نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

من الخصوصية (١) بلا موجب لانتزاع جامع بينها (٢)

______________________________________________________

السنة فلان البحث فى تلك المباحث اى بحث حجية الخبر الواحد والتعادل والترجيح وان كان عن احوال السنة بهذا المعنى إلّا ان البحث عن غير واحد من مسائلها كمباحث الالفاظ وجملة من غيرها لا يخص الادلة بل يعم غيرها وان كان المهم معرفة احوال خصوصها كما لا يخفى انتهى وذلك كمسألة حجية اجماع المنقول كما تقدم والشهرة الفتوائية والاصول العملية ومباحث الاستلزامات العقلية كبحث الاجزاء ومقدمة الواجب وبحث الضد وصيغة الامر والنهى ونحو ذلك فان كل ذلك يعم غير الادلة بناء على ان عوارض الجنس ليست ذاتية للنوع فلا يخص الادلة لانه لا يبحث عن الاوامر والنواهى الواردين فى الكتاب والسنة بالخصوص بل مطلق الاوامر والنواهى وهكذا.

وما ذكره صاحب الكفاية ايضا لم يذكر له عنوان حتى يبحث عن عوارضه فلا يفيد ايضا. وذكر المحقق الاصفهانى ، ج ١ ، من النهاية ، ص ١٠ ، انا وان قلنا بعدم اعتبار كون العرض ذاتيا لموضوع العلم حقيقة إلّا انه لا بد من كونه عرضا ذاتيا لموضوع المسألة عقلا ومع تخصيص موضوع المسألة بحيثية الورود فى الكتاب والسنة حتى لا يلزم اشكال اندراج الاعم تحت الاخص يلزم كون العرض غريبا عن موضوع المسألة ومنه تبين عدم المناص عن احد المحاذير الثلاثة اما لزوم اندراج الاعم تحت الاخص لو ابقينا موضوع العلم على خصوصه وموضوع المسألة على عمومه واما لزوم كون العرض غريبا اذا خصصنا موضوع المسألة واما لزوم اخصيته الغرض اذا عممنا موضوع العلم بحيث يعم موضوعات مسائله العامة ولا يخفى ان عدم الالتزام بموضوع جامع يدفع المحذورين الاولين دون الاخير كما هو واضح انتهى ولذا قال الماتن فى اول الكتاب لا بد ان يكون الغرض مساويا مع المراد لا اوسع ولا اضيق فالغرض ايضا يكون اخص على ما هو بينوا من موضوعات المسائل فلا يبحثون عن الاوامر الواردة فى الكتاب والسنة بل مطلق اوامر المولى وهكذا ، فتأمل جيّدا.

(١) المحفوظة فى مسائلها الموجبة لحمل تلك المحمولات عليها من دخلها فى استنباط الاحكام الشرعية.

(٢) قد عرفت عدم وجود جامع وحدانى بينها بعد فرض كون الغرض ذا جهات عديدة بل عدم امكان تصور جامع ذاتى فى مسائل علم الاصول بالخصوص لان قسم منها لوحظ فيها الحكاية والكشف عن الواقع وهو الامارات وقسم منها لوحظ فيها عدم الإراءة وسترة الواقع وهو الاصول العملية فيكون الجامع بين النقيضين كما تقدم.

٦١

وانها (١) عين موضوعات مسائلها ذاتا (٢) كعينية موضوع النحو (٣) للكلمة والكلام (٤) وهكذا فى موضوع الفقه من كون موضوعه عين موضوعات مسائله ذاتا (٥) خصوصا فى الصلاة والصوم ومجرد عدم عنوان واحد لموضوعات هذه العلوم القابلة لجعله مقياس تميز هذه عن غيرها (٦) لا يوجب اخراجها عن دائرة الفنون المضبوطة والعلوم المعنوية اذ يكفى فى تميزها عن غيرها مجرد اختلاف اغراضها (٧) سنخا (٨) بلا احتياج فى تحديد هذا الاغراض بحد (٩) ينحفظ من قبل المسائل المعدودة الى الميز فى موضوعاتها

______________________________________________________

(١) اى موضوع علم الاصول وهى الادلة الاربعة بما لها من الخصوصية عين موضوعات المسائل كما عرفت ذاتا ويكون دخيلا فى غرض خاص ويمكن ان يكون الخصوصيات جهة تعليلية كما مر.

(٢) اى حقيقة ـ فلا يحتاج الى ذلك.

(٣) اى موضوع مسائل النحو.

(٤) فاجتماع المسائل المتكثرة فى علم النحو لدخالتها فى غرض واحد وان تقدم انه يمكن ان يكون موضوعه هو الكلمة والكلام هو نفس موضوعات المسائل والخصوصيات من الجهات التعليلية فيكون البحث عن عوارضها الذاتية.

(٥) فان المسائل الفقهية بكثرتها ليس لها موضوع الا نفس موضوعات المسائل وانما هى دخيلة فى غرض واحد وهو الوصول الى الكمالات النفسانية بالعمل من دون ان يكون له موضوع واحد يبحث عن عوارضه الذاتية وان تقدم منه انه يمكن ان يكون هو فعل المكلف والخصوصيات من الصلاتية والصومية من الجهات التعليلية.

(٦) بحيث لا يخلو عن الاشكال والايراد.

(٧) تقدم ان فى امثال هذه العلوم يكون جمع شتات من المسائل التى تكون دخيلة فى غرض واحد.

(٨) فالغرض المترتب على علم النحو هو صيانة اللسان عن الخطاء اللفظى فى كلام العرب والغرض المترتب على علم المنطق هو الصيانة عن الخطا الفكرى وعلم الصرف هو الصيانة عن الخطأ فى الاشتقاق والتصريف وهكذا يختلف سنخا.

(٩) وهو انتزاع جامع وحدانى من موضوعات المسائل فيكون موضوع العلم فلا نحتاج اليه.

٦٢

بل لاختلافها (١) سنخا كان كل سنخ منها مترتبا على شطر من المسائل وسميّت باسم وفن مخصوص (٢) عكس بعض العلوم الأخر (٣) وكيف كان نقول (٤) ان الغرض من هذا العلم هو استنباط الاحكام (٥) فلا جرم (٦) يرجع مسائلها (٧) الى القواعد الواقعية فى طريق استفادة الوظائف العملية (٨) عقلية او شرعية ولو بجعله كبرى قياس ينتج (٩) حكما شرعيا كليا (١٠) واقعيا كقولنا هذا ما اخبر به العادل بوجوبه واقعا وكلّما كان كذلك فهو واجب كذلك (١١) او ظاهريا (١٢) كقولنا هذا مما تيقن سابقا بوجوبه وشك لاحقا

______________________________________________________

(١) تلك الاغراض سنخا.

(٢) كعلم النحو وعلم الصرف وعلم المنطق وهكذا كل ما يترتب على جملة من المسائل باعتبار ترتب غرض واحد عليه.

(٣) الذى يحتاج الى موضوع معلوم كما فى العلوم الحقيقية.

(٤) الامر العاشر فى بيان غاية علم الاصول والغرض منه وتعريفه.

(٥) غاية علم الاصول هو استنباط الاحكام الكلية الالهية.

(٦) فعليه يكون الجامع المشير الى المسائل الاصولية هو انها قواعد خاصة واقعة فى طريق استكشاف الوظائف العملية الكلية شرعية او عقلية ظاهرية او واقعية.

(٧) اى مسائل العلم والصحيح مسائله.

(٨) الاعم مما كان باستنباط الاحكام الشرعية او كان مما وصل اليه المجتهد فى مقام العمل.

(٩) عدل قدس‌سره عن كلمة ـ الاستنباط ـ الى ـ الاستنتاج ـ وقال ان الغرض هو القدرة على استنتاج الاحكام الشرعية والمسائل الفقهية تكليفية او وضعية ظاهرية ام واقعية شرعية ام عقلية لما تقدم من ان فى الاصول العملية ليس استنباط وانما وظيفة عملية والاستنتاج يلائمها.

(١٠) فان الاحكام الجزئية خارجة عن المسائل الفقهية وانما تكون مصاديقها وعلم الاصول كبرى لاستنتاج المسائل الكلية الالهية كوجوب صلاة الجمعة واباحة شرب التتن وهكذا لا الجزئية.

(١١) اى واقعا كوجوب الصلاة والصوم والحج وامثال ذلك فيكون مفاد الامارات.

(١٢) كما كان مفاد الاصول العملية من الاستصحاب ونحوه.

٦٣

وكلّما كان كذلك فهو واجب ظاهرا (١) او حكما عقليا (٢) كقولنا هذا مما لم يرد عليه بيان (٣) وكلّما كان كذلك فهو مما لا حرج فيه عقلا او يجب فيه الاحتياط او تخيّر بين الامرين.

وهذا الميزان فى تعين المسائل (٤) اولى من جعل ميزانها (٥) بالوقوع فى طريق استنباط الحكم الشرعى او ما يتعلق بالعمل بالواسطة (٦) لخروج (٧) المسائل الاصول العملية عنها لانها متعلقة بالعمل بلا واسطة لان مضمونها احكام ظاهرية تكليفية منطبقة على مواردها.

وينحصر بالبحث عن حجية الخبر بناء على كون مفاد ادلة اعتبارها ايضا

______________________________________________________

(١) كوجوب صلاة الجمعة كان فى زمن الحضور ثابتا وشك فى بقاء وجوبها فى زمن الغيبة فابق ما كان على ما كان من وجوبها.

(٢) كما فى البراءة العقلية والاجتناب فى الشبهة المحصورة عن اطراف العلم الاجمالى والتخيير العقلى فى دوران الامر بين المحذورين.

(٣) كشرب التتن لم يقم على حرمته حجة وبيان فالعقاب عليه قبيح عقلا.

(٤) اى فى تعين المسائل الاصولية من كونها القواعد الخاصة التى تقع كبرى القياس استنتاج الحكم الشرعى الكلى.

(٥) اى ميزان المسائل الاصولية كما عليه المشهور من العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الاحكام الشرعية.

(٦) كما فى القوانين ، ج ١ ، ص ٥ ، وبالفرعية ما يتعلق بالعمل بلا واسطة فخرج بها الاصولية وهو ما لا يتعلق بالعمل بلا واسطة.

(٧) هذا هو الجواب عن الوجهين معا ـ اما الجواب عن الاول مضافا الى انه اخذ العلم فى تعريفه وقد تقدم ان الفن عبارة عن نفس القواعد الخاصة الدخيلة فى غرض واحد لا العلم بها ولذا يتعلق العلم بها تارة والجهل اخرى ـ ان لفظ الاستنباط ظاهر فى ارادة وقوع القواعد واسطة لاثبات الواقع وسببا للعلم به ولذا يلزمه خروج الاصول العملية عن المسائل الاصولية لكونها احكاما ظاهرية منطبقة على مواردها بعد الفحص عن الدليل واليأس منه واين ذلك من وقوعها طريقا وواسطة لاثبات الحكم الشرعى.

وبالجملة وظيفة عملية فى مرحلة التحير وحكم العمل بلا واسطة ـ فيخرج الاصول العملية عن المسائل الاصولية هذا او لا.

٦٤

مجرد جعل الحجية.

وإلّا (١) فلو جعلنا مفادها الامر بالمعاملة فكانت ايضا مما يتعلق بالعمل بلا واسطة كما لا يخفى (٢) وايضا ما ذكرناه اولى مما افاده شيخنا العلامة قدس‌سره من كون ميزان المسألة الاصولية انحصار امر تطبيقه بيد المجتهد (٣) اذ (٤) تطبيق

______________________________________________________

(١) اى لو لم يكن مفاد ادلة اعتبارها ذلك.

(٢) وثانيا ان فى الامارات كالخبر الواحد مبنيين وقولين قول بكون مفاد دليل الحجية فيها هو تنزيل المؤدى منزلة الواقع وجعل الحكم المماثل فى مرتبة الظاهر وقول آخر وهو تتميم الكشف والغاء احتمال الخلاف وجعلها بمنزلة العلم وهناك اقوال آخر كجعل الحجية وغيره وح يلزمه ايضا خروج الامارات كخبر الواحد ونحو بناء على القول الاوّل عن مسائل الاصول بلحاظ عدم وقوعها فى مقام تشكيل القياس وسطا لاثبات الحكم الشرعى وبعبارة اخرى لا يكون طريقا فى استنباط الحكم الشرعى بل هو مماثل له ونتيجة دليل اعتبارها حكم شرعى كلى ينحل الى احكام كلية مطابقة لمؤديات الامارات ولذا يكون متعلقا بالعمل بلا واسطة فقضية صدق العادل مفادها وجوب ما اخبر بوجوبه وحرمة ما اخبر بحرمته وهكذا.

وامّا على القول الثانى فيدخل فى التعريف المزبور لوقوعها ح وسطا لاثبات الحكم الشرعى فيقال ان هذا مما قام على وجوبه خبر الواحد وكل ما هو كذلك حجة ومنكشف بحكم الشارع بكونه كاشفا فهذا منكشف ـ مضافا الى كل ذلك يخرج الاحكام العقلية عن المسائل الاصولية بقيد الشرعية.

واما الجواب عن الوجه الثانى يظهر مما سبق لخروج المسائل العملية الاصولية بلحاظ تعلقها بالعمل بلا واسطة بانطباقها على مواردها.

(٣) ذكر شيخنا الاعظم الانصارى قدس‌سره فى الرسائل ، ص ٣٢٠ ، فى كلام له نعم يشكل كون الاستصحاب من المسائل الفرعية بان اجزائها فى موردها اعنى صورة الشك فى بقاء الحكم الشرعى السابق الكلّى كنجاسة الماء المتغير بعد زوال تغيره مختص بالمجتهد وليس وظيفة للمقلّد فهى مما لا يحتاج اليه المجتهد فقط ولا ينفع للمقلد وهذا من خواص المسألة الاصولية فان المسائل الاصولية لما مهدت للاجتهاد واستنباط الاحكام من الادلة اختص التكلم بها بالمستنبط ولا حظّ لغيره فيها انتهى.

(٤) وما ذكره الشيخ الانصارى من التعريف منتقض بمثل الشرط المخالف للكتاب والسنة التى هى من المسائل الفقهية ولا شبهة فى ان تطبيقها فى مواردها من وظائف المجتهد

٦٥

عنوان مخالفة الكتاب والسنة ايضا بيد المجتهد مع ان شرطيته للصلح او الشروط من المسائل الفرعية فتدبر (١).

بقى هنا اشكال مشهور (٢) وهو ميزان المسألة الاصولية ان كان على وقوعها فى طريق الاستنباط المزبور بلا واسطة فلازمه خروج مباحث الالفاظ (٣)

______________________________________________________

وان هذا من الشرط المخالف ام لا فتشخيص كون الصلح او الشرط فى مواردهما غير مخالف للكتاب والسنة مما ينحصر امره بنظر المجتهد. وكذا استحباب العمل البالغ عليه الثواب بناء على دلالتها عليه لا الارشاد فى الخبر الضعيف مما لا يمكن ان يلقى الى العامى لعدم قدرته على تشخيص موارده من الروايات وتطبيق اخبار الباب عليه وكذا قاعده ما يضمن وما لا يضمن الى غير ذلك من القواعد التى لا يقدر العامى على تشخيص صغرياتها.

(١) لعله اشارة الى ان النقض غير وارد لان الشرط المخالف يتوقف على معرفة الكتاب والسنة لكى يتميز بها كون الشرط مخالفا للكتاب والسنة او غير مخالف لهما ولا سبيل فى ذلك للعامى الذى لا يعرف ظواهر الكتاب والسنة ـ واما قاعدة الطهارة فمشروطة بالفحص فى الشبهات الحكمية ولا يقدر عليه الا المجتهد كما هو واضح.

ومما ذكرنا ظهر الفرق بين المسألة الاصولية وهى ما تقع كبرى لقياس استنتاج الحكم الكلى الالهى ـ والقاعدة الفقهية التى مفادها نفس الحكم الكلّى الفرعى التى تنطبق على مواردها الجزئية الكثيرة فى ابواب مختلفة كقاعدتى الفراغ والتجاوز واليد والحلية ولا ضرر ولا حرج ونفوذ اقراره فى بيعه وشرائه ونحو ذلك فالقاعدة الفقهية موضوعها اوسع من موضوع المسألة الفقهية بمعنى ان المسائل المتعددة الفقهية مندرجة تحت القاعدة الفقهية ويمكن تطبيق تلك القاعدة على جميع تلك المسائل فاصالة الصحة قاعدة فقهية تنطبق على مسائل فى ابواب العبادات من الطهارات الثلاث والصلاة والصوم والحج وابواب المعاملات كما لا يخفى.

واما المسألة الفقهية هى ما لو قال الفقيه لو شك المصلى فى القراءة بعد ان ركع فليمض فى صلاته ولا يعتنى بشكه وهكذا الاحكام الجزئية الغير المنطبقة على مسائل متعددة واما لو قال لو شك فى وجود اى جزء او شرط للصلاة بعد التجاوز عن محله فليمض فى صلاته ولا يعتنى بشكه فهذه قاعدة فقهية وهى قاعدة التجاوز والفراغ.

(٢) هذا الاشكال لا يختص بالميزان الذى ذكره بل يعم ايراده على جميع التعاريف.

(٣) اما غير المباحث اللفظية كمسألة حجية الخبر الواحد ونحوها فانه على خلاف مباحث الالفاظ الآتية فعلى اى لا يحتاج إلّا الى تشكيل قياس واحد كما هو المدار فى المسألة

٦٦

من اوّل الاوامر الى آخر المطلق والمقيد من مسائله لان نتيجة هذه المسائل تعيين الظهور (١) الذى هو صغرى للكبرى اخرى (٢) هى (٣) المنتجة للحكم الشرعى او الوظيفة العملية (٤) وان كان الميزان وقوعها فى طريق الاستنباط ولو بالواسطة فلازمه دخول مسائل كثير (٥) من العلوم الادبية ومسائل علم الرجال فى المسائل الاصولية.

اذ نتيجتها (٦) بالاخرة تنتهى الى الوظائف العملية (٧) هذا مضافا الى ان

______________________________________________________

الاصولية فنقول هذا مما اخبر العادل بوجوبه او حرمته وكلما كان كذلك يجب الاخذ به والتعبد بمضمونه فهذا يجب الاخذ به والتعبد بمضمونه.

(١) الالفاظ واثبات الوضع فى ما يذكر لها من المعانى كظهور هيئة الامر فى الوجوب وظهور النهى فى الحرمة وهكذا.

(٢) وهو حجية الظهور المبحوث عنها فى الاصول العقلية.

(٣) اى القياس المركب من الصغرى والكبرى يكون كبرى قياس يستنتج منه الحكم الشرعى.

(٤) بمعنى ان مثل هذه المباحث لا يقع فى طريق استنباط الحكم الشرعى بتشكيل قياس واحد بل يحتاج فى مقام انتاج الحكم الشرعى الى تشكيل قياسين يكون نتيجة احدهما صغرى لكبرى القياس الآخر بان نقول فى القياس الاوّل هذا امر وكل امر ظاهر فى الوجوب فهذا ظاهر فى الوجوب ثم نجعل هذه النتيجة الكبرى فى قياس آخر ونقول فى القياس الثانى هذا ظاهر وكل ظاهر يجب التعبد به والعمل على طبقه بمقتضى ما دل على وجوب الاخذ بكل ظاهر فهذا يجب التعبد به.

(٥) الصحيح ـ كثيرة ـ لانها صفة مسائل وهى جمع منتهى الجموع. ويمكن ان يكون مضاف ومضاف اليه فيصح.

(٦) اى هذه المسائل الكثيرة.

(٧) وملخص الاشكال بعبارة واضحة ان المراد بالقواعد التى تقع فى طريق الاستنباط ما لا واسطة له فالبحث عن الظهورات والمفاهيم والعام والخاص والمطلق والمقيد والمفهوم والمنطوق يصير استطراديا لان البحث فى ذلك مضافا الى انه يكون عن مطلق الامر مثلا وانه ظاهر فى الوجوب ام لا وعن مطلق المفهوم وهكذا وتطبيقه بما ورد فى لسان الشرع من الامر وغيره يكون بواسطة الامر الاعم كما مر ان نتيجة هذه المباحث لا

٦٧

ديدنهم على اخراج مسألة المشتق عن المسائل وجعل اوّل المباحث مباحث الاوامر فيبقى ح سؤال الفرق بين هذه المسألة وبين بقيّة المباحث المزبورة خصوصا المباحث الراجعة الى العام والخاص الى آخره (١) وتوضيح الجواب (٢) هو ان المدار فى المسألة الاصولية على وقوعها فى طريق استنباط الحكم الشرعى بنحو يكون ناظرا الى اثبات الحكم بنفسه (٣) او بكيفية تعلقه بموضوعه (٤) وذلك يقتضى عدم دخول العلوم الادبية (٥) فى المسائل الاصولية اذ (٦) ليس المهم فيها

______________________________________________________

تكون الا تعيين الظهور واثبات كون الشيء ظاهرا ولا تقع فى طريق الاستنباط الا بتشكيل قياس آخر. وان كان المراد بالقواعد ما كان مع الواسطة ايضا فيدخل كل علم يكون له دخل فى الاستنباط مثل علم الرجال واللغة والصرف والنحو والمنطق فيصير كل ذلك علم الاصول.

(١) مع انه لو كان المراد مع الواسطة يشمل المشتق وغيره ايضا فلا وجه لاخراجه.

(٢) وملخص الجواب انه يختار كون مقياس المسألة الاصولية هو امكان وقوع نتيجتها فى طريق استكشاف وظيفة المكلف ولو مع الواسطة ولا يرد المحذور ويتضح ذلك بعد مقدمة وهى ان المسائل على وجوه تارة تكون ناظرة الى اثبات الحكم بنفسه كحجية الخبر الواحد ونحوه فتكون من المسائل الاصولية كان المسألة الاصولية عبارة عن القواعد الواقعة فى طريق استنباط نفس الاحكام الشرعية العملية كما مر مرارا ـ واخرى تكون لاثبات كيفية تعلق الحكم بموضوعه وهذه وان لم تكن واقعة فى طريق استنباط ذات الحكم الشرعى لكن ايضا داخل فى المسائل الاصولية حيث انه يكون فى الحقيقة من انحاء وجود الحكم وثبوته كما سيأتى ان المفهوم باعتبار تكفله لبيان اناطة سنخ الحكم بشيء هو الموجب لدخوله فى المسائل الاصولية. وثالثة تكون ممحضة لاثبات موضوع الحكم وتعين مصداقه بلا نظر فيها الى كيفية تعلق الحكم بذات الحكم فهذا خارج عن المسائل الاصولية لعدم دخلها فى استنتاج الحكم الشرعى ايضا مثل كون السعدانة نبت فى اللغة فانه لتشخيص المصداق.

(٣) وهو القسم الأوّل الذى تقدم ذكره من اثبات الوجوب ونحوه.

(٤) وهو القسم الثانى المذكور من كيفية الحكم من كونه على نحو العموم او الخصوص ونحوهما.

(٥) فعدم دخول العلوم الادبية فى المسائل الاصولية يكون لوجهين.

(٦) هذا هو الوجه الأوّل وملخصه ان المهم فى العلوم الادبية ليس هو اثبات الظهور للكلمة والكلام واستكشاف الوظيفة منه بل المهم اثبات كون الفاعل مرفوعا والمفعول

٦٨

احراز ظهور الكلمة او الكلام فى شيء بل تمام المقصود فى ظرف الفراغ عن فاعلية كلمة او مفعولية (١) كون الفاعل مرفوعا والمفعول منصوبا فحينئذ لا يصدق عليها كون قواعدها ممهدة للاستنباط. وعلى (٢) فرض المقصود منها ايضا احراز الظهور فى شيء غاية ما فى الباب وقوعها فى طريق استنباط الموضوع للاحكام لا نفسها. وتوهم ان مباحث العام والخاص والمطلق والمقيد ايضا كذلك (٣) مدفوع (٤) بان نتيجه هذه المسائل وان لم يكن استنباط ذات الحكم ولكن من المعلوم انه يستفاد منها كيفية تعلق الحكم بموضوعه (٥) كما ان مبحث المفاهيم ايضا موضوع لبيان سنخ اناطة الحكم بشيء فهو ايضا من انحاء وجود الحكم وثبوته (٦) وهذا بخلاف

______________________________________________________

منصوبا فى ظرف الفراغ عن فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول واين ذلك من مثل مباحث الاوامر والنواهى والعام والخاص المتكفلة لاحراز الظهور فى الكلمة والكلام.

(١) الصحيح ـ مفعوليتها ويرجع الضمير الى الكلمة.

(٢) هو الوجه الثانى وانه لو كان المقصود فى العلوم الادبية احراز الظهور فى شيء كظهور المرفوع فى الفاعلية والمنصوب فى المفعولية فغايته وقوع نتيجتها فى طريق استنباط موضوعات الاحكام لا نفسها فيكون من القسم الثالث المتقدم وخارج عن المسائل الاصولية.

(٣) اى وقوع نتيجتها فى طريق استنباط موضوعات الاحكام وانه على وجه العام أو الخاص.

(٤) بان هذه المباحث من القسم الثانى وفى بيان كيفية تعلق الحكم بموضوعه داخل فى المسائل الاصولية.

(٥) ببيان ان تعلق الحكم على الموضوع كان على نحو العموم والشمول او البدل او الخاص وهكذا سائر الوجوه فيستكشف بها مقدار الوظيفة وكيفية تعلقها بفعل المكلف اللهم إلّا ان يقال ان كيفية تعلق الحكم بالموضوع راجع الى تشخيص الموضوع من حيث السعة والضيق كما فى بعض مباحث العام والخاص.

(٦) فان بحث المفاهيم ايضا داخل فى المسائل الاصولية لان بحثها يرجع الى انحاء وجود الحكم كما تقدم الاشارة اليه ـ وان كان مجال المناقشة موجود لان مسالة المفهوم والمنطوق راجعتان الى تشخيص الظهورات وباب تشخيص الظهورات والموضوعات من صغريات قياس الاستنتاج بحيث لو انضم اليها كبرى اصالة الظهور يستنتج منها الحكم الكلى الشرعى.

٦٩

المسائل الادبية فانها ربما تقع فى طريق استنباط موضوع الحكم (١) بلا نظر فيها اصلا الى كيفية تعلق حكمه ـ ومن هذا البيان (٢) ايضا ظهر وجه خروج المشتق ايضا من المسائل اذ شأنه ليس إلّا احراز موضوع الحكم (٣) لا نفسه لا بذاته ولا بكيفية تعلقه بموضوعه ـ ومن هنا (٤) ظهر ايضا وجه خروج مسائل علم الرجال عن المسائل الاصولية (٥) لكونها ايضا (٦) كمبحث المشتق وسائر العلوم الادبية واقعة فى طريق استنباط الموضوع لا نفس الحكم ولا لكيفية تعلقه بموضوعه بل شانه اثبات موضوع الحكم محضا من كون السند موثوقا به كى يشمله ادلة التعبد به ـ مع (٧) امكان ان يقال ايضا ان كثرة مسائله كانت بمثابة موجبة لانفرادها وجعلها علما مخصوصا مستقلا عن الاصول وح تختص المباحث الاصولية بالبحث عن الحجية

______________________________________________________

(١) من تشخيص الفاعل عن المفعول واقسام المفعول وهكذا لا فى بيان كيفية تعلق الحكم اصلا.

(٢) وانه من القسم الثالث المتقدم وانه فى بيان استنباط الموضوع ولا ربط له بالحكم اصلا وخارج عن المسائل الاصولية.

(٣) ويكون راجعا الى تشخيص الموضوع وتعيين المصداق وانه خصوص المتلبس الفعلى او الاعم كما هو واضح وذكره فى الاصول لعدم ذكره فى كتاب وعلم آخر ومن مبادى علم الاصول.

(٤) اى مما تقدم من ان المسائل التى تكون ممحضا فى بيان تشخيص الموضوع خارج عن المسائل الاصولية ظهر الخ.

(٥) خروج علم الرجال عن المسائل الاصولية يكون لوجهين.

(٦) هذا هو الوجه الاول وملخصه انه واقع فى طريق استنباط موضوع الحكم من كون السند موثوقا به حتى يشمله ادلة التعبد به وان الرجل الفلانى ثقة او ليس بثقة ونحو ذلك.

(٧) وهو الوجه الثانى وملخصه انه لو سلم كون علم الرجال كمبحث دلالة الالفاظ واقع فى طريق استنباط الحكم الشرعى ولو بالواسطة من كون السند موثوقا به فى شمول دليل التعبد به ولكن عدم تدوينها فى الاصول لكثرة مسائلها الموجبة لافرادها بالتدوين مستقلا وجعلها علما مخصوصا موسوما باسم مخصوص.

٧٠

واحراز الدلالة لاصل الحكم او لكيفية تعلقه بموضوع (١) كما ان فى المقام ايضا اشكالا آخر (٢) وهو ان البحث عن قاعدة الطهارة فى الشبهات الحكمية ايضا مع كونها واقعة فى طريق استنباط الحكم الفرعى الكلى داخله عندهم فى القواعد الفقهية وخارجة عن المسائل الاصولية ولكن اعتذر عن ذلك (٣) استادنا الاعظم فى كفايته بازدياد قيد آخر فى المسألة الاصولية من عدم اختصاصها بباب دون باب ولا يرد عليه (٤) قاعدة لا ضرر ولا حرج الغير المختصة بباب بان ذلك (٥) لم

______________________________________________________

(١) فالمدار فى المسألة الاصولية ما كان دخيلا فى اصل ثبوت الحكم كحجية الخبر الواحد او كيفية تعلق الحكم بموضوعه كالعام والخاص وكذا مسألة اقتضاء الامر بالشيء للنهى عن ضده ناظرة الى اثبات الحكم بالحرمة للضد او لكيفية تعلق الحكم بموضوعه على نحو الترتيب وعلى اى لا اشكال فيه.

(٢) وملخصه ان المسائل الاصولية غير جامعة للافراد فان قاعدة الطهارة فى الشبهات الحكمية كقاعدة البراءة فى الشبهات الحكمية واقعة فى طريق استنتاج الحكم الفرعى الكلى ومع ذلك لم يدوّنوها فى المسائل الاصولية.

(٣) قال فى الكفاية ، ج ٢ ، ص ١٦٥ ، فان مثل قاعدة الطهارة فى ما اشتبه طهارته بالشبهة الحكمية وان كان مما ينتهى اليها فى ما لا حجة على طهارته ولا على نجاسته إلّا ان البحث عنها ليس بمهم حيث انها ثابته بلا كلام من دون حاجة الى نقض وابرام بخلاف الاربعة ـ الى ان قال ـ مع جريانها فى كل باب واختصاص تلك القاعدة ببعضها انتهى.

(٤) اى لا يرد على صاحب الكفاية ـ فان قاعدة لا ضرر ولا حرج يجريان فى جميع ابواب الفقه فكيف داخلة عندهم فى ـ القواعد الفقهية دون المسائل الاصولية.

(٥) وعلى اى هذا هو الوجه لعدم ورود الايراد عليه وملخصه ان القاعدتين لا ينتج منهما الحكم الكلى بل ينتجان الاحكام الشخصية فى مواردهما عند ما كان الحكم الالزامى حرجيا او ضرريا فيرتفع الالزام كما هو واضح نعم فى موردين ينتج الحكم الكلى وذلك لو ثبت يكون لاجل خصوصية فى المورد لا من جهة عدم اختصاصها بباب دون باب ـ المورد الاول فى مقدار الفحص اللازم عن الدليل فان وصل الى حد الضرر او الحرج فيرتفع وجوب الفحص ويكون منتجا للحكم الكلى الذى قد تفحص عن الدليل على خلافه ـ والمورد الثانى فى موارد التبعيض فى الاحتياط فى الشبهات الحكمية فى باب الانسداد اذا وصل الى حد الضرر والحرج فلا يجب الاحتياط للزوم الحرج او لا يجوز للزوم الضرر المحرم واين ذلك

٧١

يكن منتجا لحكم كلى الا فى ظرف جريانهما فى مقدار الفحص من الطرق او فى موارد التبعيض فى الاحتياط فى الشبهات الحكمية فهذه القاعدة من حيث اختصاصها بباب دون باب لا ينتج حكما كليا وانما انتاجها (١) له (٢) ايضا (٣) من جهة خصوصية فى المورد (٤) فتدبر (٥) ثم ان من فحاوى ما تلوناه ظهر غاية هذا العلم من كونه الاستنباط المعهود بين الاعلام (٦) كما ان تعريفه ايضا (٧) لا بد وان يجعل عبارة عن نفس القواعد المزبورة و (٨) حيث ان لتلك القواعد علاوة على

______________________________________________________

من استنتاج الحكم الكلى منه فى جميع الابواب.

(١) اى قاعدة لا ضرر ولا حرج.

(٢) اى للحكم الكلى ووقوعهما فى طريق الاستنباط.

(٣) لقاعدة الطهارة فى الاحكام الكلية.

(٤) كما عرفت.

(٥) لعله اشارة الى ان مجرد عدم اختصاصها بباب دون باب فى قاعدة الطهارة لا يوجب عدم تدوينها فى الاصول كما ان مجرد خصوصية فى المورد فلا يوجب جعلها مسألة فقهيه بل كل مسألة تكون دخيلة فى استنباط الحكم الكلى ولو كانت دخيله فى مسألة فقهيه واحدة لا بد وان يدوّنها فى الاصول فلا ملزم ان لا يختص بباب دون باب او لخصوصية المورد فانه لا يوجب العذر والعمدة هو الجواب الاول من كونها ثابته بلا كلام فى قاعدة الطهارة دون القاعدتين الاخيرتين كما هو واضح.

(٦) تقدم الكلام فى غاية علم الاصول وتعريفه امّا غاية علم الاصول هو استنباط الاحكام الكلية الالهية.

(٧) امّا تعريف علم الاصول هى القواعد الخاصة الدخيلة فى استنتاج الحكم الكلى الالهى.

(٨) لكل شيء وجودات أربعة منها وجودات واقعية محفوظة فى موطنها وكل شيء بحسبه ففى الحقائق موجودة فى الخارج وهكذا وفى العلوم قواعدها محفوظة فى الواقع والفن عبارة عنها ولذا يتعلق العلم بها تارة والجهل اخرى ـ ومنها وجودات لفظية وهى ما تتلفظ بها ـ ومنها وجودات كتبية وهى ما ينقش على القرطاس ويطلق عليها الفن عناية فيقال هذا الكتاب فى النحو او الصرف وهكذا ومنها وجودات علميه وهى الصورة الحاصلة فى الذهن من العقل والادراك ولاجل ذلك ربما يطلق على الفن العلم ويقال العلم بالقواعد

٧٢

واقعيتها وجودات علميه صح تعريفه بالعلم بهذه القواعد نظرا الى ان العلم بشيء بعناية عين المعلوم (١) بل ولها ايضا وجود كتبية وبهذه العناية يطلق هذه الفنون على الصور المنقوشة.

ولو لوحظ شغل الاصولى فى استخراج قواعده من مباديها يناسب تعريفه بصناعة مخصوصة (٢) فلجميع هذه التعابير (٣) نحو مناسبة مع الفن المزبور فكل الى ذاك الجمال (٤) يشير (٥) ثم انه بعد ما عرفت ما يتعلق بالعلم موضوعا وغاية و

______________________________________________________

الخاصة ولا مشاحة فيه نظرا الى كون العلم بشيء عين المعلوم عناية وهذا واضح.

(١) فان الكاشف عين المكشوف بل يرى المكشوف والكاشف فان فيه فافهم.

(٢) ذكر فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩ ، وان كان الاولى تعريفه بانه صناعة يعرف بها القواعد الخ والوجه فى ذلك لكون شغل الاصولى استخراج القواعد الاصولية عن ادلتها فيطلق عليه الصناعة كسائر الصناعات الخارجية.

(٣) من العلم والصناعة وغيرهما لا بأس باطلاقه على الفن لما له نحو مناسبة معه.

(٤) وهو القواعد الخاصة الواقعية الدخيلة فى غرض واحد فكل هذه التعابير اشارة اليها كما هو واضح.

(٥) بقى الكلام فى تعريف صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ٩ ، وان كان الاولى تعريفه بانه صناعة يعرف بها القواعد التى يمكن ان تقع فى طريق استنباط الاحكام او التى ينتهى اليها فى مقام العمل بناء على ان مسالة حجية الظن على الحكومة ومسائل الاصول العملية فى الشبهات الحكمية من الاصول كما هو كذلك ضرورة انه لا وجه لالتزام الاستطراد فى مثل هذه المهمات انتهى وبناء على تعريف المشهور يخرج هذه المهمات عن علم الاصول وذلك فلان الظاهر من قولهم لاستنباط الاحكام هو استنباط الحكم على وجه القطع به ولا قطع به فى الظن الانسدادى على الحكومة لا بالواقع ولا بالظاهر لانه حجة عقلا لا حجة شرعية كما على الكشف فانه على الكشف تكشف مقدمات الانسداد عن حكم الشارع بحجية الظن فيكون كسائر الحجج الشرعية واما على الحكومة انها منشأ لحكم العقل بوجوب العمل بالظن ويكون حال الظن حال العلم فى كون حجية عقلية ـ واما الثانى فلان الاصل مفاده ليس إلّا العذرية ونفى العقوبة او تنجز الواقع وترتب العقوبة عليه كالبراءة والاحتياط لا انه يستنبط منه الحكم ولا يقع فى طريق الاستنباط وان شئت قلت ان الاصول العملية الشرعية او العقلية اعمالها فى مواردها انما هو من باب تطبيق مضامينها على مصاديقها وافرادها لا من باب

٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

استنباط الاحكام الشرعية منها ـ ثم ان تعبيره بالاولوية دون التعيين مع كون تعريف المشهور عنده غير مرضى لما تقدم من ان الحدود من قبيل شرح الاسم لا الحدود الحقيقية فلا يقدح عدم الانعكاس. ويمكن ان يكون الاولوية اولوية وجوبية كالاولوية فى الآية المباركة أولو الارحام بعضهم اولى ببعض وذلك لفساد تعريف المشهور عنده. وهذا التعريف يخالف تعريف المشهور لوجوه الاول خلوه من ذكر العلم وهو فى محله لان الفن نفس المسائل التى تكون موضوعا للعلم تارة وللجهل اخرى وقد تقدم مفصلا. الثانى جعله نفس الصناعة التى يعرف بها القواعد باعتبار استنباط مسائل ذلك الفن فانه بشغل الاصولى كما مر ولكن فيه الظاهر ان المراد بها الملكة ولازمها خروج نفس القواعد عن علم الاصول وهو كما ترى. والثالث ازدياد جملة والتى الخ لادخال الاصول العملية فى المسائل الاصولية والحق ما افاده المحقق الماتن من كلمة الاستنتاج فيشمل جميع المسائل ويكون نفس القواعد. والرابع خلوه عن تقييد الاحكام بالشرعية وقيل لا بد منه ـ ولكن فيه انه لا يختص بذلك بل يعم الظن الانسدادى على تقرير الحكومة. الخامس ان الظاهر من تعريف المشهور بانه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الاحكام الشرعية الخ ان ملاك المسألة الاصولية وقوعها فى طريق استنباط الحكم الشرعى الكلى فعلا ولا يكفى امكان وقوعها فى كونها مسألة اصولية وهذا لا يصح لان الملاك فى كون المسألة اصولية امكان وقوعها فى طريق الاستنباط ولا يلزم وقوعها فعلا لان المسائل الاصولية كبريات لو انضمت اليها صغرياتها لوقعت فى طريق الاستنباط فلو فرض انه ليس لها صغرى فى الخارج فهذا لا يوجب خروجها عن كونها مسألة اصولية ولذا زاد قدس‌سره قيد الامكان وقال ص ٩ ، التى يمكن الخ. والسادس ذكره قدس‌سره الشبهات الحكمية لان الجارى فى الشبهات الموضوعية خارجة عن علم الاصول لعدم استنباط حكم كلى منها سواء كان الاصل الجارى موضوعيا كاستصحاب الخمرية او حكميا كاستصحاب وجوب الظهر فى إتيانها فيكون من المسائل الفقهية. واما اقسام المبادى من التصورية والتصديقية والاحكامية فقد تقدم فى اوائل الكتاب فراجع. وذكر المحقق الاصفهانى فى ج ٢ ، من النهاية ، ص ١٦٨ ، ان تعميم القواعد الى الممهدة للاستنباط والى ما ينتهى اليه امر المجتهد يقتضى فرض غرض جامع بين الفرضين لئلا يكون علم الاصول علمين لتعدد العلم يتعدد الغرض فى المورد القابل مضافا الى ان هذا التعميم وان كان يجد فى ادراج الاصول العملية الشرعية إلّا انه لا يجدى فى دخول مباحث حجية الامارات سندا ودلالة فى علم الاصول لانها ليست مما ينتهى اليه امر المجتهد بعد الفحص عن الدليل بل هى الادلة على

٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

حكم العمل وليس العمل بمقتضياتها منوطا بعدم التمكن من تحصيل العلم الى آخر كلامه. وفيه انه يدخل فى الشق الاول من القواعد الممهدة وانها من عوارض موضوع علم الاصول وهى الادلة ـ كما يرد عليه ان الفرض استنتاج الحكم الشرعى وهو غرض واحد يترتب على علم الاصول. وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ١ ص ٨ فى تعريف علم الاصول هو العلم بالقواعد التى تقع بنفسها فى طريق استنباط الاحكام الشرعية الكلية الالهية. والمراد من الاستنباط ليس الاثبات الحقيقى بعلم او علمى بل المراد الاثبات الجامع بين ان يكون وجدانيا او شرعيا او تنجزيا او تعذيريا فالاصول العملية والظن الانسدادى بناء على الحكومة ولو ليس من باب الاستنباط بل من باب تطبيق مضامينها على مصاديقها لكن تقع فى طريق الاستنباط لانها تثبت التنجيز مرة والتعذير اخرى فيصدق عليها التعريف. ولكن فيه مضافا الى ما عرفت من الامتيازات التى تقدم فى كلام صاحب الكفاية. ان لفظ الاستنباط لا يطلق على الاصول العملية فانه وظيفة عملية ولا الظن الانسدادى لانه ليس فى طريق استنباط حكم شرعى الهى بل حكم العقل كما لا يخفى مضافا الى ان الاستنباط هو الاستظهار وليس المراد منه الاثبات اصلا. بقى شيء ذكر المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ٨ ، ثم ان لعلم الاصول مبادى خاصة وتسمى بالمبادى الاحكامية وهى التى يبحث فيها عن حال الاحكام بما هى من كونها مجعولة استقلالية او انتزاعية ومن حيث اشتراطها بشروط عقلية وغير ذلك ومن هذا القبيل مباحث مقدمة الواجب والنهى عن الضد واجتماع الامر والنهى بناء على كونها من المسائل الاصولية الخ واجاب عنه استادنا الخوئى فى المحاضرات ، ج ٢ ، ص ٢٩٥ ، ان المبادئ لا تخلو من التصورية والتصديقية ولا ثالث لهما والمبادى التصورية هى لحاظ ذات الموضوع والمحمول وذاتياتهما فى كل علم ـ والمبادى التصديقية هى المقدمات التى يتوقف عليها تشكيل القياس ومنها المسائل الاصولية فانها مبادئ تصديقية بالاضافة الى المسائل الفقهية لوقوعها فى كبرى قياساتها التى تستنتج منها تلك المسائل والاحكام ولا نعقل المبادى الاحكامية فى مقابل المبادئ التصورية والتصديقية نعم قد يكون الحكم موضوعا فيبحث عن حالاته وآثاره إلّا انه فى الحقيقة داخل فى المبادى التصديقية وليس شيئا آخر فى مقابلها وهو ظاهر كما ان تصوره بذاته وذاتياته داخل فى المبادى التصورية ـ وعلى هذا الضوء فان اراد القائل بالمبادى الاحكامية انها من المبادى التصديقية لعلم الفقه فيرد عليه ان جميع المسائل الاصولية بشتى انواعها كذلك فلا اختصاص لها بتلك المسألة وان اراد انها من المبادى التصديقية لعلم الاصول فهو خاطئ جدا لما سنشير اليه من ان هذه المسألة ـ

٧٥

تعريفا يقتضى قبل الشروع فى المقصد من تقديم امور تكون من المبادى لمسائله توطئة للبصيرة فى دخول المقصد والمناسب طى هذه الامور ايضا فى مقالات فنقول وبه نستعين.

______________________________________________________

اى مسألة مقدمة الواجب من المسائل الاصولية التى تقع فى طريق الاستنباط بلا توسط مسألة اصولية اخرى الخ ولكن لا مشاحة فى الاصطلاح والامر سهل وعلى الله التكلان.

٧٦

المقدمة

وهى تشتمل على نماذج

النموذج الاول فى الوضع

ويشتمل على امور

٧٧

مقالة (١) لا شبهة (٢) فى عدم دلالة الالفاظ على معانيها بنفس ذاتها بحيث يفهمه كل احد من اللفظ معناه بلا توسيط شيء آخر فى البين (٣) ولا اظن توهمه من احد فليس نظر من التزم بان دلالة الالفاظ مستندة الى المناسبات الذاتية (٤) الى كون المناسبة المزبورة مما يلتفت اليها كل احد وبتوسطها يفهم المعنى من نفس اللفظ بلا قرينة عامة او خاصة (٥) بل (٦) قصارى ما يتخيل فى

______________________________________________________

(١) الامر الاول فى بيان ان دلالة اللفظ على المعنى هل تكون بالوضع او بالطبع وبالذات.

(٢) لا ينبغى الشك فى ان دلالة الالفاظ على معانيها لا يكون بالطبع لان الدلالة الطبعية والذاتية لا يختلف باختلاف الاعصار والامم كدلالة أح أح على وجع الصدر بحيث يكون سماع اللفظ علة تامة لانتقال الذهن الى معناه فما حكى عن سليمان بن عباد من كون دلالة الالفاظ على معانيها بالطبع وان الارتباط بين اللفظ والمعنى بالذات من دون استنادها الى شيء آخر باطل جزما كما عرفت ـ واما اختيار الواضع اللفظ الخاص للمعنى المخصوص لا بد وان يكون لمرجح وذاك امر آخر غير كون الدلالة بالذات وبالطبع ـ قال استادنا الخوئى فى تعليقه الاجود ، ج ١ ، ص ١١ ، ودعوى الملازمة بين تصور اللفظ والانتقال الى المعنى بطلانها ظاهر وإلّا لما امكن الجهل باللغات اصلا ووقوع الجهل بها من اوضح الواضحات انتهى.

(٣) وهو الوضع.

(٤) اى المناسبة الذاتية بين اللفظ والمعنى ولشدة المناسبة يوجب وضع ذلك اللفظ لذلك المعنى.

(٥) من الوضع النوعى والشخصى.

(٦) الامر الثانى فى بيان لزوم المناسبة والربط بحسب الارتكاز بين اللفظ والمعنى

٧٨

المقام امران احدهما (١) ان تعيين كل لفظ لأى معنى وتخصيصه به لا بد وان يكون لخصوصية وربط بينهما كى لا يلزم الترجيح بلا مرجح فى هذا التخصيص مع الالتزام بان هذه الخصوصية لا بد وان يكون ملتفتا اليها حين الوضع والتخصيص لدى الواضع والمعيّن ـ و (٢) حيث (٣) ان المحيط (٤) بهذه الجهات ليس الاعلام الغيوب فالجاعل لا يكون إلّا هو غاية الامر قد الهم الى غيره فى استعماله اللفظ الخاص فى معنى مخصوص بلا التفاته بخصوصيتهما ـ مؤيدا ذلك (٥) ايضا بان

______________________________________________________

فى الوضع او عدم لزومه بان يكون تمام العلقة والارتباط يحصل بالوضع وان لم يكن بينهما ارتباط قبل ذلك.

(١) ذكروا للزومها وجهين وهذا هو الوجه الاول وملخصه انه لو لم يكن التناسب الذاتى بين اللفظ والمعنى لزم الترجيح بلا مرجح فلما ذا وضع لفظ الماء للجسم البارد والنار للجسم الحار دون العكس وهكذا سائر الالفاظ فليس ذلك الا لخصوصية بينهما.

(٢) هذا هو الامر الثالث من ان الواضع لوضع الالفاظ للمعانى هل هو الله تبارك وتعالى او العباد انفسهم ـ وادرجه قدس‌سره فى طى الاستدلال للقول المتقدم لاجل المناسبة.

(٣) فاستدلوا لكون الواضع هو الله جلّ وعلا من نواح ثلاث.

(٤) وهذه هى الناحية الاولى قال فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١ ، بل الله تبارك وتعالى هو الواضع الحكيم جعل لكل معنى لفظا مخصوصا باعتبار مناسبة بينهما مجهولة عندنا وجعله تبارك وتعالى هذا واسطة بين جعل الاحكام الشرعية المحتاج ايصالها الى ارسال الرسل وانزال الكتب وجعل الامور التكوينية التى جبّل الانسان على ادراكها كحدوث العطش عند احتياج المعدة الى الماء ونحو ذلك فالوضع جعل متوسط بينهما لا تكوينى محض حتى يحتاج الى امر آخر ولا تشريعى صرف حتى يحتاج الى تبليغ نبى او وصى بل يلهم الله تبارك وتعالى عباده على اختلافهم كل طائفة بالتكلم بلفظ مخصوص عند ارادة معنى خاص انتهى والالهام ان يلقى الله فى نفس الانسان امرا يبعثه على فعل الشيء او تركه ـ ولا مانع منه كما ربما يلقى ذلك فى نفس الحيوانات كقوله تعالى (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) الخ سورة النحل ، آية ٦٨ ، الهم اوحى اليه ولقنه اياه كذا فى المنجد فترى الفأرة تفر من الهرة ولا تفر من الشاة.

(٥) هذه هى الناحية الثانية قال فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٢ ، ومما يؤكد المطلب انا لو فرضنا جماعة أرادوا إحداث الفاظ جديدة بقدر الفاظ اى لغة لما قدروا عليه فما ظنك بشخص واحد مضافا الى كثرة المعانى التى يتعذر تصورها من شخص او اشخاص متعددة.

٧٩

المحيط بالفاظ غير متناهية ومعانى كذلك لا يكون إلّا البارئ عزّ اسمه ـ علاوه (١) من عدم معروفيّة احد فى وضع هذه الالفاظ بكثرتها واختلاف لغاتها من تاريخ او غيره ولو كان الواضع احد المخلوقين لبان ـ ثانيهما (٢) هذا المعنى مع عدم لزوم التفات الواضع الى المناسبة المزبورة بل المناسبة الواقعية دعاه الى التفاته باللفظ المخصوص ومعنى كذلك (٣) وعيّنه (٤) له بلا شعوره الى المناسبة المسطورة او ان الهامه تعالى ايّاه دعاه الى وضع لفظ خاص لمعنى مخصوص لعلمه بمناسبة بينهما بلا وضعه تعالى له بل او كل الوضع الى مخلوقه بالهامه لوضعه اليه (٥) هذا غاية بيان لما توهم. اقول (٦) لا يخفى (٧)

______________________________________________________

(١) وهذه هى الناحية الثالثة قال فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١ ، فانا نقطع بحسب التواريخ التى بايدينا انه ليس هناك شخص او جماعة وضعوا الالفاظ المتكثرة فى لغة واحدة لمعانيها التى تدل عليها فضلا عن سائر اللغات انتهى مع ان ذلك من الامور المهمة التى لا يمكن الغفلة عنها عادة ولم يرد فى التاريخ ذكر من واضع اى لغة فخلو التاريخ عن ذكر هذه القضية دليل عدم استناد وضع الالفاظ الى احد المخلوقين.

(٢) وهذا هو الوجه الثانى للقول بلزوم ان يكون بين الالفاظ والمعانى مناسبات ذاتية يوجب وضع لفظ الخاص للمعنى المخصوص.

(٣) اى مخصوص.

(٤) اى عين الواضع لذلك المعنى.

(٥) وملخص ذلك ان التناسب بين اللفظ والمعنى موجود واقعا ولم لم يتوجّه اليه الواضع تفصيلا فان المناسبة الواقعية بينهما يوجب وضع لفظ الخاص المعنى للمعنى المخصوص او يلهم فى قلبهم تلك المناسبة ولو اجمالا فبتلك المناسبة والارتباط يوضع الشخص هذا اللفظ لهذا المعنى كما هو واضح. فان المناسبة الواقعية دعاهم الى الوضع والتخصص بمقتضى ارتكازهم وفطرتهم.

(٦) هذا هو الجواب عن الوجه الاول للقول بلزوم المناسبة بين اللفظ وبه يظهر الجواب عن الوجه الثانى منه ايضا. وعلى اىّ ذكر قدس‌سره جوابين عنه.

(٧) هذا هو الجواب الاول وملخصه انه لا يلزم تخصيص لفظ بمعنى ان يكون لمرجح هناك لامكان المقارنات الاتفاقات بين الاشياء وهى لا تحتاج الى وجود مناسبة بينهما سوى المقارنة ففى الحقيقة ما هو الموجب لتخصيص لفظ من بين الالفاظ لمعنى من بين

٨٠