معجم البلدان - ج ٢

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٢

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩

١
٢

[ت]

باب التاء والألف وما يليهما

التاجُ : اسم لدار مشهورة جليلة المقدار واسعة الأقطار ببغداد من دور الخلافة المعظمة ، كان أول من وضع أساسه وسماه بهذه التسمية أمير المؤمنين المعتضد ، ولم يتم في أيامه فأتمه ابنه المكتفي ، وأنا أذكر هاهنا خبر الدار العزيزة وسبب اختصاصها بهذا الاسم بعد أن كانت دور الخلافة بمدينة المنصور إلى أن أذكر قصة التاج وما يضامّه من الدور المعمورة المعظمة : كان أول ما وضع من الأبنية بهذا المكان قصر جعفر بن يحيى ابن خالد بن برمك ، وكان السبب في ذلك أن جعفرا كان شديد الشغف بالشرب والغناء والتهتك ، فنهاه أبوه يحيى فلم ينته ، فقال : إن كنت لا تستطيع الاستتار فاتخذ لنفسك قصرا بالجانب الشرقي واجمع فيه ندماءك وقيانك وقضّ فيه معهم زمانك وابعد عن عين من يكره ذلك منك ، فعمد جعفر فبنى بالجانب الشرقي قصرا موضع دار الخلافة المعظمة اليوم وأتقن بناءه وأنفق عليه الأموال الجمّة ، فلما قارب فراغه سار إليه في أصحابه وفيهم مؤنس بن عمران وكان عاقلا ، فطاف به واستحسنه وقال كل من حضر في وصفه ومدحه وتقريظه ما أمكنه وتهيّأ له ، هذا ومؤنس ساكت ، فقال له جعفر : ما لك ساكت لا تتكلم وتدخل معنا في حديثنا؟ فقال : حسبي ما قالوا ، فعلم أن تحت قول مؤنس شيئا فقال : وأنت إذا فنك ، فقد أقسمت لتقولن ، فقال : أما إذا أبيت إلا أن أقول فيصير علي الحق ، قال : نعم واختصر ، فقال : أسألك بالله إن مررت الساعة بدار بعض أصحابك وهي خير من دارك هذه ما كنت صانعا؟ قال : حسبك فقد فهمت ، فما الرأي؟ قال : إذا صرت إلى أمير المؤمنين وسألك عن تأخرك فقل سرت إلى القصر الذي بنيته لمولاي المأمون. فأقام جعفر في القصر بقية ذلك اليوم ثم دخل على الرشيد ، فقال له : من أين أقبلت وما الذي أخّرك إلى الآن؟ فقال : كنت في القصر الذي بنيته لمولاي المأمون بالجانب الشرقي على دجلة ، فقال له الرشيد : وللمأمون بنيته! قال : نعم يا أمير المؤمنين ، لأنه في ليلة ولادته جعل في حجري قبل أن يجعل في حجرك واستخدمني أبي له فدعاني ذلك إلى أن اتخذت له بالجانب الشرقي قصرا لما بلغني من صحة هوائه ليصحّ مزاجه ويقوى ذهنه ويصفو ، وقد كتبت إلى النواحي

٣

باتخاذ فرش لهذا الموضع ، وقد بقي شيء لم يتهيأ اتخاذه وقد عوّلنا على خزائن أمير المؤمنين ، إما عارية أو هبة ، قال : بل هبة ، وأسفر إليه بوجهه ووقع منه بموقع وقال : أبى الله أن يقال عنك إلا ما هو لك أو يطعن عليك إلا يرفعك ، وو الله لا سكنه أحد سواك ولا تمم ما يعوزه من الفرش إلا من خزائننا ، وزال من نفس الرشيد ما كان خاطره وظفر بالقصر بطمأنينة ، فلم يزل جعفر يتردّد إليه أيام فرجه ومتنزّهاته إلى أن أوقع بهم الرشيد ، وكان إلى ذلك الوقت يسمّى القصر الجعفري ، ثم انتقل إلى المأمون فكان من أحبّ المواضع إليه وأشهاها لديه ، واقتطع جملة من البرية عملها ميدانا لركض الخيل واللعب بالصوالجة وحيّزا لجميع الوحوش وفتح له بابا شرقيّا إلى جانب البرية وأجرى فيه نهرا ساقه من نهر المعلّى وابتنى مثله قريبا منه منازل برسم خاصته وأصحابه سميت المأمونية ، وهي إلى الآن الشارع الأعظم فيما بين عقدي المصطنع والزّرّادين ، وكان قد أسكن فيه الفضل والحسن ابني سهل ، ثم توجّه المأمون واليا بخراسان والمقام بها وفي صحبته الفضل والحسن ، ثم كان الذي كان من إنفاذ العساكر ومقتل الأمين على يد طاهر بن الحسين ومصير الأمر إلى المأمون ، فأنفذ الحسن بن سهل خليفة له على العراق ، فوردها في سنة ١٩٨ ، ونزل في القصر المذكور وكان يعرف بالمأموني ، وشفع ذلك أن تزوّج المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل بمرو بولاية عمها الفضل ، فلما قدم المأمون من خراسان في سنة ٢٠٣ دخل إلى قصور الخلافة بالخلد وبقي الحسن مقيما في القصر المأموني إلى أن عمل على عرس بوران بفم الصّلح ، ونقلت إلى بغداد وأنزلت بالقصر ، وطلبه الحسن من المأمون فوهبه له وكتبه باسمه وأضاف إليه ما حوله ، وغلب عليه اسم الحسن فعرف به مدة ، وكان يقال له القصر الحسني. فلما طوت العصور ملك المأمون والقصور وصار الحسن بن سهل من أهل القبور ، بقي القصر لابنته بوران إلى أيّام المعتمد على الله ، فاستنزلها المعتمد عنه وأمر بتعويضها منه ، فاستمهلته ريثما تفرغ من شغلها وتنقل مالها وأهلها ، وأخذت في إصلاحه وتجديده ورمّه وأعادت ما دثر منه وفرشته بالفرش المذهبة والنمارق المقصبة وزخرفت أبوابه بالستور وملأت خزائنه بأنواع الطّرف مما يحسن موقعه عند الخلفاء ورتبت في خزائنه ما يحتاج إليه الجواري والخدم الخصيان ، ثم انتقلت إلى غيره وراسلت المعتمد باعتماد أمره ، فأتاه فرأى ما أعجبه وأرضاه واستحسنه واشتهاه وصار من أحبّ البقاع إليه ، وكان يتردّد فيما بينه وبين سرّ من رأى فيقيم هناك تارة وهناك أخرى ؛ ثم توفي المعتمد ، وهو أبو العباس أحمد بن المتوكل على الله بالقصر الحسني سنة ٢٧٩ ، وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أيام ، وحمل إلى سامرّاء فدفن بها ، ثم استولاه المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن الموفّق الناصر لدين الله أبي أحمد بن المتوكل ، فاستضاف إلى القصر الحسني ما جاوره فوسّعه وكبّره وأدار عليه سورا واتخذ حوله منازل كثيرة ودورا واقتطع من البرية قطعة فعملها ميدانا عوضا من الميدان الذي أدخله في العمارة وابتدأ في بناء التاج وجمع الرجال لحفر الأساسات ، ثم اتفق خروجه إلى آمد ، فلما عاد رأى الدخان يرتفع إلى الدار فكرهه وابتنى على نحو ميلين منه الموضع المعروف بالثّريّا ووصل بناء الثريا بالقصر الحسني ، وابتنى تحت القصر آزاجا من القصر إلى الثريا تمشي جواريه فيها وحرمه وسراريه ، وما زال باقيا إلى الغرق الأول الذي صار ببغداد فعفا أثره. ثم مات المعتضد بالله في

٤

سنة ٢٨٩ ، وتولى ابنه المكتفي بالله فأتمّ عمارة التاج الذي كان المعتضد وضع أساسه بما نقضه من القصر المعروف بالكامل ومن القصر الأبيض الكسروي الذي لم يبق منه الآن بالمدائن سوى الإيوان ، وردّ أمر بنائه إلى أبي عبد الله النقري وأمره بنقض ما بقي من قصر كسرى ، فكان الآجرّ ينقض من شرف قصر كسرى وحيطانه فيوضع في مسنّاة التاج وهي طاعنة إلى وسط دجلة وفي قرارها ، ثم حمل ما كان في أساسات قصر كسرى فبنى به أعالي التاج وشرفاته ، فبكى أبو عبد الله النقري وقال : إن فيما نراه لمعتبرا ، نقضنا شرفات القصر الأبيض وجعلناها في مسنّاة التاج ونقضنا أساساته فجعلناها شرفات قصر آخر ، فسبحان من بيده كل شيء حتى الآجر! وبذيل منه : كلدت حوله الأبنية والدور ، من جملتها قبة الحمار ، وإنما سميت بذلك لأنه كان يصعد إليها في مدرج حولها على حمار لطيف ، وهي عالية مثل نصف الدائرة. وأما صفة التاج فكان وجهه مبنيّا على خمسة عقود كل عقد على عشرة أساطين خمسة أذرع ، ووقعت في أيام المقتفي سنة ٥٤٩ صاعقة فتأججت فيه وفي القبة وفي دارها التي كانت القبة أحد مرافقها ، وبقيت النار تعمل فيه تسعة أيام ، ثم أطفئت ، وقد صيّرته كالفحمة ، وكانت آية عظيمة ، ثم أعاد المقتفي بناء القبة على الصورة الأولى ولكن بالجصّ والآجر دون الأساطين الرخام ، وأهمل إتمامه حتى مات ، وبقي كذلك إلى سنة ٥٧٤ ، فتقدم أمير المؤمنين المستضيء بنقضه وإبراز المسناة التي بين يديه إلى أن تحاذى به مسناة التاج فشقّ أساسها ووضع البناء فيه على خطّ مستقيم من مسناة التاج ، واستعملت أنقاض التاج مع ما كان أعدّ من الآلات من عمل هذه المسناة ووضع موضع الصحن الذي تجلس فيه الأئمة للمبايعة ، وهو الذي يدعى اليوم التاج.

تَاجَّرِفْت : بتشديد الجيم ، وكسر الراء ، وسكون الفاء ، وتاء مثناة ، مثل التي في أوله : اسم مدينة آهلة في طرف إفريقية بين ودّان وزويلة ، وبينها وبين كل واحدة منهما أحد عشر يوما ، متوسطة بينهما زويلة غربيّها وودّان شرقيّها ، وبين تاجّرفت وفسطاط مصر نحو شهر.

تَاجَرَةُ : بفتح الجيم والراء : بلدة صغيرة بالمغرب من ناحية هنين من سواحل تلمسان ، بها كان مولد عبد المؤمن بن علي صاحب المغرب.

تَاجَنَّةُ : بفتح الجيم ، وتشديد النون : مدينة صغيرة بإفريقية ، بينها وبين تنّس مرحلة وبين سوق إبراهيم مرحلة.

تَاجُونِس : بضم الجيم ، وسكون الواو ، وكسر النون : اسم قصر على البحر بين برقة وطرابلس ؛ ينسب إليها أبو محمد عبد المعطي بن مسافر بن يوسف التاجونسي الخناعي ثم القودي ، روى عنه السلفي وقال : كان من الصالحين وكان سمع بمصر على أبي إسحاق الموطأ رواية القعنبي وصحب الفقيه أبا بكر الحنفي ، قال : وأصله من ثغر رشيد ، وكان حنفيّ المذهب ، وسألته عن مولده فقال : سنة ٤٦٠ تخمينا لا يقينا.

التَّاجِيَّةُ : منسوبة : اسم مدرسة ببغداد ملاصق قبر الشيخ أبي إسحاق الفيروزآباذي ، نسبت إليها محلة هناك ومقبرة ، والمدرسة منسوبة إلى تاج الملك أبي الغنائم المرزبان بن خسرو فيروز المتولّي لتدبير دولة ملكشاه بعد الوزير نظام الملك. والتاجيّة أيضا : نهر عليه كور بناحية الكوفة.

تَادَلَةُ : بفتح الدال واللام : من جبال البربر بالمغرب قرب تلمسان وفاس ؛ منها أبو عبد الله محمد بن محمد

٥

ابن أحمد الأنصاري القرطبي التادلي ، كان شاعرا أديبا ، له مدح في أبي القاسم الزمخشري.

تَادَن : بالدال والذال : وهي من قرى بخارى ؛ منها أبو محمد الحسن بن جعفر بن غزوان السلمي التادني ، يروي عن مالك بن أنس وجماعة سواه ، روى عنه أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البنجيكتي وحاشد بن مالك البخاري وغيرهما.

تَادِيزَة : بكسر الدال المهملة ، وياء ساكنة ، وزاي : من قرى بخارى ؛ منها أبو علي الحسن بن الضّحّاك ابن مطر بن هنّاد التاديزي البخاري ، يروي عن أسباط بن اليسع ، وروى عنه أبو بكر محمد بن الحسن المقري ، توفي في شعبان سنة ٣٢٦.

تَاذِفُ : بالذال المعجمة مكسورة ، وفاء : قرية ، بين حلب وبينها أربعة فراسخ من وادي بطنان من ناحية بزاعة ؛ ذكره امرؤ القيس في شعره فقال :

ويا ربّ يوم صالح قد شهدته

بتاذف ذات التلّ من فوق طرطرا

ينسب إليها أبو الماضي خليفة بن مدرك بن خليفة التميمي التاذفي ، كتب عنه السلفي بالرحبة شعرا ، وكان من أهل الأدب.

تَارَاءُ : بالراء ؛ قال ابن إسحاق وهو يذكر مساجد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بين المدينة وتبوك فقال : ومسجد الشقّ شقّ تاراء ، قال نصر : تاراء موضع بالشام.

تَارَانُ : جزيرة في بحر القلزم بين القلزم وأيلة ، يسكنها قوم من الأشقياء يقال لهم بنو جدّان ، يستطعمون الخبز ممن يجتاز بهم ، ومعاشهم السمك ، وليس لهم زرع ولا ضرع ولا ماء عذب ، وبيوتهم السفن المكسرة ، ويستعذبون الماء ممن يمرّ بهم في الديمة ، وربما أقاموا السنين الكثيرة ولا يمر بهم إنسان ، وإذا قيل لهم : ما ذا يقيمكم في هذا البلد؟ قالوا : البطن البطن أي الوطن الوطن ؛ قال أبو زيد : في بحر القلزم ما بين أيلة والقلزم مكان يعرف بتاران ، وهو أخبث مكان في هذا البحر ، وذاك أن به دوران ماء في سفح جبل ، إذا وقعت الريح على ذروته انقطعت الريح قسمين فتلقي المركب بين شعبتين في هذا الجبل متقابلتين فتخرج الريح من كليهما كل واحدة مقابلة للأخرى ، فيثور البحر على كل سفينة تقع في ذلك الدوران باختلاف الريحين فتنقلب ولا تسلم أبدا ، وإذا كان الجنوب أدنى مهبّ فلا سبيل إلى سلوكه ؛ مقدار طوله نحو ستة أميال ، وهو الموضع الذي غرق فيه فرعون وجنوده.

تَارَمُ : بفتح الراء : كورة واسعة في الجبال بين قزوين وجيلان ، فيها قرى كثيرة وجبال وعرة وليس فيها مدينة مشهورة ؛ ينسب إليها أحمد بن يحيى التارمي المقري ، ذكره أحمد بن الفضل الباطرقاني في طبقات القراء. وتارم أيضا : بليدة أخرى ، وهي آخر حدود فارس من جهة كرمان ، وأهل شيراز يقولون تارم ، بسكون الألف والراء ، تعمل فيها أكسية خزّ يبلغ ثمن الكساء قيمة وافرة ، وبين تارم وشيراز اثنان وثمانون فرسخا.

تَاسَنُ : السين مهملة مفتوحة ، ونون : من قرى غزنة ؛ نسب إليها بعض العلماء.

تَاشْكُوط : بسكون الألف ، والشين المعجمة ، والكاف ، والواو ساكنة ، وطاء : بلد بالمغرب.

تَاكَرْنَى : بفتح الكاف ، وسكون الراء ، وضبطه السمعاني بضم الكاف والراء ، وتشديد النون ، وهو

٦

الصحيح : وهي كورة كبيرة بالأندلس ذات جبال حصينة ، يخرج منها عدة أنهار ولا تدخلها ، وفيها معقل رندة ؛ ينسب إليها جماعة ، منهم : أبو عامر محمد بن سعد التّاكرنيّ الكاتب الأندلسي ، كان من الشعراء البلغاء ، ذكره ابن ماكولا عن الحميدي عن ابن عامر بن شهيد.

تَاكَرُونَة : بالواو الساكنة : ناحية من أعمال شذونة بالأندلس متصلة بإقليم مغيلة.

تَاكِيَان : بعد الكاف المكسورة ياء : بلد بالسند.

تَاكِيسُ : بالسين المهملة : قلعة في بلاد الروم في الثغور ، غزاها سيف الدولة ، فقال أبو العباس الصّفر :

فما عصمت تاكيس طالب عصمة ،

ولا طمرت مطمورة شخص هارب

تَالَشَانُ : باللام المفتوحة ، والشين المعجمة : من أعمال جيلان.

تامَدفُوس : اسم مرسى وجزيرة ومدينة خربة بالمغرب قرب جزائر بني مزغنّاي.

تَامَدَلْتُ : بلد من بلاد المغرب شرقي لمطة ؛ وقيل تامدنت ، بالنون : مدينة في مضيق بين جبلين في سند وعر ، ولها مزارع واسعة وحنطة موصوفة من نواحي إفريقية ، ولعلهما واحد ، والله أعلم.

تَامَوَّا : بفتح الميم ، وتشديد الراء ، والقصر ؛ وليس في أوزان العرب له مثال : وهو طسوج من سواد بغداد بالجانب الشرقي ، وله نهر واسع يحمل السفن في أيام المدود ، ومخرج هذا النهر من جبال شهرزور والجبال المجاورة لها ، وكان في مبدإ عمله خيف أن ينزل من الأرض الصخرية إلى الترابية فيحفرها ، ففرش سبعة فراسخ وسيق على ذلك الفرش سبعة أنهار ، كل نهر منها لكورة من كور بغداد ، وهي : جلولاء ، مهروذ ، طابق ، برزى ، براز الروز ، النهروان ، الذنب ، وهو نهر الخالص ؛ وقال هشام ابن محمد : تامرّا والنهروان ابنا جوخي حفرا هذين النهرين فنسبا إليهما ؛ وقال عبيد الله بن الحر :

ويوما بتامرّا ، ولو كنت شاهدا

رأيت ، بتامرّا ، دماءهم تجري

وأحفيت بشرا يوم ذلك طعنة

دوين التراقي فاستهلّوا على بشر

وتامرّا وديالى : اسم لنهر واحد.

تَامَوْكيدا : بلد بالمغرب ، بينه وبين المسيلة مرحلتان.

تَامَسْت : قرية لكتامة وزنانة قرب المسيلة وأَشير بالمغرب.

تَامَكَنْت : بعد الكاف نون : بلد قرب برقة بالمغرب ، وكل هذه الألفاظ بربرية.

تَامُورُ : اسم رمل بين اليمامة والبحرين ؛ والتامور في اللغة : الدم ، وأكلنا الشاة فما تركنا منها تامورا أي شيئا.

تَانْكَرْت : بسكون النون : بلدة بالمغرب ، بينها وبين تلمسان مرحلتان.

تَاهَوْت : بفتح الهاء ، وسكون الراء ، وتاء فوقها نقطتان : اسم لمدينتين متقابلتين بأقصى المغرب ، يقال لإحداهما تاهرت القديمة وللأخرى تاهرت المحدثة ، بينهما وبين المسيلة ست مراحل ، وهي بين تلمسان وقلعة بني حماد ، وهي كثيرة الأنداء والضباب والأمطار ، حتى إن الشمس بها قلّ أن ترى ؛ ودخلها أعرابي من أهل اليمن يقال له أبو هلال ثم خرج إلى أرض السودان فأتى عليه يوم له وهج

٧

وحرّ شديد وسموم في تلك الرمال ، فنظر إلى الشمس مضحية راكدة على قمم الرءوس وقد صهرت الناس فقال مشيرا إلى الشمس : أما والله لئن عززت في هذا المكان لطالما رأيتك ذليلة بتاهرت! وأنشد :

ما خلق الرحمن من طرفة ،

أشهى من الشمس بتاهرت

وذكر صاحب جغرافيا أن تاهرت في الإقليم الرابع ، وأن عرضها ثمان وثلاثون درجة ، وهي مدينة جليلة ، وكانت قديما تسمى عراق المغرب ، ولم تكن في طاعة صاحب إفريقية ولا بلغت عساكر المسوّدة إليها قط ، ولا دخلت في سلطان بني الأغلب ، وإنما كان آخر ما في طاعتهم مدن الزاب ؛ وقال أبو عبيد : مدينة تاهرت مدينة مسورة لها أربعة أبواب : باب الصفا وباب المنازل وباب الأندلس وباب المطاحن ، وهي في سفح جبل يقال له جزّول ، ولها قصبة مشرفة على السوق تسمى المعصومة ، وهي على نهر يأتيها من جهة القبلة يسمى مينة ، وهو في قبلتها ، ونهر آخر يجري من عيون تجتمع يسمى تاتش ، ومنه شرب أهلها وأرضها ، وهو في شرقيها ، وفيها جميع الثمار ، وسفرجلها يفوق سفرجل الآفاق حسنا وطعما ، وهي شديدة البرد كثيرة الغيوم والثلج ؛ قال بكر بن حماد أبو عبد الرحمن ، وكان بتاهرت من حفاظ الحديث وثقات المحدثين المأمونين ، سمع بالمشرق ابن مسدّد وعمرو بن مرزوق وبشر بن حجر ، وبإفريقية ابن سحنون وغيرهم ، وسكن تاهرت وبها توفي ، وهو القائل :

ما أخشن البرد وريعانه ،

وأطرف الشمس بتاهرت

تبدو من الغيم ، إذا ما بدت ،

كأنها تنشر من تخت

فنحن في بحر بلا لجّة ،

تجري بنا الريح على سمت

نفرح بالشمس ، إذا ما بدت ،

كفرحة الذّمّيّ بالسّبت

قال : ونظر رجل إلى توقد الشمس بالحجاز فقال : احرقي ما شئت ، والله إنك بتاهرت لذليلة ؛ قال : وهذه تاهرت الحديثة ، وهي على خمسة أميال من تاهرت القديمة ، وهي حصن ابن بخاثة ، وهو شرقي الحديثة ، ويقال إنهم لما أرادوا بناء تاهرت القديمة كانوا يبنون بالنهار ، فإذا جن الليل وأصبحوا وجدوا بنيانهم قد تهدم ، فبنوا حينئذ تاهرت السفلى ، وهي الحديثة ، وفي قبلتها لواتة وهوّارة في قرارات وفي غربيها زواغة وبجنوبيها مطماطة وزناتة ومكناسة.

وكان صاحب تاهرت ميمون بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن رستم بن بهرام ، وبهرام هو مولى عثمان بن عفان ، وهو بهرام بن بهرام جور بن شابور بن باذكان بن شابور ذي الأكتاف ملك الفرس ، وكان ميمون هذا رأس الإباضية وإمامهم ورأس الصّفرية والواصلية ، وكان يسلّم عليه بالخلافة ، وكان مجمع الواصلية قريبا من تاهرت ، وكان عددهم نحو ثلاثين ألفا في بيوت كبيوت الأعراب يحملونها. وتعاقب مملكة تاهرت بنو ميمون وإخوته ، ثم بعث إليهم أبو العباس عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب أخاه الأغلب ، ثم قتل من الرّستمية عددا كثيرا وبعث برءوسهم إلى أبي العباس أخيه ، وطيف بها في القيروان ، ونصبت على باب رقادة ؛ وملك بنو رستم تاهرت مائة وثلاثين سنة. وذكر محمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن رستم ، وكان خليفة لأبي الخطاب عبد

٨

الأعلى بن السمح بن عبيد بن حرملة المعافري أيام تغلّبه على إفريقية بالقيروان ، فلما قتل محمد بن الأشعث أبا الخطاب في صفر سنة ١٤٤ هرب عبد الرحمن بأهله وما خف من ماله وترك القيروان ، فاجتمعت إليه الإباضية واتفقوا على تقديمه وبنيان مدينة تجمعهم ، فنزلوا موضع تاهرت اليوم ، وهو غيضة أشبة ، ونزل عبد الرحمن منه موضعا مربعا لا شعراء فيه ، فقالت البربر : نزل تاهرت ، تفسيره الدّفّ لتربيعه ، وأدركتهم صلاة الجمعة فصلى بهم هناك ، فلما فرغ من الصلاة ثارت صيحة شديدة على أسد ظهر في الشّعراء فأخذ حيّا وأتي به إلى الموضع الذي صلي فيه وقتل فيه ، فقال عبد الرحمن بن رستم : هذا بلد لا يفارقه سفك دم ولا حرب أبدا ، وابتدأوا من تلك الساعة ، وبنوا في ذلك الموضع مسجدا وقطعوا خشبة من تلك الشّعراء ، وهو على ذلك إلى الآن ، وهو مسجد جامعها ، وكان موضع تاهرت ملكا لقوم مستضعفين من مراسة وصنهاجة فأرادهم عبد الرحمن على البيع فأبوا ، فوافقهم على أن يؤدوا إليهم الخراج من الأسواق ويبيحوا لهم أن يبنوا المساكن ، فاختطوا وبنوا وسموا الموضع معسكر عبد الرحمن بن رستم إلى اليوم ؛ وقال المهلبي : بين شير وتاهرت أربع مراحل ، وهما تاهرتان القديمة والحديثة ، ويقال للقديمة تاهرت عبد الخالق ، ومن ملوكها بنو محمد بن أفلح بن عبد الرحمن بن رستم ؛ وممن ينسب إليها أبو الفضل أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله التميمي البزّاز التاهرتي ، روى عن قاسم بن أصبع وأبي عبد الملك بن أبي دكيم وأبي أحمد بن الفضل الدينوري وأبي بكر محمد بن معاوية القرشي ومحمد بن عيسى بن رفاعة ، روى عنه أبو عمر ابن عبد البرّ وغيره.

تَايَاباذ : بعد الألف الثانية باء موحدة ، وألف ، وذال معجمة : من قرى بوشنج من أعمال هراة ؛ ينسب إليها أبو العلاء إبراهيم بن محمد التاياباذي فقيه الكرامية ومقدمهم ، روى عنه الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله الدمشقي وغيره.

باب التاء والباء وما يليهما

تَبَالةُ : بالفتح ؛ قيل تبالة التي جاء ذكرها في كتاب مسلم بن الحجاج : موضع ببلاد اليمن ، وأظنها غير تبالة الحجّاج بن يوسف ، فإن تبالة الحجاج بلدة مشهورة من أرض تهامة في طريق اليمن ؛ قال المهلبي : تبالة في الإقليم الثاني ، عرضها تسع وعشرون درجة ، وأسلم أهل تبالة وجرش من غير حرب فأقرّهما رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، في أيدي أهلهما على ما أسلموا عليه ، وجعل على كلّ حالم ممن بهما من أهل الكتاب دينارا ، واشترط عليهم ضيافة المسلمين ، وكان فتحها في سنة عشر ، وهي مما يضرب المثل بخصبها ؛ قال لبيد :

فالضّيف والجار الجنيب ، كأنما

هبطا تبالة مخصبا أهضامها

وفيها قيل أهون من تبالة على الحجاج ؛ قال أبو اليقظان : كانت تبالة أوّل عمل وليه الحجاج بن يوسف الثقفي ، فسار إليها فلما قرب منها قال للدليل : أين تبالة وعلى أيّ سمت هي؟ فقال : ما يسترها عنك إلّا هذه الأكمة ، فقال : لا أراني أميرا على موضع تستره عني هذه الأكمة ، أهون بها ولاية! وكرّ راجعا ولم يدخلها ، فقيل هذا المثل ، وبين تبالة ومكة اثنان وخمسون فرسخا نحو مسيرة ثمانية أيام ، وبينها وبين الطائف ستة أيام ، وبينها وبين بيشة

٩

يوم واحد ، قيل : سمّيت بتبالة بنت مكنف من بني عمليق ، وزعم الكلبي أنها سميت بتبالة بنت مدين ابن إبراهيم ، ولو تكلف متكلف تخرّج معاني كل الأشياء من اللغة لساغ أن يقول : تبالة من التبل وهو الحقد ، وقال القتال:

وما مغزل ترعى ، بأرض تبالة ،

أراكا وسدرا ناعما ما ينالها

وترعى بها البردين ثم مقيلها

غياطل ، ملتجّ عليها ظلالها

بأحسن من ليلى ، وليلى بشبهها ،

إذا هتكت في يوم عيد حجالها

وينسب إليها أبو أيوب سليمان بن داود بن سالم بن زيد التبالي ، روى عن محمد بن عثمان بن عبد الله بن مقلاص الثّقفي الطائفي ، سمع منه أبو حاتم الرازي.

تُبانُ : بالضم ، والتخفيف ، ويقال لها توبن أيضا : من قرى سوبخ من ناحية خزار من بلاد ما وراء النهر من نواحي نسف ، ينسب إليها أبو هارون موسى بن حفص بن نوح بن محمد بن موسى التّباني الكسّي ، رحل في طلب العلم إلى الحجاز والعراق ، روى عن محمد بن عبد الله بن زيد المقري ، روى عنه حمّاد ابن شاكر النّسفي.

تُبَّت : بالضم ، وكان الزمخشري يقوله بكسر ثانيه وبعض يقوله بفتح ثانيه ، ورواه أبو بكر محمد بن موسى بفتح أوله وضم ثانيه مشدد في الروايات كلها : وهو بلد بأرض الترك ، قيل : هي في الإقليم الرابع المتاخم لبلاد الهند ، طولها من جهة المغرب مائة وثلاثون درجة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة ، وقرأت في بعض الكتب ان تبّت مملكة متاخمة لمملكة الصين ومتاخمة من إحدى جهاتها لأرض الهند ومن جهة المشرق لبلاد الهياطلة ومن جهة المغرب لبلاد الترك ، ولهم مدن وعمائر كثيرة ذوات سعة وقوّة ، ولأهلها حضر وبدو ، وبداويهم ترك لا تدرك كثرة ولا يقوم لهم أحد من بوادي الأتراك ، وهم معظمون في أجناس الترك ، لأن الملك كان فيهم قديما ، وعند أحبارهم أن الملك سيعود إليهم.

وفي بلاد التبّت خواصّ في هوائها ومائها وسهلها وجبلها ولا يزال الإنسان بها ضاحكا مستبشرا لا تعرض له الأحزان والأخطار والهموم والغموم ، يتساوى في ذلك شيوخهم وكهولهم وشبّانهم ، ولا تحصى عجائب ثمارها وزهرها وسروجها وأنهارها ، وهو بلد تقوى فيه طبيعة الدم على الحيوان الناطق وغيره ، وفي أهله رقّة طبع وبشاشة وأريحيّة تبعث على كثرة استعمال الملاهي وأنواع الرّقص ، حتى إن الميت إذا مات لا يداخل أهله كثير الحزن كما يلحق غيرهم ، ولهم تحنّن بعضهم على بعض ، والتبسم فيهم عامّ ، حتى إنه ليظهر في وجوه بهائمهم ، وإنما سمّيت تبّت ممن ثبّت فيها وربّث من رجال حمير ، ثم أبدلت الثاء تاء لأن الثاء ليست في لغة العجم ، وكان من حديث ذلك أن تبّع الأقرن سار من اليمن حتى عبر نهر جيحون وطوى مدينة بخارى وأتى سمرقند ، وهي خراب ، فبناها وأقام عليها ، ثم سار نحو الصين في بلاد الترك شهرا حتى أتى بلادا واسعة كثيرة المياه والكلإ فابتنى هناك مدينة عظيمة وأسكن فيها ثلاثين ألفا من أصحابه ممن لم يستطع السير معه إلى الصين وسمّاها تبّت ، وقد افتخر دعبل بن علي الخزاعي بذلك في قصيدته التي عارض بها الكميت فقال :

وهم كتبوا الكتاب بباب مرو ،

وباب الصين كانوا الكاتبينا

١٠

وهم سموا قديما سمرقندا ،

وهم غرسوا هناك التّبّتينا

وأهلها فيما زعم بعضهم على زيّ العرب إلى هذه الغاية ، ولهم فروسيّة وبأس شديد ، وقهروا جميع من حولهم من أصناف الترك ، وكانوا قديما يسمّون كلّ من ملك عليهم تبّعا اقتداء بأولهم ، ثم ضرب الدهر ضربه فتغيّرت هيئتهم ولغتهم إلى ما جاورهم من الترك فسموا ملوكهم بخاقان ، والأرض التي بها ظباء المسك التّبّتي والصيني واحدة متصلة وإنما فضل التبتي على الصيني لأمرين : أحدهما أن ظباء التبت ترعى سنبل الطيب وأنواع الأفاويه وظباء الصين ترعى الحشيش ، والأمر الآخر : أن أهل التبت لا يعرضون لإخراج المسك من نوافجه ، وأهل الصين يخرجونه من النوافج فيتطرّق عليه الغش بالدم وغيره ، والصيني يقطع به مسافة طويلة في البحر فتصل إليه الأنداء البحرية فتفسده ، وإن سلم المسك التبتي من الغش وأودع في البراني الزجاج وأحكم عفاصها ورد إلى بلاد الإسلام من فارس وعمان وهو جيد بالغ ، وللمسك حال ينقص خاصيّته ، فلذلك يتفاضل بعضه على بعض ، وذلك أنه لا فرق بين غزلاننا وبين غزلان المسك في الصورة ولا الشكل ولا اللون ولا القرون وإنما الفارق بينهما بأنياب لها كأنياب الفيلة ، فإن لكل ظبي نابين خارجين من الفكّين منتصبين نحو الشبر أو أقل أو أكثر ، فينصب لها في بلاد الصين وتبت الحبائل والشّرك والشباك فيصطادونها وربما رموها بالسهام فيصرعونها ثم يقطعون عنها نوافجها والدم في سررها خام لم يبلغ الإنضاج ، فيكون لرائحته زهوكة تبقى زمانا حتى تزول ، وسبيل ذلك سبيل الثمار إذا قطعت قبل النّضج فإنها تكون ناقصة الطعم والرائحة ، وأجود المسك وأخلصه ما ألقاه الغزال من تلقاء نفسه ، وذلك أن الطبيعة تدفع سواد الدم إلى سرّته فإذا استحكم لون الدم فيها ونضج آذاه ذلك وأحدث له في سرّته حكة فيندفع إلى أحد الصخور الحادّة فيحتكّ به ، فيلتذّ بذلك ، فينفجر ويسيل على تلك الأحجار كانفجار الجراح والدماميل إذا نضجت ، فيجد الغزال بخروج ذلك لذة ، حتى إذا فرغ ما في نافجته ، وهي سرّته ، وهي لفظة فارسية ، اندملت وعادت فدفعت إليه موادّ من الدّم فتجتمع ثانية كما كانت أولا ، فتخرج رجال التّبت فيتبعون مراعيها بين تلك الأحجار والجبال فيجدون الدم قد جفّ على تلك الصخور وقد أمكن الإنضاج ، فيأخذونه ويودعونه نوافج معهم ، فذلك أفضل المسك وأفخره ، فذلك الذي تستعمله ملوكهم ويتهادونه بينهم وتحمله التجار في النادر من بلادهم. ولتبّت مدن كثيرة ، وينسبون مسك كل مدينة إليها ، ويقال : إن وادي النمل الذي مرّ به سليمان بن داود ، عليه السلام ، خلف بلاد التّبّت وبه معدن الكبريت الأحمر ، قالوا : وبالتبّت جبل يقال له جبل السّمّ ، إذا مرّ به أحد تضيق نفسه فمنهم من يموت ومنهم من يثقل لسانه.

تِبْوَاكُ : الكسر ثم السكون ، وراء ، وألف ، وكاف : موضع بحذاء تعشار ، وقيل : ماء لبني العنبر ، وفي كتاب الخالع : تبراك من بلاد عمرو ابن كلاب فيه روضة ذكرت مع الرياض ، وحكى أبو عبيدة عن عمارة أن تبراك من بلاد بني عمير قال : وهي مسبّة لا يكاد أحد منهم يذكرها لمطلق قول جرير :

إذا جلست نساء بني عمير

على تبراك أخبثن الترابا

فإذا قيل لأحدهم : أين تنزل؟ يقول : على ماء ، ولا

١١

يقول على تبراك ، قال : وتبراك أيضا ماء في بلاد بني العنبر ، قال أبو جعفر : جاءت عن العرب أربعة أسماء مكسورة الأول : تقصار للقلادة اللازقة بالحلق ، وتعشار موضع لبني ضبّة ، وتبراك ماء لبني العنبر ، وطلحام موضع ، حكى أبو نصر : رجل تمساح ورجل تنبال وتبيان ، وقال أبو زياد : مياه الماشية تبراك التي ذكرها جرير ، وقد ذكرت الماشية في موضعها من هذا الكتاب ، قال ابن مقبل :

جزى الله كعبا ، بالأباتر ، نعمة

وحيّا بهبّود ، جزى الله ، أسعدا

وحيّا على تبراك لم أو مثلهم

رجا ، قطعت منه الحبائل ، مفردا

بكيت بخصمي سنّة ، يوم فارقوا ،

على ظهر عجّاج العشيّات أجردا

الخصم : الجانب ، وقال أبو كدراء وزين بن ظالم العجلي :

الله نجّاني وصدّقت بعد ما

خشيت على تبراك ، ألّا أصدّقا

وأعيس ، إذ أكلفته وهو لاغب ،

سرى طيلسان الليل حتى تمزّقا

وقال نصر : تبراك ماء لبني نمير في أدنى المرّوت لاصق بالوركة ، وينشد :

أعرفت الدار أم أنكرتها

بين تبراك فشسّي عبقر؟

التِّبْرُ : بلاد من بلاد السودان تعرف ببلاد التبر ، وإليها ينسب الذهب الخالص ، وهي في جنوب المغرب ، تسافر التجار من سجلماسة إلى مدينة في حدود السودان يقال لها غاتة ، وجهازهم الملح وعقد خشب الصنوبر ، وهو من أصناف خشب القطران إلا أن رائحته ليست بكريهة ، وهو إلى العطرية أميل منه إلى الزفر ، وخرز الزجاج الأزرق وأسورة نحاس أحمر وحلق وخواتم نحاس لا غير ، ويحملون منها الجمال الوافرة القوية أوقارها ويحملون الماء من بلاد لمتونة ، وهم الملثمون ، وهم قوم من بربر المغرب في الروايا والأسقية ويسيرون فيرون المياه فاسدة مهلكة ليس لها من صفات الماء إلا التّميّع ، فيحملون الماء من بلاد لمتونة ويشربون ويسقون جمالهم ، ومن أول ما يشربونها تتغيّر أمزجتهم ويسقمون ، خصوصا من لم يتقدم له عادة بشربه ، حتى يصلوا إلى غانة بعد مشاقّ عظيمة ، فينزلون فيها ويتطيّبون ثم يستصحبون الأدلّاء ويستكثرون من حمل المياه ويأخذون معهم جهابذة وسماسرة لعقد المعاملات بينهم وبين أرباب التبر ، فيمرون بطريقهم على صحارى فيها رياح السموم تنشف المياه داخل الأسقية فيتحيلون بحمل الماء فيها ليرمّقوا به ، وذلك أنهم يستصحبون جمالا خالية لا أوقار عليها يعطشونها قبل ورودهم على الماء نهارا وليلا ثم يسقونها نهلا وعللا إلى أن تمتلئ أجوافها ثم تسوقها الحداة ، فإذا نشف ما في أسقيتهم واحتاجوا إلى الماء نحروا جملا وترمّقوا بما في بطنه وأسرعوا السير حتى إذا وردوا مياها أخر ملأوا منها أسقيتهم وساروا مجدّين بعناء شديد حتى يقدموا الموضع الذي يحجز بينهم وبين أصحاب التبر ، فإذا وصلوا ضربوا طبولا معهم عظيمة تسمع من الأفق الذي يسامّت هذا الصنف من السودان ، ويقال : إنهم في مكامن وأسراب تحت الأرض عراة لا يعرفون سترا كالبهائم مع أن هؤلاء القوم لا يدعون تاجرا يراهم أبدا ، وإنما هكذا تنقل صفاتهم ، فإذا علم التجار أنهم قد سمعوا الطبل أخرجوا ما صحبهم من

١٢

البضائع المذكورة فوضع كل تاجر ما يخصّه من ذلك ، كل صنف على جهة ، ويذهبون عن الموضع مرحلة ، فيأتي السودان ومعهم التبر فيضعون إلى جانب كل صنف منها مقدارا من التبر وينصرفون ، ثم يأتي التجار بعدهم فيأخذ كل واحد ما وجد بجنب بضاعته من التبر ، ويتركون البضائع وينصرفون بعد أن يضربوا طبولهم ، وليس وراء هؤلاء ما يعلم ، وأظنّ أنه لا يكون ثم حيوان لشدة إحراق الشمس ، وبين هذه البلاد وسجلماسة ثلاثة أشهر ، وقال ابن الفقيه : والذهب ينبت في رمل هذه البلاد كما ينبت الجزر ، وإنه يقطف عند بزوغ الشمس ، قال : وطعام أهل هذه البلاد الذرة والحمص واللوبيا ، ولبسهم جلود النمور لكثرة ما عندهم.

تُبُرُ : بضمتين : ماء بنجد من ديار عمرو بن كلاب عند القارة التي تسمى ذات النطاق ، وبالقرب منه موضع يسمّى نبرا ، بالنون.

تِبْريزُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، وزاي ، كذا ضبطه أبو سعد ، وهو أشهر مدن أذربيجان : وهي مدينة عامرة حسناء ذات أسوار محكمة بالآجر والجصّ ، وفي وسطها عدة أنهار جارية ، والبساتين محيطة بها ، والفواكه بها رخيصة ، ولم أر فيما رأيت أطيب من مشمشها المسمّى بالموصول ، وشريته بها في سنة ٦١٠ كل ثمانية أمنان بالبغدادي بنصف حبة ذهب ، وعمارتها بالآجرّ الأحمر المنقوش والجصّ على غاية الإحكام ، وطولها ثلاث وسبعون درجة وسدس ، وعرضها سبع وثلاثون درجة ونصف درجة ، وكانت تبريز قرية حتى نزلها الرّواد الأزدي المتغلّب على أذربيجان في أيام المتوكل ، ثم إن الوجناء بن الرواد بنى بها هو وإخوته قصورا وحصنها بسور ، فنزلها الناس معه ، ويعمل فيها من الثياب العبائي والسقلاطون والخطائي والأطلس والنسج ما يحمل إلى سائر البلاد شرقا وغربا ، ومرّ بها التّتر لما خربوا البلاد في سنة ٦١٨ ، فصالحهم أهلها ببذول بذلوها لهم فنجت من أيديهم وعصمها الله منهم ، وقد خرج منها جماعة وافرة من أهل العلم ، منهم : إمام أهل الأدب أبو زكرياء يحيى بن علي الخطيب التبريزي ، قرأ على أبي العلاء المعرّي بالشام وسمع الحديث عن أبي الفتح سليم بن أيوب الرازي وغيرهما ، روى عنه أبو بكر الخطيب ومحمد ابن ناصر السلامي ، قال : وسمعته يقول : تبريز بكسر التاء ، وأبو منصور موهوب بن أحمد بن الخضر الجواليقي ، صنف التصانيف المفيدة ، وتوفي ببغداد في جمادى الآخرة سنة ٥٠٢ ؛ والقاضي أبو صالح شعيب بن صالح بن شعيب التبريزي ، حدث عن أبي عمران موسى بن عمران بن هلال ، روى عنه حدّاد ابن عاصم بن بكران النّشوي وغيرهما.

تَبِسّةُ : بالفتح ثم الكسر ، وتشديد السين المهملة : بلد مشهور من أرض إفريقية ، بينه وبين قفصة ست مراحل في قفر سبيبة ، وهو بلد قديم به آثار الملوك ، وقد خرب الآن أكثرها ، ولم يبق بها إلا مواضع يسكنها الصعاليك لحب الوطن لأن خيرها قليل ، وبينها وبين سطيف ست مراحل في بادية تسكنها العرب ، يعمل بها بسط جليلة محكمة النسج ، يقيم البساط منها مدّة طويلة.

تَبْشعُ : بالفتح ثم السكون ، وشين معجمة : بلد بالحجاز في ديار فهم ؛ قال قيس بن العيزارة الهذلي :

أبا عامر! إنّا بغينا دياركم

وأوطانكم بين السّفير وتبشع

١٣

تَبَعَةُ : بالتحريك : اسم هضبة بجلذان من أرض الطائف ، فيها نقب كل نقب قدر ساعة ، كانت تلتقط فيها السيوف العادية والخرز ويزعمون أن ثمّة قبور عاد ، وكانوا يعظمون هذا الموضع ، وساكنه بنو نصر بن معاوية ؛ وقال الزمخشري : تبعة موضع بنجد.

تَبْغَرُ : بالفتح ثم السكون ، والغين معجمة مفتوحة ، وراء ؛ قال محمود بن عمر : موضع.

تُبَّلُ : بالضم ثم الفتح والتشديد ، ولام : من قرى حلب ثم من ناحية عزاز ، بها سوق ومنبر.

تُبَلُ : بالتخفيف ؛ قال نصر : تبل واد على أميال يسيرة من الكوفة ، وقصر بني مقاتل أسفل تبل وأعلاه متّصل بسماوة كلب. وتبل أيضا : اسم مدينة فيما قيل ؛ قال لبيد :

ولقد يعلم صحبي كلّهم

بعد أنّ السيف صبري ونقل (١)

ولقد أغدو ، وما يعدمني

صاحب ، غير طويل المحتبل

كلّ يوم منعوا حاملهم

ومربّات ، كآرام تبل

قدموا ، إذ قال قيس قدموا ،

واحفظوا المجد بأطراف الأسل!

تَبْنَانُ : بسكون ثانيه ، ونونين بينهما ألف ؛ قال : تبنان واد باليمامة.

تُبَنُ : بوزن زفر ؛ قال نصر : موضع يمان من مخلاف لحج ؛ وفيه يقول السيد الحميري :

هلا وقفت على الأجراع من تبن ،

وما وقوف كبير السنّ في الدمن

تِبنِينُ : بكسر أوله ، وتسكين ثانيه ، وكسر النون ، وياء ساكنة ، ونون أخرى : بلدة في جبال بني عامر المطلّة على بلد بانياس بين دمشق وصور.

تُبنى : بالضم ثم السكون ، وفتح النون ، والقصر : بلدة بحوران من أعمال دمشق ؛ قال النابغة :

فلا زال قبر بين تبنى وجاسم

عليه ، من الوسميّ ، جود ووابل

فينبت حوذانا وعوفا منوّرا ،

سأهدي له من خير ما قال قائل

قصد الشعراء بالاستسقاء للقبور ، وإن كان الميت لا ينتفع بذلك ، أن ينزله الناس فيمروا على ذلك القبر فيرحّموا من فيه ؛ وقال ابن حبيب : تبنى قرية من أرض البثنية لغسان ؛ قال ذلك في تفسير قول كثيّر :

أكاريس حلّت منهم مرج راهط ،

فأكناف تبنى مرجها فتلالها

كأنّ القيان الغرّ ، وسط بيوتهم ،

نعاج بجوّ من رماح حلالها

تبوكُ : بالفتح ثم الضم ، وواو ساكنة ، وكاف : موضع بين وادي القرى والشام ، وقيل بركة لأبناء سعد من بني عذرة ؛ وقال أبو زيد : تبوك بين الحجر وأول الشام على أربع مراحل من الحجر نحو نصف طريق الشام ، وهو حصن به عين ونخل وحائط ينسب إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ويقال إن أصحاب الأيكة الذين بعث إليهم شعيب ، عليه السلام ، كانوا فيها ولم يكن شعيب منهم ، وإنما كان من مدين ، ومدين على بحر القلزم على ست مراحل من تبوك ، وتبوك بين جبل حسمى وجبل شرورى ، وحسمى غربيها وشرورى شرقيها ؛ وقال أحمد بن يحيى بن جابر : توجه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في سنة تسع للهجرة

__________________

(١) قوله : بعد أنّ السيف إلخ : هكذا في الأصل.

١٤

إلى تبوك من أرض الشام ، وهي آخر غزواته ، لغزو من انتهى إليه أنه قد تجمع من الروم وعاملة ولخم وجذام ، فوجدهم قد تفرقوا فلم يلق كيدا ؛ ونزلوا على عين فأمرهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن لا أحد يمسّ من مائها ، فسبق إليها رجلان وهي تبض بشيء من ماء فجعلا يدخلان فيها سهمين ليكثر ماؤها فقال لهما رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ما زلتما تبوكان منذ اليوم ، فسميت بذلك تبوك ؛

والبوك : إدخال اليد في شيء وتحريكه ، ومنه باك الحمار الأتان إذا نزا عليها ، يبوكها بوكا ؛ وركز النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عنزته فيها ثلاث ركزات ، فجاشت ثلاث أعين ، فهي تهمي بالماء إلى الآن ؛ وأقام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بتبوك أياما حتى صالحه أهلها ، وأنفذ خالد ابن الوليد إلى دومة الجندل وقال له : ستجد صاحبها يصيد البقر ، فكان كما قال ، فأسره وقدم به على النبي ، صلى الله عليه وسلم ؛ فقال بجير بن بجرة الطائي يذكر ذلك :

تبارك سابق البقرات ، إني

رأيت الله يهدي كل هاد

فمن يك حائدا عن ذي تبوك ،

فإنّا قد أمرنا بالجهاد

وبين تبوك والمدينة اثنتا عشرة مرحلة ، وكان ابن عريض اليهودي قد طوى بئر تبوك لأنها كانت تنطمّ في كل وقت ، وكان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أمره بذلك.

تَبيلُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء ساكنة ، ولام : كفر تبيل قرية في شرقي الفرات بين الرقة وبالس.

باب التاء والتاء وما يليهما

تَتَا : كل واحد من التاءين مفتوح وفوق كل واحد نقطتان ، بليد بمصر من أسفل الأرض ، وهي كورة يقال لها كورة تميّ وتتا. وبمصر أيضا بنا وببا وننا ، وسأذكر كل واحدة في موضعها.

تُتُشُ : التاءان مضمومتان ، والشين معجمة ؛ وهو اسم رجل ينسب إليه مواضع ببغداد : وهي سوق قرب المدرسة النظامية يقال له العقار التّتشيّ ، ومدرسة بالقرب منه لأصحاب أبي حنيفة يقال لها التّتشية ، وبيمارستان بباب الأزج يقال له التتشي ، والجميع منسوب إلى خادم يقال له خمارتكين كان للملك تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان بن داود ابن سلجوق ، قالوا : وكان ثمن خمارتكين هذا في أول شرائه حملا ملحا ، وعظم قدره عند السلطان محمد بن ملك شاه ونفذ أمره وكثرت أمواله وبنى ما بناه مما ذكرناه في بغداد ، وبنى بين الري وسمنان رباطا عظيما لنفع الحاج والسابلة وغيرهم ، وأمضى السلطان محمد ذلك كله ، وجميع ما ذكرناه في بغداد موجود معمور الآن جار على أحسن نظام ، عليه الوكلاء يجبون أمواله ويصرفونها في وجوهها ، ومات خمارتكين هذا في رابع صفر سنة ٥٠٨.

باب التاء والثاء وما يليهما

تَثْلَثُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح اللام ، وثاء مثلثة أخرى : موضع ؛ عن الزمخشري.

تَثْليثُ : بكسر اللام ، وياء ساكنة ، وثاء أخرى مثلثة : موضع بالحجاز قرب مكة ؛ ويوم تثليث من أيام العرب بين بني سليم ومراد ؛ قال محمد بن

١٥

صالح العلوي :

نظرت ، ودوني ماء دجلة موهنا ،

بمطروفة الإنسان ، محسورة جدّا

لتونس لي نارا بتثليث أوقدت ،

وتالله ما كلفتها منظرا قصدا

وقال غيره :

بتثليث ما ناصيت بعدي الأحامسا

وقال الأعشى :

وجاشت النفس لما جاء فلّهم ،

وراكب جاء ، من تثليث ، معتمر

تَثنيثُ : بوزن الذي قبله إلا أن عوض اللام نون ، وأما آخره فيروى بالتاء والثاء : موضع بالسراة من مساكن أزد شنوءة قريب من الذي قبله.

باب التاء والجيم وما يليهما

تُجُنْيَةُ : بضم أوله وثانيه ، وسكون النون ، وياء مفتوحة ، وهاء : بلد بالأندلس ؛ ينسب إليه قاسم ابن أحمد بن أبي شجاع أبو محمد التّجني ، له رحلة إلى المشرق كتب فيها عن أحمد بن سهل العطار وغيره ، حدث عنه أبو محمد بن ديني وقال : توفي في شهر ربيع الأول سنة ٣٠٨ ؛ قاله ابن بشكوال.

تُجِيبُ : بالضم ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وباء موحدة : اسم قبيلة من كندة ، وهم ولد عدي وسعد ابني أشرس بن شبيب بن السّكون بن أشرس بن ثور بن مرثع ، وهو كندة ، وأمهما تجيب بنت ثوبان ابن سليم بن رها من مذحج ، لهم خطة بمصر سميت بهم ؛ نسب إليها قوم ، منهم : أبو سلمة أسامة ابن أحمد التجيبي ، حدث عن مروان بن سعد وغيره من المصريين ، روى عنه عامة المصريين وغيرهم من الغرباء ؛ وأبو عبد الله محمد بن رمح بن المهاجر التجيبي ، كان يسكن محلة التجيب بمصر ، وكان من أثبات المصريين ومتقنيهم ، سمع الليث بن سعد ، روى عنه البخاري والحسن بن سفيان الثوري ومحمد بن ريان ابن حبيب المصري وغيرهم ، ومات في أول سنة ٢٤٣.

باب التاء والخاء وما يليهما

تُخَارَان بِه : قال أبو سعد : أما حماد بن أحمد بن حماد بن رجاء العطاردي التخاري فكان يسكن سكة تخاران به : وهي بمرو على رأس الماجان ، يقال لها أيضا طخاران به ، ويقال لها الآن تخاران ساد.

تَخَاوَةُ : هكذا ضبطه الأمير بالفتح ، وضبطه أبو سعد بالضم ؛ وقال الأمير ابن ماكولا : أبو عليّ الحسن ابن أبي طاهر عبد الأعلى بن أحمد السعدي سعد بن مالك التخاوي منسوب إلى قرية من داروم غزة الشام ، شاعر أمّيّ ، لقيته بالمحلة من ريف مصر ، وكان سريع الخاطر كبير الأصابع مرتجل الشعر.

تُخْتُمُ : يروى بضم التاء الأولى والتاء الثانية وكسرها :اسم جبل بالمدينة ، وقال نصر : تخنم ، بالنون ، جبل في بلاد بلحرث بن كعب ، وقيل بالمدينة ؛ قال طفيل بن الحارث :

فرحت رواحا من أياء ، عشيّة ،

إلى أن طرقت الحيّ في رأس تختم

وليس في كلامهم خنم بالنون وفيه ختم بالتاء.

تخْسَانْجْكَث : بالفتح ثم السكون ، وسين مهملة ، والألف والنون والجيم ساكنات ، والكاف مفتوحة ، والثاء مثلثة : من قرى صغد سمرقند ؛ منها أبو جعفر محمد التخسانجكثي ، يروي عن أبي نصر منصور بن شهرزاد المروزي ، روى عنه زاهر بن عبد الله الصغدي.

١٦

تَخْسيج : بكسر السين ، وياء ساكنة ، وجيم : قرية على خمسة فراسخ من سمرقند ؛ منها أبو يزيد خالد ابن كردة السمرقندي التخسيجي ، كان عالما حافظا ، روى عن عبد الرحمن بن حبيب البغدادي ، روى عنه الحسين بن يوسف بن الخضر الطواويسي وكان يقول : حدثني خالد بن كردة بأبغر ، وهي بعض نواحي سمرقند ، وجماعة ينسبون إليها.

تَخييمُ : بياءين : ناحية باليمامة.

باب التاء والدال وما يليهما

تَدْليس : مدينة بالمغرب الأقصى على البحر المحيط.

تَدْمُو : بالفتح ثم السكون ، وضم الميم : مدينة قديمة مشهورة في برّية الشام ، بينها وبين حلب خمسة أيام ؛ قال بطليموس : مدينة تدمر طولها إحدى وسبعون درجة وثلاثون دقيقة ، داخلة في الإقليم الرابع ، بيت حياتها السماك الأعزل تسع درجات من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل عاقبتها مثلها من الميزان ، وقال صاحب الزيج : طول تدمر ثلاث وستون درجة وربع ، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلثان ؛ قيل : سميت بتدمر بنت حسان ابن أذينة بن السّميدع بن مزيد بن عمليق بن لاوذ ابن سام بن نوح ، عليه السلام ، وهي من عجائب الأبنية ، موضوعة على العمد الرخام ، زعم قوم أنها مما بنته الجنّ لسليمان ، عليه السلام ؛ ونعم الشاهد على ذلك قول النابغة الذبياني :

إلا سليمان ، إذ قال الإله له :

قم في البرية فاحددها عن الفند

وخيّس الجنّ ، إني قد أذنت لهم

يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد

وأهل تدمر يزعمون أن ذلك البناء قبل سليمان بن داود ، عليه السلام ، بأكثر مما بيننا وبين سليمان ، ولكن الناس إذا رأوا بناء عجيبا جهلوا بانيه أضافوه إلى سليمان وإلى الجن.

وعن إسماعيل بن محمد بن خالد بن عبد الله القسري قال : كنت مع مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية حين هدم حائط تدمر ، وكانوا خالفوا عليه فقتلهم وفرّق الخيل عليهم تدوسهم وهم قتلى ، فطارت لحومهم وعظامهم في سنابك الخيل ، وهدم حائط المدينة ، فأفضى به الهدم الى جرف عظيم ، فكشفوا عنه صخرة فإذا بيت مجصص كأنّ اليد رفعت عنه تلك الساعة ، وإذا فيه سرير عليه امرأة مستلقية على ظهرها وعليها سبعون حلّة ، وإذا لها سبع غدائر مشدودة بخلخالها ، قال : فذرعت قدمها فإذا ذراع من غير الأصابع ، وإذا في بعض غدائرها صحيفة ذهب فيها مكتوب : باسمك اللهم! أنا تدمر بنت حسان ، أدخل الله الذّل على من يدخل بيتي هذا.

فأمر مروان بالجرف فأعيد كما كان ولم يأخذ مما كان عليها من الحلي شيئا ، قال : فو الله ما مكثنا على ذلك إلا أياما حتى أقبل عبد الله بن عليّ فقتل مروان وفرّق جيشه واستباحه وأزال الملك عنه وعن أهل بيته ؛ وكان من جملة التصاوير التي بتدمر صورة جاريتين من حجارة من بقية صور كانت هناك ، فمر بهما أوس بن ثعلبة التيمي صاحب قصر أوس الذي في البصرة فنظر إلى الصورتين فاستحسنهما فقال :

فتاتي أهل تدمر خبّراني!

ألمّا تسأما طول القيام؟

قيامكما على غير الحشايا ،

على جبل أصمّ من الرخام

١٧

فكم قد مرّ من عدد الليالي ،

لعصركما ، وعام بعد عام

وإنكما ، على مرّ الليالي ،

لأبقى من فروع ابني شمام

فإن أهلك ، فربّ مسوّمات

ضوامر تحت فتيان كرام

فرائصها من الإقدام فزع ،

وفي أرساغها قطع الخدام

هبطن بهنّ مجهولا مخوفا

قليل الماء مصفرّ الجمام

فلما أن روين صدرن عنه ،

وجئن فروع كاسية العظام

قال المدائني : فقدم أوس بن ثعلبة على يزيد بن معاوية فأنشده هذه الأبيات ، فقال يزيد : لله درّ أهل العراق! هاتان الصورتان فيكم يا أهل الشام لم يذكرهما أحد منكم ، فمرّ بهما هذا العراقي مرّة فقال ما قال ؛ ويروى عن الحسن بن أبي سرح عن أبيه قال : دخلت مع أبي دلف إلى الشام فلما دخلنا تدمر وقف على هاتين الصورتين ، فأخبرته بخبر أوس بن ثعلبة وأنشدته شعره فيهما ، فأطرق قليلا ثم أنشدني :

ما صورتان بتدمر قد راعتا

أهل الحجى وجماعة العشّاق

غبرا على طول الزمان ومرّه ،

لم يسأما من ألفة وعناق

فليرمينّ الدهر من نكباته

شخصيهما منه بسهم فراق

وليبلينّهما الزمان بكرّه ،

وتعاقب الإظلام والإشراق

كي يعلم العلماء أن لا خالد

غير الإله الواحد الخلّاق

وقال محمد بن الحاجب يذكرهما :

أتدمر صورتاك هما لقلبي

غرام ، ليس يشبهه غرام

أفكّر فيكما فيطير نومي ،

إذا أخذت مضاجعها النيام

أقول من التعجّب : أيّ شيء

أقامهما ، فقد طال القيام

أملّكتا قيام الدهر طبعا ،

فذلك ليس يملكه الأنام

كأنهما معا قرنان قاما ،

ألجّهما لدى قاض خصام

يمرّ الدهر يوما بعد يوم ،

ويمضي عامه يتلوه عام

ومكثهما يزيدهما جمالا ،

جمال الدّرّ زيّنه النّظام

وما تعدوهما بكتاب دهر ،

سجيّته اصطلام واخترام

وقال أبو الحسن العجلي فيهما :

أرى بتدمر تمثالين زانهما

تأنق الصانع المستغرق الفطن

هما اللتان يروق العين حسنهما ،

تستعطفان قلوب الخلق بالفتن

وفتحت تدمر صلحا ، وذاك أن خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، مرّ بهم في طريقه من العراق إلى الشام فتحصنوا منه ، فأحاط بهم من كلّ وجه ، فلم يقدر عليهم ، فلما أعجزه ذلك وأعجله الرحيل قال :

١٨

يا أهل تدمر والله لو كنتم في السحاب لاستنزلناكم ولأظهرنا الله عليكم ، ولئن أنتم لم تصالحوا لأرجعنّ إليكم إذا انصرفت من وجهي هذا ثم لأدخلنّ مدينتكم حتى أقتل مقاتليكم وأسبي ذراريكم ؛ فلما ارتحل عنهم بعثوا إليه وصالحوه على ما أدّوه له ورضي به.

تَدْمَلَةُ : اسم واد بالبادية.

تُدمِيرُ : بالضم ثم السكون ، وكسر الميم ، وياء ساكنة ، وراء : كورة بالأندلس تتصل بأحواز كورة جيّان ، وهي شرقي قرطبة ، ولها معادن كثيرة ومعاقل ومدن ورساتيق تذكر في مواضعها ، وبينها وبين قرطبة سبعة أيام للراكب القاصد ، وتسير العساكر أربعة عشر يوما ، وتجاور تدمير الجزيرتان وجزيرة يابسة ؛ قال أبو عبد الله محمد ابن الحدّاد الشاعر المفلق الأندلسي :

يا غائبا خطرات القلب محضره!

الصبر بعدك شيء ليس أقدره

تركت قلبي وأشواقي تفطّره ،

ودمع عينيّ آماقي تقطّره

لو كنت تبصر في تدمير حالتنا ،

إذا لأشفقت مما كنت تبصره

فالنفس بعدك لا تخلو للذّتها ؛

والعيش بعدك لا يصفو مكدّره

أخفي اشتياقي وما أطويه من أسف

على المريّة ، والأشواق تظهره

وقال الأديب أبو الحسن عليّ بن جودي الأندلسي :

لقد هيّج النيران ، يا أمّ مالك ،

بتدمير ذكرى ساعدتها المدامع

عشية لا أرجو لنأيك عندها ؛

ولا أنا إن تدنو مع الليل طامع

وينسب إليها جماعة ، منهم : أبو القاسم طيب بن هارون بن عبد الرحمن التدميري الكناني ، مات بالأندلس سنة ٣٢٨ ؛ وإبراهيم بن موسى بن جميل التدميري مولى بني أمية ، رحل إلى العراق ولقي ابن أبي خيثمة وغيره ، وأقام بمصر إلى أن مات بها في سنة ثلاثمائة ، وكان من المكثرين.

تَدْوِرَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر واوه : اسم موضع ؛ قال ابن جني : يقال هو من الدّوران ؛ وقال شاعر يذكره :

بتنا بتدورة يضيء وجوهنا

دسم السليط على فتيل ذبال

وهو من أبيات الكتاب ؛ قال الزّبيدي : التدورة دارة بين جبال ، وهي من دار يدور دورانا.

تَدُومُ : موضع في شعر لبيد حيث قال :

بما قد تحلّ الواديين كليهما

زنانير منها مسكن ، فتدوم

وقال الراعي :

خبّرت أن الفتى مروان يوعدني ،

فاستبق بعض وعيدي أيها الرجل

وفي تدوم ، إذا اغبرّت مناكبه ،

أو دارة الكور ، عن مروان معتزل

تَدْيَانَةُ : بالفتح ثم السكون ، وياء ، وألف ، ونون ، وهاء : من قرى نسف ؛ منها أبو الفوارس أحمد ابن محمد بن جمعة بن السكن النسفي التدياني ، يروي عن محمد بن إبراهيم البوشنجي ، روى عنه الأمير أبو أحمد خلف بن أحمد السجزي ملك سجستان ، مات فى المحرم سنة ٣٦٦.

١٩

باب التاء والذال وما يليهما

تَذْرَبُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الراء ، وباء موحدة : اسم مكان.

تَذَكَّرُ : بفتحتين ، وتشديد الكاف وضمها : موضع ؛ قال فيه بعضهم :

تذكّر قد عفا منها فمطلوب ،

فالسّقي من حرّتي ميطان فاللّوب

باب التاء والراء وما يليهما

تُرَابَةُ : بالضم ، بلفظ واحدة التراب : بلد باليمن ، وقال الخارزنجي : ترابة واد.

تَرَاخَةُ : الخاء معجمة ، وأوله مفتوح ؛ وقيل تراخى : من قرى بخارى ؛ منها أبو عبد الله محمد بن موسى ابن حكيم بن عطيّة بن عبد الرحمن التراخي البخاري ، يروي عن أبي شعيب الحرّاني وغيره ، توفي سلخ ذي الحجة سنة ٣٥٠.

تِرْباعُ : بالكسر ثم السكون ، والباء موحدة ؛ وأنشد الفرّاء قال أنشدني أبو ثروان :

ألمم على الربع بالترباع ، غيّره

ضرب الأهاضيب والنأآجة العصف

وهو في كتاب ابن القطّاع ترناع ، بالنون ، ذكره في ألفاظ محصورة جاءت على تفعال ، بكسر أوله.

تُرْبانُ : بالضم ثم السكون : قرية على خمسة فراسخ من سمرقند ؛ منها أبو عليّ محمد بن يوسف بن إبراهيم التّرباني الفقيه المحدّث ، يروي عن محمد بن إسحاق الصاغاني ، توفي سنة ٣٢٣ ؛ وتربان أيضا قال أبو زياد الكلابي : هو واد بين ذات الجيش وملل والسّيالة على المحجّة نفسها ، فيه مياه كثيرة مريّة ، نزلها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في غزوة بدر ، وبها كان منزل عروة بن أذينة الشاعر الكلابي ؛ قال كثيّر :

ألم يحزنك يوم غدت حدوج

لعزّة ، قد أجدّ بها الخروج

تضاهي النقب حين ظهرن منه ،

وخلف متون ساقيها الخليج

رأيت جمالها تعلو الثنايا ،

كأنّ ذرى هوادجها البروج

وقد مرّت على تربان ، يحدي

بها بالجزع من ملل وسيج

وقال في شرحه : تربان قرية من ملل على ليلة من المدينة ؛ قال ابن مقبل :

شقّت قسيّان وازورّت ، وما علمت

من أهل تربان من سوء ولا حسن

وتربان أيضا في قول أبي الطيب المتنبي يخاطب ناقته حيث قال :

فقلت لها : أين أرض العراق؟

فقالت ونحن بتربان : ها

وهبّت بحسمى هبوب الدّبو

ر ، مستقبلات مهبّ الصبا

قال شرّاح ديوان المتنبي : هو موضع من العراق ، غرّهم قوله ها للإشارة وليس كذلك ، فإنّ شعره يدلّ على أنه قبل حسمى من جهة مصر ، وإنما أراد بقوله ها تقريبا للبعيد ، وهو كما يقول من بخراسان أين مصر أي هي بعيدة ، فكأن ناقته أجابته : إني بسرعتي أجعلها بمنزلة ما تشير إليه ، وفي أخباره أنه رحل من ماء يقال له البقع من ديار أبي بكر فصعد في النّقب المعروف بتربان ، وبه ماء يعرف

٢٠