نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

.................................................................................................

______________________________________________________

التعهد كما عرفت عبارة عن تعهد الواضع فى نفسه بانه متى ما تكلم بلفظ مخصوص لا يريد منه الا تفهم معنى خاص ومن المعلوم انه لا يجتمع مع تعهده ثانيا بانه متى ما تكلم بذلك اللفظ الخاص لا يقصد إلّا تفهيم معنى آخر يباين الاول ضرورة ان معنى ذلك ليس إلّا النقض لما تعهده اولا إلّا ان يرفع يده عن الاول والالتزام من جديد انتهى وفيه اولا انه على التعهد معقول على ما نقله المحقق النّائينيّ من المؤرخ لانه تعهد شخصين وطائفتين من العرب لا ربط لاحدهما بالآخر ، وثانيا ان قول المورخ المزبور بعد اعتماد المحقق المزبور عليه يكون على وجه صحيح وعليه الاعتبار ايضا من كون لفظ واحد كيف يجعله للمعنيين او ازيد وكان جزيره العرب مشحونة بالاعراب ولكل طائفة وضع خاص يخصّه وثالثا ان الواضع عنده يكون كل شخص فلا مانع من طائفة واحدة ان يتعهد شخص لمعنى وشخص آخر نفس اللفظ ابراز المعنى آخر وكل منهما بيده الاعتبار من دون رفع اليد عن التعهد الآخر فليس من الامور المضادة حتى لشخص واحد فكيف بشخصين بعد ما كان فى مقام الاستعمال كما اعترف هو ايضا من لزوم نصب قرينة على إرادة تفهيم احدهما بالخصوص كما لا يخفى وان شئت قلت فرق بين الوضع والاستعمال فانه لا يمكن استعمال اللفظ فى المعنيين فرضا لكن يمكن جعله لهما اى ايجاد الاستعداد فيه بحيث يمكن ان يستعمل ويراد به احدهما ولو كان ذلك فى الذهن فوق الذهن على ما مر فالتعهد الفعلى من ما اراد لمعنيين بتعدد الدال والمدلول كما ان ما ذكره فى المناقشة على صاحب الكفاية بان المعانى الكلية متناهية قال فى المحاضرات ج ١ ص ٢٠٠ ان اراد بكليات المعانى المفاهيم العامه كمفهوم الشى والممكن والامر فما افاده وان كان صحيحا فإنها متناهية إلّا ان جميع الالفاظ لم توضع بازائها يقينا ضرورة انه لا يمكن تفهيم جميع المعانى والاغراض التى تتعلق الحاجة بإبرازها بواسطة الالفاظ الموضوعة بازائها لو لم تكن لا نفسها اسامى خاصه يقع التفهيم والتفهم بها فى مقام الحاجة بل ان ذلك مستحيل عادة ، وان اراد بها المراتب النازلة منها كالانسان والحيوان والشجر والحجر وما شاكل ذلك فيرده انها غير متناهية باعتبار أجزائها من الجنس والفصل وعوارضها من اللازمة والمفارقة المتصورة لها وهكذا تذهب الى غير النهاية بل يكفى لعدم تناهى هذه المعانى نفس مراتب الاعداد فانك عرفت ان مراتبها تبلغ الى حد لا نهاية له وكل مرتبه منها معنى كلى لها افراد وحصص فى الخارج والواقع مثلا العشرة مرتبه منها والحادى عشر مرتبه اخرى والثانية عشر مرتبه ثالثه وهكذا ولكل واحدة منها فى الخارج افراد تنطبق عليها انطباق الطبيعى على افراده والكلى على مصاديقه انتهى وفيه ان مراده قدس‌سره هو الثانى من المعانى الكلية لكن

٤٠١

وانما الكلام (١) ومعركة الآراء فى جواز استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد (٢) سواء كانا حقيقتين (٣) او حقيقة ومجازا (٤) او مجازيين (٥) وتوضيح الحال فى هذا المجال يقتضى رسم مقدمة لتنقيح محط هذا البحث بين الاعلام فنقول وبه التكلان (٦) ان مورد نزاع الاعلام حسب صراحة كلماتهم (٧)

______________________________________________________

المفهوم الكلى المنطبق على جميع المراتب كالانسان والشجر والحيوان والعدد من دون النظر الى مراتبها ولا افرادها ولا منطبقاتها فان كل فرد منها ايضا لعله كلى ينطبق على افراد فى الخارج لكن لا يراد ذلك حتى يلزم ان يكون غير متناهية بل القدر المشترك بين جميع الافراد والاصناف والانواع من هذا السنخ وهو متناه لا محاله.

(١) نموذج ١٤ فى ان استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد هل يجوز ام لا.

(٢) على نحو الاستقلال بنحو كان كل واحد من المعنيين او المعانى كما اذا لم يستعمل الا فيه.

(٣) كاستعمال العين فى العين الباكية والعين الجارية والقرء فى الحيض والطهر وهكذا.

(٤) كاستعمال لفظة الاسد فى الحيوان المفترس ورجل الشجاع معا.

(٥) كاستعمال لفظه الاسد فى الرجل الشجاع والهرة الشجاعة.

(٦) اما المقدمة فتتضح بما نشير اليه وهو ان المحتملات المتصورة من الاستقلال وجوه الأول ارادة استقلال ذات المعنى الملحوظ فى الذهن فى قبال عدم الاستقلال الذى هو بمعنى انضمامه مع الغير فيه ويكون المعنيان كل واحد منهما مورد لحاظ مستقل بان تعلق لحاظان على ملحوظين ومعنيين ، الثانى تعلق لحاظ واحد على مجموع المعنيين بان اراد استقلال ذات المعنى الملحوظ فى الذهن ولكن تعلق لحاظ واحد بالمجموع لعدم التلازم بين تعدد المعنى الملحوظ وتعدد اللحاظ فيمكن ان يكون المعنى الملحوظ مع كونه متعددا متعلقا للحاظ واحد كلحاظك نقاطا متعددة بلحاظ واحد متعلق بالمجموع ، الثالث ارادة الاستقلال حسب مرحلة ارادة الحكم او الاعراض الخارجية كما فى العام الافرادى فى قبال عدم استقلاله بحسبه كما فى العام المجموعى فاشار قدس‌سره الى هذه الوجوه.

(٧) قال فى الكفاية ج ١ ص ٥٤ انه قد اختلفوا فى جواز استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد على سبيل الانفراد والاستقلال بان يراد منه كل واحد كما اذا لم يستعمل الا فيه ، وقال فى الفصول ص ٥٢ الرابع ان يستعمل فى كل واحد من المعنيين او المعانى على ان يكون كل واحد مرادا من اللفظ بانفراده كما اذا كرر اللفظ واريد بذلك.

٤٠٢

انما (١) هو فى صورة ارادة المعنيين من اللفظ بنحو يكون كل واحد من المعنيين موضوع النفى والاثبات (٢) ومن المعلوم ان غرضهم من النفى والاثبات هو النفى والاثبات فى النسبة الكلامية (٣) الملازمة مع الارادة الاستعمالية (٤) لا النفى والاثبات فى سائر الجهات (٥) من مثل الاحكام الخارجية عن النسب الايقاعية التى كان الكلام طريقا اليها (٦) او (٧) موجدة لها (٨) اذ مثل هذه النسب (٩) غير مرتبط بكيفية استعمال اللفظ فى معناه (١٠) وح نقول ان لازم كون كل واحد من المعنيين

______________________________________________________

(١) هذا هو الوجه الاول من تعلق لحاظ مستقل لكل من المعنيين فيتعدد اللحاظ المستقل بتعدد المعانى.

(٢) اى كل واحد من المعنيين او المعانى ملحوظ مستقل وتمام الملحوظ فى مقام اللحاظ وموضوع النسبة الثبوتية والسلبية لا ملحوظا ضمنا.

(٣) وبعبارة واضحة هو الاستقلال فى مرحلة النسبة الكلامية الملازم مع الاستقلال بحسب اللحاظ باعتبار تفرعها على لحاظ المنتسبين نظرا الى ان استقلال المعنى بالإضافة الى مثل هذه النسبة الكلامية فرع لحاظ كل من المنتسبين مستقلا فى مقام ارجاع المحمول اليه خصوصا مع اختلاف المنتسبين من جهة الايجاب والسلب فان ايقاع الايجاب والسلب ح لكل واحد منهما لا محاله يحتاج الى لحاظ كل منهما بلحاظ مستقل بنحو يكون كل واحد منهما تمام الملحوظ فى لحاظه وهو المراد من كون المعنيين كل واحد منهما يقع موردا للنفي والاثبات.

(٤) لان النسبة الكلامية انما تتحقق بالاستعمال لا غير.

(٥) غير النسبة الكلامية والارادة الاستعمالية مما يرجع الى دواعى الاستعمال وهو ارادة الاستقلال حسب الحكم بثبوت النسبة وعدم ثبوتها او ارادة الوجود او غيرهما كما مر.

(٦) اى الى تلك الاحكام وهو الوجه الثالث المتقدم.

(٧) كون الكلام.

(٨) اى لتلك الاحكام على القولين فى ذلك من ان الحروف والهيئات اخطارى او ايجادى.

(٩) اى النسب الخارجية.

(١٠) لما عرفت من تحقق الاستعمال بدونه ولازمه خروج فرض استعمال اللفظ فى المعنيين بنحو يكون كل واحد منهما متعلقا للحاظ مستقل اذا اعتبر تعلق حكم واحد

٤٠٣

مورد النسبة الكلامية نفيا او اثباتا بنحو الاستقلال (١) توجه اللحاظ الى كل واحد من المعنيين مستقلا (٢) نظرا الى ان الحكم والنسبة الايقاعيّة الكلاميّة الى شىء بالاستقلال لا يكاد ينفك عن النظر الى الموضوع والمحمول كذلك (٣) وح (٤) نقول ان باب استعمال اللفظ فى معناه ان كان من باب العلامة (٥) بمعنى كون الانتقال الى اللفظ منشأ للانتقال الى المعنى بلا مرآتية اللفظ عن معناه (٦) بل كان المعنى متعلق

______________________________________________________

بالمجموع كما فى العام المجموعى عن حريم النزاع مع انه كما ترى لا ينبغى الاشكال فى دخول مثل هذا الفرض فى مورد النزاع بينهم.

(١) ليس استقلال المعنى الملحوظ بذاته لا بوصف كونه ملحوظا وانما يكون ملحوظا تمامه باللحاظ ولو ضمنا وهو الوجه الثانى المتقدم وليس هذا ظاهر كلماتهم ايضا.

(٢) وهو الوجه الاول من اللحاظ المستقل بكل واحد من المعنيين او المعانى وتعدد اللحاظ المستقل بتعدد المعانى.

(٣) فالنسبة الايقاعيّة الكلية يحتاج الى لحاظ الموضوع مستقلا والمحمول مستقلا وبما ان هنا معنيان وكل واحد منهما مورد النفى او الاثبات فى النسبة الكلاميّة فلا بد ان يلاحظ كل من المعنيين مستقلا لان كل منهما موضوع مستقل لمحمول كذلك وهذا واضح ، هذا تمام الكلام فى المقدمة وقد عرفت ان موضوع النزاع ما هو ملحوظ كل من المعنيين بلحاظ تام مستقل.

(٤) اذا عرفت ذلك فيختلف الجواز والامتناع على حسب ما تقدم فى حقيقة الوضع.

(٥) فلو قلنا ان وضع اللفظ من باب وضع العلامة والامارية وان اللفظ علامة وامارة التى لازمها سببيّة اللفظ لانتقال الذهن بدوا الى المعنى الموضوع له لعلامية الخشب لراس فرسخ والدخان الذى هو سبب لانتقال الذهن الى وجود النار بدوا بلا توسيط شىء فحينئذ لما كان استعمال اللفظ فى اكثر من معنى لا مانع عقلا لان جعل شيء علامة على امر ما هو جعل الملازمة بينهما بناء فكما ان الملازمة الطبيعية بين شىء وامور اخرى متعددة لا توجب عند الاستدلال به على لوازمه اجتماع لحاظات متعددة فيه بعدد لوازمه كذلك جعل الملازمة بين شيء وعدة امور لا يوجب الاستدلال به عليها اجتماع لحاظات متعددة فيه بعدد لوازمه المجعولة.

(٦) وفانيا فيه.

٤٠٤

اللحاظ مستقلا فى عرض لحاظ اللفظ (١) فلا قصور ح لارادة ازيد من معنى واحد من اللفظ لعدم محذور فى لحاظ كل واحد من المعانى بلحاظ مستقل بلا توسيط مرآة فى البين كما (٢) هو الشأن فى لحاظ كل منهما كذلك (٣) فى مورد الارادة والكراهة (٤) واما (٥) لو كان من باب استعمال اللفظ فى معناه كون اللفظ مرآتا

______________________________________________________

(١) لكون العلامة وذي العلامة فى عرض واحد وبالجملة فاذا كان المعنى متعددا ذاتا وكان اللفظ سببا للانتقال الى المعنى فلا مانع من ان يتعلق بكل واحد من المعنيين لحاظ مستقل.

(٢) لعله اشارة الى توهم ودفعه ، اما التوهم انه كيف يجتمع اللحاظين فى آن واحد ، اما دفعه بانه ليس من باب اجتماع اللحاظين فى شيء واحد حتى يقال بامتناعه ومجرد كون اللحاظين مجتمعين فى ان واحد ح غير ضائر بعد فرض تعدد المتعلق فانه ليس باعظم من اجتماع الضدين كالحب والبغض والارادة والكراهة من صفات النفس مع ان اجتماعهما فى الآن الواحد عند فرض تعدد المتعلق مما لا يكاد ينكر كما فى محبة الانسان لولده وبغضه لعدوه وح فاذا امكن اجتماع الضدين فى الآن الواحد عند فرض تعدد المتعلق فليكن كذلك فى المثلين فى مفروض المقام فعليه استعمال اللفظ الواحد فى المعنيين على الأمارية بارادة كلا المعنيين ممكن كما عرفت.

(٣) بالنسبة الى المتعلقين.

(٤) هذا كله لو كان وضع اللفظ للمعنى هو جعل اللفظ علامة عليه.

(٥) واما على المبنى التحقيق وهو ان الوضع هو جعل اللفظ مرآة تحكى عن المعنى وتصوره للسامع فهل يكون ممتنعا ام لا فالظاهر امتناعه لقصور من جهة اللفظ كما افاده المحقق الماتن قدس‌سره تبعا لصاحب الكفاية لا لقصور فى النفس او من جهة السامع وسيأتى التعرض فى ضمن الكلمات والحاصل ان لحاظ النفس ليس إلّا علمها بالشيء وتصورها اياه فلو وقع المعلوم بنعت الكثرة فى لوح النفس وصفحة الادراك فقد وقع العلم عليه كذلك اذ التصور والادراك وما رادفهما من سنخ الوجود فى عالم الذهن وانما لقصور اللفظ فلانه كما عرفت ان الوضع هو جعل اللفظ مرآة عن المعنى وحاكيا عنه واستعمال اللفظ فى المعنى هو فعلية كون اللفظ الموضوع مرآة وحاكيا وبما ان المرآة ملحوظة حين استعمالها باللحاظ الآلي فيلزم من استعمال اللفظ الواحد فى معينين او اكثر ان يلحظ ذلك اللفظ الواحد فى آن واحد بلحاظين آليين لصيرورته بذلك الاستعمال مرآتين حاكيتين عن معنيين وح يجتمع اللحاظان فى شىء واحد شخصى.

٤٠٥

لمعناه بمعنى كون لحاظ المعنى بعين لحاظ اللفظ بنحو يعبر اللحاظ من اللفظ الى المعنى (١) وان النظر الى اللفظ (٢) عبورى على وجه لا يلتفت الانسان اليه بل تمام التفاته الى المعنى بحيث كانه يوجد المعنى بلسانه فلا شبهة فى ان لازم هذا المسلك عند ارادة المعنيين بنحو الاستقلال فى شخص لحاظه بتوسيط لفظ واحد توجّه اللحاظين الى لفظ واحد (٣)

______________________________________________________

(١) وهو معنى كونه يكون آلة للحاظ المعنى.

(٢) آليّ.

(٣) لان المفروض ان اللاحظ واحد واللفظ واحد واللفظ قنطرة للمعنى ويكون اللفظ واسطة للانتقال ومورد لتعلق اللحاظ بدوا فيكون الانتقال الى المعنى بتوسيط اللفظ ومن باب السراية منه اليه فيلزم اجتماع اللحاظين والنظرين فى شىء واحد ، قال فى الكفاية ج ١ ص ٥٤ ولا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك الا لمعنى واحد ضرورة ان لحاظه هكذا فى ارادة معنى ينافى لحاظه كذلك فى ارادة الآخر حيث ان لحاظه كذلك لا يكاد يكون إلّا بتبع لحاظ المعنى فانيا فيه فناء الوجه فى ذى الوجه والعنوان فى المعنون ومعه كيف يمكن ارادة معنى آخر معه كذلك فى استعمال واحد مع استلزامه للحاظ آخر غير لحاظه كذلك فى هذا الحال وبالجملة لا يكاد يمكن فى حال استعمال واحد لحاظه وجها لمعنيين وفانيا فى الاثنين إلّا ان يكون اللاحظ احول العينين يرى الواحد اثنين الخ ، وقال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٦٤ ان النظر بالذات الى المعنى وان اللفظ آلة لحاظه ولا يعقل ان يكون آلة اللحاظ فى حال كونه كذلك ملحوظا بلحاظ آخر لا آليا ولا استقلاليا لامتناع تقوم الواحد بلحاظين حيث انه من قبيل اجتماع المثلين او لامتناع الجمع بين اللحاظين فى لحاظ واحد للزوم تعدد الواحد ووحدة الاثنين الخ والحاصل انه لا مانع من ان يكون الوجود الواحد وجودا اعتباريا لعدة اشياء مجتمعه واما على سبيل الاستقلال والانفراد فلا يمكن لان معنى اعتبار الاتحاد بين اللفظ وهذا المعنى هو ان يكون الاثنان واحدا وحيث ان وجود اللفظ وجود شخصى فليس هناك وجود آخر حتى يتحد مع ذلك المعنى الآخر ولا يقاس بمقام الجعل لانه هناك يعتبر الواضع الاتحاد بين طبيعى اللفظ والمعانى المختلفة بالنوع او بالشخص ففى الحقيقة مرجع ذلك الجعل والاعتبار الى ان كل وجود من وجودات هذه اللفظة متحد مع معنى من هذه المعانى وهذا غير مقام الاستعمال حيث انه يوجد وجودا واحدا من طبيعى اللفظ ويجعله وجودا تنزيليا لهذا المعنى ويفنيه فيه ويلقى المعنى بالقائه وليس وجود آخر فى البين حتى يلقى المعنى الآخر بالقائه هذا مضافا الى ان نظره الى اللفظ آلى والى المعنى استقلالى بحيث

٤٠٦

وهو محال لأوله الى اجتماع المثلين (١) فى شىء واحد كما لا يخفى وحيث ان المختار فى باب الاستعمال هو المسلك الثانى (٢) فلا محيص من المصير الى استحالة الاستعمال فى اكثر من معنى واحد بنحو الاستقلال ، نعم (٣) لا قصور فى استعماله فيهما (٤) بلحاظ واحد بحيث يكون كل واحد مورد الاستعمال ضمنا (٥) وان وقع كل منهما مورد النفى والاثبات فى الاحكام الخارجيّة مستقلا (٦) كما هو

______________________________________________________

يكون غافلا عن اللفظ بالمرة فباللفظ ينظر الى المعنى فتمام نظره الى هذا المعنى وفى تلك الحالة اى فى حالة نظره الآلي الى اللفظ والاستقلالى الى ذلك المعنى لا يمكن ان يكون له لحاظ آخر آلى الى اللفظ ولحاظ آخر استقلالى الى المعنى الآخر وهذا غير قدرة النفس على لحاظ المعانى المختلفة فى ان واحد لانه من عالم السعة والإحاطة بل المحذور لحاظه اللفظ فانيا فى هذا المعنى فى حين هذا اللحاظ الآلي كيف يمكن ان يراه فانيا فى المعنى الآخر.

(١) اى اللحاظين.

(٢) وهو المرآتية

(٣) اشارة الى الوجه الثانى المتقدم بان يكون مدار الاستقلال بحسب اللحاظ انما هو استقلال كل من المعنيين فى عالم تعلق اللحاظ على نحو كان كل منهما تمام الملحوظ لاتمام الملحوظ بتمام اللحاظ بل لحاظ واحد تعلق بالمجموع وبالجملة يجوز استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد بلحاظ واحد بنحو يكون اللفظ حاكيا عن مفهومين او اكثر ملحوظين للمتكلم بلحاظ واحد فى مقام الاستعمال.

(٤) اى فى المعنيين

(٥) بان يكون المستعمل فيه عبارة عن معنيين او اكثر يجمعهما تصور واحد ويستعمل فيهما اللفظ باستعمال واحد ولذا يقال ان للنفس ان ترى ماهيّتين ثم توجدهما بوجود ذهنى واحد فان الموجودات الخارجية كما صارت منورة بنور واحد وهو الوجود المنبسط على الجميع ولا يضر كثرتها بوحدته كذلك الماهيات الذهنية توجد بوجود واحد ذهنى وتنبسط على الجميع فلا اشكال فى لحاظ الماهيّتين تحت لحاظ واحد من النفس.

(٦) اشارة الى الوجه الثالث المتقدم وهو ما افاده المحقق الحائرى فى الدرر ج ١ ص ٢٧ فى رد الاستحالة قال فيرده وقوع هذا الامر فى العام الاستغراقى فانه انما صار كذلك لعدم ملاحظه الامر هيئة الاجتماع فى مرتبه تعلق الحكم بل لاحظ الآحاد كلا منها اجمالا على انفرادها غاية الامر هذه الملاحظة فى العام الاستغراقي انما هى فى مرتبه تعلق الحكم دون الاستعمال فاذا صار هذا النحو من الملاحظة اعنى ملاحظه الآحاد على انفرادها ممكنا فى

٤٠٧

الشأن فى العموم الاستغراقية (١) وبالجملة نقول ان عمدة وجه الاستحالة هو لزوم اجتماع اللحاظين فى لفظ واحد (٢) بحيث لو ارتفع اللفظ فى البين (٣) لا قصور فى توجه اللحاظ الى كل واجد مستقلا لنفسه (٤) كما اشرنا اليه فى مورد الارادة والكراهة ، نعم قد يرى من بعض التقريبات (٥) فى وجه الاستحالة توهم جريانه حتى

______________________________________________________

مرتبه تعلق الحكم فليكن ممكنا فى مرحلة الاستعمال فكما ان كل واحد فى الاول يكون مورد للحكم مستقلا كذلك فى الثانى يصير مستعملا فيه انتهى وتبعه تلميذه القائد الخمينى فى التهذيب ج ١ ص ٧٢ انه لا مانع من استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد عقلا واما المنع من جهة القواعد الأدبيّة او من جهة اشتراط الواضع فضعيف جدا كما عليه استاذنا الخوئى فيقول في المحاضرات ج ١ ص ٢١٠ ان استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد جائز ولا مانع منه اصلا نعم هو مخالف للظهور العرفى فلا يمكن حمل اللفظ عليه بلا نصب قرينة وعلى اى وفيه ان الحكم ايضا يكون على الطبيعى وهو لا يقتضى الشمول ولا عدمه ليحتاج الى لحاظ جميع الافراد ولذا نحتاج فى اثبات الشمول بنحو العموم الى ادواته مثل لفظ كل وامثاله وفى اثبات الاطلاق الى مقدماته لاثباته فلو كان فى ذاته مقتضيا لذلك لا يبقى وجه لذلك فلا يكون النقض بذلك له تماس مع استعمال اللفظ فى الاكثر من معنى ضرورة وحدة اللفظ ووحدة المعنى من جميع الجهات ومع الاغماض فالعمدة فى المقام الاستحالة كما تقدم.

(١) كاكرم العلماء هو العام الاستغراقى تعلق الحكم على كل واحد من افراده مستقلا فلو فرضنا ملاحظه كل واحد من الافراد بلحاظ خاص لما كان محالا فانه قد لاحظ الافراد باعتبار موضوعيّتها للاحكام لا فى كونها مستعملا فيه اللفظ والمانع اجتماع اللحاظات المتعددة فى اللفظ الواحد كما مر

(٢) وهو محال كما مر مرارا.

(٣) ولم تكن الواسطة.

(٤) كما على القول بالعلامية والامارية.

(٥) ولعله ما حكى عن صاحب المحجة ولعله فى كتابه الاتقان ولم اعثر على هذا الكتاب فان كتاب محجة العلماء فى الاصول العقلية والعملية على ما شاهدت وعلى اى نقل عنه المحقق الاصفهانى قدس‌سره فى النهاية ج ١ ص ٦٣ ما عبارته من ان ذكر اللفظ لتفهيم المعنى او لكونه علامة علية بمعنى كونه مقتضيا للعلم به والانتقال اليه لمكان الملازمة الحاصلة بالوضع تفهيم المعنى ونفس المقتضى للعلم به وكونه اعلاما تحصلا وتحققا كما فى سائر الامور التوليدية والتسبيبيّة والوجود الواحد يمنع ان يكون ايجادين فيمتنع تحقق تفهيمين

٤٠٨

على فرض كون اللفظ علامة بحيث يكون المعنى ملحوظا فى عرض لحاظ اللفظ لا بتوسيطه (١) وملخّص بيانه ان اللفظ بعد ما كان مقتضيا لافهام المخاطب فقهرا يصر (٢) فهم المعنى من آثار وجوده (٣) ولا يمكن ترتب الفهمين على مقتضى واحد حذرا من توارد المعلولين على علّة واحدة وهو كعكسه (٤) محال (٥) ولا يرد عليه (٦) بان احضار اللفظ فى ذهن السامع بذكره واسماعه خارجا غير احضار المعنى فيه فلا باس باحضارات للمعانى بتوسيط احضار لفظ واحد فلا لزوم (٧) اثنينية الواحد ، اذ (٨) ذلك (٩)

______________________________________________________

واعلامين بوجود لفظ واحد بوحدة الوجود والايجاد ذاتا وان اختلفا اعتبارا انتهى.

(١) اى بتوسيط اللفظ.

(٢) ولعل الصحيح ـ يصير.

(٣) فى العلم بالوضع وسماعه يكون اللفظ علة تامة لتصور معناه فاذا استعمل اللفظ المشترك فى اكثر من معنى لزم ان يكون الواحد الشخصى علة تامة لتصور معناه فاذا استعمل اللفظ المشترك فى اكثر من معنى لزم ان يكون الواحد الشخصى علة تامة لاكثر من واحد وهو محال.

(٤) وهو توارد العلتين على معلول واحد.

(٥) للقاعدة المعروفة من انه لا يصدر من الواحد الا الواحد.

(٦) هذا الايراد من المحقق الاصفهانى قدس‌سره قال فى النهاية ج ١ ص ٦٣ وثانيا بان حضور المعنى فى الذهن مباين تحققا وتحصلا لحضور اللفظ فيه ومقتضى وحدة الوجود والايجاد ذاتا كون احضار المعنى مبائنا تحققا وتحصلا لاحضار اللفظ وليس معنى التفهيم والاعلام الا احضار المعنى فى الذهن باحضار اللفظ فيه بذكر اللفظ الذى يدخل من طريق السمع فيه وحيث ان المعانى صارت ملازمه بالوضع للالفاظ فأي مانع من احضارها فى الذهن بوقتها بسبب احضار اللفظ فيه بذكره خارجا فهناك بعدد المعانى حضورات واحضارات وارادات وحيث انها غير متحده مع وجود اللفظ خارجا وحضوره واحضاره ذهنا بل ملازمة له فلا يلزم اثنينيّة الواحد وتعدّده.

(٧) ولعل الصحيح بلا لزوم.

(٨) هذا هو الجواب عن الايراد.

(٩) اى تعدد احضارات المعانى لا يضر.

٤٠٩

انما يرد عليه (١) لو كان محطّ الاشكال اتحاد الاحضارين (٢) والّا (٣) فلو كان النظر الى وحدة السبب وتعدد المسبب فلا يصلح هذا الكلام لرده (٤) فالأولى (٥) ح ان يجاب ان اللفظ بعد ضم القرينة كانت علّيّة ومع تعدّد القرينة عند تعدد المعنى لا يكون الفهمين مستندا الى لفظ واحد بل الى قرينتين كما هو ظاهر فتدبر ، فالمحذور كل المحذور (٦) مع وجود لفظ واحد توجه اللحاظين الى لفظ واحد وهو محال كتوجه الارادتين والكراهتين الى شيء واحد (٧)

______________________________________________________

(١) اى على المستشكل.

(٢) فانه قد اشرنا فى ما تقدم انه لا استحالة فى تصور النفس امورا متعددة بتصورات متعددة فى آن واحد لان النفس جوهر بسيط يقبل اجتماع الامثال والاضداد فى آن واحد ألا ترى انها فى حال حبها شيئا تكره آخر وفى حال ارادتها لعمل تريد عملا فتفعلهما معا فى آن واحد فهى فى حال تحريكها اللسان بالكلام تحريك البيان بالاقلام وكل منهما عمل اختيارى قد صدر عن ارادة خاصة به وفوق هذا ووضوحا تقدم ايضا انها تحكم بامر على امر فى آن واحد ولا شبهة فى ان الحكم يستدعى تصور الموضوع والمحمول والنسبة فى آن واحد وإلّا لامتنع صدور الحكم من النفس.

(٣) اى وان لم يكن محط الاشكال من هذه الجهة.

(٤) لان الكلام فى فرض ان لفظ واحد وعلة واحدة كيف يترتب عليه معلولين وفهمين كما عرفت وفيه مضافا الى كون اللفظ لا يكون علة للمعنى بل يكون علة لحصول صورته فى الذهن وهو واحد فلا مانع من جهة السامع ايضا كالنفس على ما مر نقول يرد عليه بوجهين.

(٥) وتوضيح الجواب الاول عن الاستدلال ان اللفظ وان صار بالوضع مقتضيا لحضور معناه فى ذهن السامع إلّا انه لا يكون علة تامة فيما اذا كان مشتركا الا مع القرينة ومعها يخرج عن كونه واحدا ليلزم صدور الكثير عن الواحد لاستناد فهم كل معنى الى القرينة لا الى اللفظ لان الاشتراك سواء استعمل فى معنى واحدا واكثر يحتاج الى قرينة معيّنة كما يحتاج المجاز الى قرينة صارفة ومعيّنة معا على ما ذكر فى محله.

(٦) وهو المحذور من ناحية اللفظ الواحد لا من ناحية السامع والفهم ولا من ناحية قصور النفس اصلا.

(٧) لا متعلقين وشيئين فانه لا محذور فيه كما مر.

٤١٠

ولذا قلنا (١) بان باب الاستعمال (٢) لو كان من باب العلامة (٣) لا مرآتيّة اللفظ لا باس بارادة ازيد من معنى واحد من لفظ واحد (٤) كما انه (٥) لو بنينا على موجودية اللفظ فى مورد لمعناه كما قيل فى المعانى الحرفية على ما اسلفناه فلا باس ايضا بان يلاحظ كل من المعنيين مستقلا ويوجدهما بلفظ واحد مثل ما يراد فى سرت من البصرة او اليها (٦) كون البصرة مبتدأ منه ومنتهى اليه باتحاد (٧) ربطى الابتداء والانتهاء بين السير والبصرة بكلمة واحدة من قوله من أو إلى اذ (٨) لا يلزم ح اجتماع اللحاظين فى شىء واحد اذ (٩) على هذا المبنى (١٠) ما تعلق اللحاظين باللفظ ابدا وانما تعلّق بالمعنيين بلا واسطة عامّة (١١) الامر جعل اللفظ الواحد الملحوظ بلحاظ واحد آلة لايقاع (١٢) الربطين بين المفهومين فى الذهن ، و

______________________________________________________

(١) هذا هو الجواب الثانى.

(٢) تبعا لوضع.

(٣) فبالوضع يجعل اللفظ علامة للانتقال الى المعنى.

(٤) لعدم المحذور فيه فان اللفظ ليس مرآة وفانيا فى المعنى ولا واسطة بل بنفس اللفظ ينتقل الى المعنى وعلامة للمعنى فلا مانع من ان يكون علامة لمعان متعددة.

(٥) هذا اشارة الى امر آخر وهو انه على القول بالموجودية ايضا يكون استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد لا محذور فيه فارادة الوجود بكل واحد من المعنيين ولو مع وحدة اللحاظ المتعلق بهما تفصيلا ام اجمالا لا محذور فاستقلال المعنيين بحسب ارادة الوجود لا محذور فيه.

(٦) فان الحروف كمن على القول بالإيجادية يوجد بها الابتداء والانتهاء لان لكل ابتداء انتهاء وكذا الى يوجد بها الانتهاء والابتداء لان لكل انتهاء ابتداء.

(٧) ولعل الصحيح ـ ايجاد.

(٨) علة لعدم لزوم المحذور عليه اذ المحذور ما كان الملحوظ المعنى بتوسط اللفظ وهذا ليس فى الفرض كسابقه لتعلق اللحاظين على المعنيين بدوا بلا توسيط لفظ اصلا.

(٩) فى بيان صغرى ان المحذور غير متحقق فى المقام.

(١٠) اى الايجاديّة.

(١١) لعله من غلط النسخة والصحيح ـ غاية الامر.

(١٢) اى ايجاد الربطين.

٤١١

عليه (١) ربّما يترتب نتيجه صحيحة بين القول بالموجدية فى المعانى الحرفية او المتباينة (٢) اذ على الآخر (٣) يكون حاله حال سائر الاسماء فى لزوم توجّه اللحاظين الى لفظ واحد وهو المحذور بخلافه على الأول (٤) ثم ان بعض اعاظم العصر (٥) بالغ فى جواز استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد واستشهد بابيات و

______________________________________________________

(١) اشارة الى الثمرة بين القولين اى القول بالايجاد فيجوز استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد كالقول بالعلامية ، والقول بالإخطارية والمرآتية فلا يجوز وممتنع.

(٢) الصحيح ـ المنبأة ـ وهو الاخطار.

(٣) وهو الاخطار.

(٤) وهو الموجدية كما عرفت.

(٥) وهو الشيخ محمد رضا الاصفهانى ابو المجد المعروف بمسجد شاهى فى كتابه وقاية الاذهان ص ٢٣ قال والحق جوازه مطلقا بل وقوعه كثيرا بل حسنه وابتناء كثير من نكات الصناعة عليه ، اما الاول فلوجود المقتضى وعدم المانع اما المقتضى فهو الوضع لان الموضوع له هو ذوات المعانى باوضاع عديدة من غير تقييد بالوحدة وجدانا ولا تمانع بين الوضعين فكل وضع يقتضى الاستعمال مطلقا ، واما عدم المانع فلانه ان كان ثمّة منع فاما ان يكون من جهة نفس الوضع او من الواضع او من العقل اما من جهة الوضع فقد عرفت انه لا يمنع منه بل يقتضيه ، واما من جهة الواضع فلانه لم يلاحظ حال الوضع وجود وضع آخر ولا عدم وجوده فاستعماله فى حال الاجتماع عمل بالوضع كاستعماله حال الانفراد ، واما عدم المانع عقلا فليس فى المقام ما يوهمه الا ما ذكره غير واحد قال الوالد العلامة ـ الى ان قال ـ ان الاستعمال عبارة عن ايراد اللفظ بازاء المعنى وجعله قالبا له ومرآة للانتقال اليه فالمحاكاة هنا بين اللفظ الواحد والمعنى الواحد ولو كانت الوحدة اعتبارية والحاكى الواحد فى الاستعمال الواحد لا يحكى إلّا حكاية واحدة عن الشىء الواحد ومن ضروريته ان لا يقع بازاء الاكثر ولا قالبا له ولا مرآة له لبساطته فى هذا اللحاظ إلّا ان يلاحظ الاكثر من حيث الاجتماع واحدا فيخرج عن العنوان ويندرج تحت استعمال اللفظ فى مجموع معنيين وهو غير الموضوع له ـ الى ان قال ـ وقال الاستاد ـ وهو صاحب الكفاية قدس‌سره وقد تقدم كلامه ـ الى ان قال ـ وهذان الكلامان مغزاهما واحد وهو اثبات درجه رفيعة للاستعمال فوق ما نعرفه من الكشف عن المراد والدلالة على المعنى بواسطة الوضع ـ الى ان قال ـ ونحن لا نتصور قسمين للافهام يسمى احدهما استعمالا ويكون القاء للمعنى وفناء للفظ فيه ونحو ذلك من التعبير ويسمى الآخر علامة تدل على المراد فاذا ضممت الى ذلك ما عرفت من ان الافهام فى المحاورات

٤١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ليس إلّا بجعل الالفاظ علائم للمعانى ارتفع النزاع بيننا وبينه وصحت لنا دعوى الاتفاق على الامكان حتى فى متعارف المحاورات ـ الى ان قال ـ واعلم ان اقوى ادلة الامكان واسدّها الوقوع وهذا النحو من الاستعمال واقع كثيرا وهو كثير من المواقع حسن جيد جدا وعليه تدور رحى عدة من نكات البدائع ـ الى ان قال ـ فانظر اذا شئت الى قول القائل فى مدح النبى الاكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من البسيط ، المرتمى فى دجى والمبتلى بعمى والمشتكى ظماء والمبتغى دينا ياتون سدّته من كلّ ناحية ويستفيدون من نعمائه عينا ، تراه قد استعمل الكلمة الأخيرة من البيت الثانى فى معان أربعة يوضحها البيت الاول ـ اى ارادة المعان الأربعة للعين فالمرتمى فى دجى اى الرمى فى الظلمة يستفيد من عين الشمس والمبتلى بالعمى فى البصر يستفيد من عين البصر والمشتكى بالظمإ اى بالعطش يستفيد من عين الماء والمبتغى اى الطالب للدين يراد عين الحقيقة فيستفيد من عين الماء والمبتغى اى الطالب للدين يراد عين الحقيقة فيستفيد منها وسدّ اى المقصد ـ والى قول القائل فى جواب السائل من الكامل اىّ المكان تروم ثمّ من الّذى تمضى له فأجبته المعشوقا اراد بالكلمة الأخيرة معناه الاشتقاقى وقصرا كان للمتوكل بسامراء ـ اى فاستعمل المعشوق فى القصر المتوكل والمرأة المعشوقة ـ وقول المشتكى طول ليلته ودماميل فى جسده وما لليلى وما لها فجر ـ اى استعمل الفجر فى ضوء الصباح وانفجار الدماميل ـ ولا ادرى ما ذا يقول المانع فى هذه الابيات الثلاثة ونظائرها الكثيرة فهل يصادم الوجدان ويزعم اهمال الالفاظ الثلاثة اعنى العين والمعشوق والفجر وعدم استعمالها فى معنى اصلا ولازمه انعدام معنى كل بيت باجمعه ضرورة توقف معانى سائر الفاظه على وجود المعنى للقافية او يلتزم باستعمالها فى احد المعانى ولا يكترث بامتناع الترجيح بلا مرحج وح يلزم اللغوية فى سائر الفاظ البيت فلو حمل مثلا لفظ العين فى البيت الاول على ارادة الشمس صلح اول البيت ولزم اللغو فى سائر الفاظه او المعشوق فى الثانى على المعنى الاشتقاقى لم يبق معنى لقوله اىّ المكان تروم وكذلك حمل الفجر فى الثالث على الصبح يلزم منه محذور اللغوية فى قوله وما له وهكذا الى آخر كلامه ، وتبعه فى ذلك ما هو المعبر عنه فى بعض المواضع من كتابه بصاحبنا العلامة وهو المحقق الحائرى قدس‌سره فى درره ج ١ ص ٢٥ قال والحق الجواز بل لعلّه يعدّ فى بعض الاوقات من محسنات الكلام لان ما وضع له اللفظ هو ذوات المعانى باوضاع عديدة وليس فى كل وضع تقييد المعنى بكونه مع قيد الوحدة بالوجدان ولا يكون منع من جهة الواضع ايضا ضرورة ان كل احد لو راجع نفسه حين كونه واضعا للفظ زيد بازاء ولده ليس مانعا من استعمال ذلك اللفظ فى غيره ولا

٤١٣

عبارات من القصص والحكايات على مدّعاه وذلك (١) ليس الّا من جهة خلط المبحث بجعله محطّه (٢) صورة وحدة لحاظ المتعددات او بجعله الاستعمال من باب العلامة والّا (٣) فمع تنقيح مركز البحث وكيفيّة الاستعمال كيف يغفل عن شبهة اجتماع النظرين فى لفظ واحد فتدبر جيدا و (٤) اضعف منه (٥) توهم المعالم (٦)

______________________________________________________

يتصور مانع عقلى فى المقام فالمجوز للاستعمال موجود وهو الوضع وليس هناك ما يقبل المنع انتهى.

(١) فى مقام الجواب عنه بانه اشتبه عليه محل البحث.

(٢) اى جعل محط البحث ما لو لوحظ بلحاظ واحد معان متعددة على نحو المجموع مستقلا ويكون اللحاظ متعلقا لكل واحد منهما ضمنا او تخيل كون اللفظ من باب العلامة ولا مانع من ان يكون شىء علامة لانتقال اكثر من امر واحد وكل ذلك خارج عن موضوع النزاع.

(٣) اى وان لم يكن على نحو المجموع ولم يكن اللفظ علامة بل اللفظ مرآة وفان فى المعنى فمحل البحث معلوم وهو استعمال اللفظ مرآة وفانيا فى المعنى بحيث يكون تمام نظره الى المعنى فى الاستعمال وعليه فكيف يكون شخص واحد ولفظ فارد فانيا فى كل من الامرين مستقلا دفعة واحدة وهذا غير ممكن وان شئت توضيح اكثر فنقول ان محل الكلام كون المعنيين مرادين بارادتين مستقلتين كما اذا لم يكن الا معنى واحدا وجعل اللفظ وجها ومرآة لكل واحد منهما بالاستقلال ومن البين ان اللفظ اذا صار مرآة لمعنى بالاستقلال لا يمكن ان يصير مرآة لمعنى آخر كذلك نعم لا مانع من جعل اللفظ مرآة لهما معا وهو خارج عن الفرض ذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ١ ص ٢٠٨ واما بناء على مسلكنا من ان حقيقة الوضع هى التعهد والالتزام النفسانى فلا مانع من ذلك لان الاستعمال ليس إلّا فعليه ذلك التعهد وجعل اللفظ علامة لابراز ما قصده المتكلم تفهيمه ولا مانع ح من جعله علامة لارادة المعنيين المستقلين فاللفظ على هذا المسلك لا يكون إلّا علامة لابراز ما فى افق النفس الى آخر كلامه فعلى مسلكه من العلامية كذلك تام فلا مانع من استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد لكن اصل المبنى فاسد كما مر هذا كله مما يرجع الى الاستحالة والامكان الذاتى وقد عرفت استحالته.

(٤) ثم ان الذين قالوا بعدم استحالته عقلا ذهب بعضهم الى انه محال بحسب القواعد المقررة فى كل لسان اى محال من حيث القواعد وح فى بيان ذلك.

(٥) من الامكان عقلا.

(٦) من المحال وضعا.

٤١٤

من (١) ان وجه عدم الجواز لزوم استعمال اللفظ للكل (٢) فى الجزء (٣) بتوهم اخذ قيد الوحدة فى المفهوم اذ (٤) مضافا (٥) الى فساد المبنى اذ اللفظ موضوع لنفس المعنى عاريا عن الخصوصيات الزائدة عن ذاته ، يرد عليه (٦) بانه كيف له اخذ مثل هذا القيد فى المستعمل فيه والموضوع له اذ من البديهى ان الغرض من هذه الوحدة

______________________________________________________

(١) ذهب صاحب المعالم قدس‌سره الى انه خلاف ديدن الوضع قال فى المعالم ص ٣٢ والاقوى عندى جوازه مطلقا لكنه فى المفرد مجاز وفى غيره حقيقة ، لنا على الجواز انتفاء المانع بما سنبيّنه من بطلان ما تمسك به المانعون وعلى كونه مجازا فى المفرد تبادر الوحدة منه عند اطلاق اللفظ فيفتقر ارادة الجميع منه الى الغاء اعتبار قيد الوحدة فيصير اللفظ مستعملا فى خلاف موضوعه لكنه وجود العلاقة المصححة التجوز اعنى علاقة الكل والجزء يجوّزه فيكون مجازا ـ الى ان قال ـ بل المراد ان اللفظ لما كان حقيقة فى كل من المعنيين لكن مع قيد الوحدة كان استعماله فى الجميع مقتضيا لالغاء اعتبار الوحدة قيد كما ذكرناه واختصاص اللفظ ببعض الموضوع له عنى ما سوى الوحدة فيكون من باب اللفظ للكل وارادة الجزء وهو غير مشترط بشيء مما اشترط فى عكسه الخ.

(٢) اى للمعنى بقيد الوحدة.

(٣) اى فى الجزء بدون قيد الوحدة.

(٤) وقد اجاب محقق الماتن قدس‌سره عن هذا القول بوجهين.

(٥) هذا هو الوجه الاول من فساد المبنى وان اللفظ موضوع للطبيعة المهملة عاريا عن الخصوصيات الزائدة عن ذاتها فكيف بقيد الوحدة على ما مر فى محله فاصل المبنى فاسد من رأس ولذا لا يتوهم احد من اهل اللسان بالوجدان تقيد شيء من هذه المعانى بقيد الوحدة وخلاف الارتكاز كما هو واضح اجاب بذلك فى الكفاية ج ١ ص ٥٥ قال وذلك لوضوح ان الالفاظ لا تكون موضوعه الا لنفس المعانى بلا ملاحظه قيد الوحدة وإلّا لما جاز الاستعمال فى الاكثر لان الاكثر ليس جزء المقيد بالوحدة بل يباينه مباينة الشىء بشرط شيء والشى بشرط لا كما لا يخفى انتهى فيظهر منه انه يكون المقام من باب الكل والجزء فلذا يستشكل ان استعمال لفظ المفرد فى الاكثر من معنى واحد بقيد الوحدة يكون مباينا وليس من استعمال اللفظ الموضوع للكل فى الجزء وفيه انه تفرد المعنى عند اللحاظ غير وضع اللفظ له مع هذا التفرد فان القيد ليس من الموضوع له فى شيء والمطلق غير داخل فى المقيد فلا يكون من باب الكل والجزء.

(٦) وهذا هو الوجه الثانى وملخصه ما هو المراد من قيد الوحدة.

٤١٥

ليس ما (١) هو من لوازم ذات الشى من كونه فى قبال الاثنين المعبّر عنه بالوحدة العددية كيف (٢) ومثل هذه الجهة غير قابل للخلع عنه فى عالم من العوالم (٣) بل المراد (٤) الوحدة فى عالم الاستعمال واللحاظ قبال الضمنية فى هذا العالم (٥) ومن البديهى (٦) ان هذه الوحدة (٧) انما يطرأ عليه (٨) من قبل استقلال اللحاظ

______________________________________________________

(١) فان كان المراد من قيد الوحدة الوحدة العددية وهو معنى واحد فى قبال اثنين بان يكون المعنى الموضوع له لا يشاركه معنى آخر فى استعمال اللفظ فيه بمعنى ان لا يكون كل من المعنيين جزء المستعمل فيه الملحوظ كلاهما بلحاظ واحد وبعبارة اخرى هى الوحدة الذاتية التى يعتبرها العقل من المعنى.

(٢) وهذا هو الجواب عنه وهو ان هذه الجهة من لوازم معنى الموضوع له غير قابل للخلع عنه فانه يضع اللفظ الواحد لمعنى واحد فكيف يجرد منه ولا يلزم انخرام قيد الوحدة بالمعنى المزبور من استعمال اللفظ المشترك فى اكثر من معنى بالنحو المقرر فى محل النزاع لان كلا من المعنيين اللذين استعمل اللفظ فيهما ملحوظ بلحاظ يخصه واللفظ مستعمل فيه باستعمال لا يشاركه فيه غيره وانما يشترك المعنيان فى اللفظ المستعمل فيهما الدال عليهما ، وبعبارة اخرى لا شبهة فى بقاء المعنى على حاله حتى فى حال استعمال اللفظ فى المتعدد من دون انقلابه عما هو عليه من الوحدة الذاتية بانضمام الغير معه فكان المعنى على وحدته ولو انضم اليه الف معنى فى مقام الاستعمال حيث كان المستعمل فيه ح عبارة عن الف واحد.

(٣) لا الذهن ولا الخارج وسواء استعمل فى معنى واحد او معنيين.

(٤) وان كان المراد من قيد الوحدة هو كون المعنى فى حال استعمال اللفظ فيه غير مقترن بلحاظ معنى آخر ولو بلحاظ خاص به ليستعمل اللفظ فيهما وعليه لو استعمل اللفظ فى كلا معنييه كالمقام ينحزم قيد الوحدة ويكون استعماله فى كل منهما ضمنيا ومجازا فيكون المراد من الوحدة التى اعتبرها فى المعنى والموضوع له هى وحدة المعنى فى مرحلة الاستعمال.

(٥) اى عالم الاستعمال واللحاظ.

(٦) هذا هو الجواب عنه وملخّصه ان ما ياتى من قبل الاستعمال لا يمكن ان يكون فى رتبة متقدمة وهى رتبة الوضع واليك توضيحه.

(٧) الناشئة من قبل قصر الوضع الذى اخذ قيدا فى ناحية المعنى والموضوع له.

(٨) اى على المعنى.

٤١٦

الاستعمالى قبال ضمنية ومثل هذه الجهة (١) ناش عن قبل الاستعمال (٢) ويستحيل اخذه فى المستعمل فيه (٣) ولقد اجاد المحقق القمى قدس‌سره (٤) حيث اخرجه عن قيد المعنى وجعل من شئون الوضع (٥) نظرا الى ان لحاظ المعنى منفردا فى حال

______________________________________________________

(١) اى استقلال اللحاظ الاستعمالى.

(٢) لانها من خصوصيات الاستعمال وشئونه.

(٣) والموضوع له لان الاستعمال فى الرتبة المتأخرة عن ذات المعنى والموضوع له والمستعمل فيه ، والمستعمل فيه متقدم طبعا على الاستعمال وما هو من شئون المتاخر يكون فى رتبته كما ان ما هو من شئون المتقدم يكون فى رتبته فيلزم من تقييد المستعمل فيه بالقيد المزبور ان يكون ذلك القيد متقدما على نفسه رتبة فى حال كونه متاخرا عنها كذلك.

(٤) قال المحقق القمى قدس‌سره فى القوانين ج ١ ص ٦٣ ان اللفظ المفرد اعنى ما ليس بتثنية وجمع اذا وضع لمعنى كلى او جزئى حقيقى فمقتضى الحكمة فى الوضع ان يكون المعنى مرادا فى الدلالة عليه لذلك اللفظ منفردا ـ الى ان قال ـ لا اقول ان الواضع يصرح بانى اضع ذلك اللفظ لهذا المعنى بشرط ان لا يراد معه شيء آخر وبشرط الوحدة ولا يجب ان ينوي ذلك حين الوضع ايضا بل اقول انما صدر الوضع من الواضع مع الانفراد وفى حال الانفراد لا بشرط الانفراد حتى تكون الوحدة جزء للموضوع له كما ذكره بعضهم فيكون المعنى الحقيقى للمفرد هو المعنى فى حال الوحدة لا المعنى والوحدة ـ الى ان قال ـ فلا رخصة لنا فى استعمال اللفظ بعنوان الحقيقة الا فى المعنى حالة الوحدة لا بشرط الوحدة ـ الى ان قال ـ انا وجدنا العرب يستعمل الالفاظ الموضوعة للمعانى الحقيقية فى المعانى المجازية مع القرينة الصارفة منفردا منفردا اعنى لا يريد فى الاستعمال الواحد الا معنى مجازيا واحد وبالجملة المجازات المستعملة وجدانى غالبا ولم يحصل لنا العلم بترخيصهم فى استعمال اللفظ فى مجازين وعدم العلم بالرخصة كاف فى عدم جواز الاستعمال فان جواز الاستعمال مشروط بحصول العلم او الظن بالرخصة ، وقال فى ص ٦٧ عند اخذ النتيجة من المقدمات والاظهر عندى عدم الجواز مطلقا اما فى المفرد فعدم الجواز حقيقة لما عرفت فى المقدمة الثانية من ان اللفظ المفرد موضوع للمعنى حال الانفراد والعدول عنه فى استعماله فيه فى غير حال الانفراد ليس استعمالا فيما وضع له حقيقة ، واما عدم الجواز مجازا فلما عرفت فى المقدمة الثالثة من عدم ثبوت الرخصة فى هذا النوع من الاستعمال الخ.

(٥) بمعنى ان الواضع حين وضعه اللفظ لم يتصور الا المعنى الذى اراد وضع اللفظ بازائه فوضع اللفظ لهذه الحصة من المعنى فيلزم اتباعه فى مقام الاستعمال بان لا تتصور مع

٤١٧

الوضع مانع عن اطلاق وضعه لانه (١) تبع لحاظه كذلك (٢) وان لم يكن من اغراضه فيتبعه (٣) ايضا كيفيّة استعماله بلا اخذه قيدا فى المستعمل فيه فكان (٤) ما نحن فيه من تلك الجهة نظير اخذ الاستقلالية فى اللحاظ ومرآتية فى الاسماء والحروف من اغراض الوضع المانع عن اطلاق الموضوع له (٥) بلا تقييد فيه كما (٦) هو الشأن فى باب قصد القربة بالنسبة الى المامور به بجعل امثال هذه المقامات (٧) من القضايا الحينية (٨) لا المطلقة (٩)

______________________________________________________

المعنى حين استعمال اللفظ فيه غيره من المعانى وإلّا خرجنا عن طريقة الواضع.

(١) اى لان وضعه.

(٢) منفردا فى حال وحدة المعنى لا بشرط الوحدة والتعدى عن تلك الحالة الى حالة اخرى يعنى حالة انضمام الغير مع المعنى تعديا عما هو وظائف الوضع وخارج عن قانونه.

(٣) اى الوضع.

(٤) ثم ينظّر للمقام لحاظ الاستقلالية فى الاسماء والآليّة فى الحروف فكلما لم يكن قيدا للمستعمل فيه والموضوع له بل فى حال الاستقلال وحال الآلية فكذلك المقام يكون الوضع لحصة خاصه.

(٥) بل حصة خاصه يكون هو الموضوع له دون غيره.

(٦) ثم شبّهه بوجه آخر وهو قصد القربة على القول بعدم امكان اخذه فى لسان الدليل فيكون الامر متعلقا على حصة من الصلاة لا الصلاة المطلق سواء مع القربة وعدمها ولا المقيدة بالقربة لعدم امكان اخذها فيه بل حصة من الصلاة التى تكون مع القربة فان الصلاة تارة فى حين القربة واخرى مع عدمها فالصلاة فى حال القربة مامور بها كما هو واضح.

(٧) من قصد القربة واللحاظ فى الاسماء والحروف ومنها الوضع هو مرآتية اللفظ للمعنى فى حال انفراده عن الشرائط وبهذا اللحاظ يطرأ نحو ضيق على موضوع وضعه فيكون وضعه بهذا الاعتبار مقصورا فى حين وحدة المعنى وانفراده والموضوع له يكون ذات المعنى لا الذات المطلق ولو مع الشريك ولا المقيّد بقيد الانفراد بل فى حين الانفراد حتى انه ليس على نحو الوصفية ايضا اى المعنى فى حال الوحدة بل حينها كما هو واضح.

(٨) اى حين وحدة المعنى عند الاستعمال فى المقام وحين الاستقلال فى الاسماء عند الاستعمال وحين الآلية عند الاستعمال فى الحروف وحين القربة فى الصلاة المامور به.

(٩) اي سواء كان مع الوحدة وبدونها وهكذا غيره.

٤١٨

ولا المقيدة (١) والعجب عمن لم يتعمّق كلام المحقق القمى وفتح باب الايراد عليه (٢) بانه بعد تجريد المعنى عن خصوصه (٣) لا معنى لمنع الواضع عن استعماله عند فقد الخصوصيّة (٤) اذ (٥) ذلك انما يرد فى الخصوصيّات القابلة اخذها فى الموضوع له والّا (٦) فكل خصوصية طارئة على المستعمل فيه من قبل استعماله

______________________________________________________

(١) بقيد الوحدة كما يقوله صاحب المعالم ، والى ذلك كله اشار فى الكفاية ج ١ ص ٥٥ قال ولو لا امتناعه فلا وجه لعدم جوازه فان اعتبار الوحدة فى الموضوع له واضح المنع وكون الوضع فى حال وحدة المعنى وتوقيفيّته لا يقتضى عدم الجواز بعد ما لم تكن الوحدة قيد الوضع ولا للموضوع له كما لا يخفى الخ.

(٢) وهو المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٦٦ قال ان مطابقة الاستعمال للوضع انما تجب فى الموضوع والموضوع له بحدودهما وقيودهما ولا تجب فى غير ذلك وملاك صحة الاستعمال الحقيقى جريه على قانون الوضع وهو مطابقته له على الوجه المزبور واما خصوصيات الوضع اعنى عمل الواضع فغير لازمة المراعات لوضوح ان متابعة كل جعل من كل جاعل انما هى بملاحظة مجعوله لا بملاحظة نفس جعله اذ ليس للجعل جعل آخر الخ.

(٣) وهى الوحدة.

(٤) وحاصل الكلام ان الوضع حال وحدة المعنى فى اللحاظ لا يستلزم عدم صحة استعمال اللفظ الموضوع فى المعنى فى غير حال وضعه لعدم اعتبار الواضع تلك الحال اعنى بها حال وحدته فى اللحاظ قيدا فى الموضوع له ولذا ترى انه لا مانع عنه فى الاعلام مع ان الوضع فيها كان فى حال بعض الاوصاف حيث يصح استعمالها فى مسمّياتها عند زوال تلك ، الاوصاف بل عند طرو ما يضادها.

(٥) هذا هو الجواب عنه وملخصه ان القيود على قسمين القسم الاول ما يمكن اخذها فى الموضوع له كالايمان فى الرقبة والقسم الثانى ما يأتى بعد تحقق الوضع فى مرحلة الاستعمال فهذا لا يمكن اخذه فى الموضوع له قيدا لكن للواضع ان يوضع اللفظ للمعنى لكن لحصة خاصه وهو حين وجود ذلك القيد كالوحدة فى المقام وقصد القربة فى الصلاة وهكذا فالقسم الاول من القيود لم يقيد المفهوم به استعماله عند فقد الخصوصية لا محذور فيه بخلاف القسم الثانى الذى لا يمكن تقييده به لاختلاف الرتبة فيكون فى هذا القسم نتيجة القضية الحينية نتيجة القضية الشرطية عملا فى لزوم اعتبار الشرط وقصر استعماله فى هذا الحين.

(٦) اى الخصوصيات التي لا تكون قابلة اخذها فى الموضوع له.

٤١٩

التابع لوضعه (١) يستحيل اخذه فى الموضوع له (٢) مع انه (٣) مانع عن اطلاقه (٤) ايضا نعم (٥) انما يرد عليه بان غاية نتيجته (٦) عدم جواز الاستعمال بنحو الحقيقة (٧) واما بنحو المجاز فلا باس به (٨) ولذا (٩) قلنا بان هذا المعنى (١٠) من جواز الاستعمال عقلا ولو بنحو الضمنية (١١) بالنسبة الى استعمال ولحاظ واحد خارج عن محط البحث وانما محله (١٢) فى جواز استعمال اللفظ فى كل منهما بنحو الاستقلال بحيث كان بمنزلة استعمالين مستقلين ومن المعلوم ان مثل هذه الصورة (١٣) لو بنينا على امكانه لا يرد عليه ايضا شبهة المعالم (١٤)

______________________________________________________

(١) لان الموضوع له كان فى حين وحدة المعنى.

(٢) لاختلاف الرتبة.

(٣) اى لتلك الخصوصية.

(٤) اى الوضع وبالجملة عدم صحة الاستعمال المزبور من جهة عدم اطلاق المعنى الموضوع له وتضيّقه الناشى من قبل قصور الوضع كما عرفت اذ ح يصير الاستعمال المزبور خارجا عن قانون الوضع واللغة.

(٥) هذا هو الجواب الصحيح عن المحقق القمى وملخصه انه لو لم يعمل بالقضية الحينية كان استعماله فى المعنى مجازا لا حقيقة.

(٦) اى نتيجه قصور الوضع.

(٧) بناء على ان الغرض من الوضع انما هو جعل المرآتية المطلقة للفظ فيلزمه قصور وضعه عن الشمول إلّا لحال انفراد المعنى عن الشريك فيترتب عليه عدم صحة استعماله على نحو الحقيقة فى حال انضمام الغير معه.

(٨) بعد فرض وجود العلائق المجوزة.

(٩) اى لاجل جواز استعماله مجازا.

(١٠) من لحاظ معنيين.

(١١) بان يلاحظ المعنيين بعنوان المجموع فقد تقدم انه جائز وخارج عن محل الكلام.

(١٢) اى محل البحث.

(١٣) وهو ما كان بمنزلة استعمالين مستقلين.

(١٤) من اعتبار قيد الوحدة فى المعنى.

٤٢٠