كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ حسن حسن زاده الآملي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٦

مثله بيان الملازمة أن الكافر إذا تاب عن كفره وأسلم وهو مقيم على الكذب إما أن يحكم بإسلامه وتقبل توبته عن الكفر أو لا والثاني خرق الإجماع لاتفاق المسلمين على إجراء أحكام المسلمين عليه والأول هو المطلوب وقد التزم أبو هاشم استحقاقه عقاب الكفر وعدم قبول توبته وإسلامه لكن يمنع إطلاق الاسم عليه.

المسألة الثانية عشرة

في أقسام التوبة

قال : والذنب إن كان في حقه تعالى من فعل قبيح كفى فيه الندم والعزم وفي الإخلال بالواجب اختلف حكمه من بقائه وقضائه وعدمهما وإن كان في حق آدمي استتبع إيصاله إن كان ظلما أو العزم عليه مع التعذر أو الإرشاد إن كان إضلالا وليس ذلك إجزاء.

أقول : التوبة إما أن تكون من ذنب يتعلق به تعالى خاصة أو يتعلق به حق الآدمي والأول إما أن تكون عن فعل قبيح كشرب الخمر والزنا أو إخلال بواجب كترك الصلاة والزكاة ، (فالأول) يكفي في التوبة منه الندم عليه والعزم على ترك العود إليه (وأما الثاني) فتختلف أحكامه بحسب القوانين الشرعية فمنه ما لا بد مع التوبة منه من فعله أداء كالزكاة ومنه ما يجب معه القضاء كالصلاة اليومية ومنه ما يسقطان عنه كالعيدين وهذا الأخير يكفي فيه الندم والعزم على ترك المعاودة كما في فعل القبيح وأما ما يتعلق به حق الآدمي فيجب فيه الخروج إليهم منه فإن كان أخذ مال وجب رده على مالكه أو على ورثته إن مات ولو لم يتمكن من ذلك وجب العزم عليه وكذا إن كان حد قذف وإن كان قصاصا وجب الخروج إليهم منه بأن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول فإما أن يقتلوه أو يعفوا عنه بالدية أو بدونها وإن كان في بعض الأعضاء وجب تسليم نفسه ليقتص منه في ذلك العضو إلى المستحق من المجني عليه أو الورثة وإن كان إضلالا وجب إرشاد من أضله ورجوعه عما اعتقده بسببه من الباطل إن أمكن ذلك (واعلم) أن هذه التوابع ليست أجزاء من التوبة فإن العقاب يسقط بالتوبة ثم إن قام المكلف بالتبعات كان ذلك إتماما للتوبة

٤٢١

من جهة المعنى لأن ترك التبعات لا يمنع من سقوط العقاب بالتوبة عما تاب منه بل يسقط العقاب ويكون ترك القيام بالتبعات بمنزلة ذنوب مستأنفة تلزمه التوبة منها نعم التائب إذا فعل التبعات بعد إظهار توبته كان ذلك دلالة على صدق الندم وإن لم يقم بها أمكن جعله دلالة على عدم صحة الندم.

قال : ويجب الاعتذار إلى المغتاب مع بلوغه.

أقول : المغتاب إما أن يكون قد بلغه اغتيابه أولا ويلزم على الفاعل للغيبة في الأول الاعتذار منه إليه لأنه أوصل إليه ضرر الغم فوجب عليه الاعتذار منه والندم عليه وفي الثاني لا يلزمه الاعتذار ولا الاستحلال منه لأنه لم يفعل به ألما وفي كلا القسمين يجب الندم لله تعالى لمخالفته النهي والعزم على ترك المعاودة.

قال : وفي إيجاب التفصيل مع الذكر إشكال.

أقول : ذهب قاضي القضاة إلى أن التائب إن كان عالما بذنوبه على التفصيل وجب عليه التوبة عن كل واحد منها مفصلا وإن كان يعلمها على الإجمال وجب عليه التوبة كذلك مجملا وإن كان يعلم بعضها على التفصيل وبعضها على الإجمال وجب عليه التوبة عن المفصل بالتفصيل وعن المجمل بالإجمال واستشكل المصنف ـ رحمه‌الله ـ إيجاب التفصيل مع الذكر لإمكان الإجزاء بالندم على كل قبيح وقع منه وإن لم يذكره مفصلا.

قال : وفي وجوب التجديد إشكال.

أقول : إذا تاب المكلف عن معصية ثم ذكرها هل يجب عليه تجديد التوبة قال أبو علي نعم بناء على أن المكلف القادر بقدرة لا ينفك عن الضدين إما الفعل أو الترك فعند ذكر المعصية إما أن يكون نادما عليها أو مصرا عليها والثاني قبيح فيجب الأول وقال أبو هاشم لا يجب لجواز خلو القادر بقدرة عنهما.

٤٢٢

قال : وكذا المعلول مع العلة.

أقول : إذا فعل المكلف العلة قبل وجود المعلول هل يجب عليه الندم على المعلول أو على العلة أو عليهما مثاله الرامي إذا رمى قبل الإصابة قال الشيوخ يجب الندم على الإصابة لأنها هي القبيح وقد صارت في حكم الموجود لوجوب حصوله عند حصول السبب ، وقال القاضي يجب عليه ندمان : أحدهما. على الرمي لأنه قبيح ، والثاني على كونه مولدا للقبيح ولا يجوز أن يندم على المعلول لأن الندم على القبيح إنما هو لقبحه وقبل وجوده لا قبح

قال : ووجوب سقوط العقاب بها.

أقول : المصنف ـ رحمه‌الله ـ استشكل وجوب سقوط العقاب بها (واعلم) أن الناس اتفقوا على سقوط العقاب بالتوبة واختلفوا فقالت المعتزلة إنه يجب سقوط العقاب بها وقالت المرجئة إن الله تعالى يتفضل عليه بإسقاط العقاب لا على جهة الوجوب. احتجت المعتزلة بوجهين : الأول أنه لو لم يجب إسقاط العقاب لم يحسن تكليف العاصي والتالي باطل إجماعا فالمقدم مثله ، بيان الشرطية أن التكليف إنما يحسن للتعريض للنفع وبوجود العقاب قطعا لا يحصل الثواب وبغير التوبة لا يسقط العقاب فلا يبقى للعاصي طريق إلى إسقاط العقاب عنه ويستحيل اجتماع الثواب والعقاب فيكون التكليف قبيحا. الثاني أن من أساء إلى غيره واعتذر إليه بأنواع الاعتذارات وعرف منه الإقلاع عن تلك الإساءة بالكلية فإن العقلاء يذمون المظلوم إذا ذمه بعد ذلك (والجواب عن الأول) لا نسلم انحصار سقوط العقاب في التوبة لجواز سقوطه بالعفو أو بزيادة الثواب (سلمنا) لكن نمنع عدم اجتماع الاستحقاقين لأن عقاب الفاسق عندنا منقطع (وعن الثاني) بالمنع من قبح الذم سلمنا لكن نمنع المساواة بين الشاهد والغائب وأما المرجئة فقد احتجوا بأنه لو وجب سقوط العقاب لكان إما لوجوب قبولها أو لكثرة ثوابها والقسمان باطلان أما الأول فلأن من أساء إلى غيره بأنواع الإساءات وأعظمها كقتل الأولاد ونهب الأموال ثم اعتذر إليه فإنه لا يجب قبول عذره وأما الثاني فلما بينا من إبطال التحابط.

٤٢٣

المسألة الثالثة عشرة

في باقي المباحث المتعلقة بالتوبة

قال : والعقاب يسقط بها لا بكثرة ثوابها لأنها قد تقع محبطة ولولاه لا يبقى الفرق بين التقدم والتأخر ولا اختصاص ولا تقبل في الآخرة لانتفاء الشرط.

أقول : اختلف الناس هنا فقال قوم إن التوبة تسقط العقاب بذاتها لا على معنى أنها لذاتها تؤثر في إسقاط العقاب بل على معنى أنها إذا وقعت على شروطها والصفة التي بها تؤثر في إسقاط العقاب أسقطت العقاب من غير اعتبار أمر زائد وقال آخرون إنها تسقط العقاب لكثرة ثوابها واستدل المصنف ـ رحمه‌الله ـ على الأول بوجوه : الأول أن التوبة قد تقع محبطة بغير ثواب كتوبة الخارجي من الزنا فإنه يسقط بها عقابه من الزنا ولا ثواب لها. الثاني أنه لو أسقطت العقاب بكثرة ثوابها لم يبق فرق بين تقدم التوبة على المعصية وتأخرها عنها كغيرها من الطاعات التي تسقط العقاب بكثرة ثوابها ولو صح ذلك لكان التائب عن المعاصي إذا كفر أو فسق أسقط عنه العقاب. الثالث لو أسقطت العقاب لعظم ثوابها لما اختص بها بعض الذنوب عن بعض فلم يكن إسقاطها لما هي توبة عنه بأولى من غيره لأن الثواب لا اختصاص له ببعض العقاب دون بعض (ثم) إن المصنف ـ رحمه‌الله ـ أجاب عن حجة المخالف وتقريرها أن التوبة لو أسقطت العقاب لذاتها لأسقطته في حال المعاينة في الدار الآخرة (والجواب) أنها إنما تؤثر في الإسقاط إذا وقعت على وجهها وهي أن تقع ندما على القبيح لقبحه وفي الآخرة يقع الإلجاء فلا يكون الندم للقبح

المسألة الرابعة عشرة

في عذاب القبر والميزان والصراط

قال : وعذاب القبر واقع لإمكانه وتواتر السمع بوقوعه.

أقول : نقل عن ضرار أنه أنكر عذاب القبر والإجماع على خلافه وقد استدل المصنف

٤٢٤

ـ رحمه‌الله ـ بإمكانه عقلا فإنه لا استبعاد في أن يعجل الله تعالى العقاب في دار التكليف على وجه لا يمتنع مع التكليف كما في قطع يد السارق كما قال تعالى (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا) وقال في قطاع الطريق (ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا) وقال تعالى : (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ) وحكى تعالى في كتابه إهلاك الفرق الذين كفروا به وإذا كان ممكنا والله تعالى قادر على كل ممكن وقد أخبر الله تعالى بوقوعه في قوله (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فذكر الرجوع بعد إحياءين وإنما يكون بإحياء ثالث وقال تعالى (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) فذكر موتتين إحداهما في الدنيا والأخرى في القبر وذكر إحياءين أحدهما في الدنيا والآخر في القبر ولم يذكر الثالث لأنه معلوم وقع فيه الكلام وغير الحي لا يتكلم وقيل إنما أخبروا عن الإحياءين اللذين عرفوا الله تعالى فيهما ضرورة فأحدهما في القبر والآخر في الآخرة ولهذا عقب بقوله (فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) وقال تعالى في حق آل فرعون (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) وهذا نص في الباب.

قال : وسائر السمعيات من الميزان والصراط والحساب وتطاير الكتب ممكنة دل السمع على ثبوتها فيجب التصديق بها.

أقول : أحوال القيامة من الميزان والصراط والحساب وتطاير الكتب أمور ممكنة وقد أخبر الله تعالى بوقوعها فيجب التصديق بها لكن اختلفوا في كيفية الميزان فقال شيوخ المعتزلة إنه يوضع ميزان حقيقي له كفتان يوزن به ما يتبين من حال المكلفين في ذلك الوقت لأهل الموقف إما بأن يوضع كتاب الطاعات في كفة الخير ويوضع كتاب المعاصي في كفة الشر ويجعل رجحان أحدهما دليلا على إحدى الحالتين أو بنحو من ذلك لورود الميزان سمعا والأصل في الكلام الحقيقة مع إمكانها. وقال عباد وجماعة من البصريين وآخرون من البغداديين المراد بالموازين العدل دون الحقيقة وأما الصراط فقد قيل إن في الآخرة طريقين : إحداهما إلى الجنة يهدي الله تعالى أهل الجنة إليها ، والأخرى إلى النار يهدي الله تعالى أهل النار إليها كما قال تعالى في أهل الجنة : (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ

٤٢٥

وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) وقال في أهل النار : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) وقيل إن هناك طريقا واحدا على جهنم يكلف الجميع المرور عليه ويكون أدق من الشعر واحد من السيف فأهل الجنة يمرون عليه لا يلحقهم خوف ولا غم والكفار يمرون عليه عقوبة لهم وزيادة في خوفهم فإذا بلغ كل واحد إلى مستقره من النار سقط من ذلك الصراط.

قال : والسمع دل على أن الجنة والنار مخلوقتان الآن والمعارضات متأولة.

أقول : اختلف الناس في أن الجنة والنار هل هما مخلوقتان الآن أم لا فذهب جماعة إلى الأول وهو قول أبي علي وذهب أبو هاشم والقاضي إلى أنهما غير مخلوقتين احتج الأولون بقوله تعالى (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) ، (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) ، (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) ، (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) وجنة المأوى هي دار الثواب فدل على أنها مخلوقة الآن في السماء. احتج أبو هاشم بقوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فلو كانت الجنة مخلوقة الآن لوجب هلاكها والتالي باطل لقوله تعالى (أُكُلُها دائِمٌ) والجواب دوام الأكل إشارة إلى دوام المأكول بالنوع بمعنى دوام خلق مثله وأكل الجنة يفنى بالأكل إلا أنه تعالى يخلق مثله والهلاك هو الخروج عن الانتفاع ولا ريب أن مع فناء المكلفين يخرج الجنة عن حد الانتفاع فتبقى هالكة بهذا المعنى.

المسألة الخامسة عشرة

في الأسماء والأحكام

قال : والإيمان التصديق بالقلب واللسان ولا يكفي الأول لقوله تعالى (وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) ونحوه ولا الثاني لقوله (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا).

أقول : اختلف الناس في الإيمان على وجوه كثيرة ليس هذا موضع ذكرها والذي اختاره المصنف ـ رحمه‌الله ـ أنه عبارة عن التصديق بالقلب واللسان معا ولا يكفي أحدهما فيه أما التصديق القلبي فإنه غير كاف لقوله تعالى(وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) وقوله

٤٢٦

تعالى (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) فأثبت لهم المعرفة والكفر وأما التصديق اللساني فإنه غير كاف أيضا لقوله تعالى (قالَتِ الْأَعْرابُ) آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) ولا شك في أن أولئك الأعراب صدقوا بألسنتهم.

قال : والكفر عدم الإيمان إما مع الضد أو بدونه والفسق الخروج عن طاعة الله تعالى مع الإيمان والنفاق إظهار الإيمان وإخفاء الكفر.

أقول : الكفر في اللغة هو التغطية وفي العرف الشرعي هو عدم الإيمان إما مع الضد بأن يعتقد فساد ما هو شرط في الإيمان أو بدون الضد كالشاك الخالي من الاعتقاد الصحيح والباطل. والفسق لغة الخروج مطلقا وفي الشرع عبارة عن الخروج عن طاعة الله تعالى فيما دون الكفر والنفاق في اللغة هو إظهار خلاف الباطن وفي الشرع إظهار الإيمان وإبطان الكفر.

قال : والفاسق مؤمن لوجود حده فيه.

أقول : اختلف الناس هاهنا فقالت المعتزلة إن الفاسق لا مؤمن ولا كافر وأثبتوا منزلة بين المنزلتين. وقال الحسن البصري إنه منافق. وقالت الزيدية إنه كافر نعمة. وقالت الخوارج إنه كافر. والحق ما ذهب إليه المصنف وهو مذهب الإمامية والمرجئة وأصحاب الحديث وجماعة الأشعرية والدليل عليه أن حد المؤمن وهو المصدق بقلبه ولسانه في جميع ما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم موجود فيه فيكون مؤمنا.

المسألة السادسة عشرة

في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

قال : والأمر بالمعروف الواجب واجب وكذا النهي عن المنكر ، والمندوب مندوب سمعا وإلا لزم خلاف الواقع أو الإخلال بحكمته تعالى.

٤٢٧

أقول : الأمر بالمعروف هو القول الدال على الحمل على الطاعة أو نفس الحمل على الطاعة أو إرادة وقوعها من المأمور ، والنهي عن المنكر هو المنع من فعل المعاصي أو القول المقتضي لذلك أو كراهة وقوعها وإنما قلنا ذلك للإجماع على أنهما يجبان باليد واللسان والقلب والأخير يجب مطلقا بخلاف الأولين فإنهما مشروطان بما يأتي. وهل يجبان سمعا أو عقلا اختلف الناس في ذلك فذهب قوم إلى أنهما يجبان سمعا للقرآن والسنة والإجماع وآخرون ذهبوا إلى وجوبهما عقلا واستدل المصنف على إبطال الثاني بأنهما لو وجبا عقلا لزم أحد الأمرين وهو إما خلاف الواقع أو الإخلال بحكمة الله تعالى والتالي بقسميه باطل فالمقدم مثله ، بيان الشرطية أنهما لو وجبا عقلا لوجبا على الله تعالى فإن كل واجب عقلي يجب على كل من حصل في حقه وجه الوجوب ولو وجبا عليه تعالى لكان إما فاعلا لهما فكان يلزم وقوع المعروف قطعا لأنه تعالى يحمل المكلفين عليه وانتفاء المنكر قطعا لأنه تعالى يمنع المكلفين منه وإما غير فاعل لهما فيكون مخلا بالواجب وذلك محال لما ثبت من حكمته تعالى.

قال : وشروطهما علم فاعلهما بالوجه وتجويز التأثير وانتفاء المفسدة.

أقول : شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثلاثة : الأول أن يعرف الآمر والناهي وجه الفعل فيعرف أن المعروف معروف وأن المنكر منكر وإلا لأمر بالمنكر ونهى عن المعروف. الثاني تجويز التأثير فلو عرف أن أمره ونهيه لا يؤثران لم يجبا الثالث انتفاء المفسدة فلو عرف أو غلب على ظنه حصول مفسدة له أو لبعض إخوانه في أمره ونهيه سقط وجوبهما دفعا للضرر. فهذا ما حصل لنا من شرح هذا الكتاب ونحن نسأل الله تعالى أن يجعله ذخرا لنا يوم المعاد وأن يوفقنا للرشاد بمنه وكرمه والحمد لله وحده.

٤٢٨

التعليقات

على

كشف المراد

الاستاذ

الشيخ حسن حسن زاده الآملي

٤٢٩

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله مفيض الكلم والحكم ، وصلّى الله على الاسم الأعظم سيّد ولد آدم ، وآله المصطفين على العرب والعجم.

وبعد فيقول العبد الحسن بن عبد الله الطبريّ الآملي (المدعوّ بحسن زاده آملي) : هذه نبذة من تعليقاتنا على كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد مما أفاضها ربّ ن والقلم علينا وهدانا إليها حينما قيّض لنا تدريس معانيه والتحقيق حول مبانيه وهو سبحانه وليّ التوفيق وبيده أزمّة التحقيق.

ونشير في اثنائها الى بعض ما في النسخ من اختلافات العبارات التي ينبغي أن يعتنى بها.

قوله : العامّ احسانه. صفحه ١٩ / سطر ٢

كما في (م) وفي (ص) : الغامر احسانه والظن المتاخم بالعلم في رسم خطوط النسخ أن اسلوب رسم الخط اوجب توهم تبديل العام بالغامر. وقوله : وطلب الحق بالتعيين ، وفي عدة نسخ : وطلب الحق باليقين. وقوله : سالكا جدد التّدقيق ، وفي نسخ : سالكا جدد التوفيق.

قوله : وعلى اكرم أمنائه. ٢٠ / ٦

أي على عليّ أكرم أمنائه ، ولا يعاد الجار في المعطوف على المجرور الظاهر ؛ ويؤيّده ما يوجد في بعض النسخ من التصريح باسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قوله : من تحرير مسائل الكلام. ٢٠ / ٦

كما في (ص ق د ت). والنسخ الباقية : من تجريد مسائل الكلام.

٤٣٠

واعلم أنه حكى عن مالك وأحمد بن حنبل بل الشافعي وجميع أصحاب الحديث ، النهي عن علم الكلام. وقالوا : إنّه بدعة. فكان هذا العلم في الصدر الأوّل عند المتشرّعين بمنزلة الفلسفة في العصر الأخير. وقد أفرط في ذلك كثير ممّن تأخّر كابن حزم وابن تيمية والمتعصّبين لمذهب السلف من بعده حتّى انهم ينكرون التلفّظ بمصطلحات علم الكلام كالجسم والجوهر والعرض والتحيّز والمكان وأمثال ذلك.

والحقّ أن تقييد فكر الإنسان بغلّ الجمود خلاف فطرة الله تعالى التي خلق الناس عليها. وكما لم يتوقّف النحو والعروض والأدب ، بل اصطلاح المحدّثين والقرّاء على ما كان عليه السلف بل زاد وتفنّن وتفرّق كذلك اصطلاح الكلام والاصول.

قالوا : لم يبحث السّلف عن الصفات وأنّه عين ذاته أو غيره ، ولم يتكلّموا في أنّه تعالى جسم أو جوهر أو متحيّز أو علة تامة أو ناقصة ، وليس في كلامهم هيولى وصورة ولا نفس وامثال ذلك.

نقول : كما أنّهم لم يبحثوا عن أسناد الحديث أنّه مسلسل أو مرفوع أو مقطوع أو مرسل ، ولم يتكلّموا في موانع صرف الاسم أنّها تسع ، ولم يتكلّموا في تواتر القراءات والاكتفاء بالسبع أو العشر. بل لم نر لفظ التجويد في كلام السلف ، ولا أقسام الوقف التّام والكافي. فاذا جازت زيادة الاصطلاح في ذلك جاز في الكلام والاصول. إلّا أن يقال : إنّ ذاك سهل نفهمه ، والكلام أو الاصول دقيق لا نفهمه ، فالايراد على قصور الفهم لا على المعنى. ولم نر في أمّة ولا طائفة من يجوّز أن يجتمع سفهاؤهم ويمنعوا عقلائهم عن التدبّر في امور لا يفهمونها ، ولم يوجب أحد أن يكون الكلام والفكر منحصرا فيما يفهمه جميع الناس من العامّة والخاصّة لأن في ذلك إبطالا لجميع العلوم.

ونظير ذلك الأخباريّون منّا فإنّهم يستبشعون اصطلاحات الاصول كالاستصحاب وأصل البراءة ، ولا يستبشعون المناولة والوجادة والمدابجة في اصطلاح المحدّثين مع أنّها لم تكن معهودة بين أصحاب الأئمة عليهم‌السلام. هذا ما افاده الاستاذ العلّامة الشعراني ـ قدس‌سره ـ في تعليقته على شرح الكافي للمولى صالح المازندرانى (ج ٣ ص ١٩٨ ط ١).

قوله : اكرم المسئولين ، ٢٠ / ٤

وفي (م) وحدها : اكرم مسئول ، بالافراد.

قوله : وسميته بتجريد الاعتقاد ، ٢٠ / ٨

وفي (م) : ووسمته. قد تقدم كلامنا حول التجريد في تبصرة آخر المقدمة فراجع. ثم يعاضد

٤٣١

ما حققناه هناك تسميته كتابه في المنطق بالتجريد وكلامه في اوله : وبعد فانا اردنا أن نجرّد اصول المنطق وكذا تسمية الشارح العلّامة شرحه عليه بالجوهر النضيد في شرح كتاب التجريد.

قوله : في الامور العامّة. ٢١ / ١

اي في ما لا يختصّ بقسم من اقسام الموجودات سواء كانت شاملة لجميعها كالوجود والوحدة ، او لا كالامكان الخاص والوجوب بالغير فانّ الأوّلين شاملان للواجب والجوهر والعرض ، والاخيرين للأخيرين ، وبحثها المستوفى يطلب في المطولات كالفصل الاول من اولى الاسفار.

قوله : ونقيضه. ٢٢ / ٣

اي نقيض الذي يمكن ان يخبر عنه ، وذلك النقيض هو الذي لا يمكن ان يخبر عنه. وهو تعريف للمعدوم.

وقوله : او بغير ذلك ، مثل قولهم الموجود هو الذي يكون فاعلا أو منفعلا ، او الّذي ينقسم الى الفاعل والمنفعل ، او ينقسم الى الحادث والقديم ، والمعدوم على خلافها.

قوله : اذ لا شيء أعرف من الوجود. ٢٢ / ١١

لا شيء اعرف من الوجود اذ لا معنى أعمّ منه ، والأعمّ لكون شروطه ومعانداته أقلّ ، يناسب جوهر النفس الناطقة البسيطة كما أنّ كل قوة مدركة تجانس مدركها ، وحكم المجانسة بين الغذاء والمغتذي سار في كلّ واحدة منهما. لذا قال الشيخ في إلهيات الشفاء (ج ٢ ص ٧٥ ط ١) : يشبه أن تكون الكثرة اعرف عند تخيّلنا ، والوحدة اعرف عند عقولنا. وفي الحكمة المنظومة للمتألّه السبزواريّ (ص ١٠٣) :

وسرّ أعرقية الأعمّ

سنخية لذاتك الأتمّ

ووحدة عند العقول اعرف

وكثرة عند الخيال اكشف

واعلم أن التعبير عن متن الأعيان وحقيقة الحقائق وجوهر الجواهر عسير جدّا. والتعبير عنه بالوجود تعبير عن الشيء بأخصّ اوصافه الذي هو اعمّ المفهومات ، إذ لو وجد لفظ يكون ذا مفهوم

٤٣٢

محصّل أشمل من ذلك وأبين لكان أقرب إليه وأخص به ، وكان ذلك هو الصالح لأن يعبّر به عنه. ولمّا لم يكن بين الالفاظ المتداولة لفظ احق من الوجود اذ معناه اعمّ المفهومات حيطة وشمولا وأبينها تصوّرا واقدمها تعقّلا وحصولا ، اختاروه وعبّروا به عنه.

ويعبّرون عنه بالحق أيضا فالوجود هو الحق. وان شئت قلت : الوجود من حيث هو هو هو الحق سبحانه والوجود الذهني والخارجي والاسمائي ظلاله. فالوجود هو عين كل شيء في الظهور ، ما هو عين الأشياء في ذواتها ، سبحانه وتعالى بل هو هو والأشياء أشياء فتدبّر. والخوض غير حريّ بالمقام. وينبغي هاهنا الفرق بين المفهوم والعين ، والتوجه الى عدم المناسبة بين المتناهي وغير المتناهي ، والمطلق ومقيده وإن كان كل واحد من المطلق والمقيد مرآة للآخر بوجه. فافهم.

قوله : إذ هو بمنزلة تبديل لفظ بلفظ أوضح منه. ٢٢ / ١٤

أي لا يكون تعريفا معنويا ، كما يأتي في المسألة السابعة من الفصل الثاني من هذا المقصد. والماتن والشارح ناظران في المقام الى الفصل الخامس من المقالة الاولى من إلهيات الشفاء (ج ٢ ط ١ ص ٢٧) فراجع.

قوله : والاستدلال. ٢٢ / ١٧

مبتدأ وخبره باطل وبالتنافي عليه ، اى بالتنافي بين الوجود والعدم ، وعليه صلة للتوقف كتاليه ، والضمير راجع الى الوجود اي على تصوّر الوجود.

قوله : ذكر فخر الدين. ٢٢ / ١٩

ويقال له الامام فخر الدين الرازى ، وفي تاريخ ابن خلكان هو ابو عبد الله محمد بن عمر الطبرستاني الرازي المولد الملقب فخر الدين المعروف بابن الخطيب الفقيه الشافعي له التصانيف المفيدة في علوم عديدة توفي سنة ٦٠٦ ه‍ (ج ٢ ص ٤٨ ط ١).

قوله : الثاني أن تعريف الوجود. ٢٣ / ٥

تقريره على ما في شرح المقاصد أن الوجود معلوم بحقيقته ، وحصول العلم به إما بالضرورة ، او الاكتساب. وطريق الاكتساب إما بالحدّ او الرسم. والوجود يمتنع اكتسابه أما بالحدّ فلأنه انما

٤٣٣

يكون للمركب والوجود ليس بمركب. وإلّا فأجزائه إما وجودات او غيرها.

فان كانت وجودات لزم تقدم الشيء على نفسه ومساواة الجزء للكل في تمام ماهيته وكلاهما محالان. أما الأول فظاهر. وأما الثاني فلأن الجزء داخل في ماهية الكل وليس بداخل في نفسه. وهذا اللزوم بناء على أن الوجود المطلق الذي فرض التركيب فيه ليس خارجا عن الوجودات الخاصة. بل إما نفس ماهيتها ليلزم الثاني ، أو مقوم لها ليلزم الأوّل. وإلا فيجوز أن تكون الأجزاء وجودات خاصة هي نفس الماهيات ، أو زائدة عليها والمطلق خارج عنها فلا يلزم شيء من المحالين.

وان لم تكن الأجزاء وجودات فاما أن يحصل عند اجتماعها امر زائد يكون هو الوجود ، او لا يحصل. فان لم يحصل كان الوجود محض ما ليس بوجود وهو محال. وإن حصل لم يكن التركيب في الوجود الذي هو نفس ذلك الزائد العارض بل في معروضه هف. الى أن قال :

وأما بالرسم فلما ثبت في موضعه من أنه انما يفيد بعد العلم باختصاص الخارج بالمرسوم ، وهذا متوقّف على العلم به وهو دور ، وبما عداه مفصّلا وهو محال ... الخ.

اقول : ما أتى به الشارح المذكور أولى من تقرير ما في الكتاب لأن الكلام في تركيب الوجود ليس معنونا فيه ، وان كان يستفاد منه بدقّة النظر أن البحث ينجرّ الى أن التركيب في قابل الوجود أو فاعله لا فيه.

قوله : كان التركيب في قابل الوجود أو فاعله لا فيه. ٢٣ / ٨

قابل الوجود هو الأجزاء التي هي معروضات الوجود ، والتعبير بالفاعل او القابل باعتبارين ظاهرين.

قوله لا فيه ، أي لا في الوجود لأن الوجود حينئذ هو الأمر الزائد العارض على معروضاته وهي الأجزاء. وذلك الزائد واحد ليس بمركّب.

قوله : ولا بالامور الخارجة عنه. ٢٣ / ٨

بيان لابطال الرسم ، عطف على قوله بنفسه وإلّا دار. اي ولا بالامور الخارجة عن الوجود.

قوله : عائد في كل ماهية مركبة على الاطلاق. ٢٣ / ١٧

مثلا أن يقال أجزاء البيت إما بيوت وهو محال ، واما غير بيوت وحينئذ اما أن يحصل عند

٤٣٤

اجتماعها أمر زائد هو البيت فلا يكون التركيب في البيت هف. أو لا يحصل فيكون البيت محض ما ليس ببيت.

قوله : سلمنا لكن جاز التعريف ... ٢٣ / ١٨

جواب لابطال الرسم. اي انا نختار اكتسابه بالرسم ولا ضير فيه.

قوله : إذا عرض على ذهنه ٢٣ / ١٩

وفي (م ، ص) إذا أعرض على ذهنه.

قوله : ثم يفيد غيره تصورها. ٢٣ / ٢٠

اي يفيد الناظر فالكلمتان منصوبتان على المفعولية.

قوله : على ما قدمناه. ٢٣ / ٢٢

وهو قوله جاز أن يكون التصور للمفردات ناقصا الخ.

قوله : يعطى اشتراكه ٢٤ / ٣

اي كل واحد من هذه الوجوه الثلاثة يعطي الاشتراك. وفي (ت) : يعطي الشركة ، والشرح مطابق للأول. وفي منظومة الحكيم السبزواري : يعطي اشتراكه صلوح المقسم واعلم ان جمهور المحققين من الحكماء والمتكلمين أجمعوا على ان للوجود مفهوما واحدا مشتركا بين الوجودات. ولكن خالفهم في هذا الحكم ابو الحسن الاشعري وابو الحسين البصري حيث ذهبا إلى أن وجود كل شيء عين ماهيته ، ولا اشتراك إلا في لفظ الوجود حذرا من المشابهة والسنخيّة بين العلة والمعلول.

واستدل الجمهور بوجوه ثلاثة اشار إليها المصنف. والحق أن كون الوجود مشتركا بين الماهيّات فهو قريب من الأوليات ، والقول بكون اشتراك الوجود لفظيا بمعنى أن المفهوم من الوجود المضاف الى الانسان غير مفهوم الوجود المضاف الى الفرس ولا اشتراك بينهم في مفهوم الكون أي الوجود مكابرة ومخالفة لبديهة العقل.

ثم أن توهم المشابهة والسنخيّة بين العلة والمعلول وهم لأن تلك السنخيّة كسنخية الشيء والفيء

٤٣٥

من شرائط العليّة والمعلوليّة. على أن الأمر عند النظر التام فوق التفوه بالعلية والمعلولية لأنّ الكل فيضه ، سبحان الله عما يصفون إلّا عباد الله المخلصين.

ثم القول بأن وجود كل ماهيّة عبارة عن نفس حقيقتها أخصّ من الاشتراك اللفظي لاحتمال الاشتراك أن يكون الوجود في كل ماهية امرا زائدا على الماهيّة مختصّا بها لا نفسها.

قوله : وإلّا لم ينحصر التقسيم بين السلب والايجاب. ٢٤ / ١٢

وذلك مراد من قال وإلّا ارتفع النقيضان ، وذلك لأنه لو كان احد طرفي التناقض مفهوما واحدا والطرف الآخر مفهومات متعددة كل منها نقيض للطرف الأول لأمكن خلوّ الموضوع عنهما بأن يكون واحدا آخر من تلك المفهومات. مثلا لو فرضنا أن الحمرة والصفرة نقيضان للبياض كالسواد ، لم يكن في الحمرة الصفرة والبياض وهو ارتفاع النقيضين.

قوله : فيغاير الخ ٢٤ / ٢٠

اى فيغاير الوجود الماهية ، وإلّا اتحدت الماهيات إن كان الوجود عينها ، أو لم تنحصر اجزاؤها ان كان جزء لها.

قوله : ان وجود كل ماهية نفس تلك الماهية. ٢٥ / ٢

فالماهيات بأسرها متخالفة ، وكذلك الوجود لانه عينها في كل مرتبة ، ولذا قالوا باشتراكه اللفظي حذرا من المشابهة والسنخيّة بين العلة ومعلولها ، وقد دريت ما فيه.

قوله : الثالث يلزم منه انتفاء الحقائق. ٢٥ / ١٦

اي لو كان الوجود جزءا من الماهية ولم يكن زائدا عليها للزم أن لا يتحقق شيء من الحقائق لأن المركّب يتحصل بالبسيط فاذا انتفى البسيط انتفى المركّب.

قوله : ولانفكاكهما تعقلا. ٢٥ / ١٨

اي لانفكاك الوجود والماهية. وقد ذكره الفارابي في الفصّ الأوّل من فصوصه ، وفي شرحنا عليه في المقام مطالب عسى أن تنفعك.

٤٣٦

قوله : على تقدير الزيادة. ٢٦ / ٤

اي على تقدير زيادة الوجود على الماهية.

قوله : ولأن الامكان نسبة ... ٢٦ / ٧

النسبة انما تتحقق بين المتغائرين ، والامكان عبارة عن تساوي نسبة الماهية الى الوجود والعدم ، فلو كان الوجود نفس الماهية أو جزء منها لم يتصور نسبة فرضا عن تساويها.

قوله : وانما تتحقق هذه الفائدة على تقدير المغايرة ... ٢٦ / ١٢

وسيأتي البحث عن الحمل في المسألة الثامنة والثلاثين من هذا الفصل حيث يقول : والحمل يستدعي اتحاد الطرفين من وجه وتغاير هما من آخر. ثم ان الوجهين الرابع والسادس على فرض كون الوجود عين الماهية ، والخامس والسابع على فرض كونه جزء منها.

قوله : لكان قولنا ماهية موجودة ... ٢٦ / ١٢

وكذلك لو قلنا مثلا سواد موجود لكان بمنزلة سواد سواد وموجود موجود وليس كذلك ، وهكذا في غيرهما.

قوله : والتشكك في النسب الممتنع تحققه. ٢٦ / ١٨

كما في (م). والباقية بعضها : التشكك في النسبة ، وبعضها التشكيك في النسبة. كيف كان هو عطف على المغايرة ، والممتنع صفة للتشكّك ، وتحققه فاعله.

قوله : وتركّب الواجب. ٢٧ / ٣

مجرور معطوف على التناقض أي انتفاء تركّب الوجود

قوله : وانما يتحقق. ٢٧ / ٤

اي انما يتحقق انتفاء التركب لو كان الوجود زائدا على الماهية لانه يستحيل أن يكون نفس

٤٣٧

الماهية واتحدت الماهية ، فلو كان جزء لزم أن يكون الواجب مركّبا لانه حينئذ مشترك بين الواجب والممكن فيلزم تركب الواجب اذ كل ماله جزء فله جزء آخر بالضرورة كما مرّ وهو معنى التركب.

قوله : قيام الصفة الوجودية بالمحل المعدوم. ٢٧ / ١٥

ويلزم اجتماع النقيضين أيضا.

قوله : الوجود قائم بالماهية من حيث هي هي. ٢٧ / ١٧

سيأتي قوله في المسألة الخامسة وليس الوجود معني به الخ وهو يجديك في المقام. وكذلك قوله في المسألة الثامنة والثلاثين : واثبات الوجود للماهية لا يستدعي وجودها أولا. وكذلك قوله في المسألة الثانية والاربعين : والحكم على الممكن بامكان الوجود حكم على الماهية لا باعتبار العدم والوجود.

واعلم انه ليس للماهية ثبوت في الخارج دون وجودها اى ثبوت منفك عن الوجود في الخارج ثم الوجود يحلّ فيها كما ظن وهو ظن فاسد لأن كون الماهية هو وجودها والماهية لا تتجرد عن الوجود الا في العقل لا بأن تكون في العقل منفكة عن الوجود فان تخليتها عنه عين تحليتها به والكون في العقل أيضا وجود عقلي كما ان الكون في الخارج وجود خارجي. بل بأن العقل من شأنه أن يلاحظها وحدها من غير ملاحظة الوجود وعدم اعتبار الشيء ليس باعتبار لعدمه فاذن اتصاف الماهية بالوجود امر عقلي ليس كاتصاف الجسم بالبياض فان الماهية ليس لها وجود منفرد ولعارضها المسمى بالوجود وجود آخر حتى يجتمعا اجتماع القابل والمقبول بل الماهية اذا كانت فكونها هو وجودها.

قوله : لاستحالة تحقق الخ ، ٢٧ / ٢١

كما في (م د) والباقية : ماهية ما من الماهيات منفكة عن الوجود. وفي بعض النسخ : منفردة عن الوجود.

قوله : واعلم ان القضية تطلق الخ ٢٨ / ١١

الحكم في الحقيقية ليس مقصورا على ما له وجود في الخارج فقط بل على كل ما قدر وجوده سواء كان موجودا في الخارج أو معدوما فيه ، فان لم يكن موجودا فيه فالحكم فيه على افراده المقدرة

٤٣٨

الوجود كقولنا كل عنقاء طائر ، وإن كان موجودا فالحكم فيه ليس مقصودا على أفراده الموجودة بل عليها وعلى افراده المقدرة الوجود أيضا كقولنا كل انسان حيوان.

وأما الخارجية فالحكم فيها على الموجود في الخارج سواء كان اتصافه في الخارج حال الحكم او قبله او بعده فهي تستدعي وجود الموضوع في الخارج والحكم فيها مقصور على الأفراد الخارجية. ثم في المقام بحث منطقي حول موضوع القضايا يطلب في محله.

قوله : بل صورتها ومثالها. ٢٨ / ١٩

كما في (م) والباقية : بل صورتهما ومثالهما على التثنية.

قوله : ولا تزايد فيه ولا اشتداد. ٢٩ / ١١

التزايد في المقدار ، والاشتداد في الكيف. معنى الاشتداد هو اعتبار المحلّ الثابت إلى حال فيه غير قار يتبدل نوعيّته إذا قيس ما يوجد منها في آن ما إلى ما يوجد في آن آخر بحيث يكون ما يوجد في كلّ آن متوسطا بين ما يوجد في آنين يحيطان بذلك الآن ويتجدد جميعها على ذلك المحلّ المتقوم دونها من حيث هو متوجّه بتلك التجدّدات الى غاية ما. ومعنى الضعف هو ذلك المعني بعينه إلّا انه يؤخذ من حيث هو منصرف بها عن تلك الغاية. فالآخذ في الشدة والضعف هو المحلّ لا الحال المتجدد المتصرم ، ولا شكّ أن مثل هذا الحال يكون عرضا لتقوم المحلّ دون كل واحد من تلك الهويات. واما الحال الذي يتبدل هوية المحلّ المتقوم بتبدّله فلا يتصور فيه اشتداد ولا ضعف لامتناع تبدلها على شيء واحد متقوم يكون هو هو في الحالتين ، ولامتناع وجود حالة متوسطة بين كون الشيء هو وبين كونه ليس هو.

هذا ما حرّره الماتن في شرحه على الاشارات. وقال الشارح ببيان اخصر في الجوهر النضيد : ان معنى الاشتداد هو اعتبار المحل الواحد الثابت الى حال فيه غير قار يتبدل نوعيته ويوجد في كل آن نوع من تلك الانواع من غير أن يبقى آنين بحيث يكون في كل آن متوسطا بين ما يوجد في ذلك الآن وما يكون قبله وبعده وهذا لا يعقل الا في العرض. انتهى.

اذا دريت ذلك فاعلم ان الماهية لا يتصور كونها متقومة وموجودة من دون الوجود حتى يتصور توارد الوجود عليها كما لا يمكن ان تتحرك الهيولى في الصورة اذ ليس لها تقوم بدون الصورة حتى يمكن توارد الصور عليها. فلا تزايد في الوجود ولا اشتداد لان التزايد في الوجود هو حركة الماهية

٤٣٩

متوجهة من وجود ناقص إلى وجود ازيد منه ، وعكس ذلك هو النقص اي حركتها من زائد الى انقص منه. والاشتداد في الوجود هو حركة الماهية من وجود ضعيف إلى وجود اشدّ منه وعكسه هو الضعف وقد علمت ان الماهيّة ليست متقومة بذاتها في الخارج بدون الوجود. ثم بما ذكرنا قد دريت مراد الشارح من قوله وهذا الدليل ينفي قبول الأعراض كلها للاشتداد والنقص وفي (م) : للاشتداد والضعف وفي عدة نسخ : للاشتداد والتنقص.

قوله : الآلة قاطعة فانها. ٣٠ / ٣

وفي عدة نسخ : الآلة قطّاعة فانها.

قوله : من الوجودات فيه. ٣٠ / ٧

اي في الخيرية والكمال.

قوله : الضدّ ذات. ٣٠ / ١٢

اي ماهية وامر. وجملة القول في ذلك ان كل واحد من الضد والمثل والمخالف يقال لما له ماهية ويكون مشاركا لغيره في الموضوع ولا يجتمعان فيه والوجود ليس بماهية بل هو تحقق الماهية وكونها.

ثم ان الوجود الحق الصمدي لا جوف له حتى يكون له ثان ضدّه او مثله او ندّه. والتقابل باقسامه انما يتحقق في شئونه المسماة بالوجودات الخاصة باعتبار تخصصها بالمعاني والماهيّات التي هي غير حقيقة الوجود. ويأتي البحث عن ذلك في المقصد الثالث عند قوله : وجوب الوجود يدل علي سرمديته ونفي الزائد والشريك والمثل.

قوله : ولا امتناع في عروض احد المتقابلين للآخر. ٣٢ / ٢

وسيأتي البحث عنه في المسألة الرابعة عشرة : ثم الوجود قد يؤخذ على الاطلاق الخ.

قوله : كالكلية والجزئية. ٣٢ / ٣

يعني بالجزئية الاضافي غير الحقيقي والمتن مطابق لنسختي (م ص) وفي (ق ش) : باعتبار مغاير لاعتبار تقابلهما.

٤٤٠