الوصائل إلى الرسائل - ج ٥

آية الله السيد محمد الشيرازي

الوصائل إلى الرسائل - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيد محمد الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة عاشوراء للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7263-05-8
ISBN الدورة:
964-7263-04-X

الصفحات: ٤٠٠

ودعوى : «انّ بقاء الظنّ من الشهرة بعدم اعتبار الأولويّة دليل على عدم حصول القطع من دليل الانسداد بحجّية الأولويّة ، وإلّا لارتفع الظنّ بعدم حجّيتها ، فيكشف ذلك عن دخول الظنّ المانع تحت دليل الانسداد» معارضة بأنّا لا نجد من أنفسنا القطع بعدم تحقّق الامتثال بسلوك الطريق الممنوع ، فلو كان الظنّ المانع داخلا لحصل القطع بذلك.

______________________________________________________

والى هذا الاشكال والجواب أشار المصنّف بقوله : (ودعوى : انّ بقاء الظّنّ من الشهرة بعدم اعتبار الأولويّة دليل) أي : هذا البقاء دليل (على عدم حصول القطع من دليل الانسداد بحجّية الأولويّة) فلا نظنّ بحجّية الأولويّة بعد ظنّنا بحجيّة الشّهرة (وإلّا ، لارتفع الظّنّ بعدم حجّيتها) أي : بعدم حجّية الشّهرة.

وعليه : (فيكشف ذلك) أي : عدم حصول القطع من دليل الانسداد بحجّية الأولوية (عن دخول الظّن المانع) أي : الظّن بالشهرة (تحت دليل الانسداد) فلا يبقى الظّن الممنوع تحت دليل الانسداد.

فان هذه الدعوى (معارضة ، بأنّا لا نجد من أنفسنا القطع بعدم تحقّق الامتثال بسلوك الطّريق الممنوع) فانّا إذا سلكنا الأولوية الدالّة على فرع من الفروع ، لا نجد من أنفسنا القطع بخلاف هذا الحكم عند الشارع (فلو كان الظّن المانع داخلا ، لحصل القطع بذلك) أي : بعدم تحقّق الامتثال بسلوك الطّريق الممنوع.

وتوضيح هذا الاشكال والجواب على لفظ الأوثق : «انّ الظّن المانع والممنوع ظنّان تمانعا في الاندراج تحت دليل الانسداد ، إذ القطع بدخول احدهما مستلزم للقطع بخروج الآخر ، غاية الأمر : انّ المنع من جانب المانع من جهة كون مؤداه عدم حجّية الممنوع ، ومن جانب الممنوع إنّما هو بالملازمة دون المطابقة ، فكما أنّ المانع دليل على عدم حصول الامتثال للممنوع ، كذلك الحال في الممنوع ،

٣٨١

وحلّ ذلك : أنّ الظنّ بعدم اعتبار الممنوع إنّما هو مع قطع النظر عن ملاحظة دليل الانسداد ولا نسلّم بقاء الظنّ بعد ملاحظته.

ثمّ إنّ الدليل العقليّ

______________________________________________________

ومجرّد كون ذلك في أحدهما بالمطابقة وفي الآخر بالملازمة لا يجدي في المقام» (١).

أقول : وذلك لأنّه قد تقدّم منّا في هذا الشرح : انّ التناقض كما يحصل بين شيئين ، يحصل بين لازميهما ، وبين كل واحد منهما ولازم الآخر ، فيكون مصداق التناقض في أربعة موارد على النحو التالي : مثلا : إذا كان لازم الضياء الحرارة ، ولازم الظلام البرودة ، وكان بين الضياء والظلام تناقضا ، فانّه يكون من صور التناقض أيضا : التناقض بين الضياء والبرودة ، وبين الظلام والحرارة وبين الحرارة والبرودة.

(وحلّ ذلك) أي : الجواب الحلي عن انّه كيف يمكن رفع التدافع بين الظنّ المانع والممنوع؟ (انّ الظّن بعدم اعتبار الممنوع ، إنّما هو مع قطع النّظر عن ملاحظة دليل الانسداد) أي : لو لم يكن دليل الانسداد موجودا ، لكنّا نظنّ بعدم اعتبار الظنّ الممنوع (ولا نسلّم بقاء الظّنّ بعد ملاحظته) لأنّ دليل الانسداد يجعل الممنوع حجّة.

(ثمّ إنّ الدّليل العقلي) وهو الانسداد على الحكومة ، ولا يخفى : انّ هذا تتميم للردّ على القول المذكور ، وليس ردا جديدا ، وحاصله : انّ تحكيم أحد الدّليلين وارتكاب التأويل في الآخر بالتخصّص دون التخصيص ، فرض تعارضهما

__________________

(١) ـ أوثق الوسائل : ص ٢٣٣ الظن المانع والممنوع.

٣٨٢

يفيد القطع بثبوت الحكم بالنسبة الى جميع أفراد موضوعه.

فاذا تنافى دخول فردين فامّا أن يكشف عن فساد ذلك الدّليل ، وامّا أن يجب طرحهما ، لعدم حصول القطع من ذلك الدليل العقليّ بشيء منهما ، وأمّا أن يحصل القطع بدخول أحدهما فيقطع بخروج الآخر ، فلا معنى للتردد بينهما

______________________________________________________

وإجمالهما بالنسبة الى مورد التعارض ولو في بادئ النظر ، وهذا إنّما يجري في الاحكام اللفظية دون العقلية.

وعليه : فالانسداد على الحكومة الذي هو دليل عقلي (يفيد القطع بثبوت الحكم) أي : حجّية الظنّ (بالنسبة الى جميع أفراد موضوعه) أي : الظّنّ ، فان العقل حاكم بأنّ كلّ ظنّ حجّة ، فيشمل الظنّ المانع والظّن الممنوع شمولا ابتدائيا.

(فاذا تنافي دخول فردين) كما عرفت من أنّ الظّنّ المانع يمنع دخول الممنوع ، والظّن الممنوع يمنع دخول المانع ، للتضاد بينهما (فامّا أن يكشف عن فساد ذلك الدّليل) وانّ دليل الانسداد ليس بحجّة ، إذ كيف يمكن أن يكون حجّة وهو يشمل فردين متضادين؟.

(وأمّا أن يجب طرحهما) أي : طرح المانع والممنوع ، (لعدم حصول القطع من ذلك الدّليل العقلي بشيء منهما) إذ كيف يمكن القطع بالمتضادين؟.

(وأمّا أن يحصل القطع بدخول أحدهما ، فيقطع بخروج الآخر) فإذا كان الظّن المانع حجّة فالممنوع خارج ، وإذا كان الظّن الممنوع حجّة فالظّن المانع خارج (فلا معنى للتردد بينهما) لأنّ الدليل العقلي لبّي لا لفظي حتى يتصور التردد بين فرديه.

٣٨٣

وحكومة أحدهما على الآخر.

فما مثلنا به المقام ، من استصحاب طهارة الماء واستصحاب نجاسة الثوب ، ممّا لا وجه له ، لأنّ مرجع تقديم الاستصحاب الأوّل إلى تقديم التخصّص على التخصيص ، ويكون أحدهما دليلا رافعا لليقين السابق ، بخلاف الآخر ،

______________________________________________________

مثلا : إذا قال المولى : أكرم زيدا ، وتردد زيد بين أن يكون ابن عمرو ، أو ابن بكر ، صحّ التردد في موضوع الاكرام ، وكذلك لو تردد الاكرام بين الضيافة أو إهداء هدية ، أمّا ان يتردد العقل بين أنّ الاحسان الى زيد حسن أو قبيح ـ مثلا ـ فهذا لا يعقل لما تقدّم سابقا : من انّ العقل لا يتردد في أحكامه ولا في مواضيع تلك الأحكام.

(و) على هذا : فلا تردد في (حكومة أحدهما على الآخر) ، حتى لا نعلم هل أنّ المانع مقدّم على الممنوع ، أو الممنوع مقدّم على المانع؟.

إذن : (فما مثلنا به المقام) والمقام هو : المانع والممنوع ، والمثال ما ذكره بقوله : (من استصحاب طهارة الماء ، واستصحاب نجاسة الثّوب ، ممّا لا وجه له) لأنّ الاستصحاب بالدّليل اللفظي والانسداد على المفروض دليل لبّي عقلي ـ كما عرفت ـ.

وإنّما لم يكن وجه للمثال (لأنّ مرجع تقديم الاستصحاب الأوّل) أي : استصحاب طهارة الماء على استصحاب نجاسة الثوب (الى تقديم التخصّص على التخصيص) على ما سبق قبل أسطر (ويكون أحدهما) وهو استصحاب طهارة الماء (دليلا رافعا لليقين السّابق) بنجاسة الثوب (بخلاف الآخر) فلا ترفع نجاسة الثوب طهارة الماء.

٣٨٤

فالعمل بالأوّل تخصّص وبالثاني تخصيص ، ومرجعه ـ كما تقرّر في مسألة تعارض الاستصحابين ـ إلى وجوب العمل بالعامّ تعبّدا إلى أن يحصل الدليل على التخصيص.

إلّا أن يقال : إنّ القطع بحجّية المانع عين القطع بعدم حجّية الممنوع ، لأنّ معنى حجّية كلّ شيء وجوب الأخذ بمؤدّاه ،

______________________________________________________

وعليه : (فالعمل بالأوّل : تخصّص ، وبالثّاني : تخصيص ، ومرجعه) أي : مرجع تخصيص الاستصحاب الحاكم استصحاب المحكوم (كما تقرّر في مسألة تعارض الاستصحابين) الّذين أحدهما سببي والآخر مسبّبي (الى وجوب العمل بالعام تعبّدا الى أن يحصل الدّليل على التخصيص) فيكون قوله عليه‌السلام : «لا تنقض اليقين بالشّك» (١) واجب العمل به في مسألة طهارة الماء حتى يحصل مخصّص لهذا العام ، وحيث لا يوجد مخصّص فهو نافذ ، وإذا كان طهارة الماء مستصحبة لم يبق مجال لبقاء نجاسة الثوب.

وحيث انّ المصنّف قال قبل أسطر «ودعوى انّ بقاء الظّن من الشهرة معارضة بأنّا لا نجد من أنفسنا ...» فقد جعل بذلك التعارض بين الظّنين : المانع والممنوع ، وهنا أراد أن يبيّن أنّه لا تعارض ، وانّ الظّنّ المانع مقدّم على الظّن الممنوع بقوله :

(إلّا أن يقال : إنّ القطع بحجّية المانع ، عين القطع بعدم حجّية الممنوع ، لأنّ معنى حجّية كلّ شيء : وجوب الأخذ بمؤدّاه) ومعنى الأخذ بمؤدّى المانع : انّه

__________________

(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٣ ص ٣٥١ ح ٣ ، تهذيب الأحكام : ج ٢ ص ١٨٦ ب ٢٣ ح ٢١ ، الاستبصار : ج ١ ص ٣٧٣ ب ٢١٦ ح ٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٨ ص ٢١٧ ب ١٠ ح ١٠٤٦٢.

٣٨٥

لكنّ القطع بحجّية الممنوع التي هي نقيض مؤدّى المانع مستلزم للقطع بعدم حجّية المانع.

فدخول المانع لا يستلزم خروج الممنوع ، وإنّما هو عين خروجه ، فلا ترجيح ولا تخصيص ، بخلاف دخول الممنوع ، فانّه يستلزم خروج المانع ، فيصير ترجيحا من غير مرجّح ، فافهم.

______________________________________________________

لا مجال للممنوع (لكن القطع بحجّية الممنوع التي هي نقيض مؤدّى المانع) لأنّ الممنوع لو كان حجّة لم يكن المانع حجّة (مستلزم للقطع بعدم حجّية المانع) فمن أحد الطرفين عينه ، ومن الطرف الآخر مستلزم له.

وعليه : (فدخول المانع لا يستلزم خروج الممنوع وانّما هو) أي : دخول المانع (عين خروجه) أي : خروج الممنوع (فلا ترجيح ولا تخصيص) لأنّه بمجرد دخول المانع كان المعنى : عدم دخول الممنوع.

هذا (بخلاف دخول الممنوع ، فانّه يستلزم خروج المانع فيصير) دخول الممنوع (ترجيحا من غير مرجّح) إذ يقال : انّه لما ذا دخل الممنوع ولم يدخل المانع؟.

(فافهم) ولعلّه إشارة الى أنّ معنى حجّية المانع : هو وجوب الأخذ بمؤدّى المانع ، وهو ليس عين عدم حجيّة الممنوع ، بل كل شيء عين نفسه لا عين عدم ضده.

وبذلك يظهر : انّ دخول كل واحد من المانع والممنوع تحت دليل الانسداد مستلزم لخروج الآخر ، لا أنّ أحدهما عين خروج الآخر ، فلا يصح ما ذكره بقوله : «إلّا أن يقال».

ثم حيث لم يتحقق إلى الآن تقديم المانع أو تقديم الممنوع.

٣٨٦

والأولى أن يقال : إنّ الظنّ بعدم حجّية الأمارة الممنوعة لا يجوز ـ كما عرفت سابقا في «الوجه السادس» ـ أن يكون من باب الطريقيّة ، بل لا بدّ أن يكون من جهة اشتمال الظنّ الممنوع على مفسدة غالبة على مصلحة إدراك الواقع.

وحينئذ : فاذا ظنّ بعدم اعتبار ظنّ فقد ظنّ بإدراك الواقع ، لكن مع الظنّ بترتّب مفسدة غالبة ، فيدور الأمر بين المصلحة

______________________________________________________

(والأولى :) أن نفصّل : بانّه ربّما يقدّم هذا ، وربّما يقدّم ذاك ، وربّما يتساقط المانع والممنوع كلاهما ويكون المرجع هو الاصول العمليّة ، وذلك (أن يقال : إنّ الظّن بعدم حجّية الأمارة الممنوعة لا يجوز ـ كما عرفت سابقا في الوجه السادس ـ أن يكون من باب الطّريقيّة) قوله : «أن يكون» ، فاعل قوله : «لا يجوز» أي : لا يجوز أن يكون من باب الطّريقيّة ، بمعنى : انّه حيث لا يكون الممنوع طريقا لم يكن حجّة.

(بل لا بدّ أن يكون من جهة اشتمال الظّن الممنوع على مفسدة غالبة على مصلحة إدراك الواقع) فالظّن المانع والظّنّ الممنوع كلاهما كثير المطابقة للواقع ، إلّا أن الظّنّ الممنوع فيه مفسدة غالبة ، كما ذكرنا ذلك في منع القياس : في أنّ القياس أيضا يطابق الواقع كثيرا إلّا أنّ فيه مفسدة غالبة.

(وحينئذ) أي : حين كان الظّن الممنوع إنّما منع عنه لجهة اشتماله على مفسدة غالبة (فاذا ظنّ بعدم اعتبار ظنّ ، فقد ظنّ بإدراك الواقع) أي : إدراك الواقع بسبب الظّن الممنوع.

(لكن مع الظّنّ) بإدراك الواقع يظنّ أيضا (بترتّب مفسدة غالبة) وهذا الظّن بترتب المفسدة الغالبة إنّما جاء بملاحظة الظّنّ المانع (فيدور الأمر بين المصلحة

٣٨٧

المظنونة والمفسدة المظنونة ، فلا بدّ من الرجوع إلى الأقوى.

فإذا ظنّ بالشهرة نهي الشارع من العمل بالأولويّة ، فيلاحظ مرتبة هذا الظنّ ، فكلّ أولويّة في المسألة كان أقوى مرتبة من ذلك الظنّ الحاصل من الشهرة اخذ به ، وكلّ أولويّة كان أضعف منه وجب طرحه.

وإذا لم يتحقق الترجيح بالقوة حكم بالتساقط ، لعدم استقلال العقل بشيء منهما حينئذ.

______________________________________________________

المظنونة والمفسدة المظنونة) أي : هل المقدّم الظّن المانع ، لأنّ في الممنوع مفسدة ، أو المقدّم الظّن الممنوع ، لأن الممنوع أيضا يفرض مطابقته للواقع ـ كما يفرض مطابقة الظّن المانع للواقع ـ؟ وحيث دار الأمر بين الظنّين المانع والممنوع (فلا بدّ من الرّجوع الى الأقوى) منهما.

(فاذا ظنّ بالشّهرة نهي الشّارع من العمل بالأولويّة) بأن كان الظّنّ المانع ناشئا من الشّهرة ، والظّن الممنوع هو عبارة عن العمل بالأولية ، (فيلاحظ مرتبة هذا الظّن) الناشئ من الشّهرة (فكلّ أولوية في المسألة كان أقوى مرتبة من ذلك الظّن الحاصل من الشّهرة أخذ به) أي الظّنّ الذي هو ناشئ من الأولوية (وكلّ أولوية كان أضعف منه) أي : من الظّن الناشئ من الشهرة (وجب طرحه) أي : طرح ذلك الظّن الحاصل من الأولية.

(وإذا لم يتحقّق الترجيح بالقوّة) في أحد الظنين المانع والممنوع (حكم بالتّساقط) والرّجوع في المسألة بالأصل الموجود في تلك المسألة وذلك (لعدم استقلال العقل بشيء منهما حينئذ) أي : من المانع والممنوع حين لم يكن أحدهما أقوى من الآخر.

٣٨٨

هذا ، إذا لم يكن العمل بالظنّ المانع سليما عن محذور ترك العمل بالظنّ الممنوع ، كما إذا خالف الظنّ الممنوع الاحتياط اللازم في المسألة ، وإلّا تعيّن العمل به ، لعدم التعارض.

______________________________________________________

و (هذا) الّذي ذكرناه : من تقديم أقوى الظنين (إذا لم يكن العمل بالظّنّ المانع ، سليما عن محذور ترك العمل بالظنّ الممنوع ، كما إذا خالف الظّن الممنوع الاحتياط اللازم في المسألة وإلّا) بأن كان الظّنّ المانع سليما (تعيّن العمل به) أي : بالمانع (لعدم التعارض) فانّ المانع والممنوع كليهما يحكمان على طبق الأصل ويمكن الأخذ بمقتضاهما فلا تعارض في البين.

وتوضيح ذلك بلفظ الأوثق : «انّ الظّنّ الممنوع تارة يكون موافقا للاحتياط اللازم في خصوص المسألة ، كما إذا تعلق بوجوب السورة على القول بوجوب الاحتياط عند الشك في الأجزاء والشرائط ، واخرى يكون مخالفا للاحتياط في المسألة ، كما إذا تعلّق بعدم وجوبها ، وأثر وجوب الأخذ بأقوى الظنين إنّما يظهر على الثاني ، دون الأوّل.

إذ على الأوّل : يتعين الاتيان بالسورة سواء قلنا بوجوب الأخذ بالمانع والرجوع في مورد الممنوع الى الاصول ، أو بوجوب الأخذ بالممنوع بخلافه على الثاني ، إذ مع الأخذ بالمانع حينئذ والرجوع في مورد الممنوع الى الاصول يجب الاتيان بالسورة لاجل قاعدة الاحتياط ، ومع الأخذ بالممنوع لا يجوز تركها في الصلاة لأنّ المفروض : انّ مؤدّى الظنّ الممنوع» (١) انتهى.

__________________

(١) ـ أوثق الوسائل : ص ٢٣٤ الظن المانع والممنوع.

٣٨٩

الأمر الثالث

أنّه لا فرق في نتيجة مقدّمات دليل الانسداد بين الظنّ الحاصل أوّلا من الأمارة بالحكم الفرعيّ الكلّي كالشهرة أو نقل الاجماع على حكم ، وبين الحاصل به من أمارة متعلّقة بألفاظ الدليل.

كأن يحصل الظنّ ، من قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً ،) بجواز التيمّم بالحجر مع وجود التراب الخالص ،

______________________________________________________

الأمر الثالث

(الأمر الثالث) من تنبيهات الانسداد : (إنّه لا فرق في نتيجة مقدّمات دليل الانسداد) بين الظّن بالحكم ، أو الظنّ بالموضوع ، أو الظّن بمتعلقات أحدهما ، فكلّ ظنّ ينتهي الى الحكم الفرعي يكون حجّة بدليل الانسداد.

وعليه : فلا فرق (بين الظّنّ الحاصل أوّلا من الأمارة بالحكم الفرعي الكلّي كالشهرة ، أو نقل الاجماع على حكم) فاذا قامت الشّهرة على حكم ، أو قام الاجماع على حكم ، فذلك الحكم هو وظيفة المكلّف في حال الانسداد ، لأن الشّهرة ، والاجماع المنقول يسببان الظنّ في الحكم الفرعي.

(وبين) الظّن (الحاصل به) أي : بالحكم الفرعي (من أمارة متعلقة بألفاظ الدّليل) بأن عيّنت تلك الأمارة معنى لفظ ، سواء كان اللّفظ في الموضوع أو في الحكم.

(كأن يحصل الظّن من قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً) (١) بجواز التّيمّم بالحجر مع وجود التّراب الخالص) فيظنّ بأن الصعيد مطلق وجه الأرض الشامل للحجر أيضا.

__________________

(١) ـ سورة النساء : الآية ٤٣.

٣٩٠

بسبب قول جماعة من أهل اللغة : «إنّ الصعيد هو مطلق وجه الأرض».

ثم الظنّ المتعلّق بالألفاظ على قسمين ذكرناهما في بحث حجّية الظواهر.

أحدهما : ما يتعلّق بتشخيص الظواهر ، مثل الظنّ من الشهرة بثبوت الحقائق الشرعيّة ، وبأنّ الأمر ظاهر في الوجوب لأجل الوضع ، وإنّ الأمر عقيب الحظر ظاهر في الاباحة الخاصّة

______________________________________________________

وإنّما يحصل هذا الظّنّ (بسبب قول جماعة من أهل اللّغة : انّ الصّعيد هو مطلق وجه الأرض) لا خصوص التراب فلا فرق في الحجّية بين أن يظنّ ابتداء بجواز التيمم بالحجر ، أو يظنّ بأنّ الصعيد في الآية يشمل الحجر أيضا ممّا نتيجته جواز التّيمم بالحجر.

(ثمّ الظّنّ المتعلّق بالألفاظ على قسمين ، ذكرناهما في بحث حجّية الظّواهر) في أول الكتاب :

(أحدهما : ما يتعلّق بتشخيص الظواهر) وأنّه هل هذا ظاهر أو ليس بظاهر؟ فاذا ظنّ بأنّه ظاهر كفى في الاعتماد عليه.

وذلك (مثل الظّنّ من الشهرة بثبوت الحقائق الشرعيّة) فالصلاة التي يقولها الشارع ، يراد بها : الأركان المخصوصة ، لا الدّعاء ، وكذلك الصوم يراد به الكفّ المخصوص ، لا مطلق الكفّ ، وهكذا.

(وبأنّ الأمر ظاهر في الوجوب لأجل الوضع) سواء وضعا تعيينيا أم تعيّنيا ـ كما حقق في ذلك المبحث ـ فليس الأمر يراد به الاستحباب ، ولا انّه مجمل بين الوجوب والاستحباب ، الى غير ذلك.

(وإنّ الأمر عقيب الحظر ظاهر في الاباحة الخاصّة) والمراد بالاباحة الخاصة :

٣٩١

أو في مجرّد رفع الحظر ، وهكذا.

والثاني : ما يتعلّق بتشخيص إرادة الظواهر وعدمها ، كأن يحصل الظنّ بإرادة المعنى المجازي أو أحد معاني المشترك لأجل تفسير الرّاوي مثلا أو من جهة كون مذهبه مخالفا لظاهر الرّواية.

______________________________________________________

الاباحة التي هي أحد الأحكام الخمسة (أو في مجرّد رفع الحظر) ممّا يمكن أن يكون واجبا ، أو مستحبا ، أو مكروها ، أو مباحا.

(وهكذا) بالنسبة الى الظنون المتعلّقة بتشخيص الظواهر.

(والثّاني : ما يتعلّق بتشخيص إرادة الظواهر وعدمها) وانّه هل المولى أراد الظاهر ، أو أراد غير الظاهر؟ (كأن يحصل الظّنّ بإرادة المعنى المجازي ، أو أحد معاني المشترك).

وإنّما يحصل هذا الظّنّ (لأجل تفسير الرّاوي ـ مثلا ـ) فالرّاوي يفسّر قوله عليه‌السلام «زيارة الحسين عليه‌السلام واجبة» على : تأكد الاستحباب ، مع أنّ الواجب ظاهر في المانع من النقيض ، فتفسير الرّاوي للفظ ، حمل له على معناه المجازي.

أو يفسّر الرّطل في رواية الكرّ على : الرّطل المدني لا الرّطل العراقي ، فالرّاوي حمل اللفظ المشترك في كلام الامام عليه‌السلام على أحد معنييه.

(أو من جهة كون مذهبه مخالفا لظاهر الرّواية) قوله : «أو» ، عطف على قوله :

«لأجل» ، فإنّ بعض الفقهاء يحملون ظاهر بعض الرّوايات على خلاف ظاهرها ، لأنّ مذهبهم على خلاف ظاهرها ، وحيث لا يجدون مساغا لطرح الرّواية يضطرون الى حمل الرّواية على خلاف ظاهرها.

مثلا : قول الامام عليه‌السلام : انزح للنجاسة الفلانية كذا دلوا من البئر ، فيحمل الفقيه لفظ : «انزح» على الاستحباب لا الوجوب ، لأن مذهبه استحباب المنزوحات.

٣٩٢

وحاصل القسمين الظنون غير الخاصّة المتعلّقة بتشخيص الظواهر أو المرادات ، والظاهر حجّيتها عند كلّ من قال بحجّية مطلق الظنّ لأجل الانسداد.

ولا يحتاج إثبات ذلك إلى إعمال دليل الانسداد في نفس الظنون المتعلّقة بالألفاظ ، بأن يقال : إنّ العلم فيها قليل ، فلو بني الأمر على إجراء الأصل

______________________________________________________

(وحاصل القسمين الظّنون غير الخاصّة المتعلّقة بتشخيص الظّواهر أو المرادات) فانّ كل هذه الظّنون حجّة على الانسداد.

وإنّما قال : غير الخاصة ، لإخراج الظّنون الخاصّة المتعلّقة بتشخيص الظواهر : كأصالة عدم النقل ، أو لتشخيص المرادات : كأصالة عدم القرينة وأصالة عدم السهو ، والنسيان ، والخطأ ، والغلط ، ونحو ذلك.

(والظّاهر حجّيتها) أي : حجّية كل هذه الظّنون (عند كلّ من قال بحجّية مطلق الظّن لأجل الانسداد) فانّ نتيجة دليل الانسداد حجّية الظّن بقول مطلق ، إما بالمعممات على القول بالكشف أو مطلقا على القول بالحكومة ، والنتيجة : أنّ الظّن يشمل كل هذه الظّنون.

(ولا يحتاج إثبات ذلك) أي : لا يحتاج إثبات تعميم النتيجة بالنسبة الى نفس الحكم ، وبالنسبة الى ما يستنبط منه الحكم (الى إعمال دليل الانسداد في نفس الظّنون المتعلّقة بالألفاظ) فالظّنّ الانسدادي الكبير يتكفّل حجّية كل هذه الظّنون ، ولا حاجة الى انسداد صغير بخصوص الألفاظ.

وعليه : فلا حاجة (بأن يقال : إنّ العلم فيها) أي : في الظّنون غير الخاصة المتعلّقة بتشخيص الظّواهر والمرادات (قليل ، فلو بني الأمر على إجراء الأصل ،

٣٩٣

لزم كذا وكذا ، بل لو انفتح باب العلم في جميع الألفاظ إلّا في مورد واحد وجب العمل بالظنّ الحاصل بالحكم الفرعيّ من تلك الأمارات المتعلقة بمعاني الألفاظ عند انسداد باب العلم في الأحكام.

وهل يعمل بذلك الظنّ في سائر الثمرات المترتّبة على تعيين معنى اللفظ في غير مقام تعيين الحكم الشرعيّ الكلّي ، كالوصايا والأقارير والنذور؟

______________________________________________________

لزم كذا وكذا) الى سائر مقدّمات الانسداد.

(بل لو انفتح باب العلم في جميع الألفاظ إلّا في مورد واحد) بأن انسد باب العلم بالنسبة الى معنى «الصعيد» في الآية المباركة فقط ، وانّه هل يراد به مطلق وجه الأرض أو خصوص التراب؟ (وجب العمل بالظّن الحاصل بالحكم الفرعي من تلك الأمارات المتعلّقة بمعاني الألفاظ عند انسداد باب العلم في الأحكام) فانّ الانسداد الكبير يوجب حجّية مطلق الظّنّ ، ومن تلك الظّنون : الظّن بكفاية التيمم بالحجر ، حيث أنّ «الصعيد» في الظّنّ : مطلق وجه الأرض ، فهذا الفرد الخاص إنّما يكون الظّن فيه حجّة لكونه فردا للظّن الثابت اعتباره بدليل الانسداد ، لأن دليل الانسداد أعم من المتعلّق بالحكم والمتعلّق بالفاظ الموضوع ، أو بألفاظ الحكم ، الى غير ذلك من الظّنون التي كلها تنتهي إلى الحكم.

(وهل يعمل بذلك الظّن) المرتبط بتشخيص الظواهر والمرادات (في سائر الثمرات المترتبة على تعيين معنى اللّفظ في غير مقام تعيين الحكم الشّرعي الكلّي) أو لم يعمل به؟.

مثّل المصنّف لغير مقام تعيين الحكم الشّرعي الكلي بقوله : (كالوصايا ، والأقارير ، والنذور) والأوقاف ، والشروط ، والعهود ، والأيمان ، وما أشبه ذلك

٣٩٤

فيه إشكال ، والأقوى العدم ، لأنّ مرجع العمل بالظنّ فيها إلى العمل بالظنّ في الموضوعات الخارجيّة المترتّبة عليها الأحكام الجزئية الغير المحتاجة الى بيان الشارع حتّى يدخل فيما انسدّ فيه باب العلم ، وسيجيء عدم اعتبار الظنّ فيها.

______________________________________________________

من الألفاظ التي يستعملها أفراد النّاس في أغراضهم الشخصية؟.

(فيه إشكال ، والأقوى العدم) فليس الظّنّ في هذه الامور حجّة ، فإذا قال الموصي ـ مثلا ـ : أعط زيدا بعد موتي أواني ، وشككنا في انّ الآنية مطلق الظرف ، أو الظرف غير المثقوب حتى لا يشمل مثل المصفاة ونحوها؟ فانّه لا نتمكن أن نستند الى الظّن الانسدادي في تشخيص أحد المعنيين.

وإنّما لا نتمكن (لأنّ مرجع العمل بالظّن فيها) أي : في أمثال هذه الأمور كالوصايا والأقارير وغيرها (الى العمل بالظّن في الموضوعات الخارجية المترتّبة عليها) أي : على هذه الموضوعات الخارجية (الأحكام الجزئية غير المحتاجة) تلك الأحكام الجزئية (الى بيان الشّارع ، حتى يدخل فيما انسدّ فيه باب العلم) فانّ في الموضوعات يستطرق باب العرف لا باب الشرع.

وعليه : ففي المثال المذكور ، إذا لم نأخذ بالظّن الانسدادي كان اللازم ـ مثلا ـ إجراء قاعدة العدل ، فالظروف غير المثقوبة تكون لزيد حسب الوصية ، أمّا الظروف المثقوبة فانّها تقسّم بين الورثة وبين زيد ، لأنّ قاعدة العدل هي تقسيم المال المشكوك بين الطرفين.

اللهمّ إلّا أن يقال باجراء أصالة عدم الانتقال الى الموصى له ، فهي باقية في تركة الميت ويرثها الوراث.

هذا (وسيجيء عدم اعتبار الظّن فيها) أي : في الموضوعات الخارجيّة

٣٩٥

نعم ، من جعل الظنون المتعلّقة بالألفاظ من الظنون الخاصّة مطلقا لزمه الاعتبار في الأحكام والموضوعات ، وقد مرّ تضعيف هذا القول عند الكلام في الظنون الخاصّة.

وكذا لا فرق بين الظنّ الحاصل بالحكم الفرعيّ الكلّي من نفس الأمارة أو عن أمارة متعلّقة بالألفاظ ، وبين الحاصل بالحكم الفرعيّ الكليّ من الأمارة المتعلّقة بالموضوع الخارجيّ ، ككون الراوي عادلا أو مؤمنا حال الرواية ، وكون زرارة هو ابن أعين ، لا ابن لطيفة ، وكون عليّ بن الحكم

______________________________________________________

المترتبة عليها الأحكام الجزئية.

(نعم ، من جعل الظّنون المتعلّقة بالألفاظ من الظّنون الخاصة مطلقا) من غير فرق بين الأسباب والأشخاص والموارد (لزمه الاعتبار في الأحكام والموضوعات) بهذه الظّنون ، فيكون الظّن في الوصايا ، والأقارير ، والنذور ، وغيرها ، كلّها حجّة ، كما يكون الظّن في الأحكام حجّة.

(وقد مرّ تضعيف هذا القول عند الكلام في الظّنون الخاصّة) لكنّا ذكرنا هناك :

إنّ الأظهر هو الحجّية بالنسبة الى ما يراه العرف حجّة ، كالظنون الحاصلة من قول اللّغوي وما أشبه. (وكذا لا فرق بين الظّنّ الحاصل بالحكم الفرعي الكلّي من نفس الأمارة ، أو عن أمارة متعلّقة بالألفاظ) فالأول : كالظّن بجواز التيمم بالحجر ، والثاني : ككون الصعيد أعمّ من التراب أو من الحجر.

(وبين الحاصل بالحكم الفرعي الكلّي من الأمارة المتعلّقة بالموضوع الخارجي ، ككون الرّاوي عادلا أو مؤمنا حال الرّواية) فإنّه إذا كان ظنّه بأنّ الرّاوي العادل حجّة كان قوله حجّة بالنسبة إلى الأحكام التي رواها هذا الرّاوي.

(وكون) الرّاوي (زرارة هو : ابن أعين ، لا ابن لطيفة ، وكون علي بن الحكم

٣٩٦

هو الكوفيّ ، بقرينة رواية أحمد بن محمّد عنه ، فانّ جميع ذلك وإن كان ظنّا بالموضوع الخارجيّ ، إلّا أنّه لمّا كان منشئا للظنّ بالحكم الفرعيّ الكليّ الذي انسدّ فيه باب العلم عمل به من هذه الجهة ، وإن لم يعمل به من سائر الجهات المتعلقة بعدالة ذلك الرجل أو بتشخيصه عند إطلاق اسمه المشترك.

ومن هنا تبيّن أنّ الظنون الرّجاليّة معتبرة بقول مطلق

______________________________________________________

هو : الكوفي ، بقرينة رواية أحمد بن محمّد عنه) فانّ زرارة بن أعين ثقة جليل القدر ، بخلاف زرارة بن لطيفة ، فهو غير مذكور بتوثيق ولا مدح ، غير : أنّه كوفي.

وقد اختلف الرجاليون في اتحاد علي بن حكم الكوفي مع علي بن الحكم الأنباري ، والأنبار : إمّا اسم محلّة بالكوفة ، وإمّا اسم منطقة بين العراق ودمشق ، وعلى تقدير تعدد علي بن الحكم ، فأحمد بن محمد إنّما يروي عن الكوفي دون الأنباري.

ومثل ما ذكره المصنّف من الامور الثلاثة المرتبطة بالحكم ، وباللفظ ، أو بالراوي غيرها من الامور ، مثل : الظّن بجهة الصدور ، وإن الرواية صدرت تقية أم لا؟ (فانّ جميع ذلك وإن كان ظنّا بالموضوع الخارجي ، إلّا أنّه لما كان منشئا للظّن بالحكم الفرعي الكلّي الّذي انسدّ فيه باب العلم) لأن هذه الامور كلّها مرتبطة بالحكم الّذي يستنبطه الفقيه (عمل به من هذه الجهة) أي : عمل بهذا الظنّ بالموضوع الخارجي من جهة كونه في طريق الحكم (وأن لم يعمل به من سائر الجهات المتعلّقة بعدالة ذلك الرّجل ، أو بتشخيصه عند إطلاق اسمه المشترك) ؛ وذلك لأن دليل الانسداد إنّما هو بالنسبة الى الأحكام ، ولا حجيّة له بالنسبة الى غيرها ، كما عرفت مثاله بالنسبة الى الوصايا ، والأقارير ، والنذور.

(ومن هنا تبيّن : إنّ الظّنون الرجاليّة معتبرة بقول مطلق) سواء كان ظنا

٣٩٧

عند من قال بمطلق الظنّ في الأحكام ولا يحتاج إلى تعيين أنّ اعتبار أقوال أهل الرّجال من جهة دخولها في الشهادة أو في الرواية ، ولا يقتصر على أقوال أهل الخبرة ، بل يقتصر على تصحيح الغير للسند وإن كان من آحاد العلماء إذا أفاد قوله الظنّ بصدق الخبر المستلزم للظنّ بالحكم الفرعيّ الكليّ.

______________________________________________________

بالعدالة ، أو بالتمييز بين المشتركات ، أو بالارسال وعدم الارسال ، كما إذا لم يعلم هل انّ الرّاوي أرسل الرّواية أو سمعها هو؟ فظنّ الفقيه بأنّها مرسلة الى غير ذلك (عند من قال : بمطلق الظّن في الأحكام) لأنّه يرى الانسداد كصاحب القوانين.

(ولا يحتاج إلى تعيين أنّ اعتبار أقوال أهل الرّجال من جهة دخولها في الشّهادة ، أو في الرّواية) لأنّه لا يهم أن تكون أقوال الرّجال شهادة ، أو رواية ، بعد كون المناط مطلق الظّنّ ، ومطلق الظّن حاصل في المقام.

(ولا يقتصر على أقوال أهل الخبرة) بأن يكون المعدّل ، أو المزكي ، من أهل الخبرة والرجال (بل يقتصر) ويكتفي (على تصحيح الغير ، للسند وإن كان) ذلك الغير (من آحاد العلماء إذا أفاد قوله الظّن بصدق الخبر) لأنّ المعيار هو الظّن (المستلزم) ذلك الظّن بصدق الخبر (للظّن بالحكم الفرعي الكلّي) على ما عرفت : من انّ المناط هو الظّنّ بالحكم الفرعي الكلّي ، ولا يهم طريق هذا الظّنّ.

انتهى

الجزء الخامس ويليه

الجزء السادس في خلاصة

الأمر الثّالث من تنبيهات

الانسداد وله الشّكر

على ما أنعم

٣٩٨

المحتويات

تتمّة المقدّمة الثالثة : بطلان الاحتياط............................................. ٧

المقدمة الرابعة : الرجوع الى الظنّ.............................................. ٥٥

التنبيه على أمور............................................................... ٦٨

التنبيه الأوّل : عدم الفرق بين تحصيل الظنّ بالحكم............................... ٦٨

القائل بحجيّة الظنّ في كون الشيء طريقا والجواب عنه............................. ٧٢

الوجه الثاني : في لزوم الظنّ بالطريق........................................... ١٢٧

التنبيه الثاني : هل نتيجة الانسداد مهملة أم لا................................. ١٥٤

المقام الأوّل : هل حجيّة دليل الانسداد على الكشف أم الحكومة................ ١٦١

الاهمال نتيجة الكشف...................................................... ١٧١

بطلان تقرير الانسداد على الكشف.......................................... ١٧٢

المقام الثاني : هل يحكم بتعميم الظنّ من حيث الاسباب والمرتبة.................. ١٧٨

أدلة التعميم : الأول : عدم المرجح........................................... ١٧٩

مرجّحات بعض الظنون..................................................... ١٨٠

الاشكال على مرجّحات بعض الظنون........................................ ١٨٩

الثاني من طرق التعميم : عدم الكفاية لمظنون الاعتبار........................... ٢٥٢

الثالث من طرق التعميم : قاعدة الاشتغال.................................... ٢٦٣

على تقدير الحكومة لا يتصور التعميم بالنسبة للأسباب......................... ٢٧٨

المقام الثالث : خروج القياس عن حجّية الظنّ.................................. ٣٢٠

٣٩٩

الاشكال في مقامين........................................................ ٣٢٥

الأوّل : في توجيه خروج القياس عن الحجّية.................................... ٣٢٦

الثاني : الظنّ بحرمة العمل ببعض أفراد الظنّ................................... ٣٧١

التنبيه الثالث : كل ظنّ ينتهي الى الحكم الفرعي حجّة.......................... ٣٩٠

المحتويات................................................................. ٣٩٩

٤٠٠