ونقل ابن حجر أيضا عن ابن مندة ، أنّه قال في حقّ مسلم : « كان يقول في ما لم يسمعه من مشايخه : ( قال لنا فلان ) وهو تدليس » (١).
فإذا كان هذا حال الصحيحين وصاحبيهما ـ وهما بزعمهم أصحّ الكتب ـ فكيف حال غيرهما؟! وكيف تعتبر أخبارهم؟! وبأيّ شيء يحصل الأمن لمن يريد الاحتجاج بها؟!
والتدليس طريقة شائعة مستمرّة بين جميع طبقاتهم ، على أنّه كذب في نفسه غالبا ، والكذب موجب لفسق صاحبه (٢).
__________________
(١) تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس : ٧ [ ٤٥ ـ ٤٦ رقم ٢٨ ترجمة مسلم ]. منه قدسسره.
(٢) لقد ذكروا للتدليس في الحديث أنواعا ونصّوا على شناعة بعضها جدّا ، وذمّوه ، ووصفوه بأنّه أخو الكذب ، وقد أدرجوا ـ في الغالب ـ تلك الأنواع تحت قسمين من التدليس ، هما :
١ ـ تدليس الإسناد : وهو أن يروي المحدّث الحديث عمّن لقيه ولم يسمعه منه ، موهما أنّه سمعه منه.
أو عمّن عاصره ولم يلقه ، موهما أنّه لقيه أو سمعه منه.
أو يسقط الراوي شيخ شيخه أو من هو أعلى منه ، لكونه ضعيفا أو صغير السنّ تحسينا للحديث.
٢ ـ تدليس الشيوخ : وهو أن يروي الراوي عن شيخ حديثا سمعه منه ، فيسمّيه أو يكنّيه ، ويصفه بما لم يعرف به كيلا يعرف.
انظر : معرفة علوم الحديث : ١٠٣ ـ ١١٢ النوع ٢٦ ، مقدّمة ابن الصلاح : ٤٢ ـ