معجم البلدان - ج ٢

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٢

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩

المكتّب ، روى عنه أحمد بن سليمان بن حذلم وأبو عليّ بن شعيب وأبو الطيب أحمد بن عبد الله بن يحيى الدرامي ؛ ومنها أيضا عمار بن الجزر بن عمرو بن عمار ويقال ابن عمارة أبو القاسم العذري الجسريني قاضي الغوطة ، حدث عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن يزيد بن زفر الأحمري البعلبكي وعطية بن أحمد الجهني الجسريني وغيرهما ، روى عنه أبو الحسين الرازي قال : كان شيخا صالحا جليلا يقضي بين أهل القرى من غوطة دمشق ، مات في رمضان سنة ٣٢٩.

باب الجيم والشين وما يليهما

جَشَرُ : بالتحريك : جبل في ديار بني عامر ثم لبني عقيل من الديار المجاورة لبني الحارث بن كعب.

جَشُّ : بالفتح ، والضم ثم التشديد ؛ قال الأزهري : الجشّ النّجفة وفيه ارتفاع ، والجشّاء : أرض سهلة ذات حصباء تستصلح لغرس النخل ، وقال غيره : الجشّ الرابية ، والقفّ وسطه ، والجمع الجشّان ، وقد أضيف إليها ، وسمي بها عدّة مواضع ، منها : جشّ بلد بين صور وطبرية على سمت البحر. وجشّ أيضا : جبل صغير بالحجاز في ديار جشم بن بكر.

وجشّ إرم : جبل عند أجإ أحد جبلي طيّء ، أملس الأعلى سهل ترعاه الإيّل والحمير ، كثير الكلإ ، وفي ذروته مساكن لعاد وإرم ، فيه صور منحوتة من الصخر. وجشّ أعيار : من المياه الأملاح لفزارة بأكناف أرض الشّربة بعدنة ، وقال الأزهري : جشّ أعيار موضع معروف بالبادية ؛ وقال بدر بن حزّان الفزاري يخاطب النابغة :

أبلغ زيادا ، وحين المرء يجلبه ،

فلو تكيّست أو كنت ابن أحذار

ما اضطرّك الحرز من ليلى إلى برد ،

تختاره معقلا عن جشّ أعيار

جُشَمُ : من قرى بيهق من أعمال نيسابور بخراسان.

باب الجيم والصاد وما يليهما

جَصِّينُ : أبو سعد يقوله بفتح الجيم وأبو نعيم الحافظ بكسرها ، والصاد عندهما مكسورة مشدّدة ، وياء ساكنة ، ونون : وهي محلّة بمرو اندرست وصارت مقبرة ودفن بها بعض الصحابة ، يقال لها تنوّر كران أي صنّاع التنانير ، رأيت بها مقبرة بريدة بن الحصيب الأسلمي والحكم بن عمرو الغفاري ؛ ينسب إليها أبو بكر بن سيف الجصّيني ثقة ، روى عن أبي وهب عن زفر بن الهذيل عن أبي حنيفة كتاب الآثار ، وحدّث عن عبدان بن عثمان وغيره ؛ وأبو حفص عمر بن إسماعيل بن عمر الجصّيني قاضي أرمية ، قال السلفي : وجصّين من قراها وما أراه إلا وهما ، وإنه مروزيّ لأنه قال : روى عن أبي عبد الرحمن السّلمي عن جماعة أقدم منه عن شيوخ خراسان ، وكان فقيها على مذهب الشافعي ، روى عنه أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي.

باب الجيم والطاء وما يليهما

جَطّا : بالفتح ، وتشديد الطاء ، والقصر : اسم نهر من أنهار البصرة في شرقي دجلة ، عليه قرى ونخل كثير.

جَطِينُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ونون : قرية من ميلاص في جزيرة صقلّية ، أكثر زرعها القطن والقنّب ؛ منها عليّ بن عبد الله الجطّيني.

باب الجيم والعين وما يليهما

جَعْبَرٌ : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة مفتوحة ، وراء ؛ والجعبر في اللغة : الغليظ القصير ؛ قال رؤبة :

١٤١

لا جعبريّات ولا طهاملا

يمسين عن قسّ الأذى غوافلا

قلعة جعبر على الفرات بين بالس والرّقّة قرب صفّين ، وكانت قديما تسمّى دوسر فملكها رجل من بني قشير أعمى يقال له جعبر بن مالك وكان يخيف السبيل ويلتجئ إليها ، ولما قصد السلطان جلال الدين ملك شاه بن أرسلان ديار ربيعة ومضر نازلها وأخذها من جعبر ونفى عنها بني قشير وسار إلى حلب وقلعتها لسالم بن مالك بن بدران بن مقلّد العقيلي ، وكان شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران بن مقلد ابن عمه قد استخلف فيها ثم قتل مسلم وسلّم حلب إلى ملك شاه في شهر رمضان سنة ٤٩٩ ودخلها وعوّض سالم بن مالك عن حلب قلعة جعبر وسلمها إليه ، فأقام بها سنين كثيرة ومات ، ووليها ولده إلى أن أخذها نور الدين محمود بن زنكي من شهاب الدين مالك بن عليّ بن مالك بن سالم لأنه كان نزل يتصيد فأسره بنو كلب وحملوه إلى نور الدين وجرت له معه خطوب حتى عوّضه عنها سروج وأعمالها وملّاحة حلب وباب بزاعة وعشرين ألف دينار ، وقيل لصاحبها : أيما أحبّ إليك القلعة أم هذا العوض؟ فقال : هذا أكثر مالا وأما العزّ ففقدناه بمفارقة القلعة ؛ ثم انتقلت إلى بني أيوب ، فهي الآن للملك الحافظ بن العادل أبي بكر بن أيوب.

جَعْرَانُ : جعلان من الجعر ، وهو نجو كل ذات مخلب من السباع ؛ وجعران : موضع.

الجِعْرَانَةُ : بكسر أوله إجماعا ثم إن أصحاب الحديث يكسرون عينه ويشدّدون راءه ، وأهل الإتقان والأدب يخطئونهم ويسكّنون العين ويخفّفون الراء ، وقد حكي عن الشافعي أنه قال : المحدّثون يخطئون في تشديد الجعرانة وتخفيف الحديبية ، إلى هنا مما نقلته ، والذي عندنا أنهما روايتان جيّدتان ؛ حكى إسماعيل بن القاضي عن عليّ بن المديني أنه قال : أهل المدينة يثقّلونه ويثقّلون الحديبية وأهل العراق يخففونهما ومذهب الشافعي تخفيف الجعرانة ، وسمع من العرب من قد يثقّلها ، وبالتخفيف قيدها الخطابي : وهي ماء بين الطائف ومكة ، وهي إلى مكة أقرب ، نزلها النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لما قسم غنائم هوازن مرجعه من غزاة حنين وأحرم منها ، صلى الله عليه وسلم ، وله فيها مسجد ، وبها بئار متقاربة ؛ وأما في الشعر فلم نسمعها إلا مخففة ؛ قال :

فيا ليت في الجعرانة ، اليوم ، دارها ،

وداري ما بين الشام فكبكب

فكنت أراها في الملبّين ساعة

ببطن منّى ، ترمي جمار المحصّب

وقال آخر :

أشاقك بالجعرانة الركب ضحوة ،

يؤمّون بيتا بالنذور السوامر

فظلت كمقمور بها ضلّ سعيه ،

فجيء بعنس مشمخرّ مسامر

وهذا شعر أثر التّوليد والضّعف عليه ظاهر ، كتب كما وجد ؛ وقال أبو العباس القاضي : أفضل العمرة لأهل مكة ومن جاورها من الجعرانة لأن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، اعتمر منها ، وهي من مكة على بريد من طريق العراق ، فإن أخطأ ذلك فمن التنعيم ؛ وذكر سيف بن عمر في كتاب الفتوح ونقلته من خط ابن الخاضبة قال : أول من قدم أرض فارس حرملة بن مريطة وسلمى بن القين وكانا من المهاجرين ومن صالحي الصحابة ، فنزلا أطد ونعمان والجعرانة في أربعة آلاف من بني تميم والرباب ، وكان

١٤٢

بإزائهما النّوشجان والفيومان بالوركاء ؛ فزحفوا إليهما فغلبوهما على الوركاء ؛ قلت : إن صحّ هذا فبالعراق نعمان والجعرانة متقاربتان كما بالحجاز نعمان والجعرانة متقاربتان.

الجَعْفَرِيُّ : هذا اسم قصر بناه أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بالله قرب سامرّاء بموضع يسمّى الماحوزة فاستحدث عنده مدينة وانتقل إليها وأقطع القوّاد منها قطائع فصارت أكبر من سامرّاء ، وشقّ إليها نهرا فوهته على عشرة فراسخ من الجعفريّ يعرف بجبّة دجلة ، وفي هذا القصر قتل المتوكل في شوال سنة ٢٤٧ فعاد الناس إلى سامرّاء ، وكانت النفقة عليه عشرة آلاف درهم ؛ كذا ذكر بعضهم في كتاب أبي عبد الله بن عبدوس ، وفي سنة ٢٤٥ بنى المتوكل الجعفريّ وأنفق عليه ألفي ألف دينار ، وكان المتولي لذلك دليل بن يعقوب النصراني كاتب بغا الشرابي ؛ قلت : وهذا الذي ذكره ابن عبدوس أضعاف ما تقدّم لأن الدراهم كانت في أيام المتوكل كل خمسة وعشرين درهما بدينار فيكون عن ألفي ألف دينار خمسون ألف ألف درهم ، قال : ولما عزم المتوكل على بناء الجعفري تقدّم إلى أحمد ابن إسرائيل باختيار رجل يتقلد المستغلات بالجعفري من قبل أن يبنى وإخراج فضول ما بناه الناس من المنازل ، فسمّى له أبا الخطاب الحسن بن محمد الكاتب ، فكتب الحسن بن محمد إلى أبي عون لما دعي إلى هذا العمل :

إني خرجت إليك من أعجوبة

مما سمعت به ، ولمّا تسمع

سميت للأسواق ، قبل بنائها ،

ووليت فضل قطائع لم تقطع

ولما انتقل المتوكل من سامرّاء إلى الجعفري انتقل معه عامة أهل سامرّاء حتى كادت تخلو ؛ فقال في ذلك أبو عليّ البصير هذه الأبيات :

إن الحقيقة غير ما يتوهّم ،

فاختر لنفسك أي أمر تعزم

أتكون في القوم الذين تأخروا

عن خطّهم أم في الذين تقدّموا

لا تقعدنّ تلوم نفسك ، حين لا

يجدي عليك تلوّم وتندّم

أضحت قفارا سرّ من را ما بها

إلّا لمنقطع به متلوّم

تبكي بظاهر وحشة ، وكأنها

إن لم تكن تبكي بعين تسجم

كانت تظلّم كلّ أرض مرّة

منهم ، فصارت بعدهن تظلّم

رحل الإمام فأصبحت ، وكأنها

عرصات مكة حين يمضي الموسم

وكأنما تلك الشوارع بعض ما

أخلت إياد ، من البلاد ، وجرهم

كانت معادا للعيون ، فأصبحت

عظة ومعتبرا لمن يتوسّم

وكأن مسجدها ، المشيد بناؤه ،

ربع أحال ومنزل مترسّم

وإذا مررت بسوقها لم تثن عن

سنن الطريق ، ولم تجد من يزحم

وترى الذراري والنساء ، كأنهم

خلق أقام وغاب عنه القيّم

فارحل إلى الأرض التي يحتلّها

خير البريّة ، إن ذاك الأحزم

١٤٣

وانزل مجاوره بأكرم منزل ،

وتيمّم الجهة التي يتيمّم

أرض تسالم صيفها وشتاؤها ،

فالجسم بينهما يصحّ ويسلم

وصفت مشاربها وراق هواؤها ،

والتذّ برد نسيمها المتنسّم

سهليّة جبليّة ، لا تحتوي

حرّا ولا قرّا ، ولا تستوخم

وللشعراء في ذكر الجعفريّ أشعار كثيرة ، ومن

أحسن ما قيل فيه قول البحتري :

قد تمّ حسن الجعفريّ ، ولم يكن

ليتمّ إلّا بالخليفة جعفر

في رأس مشرفة حصاها لؤلؤ ،

وترابها مسك يشاب بعنبر

مخضرّة ، والغيث ليس بساكب ،

ومضيئة ، والليل ليس بمقمر

ملأت جوانبه الفضاء ، وعانقت

شرفاته قطع السّحاب الممطر

أزرى على همم الملوك ، وغض عن

بنيان كسرى في الزمان وقيصر

عال على لحظ العيون ، كأنما

ينظرن منه إلى بياض المشتري

وتسير دجلة تحته ، ففناؤه

من لجّة غمر وروض أخضر

شجر تلاعبه الرياح ، فتنثني

أعطافه في سائح متفجر

أعطيته محض الهوى ، وخصصته

بصفاء ودّ منك غير مكدر

واسم شققت له من اسمك ، فاكتسى

شرف العلوّ به وفضل المفخر

الجَعْفَريَّة : منسوبة إلى جعفر : محلة كبيرة مشهورة في الجانب الشرقي من بغداد. والجعفرية يقال لها جعفرية دبشو : قرية من كورة الغربية بمصر.

والجعفرية تعرف بجعفرية الباذنجانية : قرية بمصر أيضا من كورة جزيرة قوسنيّا.

جُعْفِيٌّ : بالضم ثم السكون ، والفاء مكسورة ، وياء مشدّدة ، مخلاف جعفيّ : باليمن ؛ ينسب إلى قبيلة من مذحج ، وهو جعفيّ بن سعد العشيرة بن مالك ابن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، بينه وبين صنعاء اثنان وأربعون فرسخا.

الجَعْمُوسَةُ : ماء لبني ضبينة من غنيّ قرب جبلة.

باب الجيم وما يليهما

جَغَانِيانُ : بالفتح ، وبعد الألفين نونان ، الأولى مكسورة بعدها ياء ، وهي صغانيان : بلاد بما وراء النهر من بلاد الهياطلة ، وقد ذكرنا ما انتهى إلينا من أمرها في صغانيان.

باب الجيم والفاء وما يليهما

الجِفَارُ : بالكسر ، وهو جمع جفر نحو فرخ وفراخ ؛ والجفر : البئر القريبة القعر الواسعة لم تطو ؛ وقال أبو نصر بن حمّاد : الجفرة سعة في الأرض مستديرة ، والجمع جفار مثل برمة وبرام. والجفار : ماء لبني تميم وتدعيه ضبّة ، وقيل : الجفار موضع بين الكوفة والبصرة ؛ قال بشر بن أبي خازم :

ويوم النّسار ويوم الجفا

ر كانا عذابا ، وكانا غراما

١٤٤

وقيل : الجفار موضع بنجد وله ذكر كثير في أخبارهم وأشعارهم ، ويوم الجفار من أيام العرب معلوم بين بكر بن وائل وتميم بن مرّ ، أسر فيه عقال بن محمد ابن سفيان بن مجاشع ، أسره قتادة بن مسلمة ؛ قال شاعرهم:

أسر المجشّر وابنه وحويرثا

والنهشليّ ومالكا وعقالا

وقال الأعشى :

وإن أخاك الذي تعلمين

ليالينا ، إذ نحلّ الجفارا

تبدّل ، بعد الصبا ، حلمه

وقنّعه الشيب منه خمارا

والجفار أيضا : من مياه الضباب قبلي ضريّة على ثلاث ليال ، وهو من أرض الحجاز ، وماء هذا الجفار أشبه بماء سماء يخرج من عيون تحت هضبة ، وكأنه وشل وليس بوشل ؛ وفيه يقول بعض بني الضباب :

كفى حزنا أني نظرت ، وأهلنا

بهضبي شماخير الطوال حلول ،

إلى ضوء نار بالحديق يشبّها ،

مع الليل ، سمح الساعدين طويل

على لحم ناب عضه السيف عضة ،

فخرّ على اللحيين ، وهو كليل

أقول ، وقد أيقنت أن لست فاعلا :

ألا هل إلى ماء الجفار سبيل

وقد صدر الورّاد عنه ، وقد طما

بأشهب يشفي لو كرهت غليلي

(١) والجفار أيضا : أرض من مسيرة سبعة أيام بين فلسطين ومصر ، أولها رفح من جهة الشام وآخرها الخشبي متصلة برمال تيه بني إسرائيل ، وهي كلّها رمال سائلة بيض ، في غربيّها منعطف نحو الشمال بحر الشام ، وفي شرقيها منعطف نحو الجنوب بحر القلزم ، وسمّيت الجفار لكثرة الجفار بأرضها ، ولا شرب لسكانها إلا منها ، رأيتها مرارا ، ويزعمون أنها كانت كورة جليلة في أيام الفراعنة إلى المائة الرابعة من الهجرة ، فيها قرى ومزارع ، فأما الآن ففيها نخل كثير ورطب طيب جيد ، وهو ملك لقوم متفرقين في قرى مصر يأتونه أيام لقاحه فيلقحونه وأيام إدراكه فيجتنونه ، وينزلون بينه بأهاليهم في بيوت من سعف النخل والحلفاء ، وفي الجادة السابلة إلى مصر عدّة مواضع عامرة يسكنها قوم من السوقة للمعيشة على القوافل ، وهي رفح والقس والزّعقا والعريش والورّادة وقطية ، في كل موضع من هذه المواضع عدّة دكاكين يشترى منها كل ما يحتاج المسافر إليه ؛ قال أبو الحسن المهلبي في كتابه الذي ألّفه للعزيز ، وكان موته في سنة ٣٨٦ : وأعيان مدن الجفار العريش ورفح والورّادة ، والنخل في جميع الجفار كثير وكذلك الكروم وشجر الرمان ، وأهلها بادية محتضرون ، ولجميعهم في ظواهر مدنهم أجنّة وأملاك وأخصاص فيها كثير منهم ، ويزرعون في الرمل زرعا ضعيفا يؤدون فيه العشر ، وكذلك يؤخذ من ثمارهم ، ويقطع في وقت من السنة إلى بلدهم من بحر الروم طير من السلوى يسمونه المرع يصيدون منه ما شاء الله ، يأكلونه طريّا ويقتنونه مملوحا ، ويقطع أيضا إليهم من بلد الروم على البحر في وقت من السنة جارح كثير فيصيدونه ، منه الشواهين والصقور والبواشق ، وقلّ ما يقدرون على البازي ، وليس لصقورهم وشواهينهم من الفراهة ما لبواشقهم ؛ وليس يحتاجون لكثرة أجنتهم إلى الحرّاس ، لأنه لا يقدر

__________________

(١) في هذا البيت اقواء.

١٤٥

أحد منهم أن يعدو على أحد لأن الرجل منهم إذا أنكر شيئا من حال جنانه نظر إلى الوطء في الرمل ثم قفا ذلك إلى مسيرة يوم ويومين حتى يلحق من سرقه ، وذكر بعضهم أنهم يعرفون أثر وطء الشاب من الشيخ والأبيض من الأسود والمرأة من الرجل والعاتق من الثيّب ، فإن كان هذا حقّا فهو من أعجب العجائب.

جُفاف الطّير : بالضم ، والتخفيف : صقع في بلاد بني أسد ، منه الثّعلبية التي قرب الكوفة ؛ قال ابن مقبل :

منها ، بنعف جراد فالقبائض من

وادي جفاف مرا ، دنيا ومستمع

أراد مرأ دنيا فخفف ؛ وقال نصر : وجفاف أيضا ماء لبني جعفر بن كلاب في ديارهم ؛ وقال جرير :

تعيّرني الأخلاف ليلى ، وأفضلت

على وصل ليلى قوة من حباليا

وما أبصر الناس التي وضحت له ،

وراء جفاف الطير ، إلا تماديا

قال السكري : جفاف أرض لأسد وحنظلة واسعة فيها أماكن يكون الطير فيها فنسبها إلى الطير ، قال:وكان عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير يقول وراء حفاف الطير ، بالحاء المهملة ، وقال : هذه أماكن تسمى الأحفّة فاختار منها مكانا فسماه حفافا.

جَفْجفُ : بفتح الجيمين ، وهو في اللغة القاع المستدير الواسع ؛ قال عرّام بن الأصبغ : إذا خرجت من مرّ الظهران تؤم مكة منحدرا من ثنية يقال لها الجفجف وتنحدر في حدّ مكة في واد يقال له تربة.

الجَفْرَانِ : تثنية الجفر : موضع باليمامة ؛ عن الحفصي ؛ قال ذو الرّمّة :

أخذنا على الجفرين آل محرّق ،

ولاقى أبو قابوس منّا ومنذر

الجُفْرَتَانِ : تثنية الجفرة ، بالضم ، وهي سعة في الأرض مستديرة ، والجمع جفار : موضع بالبصرة معروف.

الجَفْرُ : بالفتح ثم السكون ، وهي البئر الواسعة القعر لم تطو : موضع بناحية ضرية من نواحي المدينة ، كان به ضيعة لأبي عبد الجبار سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة المدائني ، كان يكثر الخروج إليها فسمي الجفري ، ولي القضاء أيام المهدي وكان محمود الأمر مشكور الطريقة. والجفر أيضا : ماء لبني نصر بن قعين.

وجفر الأملاك : في أرض الحيرة له قصة في تسميته بهذا الاسم ذكرت في دير بني مرينا من هذا الكتاب.

وجفر البعر ، قال الأصمعي : جفر البعر ماء يأخذ عليه طريق الحاجّ من حجر اليمامة بقرب راهص ، وقال أبو زياد الكلابي : جفر البعر من مياه أبي بكر ابن كلاب بين الحمى وبين مهبّ الجنوب على مسيرة يوم ، وقال غيره : جفر البعر بين مكة واليمامة على الجادة ، وهو ماء لبني ربيعة بن عبد الله بن كلاب ، ولا أدري أي جفر أراد نصيب بقوله :

أما والذي حجّ الملبّون بيته ،

وعظّم أيام الذبائح والنّحر

لقد زادني ، للجفر حبّا وأهله ،

ليال أقامتهنّ ليلى على الجفر

فهل يأثمنّي الله أني ذكرتها ،

وعلّلت أصحابي بها ليلة النفر؟

وجفر الشّحم : ماء لبني عبس ببطن الرّمة بحذاء أكمة الخيمة. وجفر ضمضم : موضع في شعر كثير بن

١٤٦

عبد الرحمن الخزاعي :

إليك تباري ، بعد ما قلت قد بدت

جبال الشّبا ، أو نكبت هضب تريم

بنا العيس تجتاب الفلاة ، كأنها

قطا النّجد أمسى قاربا جفر ضمضم

وجفر الفرس : ماءة وقع فيها فرس في الجاهلية فغبر فيها يشرب من مائها ثم أخرج صحيحا. وجفر مرّة ، قال الزبير وهو يذكر مكة حاكيا عن أبي عبيدة قال : واحتفرت كل قبيلة من قريش في رباعهم بئرا فاحتفر بنو تيم بن مرّة الجفر ، وهي بئر مرّة بن كعب ، وقال أيضا : وقيل حفرها أمية بن عبد شمس وسماها جفر مرة بن كعب ، وقال أمية :

أنا حفرت للحجيج الجفرا

وجفر الهباءة : اسم بئر بأرض الشّربة قتل بها حذيفة وحمل ابنا بدر الفزاريّان ؛ قال قيس بن زهير وهو قتلهما :

تعلّم أنّ خير الناس ميت

على جفر الهباءة ، لا يريم

وسيذكر في الهباءة بأبسط من هذا إن شاء الله تعالى.

الجُفْرَةُ : بالضم ، آخره هاء ؛ وقد ذكرنا أن الجفرة سعة في الأرض مستديرة ؛ جفرة خالد : موضع بالبصرة ؛ قال أبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي : أنا جفري ، أي ولدت عام الجفرة سنة ٧٠ أو ٧١ وقيل سنة ٦٩ في أيام عبد الملك بن مروان ، وأبو الأشهب ثقة ، روى عن الحسن البصري ؛ ويوم الجفرة وقعة كانت بين خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد ابن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس ، وكان من قبل عبد الملك بن مروان وبين أهل البصرة من أصحاب مصعب بن الزبير ، وكان لعبد الملك شيعة بالبصرة منهم مالك بن مسمع الربعي ، فأرسل إليهم عبد الملك خالد بن عبد الله في ألف فارس ، فاجتمع بالجفرة مع شيعته بالبصرة ودامت الحرب بينهم وبين أهل البصرة أربعين يوما ، وكان خليفة مصعب على البصرة عبد الله بن عبيد الله بن معمر التميمي ثم أمدّهم مصعب بألف فارس فانهزم أهل الشام وهرب مالك ابن مسمع إلى ثاج ولحق بنجدة الحروريّ بعد أن فقئت عينه ، فأقام عنده إلى أن قتل مصعب ، وبخالد ابن عبد الله سميت جفرة خالد.

جُفْلُوذُ : بالضم ثم السكون ، وضم اللام ، وسكون الواو ، والذال معجمة ؛ قال الحسن بن يحيى الفقيه مؤلف تاريخ صقلية : قلعة جفلوذ الكبيرة وهي مدينة حصينة بصقلية فوق جبل عال على شاطئ البحر ، وفي هذه المواضع جبال شوامخ وأودية عظيمة ، وفيها عنصر أجناس العود الذي تنشأ منه المراكب ؛ قلت : وقد ذكرها ابن قلاقس الإسكندراني فقال :

أجفلت من جفلوذ إجفال امرئ

بالدّين يطلب ثمّ ، أو بالدّين

مع أنها بلد أشمّ ، يحفّه

روض يشمّ ، فمن منّى ومنون

تجري بأعيننا عيون مياهه ،

محفوفة أبدا بحور عين

وتركتها ، والنوء ينزل راحتي ،

عن مال قارون إلى قارون

جَفْنٌ : بالفتح ثم السكون ، ونون : ناحية بالطائف ؛ قال محمد بن عبد الله النميري ثم الثقفي :

طربت وهاجتك المنازل من جفن ،

ألا ربما يعتادك الشوق بالحزن

جَفِيرٌ : بالفتح ، والكسر ، وياء ساكنة ، وراء : موضع في شعر حجر الملك آكل المرار ؛ قال :

١٤٧

لمن النار أوقدت بجفير ،

لم ينم عنك مصطل مقرور

في أبيات وقصة عجيبة ذكرتها في أخبار امرئ القيس ابن حجر من كتابي في أخبار الشعراء.

الجُفَيرُ : تصغير الجفر : قرية بالبحرين لبني عامر بن عبد القيس.

باب الجيم والكاف وما يليهما

جَكَّانُ : بالفتح ثم التشديد : محلّة على باب مدينة هراة ؛ منها أبو الحسن عليّ بن محمد بن عيسى الهروي الجكاني ، رحل إلى الشام فسمع أبا اليمان ويحيى بن صالح الوحاظي بحمص وآدم بن أبي إياس ومحمد بن أبي السري العسقلاني وزيد بن مبارك وسلّام ابن سليمان المدائني ، روى عنه أحمد بن إسحاق الهروي وأبو الفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن حميرويه السّيّاري الكرابيسي وغيرهم ، قال أبو عبد الله الحاكم : سمعت أبا عبد الله بن أبي ذهل يقول سمعت أبا تراب محمد بن إسحاق الموصلي يقول : كنا في مجلس عبد الله بن أحمد بن حنبل ببغداد فحدثنا عن أبيه عن أبي اليمان بحديث وإلى جنبي رجل هرويّ لم يكتب ذلك الحديث ، فقلت له : لم لا تكتب؟ فقال : حدثنا شيخ لنا ثقة مأمون بهراة عن أبي اليمان ، وهو حيّ يقال له عليّ بن محمد بن عيسى الجكاني ، فكان ذلك سبب خروجي إلى خراسان ، فلما دخلت هراة سألت عن منزل عليّ بن محمد الجكاني فدلوني على منزله ، فبقيت أستأذن كل يوم ولا يأذن لي إلى أن قعدت يوما على بابه فأذن لجماعة من جيرانه فدخلت معهم ، فكلموه فلما قاموا التفت إليّ فقال : لم دخلت داري بغير إذني؟ فقلت : قد استأذنت غير مرة فلم يؤذن لي فلما أذن للقوم دخلت معهم ، قال : وكان على فراش وتحته من التراب ما الله به عليم ، فقال : ولم جلست على تكرمتي بغير إذني؟ فمددت يدي وقلبتها على الفراش ونثرت من ذلك التراب عليه وقلت : هذه تكرمة ، فوجد عليّ وأسمعني ، فاستشفعت إليه بأبي الفضل بن أبي سعد فقال : ليس له عندي إلا طبق واحد فليجمع فيه ما شاء من حديثي ، فكتب لي أبو الفضل بخط يده طبقا من حديثه على الورق الجيهاني الكبير جمع فيه كل حديث كبير ، فأتيته به فقال : هه اقرأ ، فكنت أقرأ عليه وهو ينقطع إلى أن قرأته فقال : قم الآن ولا أراك بعدها. ومات علي الجكاني سنة ٢٩٢.

جِكِلُ : بكسرتين ، ولام : بلد بما وراء نهر سيحون من بلاد تركستان قرب طرار ، براءين مهملتين ؛ منها أبو محمد عبد الرحمن بن يحيى بن يونس الجكليّ خطيب سمرقند أيام قدرخان ، روى عن أبي القاسم عبيد الله بن عمر الخطيب ، روى عنه أبو حفص عمر ابن محمد بن أحمد النّسفي ، وتوفي بسمرقند في شعبان سنة ٥١٦.

جُكْرانُ : بالضم ثم السكون ، وراء ، وضبطه بعضهم بالواو مكان الراء ، وضبطته أنا من نسخة أبي سعد بالراء ، وترتيبه في كتابه يدل على الراء لأنه ذكره قبل الجكلي : وهي من قرى سجستان ؛ منها أبو محمد الحسن بن فاخر بن محمد الكرابيسي ، سمع أبا سعيد محمد بن الحسن القاضي السجستاني ، قال أبو سعد : روى لنا عنه أبو جعفر حنبل بن علي بن الحسين السجزي بهراة.

باب الجيم واللام وما يليهما

جُلاباذُ : بالضم ، وبين الألفين باء موحدة ، وآخره ذال معجمة : محلّة كبيرة كانت بنيسابور يقال لها

١٤٨

كلاباذ ؛ منها أبو حامد أحمد بن محمد بن شعيب بن هارون الفقيه الجلاباذي الشعيبي عم أبي أحمد الشاهد ، سمع يحيى بن محمد بن يحيى الذّهلي وغيره ، روى عنه أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه وغيره ، توفي في ذي القعدة سنة ٣٣٨.

جُلّابُ : بالضم ، وتشديد اللام : اسم نهر بمدينة حرّان التي بالجزيرة ، مسمى باسم قرية يقال لها جلّاب ، ومخرج هذا النهر من قرية تعرف بدب ، بينها وبين جلاب أربعة أميال ، ومنتهاه إلى البليخ نهر الرّقّة يصب فيه إن فضل منه شيء في الشتاء وأما في غير الشتاء فلا يفي ببعض ما عليه من الأراضي المزدرعة لأنه صغير ؛ وذكر الجهشياري أن إسماعيل بن صبيح الكاتب في أيام الرشيد حفر لأهل حرّان قناة يشربون منها تعرف بجلاب ، بينها وبين حران عشرة أميال ؛ قال أبو نواس :

بنيت بما خنت الإمام سقاية ،

فلا شربوا إلا أمرّ من الصّبر

فما كنت إلا مثل بائعة استها ،

تعود على المرضى به ، طلب الأجر

جُلاجِلُ : بالضم ، وكسر الثانية ، ويروى بفتح الأولى ، ورأيته بخط أبي زكرياء التبريزي بحاءين مهملتين الأولى مضمومة ، وأصله في قولهم غلام جلاجل ، بجيمين ، إذا كان خفيف الروح نشيطا في عمله ، وكذلك غلام جلجل ؛ قال ابن الأعرابي : جلاجل كثير الجلاجل ، وهداهد كثير الهداهد ، والقراقر كثير القراقر ، كأنه يقول إن فعالل من أبنية التكثير والمبالغة ؛ وقال الأزهري : جلاجل جبل من جبال الدهناء ؛ وأنشد لذي الرّمة :

أيا ظبية الوعساء ، بين جلاجل

وبين النقا ، أأنت أم أمّ سالم؟

جَلالاباذُ : اسم قلعة حصينة بقومس.

جَلّالٌ : بالفتح ، وتشديد اللام الأولى : اسم لطريق نجد إلى مكة ، قال نصر : سمي به كما سمي مثقب والقعقاع ؛ كذا قال ولا أعرف معناه ، وخبرنا رجل من ساكني الجبلين أن جلّالا رمل في غربي سلمى وحدّه من جهة القبلة غوطة بني لام ومن الشمال اللّوى ومن الغرب عرفجاء وشرقيّه بقعاء ؛ قال الراعي :

يهيب بأخراها بريمة ، بعد ما

بدا رمل جلّال لها وعوابقه

أي نواحيه. وفي حديث الهرماس بن حبيب عن أبيه عن جده قال : التقطت شبكة على ظهر الجلّال بقلة الحزن فأتيت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فقلت : اسقني شبكة على ظهر الجلّال ؛ الحديث ذكره النّضر بن شميل. والشبكة والشبك : الآبار المجتمعة.

الجَلاميدُ : جمع جلمود ، وهو الصخر. ذات الجلاميد : موضع بالحزن حزن بني يربوع من ديار تميم ؛ قال ذكوان بن عمرو الضبي يهجو غالبا أبا الفرزدق في قصة :

زعمتم بني الأقيان أن لم نضرّكم ،

بلى والذي ترجى لديه الرغائب

لقد عضّ سيفي ساق عود قناتكم ،

وخرّ على ذات الجلاميد غالب

الجَلّانِيّةُ : بالفتح ، وتشديد اللام ، وكسر النون ، والياء مشددة : من قلاع الهكّارية من نواحي الموصل.

جَلاوَنْد : بتخفيف اللام ، وفتح الواو ، وسكون النون : من قرى قمّ ؛ نسب إليها بعضهم.

١٤٩

جلاهيدُ : كذا وجدته في شعر الراعي في النسخة المقروءة على أحمد بن يحيى ثعلب ، وهو في قوله :

فأفرعن من وادي جلاهيد ، بعد ما

كسا البيت ساقي الغيضة المتناصر

جُلْباطُ : بالضم : ناحية بجبل اللّكّام بين أنطاكية ومرعش ، كانت بها وقعة لسيف الدولة بن حمدان بالروم ، افتخر بها أبو فراس فيما افتخر فقال :

فأوقع ، في جلباط ، بالروم وقعة

بها العمق واللكام والبرج فاخر

جُلْبُ : وهو في اللغة جمع جلبة ، وهي بقلة ، وجلب الليل : سواده ؛ عن الأزهري ؛ وجلب : اسم واد بتهائم اليمن لبني سعد العشيرة بين الجون وجازان ، وكان يقال له الخصوف.

جِلْبُ : بالكسر ؛ والجلب في اللغة : سحاب رقيق ليس فيه ماء ، وكذلك الجلب ، بالضم ، وجلب الرحل وجلبه أيضا : عيدانه ، وجلب : موضع في بلاد عبس ، وفي حديث نجدة الحروري أنه بعث داود بن الضبيب مصدقا إلى بني ذبيان وعبس فقاتلته بنو جذيمة من عبس بجلب ماء لهم فأصابهم ، فقال في ذلك رجل من بني عبس :

ألم تريا جلبا تغيّر بعدنا ،

وسال دما شرقيّه ومغاربه؟

وكائن ترى ، بين الزّويّة والصفا ،

مجرّ كميّ لا تعفّى مساحبه

فلا ظفرت أيدي جذيمة ، إن نجت

أقيش ، وهم قوّاده ومقانبه

جُلْجُلٌ : بالضم : دارة جلجل ، قال الأصمعي وأبو عبيدة : هي من الحمى ، وقال غيرهما : هي من ديار الضباب بنجد فيما يواجه ديار فزارة ، ذكرها امرؤ القيس ، وقد فسرت الدارة في بابها ، والجلجل أصله الذي يعلق على الدوابّ من صفر فيصوّت ، وفي المثل : جريء يعلق الجلجل ؛ قال أبو النجم :

الا امرؤ يعقد خيط الجلجل

يريد الجريء الذي يخاطر بنفسه ؛ وغلام جلجل وجلاجل : خفيف الروح.

الجَلْحَاء : بالفتح ثم السكون ثم حاء مهملة ، وألف ممدودة ، أصله يقال له بقرة جلحاء ، وهي التي يذهب قرناها أخرا ، وقيل بقرة جلحاء ، وكذلك الشاة ، وهي بمنزلة الجمّاء التي لا قرن لها ، ويقال أكمة جلحاء إذا لم تكن محددة الرأس ، ولعل هذا الموضع سمي بذلك : وهو موضع على ستة أميال من الغوير المعروف بالزّبيدية بين العقبة والقاع ، فيها بركة وقباب خراب ، وفي غربيها بئر قليلة الماء عذبة ، رشاؤها نحو من خمسين قامة ، ومنها إلى القاع ستة أميال.

جَلْحٌ : من مياه كلب ثم لبني تويل منهم.

جَلَخْبَاقَانُ : بفتحتين ، وسكون الخاء المعجمة ، وباء موحدة ، وبين الألفين قاف ، وآخره نون : من قرى مرو.

جُلَخْتُجَانُ : بالضم ثم الفتح ، وسكون الخاء ، وضم التاء ، وجيم أخرى ، وألف ، ونون : قرية من قرى مرو أيضا ، بينهما خمسة فراسخ ؛ خرج منها جماعة قديما وحديثا ، منهم : أبو مالك سعيد بن هبيرة الجلختجاني ، يروي عن حماد بن زيد ، سمع منه القاسم بن محمد الميداني.

جِلْذَانُ : بكسر الجيم ، وسكون اللام ، واختلف في الدال فمنهم من رواها مهملة ومنهم من رواها

١٥٠

معجمة : موضع قرب الطائف بين ليّة وسبل ، يسكنه بنو نصر بن معاوية من هوازن ، قيل سمّي بجلذان بن أزال بن عبيل بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام ، وأزال والد جلذان ، وهو الذي اختطّ صنعاء اليمن ، وقال نصر بن حماد في كتاب الذال المعجمة : أسهل من جلذان حمى قريب من الطائف ليّن مستو كالراحة ، وقال الزمخشري : بطن جلذان ، معجمة الذال ، وقولهم : صرّحت بجلدان ، مهملة ؛ وقال أنشدني حسن بن إبراهيم الشيباني الساكن بالطائف :

وجلدان العريض قطعن سوقا ،

يطرن بأجرعيه قطا سكونا

تخال الشمس ، إن طلعت عليها

لناظرها ، علالي أو حصونا

وقال الميداني في الجامع : قولهم صرّحت بجلذان كذا أورده الجوهري بالذال المعجمة ، ووجدت عن الفراء غير معجمة ، وقال : صرحت بجلذان وبجدّان وبجدّاء إذا تبين لك الأمر وصرّح ، وقال ابن الأعرابي : يقال صرّحت بجدّ وجدّان وجلذان وجدّان وجلذاء ، وأورده حمزة في أمثاله بالذال المعجمة ، وأظن الجوهري نقل عنه ، والتاء في قولهم صرّحت عبارة عن القصة والخطّة ؛ قلت أنا : وقد تأملت كتاب الجوهري فلم أجده ذكر صرّحت بجلذان في موضعه وإنما قال أسهل من جلذان ؛ وقال أمية بن الأسكر :

أصبحت فردا لراعي الضان يلعب بي ،

ما ذا يريبك مني راعي الضان؟

اعجب لغيري ، إني تابع سلفي

أعمام مجد وإخوان وأخدان

وانعق بضأنك في أرض تطيف بها

بين الأصافر ، وأنتجها بجلذان

وقال أبو محمد الأسود : قولهم في المثل صرّحت بجلذان يضرب مثلا للأمر إذا بان ، وجلذان : هضبة سوداء يقال لها تبعة فيها نقب ، كل نقب قدر ساعة ، كانوا يعظّمون ذلك الجبل ؛ وقال خفاف بن ندبة يذكر جلذان :

ألا طرقت أسماء من غير مطرق ،

وأنّى وقد حلّت بنجران نلتقي؟

سرت ، كل واد دون رهوة دافع ،

وجلذان أو كرم بليّة محدق

تجاوزت الأعراض ، حتى توسدت

وسادي لدى باب بجلذان مغلق

الجَلْسَدُ : اسم ضم كان بحضرموت ولم أجد ذكره في كتاب الأصنام لأبي المنذر هشام بن محمد الكلبي ، ولكني قرأت في كتاب أبي أحمد الحسن بن عبد الله العسكري : أخبرنا ابن دريد قال أخبرني عمي الحسين بن دريد قال أخبرني حاتم بن قبيصة المهلّبي عن هشام بن الكلبي عن أبي مسكين قال : كان بحضرموت صنم يسمى الجلسد تعبده كندة وحضرموت ، وكانت سدنته بني شكامة بن شبيب بن السّكون بن أشرس بن ثور بن مرتع وهو كندة ثم أهل بيت منهم يقال لهم بنو علّاق ، وكان الذي يسدنه منهم يسمى الأخزر بن ثابت ، وكان للجلسد حمى ترعاه سوامه وغنمه ، وكانت هوا في الغنم إذا رعت حمى الجلسد حرمت على أربابها ، وكانوا يكلّمون منه ، وكان كجثّة الرجل العظيم ، وهو من صخرة بيضاء لها كرأس أسود ، وإذا تأمّله الناظر رأى فيه كصورة وجه الإنسان ؛ قال الأخزر : فإني ليوما

١٥١

عند الجلسد وقد ذبح له رجل من بني الامريّ بن مهرة ذبحا إذ سمعنا فيه كهمهمة الرعد ، فأصغينا فإذا قائل يقول : شعار أهل عدم ، انه قضاء حتم ، ان بطش سهم فقد فاز سهم ، فقلنا : ربنا وضاح وضاح! فأعاد الصوت وهو يقول : ناء نجم العراق ، يا أخزر بن علاق ، هل أحسست جمعا عما ، وعددا جما ، يهوي من يمن وشام ، إلى ذات الآجام ، نور أظلّ ، وظلام أفلّ ، وملك انتقل ، من محل إلى محلّ. ثم سكت فلم ندر ما هو ، فقلنا : هذا أمر كائن. فلما كان في العام المقبل وقد راث علينا ما كنا نسمع من كلام الصنم وساءت ظنوننا وقرّبنا قربانا ولطخنا بدمه وكذلك كنا نفعل ، فإذا الصوت قد عاد علينا فتباشرنا وقلنا : عم صباحا ربّنا لا مصدّ عنك ولا محيد ، تشاجرت الشئون ، وساءت الظنون ، فالعياذ من غضبك ، والإياب إلى صفحك! فإذا النّداء من الصنم يقول : قلبت البنات ، وعزّاها واللات ، وعلياها ومناة ، منعت الأفق فلا مصعد ، وحرست فلا مقعد ، وأبهمت فلا متلدد ، وكان قد ناجم نجم ، وهاجم هجم ، وصامت زجم ، وقابل رجم ، وداع نطق ، وحق بسق ، وباطل زهق. ثم سكت. فتحدثت القبائل بهذا في مخاليف اليمن فأنا لعلى افان ذلك إذ أضل رجل من كندة إبلا فأقبل إلى الجلسد فنحر جزورا واستعار ثوبين من ثياب السدنة واكتراهما فلبسهما ، وكذلك كانوا يفعلون ، ثم قال : أنشدك يا رب أبكرا ضخما مدمومة دما مخلوقة بالأفخاذ مخبوطة بالحاذ أضللتها بين جماهير النخرة حيث الشقيقة والضفرة ، فاهد ربّ وأرشد ؛ فلم يجب ، قال الأخزر : فانكسر لذلك ، وقد كان فيما مضى يخبرنا بالأعاجيب ، فلما جن علينا الليل بتّ مبيتي عنده فإذا هاتف يقول : لا شأن للجلسد ولا رثي لهدد ، استقام الأود وعبد الواحد الصمد ، واكفى الحجر الأصلد ، والرأس الأسود ، قال : فنهضت مذعورا فأتيت الصنم فإذا هو منقلب على رأسه وكان لو اجتمع فئام من الناس ما حلحلوه ، فو الذي نفسي بيده ما عرّجت على أهل ولا مال حتى أتيت راحلتي وخرجت حتى أتيت صنعاء فقلت : هل من خابئة خبر؟ فقيل لي : ظهر رجل بمكة يدعو إلى خلع الأوثان ويزعم أنه نبيّ ، فلم أزل أطوف في مخاليف اليمن حتى ظهر الإسلام ، فأتيت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فأسلمت ؛ وفي أشعارهم :

 .................. كما

بيقر من يمشي إلى الجلسد

والبيقرة : مشية يطأطئ الرجل فيها رأسه.

جِلْسُ : بالكسر ، والسكون ، والسين مهملة ؛ والجلس في اللغة والجليس واحد ، وجلس والقنان : جبلان مما يلي علياء أسد وعلياء غطفان ؛ ويروى قول العرجي بكسر الجيم :

بنفسي والنّوى أعدى عدوّ ،

لئن لم يبق لي بالجلس جارا

وما ذا كثرة الجيران تغني

إذا ما بان من أهوى وسارا؟

الجَلْسُ : بالفتح ، وهو الغليظ من الأرض ؛ ومنه جمل جلس وناقة جلس أي وثيق جسيم. والجلس : علم لكل ما ارتفع من الغور في بلاد نجد ، قال ابن السكيت : جلس القوم إذا أتوا نجدا ، وهو الجلس ؛ وأنشد :

شمال من غار به مفرعا ،

وعن يمين الجالس المنجد

وقال الهذلي :

إذا ما جلسنا لا تكاد تزورنا

سليم ، لدى أبياتنا ، وهوازن

١٥٢

أي إذا أتينا نجدا ؛ وورد الفرزدق المدينة مادحا لمروان بن الحكم فأنكر مروان منه شيئا فأمره بالخروج من المدينة عنفا بعد أن كتب له إلى بعض العمال بمال ، فقال الفرزدق :

يا مرو إن مطيّتي محبوسة ،

ترجو الحباء ، وربها لم ييأس

فالتقاه رجل فأنشده هذه الأبيات :

قل للفرزدق والسفاهة كاسمها :

إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس

وأتيتني بصحيفة مختومة ،

أخشى عليك بها حباء النّقرس

الق الصحيفة ، يا فرزدق! لا تكن

نكداء مثل صحيفة المتلمّس

قال الطبراني في معجمه الكبير : حدثنا خالد بن النضر القرشي قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا كثير بن عبد الرحمن بن جعفر عن عبد الله ابن كثير بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جدّه بلال بن الحارث المزني قال : خرجنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في بعض أسفاره فخرج لحاجته ، وكان إذا خرج لحاجته يبعد ، فأتيته بإداوة من ماء فانطلق ، فسمعت عنده خصومة رجال ولغطا لم أسمع مثله فقال : بلال؟ فقلت : بلال! فقال : أمعك ماء؟ قلت : نعم ، قال : أصبت ؛ فأخذه مني وتوضأ ، قلت : يا رسول الله سمعت عندك خصومة رجال ولغطا لم أسمع أحدا من ألسنتهم ، قال : اختصم عندي الجن المسلمون والجن المشركون وسألوني أن أسكنهم فأسكنت المشركين الغور وأسكنت المسلمين الجلس ؛ قال عبد الله بن كثير : قلت لكثير ما الجلس وما الغور؟ قال : الجلس القرى ما بين الجبال والبحر ، قال كثير : ما رأينا أحدا أصيب بالجلس إلا سلم ولا أصيب أحد بالغور إلا ولم يكد يسلم ؛ وقال إبراهيم بن هرمة :

قفا فهريقا الدمع بالمنزل الدّرس ،

ولا تستملا أن يطول به حبسي

ولو أطمعتنا الدار ، أو ساعفت بها ،

نصصنا ذوات النّصّ والعنق الملس

وحثّت إليها كلّ وجناء حرّة

من العيس ، ينبي رحلها موضع الحلس

ليعلم أن البعد لم ينس ذكرها ،

وقد يذهل النّأي الطويل ، وقد ينسي

فإن سكنت بالغور حنّ صبابة

إلى الغور ، أو بالجلس حنّ إلى الجلس

تبدّت ، فقلت : الشمس عند طلوعها ،

بلون غنيّ الجلد عن أثر الورس

فلما ارتجعت الرّوح قلت لصاحبي

على مرية : ما ههنا مطلع الشمس

وتقول : رأيت جلسا أي رجلا طويلا راكبا جلسا أي بعيرا عاليا قد علا جلسا : اسم جبل ؛ يأكل جلسا أي عسلا ، ويشرب جلسا أي خمرا ، يؤمّ جلسا أي نجدا ؛ وأنشد ابن الأعرابي :

وكنت امرأ بالغور مني زمانة ،

وبالجلس أخرى ما تعيد ولا تبدي

فطورا أكرّ الطرف نحو تهامة ،

وطورا أكرّ الطرف شوقا إلى نجد

وأبكي على هند إذا ما تباعدت ،

وأبكي إلى دعد إذا فارقت هند

(١) أقول إلى بمعنى مع كأنه قال : أبكيهما معا.

__________________

(١) في هذا البيت إقواء.

١٥٣

جَلَّصَوْرَى : لفتح ، وتشديد اللام وفتحها ، وفتح الصاد المهملة ، وسكون الواو ، وفتح الراء ، والقصر : اسم قلعة في جبال الهكّارية بأرض الموصل.

الجَلَعْبُ : بفتحتين ، وسكون العين المهملة ؛ والجلعب في الأصل الرجل الجافي الكثير الشرّ ، قال : جلفا جلعبا ذا جلب : وهو جبل بناحية المدينة ، وقد ثنّاه بعضهم في الشعر كعادتهم في أمثاله فقال :

سقى الله ما حلّت به أم مالك

من الأرض ، أو مرّت عليه جمالها

ألا هل أري قومي ، على النأي ، أنني

سررت وأسباني قديما فعالها

فدى لهم ، بالوجه ، أمي وخالتي ،

وليلة معدى سمعها وقتالها

هم طحطحوا عنا منولة حقبة

بضرب ، كأيدي الجرد ذيد نهالها

فما فتئت ضبع الجلعبين تعتري

مصارع قتلى ، في التراب سبالها

جَلْعَدُ : بالفتح ثم السكون ، وهو في اللغة الصلب الشديد : وهو اسم موضع ؛ قال جرير :

أحلّ إذا شئت الإياد وحزنه ؛

وإن شئت أجراع العقيق وجلعدا

جُلَّفار : بالضم ثم الفتح والتشديد ، وفاء ، وآخره راء : بلد بعمان عامر كثير الغنم والجبن والسمن يجلب منها إلى ما يجاورها من البلدان.

جُلْفارُ : بضم أوله ، ويكسر ، واللام ساكنة : قرية من قرى مرو الشاهجان.

جُلْفَرُ : بسقوط الألف من التي قبلها ، وهما واحد ، وأهل مرو يقولون كلفر ؛ ينسب إليها أبو نصر محمد ابن الحسن بن عليّ بن أحمد القزاز الجلفري ، كان فقيها فاضلا ، سافر إلى العراق والشام ولقي الشيوخ وسمع الكثير ، روى عن أبيه أبي العباس وغيره ، وروى عنه أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي ، توفي بعد سنة ٤٦٣.

جَلَفُ والقيْسُ : بلد من نواحي البهنسية من أرض مصر.

جِلِّقُ : بكسرتين وتشديد اللام وقاف ؛ كذا ضبطه الأزهري والجوهري ، وهي لفظة أعجمية ، ومن عرّبها قال : هو من جلّق رأسه إذا حلقه : وهو اسم لكورة الغوطة كلها ، وقيل بل هي دمشق نفسها ، وقيل جلّق موضع بقرية من قرى دمشق ، وقيل صورة امرأة يجري الماء من فيها في قرية من قرى دمشق ، قاله نصر ؛ قال حسان بن ثابت الأنصاري :

لله درّ عصابة نادمتهم

يوما بجلّق في الزمان الأوّل

وقال حسان بن نمير المعروف بعرقلة الدمشقي يذكرها ويصف كثيرا من نواحيها من قصيدة وازن بها قصيدة أبي نواس فقال :

أجارة بيتينا أبوك غيور

مدح بها صلاح الدين يوسف بن أيوب وقصده بها إلى مصر كما فعل أبو نواس في قصيدة الخصيب حيث قال :

عسى من ديار الظاعنين بشير ،

ومن جور أيام الفراق مجير

لقد عيل صبري بعدهم ، وتكاثرت

همومي ولكنّ المحبّ صبور

وكم بين أكناف الثغور متيّم

كثيب ، غزته أعين وثغور

١٥٤

وكم ليلة بالماطرون قطعتها ،

ويوم إلى الميطور ، وهو مطير

سقى الله من سطرا ومقرا منازلا ،

بها للندامى نضرة وسرور

ولا زال ظلّ النّير بين ، فإنه

طويل ويوم المرء فيه قصير

ويا بردى! لا زال ماؤك باردا ،

وماء الحيا من ساحتيك نمير

أبى العيش إلا بين أكناف جلّق ،

وقد لاح فيها أشمس وبدور

وكم بحمى جيرون سرب جآذر

حبائلهنّ المال ، وهو نفور

ولكن سأحويه ، إذا سرت قاصدا

إلى بلد فيه الصلاح أمير

وقال بعض الشعراء وجعلها مثلا في كثرة المياه والخير وغناها عن الأمطار :

الرّزق كالوسميّ ربّتما غدا

روض القطا ، وسقى حدائق جلّق

فإذا سمعت بحوّل متأدّب

متألّه ، فهو الذي لم يرزق

والرزق يخطي باب عاقل قومه ،

ويبيت بوّابا لباب الأحمق

وجلّق أيضا : ناحية بالأندلس بسرقسطة يسقي نهرها عشرين ميلا من باب سرقسطة ، وليس بالأندلس أعذب من مائه ، وهو يجري نحو المشرق ، ويزعمون أن الماء إذا جرى مشرقا كان أعذب وأصحّ من الذي يجري نحو المغرب ، وكان بنو أمية لما تملكوا الأندلس بعد انتقالهم من الشام أيام هربهم من بني العباس سموا عدة مواضع بالأندلس بأسماء مدن الشام ، فسموا إشبيلية حمص وسموا موضعا آخر الرّصافة وموضعا آخر تدمر ، ثم تلاعبت بها ألسنة أهل الأندلس فقالوا تدمير وسموا هذا الموضع جلق ؛ وقال الأديب أبو زيد عبد الرحمن بن مقانا الأشبوني:

دعوت ، فأسمعت بالمرهفا

ت صمّ الأعادي وصمّ الصفا

وشمت سيوفك في جلّق ،

فشامت خراسان منك الحيا

قال ابن بسام الأندلسي بعد إيراده هذا البيت : جلق واد في شرقي الأندلس.

جُلَكُ : بالضم ثم الفتح ، وكاف ، بوزن جرذ ؛ قال أبو سعد : هذه الصورة رأيتها في تاريخ أبي بكر بن مردويه الأصبهاني ، وظني أنها من قرى أصبهان ؛ منها أبو الفضل العباس بن الوليد الجلكي الأصبهاني ، يروي عن أصرم بن جوشب وغيره.

جَلُلْتَا : بالفتح ثم الضم ، وسكون اللام الثانية ، والتاء مثناة من فوقها ، والقصر : قرية مشهورة من قرى النهروان ؛ ينسب إليها أبو طالب المحسن بن عليّ بن شهفيروز الجللتاني من فقهاء أصحاب الشافعي ، روى عن القاضي أبي الفرج المعافى بن زكرياء الجريري وأبي طاهر المخلص وتفقه على أبي حامد الأسفراييني ، وتوفي بجللتا في شهر رمضان سنة ٤٥٦ ؛ قاله السلفي.

الجُلَلُ : بالضم ثم الفتح ، وآخره لام أخرى : ناحية من أعمال صنعاء باليمن.

لجُلّ : بالضم ، وتشديد اللام ، وجلّ الشيء معظمه :وهو قريب من السّلمان ، بينه وبين واقصة ثمانية

١٥٥

أميال ، وقال الحازمي : جلّ موضع بالبادية على جادّة طريق القادسيّة إلى زبالة ، بينه وبين القرعاء ستة عشر ميلا ، وهو بينها وبين الرمانتين ، له ذكر في الشعر.

جُلْمائِرْد : بالضم ثم السكون ، وميم ، وألف ، وياء مهموزة ، وراء ، ودال : قرية كبيرة من قرى أصبهان من ناحية قهاب ، فيها منبر وجامع كبير.

جَلْوَاباذُ : بالفتح ثم السكون ؛ قال أبو سعد : أظنها من قرى همذان ؛ منها عليّ بن إسحاق بن إبراهيم الهمذاني الجلواباذي ، روى عن عثمان بن أبي شيبة وأحمد ابن منيع وإسماعيل بن ثوبة ، روى عنه الحسين بن يزيد الدقيقي وأحمد بن إسحاق الطيبي ، وهو صدوق.

جَلُودُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، ودال مهملة ، قالوا : هي بلدة بإفريقية ؛ ينسب إليها القائد عيسى ابن يزيد الجلودي ، وكان مع عبد الله بن طاهر ، وولي مصر ، وقال ابن قتيبة في أدب الكاتب : هو الجلودي ، بفتح الجيم ، منسوب إلى جلود ، وأحسبها قرية بإفريقية ، وقال أبو محمد عبد الله بن محمد البطليوسي : كذا قال يعقوب ، وقال علي بن حمزة البصري : سألت أهل إفريقية عن جلود هذه التي ذكرها يعقوب فلم يعرفها أحد من شيوخهم ، وقالوا إنما نعرف كدية الجلود ، وهي كدية من كدى القيروان ، قال : والصحيح أن جلود قرية بالشام معروفة.

جَلُولاء : بالمدّ : طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان ، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ ، وهو نهر عظيم يمتد إلى بعقوبا ويجري بين منازل أهل بعقوبا ويحمل السفن إلى باجسرا ، وبها كانت الوقعة المشهورة على الفرس للمسلمين سنة ١٦ ، فاستباحهم المسلمون ، فسمّيت جلولاء الوقيعة لما أوقع بهم المسلمون ؛ وقال سيف : قتل الله ، عز وجل ، من الفرس يوم جلولاء مائة ألف فجلّلت القتلى المجال ما بين يديه وما خلفه ، فسميت جلولاء لما جلّلها من قتلاهم ، فهي جلولاء الوقيعة ؛ قال القعقاع بن عمرو فقصرها مرّة ومدها أخرى :

ونحن قتلنا في جلولا أثابرا

ومهران ، إذ عزّت عليه المذاهب

ويوم جلولاء الوقيعة أفنيت

بنو فارس ، لمّا حوتها الكتائب

والشعر في ذكرها كثير. وجلولاء أيضا : مدينة مشهورة بإفريقية ، بينها وبين القيروان أربعة وعشرون ميلا ، وبها آثار وأبراج من أبنية الأول ، وهي مدينة قديمة أزلية مبنية بالصخر ، وبها عين ثرّة في وسطها ، وهي كثيرة الأنهار والثمار ، وأكثر رياحينها الياسمين ، وبطيب عسلها يضرب المثل لكثرة ياسمينها ، وبها يربّب أهل القيروان السمسم بالياسمين لدهن الزّنبق ، وكان يحمل من فواكهها إلى القيروان في كل وقت ما لا يحصى ؛ وكان فتحها على يدي عبد الملك بن مروان ، وكان مع معاوية بن حديج في جيشه فبعث إلى جلولاء ألف رجل لحصارها ، فلم يصنعوا شيئا ، فعادوا فلم يسيروا إلا قليلا حتى رأى ساقة الناس غبارا شديدا فظنوا أن العدوّ قد تبع الناس ، فكرّ جماعة من المسلمين إلى الغبار ، فإذا مدينة جلولاء قد تهدم سورها ، فدخلها المسلمون ، فانصرف عبد الملك بن مروان إلى معاوية بن حديج بالخبر ، فأجلب الناس الغنيمة ، فكان لكل رجل من المسلمين مائتا درهم ، وحظ الفارس أربعمائة درهم.

جَلُولَتَين : اللام الثانية مفتوحة ، والتاء مفتوحة فوقها نقطتان ، وياء ساكنة ، ونون : قرية من قرى بعلبكّ

١٥٦

قريبة من النهروان ؛ سمع بها أبو سعد من أبي البقاء كرم بن بقاء بن ملاعب الجلولتيني.

جَلْوَةُ : بسكون اللام ، وفتح الواو : من مياه الضباب بالحمى حمى ضرية ، وربما قيل له جلوى بالقصر ، والله أعلم.

الجَلْهَتانِ : وجلهتا الوادي : ناحيتاه وحرفاه ؛ وأكثر العلماء يرون أن لبيدا عنى ذلك بقوله :

وعلا فروع الأيهقان ، وأطفلت

بالجلهتين ظباؤها ونعامها

إلّا أبا زياد الكلابي فإنه قال : الجلهتان مكانان بالحمى حمى ضرية ، وأنشد البيت.

الجُلْهُمَتَانِ : بالضم ثم السكون ، وضم الهاء أيضا ، وفتح الميم ، تثنية الجلهمة ، وهو في حديث أبي سفيان أنه قال للنبي ، صلى الله عليه وسلم : ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهمتين ؛ قال الأزهري : قال شمر لم أسمع الجلهمة إلّا في هذا الحديث ؛ وفي حرف آخر روي عن أبي زيد : هذا جلهم ، والجلهمة : الفأرة الضخمة ، قال : وحيّ من ربيعة يقال لهم الجلاهم ؛ وقال أبو عبيد : أراه أراد الجلهة ، وهي فم الوادي ، فزاد فيه ميما فقال جلهمة ، وهكذا رواه بفتح الجيم والهاء وأنشد :

بجلهمة الوادي قطا نواهض

قال الأزهري : وقد زادت العرب الميم في حروف كثيرة ، منها قولهم : قصمل الشيء إذا كسره في حروف كثيرة عدّدها ؛ قلت أنا : وهذا وإن لم يصح أنه مكان بعينه فإن السامع لهذا الحديث يظنه كذلك فلذلك ذكر.

جِلْيَانَةُ : بالكسر ثم السكون ، وياء ، وألف ، ونون : حصن بالأندلس من أعمال وادي ياش ، حصين كثير الفواكه ، ويقال لها جليانة التّفاح لجلالة تفاحها وطيبه وريحه ، قيل : إذا أكل وجد فيه طعم السكر والمسك ؛ منها عبد المنعم بن عمر بن حسان الشاعر الأديب الطبيب ، كان عجيبا في عمل الأشعار التي تقرأ القطعة الواحدة بعدّة قواف ويستخرج منها الرسائل والكلام الحكميّ مكتوبا في خلال الشعر ، وكان يعمل من ذلك دوائر وأشجارا وصورا ، سكن دمشق ، وكانت معيشته الطب ، يجلس باللّبّادين على دكان بعض العطارين ، كذلك لقيته ووقّفني على أشياء مما ذكرته وأنشدني لنفسه ما لم أضبطه عنه ، ومات بدمشق سنة ٦٠٣ ، وأنشدني السديد عمر بن يوسف القفصي قال : أنشدني عبد المنعم الجلياني لنفسه :

وهل ثمّ نفس لا تميل إلى الهوى؟

محال ، ولكن ثمّ عزم على الصبر

سلالة هذا الخلق من ظهر واحد ،

وللكلّ شرب من قوى ذلك الظهر

جُلَيْجلُ : تصغير جلجل : منزل في طريق البرّيّة من دمشق دون القريتين ، بينه وبين دمشق مرحلتان لمن يقصد الشرق ، به خان رأيته غير مرة.

جِلّيقِيَّةُ : بكسرتين ، واللام مشددة ، وياء ساكنة ، وقاف مكسورة ، وياء مشددة ، وهاء : ناحية قرب ساحل البحر المحيط من ناحية شمالي الأندلس في أقصاه من جهة الغرب ، وصل إليه موسى بن نصير لما فتح الأندلس ، وهي بلاد لا يطيب سكناها لغير أهلها ، وقال ابن ماكولا : الجلّيقي نسبة إلى بلدة من بلاد الروم المتاخمة للأندلس يقال لها جلّيقية ؛ منها عبد الرحمن بن مروان الجلّيقي من الخارجين بالأندلس في أيام بني أميّة ، وقد صنّف في أخباره تاريخ.

الجلِيلُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ولام أخرى ، جبل الجليل : في ساحل الشام ممتدّ إلى قرب حمص ،

١٥٧

كان معاوية يحبس في موضع منه من يظفر به ممن ينبز بقتل عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ؛ منهم محمد بن أبي حذيفة وكريب بن أبرهة ، وهناك قتل عبد الرحمن بن عديس البلوي ، قتله بعض الأعراب لما اعترف عنده بقتل عثمان ؛ كذا قال أبو بكر بن موسى ؛ وقال ابن الفقيه : وكان منزل نوح ، عليه السلام ، في جبل الجليل بالقرب من حمص في قرية تدعى سحر ويقال إن بها فار التّنّور ، قال : وجبل الجليل بالقرب من دمشق أيضا ، يقال إن عيسى ، عليه السلام ، دعا لهذا الجبل أن لا يعدو سبعه ولا يجدب زرعه ، وهو جبل يقبل من الحجاز ، فما كان بفلسطين منه فهو جبل الحمل ، وما كان بالأردن فهو جبل الجليل ، وهو بدمشق لبنان وبحمص سنير ؛ وقال أبو قيس بن الأسلت :

فلو لا ربّنا كنا يهودا ،

وما دين اليهود بذي شكول

ولو لا ربنا كنا نصارى

مع الرهبان في جبل الجليل

ولكنا خلقنا ، إذ خلقنا ،

حنيف ديننا عن كل جيل

وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي : واصل بن جميل أبو بكر السلاماني من بني سلامان الجليلي من جبل الجليل من أعمال صيداء وبيروت من ساحل دمشق ، حدّث عن مجاهد ومكحول وعطاء وطاووس والحسن البصري ، روى عنه الأوزاعي وعمر بن موسى بن وجيه الوجيهي ، وقال يحيى بن معين : واصل بن جميل مستقيم الحديث ، ولما هرب الأوزاعي من عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس اختبأ عنده ، وكان الأوزاعي يحمد ضيافته ويقول : ما تهنّأت بضيافة أحد مثلما تهنأت بضيافتي عنده ، وكان خبأني في هري العدس ، فإذا كان العشاء جاءت الجارية فأخذت من العدس فطبخت ثم جاءتني به ، فكان لا يتكلف ، فتهنأت بضيافته. وذو الجليل : واد قرب مكة ؛ قال بعضهم :

بذي الجليل على مستأنس وحد

وذو الجليل أيضا : واد بقرب أجإ.

جُلَيّةُ : بلفظ تصغير الجليّ ، وهو الواضح ؛ قال نصر : موضع قرب وادي القرى من وراء بدا وشغب.

باب الجيم والميم وما يليهما

الجَمّاءُ : بالفتح ، وتشديد الميم ، والمد ؛ يقال للبنيان الذي لا شرف له أجمّ ولمؤنثه جمّاء ، ومنه شاة جماء لا قرن لها ، والجم في الأصل الكثير من كل شيء ، ومنه جمة الرأس لمجتمع الشعر ، فأما أجم وجماء في البنيان فهو من النقص فيكون هو ، والله أعلم ، نحو قولهم أشكيته إذا أزلت شكواه ، وأعجمت الكتاب إذا أزلت عجمته ، وله نظائر.

والجماء : جبيل من المدينة على ثلاثة أميال من ناحية العقيق إلى الجرف ، وقال أبو القاسم محمود بن عمر : الجماء جبيل بالمدينة ، سمّيت بذلك لأن هناك جبلين هي أقصرهما فكأنها جماء ؛ وفي كتاب أبي الحسن المهلبي : الجماء اسم هضبة سوداء ، قال : وهما جمّاوان يعني هضبتين عن يمين الطريق للخارج من المدينة إلى مكة ؛ قال حسان بن ثابت :

وكان بأكناف العقيق وبيده ،

يحطّ من الحماء ركنا ململما

وفي كتاب أحمد بن محمد الهمذاني : الجمّاوات ثلاث

١٥٨

بالمدينة ، فمنها : جماء تضارع التي تسيل إلى قصر أمّ عاصم وبئر عروة وما والى ذلك ، وفيها يقول أحيحة بن الجلاح :

إنّي والمشعر الحرام ، وما

حجّت قريش له ، وما نحروا

لا آخذ الخطة الدنية ما

دام يرى ، من تضارع ، حجر

ومنه مكيمن الجماء ، وفيه يقول سعيد بن عبد الرحمن ابن حسّان بن ثابت :

عفا مكمن الجماء من أمّ عامر ،

فسلع عفا منها فحرّة واقم

ثم الجماء الثانية جماء أمّ خالد التي تسيل على قصر محمد ابن عيسى الجعفري وما والاه ، وفي أصلها بيوت الأشعث من أهل المدينة وقصر يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النّوفلي وفيفاء الخبار من جماء أمّ خالد.

والجماء الثالثة جماء العاقر ، بينها وبين جماء أمّ خالد فسحة ، وهي تسيل على قصور جعفر بن سليمان وما والاها ، وإحدى هذه الجماوات أراد أبو قطيفة بقوله :

القصر فالنخل فالجمّاء بينهما ،

أشهى إلى القلب من أبواب جيرون

إلى البلاط ، فما حازت قرائنه

دور نزحن عن الفحشاء والهون

قد يكتم الناس أسرارا وأعلمها ،

وليس يدرون طول الدهر مكنوني

الجَمَاجِمُ : جمع جمجمة ، وهو قدح من الخشب ، ودير الجماجم : موضع ذكر في الديرة ، قال أبو عبيدة : سمّي بذلك لأنه كان يعمل به الأقداح من خشب ؛ والجمجمة : البئر تحفر في سبخة ، ويجوز أن الموضع سمّي بذلك.

جُمَاجِمُ : بالضم ، وهو من أبنية التكثير والمبالغة ، ذو جماجم : من مياه العمق على مسيرة يوم منه ، وقد يقال فيه بالفتح أيضا.

جَمَاجِمُو : كذا يتلفّظ بها أهل جرجان ويكتبونها جماجم : سكة بجرجان قرب الخندق ؛ ينسب إليها أبو عليّ الحسن بن يحيى بن نصر الجماجمي ، يروي عن العباس بن عيسى العقيلي ، روى عنه أبو نصر محمد ابن يوسف الطوسي ، وله مصنّفات.

الجِمَاحُ : بالكسر ، وآخره حاء مهملة ، مصدر جمح الفرس إذا غلب صاحبه ، جماحا وجموحا : وهو موضع في شعر الأعشى.

جِمَارٌ : بالكسر ، جمع جمرة ، وهي الحصاة : اسم موضع بمنى ، وهو موضع الجمرات الثلاث ، قال ابن الكلبي : سمّيت بذلك حيث رمى إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، إبليس فجعل يجمر من مكان إلى مكان أي يثب ؛ وكان ابن الكلبي ينشد هذا البيت :

وإذا حرّكت غرزي أجمرت

وقال الشاعر :

إذا جئتما أعلى الجمار ، فعرّجا

على منزل بالخيف غير ذميم

وقولا سقاك الله عن ذي صبابة

إليك ، على ما قد عهدت ، مقيم

جَمَّازُ : بالفتح ثم التشديد ، وألف ، وزاي ، وهو الكثير الجمز : أي الوثب وهو بلد بحري في جزيرة قريبة من اليمن.

جَمَّاعِيلُ : بالفتح ، وتشديد الميم ، وألف ، وعين مهملة مكسورة ، وياء ساكنة ، ولام : قرية في جبل نابلس من أرض فلسطين ؛ منها كان الحافظ

١٥٩

عبد الغني بن عبد الواحد بن عليّ بن سرور بن نافع ابن حسن بن جعفر المقدسي أبو محمد ، انتسب إلى بيت المقدس لقرب جمّاعيل منها ولأن نابلس وأعمالها جميعا من مضافات البيت المقدس وبينهما مسيرة يوم واحد ، ونشأ بدمشق ورحل في طلب الحديث إلى أصبهان وغيرها ، وكان حريصا كثير الطلب ، ورد بغداد فسمع بها من ابن النقور وغيره في سنة ٥٦٠ ، ثم سافر إلى أصبهان وعاد إليها في سنة ٥٧٨ ، فحدث بها وانتقل إلى الشام ثم إلى مصر فنفّق بها سوقه ، وصار له بها حشد وأصحاب من الحنابلة ، وكان قد جرى له بدمشق أن ادّعي عليه أنه يصرّح بالتجسيم وأخذت عليه خطوط الفقهاء ، فخرج من دمشق إلى مصر لذلك ولم يخل في مصر عن مناكد له في مثل ذلك تكدّرت عليه حياته بذلك ، وصنف كتبا في علم الحديث حسانا مفيدة ، منها كتاب الكمال في معرفة الرجال ، يعني رجال الكتب الستة من أول راو إلى الصحابة ، جوّده جدّا ، ومات في سنة ٦٠٠ بمصر ؛ ومنها أيضا الشيخ الزاهد الفقيه موفّق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد ابن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر الجماعيلي المقدسي المقيم بدمشق ، كان من الصالحين العلماء العاملين ، لم يكن له في زمانه نظير في العلم على مذهب أحمد بن حنبل والزهد ، صنف تصانيف جليلة ، منها كتاب المغني في الفقه على مذهب أحمد بن حنبل والخلاف بين العلماء ، قيل لي إنه في عشرين مجلدا ، وكتاب المقنع وكتاب العهدة ، وله في الحديث كتاب التوّابين وكتاب الرقة وكتاب صفة الفلق وكتاب فضائل الصحابة وكتاب القدر وكتاب الوسواس وكتاب المتحابّين ، وله في علم النسب كتاب التبيين في نسب القرشيين وكتاب الاستبصار في نسب الأنصار ومقدمة في الفرائض ومختصر في غريب الحديث وكتاب في أصول الفقه وغير ذلك ، وكان قد تفقه على الشيخ أبي الفتح بن المني ببغداد ، وسمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بن البطي وأبا المعالي أحمد ابن عبد الغني بن حنيفة الباجسرائي وأبا زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي وغيرهم كثيرا ، وتصدّر في جامع دمشق مدة طويلة يقرأ في العلم ، أخبرني الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأزهري الصيرفي أنه آخر من قرأ عليه ، وأنه مات بدمشق في أواخر شهر رمضان سنة ٦٢٠ ، وكان مولده في شعبان سنة ٥٤١.

جُمَالُ : بالضم ، والتخفيف : موضع بنجد في شعر حميد بن ثور الهلالي.

جُمَانُ : آخره نون ، والجمان : خرز من فضة ؛ وجمان الصّويّ : من أرض اليمن.

جُمَانَةُ : واحدة الذي قبله ، روي عن عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير أنه سمع منشدا ينشد قول جدّه جرير :

امّا لقلبك لا يزال موكلا

بهوى جمانة ، أو بريّا العاقر

فقال له : ما جمانة وما ريّا العاقر؟ فقال : امرأتاه ، فضحك وقال : والله ما هما إلا رملتان عن يمين بيت جرير وشماله.

الجَمَاهرية : حصن قرب جبلة من سواحل الشام ، وجماهر الشيء : معظمه.

جَمَاهِيرُ : بالفتح : موضع في قول امرئ القيس ، وهو بيت فرد :

وقد أقود بأقراب إلى حرض

إلى جماهير ، رحب الجوف صهّالا

١٦٠