معجم البلدان - ج ٢

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٢

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩

ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز ، وهو بالأردن الأكبر بين بانياس وطبرية على اثني عشر ميلا من طبرية مما يلي دمشق ؛ قاله الإصطخري ، وقال غيره : كان منزل يعقوب بنابلس من أرض فلسطين ، والجب الذي ألقي فيه يوسف بين قرية من قراها يقال لها سنجل وبين نابلس.

جَبْتَلُ : بالفتح ثم السكون ، والتاء فوقها نقطتان مفتوحة ، ولام ، علم مرتجل : موضع من ديار نهد باليمن ، له ذكر في الشعر.

جُبثَا : بالضم ثم السكون ، والثاء مثلثة : ناحية من أعمال الموصل.

الجَبجبَان : بالفتح مكرر : وهما جبلان بمكة ، وهي الجباجب المذكورة قبل في مناوحة الأخشبين.

جُبجُبٌ : بالضم ، والتكرير : ماء معروف بنواحي اليمامة ؛ قال الأحوص :

وفي الصعدين الآن من حيّ مالك

ثوى شوقه أم في الخليط المصوّب

يظلّ عليها ، إن نأت ، وكأنه

صدى حاتم قد ذيد عن كل مشرب

فأنّى له سلمى ، إذا حل وانتوى

بحلوان ، واحتلت بمزج وجبجب؟

وقال الراجز :

يا دار سلمى بديار يثرب ،

بجبجب وعن يمين جبجب

الجُبْحَةُ : بالضم ثم السكون ، والحاء مهملة : موضع باليمن.

جِبْرِينُ : لغة في جبريل : بيت جبرين ذكر قبل ، وهو من فتوح عمرو بن العاص ، اتخذ به ضيعة يقال لها عجلان باسم مولى له ، وهو حصن بين بيت المقدس وعسقلان ؛ ينسب إليه أبو الحسن محمد بن خلف بن عمر الجبريني ، يروي عن أحمد بن الفضل الصائغ ، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم الأصبهاني ، وفي كتاب دمشق : أحمد بن عبد الله بن حمدون بن نصر ابن إبراهيم أبو الحسن الرملي المعروف بالجبريني ، قدم دمشق وحدث بها عن أبي هاشم محمد بن عبد الأعلى ابن عليل الإمام وأبي الحسن محمد بن بكار بن يزيد السكسكي الدمشقي وأبي الفضل العباس بن الفضل بن محمد بن الحسن بن قتيبة وأبي محمد عبد الله بن أبان بن شداد وأبي الحسن داود بن أحمد بن مصحح العسقلاني وأبي بكر محمد بن محمد بن أبي إدريس إمام مسجد حلب ، روى عنه عبد الوهاب بن جعفر الميداني وتمام ابن محمد الرازي. وجبرين الفستق : قرية على باب حلب ، بينهما نحو ميلين ، وهي كبيرة عامرة.

وجبرينُ قُوْرَسْطايَا : بضم القاف ، وسكون الواو ، وفتح الراء ، وسكون السين المهملة ، وطاء مهملة ، وألف ، وياء ، وألف : من قرى حلب من ناحية عزاز ، ويعرف أيضا بجبرين الشمالي ؛ وينسبون إليها جبراني على غير قياس ؛ منها التاج أبو القاسم أحمد ابن هبة الله بن سعد الله ؛ وسعيد بن سعد الله بن مقلد ابن أحمد بن هبة الله بن سعد الله ؛ وسعيد بن سعيد ابن صالح بن مقلد بن عامر بن عليّ بن يحيى بن أبي جعفر أحمد بن أبي عبيد أخي أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري الشاعر ، أصلهم من جردفنة الجبراني النحوي المقري ، فاضل إمام شاعر ، له حلقة في جامع حلب يقرئ بها العلم والقرآن ، وله ثروة ترجع إلى تناية واسعة ، وسألته عن مولده فقال : في سنة ٥٦١ ، وقرأ النحو على أبي السخاء فتيان الحلبي وأبي الرجاء محمد بن حرب ، وقرأ القرآن على الدّقاق

١٠١

المغربي ؛ وأنشدني لنفسه :

ملك ، إذا ما السلم شتّت ماله ،

جمع الهياج عليه ما قد فرّقا

وأكفّه تكف الندى ، فبنانه

لو لا مس الصخر الأصمّ لأورقا

وجبرين أيضا : قرية بين دمشق وبعلبك.

الجبَلان : تثنية الجبل ، إذا أطلق هذا اللفظ فإنما يراد به جبلا طيّء : أجأ وسلمى ، وقد ذكرا في موضعهما.

جُبْلانُ : بالضم ، جبلان العركبة : بلد واسع باليمن يسكنه الشراحيون ، وهو بين وادي زبيد ووادي رمع. وجبلان ريمة : هو ما فرق بين وادي رمع ووادي صنعاء العرب ، ومنها تجلب البقر الجبلانية العراب الحرش الجلود إلى صنعاء وغيرها ، وهي بلاد كثيرة البقر والزرع والعسل ؛ ويسكن البلد بطون من حمير من نسل جبلان والصرادف ، وهو جبلان بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم ابن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير.

جَبلُ جُور : بالجيم المضمومة ، وسكون الواو ، وراء : اسم لكورة كبيرة متصلة بديار بكر من نواحي أرمينية ، أهلها نصارى أرمن ، وفيها قلاع وقرى.

جبلُ الخمر : الذي ذكره في الحديث : يراد به جبل بيت المقدس ، سمّي بذلك لكثرة كرومه.

جبلُ السُّمَّاق : بلفظ السماق الذي يطبخ به : هو جبل عظيم من أعمال حلب الغربية ، يشتمل على مدن كثيرة وقرى وقلاع ، عامتها للإسماعيلية الملحدة ، وأكثرهم في طاعة صاحب حلب ، وفيه بساتين ومزارع كلها عذي ، والمياه الجارية به قليلة إلا ما كان من عيون ليست بالكثيرة في مواضع مخصوصة ، ولذلك تنبت فيه جميع أشجار الفواكه وغيرها حتى المشمش والقطن والسمسم وغير ذلك ، وقيل : إنه سمي بذلك لكثرة ما ينبت فيه من السماق ، وقد ذكره شاعر حلبي عصري يقال له عيسى بن سعدان ولم أدركه فقال :

وليلة بتّ مسروق الكرى أرقا ،

ولهان أجمع بين البرء والخبل

حتى إذا نار ليلى نام موقدها ،

وأنكر الكلب أهليه من الوهل

طرقتها ونجوم الليل مطرقة ،

وحلت عنها ، وصبغ الليل لم يحل

عهدي بها في رواق الصبح لامعة ،

تلوي ضفائر ذاك الفاحم الرّجل

وقولها وشعاع الشمس منخرط :

حيّيت يا جبل السّماق من جبل

يا حبّذا التّلعات الخضر من حلب ؛

وحبّذا طلل بالسفح من طلل

يا ساكني البلد الأقصى عسى نفس ،

من سفح جوشن ، يطفي لاعج الغلل

طال المقام ، فوا شوقا إلى وطن

بين الأحصّ وبين الصّحصح الرّمل!

جَبلُ الطَّير : جبل بصعيد مصر قرب أنصنا في شرقي النيل ، وإنما سمّي بذلك لأن صنفا من الطير أبيض يقال له بوقير يجيء في كل عام في وقت معلوم فيعكف على هذا الجبل ، وفي سفحه كوّة ، فيجيء كل واحد من هذه الطيور فيدخل رأسه في تلك الكوّة ثم يخرجه ويلقي نفسه في النيل فيعوم ويذهب من حيث جاء إلى أن يدخل واحد منها رأسه فيها فيقبض عليه شيء من تلك الكوّة فيضطرب ويظل معلقا فيه إلى

١٠٢

أن يتلف فيسقط بعد مدة ، فإذا كان ذلك انصرف الباقي لوقته ، فلا يرى شيء من هذه الطيور في هذا الجبل إلى مثل ذلك الوقت من العام القابل ؛ وفي رأس هذا الجبل كنيسة الكفّ ، فيها رهبان يقولون إن عيسى ، عليه السلام ، أقام بها وأثر كفه بها ، خبّرني بهذه القصة غير واحد من أهل مصر ، ووجدته أيضا مكتوبا في كتبهم ، وهو مشهور متداول فيهم ؛ قال أبو بكر الموصلي المعروف بالهروي الخرّاط : حدثني رجل كبير من أهل تلك البلاد أنه إذا كان العام مخصبا قبضت الكوّة على طائرين وإن كان متوسطا قبضت على واحد وإن كانت سنة مجدبة لم تقبض شيئا.

جبلُ الفِضَّةِ : موضع ؛ ينسب إليه أبو إسحاق إبراهيم ابن الشادّ الجبلي ، سكن هراة وورد بغداد وحدث بها عن محمد بن عبد الرحمن السامي الهروي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ، وذكره الخطيب ، وأظن هذا الجبل هو جبل بنجهير وقد تقدم ذكره.

جبلُ بَني هِلال : بحوران من أرض دمشق ، تحته قرى كثيرة ؛ منها قرية تعرف بالمالكية ، بها قدح خشب يزعمون أنه كان لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم.

الجبَلُ : كورة بحمص.

الجبَلُ : هو اسم جامع لهذه الأعمال التي يقال لها الجبال ، وقد تقدم ذكرها ، والعامة في أيّامنا يسمونها العراق ؛ وقد نسب إليها خلق كثير ، منهم : علي بن عبد الله ابن جهضم الهمذاني الجبلي ، روى عن محمد بن علي الوجيهي ، روى عنه أبو حازم العبدوي ونسب كذلك لأن همذان من بلاد الجبل ؛ وأبو عبدان عبد العزيز ابن صالح الجبلي البروجردي ، روى عن أبي بكر أحمد بن محمد بن المبارك الحافظ وغيره ، وروى عنه أبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن البوشنجي الصوفي وأبو عبد الله بختيار بن عبد الله الحاجي وغيرهما ؛ وأحمد بن الحسن بن الفرج بن محمد بن الحسين الجبلي الهمذاني ، سمع أبا الفضل عبد الواهب ابن أحمد بن بوغة الكرابيسي وأبا الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس العبدري وأبا القاسم الفضل بن أبي حرب الجرجاني وغيرهم ، روى عنه أبو سعد المروزي ونسبه كذلك ؛ وجبل هراة نسبوا إليه أبا سعد محمد ابن الدّيسق الجبلي الهروي ، روى عن أبي عمر المليحي صحيح البخاري وجامع أبي عيسى الترمذي ، ومات في حدود سنة ٥٢٠. والجبل : موضع بالأندلس نسبوا إليه محمد بن أحمد الجبلي الأندلسي ، روى عن بقي بن مخلد ، ومات سنة ٣١٣ ؛ ومحمد بن الحسن الجبلي الأندلسي نحويّ شاعر ، سمعه أبو عبد الله الحميدي.

جَبُّلُ : بفتح الجيم ، وتشديد الباء وضمها ، ولام : بليدة بين النّعمانية وواسط في الجانب الشرقي ، كانت مدينة ، وأما الآن فإني رأيتها مرارا ، وهي قرية كبيرة ؛ وإياها عنى البحتري بقوله :

حنانيك من هول البطائح شائرا

على خطر ، والريح هول دبورها

لئن أوحشتني جبّل وخصاصها ،

لما آنستني واسط وقصورها

وبقاضيها يضرب المثل ، وكان من حديثه أن المأمون كان راكبا يوما في سفينة يريد واسطا ومعه القاضي يحيى بن أكثم فرأى رجلا على شاطئ دجلة يعدو مقابل السفينة وينادي بأعلى صوته : يا أمير المؤمنين نعم القاضي قاضينا ، نعم القاضي قاضي جبّل! فضحكك

١٠٣

القاضي يحيى بن أكثم ، فقال له المأمون : ما يضحكك يا يحيى؟ قال : يا أمير المؤمنين هذا المنادي هو قاضي جبّل يثني على نفسه ، فضحك منه وأمر له بشيء وعزله وقال : لا يجوز أن يلي المسلمين من هذا عقله ؛ وينسب إليها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو عمران موسى بن إسماعيل الجبّلي رفيق يحيى بن معين ، حدث عن عمر ابن أبي جعفر خثعم اليماني وحفص بن سالم وغيرهما ؛ والحكم بن سليمان الجبّلي ، روى عن يحيى بن عقبة ابن أبي العيزار ، روى عنه عيسى بن المسكين البلدي ؛ وأبو الخطاب محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الجبّلي الشاعر ، كان من المجيدين ، وكان بينه وبين أبي العلاء المعرّي مشاعرة ؛ وفيه قال أبو العلاء قصيدته :

غير مجد ، في ملّتي واعتقادي ،

نوح باك ولا ترنّم شادي

ومات أبو الخطاب في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.

جَبَلَةُ : بالتحريك ، مرتجل ، اسم لعدة مواضع : منها جبلة ؛ ويقال : شعب جبلة الموضع الذي كانت فيه الوقعة المشهورة بين بني عامر وتميم وعبس وذبيان وفزارة ، وجبلة هذه : هضبة حمراء بنجد بين الشّريف والشرف ؛ والشريف : ماء لبني نمير ، والشرف : ماء لبني كلاب. وجبلة : جبل طويل له شعب عظيم واسع ، لا يرقى الجبل إلا من قبل الشعب ، والشعب متقارب وداخله متسع ، وبه عرينة بطن من بجيلة ؛ وقال أبو زياد : جبلة هضبة طولها مسيرة يوم ، وعرضها مسيرة نصف يوم ، وليس فيها طريق إلا طريقان ، فطريق من قبل مطلع الشمس ، وهو أسفل الوادي الذي يجيء من جبلة وبه ماءة لعرينة يقال لها سلعة ، وعرينة : حيّ من بجيلة حلفاء في بني كلاب ، وطريق آخر من قبل مغرب الشمس يسمّى الخليف ، وليس إلى جبلة طريق غير هذين ؛ وقال أبو أحمد : يوم شعب جبلة وهو يوم بين بني تميم وبين بني عامر بن صعصعة ، فانهزمت تميم ومن ضامّها ، وهذا اليوم الذي قتل فيه لقيط بن زرارة ، وهو المشهور بيوم تعطيش النوق برأي قيس بن زهير العبسي ، وكان قد قتل لقيطا جعدة بن مرداس ، وجعدة هو فارس خيبر ؛ وفيه يقول معقّر البارقي :

تقدّم خبيرا بأقل عضب ،

له ظبة ، لما لاقى ، قطوف

وزعم بعضهم أن شريح بن الأحوص قتله واستشهد بقول دختنوس بنت لقيط وجعل بنو عبس يضربونه وهو ميت :

ألا يا لها الويلات ، ويلة من هوى

بضرب بني عبس لقيطا ، وقد قضى

له عفروا وجها عليه مهابة ،

ولا تحفل الصمّ الجنادل من ثوى

وما ثأره فيكم ، ولكنّ ثأره

شريح أرادته الأسنّة والقنا

وكان يوم جبلة من أعظم أيام العرب وأذكرها وأشدها ، وكان قبل الإسلام بسبع وخمسين سنة ، وقبل مولد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بسبع عشرة سنة ؛ وقال رجل من بني عامر :

لم أر يوما مثل يوم جبله ،

لمّا أتتنا أسد وحنظله

وغطفان والملوك أزفله ،

نضربهم بقضب منتحلة

وجبلة أيضا : موضع بالحجاز ؛ قال أبو بكر في الفيصل : منها أبو القاسم سليمان بن علي الجبلي الحجازي المقيم بمكة ، حدث عن ابن عبد المؤمن وغيره

١٠٤

قال : والحسن بن علي بن أحمد أبو علي الجبلي أظنه من جبلة الحجاز ، كان بالبصرة ، روى عن أبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ومحمد بن عزرة والجوهري وبكر بن أحمد بن مقبل ومحمد بن يوسف العصفري ومحمد بن علي الناقد البصريين ، روى عنه القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي وغيره.

وجبلة أيضا : قلعة مشهورة بساحل الشام من أعمال حلب قرب اللاذقية ؛ قال أحمد بن يحيى بن جابر : لما فرغ عبادة بن الصامت من اللاذقية في سنة ١٧ وكان قد سيّره إليها أبو عبيدة ابن الجراح ، ورد فيمن معه على مدينة تعرف ببلدة على فرسخين من جبلة ، ففتحها عنوة ثم إنها خربت وجلا عنها أهلها ، فأنشأ معاوية جبلة وكانت حصنا للروم جلوا عنه عند فتح المسلمين حمص ، وشحنها بالرجال ، وبنى معاوية بجبلة حصنا خارجا من الحصن الرومي القديم ، وكان سكان الحصن القديم قوما من الرهبان يتعبدون فيه على دينهم ، فلم تزل جبلة بأيدي المسلمين على أحسن حال حتى قوي الروم وافتتحوا ثغور المسلمين ، فكان فيما أخذوا جبلة في سنة ٣٥٧ بعد وفاة سيف الدولة بسنة ، ولم تزل بأيديهم إلى سنة ٤٧٣ ، فإن القاضي أبا محمد عبد الله بن منصور ابن الحسين التنوخي المعروف بابن ضليعة قاضي جبلة وثب عليها واستعان بالقاضي جلال الدين بن عمّار صاحب طرابلس فتقوّى به على من بها من الروم فأخرجهم منها ونادى بشعار المسلمين ، وانتقل من كان بها من الروم إلى طرابلس فأحسن ابن عمار إليهم ، وصار إلى ابن ضليعة منها مال عظيم القدر ، وبقيت بأيدي المسلمين ثم ملكها الفرنج في سنة ٥٢ في الثاني والعشرين من ذي القعدة من يد فخر الملك إلى أن استردّها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة ٥٨٤ ، تسلمها بالأمان في تاسع عشر جمادى الآخرة ، وهي الآن بأيدي المسلمين ، والحمد لله رب العالمين.

قال أبو الفضل محمد بن طاهر : من جبلة هذه أبو القاسم سليمان بن علي الجبلي المقيم بمكة ، وهو من أهل جبلة الشام ، حدّث عن ابن عبد المؤمن وغيره ، كذا ذكره عبد الغني الحافظ ، فهذا كما ترى نسبه الحازمي إلى جبلة الحجاز ، ولم أر غيره ذكر بالحجاز موضعا ينسب إليه يقال له جبلة ، والله أعلم ، ونسبه ابن طاهر عن عبد الغني إلى جبلة الشام ، وهو الصحيح إن شاء الله عز وجل ؛ ومن جبلة الشام يوسف بن بحر الجبلي ، سمع سليم بن ميمون الخوّاص وغيره ، روى عنه أبو المعافى أحمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الجبلي شيخ أبي حاتم بن حبّان ؛ وعثمان بن أيوب الجبلي ، حدث عن إبراهيم بن مخلد الذهبي ، روى عنه أبو الفتح الأزدي ؛ وعبد الواحد بن شعيب الجبلي ، حدث عن أحمد بن المؤمل ؛ ومحمد بن الحسين الأزدي الجبلي ، يروي عن محمد الأزرق وأبي إسماعيل الترمذي وعلي بن عبد العزيز البغوي ومحمد ابن المغيرة السكري الهمداني ومحمد بن عبد الرحمن ابن يحيى المصري ومحمد بن عبدة المروزي ومحمد بن عبد الله الحضرمي الكوفي المعروف بمطمئن ، روى عنه القاضي أبو القاسم عليّ بن محمد بن أبي الفهم التنوخي وغيره ؛ هذا كله من الفيصل ، وقال في كتاب دمشق : عبد الواحد بن شعيب الجبلي قاضيها ، سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن ويحيى بن يزيد الخوّاص وأبا الحباب خالد بن الحباب وأبا اليمان الحكم ابن رافع ، روى عنه أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الحكيم الأصبهاني وأبو الحسن بن جوصا

١٠٥

الدمشقي وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحسن بن مثوبة الأصبهاني وعليّ بن سرّاج الحافظ المصري ، وأبو محمد عبد الوهاب بن نجدة الحوطي الجبلي ، سمع الوليد بن مسلم وسويد بن عبد العزيز ومحمد ابن شعيب بن سابور ، روى عنه ابنه أبو عبد الله أحمد وأبو داود السجستاني وأبو بكر بن خيثمة ، ومات سنة ٢٣٢ ؛ وأبو سهل يزيد بن قيس السليخ الجبلي ، سمع بدمشق وغيرها ؛ والوليد بن مسلم بن شعيب ابن سابور وجماعة وافرة ، روى عنه أبو داود في سننه وجماعة أخرى.

وجبلة أيضا ، قال أبو زيد : جبلة حصن في آخر وادي الستارة بتهامة من ناحية ذرة ، ووادي الستارة بين وادي بطن مرّ وعسفان عن يسار الذاهب إلى مكة ، وطول هذا الوادي نحو من يومين ، وبالقرب من هذا الوادي واد مثله يعرف بساية ؛ وقال عرّام بن الأصبغ : جبلة قرية بذرة ، قالوا : هي أول قرية بنيت بتهامة ، وبها حصون منكرة لا يرومها أحد ، وقد وصفت في ذرة ، ولعلّ الحازمي أراد جبلة هذه ، والله أعلم ؛ وجبلة أيضا : قرية لبني عامر بن عبد القيس بالبحرين.

حِبْلةُ : بالكسر ثم السكون ، ذو جبلة : مدينة باليمن تحت جبل صبر ، وتسمّى ذات النهرين ، وهي من أحسن مدن اليمن وأنزهها وأطيبها ؛ قال عمارة : جبلة رجل يهوديّ كان يبيع الفخّار في الموضع الذي بنت فيه الحرّة الصّليحية دار العروبة ، وسمّيت باسمها ، وكان أول من اختطّها عبد الله بن محمد الصليحي المقتول بيد الأحول مع الداعي يوم المهجم في سنة ٤٧٣ ، وكان أخوه عليّ ولّاه حصن التّعكر ، وهذا الحصن على الجبل المطلّ على ذي جبلة ، وهي فى سفحه ، وهي مدينة بين نهرين جاريين في الصيف والشتاء ، وكان عبد الله بن محمد الصليحي قد اختطّها في سنة ٤٥٨ ، وحشر إليها الرعايا من مخلاف جعفر ؛ وقال علي بن محمد بن زياد المازني : وكانت ذو جبلة للمنصور بن المفضل أحد ملوك آل الصليح فأخذها منه الداعي محمد بن سبا ، فقال :

بذي جبلة شوقي إليك ، وإنها

لتطهر بالشيخ الذي ليس يعمر

عوائد للغيد الغواني ، فإنها

عن الشيخ نحو ابن الثلاثين تنفر

وكان بذي جبلة الفقيه عبد الله بن أحمد بن أسعد المقري صنّف كتابا في القراءات السبع ، وكان أبوه فقيها ؛ قال القاضي مسلم بن إبراهيم قاضي صنعاء : حدثني عبد الله بن أحمد قال : رأيت في المنام قائلا يقول لي كلّم السلطان ، فخرجت وتبعني أبي سريعا ، قال : وتأويل هذه أني أموت وسيموت أبي بعدي ، قال : فمات ومات أبوه بعده بثلاثة أيام حزنا عليه ، وصنف أيضا كتابا في الحديث جمع فيه بين الكتب الخمسة الصحاح ، وأوصى عند موته بغسل تلك الكتب فغسلت ؛ ومن ذي جبلة أيضا الفقيه أبو الفضائل بن منصور بن أبي الفضائل ، كان رجلا صالحا فقيها ، صنف كتابا ردّ فيه على الشريف عبد الله بن حمزة الخارجي ، واعترض فيه على ألفاظه ولحّنه في كثير منها وزيّف جميع ما احتجّ به ، فلما وصل الكتاب إلى الشريف الخارجي أجاب عن الشريف حميد ابن الأنف ، ولما وصل كتابه إلى الفقيه أبي الفضائل صنف كتابا آخر في الردّ عليه ، ومات أبو الفضائل بذي جبلة في أيام أتابك سنقر في نحو سنة ٥٩٠ ؛ وبذي جبلة توفي القاضي الأشرف أبو الفضائل يوسف ابن إبراهيم بن عبد الواحد الشيباني التيمي القفطي في

١٠٦

جمادى الآخرة سنة ٦٢٤ ، ومولده في غرّة سنة ٥٤٨ بقفط ، وهو والد الوزير القاضي الأكرم أبي الحسن عليّ بن يوسف وأخيه القاضي المؤيد أبي إسحاق إبراهيم ، وكان الأشرف قد خرج من قفط في سنة ٥٧٢ في الفتنة التي كانت بها بسبب الإمام الذي أقاموه ، وكان من بني عبد القرى الداعي ، وادّعى أنه داود بن العاضد فيها ، فأنفذ الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب أخاه الملك العادل أبا بكر فقتل من أهل فقط نحو ثلاثة آلاف وصلبهم على شجرهم بظاهر قفط بعمائمهم وطيالستهم ، وخدم الأشرف في عدّة خدم سلطانية منها بالصعيد ثم النظر في بلبيس ونواحيها ثم النظر في البيت المقدس ونواحيه ، وناب عن القاضي الفاضل في كتابة الإنشاء بحضرة السلطان صلاح الدين ، ثم توحّش من العادل ووزيره ابن شكر فقدم حرّان واستوزره الملك الأشرف موسى بن العادل ثم سأله الإذن له في الحج ، فأذن له وجهّزه أحسن جهاز على أن يحج ويعود ، فلما حصل بمكة امتنع من العود ودخل اليمن فاستوزره أتابك سنقر في سنة ٦٠٢ ، ثم ترك الخدمة وانقطع بذي جبلة ورزقه دارّ عليه إلى أن مات في الوقت المذكور ، وكان أديبا فاضلا مليح الخط محبّا للعلم والكتب واقتنائها ذا دين مبين وكرم وعربيّة.

جُبَنُ : بالضم ، بوزن جرذ : حصن باليمن.

جَبُوبُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، وباء أخرى ، وهو في الأصل الأرض الغليظة ؛ جبوب بدر ذكره أبو أحمد العسكري فيما يلحن فيه العامّة ، حكى الحسن بن يحيى الأرزني أن علي بن المديني قال : سألت أبا عبيدة عن جبوب بدر فقال : لعلّه جنوب بدر ، قال أبو أحمد : وجميعها خطأ وإنما هو جبوب بدر ، الجيم مفتوحة ، وبعدها باء تحتها نقطة واحدة ، ويقال للمدر جبوب ، واحدتها جبوبة ، قال : ويروى عن بعض التابعين أنه قال اطّلعت على قبر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فرأيت على قبره الجبوب ، وربما صيّر الشاعر الجبوب الأرض ؛ قال الراجز يصف فرسا :

إن لم تجده سابحا يعبوبا

ذا ميعة ، يلتهم الجبوبا

قلت : ومنه قول أبي قطيفة حيث قال :

ألا ليت شعري! هل تغيّر بعدنا

جبوب المصلّى أم كعهدي القرائن؟

والجبوب أيضا : حصن باليمن من أعمال سنحان.

الجبُّولُ : بالفتح ثم التشديد ، والواو ساكنة ، ولام : قرية كبيرة إلى جنب ملّاحة حلب ، وفي الجبّول ينصبّ نهر بطنان ، وهو نهر الذهب ، ثم يجمد ملحا فيمتار منه كثير من بلدان الشام وبعض الجزيرة ويضمّن بمائة وعشرين ألف درهم في كل عام ، ويجتمع على هذه الملّاحة أنواع كثيرة من الطير قبل جمودها ؛ أنشدني أبو عبد الله محمد بن عبد القاهر بن هبة الله النصيبيني الحلبي قال : أنشدني المهذّب حسن الساسكوني العامري الحموي لنفسه يصف ذلك :

قد جبل الجبّول من راحة ،

فليس تعرو ساكنيها هموم

كأنما الماء وأطياره

فيه سماء ، زيّنت بالنجوم

كأن سود الطير ، في بيضها ،

خليط جيش بين زنج وروم

وأهل الجبّول معروفون بقلة الدين والمروءة والكذب والاختلاف والتعصب على المحال ، حدثني

١٠٧

من أثق به ، والله أعلم ، مع معرفته بحالهم أنه ولي عليهم في أيام الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب واليا صارما فلم يرتضوه فاجتمعوا على الشكوى منه والكذب عليه وأرادوا الخروج إلى حلب لذلك ، فلما اجتمعوا وصاروا على الطريق قام أحدهم وأشار إلى شجرة من شجر الخلاف فقال : امرأتي طالق ثلاثا وحق الله ورسوله وإلا عليّ الحج ماشيا حافيا وكلّ ما أملكه وقف في سبيل الله إن لم تكن هذه الشجرة شجرة الكمّثرى ، وإنني جنيت الكمثرى منها وأكلته مرارا ؛ ثم قال لأصحابه : ليحلف كلّ واحد منكم بمثل ما حلفت به لأنه صحة عزمه فيما خرجنا له من الكذب والبهتان وإلا فإني راجع عنكم ؛ قال : فحلفوا على مثل يمينه ووصلوا إلى حلب ووقفوا للملك الظاهر وأظهروا له من الكذب والبهتان والجرأة على شهادة الزور ما همّ الملك الظاهر بعقوبة الوالي وعزله ، ثم أطلعه أحدهم على حقيقة الحال سرّا ، فاستحضرهم وعرّفهم ما بلغه عنهم بعلائمه وتهددهم إن لم يصدقوه ، فصدقوه وقالوا : حملنا على ذلك ما لقينا من جور هذا الوالي ؛ فعاقبهم ثم أطلقهم ، فصار يضرب بسوء فعلهم المثل.

جُبّةُ : بالضم ثم التشديد ، بلفظ الجبّة التي تلبس ، والجبّة في اللغة ما دخل فيه الريح من السنان ؛ والجبّة أيضا في شعر كثيّر :

بأجمل منها ، وإن أدبرت

فأرخ بجبّة يقرو حميلا

الأرخ : الثنيّ من البقر ، وفي شعر آخر لكثيّر يدل على أنه بالشام قال :

وإنك ، عمري ، هل ترى ضوء بارق

عريض السّنا ذي هيدب متزحزح

قعدت له ذات العشاء أشيمه

بمرّ ، وأصحابي بجبّة أذرح

وأذرح بالشام كما ذكرناه في موضعه. وجبّة أيضا ، وتعرف بجبة عسيل : ناحية بين دمشق وبعلبك تشتمل على عدّة قرى. وجبّة : من قرى النهروان من أعمال بغداد ، وقال الحازمي : موضع بالعراق ؛ منها أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل الجبّي المقري ، روى حروف القراءات عن محمد بن أحمد بن رجاء عن أحمد بن زيد الحلواني عن عيسى ابن قالون وعن الخضر بن هيثم بن جابر المقري الطوسي عن محمد بن يحيى القطعي عن زيد بن عبد الواحد عن إسماعيل بن جعفر عن نافع وغيرهما ، حدث عنه أبو عليّ الحسن بن علي بن إبراهيم بن بندار المقري الأهوازي نزيل دمشق. وجبّة أيضا : قرية من نواحي طريق خراسان ؛ منها أبو السعادات محمد بن المبارك بن محمد بن الحسين السّلمي الجبّي ، دخل بغداد وأقام بها وطلب العلم وسمع الكثير من الشيوخ مثل أبي الفتح عبيد الله بن شابيل أبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزّاز ، ولازم أبا بكر الحازمي ، وقرأ وكتب مصنّفاته ولازمه حتى مات ، وكان حسن الطريقة ، ومات سنة ٥٨٥ بجبّة ، ودفن بها ولم يبلغ أوان الرواية ؛ والجبّة في قول الشاعر :

والله لو طفّلت ، يا ابن استها ،

تسعين عاما لم تكن من أسد

فارحل إلى الجبّة عن عصرنا ،

واطلب أبا في غير هذا البلد

قال الجهشياري : يعني بالجبّة الجبّة والبداة طسّوجين من سواد الكوفة. والجبّة أيضا ، أو الجبّ : موضع بمصر ؛ ينسب إليه أبو بكر محمد بن موسى

١٠٨

ابن عبد العزيز الكندي الصّيرفي يعرف بابن الجبّي ويلقّب سيبويه ، وكان فصيحا ، قال الأمير أبو نصر : ويكنى أبا عمران ، وولد سنة ٢٨٤ ، ومات في صفر سنة ٣٥٨ ، سمع أبا يعقوب إسحاق المنجنيقي وأبا عبد الرحمن النّسوي وأبا جعفر الطحاوي وتفقّه للشافعي وجالس أبا هاشم المقدسي وأبا بكر محمد بن أحمد بن الحدّاد وتلمذ له ، وكان يظهر الاعتزال ويتكلم على ألفاظ الصالحين ، وله شعر ، ويظهر الوسوسة. والجبّة أيضا ، قال أبو بكر بن نفطة : قال لي محمد بن عبد الواحد المقدسي إنها قرية من أعمال طرابلس الشام ؛ منها أبو محمد عبد الله بن أبي الحسن ابن أبي الفرج الجبائي الشامي ، قلت : كذا كان ينسب نفسه وهو خطأ والصواب الجبّي ، سمع ببغداد

من أبي الفضل محمد بن ناصر ومحمد بن عمر الأرموي وغيرهما ، وبأصبهان من أبي الخير محمد بن أحمد الباغباني ومسعود الثقفي وآخرين ، وأقام بها وحدث ، وكان ثقة صالحا ، وكانت وفاته بأصبهان في ثالث جمادى الآخرة سنة ٦٠٥.

الجبيْبُ : تصغير الجبّ ؛ قال نصر : هو واد عند كحلة ، قال دريد بن الصّمّة :

فكنت ، كأنّي واثق بمصدّر

يمشّي بأكناف الجبيب فثهمد

والجبيب أيضا : واد آخر من أودية أجإ ؛ قال ابن أحمر :

خلد الجبيب وباد حاضره ،

إلّا منازل كلها قفر

الجُبيْلُ : تصغير جبل ، ذكره في كتاب البخاري ، قيل : هو الجبل الذي بالسوق ، وهو سلع ، وقيل : بل هو جبل سلم. وجبيل أيضا : بلد في سواحل دمشق في الإقليم الرابع ، طوله ستون درجة ، وعرضه أربع وثلاثون درجة ، وهو بلد مشهور في شرقي بيروت على ثمانية فراسخ من بيروت من فتوح يزيد ابن أبي سفيان وبقي بأيدي المسلمين إلى أن نزل عليه صنجيل الفرنجي ، لعنة الله ، فحاصره وأعانه مراكب لقوم آخرين في البحر ، وراسل صنجيل أهله وأعطاهم الأمان وحلف لهم فسلموا إليه ، وذلك في سنة ٥٩٦ ، فلما صاروا في قبضته قال لهم : إني قد وعدت أصحاب المراكب بعشرة آلاف دينار وأريدها منكم ، وكان يأخذ منهم المصاغ كل ثلاثة مثاقيل بدينار والفضة كل سبعين درهما بدينار ، فاستأصلهم بذلك ؛ ولم تزل بأيدي الأفرنج إلى أن فتحها صلاح الدين يوسف بن أيوب فيما فتحه من الساحل في سنة ٥٨٣ ، ورتب فيها قوما من الأكراد لحفظها ، فبقيت على ذلك إلى سنة ٥٩٣ ، فباعها الأكراد الذين كانوا بها وانصرفوا عنها إلى حيث لا يعلم ، فهي إلى الآن بأيدي الأفرنج ؛ ينسب إليها جماعة ، منهم : أبو سعيد الجبيلي ، روى عن أبي الزياد عبد الملك بن داود ، روى عنه عبد الله ابن يوسف وغيره وعبيد بن حيان الجبيلي ، حدث عن مالك بن أنس وعن الأوزاعي ونظرائهما ، وروى عنه صفوان بن صالح والعباس بن الوليد بن مزيد البيروتي وأبو زرعة الدمشقي ؛ وزيد بن القاسم السلمي الجبيلي ، حدث عن آدم بن أبي إياس ، حدث عنه خيثمة بن سليمان ؛ وأبو قدامة الجبيلي ، حدث عن عقبة بن علقمة البيروتي ومحمد بن الحارث البيروتي ، حدث عنه صفوان بن صالح ، روى عنه الطبراني ؛ وأبو سليمان إسماعيل بن خضر بن حسان الجبيلي ، يروي عن إسرائيل بن روح وسويد بن عبد العزيز وعمر ابن هاشم البيروتي ومحمد بن يوسف الفريابي ومحمد بن شعيب بن سابور وحمزة بن ربيعة ومحمد بن فديك ابن إسماعيل القيسراني وعبيد بن حيان ومحمد بن

١٠٩

المبارك الصوري ، روى عنه أبو بكر عبد الله بن محمد ابن زياد النيسابوري وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي وكنّاه أبا سليم وأبو الحسن بن جوصا وأبو الجهم بن طلّاب ومحمد بن جعفر بن ملّاس وأبو عليّ محمد بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي وذكوان بن إسماعيل البعلبكّي في آخرين ، قال أبو سليمان بن زيد : في سنة ٢٦٤ مات أبو سليمان الجبيلي. والجبيل أيضا : ماء لبني زيد بن عبيد بن ثعلبة الحنفيّين باليمامة.

وجبيل أيضا : موضع بين المشلّل من أعمال المدينة والبحر. وجبيل أيضا : جبل أحمر عظيم ، وهو من أخيلة حمى فيد ، بينه وبين فيد ستة عشر ميلا ، وليس بين الكوفة وفيد جبل غيره. وجبيل : جبل بين أفاعية والمسلح ، يقال له جبل بان لأن نباته البان ، وهو صلب أصمّ. والجبيل في تاريخ مصر ، عن محمد بن القاسم قال : رأيت عبيد الله بن أنيس يدخل من الجبيل إلى الجمعة ويحمل نعليه فيصلي الجمعة وينصرف ، وهذا الجبيل من نواحي حمص.

الجبيْلَة : تصغير جبلة : بلد هو قصبة قرى بني عامر بن الحارث بن أَنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز العبْقَسِيين بالبحر ، والله أعلم.

باب الجيم والتاء وما يليهما

جُتاوِبُ : موضع من ضواحي مكة ، قال الفضل بن عباس اللهَبي :

فالهاوَتان فكبكَب فجتاوب

فالبوص فالأَفراع من أَشقاب

باب الجيم والثاء وما يليهما

الجُثَا : بالضم ، وتخفيف الثاء ، والقصر ، وهو الحجارة المجموعة : موضع بين فدك وخيبر يطؤه الطريق ، قال بشر أبو النعمان بن بشر :

لعمرك بالبطحاء ، بين معرّف

وبين النّطاق ، مسكن ومحاضر

لعمري ، لحيّ بين دار مزاحم

وبين الجثا لا يحشم الصبر حاضر

جُثَّا : بتشديد الثاء ، والقصر أيضا : جبل من جبال أجإ مشرف على رمل طيء وعنده المناعان ، وهما جبلان.

الجثجَاثةُ : بالفتح ، والتكرير ، وهو نبت مرّ ، قال أبو زياد : ولبني عمرو بن كلاب في جبال دماخ الجثجاثة ، وقال في موضع آخر : ومن مياه غني الجثجاثة ، وهي في جانب حمى ضرية الذي يلي مهبّ الجنوب من شرقي حمى ضرية ، وهي في ظلّ نضاد ، ونضاد جبل ، وقال الأصمعي : وفي شرقي نضاد الجثجاثة وحذاء الجثجاثة النقرة.

الجثياثةُ : بالياء بعد الثاء : اسم ماء لغنيّ ، قال : وعن الجثياثة المطر

باب الجيم والجيم وما يليهما

جَيْجَارُ : بكسر الجيم الأولى وتفتح ، والجيمان بين الجيم والشين : من قرى بخارى ، ويقال له سجار أيضا ، ينسب إليها أبو شعيب صالح بن محمد بن شعيب الجيجاري ، روى عن أبي القاسم بن أبي العقب الدمشقي ، روى عنه القاضي أبو طاهر الإسماعيلي.

باب الجيم والخاء وما يليهما

جُحَافُ : بالضم ، والتخفيف : جبل جحاف باليمن.

جَحَّافُ : بالفتح ثم التشديد : سكة بنيسابور ، ينسب إليها أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الوزير التاجر الجحافي ، سمع أبا حاتم الرازي ، وسمع

١١٠

منه أبو عبد الله الحاكم ، وكان من الصالحين ، مات لعشر بقين من شهر رمضان سنة ٣٤١ عن إحدى وتسعين سنة.

أُمُّ جَحْدَمَ : من حدود اليمن من جهة الحجاز ، وهي قرية بين كنانة والأَزد ، عن ابن الحائك.

جَحْشِيَّةُ : بالفتح ثم السكون ، والشين معجمة ، كأَنها منسوبة إلى رجل اسمه جحش : قرية كبيرة كالمدينة من قرى الخابور ، بينها وبين المجدل نحو أربعة أميال.

الجُحْفَةُ : بالضم ثم السكون ، والفاء : كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل ، وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم يمرّوا على المدينة ، فإن مرّوا بالمدينة فميقاتهم ذو الحليفة ، وكان اسمها مهيعة ، وإنما سميت الجحفة لأن السيل اجتحفها وحمل أهلها في بعض الأعوام ، وهي الآن خراب ، وبينها وبين ساحل الجار نحو ثلاث مراحل ، وبينها وبين أقرن موضع من البحر ستة أميال ، وبينها وبين المدينة ست مراحل ، وبينها وبين غدير خمّ ميلان ، وقال السكري : الجحفة على ثلاث مراحل من مكة في طريق المدينة ، والجحفة أول الغور إلى مكة ، وكذلك هي من الوجه الآخر إلى ذات عرق ، وأول الثغر من طريق المدينة أيضا الجحفة ، وحذف جرير الهاء وجعله من الغور فقال :

قد كنت أهوى ثرى نجد وساكنه ،

فالغور ، غورا به عسفان والجحف

لما ارتحلنا ونحو الشام نيّتنا ،

قالت جعادة : هذي نيّة قذف

وقال الكلبي : إن العماليق أخرجوا بني عقيل ، وهم إخوة عاد بن ربّ ، فنزلوا الجحفة ، وكان اسمها يومئذ مهيعة ، فجاءهم سيل واجتحفهم ، فسميت الجحفة ، ولما قدم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، المدينة استوبأها وحمّ أصحابه ، فقال : اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد وصحّحها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حمّاها إلى الجحفة ، وروى أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نعس ليلة في بعض أسفاره إذ استيقظ فأيقظ أصحابه وقال : مرت بي الحمى في صورة امرأة ثائرة الرأس منطلقة إلى الجحفة.

جَحُورُ : بالفتح : موضع في ديار بني سعد ، ورواه بعضهم بتقديم الحاء كما نذكره في باب الحاء ، وقال العمراني : رأيته في شعر الشماخ بضم الجيم ، وهو موضع يسمى الجحر ، ثم جمعه بما حوله.

باب الجيم والخاء وما يليهما

جُخَادة : قرية كبيرة من قرى بخارى عن يمين القاصد من بخارى إلى بيكند على ثلاثة فراسخ ، وبينها وبين الطريق نحو فرسخ ، ينسب إليها أبو عليّ محمد ابن إسماعيل الجخادي ، كان محدثا حافظا ، روى عن أحمد بن علي الأستاذ وغيره ، روى عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي ، ومولده سنة ٤١٧ ، وذكره العمراني بتقديم الخاء والدال مهملة ، وقد ذكرته في بابه.

الجَخْرَاءُ : بالفتح ثم السكون ، والراء ، والمد : بلد ، قال نصر : هي بلدة لبني شجنة بن عطارد بن عوف ابن كعب.

جَخْزَنَى : بعد الزاي المفتوحة نون ، كذا قال أبو سعد ، وألف مقصورة : قرية على ثلاثة فراسخ من سمرقند ، ينسب إليها أعين بن جعفر بن الأشعث الجخزني السمرقندي الرجل الصالح ، روى عن أبي

١١١

الحسن علي بن إسماعيل الخجندي ، سمع منه أبو سعد كتاب الشافهات تصنيف علي بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي السمرقندي.

باب الجيم والدال وما يليهما

جَدَّاءُ : بالفتح ، والتشديد ، والمد ؛ قال أبو الفتح نصر : موضع بنجد وأظنه أيضا موضعا شامّيا ، والجدّاء في اللغة : التي قد ذهب لبنها.

الجَدَاجِدُ : بالفتح ، جمع جدجد ، وهي الأرض المستوية الصلبة ؛ وفي حديث الهجرة أن دليلهما تبطن ذا كشر ثم أخذ بهما على الجداجد ، بجيمين ودالين ، ويجوز أن يكون جمع جدجد ، وهي البئر القديمة ، وأظنها على هذا آبارا قديمة في طريق ليس يعلم ، وفي حديث : أتينا على بئر جدجد ؛ قال أبو عبيدة : والصواب بئر جدّة أي قديمة ، حكى الهروي عن اليزيدي ويقال : بئر جدجد ، قال : وهو كما يقال في الكم كمكم وفي الرّف رفرف.

جِداد : بالكسر ، وآخره دال أخرى : موضع ؛ قال نصر : وأحسبه بين بادية الكوفة والشام.

جُدَّادُ : بالضم ثم التشديد : اسم واد أو نهر في بلاد العرب ، وفيه روضة ، وقد روي بالحاء المهملة ، وأما الجدّاد ، بالضم والجيم : فصغار الطلح ؛ قال الطّرمّاح :

يجتنى ثامر جدّاده

بين فرادى ترم ، أو تؤام

والشاهد على أنه نهر أو واد قوله :

ولو يكون على الجدّاد يملكه ،

لم يسق ذا غلّة من مائه الجاري

الجِدار : بالكَسر ، بلفظ واحد الجدران : من قرى اليمامة. وجدار العجوز : قد ذكر في حائط العجوز من باب الحاء. والجدار أيضا : محلّة ببغداد سميت ببني جدار ، بطن من الخزرج من الأنصار ؛ ينسب إليها أبو بكر أحمد بن سيدي بن الحسن بن بحر الجداري البغدادي ، ذكره أبو بكر في تاريخ بغداد ، روى عنه ابن زرقويه.

جُدَالُ : بالضم ، وآخره لام : قرية كبيرة عامرة على تل عال ، وعندها خان حسن عامر ، وأهلها نصارى ، بينها وبين الموصل مرحلتان ، وهي على طريق القوافل ، رأيتها غير مرّة ، ولها ذكر في الشعر القديم ؛ قال رجل من بني حييّ من النّمر بن قاسط يقال له دِثار يهجو رجلا من بني زبيد يقال له خالد :

أيا جبلي سنجار! هلّا دفقتما

بركنيكما أنف الزبيديّ أجمغا

لعمرك ما جاءت زبيد لهجرة ،

ولكنها جاءت أرامل جوعا

وتبكي على أرض الحجاز ، وقد رأت

جرائب خمسا من جدال فأربعا

الجَدَّان : بالفتح ، مثنّى : موضع في شعر الأعشى : فاحتلّت الغمر فالجدّين فالفرعا

جَدَّاوَة : بالفتح ، والتشديد ، وفتح الواو : قرية من قرى برقة بالمغرب يقال لها جدّاوة حيّان ، بينها وبين وادي مخيل ثمانية فراسخ.

الجدَاةُ : موضع في بلاد غطفان ؛ قال :

يديت ، على ابن حسحاس بن وهب

بأسفل ذي الجداة ، يد الكريم

قصرت له من الحمّاء لمّا

شهدت وغاب عن دار الحميم

١١٢

أخبّره بأن الجرح يشوى ،

وأنك فوق عجازة جموم

ولو أني أشاء لكنت منه

مكان الفرقدين من النجوم

ذكرت تعلّة الفتيان يوما ،

وإلحاق الملامة بالمليم

الجَدَائِرُ : بالفتح ، لعلّه جمع جديرة ، وهي الحظيرة من الصخر ؛ وذو الجدائر : واد في بلاد الضباب ، بينه وبين حمى ضرية ثلاثة أميال من جهة الجنوب ؛ وقيل فيه :

عدمناك من شعب ، وحبّب بطنه

واسلاعه صوب الغمام البواكر

أكلنا به لحم الحمار ، ولم نكن

لنأكله إلا بشعب الجدائر

جُدُّ الأَثافي : بالضم ثم التشديد ؛ والجدّ في اللغة البئر القديمة ، والأثافي جمع أثفية ، وهي الحجارة التي توضع عليها القدر : وهو موضع بعقيق المدينة.

جُدُّ المَوَالي : بالعقيق أيضا. والجدّ : ماء في ديار بني عبس ؛ قال الأخضر بن هبيرة بن عمرو بن ضرار الضبي وكان قد ورد على بني عبس فمنعوه الماء فقال :

إذا ناقة شدّت برحل ونمرق

لمدحة عبسيّ ، فآبت وكلت

وجدنا بني عبس ، خلا اسم أبيهم ،

قبيلة سوء حيث سارت وحلّت

وما أمرت بالخير عمرة طلقت

رضاع ، ولا صامت ولا هي صلّت

فلو أنها كانت لقاحي أثيرة ،

لقد نهلت من ماء جدّ وعلّت

ولكنها كانت ثلاثا مياسرا ،

وحائل حول أنهزت فأحلّت

يقال : نهز البعير ضرع أمه مثل لهزه إذا وكزه.

والجدّ أيضا : ماء بالجزيرة ؛ قال الأخطل :

أتعرف من أسماء بالجدّ روسما

محيلا ونؤيا دارسا قد تهدّما؟

والجدّ أيضا : ماء لبني سعد ؛ كذا فسره ابن السكّيت في قول عدي بن الرقاع :

فألمّت بذي المويقع لما

جف عنها مصدّع ، فالنضاء

ثمّت استوسقت له ، فرمته

بغبار عليه منه رداء

مستطير ، كأنه سابريّ ،

عند تجر ، منشّر وملاء

دانيات للجدّ ، حتى نهاها

ناصع من جنوب ماء رواء

هذا معنى سبق إليه عدي بن الرقاع ، وقد كرره في موضع آخر فقال يصف حماري وحش :

يتعاوران من الغبار ملاءة

دكناء ملحمة ، هما نسجاها

جَدَدُ : بالتحريك ، وهي الأرض الصلبة : وهو موضع في بلاد بني هذيل ؛ قال غاسل بن غزيّة الجربي الهذلي :

ثم انصببنا جبال الصفر معرضة

عن اليسار ، وعن أيماننا جدد

جَدَرُ : بالراء ، هو أثر الكرم في عنق الحمار : وهي قرية بين حمص وسلمية ، تنسب إليها الخمر ؛ قال الأخطل :

كأنني شارب ، يوم استبدّ بهم ،

من قرقف ضمّنتها حمص أو جدر

١١٣

وقيل : جدر قرية بالأردن ؛ قال أبو ذؤيب :

فما أن رحيق سبتها التّجا

ر من أذرعات فوادي جدر

جَدْرٌ : بسكون الدال ، ذو جدر : مسرح على ستة أميال من المدينة بناحية قباء ، كانت فيها لقاح رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، تروح عليه إلى أن أغير عليها وأخذت ، والقصة في المغازي مشهورة.

جدرين : قرية من قرى الجند باليمن.

الجدَفُ : بالتحريك ، وهو القبر : وهو موضع.

جدَنٌ : بالتحريك ، وآخره نون ؛ والجدن : حسن الصوت ، وذو جدن : الملك الحميري ؛ وقيل : جدن مفازة باليمن ، وقيل : إن ذا جدن ؛ ينسب إليها عن البكري المغربي ؛ قال ابن مقبل :

من طيّ أرضين أو من سلّم نزل ،

من ظهر ريمان أو من عرض ذي جدن

قالوا : موضع باليمن ، وقيل واد.

جَدْواء : بالفتح ثم السكون ، والمد : موضع بنجد.

جَدُودُ : بالفتح ؛ والجدود في اللغة النّعجة التي قلّ لبنها من غير بأس ، ولا يقال للعنز ؛ وهو اسم موضع في أرض بني تميم قريب من حزن بني يربوع على سمت اليمامة ، فيه الماء الذي يقال له الكلاب ، وكانت فيه وقعتان مشهورتان عظيمتان من أعرف أيام العرب ، وكان اليوم الأوّل منها غلب عليه يوم جدود ، وكان لتغلب على بكر بن وائل ، وفيه يقول :

أرى إبلي عافت جدود ، فلم تذق

بها قطرة إلا تحلّة مقسم

وقال قيس بن عاصم المنقري :

جزى الله يربوعا بأسوإ صنعها ،

إذا ذكرت في النائبات أمورها

بيوم جدود قد فضحتم أباكم ،

وسالمتم ، والخيل تدمى نحورها

وقال الحفصي : جدود هوّة في الأرض تدعى الغبطة ؛ قال الفرزدق :

هلّا غداة حبستم أعياركم

بجدود ، والخيلان في اعصار

الحوفزان مشوّم أفراسه ،

والمحصنات حواسر الأبكار

جَدُورَةُ : بالفتح : اسم بئر في شعر جعفر بن علبة الحارثي :

ألا هل ، إلى ظلّ النضارات بالضحى ،

سبيل ، وتغريد الحمام المطوّق

وشربة ماء من جدورة طيّب ،

جرى بين أفنان العضاه المسوّق

وسيري مع الفتيان ، كلّ عشيّة ،

أباري مطاياهم ببيداء سملق

جُدّة : بالضم ، والتشديد ؛ والجدّة في الأصل الطريقة ، والجدّة الخطة التي في ظهر الحمار تخالف سائر لونه.

وجدّة : بلد على ساحل بحر اليمن ، وهي فرضة مكة ، بينها وبين مكة ثلاث ليال ؛ عن الزمخشري ، وقال الحازمي : بينهما يوم وليلة ، وهي في الإقليم الثاني ، طولها من جهة المغرب أربع وستون درجة وثلاثون دقيقة ، وعرضها إحدى وعشرون درجة وخمس وأربعون دقيقة ؛ قال أبو المنذر : وبجدّة ولد جدّة بن حزم بن ريّان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة فسمي جدّة باسم الموضع ؛ قال : ولما تفرقت الأمم عند تبلبل الألسن صار لعمرو بن

١١٤

معدّ بن عدنان ، وهو قضاعة ، لمساكنهم ومراعي أغنامهم جدّة من شاطئ البحر وما دونها إلى منتهى ذات عرق إلى حيز البحر من السهل إلى الجبل ، فنزلوا وانتشروا فيها وكثروا بها ؛ قال أبو زيد البلخي : وبين جدّة وعدن نحو شهر ، وبينها وبين ساحل الجحفة خمس مراحل ؛ وينسب إلى جدّة جماعة ، منهم : عبد الملك بن إبراهيم الجدّي ؛ وعلي بن محمد بن علي بن الأزهر أبو الحسن العليمي المقري القطّان ، يعرف بالجدّي ، سمع أبا محمد بن أبي نصر وأبا الحسن أحمد بن محمّد العتيقي وأبا بكر محمد بن عبد الرحمن القطّان ، روى عنه عبد الله بن السمرقندي ، ومولده سنة ٣٩٠ ، ومات سنة ٤٦٨.

جَدَيَا : بفتحتين ، وياء ، وألف مقصورة : من قرى دمشق ، وهم يسمونها الآن جديا ، بكسر أوله وتسكين ثانيه ؛ منها أبو حفص عمر بن صالح بن عثمان ابن عامر المرّي الجدياني ، يروي عن أبي يعلى حمزة ابن خراش الهاشمي ، سمع منه عبد الوهاب بن الحسن الكلابي بقريته وأبو الحسين الرازي وقال : مات عمر بن صالح الجدياني المرّي في سنة ٣٣٢ ؛ ومنها جماعة عصريّون سمعوا من الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر ؛ منهم حميد وسلطان ابنا حسان بن سبيع وطالب بن أبي محمد بن أبي شجاع وابنه أبو محمد حسان وغيرهم.

جُدَيْدٌ : بلفظ تصغير جدّ : خطّة بني جديد بالبصرة في جانب ربيعة ، وبنو جديد حيّ من اليمن.

الجديدُ : ضدّ العتيق : اسم نهر أحدثه مروان بن أبي حفصة الشاعر باليمامة ، وكان قد سمي قديما ربى.

وجديد أيضا : جبل من جبال أجإ. وجديد أيضا : جبل في ديار الأزد.

الجَدِيدَةُ : بلفظ ضدّ العتيقة : اسم كل واحدة من قريتين بمصر إحداهما في كورة الشرقية والأخرى في كورة المرتاحية.

الجُدَيْدَةُ : بلفظ تصغير التي قبلها : اسم لقلعة في كورة بين النهرين التي بين نصيبين والموصل ، وأكثر ما تكون لصاحب الموصل غالبا ، وهي قديمة حصينة جدّا ، وأعمالها متصلة بأعمال حصن كيفا ، ولها قرّى ومزارع ، وأكثر زروعهم العذي.

الجُدَيْفُ : مصغر : موضع بالحجاز ، وهو أبرق ، أسفله رمل.

جَديلَةُ : بالفتح ثم الكسر ؛ الجديلة الشاكلة ، والجديلة الناحية ، وجديلة : اسم قبيلة من طيء وقبيلة من الأنصار ومن قيس. وجديلة : اسم مكان في طريق حاجّ البصرة ؛ وفي أخبار خالد بن عبد الله القسري من كتاب أبي الفرج :

وما قربت بجيلة منك دوني

بشيء ، غير أن دعيت بجيله

وما للغوث عندك ، إن نسبنا

علينا في القرابة ، من فضيله

ولكنا وإياكم كثرنا ،

فصرنا في المحلّ على جديله

ثم قال أبو الفرج : جديلة ههنا موضع لا قبيلة ، وقال أبو زياد : من مياه بني وبر بن الأضبط بن كلاب.

وجديلة : منهل من مناهل حاجّ البصرة ؛ وقال أبو سعد : منه معلى بن حاجب بن أوس الجديلي ، روى عن يحيى بن راشد.

جَدِيَّةُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء مشددة : أرض بنجد كانت دارا لبني شيبان ؛ والجديّة في اللغة : شيء محشوّ تحت دفّتي السرج والرّحل ، والجديّة من

١١٥

الدم : ما لصق بالجسد.

جُدَيَّةُ : تصغير الذي قبله : جبل بنجد لطيء ؛ وقال رجل منهم :

وهل أشربنّ ، الدهر ، من ماء مزنة

على عطش مما أقرّ الوقائع

بقيع التناهي ، أو بهضب جديّة

سرى الغيث عنه ، وهو في الأرض ناقع

باب الجيم والذال وما يليهما

جَذَّاءُ : بالفتح ، والتشديد ، والمدّ ؛ والجذّ القطع ، ورحم جذّاء مقطوعة ؛ وجذّاء : موضع في قول الشاعر :

بغيتهم ما بين جذّاء والحشا ،

وأوردتهم ماء الأثيل فعاصما

الجَذَاةُ : بالفتح ، لغة في الدال المهملة ، وقد تقدم.

جذَرُ : بالتحريك أيضا ، لغة في الدال المهملة ، وقد تقدم أيضا.

جُذْمانُ : بالضم ثم السكون : موضع فيه أطم من آطام المدينة ، سمي بذلك لأن تبّعا كان قد قطع نخله لما غزا يثرب ؛ والجذم : القطع ؛ قال قيس بن الخطيم :

كأن رؤوس الخزر جبين ، إذ بدت

كتائبنا تبري مع الصبح ، حنظل

فلا تقربوا جذمان إن حمامه

وجنته تأذى بكم ، فتحملوا

جَذَمُ : بالتحريك ؛ والجذم القطع : أرض في بلاد فهم بن عمرو بن قيس عيلان ؛ قال قيس بن العيزارة الهذلي يخاطب تأبّط شرّا :

أثابت أم خلّفت أختك عاتقا ،

تجمّع عند المومسات أيورها

وأخبرني أبو المضلّل أنها

قفا جذم ، يهدي السباع زفيرها

جذِيذ : كأنه فعيل من الجذّ ، وهو القطع ، بمعنى مفعول : موضع قرب مكة.

جَذِيمَةُ : مسجد جذيمة بالكوفة ، ينسب إلى جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين من بني أسد.

باب الجيم والراء وما يليهما

جُرَاباذُ : بالضم ، بين الألفين باء موحدة ، وآخره ذال معجمة : من قرى مرو ، وأهلها يقولون كراباذ ؛ منها أبو بكر محمد بن عبد الله الجراباذي ، روى عن محمود بن عبد الله السعدي ، روى عنه القاضي أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الصدفي.

جُرَابُ : بالضم ؛ يحتمل أن يكون جراب بمعنى جريب ، نحو كبار وكبير وطوال وطويل ، والجريب الوادي ، والجريب قطعة من الأرض معلومة ؛ وجراب : اسم ماء ، وقيل بئر بمكة قديمة ؛ قال الشاعر :

سقى الله أمواها عرفت مكانها

جرابا وملكوما وبذّر والغمرا

جَرَّاحُ : بالفتح ، وتشديد الراء ، وآخره حاء مهملة : مدينة بمصر في كورة المرتاحية.

جُرَادُ : بالضم ، بوزن غراب : ماء في ديار بني تميم عند المرّوت ، كانت به وقعة الكلاب الثانية ؛ وقال جرير :

ولقد عركن بآل كعب عركة

بلوى جراد ، فلم يدعن عميدا

إلا قتيلا قد سلبنا بزّه

تقع النسور عليه ، أو مصفودا

١١٦

وفي الحديث أن حصين بن مشمّت وفد على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فبايعه بيعة الإسلام وصدّق إليه ماله ، فأقطعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مياها عدّة ، منها جراد ، وبعض المحدثين يقوله بالذال المعجمة ، ومنها السّديرة والثماد والأصيهب ؛ وسألت أعرابيّا آخر : كيف تركت جرادا؟ فقال : تركته كأنه نعامة جاثمة ، يعني من الخصب والعشب ؛ وقال ابن مقبل :

للمازنيّة مصطاف ومرتبع ،

مما رأت أود فالمقراة فالجرع

منها بنعف جراد والقبائض من

وادي جفاف مرا دنيا ومستمع

أراد مرأ دنيا فخفف الهمزة ؛ وقال نصر : جراد رملة عريضة بين البصرة واليمامة بين حائل والمرّوت في ديار بني تميم ، وقيل في ديار بني عامر ، وقيل أرض بين عليا تميم وسفلى قيس ، وقيل جبل.

الجُرَادَةُ : بزيادة الهاء ؛ قال أبو منصور الأزهري : الجرادة رملة بعينها بأعلى البادية ؛ قال الأسود بن يعفر:

وغودر علوا ذلّها متطاول

بنيل ، كجثمان الجرادة ناشر

الجرَادِي : بكسر الدال ، بنو الجرادي : قرية باليمن من أعمال صنعاء.

جُرَارُ : بالراء : اسم جبل في قول ابن مقبل :

لمن الديار بجانب الأحفار

فبتيل دمخ ، أو بسفح جرار

أمست تلوح ، كأنها عاميّة ،

والعهد كان بسالف الأعصار

جِرَارُ : بالكسر ، جمع جرّة الماء : موضع من نواحي قنّسرين. وجرار أيضا ، جرار سعد : موضع بالمدينة كان ينصب عليه سعد بن عبادة جرارا يبرّد فيها الماء لأضيافه به أطم دليم.

الجرّارة : بالفتح ، والتشديد : ناحية من نواحي البطيحة قريبة من البرّ ، توصف بكثرة السمك.

جُرَازُ : بالضم ثم التخفيف ، وآخره زاي : موضع بالبصرة.

جُرَافُ : آخره فاء ، ذو جراف : واد يفرغ في السلّى.

جِرَامُ : بالكسر ، وآخره ميم ، لفظة فارسية ؛ قال حمزة : قلب إلى صرام تعريبا ، وهو من رساتيق فارس.

جَرَاميزُ : بالفتح ، وآخره زاي ، كأنه جمع جرموز ؛ وهو الحوض الصغير ، وجراميز الرجل أعضاؤه : موضع باليمامة ؛ قال مضرّس بن ربعيّ :

تحمّل من ذات الجراميز أهلها ،

وقلّص عن نهي القرينة حاضره

تربّعن روض الحزن ، حتى تعاورت

سهام السّفا قريانه وظواهره

جُرَاوَةُ : بالضم : ناحية بالأندلس من أعمال فحص البلوط. وجوارة أيضا : موضع بإفريقية بين قسطنطينية وقلعة بني حمّاد ؛ منها عبد الله بن محمد الجراوي كاتب شاعر مليح النظم والنثر ؛ كذا قال الحسن بن رشيق القيرواني وذكر أنه توفي سنة ٤١٥ عن نيف وأربعين سنة.

الجرَوِيُّ : يروى بضم الجيم وفتحها ، والضم أكثر : وهي مياه في بلاد القين بن جسر ، وقيل هي قلب على طريق طيء إلى الشام ، وقيل مياه لطيء بالجبلين ؛ قال بعض الأعراب :

١١٧

ألا لا أرى ماء الجراويّ شافيا

صداي ، ولو روّى غليل الركائب

فيها لهف نفسي ، كلما التحت لوحة

على شربة من ماء أحواض ناضب

الجرْباءُ : كأنه تأنيث الأجرب : موضع من أعمال عمان بالبلقاء من أرض الشام قرب جبال السراة من ناحية الحجاز ، وهي قرية من أذرح التي تقدم ذكرها ، وبينهما كان أمر الحكمين بين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري ، وروي جربى بالقصر ، وذكره بعد بأتم من هذا. والجرباء أيضا : ماء لبني سعد بن زيد مناة بن تميم بين البصرة واليمامة.

جَرْباذَقانُ : بالفتح ، والعجم يقولون كرباذكان : بلدة قريبة من همذان بينها وبين الكرج وأصبهان ، كبيرة مشهورة ؛ وأنشد أبو يعلى محمد بن محمد ابن الهاشمي :

جرباذقان بلدة

زرّت على جيد القبائح

أرض يموت الحرّ في

أرجائها ، لو لا ابن صالح

ينسب إليها جماعة ، منهم : أبو أحمد عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن عبد الله العطّار الجرباذقاني قاضيها ، روى عنه أبو بكر بن مردويه الحافظ.

وجرباذقان أيضا : بلدة بين استرآباذ وجرجان من نواحي طبرستان ؛ ينسب إليها نصر الجرباذقاني ، ففيه حنفيّ بارع في الفقه.

جَرَبّ : بفتحتين ، وتشديد الباء الموحدة : موضع باليمن ذكر في حديث حنش السبيء الصنعاني ، ويروى جربّة في حديث حنش الصنعاني : غزونا جربّة ومعنا فضالة بن عبيد ؛ كذا ضبطه أبو سعد ؛ والجربّة في اللغة : الكتيبة من حمر الوحش.

الجربتان : من قرى جهران باليمن.

جَرْبَثُ : يروى بفتحتين وضمتين ، وقد رواه ابن دريد جرثب ، بتقديم الثاء وتأخير الباء ، وقد ذكر الحازمي حربث ، بالحاء ، وقد ذكر في موضعه ، ولا أدري أهو هذا وقد صحّف أحدهما ، أو كل واحد منهما موضع على حدته.

جَرْبَسْتُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الباء ، وسكون السين ، وتاء مثناة : قرية في جبال طبرستان لا يدخل إليها إلّا في طرق غامضة صعبة.

جُرُبَّة : بضمتين ، وتشديد الباء : جبل لبني عامر.

جَرْبَةُ : بالفتح ثم السكون ، والباء موحدة خفيفة ، رواية في جربّة وجربّ المقدم ذكرهما : قرية بالمغرب لها ذكر كثير في كتاب الفتوح ؛ وفي حديث حنش : غزونا مع رويفع بن ثابت قرية بالمغرب يقال لها جربة ، فنام فينا خطيبا فقال : أيها الناس لا أقول لكم إلّا ما سمعته من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول فينا يوم خيبر ، فإنه قام فينا فقال : لا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ما زرعه غيره ، يعني إتيان النساء الحبالى ؛ وقد روي فيها جربة أيضا ، بكسر الجيم ، وقيل : هي جزيرة بالمغرب من ناحية إفريقية قرب قابس يسكنها البربر ، وقال أبو عبيد البكري : وعلى مقربة من قابس جزيرة جربة ، وفيها بساتين كثيرة ، وأهلها مفسدون في البر والبحر ، وهم خوارج ، وبينها وبين البر الكبير مجاز.

جَرْبَى : كأنه جمع أجرب ؛ قال أبو بكر محمد ابن موسى : من بلاد الشام كان أهلها يهودا ، كتب لهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لما قدم عليه

١١٨

يحنّه بن رؤبة صاحب إيلة بقوم منهم من أهل أذرح يطلبون الأمان كتابا على أن يؤدوا الجزية ؛ وقد روي بالمدّ ، وقد تقدّم.

جُرْتُ : بالضم ثم السكون ، والتاء مثناة فوقها : قرية من قرى صنعاء باليمن ؛ ينسب إليها يزيد بن مسلم الجرثي الصنعاني ويقال له الحزيزي أيضا ، حدث عن مسلم بن محمد ؛ كذا ضبطه الحازمي وأبو سعد ؛ وقال العمراني : سمعته من جار الله بفتح الجيم وضبطه الأمير بكسرها ، وقد روي أيضا جرث ، بالثاء.

جُرْثُمُ : بالضم ثم السكون ، والثاء مضمومة مثلثة ؛ والجرثومة في الأصل قرية النمل : ماء لبني أسد بين القنان وترمس ؛ قال زهير :

تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن

تحمّلن بالعلياء من فوق جرثم؟

جَرْجا : بجيمين ، والراء ساكنة : قرية من أعمال الصعيد قرب إخميم ؛ ينسب إليها عبد الولي بن أبي السّرايا بن عبد السلام الأنصاري ، فقيه شافعي ، وكان خطيب ناحيته وأحد عدولها ، وله شعر حسن المذهب ، منه ما أنشدني أبو الربيع سليمان بن عبد الله المكي ، قال أنشدني الخطيب عبد الولي لنفسه :

لا تنكرن بعلوم السّقم معرفتي ،

فربّ حامل علم وهو مجهول

قد يقطع السيف مفلولا مضاربه

عند الجلاد ، وينبو وهو مصقول

وأنشدني قال أنشدني لنفسه :

تأنّ إذا أردت النطق ، حتى

تصيب بسهمه غرض البيان

ولا تطلق لسانك ، ليس شيء

أحق بطول سجن من لسان

جُرْجانُ : بالضم ، وآخره نون ؛ قال صاحب الزيج : طول جرجان ثمانون درجة ونصف وربع ، وعرضها ثمان وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة ، في الإقليم الخامس ، وروى بعضهم أنها في الإقليم الرابع ، وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس : طول مدينة جرجان ست وثمانون درجة وثلاثون دقيقة ، وعرضها أربعون درجة ، في الإقليم الخامس ، طالعها النور ولها شركة في كف الخضيب ثلاث درج وست عشرة دقيقة وشركة في مرفق الدب الأصغر تحت سبع عشرة درجة وست عشرة دقيقة من السرطان ، يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل بيت عاقبتها مثلها من الميزان. وجرجان : مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان ، فبعض يعدها من هذه وبعض يعدّها من هذه ، وقيل : إن أول من أحدث بناءها يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة ، وقد خرج منها خلق من الأدباء والعلماء والفقهاء والمحدثين ، ولها تاريخ ألفه حمزة بن يزيد السّهمي.

قال الإصطخري : أما جرجان فإنها أكبر مدينة بنواحيها ، وهي أقل ندّى ومطرا من طبرستان ، وأهلها أحسن وقارا وأكثر مروءة ويسارا من كبرائهم ، وهي قطعتان : إحداهما المدينة والأخرى بكراباذ ، وبينهما نهر كبير يجري يحتمل أن تجري فيه السفن ، ويرتفع منها من الإبريسم وثياب الإبريسم ما يحمل إلى جميع الآفاق ، قال : وإبريسم جرجان بزر دودة يحمل إلى طبرستان ، ولا يرتفع من طبرستان بزر إبريسم ، ولجرجان مياه كثيرة وضياع عريضة ، وليس بالمشرق بعد أن تجاوز العراق مدينة أجمع ولا أظهر حسنا من جرجان على مقدارها ، وذلك أن بها الثلج والنخل ، وبها فواكه الصرود والجروم ، وأهلها يأخذون أنفسهم بالتأنى والأخلاق

١١٩

المحمودة ؛ قال : وقد خرج منها رجال كثيرون موصوفون بالسّتر والسخاء ، منهم : البرمكي صاحب المأمون ، ونقودهم نقود طبرستان الدنانير والدراهم ، وأوزانهم المنّ ستمائة درهم ، وكذلك الري وطبرستان.

وقال مسعر بن مهلهل : سرت من دامغان متياسرا إلى جرجان في صعود وهبوط وأودية هائلة وجبال عالية ، وجرجان مدينة حسنة على واد عظيم في ثغور بلدان السهل والجبل والبر والبحر ، بها الزيتون والنخل والجوز والرمان وقصب السكر والأترج ، وبها إبريسم جيد لا يستحيل صبغه ، وبها أحجار كبيرة ، ولها خواصّ عجيبة ، وبها ثعابين تهول الناظر لكن لا ضرر لها ؛ ولأبي الغمر في وصف جرجان :

هي جنّة الدّنيا التي هي سجسج ،

يرضى بها المحرور والمقرور

سهليّة جبليّة بحريّة ،

يحتلّ فيها منجد ومغير

وإذا غدا القنّاص راح بما اشتهى

طبّاخه ، فملهّج وقدير

قبج ودرّاج وسرب تدارج ،

قد ضمّهن الظبي واليعفور

غربت بهنّ أجادل وزرازر

وبواشق وفهودة وصقور

ونواشط من جنس ما هي أفتنت

رأي العيون بها ، وهنّ النور

وكأنما نوّارها برياضها ،

للمبصريه ، سندس منشور

وللصاحب كافي الكفاة أبي القاسم في كتابه كافي الرسائل في ذمّ جرجان :

نحن والله من هوائك ، يا جر

جان ، في خطّة وكرب شديد

حرّها ينضج الجلود ، فإن هبّت

شمالا تكدّرت بركود

كحبيب منافق ، كلما همّ

بوصل أحاله بالصّدود

وقال أبو منصور النيسابوري يذكر اختلاف الهواء بها في يوم واحد :

ألا ربّ يوم لي بجرجان أرعن ،

ظللت له من حرقه أتعجّب

وأخشى على نفسي اختلاف هوائها ،

وما لامرئ عما قضى الله مهرب

وما خير يوم أخرق متلوّن

ببرد وحرّ ، بعده يتلهّب

فأوّله للقرّ والجمر ينقب ،

وآخره للثلج والخيش يضرب

وكان الفضل بن سهل قد ولى مسلم بن الوليد الشاعر ضياع جرجان وضمّنه إياها بخمسمائة ألف وقد بذل فيها ألف ألف درهم ، وأقام بجرجان إلى أن أدركته الوفاة ومرض مرضه الذي مات فيه فرأى نخلة لم يكن في جرجان غيرها فقال :

ألا يا نخلة بالسف

ح من أكناف جرجان

ألا إني وإياك

بجرجان غريبان

ثم مات مع تمام الإنشاد ؛ وقد نسب الأقيشر اليربوعي ، وقيل ابن خزيم ، إليها الخمر فقال :

وصهباء جرجانية لم يطف بها

حنيف ، ولم ينفر بها ساعة قدر

١٢٠