معجم البلدان - ج ٢

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٢

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩

وقد غرس فيه جميع الثمار وأصناف الرياحين ، وفي شرقي مدينة تونس الميناء والبحيرة وباب قرطا جنّة ، ودونه داخل الخندق بساتين كثيرة وسواق تعرف بسواقي المرج ، ويتصل بها جبل أجرد يقال له جبل أبي خفنجة ، في أعلاه آثار بنيان ؛ وباب أرطة غربي تجاوره مقبرة يقال لها مقبرة سوق الأحد ، ودون الباب من داخل الخندق غدير كبير يعرف بغدير الفحامين ، وربض المرضى خارج عن المدينة ، وفي قبليه ملاحة كبيرة منها ملحهم وملح من يجاورهم ، وجامع تونس رفيع البناء مطلّ على البحر ينظر الجالس فيه إلى جميع جواريه ، ويرقى إلى الجامع من جهة الشرق على اثنتي عشرة درجة ، وبها أسواق كثيرة ومتاجر عجيبة وفنادق وحمّامات ، ودور المدينة كلّها رخام بديع ، ولها لوحان قائمان وثالث معرض مكان العتبة ؛ ومن أمثالهم : دور تونس أبوابها رخام وداخلها سخام ؛ وهي دار علم وفقه ، وقد ولي قضاء إفريقية من أهلها جماعة ومع ذلك فهي مخصوصة بالتشغّب والقيام على الأمراء والخلاف للولاة ، خالفت نحو عشرين مرة وامتحن أهلها أيام أبي يزيد الخارجي بالقتل والسبي وذهاب الأموال ؛ قال صاحب الحدثان :

فويل لترشيش وويل لأهلها

من الحبشيّ الأسود المتغاضب!

وقال بعض الشعراء :

لعمرك ما ألفيت تونس كاسمها ،

ولكنني ألفيتها وهي توحش

ويصنع بتونس للماء من الخزف كيزان تعرف بالريحيّة ، شديدة البياض في نهاية الرقّة تكاد تشفّ ، ليس يعلم لها نظير في جميع الأقطار ، وتونس من أشرف بلاد إفريقية وأطيبها ثمرة وأنفسها فاكهة ، فمن ذلك اللوز الفريك يفرك بعضه بعضا من رقة قشره ويحت باليد وأكثره حبتان في كل لوزة مع طيب المضغة وعظم الحبة ، والرمان الضعيف الذي لا عجم له البتة مع صدق الحلاوة وكثرة المائية ، والأترج الجليل الطيب الذّكي الرائحة البديع المنظر ، والتين الخارمي أسود كبير رقيق القشر كثير العسل لا يكاد يوجد له بزر ، والسفرجل المتناهي كبرا وطيبا وعطرا ، والعنّاب الرفيع في قدر الجوزة ، والبصل القلوري في قدر الأترج مستطيل سابري القشر صادق الحلاوة كثير الماء ، وبها من أجناس السمك ما لا يوجد في غيرها ، يرى في كلّ شهر جنس من السمك لا يرى في الذي قبله ، يملح فيبقى سنين صحيح الجرم طيب الطعم ، منه جنس يقال له النقونس يضربون به المثل فيقولون : لو لا النقونس لم يخالف أهل تونس.

قال البكاري : بين تونس والقيروان منزل يقال له مجقة ، إذا كان أوان طيب الزيتون بالساحل قصدته الزرازير فباتت فيه وقد حمل كلّ طائر منها زيتونتين في مخلبيه فيلقيهما هناك ، وله غلّة عظيمة تبلغ سبعين ألف درهم ؛ ويقال لبحر تونس رادس ، وكذلك يقال لمرساها مرسى رادس ، وأهلها موصوفون بدناءة النفس ؛ وافتتحها حسان بن نعمان بن عدي بن بكر بن مغيث الأسدي في أيام عبد الملك ، نزل عليها فسأله الروم أن لا يدخل عليهم وأن يضع عليهم خراجا يقسطه عليهم ، فأجابهم إلى ذلك ، وكانت لهم سفن معدّة فركبوها ونجوا وتركوا المدينة خالية ، فدخلها حسان فحرّق وخرّب وبنى بها مسجدا وأسكنها طائفة من المسلمين ، ورجع حسان إلى القيروان فرجعت الروم إلى المسلمين فاستباحوهم ، فأرسل حسان من أخبر عبد الملك بالقضية ، فأمدّه بجيش كثير قاتل بهم الروم

٦١

في قصة طويلة حتى ملكها عنوة ، وذلك في سنة سبعين ، وأحكم بناءها ومدّ عليه سلسلة وجعلها رباطا للمسلمين تمنع الداخل إليها والخارج منها إلا بأمر الوالي ؛ وذكر آخرون من أهل السير أن التي افتتحها حسان بن النعمان قرطا جنّة ولم تكن تونس يومئذ مذكورة ، إنما عمرت بحجارة قرطا جنّة وبأنقاضها ، وبينهما نحو أربعة أميال ، وفي سنة ١١٤ بنى عبيد الله ابن الحبحاب مولى بني سلول والي إفريقية من قبل هشام بن عبد الملك جامع مدينة تونس ودار الصناعة بها ؛ وبتونس قبر المؤدّب محرز ، يقسم به أهل المراكب إذا جاش عليهم البحر ، يحملون من تراب قبره معهم وينذرون له ؛ والمنسوب إلى تونس من أهل العلم كثير ، منهم : أبو يزيد شجرة بن عيسى ، وقيل ابن عبد الله التونسي قاضيها ، مات سنة ٢٦٢ ؛ وعبد الوارث بن عبد الغني بن علي بن يوسف بن عاصم أبو محمد التونسي المالكي الأصولي الزاهد ، كان عالما بالكلام بصيرا به حسن الاعتقاد فيه ، له قدم في العبادة ، وكان يتردد بين دمشق وحمص وحلب ، وكان له أصحاب ومريدون ؛ قال أبو القاسم الحافظ : أنشدني أبو محمد الأصولي :

إذا كنت ، في علم الأصول ، موافقا

بعقلك قول الأشعريّ المسدّد

وعاملت مولاك الكريم ، مخالصا ،

بقول الإمام الشافعيّ المؤيّد

وأتقنت حرف ابن العلاء مجرّدا ،

ولم تعد في الإعراب رأي المبرّد

فأنت على الحقّ اليقين موافق

شريعة خير المرسلين محمد

ومات عبد الوارث سنة خمسين وخمسمائة بحلب.

تُونْكَث : بسكون الواو والنون ، وفتح الكاف ، والثاء مثلثة : من قرى الشاش ؛ عن أبي سعد ؛ وقال الإصطخري : تونكث قصبة إيلاق ، وهي أصغر من نصف بنكث قصبة الشاش ، ولها قهندز ومدينة وربض ؛ ينسب إليها أبو جعفر حم بن عمر البخاري التونكثي من أهل بخارى ، سكن تونكث ، يروي عن أبي عبد الرحمن حذيفة بن النضر ومحمد ابن إسماعيل البخاري ، روى عنه أبو منصور محمد ابن جعفر بن محمد بن حنيفة الإيلاقي التونكثي ، ومات سنة ٣١٣.

تُونُ : والتون في لغة العرب البياض في الأظفار : مدينة من ناحية قهستان قرب قائن ؛ ينسب إليها جماعة ، منهم : أحمد بن العباس التوني ، حدث عن إبراهيم بن إسحاق بن محمد التوني القائني ، كان فقيها مدرسا ، ورد هراة وسكنها إلى أن توفي في رجب سنة ٤٥٩ ؛ وإسماعيل بن عبد الله بن أبي سعد بن أبي الفضل التوني أبو طاهر خادم مسجد عقيل بنيسابور ، وكان يخدم أبا نصر محمد بن عبد الله الإمام ، وكان يلازمه سفرا وحضرا ، وسمع الحديث منه ، سمع أبا علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشناسي وأبا عبد الله إسماعيل بن عبد الغفار الفارسي وأبا بكر عبد الغفار ابن الحسين النيسابوري وأبا جعفر محمد بن عبد الحميد الأبيوردي وأسعد بن أحمد بن حيان النسوي وأبا العلاء عبيد بن محمد بن عبيد القشيري وغيرهم ؛ وأبو محمد أحمد بن محمد بن أحمد التوني ، روى عن أبي محمد أحمد بن محمد بن عبد الله الشّروطي السجستاني ، روى عنه حنبل بن علي بن الحسين أبو جعفر الصوفي السجستاني وغيره.

تُونَةُ : جزيرة قرب تنّيس ودمياط من الديار المصرية من فتوح عمير بن وهب ، يضرب المثل بحسن معمول

٦٢

ثيابها وطرزها ؛ قال محمد بن عمر المطرّز البغدادي الشاعر :

ومعذّرين ، كأنّ نبت خدودهم

أشراك ليل في أديم نهار

يتصيّدون قلوبنا بلحاظهم ،

كتصيّد البازات للأطيار

لما رأيت عذاره في خده

ناديت ، من شغفي وحرقة ناري :

يا أهل تنّيس وتونة! قايسوا

ما بين طرزكم وطرز الباري

وينسب إليها عمر بن أحمد التوني ، حدث عنه أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة الحافظ ؛ وسالم بن عبد الله التوني ، يروي عن عبد الله بن لهيعة ، قال أبو سعيد بن يونس : هو معروف وله أهل بيت معروفون بتنّيس.

التَّوُّ : بفتح التاء ، وتشديد الواو : من قرى صنعاء اليمن من مخلاف صداء.

التَّوَيْوَةُ : بلفظ التصغير : من حصون النّجاد باليمن.

تُوِيكُ : بكسر الواو ، والكاف : موضع بمرو ؛ منه أبو محمد أحمد بن إسحاق السّكّري التّويكي ، كان رجلا صالحا ؛ عن أبي سعد.

التُّوَيمَةُ : تصغير التومة ، وهي خرزة تعمل من الفضة كاللؤلؤة : هو ماء من مياه بني سليم.

تُوَيُّ : بالضم ثم الفتح ، ولا أدري كيف حديث الياء ؛ ينسب إليها أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن جعفر الفقيه التّويّيّ الهمذاني ، روى عن أبي عمر بن حيّويه البغدادي ، روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب.

باب التاء والهاء وما يليهما

تِهَامُ : بكسر التاء : واد باليمامة ؛ عن محمد بن إدريس الحفصي.

تِهَامَةُ : بالكسر ، قد مرّ من تحديدها في جزيرة العرب جملة شافية اقتضاها ذلك الموضع ، ونقول ههنا : قال أبو المنذر تهامة تساير البحر ، منها مكة ، قال : والحجاز ما حجز بين تهامة والعروض ؛ وقال الأصمعي : إذا خلفت عمان مصعدا فقد أنجدت فلا تزال منجدا حتى تنزل في ثنايا ذات عرق ، فإذا فعلت ذلك فقد أتهمت إلى البحر ، وإذا عرضت لك الحرار وأنت منجد فتلك الحجاز ، وإذا تصوّبت من ثنايا العرج واستقبلك الأراك والمرخ فقد أتهمت ، وانما سمّي الحجاز حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد ؛ وقال الشرقي بن القطامي : تهامة إلى عرق اليمن إلى أسياف البحر إلى الجحفة وذات عرق ؛ وقال عمارة ابن عقيل : ما سال من الحرّتين حرّة سليم وحرّة ليلى فهو تهامة والغور حتى يقطع البحر ؛ وقال الأصمعي في موضع آخر : طرف تهامة من قبل الحجاز مدارج العرج وأول تهامة من قبل نجد ذات عرق.

المدارج : الثنايا الغلاظ ؛ وقال المدائني : تهامة من اليمن وهو ما أصحر منها إلى حدّ في باديتها ومكة من تهامة ، وإذا جاوزت وجرة وغمرة والطائف إلى مكة فقد أتهمت ، وإذا أتيت المدينة فقد جلست ؛ وقال ابن الأعرابي : وجرة من طريق البصرة فصل ما بين نجد وتهامة ، وقال بعضهم : نجد من حد أوطاس إلى القريتين ثم تخرج من مكة فلا تزال في تهامة حتى تبلغ عسفان بين مكة والمدينة ، وهي على ليلتين من مكة ، ومن طريق العراق إلى ذات عرق هذا كله تهامة ، وسميت تهامة لشدّة حرّها وركود

٦٣

ريحها ، وهو من التّهم ، وهو شدّة الحرّ وركود الريح ، يقال : تهم الحرّ إذا اشتدّ ، ويقال : سميت بذلك لتغير هوائها ، يقال : تهم الدهن إذا تغير ريحه ؛ وحكى الزيادي عن الأصمعي قال : التّهمة الأرض المتصوبة إلى البحر ، وكأنه مصدر من تهامة ؛ وقال المبرد : إذا نسبوا إلى تهامة قالوا رجل تهام ، بفتح التاء وإسقاط ياء النسبة ، لأن الأصل تهمة فلما زادوا ألفا خففوا ياء النسبة ، كما قالوا رجل يمان وشام إذا نسبوا إلى اليمن والشام ؛ وقال إسماعيل بن حمّاد : النسبة إلى تهامة تهاميّ وتهام ، إذا فتحت التاء لم تشدّد الياء ، كما قالوا : رجل يمان وشام ، إلا أن الألف من تهام من لفظها والألف من شام ويمان عوض من ياء النسبة ؛ قال ابن أحمر :

وأكبادهم ، كابني سبات تفرقوا

سبا ثم كانوا منجدا وتهاميا

وألقى التهامي منهما بلطاته ،

وأخلط هذا لا أريم مكانيا

وقوم تهامون كما يقال يمانون ؛ وقال سيبويه : منهم من يقول تهاميّ ويمانيّ وشاميّ ، بالفتح مع التشديد ؛ وقال زهير :

يحشّونها بالمشرفيّة والقنا ،

وفتيان صدق لا ضعاف ولا نكل

تهامون نجديّون كيدا ونجعة ،

لكل أناس من وقائعهم سجل

وأتهم الرجل إذا صار إلى تهامة ؛ وقال بعضهم :

فإن تتهموا أنجد خلافا عليكم ،

وإن تعمنوا مستحقي الحرب أعرق

والمتهام : الكثير الإتيان إلى تهامة ؛ قال الراجز :

ألا انهماها انها مناهيم ،

وإننا مناجد متاهيم

وقال حميد بن ثور الهلالي :

خليليّ هبّا علّلاني ، وانظرا

إلى البرق ما يفري سنا وتبسّما

عروض تدلّت من تهامة أهديت

لنجد ، فتاح البرق نجدا وأتهم (١)

تَهْلَلُ : بالفتح ثم السكون ، ولامان ، الأولى مفتوحة : موضع قريب من الريف ، وقد روي بالثاء المثلثة ، وقد ذكر هناك شاهده.

تَهْمَل : ويروى بالتاء أيضا : موضع قرب المدينة مما يلي الشام.

تَهُوذَةُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، والذال معجمة : اسم لقبيلة من البربر بناحية إفريقية ، لهم أرض تعرف بهم.

باب التاء والياء وما يليهما

تِيَاسانِ : الكسر ، والسين مهملة : اسم لعلمين ، يسمى كل واحد منهما تياسا ، وهما بشمالي قطن ؛ وقال الأصمعي : تياسان علمان في ديار بني عبس ، وقيل بلد لبني أسد.

تِيَاسٌ : واحد الذي قبله ؛ وقال أبو أحمد : وقد يفتح ، وقيل : هو ماء للعرب بين الحجاز والبصرة ، وله ذكر في أيام العرب وأشعارها ؛ قال أوس بن حجر :

ومثل ابن غنم ان دخول تذكرت ،

وقتلى تياس عن صلاح تعرّب

قوله تعرّب أي تفسر ؛ وقال ابن مقبل :

أخلى عليها تياس والبراعيم

وقال نصر : تياس جبل قريب من أجإ وسلمى جبلي طيّء ، وقيل هو من جبال بني قشير ، وقيل جبل بين البصرة واليمامة ، وهو إلى اليمامة أقرب.

__________________

(١) قوله : فتاح ؛ هكذا في الأصل.

٦٤

تِيَاسَةُ : بزيادة الهاء : ماء لبني قشير ؛ عن أبي زياد الكلابي ، قال : وإنما سمّيت التّياسة من أجل جبل قريب منها اسمه تياس.

تِيَانُ : آخره نون : ماء في ديار بني هوازن.

تَيْتٌ : بالفتح ثم السكون ، وآخره تاء أخرى : اسم جبل قرب اليمامة ، ويروى تيّت بالياء المشدّدة ؛ قال ابن إسحاق : وخرج أبو سفيان في غزوة السّويق في مائتي راكب فسلك النّجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له تيّت من المدينة على بريد أو نحوه ؛ وفي كتاب نصر : تيب ، بالتحريك وآخره باء موحدة : جبل قريب من المدينة على سمت الشام ، وقد يشدد وسطه للضرورة.

تَيْتَدُ : ثالثه مثل أوله مفتوح ، ودال مهملة : اسم واد من أودية القبليّة ، وهو المعروف بأذينة ، وفيه عرض فيه النخل من صدقة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؛ عن الزمخشري عن السيد عليّ العلوي.

تَيْدَدُ : بدالين ؛ أحسبها التي قبلها ؛ وقال نصر : تيدد أرض كانت لجذام فنزلها جهينة ، بها نخل وماء ، قال : وبخط ابن الأعرابي فيدر وتيدر ، وهما تصحيف ، وكان بها رجل من جذام فظعن عنها ثم التفت فنظر إلى تيدد ونخلها فقال : يا برى تيدد لا أبر لك ، قالوا : بنات فريجنة من نوع النخل ، قال : فريجنة اسم امرأة كانت بفناء بيتها نخلات وكانت تقول : هنّ بناتي ، فنسب ذلك النوع من النخل والتمر إليها ، لا يعلمونها ، كانت بموضع قبل تيدد.

تَيدَةُ : عوض الدال الأخيرة هاء : بلد قديم بمصر ببطن الريف قرب سخا.

تَيْرَابُ : بالراء ، وآخره باء موحدة ؛ قال أبو يحيى زكرياء الساجي ، ومن خطه نقلته : كتب زياد ابن أبيه إلى عثمان ، رضي الله عنه ، يستأذنه في حفر نهر الأبلّة ، ووصفه له وعرّفه احتياج أهل البصرة إليه ، فأذن له ، فترك نهر أبي موسى ، وهو الإجّانة ، على حاله واحتفر من دجلة إلى مسنّاة البصرة ثم قاده مع المسناة إلى التيراب

فيض البصرة.

تِيرَانْشَاه : بالكسر ، وبعد الألف نون ساكنة ، وشين معجمة : مدينة من نواحي شهرزور.

تَيْرَبُ : بالفتح ؛ قال الزمخشري وتلميذه العمراني : تيرب بلد قديم من حجر اليمامة ، ذكراه في باب التاء وأخاف أن يكون يترب ، أوله ياء ، فصحفاه.

تِيركان : بالكسر : من قرى مرو ؛ منها أبو عبد الله محمد ابن عبد ربه بن سليمان المروزي التيركاني ، مات سنة ٢٠٥.

تِيرَمَرْدَان : بليد بنواحي فارس بين نوبندجان وشيراز ، وهي كورة تشتمل على ثلاث وثلاثين قرية في الجبال وأعيان ضياعها التي هي كالقصبة ، لها ست قرى متصلة في واد ، يتخلّلها أنهر كثيرة وشجر ، وأسماء هذه الستّ : استكان ، ومهركان ، ورونجان وفيها خانقاه حسنة للصوفية ، وهي أميز هذه القرى وأجلّها وخيرها ، وهي قصبة الجميع في القديم ، وكوجان ؛ ومنها كان الظهير الفارسي ، وهو أبو المعالي عبد السلام بن محمود بن أحمد ، كان فقيها مجوّدا وحكيما معروفا فيلسوفا ، ولي التدريس في الموصل بالمدرسة ، وكان تاجرا ذا ثروة ظاهرة وجاه عريض في كل بلد يقدم عليه ، وكان قد طوّف الدنيا وحضر محافل العلوم وظهر كلامه على الخصوم ، وكان في آخر أمره بمصر ، وبلغني أن نور الدين أرسلان شاه بن عزّ الدين مسعود بن زنكي صاحب الموصل استدعاه

٦٥

من مصر ليوليه وزارته ، فلما وصل إلى حلب جاءه أبو الفتح نصر بن عيسى بن عليّ بن جزري الموصلي صاحب ديوان الاستيفاء بالموصل بحلواء ، فأكل منها هو وغلامان له فماتوا جميعا في سنة ٥٢٦ ، وأخذ الملك الظاهر أمواله وكتبه ، وكان من عادته أنه يستصحب جميع أمواله وكتبه على جمال له نجاتي أينما توجّه ؛ والقرية السادسة فيرانشاه ، وفيها يسكن الرؤساء ومقدّمو الناحية (١).

تِيرَا : مقصور : نهر تيرا من نواحي الأهواز ، ونذكره في نهر تيرا إن شاء الله تعالى ، فتحت في سنة ثماني عشرة على يد سلمى بن القين وحرملة بن مريط من قبل عتبة بن غزوان ؛ وقال غالب بن كلب :

ونحن ولينا الأمر يوم مناذر ،

وقد أقمعت تيرا كليب ووائل

ونحن أزلنا الهرمزان وجنده

إلى كور ، فيها قرّى ووصائل

وإليها فيما أحسب ينسب الأديب أبو الحسن عليّ بن الحسين التيروي ، وكان حسن الخط والضبط نحو عبد السلام البصري ، رأيت بخطه شعر قيس بن الخطيم ، وقد كتبه في سنة ٣٩٣.

تَيْوِمُ : بالفتح ثم السكون ، وكسر الراء ، وميم : موضع بالبادية أحسبه في بلاد نمر بن قاسط ؛ قال دثار بن شيبان النمري :

فمن يك سائلا عنّي ، فإنّي

أنا النّمري جار الزّبرقان

طريد عشيرة وطريد حزب ،

بما اجترمت يدي وجنى لساني

كأنّي ، إذا نزلت به طريدا ،

حللت على الممنّع من أبان

أتيت الزبرقان فلم يضعني ،

وضيّعني بتيرم من دعاني

تِيرَةُ : بالهاء : قلعة جليلة حصينة من نواحي قزوين من جهة زنجان.

تِيزَانُ : بالكسر ثم السكون ، وزاي ، وألف ، ونون : من قرى هراة. وتيزان أيضا : من قرى أصبهان.

تَيزَرُ : بالفتح ، وآخره راء : قرية كبيرة من أعمال سرمين ، وأهلها إسماعيلية.

تِيزُ : بالكسر : بلدة على ساحل بحر مكران أو السند ، وفي قبالتها من الغرب أرض عمان ، بينها وبين كيز مدينة مكران خمس مراحل ؛ قال المنجمون : التيز في الإقليم الثالث ، طولها اثنتان وثمانون درجة وثلثان ، وعرضها ثمان وعشرون درجة وثلثان.

تِيزِينُ : بعد الزاي ياء ساكنة ، ونون : قرية كبيرة من نواحي حلب ، كانت تعدّ من أعمال قنّسرين ، ثم صارت في أيام الرشيد من العواصم مع منبج وغيرها.

التَّيْسُ : بلفظ الواحد من التيوس ، فحل الشاة ؛ رجلة التيس : موضع بين الكوفة والشام. وتيس أيضا : جبل بالشام فيه عدّة حصون.

تِيشُ : بالكسر ثم السكون ، والشين معجمة : جبل بالأندلس من كورة جيّان ، كان عنده مدينة قديمة ودرست.

تِيفَارِينُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، والفاء ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، ونون : موضع ؛ عن العمراني.

تِيفَاشُ : بالشين معجمة : مدينة أزلية بإفريقية ، شامخة البناء وتسمى تيفاش الظالمة ، ذات عيون ومزارع

__________________

(١) سقط هنا ذكر الخامسة.

٦٦

كثيرة ، وهي في سفح جبل.

تيلٌ : بكسر أوله ويفتح ، وثانيه ساكن ، ولام : جبل أحمر شاهق من وراء تربة من ديار عامر بن صعصعة ، وإليه تنسب دارة تيل ؛ قال ابن مقبل :

لمن الديار بجانب الأحفار ،

فبتيل دمخ أو بسفح جرار

تَيْماءُ : بالفتح والمدّ : بليد في أطراف الشام ، بين الشام ووادي القرى ، على طريق حاجّ الشام ودمشق ، والأبلق الفرد حصن السموأل بن عادياء اليهودي مشرف عليها ، فلذلك كان يقال لها تيماء اليهودي ؛ وقال ابن الأزهري : المتيّم المضلّل ، ومنه قيل للفلاة تيماء لأنها يضلّ فيها ، قال ابن الأعرابي : أرض واسعة ، وقال الأصمعي : التّيماء الأرض التي لا ماء فيها ولا نحو ذلك. ولما بلغ أهل تيماء في سنة تسع وطء النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وادي القرى أرسلوا إليه وصالحوه على الجزية وأقاموا ببلادهم وأرضهم بأيديهم ، فلما أجلى عمر ، رضي الله عنه ، اليهود عن جزيرة العرب أجلاهم معهم ؛ قال الأعشى :

ولا عاديا لم يمنع الموت ماله ،

وورد بتيماء اليهوديّ أبلق

وقال بعض الأعراب :

إلى الله أشكو ، لا إلى الناس ، أنّني

بتيماء تيماء اليهود غريب

وأنّي بتهباب الرياح موكل ،

طروب إذا هبّت عليّ جنوب

وإن هبّ علويّ الرياح وجدتني

كأنّي لعلويّ الرياح نسيب

وينسب إليها حسن بن إسماعيل التّيماوي ، وهو مجهول.

تِيمَارُ : بالكسر ، وآخره راء : جبل أظنّه بنواحي البحرين ؛ قال عبدة بن الطبيب :

تداركت عبد الله قد ثلّ عرشه ،

وقد علقت في كفّة الحائل اليد

سموت له بالركب حتى لقيته

بتيمار ، يبكيه الحمام المغرّد

وقال لبيد :

وكلاف وضلفع وبضيع ،

والذي فوق خبّة تيمار

تَيْمَارِستَانُ : بلدة بفارس من كورة أرد

تَيْمَرُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الميم : قرية بالشام ، وقيل من شق الحجاز ؛ قال امرؤ القيس :

بعينيّ ظعن الحيّ لما تحمّلوا ،

لدى جانب الأفلاج من بطن تيمرا

التَّيْمُرَةُ : بضم الميم ؛ قال الهيثم بن عدي : كانت مساحة أصبهان ثمانية فراسخ في مثلها ، وهي ستة عشر رستاقا ، في كل رستاق ثلاثمائة وستون قرية قديمة سوى المحدثة ، وذكر فيها التيمرة الكبرى والتيمرة الصغرى.

تِيمُ : بالكسر : من قرى بلخ ؛ وقال ابن الفقيه : تيم وكسف ونسف من قرى الصّغد بسمرقند.

تِيمَكُ : بالكاف ؛ والتّيم بلغة أهل خراسان الخان الذي يسكنه التجار ، والكاف في آخره للتصغير في معنى الخوين ؛ وقد نسب بهذه النسبة أبو عبد الرحمن محمد بن إبراهيم بن مردويه بن الحسين الكرابيسي التيمكي ، نسب إلى خان بسمرقند في صفّ الكرابيسيين ، روى عن يعقوب بن يوسف اللؤلؤي ومحمد ابن يوسف الكريمي والباغندي محمد بن سليمان وغيرهم ، مات في شهر ربيع الأول سنة ٣٢١.

٦٧

تَيْمَنُ : بالفتح ، وآخره نون : موضع بين تبالة وجرش من مخاليف اليمن. وتيمن أيضا : هضبة حمراء في ديار محارب قرب الرّبذة ؛ قال الحكم الخضري خضر محارب :

أبكاك ، والعين يذري دمعها الجزع ،

بنعف تيمن مصطاف ومرتبع

جرّت بها الريح أذيالا ، وغيّرها

مرّ السنين وأجلت ، أهلها ، النّجع

ولا أدري أيهما أراد ربيعة بقوله حيث قال :

وأضحت بتيمن أجسادهم

يشبهها من رآها الهشيما

وقال ابن السكيت في قول عروة

نحنّ إلى سلمى بحر بلادها ،

وأنت عليها بالملإ كنت أقدرا

تحلّ بواد من كراء مضلّة ،

تحاول سلمى أن أهاب وأحصرا

وكيف ترجّيها وقد حيل دونها ،

وقد جاورت حيّا بتيمن منكرا

قال : تيمن أرض قبل جرش في شقّ اليمن ثم كراء ، قال والناس ينشدونها بتيماء منكرا وهذا خطأ لأن تيماء قبل وادي القرى ، وهذه المواضع باليمن ؛ وقيل : تيمن أرض بين بلاد بني تميم ونجران ، والقولان واحد لأن نجران قرب جرش ؛ قال وعلة الجرمي :

ولمّا رأيت القوم يدعو مقاعسا ،

ويقطع منّي ثغرة النحر حائر

نجوت نجاء ليس فيه وتيرة ،

كأنّي عقاب دون تيمن كاسر

وتَيمَنُ ذي ظِلال : واد إلى جنب فدك في قول بعضهم ، والصحيح أنه بعالية نجد ؛ قال لبيد يذكر البرّاض وفتكه بالرّحّال ، وهو عروة بن ربيعة بن جعفر بن كلاب بهذا الموضع وهاجت حرب الفجار :

وأبلغ إن عرضت بني كلاب

وعامر ، والخطوب لها موالي

بأن الوافد الرّحّال أمسى

مقيما ، عند تيمن ذي ظلال

تِينَاتُ : كأنه جمع تينة من الفواكه : فرضة على بحر الشام قرب المصيصة ، تجهّز منها المراكب بالخشب إلى الديار المصرية ، وقد سمّاها أبو الوليد بن الفرضي مدينة فقال في تاريخ إبراهيم بن علي بن محمد بن أحمد الديلمي الصوفي الخراساني : قال لي أبو القاسم سهل بن إبراهيم : سألت أبا إسحاق الخراساني عمّن خلفه بالمشرق فمن لقيه ورآه فذكر جماعة ثم قال : وبمدينة التينات أبو الخير الأقطع واسمه عبّاد بن عبد الله ، كان من أعيان الصالحين ، له كرامات ، سكن جبل لبنان ، وكان ينسج الخوص بيده الواحدة ، ولا يدرى كيف ينسجه ، وكان تأوي إليه السباع وتأنس به ، ويذكر أن ثغور الشام كانت في أيامه محروسة حتى مضى لسبيله ، حكى عنه أبو بكر الزابي ، وكان ابنه عيسى بن أبي الخير التينات أيضا من الصالحين ، حكى عن أبيه وحكى عنه أبو ذر عبد بن أحمد الهروي وأبو بكر أحمد بن موسى بن عمار القرشي الأنطاكي القاضي ، وقيل : كان أصل أبي الخير من المغرب.

تِينَانِ : تثنية التين من الفواكه ؛ قال السكوني : تخرج من الوشل إلى صحراء بها جبلان يقال لهما التينان لبني نعامة من بني أسد ؛ وفيهما قيل :

ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة

بأسفل ذات الطّلح ممنونة رهبى؟

٦٨

وهل قابل هاذاكم التين قد بدا ،

كأنّ ذرى أعلامه عمّمت عصبا

ولا شارب من ماء زلفة شربة

على العلّ منّي ، أو مجير بها ركبا

قال : والتينان يسرة الجبل ويمنة الطريق ؛ وأنشد أيضا :

أحبّ مغارب التينين ، إنّي

رأيت الغوث يألفها الغريب

كأن الجار في شمجى بن جرم

له نعماء ، أو نسب قريب

الغوث : أبو قبائل طيء ؛ وقال الزمخشري : التينان جبلان لبني فقعس بينهما واد يقال له خوّ ؛ وأنشد غيره يقول :

أرّقني الليلة برق لامع ،

من دونه التينان والربائع

وقال العوّام بن عبد الرحمن :

أحقّا ذرى التينين أن لست رائيا ،

فلا لكما إلا لعينيّ ساكب

وقد تفرد فيقال لكل واحد منهما التين كما نذكره بعد.

تِينزَرْتُ : بالكسر ثم السكون ، وسكون النون أيضا ، وفتح الزاي ، وراء ، وتاء فوقها نقطتان : مدينة في جنوبي المغرب وشرقي نول ، قريبة من بلاد الملثّمين ؛ يجتمع إليها تجار لمعاملة البربر.

تِينُ مَلَّل : الميم مفتوحة ، واللام الأولى مشددة مفتوحة : جبال بالمغرب بها قرى ومزارع يسكنها البرابر ، بين أولها ومراكش ، سرير ملك بني عبد المؤمن اليوم ، نحو ثلاثة فراسخ ، بها كان أول خروج محمد بن تومرت المسمّى بالمهدي الذي أقام الدولة ، ومات فصارت لعبد المؤمن ثم لولده ، كما ذكرته في أخبارهم.

التّينُ والزَّيتونُ : جبلان بالشام ؛ وقيل : التين جبال ما بين حلوان إلى همذان ، والزيتون : جبال بالشام ، وقيل : التين مسجد نوح ، عليه السلام ، والزّيتون : البيت المقدس ، وقيل : التين مسجد دمشق ، وقيل : التين شعب بمكة يفرغ سيله في بلدح ، والتين واحد التينين المذكور ههنا ، وهو جبل بنجد لبني أسد ؛ قال الراجز :

وبين خوّين زقاق واسع ،

زقاق بين التين والربائع

وبراق التين : منسوبة إلى هذا الجبل ؛ وقال أبو محمد الخدامي الفقعسي الأسدي :

ترعى ، الى جدّ لها مكين ،

أكناف خوّ فبراق التين

تَيْهَرْت : هي تاهرت ، وقد تقدم ذكرها.

التيهُ : الهاء خالصة : وهو الموضع الذي ضلّ فيه موسى ابن عمران ، عليه السلام ، وقومه ، وهي أرض بين أيلة ومصر وبحر القلزم وجبال السراة من أرض الشام ، ويقال إنها أربعون فرسخا في مثلها ، وقيل اثنا عشر فرسخا في ثمانية فراسخ ؛ وإياه أراد المتنبّي بقوله :

ضربت بها التيه ضرب القما

ر ، إمّا لهذا وإما لذا

والغالب على أرض التيه الرمال ، وفيها مواضع صلبة ، وبها نخيل وعيون مفترشة قليلة ، يتصل حدّ من حدودها بالجفار وحدّ بجبل طور سينا وحدّ بأرض بيت المقدس وما اتصل به من فلسطين وحدّ ينتهي إلى مفازة في ظهر ريف مصر إلى حد القلزم ، ويقال إن بني إسرائيل دخلوا التيه وليس منهم أحد فوق الستين إلى دون العشرين سنة ، فماتوا كلهم في أربعين سنة ، ولم يخرج منه ممن دخله مع موسى بن عمران ، عليه السلام ، إلا يوشع بن نون وكالب بن يوفنّا ، وإنما خرج عقبهم.

٦٩

[ث]

باب الثاء والالف وما يليهما

ثاءَةُ : بعد الألف همزة مفتوحة ، وهاء التأنيث : موضع ؛ قال ابن أنمار الخزاعي : أنا ابن أنمار وهذا زيري ، جمعت أهل ثاءة وحجر ، وآخر من عند سيف البحر.

ثَابُ : آخره باء موحدة : موضع في شعر الأغلب ، قيل : أراد به الاثابات فلاة بظاهر اليمامة ؛ عن نصر.

ثَابِريّ : بالباء مكسورة : منسوب إلى أرض جاءت في الشعر ، ويجوز أن يكون منسوبا إلى ثبرة كما نسب إلى صعدة صاعديّ ، والتغيير في النسب كثير.

ثاتُ : آخره تاء مثناة : مخلاف باليمن ؛ ينسب إليه ذو ثات مقول من مقاول حمير ؛ عن نصر.

ثَأجُ : بالجيم ؛ قال الغوري يهمز ولا يهمز : عين من البحرين على ليال ؛ وقال محمد بن إدريس اليمامي :ثاج قرية بالبحرين ، قال : ومر تميم بن أبيّ بن مقبل العجلاني بثاج على امرأتين فاستسقاهما فأخرجتا إليه لبنا ، فلما رأتاه أعور أبتا أن تسقياه ، فقال :

يا جارتيّ ، على ثاج سبيلكما

سيرا شديدا ، ألمّا تعلما خبري

إني أقيّد بالمأثور راحلتي ،

ولا أبالي ولو كنا على سفر

فلما سمع أبوهما قوله قال : ارجع معي إليهما ، فرجع معه ، فأخرجهما إليه وقال : خذ بيد أيتهما شئت ، فاختار إحداهما ، فزوّجه منها ثم قال له : أقم عندي إلى العشيّ ، فلما وردت إبله قسمها نصفين فقال له : خذ أي النصفين شئت ، فاختار ابن مقبل أحد النصفين ، فذهب به إلى أهله ؛ وقال شاعر آخر :

دعاهنّ من ثاج فأزمعن رحله

ويروى ورده ؛ وقال آخر :

وأنت بثاج ما تمرّ وما تحلي

ثَاجَةُ : من أودية القبلية من نواحي مكة ؛ عن أبي القاسم عن عليّ الشريف.

ثَادِقُ : يروى بفتح الدال وكسرها : اسم واد في ديار عقيل فيه مياه ؛ وقال الأصمعي : ثادق واد ضخم يفرغ في الرّمّة ، وهو الذي ذكره عقبة بن سوداء فقال :

ألا يا لقومي للهموم الطوارق ،

وربع خلا بين السّليل وثادق

السليل في أعلى ثادق ، قال : وأسفل ثادق لعبس

٧٠

وأعلاه لبني أسد لأفنائهم ؛ وأنشد :

سقى الأربع الآطار من بطن ثادق

هزيم الكلى ، جاشت به العين أملح

وقال عبد الرحمن بن دارة :

قضى مالك ما قد قضى ثم قلّصت

به ، في سواد الليل ، وجناء عرمس

فأضحت بأعلى ثادق ، فكأنها

محالة غرب تستمرّ وتمرس

وقال ابن دريد : سألت أبا حاتم عن اشتقاق ثادق فقال لا أدري ، وسألت الرياشي فقال : إنكم يا معشر الصبيان تتعمّقون في العلم ، وقلت أنا : ويحتمل أن يكون اشتقاقه من ثدق المطر من السحاب إذا خرج خروجا سريعا ، وسحاب ثادق وواد ثادق أي سائل.

ثافِتُ : بكسر الفاء ، وتاء مثناة ، ويقال أثافت ، في أوله همزة : موضع باليمن ، وقد تقدّم ذكره في باب الهمزة.

ثَافِلٌ : بكسر الفاء ، ولام ، والثفل في اللغة ما سفل من كل شيء ؛ قال عرّام بن الأصبغ وهو يذكر جبال تهامة ويتلو تليلا : جبلان يقال لأحدهما ثافل الأكبر وللآخر ثافل الأصغر ، وهما لبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ، وهم أصحاب جلال ورغبة ويسار ، وبينهما ثنية لا تكون رمية سهم ، وبينهما وبين رضوى وغرور ليلتان ، نباتهما العرعر والقرظ والظّيّان والبشام والأيدع ، قال عرّام : وهو شجر يشبه الدّلب إلا أن أغصانه أشدّ تقاربا من أغصان الدلب له ورد أحمر ليس بطيب الريح ، ولا ثمر له ، نهى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن تكسير أغصانه وعن السّدر والتنضب لأنها ذوات ظلال يسكن الناس دونها في الحرّ والبرد ، واللغويون غير عرّام بن الأصبغ مختلفون في الأيدع ، فمنهم من قال إنه الزعفران محتجا بقول رؤبة : كما لقى محرم حجّ أيدعا ؛ والبعض يقول : إنه دم الأخوين ، ومنهم من قال : إنه البقّم ، والصواب عندنا قول عرّام لأنه بدويّ من تلك البلاد ، وهو أعرف بشجر بلاده ، ونعم الشاهد على قول عرّام قول كثيّر حيث قال :

كأنّ حمول القوم ، حين تحمّلوا ،

صريمة نخل أو صريمة أيدع

يقال : صريمة من غضا وصريمة من سلم وصريمة من نخل أي جماعة ، قال : وفي ثافل الأكبرآباد في بطن واد يقال له يرثد ، ويقال للآبار الدباب ، هو ماء عذب غير منزوف أناشيط قدر قامة ؛ وفي ثافل الأصغر دوّار في جوفه يقال له القاحة ، ولها بئران عذبتان غزيرتان ، وهما جبلان كبيران شامخان ، وكل جبال تهامة تنبت الغضور ، وبين هذه الجبال جبال صغار وقرادد ، وينسب إلى كل جبل ما يليه ؛ روي أنه كان ليزيد بن معاوية ابن اسمه عمر فحجّ في بعض السنين ، فقال وهو منصرف :

إذا جعلن ثافلا يمينا ،

فلن نعود بعدها سنينا

للحج والعمرة ما بقينا

قال : فأصابته صاعقة فاحترق ، فبلغ خبره محمد بن علي بن الحسين ، عليه السلام ، فقال : ما استخف أحد ببيت الله الحرام إلا عوجل ؛ وقال كثيّر :

فإن شفائي نظرة ، إن نظرتها

إلى ثافل يوما ، وخلفي شنائك

وقال عبد الرحمن بن هرمة :

٧١

هل في الخيام من آل أثلة حاضر ،

ذكرن عهدك حين هنّ عوامر

هيهات! عطّلت الخيام وعطّلت ،

إنّ الجديد إلى خراب صائر

قد كان في تلك الخيام وأهلها

دلّ تسرّ به ووجه ناضر

غرّاء آنسة ، كأنّ حديثها

ضرب بثافل لم ينله سابر

الثَّامليَّة : منسوب : ماء لأشجع بين الصّراد ورحرحان.

الثَّأيُ : بسكون الهمزة ، وياء معربة : موضع يثنّى فيقال الثأيان ؛ قال جرير :

عطفت تيوس بني طهيّة بعد ما

رويت ، وما نهلت لقاح الأعلم

صدرت محلأة الجواز فأصبحت

بالثّائيين حنينها كالمأتم

قلت : لا أعرف الثأي مهموزا في اللغة ، وإنما الثاوية مأوى الإبل والغنم ، والثاية. حجارة ترفع فتكون علما بالليل ، والله أعلم بحقائق الأمور.

باب الثاء والباء وما يليهما

الثِّباج : بكسر أوله ، والجيم ، والتخفيف : جبل باليمن.

الثبَّاجُ : بالفتح والتشديد : موضع ذكر في الشعر ، والثَّبَجُ من كلِّ شيء وسطه.

ثِبَارُ : بالكسر ، وآخره راء : موضع على ستة أميال من خيبر ، هناك قتل عبد الله بن أنيس أسير بن رزام اليهودي ، ذكره الواقدي بطوله ، وقد روي بالفتح ، وليس بشيء ، فأما الثّبار ، بالكسر ، فهو جمع ثبرة ، وهي الأرض السهلة ، يقال : بلغت النخلة من آل ثبرة ؛ والثّبرة أيضا : حفرة من الأرض.

الثَّبْرَاء : بالمدّ ، قيل هو جبل في شعر أبي ذؤيب :

تظلّ على الثبراء منها جوارس

وقيل هو شجر.

ثُبْرُ : بالضم ثم السكون ، وراء : أبارق في بلاد بني نمير ؛ عن نصر.

ثَبْرَةُ : بالفتح ، مرّ اشتقاقه في ثبار : وهو اسم ماء في وسط واد في ديار ضبّة ، يقال لذلك الوادي الشّواجن ؛ قاله أبو منصور ، وقال أبو أحمد : يوم ثبرة ، الثاء مفتوحة بثلاث نقط والباء تحتها نقطة والراء غير معجمة ، وهو اليوم الذي فرّ فيه عتيبة ابن الحارث بن شهاب وأسلم ابنه حزرة فقتله جعل بن مسعود بن بكر بن وائل وقتل أيضا وديعة ابن عتيبة وأسر ربيع بن عتيبة ، وفي هذا اليوم يقول عتيبة بن الحارث :

نجّيت نفسي وتركت حزره ،

نعم الفتى غادرته بثبره

وفي كتاب نصر : ثبرة من أرض تميم قريب من طويلع لبني مناف بن دارم ولبني مالك بن حنظلة على طريق الحجّاج إذا أخذوا على المنكدر ؛ وقال النابغة :

حلفت ، فلم أترك لنفسك ريبة ،

وهل يأثمن ذو أمّة ، وهو طائع

بمصطحبات من لصاف وثبرة ،

يزرن ألالا ، سيرهنّ التدافع

ثَبِيرٌ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وراء ؛ قال الجمحي وليس بابن سلّام : الأثبرة أربعة : ثبير

٧٢

غينى ، الغين معجمة مقصورة ، وثبير الأعرج ، وثبير آخر ذهب عني اسمه ، وثبير منى ، وقال الأصمعي : ثبير الأعرج هو المشرف بمكة على حق الطارقيّين ، قال : وثبير غينى وثبير الأعرج وهما حراء وثبير ؛ وحكى أبو القاسم محمود بن عمر الثبيران ، بالتثنية ، جبلان مفترقان يصبّ بينهما أفاعية ، وهو واد يصبّ من منى ، يقال لأحدهما ثبير غينى وللآخر ثبير الأعرج ؛ وقال نصر : ثبير من أعظم جبال مكة ، بينها وبين عرفة ، سمّي ثبيرا برجل من هذيل مات في ذلك الجبل فعرف الجبل به ، واسم الرجل ثبير ؛ وروى أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لما تجلّى الله تعالى للجبل يوم موسى ، عليه السلام ، تشظّى فصارت منه ثلاثة أجبل فوقعت بمكة ، وثلاثة أجبل وقعت بالمدينة ، فالتي بمكة حراء وثبير وثور ، والتي بالمدينة أحد وورقان ورضوى ؛وفي الحديث : كان المشركون إذا أرادوا الإفاضة قالوا : أشرق ثبير كيما نغير ، وذاك أن الناس في الجاهلية كانوا إذا قضوا نسكهم لا يجيزهم إلّا قوم مخصوصون ، وكانت أوّلا لخزاعة ثم أخذتها منهم عدوان فصارت إلى رجل منهم يقال له أبو سيّارة أحد بني سعد بن وابش بن زيد بن عدوان ، وفيه يقول الراجز :

خلّوا السبيل عن أبي سيّاره ،

وعن مواليه بني فزاره ،

حتى يجيز سالما حماره ،

مستقبل الكعبة يدعو جاره

ثم صارت الإجازة لبني صوفة ، وهو لقب الغوث ابن مرّ بن أدّ أخي تميم ؛ قال الشاعر :

ولا يريمون في التعريف موقفهم ،

حتى يقال : أجيزوا آل صفوانا

وكانت صورة الإجازة أن أبا سيّارة كان يتقدم الحاج على حمار له ثم يخطب الناس فيقول : اللهمّ أصلح بين نسائنا ، وعاد بين رعائنا ، واجعل المال بين سمحائنا ، أوفوا بعهدكم ، وأكرموا جاركم ، وأقروا ضيفكم ، ثم يقول : أشرق ثبير كيما نغير ، أي نسرع إلى النّحر ؛ وأغار أي شدّ العدوّ وأسرع ؛ قلت : أما قولهم أشرق ثبير وثبير جبل ، والجبل لا يشرق نفسه ولكني أرى أن الشمس كانت تشرق من ناحيته ، فكأن ثبيرا لما حال بين الشمس والشرق خاطبه بما تخاطب به الشمس ، ومثله جعلهم الفعل للزمان على السعة ، وإن كان الزمان لا يفعل شيئا ، قولهم : نهارك صائم وليلك قائم ، فينسبون الصوم والقيام إلى النهار والليل لأنهما يقعان فيهما ، ومنه قوله عز وجل : (جَعَلَ) ... (النَّهارَ مُبْصِراً) ؛ أي تبصرون فيه ، ثم جعل الفعل له حتى كأنه الذي يبصر دون المخاطب ، ونحو ذلك كثير في كلامهم ، وهذا الشيء عقلي ، فقلته ولم أنقله عن أحد ، وأما اشتقاقه فإن العرب تقول : ثبره عن ذلك يثبره ، بالضم ، ثبرا إذا احتبسه ، يقال : ما ثبرك عن حاجتك؟ قال ابن حبيب : ومنه سمّى ثبير لأنه يواري حراء ؛ قلت أنا : يجوز أن يسمّى ثبيرا لخبسه الشمس عن الشروق في أول طلوعها ؛ وبمكة أيضا أثبرة غير ما ذكرنا ، منها : ثبير الزنج كانوا يلعبون عنده ، وثبير الخضراء ، وثبير النّصع ، وهو جبل المزدلفة ، وثبير الأحدب ، كل هذه بمكة ؛ وقال أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب مكة من تصنيفه : كان ابن الرّهين العبدري المكي صاحب نوادر ، ويحكى عنه حكايات ، فمن ذلك أنه كان يوافي كل يوم أصل ثبير فينظر إليه وإلى قلّته إذا تبرّز وفرغ ثم يقول : قاتلك الله فما ذا فني من قومي من رجال

٧٣

ونساء وأنت قائم على دينك فو الله ليأتينّ عليك يوم ينسفك الله فيه عن وجه الأرض فيذرك قاعا صفصفا لا يرى فيك عوج ولا أمت ؛ قال : وإنما سمّي ابن الرهين لأن قريشا رهنت جدّه النضر فسمي النضر الرهين ؛ قال العرجي :

وما أنس م الأشياء ، لا أنس موقفا

لنا ولها بالسّفح دون ثبير

ولا قولها وهنا وقد سمحت لنا

سوابق دمع ، لا تجفّ ، غزير :

أأنت الذي خبّرت أنك باكر

غداة غد ، أو رائح بهجير

فقلت : يسير بعض يوم بغيبة ،

وما بعض يوم غيبة بيسير

وثبير أيضا : موضع في ديار مزينة ،

وفي حديث شريس بن ضمرة المزني لما حمل صدقته إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ويقال هو أول من حمل صدقته ، قال له : ما اسمك؟ فقال : شريس ، فقال له : بل أنت شريح ، وقال : يا رسول الله اقطعني ماء يقال له ثبير ، فقال : قد أقطعتكه.

باب الثاء والتاء وما يليهما

الثُّتَانَةُ : بالضم ، ويروى الثبانة ، وكل من الروايتين جاءت في قول زيد الخيل :

عفت أبضة من أهلها فالأجاول ،

فجنبا بضيض ، فالصعيد المقابل

وذكّرنيها ، بعد ما قد نسيتها ،

رماد ورسم بالثّتانة ماثل

تمشّى به حول الظباء ، كأنها

إماء ، بدت عن ظهر غيب ، حوامل

باب الثاء والجيم وما يليهما

ثَجْرٌ : بالفتح ثم السكون ، وراء : ماء لبني القين ابن جسر بجوش ، ثم بإقبال العلمين حمل ، وأعفر بين وادي القرى وتيماء ، وقيل : ثجر ماء لبني الحارث ابن كعب قريب من نجران ؛ وأنشد الأزهري لبعض الرّجّاز :

قد وردت عافية المدارج

من ثجر ، أو أقلب الخوارج

الخوارج : مياه لبني جذام ، والثجر في لغة العرب : معظم الشيء ووسطه ، ويقال لوسط الوادي ومعظمه الثجر ، وقال ابن ميّادة يذكر ثجرا التي نحو وادي القرى :

خليليّ من غيظ بن مرّة بلّغا

رسائل منا لا تزيدكما وقرا

ألمّا على تيماء نسأل يهودها ،

فإنّ لدى تيماء من ركبها خبرا

وبالغمر قد جازت وجاز مطيّها ،

فيسقي الغوادي بطن بيسان فالغمرا

فلما رأت أن قد قربن أباترا ،

عواسف سهب تاركات بنا ثجرا

أثار لها سحط المزار ، وأحجمت ،

أمورا وحاجات نضيق بها صدرا

ثُجْلٌ : بالضم ، وآخره لام ؛ والثّجلة : عظم البطن وسعته ، ورجل أثجل ، والجمع ثجل : وهو اسم موضع في شقّ العالية ؛ قال زهير :

صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو ،

وأقفر من سلمى التعانيق والثّجل

ثُجَّةُ : بالضم ثم الفتح : من مخاليف اليمن ، بينه وبين

٧٤

الجند ثمانية فراسخ ، وكذلك بينه وبين السحول ، يقال : ثجّ الماء إذا دفق.

باب الثاء والخاء وما يليهما

ثخْبٌ : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة : جبل بنجد في ديار بني كلاب ، عنده معدن ذهب ومعدن جزع أبيض ، وهذا مهمل في كلام العرب ، وأنا به مرتاب.

باب الثاء والدال وما يليهما

ثَدْوَاءُ : بالفتح ثم السكون ، والمد : موضع.

الثُّدَيُّ : لفظ تصغير الثّدي ؛ قال نصر : موضع بنجد ، وأنا أحسبه بالشام لأن جميلا ذكره ، وكانت منازله بالشام ، فقال :

وغرّ الثنايا من ربيعة ، أعرضت

حروب معدّ دونهنّ ودوني

تحمّلن من ماء الثّديّ ، كأنما

تحمّل من مرسى ثقال سفين

فلما دخلنا الخيم سدّت فروجه

بكلّ لسان واضح وجبين

باب الثاء والراء وما يليهما

ثِرَا : بالكسر ، والقصر : موضع بين الرّويثة والصفراء أسفل وادي الجيّ ، وأحسب طريق الحاجّ يطؤه ، وكان أبو عمرو يقوله بفتح أوله ، وهو تصحيف ، ويوم ذي ثرا من أيام العرب.

ثرَاثِر : بالفتح ، وبعد الألف ثاء أخرى مكسورة : موضع في شعر الشّمّاخ.

ثُرَامُ : بالضم ، وهو في كتاب نصر ثرام : ثنيّة في ديار بني الإواس بن الحجر بن الهنو بن الأزد بن الغوث باليمن ؛ قال زهير الغامدي :

أفي أن طلبنا أهل جرم بذنبهم ،

زففتم كما زفّ النّعام النوافر

حديث أتانا عن ثرام وأهلها

بني عامر ، وودّعتنا الأساور

فإني زعيم أن تعود سيوفنا

بأيماننا ، كأنّهن مجازر

ثَرَبانُ : بالتحريك ، والباء موحدة : حصن من أعمال صنعاء باليمن.

الثَّرِبانُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه : جبلان في ديار بني سليم ، عن نصر.

الثرب : كأنه واحد الذي قبله : اسم ركيّة في ديار محارب.

الثرْثارُ : واد عظيم بالجزيرة يمدّ إذا كثرت الأمطار ، فأما في الصيف فليس فيه إلّا مناقع ومياه حاميه وعيون قليلة ملحة ، وهو في البرّية بين سنجار وتكريت ، كان في القديم منازل بكر بن وائل واختصّ بأكثره بنو تغلب منهم ، وكان للعرب بنواحيه وقائع مشهورة ، ولهم في ذكره أشعار كثيرة ، رأيته أنا غير مرة ، وتنصبّ إليه فضلات من مياه نهر الهرماس ، وهو نهر نصيبين ، ويمرّ بالحضر مدينة الساطرون ، ثم يصبّ في دجلة أسفل تكريت ، ويقال إن السّفن كانت تجري فيه ، وكانت عليه قرى كثيرة وعمارة ، فأما الآن فهو كما وصفت ؛ وأصله من الثرّ ، وهو الكثير ؛ قاله الكوفيّون كما قالوا في ملّ تململ ؛ وفي الضّحّ ، وهو حرّ الشمس ، الضحضاح ، وله أشباه ونظائر.

الثُّوثُوزُ :

نهران بأرّان أو أرمينية ، ويقال لهما : الثرثور الكبير والثرثور الصغير. وفي كتاب الفتوح :

٧٥

نزل سلمان بن ربيعة لما نزل برذعة على الثرثور ، وهو نهر منها على أقلّ من فرسخ.

الثَّرماءُ : بالمدّ : ماء لكندة معروف. وعين ثرماء : قرية بدمشق ، ذكرت في العين. والثرم : سقوط الثنيّة.

ثَرْمَدَاءُ : قال الأزهري : ماء لبني سعد في وادي الستارين ، وقد وردته ، يستقى منه بالعقال لقرب قعره ، وقال الخارزنجي : هو بكسر الميم ، قال : وهو بلد ، وقيل قرية بالوشم من أرض اليمامة ؛ وقال نصر : ثرمداء موضع في ديار بني نمير أو بني ظالم من الوشم بناحية اليمامة ، وهو خير موضع بالوشم ، وإليه تنتهي أوديته ، ويروى بكسر الثاء ؛ وقال أبو القاسم محمود بن عمر : ثرمداء قرية ونخل لبني سحيم ؛ وأنشد :

وأقفر وادي ثرمداء ، وربما

تدانى بذي بهدى حلول الأصارم

قال : وذو بهدى واد به نخل ، والموضعان متقاربان ؛ وقال السكوني : ثرمداء من أرض اليمامة لبني امرئ القيس بن تميم ؛ قال جرير :

انظر خليلي بأعلى ثرمداء ضحى ،

والعيس جائلة ، أعراضها جنف

إن الزيارة لا ترجى ، ودونهم

جهم المحيّا وفي أشباله غضف

وقد نسب حميد بن ثور الهلالي البرود إلى ثرمداء ، وكان ابنه يراه يمضي إلى الملوك ويعود مكسوّا ، فأخذ بعيرا لأبيه فقصد مروان ، فردّه ولم يعطه شيئا ، فقال :

ردّك مروان لا تفسخ امارته ،

ففيك راع لها ، ما عشت ، سرسور

ما بال بردك لم تمسس حواشيه ،

من ثرمداء ولا صنعاء ، تحبير

ولو درى أن ما جاهرتني ظهرا

ما عدت ما لألأت أذنابها النور

قال الراجز :

بذات غسل ما بذات غسل ،

وثرمداء شعب من عقل

ثَرْمَدُ : اسم شعب بأجإ لبني ثعلبة من بني سلامان من طيء ، وقيل ماء.

الثُّرْمُلِيَّةُ : بالضم ثم السكون ، وضم الميم : ماء لبني عطارد باليمامة ؛ عن الحفصي.

ثَرَمُ : بالتحريك : وهو اسم جبل باليمامة ؛ قال زياد ابن منقذ من قصيدة الحماسة :

والوشم قد خرجت منه وقابلها

من الثنايا التي لم أقلها ثرم

اتفق لشاعر هذا البيت اتفاق عجيب ، وهو أن الثّرم سقوط الثنية ، وهو مقدّم الأسنان ، وجمعها ثنايا ، والثنيّة وجمعها ثنايا أيضا : كلّ منفرج بين جبلين ، والثّرم : اسم بعينه ، وهو الذي أراده الشاعر فاتفق له من هذا التوجيه ما يعزّ مثله.

ثِرْمَةُ : بالكسر ثم السكون : بلد في جزيرة صقلية كثيرة البراغيث شديدة الحرّ ؛ قال أبو الفتح بن قلاقس الإسكندري :

فدخلت ثرمة ، وهو تصحيف اسمها ،

لو لا حسين الندب ذو التحسين

في حيث شبّ النار جمرة قيظه ،

وبقيت في مقلاه كالمقلين

وشربت ماء المهل قبل جهنم ،

وشفعته بمطاعم الغسلين

٧٦

حتى إذا استفرغت منها طاقتي ،

وملأت من أسف ضلوع سفيني

أجفلت من جفلوذ إجفال امرئ

بالدّين يطلب ثمّ ، أو بالدّين

ثرْوَانُ : بالفتح ؛ مال ثريّ ، على فعيل ، أي كثير ، ورجل ثروان وامرأة ثروى. وثروان : جبل لبني سليم ؛ قال :

أو عوى بثروان جلا ال

نوم عن كلّ ناعس

وقال أبو عبد الله نفطويه : قالت امرأة من بني عبد الله بن دارم وكانت قد جاورت نخلتي ثروان بالبصرة فحنّت إلى وطنها وكرهت الإقامة بالبصرة فقالت :

أيا نخلتي ثروان! شئت مفارقي

حفيفكما ، يا ليتني لا أراكما

أيا نخلتي ثروان لا مرّ راكب

كريم من الأعراب إلّا رماكما

ثَرُورُ : بضم الراء الأولى ، وسكون الواو : من مخاليف الطائف ، يقال ناقة ثرور وعين ثرور أي غزيرة.

ثَرُوقُ : مرتجل ، لم أر هذا المركّب مستعملا في كلام العرب : وهو اسم قرية عظيمة لبني دوس بن عدثان بن زهران بن كعب بن الحارث بن نصر بن الأزد جاء ذكرها في حديث حممة الدوسي وفي حديث وفود الطّفيل بن عمرو على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه أسلم ورجع إلى قومه في ليلة مطيرة ظلماء حتى نزل ثروق ، وهي قرية عظيمة لدوس ، فيها منبر ، فلم يبصر أين يسلك ، فأضاء له نور في طرف سوطه ، فشهد الناس ذلك ، وقال : أنار أخذت على القدوم ثم على ثروق لا تطفأ ؛ الحديث ؛ وقال رجل من دوس في حرب كانت بينهم وبين بني الحارث بن كلب :

قد علمت صفراء حوساء الذّيل ،

شرّابة المحض تروك القيل ،

ترخي فروعا مثل أذناب الخيل ،

أنّ ثروقا دونها كالويل ،

ودونها خرط القتاد بالليل ،

وقد أتت واد كثير السيل

الثُّرَيَّا : بلفظ النجم الذي في السماء ؛ والمال الثريّ ، على فعيل ، هو الكثير ، ومنه رجل ثروان وامرأة ثروى وتصغيرها ثريّا. وثريّا : اسم بئر بمكة لبني تيم بن مرّة ؛ وقال الواقدي : كانت لعبد الله ابن جدعان منهم. والثّريّا : ماء لبني الضباب بحمى ضريّة ؛ عن أبي زياد ، قال : والثريّا مياه لمحارب في شعبى. والثريّا : أبنية بناها المعتضد قرب التاج ، بينهما مقدار ميلين ، وعمل بينهما سردابا تمشي فيه حظاياه من القصر الحسنيّ ، وهي الآن خراب ؛ وقال عبد الله بن المعتزّ يصفه :

سلمت أمير المؤمنين على الدهر ،

فلا زلت فينا باقيا واسع العمر

حللت الثّريّا خير دار ومنزل ،

فلا زال معمورا ، وبورك من قصر

جنان وأشجار تلاقت غصونها ،

وأوقرن بالأثمار والورق الخضر

ترى الطير في أغصانهنّ هواتفا ،

تنقّل من وكر لهنّ إلى وكر

وبنيان قصر قد علت شرفاته ،

كمثل نساء قد تربّعن في أزر

٧٧

وأنهار ماء ، كالسلاسل فجّرت

لترضع أولاد الرياحين والزّهر

عطايا إله منعم ، كان عالما

بأنك أوفى الناس فيهن بالشكر

ثَرَيْدُ : بفتح أوله وثانيه ، على فعيل ، وهو وزن غريب ليس له نظير ، ولعلّه مولّد : حصن باليمن لبني حاتم بن سعد ، يقال إن في وسطه عينا تفور فورانا عظيما.

ثُرَيْرٌ : تصغير ثرّ ، وهو الشيء الكثير : موضع عند أنصاب الحرم بمكة مما يلي المستوقرة ، وقيل صقع من أصقاع الحجاز ، كان فيه مال لابن الزّبير ، وروي أنه كان يقول لجنده لن تأكلوا ثمر ثرير باطلا.

باب الثاء والعين وما يليهما

ثُعَالِبَاتُ : مرتجل ، بضم أوله ؛ قال أبو زياد : ومن جبال بلادهم ، يعني بلاد بني جعفر بن كلاب ، ثعالبات ، وهي هضبات ، وهي التي قالت فيهن جمل :

صبحناهم ، غداة ثعالبات ،

ململمة لها لجب زبونا

ثُعَالُ : مرتجل أيضا : وهي شعبة بين الرّوحاء والرّويثة ، والرويثة معشى بين العرج والروحاء ؛ قال كثيّر :

أيام أهلونا جميعا جيرة

بكتانة ففراقد فثعال

ثُعَالَةُ : وهو منقول عن اسم الثعلب ، وهو في اسم الثعلب علم غير مصروف ، وكذلك في اسم المكان ؛ قال امرؤ القيس :

خرجنا نريغ الوحش بين ثعالة ،

وبين رحيّات إلى فجّ أخرب

الثَّعْلبيَّةُ : منسوب ، بفتح أوله : من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشّقوق وقبل الخزيمية ، وهي ثلثا الطريق ، وأسفل منها ماء يقال له الضّويجعة على ميل منها مشرف ، ثم تمضي فتقع في برك يقال لها برك حمد السبيل ثم تقع في رمل متّصل بالخزيمية ؛ وإنما سمّيت بثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء لما تفرّقت أزد مأرب لحق ثعلبة بهذا الموضع فأقام به فسمّي به ، فلما كثر ولده وقوي أمره رجع إلى نواحي يثرب فأجلى اليهود عنها ، فولده هم الأنصار كما نذكره في مأرب إن شاء الله تعالى ؛ وقال الزّجاجي : سمّيت الثعلبية بثعلبة بن دودان بن أسد ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ، وهو أول من حفرها ونزلها ، وقال ابن الكلبي : سميت برجل من بني دودان بن أسد يقال له ثعلبة ، أدركه النوم بها فسمع خرير الماء بها في نومه فانتبه وقال : أقسم بالله إنه لموضع ماء! واستنبطه وابتناه ؛ وعن إسحاق الموصلي قال : أنشدني الزبير بن مصعب بن عبد الله قال أنشدني سلمة المكفوف الأسدي لسلمة بن الحارث ابن يوسف بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية ، وكان يتبدى عندهم بالثعلبية ، وكان يتعشّق مولاة بالثعلبية لها زوج يقال له منصور ، فقال فيها :

سأثوي نحو الثعلبية ما ثوت

حليلة منصور بها لا أريمها

وأرحل عنها إن رحلت ، وعندنا

أياد لها معروفة لا نديمها

وقد عرفت بالغيب أن لا أودّها ،

إذا هي لم يكرم علينا كريمها

إذا ما سماء بالدّناح تخايلت ،

فإنّي على ماء الزّبير أشيمها

٧٨

يقرّ بعيني أن أراها بنعمة ،

وإن كان لا يجدي عليّ نعيمها

وينسب إلى الثعلبية عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، عداده في الكوفيين ، روى عن محمد بن الحنفية ومحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب وسعيد ابن جبير ، روى عنه إسرائيل وأبو عوانة وشريك ، ويقال حديثه عن ابن الحنفية صحيفة وفيه ضعف ، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء كذلك وقال : عبد الأعلى بن عامر الثعلبي من أهل الثعلبية.

ثُعَلُ : بوزن جرذ ؛ قال الزمخشري : موضع بنجد معروف ، و ١ قال ابن دريد : هو ثعل بضمتين ، قال : وأما ثعل بوزن زفر فإنه من أسماء الثعلب ، قال : وكذلك ثعالة.

ثُعْلُ : بسكون العين : ماء لبني قوالة قرب سجا والأخراب بنجد في ديار كلاب ، له ذكر في الشعر ؛ قال طهمان بن عمرو :

لن تجد الأخراب أيمن من سجا

إلى الثّعل إلّا ألأم الناس عامرة

وقام إلى رحلي قبيل ، كأنهم

إماء حماها حضرة اللّحم جازره

لحا الله أهل الثعل بعد ابن حاتم ،

ولا أسقيت أعطانه ومصادره

وقال أبو زياد : ومن مياه أبي بكر بن كلاب الثّعل الذي يقول فيه مرزوق بن الأعور بن براء :

أإن كان منظور إلى الثّعل يدّعي ،

وأيهات منظور أبوك من الثّعل

وقال نصر : ثعل واد حجازيّ قرب مكة في ديار بني سليم ؛ قلت : إن صح هذا فهو غير الأول ، والثّعل في اللغة : السنّ الزائدة عن الأسنان وخلف زائد صغير في أخلاف الناقة وفي ضرع الناقة ؛ قال ابن همّام السلولي :

وذمّوا لنا الدنيا ، وهم يرضعونها

أفاويق حتى ما يدرّ لها ثعل

وإنما ذكر الثعل للمبالغة في الارتضاع ، والثعل لا يدرّ.

ثُعَيْلِبَاتُ : تصغير جمع ثعلبة : موضع في قوله : فراكس فثعيلبات وقال آخر :

أجدّك لن ترى بثعيلبات ،

ولا بيدان ناجية ذمولا

ولا متلاقيا ، والشمس طفل ،

ببعض نواشغ الوادي حمولا

باب الثاء والغين وما يليهما

الثَّغْرُ : بالفتح ثم السكون ، وراء ؛ كل موضع قريب من أرض العدوّ يسمّى ثغرا ، كأنه مأخوذ من الثّغرة ، وهي الفرجة في الحائط ، وهو في مواضع كثيرة ، منها : ثغر الشام ، وجمعه ثغور ، وهذا الاسم يشمل بلادا كثيرة ، وهي البلاد المعروفة اليوم ببلاد ابن لاون ، ولا قصبة لها لأن أكثر بلادها متساوية ، وكل بلد منها كان أهله يرون أنه أحقّ باسم القصبة ، فمن مدنها بيّاس ، ومنها إلى الاسكندرية مرحلة ومن بياس إلى المصّيصة مرحلتان ومن المصيصة إلى عين زربة مرحلة ومن المصيصة إلى أذنة مرحلة ومن أذنة إلى طرسوس يوم ومن طرسوس إلى الجوزات يومان ومن طرسوس إلى أولاس على بحر الروم يومان ومن بيّاس إلى الكنيسة السوداء ، وهي مدينة ، أقل من يوم ومن بياس إلى الهارونية مثله ومن الهارونية إلى مرعش ، وهي من ثغور الجزيرة ، أقل

٧٩

من يوم ، ومن مشهور مدن هذا الثغر : أنطاكية وبغراس وغير ذلك ، إلا أن هذا الذي ذكرنا أشهر مدنها.

وقال أحمد بن يحيى بن جابر : كانت الثغور الشامية أيام عمر وعثمان وبعد ذلك أنطاكية وغيرها المدعوّة بالعواصم ، وكان المسلمون يغزون ما وراءها كغزوهم اليوم وراء طرسوس ، وكانت فيما بين الإسكندرية وطرسوس حصون ومسالح للروم كالحصون والمسالح التي يمر بها المسلمون اليوم ، وكان هرقل نقل أهل تلك الحصون معه وشعّثها ، فكان المسلمون إذا غزوها لم يجدوا فيها أحدا ، وربما كمن عندها قوم من الروم فأصابوا غرّة المسلمين المنقطعين عن عساكرهم ، فكان ولاة الشواتي والصوائف إذا دخلوا بلاد الروم خلّفوا بها جندا كثيفا إلى خروجهم ؛ وقد اختلفوا في أول من قطع الدرب ، وهو درب بغراس ، فقيل قطعه ميسرة بن مسروق العبسي ، وجّهه أبو عبيدة فلقي جمعا للروم ومعهم مستعربة من غسّان وتنوخ يريدون اللحاق بهرقل ، فأوقع بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ثم لحق به مالك الأشتر النّخعي مددا من قبل أبي عبيدة وهو بأنطاكية ؛ وقال بعضهم : أول من قطع الدرب عمير بن سعد الأنصاري حين توجه في أمر جبلة بن الأيهم ؛ وقال أبو الخطّاب الأزدي : بلغني أن أبا عبيدة بنفسه غزا الصائفة فمر بالمصيصة وطرسوس وقد جلا أهلها وأهل الحصون التي تليها ، فأدرب فبلغ في غزاته زندة ، وقال غيره : إنما وجّه ميسرة بن مسروق فبلغ زندة ، وقال أبو صالح : لمّا غزا معاوية عمورية سنة ٢٥ وجد الحصون فيما بين أنطاكية وطرسوس خالية ، فوقف عندها جماعة من أهل الشام والجزيرة وقنّسرين حتى انصرف من غزواته ثم أغزى بعد ذلك بسنة أو سنتين يزيد بن الحر العبسي الصائفة ، وأمره معاوية أن يفعل مثل فعله ؛ قال : وغزا معاوية سنة ٣١ من ناحية المصيصة فبلغ درولية ، فلما رجع جعل لا يمرّ بحصن فيما بينه وبين أنطاكية إلا هدمه.

قال المؤلف ، رحمه الله : ثم لم يزل هذا الثغر ، وهو طرسوس وأذنة والمصيصة وما ينضاف إليها ، بأيدي المسلمين ، والخلفاء متهمون بأمرها لا يولّونها إلا شجعان القوّاد والراغبين منهم في الجهاد والحروب بين أهلها والروم مستمرة ، والأمور على مثل هذه الحال مستقرة ، حتى ولي العواصم والثغور الأمير سيف الدولة علي بن أبي الهيجاء بن حمدان ، فصمد للغزو وأمعن في بلادهم ، واتّفق أن قابله من الروم ملوك أجلاد ورجال أولو بأس وجلاد وبصيرة بالحرب والدين شداد ، فكانت الحرب بينهم سجالا إلى أن كان من وقعة مغارة الكحل في سنة ٣٤٩ ، ومن ظفر الروم بعسكر سيف الدولة ورجوعه إلى حلب في خمسة فرسان على ما قيل ؛ ثم تلا ذلك هجوم الروم على حلب في سنة ٣٥١ وقتل كل من قدروا عليه من أهلها ، وكان أن عجز سيف الدولة وضعف ، فترك الشام شاغرا ورجع إلى ميّافارقين والثغر من الحماة فارغا ، فجاءهم نقفور الدمستق ، فحاصر المصيصة ففتحها ثم طرسوس ثم سائر الثغور ، وذلك في سنة ٣٥٤ كما ذكرناه في طرسوس ، فهو في أيديهم إلى هذه الغاية ، وتولاها لاون الأرمني ملك الأرمن يومئذ ، فهي في عقبه إلى الآن ؛ وقد نسبوا إلى هذا الثغر جماعة كثيرة من الرّواة والزهّاد والعبّاد ، منهم : أبو أميّة محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم الطرسوسي الثّغري ، كذا نسبه غير واحد من المحدثين ، وهو بغدادي المولد ، سكن طرسوس وسمع يوسف بن عمر اليمامي وعمر بن حبيب القاضي ويعقوب بن إسحاق

٨٠