معجم البلدان - ج ٢

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٢

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩

مع فصاحتكم؟ فقالوا : والله ما فيه أحد ينطق بالشعر إلا أمة لنا كبيرة السنّ ، فقلت : جيئوني بها ، فجاءت فاستنشدتها فأنشدتني لنفسها :

أيا رفقة من دير بصرى تحمّلت

تؤمّ الحمى ، ألقيت من رفقة رشدا

إذا ما بلغتم سالمين ، فبلّغوا

تحية من قد ظنّ أن لا يرى نجدا

وقولوا : تركنا الصادريّ مكبّلا

بكل هوى من حبكم مضمرا وجدا

فيا ليت شعري! هل أرى جانب الحمى ،

وقد أنبتت أجراعه بقلا جعدا؟

وهل أردنّ الدهر يوما وقيعه

كأنّ الصّبا تسدى ، على متنه ، بردا

دَيرُ البَلَّاص : بالصاد المهملة : بالصعيد قرب دمياط ، والله أعلم.

دَيرُ بلاض : بالضاد المعجمة : من أعمال حلب مشرف على عمّ ، فيه رهبان لهم مزارع ، وهو دير قديم مشهور.

دَيْرُ البَلُّوط : قرية من أعمال الرملة ، ينسب إليها عبد الله بن محمد بن الفرج بن القاسم أبو الحسن اللّخمي الدّير بلّوطي المقري الضرير ، قدم دمشق وحدث بها عن أبي زكرياء عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري سمعه ببيت المقدس ، سمع منه أبو محمد بن صابر وذكر أنه سأله عن مولده فقال : في دير بلّوط ضيعة من ضياع الرملة.

دَيْرُ بني مَرِينا : بظاهر الحيرة ، وكان من حديثه أن قيس بن سلمة بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار أغار على ذي القرنين المنذر بن النعمان ابن امرئ القيس بن عمرو بن عدي فهزمه حتى أدخله الخورنق ومعه ابناه قابوس وعمرو ولم يكن ولد له يومئذ المنذر بن المنذر ، فجعل إذا غشيه قيس بن سلمة يقول : يا ليت هندا ولدت ثالثا! وهند عمّة قيس وهي أمّ ولد المنذر ، فمكث ذو القرنين حولا ثم أغار عليهم بذات الشّقوق فأصاب منهم اثني عشر شابّا من بني حجر بن عمرو كانوا يتصيّدون وأفلت امرؤ القيس على فرس شقراء فطلبه القوم كلّهم فلم يقدروا عليه ، وقدم المنذر الحيرة بالفتية فحبسهم بالقصر الأبيض شهرين ثم أرسل إليهم أن يؤتى بهم فخشي أن لا يؤتى بهم حتى يؤخذوا من رسله ، فأرسل إليهم أن اضربوا أعناقهم حيث ما أتاكم الرسول ، فأتاهم الرسول وهم عند الجفر فضربوا أعناقهم به ، فسمي جفر الأملاك ، وهو موضع دير بني مرينا ، فلذلك قال امرؤ القيس يرثيهم :

ألا يا عين بكّي لي شنينا ،

وبكّي لي الملوك الذاهبينا

ملوك من بني حجر بن عمرو

يساقون العشيّة يقتلونا

فلو في يوم معركة أصيبوا ،

ولكن في ديار بني مرينا

فلم تغسل جماجمهم بسدر ،

ولكن بالدماء مرمّلينا

تظلّ الطير عاكفة عليهم ،

وتنتزع الحواجب والعيونا

دَيرُ بَوْلس : بنواحي الرملة نزله الفضل بن إسماعيل ابن صالح بن عليّ بن عبد الله بن علي بن العباس وقال فيه شعرا لم يسمّه فيه ، أوّله :

عليك سلام الله يا دير من فتى

بمهجته شوق إليك طويل

٥٠١

ولا زال من جوّ السّماكين وابل

عليك ، لكي تروي ثراك ، هطول

دَيرُ بَوَنَّا : بفتح أوله وثانيه ، وتشديد النون ، مقصور : بجانب غوطة دمشق في أنزه مكان ، وهو من أقدم أبنية النصارى ، يقال إنه بني على عهد المسيح ، عليه السلام ، أو بعده بقليل ، وهو صغير ورهبانه قليلون ، اجتاز به الوليد بن يزيد فرأى حسنه فأقام به يوما في لهو ومجون وشرب ، وقال فيه :

حبّذا ليلتي بدير بونّا ،

حيث نسقي شرابنا ونغنّى

كيف ما دارت الزجاجة درنا ،

يحسب الجاهلون أنّا جننّا

ومررنا بنسوة عطرات ،

وغناء وقهوة ، فنزلنا

وجعلنا خليفة الله فطرو

س مجونا ، والمستشار يحنّا

فأخذنا قربانهم ثم كفّر

نا لصلبان ديرهم ، فكفرنا

واشتهرنا للناس حيث يقولو

ن ، إذا خبّروا بما قد فعلنا

وفيه يقول أبو صالح عبد الملك بن سعيد الدمشقي :

تملّيت طيب العيش في دير باونّا ،

بندمان صدق كمّلوا الظّرف والحسنا

خطبت إلى قسّ به بنت كرمة

معتّقة قد صيّروا خدرها دنّا

ديرُ التجلّي : على الطور ، زعموا أن عيسى ، عليه السلام ، علا عليهم فيه ، وقد ذكر في الطور.

دَيرُ تِنادَةَ : بتاء مكسورة ، ونون : دير مشهور بالصعيد في أرض أسيوط وتحته قرى ومتنزّه حسن وفيه رهبان كثيرون.

دَيرُ توما : قال فيه المرّار الفقعسي :

أحقّا يا حريز الرّهن منكم ،

فلا إصعاد منك ولا قفولا

تصيح ، إذا هجعت ، بدير توما

حمامات يزدن الليل طولا

إذا ما صحن قلت : أحسّ صبحا ،

وقد غادرن لي ليلا ثقيلا

خليليّ اقعدا لي علّلاني ،

وصدّا لي وسادي أن يميلا

دَيرُ الثعالِبِ : دير مشهور ، بينه وبين بغداد ميلان أو أقلّ في كورة نهر عيسى على طريق صرصر ، رأيته أنا ، وبالقرب منه قرية تسمى الحارثية ، وذكر الخالدي أنه الدير الذي يلاصق قبر معروف الكرخي بغربي بغداد ، وقال : هو عند باب الحديد وباب بنبرى ، وهذان البابان لم يعرفا اليوم ، والمشهور والمتعارف اليوم ما ذكرناه ، وبين قبر معروف ودير الثعالب أكثر من ميل ، وإلى جانب قبر معروف دير آخر لا أعرف اسمه ، وبهذا الدير سميت المقبرة مقبرة باب الدير ، وقال فيه ابن الدهقان وهو أبو جعفر محمد بن عمر من ولد إبراهيم بن محمد بن عليّ ابن عبد الله بن عباس :

دير الثعالب مألف الضّلّال ،

ومحلّ كل غزالة وغزال

كم ليلة أحييتها ، ومنادمي

فيها أبحّ مقطّع الأوصال

سمح يجود بروحه ، فإذا مضى

وقضى سمحت له وجدت بمالي

٥٠٢

ومنعّم دين ابن مريم دينه ،

غنج يشوب مجونه بدلال

فسقيته وشربت فضلة كاسه ،

فرويت من عذب المذاق زلال

ديرُ جابيلَ : ضبطته هكذا من خط الساجي في تاريخ البصرة ، وقال أبو اليقظان : كان أهل البصرة يشربون قبل حفر الفيض من خليج يأتي من دير جابيل إلى موضع نهر نافذ.

دَيرُ الجاثَلِيقِ : دير قديم البناء رحب الفناء من طسّوج مسكن قرب بغداد في غربي دجلة في عرض حربي ، وهو في رأس الحدّ بين السواد وأرض تكريت ، وعنده كانت الحرب بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير ، وكان الجيشان على شاطئ دجلة وإلى ذلك الموضع في العرض ، وعنده قتل مصعب بن الزبير ، فقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات يرثيه :

لقد أورث المصرين حزنا وذلة

قتيل ، بدير الجاثليق ، مقيم

فما قاتلت في الله بكر بن وائل ،

ولا صدقت عند اللقاء تميم

فلو كان في قيس تعطّف حوله

كتائب يعلى حميها ويدوم

ولكنه ضاع الزمان ، ولم يكن

بها مضريّ ، يوم ذاك ، كريم

جزى الله كوفيّا بذاك ملامة

وبصريّهم ، إن الكريم كريم

وقال الشابشتي : دير الجاثليق عند باب الحديد قرب دير الثعالب في وسط العمارة بغربي بغداد ، وأنشد لمحمد بن أبي أميّة فيه :

تذكّرت دير الجاثليق وفتية

بهم تمّ لي فيه السرور وأسعفا

بهم طابت الدنيا وأدركني المنى ،

وسالمني صرف الزمان وأتحفا

ألا ربّ يوم قد نعمت بظلّه

أبادر من لذّات عيشي ما صفا

أغازل فيه أدعج الطرف أغيدا ،

وأسقى به مسكيّة الريح قرقفا

فسقيا لأيام مضت لي بقربهم!

لقد أوسعتني رأفة وتعطّفا

وتسعا لأيام رمتني ببينهم ،

ودهر تقاضاني الذي كان أسلفا!

دَيرُ الجُبّ : دير في شرقي الموصل بينها وبين إربل مشهور ، يقصده الناس لأجل الصرع فيبرأ منه بذلك كثير.

دَير الجَرَعَة : بالتحريك ، قال أبو منصور : قال ابن السكّيت الجرع جمع جرعة ، وهي دعص من الرمل لا ينبت شيئا ، قال : والذي سمعت من العرب أن الجرعة الرملة العذاة الطيبة المنبت التي لا وعوثة فيها ، والجرعة ههنا : موضع بعينه ، والدير مضاف إليه ، وهو بالحيرة ، وهو دير عبد المسيح فيما أحسب ، وقد ذكرته في موضعه ، قال عبد المسيح بن بقيلة :

كم تجرّعت بدير الجرعة

غصصا كبدي بها منصدعه

من بدور فوق أغصان على

كثب زرن ، احتسابا ، بيعه

دَيرُ الجماجم : بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها على طرف البر للسالك إلى البصرة ، قال أبو عبيدة:الجمجمة القدح من الخشب ، وبذلك سمي دير

٥٠٣

الجماجم لأنه كان يعمل فيه الأقداح من الخشب ، والجمجمة أيضا : البئر تحفر في سبخة ، فيجوز أن يكون الموضع سمي بذلك ، قال ابن الكلبي : إنما سمي دير الجماجم لأنّ بني تميم وذبيان لما واقعت بني عامر وانتصرت بنو عامر وكثر القتلى في بني تميم بنوا بجماجمهم هذا الدير شكرا على ظفرهم ، وهذا عندي بعيد من الصواب ، وهو مقول على ابن الكلبي وليس يصح عنه فإنه كان أهدى إلى الصواب من غيره في هذا الباب ، لأن وقعة بني عامر وبني تميم وذبيان كانت بشعب جبلة وهو بأرض نجد وليس بالكوفة ، ولعل الصواب ما حكاه البلاذري عن ابن الكلبي أنّ بلادا الرّمّاح ، وبعضهم يقول بلال الرّمّاح وهو أثبت ، ابن محرز الإيادي قتل قوما من الفرس ونصب رؤوسهم عند الدير فسمي دير الجماجم ، وقرأت في كتاب أنساب المواضع لابن الكلبي قال : كان كسرى قد قتل إيادا ونفاهم إلى الشام فأقبل ألف فارس منهم حتى نزلوا السواد ، فجاء رجل منهم وأخبر كسرى بخبرهم ، فأنفذ إليهم مقدار ألف وأربعمائة فارس ليقتلوهم ، فقال لهم ذلك الرجل الواشي : انزلوا قريبا حتى أعلم لكم علمهم ، فرجع إلى قومه وأخبرهم فأقبلوا حتى وقعوا بالأساورة فقتلوهم عن آخرهم وجعلوا جماجمهم قبة ، وبلغ كسرى خبرهم فخرج في أهليهم يبكون ، فلما رآهم اغتمّ لهم وأمر أن يبنى عليهم دير وسمي دير الجماجم ، وقال غيره : إنه وقعت بين إياد وبين بني نهد حرب في مكانه فقتل فيها خلق من إياد وقضاعة ودفنوا قتلاهم هناك ، فكان الناس إذا حفروا استخرجوا جماجمهم فسمي بذلك ، وإياد كانت تنزل الريف معروف ذلك عند أهل هذا الشأن ، وعند هذا الموضع كانت الوقعة بين الحجاج بن يوسف الثقفي وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث التي كسر فيها ابن الأشعث وقتل القرّاء ، وفي ذلك يقول جرير :

ولم تشهد الجونين والشّعب ذا الصّفا ،

وشدّات قيس يوم دير الجماجم

تحرّض ، يا ابن القين ، قيسا ليجعلوا

لقومك يوما مثل يوم الأراقم

ديْر الجودِيّ : والجودي : هو الجبل الذي استقرّت عليه سفينة نوح ، عليه السلام ، وبين هذا الجبل وجزيرة ابن عمر سبعة فراسخ ، وهذا الدير مبنيّ على قلة الجبل ، ويقال إنه مبنيّ منذ أيام نوح ، عليه السلام ، ولم يتجدد بناؤه إلى هذا الوقت ، ويقال إن سطحه يشبر فيكون عشرين شبرا ثم يشبر فيكون ثمانية عشر شبرا ثم يشبر فيكون اثنين وعشرين شبرا ، وكلما شبر اختلف شبره.

دَيرُ حافِرٍ : قرية بين حلب وبالس ، ذكرها أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني في قوله يمدح عليّ بن مالك بن سالم العقيلي صاحب قلعة جعبر :

ألا كم ترامت بالس بمسافر ،

وكم حافر أدميت يا دير حافر

وبين قباب المنجبين مجبة

أبت أن تطأ إلّا بأجفان ساهر

وعند الفرات من يمين ابن مالك

فرات ندّى لا تختطى بالمعابر

إذا أوجه الفتيان غارت مياهها ،

فوجه عليّ ماؤه غير غائر

دَيرُ حبيبٍ : لا أعرف موضعه إلّا أنه جاء في شعر عربي ، وهو قول ورد بن الورد الجعدي :

ألا حبذا الإصعاد لو تستطيعه ،

ولكن أجل لا ما أقام عسيب

٥٠٤

وإن مرّ ركب مصعدين ، فقلبه

مع الرائحين المصعدين جنيب

سل الريح ، إن هبّت شمالا ضعيفة :

متى عهدها بالدير دير حبيب (١)

متى عهدها بالنّوفليّات ، حبّذا

شواكل ذاك العيش حين يطيب!

دَيرُ حَرَجَةَ : بالتحريك ، والحرجة في الأصل : الموضع الكثير الشجر الذي لا تصل إليه الراعية ، ومنه حرج الصدر أي ضيقه : وهو دير بالصعيد في شرقي قوص بني على اسم مار جرجس ، والحرجة : كورة هناك ذكرت في موضعها ، وعنده قرية تسمى العباسية ربما أضيف هذا الدير إليها.

دَيرُ الحرِيقِ : سمي بذلك لأنه أحرق في موضعه قوم ثم دفن فيه قوم من أهل من احرق هناك وعمل ذرى ، وهو بالحيرة قديم ، ووجدته بخط ابن حمدون بالخاء المعجمة في الشعر والترجمة ، فيه يقول الثرواني :

دير الحريق ، فبيعة المزعوق ،

بين الغدير ، فقبّة السنّيق

أشهى إليّ من الصّراة ودورها ،

عند الصباح ، ومن رحى البطريق

فاغدوا نباكر من ذخائر عتبة ال

خمّار من صافي الدّنان رحيق

يا صاح واجتنب الملام ، أما ترى

سمجا ملامك لي ، وأنت صديقي؟

دَيرُ حِزقِيَالَ : قال أبو الفرج : حدثني جعفر بن قدامة قال : حدثني شريح الخزاعي قال : اجتزت بدير حزقيال فبينما أنا أدور به إذا بسطرين مكتوبين على أسطوانة منه فقرأته ، فإذا هو :

ربّ ليل أمدّ من نفس العا

شق طولا قطعته بانتحاب

ونعيم كوصل من كنت أهوى

قد تبدلته ببؤس العتاب

نسبوني إلى الجنون ليخفوا

ما بقلبي من صبوة واكتئاب

ليت بي ما ادّعوه من فقد عقلي ،

فهو خير من طول هذا العذاب

وتحته مكتوب : هويت فمنعت ، وشردت وطردت ، وفرّق بيني وبين الوطن ، وحجبت عن الإلف والسكن ، وحبست في هذا الدير ظلما وعدوانا ، وصفّدت في الحديد زمانا.

وإني ، على ما نابني وأصابني ،

لذو مرّة باق على الحدثان

فإن تعقب الأيام أظفر بحاجتي ،

وإن أبق مرميّا بي الرّجوان

فكم ميّت همّا بغيظ وحسرة ،

صبور بما يأتي به الملوان

هو الحبّ أفنى كلّ خلق بجوره

قديما ، ويفتي بعدي الثقلان

قال : فدعوت برقعة وكتبت ذلك أجمع وسألت عن صاحب القضية فقالوا : رجل هوى ابنة عمه فحبسه عمه في هذا الدير وعزم على حمله إلى السلطان خوفا من أن تفتضح ابنته ، فمات عمه فورثه هو وابنته ، فجاء أهله وأخرجوا الفتى من الدير وزوّجوه ابنة عمه.

دَير حَشْيان : بالحاء المهملة ، والشين المعجمة الساكنة ، وياء مثناة من تحت ، وآخره نون : بنواحي حلب من العواصم ، ذكره حمدان بن عبد الرحيم فقال :

__________________

(١) ـ في هذا البيت إقواء.

٥٠٥

يا لهف نفسي مما أكابده ،

إن لاح برق من دير حشيان

وإن بدت نفحة من الجانب ال

غربيّ فاضت غروب أجفاني

وما سمعت الحمام في فنن

إلا وخلت الحمام فاجاني

ما اعتضت مذ غبت عنكم بدلا ،

حاشا وكلّا! ما الغدر من شاني

كيف سلوّي أرضا نعمت بها ،

أم كيف أنسى أهلي وجيراني؟

لا خلق رقن لي معالمها ،

ولا اطّبتني أنهار بطنان

ولا ازدهتني في منبج فرص

راقت لغيري من آل حمدان

لكن زماني بالجزر أذكرني

طيب زماني به فأبكاني

دَيرُ حَميمٍ : من قولهم ماء حميم أي حارّ : موضع بالأهواز جاء في شعر قطريّ :

أصيب بدولاب ، ولم يك موطنا

له أرض دولاب ودير حميم

وقد ذكرت القطعة بتمامها في دولاب.

دَير حَنْظَلَة : بالقرب من شاطئ الفرات من الجانب الشرقي بين الدالية والبهسنة أسفل من رحبة مالك بن طوق معدود من نواحي الجزيرة ، منسوب إلى حنظلة بن أبي غفر بن النعمان بن حية بن سعنة ابن الحارث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سفر بن هنيّ بن عمرو بن الغوث بن طيّء ، وحنظلة هو عم إياس بن قبيصة بن أبي غفر الذي كان ملك الحيرة ومن رهطه أبو زبيد الطائي الشاعر ، وحنظلة هذا هو القائل ، وكان قد نسك في الجاهلية وتنصّر وبنى هذا الدير فعرف به إلى الآن :

ومهما يكن من ريب دهر ، فإنني

أرى قمر الليل المعذب كالفتى

يهلّ صغيرا ثم يعظم ضوؤه

وصورته ، حتى إذا ما هو استوى

وقرّب يخبو ضوؤه وشعاعه ،

ويمصح حتى يستسرّ فما يرى

كذلك زيد الأمر ثم انتقاصه ،

وتكراره في إثره بعد ما مضى

تصبّح فتح الدار والدار زينة ،

وتؤتى الجبال من شماريخها العلى

فلا ذا غنى يرجين من فضل ماله ،

وإن قال أخّرني وخذ رشوة أبى

ولا عن فقير يأتجرن لفقره ،

فتنفعه الشكوى إليهن إن شكا

وفي هذا الدير يقول عبد الله بن محمد الأمين بن الرشيد وقد نزل به فاستطابه :

ألا يا دير حنظلة المفدّى ،

لقد أورثتني سقما وكدّا

أزفّ من الفرات إليك دنّا ،

وأجعل حوله الورد المندّى

وأبدأ بالصّبوح أمام صحبي ،

ومن ينشط لها فهو المفدّى

ألا يا دير جادتك الغوادي

سحابا حمّلت برقا ورعدا

يزيد بناءك النامي نماء ،

ويكسو الروض حسنا مستجدّا

٥٠٦

دَير حَنْظَلَة : آخر وهو بالحيرة منسوب إلى حنظلة بن عبد المسيح بن علقمة بن مالك بن ربى بن نمارة بن لخم بن عديّ بن الحارث بن مرة بن أدد ، وفيه يقول الشاعر :

بساحة الحيرة دير حنظله ،

عليه أذيال السرور مسبله

أحييت فيه ليلة مقتبله ،

وكأسنا بين الندامى معمله

والراح فيها مثل نار مشعله ،

وكلنا منتقد ما خوّله

فما يزال عاصيا من عذله ،

مبادرا قبل تلاقي آجله

دَيرُ حَنَّة : هو دير قديم بالحيرة منذ أيام بني المنذر لقوم من تنوخ يقال لهم بنو ساطع تقابله منارة عالية كالمرقب تسمى القائم لبني أوس بن عمرو بن عامر ، وفيه يقول الثرواني :

يا دير حنّة ، عند القائم الساقي ،

إلى الخورنق من دير ابن برّاق

ليس السلوّ ، وإن أصبحت ممتنعا ،

من بغيتي ، فيك من شكلي وأخلاقي

سقيا لعافيك من عاف معالمه

قفر ، وما فيك مثل الوشم من باق

ودير حنّة بالأكيراح الذي قيل فيه :

يا دير حنّة من ذات الأكيراح

هذا أيضا بظاهر الكوفة والحيرة ، لا أدري أهو هذ المذكور هنا أم غيره ، وقد ذكر شاهده في الأكيراح.

دَيرُ خُناصِرَةَ : قد ذكرنا خناصرة في موضعها وهي بلد في قبلي حلب ، وأما هذا الدير فوجدت ذكره في شعر بني مازن في قول حاجب بن ذبيان المازني مازن بني تميم من عمرو بن تميم لعبد الملك بن مروان في جدب أصاب العرب فقال :

وما أنا يوم دير خناصرات

بمرتدّ الهموم ، ولا مليم

ولكني ألمت بحال قومي

كما ألم الجريح من الكلوم

بكوا لعيالهم من جهد عام

خريق الريح ، منجرد الغيوم

أصابت وائلا والحيّ قيسا ،

وحلّت بركها ببني تميم

أقاموا في منازلهم ، وسيقت

إليهم كلّ داهية عقيم

سواء من يقيم لهم بأرض ،

ومن يلقى اللّطاة من المقيم

أعنّي من جداك على عيال

وأموال تساوك كالهشيم

أصدّت ، لا تسيم لها حوارا

عقيلة كلّ مرباع رؤوم؟

دَيرُ خالِدٍ : وهو دير صليبا بدمشق مقابل باب الفراديس ، نسب إلى خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، لنزوله فيه عند حصاره دمشق ، وقال ابن الكلبي : هو على ميل من الباب الشرقي.

الدَّيرُ الخَصِيبُ : بفتح الخاء المعجمة ، وكسر الصاد المهملة ، والباء الموحدة : قرب بابل عند بزيقيا وهو حصن.

دَيرُ الخِصْيانِ : هو بغور البلقاء بين دمشق والبيت المقدس ، ويعرف أيضا بدير الغور ، وسمّي بدير

٥٠٧

الخصيان لأن سليمان بن عبد الملك نزل فيه فسمع رجلا يشبّب بجارية له في قصة فيها طول فخصاه هناك فسمّي الدير بذلك.

دَيرُ خِندِفَ : في نواحي خوزستان ، وخندف : أمّ ولد إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان واسمها ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، والخندف : ضرب من المشي ، وبه سميت ، وما هذا موضع بسط ذلك.

دَيرُ الخَلّ : موضع قرب اليرموك نزله عساكر المشركين يوم وقعة اليرموك.

دَيرُ الخَواتِ : جمع أخت : بعكبرا ، وأكثر أهله نساء ، ولعله دير العذارى أو غيره ، وهو في وسط البساتين نزه جدّا ، وعيده الأحد الأول من الصوم ، يجتمع إليه كل من قرب من النصارى ، قال الشابشتي : وفي هذا العيد ليلة الماشوش ، وهي ليلة يختلط فيها الرجال والنساء فلا يردّ أحد يده عن شيء ، وفيه يقول أبو عثمان الناجم :

آح قلبي من الصبابة ، آح

من جوار مزيّنات ملاح

أهل دير الخوات بالله ربي ،

هل على عاشق قضى من جناح؟

وفتاة كأنها غصن بان

ذات وجه كمثل نور الصّباح

دَيْرُ الخنافِسِ : قال الخالدي : هذا الدير بغربي دجلة على قلّة جبل شامخ ، وهو دير صغير لا يسكنه أكثر من راهبين فقط ، وهو نزه لعلوّه على الضياع وإشرافه على أنهار نينوى والمرج ، وله عيد يقصده أهل الضياع في كل عام مرّة ، وفيه طلسم ظريف ، وهو أن في كلّ سنة ثلاثة أيام تسودّ حيطانه وسقوفه من الخنافس الصغار اللواتي كالنمل ، فإذا انقضت تلك الأيام لا يوجد في تلك الأرض من تلك الخنافس واحدة البتّة ، فإذا علم الرهبان بمجيء تلك الأيام الثلاثة أخرجوا جميع ما لهم فيه من فرش وطعام وأثاث وغير ذلك هربا من الخنافس ، فإذا انقضت الأيام عادوا ، قلت أنا : وهذا شيء رأيت من لا أحصي يذكره ، ولم أر له منكرا في تلك الديار ، والله أعلم.

دَيْرُ دُرْتا : في غربي بغداد ، وقد تقدّم ذكر درتا ، وهو دير يحاذي باب الشّمّاسيّة راكب على دجلة حسن العمارة كثير الرهبان ، وله هيكل في نهاية العلوّ ، قال فيه أبو الحسين أحمد بن عبيد الله البديهي :

قد أدرنا بدير درتا ، وقدّس

نا مجونا ، إذا قدّست رهبانه

وسقانا فيه المدامة ظبي

بابليّ ، ألحاظه أعوانه

ماس منه عليّ غصن من البا

ن يضاهي تفاحه رمّانه

وقال أبو علي محمد بن الحسين بن الشبل النحوي يذكر دير درتا في قطعة طويلة ذكرتها بجملتها استحسانا لها وكان محسنا فيما يقول :

بنا إلى الدير من درتا صبابات ،

فلا تلمني فما تغني الملامات

يا حبّذا السّحر الأعلى ، وقد نشرت

نسيمه الغضّ روضات وجنّات

وأظهر الصبح رايات مخلّقة

زرقا ، وولّت من الظلماء رايات

لا تبعدنّ ، وإن طال الغرام بها ،

أيام لهو عهدناها وليلات

٥٠٨

فكم قضيت لبانات الشباب بها

غنما ، وكم بقيت عندي لبانات

ما أمكنت دولة الأفراح مقبلة ،

فأنعم ولذّ فإن العيش تارات

قبل ارتجاع الليالي كلّ عارية ،

فإنما لذّة الدنيا إعارات

قم فاجل في حلل الألاء شمس ضحى ،

بروجها الزهر كاسات وطاسات

لعلّنا ، إن دعا داعي الحمام بنا ،

نمضي وأنفسنا منها رويّات

فما التعلل لولا الكأس في زمن ،

أحياؤه باعتياد الهمّ أموات

دارت تحيّي ، فقابلنا تحيتها ،

وفي حشاها لقرع المزج روعات

عذراء أخفى كرور العصر صورتها ،

لم يبق من روحها إلا حشاشات

مدّت سرادق برق من أبارقها ،

على مقابلها منها ملاءات

فلاح في أذرع الساقين أسورة

تبر ، وفوق نحور الشّرب حانات

قد وقّع الدهر سطرا في صحيفتها :

لا فارقت شارب الراح المسرّات

خذ ما تعجّل واترك ما وعدت به ،

فعل الأديب ، وفي التأخير آفات

دَيْرُ دَرْمالِسَ : قال الشابشتي : هذا الدير في رقة باب الشمّاسيّة ببغداد قرب الدار المعزّيّة ، وهو نزه كثير الأشجار والبساتين ، بقربه أجمة قصب ، وهو كبير آهل معمور بالقصف والتنزه والشرب ، وأعياد النصارى ببغداد مقسومة على ديارات معروفة ، منها : أعياد الصوم الأحد الأول في دير العاصية ، والثاني في دير الزّريقية ، والثالث دير الزّندورد ، والرابع دير درمالس هذا يجتمع إليه النصارى والمتفرجون ، وفيه يقول أبو عبد الله أحمد بن حمدون النديم :

يا دير درمالس ما أحسنك ،

ويا غزال الدير ما أفتنك!

لئن سكنت الدير يا سيدي ،

فإن في جوف الحشا مسكنك

ويحك يا قلب! أما تنتهي

عن شدة الوجد لمن أحزنك؟

ارفق به بالله يا سيدي ،

فإنه من حتفه مكّنك

دَيْرُ الدِّهْدَارِ : بنواحي البصرة في طريق القاصد لها من واسط ، وإليه ينسب نهر الدير ، وقد ذكرته في موضعه ، وهو دير قديم أزليّ كثير الرّهبان معظم عند النصارى ، وبناؤه من قبل الإسلام ، وفيه يقول محمد بن أحمد المعنوي البصري الشاعر :

كم بدير الدهدار لي من صبوح

وغبوق ، في غدوة ورواح

وإليه ينسب مجاشع الدّيري البصري ، وكان عبدا صالحا ، حكى عن أبي حبيب محمد العابدي ، روى عنه العباس بن الفضل الأزرق ، والله أعلم.

دَيْرُ دينار : ناحية بجزيرة أقور لا أدري أين موقعه منها ، قال ابن مقبل :

يا صاحبيّ انظراني ، لا عدمتكما ،

هل تؤنسان بذي ريمان من نار؟

نار الأحبّة شطّت بعد ما اقتربت ،

هيهات أهل الصفا من دير دينار!

٥٠٩

دَيرُ الرُّصافَة : هو في رصافة هشام بن عبد الملك التي بينها وبين الرقّة مرحلة للحمالين ، وسنذكرها في بابها ، وأما هذا الدير فأنا رأيته ، وهو من عجائب الدنيا حسنا وعمارة ، وأظن أنّ هشاما بنى عنده مدينته وأنه قبلها ، وفيه رهبان ومعابد ، وهو في وسط البلد ، وقد ذكر صاحب كتاب الديرة أنه بدمشق ما أرى إلّا أنه غلط منه ، وبين الرصافة هذه ودمشق ثمانية أيام ، وقد اجتاز أبو نواس بهذا الدير وقال فيه :

ليس كالدير بالرّصافة دير ،

فيه ما تشتهي النفوس وتهوى

بتّه ليلة ، فقضّيت أوطا

را ، ويوما ملأت قطريه لهوا

وكان المتوكل على الله في اجتيازه إلى دمشق قد وجد في حائط من حيطان الدير رقعة ملصقة مكتوب فيها هذه الأبيات :

أيا منزلا بالدير أصبح خاليا ،

تلاعب فيه شمأل ودبور

كأنك لم تسكنك بيض أوانس ،

ولم تتبختر في فنائك حور

وأبناء أملاك غياشم سادة ،

صغيرهم عند الأنام كبير

إذا لبسوا أدراعهم فعنابس ،

وإن لبسوا تيجانهم فبدور

على أنهم يوم اللقاء ضراغم ،

وأنهم يوم النّوال بحور

ولم يشهد الصهريج ، والخيل حوله ،

عليه فساطيط لهم وخدور

هذا شاهد على أنّ هذا الدير ليس بدمشق لأن دمشق أكثر بلاد الله أمواها ، فأي حاجة بهم إلى الصهريج وإنما الصهريج في الرصافة التي قرب الرّقة ، شاهدت بها عدة صهاريج عادية محكمة البناء ، ويشرب أهل البلد والدير منها ، وهي في وسط السور.

وحولك رايات لهم وعساكر ،

وخيل لها بعد الصهيل شخير

ليالي هشام بالرصافة قاطن ،

وفيك ابنه ، يا دير ، وهو أمير

إذا العيش غضّ والخلافة لدنة ،

وأنت طرير والزمان غرير

وروضك مرتاض ، ونورك نيّر ،

وعيش بني مروان فيك نضير

بلى! فسقاك الله صوب سحائب ،

عليك بها بعد الرواح بكور

تذكّرت قومي بينها فبكيتهم

بشجو ، ومثلي بالبكاء جدير

لعلّ زمانا جار يوما عليهم

لهم بالذي تهوى النفوس يدور

فيفرح محزون وينعم بائس ،

ويطلق من ضيق الوثاق أسير

رويدك! إنّ اليوم يتبعه غد ،

وإن صروف الدائرات تدور

فارتاع المتوكل عند قراءتها واستدعى الديرانيّ وسأله عنها ، فأنكر أن يكون علم من كتبها ، فهمّ بقتله فسأله الندماء فيه وقالوا : ليس ممن يتّهم بميل إلى دولة دون دولة ، فتركه ، ثم بان أنّ الأبيات من شعر رجل من ولد روح بن زنباع الجذامي من أخوال ولد هشام بن عبد الملك.

٥١٠

دَيْرُ الرُّمَّان : مدينة كبيرة ذات أسواق للبادية بين الرّقّة والخابور تنزلها القوافل القاصدة من العراق إلى الشام.

دَيْرُ الرُّمَّانِينَ : جمع رمّان ، بلفظ جمع السلامة ، يعرف أيضا بدير السابان : وهو بين حلب وأنطاكية مطلّ على بقعة تعرف بسرمد ، وهو دير حسن كبير ، وهو الآن خراب وآثاره باقية ، وفيه يقول الشاعر :

ألف المقام بدير رمّانينا

للروض إلفا والمدام خدينا

والكاس والإبريق يعمل دهره ،

وتراه يجني الآس والنسرينا

ديْرُ الرومِ : وهو بيعة كبيرة حسنة البناء محكمة الصنعة للنسطورية خاصة ، وهي ببغداد في الجانب الشرقي منها ، وللجاثليق قلّاية إلى جانبها ، وبينه وبينها باب يخرج منه إليها في أوقات صلاتهم وقربانهم ، وتجاور هذه البيعة بيعة لليعقوبية مفردة لهم حسنة المنظر عجيبة البناء مقصودة لما فيها من عجائب الصور وحسن العمل ، والأصل في هذا الاسم أن أسرى من الروم قدم بهم إلى المهدي وأسكنوا دارا في هذا الموضع فسميت بهم وبنيت البيعة هناك وبقي الاسم عليها ، ولمدرك بن علي الشيباني وكان يطرق هذه البيعة في الآحاد والأعياد للنظر إلى من فيها من المردان والوجوه الحسان من الشمامسة والرّهبان في خلق ممن يقصد الموضع لهذا الشأن فقال :

وجوه بدير الروم قد سلبت عقلي ،

فأصبحت في خبل شديد من الخبل

فكم من غزال قد سبى العقل لحظه ،

ومن ظبية رامت بألحاظها قتلي

وكم قدّ من قلب بقدّ ، وكم بكت

عيون لما تلقى من الأعين النّجل

بدور وأغصان غنينا بحسنها

عن البدر في الإشراق ، والغصن في الشكل

فلم تر عيني منظرا قطّ مثلهم ،

ولم تر عين مستهاما بهم مثلي

إذا رمت أن أسلو أبى الشوق والهوى ،

كذاك الهوى يغري المحبّ ولا يسلي

وقال أيضا :

رئم بدير الروم رام قتلي

بمقلة كحلاء لا عن كحل

وطرّة بها استطار عقلي ،

وحسن دلّ وقبيح فعل

دَيْرُ الزُّرنُوق : بالزاي ثم الراء الساكنة ، ونون ، وآخره قاف : في جبل مطلّ على دجلة ، بينه وبين جزيرة ابن عمر فرسخان ، وهو معمور إلى الآن ، وهو ذو بساتين وخمر كثير ويعرف بعمر الزرنوق ، وإلى جانبه دير آخر يعرف بالعمر الصغير ، كثير الرهبان والمتنزهات ، قال الشابشتي : كان هذا الدير يسمّى باسم دير بطيزناباذ بين الكوفة والقادسية على وجه الطريق ، بينه وبين القادسية ميل.

دَيْرُ الزَّعْفَرَان : ويسمّى عمر الزّعفران : قرب جزيرة ابن عمر تحت قلعة أردمشت ، هو في لحف جبل والقلعة مطلّة عليه ، وبه نزل المعتضد لما حاصر هذه القلعة حتى فتحها ، ولأهله ثروة وفيهم كثرة ، ودير الزّعفران أيضا : بقربه على الجبل المحاذي لنصيبين كان يزرع فيه الزعفران ، وهو دير نزه فرح لأهل اللهو به مشاهد ، ولهم فيه أشعار ، وفي جبل نصيبين عدّة أديرة أخر ، ولمصعب الكاتب في

٥١١

دير الزعفران :

عمرت بقاع عمر الزعفران

بفتيان غطارفة هجان

بكلّ فتًى يحنّ إلى التصابي ،

ويهوى شرب عاتقة الدّنان

ظللنا نعمل الكاسات فيه

على روض كنقش الخسروان

وأغصان تميل بها ثمار

قريبات من الجاني دوان

وغزلان مراتعها فؤادي ،

شجاني منهم ما قد شجاني

وينجوهم ويوحنّا .....

ذوا الإحسان والصّور الحسان

رضيت بهم من الدنيا نصيبا ،

غنيت بهم عن البيض الغواني

أقبّل ذا وألثم خدّ هذا ،

وهذا مسعد سلس العنان

فهذا العيش لا حوض ونؤي ،

ولا وصف المعالم والمغاني

دَيْرُ زَكَّى : بفتح أوله ، وتشديد الكاف ، مقصور : هو دير بالرّها بإزائه تلّ يقال له تل زفر بن الحارث الكلابي ، وفيه ضيعة يقال لها الصالحية اختطها عبد الملك بن صالح الهاشمي ، كذا قال الأصبهاني ، وقال الخالدي : هو بالرّقة قريب من الفرات ، قال الشابشتي : هو بالرقة وعلى جنبيه نهر البليخ ، وأنشد للصّنوبري :

أراق سجاله ، بالرّقّتين ،

جنوبيّ صحوب الجانبين

ولا اعتزلت عزاليه المصلّى ،

بلى خرّت على الخرّارتين

وأهدى للرضيف رضيف مزن ،

يعاوده طرير الطّرّتين

معاهد بل مآلف باقيات

بأكرم معهدين ومألفين

يضاحكها الفرات بكلّ فنّ ،

فتضحك عن نضار أو لجين

كأن الأرض من حمر وصفر

عروس تجتلى في حلّتين

كأن عناق نهري دير زكّى ،

إذا اعتنقا ، عناق متيّمين

وقت ذاك البليخ يد الليالي ،

وذاك النيل من متجاورين

أقاما كالشّواريز استدارت

على كتفيه ، أو كالدّملجين

أيا متنزّهي في دير زكّى ،

ألم تك نزهتي بك نزهتين؟

أردّد بين ورد نداك طرفا

تردّد بين ورد الوجنتين

ومبتسم كنظمي أقحوان

جلاه الطلّ بين شقيقتين

ويا سفن الفرات بحيث تهوي

هويّ الطير بين الجلهتين

تطارد مقبلات مدبرات

على عجل تطارد عسكرين

ترانا واصليك كما عهدنا

بوصل لا ننغّصه ببين

ألا يا صاحبيّ خذا عناني

هواي ، سلمتما من صاحبين

٥١٢

لقد غصبتني الخمسون فتكي

وقامت بين لذّاتي وبيني

كأن اللهو عندي كابن أمّي ،

فصرنا بعد ذاك كعلّتين

وفي هذا الدير يقول الرشيد أمير المؤمنين :

سلام على النازح المغترب

تحية صبّ به مكتئب

غزال مراتعه بالبليخ

إلى دير زكّى فجسر الخشب

أيا من أعان على نفسه

بتخليفه طائعا من أحبّ

سأستر ، والستر من شيمتي ،

هوى من أحبّ لمن لا أحبّ

ودير زكّى : قرية بغوطة دمشق معروفة ، وقد مرّ بهذا الدير عبد الله بن طاهر ومعه أخ له فشربا فيه وخرجا إلى مصر فمات أخوه بها وعاد عبد الله بن طاهر فنزل في ذلك الموضع فتشوّق أخاه فقال :

أيا سروتي بستان زكى سلمتما ،

وغال ابن أمي نائب الحدثان

ويا سروتي بستان زكى سلمتا ،

ومن لكما أن تسلما بضمان

دَيرُ الزَّنْدَوَرْد : قال الشابشتي : هو في الجانب الشرقي من بغداد ، وحدّها من باب الأزج إلى السفيعي ، وأرضها كلها فواكه وأترج وأعناب وهي من أجود الأعناب التي تعصر ببغداد ، وفيها يقول أبو نواس :

فسقّني من كروم الزّندورد ضحى

ماء العناقيد في ظلّ العناقيد

قلت أنا : والمعروف المشهور أن الزندورد مدينة كانت إلى جنب واسط في عمل كسكر ، ذكره ابن الفقيه وغيره ، وقد ذكر في بابه ، قال : فقد قال جحظة في دير الزندورد :

سقيا ورعيا لدير الزندورد وما

يحوي ويجمع من راح وغزلان

دير تدور به الأقداح مترعة

بكفّ ساق مريض الطرف وسنان

والعود يتبعه ناي بواقعه ،

والشّدو يحكمه غصن من البان

والقوم فوضى فضا ، هذا يقبّل ذا ،

وذاك إنسان سوء فوق إنسان

دَيرُ زُور : بتقديم الزاي ، وسكون الواو ، وراء ، مضبوط بخط ابن الفرات ، هكذا قال الساجي ، وقال المدائني عن أشياخه : بعث عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، في سنة ١٤ شريح بن عامر أخا سعد ابن بكر إلى البصرة وقال له : كن ردءا للمسلمين ، فسار إلى الأهواز فقتل بدير زور.

دَيرُ سابا : قرية بالموصل.

دَيرُ السَّابان : وهو دير رمّانين ، وقد ذكر ، قالوا : وتفسيره بالسريانية دير الشيخ.

دَيرُ سابُر : قرب بغداد بين قرية يقال لها المزرفة وأخرى يقال لها الصالحية ، وفي الجانب الغربي من دجلة قرية يقال لها بزوغى ، وهي قرية عامرة نزهة كثيرة البساتين ، وقد ذكر هذا الدير الحسين بن الضحاك الخليع فقال:

وعواتق باشرت بين حدائق

ففضضتهنّ وقد عنين محاحا

أتبعت وخزة تلك وخزة هذه

حتى شربت دماءهنّ جراحا

٥١٣

أبرزتهنّ من الخدور حواسرا ،

وتركت صون حريمهنّ مباحا

في دير سابر والصباح يلوح لي ،

فجمعت بدرا والصباح وراحا

ومنعّم نازعت فضل وشاحه

وكسوته من ساعديّ وشاحا

ترك الغيور يعضّ جلدة زنده ،

وأمال أعطافا عليّ ملاحا

ففعلت ما فعل المشوق بليلة

عادت لذاذتها عليّ صباحا

فاذهب بظنك كيف شئت وكلّه

مما اقترفت تغطرسا وجماحا

ودير سابر : من نواحي دمشق ، سكنها عمر بن محمد ابن عبد الله بن زيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ، سماه ابن أبي الفجار وذكر أنه كان يسكن دير سابر من إقليم خولان ، ذكره في تاريخ دمشق وذكره أيضا عتبة بن معاوية بن عثمان بن زيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي.

دَيْرُ سَرْجِس وبكُّس : وهو منسوب إلى راهبين بنجران ، وفيهما يقول الشاعر :

أيا راهبي نجران ما فعلت هند ،

أقامت على عهدي فإنّي لها عبد

إذا بعد المشتاق رثّت حباله ،

وما كلّ مشتاق يغيّره البعد

وقال الشابشتي : كان هذا الدير بطيزناباذ بين الكوفة والقادسية على وجه الأرض ، بينه وبين القادسية ميل ، وكان محفوفا بالكروم والأشجار والحانات ، وقد خرب وبطل ولم يبق منه إلّا خرابات على ظهر الطريق يسميها الناس قباب أبي نواس ، وفيه يقول الحسين ابن الصمّان :

أخويّ حيّ على الصّبوح صباحا ،

هبا ولا بعد النديم صباحا

هذا الشميط كأنه متحيّر

في الأفق سدّ طريقه فألاحا

مهما أقام على الصّبوح مساعد

وعلى الغبوق فلن أريد براحا

عودا لعادتنا صبيحة أمسنا ،

فالعود أحمد مغتدى ومراحا

هل تعذران بدير سرجس صاحبا

بالصحو أو تريان ذاك جناحا؟

إنّي أعيذكما بعشرة بيننا

أن تشربا بقرى الفرات قراحا

عجّت قوافزنا وقدّس قسّنا

هزجا وأصبح ذا الدّجاج صياحا

للجاشريّة فضلها فتعجّلا

إن كنتما تريان ذاك صلاحا

يا ربّ ملتمس الجنون بنومة

نبّهته بالراح حين أراحا

فكأن ريّا الكأس حين ندبته

للكأس أنهض في حشاه جناحا

فأجاب يعثر في فضول ردائه

عجلان يخلط بالعثار مراحا

ما زال يضحك بي ويضحكني به

ما يستفيق دعابة ومزاحا

فهتكت ستر مجونه بتهتّك

في كل ملهية وبحت وباحا

دَيْرُ سعد : بين بلاد غطفان والشام ، عن الحازمي ، قال أبو الفرج عليّ بن الحسين : أخبرنا الحرمي بن

٥١٤

أبي العلاء قال : حدثنا الزبير بن بكار قال : حدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال : وجدت في كتاب بخط الضحاك قال : خرج عقيل بن علفّة وجثّامة وابنته الجرباء حتى أتوا بنتا له ناكحا في بني مروان بالشامات ، ثم إنهم قفلوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال عقيل بن علّفة :

قضت وطرا من دير سعد وطالما

على عرض ناطحنه بالجماجم

إذا هبطت أرضا يموت غرابها

بها عطشا أعطينهم بالخزائم

ثم قال : أنفذ يا جثّامة ، فقال جثّامة :

فأصبحن بالموماة يحملن فتية

نشاوى من الإدلاج ميل العمائم

إذا علم غادرنه بتنوفة

تذارعن بالأيدي لآخر طاسم

ثم قال : أنفذي يا جرباء ، فقالت :

كأنّ الكرى سقّاهم صرخديّة

عقارا تمطّى في المطا والقوائم

فقال عقيل : شربتها ورب الكعبة! لولا الأمان لضربت بالسيف تحت قرطك! أما وجدت من الكلام غير هذا؟ فقال جثّامة : وهل أساءت؟ إنما أجادت وليس غيري وغيرك! فرماه عقيل بسهم فأصاب ساقه وأنفذ السهم ساقه والرجل ثم شدّ على الجرباء فعقر ناقتها ثم حملها على ناقة جثّامة وتركه عقيرا مع ناقة الجرباء ثم قال : لولا أن تسبّني بنو مرّة لما عشت ، ثم خرج متوجها إلى أهله وقال : لئن أخبرت أهلك بشأن جثامة أو قلت لهم إنه أصابه غير الطاعون لأقتلنك! فلما قدموا على أهل أبير ، وهم بنو القين ، ندم عقيل على فعله بجثامة فقال لهم : هل لكم في جزور انكسرت؟ قالوا : نعم ، قال : فالزموا أثر هذه الراحلة حتى تجدوا الجزور ، فخرج القوم حتى انتهوا إلى جثّامة فوجدوه قد أنزفه الدم ، فاحتملوه وتقسموا الجزور وأنزلوه عليهم وعالجوه حتى برأ وألحقوه بقومه ، فلما كان قريبا منهم تغنّى :

أيعذر لا حينا ويلحين في الصّبا

وما هنّ والفتيان إلّا شقائق

فقال له القوم : إنما أفلتّ من الجراحة التي جرحك أبوك آنفا وقد عاودت ما يكرهه فأمسك عن هذا ونحوه إذا لقيته لا يلحقك منه شرّ وعرّ ، فقال : إنما هي خطرة خطرت والراكب إذا سار تغنّى.

دير سعيد : بغربي الموصل قريب من دجلة حسن البناء واسع الفناء وحوله قلالي كثيرة للرهبان ، وهو إلى جانب تلّ يقال له تلّ بادع يكتسي أيام الربيع طرائف الزهر ، وكانت عنده وقعة بين مونس الخادم وبين بني حمدان ، وفيها قتل داود بن حمدان سنة ٣٢٠ ، وهو منسوب إلى سعيد بن عبد الملك بن مروان ، وكان يتقلد إمارة الموصل في أيام أبيه فاعتلّ وكان له طبيب يقال له سعيد أيضا نصرانيّ ، فلما برأ قال له : اختر ما شئت ، فقال : أحب أن أبتني ديرا بظاهر الموصل وتهب لي أرضه ، فأجابه إلى ذلك فبنى ، وقال الخالدي : هذا محال ، والصحيح أنّ ثلاثة من رهبان النصارى اجتازوا بالموصل قبل الإسلام بأكثر من مائة سنة فاستطابوا أرضها فبنى كل واحد منهم ديرا نسب إليه ، وهم : سعيد وقنّسرين وميخائيل ، وهذه الثلاثة معروفة ، وكل واحد منها متقارب من الآخر ، وقد قال النصارى : ولتراب دير سعيد هذا خاصية في دفع أذى العقارب وإذا

٥١٥

رشّ بترابه بيت قتل عقاربه.

دَير سُلَيمانَ : بالثغر قرب دلوك مطلّ على مرج العين ، وهو غاية في النزاهة ، قال أبو الفرج : أخبرني جعفر بن قدامة قال : ولي إبراهيم بن المدبر عقيب نكبته وزوالها عنه الثغور الجزريّة وكان أكثر مقامه بمنبج ، فخرج في بعض ولايته إلى نواحي دلوك برعبان وخلّف بمنبج جارية كان يتحظاها يقال لها غادر فنزل بدلوك على جبل من جبالها بدير يعرف بدير سليمان من أحسن بلاد الله وأنزهها ودعا بطعام خفيف فأكل وشرب ثم دعا بدواة وقرطاس فكتب :

أيا ساقيينا وسط دير سليمان

أديرا الكؤوس فانهلاني وعلّاني

وخصّا بصافيها أبا جعفر أخي ،

فذا ثقتي دون الأنام وخلصاني

وميلا بها نحو ابن سلّام الذي

أودّ وعودا بعد ذاك لنعمان

وعمّا بها النعمان والصحب ، إنني

تنكّرت عيشي بعد صحبي وإخواني

ولا تتركا نفسي تمت بسقامها

لذكرى حبيب قد سقاني وغنّاني

ترحّلت عنه عن صدود وهجرة ،

فأقبل نحوي وهو باك فأبكاني

وفارقته ، والله يجمع شملنا ،

بلوعة محزون وغلّة حرّان

وليلة عين المرج زار خياله

فهيّج لي شوقا وجدّد أحزاني

فأشرفت أعلى الدير أنظر طامحا

بألمح آماق وأنظر إنسان

لعلِّي أرى أبيات منبج رؤية

تسكّن من وجدي وتكشف أشجاني

فقصّر طرفي واستهلّ بعبرة ،

وفدّيت من لو كان يدري لفدّاني

ومثّله شوقي إليه مقابلي ،

وناجاه عني بالضمير وناجاني

دَير سَمالُو : في رقة الشّمّاسية ببغداد مما يلي البردان ، وينجز بين يديه نهر الخالص وهو نهر المهدي ، ذكر البلاذري في كتاب الفتوح أن الرشيد غزا في سنة ١٦٣ أهل صمالو ، فسألوا الأمان لعشرة أبيات فيهم القومس وأن لا يفرق بينهم ، فأجابهم إلى ذلك ، فأنزلوا بغداد على باب الشّمّاسية فسمّوا موضعهم سمالو ، غيّروا الصاد بالسين ، وبنوا هناك ديرا ، وهو دير مشيد البناء كثير الرهبان وبين يديه أجمة قصب يرمي فيها الطير ، قال أحمد بن عبيد الله البديهي يذكره :

هل لك في الرّقّة والدير ،

دير سمالو مسقط الطير

وقال أيضا فيه :

الدير دير سمالو للهوى وطر ،

بكّر فإن نجاح الحاجة البكر

أما ترى الغيم ممدودا سرادقه

على الرياض ودمع المزن ينتثر

والدير في لبس شتى مناكبه ،

كأنما نشرت في أفقه الحبر

تألّفت حوله الغدران لامعة

كما تألّف في أفنائه الزهر

أما ترى الهيكل المعمور في صور

من الدّمى بينها من إنسه صور

٥١٦

دير سِمْعان : يقال بكسر السين وفتحها : وهو دير بنواحي دمشق في موضع نزه وبساتين محدقة به وعنده قصور ودور وعنده قبر عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، وقال فيه بعض الشعراء يرثيه :

قد قلت إذ أودعوه الترب وانصرفوا :

لا يبعدنّ قوام العدل والدين

قد غيّبوا في ضريح الترب منفردا

بدير سمعان قسطاس الموازين

من لم يكن همه عينا يفجّرها

ولا النخيل ولا ركض البراذين

وروي أن صاحب الدير دخل على عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه بفاكهة أهداها له فأعطاه ثمنها ، فأبى الدّيراني أخذه فلم يزل به حتى قبض ثمنها ، ثم قال : يا ديراني إني بلغني أن هذا الموضع ملككم ، فقال : نعم ، فقال : إني أحب أن تبيعني منه موضع قبر سنة فإذا حال الحول فانتفع به ، فبكى الديرانيّ وحزن وباعه فدفن به ، فهو الآن لا يعرف ، وقال كثيّر :

سقى ربّنا من دير سمعان حفرة

بها عمر الخيرات رهنا دفينها

صوابح من مزن ثقال غواديا

دوالح دهما ما خضات دجونها

وقال الشريف الرضي الموسوي :

يا ابن عبد العزيز لو بكت العي

ن فتى من أميّة لبكيتك

أنت أنقذتنا من السبّ والشت

م ، فلو أمكن الجزا لجزيتك

دير سمعان لا عدتك الغوادي!

خير ميت من آل مروان ميتك

وفيه يقول أبو فراس بن أبي الفرج البزاعي وقد مرّ به فرآه خرابا فغمّه :

يا دير سمعان قل لي أين سمعان ،

وأين بانوك خبّرني متى بانوا؟

وأين سكّانك اليوم الألى سلفوا ،

قد أصبحوا وهم في الترب سكان

أصبحت قفرا خرابا مثل ما خربوا

بالموت ثم انقضى عمرو وعمران

وقفت أسأله جهلا ليخبرني ،

هيهات من صامت بالنطق تبيان

أجابني بلسان الحال : إنهم

كانوا ، ويكفيك قولي إنهم كانوا

وأما الذي في جبل لبنان فمختلف فيه ، وسمعان هذا الذي ينسب الدير إليه أحد أكابر النصارى ويقولون إنه شمعون الصّفا ، والله أعلم ، وله عدة ديرة ، منها هذا المقدّم ذكره وآخر بنواحي أنطاكية على البحر ، وقال ابن بطلان في رسالته : وبظاهر أنطاكية دير سمعان وهو مثل نصف دار الخلافة ببغداد يضاف به المجتازون وله من الارتفاع كلّ سنة عدة قناطير من الذهب والفضة ، وقيل إن دخله في السنة أربعمائة ألف دينار ، ومنه يصعد إلى جبل اللّكّام ، وقال يزيد بن معاوية :

بدير سمعان عندي أمّ كلثوم

هذه رواية قوم ، والصحيح أن يزيد إنما قال بدير مرّان ، وقد ذكر في موضعه. ودير سمعان أيضا : بنواحي حلب بين جبل بني عليم والجبل الأعلى.

دَيْرُ السَّوَا : بظاهر الحيرة ، ومعناه دير العدل لأنهم كانوا يتحالفون عنده فيتناصفون ، وقال الكلبي : هو منسوب إلى رجل من إياد ، وقيل : هو منسوب إلى

٥١٧

بني حذافة ، وقيل : السوا امرأة منهم ، وقيل : السوا أرض نسب الدير إليها ، وذكر في شعر أبي دواد الإيادي حيث قال :

بل تأمّل ، وأنت أبصر مني ،

قصد دير السّوا بعين جليّه

لمن الظّعن بالضحى واردات

جدول الماء ثم رحن عشيه

مظهرات رقما تهال له العي

ن وعقلا وعقمة فارسيه

دَيرُ السوسِيِّ : قال البلاذري : هو دير مريم بناه رجل من أهل السوس وسكنه هو ورهبان معه فسمي به ، وهو بنواحي سرّ من رأى بالجانب الغربي ، ذكره عبد الله بن المعتز فقال :

يا لياليّ بالمطيرة فالكر

خ ودير السوسيّ بالله عودي

كنت عندي أنموذجات من الج

نة لكنها بغير خلود

أشرب الراح وهي تشرب عقلي ،

وعلى ذاك كان قتل الوليد

دَيرُ الشاءِ : بأرض الكوفة على رأس فرسخ وميل من النخيلة ، والله أعلم.

دَيرُ الشَّمَع : دير قديم معظّم عند النصارى بنواحي الجيزة من مصر ، بينه وبين الفسطاط ثلاثة فراسخ مصعدا على النيل ، وبه كرسي البطريك بمصر وبه مستقرّه ما دام بمصر.

دَيرُ الشياطينِ : بين مدينة بلد والموصل ، وهو بين جبلين في فم الوادي بالقرب من أوسل مشرف على دجلة في موضع حسن الهواء والرواء ، وفيه يقول السري الرفاء :

عصى الرشاد وقد ناداه مذ حين ،

وراكض الغيّ في تلك الميادين

ما حنّ شيطانه الآتي إلى بلد

إلا ليقرب من دير الشياطين

وفتية زهَّر الآداب بينهم

أبهى وأنضر من زهر البساتين

مشوا إلى الراح مشي الرّخّ وانصرفوا ،

والراح تمشي بهم مشي الفرازين

تفرّغوا بين أعطان الهياكل في

تلك الجنان وأقمار الدواوين

حتى إذا أنطق الناقوس بينهم

مزنّر الخصر روميّ القرابين

يرى المدامة دينا ، حبّذا رجل

يعتدّ لذة دنياه من الدين

وقال فيه الخباز البلدي :

رهبان دير سقوني الخمر صافية

مثل الشياطين في دير الشياطين

غدوا سراعا كأمثال السهام بدت

من القسيّ وراحوا كالعراجين

دَيرُ شيخٍ : وهو دير تل عزاز ، وعزاز : مدينة لطيفة من أعمال حلب ، بينها وبين حلب خمسة فراسخ ، وفيه يقول إسحاق الموصلي :

وظبي فاتن في دير شيخ

سحور الطرف ذي وجه مليح

وفيه يقول أيضا :

إن قلبي بالتل تل عزاز

عند ظبي من الظباء الجوازي

دَيرُ صباعى : في شرقي تكريت مقابل لها مشرف على دجلة ، وهو نزه مليح عامر وفيه مقصد لأهل الخلاعة ،

٥١٨

وفيه يقول بعضهم :

حنّ الفؤاد إلى دير بتكريت

إلى صباعى وقسّ الدير عفريت

دَيرُ صَلوبَا : من قرى الموصل ، والله أعلم.

دَيرُ صَلِيبا : بنواحي دمشق مقابل باب الفراديس ويعرف بدير خالد أيضا لأن خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، لما نزل محاصرا لدمشق كان نزوله به ، وفيه يقول أبو الفتح محمد بن علي المعروف بأبي اللقاء :

جنة لقّبت بدير صليبا ،

مبدعا حسنه كمالا وطيبا

جئته للمقام يوما فظلنا

فيه شهرا ، وكان أمرا عجيبا

شجر محدق به ومياه

جاريات والروض يبدو ضروبا

من بديع الألوان يضحي به الثا

كل مما يرى لديه طروبا

كم رأينا بدرا به فوق غصن

مائس قد علا بشكل كثيبا

وشربنا به الحياة مداما

تطلع الشمس في الكؤوس غروبا

فكأن الظلام فيها نهار

لسناها تسرّ منّا القلوبا

لست أنسى ما مرّ فيه ولا أج

عل مدحي إلا لدير صليبا

دَيرُ طَمْوَيه : وطمويه : قرية بالمغرب من النيل بمصر بإزاء موضع يقال له حلوان ، والدير راكب النيل وقد أحدقت به الأشجار والنخيل والكروم ، وهو دير نزه عامر آهل ، وهو أحد متنزهات مصر ، وقد قال فيه ابن عاصم المصري :

أقصرا عن ملامي اليوم ، إني

غير ذي سلوة ولا إقصار

فسقى الله دير طمويه غيثا

بغواد موصولة بسوار

وله أيضا :

واشرب بطمويه من صهباء صافية ،

تزري بخمر قرى هيت وعانات

على رياض من النّوّار زاهرة ،

تجري الجداول منها بين جنات

كأن نبت الشقيق العصفريّ بها

كاسات خمر بدت في إثر كاسات

كأن نرجسها من حسنه حدق

في خفية يتناجى بالإشارات

كأنما النيل في مرّ النسيم به

مستلئم في دروع سابريات

منازلا كنت مفتونا بها يفعا ،

وكنّ قدما مواخيري وحاناتي

إذ لا أزال ملحّا بالصّبوح على

ضرب النواقيس صبّا في الديارات

دَيرُ الطوَاوِيسِ : جمع طاووس هذا الطير المنمق الألوان : وهو بسامراء متصل بكرخ جدّان يشرف عند حدود آخر الكرخ على بطن يعرف بالنبيّ ، فيه مزدرع يتصل بالدور وبنيانها ، وهي الدور المعروفة بدور عربايا ، وهو قديم كان منظرة لذي القرنين ويقال لبعض الأكاسرة فاتخذه النصارى ديرا في أيام الفرس.

دَيرُ الطُّورِ : الطور في الأصل : الجبل المشرف ، وقد ذكرته في بابه ، وأما الطور المذكور ههنا :

٥١٩

فهو جبل مستدير واسع الأسفل مستدير الرأس لا يتعلق به شيء من الجبال وليس له إلا طريق واحد ، وهو ما بين طبرية واللّجون مشرف على الغور ومرج اللّجون ، وفيه عين تنبع بماء غزير كثير ، والدير في نفس القبلة مبنيّ بالحجر وحوله كروم يعتصرونها ، فالشراب عندهم كثير ، ويعرف أيضا بدير التّجلي لأن المسيح ، عليه السلام ، على زعمهم تجلى فيه لتلامذته بعد أن رفع حتى أراهم نفسه وعرفوه ، والناس يقصدونه من كل موضع فيقيمون به ويشربون فيه ، وموضعه حسن يشرف على طبرية والبحيرة وما والاها وعلى اللجون ، وفيه يقول مهلهل بن عريف المزرع :

نهضت إلى الطور في فتية

سراع النهوض إلى ما أحبّ

كرام الجدود حسان الوجوه ،

كهول العقول شباب اللعب

فأيّ زمان بهم لم يسرّ ،

وأيّ مكان بهم لم يطب؟

أنخت الركاب على ديره ،

وقضّيت من حقه ما يجب

دَيْرُ طورِ سِينا : ويقال كنيسة الطور : وهو في قلّة طور سينا وهو الجبل الذي تجلى فيه النور لموسى ، عليه السلام ، وفيه صعق ، وهو في أعلى الجبل مبنيّ بحجر أسود ، عرض حصنه سبعة أذرع ، وله ثلاثة أبواب حديد ، وفي غربيه باب لطيف وقدّامه حجر إذا أرادوا رفعه رفعوه وإذا قصدهم قاصد أرسلوه فانطبق على الموضع فلم يعرف مكان الباب ، وداخلها عين ماء وخارجها عين أخرى ، وزعم النصارى أنّ بها نارا من أنواع النار الجديدة التي كانت ببيت المقدس يوقدون منها في كلّ عشية ، وهي بيضاء ضعيفة الحرّ لا تحرق ثم تقوى إذا أوقد منها السرج ، وهو عامر بالرهبان والناس يقصدونه ، وقال فيه ابن عاصم :

يا راهب الدير ما ذا الضوء والنور ،

فقد أضاء بما في ديرك الطور

هل حلّت الشمس فيه دون أبرجها ،

أم غيّب البدر عنه فهو مستور؟

فقال : ما حلّه شمس ولا قمر ،

لكنما قرّبت فيه القوارير

دَيرُ الطِّينِ : بأرض مصر على شاطئ نيل مصر في طريق الصعيد قرب الفسطاط متصل ببركة الحبش عند العدوية.

دَيرُ الطَّيْرِ : بنواحي إخميم دير عامر يقصدونه من كل موضع ، وهو بقرب الجبل المعروف بجبل الكهف ، وفي موضع من الجبل شقّ فإذا كان يوم عيد هذا الدير لم يبق بوقير ، وهو صنف من الطيور ، في البلد إلّا ويجيء إلى الموضع فيكون أمرا عظيما بكثرتها واجتماعها وصياحها عند الشقّ ، ثم لا يزال الواحد بعد الواحد يدخل رأسه في ذلك الشقّ ويصيح ويخرج ويجيء غيره إلى أن ينشب رأس أحدها في الشقّ فيضطرب حتى يموت وتنصرف البقيّة ولا يبقى منها طائر ، ذكره الشابشتي كما ذكرته سواء.

دَيْرُ العَاقُولِ : بين مدائن كسرى والنّعمانية ، بينه وبين بغداد خمسة عشر فرسخا على شاطئ دجلة كان ، فأمّا الآن فبينه وبين دجلة مقدار ميل ، وكان عنده بلد عامر وأسواق أيام كان النهروان عامرا ، فأمّا الآن فهو بمفرده في

وسط البريّة وبالقرب منه دير قنّى ، وفيه يقول الشاعر :

٥٢٠