معجم البلدان - ج ٢

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٢

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٩

ولم يشهد القسّ المهيمن نارها

طروقا ، ولم يحضر على طبخها حبر

أتاني بها يحيى وقد نمت نومة ،

وقد لاحت الشّعرى وقد طلع النّسر

فقلت اصطبحها أو لغيري فأهدها ،

فما أنا بعد الشيب ويحك والخمر!

تعفّفت عنها في العصور التي مضت ،

فكيف التصابي بعد ما كمل العمر؟

إذا المرء وفّى الأربعين ، ولم يكن

له دون ما يأتي حياء ولا ستر

فدعه ولا تنفس عليه الذي أتى ،

وإن جرّ أسباب الحياة له الدهر

وكان أهل الكوفة يقولون : من لم يرو هذه الأبيات فإنه ناقص المروءة ؛ وأما فتحها فقد ذكر أصحاب السير أنه لما فرغ سويد بن مقرّن من فتح بسطام في سنة ١٨ كاتب ملك جرجان ثم سار إليها وكاتبه روزبان صول وبادره بالصلح على أن يؤدي الجزية ويكفيه حرب جرجان ، وسار سويد فدخل جرجان وكتب لهم كتاب صلح على الجزية ؛ وقال أبو نجيد :

دعانا إلى جرجان ، والرّيّ دونها ،

سواد فأرضت من بها من عشائر

وقال سويد بن قطبة :

ألا ابلغ أسيدا ، إن عرضت ، بأننا

بجرجان في خضر الرياض النواضر

فلما أحسونا وخافوا صيالنا

أتانا ابن صول ، راغما ، بالجرائر

وممن ينسب إليها من الأئمة أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الأسترآباذي الفقيه أحد الأئمة ، سمع يزيد بن محمد بن عبد الصمد وبكار بن قتيبة وعمار بن رجاء وغيرهم ، قال الخطيب : وكان أحد أئمة المسلمين والحفّاظ بشرائع الدين مع صدق وتورّع وضبط وتيقظ ، سافر الكثير وكتب بالعراق والحجاز ومصر ، وورد بغداد قديما وحدث بها ، فروى عنه من أهلها يحيى بن محمد بن صاعد وغيره ، وقال أبو علي الحافظ : كان أبو نعيم الجرجاني أوحد ما رأيت بخراسان بعد أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة مثله وأفضل منه ، وكان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما نحفظ نحن المسانيد ، وقال الخليلي القزويني : كان لأبي نعيم تصانيف في الفقه وكتاب الضعفاء في عشرة أجزاء ، وقال حمزة بن يوسف السّهمي في تاريخ جرجان : عبد الملك بن محمد بن عدي بن زيد الأسترآباذي سكن جرجان وكان مقدما في الفقه والحديث وكانت الرّحلة إليه في أيامه ، روى عن أهل العراق والشام ومصر والثغور ، ومولده سنة ٢٤٢ ، وتوفي بأسترآباذ في ذي الحجة سنة ٣٢٣ ؛ ومنها أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن المبارك الجرجاني الحافظ المعروف بابن القطان أحد أئمة الحديث والمكثرين منه والجامعين له والرّحالين فيه ، رحل إلى دمشق ومصر ، وله رحلتان أولاهما في سنة ٢٩٧ والثمانية في سنة ٣٠٥ ، سمع الحديث بدمشق من محمد بن خزيم وعبد الصمد بن عبد الله بن أبي زيد وإبراهيم بن دحيم وأحمد بن عمير بن جوصا وغيرهم ، وسمع بحمص هبيل بن محمد وأحمد بن أبي الأخيل وزيد بن عبد الله المهراني ، وبمصر أبا يعقوب إسحاق المنجنيقي ، وبصيدا أبا محمد المعافى بن أبي كريمة ، وبصور أحمد بن بشير بن حبيب الصوري ، وبالكوفة أبا العباس بن عقدة ومحمد بن الحصين بن حفص ، وبالبصرة أبا خليفة الجمحي ، وبالعسكر عبدان الأهوازي ،

١٢١

وببغداد أبا القاسم البغوي وأبا محمد بن صاعد ، وببعلبكّ أبا جعفر أحمد بن هاشم وخلقا من هذه الطبقة كثيرا ، وروى عنه أبو العباس بن عقدة ، وهو من شيوخه ، وحمزة بن يوسف السّهمي وأبو سعد الماليني وخلق في طبقتهم ، وكان مصنّفا حافظا ثقة على لحن كان فيه ؛ وقال حمزة : كتب أبو محمد بن عدي الحديث بجرجان في سنة ٢٩٠ عن أحمد بن حفص السعدي وغيره ، ثم رحل إلى الشام ومصر وصنف في معرفة ضعفاء المحدّثين كتابا في مقدار مائتي جزء سماه الكامل ؛ قال : وسألت الدارقطني أبا الحسن أن يصنف كتابا في ضعفاء المحدثين فقال : أليس عندكم كتاب ابن عدي؟ قلت : بلى ، قال : فيه كفاية لا يزاد عليه ، وكان ابن عدي جمع أحاديث مالك بن أنس والأوزاعي وسفيان الثوري وشعبة وإسماعيل ابن أبي خالد وجماعة من المتقدّمين وصنف على كتاب المزني كتابا سماه الأبصار ، وكان أبو أحمد حافظا متقنا لم يكن في زمانه مثله ، تفرّد بأحاديث فكان قد وهب أحاديث له يتفرّد بها لبنيه عدي وأبي زرعة وأبي منصور تفرّدوا بروايتها عن أبيهم ، وابنه عدي سكن سجستان وحدث بها ، قال ابن عدي : سمع مني أبو العباس بن عقدة كتاب الجعفرية عن أبي الأشعث ، وحدث به عندي فقال : حدّثني عبد الله بن عبد الله ، وكان مولده في ذي القعدة سنة ٢٧٧ ، ومات غرّة جمادى الآخرة سنة ٣٦٥ ليلة السبت ، فصلى عليه أبو بكر الإسماعيلي ودفن بجنب مسجد كوزين ، وقبره عن يمين القبلة مما يلي صحن المسجد بجرجان ؛ ومنها حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم ابن محمد ، ويقال ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن هشام بن العباس بن وائل أبو القاسم السهمي الجرجاني الواعظ الحافظ ، رحل في طلب الحديث فسمع بدمشق عبد الوهاب الكلابي ، وبمصر ميمون بن حمزة وأبا أحمد محمد بن عبد الرحيم القيسراني ، وبتنيس أبا بكر بن جابر ، وبأصبهان أبا بكر المقري ، وبالرّقة يوسف بن أحمد بن محمد ، وبجرجان أبا بكر الإسماعيلي وأبا أحمد بن عدي ، وببغداد أبا بكر بن شاذان وأبا الحسن الدارقطني ، وبالكوفة الحسن بن القاسم ، وبعكبرا أحمد بن الحسن بن عبد العزيز ، وبعسقلان أبا بكر محمد بن أحمد بن يوسف الخدري ، روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤدّب وأبو عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب وغير هؤلاء سمعوا ورووا ؛ قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي الهروي الحاكم : سنة ٤٢٧ ورد الخبر بوفاة الثّعلبي صاحب التفسير وحمزة بن يوسف السّهمي بنيسابور ؛ ومنها أبو إبراهيم إسماعيل بن الحسن بن محمد بن أحمد العلوي الحسيني من أهل جرجان ، كان عارفا بالطبّ جدّا ، وله فيه تصانيف حسنة مرغوب فيها بالعربية والفارسية ، انتقل إلى خوارزم وأقام بها مدة ثم انتقل إلى مرو فأقام بها ، وكان من أفراد زمانه ، وذكر أنه سمع أبا القاسم القشيري ، وحدث عنه بكتاب الأربعين له ، وأجاز لأبي سعد السمعاني ، وتوفي بمرو سنة ٥٣١ ؛ وغير هؤلاء كثير.

الجُرْجانِيَّةُ : مثل الذي قبله منسوب ، هو اسم لقصبة إقليم خوارزم : مدينة عظيمة على شاطئ جيحون ، وأهل خوارزم يسمّونها بلسانهم كركانج فعرّبت إلى الجرجانية ، وكان يقال لمدينة خوارزم في القديم فيل ثم قيل لها المنصورة ، وكانت في شرقي جيحون فغلب عليها جيحون وخرّبها ، وكانت كركانج هذه مدينة صغيرة في مقابلة المنصورة من الجانب الغربي فانتقل أهل خوارزم إليها وابتنوا بها

١٢٢

المساكن ونزلوها ، فخربت المنصورة جملة حتى لم يبق لها أثر وعظمت الجرجانية ، وكنت رأيتها في سنة ٦١٦ قبل استيلاء التتر عليها وتخريبهم إياها ، فلا أعلم أني رأيت أعظم منها مدينة ولا أكثر أموالا وأحسن أحوالا ، فاستحال ذلك كلّه بتخريب التتر إياها حتى لم يبق فيما بلغني إلّا معاملها ، وقتلوا جميع من كان بها.

جُرْجُ : بالضم ثم السكون ، وجيم أخرى : بلدة من نواحي فارس.

جَرْجَرَايا : بفتح الجيم ، وسكون الراء الأولى : بلد من أعمال النهروان الأسفل بين واسط وبغداد من الجانب الشرقي ، كانت مدينة وخربت مع ما خرب من النهروانات ؛ وقد خرج منها جماعة من العلماء والشعراء والكتّاب والوزراء ، ولها ذكر في الشعر كثير ؛ قال ابزون العمّاني :

ألا يا حبّذا يوما جررنا

ذيول اللهو فيه بجرجرايا

وممن ينسب إليها محمد بن الفضل الجرجراي وزير المتوكل على الله بعد ابن الزيّات ، ثم وزر للمستعين بالله ، ثم مات سنة ٢٥١ ، وكان من أهل الفضل والأدب والشعر ؛ ومنها أيضا جعفر بن محمد بن الصباح بن سفيان الجرجراي مولى عمر بن عبد العزيز ، نزل بغداد وروى عن الدّراوردي وهشيم ، روى عنه عبد الله بن قحطبة الصلحي وغيره ؛ وعصابة الجرجراي واسمه إبراهيم بن باذام ، له حكايات وأخبار وديوان شعر ، روى عنه عون بن محمد الكندي.

جُرْجَسَارُ : بالضم ، وفتح الجيم الثانية ، والسين مهملة ، وألف ، وراء : قرية من قرى بلخ في ظنّ أبي سعد ؛ منها أبو جعفر محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الجرجساري البلخي ، روى عن أبي بكر محمد بن عبد الله الشّوماني ، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد ابن أحمد النّسفي. وجرجسار أيضا : من قرى مرو.

جَرْجَنبَانُ : بفتح الجيمين ، وسكون الراء والنون ، والباء موحدة ثم ألف ، ونون : قرية كبيرة بين ساوة والرّيّ ، لها ذكر في الأخبار.

الجُرْجُومَةُ : بضم الجيمين : مدينة يقال لأهلها الجراجمة ، كانت على جبل اللّكام بالثغر الشامي عند معدن الزاج فيما بين بيّاس وبوقة قرب أنطاكية ، والجراجمة جبل كان أمرهم في أيام استيلاء الروم أن خافوا على أنفسهم فلم يتنبّه المسلمون لهم ، وولّى أبو عبيدة أنطاكية حبيب بن مسلمة الفهري فغزا الجرجومة ، فصالحه أهله على أن يكونوا أعوانا للمسلمين وعيونا ومسالح في جبل اللكام ، وأن لا يؤخذوا بالجزية وأن يطلقوا أسلاب من يقتلونه من أعداء المسلمين إذا حضروا معهم حربا ، ودخل من كان معهم في مدينتهم من تاجر وأجير وتابع من الأنباط من أهل القرى ومن معهم في هذا الصلح فسموا الرواديف لأنهم تلوهم وليسوا منهم ، ويقال : إنهم جاءوا بهم إلى عسكر المسلمين وهم أرداف لهم ، فسمّوا رواديف ، وكان الجراجمة يستقيمون للولاة مرّة ويعوجّون أخرى فيكاتبون الروم ويمالئونهم على المسلمين ، ولما استقبل عبد الملك بن مروان محاربة مصعب بن الزبير خرج قوم منهم إلى الشام مع ملك الروم فتفرّقوا في نواحي الشام ، وقد استعان المسلمون بالجراجمة في مواطن كثيرة في أيام بني أمية وبني العباس وأجروا عليهم الجرايات وعرفوا منهم المناصحة.

جَرْجِير : بالفتح ، وكسر الجيم الثانية ، وياء ساكنة ، وراء : موضع بين مصر والفرما.

١٢٣

جُرْجِينُ : آخره نون : موضع بالبطيحة بين البصرة وواسط ، صعب المسلك ، وإليه ينسب الهور المتّقى سلوكه لعظم الخطر فيه إن هبّت أدنى ريح.

جَرْحَةُ : بالفتح ثم السكون ، والحاء مهملة : من قرى عسقلان بالشام ؛ منها أبو الفضل العباس بن محمد بن الحسن ابن قتيبة العسقلاني الجرحي ، روى عن أبيه وعن عبيد ابن آدم بن أبي إياس العسقلاني ، روى عنه أبو بكر محمد ابن إبراهيم المقري الأصبهاني.

جُرْخَانُ : بالضم ، والخاء معجمة ، وآخره نون : بلد بخوزستان قرب السوس.

جُرْخَبَنْد : بعد الخاء باء موحدة مفتوحة ، ونون ساكنة ، ودال مهملة : بليدة بأرمينية أو بأذربيجان ، بها مات عبيد الله بن عليّ بن حمزة ، يعرف بابن المارستانية ، وكان أنفذ في رسالة إلى تفليس من الناصر ، فلما رجع ووصل إلى هذه البلدة مات في ذي القعدة سنة ٥٩٩ ، وكان من أهل العلم والحفظ ، متّهما فيما يرويه.

جَرْدانُ : الدال مهملة ، وآخره نون : بلد قرب كابلستان بين غزنة وكابل ، به يصيف أهل ألبان.

جِرْدُ : اسم بلدة بنواحي بيهق ، كانت قديما قصبة الكورة ؛ قاله العمراني ؛ قلت : وأخاف أن يكون غلطا لأن قصبة بيهق كان يقال لها خسروجرد ، ونسب بعضهم إلى الشطر الأخير منه جرديّ فاشتبه عليه ، والله أعلم.

الجَرَدُ : بالتحريك : جبل في ديار بني سليم. وجرد القصيم : في طريق مكة من البصرة على مرحلة من القريتين ، والقريتان دون رامة بمرحلة ثم إمّرة الحمى ثم طخفة ثم ضريّة ؛ قال النعمان بن بشير الأنصاري في جرد :

يا عمرو لو كنت أرقى الهضب من بردى ،

أو العلى من ذرى نعمان أو جردا

وأنشد ابن السكيت في جرد القصيم :

يا زيّها اليوم على مبين ،

على مبين جرد القصيم

الجَرَدَةُ : بزيادة الهاء : من نواحي اليمامة ؛ عن الحفصي

جِرْدَوس : بالكسر ثم السكون : ولاية من أعمال كرمان قصبتها جيرفت.

جُرْذَقِيلُ : بالضم ثم السكون ، وفتح الذال المعجمة ، وكسر القاف ، وياء ، ولام : قلعة من نواحي الزّوزان ، وهي كرسي مملكة الأكراد البختية ، أفادنيها الإمام أبو الحسن عليّ بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري.

الجَرُّ : بالفتح ، والتشديد ، وهو في الأصل الجبل ؛ عين الجر : جبل بالشام من ناحية بعلبكّ. والجر أيضا : موضع بالحجاز في ديار أشجع ، كانت فيه بينهم وبين بني سليم بن منصور وقعة ؛ قال الراعي :

ولم يسكنوها الجرّ حتى أظلّها

سحاب من العوّا تثوب غيومها

والجر أيضا : موضع بأحد ، وهو موضع غزوة النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ؛ قال عبد الله بن الزّبعرى :

أبلغا حسّان عني مألكا ،

فقريض الشعر يشفي ذا الغلل

كم ترى بالجرّ من جمجمة

وأكفّ قد أترّت ورجل

وسرابيل حسان سرّيت

عن كماة ، أهلكوا في المنتزل

١٢٤

وقال الحجاج بن علاط السلمي يمدح عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، ويذكر قتله طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار صاحب لواء المشركين يوم أحد :

لله أيّ مذبّب عن حرمة!

أعني ابن فاطمة المعمّ المخولا

سبقت يداك له بعاجل طعنة ،

تركت طليحة للجبين مجدّلا

وشددت شدّة باسل ، فكشفتهم

بالجرّ إذ يهوون أخول أخولا

جُرْزانُ : بالضم ثم السكون ، وزاي ، وألف ، ونون : اسم جامع لناحية بأرمينية قصبتها تفليس ، حكى ابن الكلبي عن الشرقي بن قطاميّ جرزان وأرّان ، وهما مما يلي أبواب أرمينية ؛ وأرّان هي أرض برذعة مما يلي الديلم ، وهما ابنا كسلوخيم بن لنطي ابن يونان بن يافث بن نوح ، عليه السلام ؛ وقال عليّ ابن الحسين في مروجه : ثم يلي مملكة الأبخاز ملك الجرزية ، قلت أنا : وهم الكرج فيما أحسب فعرّب فقيل جرز ، قال : وهم أمة عظيمة ولهم ملك في هذا الوقت يقال له الطنبغي ، ومملكة هذا الملك موضع يقال له مسجد ذي القرنين ، وهم منقادون إلى دين النصرانية ، يقال لهم جرزان ، وكانت الأبخاز والجرزية تؤدّي الخراج إلى صاحب ثغر تفليس منذ فتحت تفليس وسكنها المسلمون إلى أيام المتوكل ، فإنه كان بها رجل يقال له إسحاق بن إسماعيل فتغلب عليها واستظهر بمن معه من المسلمين على من حولها من الأمم ، فانقادوا إلى طاعته وأدوا إليه الجزية وخافه كلّ من هناك من الأمم حتى بعث إليه المتوكل بغا التركي في عساكر كثيفة ، فنزل على ثغر تفليس فأقام عليه محاربا مدة يسيرة حتى افتتحها بالسيف ، وقتل إسحاق لأنه خلع طاعة السلطان ، فمن يومئذ انحرفت هيبة السلطان عن ذلك الثغر وطمع فيه المتغلبون وضعفوا عن مقاومة من حولهم من الكفار وامتنعوا عن أداء الجزية واستضافوا كثيرا من ضياع تفليس إليهم حتى كان من تملّك الكرج لتفليس ما كان في سنة ٥١٥ ، وقد ذكر خبر فتح المسلمين لهذه الناحية في باب تفليس ، وكان قد تغلب على هذه الناحية وأرّان في أيام المعتمد على الله رجل يقال له محمد بن عبد الواحد التميمي اليمامي ، فقال شاعره عمر بن محمد الحنفي يمدحه :

ونال بالشام أياما مشهّرة ،

سارت له في جميع الناس فاشتهرا

وداس أحرار جرزان بوطأته ،

حتى شكوا من توالي وطئه ضررا

وقال أبو عبادة الطائي في مدح أبي سعيد محمد بن يوسف الثغري :

وما كان بقراط بن أشوط عنده

بأول عبد ، أوبقته جرائره

ولما التقى الجمعان ، لم يجتمع له

يداه ، ولم يثبت على البيض ناظره

ولم يرض من جرزان حرزا يجيره ،

ولا في جبال الروم ريدا يجاوره

جُرْزُوَانُ : الزاي مضمومة ، وواو وألف ، ونون ، والخراسانيون يقولون كرزوان : وهي مدينة من أعمال الجوزجان في الجبال ، وهي مدينة عامرة آهلة ، وأهلها كلهم مياسير ، وهي أشبه شيء بمكة ، حرسها الله تعالى ، لأنها بين جبلين.

١٢٥

جُرْزَةُ : بالهاء : اسم أرض باليمامة من أرض الكوفة ، وهي لبني ربيعة ؛ قال متمم بن نويرة يرثي بحير بن عبد الله بن مليك بن عبد الله السليطي :

كأن بحيرا لم يقل لي ما ترى

من الأمر ، أو ينظر بوجه قسيم

ولم تشب في حال الكميت ، ولم تكن

كأنك نصب للرماح رجيم

ولكن رأيت الموت أدرك تبعا ،

ومن بعده من حادث وقديم

فيا لعبيد خلفة ان خيركم

بجرزة ، بين الوعستين ، مقيم

جَرْسيفُ : بالفتح ، وكسر السين المهملة ، وياء ساكنة ، وفاء : مدينة بالمغرب بين فاس وتلمسان.

جُرْشُ : بالضم ثم الفتح ، وشين معجمة : من مخاليف اليمن من جهة مكة ، وهي في الإقليم الأول ، طولها خمس وستون درجة ، وعرضها سبع عشرة درجة ، وقيل : إن جرش مدينة عظيمة باليمن وولاية واسعة ، وذكر بعض أهل السير أن تبّعا أسعد بن كليكرب خرج من اليمن غازيا حتى إذا كان بجرش ، وهي إذ ذاك خربة ومعدّ حالة حواليها ، فخلّف بها جمعا ممن كان صحبه رأى فيهم ضعفا ، وقال : اجرشوا ههنا أي البثوا ، فسميت جرش بذلك ، ولم أجد في اللغويين من قال إن الجرش المقام ، ولكنهم قالوا إن الجرش الصوت ، ومنه الملح الجريش لأنه حكّ بعضه ببعض فصوّت حتى سحق لأنه لا يكون ناعما ؛ وقال أبو المنذر هشام : جرش أرض سكنها بنو منبّه بن أسلم فغلبت على اسمهم وهو جرش واسمه منبّه بن أسلم بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عديّ بن مالك بن زيد ابن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن أيمن بن الهميسع ابن حمير بن سبأ ، وإلى هذه القبيلة ينسب الغاز بن ربيعة بن عمرو بن عوف بن زهير بن حماطة بن ربيعة ابن ذي خليل بن جرش بن أسلم ، كان شريفا زمن معاوية ، وعبد الملك وابنه هشام بن الغاز ، وزعم بعضهم أن ربيعة بن عمرو والد الغاز له صحبة ، وفيه نظر ، ومنهم الجرشي الحارث بن عبد الرحمن بن عوف بن ربيعة بن عمرو بن عوف بن زهير بن حماطة كان في صحابة أبي جعفر المنصور ، وكان جميلا شجاعا ؛ وقرأت بخط جخجخ النحوي في كتاب أنساب البلدان لابن الكلبي : أخبرنا أحمد بن أبي سهل الحلواني عن أبي أحمد محمد بن موسى بن حماد البريدي عن أبي السريّ عن أبي المنذر قال : جرش قبائل من أفناء الناس تجرشوا ، وكان الذي جرشهم رجل من حمير يقال له زيد بن أسلم ، خرج بثور له عليه حمل شعير في يوم شديد الحرّ فشرد الثور ، فطلبه فاشتد تعبه ، فحلف لئن ظفر به ليذبحنه ثم ليجرشن الشعير وليدعونّ على لحمه ، فأدركه بذات القصص عند قلعة جراش ، وكل من أجابه وأكل معه يومئذ كان جرشيّا ؛ وينسب إليها الأدم والنوق فيقال : أدم جرشيّ وناقة جرشية ؛ قال بشر بن أبي خازم :

تحدّر ماء البئر عن جرشية

على جربة ، تعلو الديار غروبها

يقول : دموعي تحدّر كتحدّر ماء البئر عن دلو تسقى بها ناقة جرشية ، لأن أهل جرش يسقون على الإبل ؛ وفتحت جرش في حياة النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ، في سنة عشر للهجرة صلحا على الفيء وأن يتقاسموا العشر ونصف العشر ؛ وقد نسب المحدثون إليها بعض أهل الرواية ، منهم : الوليد بن عبد الرحمن

١٢٦

الجرشي مولى لآل أبي سفيان الأنصاري ، يروي عن جبير بن نفير وغيره ؛ ويزيد بن الأسود الجرشي من التابعين ، أدرك المغيرة بن شعبة وجماعة من الصحابة ، كان زاهدا عابدا سكن الشام ، استسقى به الضحاك بن قيس وقتل معه بمرج راهط.

جَرَشُ : بالتحريك : وهو اسم مدينة عظيمة كانت ، وهي الآن خراب ، حدثني من شاهدها وذكر لي أنها خراب ، وبها آبار عاديّة تدل على عظم ، قال : وفي وسطها نهر جار يدير عدة رحى عامرة إلى هذه الغاية ، وهي في شرقي جبل السواد من أرض البلقاء وحوران من عمل دمشق ، وهي في جبل يشتمل على ضياع وقرى يقال للجميع جبل جرش اسم رجل وهو جرش بن عبد الله بن عليم بن جناب بن هبل ابن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة ، ويخالط هذا الجبل جبل عوف ، وإليه ينسب حمى جرش ، وهو من فتوح شرحبيل بن حسنة في أيام عمر ، رضي الله عنه ، وإلى هذا الموضع قصد أبو الطيب المتنبي أبا الحسن عليّ بن أحمد المرّي الخراساني ممتدحا ؛ وقال تليد الضبي وكان قد أخذ في أيام عمر ابن عبد العزيز على اللصوصية فقال :

يقولون جاهرنا تليد بتوبة ،

وفي النفس مني عودة سأعودها

ألا ليت شعري! هل أقودنّ عصبة ،

قليل لرب العالمين سجودها

وهل أطردنّ الدهر ، ما عشت ، هجمة

معرّضة الأفخاذ سجحا خدودها

قضاعيّة حمّ الذّرى ، فتربعت

حمى جرش قد طار عنها لبودها

جَرْعاءُ مالكٍ : واشتقاق جرعاء يأتي في جرعة بعد هذا ؛ قال الحفصي : جرعاء مالك بالدهناء قرب حزوى ، وقال أبو زياد : جرعاء مالك رملة ؛ وقال ذو الرمة :

وما استجلب العينين إلا منازل

بجمهور حزوى ، أو بجرعاء مالك

أربّت رويّا كلّ دلويّة بها ،

وكلّ سماكيّ ملثّ المبارك

وقال شاعر من مضر يعيب على قضاعة انتسابها في اليمن :

مررنا على حيي قضاعة غدوة ،

وقد أخذوا في الزّفن والزّفيان

فقلت لها : ما بال زفنكم كذا ،

لعرس يرى ذا الزّفن أم لختان؟

فقالوا : ألا إنّا وجدنا لنا أبا ،

فقلت : ليهنيكم! بأي مكان؟

فقالوا : وجدناه بجرعاء مالك ،

فقلت : إذا ما أمكم بحصان

فما مسّ خصيا مالك فرج أمكم ،

ولا بات منه الفرج بالمتداني

فقالوا : بلى والله ، حتى كأنما

خصيّاه في باب استها جعلان

الجَرَعُ : بالتحريك ، جمع جرعة ، وهي الرملة التي لا تنبت شيئا : موضع في شعر ابن مقبل :

للمازنيّة مصطاف ومرتبع

مما رأت أود ، فالمقراة فالجرع

الجَرَعةُ : بالتحريك ، وقيّده الصدفي بسكون الراء : وهو موضع قرب الكوفة المكان الذي فيه سهولة

١٢٧

ورمل ، ويقال جرع وجرع وجرعاء بمعنى ، وإليه يضاف يوم الجرعة المذكور في كتاب مسلم ، وهو يوم خرج فيه أهل الكوفة إلى سعيد بن العاص وقت قدم عليهم واليا من قبل عثمان ، رضي الله عنه ، فردوه وولوا أبا موسى ثم سألوا عثمان حتى أقرّه عليهم ؛ وبخط العبدري : لما قدم خالد العراق نزل بالجرعة بين النّجفة والحيرة ، وضبطه بسكون الراء.

جَرْفَاءُ : بالفتح ثم السكون ، والفاء ، والمد ، يوم جَرفاء : من أيام العرب ، ولعله موضع.

الجُرْفُ : بالضم ثم السكون ؛ والجرف ما تجرّفته السيول فأكلته من الأرض ، وقيل الجرف عرض الجبل الأملس ، وقيل جرف الوادي ونحوه من أسناد المسائل إذا نخج الماء في أصله فاحتفره وصار كالدّحل وأشرف أعلاه ، فإذا انصدع أعلاه فهو هار ، ومنه قوله جرف هار. والجرف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام ، به كانت أموال لعمر بن الخطاب ولأهل المدينة ، وفيه بئر جشم وبئر جمل ، قالوا : سمي الجرف لأن تبّعا مرّ به فقال : هذا جرف الأرض ، وكان يسمّى العرض ؛ وفيه قال كعب بن مالك :

إذا ما هبطنا العرض قال سراتنا :

علام إذا لم نمنع العرض نزرع؟

وذكر هذا الجرف في غير حديث ؛ قال كعب بن الأشرف اليهودي النّضيري :

ولنا بئر رواء جمّة ،

من يردها بإناء يغترف

تدلج الجون على أكنافها

بدلاء ، ذات أمراس صدف

كلّ حاجاتي بها قضّيتها ،

غير حاجاتي على بطن الجرف

والجرف أيضا : موضع بالحيرة كانت به منازل المنذر. والجرف أيضا : موضع قرب مكة كانت به وقعة بين هذيل وسليم. والجرف أيضا : من نواحي اليمامة كان به يوم الجرف لبني يربوع على بني عبس قتلوا فيه شريحا وجابرا ابني وهب بن عوذ بن غالب وأسروا فروة وربيعة ابني الحكم بن مروان بن زنباع ؛ قال رافع بن هزيم :

فينا بقيّات من الخيل صرم ،

سبعة آلاف وأدراع رزم

ونحن ، يوم الجرف ، جئنا بالحكم

قسرا وأسرى حوله لم تقتسم

والجرف أيضا في قول أبي سعد : موضع باليمن ؛ ينسب إليه أحمد بن إبراهيم الجرفي ، سمع منه الحافظ أبو القاسم بن عبد الوارث الشيرازي.

جُرَّفَارُ : بالضم ثم التشديد ، وفاء ، وألف ، وراء : مدينة مخصبة بناحية عمان ، وأكثر ما سمعتهم يسمونها جلّفار ، باللام.

الجُرْفَةُ : بالضم ثم السكون ، وفاء : موضع باليمامة من مياه عديّ بن عبد مناة بن أدّ.

جَرْقُوه : بالفتح ، والقاف مضمومة : أحسبها من قرى أصبهان ؛ ينسب إليها الزبير بن محمد بن أحمد أبو محمد ؛ عن أبي سعد ، وكناه أبو القاسم الدمشقي أبا عبد الله الجوقوهي ، وهو من أهل مدينة جيّ ، شيخ صالح معمر ، سمع الإمام أبا المحاسن عبد الواحد الروياني وغانم بن محمد البرجي وأبا عليّ الحداد وأحمد ابن الفضل الخواص ، سمع منه أبو سعد وأبو القاسم.

١٢٨

جَرْكانُ : بالفتح ثم السكون ، والكاف ، وآخره نون : من قرى جرجان ؛ ينسب إليها أبو العباس محمد بن محمد بن معروف الجركاني الخطيب بجركان يستملي لأبي بكر الإسماعيلي. وجركان أيضا : من قرى أصبهان ؛ منها أبو الرجاء محمد بن أحمد الجركاني أحد الحفاظ المشهورين ، سمع أبا بكر محمد بن ريدة وأبا طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب وطبقتهما ، ومات في حدود سنة ٥١٤ ؛ ذكره السمعاني والسلفي في شيوخهما.

جِرْمازُ : بالكسر ثم السكون ، وآخره زاي : اسم بناء كان عند أبيض المدائن ثم عفا أثره ، وكان عظيما.

جَرْمانَا : بالفتح ، وبين الألفين نون : من نواحي غوطة دمشق ؛ قال ابن منير :

فالقصر فالمرج فالميدان فالشرف ال

أعلى فسطرا فجرمانا فقلبين

جَرْمَانَس : بزيادة السين عوضا من الألف الأخيرة ؛ ذكرها الحافظ أبو القاسم : من قرى الغوطة ولعلها التي قبلها ، والله أعلم.

جَرْمَقُ : بلدة بفارس كثيرة الخصب رخيصة الأسعار كثيرة الأشجار على جادّة المفازة ؛ قال الإصطخري وهو يذكر المفازة التي بين خراسان وكرمان وأصبهان والريّ ، ووصفها بالطول والعرض وقلة الأنيس وعدم السكان ، ثم قال : وفي المفازة على طريق أصبهان إلى نيسابور موضع يعرف بالجرمق ، وهو ثلاث قرى ، وتحيط بها المفازة ، وجرمق يسمّى سه ده ، معناه الثلاث قرى : إحداها اسمها بياذق ، والأخرى جرمق ، والثالثة ارابة تعد من خراسان ، وبها نخل وعيون وزروع ومواش كثيرة ، وفي الثلاث قرى نحو ألف رجل ، وثلاثها في رأس العين قريبة بعضها من بعض ، ووادي الجرمق من أعمال صيداء ، وهو كثير الأترج والليمون ؛ قال الحافظ أبو القاسم : قتل في وادي الجرمق عليّ بن الحسين بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني أخو أبي الحسن بعد سنة ٤٥٠.

جِرْمُ : بالكسر ثم السكون : مدينة بنواحي بذخشان وراء ولوالج ؛ ينسب إليها أبو عبد الله سعيد بن حيدر الفقيه الجرمي ، سمع من أبي يوسف ابن أيوب الهمذاني ، ومات بجرم سنة نيف وأربعين وخمسمائة.

جَرْمَةُ : بالفتح : اسم قصبة بناحية فزّان في جنوبي إفريقية ، لها ذكر في الفتوح ، افتتحها عقبة بن عامر وأسر أهلها.

جرميذان : موضع في أرض الجبل ، أظنه من نواحي همذان.

جُرْمِيهَنُ : بالضم ، وكسر الميم ، وياء ساكنة ، وفتح الهاء ، ونون : من قرى مرو بأعلى البلد ؛ منها أبو إسحاق إبراهيم بن خالد بن نصر الجرميهني إمام الدنيا في عصره ، سمع عارم بن الفضل ، روى عنه يحيى بن ماسويه ، توفي سنة ٢٥٠ ؛ وأبو عاصم عبد الرحمن بن الجرميهني ، كان فقيها فاضلا بارعا أصوليّا ، تفقه على الموفق بن عبد الكريم الهروي ، وسمع الحديث.

جَرَنْبَةُ : بفتحتين ، وسكون النون ، وباء موحدة : اسم موضع ، وهو من أمثلة الكتّاب.

جُرْنَى : بالضم ثم السكون ، والنون مفتوحة مقصورة : بلد من نواحي أرمينية قرب دبيل من فتوح حبيب ابن مسلمة الفهري.

١٢٩

جُرْواءانُ : بالضم ثم السكون ، وواو ، وألفين بينهما همزة ، وآخره نون : محلة كبيرة بأصبهان يقال لها بالعجمية كرواءان ؛ ينسب إليها أبو عليّ عبد الرحمن ابن محمد بن الخصيب بن رسته واسمه إبراهيم بن الحسن الجرواءاني الضبي ، روى عن الفضل بن الخصيب ، توفي سنة ٣٨٦ أو ٣٨٧ ؛ وينسب إليها جماعة أخرى.

جَرْوَاتِكَن : بالفتح ، وبعد الألف تاء فوقها نقطتان مكسورة ، وكاف ، ونون : من قرى سجستان يقال لها كرواتكن ؛ منها أبو سعد منصور بن محمد ابن أحمد الجرواتكني السجستاني ، سمع أبا الحسن عليّ بن بشر الليثي الحافظ السجزي ، قال أبو سعد : روى لنا عنه أبو جعفر حنبل بن عليّ بن الحسين السجزي.

جَرُودُ : بالفتح ؛ قال الحافظ أبو القاسم في كتابه : إسحاق بن أيوب بن خالد بن عباد بن زياد ابن أبيه المعروف بابن أبي سفيان من ساكني جرود من إقليم معلولا من أعمال غوطة دمشق ، لها ذكر في كتاب أحمد بن حبيب بن العجائز الأزدي الذي سمى فيه من كان بدمشق وغوطتها من بني أمية.

جُرُورُ : براءين مهملتين : مدينة بقهستان ؛ كذا يقول العجم ، وكتبها السلفي سرور ، وقد ذكرت في السين. وجرور أيضا : من نواحي مصر.

جَرُوزُ : آخره زاي : موضع بفارس كانت به وقعة بين الأزارقة وأهل البصرة ، وأميرهم عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص ، وكان قد عزل المهلب عن قتالهم وولى قهرمة الخوارج ، وقتلوه وسبيت امرأتاه ، وكانت مصيبة عمت أهل البصرة ؛ فقال كعب الأشقري بعد ذلك بمدة ، وكان المهلب قد أعيدت ولايته لقتالهم فقتل منهم مقتلة عظيمة :

وزادنا حنقا قتلى ، تذكّرهم ،

لا تستفيق عيون كلما ذكروا

إذا ذكرنا جروزا والذين بها

قتلى حلاحلهم ، حولان ما قبروا

تأتي عليهم حزازات النفوس ، فما

نبقي عليهم ولا يبقون ان قدروا

وقال كعب الأشقري أيضا لما قتل عبد ربّ الصغير يذكر ذلك :

رأيت يزيدا جامع الحزم والندى ،

ولا خير فيمن لا يضرّ وينفع

أصاب بقتلى في جروز قصاصها ؛

وأدرك ما كان المهلب يصنع

فدى لكم آل المهلب أسرتي ،

وما كنت أحوي من سوام وأجمع

فليس امرؤ يبني العلى بسنانه ،

كآخر يبني بالسواد ويزرع

جَرْوَسُ : بالضم ثم السكون ، وفتح الواو ، والسين مهملة : من مدن الغور بين هراة وغزنة في الجبال ؛ أخبرني به بعض أهله.

جَرُوسُ : بالفتح ثم الضم : مياه لبني عقيل بنجد.

الجرْولَةُ : واحدة الجرول ، وهي الحجارة ؛ قال الأصمعي : قال الغنوي ومن مياه غني بأعلى نجد الجرولة ، وهي ماء في شرقي جبل يقال له النّير ، وحذاء الجرولة ماءة يقال لها حلوة ، وقال في موضع آخر : كل شيء بين حفيرة خالد إذا صعدت لكعب ابن أبي بكر بن كلاب حتى ترد الجرولة ، وهي ماءة

١٣٠

تكون في سواج تكون ثلاثين فما أي ماءة نحو البئر والخور وهو لبني زنباع من أبي بكر ثم تليها الرّعشنة.

جَرْهُد : هو اسم لقلعة أستوناوند بطبرستان ، وقد مرّ ذكرها.

جِرِه : بكسر الجيم والراء ، وهاء خالصة : اسم لصقع بفارس ، والعامة تقول كره.

جُرَيْبُ : تصغير جرب : قرية من قرى هجر.

والجريب أيضا : من مخاليف اليمن بزبيد.

الجَرِيبُ : بالفتح ثم الكسر : اسم واد عظيم يصبّ في بطن الرّمّة من أرض نجد ؛ قال الأصمعي وهو يذكر نجد الرّمّة : فضاء وفيه أودية كثيرة ، وتقول العرب عن لسان الرّمّة :

كلّ بنيّ ، إنه يحسيني ،

إلّا الجريب إنه يرويني

قال : والجريب واد عظيم يصبّ في الرّمة ، قال : وقال العامري الجريب واد لبني كلاب به الحموض والأكلاء ، والرّمة أعظم منه ، وسيل الجريب يدفع في بطن الرّمة ويسيلان سيلا واحدا ؛ وأنشد بعضهم :

سيكفيك بعد الله يا أمّ عاصم

مجاليح مثل الهضب ، مصبورة صبرا

عوادن في حمض الجريب ، وتارة

تعاتب منه خلّة جارة جأرا

يعني تعاود مرة بعد مرة ، وكانت بالجريب وقعة لبني سعد بن ثعلبة من طيّء ؛ وقال عمرو بن شاس الكندي :

فقلت لهم : إن الجريب وراكسا

به إبل ، ترعى المرار ، رتاع

وقال المهدي بن الملوّح :

إذا الريح من نحو الجريب تنسمت

وجدت لريّاها ، على كبدي ، بردا

على كبد قد كاد يبدي بها الجوى

ندوبا ، وبعض القوم يحسبني جلدا

جَريرَا : مقصور : من قرى مرو يسمونها كريرا ؛ منها عبد الحميد بن حبيب الجريري من أتباع التابعين ، وهو مولى عبد الرحمن القرشي ، سمع الشّعبي ومقاتل بن حيّان ، روى عنه ابن المبارك والفضل ابن موسى.

جَرِيرٌ : بغير ألف ، وهو حبل يجعل للبعير بمنزلة العذار للفرس غير الزمام ، وبه سمّي اللجام جريرا : موضع بالكوفة كانت به وقعة زمن عبيد الله بن زياد لما جاءها.

جُرَيرٌ : بلفظ التصغير : بنو جرير كانت من محال البصرة ، نسبت إلى قبيلة نزلتها. وجرير : موضع قرب مكة ؛ عن نصر

جُرَير : تصغير جرير ، مشدد ما بين الراءين مكسور : اسم واد في ديار بني أسد أعلاه لهم وأسفله لبني عبس ، وقيل : جرير بلد لغني فيما بين جبلة وشرقي الحمى وإلى أضاخ ، وهي أرض واسعة ، قال معاوية النصري يهجو أطيطا الفقعسي :

سقى الله الجريّر ، كل يوم ،

وساكنه مرابيع السحاب

بلاد لم يحلّ بها لئيم ،

ولا صخر ولا سلح الذّباب

ألا أبلغ مزجّج حاجبيه ،

فما بيني وبينك من عتاب

١٣١

ومسلم أهله بجيوش سعد ،

وما ضمّ الخميس من النهاب

قال ذلك لأن بني سعد بن زيد مناة بن تميم غزت بني أسد وأخذت منهم أموالا وقتلت رجالا ، ويقال أيضا بسكون الياء.

الجُرَيرَة : بزيادة الهاء في الجرير المذكور قبله : ماءة يقال لها الجريرة ، قال الأصمعي : أسفل من قطن مما يلي المشرق الجرير ، واد لبني أسد به ماء يقال له الجريرة يفرغ في ثادق.

الجُرَيْسات : كأنه جمع تصغير جرسة بالسين المهملة : موضع بمصر.

الجُرَيسيُّ : موضع بين القاع وزبالة في طريق مكة على ميلين من الهيثم لقاصد مكة ، فيه بركة وقصر خراب ، وبينه وبين زبالة أحد عشر ميلا.

جُرَينٌ : تصغير جرن ، والجرن الموضع الذي يجفف فيه التمر : موضع بين سواج والنير باللعباء من أرض نجد.

جَرّى : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، والقصر : ناحية بين قمّ وهمذان ، ينسب إليها قوم من أهل العلم.

باب الجيم والزاي وما يليهما

جُزَازُ : بضم أوله وقيل بكسر أوله ، وزايين : موضع من نواحي قنّسرين ، وقال نصر : جزاز جبل بالشام بينه وبين الفرات ليلة ، ويروى براءين مهملتين.

جُزْءٌ : بالضم ثم السكون ثم همزة ، رمل الجزء : بين الشّحر ويبرين ، طوله مسيرة شهرين ، تنزله أفناء القبائل من اليمن ومعدّ وعامّتهم من بني خويلد بن عقيل ، قيل إنه يسمّى بذلك لأن الإبل تجزأ فيه بالكلإ أيام الربيع فلا ترد الماء ، وفي كتاب الأصمعي : الجزء رمل لبني خويلد بن عامر بن عقيل.

جَزْءٌ : بالفتح ، وباقيه مثل الذي قبله ، نهر جزء : بقرب عسكر مكرم من نواحي خوزستان ، ينسب إلى جزء بن معاوية التميمي ، وكان قد ولي لعمر ابن الخطاب ، رضي الله عنه ، بعض نواحي الأهواز فحفر هذا النهر ، قال ذلك أبو أحمد العسكري.

الجَزَائرُ : جمع جزيرة : اسم علم لمدينة على ضفّة البحر بين إفريقية والمغرب ، بينها وبين بجاية أربعة أيام ، كانت من خواص بلاد بني حمّاد بن زيري بن مناد الصنهاجي ، وتعرف بجزائر بني مزغنّاي وربما قيل لها جزيرة بني مزغنّاي وقال أبو عبيد البكري : جزائر بني مزغناي مدينة جليلة قديمة البنيان ، فيها آثار للأول عجيبة وآزاج محكمة تدل على أنها كانت دار ملك لسالف الأمم ، وصحن الملعب الذي فيها قد فرش بحجارة ملوّنة صغار مثل الفسيفساء ، فيها صور الحيوانات بأحكم عمل وأبدع صناعة ، لم يغيرها تقادم الزمان ، ولها أسواق ومسجد جامع ، ومرساها مأمون له عين عذبة يقصد إليها أصحاب السفن من إفريقية والأندلس وغيرهما ؛ وينسب بهذه النسبة جماعة ، منهم : أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد ابن الفرج الجزائري المصري ، يروي عن ابن قديد ، توفي في ذي القعدة سنة ٣٦٨.

الجَزَائرُ الخالداتُ : وهي جزائر السعادة التي يذكرها المنجمون في كتبهم ، كانت عامرة في أقصى المغرب في البحر المحيط ، وكان بها مقام طائفة من الحكماء ، ولذلك بنوا عليها قواعد علم النجوم ؛ قال ابو الريحان البيروتي : جزائر السعادة وهي الجزائر الخالدات ، هي ست جزائر واغلة في البحر المحيط قريبا من

١٣٢

مائتي فرسخ ، وهي ببلاد المغرب ، يبتدئ بعض المنجمين في طول البلدان منها ، وقال أبو عبيد البكري : بإزاء طنجة في البحر المحيط وإزاء جبل أدلنت الجزائر المسماة فرطناتش أي السعيدة ، سميت بذلك لأن شعراءها وغياضها كلها أصناف الفواكه الطيبة العجيبة من غير غراسة ولا عمارة ، وإن أرضها تحمل الزرع مكان العشب وأصناف الرياحين العطرة بدل الشوك ، وهي بغربي بلد البربر مفترقة متقاربة في البحر المذكور.

جزائر السَّعادةِ : هي الخالدات المذكورة قبل هذا.

جِزْبارَانُ : بالكسر ثم السكون ، وباء موحدة ، وبين الألفين راء ، وآخره نون : من قرى نيسابور ؛ منها أبو بكر الجزباراني.

جُزُب : بضمتين ، ذو جزب : من قرى ذمار باليمن.

جُزْجُزُ : كذا ضبطه نصر بجيمين مضمومتين وزايين ، قال : جبل من جبالهم ، بئره عاديّة.

الجَزْرُ : بالفتح ثم السكون ، وراء ، أصله في لغة العرب القطع ، يقال مدّ البحر والنهر إذا كثر ماؤه ، فإذا انقطع قيل جزر جزرا ؛ والجزر : موضع بالبادية ؛ قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير : كانت أسماء بنت مطرف بن أبان من بني أبي بكر بن كلاب لسنة لدّاغة اللسان ، فنزلت برجل من بني نصر بن معاوية ثم من بني كلفة فلم يقرها ، فقالت فيه :

سرت بي فتلاء الذراعين حرّة

إلى ضوء نار ، بين فردة فالجزر

سرت ما سرت من ليلها ثم عرّست

إلى كلفيّ ، لا يضيف ولا يقري

فكن حجرا لا يطعم الدهر قطرة ،

إذا كنت ضيفا نازلا في بني نصر

والجزر أيضا : كورة من كور حلب ؛ قال فيها حمدان بن عبد الرحيم من أهل هذه الناحية وهو شاعر عصره بعد الخمسمائة بزمان :

لا جلّق رقن لي معالمها ،

ولا اطّبتني أنهار بطنان

ولا ازدهتني بمنبج فرض

راقت لغيري من آل حمدان

لكن زماني بالجزر ذكّرني

طيب زماني ، ففيه أبكاني

يا حبّذا الجزر كم نعمت به ،

بين جنان ذوات أفنان

جُزْرَة : بالضم ، وزيادة الهاء : واد بين الكوفة وفيد.

وجزرة أيضا : موضع باليمامة ؛ قال متمم بن نويرة أخو قيس بن نويرة :

فيا لعبيد حلفة إن خيركم ،

بجزرة بين الوعستين ، مقيم

رجعتم ولم تربع عليه ركابكم ،

كأنّكم لم تفجعوا بعظيم

قال ابن حبيب : جزرة من أرض الكريّة من بلاد اليمامة ، وقال السكري : جزرة ماء لبني كعب بن العنبر ؛ قاله في شرح قول جرير :

يا أهل جزرة! لا علم فينفعكم ،

أو تنتهون فينجي الخائف الحذر

يا أهل جزرة! إني قد نصبت لكم

بالمنجنيق ، ولما يرسل الحجر

جَزُّ : بالفتح ثم التشديد : من قرى أصبهان ؛ نسب إليها أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي الإمام الحنبلي ، كان يقول نحن من أهل أصبهان من قرية يقال لها جزّ ،

١٣٣

وهو الإمام المشهور في الحديث والفقه ، ومات سنة ٢٧٧.

جَزْعُ بني كُوزٍ : من ديار بني الضباب بنجد ، وهو مسيرة يومين على وجه واحد ؛ والجزع : منعطف الوادي.

جَزْعُ بني حمَّاز : وهم من بني التيم تيم عدي : وهو واد باليمامة ؛ عن الحفصي.

جَزْع الدَّوَاهي : موضع بأرض طيِء ؛ قال زيد الخيل :

إلى جزع الدواهي ذاك منكم

مغان فالخمائل فالصعيد

جَزْلٌ : بالفتح ، وآخره لام ، وهي في اللغة الحطب الغليظ ، وعطاء جزل كثير : وهو موضع قرب مكة ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

ولقد قلت ليلة الجزل لمّا

أخضلت ريطتي عليّ السماء

ليت شعري! وهل يردّنّ ليت ،

هل لهذا عند الرباب جزاء؟

جَزْنَقُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح النون ، وقاف : بليدة عامرة بأذربيجان بقرب المراغة ، فيها آثار للأكاسرة قديمة وأبنية وبيت نار.

جَزْنَةُ : بدل القاف هاء : وهو اسم لمدينة غزنة قصبة زابلستان البلد العظيم المشهور بين غور والهند في أطراف خراسان ، وسيأتي ذكر غزنة بأتمّ من هذا إن شاء الله تعالى.

جِزَه : بكسر أوله ، وفتح ثانيه وتخفيفه : مدينة بسجستان ، وأهلها يقولون كزه ، في الكتب تكتب بالجيم.

جَزَةُ : بالفتح ، والتشديد : موضع بخراسان كانت عنده وقعة للأسد بن عبد الله مع خاقان ، والعجم تقول كزّه.

جَزيرَةُ أَقُورَ : بالقاف : وهي التي بين دجلة والفرات مجاورة الشام تشتمل على ديار مضر وديار بكر ، سميت الجزيرة لأنها بين دجلة والفرات ، وهما يقبلان من بلاد الروم وينحطّان متسامتين حتى يلتقيا قرب البصرة ثم يصبان في البحر ، وطولها عند المنجمين سبع وثلاثون درجة ونصف ، وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف ، وهي صحيحة الهواء جيدة الرّيع والنماء واسعة الخيرات ، بها مدن جليلة وحصون وقلاع كثيرة ، ومن أمهات مدنها حرّان والرّها والرّقّة ورأس عين ونصيبين وسنجار والخابور وماردين وآمد وميّافارقين والموصل وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه ، وقد صنف لأهلها تواريخ ، وخرج منها أئمة في كل فن ؛ وفيها قيل :

نحنّ إلى أهل الجزيرة قبلة ،

وفيها غزال ساجي الطرف ساحره

يؤازره قلبي عليّ ، وليس لي

يدان بمن قلبي عليّ يؤازره

وتوصف بكثرة الدماميل ؛ قال عبد الله بن همّام السلولي :

أتيح له من شرطة الحيّ جانب

عريض القصيرى ، لحمه متكاوس

أبدّ ، إذا يمشي يحيك كأنما

به ، من دماميل الجزيرة ، ناخس

القصيرى : الضّلع التي تلي الشاكلة ، وهي الواهنة في أسفل البطن. والأبدّ : السمين ؛ قال : ولما تفرّقت قضاعة في البلاد سار عمرو بن مالك التزيذي في تزيد

١٣٤

وعشم ابني حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وبنو عوف بن ربان وجرم بن ربّان إلى أطراف الجزيرة وخالطوا قراها وكثروا بها وغلبوا على طائفة منها ، فكانت بينهم وبين من هناك وقعة هزموا الأعاجم فيها فأصابوا فيهم ؛ فقال شاعرهم جدي بن الدلهاث بن عشم العشمي :

صففنا للأعاجم من معدّ

صفوفا بالجزيرة كالسعير

لقيناهم بجمع من علاف ،

ترادى بالصلادمة الذكور

فلاقت فارس منهم نكالا ،

وقاتلنا هرابذ شهرزور

ولم يزالوا بناحية الجزيرة حتى غزا سابور الجنود بن أردشير الحضر ، وكانت مدينة تزيد ، فافتتحها واستباح ما فيها وقتل جماعة من قبائل قضاعة وبقيت منهم بقية قليلة فلحقوا بالشام وساروا مع تنوخ ؛ وذكر سيف ابن عمر أن سعد بن أبي وقاص لما مصّر الكوفة في سنة ١٧ اجتمع الروم فحاصروا أبا عبيدة بن الجرّاح والمسلمين بحمص ، فكتب عمر ، رضي الله عنه ، إلى سعد بإمداد أبي عبيدة بالمسلمين من أهل العراق ، فأرسل إليه الجيوش مع القوّاد وكان فيهم عياض بن غنم ، وبلغ الروم الذين بحمص مسير أهل العراق إليهم فخرجوا عن حمص ورجعوا إلى بلادهم ، فكتب سعد إلى عياض بغزو الجزيرة ، فغزاها في سنة ١٧ وافتتحها ، فكانت الجزيرة أسهل البلاد افتتاحا لأن أهلها رأوا أنهم بين العراق والشام ، وكلاهما بيد المسلمين ، فأذعنوا بالطاعة فصالحهم على الجزية والخراج ، فكانت تلك السهول ممتحنة عليهم وعلى من أقام بها من المسلمين ؛ قال عياض بن غنم :

من مبلغ الأقوام أن جموعنا

حوت الجزيرة ، غير ذات رجام؟

جمعوا الجزيرة والغياب ، فنفّسوا

عمن بحمص غيابة القدّام

إن الأعزّة والأكارم معشر ،

فضّوا الجزيرة عن فراج الهام

غلبوا الملوك على الجزيرة ، فانتهوا

عن غزو من يأوي بلاد الشام

وكان عمر ، رضي الله عنه ، قد نزل الجابية في سنة ١٧ ممدّا لأهل حمص بنفسه ، فلما فرغ من أهل حمص أمدّ عمر عياض بن غنم بحبيب بن مسلمة الفهري فقدم على عياض ممدّا ، وكتب أبو عبيدة إلى عمر بعد انصرافه من الجابية يسأله أن يضم إليه عياض بن غنم إذ كان صرف خالدا إلى المدينة ، فصرفه إليه وصرف سهيل بن عدي وعبد الله بن عتبان إلى الكوفة واستعمل حبيب بن مسلمة على عجم الجزيرة والوليد ابن عقبة بن أبي معيط على عرب الجزيرة وبقي عياض ابن غنم على ذلك إلى أن مات أبو عبيدة في طاعون عمواس سنة ١٨ ، فكتب عمر ، رضي الله عنه ، عهد عياض على الجزيرة من قبله ؛ هذا قول سيف ورواية الكوفيين ، وأما غيره فيزعم أن أبا عبيدة هو الذي وجه عياض بن غنم إلى الجزيرة من الشام من أول الأمر وأن فتوحه كان من جهة أبي عبيدة ؛ وزعم البلاذري فيما رواه عن ميمون بن مهران قال : الجزيرة كلّها من فتوح عياض بن غنم بعد وفاة أبي عبيدة بن الجرّاح ولاه إياها عمر ، رضي الله عنه ، وكان أبو عبيدة استخلفه على الشام فولى عمر يزيد بن أبي سفيان ثم معاوية من بعده الشام وأمر عياضا بغزو الجزيرة ؛ قال : وقال آخرون بعث أبو عبيدة عياض بن غنم إلى

١٣٥

الجزيرة فمات أبو عبيدة وهو بها فولاه عمر إياها بعده ؛ وقال محمد بن سعد عن الواقدي : أثبت ما سمعناه في عياض بن غنم أن أبا عبيدة مات في طاعون عمواس سنة ١٨ واستخلف عياضا فورد عليه كتاب عمر بتوليته حمص وقنّسرين والجزيرة للنصف من شعبان سنة ١٨ فسار إليها في خمسة آلاف وعلى مقدّمته ميسرة بن مسروق وعلى ميسرته صفوان بن المعطّل وعلى ميمنته سعيد بن عامر بن جذيم الجمحي ، وقيل : كان خالد بن الوليد على ميسرته ، والصحيح أن خالدا لم يسر تحت لواء أحد بعد أبي عبيدة ولزم حمص حتى توفي بها سنة ٢١ وأوصى إلى عمر ، ويزعم بعضهم أنه مات بالمدينة ، وموته بحمص أثبت ، وعبر الفرات وفتح الجزيرة بأسرها ؛ قال ميمون بن مهران : أخذت الزيت والطعام والخل لمرفق المسلمين بالجزيرة مدة ، ثم خفف عنهم واقتصر على ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثني عشر درهما نظرا من عمر للناس ، وكان على كل إنسان من جزيته مدّ قمح وقسطان من زيت وقسطان من خل.

الجزيرَةُ الخضْرَاءُ : مدينة مشهورة بالأندلس ، وقبالتها من البرّ بلاد البربر سبتّة ، وأعمالها متصلة بأعمال شذونة ، وهي شرقي شذونة وقبلي قرطبة ، ومدينتها من أشرف المدن وأطيبها أرضا ، وسورها يضرب به ماء البحر ، ولا يحيط بها البحر كما تكون الجزائر ، لكنها متصلة يبرّ الأندلس لا حائل من الماء دونها ؛ كذا أخبرني جماعة ممن شاهدها من أهلها ، ولعلّها سميت بالجزيرة لمعنى آخر على أنه قد قال الأزهري : إن الجزيرة في كلام العرب أرض في البحر يفرج عنها ماء البحر فتبدو ، وكذلك الأرض التي يعلوها السيل ويحدق بها ؛ ومرساها من أجود المراسي للجواز وأقربها من البحر الأعظم ، بينهما ثمانية عشر ميلا ، وبين الجزيرة الخضراء وقرطبة خمسة وخمسون فرسخا ، وهي على نهر برباط ونهر لجأ إليه أهل الأندلس في عام محل ، والنسبة إليها جزيريّ وإلى التي قبلها جزريّ للفرق ؛ وقد نسب إليها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو زيد عبد الله بن عمر بن سعيد التميمي الجزيري الأندلسي ، يروي عن أصبغ بن الفرج وغيره ، مات سنة ٣٦٥ ؛ وبخط الصوري بزايين معجمتين ، ولا يصح ؛ كذا قال الحازمي. والجزيرة الخضراء أيضا جزيرة عظيمة بأرض الزنج من بحر الهند ، وهي كبيرة عريضة يحيط بها البحر الملح من كل جانب ، وفيها مدينتان : اسم إحداهما متنبّي واسم الأخرى مكنبلوا ، في كل واحدة منهما سلطان لا طاعة له على الآخر ، وفيها عدة قرى ورساتيق ، ويزعم سلطانهم أنه عربيّ وأنه من ناقلة الكوفة إليها ، حدثني بذلك الشيخ الصالح عبد الملك الحلّاوي البصري ، وكان قد شاهد ذلك وعرفه ، وهو ثقة.

جَزيرَةُ شَرِيكٍ : بفتح الشين المعجمة ، وكسر الراء ، وياء ساكنة ، وكاف : كورة بإفريقية بين سوسة وتونس ، قال أبو عبيد البكري : تنسب إلى شريك العبسي ، وكان عاملا بها ، وقصبة هذه الكورة بلدة يقال لها باشّو ، وهي مدينة كبيرة آهلة ، بها جامع وحمّامات وثلاث رحاب وأسواق عامرة ، وبها حصن أحمد بن عيسى القائم على ابن الأغلب ؛ وبجزيرة شريك اجتمعت الروم بعد دخول عبد الله بن سعد ابن أبي سرح المغرب وساروا منها إلى مدينة إقليبية وما حولها ثم ركبوا منها إلى جزيرة قوسرة ؛ ومن تونس إلى منزل باشو مرحلة ، بينهما قرى كثيرة جليلة ؛ ثم من باشو إلى قرية الدواميس مرحلة ، وهي قرية كبيرة آهلة كثيرة الزيتون ، وبينهما قصر الزيت ؛ ومن قرية الدواميس إلى القيروان مرحلة ، بينهما

١٣٦

قرى كثيرة ؛ وبحذاء جزيرة شريك في البرّ نحو جهة الجنوب جبل زغوان.

جَزيرَةُ شُكْرَ (١) : بضم الشين المعجمة ، وسكون الكاف : جزيرة في شرقي الأندلس ، ويقال جزيرة شقر ، وقد ذكرت في شقر بشاهدها.

جَزيرَةُ العَرَب : قد اختلف في تحديدها ، وأحسن ما قيل فيها ما ذكره أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب مسندا إلى ابن عباس ، قال : اقتسمت العرب جزيرتها على خمسة أقسام ، قال : وإنما سميت بلاد العرب جزيرة لإحاطة الأنهار والبحار بها من جميع أقطارها وأطرافها فصاروا منها في مثل الجزيرة من جزائر البحر ، وذلك أن الفرات أقبل من بلاد الروم فظهر بناحية قنّسرين ثم انحط على أطراف الجزيرة وسواد العراق حتى وقع في البحر في ناحية البصرة والأبلّة وامتدّ إلى عبادان ، وأخذ البحر في ذلك الموضع مغربا مطيفا ببلاد العرب منعطفا عليها فأتى منها على سفوان وكاظمة إلى القطيف وهجر وأسياف البحرين وقطر وعمان والشّحر ومال منه عنق إلى حضرموت وناحية أبين وعدن وانعطف مغربا نصبا إلى دهلك واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن إلى بلاد فرسان وحكم والأشعريين وعكّ ومضى إلى جدّة ساحل مكة والجار ساحل المدينة ثم ساحل الطور وخليج أيلة وساحل راية حتى بلغ قلزم مصر وخالط بلادها ، وأقبل النيل في غربي هذا العنق من أعلى بلاد السودان مستطيلا معارضا للبحر معه حتى دفع في بحر مصر والشام ، ثم أقبل ذلك البحر من مصر حتى بلغ بلاد فلسطين فمرّ بعسقلان وسواحلها وأتى صور ساحل الأردنّ وعلى بيروت وذواتها من سواحل دمشق ثم نفذ إلى سواحل حمص وسواحل قنّسرين حتى خالط الناحية التي أقبل منها الفرات منحطّا على أطراف قنّسرين والجزيرة إلى سواد العراق ، قال : فصارت بلاد العرب من هذه الجزيرة التي نزلوها وتوالدوا فيها على خمسة أقسام عند العرب في أشعارها وأخبارها : تهامة والحجاز ونجد والعروض واليمن ، وذلك أن جبل السراة ، وهو أعظم جبال العرب وأذكرها ، أقبل من قعرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمّته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور ، وهو تهامة ، وهو هابط ، وبين نجد ، وهو ظاهر ، فصار ما خلف ذلك الجبل في غربيّه إلى أسياف البحر من بلاد الأشعريين وعكّ وكنانة وغيرها ودونها إلى ذات عرق والجحفة وما صاقبها ، وغار من أرضها الغور غور تهامة ، وتهامة تجمع ذلك كله ، وصار ما دون ذلك الجبل في شرقيّه من صحاري نجد إلى أطراف العراق والسماوة وما يليهما نجدا ، ونجد تجمع ذلك كله ، وصار الجبل نفسه ، وهو سراته ، وهو الحجاز وما احتجز به في شرقيه من الجبال وانحاز إلى ناحية فيد والجبلين إلى المدينة ومن بلاد مذحج تثليث وما دونها إلى ناحية فيد حجازا ، والعرب تسمّيه نجدا وجلسا ، والجلس ما ارتفع من الأرض ، وكذلك النجد ، والحجاز يجمع ذلك كله ، وصارت بلاد اليمامة والبحرين وما والاهما العروض وفيها نجد وغور لقربها من البحر وانخفاض مواضع منها ومسائل أودية فيها ، والعروض يجمع ذلك كله ، وصار ما خلف تثليث وما قاربها إلى صنعاء وما والاها من البلاد إلى حضرموت والشّحر وعمان وما يلي ذلك اليمن ، وفيها تهامة ونجد ، واليمن تجمع ذلك كله ، فمكة من تهامة ، والمدينة والطائف من نجد والعالية ؛ وقال ابن الأعرابي : الجزيرة ما كان فوق تيه ، وإنما سميت جزيرة لأنها تقطع الفرات ودجلة ثم تقطع في البرّ ،

__________________

(١) وهي أيضا شكر بوزن زفر.

١٣٧

وقرأت في نوادر ابن الأعرابي قال الهيثم بن عدي :

جزيرة العرب من العذيب إلى حضرموت ، ثم قال ما أحسن ما قال! وقال الأصمعي : جزيرة العرب إلى عدن أبين في الطول والعرض من الأبلّة إلى جدّة ؛ وأنشد الأسود بن يعفر وكان قد كفّ بصره :

ومن البليّة ، لا أبا لك ، أنني

ضربت عليّ الأرض بالأسداد

لا أهتدي فيها لموضع تلعة ،

بين العذيب إلى جبال مراد

قال فهذا طول جزيرة العرب على ما ذكر ؛ وقال بعض المعمّرين :

لم يبق يا خدلة من لداتي

أبو بنين ، لا ولا بنات

من مسقط الشّحر إلى الفرات ،

إلّا يعدّ اليوم في الأموات ؛

هل مشتر أبيعه حياتي؟

فالشحر بين عمان وعدن ؛ قال الأصمعي : جزيرة العرب أربعة أقسام : اليمن ونجد والحجاز والغور ، وهي تهامة ، فمن جزيرة العرب الحجاز وما جمعه وتهامة واليمن وسبا والأحقاف واليمامة والشحر وهجر وعمان والطائف ونجران والحجر وديار ثمود والبئر المعطلة والقصر المشيد وإرم ذات العماد وأصحاب الأخدود وديار كندة وجبال طيء وما بين ذلك.

جَزِيرَةُ عُكاظَ : هي حرّة إلى جنب عكاظ وبها كانت الوقعة الخامسة من وقائع حرب الفجار ؛ قال خداش ابن زهير :

لقد بلوكم ، فأبلوكم بلاءهم ،

يوم الجزيرة ، ضربا غير تكذيب

إن توعدوني ، فإني لابن عمكم ،

وقد أصابوكم منّي بشؤبوب ،

وإنّ ورقاء قد أردى ، أبا كنف ،

ابني إياس وعمرا وابن أيّوب

جَزِيرَةُ ابْنِ عُمَرَ : بلدة فوق الموصل ، بينهما ثلاثة أيام ، ولها رستاق مخصب واسع الخيرات ، وأحسب أن أوّل من عمّرها الحسن بن عمر بن خطّاب التغلبي ، وكانت له امرأة بالجزيرة ، وذكر قرابه سنة ٢٥٠ ؛ وهذه الجزيرة تحيط بها دجلة إلا من ناحية واحدة شبه الهلال ، ثم عمل هناك خندق أجري فيه الماء ونصبت عليه رحى فأحاط بها الماء من جميع جوانبها بهذا الخندق ؛ وينسب إليها جماعة كثيرة ، منهم : أبو طاهر إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الفقيه الجزري الشافعي ، وكان رجلا كاملا ، جمع بين العلم والعمل ، تفقّه بالجزيرة على عاملها يومئذ عمر بن محمد البزري ، وقدم بغداد وسمع بها الحديث ورجع إلى الجزيرة ودرّس بها ، وأفتى إلى أن مات بها في سنة ٥٧٧ ، ومولده سنة ٥١٧ ؛ وأبو القاسم عمر بن محمد بن عكرمة بن البزري الجزري الإمام الفقيه الشافعي ، قال ابن شافع : وكان أحفظ من بقي في الدنيا على ما يقال بمذهب الشافعي ، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة ٥٦٠ بالجزيرة ، وخلّف تلامذة كثيرة ، وكان من أصحاب ابن الشاشي ؛ وبنو الأثير العلماء الأدباء وهم : مجد الدين المبارك وضياء الدين نصر الله وعز الدين أبو الحسن عليّ بنو محمد بن عبد الكريم الجزري ، كلّ منهم إمام ، مات مجد الدين ، والآخران حيّان ، في سنة ٦٢٦.

جَزِيرَةُ قُوسَنِيَّا : وبعضهم يقول قوسينا : كورة بمصر بين الفسطاط والإسكندرية ، كثيرة القرى وافرة.

١٣٨

جَزِيرَةُ كاوَانَ : ويقال جزيرة بني كاوان : جزيرة عظيمة ، وهي جزيرة لافت ، وهي من بحر فارس بين عمان والبحرين ، افتتحها عثمان بن أبي العاصي الثقفي في أيام عمر بن الخطاب لما أراد غزو فارس في البحرين مرّ بها في طريقه ، وكانت من أجلّ جزائر البحر ، عامرة آهلة وفيها قرى ومزارع ، وهي الآن خراب ، وذكر المسعودي أنها كانت سنة ٣٣٣ عامرة آهلة ؛ وقال هشام بن محمد : كاوان اسمه الحارث ابن امرئ القيس بن حجر بن عامر بن مالك بن زياد ابن عصر بن عوف بن عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس.

جزيرة لافت : هي جزيرة كاوان المذكورة قبل هذا.

جزِيرَةُ كَمَرَانَ : بالتحريك : جزيرة قبالة زبيد باليمن ، قال بن أبي الدمنة : كمران جزيرة ، وهي حصن لمن ملك يماني تهامة ، سكن بها الفقيه محمد بن عبدويه تلميذ الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، وبها قبره يستسقى به ، وله تصانيف في أصول الفقه ، منها كتاب الإرشاد ، ويزعمون أن البحر إذا هاج مراكبه ألقوا فيه من تراب قبره فيسكن بإذن الله.

جزيرة مَزْغَنَّاي : ويقال جزيرة بني مزغنّاي ، وقد مرّ ذكره في جزائر.

جَزِيرَةُ مِصْرَ : وهي محلّة من محالّ الفسطاط ، وإنما سميت جزيرة لأن النيل إذا فاض أحاط بها الماء وحال بينها وبين عظم الفسطاط واستقلّت بنفسها ، وبها أسواق وجامع ومنبر ، وهي من متنزهات مصر ، فيها بساتين ؛ وللشعراء في وصفها أشعار كثيرة ، منها قول أبي الحسن عليّ بن محمد الدمشقي يعرف بالساعاتي :

ما أنس لا أنس الجزيرة ملعبا

للأنس ، تألفه الحسان الخرّد

يجري النسيم بغصنها وغديرها ،

فيهزّ رمح ، أو يسلّ مهنّد

ويزين دمع الطّلّ كل شقيقة ،

كالخدّ دبّ به عذار أسود

وكتب الساعاتي إلى صديق له ، نزل من الجزيرة مكانا مستحسنا ولم يدعه إليه ، من أبيات :

ولقد نزلت من الجزيرة منزلا

شمع السّرور بمثله يتجمّع

خضل الثّرى ، نديت ذيول نسيمه ،

فالمسك من أردانه يتضوّع

رقصت على دولابه أغصانه ،

فلها به ساق هنا ومسمع

فادع المشوق إليه أوّل مرّة ،

ولك الأمان بأنه لا يرجع

جزيرة بَنِي نَصْرٍ : كورة ذات قرى كثيرة من نواحي مصر الشرقية.

الجُزيرَة : هذا الاسم إذا أطلقه أهل الأندلس أرادوا بلاد مجاهد بن عبد الله العامري : وهي جزيرة منورقة وجزيرة ميورقة ، أطلقوا ذلك لجلالة صاحبها وكثرة استعمالهم ذكرها ، فإنه كان محسنا إلى العلماء مفضلا عليهم وخصوصا على القرّاء ، وهو صاحب دانية مدينة في شرقي الأندلس تجاه هاتين الجزيرتين ، ويكنى مجاهد بأبي الجيش ويلقب بالموفّق ، وكان مملوكا روميّا لمحمد بن أبي عامر ، وكان أديبا فاضلا ، وله كتاب في العروض صنّفه ، ومات سنة ٤٠٦ ، فقام مقامه ابنه إقبال الدولة.

الجُزَيْرَةُ : أيضا بالضم : موضع باليمامة فيه نخل لقوم من تغلب.

١٣٩

الجُزَيْزُ : بالضم ، وزايين معجمتين ، وكذا قرأته بخط اليزيدي في قول الفضل بن العباس :

يا دار أقوت بالجزع ذي الأخياف ،

بين حزم الجزيز فالأجراف

جُزِينُ : بالضم ثم الكسر ، وياء ساكنة ، ونون : من قرى نيسابور ، أفادنيها الحافظ أبو عبد الله بن النجار.

جِزِينُ : بكسرتين : قرية كبيرة قريبة من أصبهان ، نزهة ذات أشجار ومياه ومنبر وجامع ، بها قبر المظفّر ابن الزاهد ؛ عن الحافظ أبي عبد الله أيضا.

باب الجيم والسين وما يليهما

جَسَدَاءُ : بالتحريك ، والمدّ ؛ ويروى عن أبي مالك والغوري بضم الجيم : موضع ؛ قال لبيد :

فبتنا حيث أمسينا قريبا

على جسداء ، تنبحنا الكلاب

وفي كتاب الزمخشري : قال أبو مالك جسداء ببطن جلذان موضع.

الجِسْرُ : بكسر الجيم : إذا قالوا الجسر ويوم الجسر ولم يضيفوه إلى شيء فإنما يريدون الجسر الذي كانت فيه الوقعة بين المسلمين والفرس قرب الحيرة ، ويعرف أيضا بيوم قسّ الناطف ، وكان من حديثه أن أبا بكر ، رضي الله عنه ، أمر خالد بن الوليد وهو بالعراق بالمسير إلى الشام لنجدة المسلمين ويخلّف بالعراق المثنّى بن حارثة الشيباني ، فجمعت الفرس لمحاربة المسلمين ، وكان أبو بكر قد مات فسيّر المثنّى إلى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، يعرّفه بذلك ، فندب عمر الناس إلى قتال الفرس فهابوهم ، فانتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي والد المختار بن أبي عبيد في طائفة من المسلمين ، فقدموا إلى بانقيا ، فأمر أبو عبيد بعقد جسر على الفرات ، ويقال بل كان الجسر قديما هناك لأهل الحيرة يعبرون عليه إلى ضياعهم فأصلحه أبو عبيد ، وذلك في سنة ١٣ للهجرة ، وعبر إلى عسكر الفرس وواقعهم ، فكثروا على المسلمين ونكوا فيهم نكاية قبيحة لم ينكوا في المسلمين قبلها ولا بعدها مثلها وقتل أبو عبيد ، رحمه الله ، وانتهى الخبر إلى المدينة ، فقال حسان بن ثابت :

لقد عظّمت فينا الرّزيّة ، إننا

جلاد على ريب الحوادث والدهر

على الجسر قتلى ، لهف نفسي عليهم ،

فيا حسرتا ما ذا لقينا من الجسر!

جسر خلطاس : موضع كان فيه يوم من أيام العرب.

جِسرُ الوليدِ : هو على طريق أذنة من المصيصة على تسعة أميال ، كان أول من بناه الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان المقتول ثم جدّده المعتصم سنة ٢٢٥.

الجَسرةُ : من مخاليف اليمن.

جِسرِينُ : بكسر الجيم والراء ، وسكون السين والياء ، آخره نون : من قرى غوطة دمشق ؛ ذكرها ابن منير في شعره فقال :

حيّ الديار على علياء جيرون ،

مهوى الهوى ومغاني الخرّد العين

مراد لهوي ، إذ كفّي مصرّفة

أعنّة اللهو في تلك الميادين

بالنّير بين فمقرى فالسرير فخم

رايا فجوّ حواشي جسر جسرين

ومن هذه القرية محمد بن هاشم بن شهاب أبو صالح العذري الجسريني ، سمع زهير بن عبّادان وابن السري والمسيب بن واضح ومحمد بن أحمد بن مالك

١٤٠