كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ حسن حسن زاده الآملي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

قوله : او الاتصاف بالوسط. ١١١ / ٢١

اي او عند الاتصاف بالوسط.

قوله : كالفاتر. ١١٢ / ٣

وهو المتوسط بين الحرارة والبرودة.

قوله : وهو انه لا يعرض الخ. ١١٢ / ٥

هذا الدليل بأسره خلاصة ما ذكره الشيخ في إلهيات الشفاء وكذا الحكمان الآتيان (ج ٢ ط ١ ص ٤٢٥ وص ٥٥١).

قوله : وهو منفي ، ١١٢ / ٩

اي التضادّ منفيّ عنها. وقال الشارحان صاحب الشوارق والقوشجي : ان مستند هذا الحكم والحكم الآتي وهو قوله ومشروط في الانواع باتحاد الجنس ، هو الاستقراء.

قوله : لانها ليسا جنسين الخ. ١١٢ / ١١

لأنا قد نعقل الاشياء التي يطلق عليها الخير او الشر مع الذهول عن كونها خيرات او شرورا وقد تقدم آنفا توضيح ذلك تفصيلا عن الشيخ والطوسي.

قوله : ولا ينتقض بالشجاعة والتهور. ١١٢ / ١٤

بأن يقال انهما ضدّان مع كونهما تحت جنسين هما الفضيلة والرذيلة.

قوله : وجعل الجنس والفصل واحد. ١١٢ / ١٦

قد تقدم في المسألة الرابعة من هذا الفصل أيضا حيث قال : وجعلاهما واحد. ثم ان العبارة في (م ت ص) منصوبة هكذا : وجعل الجنس والفصل واحدا بالنصب والباقية بالرفع. والظاهر أن الرفع صواب.

٥٠١

قوله : كل شيء يصدر عنه امر الخ. ١١٤ / ٣

اورد عليه المحقق الشريف بأن هذا التعريف بظاهره لا يتناول غير الفاعلية اذ لا صدور من غير الفاعلية فالاولى أن تعرف بالاحتياج فيقال العلة ما يحتاج إليه امر. قال صاحب الشوارق انما قال بظاهره لإمكان تأويل الصدور الى الاحتياج كما يشعر به أيضا قوله فالاولى. ثم حمل الصدور على معنى عام حتى يجري في العلل كلّها. ثم قال لا بأس بالتعريف. لأن قوله بالانضمام يشمل العلل الثلاث أيضا ، ثم قال او يكون التعريف للفاعلية ويفهم غيرها منه بالمقايسة.

اقول الأمر الأهم في المقام هو أن يعلم أن العلة والمعلول بمعناهما المتعارف في الاذهان لا يجري على الاوّل تعالى وآياته التي هي مظاهر اسمائه التي هي شئون ذاته الصمدية التي لا جوف لها ، وأنّ التمايز بين الحق سبحانه وبين الخلق ليس تمايزا تقابليّا بل التمايز هو تميز المحيط عن المحاط بالتعين الاحاطي والشمول الاطلاقي الذي هو الوحدة بمعناها الحقيقي بل اطلاق الوحدة من باب التفخيم وهذا الاطلاق الحقيقي الاحاطي حائز للجميع ولا يشذ عن حيطته شيء فهو الكمال الحقيقي وهو سبحانه محيط بكل شيء لانه الحيّ القيّوم اي القائم لذاته والمقيم لغيره لا انه محيط على كل شيء فقط. فيجب تلطيف السرّ في معنى الصدور والتميز بين الحق والخلق وكون العلة والمعلول على النحو المعهود المتعارف في الأذهان السافلة ليس على ما ينبغي بعزّ جلاله وعظموته سبحانه وتعالى. وبالجملة يجب الوصول الى نيل التوحيد القرآني حتى يعلم ان البينونة بين العلة ومعلولها في المقام ليست عزلية بل وصفيّة بمعنى سلب السلوب والحدود والنواقص عنه تعالى حتّى يعلم أن اطلاق العلة والمعلول في المقام على ضرب من التوسع في التعبير ارفع واشمخ من المعنى المعهود.

قوله : كما في العلل التامة. ١١٤ / ١١

هكذا في النسخ الاصيلة المعتبرة على صورة الجمع ، وفي بعض النسخ جاءت الكلمة بالافراد اي العلة التامة.

قوله : والمادة والصورة جزءاه. ١١٥ / ٦

اى جزءا الاثر الذي هو معلول.

٥٠٢

قوله : بل المؤثر إن كان مختارا. ١١٥ / ١٣

وقد تقدم الكلام فيه في المسألة الرّابعة والاربعين من الفصل الأوّل.

قوله : ولا يجوز بقاء المعلول بعده. ١١٥ / ١٥

اي بعد الفاعل في قوله فالفاعل مبدأ التأثير.

وقوله : ذهب قوم غير محققين الخ. ١١٥ / ١٦

واما قول المحققين فقد تقدم في المسألة التاسعة والعشرين من الفصل الاوّل من ان علة احتياج الاثر الى مؤثره هو الامكان لا غير.

وقوله : تمثلوا في ذلك بالبناء الباقي بعد الباني ، ١١٥ / ١٧

وكذا بالابن الباقي بعد الأب وبالسخونة الباقية بعد النار وقالوا لو جاز على الباري العدم لما اضرّ عدمه بقاء العالم ، وشنع عليهم الشيخ في كتابي الاشارات والشفاء. امّا الاشارات فقد تقدم نقل كلامه منه في تلك المسألة المذكورة ، واما كلامه في الشفاء فيطلب في الثاني من سادسة الالهيات (ص ٥٢٤ ج ٢ ط ١).

قوله : ومع وحدته يتحد المعلول. ١١٦ / ٣

يعني مع وحدة الفاعل الذي هو مبدأ التّأثير يتحد المعلول ويعبّرون عنه بأن الواحد لا يصدر عنه الّا الواحد. والشيخ في الاشارات وسم هذا المطلب بالتنبيه حيث قال في الفصل الحادي عشر من خامس الاشارات : تنبيه مفهوم ان علة ما يجب عنها ـ أ ـ غير مفهوم ان علة ما بحيث يجب عنها ـ ب ـ الخ وقال المحقق الماتن في شرحه عليه : يريد بيان أن الواحد الحقيقي لا يوجب من حيث هو واحد الّا شيئا واحدا بالعدد وكان هذا الحكم قريب من الوضوح ولذلك وسم الفصل بالتنبيه وانما كثرت مدافعة الناس إياه لإغفالهم معنى الوحدة الحقيقية.

اقول : وللراقم في هذا المقام من شرحه على الاشارات تعليقة هي العمدة والاصل في بيان صدور الواحد عن المبدأ الأوّل الواحد الأحدي الصمدي سبحانه وتعالى فعليك بالغور فيها وهي ما يلي :

٥٠٣

ان هذه المسألة اي الواحد الأحدي لا يصدر عنه الّا واحد من أمّهات المسائل الفلسفية وقد تعاضد العقل والنقل فيها فانه تحقق عن الشرع اوّل ما خلق الله العقل. ثم ان لهذه المسألة الرصينة شأنا آخر أجلّ وادق مما ذكر في هذا الكتاب واترابه وقد برهن في الحكمة المتعالية والصحف العرفانية ، والوصول إلى ادراك حقيقته يحتاج الى تلطيف سرّ وتدقيق فكر وتجريد نظر. وذلك الشأن هو الفرق بين أوّل ما صدر وبين أوّل ما خلق فان أوّل ما خلق هو العقل والخلق هو التقدير فالعقل هو تعيّن تقديري من التعينات التقديرية وهذا التعين شأن من شئون الصادر الأوّل ونقش من نقوشه وكلمة من كلماته العليا وبتعبير آخر على نحو توسع في التعبير ان هذا التعين عارض على مادة الممكنات وتلك المادة هو الوجود المطلق بمعنى نفس الرحمن لا الوجود المطلق الحق الأحدي المنزه عن هذا الاطلاق. والصادر الاوّل هو الوجود المنبسط الساري في الممكنات ومنها العقل. فأوّل ما خلقه الله تعالى هو العقل ، وأما أوّل ما صدر عنه تعالى فهو الوجود المنبسط الذي هو مادة العقل ومادة جميع الممكنات.

وفي آخر نصوص الصدر القونوي : والحق سبحانه وتعالى من حيث وحدة وجوده لم يصدر عنه الّا واحد لاستحالة اظهار الواحد وايجاده من حيث كونه واحدا ما هو اكثر من واحد لكن ذلك الواحد عندنا هو الوجود العام المفاض على اعيان المكوّنات وما وجد منها وما لم يوجد مما سبق العلم بوجوده ، وهذا الوجود مشترك بين القلم الأعلى الذي هو أوّل موجود المسمّى أيضا بالعقل الاوّل وبين سائر الوجودات. الخ.

فراجع في تلك الغاية القصوى الى المرحلة السادسة من الحكمة المتعالية اعني الأسفار في العلة والمعلول ، سيما الفصل المعنون بقوله في الكشف عمّا هو البغية القصوى. وقد شرح هذا الفصل الحكيم الالهي آقا علي المدرس في بدائع الحكم (ص ١٨٤) ، وهكذا الى الأسفار (ج ١ ص ١٩٣ ط ١) والى المقام الخامس من مصباح الانس لابن الفناري في شرح مفتاح الغيب (ص ٦٩ ط ١) ورسالتنا الفارسية الموسومة بوحدت از ديدگاه عارف وحكيم تجديك في المقام جدّا والله سبحانه وليّ التوفيق.

قوله : المؤثر إن كان مختارا. ١١٦ / ٤

المؤثر الأوّل سبحانه وتعالى مختار باتفاق المتألّهين في التوحيد ، والفاعل الموجب هو المبدأ الطبيعي اعني الاصول الازلية المادية التي هي اجزاء لا تتجزى وجواهر فردة على ما ذهب إليه

٥٠٤

القائلون بها في تكوّن صورة العالم.

ولم يتفوّه حكيم إلهي بأن الواجب سبحانه فاعل موجب ، كما لم يذهب الى جواز صدور الكثرة عن الواحد بالوحدة الحقة الحقيقية لبراءته عن الحيثيات الكثيرة ، ومع ذلك كلّه يقول بسيط الحقيقة كلّ الاشياء فافهم.

قوله : فان كانت النسبتان جزئيه. ١١٦ / ٦

كلمة جزئيه على التثنية المضافة الى الضمير.

قوله : وهي عندي ضعيفة الخ. ١١٦ / ٧

كذا قال ـ رحمه‌الله ـ في كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد للمصنّف قدّس سره حيث قال الخواجة : ويكون مقدوره عند الحكماء بلا توسط شيئا واحدا والباقي بتوسط ، قال الشارح : أقول : ذهب الاوائل الى أن الله تعالى يفعل بذاته لا بتوسط شيء آخر واحدا لا ازيد والباقي بتوسط ذلك الصادر عنه لانه تعالى واحد من كلّ جهة والواحد من كل جهة لا يصدر عنه شيئان لأن مفهوم صدور الاوّل عنه مغاير لمفهوم صدور الثاني. وهذان المفهومان ان كانا مقوّمين لزم تركيب واجب الوجود فلا يكون واجبا ، وكذا ان كان احدهما داخلا. وان كانا خارجين كان مفهوم صدور احدهما عنه غير مفهوم صدور الآخر ويتسلسل.

ثم قال ردا عليهم : وهذا الكلام في غاية السقوط لأن مفهوم الصدور اعتباري لا تحقق له في الخارج وإلّا لزم التسلسل ويلزم امتناع اتصاف البسيط باكثر من واحد لان مفهوم اتصافه بأحد الشيئين مغاير لمفهوم اتصافه بالآخر وامتناع سلب شيئين عن واحد (ص ٤٤ ط ١).

وكذا في كتابه المسمى نهج المسترشدين الذي شرحه الفاضل المقداد وسمّى ذلك الشرح ارشاد الطالبين حيث قال في النهج : ويمكن استناد معلولين الى علة بسيطة الى آخر ما قال. والفاضل المقداد بعد ما نقل مذهب الحكماء قال على مذهب العلامة : والجواب ـ يعنى الجواب عن الحكماء ـ من وجهين : الاوّل من حيث النقض وهو انّا نمنع القسمة وحصرها فان ذلك انما يتم على تقدير كون الصدورين موجودين في الخارج فيقال فيهما إما أن يكونا داخلين أو خارجين ـ الى آخر الكلام. وأما إذا كانا مفهومين ذهنيين لا تحقق لهما في الخارج فانّا نختار حينئذ انهما خارجان ولا يلزم التسلسل لعدم احتياجهما الى العلّة.

٥٠٥

ثم قال : ثم المصنّف ـ يعني صاحب النهج ـ استدل على كون الصدور أمرا اعتباريا لا وجود له في الخارج فانه لو كان موجودا في الخارج لزم التسلسل واللازم باطل فكذا الملزوم. بيان الملازمة انه لا جائز أن يكون واجبا لاستحالة تعدد الواجب ، واستحالة كونه عرضا فيكون ممكنا فيكون له صدور وننقل الكلام الى صدوره ونقول فيه كما قلنا في الأول فيلزم التسلسل.

الثاني من حيث المعارضة وهي هنا نقض اجمالي وذلك من وجهين : الأوّل انه يلزم ان لا يصدر عن ذلك البسيط شيء اصلا وذلك لانكم تسلّمون صدور أمر واحد عن تلك العلة البسيطة وحينئذ نقول ذلك الواحد له صدور فيكون مغايرا للعلّة ولذلك الواحد لكونه نسبة إليهما فاما أن يكون داخلا في العلة او خارجا فمن الاوّل يلزم التركيب ، ومن الثاني يلزم التسلسل.

الثاني انه لو صحّ ما ذكرتم لزم ان لا يسلب من الواحد اكثر من واحد ، وأن لا يتصف إلّا بشيء واحد. اما الاوّل فلأنّ سلب ـ ا ـ عن ـ ج ـ مغاير لسلب ـ ب ـ عنه لا نا نعقل احد السلبين ونغفل عن الآخر فامّا ان يكونا داخلين او خارجين الى آخره.

واما الثاني فلأنّ اتّصاف ـ ا ـ بب ، غير اتصافه بج ، وهما أيضا مغايران لما قلنا فإمّا ان يكونا داخلين او خارجين ـ الى آخر الكلام ـ ويلزم ما قلتم ، انتهى (ص ٨٦ ط ١).

اقول : ان السنخية بين الفاعل وفعله مما لا يعتريه ريب ولا يتطرق إليه شائبة دغدغة ويعبّرون عنها بالسنخية بين العلة ومعلولها وكل فعل يصدر من فاعله على جهة خاصّة فيه والّا يلزم صدور كل شيء عن كل شيء وظهور كل اثر عن كل شيء وهو كما ترى فان صدر عن فاعل اثران فلا شك ان فيه جهتين صدر كل واحد منهما عن كل واحدة منهما. وهذه الجهة هي الحيثية الواقعية المتحققة في ذات الفاعل وهو مبدأ صدور الاثر ومنشأ ظهوره والامر الاعتباري المحض الذي يفرض في الذهن فرضا بلا واقع انّى له شأنية الاصدار. فما قالوا في صدور الكثرة عن الواحد محقق في الفاعل ذي الحيثيات النفس الأمرية لا الفاعل الصمد الذي هو الاول والآخر والظاهر والباطن. وحيث علمنا وايقنا بأن نضد الكلمات الالهية على نظم أتم واحسن فلا يصدر من فاعلها القيوم إلّا واحد هو نور مرشوش ورق منشور ثم تصور بصور الكثرة غير المتناهية الاشرف فالاشرف نزولا والاخس فالاخس صعودا على وفق علمه العنائى الذي هو عين ذاته والكثرات مرايا آياته ومظاهر اسمائه وصفاته. ثم ان كلام الخواجة ليس إلّا في صدور الفعل عن فاعله واما ان كان الفاعل واجب الوجود لذاته فهو غير مصرّح في كلامه فتأمّل.

٥٠٦

قوله : ثم تعرض الكثرة. ١١٦ / ٩

اشارة الى جواب ما قاله المتكلمون من انه لو لم يصدر عن الواحد الّا الواحد لما يصدر عن المعلول الاول الّا واحد هو الثاني ، وعنه واحد هو الثالث وهلم جرّا فيكون الموجودات سلسلة واحدة طولية فكيف ظهرت الكثرات العرضية.

قوله : لأن هذه الجهات لا تصلح للتأثير. ١١٦ / ١٧

هذا الاعتراض اورده الفخر الرازي أيضا. والحق ان الفاعل في الوجود هو الحق سبحانه وتلك الجهات هي شئون ظهور آثاره. وما قالوه من ان العقل يعقل ذاته لتجرده ويعقل مبدأه فليس عقلا مبائنا وموجودا متمايزا عن فاعله سبحانه وإلّا كان الواجب واحدا بالعدد وهو سبحانه في السماء إله وفي الارض إله وقيوم لهما وله ما في السموات والأرض بالملكية الحقيقية التي يعبرون عنها بالإضافة النورية الاشراقية. نعم لو تفوه بأن الماهيات متأصلة في تحققها ، او الموجودات حقائق متمايزة متباينة لكان الاعتراض واردا ولكن الأمر ارفع من تأصلها رأسا واشمخ من تبائنها اصلا. والحكم على التوحيد الصمدي محكم غاية الاحكام.

قوله : وهذا الحكم ينعكس على نفسه. ١١٦ / ١٩

النسخ كلّها على نفسه إلا (ت) فهي : الى نفسه. يعني ان قولنا مع وحدته يتّحد المعلول ينعكس على نفسه اي مع وحدة المعلول تتّحد العلة. اي كما انه لا يصدر عن الواحد الّا الواحد كذلك لا يصدر الواحد الّا عن الواحد. واعلم ان كلا من الأصل والعكس مستدل على حياله فلا اشكال على عكسه الى نفسه في الظاهر. وهذا مثل أن يقال على مبنى الحكمة المتعالية أن كل عاقل معقول وأن كلّ معقول عاقل ، فانهما حكمان برهن كل واحد منهما في محله لا أن الحكم الثاني استفيد من العكس فيقال ان الموجبة الكلية لا تنعكس كنفسها.

لا بأس بنقل كلام كامل رصين من الماتن المحقق في الردّ على زعم الفخر الرازي تأييدا للمرام وتسديدا للحكم المبحوث عنه في الصدور في المقام قال في شرح الفصل الحادي عشر من خامس حكمة الاشارات : ان الفاضل الشارح ـ يعني به الفخر الرازي ـ عارض به دليل الحكماء بأن الواحد قد يسلب عنه اشياء كثيرة كقولنا هذا الشيء ليس بحجر وليس بشجر ، وقد يوصف بأشياء كثيرة

٥٠٧

كقولنا هذا الرجل قائم وقاعد ، وقد يقبل أشياء كثيرة كالجوهر للسواد والحركة ، ولا شك في أن مفهومات سلب تلك الاشياء عنه واتصافه بتلك الاشياء وقبوله لتلك الاشياء مختلفة ويعود التقسيم المذكور حتى يلزم أن يكون الواحد لا يسلب عنه الّا واحد ولا يوصف الّا بواحد ولا يقبل الّا واحدا.

واجاب الخواجة عنه بأن سلب الشيء عن الشيء واتصاف الشيء بالشيء وقبول الشيء للشيء امور لا تتحقق عند وجود شيء واحد لا غير فانه لا يلزم الشيء الواحد من حيث هو واحد بل يستدعي وجود اشياء فوق واحدة تتقدّمها حتى يلزم تلك الامور لتلك الاشياء باعتبارات مختلفة وصدور الاشياء الكثيرة عن الاشياء الكثيرة ليس بمحال.

بيانه ان السلب يفتقر الى ثبوت موصوف وصفة والقابلية الى قابل ومقبول او الى قابل وشيء يوجد المقبول فيه واختلاف المقبول كالسواد والحركة يفتقر الى اختلاف حال القابل فان الجسم يقبل السواد من حيث ينفعل عن غيره ويقبل الحركة من حيث يكون له حال لا يمتنع خروجه عنها. واما صدور الشيء عن الشيء امر يكفي في تحققه فرض شيء واحد هو العلة والّا لامتنع استناد جميع المعلولات الى مبدأ واحد.

لا يقال الصدور أيضا لا يتحقق إلّا بعد تحقق شيء يصدر عنه وشيء صادر ، لأنّا نقول الصدور يطلق على معنيين : احدهما امر اضافي يعرض للعلة والمعلول من حيث يكونان معا وكلامنا ليس فيه. والثاني كون العلة بحيث يصدر عنه المعلول وهو بهذا المعنى متقدم على المعلول ثم على الاضافة العارضة لهما وكلامنا فيه وهو امر واحد ان كان المعلول واحدا. وذلك الأمر قد يكون هو ذات العلة بعينها ان كانت العلة علّة لذاتها ، وقد يكون حالة تعرض لها ان كانت علة لا لذاتها بل بحسب حالة اخرى أما إذا كان المعلول فوق واحد فلا محالة يكون ذلك الأمر مختلفا ويلزم منه التكثّر في ذات العلة. انتهى. ثم ان في المقام مباحثات اخرى رأينا الذبّ عنها أجدر وان شئت فراجع الى الأسفار (ج ٧ ط ٢ ص ٢١٩).

قوله : والنسبتان من ثواني المعقولات. ١١٧ / ٦

اعلم ان صاحب الشوارق جعل قوله والنسبتان الى قوله تتكافى النسبتان مسألة ثالثة فقال : هذه المسألة في احوال العلّة مطلقا سواء كانت تامّة او غير تامّة مع معلولها :

فمنها ان العلية والمعلولية من الامور الغير المتأصلة في الخارج على ما قال والنسبتان الخ.

ومنها أن بينهما مقابلة التضايف ومنهما أنهما قد يجتمعان الخ.

٥٠٨

ومنها انهما اي العلة والمعلولة لا يتعاكسان فيهما اي في العلية والمعلولية وهذا المعنى يقال له الدور وهذه الاحكام كلّها ضرورية.

ومنها انه لا يجوز الترتيب بينهما الى غير النهاية ويقال له التسلسل وإليه اشار بقوله ولا يتراقى ، الخ.

وقد احتج على بطلانه بوجوه : الأوّل قوله لان كل واحد ، الخ والثاني برهان التطبيق الخ.

قوله : ولا يتراقى. ١١٧ / ٢٠

في نسخ (ص ، ق ، ش) : ولا يترامى ، بالميم على وضوح.

قوله : لأن كل واحد منها الخ. ١١٧ / ٢٠

قال صاحب الشوارق : هذا اشارة منه الى طريقة مخترعة له مشهورة عنه وهي أن الممكن لا يجب لذاته وما لا يجب لذاته لا يكون له وجود وما لم يكن له وجود لا يكون لغيره عنه وجود فلو كانت الموجودات بأسرها ممكنة لما كان في الوجود موجود فلا بد من واجب لذاته فقد ثبت واجب الوجود وانقطع السلسلة أيضا.

ثم قال : وهذا الطريقة حسنة حقّه مستقيمة خفيفة المئونة ومبناها على مقدمة ظاهرة جدّا وهي أن الشيء ما لم يمتنع جميع انحاء عدمه لم يجب وجوده. ثم أخذ في تقرير الطريقة ببيان مبسوط.

واقول : قوله وهذا الطريقة حسنة حقّة مستقيمة الخ تعريضات على ما في الشرح أعني كشف المراد من قوله وفي هذا الوجه عندي نظر.

ولعل وجه نظره ما قاله القوشجي في الشرح من يجوّز ذهاب سلسلة الممكنات الى غير النهاية يقول كل منها يجب بغيره ويوجد بغيره ولا ينتهي الى ما هو واجب بذاته فدعوى انه لا بد من وجود علة واجبة لذاتها مصادرة.

ثم يجب أن يعتقد او يلاحظ في هذه الوجوه من الأدلة أن سلسلة الممكنات الموجودة بالفعل معا قائمة بذاتها لا بدّ أن تنتهي الى واجب قائم لذاته مقيم لغيره اي الوجود القيوم ومع التوجّه الى هذا الاصل القويم كان النظر فيه غير مستقيم ، وتعليله بالمصادرة عليل.

قوله : باعتبار النسبتين. ١١٨ / ١٦

اي نسبة العلية ونسبة المعلولية. واعلم ان طريق هذا البرهان أن تعزل المعلول المحض من

٥٠٩

السلسلة اذا كان التسلسل في جانب العلل كما هو ظاهر هذا الشرح وصريح الشوارق والأسفار ، او العلة المحضة اذا كان التسلسل في جانب المعلولات كما ان القوشجي اقام البرهان بهذا الوجه أيضا ، ثم تجعل كلا من الآحاد التي فوقه على الاول او تحتها على الثاني متعددا باعتبار وصفي العليّة والمعلولية ، فيلزم زيادة وصف العلية على الاوّل والمعلولية على الثاني فينقطع السلسلتان. فقوله من حيث السبق اي من حيث وجوب سبق العلية على المعلولية ، او بالعكس على الوجهين المذكورين في طريق العزل وكان الكلام في تناهي معروضي العلية والمعلولية فلا تغفل.

وهذا الوجه كما افاده الشارح راجع الى الثاني وقد استخرجه المصنف من برهان التطبيق. ثم الظاهر من قول الشارح ولا يحتاج في تطابقهما الى توهم تطبيق ، انه ناظر الى كون هذا البرهان اقل مئونة من برهان التطبيق كما يستفاد من الشوارق حيث قال : وهذا البرهان اقل مئونة من برهان التطبيق لانه مستغن عن توهم تطبيق كل واحد من آحاد احدى السلسلتين بواحد من آحاد السلسلة الاخرى كما احتاج إليه برهان التطبيق وذلك لكونهما متطابقتين بلا تعمل من الوهم. وكذلك هو اتم فائدة منه لانه يجري في المتعاقبات أيضا دون برهان التطبيق.

واعلم ان العزل ان اختص بالمعلول الاخير فقط كان المراد من احدى النسبتين هي النسبة بالعلية كما في الأسفار والشوارق وكان المراد من السبق السبق بالعلية ، وان لم يختص به كان قوله احدى النسبتين جاريا على العلة والمعلول كليهما وكذلك السبق.

قوله : فان الواحد من تلك السلسلة ، ١١٨ / ٢١

دليل لحصول التعدد.

قوله : هذا وجه رابع. ١١٩ / ٩

هذا الوجه هو ما ذكره الشيخ في الفصل الثاني عشر من رابع الاشارات وقد صدّره بالتنبيه. وكذا ذكره في الفصل السادس عشر من المبدأ والمعاد ، وكلام الشارح هنا قريب مما ذكره الشيخ فيه فلا بأس بما اتى به في المبدأ والمعاد توضيحا للمراد ، قال :

فصل في انه لا يمكن أن يكون لكل ممكن الوجود علة معه ممكنة الى غير نهاية : وقبل ذلك فانا نقدّم مقدمات. فمن ذلك انه لا يمكن أن يكون في زمان واحد لكل ممكن الذات علل ممكنة الذات بلا نهاية ، وذلك لأن جميعها إمّا أن يكون موجودا معا وإمّا ان لا يكون موجودا معا.

٥١٠

فان لم يكن موجودا معا لم يكن الغير المتناهي في زمان واحد ولكن واحد قبل الآخر أو بعد الآخر وهذا لا نمنعه. واما أن يكون موجودا معا ولا واجب وجود فيها فلا يخلو إما أن تكون تلك الجملة بما هي تلك الجملة واجبة الوجود بذاتها ، او ممكنة الوجود في ذاتها. فان كانت واجبة الوجود بذاتها وكلّ واحد منها ممكن الوجود يكون الواجب الوجود يتقوم بممكنات الوجود ، هذا محال ، وأما إن كانت ممكنة الوجود بذاتها فالجملة محتاجة في الوجود الى مفيد الوجود. فامّا أن يكون خارجا منها أو داخلا فيها.

فان كان داخلا فيها فإمّا أن يكون كل واحد واجب الوجود ـ وكان كلّ واحد منها ممكن الوجود ـ هذا خلف. واما أن يكون ممكن الوجود فيكون هو علّة للجملة ولوجود نفسه لانّه أحد الجملة. وما ذاته كاف في أن يوجد ذاته ، فهو واجب الوجود ، وكان ليس واجب الوجود هذا خلف.

فبقى أن يكون خارجا عنها. ولا يجوز ان يكون علة ممكنة ، فانا جمعنا كلّ علة ممكنة الوجود في هذه الجملة ، فهي اذا خارجة عنها وواجبة الوجود بذاتها. فقد انتهت الممكنات الى علة واجبة الوجود فليس لكلّ ممكن علّة ممكنة معه. انتهي ما افاده في المبدأ والمعاد.

قوله : واما أن يكون موجودا معا الخ

هذا المطلب الجسيم كان مرادنا في قولنا آنفا من انه يجب أن يلاحظ ان سلسلة الممكنات الموجودة بالفعل معا الخ.

قوله : نسبة الامكان. ١٢٠ / ١٨

كما في (ص) وفي (م ، ق ، ش) نسبة امكان. ويأتي قوله في المسألة الاولى من الفصل الرابع من المقصد الثاني في شرح قول الماتن : «وادلّة وجوده مدخولة» على تعريف الامكان باتفاق النسخ كلها حيث يقول : لأن نسبة القبول نسبة الامكان ونسبة الفاعل نسبة الوجوب.

قوله : وتجب المخالفة بين العلة والمعلول الخ. ١٢١ / ٣

ذكره الشيخ في ثالث من سادسة إلهيات الشفاء (ص ٥٢٧ ج ٢ ط ١) قال في عنوان البحث : الفصل الثالث في مناسبة ما بين العلل الفاعلية ومعلولاتها ، فراجع.

٥١١

قوله : علة لشخصيتها ، ١٢١ / ٦

وفي (ص ق) : لتشخصها.

قوله : ويساويها لا مع ذلك. ١٢١ / ٨

اي يساوي المعلول العلة لا مع فوات شرط او حضور مانع. وقوله : والاحساس مثال لعدم التساوي عند فوات شرط او حضور مانع.

قوله : يعني به ان نسبة العلية. ١٢١ / ١٣

وبعبارة اخرى لا يجوز ما مع العلة علة والّا لزم اجتماع العلتين في مرتبة واحدة ، ولا أن يكون ما مع المعلول معلولا.

قوله : كحمرة النار. ١٢١ / ١٤

بالحاء المهملة والمعجمة كما في بعض النسخ مهملة.

قوله : قال الشيخ ابو علي بن سينا الخ ، ١٢١ / ١٥

راجع في ذلك الى شرح الماتن على الفصل الحادي والعشرين من النمط الاوّل من كتاب الاشارات قوله : يجب أن يعلم في الجملة أن الصورة الجرمية وما يصحبها ليس شيء منهما سببا لقوام الهيولى مطلقا الخ ، وكذا الى شرحه على الفصل الحادي والثلاثين من النمط السادس منه قوله هداية اذا فرضنا جسما يصدر عنه فعل الخ.

قوله : ثم قال وجود الخلاء. وعدم المحوى متقارنان. ١٢١ / ١٧

وبالعكس اي وجود المحوى وعدم الخلاء متقارنان.

قوله : اعني عدم الخلاء فيكون عدم الخلاء ، ١٢١ / ١٩

أقول وهو الصواب وما في بعض النسخ اعني وجود الخلاء فيكون وجود الخلاء ، غلط جدّا.

٥١٢

قوله : فتوهم بعضهم ، ١٢١ / ٢٠

هذا البعض هو الفخر الرازي وتفصيل كلامه في ذلك وجواب المحقق الطوسي ايّاه يطلبان في الموضعين المذكورين من الاشارات.

قوله : بخلاف العقل والفلك ، ١٢٢ / ٤

العقل هو علة المحوى في المقام فلا تغفل.

قوله : وليس الشخص من العنصريات علة الخ. ١٢٢ / ٨

وفي (ت) : لشخص منها ، بدون كلمة آخر ، وانما خصّ هذا الحكم بالعنصريات لأن الافلاك لا يجوز فيها الكثرة الافرادية فان كل نوع منها منحصر في فرده الشخصي بخلاف العنصريات لان كل نوع منها يجوز فيه تكثر الأفراد وتحققه.

قوله : وإلّا لم تتناه الأشخاص. ١٢٢ / ٨

اقول بل لم تتحقق الأشخاص رأسا لأن العلة الذاتية اذا تحققت كان معلولها معها ولا ينفك عنها ، والفرض أن معلولها أيضا من سنخ هذا الشخص فهو أيضا علة ذاتية فكون الشخص العنصري علة ينجر حكمه الى كونه مقتضيا للكثرة بحسب ذاته والطبيعة التي تقتضي ذاته الكثرة محال أن يوجد له فرد في الخارج وكأنّ مراده من قوله والّا لم تتناه الأشخاص كان هذا المعنى الذي اشرنا إليه فتدبّر. على أنّ في كون الشخص العنصري علة ذاتية لشخص آخر مفاسد اخرى.

قوله : وأيضا فان الشخص. ١٢٢ / ١٣

تقرير القوشجي اوضح واخصر حيث قال : ان العناصر ليس بعضها اولى بأن يكون علّة ذاتية لبعضها من غيره بل نسبة كلّها في ذلك سواء فيستغني ما فرضناه معلولا عمّا فرضناه علة بغير ذلك المفروض هذا خلف.

قوله : هذا وجه ثالث. ١٢٢ / ١٩

والوجه الثاني هو قوله : ولاستغنائه عنه بغيره وقد شرحه الشارح العلامة بقوله : وأيضا فان

٥١٣

الشخص من العناصر الخ.

قوله : لأن التقدم الذاتي ما يبقي ، ١٢٢ / ٢١

كلمة «ما» اما موصولة او موصوفة.

قوله : ولتكافئهما. ١٢٣ / ٣

قرره صاحب الشوارق هكذا : الرابع أن افراد النوع الواحد متكافئة لتماثلها فليس بعضها اولى بالعليّة من بعض وهذا معنى قوله ولتكافئهما. وكذلك القوشجي في شرحه. ولكن يرد عليهما على هذا التقرير أن كون هذا الوجه غير السابق فيه تأمل كما اورده بعض الأجلّة على الشوارق ، وأما ما قرره الشارح العلامة فلا غبار عليه ومتين غاية المتانة.

قوله : لا يصح ، ١٢٣ / ٥

كما في (م) ، والباقية : لا يصلح.

قوله : وبالعكس قد يعدم. ١٢٣ / ٨

أتى به تحقيقا لقول الماتن : لبقاء أحدهما.

قوله : ويستحيل بقاء العلة ، ١٢٣ / ٩

كما تقدم في المسألة الثالثة من هذا الفصل قوله في ذلك : ولا يجوز بقاء المعلول بعده وان جاز في المعدّ.

قوله : والفاعل منا يفتقر الى تصور جزئي. ١٢٣ / ١٣

لأن الرأي الكليّ لا ينبعث منه شيء مخصّص جزئي وراجع في ذلك الى شرحه على الفصل التاسع والعشرين من ثالث الاشارات.

قوله : ثم إرادة ، ١٢٣ / ١٣

وتسمى الإجماع أيضا وفي (م) وحدها : ثم تشوق ، مكان قوله : ثم شوق.

٥١٤

قوله : ثم حركة العضلات. ١٢٣ / ١٣

بيّن قدس سرّه حق المطلب في المقام في شرحه على الفصل الخامس والعشرين من ثالث الاشارات عند قول الشيخ واما الحركات الاختيارية فهي اشدّ نفسانية ولها مبدأ عازم مجمع ، بما هذا لفظه :

اعلم ان لهذه الحركات مبادي أربعة مترتبة ابعدها عن الحركات هو القوى المدركة وهي الخيال او الوهم في الحيوان ، والعقل العملي بتوسّطهما في الإنسان.

وتليها قوة الشوق فانها تنبعث عن القوى المدركة ، وتنشعب الى شوق نحو طلب انما ينبعث عن ادراك الملائمة في الشيء اللذيذ او النافع ادراكا مطابقا او غير مطابق وتسمّى شهوة ؛ والى شوق نحو دفع وغلبة انما تنبعث عن ادراك منافاة في الشيء المكروه او الضار وتسمّى غضبا. ومغايرة هذه القوة للقوى المدركة ظاهرة وكما ان الرئيس في القوى المدركة الحيوانية هو الوهم فالرئيس في القوى المحركة هو هذه القوة.

وتليها الاجماع وهو العزم الذي ينجزم بعد التردد في الفعل والترك وهو المسمّى بالارادة والكراهة. ويدل على مغايرته للشوق كون الانسان مريدا لتناول ما لا يشتهيه ، وكارها لتناول ما يشتهيه. وعند وجود هذا الاجماع يترجّح احد طرفي الفعل والترك اللذين تتساوى نسبتهما الى القادر عليهما.

وتليها القوى المنبثّة في مبادئ العضل المحركة للاعضاء. ويدل على مغايرتها لسائر المبادئ كون الانسان المشتاق العازم غير قادر على تحريك أعضائه ، وكون القادر على ذلك غير مشتاق ولا عازم. وهي المبادئ القريبة للحركات وفعلها تشنيج العضل وارسالها ويتساوى الفعل والترك بالنسبة إليها. انتهي.

بيان : مبادئ العضل هي الأعصاب والقوى المنبثة فيها هي المبادئ القريبة للحركات.

قوله : فحصلت الإرادة الخ. ١٢٣ / ١٩

فان قلت الانسان قد يريد ولا يشتاق كما في إرادة تناول الداء البشع ، فالجواب أن المنفي هناك الشهوة لا الشوق مطلقا فان من اعتقد النفع ينبعث من اعتقاده شوق عقلي لا محالة وان لم يسم شهوة.

٥١٥

قوله : والحركة الى مكان الخ. ١٢٤ / ١

هذا الكلام لدفع ايراد يتوهم في المقام وهو أن صدور الافعال الجزئية عن الانسان لا يتوقف على تصورات وارادات جزئية. مثلا من تصور الحركة على مسافة ينشئ إرادة متعلقة بقطع جميع المسافة من غير أن يتصور المتحرك الحدود الجزئية من المسافة حتى يتعلق بها الارادات الجزئية.

واعلم ان هذه المسألة العاشرة وشرحها خلاصة ما في آخر النمط الثالث من الاشارات وشرح الماتن عليه فراجع الى فصلي الخامس والعشرين والتاسع والعشرين منه.

قوله : ويشترط في صدق التأثير على المقارن الوضع. ١٢٤ / ١٥

كلمة على الجارة صلة للصدق. والمقارن بكسر الرّاء اي المقارن للمادة وذلك المقارن هو الصور القائمة بالمواد والأعراض الحالّة في الأجسام والمقارن مقابل المفارق في اصطلاح اهل المعقول كما سيأتي في أول المقصد الثاني. والوضع مرفوع اي يشرط الوضع. واعلم أن ما يشترط في تاثيره الوضع ، مادّي لا محالة لأن قوامه بمواد الأجسام فيؤثر أوّلا لمادّته وجرمه ثم للأقرب فالأقرب منه على وسعه ، فان النار تسخّن وتضيء على سعتها والشمس كذلك لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها. وأمّا ما ليس بمادّي فلا يشترط به وله الاحاطة كالمجردات. ثم ان المفارق اما مجرد بذاته وفعله ، او مجرد بذاته فقط الاوّل العقل والثاني النفس فالنفوس الفلكية والانسانية في النشأة الاولى ليست بغنيّة عن الأجرام والأجسام وان لم تكن ماديّة. وجملة الامر أن القوى المتعلقة بالأجسام اما محتاجة في ذاتها إليها كالقوة النارية والمائيّة مثلا ، او محتاجة إليها لا في ذاتها بل في فعلها كالنفوس مطلقا وسيأتي البحث عن الجوهر المفارق في اولى الاوّل من المقصد الثاني.

ثم كان الصواب أن يجعل المسألة الحادية عشرة واللتان بعدها مسألة واحدة.

قوله : يشترط في صدق التأثير. ١٢٤ / ١٦

تقرير الشارح هذه المسألة بأسرها ملخّص ما قرّره المصنّف في شرحه على الفصل الخامس عشر من سادس الاشارات.

قوله : التي باعتبارها. ١٢٥ / ٣

كلمة الموصول صفة للكلمات الثلاث والضمير راجع إليها.

٥١٦

قوله : او عدد تلك الاعمال ، ١٢٥ / ١٣

هذا هو الصنف الثالث الآتي ذكره.

وقوله : اما مع وحدة العمل واتصال زمانه ، ١٢٥ / ١٤

هذا هو الصنف الأوّل.

وقوله : او مع فرض الاتصال ، ١٢٥ / ١٥

هذا هو الصنف الثاني. والمراد من فرض الاتصال في العمل انه لا تعدد له اي المعتبر في هذا القسم هو امتداد الزمان فقط.

قوله : والثاني قوى يفرض صدور عمل ما منها على الاتصال. ١٢٥ / ٢١

اي من غير اعتبار وحدته وكثرته كما في الاوّل والثالث حيث اعتبر الاوّل في الاوّل والثاني في الثالث. بقى في المقام كلام وهو ان الشارح جعل التناهى عطفا على الوضع وهذا الكلام بظاهره يقتضي توقف التأثير على التناهي وفيه دغدغة كما قال الشريف : الظاهر من هذا العطف توقف تأثير القوة الجسمانيّة على التناهي كتوقفه على الوضع لكن الظاهر كما هو المفهوم من كلامهم أن التأثير متوقف على الوضع ومستلزم للتناهي.

وقال المولى اسماعيل في تعليقته على الشوارق في بيان كلامهم ومستلزم للتناهي ما هذا لفظه : اي لا يتوقف التأثير على التناهي وإلّا يلزم تحقق تناهي الأثر قبل تحقق التأثير وهو مستلزم لتحقق التأثير بعد تحقق الأثر وتحقق الأثر قبل تحقق التأثير وهو محال.

لكن صاحب الشوارق سلك سبيل الشارح العلامة فقال ما هذه خلاصة مقاله : كلّ مقارن مؤثر ما لم يعلم تناهي اثره لم يحكم بأنه مؤثر ذلك الأثر ولو كان الأثر غير متناه نجزم بأن المؤثر مجرد متعلق بذلك المقارن ثم شنع على القوم بانّهم لم يتفطنوا ما ذكره فتحيروا في العطف. ولا يخفى عليك حسن رويته وجودة دقته في بيان العطف.

قوله : يتفاوت مقابله. ١٢٦ / ٥

أي مقابل المبدأ وهو الطرف الآخر في الشرح ، فيلزم التناهي بحسب التفاوت.

٥١٧

قوله : امّا الأوّل ، ١٢٦ / ١٠

اي القسرية.

وقوله : من الحركات. ١٢٦ / ١٠

بيان لما في قوله ما لا يتناهى.

وقوله : عن القوتين. ١٢٦ / ١٠

صلة للصدور في قوله صدور ما لا يتناهى. والقوتان القسرية والطبيعية.

ثم ان قوله محال لما مر ، ناظر الى قوله : فيكون ما لا يتناهى في الشدة واقعا لا في زمان الخ ، وإلّا ما مرّ صريحا في هذا المعنى شيء غير ذكره الاصناف الثلاثة وقوله : لا يمكن وجود قوة جسمانية تقوى على ما يتناهى وهو لا يقتضي حجة له فقط دونهما.

نعم ان اللاتناهي في الشدة ظاهر البطلان ، ولذلك لم يشتغلوا بالاحتجاج عليه واقاموا الحجة على اللاتناهي بحسب المدة والعدة.

وقال صاحب الشوارق : وامّا بحسب الشدة فليس بمقصود إمّا لظهور بطلانه وإمّا لعدم فساده وذلك اذا كان يجوز انتهاء زمان الحركة في القلة الى حيث لا يمكن بالامكان الوقوعي تنصيفه وتجزيته.

أقول : والصواب هو ظهور بطلانه ، واما الشق الثاني فمجرد فرض غير معتبر ولا يتوهم احد أن تكون في الأجسام قوة جسمانية تقوى على ما لا يتناهى شدة وهذا الفرض الموهوم خارج عن البحث العلمي رأسا. ولذلك لم يقم الشيخ في الاشارات الحجة على التناهي في الشدّة وقال الخواجة في شرحه عليه بعد ذكر الاصناف الثلاثة ـ كما أتى به الشارح العلامة في هذا الكتاب ـ : وكان مراد الشيخ ما يختلف في النهاية واللانهاية بحسب المدة او العدة فقط. انتهى وانما كان مراده ما يختلف فيهما لان اللاتناهي في الشدة ظاهر البطلان.

قوله : حركات لا تتناهى. ١٢٦ / ١٢

منصوب بقوله يحرك.

٥١٨

وقوله : ثم حرّك بتلك القوة جسما اصغر الخ. ١٢٦ / ١٢

جاءت العبارة في غير واحدة من النسخ المطبوعة وغيرها هكذا : ثم حركت تلك القوة جسما اصغر ، بتأنيث الفعل وحذف الجارة وهي محرفة بلا دغدغة والصحيحة ما اخترناها. وعبارة الشيخ في الاشارات هكذا : ثم فرضنا انه يحرّك اصغر من ذلك بتلك القوة. وعبارة الخواجة في شرحه عليها هكذا : اذا حرك جسم بقوته جسما آخر من مبدأ مفروض حركات لا نهاية لها ثم فرضنا ان ذلك الجسم المحرك يحرّك جسما آخر شبيها بالجسم الاوّل في الطبيعة واصغر منه بالمقدار بتلك القوة بعينها من ذلك المبدأ المفروض الخ. ونظائر هذا التحريف في الكتاب كثيرة جدّا.

قوله : هذا خلف. ١٢٦ / ١٥

اعلم ان المصنف الماتن سلك في اقامة هذا البرهان مسلك الشيخ في الاشارات وبعد تقرير الحجة في الشرح قال : واعلم ان هذا البرهان اعمّ مأخذا ممّا استعمله الشيخ فان الحاصل منه أن القوة الغير المتناهية لو حركت بالفرض جسمين مختلفين لوجب أن يكون تحريكها إياهما متفاوتا ويلزم منه كونها متناهية بالقياس الى احدهما بعد أن فرضت غير متناهية مطلقا هذا خلف فاذن القوة الغير المتناهية سواء كانت جسمانية او غير جسمانية يمتنع أن تكون مباشرة لتحريك الاجسام بالقسر والشيخ خصّصه بالقوة الجسمانية لأن غرضه في هذا الموضع هو نفي اللانهاية عن القوى الجسمانية. انتهى.

اقول : انما كان البرهان اعمّ مأخذا لان القوة الغير المتناهية تعمّ الجسمانية وغير الجسمانية ، وقوله : سواء كانت جسمانية او غير جسمانية بيان لكونه اعم مأخذا.

قوله : وهاهنا سؤال صعب. ١٢٦ / ١٦

السائل هو الفخر الرازي في ذلك المقام ، هذا السؤال والجواب وايراد التلميذ وجواب الشيخ والايراد عليه كلّها مذكورة في شرح الماتن المحقق الطوسي على الفصل التاسع عشر من النمط السادس من الاشارات. وراجع في ذلك أيضا الى الفصل الأخير من المرحلة الثامنة من الأسفار (ج ١ ط ١ ص ٢٥٩). والسؤال كان رائجا قبل الفخر كما هو نصّ كلام الخواجة في المقام حيث قال : والاعتراض المشهور الّذي اورده الفاضل الشارح عليه بتجويز أن يكون التفاوت في التحريكين

٥١٩

بالسرعة والبطء الخ.

ثم ما قال الشارح بعد نقل كلام الماتن من الاشارات : وفيه نظر لأن اخذ القوة بحسب الاعتبارين لا ينافي وقوع التفاوت بالاعتبار الثالث ، ليس كما ينبغي لان ذلك النظر مجرد فرض غير معتبر في البحث العلمي وكما قلنا آنفا ان اللاتناهي في الشدة ظاهر البطلان ولذلك لم يشتغلوا بالاحتجاج عليه على أن الخواجة قال ان هذا الاعتراض اي السؤال الصعب مندفع لأن المراد بالقوة المذكورة هاهنا هي التي لا نهاية لها باعتبار المدة والعدة دون الشدة على ما مر. وقوله على ما مرّ ناظر الى ما قاله في الفصل الخامس عشر من النمط المذكور وقال هناك : كان مراد الشيخ في النهاية واللانهاية بحسب المدة والعدة فقط. وقيد فقط لاخراج ما بحسب الشدّة وذلك كما قلنا لشدة ظهور بطلانه ولذا لم يبحثوا عنه بنظر علمي.

قوله : ليس لها كل موجود. ١٢٦ / ٢٣

اي ليس لها مجموع موجود فكلمة كل مرفوعة على أنّها اسم ليس بمعنى المجموع ، وموجود صفة لها. وعبارة الخواجة في شرحه على الاشارات في المقام هكذا : ردّ الشيخ عليهم بأن قال لمّا لم يكن لها مجموع موجود في وقت من الاوقات.

قوله : والطبيعي. ١٢٧ / ٧

منصوب بقوله لأنّ ، معطوف على القسري.

وقوله : فإذا تحرّكا. ١٢٧ / ٧

كما في النسخ كلّها إلّا نسخة (ت) ففيها : وإذا تحرّكا.

وقوله : هذا بيان لاستحالة القسم الثاني. ١٢٧ / ٩

الخواجة قدس‌سره قرّر البرهان في شرحه على الاشارات (من الفصل ٢٠ الى ٢٣ من النمط السادس) بعد بيان تمهيد ثلاث مقدمات اتى بها الشيخ ينبغي التدبّر فيه نيلا الى المراد.

الاولى ان الجسم من حيث هو جسم لما لم يكن مقتضيا لتحريك ولا لمنع عنه بل كان ذلك لقوة تحلّه فاذن كبيره وصغيره اذا فرضنا مجردين عن تلك القوة كانا متساويين في قبول التحريك

٥٢٠