نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

١
٢

مقدمه

الحمد لله الذى لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصى نعماءه العادّون ولا يؤدى حقّه المجتهدون والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين وبعد فيقول المحتاج الى رحمة ربّه الكريم والمقيم فى عشّ آل محمد صلوات الله عليهم اجمعين والمستظل تحت لواء المنتظر المهدى ابن الحسن العسكرى عجل الله تعالى فرجه الشريف وعند رعايت ـ الله ـ فى الايران الاسلامى العزيز عفى الله عنّى وعن والدى الحاج سيد عباس المدرسى اليزدى نجل سماحة آية الله العظمى السيد يحيى اليزدى قدس‌سره بعد ما نزلت فى القم المشرّفة ووفقت لخدمة العلم والبحث والتدريس كما كان ديدنى فى الحوزة المقدسة النجف الاشرف على مشرّفها آلاف الثناء والتحيّة وبما ان اعتقادى الجازم ورأيى المصاب فى الحوزات العلميه هو التعليم والتعلم لعلم اصول الفقه الذى هو الجزء الاخير للاجتهاد والاستنباط ولعلم الفقه الشريف وهو (الفقه الجواهرى) الذى صرح بذلك القائد العظيم للانقلاب الاسلامى الامام السيد الخمينى «ره» وان يختص بهذين العلمين ولو جملة من الفضلاء ومن المؤسف جدا انه قد وجد فى الحوزة العلمية بعض الاقلام المسمومة بتغيير الفقه

٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الجعفرى عن مسيره واضلال الناس به والخطب طويل وعلى اى وفقت لطبع بعض مؤلفاتى المبتكرة نحو نموذج فى الفقه الجعفرى والجزء الأول من نماذج الاصول فى شرح مقالات الاصول وأصرّني بعض الفضلاء بعد التمجيد من جماعة منهم لهذا الشرح المبارك لطبع باقى الاجزاء احباء لكلمة الاسلام وترويجا للدين المبين وها انا فى جميع امورى اتوكل على الله واستعين به ولا اقصد الا اياه إن شاء الله وهذا هو الجزء الثانى من نماذج الاصول فى شرح مقالات الاصول وأرجو من الاخوان من الفضلاء والعلماء ان يعفو عن خطئى وزلاتى فان الانسان لا يخلو منهما كما أرجو العفو من الله تبارك وتعالى وان يكون هذا الشرح طريقا لان يؤلفوا شروحا على المقالات احسن من ذلك إن شاء الله واملى فى هذا السفر الجليل ان يكون ذخرا ليوم فاقتى يوم لا ينفع مال ولا بنون الّا من اتى الله بقلب سليم ويكون ثوابا لوالدى العزيزين وسائر اقاربى ومن له حق علىّ وعلى ارواح الشهداء والصدّيقين والعلماء والصالحين وعلى والدى من يقوم بنشره وطبعه آمين يا رب العالمين والسلام على من اتبع الهدى وفى الختام اسأل الله الرحمة والرضوان لصديقنا الشاب المهذب ابو الفضل پريزاد صاحب التايب سابقا والكامپيوتر اخيرا الذى قام بتايب نموذج وكامپيوتر نماذج الذى باتمام الجزء الثانى من النماذج وافاه الاجل رحمة الله عليه كما اشكر عن الاخ فى الله الحاج شيخ محمد الداورى من طبع مؤلفاتى اللهم وفقنا لما تحب وترضى فى ١٦ رجب ١٤١٩ ه‍ ق.

المؤلف

٤

٥

المبحث الاوّل فى الاوامر وينبغى طى الكلام فيه فى مقالات (١) فنقول وبه التكلان ، مقالة (٢) فى شرح مادة الامر (٣) وربما يتوهم له معانى متعددة (٤) و

______________________________________________________

(١) فى المقصد الاوّل وهو الاوامر نماذج.

(٢) نموذج الاوّل فيما يتعلق بمادة الامر وفيه جهات من الكلام.

(٣) الجهة الاولى في مفهوم الامر ومعناه.

(٤) قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٨٩ انّه قد ذكر للفظ الامر معان متعددة منها الطلب كما يقال امره بكذا ـ والطلب عرفا هو السعى نحو الشيء وفى الآيات والروايات كثيرة قال الله تعالى فى سورة النحل ، آية ٩٠ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) ، وقال الله تعالى فى سورة آل عمران ، آية ١٠٤ (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) وفى سورة طه ، آية ١٣٢ وامر اهلك بالصلاة واصطبر اليها وفى الوسائل باب ٣ من ابواب السواك ح ٤ محمد بن على بن الحسين قال قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لو لا ان أشقّ على امتى لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة وغير ذلك ـ ومنها الشأن كما يقله شغله امر كذا ـ اى شان كذا ـ ومنها الفعل كما فى قوله تعالى (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) ـ اى ما بفعله برشيد ـ ومنها الفعل العجيب كما فى قوله تعالى (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) ـ اى فعلنا العجيب الخطير ـ ومنها الشى كما تقول رايت اليوم امرا عجيبا ـ اى شيئا عجيبا ـ ومنها الحادثه ـ كقوله وقع امر كذا اى حادثة كذا ـ ومنها الغرض كما تقول جاء زيد لامر كذا ـ اى لغرض كذا ـ انتهى وزاد غيره للحال كما فى قولك زيد امره مستقيم اى حاله مستقيم ، والقدرة

٦

لكن (١) امكن ارجاع بعضها الى بعض بجعله مصداقا لمعنى آخر ، وان (٢) اصل المعنى ربما يرجع الى معنيين احدهما عبارة عن مفهوم عام عرضى مساوق لمفهوم الشيء والذات (٣) من حيث كونهما (٤) ايضا من المفاهيم العامة العرضية (٥) وان كان له (٦) نحو اخصية عما يساوقه من العنوانين ،

______________________________________________________

كقوله تعالى (مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) اى بقدرته ، والصنع كقوله تعالى (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) اى صنعه الى غير ذلك.

(١) وذلك كما يأتي من المحقق الماتن قدس‌سره ان يكون حقيقة فى خصوص الشيء الذى هو من الامور العامه العرضية لجميع الاشياء الشامل للفعل والشأن والحادثه والشغل ونحو ذلك فكان اطلاقه فى تلك الموارد المختلفة بمعناه غايته من باب الدالين والمدلولين حيث اريد تلك الخصوصيات بدوال آخر من غير ان يكون الامر مستعملا فى تلك الموارد فى مفهوم الغرض والتعجب والفعل ولا فى مصداقها بوجه اصلا والطلب المبرز.

(٢) ثم بين قدس‌سره ان لفظ الامر له معنيان قال فى الكفاية ج ١ ص ٩٠ ولا يبعد دعوى كونه حقيقة فى الطلب فى الجملة ـ اى من العالى لا مطلقا ـ والشى هذا بحسب العرف واللغة انتهى واختار صاحب الفصول انه موضوع الطلب والشأن.

(٣) ما يقرب من مفهوم الشى وان لم يكن نفسه.

(٤) اى الشى والذات.

(٥) لانهما من الامور الاعتباريّة الانتزاعية وغير دخيل فى قوام المنتزع منه وماهيته.

(٦) لكن لفظ ـ امر ـ اخص من الشى والذات فان لفظ الشى يطلق على جميع الاشياء دون لفظ الامر قال الاستاد البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١١١ ، لاطلاق الشيء على الاعيان والذوات جواهرا كانت ام اعراضا بخلاف الامر فانه لا يطلق على الذوات والاعيان إلّا باعتبار صدورها عن فاعلها وخالقها انتهى. وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ، ص ١٠٣ استعمال الامر فى الشى مطلقا لا يخلو عن شيء اذا الشى يطلق على الاعيان والافعال مع ان الامر لا يحسن اطلاقه على العين الخارجية فلا يقال رايت امرا عجيبا اذا راى فرسا عجيبا ولكن يحسن ذلك اذا راى

٧

و (١) بهذا المعنى (٢) كان من الجوامد (٣) ويجمع على امور (٤)

______________________________________________________

فعلا عجيبا من الافعال انتهى.

(١) لهذا المعنى لازمين اللازم الاول بين قدس‌سره انه يجمع على امور ، واللازم الثانى فانه يكون من الجوامد ولا يشتق منه المشتقات ، والفرق بين المعنى الجامد والمعنى الاشتقاقى ان المعنى اذا كان قابلا للحاظ نسبته الى شيء بذاته وقبول المبدا للنسبة كان معنى اشتقاقيا وإلّا كان جامدا.

(٢) وهو ما كان بمعنى الشيء.

(٣) اللازم الاوّل.

(٤) اللازم الثانى ، وله لازم ثالث فان الامر بمعنى الطلب يتعلق به المطلوب والمطلوب منه وليس كذلك ما كان بمعنى الشيء وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٣ ، مع ان الامر هنا ايضا بمعناه المعروف لمكان تعلق الامر التكوينى به فهو مصدر مبنى للمفعول ـ الى ان قال ـ ان استعمال الامر فى الشى مطلقا لا يخلو عن شيء ـ الى ان قال ـ فيرجع الامر فى الامر بالأخرة الى معنى واحد وان اطلاقها على خصوص الافعال فى قبال الصفات والاعيان باعتبار مورديتها لتعلق الارادة بها بخلاف الاعيان والصفات فانها لا تكون معرضا لذلك ـ الى ان قال ـ والغرض ان نفس موردية الفعل ومعرضيته لتعلق الطلب والارادة به يصحح اطلاق المطلب والمقصد والامر وان لم يكن هناك قصد ولا طلب متعلق به واما اشكال اختلاف الجمع حيث ان الامر بمعنى الطلب المخصوص يجمع على الاوامر وبمعنى آخر على الامور فيمكن دفعه بان الامر حيث يطلق على الافعال لا يلاحظ فيه تعلق الطلب تكوينا او تشريعا فعلا بل من حيث قبول المحل له فكان المستعمل فيه متمحض فى معناه الاصلى الطبيعى الجامد والاصل فيه ح ان يجمع الامر على امور كما هو الغالب فيما هو على هذه الزنة الخ فيلوح من كلامه معنى واحد واجاب عنه فى المحاضرات ج ٢ ، ص ٨ من ان الامر وضع لمعنى جامع وحدانى على نحو الاشتراك المعنوى وهو الجامع بين ما يصح ان يتعلق الطلب به تكوينا وما يتعلق الطلب به تشريعا مع عدم ملاحظة شيء من الخصوصيتين فى المعنى الموضوع له والاصل فيه ان يجمع على اوامر وجه ظهور الفساد ما عرفت من انه لا جامع ذاتى بين المعنى الحدثى والمعنى الجامد ليكون الامر موضوعا بازائه واما الجامع الانتزاعى فهو وان كان ممكنا إلّا انه لم يوضع بازائه يقينا على انه خلاف

٨

و (١) ربما ينطبق (٢) على الغرض والحادثه او الامر العجيب وغير ذلك مما عد من معانيه بواسطة اشتباه المصداق بالمفهوم (٣)

______________________________________________________

مفروض كلامه انتهى وفى عبارته سهو يجمع على امور لا اوامر وقد صرح المحقق النّائينيّ فى الاجود ، ج ١ ، ص ٨٤ ، بوحدة المعنى وسيأتى.

(١) قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٨٩ ، ولا يخفى ان عد بعضها من معانيه من اشتباه المصداق بالمفهوم ضرورة ان الامر فى جاء زيد لامر آخر ما استعمل فى معنى الغرض بل ـ استعمل فى مفهوم الشى وهو مصداق الغرض و ـ اللام قد دل على الغرض نعم يكون مدخوله ـ اى مدخول الكلام ـ مصداقه انتهى لهذا من باب اشتباه المصداق بالمفهوم فتخيلوا انه استعمل فى الغرض وليس كذلك اذ هو مستعمل فى مفهوم الشى وكذا فى قولك وقع امر كذا لم يستعمل فى مفهوم الحادثه بل استعمل فيما هو مصداق الحادثه وهكذا الحال فى قوله تعالى (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) فلم يستعمل الامر فى مفهوم الفعل العجيب بل فيما هو مصداق الفعل العجيب وهو الطلب الخاص الصادر منه تعالى فى هلاك القوم حيث جعل به عاليها سافلها.

(٢) اى لفظ الشيء.

(٣) المراد من اشتباه المصداق بالمفهوم ان؟؟؟ معنى للفظ يقتضى كون اللفظ مستعملا فيه وليس الحال فى المعانى المذكورة كذلك فان لفظ الامر مثلا لم يستعمل فى مفهوم الغرض ونحوه وانما هو مستعمل فى معنى واحد كالشيء مثلا وذلك المعنى الواحد يكون مصداقا للغرض تارة وللفعل العجب اخرى وللشأن ثالثه وهكذا ولم يستعمل فى مفهوم الغرض والفعل العجيب والشأن بل ما يستعمل فيه مصداق لها بالقرائن وهكذا كما ان معنى زيد؟؟؟ يكون مصداقا لمفهوم العالم واخرى مصداقا لمفهوم العادل وهكذا ولا يصح عد العالم والعادل من معانى زيد ، وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ٣ لا يخفى عليك ان عد بعضها من معانيه انما يدخل تحت عنوان اشتباه المصداق بالمفهوم اذا كان اللفظ موضوعا للمصداق من حيث انّه مصداق للمعنى الذى عد من معانيه مثلا اللفظ تارة يوضع للغرض بالحمل الاولى واخرى للغرض بالحمل الشائع أى فيشتبه المصداق فى الثانى بالمفهوم فى الاول واما اذا كان معنى من المعانى مصداقا لمعنى آخر ولم يلاحظ مصداقيته له فى وضع لفظ له اصلا فليس من الخلط بين المفهوم والمصداق كما هو كذلك فى هذه

٩

وثانيتهما (١) ما يساوق الطلب (٢) المظهر بالقول او غيره من الكتابة والاشارة (٣)

______________________________________________________

المعانى المنقولة فى المتن حيث لم تلاحظ مصداقية الموضوع له لها قطعا مضافا الى ان الفعل الذى يتعلق به الغرض لما فيه من الفائدة الملاءمة للطبع ليس مصداقا للغرض بل مصداقه تلك الفائدة فليس مدخول اللام دائما مصداقا للغرض (الى ان قال) وكما فى جعل الامر فى قوله تعالى (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) بمعنى الفعل العجيب فانه لا يتوهم لمصداقيته للفعل العجيب بما هو عجيب فضلا عن الوضع لمفهومه او لمصداقه بل الامر هنا بمعناه المعروف حيث ان العذاب لمكان تعلق الارادة التكوينية به وكونه قضاء حتميا يطلق عليه الامر كما انّه فى جميع موارد انزال العذاب عبر عنه به لهذه النكتة انتهى. وفيه اما عن الاول فيراد المصداق والمفهوم بحسب المحاورات العرفية والألسنة فانه يتبادر بدوا من قولك جئت لامر كذا ان الامر مستعمل فى الغرض ولكن بالدقة والتأمل يرى ان الامر ليس كذلك بل استعمل الامر فى مفهومه ويكون هنا مصداق الغرض فيكون الاشتباه مما ينطبق عليه واما عن الثانى فلنفرض ان فى هذا المثال مناقشة فقد صرح فى كلامه هنا ـ ولو مثل لمصداق العجيب بقوله تعالى (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) لكان اولى الخ.

(١) المعنى الثانى هو المساوى للطلب المبرز.

(٢) وهو السعى نحو المأمور به.

(٣) وسيأتى وجهة قال فى الفصول ، ص ٦٣ ، واما بحسب الاصطلاح فقد يطلق ويراد به الطلب المخصوص كما هو معناه الاصلى ومنه قولهم الامر بالشيء هل يقتضى كذا او لا وقد يطلق ويراد به القول المخصوص اعنى ما كان على هيئة افعل وليفعل ونظائرهما ومنه قولهم الامر حقيقة فى كذا ويجمعونه على اوامر على خلاف القياس ـ الى ان قال ـ ثم ان كثيرا منهم نقلوا الاتفاق على كونه حقيقة فى هذا لمعنى اعنى قول المخصوص وجعلوا النزاع فى بقية معانيه فذهب بعضهم الى انه مجاز فيها لانه اولى من الاشتراك ومنهم من جعله مشتركا معنويا بينه وبين الشأن حذرا من المجاز والاشتراك المخالفين للاصل ومنهم من جعله مشتركا لفظيا ، وهو منهم بمكانة من الوهن ، لانا نقطع بان الامر لا يطلق على نفس القول لا لغة ولا عرفا الا مجازا فان المفهوم من قول القائل انا آمر بكذا وزيد امر بكذا وقوع الطلب منه دون صدور لفظ

١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

منه ، فلو سلم دلالة اللفظ عليه فانما هو من باب الملازمة العرفية الناشئة من الغلبة دون الوضع مع انهم لو اراد وأبا لقول المخصوص نفس اللفظ اعنى الملفوظ ، فكان اللازم عدم صحة الاشتقاق منه لعدم دلالته ح على معنى حدثى مع وقوعه منه بجميع تصاريفه انتهى واشار الى ذلك فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٠ واما بحسب الاصطلاح فقد نقل الاتفاق على انه حقيقة فى القول المخصوص ـ اى صيغة الامر ـ ومجاز فى غيره ، ولا يخفى انه عليه لا يمكن منه الاشتقاق فان معناه ح لا يكون معنا حدثيا مع ان الاشتقاقات منه ظاهرا تكون بذلك المعنى المصطلح عليه بينهم لا بالمعنى الآخر فتدبر ، ويمكن ان يكون مرادهم به هو الطلب بالقول لا نفسه ـ اى القول المخصوص ـ تعبيرا عنه بما يدل عليه نعم القول المخصوص اى صيغة الامر اذا اراد العالى بها الطلب يكون من مصاديق الامر لكنه بما هو طلب ـ اى لا بما هو قول مخصوص ـ مطلق او مخصوص انتهى على الخلاف فى كون الامر لمطلق الطلب الاعم من الوجوب او الاستحباب او الطلب الوجوبى لا من مصاديقه بما هو شأن او فعل او غير ذلك وتقدم ان القول المخصوص لا يصلح ان يكون مبدأ للمشتقات وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٥ وان كان وجه الاشكال ما هو المعروف من عدم كونه معنى حدثيا ففيه ان لفظ اضرب صنف من اصناف طبيعة الكيف المسموع وهو من الاعراض القائمة بالمتلفظ به فقد يلاحظ نفسه من دون لحاظ قيامه وصدوره عن الغير فهو المبدا الحقيقى السارى فى جميع مراتب الاشتقاق وقد يلاحظ قيامه فقط فهو المعنى المصدرى المشتمل على نسبة ناقصة وقد يلاحظ قيامه وصدوره فى الزمان الماضى فهو المعنى الماضوى ـ وعليه فالامر موضوع لنفس الصيغة الدالة على الطلب مثلا الخ ـ وان جميع الاشياء باعتبار صدورها من فاعلها فعل وامر وباعتبار وجودها فى انفسها لا فعل ـ ولا امر بل شيء والطلب بالقول من جهة صدورها فعل وامر ـ قال فى المحاضرات ، ج ٢ ، ص ١٣ ، فاللفظ من الحيثية الاولى ـ اى حيثية صدوره من اللافظ خارجا ـ وان كان قابلا للتصريف والاشتقاق إلّا ان لفظ الامر لم يوضع بازاء القول المخصوص من هذه الحيثية وإلّا لم يكن مجال لتوهم عدم امكان الاشتقاق والصرف منه بل هو موضوع بازائه من الحيثية الثانية ـ اى حيثية تحققه ووجوده فى الخارج ـ وبهذه الحيثية غير قابل لذلك انتهى.

١١

لا صرف الطلب ولو لم يظهر (١) ولا صرف اظهاره ولو لم يكن فى الواقع طلب (٢)

______________________________________________________

(١) والوجه فى ذلك واضح لما يرى من عدم صدق الامر على مجرد الارادة النفسانية الغير البالغة الى مرحلة الابراز حيث لا يصدق على من كان طالبا لشيء من عبده ومريدا له منه بلا ابراز ارادته بالقول او نحوه انه آمر به بل الصادق عليه انه طالب ومريد غير آمر ، على ان لازم ذلك هو ان يكون استعماله دائما فى غير معناه الموضوع له لان ما يجئ فى الذهن عند الاستعمال لا يكون إلّا صورة الارادة ومفهومها لا حقيقتها وعليه فلا يكون استعماله فى معناه الحقيقى الذى هو الارادة القائمة بالنفس.

(٢) والوجه فى ذلك ظاهر فانها وامر صوريه بمعنى انها صورة امر ولهذا لا يقولون فيما لو امر المولى عبده امتحانا وانكشف لهم انه بداعى الامتحان بعثه انه امره بل يقولون انه اظهر له الامر بذلك حيث لا مطابق لمفهوم الامر فى الخارج كما لو قال المولى لعبده اريد منك كذا واطلع احد انه لا يريده واقعا لقال انه لا يريده منه واقعا ولكن اظهر له انه يريده فلا تكون الاوامر الامتحانية اوامر حقيقية فمما ذكرنا تعرف ان مطابق الارادة سواء انكشفت بدال عليها ام لم تنكشف هى حقيقة الشوق الخاص كذلك مطابق مفهوم الامر هو الطلب اعنى الارادة الحقيقية ، ولكن فى حال اظهارها للمخاطب واشعاره بها لا مطلقا ، بقى هنا امور ، الأول ان الامر حقيقة فى الطلب المبرز بما هو مبرز بنحو خروج القيد ودخول التقييد او كونه حقيقة فى ابراز الطلب وابراز الامر الاعتبار النفسانى فى الخارج وهو القول الحاكى عنه بعد اعتبار ذلك الشى فى ذمة المكلف من جهة اشتماله على مصلحة داعية الى ذلك والمادة مصداق للطلب الاعتبارى واختاره استادنا الخوئى ايضا وعلى اى ربما يقال بتعين الاخير نظرا الى ظهور العنوان وهو الامر فى اختيارية وكونه على الاخير اختياريا بتمامه من الابراز والتقيد بالطلب بخلافه على الاول فانه من جهة جزئه الركنى وهو الطلب غير اختيارى ، وفيه ان ما ذكر مجرد استحسان لا يثبت به الوضع ، خصوصا مع استلزام الاخير لعدم صحة الاشتقاقات منه باعتبار عدم كون معناه ح معنى حديثا قابلا للاشتقاق لان ما هو المبرز ح انما كان هو الهيئة ومعناه لا يكون إلّا معنى جامد يا غير حدثى بخلافه على الاول فان المعنى عليه بنفسه يكون معنى حدثيا قابلا للاشتقاق. وما قيل من انه على

١٢

وبهذا المعنى (١) مشتق (٢) ويجيء فيه العناوين الاشتقاقية اسما ام فعلا و (٣)

______________________________________________________

الاول ايضا يلزمه خروج الصيغ كلها عن المصداقية للامر من جهة عدم كونها عبارة عن نفس الطلب وانما هى مبرزات عنه ، مدفوع بانه لو سلم ذلك فانما يرد ذلك لو لا كونها وجوها للطلب ولو من جهة شدّة حكايتها عنه وإلّا فبهذا الاعتبار تكون عين الطلب ويحمل عليها الطلب بالحمل الشائع لكن لا يترتب ثمرة فى البين على كونه حقيقة فى الطلب المبرز او ابراز الطلب من جهة ان القائل بكونه حقيقة فى ابراز الطلب انما يدعى كونه حقيقة فيه بما انه حاك عن الطلب وبما هو وجه له لا بما له نفس الابراز ولو مع عدم الحكاية عن الطلب ، مضافا الى ان المراد الاستعمالى من الاوامر معلوم فلا اثر له الثانى انه لا خصوصية للابراز بالقول فى صدق الامر بل الابراز بما انه يعم القول والاشارة ونحوها واما ما يرى فى بعض الكلمات من التعبير عنه بالطلب بالقول فانما هو لمكان الغلبة لا من جهة خصوصية فى الابراز القولى كما هو واضح ، قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٥ ، الظاهر صدق الامر على الطلب المدلول عليه بدال وان لم يكن بخصوص القول لصدقه عرفا على البعث بالاشارة والكتابة عرفا ولا يتوهم ان صدقه على البعث بهما من جهة الكشف عن الطلب القولى وذلك لان الاشارة انما هى الى المعانى خصوصا فمن لا يعرف ان فى دار الوجود الفاظا والكتابة وان كانت نقش الالفاظ إلّا ان الطلب القولى هو الطلب المدلول عليه باللفظ لا بنقش اللفظ فتوسط نقش اللفظ للدلالة على الطلب لا يجعل الطلب قوليا انتهى.

(١) اى الطلب.

(٢) المشتق من لفظ الامر ـ امر يأمر أمرا آمر مأمور وهكذا.

(٣) فان الامر بمعنى الطلب يجمع على اوامر الثالث الظاهر ان استعماله فى كلا المعنيين المزبورين بنحو الحقيقة على نحو الاشتراك اللفظى لشهادة احد المعنيين المذكورين جامدا والآخر معنى حدثى كما اختاره المحقق العراقى وصاحب الكفاية وغيرهما من الأساتذة كاستادنا الخوئى. وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ، ج ١ ، ص ٨٦ والتحقيق انه لا اشكال فى كون الطلب المنشا باحدى الصيغ الموضوعة له معنى له وان استعماله فيه بلا عناية واما بقية المعانى فالظاهر ان كلها راجعة الى معنى واحد وهى الواقعة التى لها اهمية فى الجملة وهذا المعنى قد ينطبق على الحادثة وقد ينطبق على الغرض وقد يكون غير ذلك نعم لا بد وان يكون المستعمل فيه من قبيل الافعال و

١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الصفات فلا يطلق على الجوامد بل يمكن ان يقال ان الامر بمعنى الطلب ايضا من مصاديق هذا المعنى الواحد فانه ايضا من الامور التى لها اهمية فلا يكون للفظ الامر الا معنى واحد تندرج فيه كل المعان المذكورة ـ ومعه ينتفى الاشتراك اللفظى انتهى. وفيه ان المعنيين كما عرفت متغايران واحدهما جامد والآخر حدثى واحدهما يجمع على الامور والآخر على الاوامر فكيف الجامع بين الامرين المتباينين ، والوجه فى ذلك ان الجامع اما حدثى او جامد وعلى كلا التقديرين لا يكون جامعا لانه على الاول لا ينطبق على الجوامد وعلى الثانى لا ينطبق على الحدثى واجاب استادنا الخوئى مضافا الى ما تقدم انه لا وجه لاخذ الاهمية قيدا فى مفهوم الامر فانه يصح توصيف الامر بما لا اهمية له فلو كان التقييد بالاهمية مأخوذا فيه لزم التناقض من توصيفه بذلك انتهى. قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٦ التحقيق ان الجامع بين جميع المعانى ان كان مفهوم الشى ـ الى ان قال ـ لكنه لا دخل له بعدم معقولية الجامع بين المعنى الحدثى والجامد بل نفس المعنى الجامع لا يقبل الاشتقاق بنفسه وان كان الجامع مفهوما آخر فعدم معقوليته بديهى اذ لا جامع اعم من مفهوم الشى لكن عدم قابلية بعض المصاديق للاشتقاق لا يدل على عدم قبول الجامع كما ان عدم قبول الجامع لا يدل على عدم قبول بعض المصاديق كما فى الوجود والشى مثلا فان الوجود جامع لجملة الماهيات الموجودة وهو قابل للاشتقاق ومصاديقه متفاوته والشى جامع لكل شيء وهو غير قابل للاشتقاق حيث لا قيام له بشيء بخلاف مصاديقه فانها مختلفه ـ ولو بنى على الوضع لجامع يجمع الطلب وغيره لكان هو المتعين وح يرد عليه ما عرفت انتهى ان الشى يكون جامعا عنوانيا فوق المقولة ولا يكون جامعا معنويا بحيث يكون كل مصداق منه موافقا مع الآخر ، الرابع ذكر فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٠ ، انما المهم بيان ما هو معناه عرفا ولغة ليحمل عليه فيما اذا ورد بلا قرينة وقد استعمل فى غير واحد من المعانى فى الكتاب والسنة ولا حجة على انه على نحو الاشتراك اللفظى او المعنوى او الحقيقة والمجاز وما ذكر فى الترجيح ـ اى المجاز خير من الاشتراك لكثرته او الاشتراك خير من المجاز لكونه ابعد من الخطا ـ عند تعارض هذه الاحوال لو سلم ولم يعارض بمثله فلا دليل على الترجيح به فلا بد مع التعارض من الرجوع الى الاصل فى مقام العمل نعم لو علم ظهوره فى احد معانيه ولو احتمل انه كان للانسباق من الاطلاق

١٤

يجمع على اوامر ثم (١)

______________________________________________________

فليحمل عليه وان لم يعلم انه حقيقة فيه بالخصوص او فيما يعمه كما لا يبعد ان يكون كذلك فى المعنى الاول اى الطلب انتهى وفيه مضافا الى ما عرفت من الحجة على الاشتراك اللفظى بين المعنيين ندرة فرض التردد على نحو يترتب عليه الاثر للاختلاف المعنيين فى كيفية الاستعمال من حيث اللوازم مع انه تقدم منه كون لفظ الامر حقيقة فى الطلب وفى الشى فكيف يدعى ظهوره فى الاول.

(١) فان الصيغ تارة يكون المراد بها ما هو الواقع من مدلولها مثل الامر والتمنى والترجى ونحو ذلك فاذا كان فى النفس مطلوب تعلق به الارادة فيكون اظهاره بالامر او باستعمال أداة التمنى والترجى وكذلك الاستفهام فانه من الانشائيات وربما يكون المستفهم جاهلا فيستفهم باداته ، واخرى ربما يكون عالما ويكون اظهاره لغرض آخر فيستفهم ليرى السامع انه لا يعلم ما استفهمه امتحانا له او لغرض آخر وهكذا ، فحينئذ يكون صورة امر وتمن وترج وغيره ولا واقع لاجل ما ذكر او غيره ، فالموضوع له هو ما له الواقع او الاعم من الانشاء المحض ، قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٣ ، الظاهر ان الطلب الذى يكون هو معنى الامر ليس هو الطلب الحقيقى الذى يكون طلبا بالحمل الشائع الصناعى بل الطلب الانشائى الذى لا يكون بهذا الحمل طلبا مطلقا بل طلبا انشائيا سواء انشاء بصيغة افعل او بمادة الطلب او بمادة الامر او بغيرها ولو ابيت الا عن كونه موضوعا للطلب فلا اقل من كونه منصرفا الى الانشائى منه عند اطلاقه كما هو الحال فى لفظ الطلب ايضا وذلك لكثرة الاستعمال فى الطلب الانشائى كما ان الامر فى لفظ الارادة على عكس لفظ الطلب والمنصرف عنها عند اطلاقها هو الارادة الحقيقة الخ فعليه ظاهر لفظ الامر ليس الطلب الذى يكون صفة قائمة بالنفس وهو الطلب الحقيقى الذى يكون له وجود عينى فى النفس بل الطلب الانشائى المنتزع فى مقام اظهار الارادة بالقول كافعل او بغيره كالاشارة الى المخاطب بان يفعل فيصدق ذلك على الاوامر الامتحانية ايضا وقال المحقق الحائرى فى الدرر ، ج ١ ، ص ٤٠ ، قلت تحقق صفة الارادة او التمنى او الترجى فى النفس قد يكون لتحقق مباديها فى متعلقاتها كمن اعتقد المنفعة فى ضرب زيد فتحققت فى نفسه ارادته او اعتقد المنفعة فى شيء مع الاعتقاد بعدم وقوعه فتحققت فى نفسه حالة تسمى بالتمنى او اعتقد النفع فى شيء مع احتمال وقوعه فتحققت فى نفسه

١٥

انّ المراد من (١) الطلب (٢) المظهر الراجع اليه حقيقة الامر هو الطلب الحقيقى (٣) وما هو بالحمل الشائع طلب كما ان المراد من اظهاره ايضا كذلك (٤) ولكن هذا المعنى (٥) ماخوذ فى حقيقة (٦)

______________________________________________________

حالة تسمى بالترجى وقد يكون تحقق تلك الصفات فى النفس لا من جهة متعلقاتها بل توجد النفس تلك الصفات من جهة مصلحة فى نفسها ـ الى ان قال ـ ان المتكلم بالالفاظ الدالة على الصفات المخصوصة الموجودة فى النفس لو تكلم بها ولم تكن مقارنة مع وجود تلك الصفات اصلا نلتزم بعدم كونها مستعملة فى معانيها واما ان كانت مقارنة مع وجود تلك الصفات فهذا استعمال فى معانيها وان لم يكن تحقق تلك الصفات بواسطة تحقق المبدا فى متعلقاتها انتهى فاجاب عنه المحقق العراقى بما ملخصه قد مر فى مباحث الحرفية انها اخطارية لا ايجادية والربط بين الموضوع والمحمول ربما يكون بعثيا وربما يكون تمنويا وربما يكون ترجويا فان هذه الروابط معان حرفية يدل عليها هيئة الكلام فاذا قيل صل يدل على ربط شيء وبضميمة الاصل العقلائى من تطابق الارادة الاستعمالية للارادة الجدية يكشف عن ان الانشاء مطابق للارادة فلا يكون معنى صل اطلب منك الصلاة ولا يكون حكاية عن الخارج ايضا لانه ربما لا يكون له خارج فان البحث لا يكون فى الخارج بل يكون اللفظ فانيا فى المفهوم اوّلا ثم منه الى المصداق لو كان له المصداق فى الخارج.

(١) اى من الامر هو.

(٢) اى نفس الطلب اى المفهوم المنتزع عن حقيقته اى مفهومه الحاكى عن الطلب الحقيقى القائم بالنفس غايته بما انه يرى عين الخارج لا بما انه مفهوم ذهنى ولا بما هو هو فلا يكون عبارة عن المفهوم بما هو موقع باستعمال اللفظ فيه بقصد الايقاع المعبر عنه بالطلب الانشائى.

(٣) وحاك عن الصفة النفسانية.

(٤) اى اظهار الطلب الحقيقى.

(٥) اى الاظهار والانشاء.

(٦) لعل الصحيح ـ حقيقته ـ اى حقيقة الطلب والامر فان الامر هو الطلب المبرز.

١٦

ومنشأ انتزاع مفهومه (١) لا مفهومه (٢) كما هو الشأن (٣) فى شرح كل عنوان بامر حقيقى خارجى هو منشأ انتزاع مفهومه مع عدم اخذه (٤) فى مفهومه وح لا منافات بين ذلك (٥) وبين استعمال لفظ الامر فى معناه (٦) ومفهومه بنحو الحقيقة مع عدم وجود طلب خارجى (٧) ولا (٨) ابرازه كما هو الشأن فى استعمال سائر الالفاظ فى معانيها و (٩) ح لا يكشف ذلك (١٠) عن كون الامر بحقيقته عبارة عن الطلب الانشائى لدلالة الوجدان (١١) على كون اللفظ مستعملا

______________________________________________________

(١) اى مفهوم الطلب منتزع عما كان له الصفة النفسانية المبرز.

(٢) اى لا يكون معنى الامر مفهوم الطلب ولو كان الطلب انشائيا من دون حكايته عن الصفة النفسانية وانه غير دخيل فى مفهوم الامر والطلب وانما يكون منشأ انتزاع المفهوم فكان حيث الانشائية من شئون نحو الاستعمال وكيفياته القائمة به لا انه ماخوذ فى ناحية المستعمل فيه فالمستعمل فيه نفس المفهوم واستعماله فيه مكيف باستعمال انشائى.

(٣) اى يكون حقيقيا.

(٤) اى ذلك الامر.

(٥) من كون المراد هو الطلب الحقيقى اى لا منافات بين كون مفهوم الامر منتزعا عن الارادة الحقيقية المبرزة باللفظ والانشاء.

(٦) وهو الطلب الحقيقى من دون كون الابراز قيدا له ولا الارادة لان موضوع له للامر مفهوم الطلب المنتزع سواء كان وهناك امروا ارادة ابراز ام لا.

(٧) اى الصفة النفسانية.

(٨) اى ولا منافات بين ذلك وبين ابراز الطلب الحقيقى.

(٩) اى بعد ما كان الامر عبارة عن نفس المفهوم المنتزع عن حقيقته لا انه عبارة عن مفهوم الطلب بما هو موقع باستعمال اللفظ فيه بقصد الايقاع.

(١٠) فى عدم استعماله فى معناه الحقيقى وهو المفهوم بما انه حاك عن الطلب الحقيقى الخارجى الذى بوجه عينه دون الطلب الانشائى.

(١١) دليل على القول بكون الامر حقيقة فى الطلب الانشائى كما افاده صاحب

١٧

فى معناه الحقيقى مع عدم وجود طلب حقيقى (١) فى البين وذلك (٣) لما عرفت بان استعمال اللفظ فى مفهومه (٣) لا يقتضى وجود منشأ انتزاع المفهوم خارجا (٤) كما لا يخفى (٥) ثم الاشكال فى صدق الامر بابراز الطلب بصيغة اخرى (٦) و

______________________________________________________

الكفاية.

(١) اى الخارجى.

(٢) هذا هو الجواب عنه وملخصه ان الامر عبارة عن المفهوم المنتزع عن حقيقته بما انه عين الخارج لا انه عبارة عن مفهوم الطلب الموقع باستعمال اللفظ فيه بقصد الايقاع ، والمفهوم لا يعتبر فيه مطابق ومنشأ انتزاع فى الخارج وربما لا خارج له اصلا.

(٣) اى مفهوم الطلب.

(٤) اى الصفة النفسانية.

(٥) والفرق بين الوجهين منها ما عرفت من ان لازم هذا القول صدق الامر والطلب ولو لم يكن فى البين فى الواقع طلب ولا ارادة كما فى الاوامر الامتحانية والاوامر المنشأة بداعى السخرية بخلاف المختار اذا المتبادر من قوله امر بكذا انما هو البعث نحو الشى عن ارادة جدية دون البعث بغيرها من الدواعى ومنها انه على مسلكه اى صاحب الكفاية من كونه عبارة عن الطلب بما هو منشأ وموقع فكان الانشاء الذى هو من شئون نحو الاستعمال ومن كيفياته مقوما لتحقق الامر ومن هذه الجهة يكون الامر منتزعا عن الرتبة التى بعد الانشاء المتأخر عن الاستعمال فيكون تاخره عن نفس مفهوم الطلب المستعمل فيه اللفظ بمرتبتين من دون دخل للارادة الجدية ايضا فى صدق الامر وتحققه ، اما على المختار من كون الامر عبارة عن نفس الطلب اى مفهومه بما هو حاك عن الطلب الحقيقى القائم بالنفس فبهذا الاعتبار يصدق عليه الطلب الحقيقى ويحمل عليه بالحمل الشائع فليس من شئون الاستعمال كما عرفت بل منتزع عن نفس الارادة لكن بما هو عين الخارج.

(٦) كالطلب منك او افعل ذلك ونحو ذلك فلا محذور وكذا لو اراد منه الطلب بقيد الابراز عند الاخبار بهذه المادة عن اظهار الطلب بمظهر آخر كامرتك ونحوه ايضا كما سيأتى.

١٨

فى صدقه بابراز الطلب بهذه المادة اشكال (١) ووجه الاشكال ان مفهوم هذه المادة (٢) بعد ما كان منتزعا عن ابراز الطلب فقهرا يكون هذا المفهوم (٣) فى عالم التصور حاكيا على (٤) الابراز فيكون هذه المادة بمفهومه بمنزلة الطريق الى الابراز وكيف يمكن ان يصير (٥) واسطة لثبوته اذ مرجع الطريقية (٦) الى كونه من وسائط اثباته بحيث يرى المحكى عنه مفروغ الثبوت (٧) وفى هذا النظر يستحيل توجه النظر الى اثباته بنفس هذه المادة المستعملة

______________________________________________________

(١) انما الاشكال فى صدق الامر فيما لو اطهر الطالب طلبه بلفظ الامر فقال لمن دونه انى آمرك بكذا قاصدا بذلك اظهار طلبه بهذا اللفظ بوجهين الوجه الاول ان معنى الامر هو الطلب فى حال اظهاره للمخاطب بما يدل عليه كما اشرنا اليه فاذا كان اظهار الطلب بنفس هذا القول لزم تحقق معنى اللفظ بنفس استعماله فيه فيكون تحقق المعنى متوقفا على الاستعمال وهو متوقف على تحقق المعنى المستعمل فيه فيلزم الدور وبعبارة اخرى ان انشاء الطلب بهذا اللفظ يشكل لان معنى الامر هو الطلب فى حال اظهاره للمخاطب بما يدل عليه فاذا كان اظهار الطلب بنفس هذا القول لزم تحقق معنى اللفظ بنفس استعماله فيه فتحقق المعنى متوقف على الاستعمال وهو متوقف على تحقق المعنى قبله فهو دور صريح ، الوجه الثانى ما فى المتن وملخّصه ان مفهوم هذه المادة بعد ما كان منتزعا عن ابراز الطلب فلا محاله يكون هذا المفهوم فى عالم التصور حاكيا عن الابراز وعليه تكون هذه المادة بمفهومها بمنزلة الطريق الى الابراز ومعه يستحيل ان تكون واسطة لثبوته لعدم امكان اجتماع الواسطة فى الثبوت الدالة على الايقاع مع الواسطة فى الاثبات الدالة على مفروغية الثبوت والوقوع.

(٢) اى الامر.

(٣) اى الطلب المبرز.

(٤) لعل الصحيح ـ عن الابراز.

(٥) اى هذه المادة.

(٦) اى الحكاية وهو الوجه الاول.

(٧) لان ذلك لازم الحكاية عنه.

١٩

فى معناه (١) وح (٢) لا محيص عند ارادة اظهار الطلب بهذه المادة من تجريد المعنى عن قيد اظهاره فيراد منه حينئذ صرف الطلب كى يردا عليه اظهاره بهذه المادة ولازم ذلك كون مادة الامر فى مقام انشائه وابراز الارادة به مستعملا فى نفس الطلب لا فى الطلب المظهر وانما اريد منه هذا المعنى عند اخباره بهذه المادة (٣) عن اظهار طلبه بصيغة اخرى (٤) لا بهذه المادة (٥) كما لا يخفى. ثم (٦) ان فى اعتبار العلو محضا (٧)

______________________________________________________

(١) لما مر مرارا من النسبة الثبوتية والإثباتية متباينان وكذا الوقوعية والايقاعية فانه شيء واحد يكون حاكيا ومحكيا على هذا الاشكال.

(٢) فاجاب عن الثانى الماتن قدس‌سره بما ملخّصه انه عند ارادة اظهار الطلب بهذه المادة لا بد من تجريد المعنى عن قيد الابراز فيراد منه ح صرف الطلب وانما يراد منه الطلب بقيد الابراز عند الاخبار بهذه المادة عن اظهار الطلب بمظهر آخر وهذا اعتراف بورود الاشكال. واما الجواب عن الوجه الاول هو ان اللفظ مستعمل فى نفس المفهوم فيكون الاستعمال متوقفا على تحقق المفهوم فى مرحلة مفهوميته لا فى مرحلة وجوده خارجا وفى مثل المقام يتوقف تحقق وجود مطابقه فى الخارج على استعمال اللفظ فى مفهومه وبعبارة اخرى الاستعمال متوقف على تحقق المستعمل فيه اعنى به المفهوم ووجود مطابق المفهوم فى الخارج متوقف على الاستعمال فلا دور لمغايرة المتوقف مع المتوقف عليه فارتفع الاشكالين معا.

(٣) اى مادة الامر.

(٤) بان المادة استعملت فى الاخبار عن الطلب بصيغة اخرى كانت دالة على الطلب المبرز كامرتك بالصلاة البارحة لعدم كونه واسطة فى الاثبات.

(٥) وهو الامر.

(٦) الجهة الثالثة في اعتبار العلو في الامر وعدمه.

(٧) قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩١ ، الظاهر اعتبار العلو فى معنى الامر فلا يكون الطلب من السافل او المساوى امرا ولو اطلق عليه كان بنحو من العناية كما ان الظاهر عدم اعتبار الاستعلاء فيكون الطلب من العالى امرا ولو كان مستخفضا بجناحه

٢٠