معجم البلدان - ج ٢

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٢

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩

أصابوا لنا ، فوق الدّلوث ، بفيلق

له زجل ترتدّ منه النظائر

دُلُوكُ : بضم أوله ، وآخره كاف : بليدة من نواحي حلب بالعواصم ، كانت بها وقعة لأبي فراس بن حمدان مع الروم ، وقال بعضهم يذكرها :

وإني إن نزلت على دلوك

تركتك غير متصل النظام

وقال عدي بن الرقاع :

أهمّ سرى أم غار للغيث غائر ،

أم انتابنا من آخر الليل زائر

ونحن بأرض قلّ ما يجشم السّرى ،

بها العربيات الحسان الحرائر

كثير بها الأعداء ، يحصر دونها

بريد الإمام المستحثّ المثابر

فقلت لها : كيف اهتديت ودوننا

دلوك وأشراف الجبال القواهر

وجيحان ، جيحان الجيوش ، وآلس

وحزم خزازى والشعوب القواسر

دُلَيْجانُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه : بليدة بنواحي أصبهان ، ويقال دليكان ، ينسب إليها جماعة ، منهم: أبو العباس أحمد بن الحسين بن المطهر الدليجاني يعرف بالخطيب وبناته أمّ الوليد ولامعة وضوء الصباح ، سمعن الحديث وروينه.

باب الدال والميم وما يليهما

دَمَا : بفتح أوله ، وتخفيف ثانيه : بلدة من نواحي عمان ، وقيل : مدينة تذكر مع دبا ، كانت من أسواق العرب المشهورة ، منها أبو شداد ، قال : جاءنا كتاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلّم ، في قطعة من أديم إلى عمان ، روى عنه عبد العزيز بن زياد الخبطي.

دُمَّا : بضم أوله ، وتشديد الميم ممالة : موضع تحت بغداد أسفل من كلواذا وناحية أخرى تحت جرجرايا.

الدِّماج : بكسر أوله ، وآخره جيم ، قال العمراني : موضع ذكره الحطيئة فيه نظر.

دُماحُ : موضع في قول جرير :

تقول العاذلات : علاك شيب ،

أهذا الشيب يمنعني مراحي؟

يكلّفني فؤادي ، من هواه ،

ظعائن يجتزعن على دماح (١)

ظعائن لم يدنّ مع النصارى ،

ولا يدرين ما سمك القراح

الدِّماخُ : بكسر أوله ، وآخره خاء معجمة : جبال بنجد ، ويقال أثقل من دمخ الدماخ ، قيل : هو جبل من جبال ضخام في حمى ضريّة ، فالدماخ اسم لتلك الجبال ، ودمخ مضاف إليها ، وقال الأصمعي في قول النابغة :

وأبلغ بني ذبيان أن لا أخا لهم

بعبس ، إذا حلّوا الدماخ فأظلما

يجمع كلون الأعبل الجون لونه ،

ترى في نواحيه زهيرا وحذيما

هم يردون الموت عند لقائه ،

إذا كان ورد الموت لا بدّ أكرما

وروى ثعلب قول الحطيئة :

إن الرّزية ، لا أبا لك ، هالك

بين الدّماخ وبين دارة منزر

__________________

(١) في ديوان جرير : على رماح

٤٦١

دماخ ، بضم الدال والخاء معجمة ، وقال أبو زياد : دماخ جبال أعظمها دمخ وهي أوطان عمرو بن كلاب ، لم يدخل مع عمرو بن كلاب في دماخ أحد إلا حلفاؤهم من عادية بجبيلة ، قال : وهي دماخ أوشال ، منها وشلان لا يؤبيان كلاهما يسقى به النّعم ، وأوشال سوى ذلك لا يسقي بها الناس شاءهم ولا يقدر عليها النعم ، أما الذي يمنع النعم منها فصعوبة الجبل ، وأما الذي يمنع الشاء فالأباء لأنها تشرب بها الأروى وإذا شربت منه النعم في مشارب الأروى وشمّت أبعارها أخذها داء الأباء فقتلها وإنما يضرّ بالمعزى ، وأما الضأن فلا يكاد يضرّها. ودمخ : جبل فنسب إليه بما حوله ، وقال أبو عبيدة : الدماخ وأظلم جبلان ، قال أبو منصور : قال ثعلب عن ابن الأعرابي الدّمخ الشّدخ ، قال : ولم أسمعه لغيره.

دُماطُ : قرية بمصر من كورة الغربية.

دَمامِين : بفتح أوله ، وبعد الألف ميم أخرى مكسورة ، وياء تحتها نقطتان ، ونون : قرية كبيرة بالصعيد شرقي النيل على شاطئه فوق قوص ، وعليها بساتين ونخل كثير.

دُمانِس : مدينة من نواحي تفليس بأرمينية يجلب منها الإبريسم ، قال أبو القاسم : أخبرني به رجل منها.

دُماوَنْد : لغة في دنباوند ودباوند : جبل قرب الري وكورة.

دَمْحٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره حاء مهملة : جبل في ديار عمرو بن كلاب ، قال طهمان :

كفى حزنا أني تطاللت كي أرى

ذرى قلّتي دمح كما تريان

ويوم دمح : من أيام العرب ، هكذا رواه الحازمي بالحاء المهملة وما أراه إلا خطأ ، وصوابه بالخاء المعجمة ، كذا ذكره الأزهري والجوهري والسكّري وغيرهم ، ويقال : دمّح ودبّح إذا طأطأ رأسه ، وليس فيه غيرها.

دَمْخٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره خاء معجمة : اسم جبل كان لأهل الرّسّ مصعده في السماء ميل ، وقيل : جبل لبني نفيل بن عمرو بن كلاب فيه أوشال كثيرة لا تكاد تؤتى من أن يكون فيها ماء ، قال : بركنه أركان دمخ لا تقر وقد ذكرت لغته في الدماخ ، وقال طهمان بن عمرو الدارمي :

ألا يا أسلما بالبئر من أمّ واصل ،

ومن أمّ جبر أيها الطّللان!

وهل يسلم الرّبعان يأتي عليهما ،

صباح مساء ، نائب الحدثان؟

ألا هزئت مني بنجران ، إذ رأت

عثاري ، في الكبلين ، أمّ أبان

كأن لم تر قبلي أسيرا مكبّلا ،

ولا رجلا يرمي به الرّجوان

عذرتك يا عيني الصحيحة والبكا ،

فما لك يا عوراء والهملان؟

كفى حزنا أني تطاللت كي أرى

ذرى قلّتي دمخ كما تريان

كأنهما ، والآل يجري عليهما

من البعد ، عينا برقع خلقان

ألا حبّذا ، والله لو تعلمانه ،

ظلالكما يا أيها العلمان

وماؤكما العذب الذي لو وردته ،

وبي نافض حمّى ، إذا لشفاني

٤٦٢

وإنّي والعبسيّ ، في أرض مذحج ،

غريبان شتّى الدار مختلفان

غريبان مجفوّان ، أكثر همّنا

وجيف مطايانا بكل مكان

فمن ير ممسانا وملقى ركابنا ،

من الناس ، يعلم أننا سبعان

خليليّ ليس الرأي في صدر واحد ،

أشيرا عليّ اليوم ما تريان؟

أأركب صعب الأمر ، إنّ ذلوله

بنجران لا يرجى لحين أوان

وما كان غضّ الطرف منا سجيّة ،

ولكننا في مذحج غربان

وقال آخر :

أمغتربا أصبحت في رامهرمز؟

نعم كلّ نجديّ هناك غريب

فيا ليت شعري! هل أسيرنّ مصعدا ،

ودمخ لأعضاد المطيّ جنيب

دَمْدَمُ : بدالين على وزن زمزم بزايين في شعر أميّة حيث قال :

ولطت حجاب البيت من دون أهلها ،

تغيّب عنهم في صحاريّ دمدم

قال الحازمي : نقلته من خط السيرافي ، قال : لطت سترت ، ودمدم : موضع.

دُمَّرٌ : عقبة دمّر مشرفة على غوطة دمشق ، لها ذكر في حديث الإسكندر وغيره ، وهي من جهة الشمال في طريق بعلبكّ.

دَمْسيس : بالفتح ثم السكون ، وسينين مهملتين بينهما ياء مثناة : قرية من قرى مصر ، بينها وبين سمنّود أربعة فراسخ ، وبينها وبين برا فرسخان ، يضاف إليها كورة فيقال كورة دمسيس ومنوف.

دِمَشْقُ الشّام : بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، هكذا رواه الجمهور ، والكسر لغة فيه ، وشين معجمة ، وآخره قاف : البلدة المشهورة قصبة الشام ، وهي جنة الأرض بلا خلاف لحسن عمارة ونضارة بقعة وكثرة فاكهة ونزاهة رقعة وكثرة مياه ووجود مآرب ، قيل : سميت بذلك لأنهم دمشقوا في بنائها أي أسرعوا ، وناقة دمشق ، بفتح الدال وسكون الميم : سريعة ، وناقة دمشقة اللحم : خفيفة ، قال الزّفيان :

وصاحبي ذات هباب دمشق

قال صاحب الزيج : دمشق طولها ستون درجة ، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة ونصف ، وهي في الإقليم الثالث ، وقال أهل السير : سمّيت دمشق بدماشق بن قاني بن مالك بن أرفخشد بن سام بن نوح ، عليه السلام ، فهذا قول ابن الكلبي ، وقال في موضع آخر : ولد يقطان بن عامر سالف وهم السلف وهو الذي بنى قصبة دمشق ، وقيل : أول من بناها بيوراسف ، وقيل : بنيت دمشق على رأس ثلاثة آلاف ومائة وخمس وأربعين سنة من جملة الدهر الذي يقولون إنه سبعة آلاف سنة ، وولد إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، بعد بنائها بخمس سنين ، وقيل : إن الذي بنى دمشق جيرون بن سعد بن عاد بن إرم ابن سام بن نوح ، عليه السلام ، وسماها إرم ذات العماد ، وقيل : إن هودا ، عليه السلام ، نزل دمشق وأسس الحائط الذي في قبلي جامعها ، وقيل : إن العازر غلام إبراهيم ، عليه السلام ، بنى دمشق وكان حبشيّا وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج إبراهيم من النار ، وكان يسمّى الغلام دمشق فسماها باسمه ،

٤٦٣

وكان إبراهيم ، عليه السلام ، قد جعله على كلّ شيء له ، وسكنها الروم بعد ذلك ، وقال غير هؤلاء : سميت بدماشق بن نمرود بن كنعان وهو الذي بناها ، وكان معه إبراهيم ، كان دفعه إليه نمرود بعد أن نجّى الله تعالى إبراهيم من النار ، وقال آخرون : سميت بدمشق بن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، وهو أخو فلسطين وأيلياء وحمص والأردنّ ، وبنى كلّ واحد موضعا فسمي به ، وقال أهل الثقة من أهل السير : إن آدم ، عليه السلام ، تكان ينزل في موضع يعرف الآن ببيت انات وحوّاء في بيت لهيا وهابيل في مقرى ، وكان صاحب غنم ، وقابيل في قنينة ، وكان صاحب زرع ، وهذه المواضع حول دمشق ، وكان في الموضع الذي يعرف الآن بباب الساعات عند الجامع صخرة عظيمة يوضع عليها القربان فما يقبل منه تنزل نار تحرقه وما لا يقبل بقي على حاله ، فكان هابيل قد جاء بكبش سمين من غنمه فوضعه على الصخرة فنزلت النار فأحرقته ، وجاء قابيل بحنطة من غلّته فوضعها على الصخرة فبقيت على حالها ، فحسد قابيل أخاه وتبعه إلى الجبل المعروف بقاسيون المشرف على بقعة دمشق وأراد قتله ، فلم يدر كيف يصنع فأتاه إبليس فأخذ حجرا وجعل يضرب به رأسه فلما رآه أخذ حجرا فضرب به رأس أخيه فقتله على جبل قاسيون ، وأنا رأيت هناك حجرا عليه شيء كالدم يزعم أهل الشام أنه الحجر الذي قتله به ، وأن ذلك الاحمرار الذي عليه أثر دم هابيل ، وبين يديه مغارة تزار حسنة يقال لها مغارة الدم ، لذلك رأيتها في لحف الجبل الذي يعرف بجبل قاسيون.

وقد روى بعض الأوائل أن مكان دمشق كان دارا لنوح ، عليه السلام ، ومنشأ خشب السفينة من جبل لبنان وأنّ ركوبه في السفينة كان من عين الجرّ من ناحية البقاع ، وقد روي عن كعب الأحبار : أن أوّل حائط وضع في الأرض بعد الطوفان حائط دمشق وحرّان ، وفي الأخبار القديمة عن شيوخ دمشق الأوائل : أن دار شدّاد بن عاد بدمشق في سوق التين يفتح بابها شأما إلى الطريق وأنه كان يزرع له الريحان والورد وغير ذلك فوق الأعمدة بين القنطرتين قنطرة دار بطّيخ وقنطرة سوق التين ، وكانت يومئذ سقيفة فوق العمد ، وقال أحمد بن الطيب السرخسي : بين بغداد ودمشق مائتان وثلاثون فرسخا.

وقالوا في قول الله عز وجل : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) ، قال : هي دمشق ذات قرار وذات رخاء من العيش وسعة ومعين كثيرة الماء ، وقال قتادة في قول الله عز وجل والتين قال : الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الجبل الذي عليه بيت المقدس ، وطور سينين : شعب حسن ، وهذا البلد الأمين : مكة ، وقيل : إرم ذات العماد دمشق ، وقال الأصمعي : جنان الدنيا ثلاث : غوطة دمشق ونهر بلخ ونهر الأبلّة ، وحشوش الدنيا ثلاثة : الأبلّة وسيراف وعمان ، وقال أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر الأديب : جنان الدنيا أربع : غوطة دمشق وصغد سمرقند وشعب بوّان وجزيرة الأبلّة ، وقد رأيتها كلها وأفضلها دمشق ، وفي الأخبار : أنّ إبراهيم ، عليه السلام ، ولد في غوطة دمشق في قرية يقال لها برزة في جبل قاسيون ، وعن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : إنّ عيسى ، عليه السلام ، ينزل عند المنارة البيضاء من شرقي دمشق ، ويقال : إنّ المواضع الشريفة بدمشق التي يستجاب فيها الدعاء مغارة الدم في جبل قاسيون ،

٤٦٤

ويقال : إنها كانت مأوى الأنبياء ومصلّاهم ، والمغارة التي في جبل النّيرب يقال : إنها كانت مأوى عيسى ، عليه السلام ، ومسجدا إبراهيم ، عليه السلام ، أحدهما في الأشعريّين والآخر في برزة ، ومسجد القديم عند القطيعة ، ويقال : إن هنا قبر موسى ، عليه السلام ، ومسجد باب الشرقي الذي قال النبي ، صلى الله عليه وسلّم : إن عيسى ، عليه السلام ، ينزل فيه ، والمسجد الصغير الذي خلف جيرون يقال إنّ يحيى بن زكرياء ، عليه السلام ، قتل هناك ، والحائط القبلي من الجامع يقال إنه بناه هود ، عليه السلام ، وبها من قبور الصحابة ودورهم المشهورة بهم ما ليس في غيره من البلدان ، وهي معروفة إلى الآن.

قال المؤلف : ومن خصائص دمشق التي لم أر في بلد آخر مثلها كثرة الأنهار بها وجريان الماء في قنواتها ، فقلّ أن تمرّ بحائط إلّا والماء يخرج منه في أنبوب إلى حوض يشرب منه ويستقي الوارد والصادر ، وما رأيت بها مسجدا ولا مدرسة ولا خانقاها إلّا والماء يجري في بركة في صحن هذا المكان ويسحّ في ميضأة ، والمساكن بها عزيزة لكثرة أهلها والساكنين بها وضيق بقعتها ، ولها ربض دون السور محيط بأكثر البلد يكون في مقدار البلد نفسه ، وهي في أرض مستوية تحيط بها من جميع جهاتها الجبال الشاهقة ، وبها جبل قاسيون ليس في موضع من المواضع أكثر من العبّاد الذين فيه ، وبها مغاور كثيرة وكهوف وآثار للأنبياء والصالحين لا توجد في غيرها ، وبها فواكه جيدة فائقة طيبة تحمل إلى جميع ما حولها من البلاد من مصر إلى حرّان وما يقارب ذلك فتعمّ الكل ، وقد وصفها الشعراء فأكثروا ، وأنا أذكر من ذلك نبذة يسيرة ، وأما جامعها فهو الذي يضرب به المثل في حسنه ، وجملة الأمر أنه لم توصف الجنة بشيء إلا وفي دمشق مثله ، ومن المحال أن يطلب بها شيء من جليل أعراض الدنيا ودقيقها إلا وهو فيها أوجد من جميع البلاد ، وفتحها المسلمون في رجب سنة ١٤ بعد حصار ومنازلة ، وكان قد نزل على كلّ باب من أبوابها أمير من المسلمين فصدمهم خالد بن الوليد من الباب الشرقي حتى افتتحها عنوة ، فأسرع أهل البلد إلى أبي عبيدة بن الجرّاح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة ، وكان كل واحد منهم على ربع من الجيش ، فسألوهم الأمان فأمنوهم وفتحوا لهم الباب ، فدخل هؤلاء من ثلاثة أبواب بالأمان ، ودخل خالد من الباب الشرقي بالقهر ، وملكوهم وكتبوا إلى عمر ابن الخطاب ، رضي الله عنه ، بالخبر وكيف جرى الفتح ، فأجراها كلها صلحا.

وأما جامعها فقد وصفه بعض أهل دمشق فقال : هو جامع المحاسن كامل الغرائب معدود إحدى العجائب ، قد زوّر بعض فرشه بالرخام وألّف على أحسن تركيب ونظام ، وفوق ذلك فصّ أقداره متفقة وصنعته مؤتلفة ، بساطه يكاد يقطر ذهبا ويشتعل لهبا ، وهو منزه عن صور الحيوان إلى صنوف النبات وفنون الأغصان لكنها لا تجنى إلا بالأبصار ولا يدخل عليها الفساد كما يدخل على الأشجار والثمار بل باقية على طول الزمان مدركة بالعيان في كلّ أوان ، لا يمسها عطش مع فقدان القطر ولا يعتريها ذبول مع تصاريف الدهر ، وقالوا : عجائب الدنيا أربع : قنطرة سنجة ومنارة الإسكندرية وكنيسة الرّها ومسجد دمشق ، وكان قد بناه الوليد بن عبد الملك بن مروان ، وكان ذا همّة في عمارة المساجد ، وكان الابتداء بعمارته في سنة ٨٧ ، وقيل سنة ٨٨ ، ولما أراد بناءه جمع نصارى دمشق وقال لهم : إنّا نريد أن نزيد في مسجدنا كنيستكم ، يعني كنيسة يوحنا ، ونعطيكم

٤٦٥

كنيسة حيث شئتم وإن شئتم أضعفنا لكم الثمن ، فأبوا وجاءوا بكتاب خالد بن الوليد والعهد وقالوا : إنّا نجد في كتبنا أنه لا يهدمها أحد إلا خنق ، فقال لهم الوليد : فأنا أول من يهدمها ، فقام وعليه قباء أصفر فهدم وهدم الناس ثم زاد في المسجد ما أراده واحتفل في بنائه بغاية ما أمكنه وسهل عليه إخراج الأموال وعمل له أربعة أبواب : في شرقيه باب جيرون وفي غربيه باب البريد وفي القبلة باب الزيادة وباب الناطفانيين مقابله وباب الفراديس في دبر القبلة ، وذكر غيث بن علي الأرمنازي في كتاب دمشق على ما حدثني به الصاحب جمال الدين الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني ، أدام الله أيامه : أن الوليد أمر أن يستقصى في حفر أساس حيطان الجامع ، فبينما هم يحفرون إذ وجدوا حائطا مبنيّا على سمت الحفر سواء فأخبروا الوليد بذلك وعرّفوه إحكام الحائط واستأذنوه في البنيان فوقه ، فقال : لا أحب إلا الإحكام واليقين فيه ولست أثق بإحكام هذا الحائط حتى تحفروا في وجهه إلى أن تدركوا الماء فإن كان محكما مرضيّا فابنوا عليه وإلا استأنفوه ، فحفروا في وجه الحائط فوجدوا بابا وعليه بلاطة من حجر مانع وعليها منقور كتابة ، فاجتهدوا في قراءتها حتى ظفروا بمن عرّفهم أنه من خط اليونان وأن معنى تلك الكتابة ما صورته : لما كان العالم محدثا لاتصال أمارات الحدوث به وجب أن يكون له محدث لهؤلاء كما قال ذو السنين وذو اللحيين فوجدت عبادة خالق المخلوقات حينئذ أمر بعمارة هذا الهيكل من صلب ماله محبّ الخير على مضي سبعة آلاف وتسعمائة عام لأهل الأسطوان فإن رأى الداخل إليه ذكر بانيه بخير فعل والسلام ، وأهل الأسطوان : قوم من الحكماء الأول كانوا ببعلبك ، حكى ذلك أحمد بن الطيب السرخسي الفيلسوف ، ويقال : إن الوليد أنفق على عمارته خراج المملكة سبع سنين وحملت إليه الحسبانات بما أنفق عليه على ثمانية عشر بعيرا فأمر بإحراقها ولم ينظر فيها وقال : هو شيء أخرجناه لله فلم نتبعه ، ومن عجائبه أنه لو عاش الإنسان مائة سنة وكان يتأمله كل يوم لرأى فيه كل يوم ما لم يره في سائر الأيام من حسن صنائعه واختلافها ، وحكي أنه بلغ ثمن البقل الذي أكله الصنّاع فيه ستة آلاف دينار ، وضج الناس استعظاما لما أنفق فيه وقالوا : أخذ بيوت أموال المسلمين وأنفقها فيما لا فائدة لهم فيه ، قال : فخاطبهم وقال بلغني أنكم تقولون وتقولون وفي بيت مالكم عطاء ثماني عشرة سنة إذا لم تدخل لكم فيها حبة قمح ، فسكت الناس ، وقيل : إنه عمل في تسع سنين ، وكان فيه عشرة آلاف رجل في كل يوم يقطعون الرخام ، وكان فيه ستمائة سلسلة ذهب ، فلما فرغ أمر الوليد أن يسقّف بالرصاص فطلب من كل البلاد وبقيت قطعة منه لم يوجد لها رصاص إلا عند امرأة وأبت أن تبيعه إلا بوزنه ذهبا فقال : اشتروه منها ولو بوزنه مرتين ، ففعلوا فلما قبضت الثمن قالت : إني ظننت أن صاحبكم ظالم في بنائه هذا ، فلما رأيت إنصافه فأشهدكم أنه لله! وردّت الثمن ، فلما بلغ ذلك إلى الوليد أمر أن يكتب على صفائح المرأة لله ولم يدخله فيما كتب عليه اسمه ، وأنفق على الكرمة التي في قبلته سبعين ألف دينار ، وقال موسى بن حمّاد البربري : رأيت في مسجد دمشق كتابة بالذهب في الزجاج محفورا سورة : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) إلى آخرها ، ورأيت جوهرة حمراء ملصقة في القاف التي في قوله تعالى : (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) ، فسألت عن ذلك : فقيل لي إنه كانت للوليد بنت وكانت هذه الجوهرة لها فماتت فأمرت أمها أن تدفن

٤٦٦

هذه الجوهرة معها في قبرها ، فأمر الوليد بها فصيرت في قاف المقابر من : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) ، ثم حلف لأمها أنه قد أودعها المقابر فسكتت.

وحكى الجاحظ في كتاب البلدان قال : قال بعض السلف ما يجوز أن يكون أحد أشدّ شوقا إلى الجنة من أهل دمشق لما يرونه من حسن مسجدهم ، وهو مبنيّ على الأعمدة الرخام طبقتين ، الطبقة التحتانية أعمدة كبار والتي فوقها صغار في خلال ذلك صورة كلّ مدينة وشجرة في الدنيا بالفسيفساء الذهب والأخضر والأصفر ، وفي قبليّه القبّة المعروفة بقبة النسر ، ليس في دمشق شيء أعلى ولا أبهى منظرا منها ، ولها ثلاث منائر إحداها ، وهي الكبرى ، كانت ديدبانا للروم وأقرت على ما كانت عليه وصيّرت منارة ، ويقال في الأخبار : إن عيسى ، عليه السلام ، ينزل من السماء عليها ، ولم يزل جامع دمشق على تلك الصورة يبهر بالحسن والتنميق إلى أن وقع فيه حريق في سنة ٤٦١ فأذهب بعض بهجته ، وهذا ما كان في صفته ، قال أبو المطاع بن حمدان في وصف دمشق :

سقى الله أرض الغوطتين وأهلها ،

فلي بجنوب الغوطتين شجون

وما ذقت طعم الماء إلّا استخفني

إلى بردى والنّيربين حنين

وقد كان شكّي في الفراق يروعني ،

فكيف أكون اليوم وهو يقين؟

فو الله ما فارقتكم قاليا لكم ،

ولكنّ ما يقضى فسوف يكون

وقال الصّنوبري :

صفت دنيا دمشق لقاطنيها ،

فلست ترى بغير دمشق دنيا

تفيض جداول البلّور فيها

خلال حدائق ينبتن وشيا

مكللة فواكههنّ أبهى ال

مناظر في مناظرنا وأهيا

فمن تفاحة لم تعد خدّا ،

ومن أترجّة لم تعد ثديا

وقال البحتري :

أمّا دمشق فقد أبدت محاسنها ،

وقد وفى لك مطريها بما وعدا

إذا أردت ملأت العين من بلد

مستحسن وزمان يشبه البلدا

يمسي السحاب على أجبالها فرقا ،

ويصبح النبت في صحرائها بددا

فلست تبصر إلا واكفا خضلا ،

أو يانعا خضرا أو طائرا غردا

كأنما القيظ ولّى بعد جيئته ،

أو الربيع دنا من بعد ما بعدا

وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الحسين بن النّقّار يمدح دمشق :

سقى الله ما تحوي دمشق وحيّاها ،

فما أطيب اللذات فيها وأهناها!

نزلنا بها واستوقفتنا محاسن

يحنّ إليها كلّ قلب ويهواها

لبسنا بها عيشا رقيقا رداؤه ،

ونلنا بها من صفوة اللهو أعلاها

وكم ليلة نادمت بدر تمامها

تقضّت ، وما أبقت لنا غير ذكراها

فآها على ذاك الزمان وطيبه ،

وقلّ له من بعده قولتي واها!

٤٦٧

فيا صاحبي إمّا حملت رسالة

إلى دار أحباب لها طاب مغناها

وقل ذلك الوجد المبرِّح ثابت ،

وحرمة أيام الصّبا ما أضعناها

فإن كانت الأيام أنست عهودنا ،

فلسنا على طول المدى نتناساها

سلام على تلك المعاهد ، إنها

محطّ صبابات النفوس ومثواها

رعى الله أياما تقضّت بقربها ،

فما كان أحلاها لديها وأمراها!

وقال آخر في ذمّ دمشق :

إذا فاخروا قالوا مياه غزيرة

عذاب ، وللظامي سلاف مورّق

سلاف ولكن السراجين مزجها ،

فشاربها منها الخرا يتنشق

وقد قال قوم جنة الجلد جلّق ،

وقد كذبوا في ذا المقال ومخرقوا

فما هي إلا بلدة جاهليّة ،

بها تكسد الخيرات والفسق ينفق

فحسبهم جيرون فخرا وزينة ،

ورأس ابن بنت المصطفى فيه علّقوا

قال : ولما ولي عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، قال : إني أرى في أموال مسجد دمشق كثرة قد أنفقت في غير حقها فأنا مستدرك ما استدركت منها فردت إلى بيت المال ، أنزع هذا الرخام والفسيفساء وأنزع هذه السلاسل وأصيّر بدلها حبالا ، فاشتدّ ذلك على أهل دمشق حتى وردت عشرة رجال من ملك الروم إلى دمشق فسألوا أن يؤذن لهم في دخول المسجد ، فأذن لهم أن يدخلوا من باب البريد ، فوكل بهم رجلا يعرف لغتهم ويستمع كلامهم وينهي قولهم إلى عمر من حيث لا يعلمون ، فمروا في الصحن حتى استقبلوا القبلة فرفعوا رؤوسهم إلى المسجد فنكس رئيسهم رأسه واصفرّ لونه ، فقالوا له في ذلك فقال : إنّا كنّا معاشر أهل رومية نتحدث أن بقاء العرب قليل فلما رأيت ما بنوا علمت أن لهم مدّة لا بدّ أن يبلغوها ، فلما أخبر عمر بن عبد العزيز بذلك قال : إني أرى مسجدكم هذا غيظا على الكفار ، وترك ما همّ به ، وقد كان رصّع محرابه بالجواهر الثمينة وعلّق عليه قناديل الذهب والفضة.

وبدمشق من الصحابة والتابعين وأهل الخير والصلاح الذين يزارون في ميدان الحصى ، وفي قبلي دمشق قبر يزعمون أنه قبر أمّ عاتكة أخت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وعنده قبر يروون أنه قبر صهيب الرومي وأخيه ، والمأثور أن صهيبا بالمدينة ، وأيضا بها مشهد التاريخ في قبلته قبر مسقوف بنصفين وله خبر مع عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وفي قبلي الباب الصغير قبر بلال بن حمامة وكعب الأحبار وثلاث من أزواج النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، وقبر فضّة جارية فاطمة ، رضي الله عنها ، وأبي الدرداء وأمّ الدرداء وفضالة بن عبيد وسهل بن الحنظليّة وواثلة ابن الأسقع وأوس بن أوس الثقفي وأمّ الحسن بنت جعفر الصادق ، رضي الله عنه ، وعليّ بن عبد الله بن العباس وسلمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس وزوجته أم الحسن بنت عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وخديجة بنت زين العابدين وسكينة بنت الحسين ، والصحيح أنها بالمدينة ، ومحمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، وبالجابية قبر أويس القرني ، وقد زرناه بالرّقّة ، وله مشهد بالإسكندرية وبديار بكر

٤٦٨

والأشهر الأعرف أنه بالرقة لأنه قتل فيما يزعمون مع عليّ بصفّين ، ومن شرقي البلد قبر عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب ، وهذه القبور هكذا يزعمون فيها ، والأصحّ الأعرف الذي دلّت عليه الأخبار أن أكثر هؤلاء بالمدينة مشهورة قبورهم هناك ، وكان بها من الصحابة والتابعين جماعة غير هؤلاء ، قيل إن قبورهم حرثت وزرعت في أول دولة بني العباس نحو مائة سنة فدرست قبورهم فادّعى هؤلاء عوضا عما درس ، وفي باب الفراديس مشهد الحسين بن عليّ ، رضي الله عنهما ، وبظاهر المدينة عند مشهد الخضر قبر محمد بن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، رضي الله عنه ، وبدمشق عمود العسر في العليين يزعمون أنهم قد خرّبوه وعمود آخر عند الباب الصغير في مسجد يزار وينذر له ، وبالجامع من شرقيه مسجد عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، ومشهد عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، ومشهد الحسين وزين العابدين ، وبالجامع مقصورة الصحابة وزاوية الخضر ، وبالجامع رأس يحيى بن زكرياء ، عليه السلام ، ومصحف عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، قالوا إنه خطه بيده ، ويقولون إن قبر هود ، عليه السلام ، في الحائط القبلي ، والمأثور أنه بحضرموت ، وتحت قبة النسر عمودان مجزّعان زعموا أنهما من عرش بلقيس ، والله أعلم ، والمنارة الغربية بالجامع هي التي تعبّد فيها أبو حامد الغزّالي وابن تومرت ملك الغرب ، قيل إنها كانت هيكل النار وإن ذؤابة النار تطلع منها ، وسجد لها أهل حوران ، والمنارة الشرقية يقال لها المنارة البيضاء التي ورد أن عيسى بن مريم ، عليه السلام ، ينزل عليها ، وبها حجر يزعمون أنه قطعة من الحجر الذي ضربه موسى بن عمران ، عليه السلام ، فانبجست منه اثنتا عشرة عينا ، ويقال إن المنارة التي ينزل عندها عيسى ، عليه السلام ، هي التي عند كنيسة مريم بدمشق ، وبالجامع قبة بيت المال الغربية يقال إن فيها قبر عائشة ، رضي الله عنها ، والصحيح أن قبرها بالبقيع ، وعلى باب الجامع المعروف بباب الزيادة قطعة رمح معلّقة يزعمون أنها من رمح خالد ابن الوليد ، رضي الله عنه ، وبدمشق قبر العبد الصالح محمود بن زنكي ملك الشام وكذلك قبر صلاح الدين يوسف بن أيوب بالكلاسة في الجامع.

وأما المسافات بين دمشق وما يجاورها فمنها إلى بعلبكّ يومان وإلى طرابلس ثلاثة أيام وإلى بيروت ثلاثة أيام وإلى صيدا ثلاثة أيام وإلى أذرعات أربعة أيام وإلى أقصى الغوطة يوم واحد وإلى حوران والبثنيّة يومان وإلى حمص خمسة أيام وإلى حماة ستة أيام وإلى القدس ستة أيام وإلى مصر ثمانية عشر يوما وإلى غزّة ثمانية أيام وإلى عكا أربعة أيام وإلى صور أربعة أيام وإلى حلب عشرة أيام ، وممن ينسب إليها من أعيان المحدّثين عبد العزيز بن أحمد ابن محمد بن سلمان بن إبراهيم بن عبد العزيز أبو محمد التميمي الدمشقي الكناني الصوفي الحافظ ، سمع الكثير وكتب الكثير ورحل في طلب الحديث ، وسمع بدمشق أبا القاسم صدقة بن محمد بن محمد القرشي وتمّام بن محمد وأبا محمد بن أبي نصر وأبا نصر محمد بن أحمد بن هارون الجندي وعبد الوهاب ابن عبد الله بن عمر المرّي وأبا الحسين عبد الوهاب ابن جعفر الميداني وغيرهم ، ورحل إلى العراق فسمع محمد بن مخلّد وأبا عليّ بن شاذان وخلقا سواهم ، ونسخ بالموصل ونصيبين ومنبج كثيرا ، وجمع جموعا ، وروى عنه أبو بكر الخطيب وأبو نصر الحميدي وأبو القاسم النسيب وأبو محمد الأكفاني

٤٦٩

وأبو القاسم بن السمرقندي وغيرهم ، وكان ثقة صدوقا ، قال ابن الأكفاني : ولد شيخنا عبد العزيز بن الكناني في رجب سنة ٣٨٩ ، وبدأ بسماع الحديث في سنة ٤٠٧ ، ومات في سنة ٤٦٦ ، وقد خرّج عنه الخطيب في عامّة مصنفاته ، وهو يقول : حدثني عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي ، وأبو زرعة عبد الرحمن ابن عمرو بن عبد الله بن صفوان بن عمرو البصري الدمشقي الحافظ المشهور شيخ الشام في وقته ، رحل وروى عن أبي نعيم وعفان ويحيى بن معين وخلق لا يحصون ، وروى عنه من الأئمة أبو داود السجستاني وابنه أبو بكر بن أبي داود وأبو القاسم بن أبي العقب الدمشقي وعبدان الأوزاعي ويعقوب بن سفيان الفسوي ، ومات سنة ٢٨١ ، وينسب إليها من لا يحصى من المسلمين ، وألّف لها الحافظ ابن عساكر تاريخا مشهورا في ثمانين مجلدة ، وممن اشتهر بذلك فلا يعرف إلا بالدمشقي ، يوسف بن رمضان بن بندار أبو المحاسن الدمشقي الفقيه الشافعي ، كان أبوه قرقوبيّا من أهل مراغة ، وولد يوسف بدمشق وخرج منها بعد البلوغ إلى بغداد ، وصحب أسعد الميهني وأعاد له بعض دروسه ، ثم ولي تدريس النظامية ببغداد مدّة وبنيت له مدرسة بباب الأزج ، وكان يذكر فيها الدرس ، ومدرسة أخرى عند الطّيوريّين ورحبة الجامع ، وانتهت إليه رياسة أصحاب الشافعي ببغداد في وقته ، وحدث بشيء يسير عن أبي البركات هبة الله بن أحمد البخاري وأبي سعد إسماعيل بن أبي صالح ، وعقد مجلس التذكير ببغداد ، وأرسله المستنجد إلى شملة أمير الأشتر من قهستان ، فأدركته وفاته وهو في الرسالة في السادس والعشرين من شوال سنة ٥٦٣.

دِمَشْقِين : مثل جمع دمشق جمع تصحيح : من قرى مصر في الفيوم ، بها بصل كالبطيخ لا حرافة فيه ، وحدثني من دخلها أنه شقّ بصلة وأخرج وسطها فكانت كالصّحفة فأخذ فيها لبنا وأكله بها.

الدِّمْعَانَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، والعين مهملة ، وبعد الألف نون : ماء لبني بحر من بني زهير بن جنّاب الكلبيّين بالشام.

دِمَقْرَاتُ : بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، وسكون القاف ، وراء مهملة ، وآخره تاء : قرية كبيرة مشهورة في الصعيد الأعلى قرب إسنا ، وقد ذكرت ، وهي على غربي النيل ، وجميع أهلها نصارى ، وفيها نخل وكروم كثيرة.

دِمَقْشُ : بوزن دمشق ، إلّا أن القاف مقدّم على الشين : من قرى مصر في الغربية.

دُمْقُلةُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وضم قافه ، ويروى بفتح أوله وثالثه أيضا : مدينة كبيرة في بلاد النوبة ، وإذا استقبلت الغرب كانت على يسارك في الجنوب ، وهي منزلة ملك النوبة على شاطئ النيل ، ولها أسوار عالية لا ترام مبنية بالحجارة ، وطول بلادها على النيل مسيرة ثمانين ليلة ، غزاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح في سنة ٣١ في خلافة عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وأصيبت يومئذ عين معاوية بن حديج ، وقاتلهم قتالا شديدا ثم سألوه الهدنة فهادنهم الهدنة الباقية إلى الآن ، وقال شاعر المسلمين :

لم تر عيني مثل يوم دمقله

والخيل تعدو بالدروع مثقلة

وقال يزيد بن أبي حبيب : ليس من أهل مصر والأساود عهد إنما هو أمان بعضنا من بعض نعطيهم شيئا من قمح وعدس ويعطوننا دقيقا ، قال ابن لهيعة : وسمعت يزيد بن أبي حبيب يقول كان أبي من

٤٧٠

سبي دمقلة ، والله أعلم.

الدُّمْلُوَةُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وضم اللام ، وفتح الواو : حصن عظيم باليمن كان يسكنه آل زريع المتغلبون على تلك النواحي ، قال ابن الدمينة : جبل الصّلو جبل أبي المعلّس ، فيه قلعة أبي المعلّس التي تسمى الدملوة ، تطلع بسلمين ، في السلّم الأسفل منهما أربعة عشر ضلعا والثاني فوق ذلك أربعة عشر ضلعا ، بينهما المطبق ، وبيت الحرس على المطبق بينهما ، ورأس القلعة يكون أربعمائة ذراع في مثلها ، فيه المنازل والدور وفيه شجرة تدعى الكهملة تظلل مائة رجل ، وهي أشبه الشجر بالشّمار ، وفيها مسجد جامع فيه منبر ، وهذه القلعة بثنية من جبل الصلو ، يكون سمكها وحدها من ناحية الجبل الذي هو منفرد منه مائة ذراع عن جنوبيها وهي عن شرقيها من حدره إلى رأس القلعة مسير سدس يوم ساعتين ، وكذلك هي من شمالها مما يلي وادي الجنّات وسوق الجرّة ، ومن غربيها بالضعف مما هي في يمانيها في السمك ، مربط خيل صاحبها وحصنه في الجبل هي منفردة منه ، أعني الصلو ، بينهما غلوة سهم ، ومنهلها الذي يشرب منه أهل القلعة مع السّلّم الأسفل عين ماء عذب خفيف غذي لا يعدوه وفيه كفايتهم ، وباب القلعة في شمالها ، وفي رأس القلعة بركة لطيفة ، ومياه هذه القلعة تهبط إلى وادي الجنات من شماليها ، وقال محمد بن زياد المازني يمدح أبا السعود بن زريع :

يا ناظري قل لي تراه كما هوه ،

إني لأحسبه تقمّص لؤلؤه

ما إن نظرت بزاخر في شامخ ،

حتى رأيتك جالسا في الدّملوه

دَمٌ : مضاف إليه ذو في شعر كثيّر حيث قال :

أقول وقد جاوزن أعلام ذي دم

وذي وجمى ، أو دونهن الدّوانك

دِمِمَّا : بكسر أوله وثانيه : قرية كبيرة على الفرات قرب بغداد عند الفلوجة ، ينسب إليها جماعة من أهل الحديث وغيرهم ، منهم : أبو البركات محمد بن محمد ابن رضوان الدممي صاحب محمد التميمي ، سمع أبا عليّ شاذان ، روى عنه أبو القاسم بن السمرقندي ، توفي سنة ٤٩٣ في رجب.

دَمِنْدانُ : مدينة كبيرة بكرمان واسعة ، وبها أكثر المعادن معدن الحديد والنحاس والذهب والفضة والنوشاذر والتوتيا ، ومعدنه بجبل يقال له دنباوند شاهق ، ارتفاعه ثلاثة فراسخ ، بالقرب من مدينة يقال لها جواشير على سبعة فراسخ منها ، وفي هذا الجبل كهف عظيم مظلّ يسمع من داخله دويّ خرير من خرير الماء ، ويرتفع منه بخار مثل الدخان فيلصق حواليه ، فإذا كثف وكثر خرج إليه أهل المدينة وما قاربها فيقلع في كل شهر أو شهرين ، وقد وكل السلطان به قوما حتى إذا اجتمع كله أخذ السلطان الخمس وأخذ أهل البلد باقيه فاقتسموه بينهم على سهام قد تراضوا بها ، فهو النوشاذر الذي يحمل إلى الآفاق ، هذا كله منقول من كتاب ابن الفقيه.

دَمَنْش : كذا وجدت صورة ما ينسب إليه : الحسين ابن عليّ أبو عليّ المقري المعروف بابن الدّمنشي ، ذكره الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق وقال : سمع أبا الحسن بن أبي الحديد ، قال : وبلغني أنه كان رافضيّا ، وهو الذي سعى بأبي بكر الخطيب إلى أمير الجيوش ، وقال : هو ناصبيّ يروي أخبار الصحابة وخلفاء بني العباس في الجامع ، وكان ذلك

٤٧١

سبب إخراج أبي بكر الخطيب من دمشق.

دَمُنَّش : بتشديد النون : من مدن صقلية على البحر.

دَمَنْهورُ : بفتح أوله وثانيه ثم نون ساكنة ، وهاء ، وواو ساكنة ، وآخره راء مهملة : بلدة بينها وبين الإسكندرية يوم واحد في طريق مصر متوسطة في الصغر والكبر ، رأيتها ، وقد ذكرها أبو هريرة أحمد بن عبد الله المصري في قوله :

شربنا بدمنهور

شراب المزر ممزور

إذا ما صبّ في الكأس

رأيت النور في النور

ويكسو شارب الشا

رب تغليفا بكافور

وقال معلّى الطائي يخاطب عبيد بن السري بن الحكم وقد واقع خالد بن يزيد بن مزيد بدمنهور فهزمه :

فيا من رأى جيشا ملا الأرض فيضه

أطلّ عليهم بالهزيمة واحد

تبوّا دمنهور فدمّر جيشه ،

وعرّد تحت الليل ، والليل راكد

ودمنهور أيضا : قرية يقال لها دمنهور الشهيد ، بينها وبين الفسطاط أميال.

دِمْنُو : بكسر أوله ، وسكون ثانيه : قرية بالصعيد من غربي النيل ، فيها كنيسة عظيمة عند النصارى يجتمعون بها للزيارة.

دَمُّونُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، قال امرؤ القيس :

تطاول الليل علينا دمّون

دمّون إنّا معشر يمانون

وإننا لأهلنا محبّون

قال ابن الحائك : عندل وخودون ودمّون مدن للصدف ، وقال في موضع آخر : وساكن خودون الصدف وساكن دمّون هو الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار ، قال : وكان امرؤ القيس بن حجر قد زاد الصدف إليها ، وفيها يقول :

كأني لم أسمر يدمّون مرة ،

ولم أشهد الغارات يوما بعندل

دَمِيرَةُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وراء مهملة : قرية كبيرة بمصر قرب دمياط ، ينسب إليها أبو تراب عبد الوهاب بن خلف ابن عمرو بن يزيد بن خلف الدميري المعروف بالخفّ ، مات بدميرة سنة ٢٧٠ ، وهما دميرتان إحداهما تقابل الأخرى على شاطئ النيل في طريق من يريد دمياط ، وإليها ينسب الوزير الجليل القدر صفي الدين عبد الله ابن علي بن شكر ، وشكر عمه ، نسب إليه ، كان وزير العادل أبي بكر بن أيوب ملك مصر والشام والجزيرة ثم وزير ولده الملك الكامل ، مات بعد أن أضرّ وهو على ولايته في سنة ٦٢٢ ، ونسب إلى دميرة أيضا أبو غسان مالك بن يحيى بن مالك الدميري ، يروي عن يزيد بن هارون ، روى عنه أبو الحسين محمد ابن علي بن جعفر بن خلّاد بن يزيد التميمي الجوهري ، وأبو العباس محمد بن إسماعيل بن المهلّب الدميري القاضي ، يروي عن جيرون بن عيسى البلوي ، روى عنه أبو الحسن بن جهضم الصوفي.

دِمْيَاطُ : مدينة قديمة بين تنّيس ومصر على زاوية بين بحر الروم الملح والنيل ، مخصوصة بالهواء الطيب وعمل ثياب الشرب الفائق ، وهي ثغر من ثغور الإسلام ، جاء في الحديث عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أنه قال : قال رسول الله ، صلى الله

٤٧٢

عليه وسلم : يا عمر إنه سيفتح على يديك بمصر ثغران الإسكندرية ودمياط ، فأما الإسكندرية فخرابها من البربر ، وأما دمياط فهم صفوة من شهداء من رابطها ليلة كان معي في حظيرة القدس مع النبيّين والشهداء ، ومن شمالي دمياط يصبّ ماء النيل إلى البحر الملح في موضع يقال له الأشتوم ، عرض النيل هناك نحو مائة ذراع ، وعليه من جانبيه برجان بينهما سلسلة حديد عليها حرس لا يخرج مركب إلى البحر الملح ولا يدخل إلّا بإذن ، ومن قبلها خليج يأخذ من بحرها سمت القبلة إلى تنّيس ، وعلى سورها محارس ورباطات ، قال الحسن بن محمد المهلبي : ومن طريف أمر دمياط وتنيس أنّ الحاكة بها الذين يعملون هذه الثياب الرفيعة قبط من سفلة الناس وأوضعهم وأخسهم مطعما ومشربا ، وأكثر أكلهم السمك المملوح والطريّ والصّير المنتن ، وأكثرهم يأكل ولا يغسّل يده ثم يعود إلى تلك الثياب الرفيعة الجليلة القدر فيبطش بها ويعمل في غزولها ثم ينقطع الثوب فلا يشك مقلّبه للابتياع أنه قد بخر بالندّ ، قال : ومن طريف أمر دمياط في قبليّها على الخليج مستعمل فيه غرف تعرف بالمعامل ، يستأجرها الحاكة لعمل ثياب الشرب فلا تكاد تنجب إلّا بها ، فإن عمل بها ثوب وبقي منه شبر ونقل إلى غير هذه المعامل علم بذلك السمسار المبتاع للثوب فينقص من ثمنه لاختلاف جوهر الثوب عليه ، وقال ابن زولاق : يعمل بدمياط القصب البلخي من كل فنّ ، والشرب لا يشارك تنيس في شيء من عملها ، وبينهما مسيرة نصف نهار ، ويبلغ الثوب الأبيض بدمياط وليس فيه ذهب ثلاثمائة دينار ، ولا يعمل بدمياط مصبوغ ولا بتنيس أبيض ، وهما حاضرتا البحر ، وبهما من صيد السمك والطير والحيتان ما ليس في بلد ، وأخبرني بعض وجوه التجار وثقاتهم أنه بيع في سنة ٣٩٨ حلّتان دمياطيتان بثلاثة آلاف دينار ، وهذا مما لم يسمع بمثله في بلد ، وبها الفرش القلموني من كل لون المعلم والمطرّز ومناشف الأبدان والأرجل ، وتتحف لجميع ملوك الأرض ، وفي أيام المتوكل سنة ٢٣٨ وولاية عنبسة بن إسحاق الضبي على مصر تهجّم الروم على دمياط في يوم عرفة فملكوها وما فيها وقتلوا بها جمعا كثيرا من المسلمين وسبوا النساء والأطفال وأهل الذمة فنفر إليهم عنبسة بن إسحاق عشية يوم النحر في جيشه ومعه نفر كثير من الناس فلم يدركوهم ومضى الروم إلى تنيس فأقاموا بأشتومها فلم يتبعهم عنبسة ، فقال يحيى بن الفضيل للمتوكل :

أترضى بأن يوطأ حريمك عنوة ،

وأن يستباح المسلمون ويحربوا؟

حمار أتى دمياط ، والروم رتّب

بتنيس ، منه رأي عين وأقرب

مقيمون بالأشتوم يبغون مثل ما

أصابوه من دمياط ، والحرب ترتب

فما رام من دمياط سيرا ، ولا درى

من العجز ما يأتي وما يتجنّب

فلا تنسنا ، إنا بدار مضيعة

بمصر ، وإن الدين قد كاد يذهب

فأمر المتوكل ببناء حصن دمياط ، ولم يزل بعد في أيدي المسلمين إلى أن كان شهر ذي القعدة سنة ٦١٤ فإن الأفرنج قدموا من وراء البحر وأوقعوا بالملك العادل أبي بكر بن أيوب وهو نازل على بيسان فانهزم منهم إلى خسفين ، فعاد الأفرنج إلى عكا فأقاموا بها أياما وخرجوا إلى الطور فحاصروه ، وكان قد عمّر فيه الملك المعظم ابن الملك العادل قلعة

٤٧٣

حصينة غرم فيها مالا وافرا ، فحاصروه مدة فقتل عليه أمير من أمراء المسلمين يعرف ببدر الدين محمد ابن أبي القاسم الهكّاري وقتل كند من أكناد الأفرنج كبير مشهور فيهم ، فتشاءموا بالمقام على الطور ورجعوا إلى عكا واختلفوا هناك ، فقال ملك الهنكر : الرأي أنا نمضي إلى دمشق ونحاصرها فإذا أخذناها فقد ملكنا الشام ، فقال الملك النّوّام ، قالوا : إنما سمي بذلك لأنه كان إذا نازل حصنا نام عليه حتى يأخذه أي أنه كان صبورا على حصار القلاع ، واسمه دستريج ومعناه المعلم بالريش لأن أعلامه كانت الريش ، فقال : نمضي إلى مصر فإن العساكر مجتمعة عند العادل ومصر خالية ، فأدّى هذا الاختلاف إلى انصراف ملك الهنكر مغاضبا إلى بلده ، فتوجه باقي عساكرهم إلى دمياط فوصلوها في أيام من صفر سنة ٦١٥ والعادل نازل على خربة اللّصوص بالشام وقد وجه بعض عساكره إلى مصر ، وكان ابنه الملك الأشرف موسى بن العادل نازلا على مجمع المروج بين سلمية وحمص خوفا من عادية تكون منهم من هذه الجهة ، واتفق خروج ملك الروم ابن قليج ارسلان إلى نواحي حلب وأخذ منها ثلاثة حصون عظيمة : رعبان وتل باشر وبرج الرّصاص ، كلها في ربيع الأول من السنة ، وبلغ عسكره إلى حدود بزاعة ، وانتهى ذلك إلى الملك الأشرف فجاء فيمن انضم إليه من عساكر حلب فواقعه بين منبج وبزاعة فكسره وأسر أعيان عسكره ثم منّ عليهم وذلك في ربيع الآخر ، وبلغ خبر ذلك إلى ملك الروم وهو قيقاوس بن قليج أرسلان وهو نازل على منبج فقلق لذلك حتى قال من شاهده إنه رآه يختلج كالمحموم ثم تقيّأ شيئا شبيها بالدم ورحل من فوره راجعا إلى بلده والعساكر تتبعه ، وكان انفصاله في الحادي عشر من جمادى الأولى سنة ٦١٥ ، وقد استكمل شهرين بوروده ، واستعبد على الفور تل باشر ورعبان وبرج اللصوص ، ورجع إليه أصحابه الذين كانوا مقيمين بهذه الحصون الثلاثة وكانوا قد سلموها بالأمان ، جمع منهم متقدما وتركهم في بيت من بيوت ربض ترتوش وأضرم فيه النار فاحترقوا ، وكان فيهم ولد إبراهيم خوانسلار صاحب مرعش ، فرجع إلى بلده وأقام يسيرا ومات واستولى على ملكه أخوه وكان في حبسه ، ولما استرجع الملك الأشرف من هذه الحصون الثلاثة ورجع قاصدا إلى حلب ودخل في حدها ورد عليه الخبر بوفاة أبيه الملك العادل أبي بكر بن أيوب ، وكانت وفاته بمنزلة على خربة اللصوص وإنما كانت في يوم الأحد السابع من جمادى الأولى سنة ٦١٥ ، فكتم ذلك ولم يظهره إلى أن نزل بظاهر حلب وخرج الناس للعزاء ثلاثة أيام ، وأما الأفرنج فإنهم نزلوا على دمياط في صفر سنة ١٥ وأقاموا عليها إلى السابع والعشرين من شعبان سنة ١٦ وملكوها بعد جوع وبلاء كان في أهلها وسبوهم ، فحينئذ أنفذ الملك المعظم وخرّب بيت المقدس وبيع ما كان فيها من الحليّ وجلا أهلها ، وبلغ ذلك الملك الأشرف فمضى إلى الموصل لإصلاح خلل كان فيه بين لؤلؤ ومظفّر الدين بن زين الدين ، فلما صلح ما بينهما توجه إليها وكان أخوه الملك الكامل بإزاء الأفرنج في هذه المدة ، فقدمها الملك الأشرف وانتزعها من أيديهم في رجب سنة ١٨ ومنّوا على الأفرنج بعد حصولهم في أيديهم ، وكان قد وصل في هذا الوقت كند من وراء البحر وحصل في دمياط وخافوا إن لم يمنّوا على الأفرنج أن يتخذوا بحصول ذلك الكند الواصل شغل قلب فصانعوهم بنفوسهم عن دمياط فعادت إلى المسلمين.

٤٧٤

وطول دمياط ثلاث وخمسون درجة ونصف وربع ، وعرضها إحدى وثلاثون درجة وربع وسدس ، وينسب إلى دمياط جماعة ، منهم : بكر بن سهل ابن إسماعيل بن نافع أبو محمد الدمياطي مولى بني هاشم ، سمع بدمشق صفوان بن صالح ، وببيروت سليمان بن أبي كريمة البيروتي ، وبمصر أبا صالح عبد الله ابن صالح كاتب الليث وعبد الله بن يوسف التنيسي وغيرهم ، وروى عنه أبو العباس الأصمّ وأبو جعفر الطحاوي الطبراني وجماعة سواهم ، قال أبو سليمان ابن زبر : مات بدمياط في ربيع الأول سنة ٢٨٩ ، وذكر غير ابن زبر أنه توفي بالرملة بعد عوده من الحجّ ، وأن مولده سنة ١٩٦.

دِمْيانَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وبعد الألف نون : من أقاليم أكشونية بالأندلس.

دُمَيْنَةُ : تصغير دمنة ، وهو ما سوّد من آثار القوم : جبل للعرب.

دُمَيْنِكَةُ : قرية من قرى مصر غربي النيل ، والله أعلم بالصواب.

باب الدال والنون وما يليهما

دَنا : بلفظ ماضي يدنو : موضع بالبادية ، وقيل : في ديار بني تميم بين البصرة واليمامة ، قال النابغة :

أمن ظلّامة الدّمن البوالي

بمرفضّ الحبيّ إلى وعال

فأمواه الدّنا فعويرضات

دوارس ، بعد أحياء حلال

ذكره المتنبي بما يدلّ على أنه قرب الكوفة فقال :

وغادي الأضارع ثم الدّنا

والأضارع : من منازل الحاجّ.

الدِّناحُ : بكسر أوله ، وآخره حاء مهملة : موضع ذكر شاهده في الثعلبية فقال :

إذا ما سماء بالدناح تخايلت ،

فإني على ماء الزّبير أشيمها

الدَّنَّانُ : جبلان كأنه تثنية دنّ.

دُنْباوَنْد : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وبعده باء موحدة ، وبعد الألف واو ثم نون ساكنة ، وآخره دال ، لغة في دباوند : وهو جبل من نواحي الرّيّ ، وقد ذكر في دباوند ، ودنباوند في الإقليم الرابع ، طولها خمس وسبعون درجة ونصف ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وربع. ودنباوند أيضا : جبل بكرمان ذكرته في بلد يقال له دمندان ، فأما الذي في الريّ فقال ابن الكلبي : إنما سمي دنباوند لأن أفريدون بن اثفيان الأصبهاني لما أخذ الضحّاك بيوراسف قال لأرمائيل وكان نبطيّا من أهل الزاب اتخذه الضحاك على مطابخه فكان يذبح غلاما ويستحيي غلاما ويسم على عنقه ثم يأمره فيأتي المغارة فيما بين قصران وخويّ ويذبح كبشا فيخلطه بلحم الغلام ، فلما أراد أفريدون قتله قال : أيها الملك إن لي عذرا ، وأتى به المغارة وأراه صنيعه فاستحسن أفريدون ذلك منه وأراد قتله بحجة فقال : اجعل لي غذاء لا تجعل لي فيه بقلا ولا لحما ، فجعل فيه أذناب الضأن وأحضر له وهو بدنباوند لحبس الضحّاك به ، فاستحسن أفريدون ذلك منه وقال له : دنباوندى أي وجدت الأذناب فتخلّصت بها مني ، ثم قال أفريدون : يا أرمائيل قد أقطعتك صداء الخيل ووهبت لك هؤلاء الذين وسمت ، فأنت وسمان ، وسمى الأرض التي وجد

٤٧٥

فيها القوم دشت پي أي سمة وعقب ، فسميت دست پي الكورة المعروفة بين الري وهمذان وقزوين ، وقرأت في رسالة ألّفها مسعر بن مهلهل الشاعر ووصف فيها ما عاينه في أسفاره فقال : دنباوند جبل عال مشرف شاهق شامخ لا يفارق أعلاه الثلج شتاء ولا صيفا ولا يقدر أحد من الناس أن يعلو ذروته ولا يقاربها ، ويعرف بجبل البيوراسف ، يراه الناس من مرج القلعة ومن عقبة همذان ، والناظر إليه من الرّيّ يظن أنه مشرف عليه ، وأن المسافة بينهما ثلاثة فراسخ أو اثنان ، وزعم العامّة أن سليمان بن داود ، عليه السلام ، حبس فيه ماردا من مردة الشياطين يقال له صخر المارد ، وزعم آخرون أن أفريدون الملك حبس فيه البيوراسف ، وأن دخانا يخرج من كهف في الجبل يقول العامة إنه نفسه ، ولذلك أيضا يرون نارا في ذلك الكهف يقولون إنها عيناه وإن همهمته تسمع من ذلك الكهف ، فاعتبرت ذلك وارتصدته وصعدت في ذلك الجبل حتى وصلت إلى نصفه بمشقّة شديدة ومخاطرة بالنفس وما أظن أن أحدا تجاوز الموضع الذي بلغت إليه بل ما وصل إنسان إليه فيما أظن ، وتأملت الحال فرأيت عينا كبريتية وحولها كبريت مستحجر ، فإذا طلعت عليه الشمس والتهبت ظهرت فيه نار ، وإلى جانبه مجرى يمر تحت الجبل تخترقه رياح مختلفة فتحدث بينها أصوات متضادّة على إيقاعات متناسبة فمرّة مثل صهيل الخيل ومرّة مثل نهيق الحمير ومرّة مثل كلام الناس ، ويظهر للمصغي إليه مثل الكلام الجمهوريّ دون المفهوم وفوق المجهول يتخيل إلى السامع أنه كلام بدويّ ولغة إنسيّ ، وذلك الدخان الذي يزعمون أنه نفسه بخار تلك العين الكبريتية ، وهذه حال تحتمل على ظاهر صورة ما تدعيه العامة ، ووجدت في بعض شعاب هذا الجبل آثار بناء قديم ، وحولها مشاهد تدل على أنها مصايف بعض الأكاسرة ، وإذا نظر أهل هذه الناحية إلى النّمل يدّخر الحبّ ويكثر من ذلك علموا أنها سنة قحط وجدب ، وإذا دامت عليهم الأمطار وتأذّوا بها وأرادوا قطعها صبّوا لبن المعز على النار فانقطعت ، وقد امتحنت هذا من دعواهم دفعات فوجدتهم فيه صادقين ، وما رأى أحد رأس هذا الجبل في وقت من الأوقات منحسرا عن الثلج إلّا وقعت الفتنة وهريقت الدماء من الجانب الذي يرى منحسرا ، وهذه العلامة أيضا صحيحة بإجماع أهل البلد ، وبالقرب من هذا الجبل معدن الكحل الرازي والمرتك والأسرب والزاج ، هذا كله قول مسعر ، وقد حكي قريبا من هذا علي بن زين كاتب المازيار الطبري ، كان حكيما محصّلا وله تصانيف في فنون عدّة ، قريبا من حكاية مسعر قال : وجّهنا جماعة من أهل طبرستان إلى جبل دنباوند وهو جبل عظيم شاهق في الهواء يرى من مائة فرسخ وعلى رأسه أبدا مثل السحاب المتراكم لا ينحسر في الصيف ولا في الشتاء ويخرج من أسفله نهر ماؤه أصفر كبريتي زعم جهال العجم أنه بول البيوراسف ، فذكر الذين وجهناهم أنهم صعدوا إلى رأسه في خمسة أيام وخمس ليال فوجدوا نفس قلّته نحو مائة جريب مساحة ، على أن الناظر ينظر إليها من أسفل الجبل مثل رأس القبة المخروطة ، قالوا : ووجدنا عليها رملا تغيب فيه الأقدام ، وإنهم لم يروا عليها دابة ولا أثر شيء من الحيوان ، وإنّ جميع ما يطير في الجوّ لا يبلغها ، وإنّ البرد فيها شديد والريح عظيمة الهبوب والعصوف ، وإنهم عدّوا في كوّاتها سبعين كوّة يخرج منها الدخان الكبريتي ، وإنه كان معهم رجل من أهل تلك الناحية فعرّفهم أنّ ذلك الدخان تنفس البيوراسف ، ورأوا

٤٧٦

حول كل نقب من تلك الكوى كبريتا أصفر كأنه الذهب ، وحملوا منه شيئا معهم حتى نظرنا إليه ، وزعموا أنهم رأوا الجبال حوله مثل التلال وأنهم رأوا البحر مثل النهر الصغير ، وبين البحر وبين هذا الجبل نحو عشرين فرسخا.

ودنباوند من فتوح سعيد بن العاصي في أيام عثمان لما ولي الكوفة سار إليها فافتتحها وافتتح الرّويان ، وذلك في سنة ٢٩ أو ٣٠ للهجرة ، وبلغ عثمان بن عفّان ، رضي الله عنه ، أنّ ابن ذي الحبكة النّهدي يعالج تبريحا فأرسل إلى الوليد بن عقبة وهو وال على الكوفة ليسأله عن ذلك فإن أقرّ به فأوجعه ضربا وغرّبه إلى دنباوند ، ففعل الوليد ذلك فأقرّ فغرّبه إلى دنباوند ، فلما ولي سعيد ردّه وأكرمه فكان من رؤوس أهل الفتن في قتل عثمان ، فقال ابن ذي الحبكة :

لعمري! إن أطردتني ، ما إلى الذي

طمعت به من سقطتيّ سبيل

رجوت رجوعي يا ابن أروى ، ورجعتي

إلى الحق دهرا ، غال حلمك غول

وإنّ اغترابي في البلاد وجفوتي

وشتمي في ذات الإله قليل

وإن دعائي ، كلّ يوم وليلة ،

عليك بدنباوند كم لطويل

وقال البحتري يمدح المعتزّ بالله :

فما زلت حتى أذعن الشّرق عنوة ،

ودانت على ضغن أعالي المغارب

جيوش ملأن الأرض ، حتى تركنها

وما في أقاصيها مفرّ لهارب

مددن وراء الكوكبيّ عجاجة

أرته ، نهارا ، طالعات الكواكب

وزعزعن دنباوند من كل وجهة ،

وكان وقورا مطمئنّ الجوانب

دَنْجُويَةُ : قرية بمصر كبيرة معروفة من جهة دمياط يضاف إليها كورة يقال لها الدّنجاوية.

دَنْدَانَقَانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ودال أخرى ، ونون مفتوحة ، وقاف ، وآخره نون أيضا : بلدة من نواحي مرو الشاهجان على عشرة فراسخ منها في الرمل ، وهي الآن خراب لم يبق منها إلّا رباط ومنارة ، وهي بين سرخس ومرو ، رأيتها وليس بها ذو مرأى غير حيطان قائمة وآثار حسنة تدلّ على أنها كانت مدينة سفا عليها الرمل فخرّبها وأجلى أهلها ، وقال السمعاني في كتاب التحبير : أبو القاسم أحمد بن أحمد بن إسحاق بن موسى الدندانقاني الصوفي ، ودندانقان : بليدة على عشرة فراسخ من مرو خربها الأتراك ، المعروفة بالغزّيّة ، في شوال سنة ٥٥٣ ، وقتلوا بعض أهلها وتفرق عنها الباقون لأنّ عسكر خراسان كان قد دخلها وتحصن بها ، وينسب إليها فضل الله بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحسن بن روح الخطيبي أبو محمد الدندانقاني ، سكن بلخ وكان فقيها فاضلا مناظرا حسن الكلام في الوعظ والفقه ، وسافر إلى بخارى وأقام بها مدة يتفقه على البرهان ثم انتقل إلى بلخ وسكنها إلى أن مات ، سمع بمرو أبا بكر السمعاني وجدّه أبا القاسم إسماعيل ابن محمد الخطيب ، كتب عنه السمعاني أبو سعد في بلخ ، وكانت ولادته بدندانقان في سنة ٤٨٨ تقديرا ، ومات ببلخ في رمضان سنة ٥٥٢.

دَنْدَرَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ودال أخرى مفتوحة ، ويقال لها أيضا أندرا : بليد على غربي

٤٧٧

النيل من نواحي الصعيد دون قوص ، وهي بليدة طيبة ذات بساتين ونخل كثيرة وكروم ، وفيها برابي كثيرة ، منها بربا فيه مائة وثمانون كوة تدخل الشمس كل يوم من كوة واحدة بعد واحدة حتى تنتهي إلى آخرها ثم تكرّ راجعة إلى الموضع الذي بدأت منه ، وتضاف إلى دندرة كورة جليلة ، حدثني السديد محمد ابن عليّ الموصلي الفاضل قال : حدثني القاضي أبو المعالي محمد قاضي دندرة قال : كان عمّي القاضي الأسعد حسن قد لحقه قولنج فوصف له الطبيب حقنة فهيئت له فأخذ بعض الحاضرين آلة الحقنة يتأملها وضحك فأحدث في ثيابه ، فقلت أو قال فقال عمّي :

إنّ قاض بدندرا

قال بيتين سطّرا :

مخرج البول والخرا

حيّرا كل من يرى

وهما آفة الورى ،

عسرا أو تيسّرا

دَنْدَنَةُ : بدالين مفتوحتين ، ونونين الأول منهما ساكن : قرية من نواحي واسط ، والدندنة : صوت لا يفهم.

دَنديل : من قرى مصر في كورة البوصيرية.

دُنْقُلةُ : هي دمقلة ، وقد ذكرت ، وبخط السكري دنكلة مضبوط موجود.

دَنّ : بلفظ الدّنّ الذي يعمل فيه الخلّ ، نهر دن : من أعمال بغداد بقرب إيوان كسرى ، كان احتفره أنوشروان العادل. والدّنان : جبلان يقال لكل واحد منهما دن في البادية.

دَنَنُ : بفتحتين ، ونونين : اسم بلد بعينه ، قال ابن مقبل يعنيه :

يثنين أعناق أدم يفتلين بها

حبّ الأراك وحبّ الضال من دنن

ويروى ددن. والدنن : قصر في يد الفرس ، قال أبو زياد الكلابي : دنن ماء قرب نجران ، وأنشد :

يا دننا يا شرّ ما باليمن

قد عاد لي تقاعسي عن دنن

وما وردت دننا مذ زمن

دَنْوَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه : من قرى حمص بها قبر عوف بن مالك الأشجعي من الصحابة ، رضي الله عنه ، فيما يقال ، والله أعلم ، وقال القاضي عبد الصمد بن سعيد الحمصي في تاريخ حمص : كان أبو أمامة الباهلي قد نزل حمص فسلس بوله فاستأذن الوالي في المسير إلى دنوة فأذن له ، فسار إليها ، ومات في سنة ٨١ ، وخلّف ابنا يقال له المعلّس طويل اللحية قتلته المبيضة بقرية يقال لها كفرنغد ، وخلّف بنتين يقال لهما صليحة ومعيّة فأعقبت إحداهما وهم بنو أبي الربيع ولم تعقب الأخرى.

دُنَيْسِرُ : بضم أوله : بلدة عظيمة مشهورة من نواحي الجزيرة قرب ماردين بينهما فرسخان ، ولها اسم آخر يقال لها قوج حصار ، رأيتها وأنا صبيّ وقد صارت قرية ، ثم رأيتها بعد ذلك بنحو ثلاثين سنة وقد صارت مصرا لا نظير لها كبرا وكثرة أهل وعظم أسواق ، وليس بها نهر جار إنما شربهم من آبار عذبة طيبة مرية ، وأرضها حرّة ، وهواؤها صحيح ، والله الموفق للصواب.

باب الدال والواو وما يليهما

دَوَّارُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره راء : سجن باليمامة ، قال أبو أحمد العسكري : قال جحدر

٤٧٨

وكان إبراهيم بن عربي قد حبسه بدوار :

إني دعوتك يا إله محمد

دعوى ، فأولها لي استغفار

لتجيرني من شرّ ما أنا خائف ،

ربّ البريّة! ليس مثلك جار

تقضي ولا يقضى عليك ، وإنما ،

ربي ، بعلمك تنزل الأقدار

كانت منازلنا التي كنا بها

شتى ، وألّف بيننا دوّار

سجن يلاقي أهله من خوفه

أزلا ، ويمنع منهم الزوار

يغشون مقطرة كأنّ عمودها

عنق يعرّق لحمها الجزّار

وقال جحدر أيضا :

يا ربّ دوّار أنقذ أهله عجلا ،

وانقض مرائره من بعد إبرام

ربّ ارمه بخراب ، وارم بانيه

بصولة من أبي شبلين ضرغام

وقال عطارد اللصّ :

ليست كليلة دوّار يؤرّقني

فيها تأوّه عان من بني السيّد

ونحن من عصبة عضّ الحديد بهم ،

من مشتك كبله فيهم ومصفود

كأنما أهل حجر ينظرون متى

يرونني جارحا طيرا أباديد(١)

دُوَّارُ : بضم أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره راء : اسم واد ، وقيل جبل ، قال النابغة الذبياني :

لا أعرفن ربربا حورا مدامعها

كأنهن نعاج حول دوّار

وقال أبو عبيدة في شرح هذا البيت : دوّار موضع في الرمل ، بالضم ، ودوّار ، بالفتح : سجن ، وقال جرير :

أزمان ، أهلك في الجميع تربّعوا

ذا البيض ثم تصيّفوا دوّارا

كذا ضبطه ابن أخي الشافعي ، وكذا هو بخط الأزدي في شعر ابن مقبل :

أإحدى بني عبس ذكرت ، ودونها

سنيح ومن رمل البعوضة منكب

وكتمى ودوّار كأنّ ذراهما ،

وقد خفيا إلا الغوارب ، ربرب

وهذا يدل على أنه جبل.

الدُّوَاعُ : بضم أوله ، وآخره عين مهملة : موضع كانت فيه وقعة للعرب ، ومنه يوم الدواع.

دُوَافٌ : بضم أوله ، وآخره فاء : موضع في قول ابن مقبل :

فلبّده مسّ القطار ورخّه

نعاج دواف قبل أن يتشددا

رخّه : وطئه ، وهو فعال من الدوف وهو السحق ، وقيل البل.

الدَّوانِكُ : موضع في قول متمم بن نويرة :

وقالوا : أتبكي كل قبر رأيته

لقبر ثوى بين اللّوى فالدوانك؟

فقلت لهم : إن الشجا يبعث الشجا ،

دعوني فهذا كله قبر مالك

وقال الحطيئة :

أدار سليمى بالدوانك فالعرف!

أقامت على الأرواح فالديم الوطف

__________________

(١) ـ في هذا البيت إقواء.

٤٧٩

وقفت بها واستنزفت ماء عبرتي

من العين ، إلا ما كففت به طرفي

دَوَّانُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وآخره نون : ناحية من أرض فارس توصف بجودة الخمر.

دُوَانُ : بضم أوله ، وتخفيف ثانيه : ناحية بعمان على ساحل البحر.

دُوبانُ : بالضم ثم السكون ، وباء موحدة ، وآخره نون : قرية بجبل عاملة بالشام قرب صور ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن سالم بن عبد الله الدوباني ، يروي عنه الحافظ السلفي في تعاليقه.

الدُّودَاءُ : بالمد : موضع قرب المدينة.

دُودَانُ : بدالين مهملتين الأولى مضمومة : واد في شعر حميد ، وقد ذكر في جمال. ودودان : قبيلة من بني أسد ، وهو دودان بن أسد بن خزيمة.

دَورَانُ : ذو دوران ، بفتح أوله ، وبعد الواو راء مهملة ، وآخره نون : موضع بين قديد والجحفة.

وذو دوران : واد يأتي من شمنصير وذروة ، وبه بئران يقال لإحداهما رحبة وللأخرى سكوبة ، وهو لخزاعة ، قال الأصمعي ونصران : غزت بنو كعب بن عمير من خزاعة بني لحيان بأسفل من ذي دوران فامتنعت منهم بنو لحيان ، فقال مالك بن خالد الخناعي الهذلي يفتخر بذلك ، ورواها ابن حبيب لحذيفة بن أنس الهذلي :

فدّى لبني لحيان أمي وخالتي

بما ماصعوا بالجزع ركب بني كعب

ولما رأوا نقرى تسيل إكامها

بأرعن جرّار وحامية غلب

تنادوا فقالوا : يال لحيان ماصعوا

عن المجد حتى تثخنوا القوم بالضرب

فضاربهم قوم كرام أعزّة

بكل خفاف النصل ذي ربد عضب

أقاموا لهم خيلا تزاور بالقنا ،

وخيلا جنوحا ، أو تعارض بالرّكب

فما ذرّ قرن الشمس ، حتى كأنهم

بذات اللظى خشب تجرّ إلى خشب

كأن بذي دوران ، والجزع حوله

إلى طرف المقراة ، راغية السّقب

وقال أيضا :

أباح زهير بن الأغرّ ورهطه

حماة اللواء والصفيح القواضب

أتى مالك يمشي إليه كما مشى

إلى خيسه سيّد بخفّان قاطب

فزال بذي دوران منكم جماجم

وهام ، إذا ما جنّه الليل صاخب

وقال أيضا :

وجاوزن ذا دوران في غيطل الضحى ،

وذو الظل مثل الظل ما زاد إصبعا

وقال عمر بن أبي ربيعة :

وليلة ذي دوران جشّمتني السّرى ،

وقد يجشم الهول المحبّ المغرّر

وقال ابن قيس الرقيّات :

نادتك ، والعيس سراع بنا

مهبط ذي دوران فالقاع

دُورَانُ : بضم أوله ، وباقيه كالذي قبله : موضع خلف جسر الكوفة كان به قصر لإسماعيل القسري أخي خالد بن عبد الله القسري أمير الكوفة. وذو دوران : بأرض ملهم من أرض اليمامة كانت به وقعة في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، بين ثمامة بن

٤٨٠