نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٠

.................................................................................................

______________________________________________________

بلا شعور فتكون الإفادة ، والاستفادة من بعض ما يترتب على الوضع (ج ٢) ، لما سلمنا ان غايته وحده ذلك بل هو احدى مقدمات الإفادة والاستفادة لان افادة المتكلم السامع انه يريد الامر الفلانى واستفادة السامع ذلك يتوقف على امرين احدهما تصور المعنى المقصود أفادته وثانيهما الدلالة على ان المعنى المتصور هو مراد المتكلم اما الامر الاول فيمكن تحصيله بالوضع واما الامر الثانى فهو يحصل بالقرائن الحافة بالمتكلم ، واما تحصيل الإفادة والاستفادة بالوضع وحده فهو غير ممكن لقصور الوضع بطبعه عن ذلك لانه لو قيل بوضع اللفظ للحصة المقترنة بارادة المتكلم فان كان التحصص على نحو النسبة الناقصة لما السامع يستفيد من كلام المتكلم مع قطع النظر عن القرائن اكثر من تصور ذلك المعنى اعنى به الحصة فهو يتصور المعنى المقترن بارادة المتكلم لما تقدم ان الدلالة على نحو النسبة الناقصة دلالة تصورية وان كان على نحو النسبة التامة فالكلام وان كان يحكى عن وجود شخص الإرادة إلّا ان كون المتكلم يريد هذا المعنى واقعا فالسامع شاك به ومعه يكون شاكا ايضا بكون دلالة الكلام الفعلية المقرونة بالشك هل هى دلالة وضعية لاحتمال ارادة المتكلم للمعنى المتصور أو هو خطور محض استند الى استيناس النفس بالانتقال من تصور هذا اللفظ الى هذا المعنى فى المحاورة وح يفتقر السامع لاجل احراز كون الدلالة وضعية الى دلالة اخرى على كون المتكلم يريد هذا المعنى المتصور ومعها لا تبقى حاجة الى الوضع المزبور ، نعم على هذا التقدير يمكن ان يكتفى فى احرازها باصالة الحقيقة فالوضع ايضا يكون احدى مقدماتها ولم تحصل به وحدة كى يقتضى كونها غرضا للواضع لوضعه كذلك بل لا بد وان يلتزم بان غرض الواضع من الوضع تهيئة مقدمة من مقدماتها وهذا كما يحصل بوضعه للحصة كذلك يحصل بوضعه لنفس المعنى وبضم القرائن والاصول يتم الغرض من غير ضرورة بالتزام الوضع للحصة وعليه لا مجال لاثبات الوضع كذلك بالدليل المزبور ومما يؤيد كون الموضوع له هو نفس المعنى لا حصة منه انسباق نفس المعنى من اللفظ الموضوع عند سماعه من ناطق به بلا ارادة لذلك المعنى وان ادعى الخصم ان الانسباق المزبور مستند الى الاستيناس المذكور (ج ٣) فلنفرض ذلك فى اللفظ الموضوع لمعنى ما قبل ان يتكرر استعماله فيه فلا محاله ان ذلك المعنى ينسبق الى ذهن العالم بوضع ذلك اللفظ له وان نطق به ناطق بلا شعور فتحصل ان الالفاظ موضوعة لنفس المعانى بلا تخصص ولا تحصص بالارادة ، وتبين ان الدلالة الوضعية مع قطع النظر عن القرائن منحصرة فى الدلالة التصورية وان كان الموضوع له هى الحصة لما عرفت من عدم الملازمة بين كون الموضوع له هو المعنى المقارن لارادة المتكلم وبين

٢٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

التصديق بكون المتكلم يريد هذا المعنى فى الواقع على خلاف ما ذهب اليه الخصم من انحصارها فى الدلالة التصديقية انتهى واما ما ذكره استادنا الخوئى من اللغو ففيه ان الغاية للوضع شيء آخر غير ما تصوروه فان الغرض منه افادة ذوات المرادات لا بما هى كذلك بل بما هى نفس الحقائق فان المتكلم انما يريد افادة نفس المعانى الواقعية لا بما هى مراده ـ على ان كونها مرادة انما يكون عند الاستعمال او من مقدماته التى لا ترتبط بالوضع بل كونها مرادة مغفول عنه للمتكلم والسامع ، واما اللغوية اذ ذلك انما يلزم لو لم يترتب على وضعه لذات المعنى اثر اصلا واما اذا ترتب الاثر عليه كما عرفت ولو على نوع منه وهو ما اذا كان المعنى متعلقا للارادة فلا تلزم اللغوية كما هو ظاهر كما ان جعل الاحكام على الطبيعة يخالف فى كثير من الاحكام لجعله على الانواع والاصناف والافراد بالتخصيص وطرد العنوان الثانوى وامثال ذلك مع عدم كونه موجبا لتنويع العام على ما ذكر فى محله واماما افاده صاحب الكفاية من دخالة الإرادة الجدية ففيه ان اصالة الحقيقة تكون ايضا من الاصول العقلائية وتحتمل عدم مراعات اللفظ مقتضاها واستعمل اللفظ مجازا فاحراز كونه بصدد مقام بيان تمام المراد من اللفظ يجب ان يكون بدليل آخر فنحتاج لاثباته الى التبادر لاثبات عدم دخل شيء فيه فلا يتم ما ذكره قدس‌سره واما كون الدلالة الوضعية تصورية او تصديقيه وان تبين فى ضمن ما ذكرنا لكن نشير الى ذلك مستقلا والمدّعى انها تصورية لا تصديقيه ، قال المحقق العراقى فى البدائع ج ١ ص ٩٤ ومما يتفرع على الخلاف المذكور تبعية الدلالة الوضعية للارادة وتوقفها عليها وعدمها بمعنى ان اللفظ الموضوع لمعنى ما تتوقف دلالته على معناه على ارادة المتكلم اياه من ذلك اللفظ على راى الخصم ولا تتوقف دلالته على معناه على ارادته بل يدل عليه وان نطق به ناطق بلا شعور على المختار اما عدم تبعية الدلالة للارادة وعدم توقفها عليها بناء على ما هو المختار لنا فواضح ، واما تبعيتها للارادة وتوقفها عليها على مذهب الخصم فتوضيحها لا يتم إلّا بهذا التقريب وهو ان الوضع اعتبار خاص قائم بنفس معتبره وبما ان الاعتبار من الاعمال النفسية الاختيارية جاز للمعتبر أن يقيد اعتباره بما شاء من القيود سواء كان من الاحوال ام من الازمان ام من غيرهما فيصح ان يعتبر الربط الوصفى بين طبيعى اللفظ ومعنى ما فى حال خاص بالمتكلم او فى زمان كذلك دون بقية الاحوال او الازمان ويكون اللفظ مرتبطا بالمعنى فى تلك الحال او فى ذلك الزمان بخصوصه غير مرتبط به فى الحال الاخرى او الزمان الآخر لعدم اعتبار الواضع الربط الوضعى بين ذلك اللفظ وذلك والمعنى فى غير تلك الحال او غير ذلك الزمان والواضع اذا اعتبر الربط الوضعى بين طبيعى اللفظ ومعنى ما فى حال ارادة

٢٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المتكلم ذلك المعنى بهذا اللفظ كان اللفظ مرتبطا بذلك المعنى فى هذه الحال فقط فاذا نطق بهذا اللفظ واراد به ذلك المعنى دل الوضع عليه دلالة وضعية لارتباطه به فى هذه الحال واما لو نطق به فى حال السهو والغلط فيما انه فى هذه الحال لم يرد به ذلك المعنى لا يكون هذا اللفظ مرتبطا وضعا بذلك المعنى ومع انتفاء الربط الوضعى فى هذه الحال تنتفى الدلالة الوضعية طبعا فلو استلزم سماع ذلك اللفظ فى تلك الحال تصور المعنى لكان خطوره فى ذهن السامع مستندا الى الاستيناس المذكور انتهى ـ فما ذكره استاذنا ، الخوئى من ان على جميع المسالك فى الوضع يتبع الإرادة قد عرفت فساده كما لا يخفى واجاب عن المحقق العراقى الاستاد الخوئى قال فى المحاضرات ج ١ ص ١٠٨ من ان الايراد مبنى على الخلط بين الارادة التفهيمية والارادة الجدية فان الثانية يحتاج اثباتها فى الواقع ومقام الثبوت الى مقدمة اخرى وهى التمسك باصالة الظهور أو الحقيقة دون الاول وعلى ذلك فلا يشك ايضا احد فى ان اللفظ الصادر من المتكلم يدل على انه اراد تفهيم معناه بمقتضى قانون الوضع فهذه الدلالة لا تتوقف على ما عدا احراز كون المتكلم فى مقام التفهيم وهى موجودة حتى فى ما اذ اعلم المخاطب كذب المتكلم فى كلامه اذا لم ينصب قرينة متصلة على انه ليس فى مقام التفهيم انتهى وفيه انه لا يفرق فى الارادة التفهيمية والجدية فى ذلك بل اللفظ موضوع لحاق المعنى وذات المعنى فارادة التفهيمية والجدية وغيرهما كل ذلك يعرف بالقرائن الحافة بالكلام من الحالية او المقالية ومجرد ذكر أصالة الحقيقة لا يدل على الخلط بين الارادة التفهيمية والجدية بعد ما صرح بلفظ القرائن فراجع فانها تعم وما ذكره الاستاد من جعل الارادة من قيود العلقة الوضعية وتختص بصورة ارادة تفهيم تلك المعانى بنحو القضية الحقيقية وفى مرحلة الاستعمال تخرج من القوة الى الفعلية وعليه تكون الدلالة الوضعية دلالة تصديقيه لا وجه له اصلا لعدم الدليل عليه بل الدليل على خلافه لدلالة القرائن عليه كما صرح به من احرازه وبعد ذلك يكون لغوا دخولها في الموضوع له واما الاحراز انما يفهم من القرائن ولو انه الارتكاز لا اللفظ وخارج عن الموضوع له باى وجه حتى حصة خاصه ، ولذا قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٦٤ قال ولكنه فرع اثبات ان الغرض من الوضع انما هو تفهيم المعنى وإلّا فبناء على المنع عن ذلك كما هو الاقوى من دعوى ان الغرض من الوضع انما هو مجرد جعل العلقة بين اللفظ ومعناه بنحو ينتقل الذهن عند سماعه بانتقال تصورى الى معناه ولو كان صدوره من خرق الهوى او من شيء آخر فلا يتم ذلك كما هو واضح كيف وانه لو لا ذلك لما كان وجه لاحتياجهم فى الدلالة التصديقية فى استفادة ارادة المتكلم للمعنى الى ضم مقدمات الحكم من مثل كون المتكلم فى

٢٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

مقام الإفادة اذ لو كان ذلك بمقتضى الوضع يكفيه نفس وضع الواضع كما فى الحمل على المعنى الحقيقى ولا يحتاج الى ضم مقدمات خارجيه مع انه خلاف ما تسالموا عليه من اشتراط كون المتكلم فى مقام الإفادة فى استفادة ارادة المعنى

بقى الكلام فى كلام العلمين قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٣ واماما حكى عن العلمين الشيخ الرئيس والمحقق الطوسى من مصيرهما الى ان الدلالة تتبع الارادة فليس ناظرا الى كون الالفاظ موضوعة للمعانى بما هى مرادة كما توهمه بعض الافاضل بل ناظر الى ان دلالة الالفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية الخ ومراده من بعض الافاضل صاحب الفصول قال فى ص ١٧ ويدل على الثانى تبادر المعانى منها عند الاستعمال من حيث كونها مراده فتكون موضوعة لها بهذا الاعتبار مع ان الغرض من الوضع انما هو افاده المداليل واستفادتها بهذه الحيثية فلا بد من اعتبارها الوضعى لئلا ينتفى الغرض فيلغوا الوضع ويمكن دفع هذين الوجهين ـ الى ان قال ـ والظاهر ان ما حكى الشيخ الرئيس والمحقق الطوسى من مصيرهما الى ان الدلالة ناظر الى هذا وتحقيقه ان اختصاص الوضع بالمعنى الذى تعلق به ارادة اللافظ يوجب انتفائه عند انتفائه فتنتفى الدلالة المستندة اليه الخ وحكى عن العلامة فى جوهر النضيد فى شرح منطق التجريد قال بعد ما اورد اشكال انتقاض الدلالات الثلاث ولقد اوردت عليه يعنى المحقق الطوسى قدس الله روحه هذا الاشكال فاجاب بان اللفظ لا يدل على معناه بذاته بل باعتبار الارادة والقصد واللفظ حين يراد منه معناه المطابقى لا يراد منه معناه التضمنى فهو لا يدل إلّا على معنى واحد لا غير وفيه نظر الخ واصرح منه ما حكى عن العلامة الطوسى فى شرح منطق الاشارات فى دفع انتقاض تعريف المفرد والمركب حيث قال قد سره دلالة اللفظ لما كانت وضعية كانت متعلقه بارادة المتلفظ الجارية على قانون الوضع فما يتلفظ به ويراد منه معنى ما ويفهم عنه ذلك المعنى يقال انه دال على ذلك المعنى وما سوى ذلك المعنى مما لا تتعلق به ارادة المتلفظ وان كان ذلك اللفظ او جزء منه بحسب تلك اللغة او لغة اخرى او بإرادة اخرى يصلح لان يدل عليه فلا يقال انه دال عليه الخ وحكى عن الشيخ الرئيس فى محكى الشفاء فى شرح حكمة الاشراق فى باب الدلالات الثلاث حيث قال الدلالة الوضعية تتعلق بارادة اللافظ الجارية على قانون الوضع حتى انه لو اطلق واريد منه معنى وفهم منه لقيل انه دال عليه وان فهم منه غيره فلا يقال انه دال عليه وان كان ذلك الغير بحسب تلك اللغة او غيرها او بارادة اخرى يصلح لان يدل عليه ـ الى ان قال ـ والمقصود هى الوضعية وهى كون اللفظ بحيث يفهم منه عند سماعه او تخيله بتوسط الوضع معنى هو مراد اللافظ انتهى. و

٢٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

حينئذ قد فهم صاحب الفصول على ما تقدم من عبارتهما انها موضوعة للمعانى من حيث كونها مرادة ، وحمل صاحب الكفاية كلامهما على ان الدلالة التصديقية تتبع ارادتها معها وذكر فى آخر كلامه ج ١ كفاية ص ٢٤ ولعمرى ما افاده العلمان من التبعية على ما بيناه واضح لا محيص عبه ولا يكاد ينقضى تعجبى كيف رضى المتوهم ان يجعل كلامهما ناظرا الى ما لا ينبغى صدوره عن فاضل فضلا عمن هو علم فى التحقيق والتدقيق الخ ـ وذكر المحقق الاصفهانى ـ ج ١ من النهاية ص ٢٥ وبعد التدبر فى هذه الكلمات الظاهرة او الصريحة فى حصر الدلالة الوضعية فى التصديقية مع استحالة اخذ الارادة فى المعنى الموضوع له بنحو القيدية لا مناص من تصحيحها باحد الوجهين المتقدمين وإلّا فلا يكاد يخفى استحالة دخل الارادة بنحو القيدية على هؤلاء الاكابر بل بملاحظة الباعث للحكيم على الوضع وهو التوسعة فى ابراز المقاصد تعلم ان الامر كما ذكروه والعلقة الوضعية جعلية تتبع مقدار الجعل والاعتبار سعة وضيقا ودعوى مصادمة الحصر فى الدلالة التصديقية للبداهة حيث ان الانتقال الى المعنى من سماع اللفظ بديهى وان لم يكن هناك ارادة مدفوعة بما تقدم من ان الانتقال بواسطة اعتبار الذهن فالانتقال عادى لا وضعى الخ ولكن التحقيق ان التامل فى كلامهما يقضى بان المراد ان الدلالة على المعنى التى هى الدلالة التصورية تابعة للارادة بل كلام العلامة صريح فى ذلك ولا سيما بملاحظة ظهوره فى تبعية الدلالة الالتزامية للارادة اذ من المعلوم ان الدلالة الالتزامية تصورية لا تصديقيه وقال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٩٥ واما كلام العلمين قدس‌سرهما من التبعية المزبورة فغير ظاهر فى ارادة الدلالة التصورية التى هى محل البحث لو لا دعوى ظهوره فى ارادة الدلالة التصديقية وفيها نحن نقول ايضا تبعية الدلالة للارادة ولذا لا نحكم بان للكلام ظهورا فى المعنى بالظهور التصديقى الا فى مورد احرز ولو من الخارج ان المتكلم كان فى مقام بيان مرامه من لفظه وفى مقام الإفادة كما هو واضح انتهى والحاصل ان مرادهما لو كان الدلالة التصديقية لا ربط لها بالدلالة الوضعية ولذا حتى على التعهد ليست الارادة دخيله فى العلقة الوضعية فان تعهد الواضع بعد كون اللفظ مرآة لذات المعنى سواء اراده ام لا لو سلم فاذا جيء باللفظ لا يدل على ان واقع الارادة موجودة فى كل مقام استعمل اللفظ بل يكون طريقا من الطرق كاشفا فربما يخطأ وربما يصيب فان الدلالة التصديقية كما مر لا يكون تابعا للارادة الواقعية فانها في افق النفس ربما يكون لها واقع وربما لا يكون مثل من يزعم ان فى الدار اسدا ولم يكن فيه الاسد ويصدق بان فى الدار اسدا فلا ملازمه بين الواقع والدلالة فالدلالة تابعة للاذعان بالإرادة لا بها نفسها ، فكيف يكون مراد العلمين ذلك بلا فرق بين

٢٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الارادة الجدية او التفهيمية كما لا يخفى فتحصل الى هنا امران الاول ان الالفاظ موضوعه لذات المعانى بلا كونها مراده فتكون دلالة الوضع تصورية لا تصديقيه الثانى ان مراد العلمين الدلالة التصورية الوضعية فلو كان المراد الدلالة التصديقية كما قيل فلا اشكال وثمرته ان كانت جزءا فاللفظ بنفسه يدل على كون دلالته بالوضع على المعنى بقصد الافهام والجد فلا نحتاج الى اثبات الارادة ايضا بمقدمات آخر حافة بالكلام واما اذا لم تكن جزءا فحيث تكون اللفظ موضوعا لذات المعنى فنفسه يدل على المعنى وبمئونة زائده تثبت ان المراد بالمعنى هو الذات وان ارادة الافهام كالارادة الجدية فى النفس موجودة لظاهر حال المتكلم وبناء العقلاء على ايراد الكلام لذلك وايضا تظهر فى ما ورد رواية مجملة ووجود ما يحتمل القرينية وارادة المجاز فعلى ما هو التحقيق لا يمكن التمسك باصالة الحقيقة لان الإرادة لا تكون جزء الموضوع واما على مسلك المخالف فحيث تكون جزءا فأصالة الحقيقة تحكم بان المراد هو الواقع لا المعنى المجازى واما فى صورة ظهورا الرواية وعدم الاجمال فلا فرق بين المسلكين لوجود الكاشف على ما هو التحقيق او وجود ما هو دليل الواقع على مسلك المخالف فان الظهورات متبعة وبناء العقلاء تكشف الارادة الجدية

نموذج ٨ فى ان المجازات تكون العلاقة فيها بالوضع او بالطبع قال فى الكفاية ج ١ ص ١٩ صحة استعمال اللفظ فى ما يناسب ما وضع له هل هى بالوضع او بالطبع وجهان بل قولان انتهى والمراد من العلاقات هى المذكورة فى الفن البيان قال المحقق العراقى فى البدائع ج ١ ص ٨٧ انه لا موقع لهذا النزاع على مذهب السكاكى من التصرف فى الامر العقلى لان المتجوز لم يتصرف فى تاسيس الواضع وجعله اعنى به ربط اللفظ بالمعنى وانما تصرف فى ما يرجع الى المستعمل نفسه اعنى به تطبيق ذلك المعنى الذى وضع اللفظ له على ما ليس من مصاديقه فى الواقع لفائدة ما وامر تطبيق المعانى الكلية على مصاديقها لا يرجع الى الواضع كما ان تطبيق الموضوعات ذات الاحكام الشرعية على مصاديقها لا يرجع امره الى الشارع بل الى نظر المكلف فى الثانى والى نظر المستعمل فى الاول إلّا ان يدعى ان الواضع اشترط ان يستعمل هذا اللفظ بما له من المفهوم فانيا فى مصداقه الحقيقى فيرجع ذلك الاشتراط الى تخصيص الوضع بحصة من ذلك المعنى كما هو الشأن فى ما تقدم من اشتراط الواضع فى ما ادعى اشتراطه فيه ومعه يكون للنزاع المزبور مجال انتهى ولكن العمدة ان قول السكاكى باطل اما اولا فان هذا القول يختص بالمجازات التي تكون العلاقة فيها المشابهة ولا يشمل سائر المجازات وثانيا ان هذا خلاف الوجدان فانا نرى عدم التنزيل قبل الاستعمال

٢٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فى المجازات كما لا يخفى وحكى عن العلامة الشيخ محمد رضا الاصفهانى ابو المجد فى وقايته بان اللفظ فى عامة المجازات في بدو الامر يستعمل حقيقة فى معناه الحقيقى اى المستعمل يرى زيدا اسدا واقعا ويستعمل اللفظ فيه والفارق بين الحقيقى والمجازى هو ان الارادة الجدية فى المعنى الحقيقى مطابقة للارادة الاستعمالية وفى المجازى لا تكون مطابقة لها فما هو المراد استعمالا غير ما هو المراد جدّا والمائز بين هذا القول وقول السكاكى هو ان التنزيل فى مجاز السكاكى يكون قبل الاستعمال وقبل الاطلاق ثم اطلق اللفظ على المصداق الادعائى وفى طريق الاصفهانى بعد استعمال اللفظ حين تطبيق الطبيعة الموضوع لها على المصداق ويرد عليه ما اوردنا على قول السكاكى مضافا الى ان ارادة المعنى الحقيقى بعد وجود القرينة على ارادة المعنى المجازى لغو لا طائل تحته لان الارادة الاستعمالية اذا خالفت الارادة الجدية لا فرق بين استعمال اللفظ فى المعنى الحقيقى او المجازى بالقرينة ، واما المشهور ذهبوا الى ان المجاز استعمال اللفظ فى غير ما وضع له بالقرينة ولا يكون استعماله فى ما وضع وانما الكلام فى العلاقة بين المعنى الحقيقى والمجازى هل هو بالطبع او بالوضع قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩ اظهرهما انها بالطبع بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه ولو مع منع الواضع عنه وباستهجان الاستعمال فى ما لا يناسبه ولو مع ترخيصه ولا معنى لصحته إلا حسنه الخ والمحكى عن الجمهور الثانى قال المحقق العراقى فى البدائع ج ١ ص ٨٧ اما على مذهب المشهور فى المجاز اعنى به استعمال اللفظ بنفسه فى ما يناسب ما وضع له فالنزاع المزبور وان كان فى الظاهر له مجال واسع إلّا انه عند التروى لا يكاد يرى له وجه بل المتروي يقطع بانه لا بد من احراز ترخيص اهل اللسان فى التصرف فى لغتهم لمن اراد الجرى على طريقتهم فى المحاورات وإلّا كان خارجا عن طريقتهم فى الكلام نظير ارتجال الكلام على غير قوانين النحو فان من يتكلم بكلام يخالف طريقه العرب من حيث قواعد النحو والصرف لا يرتاب احد بخروجه عن طريقه اهل اللسان العربى وخروج كلامه عن اللغة العربية وهكذا الشأن فى التصرف باستعمال اللفظ فى ما يناسب معناه الحقيقى فانه اذا فرض عدم سلوك اهل اللسان لسبيل المجاز كان من يسلكه من التابعين لهم مخالفا لهم فى طريق المحاورة وكان كلامه المجوز فيه غير عربى ولا تقصد بلزوم الترخيص الا كون طريقه الكلام الذى يرتجله المتكلم التابع لاهل تلك اللغة ما ثورة عنهم إلّا ان الذى يهون الخطب هو ان الاستقراء قد اثبت الترخيص المزبور وان سبيل التجوز فى كلام العرب واضح ماثور فلم يبق للنزاع المذكور نتيجه سوى البحث النظرى الخ ان قلت لم يتضح وجه الوضع ولو نوعيا فى العلائق غير القياس

٢٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

على الحقيقة وفى اثبات مثله لذلك ولا سيما مع الفارق لتوقف الحقيقة على الوضع والاكتفاء بالمناسبة فى المجاز وهى ذاتيه منع واضح مضافا الى انه اين الواضع فى وضع الالفاظ حتى نرجع اليه فى وضع العلائق فقد مر ان الالفاظ كلها استعمالات من البشر فى مقام احتياجاتهم ، قلت هذا ايضا مما اوجب القواعد فان لغة العرب يكون لها قواعد وضوابط فان الفاعل مرفوع والمفعول منصوب والمضاف اليه مجرور وكذا الفاعل مقدم على المفعول والفعل مقدم عليهما فلو لم يراع احد ما هو الدار ج بين اهل هذا اللسان فقد خرج عن طريقه المحاورة ففى العلاقة يجب ان يراعى ما راعوه ومنها حس الاستعمال التى ثبت اجازه الواضع له ومن الغريب جدا ان استادنا الخوئى بعد ما اختار ما افاده السكاكى من الحقيقة وانكر موضوع هذا النزاع لابتناء على كون الواضع هو الشخص المعيّن او اشخاص معينين ذكر فى المحاضرات ص ٩٤ ج ١ وعليه فنقول ان الواضع كما تعهد بذكر لفظ خاص عند ارادة تفهيم معنى خاص دون ان ياتى بأية قرينة كذلك قد تعهد بذكر ذلك اللفظ عند ارادة معنى آخر ولكن مع نصب قرينة تدل عليها غاية الامر ان الوضع على الاول شخصى وعلى الثانى نوعى وتسميته بذلك بملاحظة ان العلائق والقرائن غير منحصرة بواحدة الخ وفيه ان هذا اعتراف صريح بكون المجاز ايضا له الوضع فكيف يقول فى صدر كلامه بانه حيث لم يثبت كلا الامرين من انحصار الواضع بشخص واحد او جماعة ووجود الاستعمالات المجازية فى الالفاظ المتداولة بين العرف فلا موضوع لهذا البحث اما الثانى فلأجل ما التزم به السكاكى من انكار المجاز فى الكلمة فلا مجاز اما الاول فلما اخترنا من التعهد فهو لم يتعهد إلّا بارادة المعنى الموضوع له عند عدم القرينة على الخلاف واما مع وجود القرينة فلا مانع من الاستعمال انتهى اشارة فالصحيح ما ذكرنا من انه نحتاج الى اذن الواضع بالوضع النوعى وهى العلاقة بين المعنى الحقيقى والمعنى المجازي وليس الملحوظ فيه مادة اللفظ ولا هيئته او نوعيته باعتبار عدم تعيين معنى خاص بل يشمل اى معنى وجد بينه وبين الموضوع له احد هذه العلائق ، بما اعتبروه من اظهر فى الشباهة كالشجاعة دون البخر او الحال والمحل لخصوصية المناسبة كجرى الميزاب دون جاء الحمار بعلاقة الحال والمحل فى زيد وامثال ذلك او فى الكل والجزء يكون الجزء من اعظم اجزاء الكل كالرقبة دون اليد ونحو ذلك ثم الثمرة بين المجاز برأى الاصفهانى وغيره يظهر فى موارد منها ما ورد من الرواية فى آنية الذهب والفضة والمفضّضة من قوله (ع) كره آنية الذهب والفضة وآنية المفضّضة وكذا لا تاكل من آنية الذهب والفضة وآنية المفضّضة فانه قد قامت القرينة فى سائر الروايات على ان النهى فى الآنية المفضّضة لا يكون ظاهرا فى

٢٨٨

مقالة فى تعارض الاحوال (١) لا شبهة (٢) فى ان اللفظ بملاحظة تعدد الوضع (٣) و

______________________________________________________

الحرمة بل الكراهة وكذا الكراهة لو كان معناها الحقيقى هو الحرمة ، فهنا يشكل بان استعمال لفظ واحد فى معنيين غير جائز فلا يمكن استعمال كره أو لا تاكل في الحرمة والكراهة معا وهذا يصح فى صورة كون الاستعمال اى استعمال اللفظ على المشهور فى غير ما وضع له واما على مبنى الاصفهانى فحيث ان اللفظ قد استعمل فى المعنى الحقيقى بنحو عموم المجاز فيصح ان يكون كل منهما مرادا والحرمة ، تستفاد من قرينة خارجيه والكراهة ايضا فيصح هذا النحو من الاستعمال لو لم نقل بان استعمال اللفظ فى الاكثر من معنى جائز.

(١) نموذج ٩ فى تعارض الاحوال وتعرض له فى الكفاية ج ١ ص ٢٩ وقال انه للفظ احوال خمسة وهى التجوز والاشتراك والتخصيص والنقل والاضمار لا يكاد يصار الى احدها فى ما اذا دار الامر بينه وبين المعنى الحقيقي إلّا بقرينة صارفة عنه اليه واما اذا دار الامر بينها فالاصوليون وان ذكروا الترجيح بعضها على بعض وجوه إلّا انها استحسانية لا اعتبار بها إلّا اذا كانت موجبه لظهور اللفظ فى المعنى لعدم مساعدة دليل على اعتبارها بدون ذلك كما لا يخفى انتهى وتبعه وغيره ولكن ذهب بعضهم بملاحظة الترجيح كالمحقق الماتن وهو الحق لعدم كون الاحوال كذلك ما لم يصل الى حد الظهور لا عبرة به بل لبعض احواله مرجح على بعض ويكون له ثمرة فى الفقه بعد ما مرّ المسالك فى حجية الامارات هو الظهور الواصل ، او الصادر ، او كليهما بحيث يكون الواصل كاشفا عن كون الصادر كذلك ، كما انه تقدم ان أصالة الحقيقة حجة تعبدا ببناء العقلاء او من باب الظهور فلذا مجال للبحث عنه ثم انه لو كان المدار على الظهور الصادر او كليهما اذا كان اللفظ ظاهرا فى المعنى ولم يكن قرينة نستكشف كونه حقيقة بالاصل كما سيأتى واما لو كان المدار على الظهور الواصل فقط كما يظهر من صاحب الكفاية قالوا باصالة الحقيقة تعبدا بمعنى عدم الفرق بين كون اللفظ حقيقة فى المعنى او مجازا بعد ظهورها ولذا لم يكن البحث المتقدم فى علائم الحقيقة عندهم بمثمرة وعلى اى هذا البحث له ثمرات كثيرة كما فى الفاظ العقود والمعاملات وفى باب التنازع بمقتضى احوالات اللفظ وكذا من الالفاظ الواردة فى الروايات التى يمكن لها حالات مختلفه وتحقيق الكلام فيها يكون عن جهات.

(٢) الجهة الاولى فى احوالات اللفظ فى ما يطرأ عليه فى مقام الاستعمال فينقسم الى وجوه مفرد ومشترك ومطلق ومقيد وحقيقة ومجاز ومنقول وغير منقول واضمار وغير اضمار واستخدام وغير استخدام واليك تفصيلها

(٣) اى يكون اللفظ باوضاع متعددة موضوعا لمعان متعددة كالعين لنيف وسبعين

٢٨٩

عدمه (١) ينقسم الى مشترك وغيره ، وبملاحظة اقتران معناه بخصوصية زائدة (٢) ينقسم الى اطلاق وتقييد ، وبلحاظ استعماله فى ما وضع له وغيره الى حقيقة ومجاز (٣) ومن جهة بقائه على الوضع الاول وعدمه (٤) الى منقول وغير المنقول ومن حيث احتياج صحة الكلام الى تقدير وعدم احتياج (٥) الى اضمار وغير اضمار ، ومن حيث عدم الاتحاد مع الضمير الراجع اليه (٦) اى استخدام (٧) وغيره و (٨) لا شبهة فى المصير الى كل واحد من هذه الحالات وترتيب آثارها عند قيام امارة خاصه معتبره عليها قطعيّا كان ام ظنيّا (٩)

______________________________________________________

معنى وكالقرء للحيض والطهر وكان الاوضاع فى عرض واحد وهو المشترك

(١) وهو ما كان لفظ واحد موضوع لمعنى واحد ولو كان معنا واحد كليا له افراد كثيرة ومصاديق لذلك وهو المفرد

(٢) بان اقترن اللفظ بشىء يوجب تقييد معناه بتلك الخصوصية او عدمه بان يكون مرسلا من تلك الخصوصية وهو المطلق والمقيد كقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) وفى العموم كقوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ونحوها

(٣) وهو استعمال اللفظ فى المعنى الموضوع له فهو الحقيقة واستعمال اللفظ فى المعنى غير الموضوع له بالقرينة يكون مجازا

(٤) اى نقل عن المعنى الاول الحقيقى الى معنى آخر بكثرة الاستعمال ونحوه فهذا هو المنقول ، وغير المنقول هو ما كان باق على معناه الحقيقى الاول

(٥) المضمر والمقدر ما يحتاج الى تقدير لفظ آخر كقوله تعالى (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) بخلاف غير المضمر فلا يحتاج الى ذلك

(٦) اى تعدد ما يراد به وبضميره من المعانى

(٧) مثل آية الطلاق سورة البقرة آية ٢٢٧ والمطلقات يتربّصن بانفسهن ثلاثة قروء الى قولة تعالى (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) الآية برجوع الضمير الى بعض المطلقات فاراد من المطلقات البائن والرجعي ويرجع الضمير الى الرجعي منهن

(٨) الجهة الثانية ان هذه الحالات والطوارى العارضة اذا قامت الامارة القطعية او الظنية او كان اللفظ ظاهر فى معنى ما فى مقام الاستعمال فهو المتبع فى مقام العمل بلا شبهه لان العبرة بتلك القرينة او الظهور

(٩) اى الظن اطمينانى

٢٩٠

و (١) مع عدمها (٢) فمقتضى أصالة عدم وضع آخر فى عرض الوضع الاول الحكم بعد الاشتراك عند الشك فى اصل تحققه (٣) ولازمه حينئذ (٤) عند استعمال اللفظ الحمل على ما علم من الحقيقة له من جهة أصالة الحقيقة المعهود بين الاعلام (٥) نعم لو لم يكن الاصل المزبور (٦) مورد اتكال العقلاء اشكل الحمل على الحقيقة الأوّلية بناء على ارجاعه (٧) الى اصالة الظهور لعدم احرازه (٨) و (٩) اما لو بنينا على التعبد باصالة الحقيقة حتى مع عدم احراز ظهور فى الكلام فان قلنا بان موضوع مثل هذا الاصل صورة احراز الوضع وعدم الاشتراك (١٠) فلا اشكال فى عدم

______________________________________________________

(١) الجهة الثالثة فى ما لو لم تقم امارة على شىء منها ولا ظهور ايضا فما هو المدار فى ذلك فالكلام فى مقامين لانه تارة يكون البحث فى حكم كل واحد منها عند الشك فيه ، واخرى عند دورانه مع غيره فهنا صور ، الصورة الاولى لو دار امر لفظ المستعمل بين استعماله فى المعنى المعلوم وضعه له كالقرء حقيقة فى الطهر مثلا وشك فى انه للحيض ايضا ام لا واستعماله فى معنى آخر على نحو الاشتراك ام لا ذكر قدس‌سره انه يجرى اصالة التعيين.

(٢) اى عدم الأمارة

(٣) اى تحقق الاشتراك ونتيجته العمل على طبق المعنى المعلوم وضع اللفظ له.

(٤) اى لازم جريان هذا الاصل

(٥) وتقدم ان اصالة الحقيقة من الاصول العقلائية عند الشك فى كونه معنى حقيقى ام لا فيجب العمل على بنائهم لحجيته ما لم يكن رداع من الشارع وليس رداع كذلك فى ذلك

(٦) اى اصالة الحقيقة

(٧) اى ارجاع الاصل المزبور

(٨) اى احراز الظهور وملخصه ان اصالة الحقيقة ان كان اصلا عقلائيا فتجرى ويحكم بانه المعنى الحقيقى لا غير وان جرى اصل التعبدى العملى وهو أصالة عدم وضع آخر كما لعله ظاهر المتن ايضا يتعين المعنى الحقيقي وان لم يثبت شىء منهما لعدم البناء فى الاول والثانى مثبت فيكون المدار على الظهور ولا ظهور فى المقام هذا كله لو كانت اصالة الحقيقة حجه من باب الظهور.

(٩) اما بناء على انها حجة تعبدا عند العقلاء ولو لم يكن ظهور فهل يعتبر قيدين فى جريان الاصل او شرط واحد وهو احراز الوضع فقط لا عدم الاشتراك.

(١٠) وكان الشك فى انه قد استعمل المتكلم فى ما وضع له ام لا فيجرى اصالة

٢٩١

الجريان (١) ايضا وان قلنا بان مقتضى الاصل مجرد احراز الوضع حتى فى الاشتراك ايضا (٢) وانما المانع عن الجريان فيه هو المعارضة مع مثله (٣) فامكن الجريان بالنسبة الى معلوم الحقيقة دون غيره (٤) للشك فى موضوعه (٥) فبقى الاصل فى المعلوم بلا معارض ، هذا كله حال دوران الامر بين الحقيقة المعلومة والاشتراك فى كلام واحد (٦) واما دورانه (٧) بين الاطلاق والتقييد (٨) او الحقيقة والمجاز فمع (٩) عدم اقتران الكلام بما يصلح للقرينية

______________________________________________________

الحقيقة لاحراز انه استعمل فى معناه الحقيقي

(١) فى المقام لانه لم يحرز عدم الاشتراك لدوران الامر بينها وبين الاشتراك كما مر

(٢) بان يكون موضوع الاصل هو ما علم ان له موضوع ولو كان على نحو الاشتراك اللفظى ففى الفرض وهو ما لو دار الامرين استعماله فى الحقيقة المعلومة او فى معنى آخر ايضا حقيقة على نحو الاشتراك فيجرى اصالة الحقيقة واستعماله فى الحقيقة المعلومة

(٣) بان يحتمل استعمال اللفظ فى غير الحقيقة المعلومة ولو كان على نحو الاشتراك كما مر.

(٤) وهو المعنى الآخر ولو كان على نحو الاشتراك.

(٥) اى الشك فى موضوع غير معلوم الحقيقة

(٦) بان احتمل وضع اللفظ لمعنى آخر قد اريد منه هنا فى هذا الكلام على نحو الاشتراك

(٧) الصورة الثانية لو دار الامر بين ان لوحظ اللفظ مرسلا كالرقبة ومطلقا ام مقيدا بقيد كالايمان او الصعيد مطلق وجه الارض او التراب الخالص

(٨) الصورة الثالثة لو دار الامر بين ان يكون المراد من اللفظ المعنى الحقيقى وهو الموضوع له او المعنى غير الموضوع له وهو المجازي كقوله عليه‌السلام كره آنية الفضة والذهب وآنية المفضّضة فهل استعمل كره فى معناه الحقيقى وهو الحرمة او المجازى الاصطلاحى بقرينة آنية المفضّضة فبين ان حكمهما على نسق واحد فهنا جهتان من الكلام

(٩) الجهة الاولى وهو ان لم يكن الكلام مقترنا بما يصلح للقرينية وانما مجرد احتمال ارادة التقييد او المجاز فحينئذ يجرى اصالة الحقيقة وينفى بها احتمال الاستعمال المجازى كما يجرى اصالة الاطلاق لو اجتمع باقى مقدمات الحكمة ولا اشكال فيه بلا فرق بين القول بكون اصالة الحقيقة حجة من باب التعبد او من باب الظهور.

٢٩٢

فلا اشكال (١) فى تقديم الاطلاق او الحقيقة على التقييد والمجاز ، ومع الاقتران (٢) فلا مجال للرجوع اليهما (٣) إلّا بناء على اصالة التعبد باصالة الحقيقة واصالة الاطلاق بلا احتياج الى احراز ظهور فى اللفظ ولو بمعونة (٤) مقدمات الحكمة واتمام (٥) هذه الجهة فى باب الالفاظ فى غاية الاشكال ولو للشك فى بنائهم على مثل هذه الاصول من باب التعبد المحض حتى مع الشك (٦) فى الظهور فيه ، واما (٧) صورة الدوران بين الحقيقة الأوّلية والنقل بالمعنى الاعم ، (٨) فمع الشك (٩) فى اصل

______________________________________________________

(١) اى على القولين

(٢) الجهة الثانية لو اقترن الكلام بما يصلح للقرينية فتارة نتكلم على القول باعتبار اصالة الحقيقة من باب الظهور واخرى نتكلم على القول باعتبارها من باب التعبد فعلى الاول لا تجرى اصالة الحقيقة ولا اصالة الاطلاق بعد ما كان الكلام محفوفا بما يصلح للقرينية لعدم الظهور للكلام وبها تكون مجملا واما على القول باصالة التعبد فيهما فيجريان لعدم الحاجة الى الظهور حتى يتوقف عليه

(٣) اي الى اصالة الاطلاق والحقيقة

(٤) اى احراز الظهور بذلك.

(٥) ثم تعرض قدس‌سره للمناقشة فى ان اصالة الحقيقة تكون حجة ببناء العقلاء وبنائهم على التعبد بها لان فى احكام العقلاء لا تعبد فى البين بل العبرة بالظهور حتى لو شككنا فى بنائهم على ذلك ايضا لا يمكن ترتيب الأثر عليه.

(٦) اى يرجع الى الاصل.

(٧) الصورة الرابعة ما لو دار الامر بين المعنى الموضوع له اولا وبين استعماله فى المنقول اليه كلفظ كره المستعمل فى الروايات فى الحرمة وفى اصطلاح الفقهاء نقل الى الكراهة ولفظ الصلاة المنقول فى زمن الصادقين «ع» فى المعنى المصطلح وفى اللغة كانت بمعنى الدعاء والنقل هو ما كان الموضوع له معان متعددة ولكن احدهما فى طول الآخر يعنى وقوع الوضع الثانى رافعا للوضع الاول وفى هذه الصورة نتكلم ايضا فى جهتين.

(٨) ولعل المراد بالنقل بالمعنى الاعم اى الاعم من ان يكون الناقل هو الشارع او العرف الخاص كالمتشرعة او العرف العام كالناس

(٩) هذه هى الجهة الاولى وهى ما لو شك فى اصل النقل عن وضعه الاول فذكر قدس‌سره انه لا شبهة فى صحة حمل اللفظ فى هذه الصورة على المعنى المعلوم وضعه له و

٢٩٣

حدوث وضع جديد ملازم لهجر الاول فلا اشكال ظاهرا فى مرجعية الوضع الاول لأصالة عدم النقل المتقدم الذى قلنا عليه بناء الاستنباط (١) و (٢) اما مع العلم به (٣) والشك فى حدوثه قبل الاستعمال او بعده فمع (٤) العلم بتاريخ الاستعمال لا باس بالرجوع الى الاصل المزبور المقتضى لحمل اللفظ على معناه الاوّلى ففى (٥) مثل هذا الفرض (٦) نقول ان مع تعارض العرف العام واللغة (٧)

______________________________________________________

عدم الالتفات الى احتمال النقل وذلك لاصالة عدم النقل

(١) لعله اشارة الى الخلاف المتقدم فى كون المدار على الظهور الواصل للسامع فلا يترتب على آيات الوضع اثر ان لم يكن اصالة الحقيقة حجة تعبدا لانه لو لم يكن له ظهور فلا اثر ولو احرز الوضع بآياته وان كان المدار على الظهور حين الصدور لا الظهور الفعلى فحينئذ يستفاد بآيات الوضع الموضوع له وباصالة عدم النقل يستكشف انه كان حقيقة فى هذا المعنى حين صدوره من المتكلم وباصالة عدم القرينة الموجبة لعدم الظهور حين صدوره من المتكلم يستكشف انه كان ظاهرا فيه وقلنا لا يبعد كون الظهور حين الصدور هو تمسك القائلين بحجيته بدلائل الوضع واصالة عدم القرينة اذ لو كان الحجة عندهم هو الظهور حين الوصول لما كان للتمسك بهما موقع اصلا والصحيح هو الظهور الواصل الكاشف عن الظهور الصادر ولو بالاصل كما تقدم.

(٢) وهى الجهة الثانية وهى ما لو فرض العلم باصل النقل والشك فى تقدم الاستعمال على النقل وتاخره عنه وهذه الجهة لها نواح ثلاثة باعتبار دخولها فى المسألة الأصولية المعروفة من صدور حادثان ولا يعلم المتقدم عن المتاخر

(٣) اى بالفعل

(٤) هذه هى الناحية الاولى وهى ما لو علم بتاريخ الاستعمال وهو يوم الخميس مثلا وشك فى تاريخ النقل يوم الاربعاء او يوم الجمعة فحكم قدس‌سره بجريان الاصل المزبور واللازم ح هو حمل اللفظ على المنقول عنه اعني به الوضع الاول لاصالة عدم النقل فى ظرف الشك اعني ظرف الاستعمال فان هذا الاصل اصل عقلائى عملى يصح الاخذ به والعمل عليه وان كان مثبتا

(٥) الصورة الخامسة قد اشار قدس‌سره الى فروض هذه الناحية

(٦) وهو العلم بتاريخ الاستعمال

(٧) وهو الفرض الاول وهو ما لو تعارض العرف العام واللغة بان كان فى اللغة مثلا الصعيد مطلق وجه الارض وعند العرف العام اى عموم الناس يكون التراب الخالص

٢٩٤

او الخاص والعام السابق (١) يحمل على اللغة والعرف السابق (٢) و (٣) مع الشك فى تاريخ الاستعمال يشكل أمر جريان الاصل المزبور من دون فرق بين العلم بتاريخ الوضع الجديد او (٤) عدمه لان (٥) مثل هذا الاصل تتكفل لرفع الشك عن جهة بقائه من حيث الازمنة المتمادية (٦) بلا نظر الى رفع الشك من حيث مقارنة هذا الزمان الى جهة اخرى من استعمال او غيره (٧) فمع الشك فى مقارنة الزمان الباقى فيه الوضع مع الاستعمال (٨) لا يثمر مثل هذا الاصل (٩) فبقى الشك فى بقاء الوضع الاولى فى حين الاستعمال بحاله فلا وجه ح للرجوع الى حقيقة الأولى حين الاستعمال المقتضى لحمل اللفظ عليه كما هو ظاهر ، ولا يتوهم (١٠) مثل هذا

______________________________________________________

(١) وهو الفرض الثانى بان تعارض العرف الخاص مع العرف العام كما لو كان العام السابق مستعملا الصلاة فى الدعاء والعرف الخاص المتشرعة مستعملا فى الاعمال المخصوصة.

(٢) فانه لو شك كونه مستعملا فى المعنى اللغوى او العرف العام مع العلم بتاريخ الاستعمال فيجرى اصالة عدم النقل ، وكذا لو كان الشك فى انه مستعمل فى المعنى العرف العام او الخاص فاصالة عدم النقل يثبت العرف العام السابق مع فرض العلم بتاريخ الاستعمال

(٣) الناحية الثانية ما لو شك فى تاريخ الاستعمال والعلم بتاريخ الوضع

(٤) الناحية الثالثة وهى لو شك فى تاريخ الاستعمال وتاريخ الوضع وحكمهما واحد

(٥) دليل عدم جريان الاصل فى هاتين الناحيتين اما الاولى منهما فلأصالة عدم الاستعمال ليس للعقلاء بناء عملى على عدم الاستعمال فى هذه الموارد واستصحاب عدم الاستعمال الى هذا الزمان ليس له اثر عملى فى نفسه وكون الاستعمال وقع بعد ذلك اي بعد الوضع من اللوازم العقلية ومثبت ومثبتات الاصول ليست بحجه وهكذا فى الناحية الثانية منهما فأصالة عدم الاستعمال لا يثبت مقارناته كما ان اصالة عدم النقل فى زمان الاستعمال لا يثبت مقارناته وهو كونه فى زمن الوضع قبل النقل

(٦) فيثبت عدم الاستعمال بقاء وكذا يثبت عدم النقل بقاء

(٧) وهو عدم النقل مثلا

(٨) اى مقارنته مع الاستعمال فلا يثبت باصالة عدم النقل الى زمان الاستعمال ذلك

(٩) لكونه مثبتا

(١٠) التوهم انه فى ما لو علم بتاريخ الاستعمال فاستصحاب عدم النقل ايضا الى زمان الاستعمال لا يثبت ان الاستعمال وقع حال الوضع الاول لان لازمه العقلى ومثبتات الاصول

٢٩٥

الاشكال فى الفرض السابق (١) لان (٢) الاصل بعد ما احرز بقاء الاول فى زمان خاص كان مقارنته مع زمان الاستعمال محرزا بالوجدان ، ومن هذا البيان (٣) ظهر ان سقوط اصالة عدم النقل فى صورة الجهل بتاريخهما (٤) ليس بملاك المعارضة مع اصالة عدم الاستعمال قبل حدوث الوضع الجديد (٥) كى يرد عليه (٦) بعدم كونه (٧) من الاصول العقلائية وعدم سبيل للاستصحاب المعروف ايضا فى باب

______________________________________________________

ليست بحجه

(١) وهو ما لو علم بتاريخ الاستعمال فقط وشك انه حال الوضع الاول او النقل

(٢) هذا هو جواب التوهم ان الموضوع فى الفرض السابق يكون جزئه محرزا بالاصل العقلائى او الاستصحاب جزئه بالوجدان فان جزئه وهو عدم النقل الى يوم الخميس فى المثال يكون بالاستصحاب فيحرز ذلك بالاصل والاستعمال فى يوم الخميس قطعى فيكون الاستعمال القطعي مقارنا بالوجدان لعدم النقل التعبدي فلا مثبتيّة للاصل اصلا بخلاف المقام فانه لم يحرز الاستعمال قطعيا حتى يثبت التقارن بالوجدان كما هو واضح فالتوهم باطل من رأس وهذا التوهم يجرى على كلا الفرضين الثالث والرابع والتوهم الآتي يختص بالفرض الثالث فقط

(٣) وهو كون عدم جريان الاستصحاب لكونه لا اثر له ولا يثبت التقارن

(٤) وهى الصورة الثالثة

(٥) ولعل ما قيل هو المحقق النائينى قدس‌سره فى الاجود ج ٢ ص ٤٢٧ قال واما مع الجهل بتاريخ كل منهما فلا محاله يكون الاصل فى كل من الجزءين معارضا بمثله فى الجزء الآخر وليس الشك فى احدهما مسببا عن الشك فى الآخر كما هو واضح فيتساقطان بالمعارضة فكما ان استصحاب الحياة الى زمان اسلام الوارث يقتضى تحقق موضوع الارث فكذلك استصحاب عدم اسلام الوارث الى زمان موت المورث يقتضى عدمه انتهى ، وقد سبقه بذلك شيخنا الاعظم الانصارى قدس‌سره فى الرسائل ص ٣٨٨ واما اصالة عدم احدهما فى زمان حدوث الآخر فهى معارضه بالمثل وحكمه التساقط مع ترتب الاثر على كل واحد من الاصلين الخ

(٦) اى يرد على هذا القول فى المقام بان المعارضة انما تتحقق فى ما لو جرى كل من الاصلين بخلاف المقام اذ لا يجرى فيه اصل عدم الاستعمال لعدم كونه اصلا عقلائيا او لكونه مثبتا لو اريد به الاستصحاب

(٧) اى اصل عدم الاستعمال

٢٩٦

الالفاظ لعدم حجية مثبته ، و (١) لا بملاك شبهة احتمال الانتقاض باليقين بخلافه من جهة (٢) احتمال كون زمان الاستعمال ذاك الزمان كما هو مختار العلامة الاستاد فى كفايته ، وذلك (٣) لما اوردنا فى محله من ان المعلوم بالاجمال بوصف

______________________________________________________

(١) ثم اشار الى ما افاده صاحب الكفاية ج ٢ ص ٣٣ قال واخرى كان الاثر لعدم احدهما فى زمان الآخر فالتحقيق انه ايضا ليس بمورد الاستصحاب ـ الى ان قال ـ وكذا فى ما كان مترتبا على نفس عدمه ـ اى عدمه المحمولى ـ فى زمان الآخر واقعا وان كان على يقين منه في آن قبل زمان اليقين بحدوث احدهما ـ وهو يوم الاربعاء المتقدم على الخميس والجمعة الذى يعلم لوقوع موت الاب والابن فيهما على التعاقب ولا يعلم المتقدم عن المتاخر ـ لعدم احراز اتصال زمان شكه وهو زمان حدوث الآخر بزمان يقينه لاحتمال انفصاله عنه باتصال حدوثه الخ وتوضيحه ان استصحاب عدم موت الاب مثلا لماله الاثر الى يوم الجمعة فهناك زمان تفصيلى بموتهما وهو يوم الجمعة وزمان اجمالي لكل من موت احدهما على التعاقب من يوم الخميس والجمعة وزمان يعلم بعدم موت الاب وهو يوم الاربعاء واستصحاب عدم موت الاب المعلوم يوم الأربعاء الى زمان موت الابن فكما يحتمل ان موت الابن يوم الخميس فينطبق الاستصحاب ، ويحتمل ان يكون موت الاب يوم الخميس فيكون زمان الشك وهو زمان موت الابن المنطبق على يوم الجمعة منفصلا عن زمان اليقين وهو يوم الاربعاء بزمان اليقين بموت الاب وهو يوم الخميس فيكون من نقض اليقين باليقين لا بالشك

(٢) اى تطبيق ما افاده قدس‌سره على المقام هو كون زمان الاستعمال نفس ذلك اليوم اى يوم الخميس مثلا والنقل يوم الجمعة فيكون من نقض اليقين السابق باليقين اللاحق كما عرفت

(٣) هو الجواب عن صاحب الكفاية قدس‌سرهما وبيانه على ما سيأتى مفصلا ان الناقض لليقين السابق ليس إلّا اليقين بارتفاع المتيقن لا نفس ارتفاعه واقعا ولم يتخلل بين اليقين بعدم حدوث كل من الحادثين والشك فى الحدوث يقين آخر بالحدوث ليوجب عدم اتصال زمان الشك بالحدوث فى كل منهما باليقين به ، واما اليقين الاجمالي بارتفاع المستصحب فى احد الزمانين اما الزمان الثانى او الثالث فهو غير قابل للفصل بين اليقين بالمستصحب والشك فى بقائه فى زمان وجود الغير الا فى فرض قابلية انطباقه على الزمان الثانى الذى هو احد طرفى العلم ولكنه من المستحيل جدا لان قوام العلم والشك هو الصور الذهنية بما هى ملحوظة كونها خارجيه بلا سراية منها الى المعنون الخارجى والخارج ظرف اتصافه بالمعلومية لا ظرف عروضها على ما سيأتي فى محله وعليه فمفروض العلم فى العلم

٢٩٧

معلوميته يستحيل انطباقه على المشكوك فيستحيل احتمال الانتقاض (١) بالعلم (٢) بخلافه بل عمدة الوجه فيه ما ذكرنا (٣) ولقد شرحنا المرام في حاشية الكفاية وسيأتى تتميم المقال فى هذا المقال فى هذا الكتاب فى محله ايضا إن شاء الله ، واما (٤) صورة الدوران بين الاضمار وعدمه فلا شبهه فى ان الاصل عدمه (٥)

______________________________________________________

الاجمالى هي الصورة الإجمالية مباينة مع ما هو معروض الشك وهى الصورة التفصيلية لهذا الاناء وذاك الاناء الآخر بعنوانهما التفصيلى فيستحيل انطباق المعلوم بالاجمال بما هو معلوم على طرفيه فلا يعقل احتمال الفصل باليقين بارتفاع المستصحب فى احد الزمانين بين زمان اليقين بعدم المستصحب وزمان الذى يراد جر المستصحب اليه فان المفروض ان الزمان الفاصل بين زمان اليقين بالمستصحب سابقا وزمان وجود غيره الذى يراد جره اليه بالاستصحاب ليس إلّا ما هو ظرف العلم الاجمالى بين الزمانين وهو الزمن الثانى ومع استحالة قابلية انطباق المعلوم بوصف معلوميته على هذا الزمان الذى هو طرف العلم الاجمالى كيف يحتمل الفصل باليقين الناقص بين زمان اليقين بالمستصحب وزمان الذى يراد جره وهذا واضح.

(١) فى كل من الطرفين

(٢) اى بالعلم الاجمالى

(٣) وقد تقدم مرارا انه مثبت استصحاب عدم الاستعمال وتوضيحه انه ذكر فى محله ان المانع من جريان الاصل فى مورد توارد الحالتين فى صورة الجهل بتاريخهما فى جميع الصور ومنها ما كان الاثر مترتبا على عدم وجود احدى الحالتين وهو عدم الوضع فى المقام فى ظرف وجود الآخر وهو الاستعمال فلا يمكن احراز موضوع الاثر بالاصل لان الأصل العدمى مطلقا سواء كان اصلا عقلائيا ام اصلا تعبديا مفاده جرّ العدم فى جميع اجزاء الزمان لا اثباته بالاضافة الى امر الآخر وعليه فلا يمكن اثبات عدم الوضع فى حال الاستعمال بالاصل

(٤) الصورة الخامسة ما لو دار الامر بين الاضمار وعدمه بان يكون موضوع الحكم نفس المذكور فيكون كما لو دار الامر بين الحقيقة والمجاز فان لم يكن فى الكلام ما يحتمل كونه قرينة على الاضمار المحتمل فالاصل عدم الاضمار مطلقا وان كان فى الكلام ما يحتمل كونه قرينة على الاضمار فالاصل عدم الاضمار على القول به تعبد او اجمال الكلام على القول بحجيته من باب الظهور

(٥) ومن هنا يشرع فى المقام الثانى وهو تعارض بعض الاحوال مع بعض ولحقناه

٢٩٨

نعم (١) مع دورانه بينه وبين سائر التصرفات الأخر من التقييد او المجاز او الاستخدام ففى (٢) صورة كونهما فى كلام واحد فلا يصلح انعقاد ظهور فى الكلام لصلاحية (٣) كل منهما للقرينة المانعة عن انعقاد اصل الظهور (٤) و (٥) فى الكلامين لا يكون الترجيح لاحد الظهورين الا من جهة اقوائية المستند الى خصوصيات المقامات بلا كونها تحت ضبط كى (٦) يبقى مجال بحث الاصولى عن مثله و (٧) من هذا لبيان (٨) ظهر حال دوران الامر بين الاستخدام وغيره من سائر الاحوال ، و (٩) مع عدم الدوران المزبور فالاصل عدمه جزما كما لا يخفى و (١٠) اما صورة دوران

______________________________________________________

بالصور المقدمة

(١) الصورة السادسة لو دار الامر بين الاضمار وباقى الاحوال كالمجاز والاستخدام وغيرهما كقوله تعالى فى سورة يوسف آية ٨٢ (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) فان نسبة السؤال الى القرية اما باضمار الاهل او بجعل القرية مجازا عن السكّان فيكون على وجهين

(٢) الوجه الاول ان يكون الدوران المزبور فى كلام واحد فلا محاله يصير مجملا

(٣) هذا هو التعليل للاجمال

(٤) هذا على القول بحجية الاصل العقلائى من باب الظهور واضح بل وحتى على القول بحجيته من باب التعبد فيقع التعارض بينهما ولا مرجح لبعضها على بعض فيصير مجملا

(٥) هذا هو الوجه الثانى بان يكون الدوران المزبور فى كلامين بان يدور الامر فى الاضمار فى هذه الجملة والاستخدام فى كلام آخر وبالعكس

(٦) ذكر قدس‌سره ان فى هذا الفرض وهو العلم الاجمالى بطر وأحد الاحوال على احدا الكلامين يقع التعارض بين الظهورين ولا ضابطة لترجيح احد الاحوال على الآخر وانما الترجيح بالخصوصيات المقامية والقرائن الخارجية وبدونها تستقر المعارضة بين الكلامين

(٧) الصورة السابعة لو دار أمر الكلام بين الاستخدام وغيره من سائر الاحوال ايضا حكمه كالفرض المتقدم ان كان في كلام واحد يكون مجملا وان كان فى كلامين يقع التعارض بينهما

(٨) اى المتقدم الآن من التفصيل بين كلام واحد وكلامين

(٩) الصورة الثامنة اذا دار الامر بين الاستخدام وعدمه فيكون كما لو دار الامر بين الاضمار وعدمه فالاصل عده

(١٠) الصورة التاسعة اذا دار الامر بين الاشتراك وبين الاستخدام والمجاز والاضمار

٢٩٩

الامر بين الاشتراك وبقية الاحوال المعارضة على خلاف الحقيقة (١) فمقتضى اصالة عدم تعدد الوضع يثبت سائر الاحوال (٢) كما هو واضح و (٣) من هنا ظهر حال دوران الامر بين النقل وغير الحقيقة السابقة فان اصالة عدم النقل يحرز البقية كما هو واضح وحيث اتضح ما ذكرنا (٤) ظهرت ان فى اطلاق كلام العلامة الاستاذ فى كفايته (٥) مواقع للنظر (٦) والاعراض عن تعرضها تفصيلا اجدى كما لا يخفى على من تامل وتدبر كما ان ترجيح بعضهم بعض الطوارى على بعضها مثل الأشيعية وامثالها (٧) لا وقع لها بعد عدم اجداء مثل هذه الجهات لافادة ظهوره فى الكلام ومع عدمه لا يعتنى بغيره فى باب الالفاظ وان كان ظنا اطمينانيا فضلا عن غيره (٨) كما

______________________________________________________

(١) اى غير الحقيقة

(٢) حكم قدس‌سره ان اصالة عدم تعدد الوضع يثبت الاضمار مثلا او الاستخدام ونحوهما ولعل المراد من الاصل الاصل العقلائى لا الاستصحاب والّا يكون مثبتا وعليه فلو كان حجة من باب التعبد فواضح ولو كان حجة من باب الظهور ولم يحتف بما يحتمل القرينية فيكون مجال لاصالة العدم ، كما لو دار الامر بين الاشتراك وعدمه فالاصل عدم الاشتراك كقوله عليه‌السلام فى خمس من الابل شاة فان كلمة فى إن كانت مشتركة بين الظرفية والسببية صارت الرواية مجملة من حيث دوران الواجب فى زكاة الابل بين مقدار الشاة ونفسها وان لم تكن مشتركه فيتعين نفسها.

(٣) لصورة العاشرة اذا دار الامر بين النقل وسائر الاحوال ولكن غير الحقيقة السابقة كقوله تعالى (وَحَرَّمَ الرِّبا) سورة البقرة آية ٢٧٥ فان الربا ان كان منقولا الى العقد سلم الكلام عن الاضمار وإلّا فلا بد من تقدير الاخذ لان نفس الربا وهى الزيادة لا تتصف بالحرمة لانها عبارة عن الزائد لا عن الازدياد وهو كسائر الاعيان فى عدم الاتصاف بها فعلى الثانى تكون الزيادة باطلة دون اصل البيع بخلاف الأول فيكون العقد باطلا من رأس فائضا كالفرض السابق يجرى اصالة عدم النقل ايضا ويحرز سائر الاحوال ولعل مراده هو الاصل العقلائى كما مر.

(٤) من احكام الصور العشرة وتبين منها المقام الثانى ايضا كما عرفت

(٥) تقدم ذكر كلام صاحب الكفاية فى اول البحث بتمامه فراجع

(٦) لان جملة من الصور كما تقدم مجال الاصل فيها باقية

(٧) فراجع الفصول ص ٣٩ وغيره من الكتب الأصولية المفصلة

(٨) لان العبرة بالظهور لا الظن فى باب الالفاظ وان كان الظن الاطميناني معتبرا عند

٣٠٠