معجم البلدان - ج ٢

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٢

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩

وقال الرشيد للعباس بن الأحنف : قل شيئا على موت هيلانة وضياء ، فقال :

أيهدي ضياء ، بعد هيلانة ، البلى؟

أراك ملقّى من فراق الحبائب

ولما رأيت الموت ، لا بدّ واقعا ،

تذكّرت قول المبتلى بالمصائب

لعمرك ما تعفو كلوم مصيبة

على صاحب ، إلّا فجعت بصاحب

حَوْضَى : بالفتح ثم السكون ، مقصور ، بوزن سكرى ، فهو لا ينصرف معرفة ولا نكرة للتأنيث ولزومه : هو اسم ماء لبني طهمان بن عمرو بن سلمة بن سكن ابن قريط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب إلى جنب جبل في ناحية الرمل ، وقد تقدّم أنه حوضاء ممدود ، والله أعلم ، وقد أكثرت شعراء هذيل من ذكر هذا في شعرهم فإن لم يكن في بلادهم فهو قريب منها ، قال أبو خراش :

فأقسمت لا أنسى قتيلا رزئته

بجانب حوضي ، ما مشيت على الأرض

وقال أبو ذؤيب :

من وحش حوضي يراعي الصّيد منتقلا ،

كأنه كوكب في الجوّ منفرد

ويروى منجرد ، وقرأت في نوادر أبي زياد : حوضي نجد من منازل بني عقيل ، وفيه حجارة صلبة ليس بنجد حجارة أصلب منها ، قال ذو الرّمة :

إذا ما بدت حوضي وأعرض حارك

من الرمل ، تمشي حوله العين ، أعفر

والحارك : المرتفع ، وقرأت في بعض الكتب : توفي زوج أعرابيّة فخطبها ابن عمّ لها ، فأطرقت وجعلت تنكت الأرض بإصبعها حتى خدّت فيها حفيرا ، وملأته من دموعها ، وكانت لهم مقبرة يقال لها حوضي وقد دفن فيها زوجها ، فقالت :

فإن تسألاني عن هواي ، فإنه

مقيم بحوضى أيها الرجلان

وإن تسألاني عن هواي ، فإنه

رهين له بالبثّ يا فتيان

وإنّي لأستحييه ، والترب بيننا ،

كما كنت أستحييه وهو يراني

أهابك إجلالا ، وإن كنت في الثرى ،

وأكره حقّا أن يسؤك مكاني

فقام الفتى وأيس منها ، ثم رآها بعد في المقابر في أحسن زيّ ، فقال لرجل معه : أما ترى فلانة في أحسن زيّ هي خرجت متعرّضة للرجال؟ فلما دنت من قبر زوجها التزمته وأنشأت تقول :

يا صاحب القبر ، يا من كان ينعم بي

عيشا ، ويكثر في الدنيا مواتاتي

لمّا علمتك تهوى أن تراني في

حلي ، وتهواه من ترجيع أصواتي

فمن رآني رأى حيرى مفجّعة ،

بشهرة الزّي أبكي بين أمواتي

ثم شهقت شهقة فارقت معها الدنيا ، فدفنت إلى جنب زوجها ، وقال القتال الكلابي :

وما أنس م الأشياء لا أنس نسوة

طوالع من حوضي ، وقد جنح العصر

ولا موقفي بالعرج ، حتى أجنّها

عليّ من العرجين أسترة حمر

طوالع من حوضي الرّداة كأنها

نواعم من مرّان ، أوقرها النّسر

٣٢١

بشرقيّ حوضي أخّرتني منازل

قفار ، جلا لي عن معارفها القطر

تنير وتسدي الريح في عرصاتها ،

كما نمنم القرطاس بالقلم الحبر

وخيط نعامى الرّبد فيها كأنها

أباعر ضلّال ، بآباطها نشر

حَوْطٌ : بالفتح ، من حاطه يحوطه حوطة وحيطة وحياطة أي كلأه ورعاه ، قال أبو سعد : هي قرية بحمص أو بجبلة من ساحل الشام في طيّء ، ونسب إليها أبو عبد الله أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي من أهل جبلة ، حدث عن جنادة بن مروان الحمصي وأبي اليمان الحكم بن نافع وغيرهما ، حدث عنه سليمان بن أحمد الطبراني ، ومات بعد سنة ٢٧٧.

الحَوْفُ : بالفتح ، وسكون الواو ، والفاء ، والحوف : القربة في بعض اللغات ، كذا أظنّه ، والذي ضبطته من خط أبي منصور الأزهري : الحوف القربة ، بكسر القاف والباء موحدة ، والجمع الأحواف ، والحوف لغة أهل الشّحر كالهودج وليس به ، والحوف : إزار من أدم يلبسه الصبيان ، وجمعه أحواف ، قال البخاري : الحوف بناحية عمان.

والحوف بمصر حوفان : الشرقي والغربي ، وهما متصلان ، أول الشرقي من جهة الشام وآخر الغربي قرب دمياط ، يشتملان على بلدان وقرى كثيرة ، وقد ينسب إليها قسيم بن أحمد بن مطير الحوفي المقري ، وأبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن سعيد بن يوسف الحوفي النحوي ، روى عن ابن رشيق والأدفوي وغيرهما ، وروي من طريقه عدّة كتب من تصانيف النحاس ، وقال السّكّري : أخبرني أبو محكم قال : أنشدني أبو مطهّر لعبيد بن عيّاش البكري أحد بني قوالة وطرد هو وعارم إبلا لرجل نصرانيّ من حوف مصر حتى أوردها حجر اليمامة فقال :

سرت من قصور الحوف ليلا ، فأصبحت

بدجلة ، ما يرجو المقام حسيرها

نباطيّة ، لم تدر ما الكور قبلها ،

ولا السير بالموماة مذ دقّ نورها

يدور عليها حادياها إذا ونت ،

وأنت على كأس الصليب تديرها

سلوا أهل تيماء اليهود ممرّها ،

صبيحة خمس ، وهي تجري صفورها

ألا لا يبالي عارم ما تجشّمت ،

إذا واجهته سوق حجر ودورها

وحوف رمسيس : موضع آخر بمصر. وجوف مراد وجوف همدان ، بالجيم : مخلافان باليمن ، ورواه بعضهم بالحاء ، وإنما ذكرناه ليجتنب.

حُوقٌ : بالضم ثم السكون ، والقاف : اسم موضع ، ومنه يوم قارات حوق ، والحوق في اللغة : ما أحاط بالكمرة من حروفها.

حَوْلانُ : بالحاء مهملة ولا تظنّه بالخاء معجمة ، ذو حولان : من قرى اليمن.

حَوْلايا : بفتح الحاء ، وسكون الواو ، وبعد الياء ألف : قرية كانت بنواحي النهروان خربت الآن ، لها ذكر في أخبار عبيد الله بن الحرّ ، وقال يذكرها :

ويوم بحولايا فضضت جموعهم ،

وأفنيت ذاك الجيش بالقتل والأسر

فقتّلتهم ، حتى شفيت بقتلهم

حرارة نفس لا تذلّ على القسر

٣٢٢

ومن شيعة المختار قبل شفيتها

بضرب على هاماتهم ، مبطل السحر

وقال محمد بن طوس القصري : سألت أبا عليّ عن وزن حولايا فقال : فيه أربعة أحرف من حروف الزيادة ، أما الألف الأخيرة فإنها ألف تأنيث كألف حبلى ، يدلّك على ذلك قول أبي العباس إنها بمنزلة هاء سقاية وقول سيبويه إنها بمنزلة هاء درحاية ، وأما الألف الأولى فزائدة ، فبقي الواو والياء فلا يجوز أن تكونا زائدتين لأنه يبقى الاسم على حرفين فثبت أن إحداهما زائدة ، فإن كانت الواو زائدة فهو فوعال وليس ذلك في الأسماء ، وإن كانت الياء زائدة فهو فعلايا وليس في كلامهم ، وهذا يدل على أنه ليس باسم عربيّ ولو أنه عربيّ كان في أمثلتهم مثله ، إلا أنه إذا أشكل الزائد من الحرفين حكمت بأن الآخر هو الزائد إذ كان الطرف أحمل للتغيير ، والزيادة تغيير ، ويؤكد زيادة الياء في حولايا قولهم بردايا.

الحُولَةُ : بالضم ثم السكون : اسم لناحيتين بالشام ، إحداهما من أعمال حمص ثم من أعمال بارين بين حمص وطرابلس ، والأخرى كورة بين بانياس وصور من أعمال دمشق ذات قرى كثيرة ، من إحداهما كان الحارث الكذاب الذي ادعى النبوة أيام عبد الملك بن مروان ، قال أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا محمد بن مبارك حدثنا الوليد بن مسلمة عن عبد الرحمن بن حسان قال : كان الحارث الكذاب من أهل دمشق وكان مولى لابن الجلاس وكان له أب بالحولة ، فعرض له إبليس ، وكان رجلا متعبدا زاهدا لو لبس جبة من ذهب لرأيت عليه زهادة ، قال : وكان إذا أخذ في التحميد لم يستمع السامعون إلى كلام أحسن من كلامه ، قال : فكتب إلى أبيه وهو بالحولة : يا أبتاه اعجل عليّ فإني رأيت أشياء أتخوف أن يكون الشيطان عرض لي ، قال : فزاره أبوه غبّا وكتب إليه : يا بنيّ أقبل على ما أمرت به فإن الله تعالى يقول : (عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) ، ولست بأفاك ولا أثيم فامض لما أمرت به ، وكان يجيء إلى أهل المسجد رجلا رجلا فيذاكرهم أمره ويأخذ عليهم العهد والميثاق إن هو رأى ما يرضى قبل وإلا كتم عليه ، قال : وكان يريهم الأعاجيب ، كان يأتي رخامة في المسجد فينقرها بيده فتسبّح ، وكان يطعمهم فواكه الصيف في الشتاء ، وكان يقول لهم اخرجوا حتى أريكم الليلة فيخرجهم إلى دير مرّان فيريهم رجالا على خيل ، فتبعه بشر كثير وفشا الأمر في المسجد وكثر أصحابه حتى وصل الأمر إلى القاسم بن مخيمرة ، فعرض على القاسم وأخذ عليه العهد والميثاق إن رضي أمرا قبله وإن كره كتم عليه ، فقال له : إني نبيّ ، فقال له القاسم : كذبت يا عدوّ الله ما أنت نبي ولا لك عهد ولا ميثاق! فقال له أبو إدريس : ما صنعت شيئا إذ لم يبين حتى نأخذه الآن يفر ، قال : وقام من مجلسه حتى دخل على عبد الملك فأعلمه بأمر حادث من الحارث ، فأمر عبد الملك بطلبه فلم يقدر عليه ، وخرج عبد الملك فنزل الصّبيرة ، قال : واتهم عامة عسكره ، يعني بالحارث ، أن يكونوا يرون رأيه ، وخرج الحارث حتى أتى بيت المقدس فاختفى فيه ، وكان أصحابه يخرجون فيلتمسون الرجال فيدخلونهم عليه ، وكان رجل من أهل البصرة قد أتى بيت المقدس فأتاه رجل من أصحاب الحارث فقال له : ههنا رجل يتكلم فهل لك أن تسمع من كلامه؟ قال : نعم ، فانطلق معه حتى دخل على الحارث فأخذ في التحميد ، فسمع البصريّ كلاما حسنا ، قال : ثم أخبره

٣٢٣

بأمره وأنه نبي مبعوث مرسل ، فقال له : إن كلامك لحسن ولكن في هذا نظر فانظر ، فخرج البصري ثم عاد إليه فرد كلامه فقال : إن كلامك لحسن وقد وقع في قلبي وقد آمنت بك وهذا الدين المستقيم ، قال : فأمر أن لا يحجب ، قال : فأقبل البصري يتردد ويعرف مداخله ومخارجه وأين يذهب وأين يهرب حتى صار من أخص الناس به ، ثم قال له : ائذن لي ، فقال : إلى أين؟ فقال : إلى البصرة أكون أول داعية لك بها ، قال : فأذن له فخرج البصري مسرعا إلى عبد الملك وهو بالصّبيرة ، فلما دنا من سرادقه صاح النصيحة النصيحة! فقال أهل العسكر : وما نصيحتك؟ قال : هي نصيحة لأمير المؤمنين ، قال : فأمر عبد الملك أن يأذنوا له فدخل وعنده أصحابه ، قال : فصاح النصيحة النصيحة! فقال : وما نصيحتك؟ قال : اخلني لا يكن عندك أحد ، قال : فأخرج من كان عنده ، وكان عبد الملك قد اتهم أهل عسكره أن يكون هواهم معه ، ثم قال له : ادنني ، فأدناه وعبد الملك على السرير ، فقال : ما عندك؟ فقال : عندي أخبار الحارث ، فلما سمع عبد الملك بذكر الحارث طرد نفسه من السرير ثم قال : أين هو؟ قال : يا أمير المؤمنين هو بالبيت المقدس وقد عرفت مداخله ، وقص عليه قصته وكيف صنع به ، فقال له : أنت صاحبه وأنت أمير بيت المقدس وأميرها ههنا فمرني بما شئت ، فقال : ابعث معي قوما لا يفقهون الكلام ، فأمر أربعين رجلا من أهل فرغانة وقال لهم : انطلقوا مع هذا فما أمركم به من شيء فأطيعوه ، قال : وكتب إلى صاحب بيت المقدس إن فلانا لأمير عليك حتى تخرج فأطعه فيما يأمرك به ، فلما قدم البيت المقدس أعطاه الكتاب فقال له : مرني بما شئت ، فقال له : اجمع لي إن قدرت كل شمعة تقدر عليها ببيت المقدس وادفع كل شمعة إلى رجل ورتبهم على أزقة بيت المقدس فإذا قلت أسرجوا فليسرجوا جميعا ، قال : فرتبهم في أزقة بيت المقدس وفي زواياها بالشمع ، فأقبل البصري وحده إلى منزل الحارث فأتى الباب وقال للحاجب : استأذن لي على نبي الله ، قال : في هذه الساعة ما يؤذن عليه حتى تصبح! قال : أعلمه إنما رجعت شوقا إليه قبل أن أصل ، قال : فدخل عليه فأعلمه كلامه ففتح الباب ثم صاح البصري أسرجوا فأسرجت الشموع حتى كان بيت المقدس كأنه نهار ، ثم قال : كل من مرّ بكم فاضبطوه ، قال : ودخل هو إلى الموضع الذي يعرفه فنظره فلم يجده فقال أصحابه : هيهات تريدون أن تقتلوا نبي الله وقد رفعه الله إلى السماء! قال : فطلبه في شقّ كان هيأه سربا فأدخل البصري يده في ذلك السرب فإذا بثوبه فاجتره فأخرجه إلى خارج ثم قال للفرغانيين : اربطوه فربطوه ، فبينما هم كذلك يسيرون به على البريد إذ قال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟ فقال أهل فرغانة أولئك العجم : هذا كراننا فهات كرانك أنت ، فسار به حتى أتى عبد الملك ، فلما سمع به أمر بخشبة فنصبت فصلبه وأمر بحربة وأمر رجلا فطعنه فأصاب ضلعا من أضلاعه فكاعت الحربة ، فجعل الناس يصيحون : الأنبياء لا يجوز فيهم السلاح! فلما رأى ذلك رجل من المسلمين تناول الحربة ثم مشى بها إليه ثم أقبل يتجسس حتى وافى بين ضلعين فطعنه بها فأنفذها فقتله ، فقال الوليد : ولقد بلغني أن خالد بن يزيد بن معاوية دخل على عبد الملك فقال : لو حضرتك ما أمرتك بقتله! قال : ولم؟ قال : إنما كان به المذهب فلو جوعته لذهب عنه ذلك ، والمذهب الوسوسة ، ومنه المذهب وهو وسوسة الوضوء ونحوه. قال القاضي عبد الصمد بن سعيد في تاريخ حمص : كان

٣٢٤

العرباض بن سارية السّلمي يسكن حولة حمص.

الحَوْمانُ : بالفتح ، كأنه فعلان من الحوم وهو الدّوران ، يقال : حام يحوم حوما ، والحوم القطيع الضخم من الإبل : وهو موضع في بلاد بني عامر بن صعصعة ، قال لبيد :

وأضحى يقتري الحومان فردا ،

كنصل السيف حودث بالصّقال

وقد ذكره عامر بن الطفيل ، وقال بعض الأعراب :

ألا ليت شعري! هل تغيّر بعدنا

صرائم جنبي مخيط وجنائبه

وهل ترك الحومان بعدي مكانه ،

وهل زال من بطن الجويّ تناضبه؟

فو الله ما أدري : أيغلبني الهوى

إلى أهل تلك الدار أم أنا غالبه

فإن أستطع أغلب ، وإن يغلب الهوى

فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه

حَومانَةُ الدَّرَّاج : قال الأصمعي : الحومانة ، وجمعها حوامين ، أماكن غلاظ منقادة ، وقال أبو منصور : لا أدري حومان فعلان من حام أو فوعال من حمن ، وقال أبو ضرّة : الحومان واحدتها حومانة ، وهي شقائق بين الجبال ، وهي أطيب الحزونة ، وهي جلد ليس فيها آكام ولا أبارق ، وقال أبو عمرو : الحومان ما كان فوق الرمل ودونه حين تصعده أو تهبطه. وحومانة الدّرّاج : ماءة قريبة من القيصومة في طريق البصرة إلى مكة قريبة من الوقباء الذي ذكره جعفر بن علبة ، وقال أبو منصور : وردت ركيّة واسعة في جوّ واسع يلي طرفا من أطراف الدّوّ يقال له الحومانة ، وقال خرشيّ بن عبد الخالق بن رقيبة بن مشيّب بن عقبة ابن كعب بن زهير : إن حومانة الدراج في منقطع رمل الثعلبية متصلة بالحزن من بلاد بني أسد عن يسار من خرج يريد مكة ، وهذه الأقوال وإن اختلفت عباراتها فهي متقاربة ، وقال زهير بن أبي سلمى :

أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم

بحومانة الدّرّاج فالمتثلّم؟

حَوْمَلُ : بالفتح ، كأنه فوعل من الحمل لما كثر التحميل من هذا الوضع كما كان النّوفل من النفل وهو العطية لما كثر التنفيل ، وقال السكري في شعر امرئ القيس : حومل والدّخول والمقراة وتوضح مواضع ما بين إمّرة وأسود العين ، قال الأصمعي : لا يجوز بين الدّخول فحومل إنما هو بين الدخول وحومل لأنك لا تقول بين زيد فعمرو دراهم ولكنك تقول بالواو ، وقال الفراء : أخطأ الأصمعي إنما أراد امرؤ القيس منزلها بين الدخول فحومل إنما هو بين الدخول وحومل لأنك لا تقول إلى ، كقولك مطرنا ما بين الكوفة فالقادسية ، أراد منزلها ما بين الدخول إلى حومل ، وكذلك مطرنا ما بين الكوفة إلى القادسية ، قال : ولا يصلح الفاء مكان الواو فيما لا يصلح فيه إلى ، وقال أبو جعفر المصري : لا يجوز أن تقول زيد بين عمرو فخالد لأن بين إنما تقع معها الواو لأنها للاجتماع ، فإذا قلت المال بين زيد وعمرو فقد احتويا عليه ، وهذا موضع الواو لأنه اجتماع فإن جئت بالفاء وقع التفرق ، وعلى هذا كان يرويه الأصمعي بين الدخول وحومل ، قال : فأما الاحتجاج لمن رواه بالفاء فلأن هذا ليس بمنزلة قولك المال بين زيد وعمرو لأن الدخول موضع يشتمل على مواضع ، فلو قلت عبد الله بين الدخول وأنت تريد بين مواضع الدخول لتمّ الكلام ، كما تقول دربنا بين مصر تريد بين أهل

٣٢٥

مصر ، فعلى هذا قوله بين الدخول ثم عطف بالفاء وأراد بين مواضع الدخول وبين مواضع حومل ولم يرد موضعا بين الدخول وبين حومل.

حَوْمى : بالفتح ثم السكون ، وفتح الميم ، مقصور في شعر مليح الهذلي ، قال :

وقام خراعب كالموز هزّت

ذرائبه يمانية زخور

لهن خدود جنّة بطن حومى ،

والرمل الروادف والخصور

الحُوَّة : بالضم ، وتشديد الواو ، وقيل : الحوّة حمرة تضرب إلى السواد ، والحوة في الشفاه سمرة فيها : وهو موضع ببلاد كلب ، قال عديّ بن الرقاع :

أو ظبية من ظباء الحوّة انتقلت

منابتا ، فجرت نبتا وحجرانا

الحُوَيَّاءُ : بالضم ثم الفتح ، وياء مشددة ، وألف ممدودة ، قال أبو محمد الهمداني : وادي الحويّاء واد في رمل عبد الله بن كلاب. والحوياء : ماءة في حقف رملة لعبد الله بن كلاب ، قال أعرابيّ :

قلت ناقتي ماء الحويّاء ، واغتدت

كثيرا إلى ماء النقيب حنينها

ولو لا عداة الناس أن يشمتوا بنا ،

إذا لرأتني في الحنين أعينها

حُوَيْذَانُ : بالضم ثم الفتح ، وياء ساكنة ، وذال معجمة ، وألف ، ونون : صقع يمان ، عن نصر.

الحُوَيْزَةُ : صغير الحوزة ، وأصله من حازه يحوزه حوزا إذا حصله ، والمرّة الواحدة حوزة : وهو موضع حازه دبيس بن عفيف الأسدي في أيام الطائع لله ونزل فيه بحلّته وبنى فيه أبنية وليس بدبيس بن مزيد الذي بنى الحلّة بالجامعين ولكنه من بني أسد أيضا ، وهذا الموضع بين واسط والبصرة وخوزستان في وسط البطائح ، وهذه رسالة كتبها أبو الوفاء زاد ابن خودكام إلى أبي سعد شهريار بن خسرو يصف في أولها الحويزة وأتبعها بوصف بقرة له أكلها السبع ذكرت منها وصف الحويزة ، وأولها :

لو شاب طرف شاب أسود ناظري

من طول ما أنا في الحوادث ناظر

فهذا كتابي أيها الأخ متّعك الله بالإخوان ، وجنّبك حبائل الشيطان ، وغوائل السلطان ، وكفاك شرّ حوادث الزمان ، وطوارق الحدثان ، من الحويزة وما أدراك ما الحويزة دار الهوان ، ومظنة الحرمان ، ومحطّ رحل الخسران ، على كل ذي زمان وضمان ، ثم ما أدراك ما الحويزة أرضها رغام ، وسماؤها قتام ، وسحابها جهام ، وسمومها سهام ، ومياهها سمام ، وطعامها حرام ، وأهلها لئام ، وخواصّها عوام ، وعوامّها طعام ، لا يؤوى ربعها ، ولا يرجى نفعها ، ولا يمرى ضرعها ، ولا يرأب صدعها ، وقد صدق الله تبارك وتعالى قوله فيها ، وأنفذ حكمه في أهاليها : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) ، وأنا منها بين هواء رديء ، وماء وبيء ، ومن أهاليها بين شيخ غويّ ، وشاب غبيّ ، يؤذونك إن حضرت شغبا ، ويشنعونك إن غبت كذبا ، يتخذون الغمز أدبا ، والزور إلى أرزاقهم سببا ، يأكلون الدنيا سلبا ، ويعدّون الدين لهوا ولعبا ، لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا :

إذا سقى الله أرضا صوب غادية ،

فلا سقاها سوى النيران تضطرم

٣٢٦

ثم شكا زمانه ووصف القرية بما ليس من شرط كتابنا ، وقد نسب إليها قوم ، منهم : عبد الله بن حسن بن إدريس الحويزي ، حدّث عن أحمد بن الجبير بن نصر الحلبي ، حدّث عنه محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي وغيره ، وأحمد بن محمد بن سليمان العباسي أبو العباس الحويزي ، كان ذا فضل وتمييز ، ولّي في أيام المقتفي عدّة ولايات ، منها النظر بديوان واسط ، وآخر ما تولاه النظر بنهر الملك ، وكان الجور والظلم والعسف غالبا على طبائعه مع إظهار الزّهد والتقشف والتسبيح الدائم والصلاة الكثيرة ، وكان إذا عزل لزم بيته واشتغل بالنظر إلى الدفاتر ، فهجاه أبو الحكم عبد الله بن المظفر الباهلي الأندلسي فقال :

رأيت الحويزيّ يهوى الخمول ،

ويلزم زاوية المنزل

لعمري! لقد صار حلسا له

كما كان في الزمن الأوّل

يدافع بالشعر أوقاته ،

وإن جاع طالع في المجمل

وكان الحويزي ناظرا بنهر الملك في شعبان سنة ٥٥٠ ، وكان نائما في السطح فصعد إليه قوم فوجؤوه بالسكاكين وتركوه وبه رمق ، فحمل إلى بغداد فمات بعد أيام.

حُوَيٌّ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وياء مشددة ، بخط ابن نباتة مصغر : موضع في بلاد بني عامر ، وقال نصر : حويّ جبل في ديار بني خثعم ، وقال لبيد :

إني امرؤ منعت أرومة عامر

ضيمي ، وقد حنقت عليّ خصوم

منها حويّ والذّهاب ، وقبله

يوم ببرقة رحرحان كريم

حَوِيٌّ : بالفتح ثم الكسر : من مياه بلقين بن جسر ، عن نصر.

باب الحاء والياء وما يليهما

حَياءُ : بالفتح ، والمد ، من الاستحياء : واد في أقصى بلاد بني قشير.

الحِيارُ : كأنه جمع حير ، وهو شبه الحظيرة أو الحمى ، حيار بني القعقاع : صقع من برّية قنّسرين كان الوليد بن عبد الملك أقطعه القعقاع بن خليد ، بينه وبين حلب يومان ، قال المتنبّي في مدح سيف الدولة :

وكنت السيف قائمة إليهم ،

وفي الأعداء حدّك والغرار

فأمست بالبديّة شفرتاه ،

وأمسى خلف قائمه الحيار

حَيَّانُ : بالفتح ، كأنه مسمى برجل اسمه حيان : موضع في شعر ابن مقبل :

تحمّلن من حيّان بعد إقامة

وبعد عناء من فؤادك عان

على كلّ وخّاد اليدين مشمّر

كأنّ ملاطيه ثقيف أران

الحَيّانِيّةُ : بالفتح أيضا ، منسوب : كورة بالسواد من أرض دمشق ، وهي كورة جبل حرش قرب الغور.

حِيَاوَةُ : بكسر أوله ، وفتح الواو : من حصون مشارق ذمار باليمن.

٣٢٧

حَيْدَثُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الدال المهملة ، والثاء مثلثة : موضع باليمن.

حَيْدَةُ : بالهاء : موضع ، قال أنس بن مدرك الخثعمي يخاطب لبيد بن ربيعة :

وخيل ، وشيخ اللحيتين قرونها ،

فريقان منهم حاسر وملأم

فتلك مخاضي بين أيك وحيدة ،

لها نهر ، فخوضه متغمغم

ترى هدب الطرفاء بين متونها ،

وورق الحمام فوقها تترنم

وقال كثير يصف غيثا :

ومرّ ، فأروى ينبعا وجنوبه ،

وقد جيد منه حيدة فعبائر

الحِيدَينِ : بلفظ التثنية ، وكسر أوله : اسم مقبرة بإخميم يقال لها الحيدين ، قال ميمون بن حبارة الإخميمي : كان معنا رجل فقدمنا فسطاط مصر فتزوّج امرأة وأصدقها مقبرة بإخميم يقال لها الحيدين فكان في ظن المرأة أنها ضيعة له.

حَيْرُ الزَّجّالي : بفتح الحاء ، وياء ساكنة ، وراء ، وفتح الزاي ، وتشديد الجيم ، واللام مكسورة : موضع بباب اليهود بقرطبة من جزيرة الأندلس ، قال أبو بكر بن القبطرنة :

اذكر لهم زمنا يهبّ نسيمه

أصلا ، كنفث الراقيات عليلا

بالحير ، لا غشيت هناك غمامة

الا تضاحك إذخرا وجليلا

حِيرانُ : كأنه جمع حير ، وهو مجتمع الماء : واسم ماء بين سلمية والمؤتفكة ، ذكره أبو الطّيّب المتنبي في مدحه :

فليتك ترعاني وحيران معرض ،

فتعلم أنّي من حسامك حدّه

الحيرتان : تثنية الحيرة والكوفة كقولهم القمران والعمران.

الحَيرُ : بالفتح ، كأنه منقوص من الحائر ، وقد تقدم تفسيره : اسم قصر كان بسامرّاء ، أنفق على عمارته المتوكل أربعة آلاف ألف درهم ثم وهب المستعين أنقاضه لوزيره أحمد بن الخصيب فيما وهبه له.

حَيَّرةُ : بفتح أوله ، وياء مشددة ، وراء ، وهاء : بلدة في جبال هذيل ثم في جبال سطاع.

الحِيرَةُ : بالكسر ثم السكون ، وراء : مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النّجف زعموا أن بحر فارس كان يتّصل به ، وبالحيرة الخورنق بقرب منها مما يلي الشرق على نحو ميل ، والسدير في وسط البرّيّة التي بينها وبين الشام ، كانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية من زمن نصر ثم من لخم النعمان وآبائه ، والنسبة إليها حاريّ على غير قياس كما نسبوا إلى النمر نمريّ ، قال عمرو بن معدي كرب :

كأن الإثمد الحاريّ منها

يسفّ بحيث تبتدر الدموع

وحيريّ أيضا على القياس ، كلّ قد جاء عنهم ، ويقال لها الحيرة الرّوحاء ، قال عاصم بن عمرو :

صبحنا الحيرة الروحاء خيلا

ورجلا ، فوق أثباج الركاب

حضرنا في نواحيها قصورا

مشرّفة كأضراس الكلاب

وأما وصفهم إياها بالبياض فإنما أرادوا حسن العمارة ،

٣٢٨

وقيل : سمّيت الحيرة لأن تبّعا الأكبر لما قصد خراسان خلّف ضعفة جنده بذلك الموضع وقال لهم حيّروا به أي أقيموا به ، وقال الزّجاجي : كان أول من نزل بها مالك بن زهير بن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، فلما نزلها جعلها حيرا وأقطعه قومه فسمّيت الحيرة بذلك ، وفي بعض أخبار أهل السير : سار أردشير إلى الاردوان ملك النبط وقد اختلفوا عليه وشاغبه ملك من ملوك النبط يقال له بابا فاستعان كلّ واحد منهما بمن يليه من العرب ليقاتل بهم الآخر ، فبنى الاردوان حيرا فأنزله من أعانه من العرب فسمّي ذلك الحير الحيرة كما تسمّى القيعة من القاع ، وأنزل بابا من أعانه من الأعراب الأنبار وخندق عليهم خندقا ، وكان بخت نصر حيث نادى العرب قد جمع من كان في بلاده من العرب بها فسمّتها النبط أنبار العرب كما تسمى أنبار الطعام إذا جمع إليه الطعام ، وفي كتاب أحمد بن محمد الهمذاني : إنما سميت الحيرة لأن تبّعا لما أقبل بجيوشه فبلغ موضع الحيرة ضلّ دليله وتحيّر فسميت الحيرة.

وقال أبو المنذر هشام بن محمد : كان بدو نزول العرب أرض العراق وثبوتهم بها واتخاذهم الحيرة والأنبار منزلا أنّ الله عزّ وجل أوحى إلى يوحنا بن اختيار بن زربابل ابن شلثيل من ولد يهوذا بن يعقوب أن ائت بخت نصّر فمره أن يغزو العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم ولا أبواب وأن يطأ بلادهم بالجنود فيقتل مقاتليهم ويستبيح أموالهم وأعلمهم كفرهم بي واتخاذهم آلهة دوني وتكذيبهم أنبيائي ورسلي ، فأقبل يوحنا من نجران حتى قدم على بخت نصر وهو ببابل فأخبره بما أوحي إليه وذلك في زمن معدّ بن عدنان ، قال : فوثب بخت نصر على من كان في بلاده من تجار العرب فجمع من ظفر به منهم وبنى لهم حيرا على النجف وحصّنه ثم جعلهم فيه ووكل بهم حرسا وحفظة ثم نادى في الناس بالغزو فتأهبوا لذلك وانتشر الخبر فيمن يليهم من العرب فخرجت إليه طوائف منهم مسالمين مستأمنين ، فاستشار بخت نصر فيهم يوحنا فقال : خروجهم إليك من بلدهم قبل نهوضهم إليك رجوع منهم عما كانوا عليه فاقبل منهم وأحسن إليهم ، فأنزلهم السواد على شاطئ الفرات وابتنوا موضع عسكرهم فسموه الأنبار ، وخلّى عن أهل الحير فابتنوا في موضعه وسموها الحيرة لأنه كان حيرا مبنيّا ، وما زالوا كذلك مدة حياة بخت نصر ، فلما مات انضموا إلى أهل الأنبار وبقي الحير خرابا زمانا طويلا لا تطلع عليه طالعة من بلاد العرب وأهل الأنبار ومن انضمّ إليهم من أهل الحيرة من قبائل العرب بمكانهم ، وكان بنو معدّ نزولا بتهامة وما والاها من البلاد ففرقتهم حروب وقعت بينهم فخرجوا يطلبون المتّسع والريف فيما يليهم من بلاد اليمن ومشارف أرض الشام ، وأقبلت منهم قبائل حتى نزلوا البحرين ، وبها قبائل من الأزد كانوا نزلوها من زمان عمرو بن عامر بن ماء السماء بن الحارث الغطريف بن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد ، ومازن هو جمّاع غسان ، وغسان ماء شرب منه بنو مازن فسموا غسان ولم تشرب منه خزاعة ولا أسلم ولا بارق ولا أزد عمان فلا يقال لواحد من هذه القبائل غسان وإن كانوا من أولاد مازن ، فتخلّفوا بها ، فكان الذين أقبلوا من تهامة من العرب مالك وعمرو ابنا فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ومالك بن الزمير ابن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة في جماعة

٣٢٩

من قومهم والحيقان بن الحيوة بن عمير بن قنص بن معدّ بن عدنان في قنص كلها ، ثم لحق به غطفان بن عمرو بن طمثان بن عوذ مناة بن يقدم بن أفصى ابن دعمي بن إياد فاجتمعوا بالبحرين وتحالفوا على التّنوخ ، وهو المقام ، وتعاقدوا على التناصر والتوازر فصاروا يدا على الناس وضمهم اسم التّنوخ ، وكانوا بذلك الاسم كأنهم عمارة من العمائر وقبيلة من القبائل ، قال : ودعا مالك بن زهير بن عمرو بن فهم جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان ابن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب ابن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد إلى التنوخ معه وزوّجه أخته لميس بنت زهير ، فتنّخ جذيمة بن مالك وجماعة من كان بها من الأزد فصارت كلمتهم واحدة ، وكان من اجتماع القبائل بالبحرين وتحالفهم وتعاقدهم أزمان ملوك الطوائف الذين ملّكهم الإسكندر وفرق البلدان عند قتله دارا إلى أن ظهر أردشير على ملوك الطوائف وهزّمهم ودان له الناس وضبط الملك ، فتطلّعت أنفس من كان في البحرين من العرب إلى ريف العراق وطمعوا في غلبة الأعاجم مما يلي بلاد العرب ومشاركتهم فيه واغتنموا ما وقع بين ملوك الطوائف من الاختلاف ، فأجمع رؤساؤهم على المسير إلى العراق ووطّن جماعة ممن كان معهم أنفسهم على ذلك ، فكان أول من طلع منهم على العجم حيقان في جماعة من قومه وأخلاط من الناس فوجدوا الأرمنيّين الذين بناحية الموصل وما يليهما يقاتلون الأردوانيّين ، وهم ملوك الطوائف ، وهم ما بين نفر ، قرية من سواد العراق ، إلى الأبلّة وأطراف البادية ، فاجتمعوا عليهم ودفعوهم عن بلادهم إلى سواد العراق فصاروا بعد أشلاء في عرب الأنبار وعرب الحيرة ، فهم أشلاء قنص بن معدّ ، منهم كان عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث ابن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم ، ومن ولده النّعمان بن المنذر ، ثم قدمت قبائل تنوخ على الأردوانيين فأنزلوهم الحيرة التي كان قد بناها بخت نصر والأنبار ، وأقاموا يدينون للعجم إلى أن قدمها تبّع أبو كرب فخلّف بها من لم تكن له نهضة ، فانضموا إلى الحيرة واختلطوا بهم ، وفي ذلك يقول كعب بن جعيل :

وغزانا تبّع من حمير ،

نازل الحيرة من أرض عدن

فصار في الحيرة من جميع القبائل من مذحج وحمير وطيّء وكلب وتميم ، ونزل كثير من تنوخ الأنبار والحيرة إلى طفّ الفرات وغربيه إلا أنهم كانوا بادية يسكنون المظالّ وخيم الشعر ولا ينزلون بيوت المدر ، وكانت منازلهم فيما بين الأنبار والحيرة ، فكانوا يسمّون عرب الضاحية ، فكان أول من ملك منهم في زمن ملوك الطوائف مالك بن فهم أبو جذيمة الأبرش ، وكان منزله مما يلي الأنبار ، ثم مات فملك ابنه جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم ، وكان جذيمة من أفضل ملوك العرب رأيا وأبعدهم مغارا وأشدهم نكاية وأظهرهم حزما ، وهو أول من اجتمع له الملك بأرض العرب وغزا بالجيوش ، وكان به برص وكانت العرب لا تنسبه إليه إعظاما له وإجلالا فكانوا يقولون جذيمة الوضّاح وجذيمة الأبرش ، وكانت دار مملكته الحيرة والأنبار وبقّة وهيت وعين التمر وأطراف البر إلى الغمير إلى القطقطانة وما وراء ذلك ، تجبى إليه من هذه الأعمال الأموال وتفد عليه الوفود ، وهو صاحب الزّبّاء وقصير ، والقصة طويلة ليس ههنا موضعها ، إلا أنه لما هلك صار ملكه إلى ابن أخته عمرو بن عدي بن نصر اللخمي ، وهو أول من اتخذ الحيرة منزلا

٣٣٠

من الملوك ، وهو أول ملوك هذا البيت من آل نصر ، ولذلك يقول ابن رومانس الكلبي وهو أخو النعمان لأمه أمهما رومانس :

ما فلاحي بعد الألى عمروا ال

حيرة ما ان أرى لهم من باق

ولهم كان كل من ضرب العي

ر بنجد إلى تخوم العراق

فأقام ملكا مدة ثم مات عن مائة وعشرين سنة مطاع الأمر نافذ الحكم لا يدين لملوك الطوائف ولا يدينون له ، إلى أن قدم أردشير بن بابك يريد الاستبداد بالملك وقهر ملوك الطوائف فكره كثير من تنوخ المقام بالعراق وأن يدينوا لأردشير فلحقوا بالشام وانضموا إلى من هناك من قضاعة ، وجعل كل من أحدث من العرب حدثا خرج إلى ريف العراق ونزل الحيرة ، فصار ذلك على أكثرهم هجنة ، فأهل الحيرة ثلاثة أصناف : فثلث تنوخ ، وهم كانوا أصحاب المظال وبيوت الشعر ينزلون غربي الفرات فيما بين الحيرة والأنبار فما فوقها ، والثلث الثاني العبّاد ، وهم الذين سكنوا الحيرة وابتنوا فيها ، وهم قبائل شتى تعبدوا لملوكها وأقاموا هناك ، وثلث الأحلاف ، وهم الذين لحقوا بأهل الحيرة ونزلوا فيها فمن لم يكن من تنوخ الوبر ولا من العباد دانوا لأردشير ، فكان أول عمارة الحيرة في زمن بخت نصر ثم خربت الحيرة بعد موت بخت نصر وعمرت الأنبار خمسمائة سنة وخمسين سنة ثم عمرت الحيرة في زمن عمرو بن عدي باتخاذه إياها مسكنا فعمرت الحيرة خمسمائة سنة وبضعا وثلاثين سنة إلى أن عمرت الكوفة ونزلها المسلمون.

وينسب إلى الحيرة كعب بن عدي الحيري ، له صحبة ، روى حديثه عمرو بن الحارث عن ناعم بن أجيل بن كعب بن عدي الحيري. والحيرة أيضا : محلة كبيرة مشهورة بنيسابور ، ينسب إليها كثير من المحدثين ، منهم : أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري صاحب حاجب بن أحمد وأبي العباس الأموي ، قال أبو موسى محمد بن عمر الحافظ الأصبهاني : أما أبو بكر الحيري فقد ذكر سبطه أبو البركات مسعود بن عبد الرحيم بن أبي بكر الحيري أن أجداده كانوا من حيرة الكوفة وجاءوا إلى نيسابور فاستوطنوها ، قال : فعلى هذا يحتمل أن يكونوا توطنوا محلة بنيسابور فنسبت المحلة إليهم كما ينسب بالكوفة والبصرة كل محلة إلى قبيلة نزلوها ، والله أعلم. والحيرة أيضا : قرية بأرض فارس فيما زعموا.

حِيزَانُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وزاي ، وألف ، ونون ، يجوز أن يكون جمع الحوز ، وهو الشيء يحوزه ويحصله ، نحو رأل ورئلان : وهو بلد فيه شجر وبساتين كثيرة ومياه غزيرة ، وهي قرب إسعرت من ديار بكر ، فيها الشاه بلوط والبندق ، وليس الشاه بلوط في شيء من بلاد العراق والجزيرة والشام إلّا فيها ، وقال نصر : إنّ حيزان ، بفتح الحاء ، من مدن أرمينية قريبة من شروان ، فطول حيزان اثنتان وسبعون درجة وربع ، وعرضها أربع وثلاثون درجة ، من فتوح سلمان بن ربيعة ، ينسب إليها أبو الحسن حمدون بن علي الحيزاني ، روى عن سليم بن أيوب الفقيه الشافعي ، وروى عنه أبو بكر الشاشي الفقيه ، قلت : والصواب الأول.

الحَيْزُ : بالفتح ، والحيز ما انضمّ إلى الدار من مرافقها ، وكل ناحية حيز وحيّز نحو هين وهيّن ، وأصله من الواو : وهو موضع في قول لبيد :

٣٣١

وضحت ، بالحيز والدريم

جابية كالثّعب المزلوم

أي المملوء.

حَيْسٌ : بالسين المهملة ، والحيس طعام يصطنعه العرب من التمر والأقط : وهو بلد وكورة من نواحي زبيد باليمن ، بينها وبين زبيد نحو يوم للمجدّ ، وهو كورة واسعة ، وهي للراكب من الأشعرين ، قال المسلم بن نعيم المالكي :

أما ديار بني عوف فمنجدة ،

والعز قومي بحيس دارها الشّعف

من بعد آطام عزّ ، كان يسكنها

منا ملوك وسادات لهم شرف

حَيْضٌ : بالضاد المعجمة : شعب بتهامة لهذيل سحّ من السراة ، وقيل : حيض ويسوم جبلان بنجد ، وقد سماه عمر بن أبي ربيعة خيشا لأنه كان كثير المخاطبة للنساء ، فقال :

تركوا خيشا على أيمانهم ،

ويسوما عن يسار المنجد

حَيْطوبُ : كأنه فيعول من الحطب : اسم موضع في بلادهم.

حَيْفَاءُ : كأنه تأنيث ، والحيف الذي يعبّر به عن الجور : وهو موضع بالمدينة ، منه أجرى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الخيل في المسابقة ، ويقال منه الحيفاء ، وقد ذكر فيما مر. وحيفا ، غير ممدود : حصن على ساحل بحر الشام قرب يافا ، ولم يزل في أيدي المسلمين إلى أن تغلّب عليه كندفرى الذي ملك بيت المقدس في سنة ٤٩٤ ، وبقي في أيديهم إلى أن فتحه صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة ٥٧٣ وخرّبه ، وفي تاريخ دمشق : إبراهيم بن محمد بن عبد الرّزّاق أبو طاهر الحافظ الحيفيّ من أهل قصر حيفة ، سمع بأطرابلس أبا يوسف عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني وأبا الوفاء سعد بن علي بن محمد بن أحمد النّسوي ، وحدث بصور سنة ٤٨٦ ، سمع منه غيث ابن علي وأبو الفضل أحمد بن الحسين بن نبت الكاملي ، هكذا في كتابه قصر حيفة ، بالهاء ، وأنا أحسبه المذكور قبله.

الحَيْقُ : بالفتح ثم السكون ، والقاف : بلد باليمن ، وقيل جبل ، وقيل ساحل عدن ، وقيل جبل محيط بالدنيا ، كله عن نصر ، قال عمرو بن معدي كرب :

وأود ناصري وبنو زبيد ،

ومن بالحيق من حكم بن سعد

وقال أبو عبيدة في قول الفرزدق :

ترى أمواجه كجبال لبنى

وطود الحيق ، إذ ركب الجنابا

الحيق : جبل قاف الحائق بالدنيا الذي قد حاق بها أي قد أحاط بها ، والجناب بمعنى الجانبين.

حَيْلانُ : بالفتح : من قرى حلب ، تخرج منها عين فوّارة كثيرة الماء تسيح إلى حلب وتدخل إليها في قناة وتتفرّق إلى الجامع وإلى جميع مدينة حلب.

الحَيْلُ : بمعنى القوة : موضع بين المدينة وخيبر ، كانت به لقاح رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فأجدبت فقرّبوها إلى الغابة فأغار عليها عيينة بن حصن بن حذيفة ابن بدر الفزاري ، ويوم الحيل : من أيام العرب.

حَيْلَةُ : بزيادة الهاء : بلدة بالسراة ، كان يسكنها بنو ثابر حيّ من العاربة الأولى ، أجلتهم عنه قسر بن عبقر ابن أنمار بن أراش.

٣٣٢

الحيْمَة : بالميم : من قرى الجند باليمن بيد أحمد بن عبد الوهاب.

حِيني : بالكسر ، والنون مكسورة أيضا : بلد في ديار بكر فيه معدن الحديد يحمل منه إلى البلاد ، ويقال له حاني أيضا ، وقد ذكر في أول هذا الباب.

حيّةُ : بلفظ الحية من الحشرات : من مخاليف اليمن ، وقال نصر : حيّة من جبال طيّء.

٣٣٣

خ

باب الخاء والألف وما يليهما

خابَرَانُ : بعد الألف باء ثم راء ، وآخره نون : ناحية ومدينة فيها عدة قرى بين سرخس وأبيورد من خراسان ، ومن قراها ميهنة ، وكانت مدينة كبيرة خرب أكثرها. والخابران : كورة بالأهواز.

خابُوراءُ : بعد الألف باء موحدة بوزن عاشوراء : موضع ، قاله ابن الأعرابي ، وقال ابن دريد : أخبرني بذلك حامد ولا أدري ما هو ، ولعلّه لغة في الخابور.

الخابُورُ : بعد الألف باء موحدة ، وآخره راء ، وهو فاعول من أرض خبرة وخبراء ، وهو القاع الذي ينبت السدر ، أو من الخبار ، وهو الأرض الرّخوة ذات الحجارة ، وقيل : فاعول من خابرت الأرض إذا حرثتها ، وقال ابن بزرج : لم يسمع اسم على فاعولاء إلا أحرفا : الضاروراء الضّرّ والساروراء السرّ والدالولاء الدّلّ وعاشوراء اسم لليوم العاشر من المحرم ، قال ابن الأعرابي : والخابوراء اسم موضع ، قلت أنا : ولا أدري أهو اسم لهذا النهر أم غيره ، فأما الخابور : فهو اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة ولاية واسعة وبلدان جمة غلب عليها اسمه فنسبت إليه من البلاد قرقيسياء وماكسين والمجدل وعربان ، وأصل هذا النهر من العيون التي برأس عين ، وينضاف إليه فاضل الهرماس ومدّ ، وهو نهر نصيبين ، فيصير نهرا كبيرا ، ويمتد فيسقي هذه البلاد ثم ينتهي إلى قرقيسياء فيصب عندها في الفرات ، وفيه من أبيات أخت الوليد بن طريف ترثي أخاها :

أيا شجر الخابور ما لك مورقا؟

كأنك لم تجزع على ابن طريف

فتى لا يحبّ الزاد إلا من التقى ،

ولا المال إلا من قنا وسيوف

وقال الأخطل :

أراعتك بالخابور نوق وأجمال

ورسم عفته الريح بعدي بأذيال؟ (١)

وقال الربيع بن أبي الحقيق اليهودي من بني قريظة :

__________________

(١) في هذا البيت إقواء فأجمال مرفوعة وأذيال مجرورة ، إلا إذا كان الرويّ ساكنا ، ولم نعثر عليه في ديوان الأخطل.

٣٣٤

دور عفت بقرى الخابور غيّرها ،

بعد الأنيس ، سوافي الريح والمطر

إن تمس دارك ممن كان يسكنها

وحشا ، فذاك صروف الدهر والغير

حلّت بها كل مبيضّ ترائبها

كأنها ، بين كثبان النقا ، البقر

وأنشد ابن الأعرابي :

رأت ناقتي ماء الفرات وطيبه

أمرّ من الدّفلى الذعاف وأمقرا

وحنّت إلى الخابور لما رأت به

صياح النبيط والسفين المقيّرا

فقلت لها : بعض الحنين فإن بي

كوجدك إلا أنني كنت أصبرا

والخابور ، خابور الحسنيّة : من أعمال الموصل في شرقي دجلة ، وهو نهر من الجبال عليه عمل واسع وقرّى في شمالي الموصل في الجبال ، له نهر عظيم يسقي عمله ثم يصبّ في دجلة ، ومخرجه من أرض الزّوزان ، وقال المسعودي : مخرجه من أرض أرمينية ومصبّه في دجلة بين بلاد باسورين وفيسابور من بلاد قردى من أرض الموصل.

خاجر : بعد الألف جيم ، قال العمراني : موضع.

خاخٌ : بعد الالف خاء معجمة أيضا : موضع بين الحرمين ، ويقال له روضة خاخ ، بقرب حمراء الأسد من المدينة ، وذكر في أحماء المدينة جمع حمى ، والأحماء التي حماها النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ، والخلفاء الراشدون بعده خاخ ، وروي عن عليّ ، رضي الله عنه ، أنه قال : بعثني رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، والزبير والمقداد فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه فاتوني به ، قالوا : وخاخ مشترك فيه منازل لمحمد بن جعفر بن محمد وعلي بن موسى الرضا وغيرهم من الناس ، وقد أكثرت الشعراء من ذكره ، قال مصعب الزبيري : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال لما قال الأحوص :

يا موقد النار بالعلياء من إضم!

أوقد ، فقد هجت شوقا غير مضطرم

يا موقد النار أوقدها ، فإنّ لها

سنا يهيج فؤاد العاشق السدم

نار يضيء سناها ، إذ تشبّ لنا

سعديّة ، وبها نشفى من السقم

وما طربت بشجو أنت نائله ،

ولا تنوّرت تلك النار من إضم

ليست لياليك من خاخ بعائدة

كما عهدت ، ولا أيام ذي سلم

غنّى فيه معبد وشاع الشعر بالمدينة فأنشدت سكينة ، وقيل عائشة بنت أبي وقّاص ، قول الشاعر في خاخ فقالت : قد أكثرت الشعراء في خاخ ووصفه ، لا والله ما أنتهي حتى أنظر إليه ، فبعثت إلى غلامها فند فجعلته على بغلة وألبسته ثياب خزّ من ثيابها وقالت : امض بنا نقف على خاخ ، فمضى بها فلما رأته قالت : ما هو إلّا ما قال ، ما هو إلّا هذا! فقالت : لا والله لا أريم حتى أوتى بمن يهجوه ، فجعلوا يتذاكرون شاعرا قريبا منهم يرسلون إليه إلى أن قال فند : والله أنا أهجوه ، قالت : أنت! قال : أنا ، قالت : قل ، فقال : خاخ خاخ أخ بقو ، ثم تفل عليه كأنه تنخّع ، فقالت : هجوته وربّ الكعبة! لك البغلة وما عليها من الثياب ، روى أبو عوانة عن البخاري

٣٣٥

خاج ، بالجيم في آخره ، وعهدته على البخاري ، وحكى العصائدي أنه موضع قريب من مكة ، والأول أصحّ ، وكانت المرأة التي أدركها عليّ والزبير ، رضي الله عنهما ، وأخذا منها الكتاب الذي كتبه حاطب بن أبي بلتعة إنما أدركاها بروضة خاخ ، وذكره ابن الفقيه في حدود العقيق وقال : هو بين الشّوطى والناصفة ، وأنشد للأحوص بن محمد يقول :

طربت ، وكيف تطرب أم تصابى ،

ورأسك قد توشّح بالقتير؟

لغانية تحلّ هضاب خاخ

فأسقف فالدّوافع من حضير

خاخَسْر : بفتح الخاء الثانية ، وسين مهملة ، وراء : قرية من قرى درغم على فرسخين من سمرقند ، ينسب إليها أبو القاسم سعد بن سعيد الخاخسري خادم أبي عليّ اليوناني الفقيه ، يروي عن عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ، وعتيق بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن هارون بن عطاء بن يحيى الدّرغمي الخاسري السمرقندي أبو بكر النيسابوري الأديب ، كان والده من خاخسر إحدى قرى سمرقند ، سكن نيسابور وولد عتيق بها ، وكان أديبا شاعرا حسن النظم يحفظ الكتب في اللغة ، سمع أبا بكر الشيروي وأبا بكر الحسين بن يعقوب الأديب ، كتب عنه أبو سعد بخوارزم ، وكانت ولادته في رابع عشر رجب سنة ٤٧٧ ، ومات بخوارزم سنة ٥٦٠.

خَار : آخره راء : موضع بالري ، منه أبو إسماعيل إبراهيم ابن المختار الخاري الرازي ، سمع محمد بن إسحاق ابن بشّار وشعبة بن الحجاج ، روى عنه محمد بن سعيد الأصبهاني ومحمد بن حميد الرازي ، قاله الحاكم أبو أحمد.

خاربان : من نواحي بلخ ، منها أحمد بن محمد الخارباني ، حدث عن محمد بن عبد الملك المروزي ، قاله ابن مندة حكاه عن عليّ بن خلف.

خارِجَةُ : بعد الألف راء مكسورة ، وجيم : قرية بإفريقية من نواحي تونس ، ينسب إليها أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الخارجي الفقيه على مذهب مالك ابن أنس ، مات قبل الستمائة ، وأخوه عبد الله بن محمد ، كان رئيسا مقدّما في دولة عبد المؤمن ذا كرم ورياسة ، توفي سنة ٦٠٣.

الخارفُ : من قرى اليمن من أعمال صنعاء من مخلاف صداء.

خارْزَنْج : بعد الألف راء ثم زاي ثم نون ثم جيم : ناحية من نواحي نيسابور من عمل بشت ، بالشين المعجمة ، والعجم يقولون خارزنك ، بالكاف ، وقد نسبوا إليه على هذه النسبة أبا بكر محمد بن إبراهيم ابن عبد الله النيسابوري ، سمع محمد بن يحيى الذهلي ، روى عنه أبو أحمد محمد بن الفضل الكرابيسي ، ويجوز أن يقال : إن أصله مركب من خار أي ضعف وزنج أي هذا الصنف من السودان ، وقد خرج من هذه الناحية جماعة من أهل العلم والأدب ، منهم : أحمد بن محمد صاحب كتاب التكملة في اللغة ، ويوسف بن الحسن بن يوسف بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل الخارزنجي ، كان أحد الفضلاء ، أخذ الكلام وأصول الفقه من أصحاب أبي عبد الله ثم اختلف إلى درس الجويني أبي المعالي وعلّق عنه الكثير ، ثم مضى إلى مرو واشتغل بها على أبي المظفّر السمعاني وأبي محمد عبد الله بن عليّ الصّفّار وعاد إلى نيسابور وصنّف في عشرين نوعا من العلم ، وقصد بغداد ، وسمع الشيخ أبا إسحاق الشيرازي ، وكان مولده سنة ٤٤٥.

٣٣٦

خارَكُ : بعد الألف راء ، وآخره كاف : جزيرة في وسط البحر الفارسي ، وهي جبل عال في وسط البحر ، إذا خرجت المراكب من عبّادان تريد عمان وطابت بها الريح وصلت إليها في يوم وليلة ، وهي من أعمال فارس ، يقابلها في البرّ جنّابة ومهروبان ، تنظر هذه من هذه للجيّد النظر ، فأمّا جبال البرّ فإنها ظاهرة جدّا ، وقد جئتها غير مرّة ووجدت أيضا قبرا يزار وينذر له يزعم أهل الجزيرة أنه قبر محمد بن الحنفية ، رضي الله عنه ، والتواريخ تأبى ذلك ، قال أبو عبيدة : وكان أبو صفرة والد المهلب فارسيّا من أهل خارك فقطع إلى عمان ، وكان يقال له بسخره فعرّب فقيل أبو صفرة ، وكان بها حائكا ، ثم قدم البصرة فكان بها سائسا لعثمان بن أبي العاصي الثقفي ، فلما هاجرت الأزد إلى البصرة كان معهم في الحروب فوجدوه نجدا في الحروب فاستلاطوه ، وكان ممن استلاطت العرب كذلك كثير ، فقال كعب الأشقري يذكرهم :

أنتم بشاش وبهبوذان مختبرا ،

وبسخره وبنوس ، حشوها القلف

لم يركبوا الخيل ، إلّا بعد ما كبروا ، فهم ثقال على أكتافها عنف وقال الفرزدق :

وكائن لابن صفرة من نسيب ،

ترى بلبانه أثر الزيار

بخارك لم يقد فرسا ، ولكن

يقود السّفن بالمرس المغار

صراريّون ، ينضح في لحاهم

نفيّ الماء من خشب وقار

ولو ردّ ابن صفرة حيث ضمّت ،

عليه الغاف ، أرض أبي صفار

وقد نسب إليها قوم ، منهم : الخاركي الشاعر في أيام المأمون وما يقاربها ، وهو القائل :

من كلّ شيء قضت نفسي مآربها ،

إلا من الطعن بالبتّار بالتين

لا أغرس الزّهر إلا في مسرقنة ،

والغرس أجود ما يأتي بسرقين

وأبو همّام الصّلت بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيرة البصري ثم الخاركي ، يروي عن سفيان بن عيينة وحماد بن زيد ، روى عنه أبو إسحاق يعقوب ابن إسحاق القلوسي ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي البصري ، روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن عليّ الأتروني القاضي.

خَازِرُ : بعد الألف زاي مكسورة ، كذا رواه الأزهري وغيره ، ثم راء ، وقد حكي عن الأزهري أنه رواه بفتح الزاي ، ولم أجده أنا كذلك بخطه ، كأنه مأخوذ من خزر العين وهو انقلاب الحدقة نحو اللّحاظ : وهو نهر بين إربل والموصل ثم بين الزاب الأعلى والموصل ، وعليه كورة يقال لها نخلا ، وأهل نخلا يسمون الخازر برّيشوا ، مبدأه من قرية يقال لها أربون من ناحية نخلا ويخرج من بين جبل خلبتا والعمرانية وينحدر إلى كورة المرج من أعمال قلعة شوش والعقر إلى أن يصب في دجلة ، وهو موضع كانت عنده وقعة بين عبيد الله بن زياد وإبراهيم ابن مالك الأشتر النخعي في أيام المختار ، ويومئذ قتل ابن زياد الفاسق ، وذلك في سنة ٦٦ للهجرة.

٣٣٧

خاسْت : بسين مهملة ، وتاء مثناة ، وفيه جمع بين ثلاث سواكن ، لفظ عجميّ ، قال أبو سعد : هي بليدة من نواحي بلخ قرب أندراب ، ينسب إليها أبو صالح الحكم بن المبارك الخاستي ، روى عن مالك ابن أنس ، رضي الله عنه ، روى عنه عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ، مات سنة ٢١٣.

خاشْت : مثل الذي قبله إلا أن شينه معجمة ، قال أبو سعد : هي بليدة من نواحي بلخ أيضا ويقال لها خوشت أيضا ، ينسب إليها بهذا اللفظ أبو صالح الحكم بن المبارك الخاشتي البلخي ، حافظ ، حدث عن مالك وحمّاد بن زيد ، وكان ثقة ، ومات بالري سنة ٢١٣ ، كذا ذكره السمعاني ، وهو الذي قبله ، ولعلّه وهم.

خاشْتي : قال العمراني : هو اسم موضع ، ولعله الذي قبله.

خاشَك : مدينة مشهورة من مدن مكران ، وفيها مسجد يزعمون أنه لعبد الله بن عمر.

خاصٌ : قال ابن إسحاق : وكان واديا خيبر وادي السّرير ووادي خاص ، وهما اللذان قسمت عليهما خيبر ، ووادي الكتيبة الذي خرج في خمس الله ورسوله وذوي القربى وغيرهم.

الخافِقَيْنِ : بلفظ الخافقين ، وهو هواءان محيطان بجانبي الأرض جميعا ، قال الأصمعي : الخافقان طرف السماء والأرض ، وقيل : الخافقان المشرق والمغرب لأن المغرب يقال له الخافق لأن الخافق هو الغائب ، فغلّبوا المغرب على المشرق فقالوا الخافقان كما قالوا المغربان وكما قالوا الأبوان. والخافقان : موضع معروف.

خاكسَارانُ : بعد الكاف سين مهملة ، وبعد الألف راء ، وآخره نون : موضع.

خاكَةُ : واد من بلاد عذرة كانت به وقعة ، عن نصر عن العمراني.

خالَبَرْزَن : بفتح اللام والباء الموحدة ثم راء ساكنة ، وآخره نون : من قرى سرخس ، عن أبي سعد ، منها جعفر بن عبد الوهاب خال عمر بن عليّ المحدث ، يروي عن يونس بن بكير وغيره.

خالِدآباذ : من قرى سرخس أيضا منسوبة إلى خالد ، وهذه اياذ معناه عمارة خالد ، والمشهور منها إمام الدّنيا في عصره أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الخالدآباذي المروزي ، صنّف الأصول وشرح المختصر للمزني ، وقصده الناس من البلاد ، وانتشر عنه علم الفقه ، وخرج من عنده سبعون من مشاهير العلماء ، وكان يدرّس ببغداد ثم انتقل عنها إلى مصر فأجلس مجلس الشافعي في حلقته واجتمع الناس عليه ، ومات بمصر سنة ٣٤٠. وخالدآباذ : من قرى الري مشهورة.

الخالِدِيَّةُ : قرية من أعمال الموصل ، ينسب إليها أبو عثمان سعيد وأبو بكر محمد ابنا هاشم بن وعلة بن عرام بن يزيد بن عبد الله بن عبد منبّه بن يثربي بن عبد السلام بن خالد بن عبد منبّه الخالديّان الشاعران المشهوران ، كذا نسبهما السريّ الرفاء في شعره :

ولقد حميت الشعر ، وهو بمعشر

رقم سوى الأسماء والألقاب

وضربت عنه المدّعين ، وإنما

عن جودة الآداب كان ضرابي

فغدت نبيط الخالدية تدّعي

شعري ، وترفل في حبير ثيابي

وقال أيضا :

٣٣٨

ومن عجب أن الغنيّين أبرقا ،

مغيرين في أقطار شعري ، وأرعدا

فقد نقلاه عن بياض مناسبي

إلى نسب في الخالدية أسودا

وقد نسب بهذه النسبة أبو الحسن محمد بن أحمد الخالدي الشاهد منسوب إلى سكة خالد بنيسابور سمع أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ولم يقتصر عليه فخلط به غيره فضعّفه الحاكم.

خالِدٌ : سكة خالد : بنيسابور ، ينسب إليها أبو الحسن محمد بن أحمد الخالدي الشاهد ، سمع أبا بكر محمد ابن خزيمة ولم يقتصر عليه فحدث عن شيوخ أخيه.

الخالِصُ : اسم كورة عظيمة من شرقي بغداد إلى سو بغداد ، وهذا اسم محدث لم أجده في كتب الأوائل ولا تصنيف ، وإنما هو اليوم مشهور ، ولعلّي أكشف عن سببه إن شاء الله تعالى ، ووجدت في كتاب الديرة أن نهر الخالص هو نهر المهدي.

الخالِصَةُ : قال أبو عبيد السكوني : بركة خالصة بين الأجفر والخزيمية بطريق مكة من الكوفة على ميلين من الأغرّ ، وبينها وبين الأجفر أحد عشر ميلا وأظنّ خالصة التي نسبت هذه البركة إليها هي الجارية السوداء التي كان بعض الخلفاء يكرمها ويلبّسها الحلي الفاخر ، فقال بعض الشعراء :

لقد ضاع شعري على بابكم

كما ضاع درّ على خالصه

فبلغ الخليفة ذلك فأمر بإحضاره وأنكر عليه بما بلغه منه ، فقال : يا أمير المؤمنين كذبوا ، إنما قلت :

لقد ضاء شعري على بابكم

كما ضاء درّ على خالصه

فاستحسن الخليفة تخلّصه منه وأمر له بجائزة حسنة بعد أن أراد أن يفتك به ، وبلغني أن هذه الحكاية حوضر بها في مجلس القاضي أبي علي عبد الرحيم النيسابوري فقال : هذا بيت قلعت عينه فأبصر ، وهذا من لطيف الاختراع. وخالصة : مدينة بصقلية ذات سور من حجارة يسكنها السلطان وأجناده ، وليس بها سوق ولا فنادق ، وهي على نحر البحر ، ولها أربعة أبواب ، ذكر ذلك ابن حوقل ، وحدثني أبو الحسن عليّ بن باديس أنها اليوم محلّة في وسط بلرم وبلرم محيط بها.

الخالُ : الخال في لغتهم ينصرف إلى معان كثيرة تفوت الحصر ، والخال : اسم جبل تلقاء الدّثينة لبني سليم ، وقيل : في أرض غطفان ، وأنشد :

أهاجك بالخال الحمول الدوافع ،

فأنت لمهواها من الأرض نازع؟

والخال أيضا : موضع في شق اليمن. وذات الخال : موضع آخر ، قال عمرو بن معدي كرب :

وهم قتلوا بذات الخال قيسا

وأشعث ، سلسلوا في غير عهد

فكتب ما في أخبار أبي الطيب من أسماء الخال.

خالَةُ : هو مؤنث الذي قبله : وهو ماء لكلب بن وبرة في بادية الشام ، قال النابغة :

بخالة أو ماء الذّنابة أو سوى

مظنّة كلب أو مياه المواطر

وتروى بالحاء المهملة ، وكل هذه مواضع ، قال أبو عمرو : استسقى عديّ بن الرقاع بني بحر من بني زهير بن جناب الكلبيين وهم على ماء لهم يقال له خالة وفيه جفر يقال له القنينيّ كانت بنو تغلب قد رعت فيه فوقع قعب في القنيني وزعم أنه وجد القعب في التراب ، فاقتتلت في ذلك الجفر بنو تغلب حتى كادت

٣٣٩

تنفانى ثم اصطلحوا على ملئه حجارة وقتادا واحتفروا ما حوله ، فموضع القنيني من خالة معروف ويقال لما حوله القنينيّات ، قال عديّ بن الرقاع :

غابت سراة بني بحر ، ولو شهدوا

يوما لأعطيت ما أبغي وأطّلب

حتى وردنا القنينيات ضاحية ،

في ساعة من نهار الصيف تلتهب

فجاء بالبارد العذب الزّلال لنا ،

ما دام يمسك عودا ذاويا كرب

من ماء خالة جيّاش بذمته ،

مما توارثه الأوحاد والعتب

الأوحاد : عوف بن سعد وكعب بن سعد من بني تغلب ، والعتب : عتبة بن سعد وعتاب بن سعد وعتبان بن سعد.

خَامِرٌ : جبل بالحجاز بأرض عكّ ، قال الطاهر بن أبي هالة :

قتلناهم ما بين قنّة خامر

إلى القيعة الحمراء ذات العثاعث

خَانُ أُمّ حكيم : موضع قريب من الكسوة من أعمال حوران قريب من دمشق ، ينسب إلى أمّ حكيم بنت أبي جهل بن هشام.

خَانْجَاه : لا أدري أين هو إلّا أنّ شيرويه قال : قال محمد بن عبد الله بن عبدان الصوفي : أبو بكر يعرف بالحافظ الخانجاهي ، روى عن ابن هلال وابن تركان وغيرهما ، ما أدركته لصغر سنّي ، وحدثني عنه عبدوس ، وكان صدوقا أحد مشايخ الصوفية في وقته ، ذكره في الطبقة الحادية عشرة من أهل همذان ، فالظاهر أنه محلّة بهمذان أو قرية من قراها ، والله أعلم.

خَانِسَار : بكسر النون ، والسين مهملة : قرية من قرى جرباذقان ، ينسب إليها أحمد بن الحسن بن أحمد بن علي بن الخصيب أبو سعد الخوانساري ، سمع من أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم وغيره ، قاله يحيى بن مندة.

خَانِقُ : قال أبو المنذر : يقال إنّ إياد بن نزار لم تزل مع إخوتها بتهامة وما والاها حتى وقعت بينهم حرب فتظاهرت مضر وربيعة ابنا نزار على إياد فالتقوا بناحية من بلادهم يقال لها خانق ، وهي اليوم من بلاد كنانة بن خزيمة ، فهزمت إياد وظهروا عليهم فخرجوا من تهامة ، فقال أحد بني خصفة بن قيس بن عيلان في ذمّ إياد :

إيادا ، يوم خانق ، قد وطئنا

بخيل مضمرات قد برينا

ترادى بالفوارس ، كلّ يوم ،

غضاب الحرب تحمي المحجرينا

فأبنا بالنّهاب وبالسبايا ،

وأضحوا في الديار مجدّلينا

الخانِقَانُ : موضع بالمدينة ، وهو مجمع مياه أوديتها الكبار الثلاثة : بطحان والعقيق وقناة.

الخانِقَةُ : بعد الألف نون مكسورة ، وقاف ، تأنيث الخانق : وهو متعبّد للكرّامية بالبيت المقدس ، عن العمراني.

خانِقِين : بلدة من نواحي السواد في طريق همذان من بغداد ، بينها وبين قصر شيرين ستّة فراسخ لمن يريد الجبال ، ومن قصر شيرين إلى حلوان ستة فراسخ ، قال مسهر بن مهلهل : وبخانقين عين للنفط عظيمة كثيرة الدخل ، وبها قنطرة عظيمة على واديها تكون أربعة وعشرين طاقا ، كل طاق يكون عشرين ذراعا ،

٣٤٠