نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

و (١) من التامل فى ما ذكرنا حال الضمائر (٢) اذ هى (٣) ايضا موضوعة للمفاهيم المبهمة الشبحية المنطبقة مع مراجعها بنحو انطباق المجمل مع المبين (٤) من دون فرق بين غائبها وحاضرها (٥) كما (٦) ان الموصولات ايضا كذلك (٧) غاية الامر

______________________________________________________

لا تدل على معناها وهو المفرد والمذكر الا بمعونة الاشارة الخارجية كالإشارة باليد كما هو الغالب او بالرأس او بالعين وضمير الخطاب لا يبرز معناه الا مقترنا بالخطاب الخارجى ومن هنا لا يفهم شىء من كلمة هذا مثلا عند اطلاقها مجردة عن آية اشارة خارجيه وعلى ذلك جرت سيرة اهل المحاورة فى مقام التفهيم والتفهم وصريح الوجدان ومراجعه سائر اللغات اقوى شاهد ـ مثل كلمة هذا موضوعة لواقع المفرد المذكر وهو كل مفهوم كلى او جزئى لا يكون مؤنثا لا لمفهومه وإلّا فلا بد ان يكون لفظ هذا مرادفا مع مفهوم المفرد المذكر مع انه خلاف الوجدان والضرورة وعلى ذلك فيكون الوضع عاما والموضوع له خاصا انتهى ويرد عليه فان كان المراد انها موضوعة للمعنى مقترنا بالإشارة الخارجية هو كون المعنى مقيدا به فيرجع الى قول الثانى وتقدم الكلام فيه وانه لو لم يستعمل فى الاشارة الحقيقية يكون مجازا وبالعناية والوجدان على خلافه ، وان كان المراد قضيته حينية وتوأمه كما هو المختار فنعم المطلوب ويكون الموضوع له عاما لان التشخص لا دخل له فى المستعمل فيه اصلا وموضوعه اسماء الإشارة لسنخ النسب والجامع بينها وهو عام ولو ان الموضوع له هو واقع النسب كما فى الحروف لكن الجامع بين المصاديق كما مر تفصيله لكن يرد عليه ليست الإشارة الخارجية مقترنا ولا الاشارة الواقعية بل مبرز لامر نفساني كما عرفت فما ذكره لا يمكن المساعدة عليه اصلا مضافا الى انه يلزم من كلامه لو قال الاعمى او وراء التلفون هذا زيد يتكلم مستعملا فى غير الموضوع لعدم اقترانه بالإشارة الخارجية.

(١) الجهة الثانية بين الضمائر.

(٢) من الحاضر والغائب مثل هو واياك والكاف وتاء الخطاب وهاء الغائب وانا للمتكلم ونحو ذلك.

(٣) اى الضمائر.

(٤) وملخصها انها موضوعة لمعان مبهمة متحده مع ما يماثل مفهوم مراجعها مقرنة بالغيبة والخطاب والتكلم على نحو القضية الحينية على ما مر والحصة التوأمة معها.

(٥) اى مشتمله على خصوصية الغيبيّة والحضور على نحو ما مر.

(٦) ـ الجهة الثالثة فى الموصولات كالذى والتى ونحوهما.

(٧) فتكون الموصولات موضوعة لمعان مبهمة مقترنة بما يفرض صلة لها.

٢٤١

اخذ فيها (١) جهة معهوديّة (٢) ليست هذه (٣) فى الموصوفة (٤) وهى (٥) الملاك لتعريفها (٦) لا حيث التقيد بصلاتها (٧) اذ هذا التقيّد (٨) من مداليل هيئة الكلام كما هو الشأن فى الموصوفة (٩) ومرجع الفرق بين الموصولة والموصوفة الى قولنا بالفارسيّة (كش) (١٠) و (آنكش) (١١) الراجع فى الحقيقة الى اشراب جهة معهوديّة

______________________________________________________

(١) اى فى الموصولات.

(٢) فان ذلك المعنى المبهم تارة يكون معهودا عند المخاطب بتلك الصلة كما تقول جاء اليوم من رايته امس وقد لا يكون معهودا بها كما تقول اكرم الذى يزورك.

(٣) المعهودية.

(٤) كجاء اليوم من ضرب امس.

(٥) اى المعهودية.

(٦) اى الموصولات.

(٧) جمع الصلة.

(٨) اى التقييد بالصلة.

(٩) فان التقيد بالوصف يكون مدلول هيئة الكلام.

(١٠) فى الموصوفات حيث لا تشتمل على المعهودية.

(١١) فى الموصولات حيث مشتمل على خصوصية زائده وهى المعهودية وربما قيل ان الموصولات ولا يبعدان يكون المتبادر منها عند اطلاقها وهو ان يقال انها موضوعه لايجاد الاشارة الى مبهم يتوقع رفع ابهامه بحيث يكون عملها امرين احدهما اصل الإشارة وثانيهما افهام المشار اليه المتوقع للتوصيف فيكون معنى الذى والتى معنى مبهم مشار اليه بايجاد الاشارة اليه فتكون الموصولات متضمنة للمعنى الحرفى وهذا وان يصعب تصوره لكن بعد التصور يسهل تصديقه انتهى لكن فيه اولا كون الموصلات ايجاد يا قد عرفت عدم امكانه للزوم الدور والمحال وثانيا ان يكون الاشارة ماخوذة فى مفهوم الموصول لم يتعهد من اى لغوى ولا من المتفاهم من المحاورات العرفية وثالثا انه يلزم كون الموصول موضوعا لمعنيين على ما صرح به ويدل على المعنيين وغير معهود ذلك ورابعا يفترق الموصوفات مع الموصولات مضافا الى ان العمدة فى الاشتباه هو تخيل المعهودية بالإشارة فما افاده لا يمكن المساعدة عليه اصلا فالنتيجة ان هذه الاسامى متخصص بخصوصيات زائدة من الإشارة والغيبة والخطاب والمعهودية لا بمفهومها بل بمصداقها بنحو خروج القيد والتقيد لكن مقترنة بتلك الخصوصيات ويكون الموضوع له فيها عاما كالوضع ويكون الموضوع له فيها ذلك

٢٤٢

فى الموصولة دون الموصوفة كما لا يخفى مقالة فى وضع المركبات (١) بعد (٢) ما عرفت وضع المفردات التى هى بمنزلة المادة للمركبات (٣) ووضع الهيئات الطارئة على الجمل (٤)

______________________________________________________

المعنى الابهامى وهو الجامع بين الخصوصيات الذى لا يكاد تحققه فى الذهن الا توأما مع الخصوصية لكن مقترنة باحد هذه الخصوصيات المزبورة لا مقيدة بها ولا مطلقة لان معانى المبهمات لا يمتاز بعضها عن بعض الا باقترانها بالخصوصيّة الموجبة لتخصصه فلا يمكن تصور الواضع نفس المعنى العام الموضوع له ووضع اللفظ بازائه كاسماء الاجناس لانه لا تحصل الامر المبهم عند العقل الا بالخصوصية التى لا ينفك عنها فى الخارج او فى الذهن فيضع اللفظ بازاء تلك الحصة المقارنة لتلك الخصوصية من الإشارة او من الصلة او غير ذلك فيكون الوضع فيه على نحوه فى الحروف من لا يتصور إلّا مع الطرفين فى الذهن كما فى الخارج ويمكن تصور عمومية الموضوع له فيها بالوضع العام المشهورة بان يكون الموضوع له الذات المبهمة التى هى معنى كلى لكنها بما انها ملازمة مع خصوصية الإشارة والغيبة وغيرهما فدلالتها على الخصوصية بالإشارة كما فى لام الامر ليضرب فان دلالته على الطلب بالملازمة فان ليضرب لا يدل إلّا على وقوع المبدا وصدوره من الفاعل متعلقا للطلب فهذه الجهة دل على الطلب ايضا هذا واما ثمرته فى الفقه من عموم الموضوع له او خصوصه كثير من الاطلاق والعموم وعدمه قد ورد في النبوي المعروف وسائل باب من ابواب الماء المطلق وخلق الله الماء طهور لا ينجسه شيء الا ما غير الخ فان كان عاما الموضوع له فيها يمكن التمسك بعموم الموصول وهو ما للنجس والمتنجس اى بوصفهما ونحو ذلك قوله (ع) لا تبع ما ليس عندك والنبوى على اليد ما اخذت وغير ذلك هذا غاية ما امكننى بيان كلام المحقق الماتن قدس‌سره وسائر المحققين وبيان الحق فى المعانى الحرفية وما يلحق بها والحمد لله رب العالمين.

(١) وهو الامر التاسع فى وضع المركبات مستقلا.

(٢) وقع الكلام فى وضع المركبات هل يكون لها وضع على حده مطلقا او لا يكون له وضع كذلك مطلقا او التفصيل بين الجملة الفعلية فليس لها وضع على حده دون الجملة الاسمية وسيأتى.

(٣) مثل زيد قائم وضرب عمر وبكرا فيكون مفرداتها وموادها موضوعة بوضع شخصى والمراد من الوضع الشخصي ما يكون الموضوع فيه جامعا بين اشخاص كلفظ زيد والنوعى ما يكون الموضوع فيه جامعا بين انواع كهيئة الفاعل المشتركة بين كثير من المواد مثل ضارب وقاتل وشارب وغيرها.

(٤) والهيئات تارة طارية على تلك المواد من خصوص اعرابها وهيئات المركبات

٢٤٣

فعليه كانت ام اسميه (١) لا يبقى مجال وضع للمركبات بموادها وهيئتها مجموعا (٢) قبال وضعهما (٣)

______________________________________________________

الموضوعة لخصوصيات النسب والاضافات بمزاياها الخاصة من تاكد وحصر وغيرهما وضعا نوعيا فانه لا ريب بعد مراجعة الوجدان ان المشتقات تكون موضوعة لربط ذات ما بوصف ما فان الضارب وضع لربط الضرب بالذات ولكن لا تكون الذات معينه ونحتاج فى الهيئة الكلامية الى ان تصير الذات مشخصة ولا ريب ان النسبة الناقصة لا تغنى مثل قولنا زيد القائم لانه لا يتشكل منه جملة فيحتاج الى هيئة تامة مثل ان تقول زيد قائم او قام زيد فانه من الضرورى ان الدلالة التصورية فى هذا لا تفيد الربط مثلا لفظة زيد مثلا تحكى عن ذات ما ولفظه القيام عن صفة ما واما ربط هذه الصفة بتلك الذات محتاج الى جعل على حده.

(١) كما تقدم المثال لهما.

(٢) اى المادة بقيد الهيئة مجموعا.

(٣) وهو وضع المفردات اى اجزاء الجملة بمادتها سواء كانت من الجوامد كزيد او المشتقات مثل ض ر ب ووضع الهيئات بقسميها من هيئات تلك المفردات ايضا على ما عرفت من ضارب وضرب ويضرب ونحوها نوعيا ووضع هيئات نفس المركب والجملة ايضا نوعيا الدالة على الحصر والاضافة وغيرهما على ما تقدم فلا وجه لوضع آخر يتعلق بالمجموع منهما وهو الوضع الثالث فانه قول بلا بيان ودعوى بلا برهان واستدل على ذلك فى الكفاية بوجهين قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٤ بداهة ان وضعها كذلك واف بتمام المقصود منها كما لا يخفى من غير حاجة الى وضع آخر لها بجملتها ، مع استلزامه الدلالة على المعنى تارة بملاحظة وضع نفسها واخرى بملاحظة وضع مفرداتها الخ والوجدان قاض بانه ليس إلّا دلالة واحدة ويمكن الجواب عن الاول بصلاحية كل من الوضعين للمقدمية مع العلم به ولو مع الجهل بالآخر ، وعن الثانى بان حكومة الوجدان بوحدة الدلالة لا تمنع من ثبوت وضعين لامكان كونه من قبيل اجتماع علتين على معلول واحد فيستند الاثر اليهما او الى الجامع بينهما ، ان قلت انه يلزم تعدد الدال على مدلول واحد وهو لغو قلت ان للهيئة وضعا آخر غير وضع المفردات فكما ان الدال متعدد فالمدلول متعدد فالعمدة ما ذكرنا وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ١ ص ١١٠ فلو التزمنا بتعدد الوضع للزمنا الالتزام بعرضية الانتقالين وذلك لان المركبات بما هى لو كان لها وضع فلا محاله كان وضعها لافادة ما يستفاد من مجموع الهيئة والمادة فى الجملة لعدم معنى آخر على الفرض وعليه فلزمنا الالتزام بعرضية الانتقالين لتحقق كل من الدالين فى عرض تحقق الآخر وهذا مخالف الوجدان انتهى ومعنى عرضية الانتقالين

٢٤٤

بلا اشكال لعدم الحاجة اليه قطعا (١) اذ المقصود من انفهام المعنى من المركبات بالخصوصيات الطارئة على الذوات من انحاء النسب والاسنادات حاصل بمحض جعل موادّها وهيئاتها بلا احتياج الى وضع آخر لمجموع المادة والهيئة نعم هنا شىء آخر (٢) وهو ان الهيئة التركيبية تارة عارضه على الجمل الاسمية كالحمليّة (٣) واخرى عارضه على الجمل الفعلية كضرب زيد مثلا ففى الأول (٤) لا اشكال فى

______________________________________________________

ان الجملة تحكى عن الصورة الذهنية للجملة التركيبية فعند ابرازها باللفظ تدل على تلك المعانى المفردة عند التكلم فلو كان وضع آخر يدل على ذلك المعنى ايضا عند التفوه بالابراز فيكونا عرضيين لا ان الجملة ابتداء تدل على المعانى المفردة وعند تماميتها تدل على المعنى فيكونا طولين بل زيد يدل على معنيين متحدين فى آن واحد وفيه مضافا الى ما تقدم من الجواب عند الجهل باحدهما ، ان النفس من صقع ربوبى ولها عنايات كثيرة ومخزون عنده الماء والنار وصور متغايرة وافراد متباينة فى زمان واحد ولا محذور فيه اصلا ولا وجدان على خلافه كما لا يخفى.

(١) هو الوجه لعدم الوضع الثالث لعدم الاحتياج اليه بعد الوضعين.

(٢) اشارة الى ما افاده المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٣٢ قال واما ما يتوهم من ان المراد من وضع المركبات وضع المركب بما هو مركب فغير صحيح ولا يمكن ان ينسب الى احد من العقلاء فضلا عن العلماء والمراد من وضع المركبات هو وضع الهيئات التركيبية الاسمية فى الكلام العربى كزيد قائم فانه وقع النزاع فى ان الموضوع للربط الكلامى هل هو الاعراب كما ذهب اليه بعض ، واورد عليه بان الاعراب مشترك بين هذا النحو من التركيب وبقية التراكيب او انه هو الضمير المقدر اى لفظه هو كما اختاره جماعة من اهل الميزان. واورد عليه بانه موضوع لمفهوم استقلالى اسمى فلا يكون مفيدا للمعنى الحرفى او انه الهيئة التركيبية كما هو المختار للمحققين واما الجمل الآخر كضرب زيد او كان زيد قائما فالمفيد للربط فيها هى هيئة الفعل بانواعها وقد يكون الدال على الربط احد الافعال الناقصة كلفظ كان مثلا ولو كان للهيئة التركيبية فى الجمل الفعلية وضع على حده لزم افادة المعنى الواحد مرتين وهو غير معقول.

(٣) كزيد قائم.

(٤) اى الجملة الاسمية فانه فى بيان ان الجملة الاسمية تحتاج الى القسم الثانى من وضع الهيئة من النسب والاضافات.

٢٤٥

وضع هيئته للاسناد (١) وايقاع النسبة المعهودة بين الطرفين قبال وضع مفرداته المعروضة لهيئتها ومن هذا القبيل (٢) ايضا هيئات المركبات الناقصة (٣) الحاكية عن النسب الثابتة كما اسلفناه (٤) واما فى الجمل الفعلية (٥) او الاسمية الغير الحملية (٦) كزيد ضرب او فى مثل القضايا الشرطية (٧) قد يتوهم (٨) بانه لا يبقى ايضا مجال لوضع هيئة الجملة زائد عن وضع مفردها اذ مثل هيئة الفعل واف لبيان الاسناد فيها (٩) كما ان كلمة ان واخواتها وافية لبيان اناطة الجزاء بشرطه (١٠) فلا يبقى بعد ذلك مجال لوضع هيئة المركب زائدا على وضع مفرداتها ، اقول (١١) لا يخفى ان غاية

______________________________________________________

(١) فان الجملة لا شبهة فى احتياجها الى ربط بعض اجزائها ببعض والجملة الاسمية حيث لا تدل كل من اجزائها على ذلك الربط افتقرت الى وضع هيئتها او ما يقوم مقامها للدلالة على ذلك الربط.

(٢) اى الاحتياج الى وضع الهيئة للاسناد والنسبة الإيقاعية.

(٣) كزيد القائم فانها لا تفيد الربط.

(٤) والحاصل ان فى هذه الموارد تحتاج الى جعل الهيئة للنسبة الإيقاعية وبدونه لا ربط هذه الصفة بتلك الذات فتحتاج الى جعل على حده.

(٥) مثل ضرب زيد.

(٦) اى الاسنادية مما كان المسند والمسند اليه.

(٧) مثل ان جاءك زيد فاكرمه.

(٨) قد عرفت انه المحقق النّائينيّ قدس‌سره.

(٩) فمثل ضرب لما كان دالا على الصدور فى زمان خاص وهو يحتاج الى فاعل هو الذات فاذا ضم اليه ذات وجعلت بعده يكون ربطه بها من غير مئونة بخلاف قولنا زيد قائم فانه لا يفهم من الاسم الاحتياج الى الذات فلا مجال يجب ان تجعل الهيئة للربط وبعبارة اخرى ان هيئة الفعل فى الجملة الفعلية تدل على ربط مادته بفاعلها المذكورة بعده اغنت عن وضع هيئة الجملة على ذلك الربط.

(١٠) فالدال على الربط ان وامثالها وفى كان زيد قائما كان وهو من افعال الناقصة وامثال ذلك فلا يحتاج الى وضع آخر للهيئة كما مر.

(١١) هذا هو الجواب عن هذا التفصيل وملخصه ان غاية ما تدل هيئة الفعل نسبة الفعل وربط مادته الى فاعل ما اما انه زيد فاعل ام من قيوده فلا تدل عليه إلّا هيئة اخرى والرفع

٢٤٦

دلالة هيئة الفعل هو اسناد المسند (١) الى شيء ما (٢) واما كون زيد فاعلا وعمر ومفعولا ام كونهما من قيود الفاعل او المفعول فالهيئة المزبورة (٣) آبية عن هذه الدلالة فلا يكون الدال على مثل هذه الجهات الزائدة عن وضع المفردات (٤) اشتقاقيا (٥) ام غير اشتقاقى (٦) الا الرفع والنصب والجر المقوّمات للهيئة الكلامية (٧) وح الغرض من الفرق (٨) بين الجمل الحملية وغيره ان كان من جهة وضع الهيئة القائمة بجميع اجزاء المركب فى الحملية وببعضها فى غيره ففى غاية المتانة اذ فى غير الحملية

______________________________________________________

الثابت لزيد لا تدله الا على فاعلية مركوبه دون الربط بين المفردات وبعبارة اخرى فكما ان تشخيص ان فاعل مادته اى شيء هو فلا دلالة لهيئته عليه وذكر اسم ما بعد ذكر الفعل لا يدل على كون ذلك الفاعل المبهم هو مدلول ذلك الاسم ما لم تدل عليه هيئة الجملة للدلالة على ذلك الربط الخاص اعنى به ربط الفعل بالفاعل المشخص بذكر اسمه بعد الفعل المسند اليه.

(١) وهو الحدث كالضرب.

(٢) اى فاعل ما.

(٣) اى هيئة الفعل.

(٤) من الربط الى فاعل معين ومفعول كذلك لا ذات ما.

(٥) كضرب يضرب ضارب.

(٦) مثل زيد.

(٧) الدالة على فاعلية المعين ومفعولية كذلك وبالجملة ان لفظ زيد فى ضرب زيد من الجوامد وليس له إلّا وضع واحد شخصى للهيكل الفلانى لا انه فاعل لضرب او لغيره من الافعال والرفع على تقدير دلالته لا يدل إلّا على انه فاعل مع انه لازم اعم ولا يدل على انه فاعل لهذا الفعل الخاص فانتساب الفعل الى هذا الفاعل الخاص ليس إلّا مفاد هيئة نفس الجملة.

(٨) وملخص الفرق الاول ان فى الجمل الحملية كزيد قائم يكون مضافا الى وضع المفردات تكون هيئة زيد قائم موضوعة للنسبة الصدورية القيام من زيد وهذه الهيئة قائمة بزيد وقائم وهو القيام المنتسب الى فاعل ما معا وهو مجموع افراد المركب كما هو واضح واما فى غير الحملية من الفعلية كضرب زيد تكون اسناد الضرب الى زيد فيكون ضرب مادة موضوع للحدث الكذائى والهيئة موضوعة النسبة الى فاعل ما فى الزمن الماضى مثلا فضرب بسنده الى زيد فالهيئة قائمة بزيد وهو المسند اليه والفعل خارج عن تحت الهيئة التركيبية بهذا المعنى فهذا امر صحيح لا ريب فيه.

٢٤٧

من الجمل نفس الفعل خارج من تحت الهيئة التركيبية الموضوعة وان كان الغرض (١) عدم وضع الهيئة التركيبية فى الجمل الفعلية وامثالها بقول مطلق فهو خلاف التحقيق اذ (٢) رفع زيد او نصبه المقوم لهيئة الكلام فى الجملة دخل فى الدلالة على فاعليته او مفعوليته زائدا عن وضع مفرده كما لا يخفى ، ولئن شئت قلت انا لا نعنى من الهيئة الطارئة على الكلام الا حالة تطرأ على المفردات زائدا عما يقتضيه وضع مفرده (٣) ومن المعلوم ان هذا المعنى (٤) فى الجمل الحملية (٥) طارية على مجموع مفرداته من المبتدإ (٦) والخبر (٧) وفى الجمل الغير الحملية من الفعلية (٨) وما يشابهها (٩) لا تكون الهيئة المزبورة الا طارية على متعلقات الفعل

______________________________________________________

(١) وملخص الفرق الثانى ان لا يكون الجملة الفعلية هيئة اخرى موضوعة للنسبة ولو تكون قائمة ببعض اجزاء المركب اصلا بل يكتفى بوضع نفس الهيئة الموجودة فى الفعل فهذا خلاف التحقيق جزما بل للكلام هيئة تدل على فاعلية زيد بالخصوص فى هذا المركب.

(٢) وهذا هو الوجه لذلك فان رفع زيد ونصبه وان يدل على فاعلية زيد ومفعوليته لكن هو مقوم للهيئة الكلامية الموضعة لارتباط النسبة الموجودة فى ضرب الى فاعل ما بزيد ويكون الفاعل والذات هو الزيد او الموقع عليه هو عمرو وهكذا زائدا على وضع مفرداته مادة وهيئة فى المشتقات ومجموع المادة والهيئة فى الجوامد وهذا امر واضح لا ريب فيه.

(٣) وهذا امر وجدانى فضرب زيد مر مرارا ان زيد موضوع للشخص الكذائى و (ض ر ب) موضوع للحدث الكذائى وهيئة ضرب موضوعة للنسبة الى فاعل ما فى الزمن الماضى والرفع موضوع لفاعلية مركوبه فاى شيء ينسب هذه الاجزاء بعضها ببعض فليس ذلك الا الهيئة الكلامية فينسب ويسند الضرب الى زيد وهو هذا الذات المخصوص.

(٤) اى المعنى الزائد عما يقتضيه وضع مفرده.

(٥) كما مر آنفا زيد قائم.

(٦) وهو زيد فى المثال.

(٧) والقائم فى المثال.

(٨) كضرب زيد.

(٩) من الجمل الشرطية كان جاءك زيد فاكرمه فانما ينسب وجوب الاكرام لزيد عند المجيء فالفعل خارج عن الهيئة.

٢٤٨

من الفاعل والمفعول (١) وقيودهما (٢) بلا عروضها على نفس الفعل (٣) لان الرفع والنصب والجر الموجبة لعروض حالة مخصوصة على المفرد (٤) زائده عما يقتضيه وضعية (٥) مختصة فى الجمل الفعلية بمتعلقات الفعل (٦) ولا يصلح طروّها لنفس الفعل (٧) فيختص وضع الهيئة فيها (٨) بمتعلقات الافعال بلا عروضها (٩) لنفسها (١٠) كما لا يخفى

______________________________________________________

(١) كزيد فى الأمثلة.

(٢) كان جاءك زيد العالم فاكرمه فتكون الهيئة طارية على زيد العالم فالعالم من قيود الفاعل وكذا المفعول.

(٣) وهو ضرب فى ضرب زيد.

(٤) وهى انتساب بعض الاجزاء المركب ببعض.

(٥) اى وضع مفرداته على ما مر مرارا.

(٦) وهو بعض اجزاء الجمل فيسند الفعل الى ذلك فان الرفع والنصب والجر كاشفة عن تلك الهيئة الكلامية.

(٧) لان تلك الحركات تختص بالاسماء ولا تدخل على الافعال.

(٨) اى فى الجمل له الفعلية.

(٩) اى تلك الهيئة.

(١٠) اى نفس الافعال مضافا الى ذلك كله ان الهيئة الكلامية ربما تدل على الخصوصيات الأخر التى تشتمل عليها الجملة من الحصر والاختصاص ونحوهما من المزايا كما هو واضح فتلخص ان فى مثل زيد قائم زيد موضوع لمعنى مادة وموضوع لمعنى آخر وهو الابتداء هيئة ومادة قائم موضوعة لمعنى وهيئته الحاصلة من خصوص اعرابه موضوعة لمعنى آخر وهو كونه خبرا وهيئته القائمة بمادته وهى هيئة الفاعل موضوعة لمعنى ثالث والهيئة القائمة بمجموعهما اى مجموع زيد والقائم موضوعة لمعنى ولكل خصوصيته من الخصوصيات المستفادة من الجملة كالاستمرار والدوام والتجدد والحدوث والحصر والتاكيد وما شاكل ذلك وضع بازائه لفظ فاذا كانت اجزاء المركب ومفرداته بموادها وهيئاتها موضوعة لمعان فلا حاجة الى وضع المركبات التى هى مركبة من تلك المواد والهيئات وضعا على حده ضرورة ان كل معنى تعلق به غرض المتكلم يمكن تفهيمه بالمركب زيادة حرف او كلمة او نقصانها من دون الالتزام بوضع المركب وضعا على حده ، واستادنا الخوئى يورد هكذا على المحقق النّائينيّ قال فى الاجود ج ١ ص ٣٢ لا يختص وضع الهيئة التركيبية خصوص هيئة الجملة الاسمية بل الخصوصيات المستفادة من الكلام الزائدة على ما يستفاد من هيئة الفعل

٢٤٩

مقالة فى علامات الحقيقة والمجاز (١) قد ذكر والعلائم الوضع امورا من التبادر (٢) وصحة السلب (٣) والاطراد (٤)

______________________________________________________

كصدور الفعل من عيسى فى قولك اعان عيسى موسى او الحصر المستفاد من قوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) الى غير ذلك كلها يستفاد من هيئات الجمل فما افاده قدس الله سره فى معنى ثبوت الوضع للمركب وان كان وجيها إلّا ان تخصيصه ذلك بخصوص الجملة الاسمية لا وجه له انتهى ويرد عليه ان مراد المحقق النّائينيّ هو الدال على الربط الكلامى زائدا على الدال على الخصوصيات الحصرية وانه يختص بالجملة الاسمية دون الفعلية كما لا يخفى وقد عرفت الحق فى المقام.

(١) نموذج ٥ فى علائم الحقيقة والمجاز.

(٢) التبادر هو انسباق المعنى الى الذهن من نفس اللفظ وحاقه عند سماعه بلا كونه قرينة حالية او مقالية فيكشف عن ان ذلك بسبب ارتباط ذلك اللفظ بذلك المعنى وعلاقته به فى نظر السامع وهذا هو حقيقة الوضع وعلائمه.

(٣) صحة السلب من علائم عدم الوضع بالحمل الاولى وهو حمل احد المفهومين على الآخر المتحدين ذاتا ووجودا كالحد بالاجمال والتفصيل او لجهة اخرى فيقال ان الانسان ليس بحمار او ليس بحيوان ناهق فيستكشف عدم اتحاد مفهوم الحمار او الحيوان الناهق مع مفهوم الانسان وكذا صحة السلب على نحو الحمل الشائع وهو التغاير فى المفهوم والاتحاد فى الوجود كالطبيعى وفرده او نحوه على ما ذكر فى محله فيقال الرجل الشجاع ليس باسد اما صحة الحمل فسيأتي الكلام فيه وقال المحقق العراقى فى البدائع ج ١ ص ١٠٠ اما السلب فان كان بطور الجمل الاولى بكلا معنييه فهو يدل على عدم الوضع ضرورة انه لو قيل ان الانسان ليس بحمار او ليس حيوانا ناهقا لاستكشفنا عدم اتحاد مفهوم الحمار او الحيوان الناهق مع مفهوم الانسان ، واما الحمل بطور الحمل الشائع فلا يدل على عدم الوضع لصحة سلب الانسان بهذا الحمل عن الحيوان الناطق وبالعكس مع اتحادهما ذاتا الى آخر كلامه.

(٤) ثم ان الاطراد له معان منها الاطراد فى الاستعمال بلا قرنيه كما هو المعروف فلا اشكال ظاهرا فى كونه من علائم الحقيقة على ما سيأتى وعلامة المجاز فانه بعد ان يرى اطراد استعمال لفظ فى مقامات متعددة فى معنى وانه فى جميع تلك الموارد ينسبق منه معنى واحد بلا معونة ولا قرينة فى البين حالية او مقالية يقطع عادة بان الانسباق المعهود فى تلك الموارد كان من نفس اللفظ وحاقه لا انه كان من جهة قرينة مخفية وسيأتى الكلام كما يظهر ذلك من صاحب

٢٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الكفاية وسيأتى وهو تكرار الاستعمال فى معنى وشيوعه ولا يرد عليه ما فى المحاضرات ج ١ ص ١٢١ من استادنا الخوئى انه اذا صح الاستعمال فيه مرة واحدة يصح فيه مرات عديدة من دون فرق فى ذلك بين الاستعمال الحقيقى والمجازى الخ ـ وجه الفساد ان شيوع الاستعمال باعتبار كون الاستعمال فى المعنى بلا قرينة حالية او مقاله مكررا عند اهل المحاورة والآمرة واحدة لا تدل على شيء من الوضع اصلا فانه يدور بين ان يكون تمام الاستعمال الكثيرة مجازا من دون قرينة او حقيقة والمجاز بلا قرينة غير مطرد فينحصر بان يكون حقيقة ومنها ما ذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ١ ص ١٢٤ فى معنى الاطراد استعمال لفظ خاص فى معنى مخصوص فى موارد مختلفه بمحمولات عديدة مع الغاء جميع ما يحتمل ان يكون قرينة على إرادة المجاز فهذا طريقة عمليه لتعليم اللغات الأجنبية واستكشاف حقائقهما العرفية الى آخر كلامه وفيه ان هذا يرجع الى الوجه الاول فان كثرة الاستعمال فى معنى معين هو الذى يكون بمحمولات عديدة فيقال هذا ماء الماء فى الكوز ائتنى بماء اخلط السكر مع الماء اهرق الماء عليه اشرب الماء معه وهكذا نعم ربما يكون كثرة الاستعمال فى محمول واحد فيغاير هذا القول فيكون هذا القول أخص من الاول لكن مناقشته وارده على قوله ايضا لانه ان صح حمله بمحمول واحد فلا يحتاج الى محمولات عديدة وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٣٠ ليس الغرض تكرر استعمال لفظ فى معنى وعدمه بل موردها تين العلامتين ما اذا اطلق لفظ باعتبار معنى كلى على فرد يقطع بعدم كونه من حيث الفردية من المعانى الحقيقية لكنه يشك ان ذلك الكلى كذلك ام لا فاذا وجد صحة الاطلاق مطردا باعتبار ذلك الكلى كشف عن كونه من المعانى الحقيقية لان صحة الاستعمال فيه واطلاقه على افراده مطردا لا بد من ان تكون معلوله لاحد امرين اما الوضع واما العلامة وحيث لا اطراد لانواع العلائق المصححة للتجوز ثبت الاستناد الى الوضع فنفس الاطراد دليل على الحقيقة وان لم يعلم وجه الاستعمال على الحقيقة كما ان عدم الاطراد فى غير مورد يكشف عن عدم الوضع وإلّا لزم تخلف المعلول عن العلة لان الوضع علة صحة الاستعمال مطردا الخ والحاصل ان اطلاق لفظ باعتبار معنى كلى على فرد مع القطع بعدم كون ذلك الفرد من حيث الفردية معنى حقيقيا ان كان مطردا كشف عن كونه من المعانى الحقيقية وان لم يكن مطردا كاطلاق لفظ الاسد على كل فرد من افراد الشجاع فعلامة المجاز فان كان اللفظ المستعمل فى فرد باعتبار كونه مصداقا لكلى جائز الاستعمال فى كل ما هو فرد لذلك الكلى مثلا لفظ الانسان يستعمل فى زيد باعتبار كونه مصداقا للحيوان الناطق وهذا المعنى مطرد لهذا الاعتبار فى جميع الموارد اى يجوز استعمال لفظ الانسان فى كل ما هو مصداق للحيوان الناطق باعتبار انه فرد له فيستكشف من هذا لاطراد وعدم التخلف

٢٥١

ولكن هذه الامور ليست بمساق واحد (١) اذا لتبادر علامة لوجود الوضع (٢) وصحة السلب عدمه (٣) والاطراد (٤) علامة لاستناد التبادر او صحة السلب الى حاق اللفظ

______________________________________________________

ولو فى مورد واحد ان بين اللفظ وذلك المعنى الكلى علاقة وارتباط تكون تلك العلاقة والارتباط علة لعدم التخلف ولا تحصل تلك العلاقة إلّا بالوضع. وما ذكره لا يمكن المساعدة عليه اما اولا فان استعمال اللفظ الموضوع للكلى فى افراده بمالها من الخصوصية والعوارض يكون مجازا مع العلاقة او حسن الاستعمال وو غلطا بدونهما فاحتمال كون ذلك الاستعمال حقيقة منتف رأسا بل امره دائر بين الغلط والمجاز كما ان تطبيق المعنى الارتكازى عليها مطردا بلا ارادة الخصوصية يوجب التخلف فى العلامة اذا لعلامة ح هى صحة الحمل على ما ستعرف وارجاعها الى التبادر لان التطبيق فرع العلم يكون المعنى قابلا للانطباق على الافراد واما ثانيا فقد افاده استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ١ ص ١٢٢ وذلك ان انطباق الطبيعى على افراده والكلى على مصاديقه امر عقلى واجنبى عن الاستعمال بالكليّة فلا يعقل ان يكون المعنى كليا ومع ذلك لا ينطبق على تمام افراده ومصاديقه ولا يصح اطلاقه عليها فهذا من الواضحات الأولية وغير قابل للنزاع فيه اصلا واما عدم انطباق بعض المفاهيم فى بعض الموارد فهو انما كان من جهة ضيق دائرة ذلك المفهوم من ناحية تخصصه بخصوصية ما عرفا ومن الواضح ان مثل هذا المفهوم لا ينطبق إلّا على افراد تلك الحصة الخاصة دون غيرها فان سعة الانطباق وضيقه تابعان لسعة المفهوم وضيقه (الى ان قال) فعدم الاطراد بهذا المعنى او ان اطراد مشترك فيه بين المعنى الحقيقى والمعنى المجازى وتابع لسعة المعنى وضيقه ومنه يظهر ان عدم اطراد اطلاق لفظ الاسد باعتبار مفهوم الشجاع على كل فرد من افراده من جهة ان صحة ذلك الاطلاق انما كانت باعتبار حصة خاصه من ذلك الكلى لا هو باطلاقه والاطلاق بتلك الحصة مطرد انتهى وفيه ان ما ذكره لا يمكن المساعدة عليه فان موضوع كلام المحقق الاصفهانى ليس الانطباق حتى يناقش فيها بل مراده ان بالانطباق يكشف عن كون الموضوع له لذلك اللفظ المعنى الكلى الذى ينطبق على جميع الافراد بعد ما يصدق الكلى على هذا الفرد او مع سائر الافراد مكررا ومطردا فالصحيح هو الجواب الاول اما الدور فسيأتي الكلام فيه على هذه العلامة بالخصوص وان كان ظاهر المتن عدم جريانه.

(١) اى فى عرض واحد.

(٢) كما عرفت.

(٣) اى عدم الوضع كما مر مفصلا.

(٤) وملخص ذلك انه يمكن احراز الانسباق وكذا صحة السلب وتشخيص نحو

٢٥٢

ورافع استنادهما الى قرينة حافة بالكلام ولو بمثل الانصراف الاطلاقى (١) حيث ان الاستقراء فى موارد الاستعمال سلبا (٢) ام ايجابا (٣) ربما يكشف بحكم ارتكاز الذهن ان فهم المعنى سلبا ام ايجابا مستند الى نفس اللفظ (٤) لا قرينة اخرى كما انه قد يستفاد هذه الجهة من امر آخر (٥) بحيث لا يحتاج الى استقراء موارده ومن

______________________________________________________

الانسباق بالاطراد وعدمه فيكون الاطراد من قبيل السراج على السراج فان كان انسباق المعنى مطردا احرزنا كون ذلك الانسباق مستندا الى الوضع لا الى بعض القرائن او الاحوال الطارئة على اللفظ من مقام المتكلم واحواله وان لم يكن مطردا بان كان المعنى ينسبق من اللفظ فى بعض الاحوال او فى بعض المقامات دون غيره استكشفنا كون ذلك الانسباق غير مستند الى نفس اللفظ وحده فالنتيجة الاطراد ليس دليل مستقل على الوضع بل لو كان اطراد استعمال لفظ فى مقامات متعددة فى معنى وانه فى جميع تلك الموارد ينسبق منه معنى واحد يقطع عادة بان الانسباق المعهود فى تلك الموارد كان من نفس اللفظ وحاقه لا انه كان من جهة قرينة مخفية فى البين او مناسبة طبيعيه فيكون طريقا الى التبادر الحاقى الذى هو طريق الى الحقيقة لكن يرد عليه انه على المعنى الثالث يكون اجنبيا عن العلامتين ويكون بنفسه اى اطراد استعمال اللفظ فى الفرد المنطبق عليه معنى كلى عليه وعلى سائر الافراد يكون نفس استعمال اللفظ المطرد كذلك كاشفا عن العلقة الوضعية دون ان يكون من مبادى التبادر وصحة الحمل بخلاف الوجهين من كثرة الاستعمال ومحمولات عديدة فعلامتان لكون الانسباق من حاق اللفظ لا غير وهو من مبادى التبادر.

(١) اى رافع لاستناده الى الانصراف الاطلاقى ايضا بانه انصراف بدوى وفى الحقيقة يكون الموضوع له شيء آخر.

(٢) فى صحة السلب علامة المجاز.

(٣) فى التبادر.

(٤) فيكون حقيقة فى الثانى ومجازا فى الاول.

(٥) كما يحصل الوضع بتنصيص الواضع بقوله انى قد وضعت اللفظ الكذائى لمعنى كذائى ولو ان الاشكال فى صغراه وتنصيص اهل اللغة حيث انهم المرجع فى تعيين الاوضاع ويقبل قولهم فى باب اهل الخبرة او الشهادة او الانسداد لكن الكلام انهم بصدد تعيين ما يستعمل فيه اللفظ ولا يثبت الوضع به لا عمية الاستعمال من الحقيقة ولعل مراد الماتن من امر آخر هو الاصل فى كونه من حاق اللفظ لو تم قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٥ ثم ان هذا فى ما لو علم استناد الانسباق الى نفس اللفظ واما فى ما احتمل استناده الى قرينة فلا تجدي اصالة عدم

٢٥٣

المعلوم ح (١) انه ينتقل تفصيلا الى وجود الوضع (٢) او عدمه (٣) وان كان منشأ هذا الانفهام هو الارتكاز الاجمالى (٤) و (٥) باختلاف العملين تفصيلا واجمالا يرفع شبهة الدور المعروفة (٦) ولو بتقريب (٧) ان مطلقهما (٨) لا يكون علامة (٩) ومقيدا

______________________________________________________

القرينة فى احراز كون الاستناد اليه لا اليها كما قيل لعدم الدليل على اعتبارها الا فى احراز المراد لا الاستناد انتهى وذلك لان الدليل ان كان ادلة الاستصحاب فهى مختصة بما اذا كان المستصحب حكما شرعيا او موضوعا لحكم شرعى وليس كذلك عدم القرينة مضافا الى انه مثبت للوازمه العقلية وهو استناد الظهور الى نفس اللفظ وان كان بناء العقلاء كما اشتهر من حجية الاصول المثبتة فى الالفاظ لبناء العقلاء عليها فذلك مسلم إلّا انه فى غير المقام فان الشك فى القرينة تارة يكون مع الشك فى المعنى الحقيقى واخرى مع الشك فى المراد مع وضوح المعنى الحقيقى فان كان الشك من قبيل الثانى جرت اصالة عدم القرينة وان كان من قبيل الاول ومنه المقام لم تجر لعدم بناء العقلاء على جريانها ولذا اشتهر أن الاستعمال اعم من الحقيقة وسيأتي ايضا.

(١) اى حين الاستقراء وكون فهم المعنى مستندا الى نفس اللفظ.

(٢) بالتبادر والاطراد.

(٣) بصحة السلب.

(٤) الموجود فى النفس.

(٥) اشارة الى الدور وجوابه.

(٦) هذا كان ملخص الجواب عن الدور باختلاف العلمين تفصيلا واجمالا بان العلم الذى يتوقف التبادر عليه هو العلم الاجمالى الارتكازى والعلم الذى يتوقف على التبادر هو العلم التفصيلى فان الانسان بحسب ما له من الارتكاز يتبادر المعنى فى ذهنه من اللفظ وهو الحاصل من لسان الاب والأمّ ونحو ذلك وبالتبادر يلتفت تفصيلا بان المعنى المنساق هو المعنى الحقيقى وح فيرتفع الدور بذلك وكون الموقوف على التبادر غير الموقوف عليه.

(٧) تقريب الدور تبادر المعنى من اللفظ متوقف على علم المتبادر بارتباط ذلك اللفظ وعلاقته بالمعنى فاذا فرض توقف علمه بارتباطه به على التبادر لزم الدور.

(٨) اشارة الى ان الدور يجرى فى التبادر وفى صحة السلب فانهما يتوقفان على العلم بالوضع دون الاطراد فانها لا يتوقف على العلم بالوضع ولو اجمالا وعلى اى هذا تقريب آخر الدور.

(٩) اى مطلق تبادر المعنى ومطلق صحة سلب المعنى لا يكون علامة للحقيقة

٢٥٤

باستنادهما الى الوضع (١) يوجب الدور لوضوح الجواب (٢) بان مجرد استنادهما (٣) الى اللفظ المجرد كاف فى اثبات الوضع واستكشاف هذا الاستناد بالأخرة ينتهى الى العلم الاجمالى الارتكازى ولو من اهل المحاورة وهو (٤)

______________________________________________________

والوضع فى الاول ومجاز فى الثانى لوجوده مع القرينة والمجاز ايضا.

(١) بان يكون الانسباق وصحة السلب مستندا الى الوضع ومن حاق اللفظ يلزم الدور كما عرفت اى يكون التبادر المقيد بالحقيقة فيثبت الدور.

(٢) فى بيان توضيح الجواب.

(٣) اى التبادر وصحة السلب لا يكونان مقيدا بشىء بل يستند ان الى نفس اللفظ المجرد فلا يتوقف على العلم بالوضع.

(٤) اى التبادر والحاصل انه يستند بالتبادر العلم تفصيلا يكون اللفظ موضوعا للمعنى الذى انسبق الى ذهنه واما انسباقه الى ذهنه فهو لا يتوقف على خصوص العلم التفصيلى بل يكفى فى حصوله العلم الاجمالى المكنون فى قوة الحافظة ولو عند اهل المحاورة والمحقق العراقى قد تبع استاده المحقق الخراسانى فى جواب الدور بما ذكر قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٥ لا يقال كيف يكون علامة مع توقفه على العلم بانه موضوع له كما هو واضح فلو كان العلم به موقوفا عليه لدار فانه يقال الموقوف عليه غير الموقوف عليه فان العلم التفصيلي بكونه موضوعا له موقوف على التبادر وهو موقوف على العلم الاجمالى الارتكازى به لا التفصيلى فلا دور هذا اذا كان المراد به التبادر عند المستعلم واما اذا كان المراد به التبادر عند اهل المحاورة فالتغاير اوضح انتهى وذكر المحقق العراقى فى البدائع ج ١ ص ٩٧ انه لا وجه للاشكال بالدور فى المقام فان العلم المستفاد بالتبادر غير العلم الذى يتوقف عليه التبادر حتى لو قلنا بتوقفه على العلم التفصيلى لانه يكفى فى ارتفاع الدور تغاير الموقوف والموقوف عليه بالشخص لا بالنوع ولا بالصنف ولا شبهة فى مغايرة العلم الشخصى الحاصل بالتبادر مع العلم الشخصي الذى يتوقف عليه التبادر نعم يمكن الاشكال على التبادر ونحوه بكون جعله طريقا للعلم بالوضع لغوا لان العلم بالوضع من مقدمات التبادر فالتوصل به الى العلم بالوضع ثانيا لغو محض وح يمكن الجواب بما ذكر انتهى واجاب عنه بعض بانه من الغرائب للزوم وضع حصول علمين تصديقيين تفصيلين بامر واحد وان تعددت الصور التفصيلية وهو محال لانها انّا تكون هى المعروض بالذات للتصديق بما هى فانية فى الخارج فاذا لم يكن الا خارج واحد مرئى بنحو واحد بكلتا الصورتين فلا يعقل تعدد التصديق كما لا يعقل تعدد الشك انتهى وشيء من المناقشة حتى ما ادرجه المقرر فى ذيل كلامه غير تام لان المراد لو كان علمين تفصيلين

٢٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

بمعنى واحد كما هو الحق فمتعلقهما مختلفان اعتبارا فالمتوقف عليه التبادر هو العلم التفصيلى انه المعنى لكن حقيقى ام لا فلا علم به وما يتوقف على التبادر ايضا علم تفصيلى بانه هو المعنى الحقيقي فيرتفع ما تخيلوه من الغرائب كما لا يخفى وبنفس الوجهين الذين ذكرهما فى الكفاية اجاب عن الدور استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ١ ص ١١٤ الاول ان التبادر عند العالم بالوضع علامة الحقيقة للجاهل به فالمستعلم يرجع فى ذلك الى العالم بالوضع كما هو طريقه دارجة بين اهل المحاورة فى مقام استعلام اللغات الأجنبية وتعاليمها وبذلك يندفع الدور من أصله ، الثانى ان التبادر وان كان متوقفا على العلم بالوضع لا محاله إلّا ان ذلك العلم ارتكازى مكنون في خزانه النفس وثابت حافظة اهل كل لغة بالقياس الى لغاتهم وهم يستعملون تلك اللغات فى معانيها حسب ذلك الارتكاز من دون التفات تفصيلى منهم الى خصوصيات تلك المعانى من حيث السعة والضيق فاذا حصل الالتفات منهم الى خصوصيات تلك المعانى حصل لهم العلم تفصيلا بها وبذلك تحصل المغايرة بين العلمين فارتفع الدور من البين انتهى ونقل المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٧ عن صاحب المحجة هكذا ربما يقال معنى كون التبادر علامة كونه دليلا انّيا على الوضع حيث انه معلول له وهو لا يقتضى الا كون الوضع مقتضيا والعلم به شرط تاثيره فلا مجال لتقرير الدور حيث ان صفة الاقتضاء والمعلولية غير موقوفه على العلم كما لا مجال لدفعه بانه علامة للجاهل عند العالم فان صفة المعلولية بالمعنى المذكور ثابته فى حد ذاتها من غير نظر الى العالم والجاهل ، وفيه مضافا الى لزوم الدور من ناحية توقف المشروط على شرطه والشرط على مشروطه الى آخر كلامه فالصحيح ما افاده فى الكفاية اما العلامة الثانية تقدم صحة السلب علامة المجاز اما صحة الحمل علامة الحقيقة والحمل على ثلاثة اقسام القسم الاول الحمل الاولى الذاتى فهو عبارة عن حمل احد المفهومين على الآخر بان كان احد المفهومين مجملا والآخر مفصلا كما هو شان التعريفات والحدود مثل قولهم الانسان حيوان ناطق القسم الثانى ايضا من الحمل الاولى الذاتى بان كان كل من المفهومين مجملا مثل الحسام هو السيف القاطع والغيث هو المطر وهذين القسمين من علائم الحقيقة فاذا اراد المستعلم ان يعلم تفصيلا بوضع اللفظ للمعنى المشكوك وضع اللفظ له جعل ذلك المعنى المعلوم لديه موضوعا وحمل اللفظ المشكوك وضعه له عليه بماله من المعنى الارتكازى فى نفسه ووجدانه فاذا وجد هذا الحمل صحيحا استكشف من صحته اتحاد المعنيين اعنى بهما المعنى المعلوم لديه الذى جعله موضوعا والمعنى المبهم المرتكز فى نفسه المفروض كونه هو معنى اللفظ فى عقد الحمل وبالاتحاد

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المزبور يتضح له تفصيلا ان اللفظ موضوع لذلك المعنى المعلوم لديه واستشكل على ذلك المحقق العراقى فى البدائع ج ١ ص ٩٩ ولكن لا يخفى ان هذا التقريب انما يتم فى الحمل المتداول على السنة اللغويين اعنى به حمل احد اللفظين المترادفين بماله من المعنى على الآخر مثل قولهم الغيث هو المطر واما الحمل الاولى المستعمل فى الحدود المشتمل على حمل الذاتيات على الذات مثل قولهم الانسان حيوان ناطق فلا يمكن ان يستكشف بصحة وضع اللفظ للمعنى المعلوم عند من استعمل هذا الحمل لان مفهوم حيوان ناطق مفهوم مركب مفصل وبما انه كذلك يمنع ان يكون هو مفهوم الانسان لان مفهوم كل لفظ مفرد بسيط مجمل ، انتهى ولكن فيه ان اختلافهما يكون بالاجمال والتفصيل ومن جهة الذات يكونان واحدا وهذا لا يضر فى كشف المعنى اذ المقصود كشف معنى مفهوم الانسان بماله من المعنى البسيط وحمل الحيوان والناطق يدل على ان ما هو مفهوم الانسان هو مفهوم حيوان الناطق تفصيلا القسم الثالث الحمل الشائع الذى ملاكه الاتحاد فى الوجود والتغاير فى المفهوم فهو تارة يكون بين الطبيعى وفرده نحو قولك زيد انسان واخرى يكون بين الكليين سواء كانا متساويين نحو قولك الضاحك انسان ام كان احدهما اعم والآخر اخص نحو قولك الضاحك حيوان قال المحقق العراقى فى البدائع ج ١ ص ٩٩ والظاهر امكان استكشاف الوضع بالنحو الاول اعنى به حمل الطبيعى على فرده بتقريب انه اذا فرض ان من لا يعلم لفظ الانسان تفصيلا ولكنه يعلم بالطبيعي الذى يكون زيد احد افراده مثلا فاذا وجد العرف يحملون لفظ الانسان بماله من المعنى على زيد حمل الطبيعى على فرده استكشف من صحة هذا الحمل عندهم كون لفظ الانسان موضوعا لطبيعى زيد المعلوم لديه اعنى به الحيوان الناطق واما النحوان الآخران اعنى بهما حمل احد الكليين على الآخر فلا يمكن استكشاف الوضع من صحة حمل احدهما على الآخر الا بارجاعه الى النحو الاول بتقريب انه لا شبهة فى ان حمل احد الكليين على الآخر انما يصح بالحمل الشائع لا بالحمل الاولى لفرض عدم الاتحاد بينهما مفهوما فلا محاله يكون الاتحاد بينهما بحسب الوجود وهو لا محالة يكون فردا لاحد الكليين اقول لعدم امكان ان يكون فردا لكليهما ويكون احدهما طبيعية فيستكشف بالتقريب الاول من الحمل الشائع وضع اللفظ لطبيعى ذلك الفرد اعنى به الوجود الذى اتحدا فيه الكليان نحو قولنا الضاحك انسان فان هذين الكليين متحدان فى وجود زيد وعمر وغيرهما هذا فى صحه الحمل انتهى ولعل الوجه لعدم استكشاف الحمل الشائع فى نفسه عن الوضع هو ان علاميته اما بالوحدة ذاتا كما فى الحمل الذاتى او بوحدة مفهوم المحمول مع ما فى ضمن الفرد الخارجى وكلاهما ليسا

٢٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فى الحمل الشائع اذا الناطق ليس متحدا مع الضاحك مفهوما وحقيقة بما هى وجود الناطق وجود الضاحك بخلاف الانسان وزيد اذ وجود زيد بما هو وجود زيد وجود انسان نعم بالتقريب الذى مر يمكن ان يدل وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ١ ص ١١٧ فى بيان ان الحمل شيئا منهما لا يصلح لان يكون علامة للحقيقة او المجاز ، بان الحمل الذاتى لا يكشف إلّا عن اتحاد الموضوع والمحمول ذاتا ومغايرتهما اعتبارا ولا نظر فى ذلك الى حال الاستعمال وانه حقيقى او مجازى مثلا حمل الحيوان الناطق على الانسان لا يدل إلّا على اتحاد معنييهما حقيقة ولا نظر فيه الى ان استعمال لفظ الانسان فى ما اريد به حقيقى او مجازى ومن الظاهر ان مجرد الاستعمال لا يكون دليلا على الحقيقة ـ الى ان قال ـ واما الحمل الشائع الصناعى فتفصيل الكلام فيه ان ملاك صحته بجميع انواعه اتحاد المعنيين اى الموضوع والمحمول وجودا ومغايرتهما مفهوما ـ الى ان قال ـ وعلى ضوء ان الملاك فى صحة الحمل الشائع هو الاتحاد فى الوجود الخارجى ظهر ان صحته لا تكشف عن الحقيقة ضرورة انها لا تكون امارة الا على اتحاد المحمول مع الموضوع خارجا واما ان استعمال اللفظ فى المحمول على نحو الحقيقة فهى لا تدل عليه اذ ليس هنا إلّا مجرد التعبير عنه بذلك اللفظ وهو لا يزيد على الاستعمال وهو اعم من الحقيقة ـ الى ان قال ـ فملاك صحة الحمل نحو من اتحاد الاتحاد خارجا وملاك الحقيقة استعمال اللفظ فى الموضوع له فاحد الملاكين اجنبى عن الملاك الآخر لامكان ان يتحد الموضوع والمحمول فى الخارج مع كون استعمال اللفظ فى المحمول مجازا وقد عرفت ان الحقيقة والمجاز امران يرجعان الى عالم الالفاظ وصحة الحمل ترجع الى عالم المدلول فاثبات احدهما لا يكون دليلا على اثبات الآخر انتهى ويمكن الجواب عن ذلك بكاشفية صحة الحمل عن الوضع وصحة السلب عن عدمه وانه ليس مجرد الاستعمال بان الوجود اللفظى نحو وجود للمعنى ومرآة للمعنى ومن مراتب وجوده واللفظ لما كان فانيا فيه صار نحو تحقق له وبذلك تتنافر الطباع عن سلبه ويراه بمنزلة سلب الشى عن نفسه ويرغب اهل اللسان فى حمله عليه وبذلك ايضا خرج عن مشابهة ما تتنافر عن سلبه عنه من اللفظ الذى لم يوضع له ولا يكون الحمل مجردا عن الحقيقة وذلك عند اهل المحاورة مضافا الى ان الحقيقة والمجاز وان يرجع الى الالفاظ لكن بمالها من المعانى والحمل ايضا يرجع الى حمل اللفظ بماله من المعنى فالفرق بين كون ذلك يرجع الى اللفظ وهذا الى المدلول بلا وجه وعرفت ان احدهما دليل على الآخر ذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٨ واستعلام حال اللفظ وانه حقيقة او مجاز فى هذا المعنى بهما ليس على وجه دائر لما عرفت فى التبادر من التغاير بين

٢٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الموقوف والموقوف عليه بالاجمال والتفصيل او الإضافة الى المستعلم والعالم انتهى بيان الدور ان صحة الحمل يتوقف على العلم بالوضع والعلم بالوضع يحصل من صحة الحمل فهذا دور صريح والجواب عنه ما نقل عن الشيخ الرئيس فى نظائر المقام من ان العلم التفصيلى بان معنى هذا ذاك على نحو القضية الحملية موقوف على صحة الحمل وهو ليس موقوفا على هذا العلم التصديقى المحتاج الى تصور الموضوع والمحمول بل يحصل بالعلم الارتكازى من مباديه وعلله كعلم الاطفال بمعانى الالفاظ ومفاد اللغات وبالجملة ان ذلك العلم ارتكازى مكنون فى خزانه النفس وثابت حافظة اهل كل لغة بالقياس الى لغاتهم وهم يستعملون تلك اللغات فى معانيها حسب ذلك الارتكاز من دون التفات منهم الى خصوصيات تلك المعانى من حيث السعة والضيق فاذا حصل الالتفات منهم الى خصوصيات تلك المعانى حصل لهم العلم تفصيلا بها اجاب عن ذلك استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ١ ص ١٢١ وقال ثم لا يخفى ان ما ذكره من ان صحة الحمل عند المستعلم علامة لاثبات الحقيقة لا محصل له وذلك لان الصحة فى مرتبه متاخره عن احراز ملاك الحمل بين المفهومين فلا بد اولا من تصورهما تفصيلا واحراز الملاك المصحح لحمل احدهما على الآخر ثم يحمل هذا على ذاك والعلم الارتكازى بالمعنى لا يكفى فى صحه الحمل بل لا بد من الالتفات التفصيلى انتهى قلت ان الحمل يكون للاختبار وانه حقيقى ام لا فان كان موافقا لارتكازه الاجمالى فالحمل صحيح وذاتى وإلّا فلا فلو علم تفصيلا فى الرتبة السابقة ثم حمل عليه فهذا ليس من علامة الحقيقة لثبوت الحقيقة قبل ذلك فالمفروض ان الحمل هل يتنفر منه اهل المحاورة ام لا وهو متوقف على العلم الاجمالى الارتكازى اما اشكال الدور على الاطراد قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٨ ثم انه قد ذكر الاطراد وعدمه علامة للحقيقة والمجاز ايضا ولعله ـ اشارة الى الاشكال بان الاطراد حاصل فى المجاز ايضا فان كل لفظ يصح استعماله فى غير معناه مطردا مع تحقق العلاقة فلفظ الاسد يصح استعماله فى كل من يشابه الاسد فى الشجاعة وهكذا غيره ولذا قيل ان المجازات موضوعه بالوضع النوعى ولذا اجاب عنه قدس‌سره ـ بملاحظة نوع العلائق المذكورة فى المجاز ـ اى الاطراد فى المجاز بلحاظ العلاقة المصححة لا مطلقا ـ حيث لا يطرد صحة استعمال اللفظ معها ـ اى فلا يجوز استعمال كل لفظ فى كل معنى له نحو من المشابهة فلا يجوز استعمال لفظ الاسد فى الجبان بملاحظة المشابهة فى البخر ـ وإلّا فبملاحظة خصوص ما يصح معه الاستعمال فالمجاز مطرد كالحقيقة ـ اى انه بملاحظة خصوص العلاقة المصححة للاستعمال يكون مطردا كالحقيقة ـ وزيادة قيد من غير تاويل ـ اى كما يقوله

٢٥٩

الموجب للعلم بالتفصيلى بالوضع كما لا يخفى فتدبر ايقاظ نائم (١) وهو ان هذا البحث (٢) انما ينتج بناء على كون مدار حجية اللفظ على اصالة الحقيقة تعبّدا (٣)

______________________________________________________

السكاكى من الحقيقة الادعائية فان فى رايت اسدا مع انه راى رجل الشجاع ان لفظ الاسد يستعمل فى الحيوان المفترس وانما يتصرف فى امر عقلى ينزل الرجل الشجاع منزلة الحيوان المفترس ـ او على وجه الحقيقة ـ اى فى قبال المجاز فى الكلمة بما عليه المشهور من استعمال اللفظ فى غير الموضوع له ـ وان كان موجبا لاختصاص الاطراد كذلك ـ اى بهذا التقييد ـ بالحقيقة إلّا انه حينئذ لا يكون علامة لها الا على وجه دائر ـ بيان الدور فان الاطراد من غير تاويل او على وجه الحقيقة مما يتوقف على العلم بالمعنى الحقيقى فلو توقف العلم بالمعنى الحقيقى على الاطراد كذلك بمقتضى كونه علامة للوضع لدار ـ ولا يتأتى التفصي عن الدور بما ذكر فى التبادر هنا ظهوره انه مع العلم بكون الاستعمال على نحو الحقيقة لا يبقى مجال لاستعلام حال الاستعمال بالاطراد او بغيره انتهى توضيح ذلك ان كون الاطراد على نحو الحقيقة قد اخذ بنفسه قيدا لكون الاطراد علامة فلا يمكن الاستعلام به حتى يعلم انه على وجه الحقيقة ومع هذا العلم لا مجال للاستعلام لانه تحصيل للحاصل وفى التبادر لم يؤخذ العلم بالوضع قيدا للتبادر الذى هو علامة بل اخذ نفس التبادر علامة كما مر وكذا بعد ما فرض كون العلامة هو الاستعمال على وجه الحقيقة عند العالم فلا بد وان يكون الجاهل عالما به تفصيلا فيلزم المحذور ولكن فيه انه لا يحتاج الاطراد على نحو الحقيقة الى التقييد حتى يجرى الدور بل الاطراد على نحو المجاز يكفى فيه التقييد وانه لو كان الاطراد لاجل نوع العلائق علامة المجاز وان كان الاطراد على نحو الاطلاق من حاق اللفظ كان على نحو الحقيقة فيرتفع الدور ايضا بالاجمال والتفصيل كما لا يخفى بل لا يحتاج الى الاجمال والتفصيل اصلا بل مجرد اطراد اللفظ فى المعنى وكثرة استعماله فى هذا المعنى هو من علامة الحقيقة كما لا يخفى ـ ولعل هذا هو مراد المحقق الاصفهانى ج ١ ص ٣١ فاذا اطرد استعمال لفظ فى معنى بحده فهو علامة الوضع اذ ليس فى المعانى المتداولة بحدها ما هو كذلك الا فى الحقائق انتهى.

(١) فى الثمرة العملية المترتبة على هذا البحث وهو التمسك باصالة الحقيقة.

(٢) اى اصالة الحقيقة.

(٣) فحجية اصالة الحقيقة على قولين احدهما حجيتها تعبدا ببناء العقلاء واخرى حجيتها من باب اصالة الظهور وان الظهور له حجية نوعية ببناء العقلاء وبناء على الاول تترتب الثمرة دون الثانى.

٢٦٠