فالمتحصل من كل ذلك اختصاص حق التشريع بالباري سبحانه وتعالى ، العالم بكل شيء ، والمهيمن على جميع المخلوقات.
وبعد ... فلا ريب في ان التشريعات الالهية والتعاليم القرآنية ، انما تهدف الى تحقيق الكمال والسلامة والهناء والسعادة ـ كل السعادة والهناء ـ لهذا الانسان ، بالاضافة الى تكامل الانسان في انسانيته ، وفي قربه من الله تعالى ، والفوز برضاه.
وبديهي : انه كلما كانت النظم ادق واشمل كلما كانت السعادة والسلامة لهذا الانسان اتم واكمل ، ووصوله الى ذلك الهدف الاسمى اسرع وايسر.
ومن هنا ... فقد كانت تعاليم الاسلام وقوانينه دقيقة وشاملة لجميع شؤون الانسان ، ومختلف احواله واوضاعه : سياسية كانت ، او اقتصادية ، او سلوكية ، او نفسية ، او غيرها .. مما يرتبط بالفرد او بالمجتمع ... فكل شيء محكوم لقانون ، ويهيمن عليه نظام ، يوجهه لخير الانسان ، ويجعله في خدمته.
نعم كل شيء ... فبالنسبة لشخص الانسان ، نجده لم يغفل حتى عن اكله وشربه ، وقيامه ، وجلوسه ، ومشيه ، ونبرات صوته ، بل لقد تدخل حتى في اختيار ، ومواصفات البيت الذي يعيش فيه. والثياب التي يلبسها ، وفي كيفية تصرفه بها ... بل وحتى في خلجات الانسان القلبية ، وافعاله الجوانحية.
كما اننا نجد : ان الاسلام لم يشرع اي قانون يضر بمكانة الانسان الاجتماعية ، او بذوقه ، وسجيته ، او بروحه وحالته النفسية ، او بصحته البدنية.