفاظ الصالحة للامرين واخرى ما كان متمحضا فى احدهما من الاخبار والانشاء والكلام ح فى ما كان صالحا للانشاء والاخبار كاطلب وبعت وزوجت مما تصلح ان تكون اخبارا تارة وانشاء اخرى.

(٥) هذا هو الفارق الاول والمتوهم صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ١٦ ، قال ثم لا يبعد ان يكون الاختلاف فى الخبر والانشاء ايضا كذلك ـ فيكون الخبر موضوعا ليستعمل فى حكاية ثبوت معناه فى موطنه والانشاء ليستعمل فى قصد تحققه وثبوته انتهى فالفارق قصد المستعمل فى مقام الاستعمال الحكاية لها عن نسبة ثابتة خارجية يكون اخبارا وان قصد بها موجديتها للمبدا تكون انشاء فكان تمام الميز هو قصد الحكاية والتحقق كما هو واضح وانما تستعمل فى معنى واحد مادة فى طبيعى المعنى الكذائى ومادة فى نسبة ـ ايجاد المادة الى المتكلم فى كلا المقامين.

(٦) هذا هو الجواب عن التوهم وملخصه ان قصد الموجدية والتحقق غير دخيل فى الانشاء كما ان قصد الحكاية غير دخيل فى الاخبار وإلّا يلزم تعلق القصد بالقصد وهو باطل جزما لكونه خلاف الوجدان فى الانشاءات الجدية الحقيقية كما هو واضح واليك تفصيل ذلك.

(٧) اى لا مدخلية لقصد الموجدية فى انشائية الانشاء بل هو من الطوارى للانشاء الخارجة عما به قوام انشائية الانشاء ولذلك ترى صدق الانشاء حقيقة فى الانشاءات الهزلية

٢٠٤

لا فى نفسه (١) كيف (٢) وفى صورة الجد بانشائه (٣) لا بد من قصد موجدية الانشاء لمضمونه (٤) ولو كان هذا القصد واللحاظ مأخوذا فى قوام الانشائية ايضا للزم لحاظ الموجدية مرتين (٥) ولو فى طول الآخر وهو خلاف الوجدان (٦) فلا

______________________________________________________

فى مثل قولك ملكتك السماء ونحوه مع انتفاء قصد الموجدية فيها فان صدق ذلك كاشف عن ان ما به تحقق الانشاء الكلامى غير القصد المزبور وان قصد الموجدية كقصد الهزلية من الدواعى للانشاء الخارجة عما به قوام انشائية الانشاء.

(١) اى لم يؤخذ فى نفس الانشاء وقوامه.

(٢) لواحد فى قوام نفس الانشاء.

(٣) وكان فى فرض قصد الجد بايجاد المبدا فى الخارج وفى الوعاء المناسب له.

(٤) كما هو المفروض اخذه فى مفهوم الانشاء.

(٥) فيكون المتحقق هناك قصدين طوليين احدهما ما به قوام تحقق الانشاء وثانيهما قصد الجد بالايجاد بالانشاء الكلامى.

(٦) من ان الانشاء له قصد موجدية واحدة وحاصل الكلام ان الانشاء لو كان متقوما بقصد الايجاد وكذا الاخبار متقوما بقصد الحكاية لزم تعلق القصد بالقصد فى مقام الانشاء او الاخبار لان الانشاء يكون واسطة فى ثبوت المعنى فى الخارج فاذا اراد الانسان ايجاد البيع مثلا فى الخارج توسل لايجاده بالانشاء فيتوجه قصده الى انشائه وبما ان الانشاء الذى هو واسطة فى ثبوت البيع فى الخارج متقوم بقصد الايجاد يلزم تعلق القصد بالقصد المقوم للانشاء وكذا الكلام فى الاخبار وهو خلاف الوجدان والبرهان لعدم تحقق اكثر من قصد واحد فى مقام الانشاء او الاخبار وجدانا ولاستحالة تعلق الارادة بمثلها فى الاعمال الاختيارية هذا اولا وثانيا يلزم ان يكون الكلام الذى لم يقصد به احد الامرين ليس بانشاء ولا خبر وهو خلاف ما عليه اهل الادب من انحصار الكلام الذى يصح السكوت عليه فى الانشاء والخبر وبهذا يرون كلام الهازل او الساخر انشاء فى ما لو صدر منه بنحو الانشاء وخبرا فى ما لو صدر منه بنحو الاخبار مع انه لم يقصد كل منهما ايجادا ولا حكاية فى كل من القولين ، ان قلت ليس المراد اخذ الارادة فى المعنى الموضوع له والمستعمل فيه بل الموضوع له على ما هو عليه من الاطلاق والسعة من دون تقييده بقصد الحكاية والايجاد بل هى مأخوذة فى العلقة الوضعية بمعنى انها تقيدت فى الانشاء بقصد الايجاد فى مقام الاستعمال وبقصد الحكاية فى الاخبار ، قلت ان اعتباره فى العلقة الوضعية اى الواضع تصور حين وضعه والموضوع له مطلق فاىّ اثر لتقييد الموضوع له ، وان كان بعنوان اشتراط الواضع بان لا

٢٠٥

محيص من تعرية الانشاء عن قصد الموجدية وح (١) فالفارق يكون بكيفية الملحوظ فى محكى كل منهما (٢) من انه (٣) تارة يحكى بالكلام المستعمل فى معناه عن مبدإ ثابت فارغا عن ثبوته (٤) واخرى يحكى عن ايقاع المبدا (٥)

______________________________________________________

يستعمل الانشاء الا فى كذا فيرجع محذور الاشتراط المتقدم فعلى اى ما ذكره لا يتم ، نعم تقدم انه يمكن بالقضية الحينية انه حين يقصد ايجاد المعنى فيصدر منه هذا اللفظ فى مقام الانشاء وحين يقصد الحكاية فيلقى هذا اللفظ فى مقام الاخبار فهذا لا باس به ، لكن هذا خلاف الوجدان من عدم كون مفهوم الجملات الانشائية والاخبارية كون القصد جزء الموضوع يبقى الاشكال الاول بحاله ، ومجرد كون الجملة التامة هو الكلام المفيد الذى يصح السكوت عليه لا يرفع الاشكال كما عرفت.

(١) الفرق الثانى بين الاخبار والانشاء وهو الذى عليه المحقق الماتن العراقى قدس‌سره.

(٢) فالفرق بينهما من جهة المحكى لا الحاكى وذلك لان كل جملة يكون لها محكى عنه بالذات ومحكى عنه بالعرض ، اما المحكى عنه بالذات فهو نفس المفهوم الذى تتصوره النفس عند تصور الجملة الحاكية واما المحكى عنه بالعرض فهو نفس الخارج الذى يفنى المتكلم بتلك الجملة مفهومها فيه وإلّا كان قاصد النفس النطق والتلفظ غير قاصد للكشف به عن معنى ما فى الخارج ومثل هذا الكلام لا يوصف بالانشاء ولا بالاخبار وانما يوصف بهما الكلام الذى قصد المتكلم افناء مفهومه فى المحكى عنه بالعرض فالخبر والانشاء يشتركان فى هذا القدر من الحكاية والمحكى عنه وانما يفترقان فى ما يذكره الماتن قدس‌سره.

(٣) اى المحكى.

(٤) وتوضيحه ان المحكى عنه بالعرض فى الخبر فى مثل بعث وانت حرّ الطبيعى المنطبق على امر جزئى خارجى مفروغ الوجود موضوعا كان او محمولا او نسبة يريد المتكلم بكلامه الكشف عنه واعلام السامع به ولو بتعدد الدال والمدلول ولذا يقولون ان الخبر ما كان لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه فالمحكى وقوع النسبة وثبوتها.

(٥) اى خروجها من العدم الى الوجود وبعبارة واضحة ان الانشاء يحكى بهيئة ومادة المسند فيه عن طبيعى النسبة وطبيعى المسند الحاكيات عن ايقاع المادة ونسبتها غير المفروغ وقوعهما بل يرى وجودهما معلولين لنفس هذا الانشاء فمثل بعت فى مقام انشاء البيع يحكى عن ايقاع البيع ونسبته الى فاعله فى الخارج فوجود البيع الجزئى ونسبته الجزئية فى الخارج نتيجة الانشاء المزبور.

٢٠٦

الملازم لعدم وجود نسبة خارجية تطابقه النسبة الكلامية او لا تطابق (١) بخلاف الصورة السابقة اذ لنسبة الكلام خارج تطابقه او لا تطابقه ، ثم (٢) انه بعد اتصاف الكلام بهذا اللحاظ (٣) بالانشائية لو انضم اليه جهة الجدية يتصف بالموجدية ايضا (٤) وإلّا (٥) تبقى على صرف انشائية المحفوظ مع الهزل تارة ومع السخرية اخرى ، كما (٦) ان الاخبار ايضا ان انضم اليه الجد بالحكاية يتصف بصفة المبرزية للواقع وإلّا (٧) فلا يكون مبرزا ويبقى على صرف اخباريته المجتمع مع الهزل والسخرية وغيرهما ، ثم (٨) ان الانشاء فى غاية خفة المئونة كالاخبار كلما يصح الاخبار به

______________________________________________________

(١) ولاجل ذلك لا تكون للانشاء نسبة فى الخارج يصلح لان يطابقهما او لا يطابقهما لان المحكى عنه بالعرض فى الانشاء هو ايقاع المادة والنسبة غير المفروغ وقوعهما ، فتحصل ان المحكى بالعرض كما تقدم وهو الخارج الذى يكون مطابقا لهما فى الاخبارى يكون مفروغ الوجود فى الخارج ولكن فى الانشائى يراد ايجاده بواسطة نفس الانشاء وهذا هو المراد من كون الفرق بينهما فى المحكى فانه بمقتضى الارتكاز والوجدان على ما عرفت ولذا اذا استعمل المستعمل الجملة فى ايقاع نسبة كلامية حاكيا بها عن الواقع الثابت تكون الجملة اخبارية واذا استعملها حاكيا عن نسبة ايقاعية يوقعها المستعمل فى وعائها المناسب لها كانت الجملة انشائية كما هو واضح ، وهذه النسبة موجودة فى الذهن بوجود الطرفين تبعا ، كما هو موجود كذلك فى الخارج لا انه يتصور كل طرف مستقلا ثم تتصور النسبة فيقال كيف يمكن الربط بين المتغايرين.

(٢) فى بيان ان الانشاء كالاخبار لم يوجد فى قوامه الجد حتى لا يكون موجدا فى الاول ولا حاكيا فى الثانى إلّا اذا كان بداع الجدّ.

(٣) اى الحكاية عن نسبة ايقاعية يوقعها المستعمل.

(٤) فان الداعى لابراز هذا الانشاء تارة يكون الجد فلا محاله يتحقق ويوجد المنشأ.

(٥) اى وان لم يكن على وجه الجدية وهو القسم الثانى بان يكون بداع الهزل او السخرية او بلا قصد فلا محاله لا يتحقق معه شيء كما هو واضح.

(٦) ومثل ذلك يتصور فى الاخبار ايضا فانه ربما يكون بداع الجد فيكون مبرزا وكاشفا عن الواقع وان لم يكن كذلك بل بداع الهزل وامثاله فلا يكون مبرزا اصلا.

(٧) اى وان لم ينضم اليه الجد.

(٨) ثم قام فى بيان ان الانشاء والاخبار خفيف المئونة ففى الالفاظ المشتركة كلما

٢٠٧

يصح انشائه نعم (١) فى اتصافه بالموجدية تحتاج الى قابلية ترتب مضمونه بانشائه وهذه الجهة انما يتصور فى الامور الاعتبارية لا فى سائر الامور من الجواهر والاعراض ففى مثلها يستحيل اتصاف انشائها بالموجدية (٢) ومن (٣) هذه الجهة (٤) ربما يفرق (٥) بين الانشاء بمادة الطلب وبين الإنشاءات فى ابواب المعاملات حيث

______________________________________________________

يصح الاخبار به يصح انشائه كلفظ بعت وامثاله ، لكن فى مقام الاثبات طبع مثل هذه الجمل كان على الحكاية عن واقع ثابت فيحتاج فى احراز كونها إنشاء من قيام قرينة فى البين يوجب صرفها عن الاخبار والحكاية عن الواقع الثابت وإلّا فطبعها كان على الاخبار.

(١) فبعد ما كان الانشاء والاخبار خفيفا المئونة فيمكن انشاء كل شيء والاخبار عنه لكن الكلام فى الموجدية فى الانشاء ومن المعلوم ان المفاهيم على قسمين حقيقى واعتبارى ذكر قدس‌سره انه لو كان بداعى الجد لا يتحقق الموجدية به الا فى ما كان قابلا لايجاد مضمونه وانما ذلك فى الامور الاعتبارية كالملكية وامثالها اما فى الامور الحقيقية فغير قابل للتحقق بالانشاء فلا يترتب عليه مثلا الف مرة ينشا رفع جوعه فلا يترتب عليه الشبع وهكذا والوجه فى ذلك انه لا يقبل ورود الانشاء عليه بلا ريب بل وجوده تابع لوجود علته سواء كان جوهرا ام عرضا وكذا ما كان من الاضافات التى تكون لطرفيها هيئة كالفوقية والتحتية فانه لا يتوهم كونه موردا للانشاء بل اعتباره من منشأ معين يخصه.

(٢) لان الامور الحقيقية انما تتحقق بالامور التكوينية وعللها لا بالانشاء والكلام وهذا واضح بالوجدان.

(٣) ثم قام قدس‌سره فى بيان الفرق بين انشاء الجمل التى تستعمل فى مقام انشاء المعاملات والايقاعات وبين انشاء الجمل الاخرى التى تستعمل فى معان آخر كالطلب ونحوه.

(٤) اى من ان اتصاف الانشاء بالموجدية انما يكون فى الامور الاعتبارية لا غيره وهو ما كان قابلا لترتب مضمونه عليه.

(٥) قد عرفت انه فى بيان الانشاء بالجمل كالمعاملات وقصد به الجد وبين انشاء نحو الطلب ان قصد به الجد ان الانشاء فى ابواب المعاملات يختلف مع الانشاء بالطلب ونحوه حيث ان الانشاء فى ابواب المعاملات بقصد الجد بترتب عليه الموجدية وهو الامر الاعتبارى من الملكية ونحوها وهذا بخلاف الانشاء بمادة الطلب ونحوها مما يستعمل فى معان اخرى فلا يترتب على انشائها ذلك الاثر نعم ينتزع بعد انشائها وستعرف ايضا.

٢٠٨

ان مضامينها (١) لما كان بحقائقها (٢) من الاعتبارات فصلح ترتبها (٣) بانشائها (٤) فيصح الجدّ بانشائها (٥) فى مقام ايجادها (٦) فيتصف هذا الانشاء بصفة الموجدية (٧) ويكون من وسائط الثبوت لها (٨) وهذا بخلاف الانشاء فى الطلب (٩) اذ الطلب سواء كان عين الارادة (١٠) او التحريك الناشى منها (١١) غير صالحة (١٢) لان يترتب بالانشاء بلا واسطة اما الاول (١٣)

______________________________________________________

(١) اى الملكية فى المعاملات.

(٢) اى حقائق تلك المضامين وهى الملكية.

(٣) اى ترتب المضامين من الملكية ونحوها.

(٤) اى انشاء تلك المعاملات عن جد.

(٥) اى انشاء تلك المعاملات.

(٦) اى ايجاد تلك المضامين.

(٧) لان تلك الامور الاعتبارية يتحقق بنفس الانشاء ان كان على وجه الجد ولا يتوقف على شيء آخر.

(٨) اى يكون تلك الانشاءات من علل ثبوت هذه الامور الاعتبارية فان تحققت تلك الانشاءات فلا محاله يعتبر المعتبر هذه الامور الاعتبارية فيكون علة لتحققها كما لا يخفى فيكون لوجودها الانشائى اثر فى نظر الشرع او العرف لا يمكن التوصل الى ذلك الاثر إلّا بانشاء تلك الجمل.

(٩) اما الانشاء بالطلب وغيره فانه لا يترتب على انشائها نحو ذلك الاثر وانما يترتب على انشائها ثبوتا انتزاع عناوين لا يمكن انتزاعها الا بعد انشائها مثلا طبيعة الامر اذا استعملت فى معناها دلت اثباتا على ارادة المتكلم لصدور طبيعى مادتها من المامور وح ينتزع منها عنوان البعث والطلب والوجوب الى غير ذلك من العناوين المتوقف انتزاعها على ثبوت صيغة الامر فى الخارج بهذا النحو من الثبوت.

(١٠) فيكون الاحكام ارادات مبرزة كما عليه المحققين قدس‌سره.

(١١) كما عليه بعضهم من انها مجعولات وهو محرك للمكلف بعد تمامية شرائطه.

(١٢) اى على كلا التقديرين لا يترتب على الانشاء بلا واسطة كترتب الملكية على بعث الانشائى.

(١٣) اى ما كان الطلب عين الإرادة.

٢٠٩

فواضح (١) واما الثانى (٢) فلان التحريك (٣) ناش عن ابراز الارادة بانشائه (٤) فالطلب الذى هو مضمون انشائه (٥) ما نشاء (٦) عن انشاء هذا المضمون (٧) بل انما نشاء من مبرزيته لمضمون آخر (٨) ومن هذه الجهة (٩) قلنا بان الانشاء فى باب الاحكام التكليفية (١٠) ليس إلّا من وسائط اثبات الإرادة (١١) المترتب على هذا الاثبات (١٢) عناوين اعتبارية (١٣) او غائيه (١٤) من الوجوب او البعث او التحريك و

______________________________________________________

(١) لما عرفت من ان صيغه الامر فى الخارج انما تدل اثباتا على ارادة المتكلم لصدور طبيعى مادتها من المامور وينتزع منها ح عنوان الطلب فالطلب مترتب على صيغه الامر المترتب على الإرادة.

(٢) وهو ما كان الطلب هو التحريك الناشى من الإرادة وهو مجعول ايضا ترتب الاثر مع الواسطة سيأتى بيانه.

(٣) فان الطلب والبعث والتحريك وامثالها منتزع عن مبرزية الارادة الكاشف عن اصل الإرادة.

(٤) اى بصيغه الامر.

(٥) المترتب على صيغه الامر.

(٦) اى لم يترتب.

(٧) عن صيغه الامر والطلب بلا واسطة.

(٨) وهو مبرزيته للارادة المنتزع عنها التحريك والطلب وبعبارة واضحة صيغة الامر بهيئتها حاكية عن نحو نسبة بين الفاعل والمبدا وهذه النسبة قائمة بالمفهومين فدلالة هيئة الامر على الطلب ليس إلّا بالالتزام لا بالمطابقة لان الطلب القائم بالنفس اجنبى عن مدلول الهيئة والمادة ، ولذا يقال ان حقيقة الاحكام هى الارادة والكراهة.

(٩) اى من الفرق بين الانشاء فى المعاملات والانشاء بالطلب على ما عرفت.

(١٠) من الوجوب والحرمة.

(١١) فتكون الارادة فى الرتبة السابقة والانشاء مبرز تلك الإرادة وينتزع من ذلك المبرز تلك العناوين فيكون الانشاء واسطة فى اثبات تلك العناوين.

(١٢) فينتزع من هذا المبرز الطلب والتحريك كما عرفت.

(١٣) كالوجوب والحرمة.

(١٤) كالبعث والتحريك فالنتيجة ان الانشاء يكون واسطة فى اثبات تلك العناوين المنتزع عن مبرزها كما عرفت.

٢١٠

امثالها بخلاف الانشاءات فى باب المعاملات فانها (١) من وسائط الثبوت لمضامينها (٢) بلا واسطة نعم (٣) بواسطة ترتب التحريك على مبرزيتها (٤) قد تتصف الانشاءات المزبورة (٥) ايضا بصفة الموجدية لمضمونها من الطلب على فرض كونها غير الإرادة بتوسيط موجداتها (٦) لمضمون آخر من ابراز الارادة (٧) ولكن اين هذا

______________________________________________________

(١) اى الانشاءات فى باب المعاملات.

(٢) اى المعاملات لما عرفت من انه يترتب على هذه الانشاءات هذه الاعتبارات من الملكية ونحوها بلا واسطة.

(٣) ثم يستدرك بانه بما ان التحريك فيترتب على مبرز الارادة فيمكن ان يقال ان الانشاء موجد للطلب بناء على تغاير الطلب والإرادة بتوسيط مبرزها ولكن ذلك غير انشاء المعاملى الموجد للملكية بلا واسطة.

(٤) اى مبرز الارادة.

(٥) اى الانشاء بمادة الطلب ونحوه.

(٦) وهو تلك الانشاءات.

(٧) فتكون تلك الانشاءات المبرزة للارادة بما انه ينتزع منها الطلب وامثاله فيطلق على الانشاءات انها موجدا لها بالعناية وحاصل الكلام ان الطلب اذا كان عين الإرادة فالانشاء لا يكون موجدا له لان الارادة موجودة قبل وجود الانشاء فلا يعقل وجودها سبب انشاء الطلب واما اذا كان الطلب هو التحريك الاعتبارى الناشئ من الإرادة فهذا التحريك يترتب على ابراز الإرادة المتحقق بالانشاء ولا يترتب على نفس الانشاء فالانشاء باعتباره مبرزا للارادة لا باعتبار انشاء موجدا لمضمونه يوجد التحريك الاعتبارى فالانشاء هنا واسطة لاثبات الإرادة التى يترتب عليها التحريك وليس علة له بخلاف الانشاء فى عقد البيع مثلا فان انشاء البيع بنفسه يحقق البيع الاعتبارى فهو العلة المباشرة بلا آية واسطة فى الاثبات. هذا كله فى الفرق الثانى بين الاخبار والإنشاء والفرق الثالث بينهما ما ذهب اليه استادنا الخوئى فى الاجود ص ٢٦ ج ١ ـ الصحيح ان الانشاء حقيقة هو ابراز امر نفسانى باللفظ غير قصد الحكاية فالمتكلم بمقتضى تعهده والتزامه يكون اللفظ الصادر منه مبرزا لاعتبار من الاعتبارات القائمة بنفسه وانه هو الداعى لايجاده فكما ان فى الجملة الخبرية كان اللفظ دالا بالدلالة الوضعية على قصد الحكاية وكان مبرزا له عن الخارج فكذلك الجملة الانشائية تكون دالة على اعتبار خاص ويكون مبرزا فهيئة افعل بمقتضى التعهد المزبور تكون مبرزة لاعتبار الوجوب وكون المادة على عهدة المخاطب فالاخبار والانشاء يشتركان فى تحقق الابراز بهما والفرق بينهما هو ان

٢١١

وموجدية انشاءات المعاملى لمضامينها بلا واسطة كما لا يخفى ثم (١) انه قد تبرز

______________________________________________________

المبرز فى الاخبار حيث انه عبارة عن قصد الحكاية وهو متصف بالصدق او الكذب فالجملة تتصف باحدهما ايضا لا محاله بالتبع وهذا بخلاف المبرز فى الانشاء فانه اعتبار خاص لا تعلق له بوقوع شيء ولا بعدمه فلا معنى للاتصاف بالكذب والصدق من ناحية المدلول وقد عرفت ان الدلالة بما هى كذلك لا تتصف بشيء منهما مطلقا كانت الجملة خبرية او إنشائية ، ويترتب على ما ذكرناه فى بيان الفرق بين الانشاء والاخبار ان الاختلاف بينهما من ناحية الوضع فما هو المعروف من كون المستعمل فيه فيهما واحدا وانما يفترقان من ناحية الدواعى للاستعمال لا يمكن المساعدة عليه مع انه لو كان الامر كذلك لصح استعمال الجملة الاسمية كمعيد صلاته فى مقام الطلب كالجملة الفعلية وهو يعيد صلاته مع انه لا يصح قطعا فيكشف ذلك عن خصوصية خاصه فى الافعال دون غيرها انتهى والاشكال الذى يرد عليه او لا من جعل مفهوم الجملة الخبرية هو ابراز قصد الحكاية عن الواقع ونفس الأمر أعم من الخارج والذهن فى كل وعاء مناسب ثبوت النسبة وعدمها فتعم الواجب والممكن والممتنع والامور الاعتباريّة ، والقصد الحكاية لا يمكن ان يكون جزء الموضوع له لما عرفت من الاشكال فى كلام صاحب الكفاية من تعلق القصد الاستعمال بالقصد ويلزم منه المحال ، ان قلت ان الداعى الى ايجادها ذلك فتكون بنفسها مصداقا للحكاية اقلت عليه لم توضع لابراز قصد الحكاية بل للدلالة على ثبوت النسبة فى الخارج او نفيها عنه ونفس الاخبار والحكاية لا قصدها وهو خلاف ما عليه من الفرق كما هو واضح فقصد الحكاية ليست وضعية بل بملاك الظهورات وقرائن الحال والسياق وثانيا يلزم ان تكون الجملة الأخبارية والإنشائية كلاهما ابراز عن امر نفسانى والفرق بينهما فى ما يتعلق به الابراز ففى الجملة الإنشائية لا تعلق له بالخارج وفى الخبرية امر متعلق بالخارج فان طابقه فصادق وإلّا فكاذب مع ان الانشاء والاخبار والصدق والكذب من صفات الجملة والكلام لا من الامور النفسانية ومبرزها كما هو واضح ، فتحصل ان قصد الحكاية لا يكون اخبارا وهذا هو الذى افاده المحقق الاصفهانى قدس‌سره ج ١ فى النهاية ص ٢١ وهذه النسبة الإيجادية الواقعة بين المضمون اعنى المادة والمتكلم قد يقصد الحكاية عنها وقد لا يقصد الحكاية عنها بل يقصد ثبوتها الخ.

(١) ثم قام قدس‌سره فى بيان الفرق بين الجملة الاختصاصية الإنشائية والاختصاصية الخبرية اما الاول كاضرب وليضرب والثانى كزيد قائم المتمحض فى الأخبارية وملخص الفرق بينهما فى الجملة المختصة بكل واحد منهما فان الجملة المختصة بالانشاء لا تستعمل الا فى ما ليس لنسبته خارج والجملة المختصة بالاخبار لا تستعمل الا فى ما لنسبته خارج بيان

٢١٢

الارادة بواسطة الهيئة (١) كهيئة الامر (٢) او بواسطة الحرف (٣) كلام الامر كقوله اضرب او لتضرب ففى مثلها لا مجال لصيرورة الفعل والجملة أخبارية (٤) والنكتة فيه ان الهيئة المزبورة وضعت لا لقاء الفاعل على المبدا (٥) المستتبع لاخراجه

______________________________________________________

ذلك ان من الجملة المختصة بالانشاء هيئة الامر ولام الامر فان هيئته مستعملة فى طبيعى نسبة البعث بين المتكلم والمخاطب والفعل المبعوث اليه كهيئة وليفعل فيكون مدلولها الذاتى اعنى مفهومها فانيا فى مدلولها بالعرض وهو ايقاع طبيعى نسبة البعث الخارجى وعليه لا تكون لنسبة البعث المزبورة خارج شخص تطابقه او لا تطابقه كما هو شان نسبة الفعل الماضى والمضارع فى مثل فعلت وافعل بان مفهوم هيئة فعلت وافعل يكون فانيا فى مدلولها بالعرض اعنى به الخارج الجزئى الذى يكون المتكلم بصدد الكشف عنه وبعبارة اخرى لا يكون فيه محكى تحكى عنه النسبة الإيقاعية الذهنية كى تطابقه تارة ولا تطابقه كما فى الاخبار بل لا تكون الجملة فيه الا مشتمله على نسبة إيقاعية إرسالية بين المبدا والفاعل من دون مدخلية فيه لقصد الجدية والهزلية كما هو كذلك فى الاخبار ايضا لان هذه الامور انما كانت من دواعى الاخبار والانشاء فانه كما يخبر او ينشا هزلا يخبر وينشا جدا ايضا فلا يكون من مقوماتها ، فاتضح بذلك ان مفهوم هيئة افعل وما يجرى مجراها هو ايقاع طبيعى نسبة البعث بنحو المعنى الحرفى لا التحريك ولا البعث ولا الطلب ولا الارادة على القول بمغايرتهما بل التحريك والبعث عنوانان منتزعان من نفس انشاء البعث بمثل صيغه افعل كما ان انشاء البعث بها يدل بنحو الدلالة العقلية اعنى دلالة الإنّ على طلب المتكلم وارادته لصدور طبيعى المامور به من المامور وعليه لا يكون طلب المتكلم وارادته لمتعلق الامر مدلولا لفظيا لصيغة الامر الصادر منه وبعبارة اخرى عدم دلالة الهيئة فى مثل اضرب فى فرض الجد بالارسال على الطلب الحقيقى الذى هو عين الإرادة او ما ينتزع عن مقام اظهارها كالايجاب والالزام والتحريك الا على نحو الالتزام دون المطابقة من جهة ان مفاد الهيئة كما عرفت عبارة عن النسبة الإيقاعية الإرسالية بين المبدا والفاعل وح فدلالتها على الطلب انما هو باعتبار كون هذه النسبة من شئون الطلب ولازمه كما هو واضح.

(١) فانه قد تبرز الارادة بيجب وبجرم واخرى بواسطة الهيئة.

(٢) مثل افعل.

(٣) مثل لتضرب.

(٤) بل متمحض فى الانشائية.

(٥) اى ايقاعه فيه فهيئة افعل موضوعة للنسبة التكوينية القائمة بين المكوّن

٢١٣

المبدا عن قبله (١) وايقاع هذه النسبة بينهما (٢) وبهذا المعنى (٣) من لوازم طلب الآمر للمادة (٤) اذ (٥) يرجع طلبه (٦) اما الى الإرادة فيصير الالقاء المزبور من شئونه (٧) او (٨) الى التحريك الذى هو من شئون الارادة لا نفسها (٩) فلا شبهة فى ان من شئون التحريك ايضا احداث هذه النسبة بين المبدا وفاعله (١٠) وعلى اىّ حال لا يبقى مجال وجود نسبة ثابته فى الخارج (١١) كى تصلح هذه النسبة الكلامية للتطابق معها (١٢) بل النسبة المتصورة منه فى الخارج ايضا (١٣) ليس إلّا النسبة

______________________________________________________

والمكوّن فمعنى اضرب كن ضاربا ومعنى كن ضاربا جعله ضاربا فهى لانشاء المادة المنتسبة الى المتكلم نسبة التكوين واستفادة الطلب منها من جهة ملازمة التكوين لتحقق ارادته فى نفس المكوّن فهى تحكى عن الطلب النفسى بالالتزام على النحو المذكور ـ بعت تحريك مترتبتين على اظهار الارادة بالصيغة لدلالتها عليها.

(١) اى الفاعل باحد انحاء الخروج من الصدور كضرب زيد والحلول كمات زيد ونحوهما الذى هو لازم الانشاء.

(٢) اى بين الفاعل والمبدا.

(٣) اى القاء الفاعل على المبدا وايقاعه فيه.

(٤) اى من الدلالة الالتزامية لطلب المولى للمادة.

(٥) والوجه فى ذلك.

(٦) اى طلب الآمر.

(٧) اى من شئون الطلب فانه يتحقق ارادة الآمر يلقى الفاعل والمكلف على المبدا.

(٨) يرجع الطلب الى التحريك كما تقدم.

(٩) اى لا نفس الإرادة.

(١٠) فائضا من شئون هذا التحريك النسبة الإيقاعية والإلقائية بين المبدأ والفاعل فيكون الانشاء موجدا للتحريك والنسبة الإيقاعية لكن بواسطة المبرزية فانهما ينتزعان عن ذلك.

(١١) وبالجملة ان فى الانشاء ليس نسبة ثابته فى الخارج حتى يكون النسبة الكلامية تحكى عنها بل يكون لايقاع النسبة وتحققها.

(١٢) اى مع تلك النسبة كما فى الاخبار.

(١٣) وهى العلة الغائية للطلب بصدوره من المكلف.

٢١٤

المزبورة الإيقاعية التى هى من شئون التحريك (١) ومن هذه الجهة (٢) كان الانشاء بالهيئة متوغلا (٣) فى الإنشائية كما لا يخفى ، وما ذكرنا (٤) ظهر حال لام الامر فانه ايضا وضعت لا بقاء (٥) النسبة المزبورة التى هى من شئون تحريك الغائب قبال الحاضر (٦) وليس لمثل هذا المعنى خارج تطابقه (٧) نعم من جهة كون مثل هذا التحريك من شئون الطلب والارادة تدل هذه الصيغ عليه (٨) لا انها (٩) موضوعة لنفس الطلب خارجيا ام ذهنيا لاباء اللفظ مادة وهيئة عن هذه الجهة (١٠) بل ولا يكون التحريك الخارجى ايضا ماخوذا فيه (١١) بل النسبة المفهومية المزبورة من

______________________________________________________

(١) المنتزع عن مبرزية الإرادة بالكلام لا انه نسبة ثابته فى الخارج تحكى عنها النسبة الإيقاعية.

(٢) اى عدم وجود نسبة ثابته فى الخارج تحكى عنها النسبة الكلامية.

(٣) اى متمحضا.

(٤) فى باب الانشاء بصيغة افعل من انها وضعت لالقاء الفاعل على المبدا وان شئت قلت النسبة الإيقاعية.

(٥) الصحيح هو ـ لالقاء ـ كما كان كذلك فى هيئة الامر فوضعت لالقاء النسبة على ما مر وذكر فى الطبع الحديث ـ لايقاع ـ ولا باس به.

(٦) فيكون تلك النسبة من شئون التحريك وطلب الآمر.

(٧) بل متمحض فى الإنشائية فالنتيجة ان صيغه الامر ولام الامر يكون الموضوع له هو القاء الفاعل على المبدا والنسبة الإيقاعية بين الفاعل والمبدا ويكون من شئون التحريك والطلب الذى هو مترتب على ابرازها لا ان الطلب هو الموضوع له لذلك كما هو واضح.

(٨) اى على الطلب.

(٩) اى لام الامر وهيئة الامر.

(١٠) اما مادة فواضح فان ض ر ب لم يوضع الا للحدث الكذائى واما هيئة الامر فانها موضوعة للنسبة الإيقاعية بين الفاعل والمبدا على نحو من الانحاء فمن اين يكون الطلب هو الموضوع له.

(١١) وملخصه ان طلب الامر بصيغه الأمر أو لامه لا يكون ماخوذا فى مفهومه تحريك المكلف نحو الفعل فى الخارج لان التحريك الخارجى لا يناسب المفهوم الذهنى بل الطلب يكون من شئون التحريك الايقاعى الانشائى والتحريك الخارجى من دواعى استعمال الصيغة

٢١٥

تبعات التحريك الايقاعى المفهومى وانما التحريك الخارجى من دواعى استعمالها (١) فى معناها (٢) وعليه فكم فرق بين الانشاء بهيئة الامر او بحرفه وبين الانشاء بمادة الطلب والإرادة فانهما من حيث دلالتهما على الطلب والتحريك فى طرفى المعاكسة (٣)

______________________________________________________

فى معناها وهو القاء الفاعل على المبدا ولذا عبرنا بالعلل الغائية لهذا الانشاء.

(١) اى استعمال صيغة الامر ولام الامر.

(٢) من القاء الفاعل على المبدا.

(٣) لان الانشاء ان كان بهيئة الأمر أو بحرفه فيكون الطلب من شئون التحريك الايقاعى من منتزعات انشاء الصيغة خارجا ويكون من لوازمه وهذا بخلاف ما لو كان الانشاء بمادة الطلب فانه يدل على الطلب بالمطابقة ومن شئونه هو التحريك الايقاعى ، وذكر استادنا الخوئى فى المقام الثانى كالمقام الاول وان الجملة الإنشائية موضوعة لابراز امر نفسانى غير قصد الحكاية ولم توضع لايجاد المعنى فى الخارج والوجه فى ذلك هو انهم لو ارادوا بالايجاد الايجاد التكوينى كايجاد الجوهر والعرض فبطلانه من الضروريات التى لا تقبل النزاع بداهة ان الموجودات الخارجية بشتى انواعها واشكالها ليست مما توجد بالانشاء كيف والالفاظ ليست واقعة فى سلسلة عللها واسبابها كى توجد بها ، وان ارادوا به الايجاد الاعتبارى كايجاد الوجوب والحرمة او الملكية والزوجية وغير ذلك فيرده انه يكفى فى ذلك نفس الاعتبار النفسانى من دون حاجة الى اللفظ والتكلم به ضرورة ان اللفظ فى الجملة الإنشائية لا يكون علة لا يجاد الامر الاعتبارى سواء كان هناك لفظ يتلفظ به ام لم يكن نعم اللفظ مبرز له فى الخارج لا انه موجد له فوجوده بيد المعتبر وضعا ورفعا فله ان يعتبر الوجوب على ذمة احد وله ان لا يعتبر وله ان يعتبر ملكية مال لشخص وله ان لا يعتبر ذلك وهكذا واما الاعتبارات الشرعية او العقلائية وان كانت مترتبة على الجمل الإنشائية إلّا ان ذلك الترتب انما هو فى ما اذا قصد المنشئ معانى هذه الجمل بها لا مطلقا والمفروض فى المقام ان الكلام فى تحقيق معانيها ونفى ما يترتب عليه تلك الاعتبارات وبتعبير آخر ان الجمل الإنشائية وان كانت مما يتوقف عليها فعلية تلك الاعتبارات وتحققها خارجا ولكن لا بما انها الفاظ مخصوصة بل من جهة انها استعملت فى معانيها ، على ان فى كل مورد من موارد الانشاء ليس فيه اعتبار من العقلاء او من الشرع فان فى موارد انشاء التمنى والترجى والاستفهام ونحوها ليس اى اعتبار من الاعتبارات لا من الشارع ولا من العقلاء حتى يتوصل بها الى ترتبه فى الخارج ، فالجملة الإنشائية موضوعه لابراز امر نفسانى خاص فبناء على التعهد فكل متكلم متعهد بانه متى ما قصد ابراز ذلك يتكلم بالجملة الإنشائية بان قصد ابراز

٢١٦

كما لا يخفى ومن التأمل (١) فى ما ذكرنا (٢) ظهر حال حروف التمنى والترجى (٣) بانها ايضا لم توضع لايجاد حقيقة هذه الصفات خارجا (٤)

______________________________________________________

اعتبار الملكية يتكلم بصيغة بعت او ملكت فكما ان الجملة الخبرية مبرزة لقصد الحكاية والاخبار عن الواقع ونفس الامر فالجملة الإنشائية مبرزة لاعتبار من الاعتبارات كالملكية والزوجية ونحوهما محاضرات ج ١ ص ٨٨ فراجع ، وفيه مضافا الى ما مر انه يبتنى على القول بالتعهد فى حقيقة الوضع وانه دلالة تصديقيه حيث يدل على قصد اخطار المعنى وقصد الحكاية وهو خلاف اهل التحقيق من ان الدلالة الوضعية دائما تصورية ودلالتها على قصد الحكاية ليست وضعية بل بملاك الظهورات ولا يمكن نشو اكثر من التصور من الوضع فهذا الفرق بلا فارق والصحيح هو ما ذكره المحقق الماتن قدس‌سره بقى شيء وهو ان ثمرة البحث عن الانشاء والاخبار تظهر فى العقود فان قصد الانشاء الذى يكون معتبرا ولا يصح العقد بدون قصده يجب ان يفهم معناه فى المقام ليعين المجتهد للمقلد ويفتى لمقلده بوجوب القصد على ذلك النحو.

(١) الامر السادس فى بيان الوضع فى حروف التمنى والترجى والتشبيه والنداء والتنبيه وسائر الحروف التى ينشأ بها معنى من المعانى.

(٢) فى الفاظ الاخبار والانشاء المختصة من كون الطلب والتحريك من لوازمه.

(٣) فان حروف التمنى والترجى لا تعقل ان تكون مستعملة فى نفس صفة التمنى وصفة الترجى القائمتين فى النفس لان الالفاظ لا يمكن ان تستعمل الا فى ما يمكن حضوره فى الذهن والحقائق الخارجية لا يعقل ان تحضر فى الذهن وإلّا انقلب عما هى عليه من الحصول الخارجى الى الحصول الذهنى كما انه لا يعقل ان تكون هذه الحروف بوجودها الخارجى اسبابا لوجود التمنى والترجى فى الخارج لان علاقة هذه الحروف بالتمنى والترجى علاقة وضعية لا طبعية اذ هى قبل وضعها لانشاء التمنى والترجى أجنبية عنهما كسائر الالفاظ الاخرى التى لم توضع لهما ولا ريب فى ان علاقة السبب بمسببه علاقة طبعية ولهذا قيل بالمسانخة بينهما.

(٤) اشارة الى القول بإيجادية حروف التمنى والترجى والنداء وامثالها واخطارية غيرها من الحروف كالحروف الجارة ولقد تقدم الكلام فيه وملخصه انما توهم وضع هذه الاداة للنداء الخارجى والاشارة والخطاب والاستفهام والتمنى والترجى الخارجية كما عن المحقق الحائرى فقال فى الدرر ج ١ ص ٩ لفظه ياء النداء موضوعة لحقيقة النداء المتحقق فى الخارج ـ وما يكون مستند الى لفظة ياء ليس إلّا حقيقة النداء الخارجى الخ كما يظهر من تنظيرهم بتحريك اليد والراس والعين للاشارة والنداء والخطاب وانه بتحريك اليد والعين

٢١٧

لعدم كونها إيجادية (١) علاوه (٢) عما ترى تبادر مفهوم مصداق التمنى والترجى منها عند استعمالها مع الجزم بعدم كون المتكلم فى مقام التمنى او الترجى حقيقة مضافا (٣) الى ان حرفيتها (٤) يأبى عن اخذ هذه المفاهيم (٥) كلية او جزئية (٦) فى مدلولها (٧) كيف وشان الحروف ليس إلّا حكايتها عن النسب المفهومية (٨) و (٩)

______________________________________________________

توجد مصداق النداء حقيقة ومصداق الاشارة والخطاب والبعث نحو الشى كذلك بتلك الاداة توجد مصداق النداء وفرد للخطاب بأنت ومصداق الاشارة بهذا ومصداق البعث بقوله ليضرب من دون تحقق لتلك المصاديق قبل هذا الاستعمال فانه على هذا الاساس لا محيص من القول بكونها آلات لايجاد معانيها وان معانيها معان احداثية ولكن هذا توهم فاسد اشار اليه المحقق الماتن قدس‌سره.

(١) فلا يكون إيجادية للمصداق والفرد لوجوه.

(٢) هذا هو الوجه الاول من استعمال تلك الاداة احيانا فى معانيها لا بداعى البداء والاستفهام والتمنى والترجى وكذا البعث الحقيقى الخارجى بل بغيره من الدواعى الأخر من هزل او سخرية كقول القائل فى التمنى يا ليتنى كنت جمادا او حمارا مع كون الاستعمال المزبور على نحو الحقيقة دون المجاز فيتبادر مفهوم مصداق التمنى وكذا الترجى منها فيكشف عن ان اداتها لم توضع لايجاد مصداق التمنى او الترجى وهكذا مع انه لا وجود لشيء من التمنى او الترجى فى الخارج حين استعمالها بداعى الاستهزاء او السخرية وجدانا.

(٣) هذا هو الوجه الثانى وملخصه انه ليس المستعمل فيه فى هذه الحروف مفهوم التمنى والترجى لان مفهومهما معنى اسمى ولا يمكن ان يكون ذلك بما هو معنى اسمى مدلول هذه الحروف لتباين المعنى الحرفى مع المعنى الاسمى ذاتا.

(٤) اى حرفية التمنى والترجى ونحوهما من الاداة.

(٥) اى مفهوم التمنى والترجى.

(٦) اى مفهوم كلى هذه الصفات او مصاديقها.

(٧) اى مدلول الحروف وهذه الاداة.

(٨) وذلك لان المعنى الحرفى ليس إلّا عبارة عن الربط الخاص بين المفهومين لا الربط بين الخارجين فلو انه كان مثل هذه الاداة موضوعا لمفهوم التمنى او الترجى يلزم ان ينقلب معنى اسميا وهو كما ترى حيث لا بلائم مع حرفية المعنى فيها كما مر.

(٩) هذا هو الوجه الثالث لعدم كونها موضوعة لايجاد النسبة خارجا بل لايقاع الربط والنسبة ذهنا بين المفهومين فى موطن الاستعمال المطابق تارة للربط الخارجى واخرى لا

٢١٨

عليه (١) فليس مفادها (٢) الا حيث قيام صور مصاديق هذه المعانى (٣) بالنسب الإيقاعية (٤) فى الجمل المدخول عليها هذه الحروف (٥) فكانها (٦) ح موقعة بعين ايقاع النسبة الكلاميّة حيث انها (٧) فى الحقيقة من شئونها (٨) وح فدلالتها (٩) على مثل هذه الصفات (١٠) ليست إلّا بالملازمة كدلالة من للابتداء والى للانتهاء (١١) كما (١٢)

______________________________________________________

بتفصيل ياتى إن شاء الله تعالى.

(١) اى على ما تقدم من عدم كون الاداة موضوعا لمفهوم التمنى او الترجى.

(٢) اى أداة التمنى والترجى ونحوهما.

(٣) والمستعمل فيها من التمنى والترجى ونحوهما وهى النسبة الخاصة بين المتمنّى والمتمنّى اعنى بها تشوق المتمنى الى حصول ما لا طمع له بحصوله وكذا المستعمل فيه فى الترجى فهى نسبة اخرى اعنى بها تشوق المترجى الى حصول ما له طمع بحصوله فقيام صور المصاديق الخارجية هذه الصفات بتلك النسبة الإيقاعية.

(٤) لا الوقوعيّة.

(٥) كما فى يا ليتنى كنت ترابا ويا ليت الزمان يعود يوما فالتشوق الذى عرفت الحاصل بين المتمنّى والمتمنّى او المترجى والمترجى هى النسبة الخاصة المستعمل فيها حروف التمنى او الترجى.

(٦) اى هذه الصفات موقعة ومتحققة بعين ايقاع النسبة الإيقاعية بالانشاء والمبرز.

(٧) اى تلك الصفات.

(٨) اى من شئون النسبة الكلامية ولوازمها.

(٩) اى هذه الحروف والادوات.

(١٠) اى التمنى والترجى الحقيقى وبعبارة اخرى تكون الاداة كاشفة عن صورة ايقاع الربط بين المفهومين الموجودة فى ذهنه فى مرحلة تصوره على ما مر الملازمة لايقاع صفة التمنى والترجى ونحوهما.

(١١) فانها تكون تلك الاداة الجارة للربط الثابت بين المفهومين الملازم للابتدائية والانتهائية فالمتحصل ان هذه الصفات من لوازم مفاد الاداة لا ان الاداة موضوعه لتلك الصفات كما هو واضح.

(١٢) ثم لا يخفى ان الموضوع له والمستعمل فيه فى هذه الحروف ليس هو نفس التشوق الخارجى الجزئى بل هو طبيعى ذلك التشوق الموجود فى ضمن تلك التشوقات

٢١٩

ان النظر (١) الى هذه المصاديق (٢) لما كانت مرآتية للخارجيات (٣) فيرى الانسان خارجيه (٤) مع انها (٥) فى الواقع لا يكون كذلك الا عند الجد باظهارها (٦) ولعمرى ان مثل هذه الجهة (٧) ربما اوقع فى وهم من توهم بانها موضوعة لايقاع حقائق هذه

______________________________________________________

الجزئية التى لا يكاد ينفك عنها فالموضوع له لهذه الحروف كالمستعمل فيه عام كالوضع ايضا ولهذا يصح كما تقدم بنحو الحقيقة انشاء التمنى والترجى مثلا بهذه الحروف ولو بداعى الهزل والسخرية وغيرهما من الدواعى الاخرى غير داعى الجد وذلك بإبقاء مدلولها الذاتى اعنى به مفهومها فى مدلولها بالعرض اعنى به طبيعى التشوق النسبى الخارجى اذا عرفت ذلك فنقول.

(١) فان هذه الادوات كما عرفت موضوعة لايقاع النسبة ذهنا بين المفهومين لكن لا بما هو ربط ذهنى بحيث يلتفت الى ذهنيته بل بما انه يرى خارجيا تصورا وان كان تصديقا يقطع بخلافه ، وح قدس‌سره يشير الى وجه توهم كون هذه الاداة آلة لايجاد التمنى او الترجى خارجا وذلك لاجل فناء مفهومها فى المدلول عليه بالعرض اعنى به طبيعى التشوق الخارجى الموجود بالوجود الزعمى الجامع بين جزئيات التشوق الكاشف عن وجود صفة التمنى توهم ان مدلولها بالعرض دائما هو التشوق الجزئى القائم فى نفس المتمنى او المترجى لكون الغالب هو ذلك ولم يلتفت المتوهم الى ان مدلولها بالعرض هو طبيعى التشوق الموجود بالوجود الزعمى فى فرده الخارجى اعنى به ذلك التشوق الجزئي القائم فى نفس المتمنى او المترجى لا ذلك الفرد الجزئى بنفسه والموجود بالوجود المفروغ عنه وإلّا لم يصح استعمال هذه الحروف فى طبيعى التشوق المذكور فى مقام الهزل او السخرية إلّا بنحو المجاز والوجدان العرفى لا يرى بين استعمالها فى انشاء التمنى والترجى بداعي الحقيقة والجد واستعمالها بداعى الهزل والسخرية فرقا.

(٢) القائم بالنسب الإيقاعية.

(٣) اى التشوق الجزئى القائم فى نفس المتمنى او المترجى.

(٤) فيتوهم ان مدلولها دائما هو التشوق الجزئى القائم فى نفس المتمنى او المترجى.

(٥) اى تلك المراتبة للخارجيات.

(٦) اى فى صورة الجد باظهار تلك الصفات لا الهزل والسخرية مع صحة انشاء هذه الامور فى الجميع.

(٧) وبعبارة واضحة لما لا يكون مثل هذا الربط الايقاعى ملحوظا الا خارجيا ربما اوجب ذلك تخيل كون المعنى والموضوع له فيها عبارة عن ايقاع الربط الخارجى ولكن

٢٢٠