شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

فاعله اسم محض ، كما هو الأصل وخبره فعل مضارع ليدل على قرب حصول (١) الخبر من الحال ، باعتبار أحد معنييه من غير (أن) لدلالته (٢) على الاستقبال المنافي للحال.

(وقد تدخل (أن) على خبر (كاد) تشبيها له ب : (عسى) كما أنه يحذف (أن) عن خبر (عسى) تشبيها له ب : (كاد) كقولهم (٣) :

قد كاد (٤) من طول البلى أن يمسحا

فلما كان كل واحد منهما مشابها للآخر أعطى لكل منهما حكم (٥) الآخر من وجه.

(وإذا دخل النفي على (كاد) (٦) فهو) أي : (كاد) (كالأفعال) أي : كسائر الأفعال في إفادة أدوات النفي مضمونها (على) القول (الأصح) (٧) ماضيا كان أو مستقبلا (وقيل نفيه) (٨) أي نفي كاد (يكون للإثبات مطلقا) ماضيا كان أو مستقبلا.

__________________

ـ دوامه فاندفع ما قيل : أنه لا يظهر الإشراف في قوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)[البقرة : ٧١] وفي لم يكدر سيس الهوى. (عبد الحكيم).

(١) فإنه لو كان اسما لا يدل على الحصول والحدوث بل الثبوت مطلقا ولو كان ماضيا فبعدد دخول كاد يدل على قرب حصول الخبر في الماضي بخلاف ما كان مضارعا. (حاشية).

(٢) قوله : (لدلالته على الاستقبال) أي : لدلالة أن على تصاد الاستقبال المنافي للحال فلا يناسب ذكره مع كاد الذي مدلوله الإشراف على الحصول وقربه منه غاية القرب. (سيالكوني).

(٣) قوله : (كقولهم) الصواب كقوله ، وكذا فيما سبق ؛ لأنه قول الشاعر لا قول العرب ويمسح الشيء مسوحا ذهب والقطع.

ـ أوله : رسم الدار عفى من بعدها قد انمحى من المحو نصف منزلة الحبيبة ويقول : رسم الدار عفى انمحى تلك الدار كان من طول بلاه وقدم الدراسة يذهب وينقطع. (وجيه).

ـ البيت لرؤية أوله : ربع عفاه الدهر طولا فانمحا. عاطفة على عفاه.

(٤) واسم كاد ضمير رسم أو ربع وأن يمصحا خبره مع أن مخلاف للإشباع. (حاشية).

(٥) يعتمد ذكاء لا شابه بعسى أعطى له وخولان على صبره لما شابه عسى كاد أعصى حذف أن من خيره.

(٦) يكون كاد المنفى كما أن الأفعال المشبهة إذا عليها النفي كانت للنفي آخر.

(٧) وإنما قال فما صح لاختلاف كثيرة فيه كما صرح بها بعد. (لمحرره).

(٨) أي : قال بعضهم : إن النفي إذا دخل على كاد ، كان للإثبات مطلقا.

٣٤١

أما في الماضي فكقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] فإن المراد إثبات الفعل ؛ لأنفيه ، بدليل (فَذَبَحُوها)(١).

وأما في المضارع فلتخطئه (٢) الشعراء قول ذي الرمة :

إذا غير الهجر المحبين لم يكد

رسيس الهوى من حب مية يبرح

فإنه يدل على زوال رسيس الهوى

ولتسليمه بتخطئتهم وتغييره قوله : (لم يكد) بقوله (لم أجد) فلو لا كان نفي كاد للإثبات ، لما خطأوه ، ولما غيره لتخطئتهم. وأجيب عن الأول : بأن قوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) يدل على انتفاء الذبح وانتفاء القرب منه في وقت ما.

وقوله تعالى : (فَذَبَحُوها)(٣) قرينة تدل على ثبوت الذبح بعد انتفائه وانتفاء القرب منه ، ولا تناقض بين انتفاء الشيء في وقت وثبوته في وقت آخر.

وعن الثاني : فلتخطئة بعض الفصحاء مخطئ ذي الرمة في تسليمه تخطئتهم.

روى عن عتبة (٤) أنه قال : قدم (٥) ذو الرمة الكوفة واعترض عليه ابن شبرمة فغيره.

فقال عتبة : حدثت أبي بذلك فقال أخطأ ابن شبرمة في إنكاره عليه ، وأخطأ ذو

__________________

(١) قوله : (بدليل فذبحوها) فإنه يدل على حصول الذبح فلو كان المراد من قوله : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) نفي القرب عن الذبح الذي يستلزم انتقاء الذبح على وجه أبلغ لزم التناقض. (عبد الحكيم).

(٢) يعني : أنهم حملوا قول ذي الرمة على أخطاء ؛ لأنه يدل على زوال رسيس الهوى فلا يؤد مراد ذي الرمة ومراده عدم زواله لأنهم فهموا من قوله : لم يكد الإثبات. (لمحرره).

(٣) قوله : (فذبحوها قرينة تدل) فلا يكون نفي كاد مفيد الثبوت مضمون خبره ، فإن قيل : فح يلزم التناقض لدلالة فذبحوها على وجود الذبح وما كاد يفعلون على انتفائه قلنا ما كادوا يفعلون على انتقاء زمان سابق لتعنتهم ووجوده في زمان لا حق لإلجائهم فلا تناقض وإنما يلزم التناقض لو كان الذبح وعدمه في زمان واحد. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (عن عتبة) على وزن طلبة من الأسماء العربية وفي كثير من النسخ عنتبة بزيادة النون بعد العين ولم نجدها من الأسماء العريبة. (عصام).

(٥) قوله : (قدم ذو الرمه الكوفة) فوقف بالكناسة اسم موضع بالكوفة فأنشد للناس قصيدة الحائية فلما بلغ هذا البيت ناداه ابن شبرمة. (س).

٣٤٢

الرمة حين غيره ، وإنما هو كقوله تعالى : (لَمْ يَكَدْ يَراها)(١) وإنما هو (٢) لم يرها.

(وقيل (٣) : يكون) أي : النفي الداخل على (كاد) وما يشتق (٤) منه (في الماضي للإثبات وفي المستقبل (٥) كالأفعال) أي : كسائر الأفعال في إفادة النفي نفي مضمونه (تمسكا (٦) في الدعوى الأولى بقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] وقد عرفت (٧) وجه (٨) التمسك ، والجواب (٩) عنه.

__________________

(١) في قوله تعالى : (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) ولا يصح أن يحمل هذه الآية على الإثبات ؛ لأن المقصود بيان شدة الظلمات وهو بانتفاء الرؤية والغرب لإثباتهما. (عبد الحكيم).

ـ أي : كلام المشتمل عليه بحينه فإن كان المراد به إثبات الفعل فأنا مقر بخطئي وأغيره إذا لم أجد وإذا كان نفيه كلامي على الصواب. (أيوبي).

(٢) يعني : المراد بالفعل الواقع خبر لكاد حال كونه منفيا مضارعا إنما هو النفي فإنه في معنى : لم يراها فإن المراد بتلك الآية تمثيل حال النار بمن كان في ظلمات عظيمة وبلغت في العظمة مبلغا ليس فوقها ظلمات (إِذا أَخْرَجَ) أي : ذلك الناظر (يَدَهُ) أي : أعضائه التي هي أقرب برمئاته (لَمْ يَكَدْ) أي : لم تقع لرؤية يده فضلا عن رؤية ما هو أبعد منها فح يكون معناها أنه لم يرها وهو منفى ولو كان المراد به الرؤية فهو في ظاهر الفساد. (تكملة).

(٣) وهو شروع في القول الثالث وهو الفرق بين الماضي والمضارع عند ذلك القائل.

(٤) زاد هاهنا لأنه لا يصح الحكم على النفي الداخل على كاد أنه في الماضي للإثبات وفي المستقل كسائر الأفعال فإن التفصيل لا بد له من الإجمال المشتمل عليه والنعيم السابق بكلمة ولا يصح هاهنا واختار ما يشتق على قوله : (ومستقبله) إشارة هاهنا إلى جواز تقديم الرجع من حيق المعنى باعتباره ذكر المشتق منه كالعكس إذا وجد على تعيين المشتق وهاهنا قوله : (في المستقبل) وأما كون الماضي مشتقا منه للمستقبل فباعتبار كونه مأخوذا منه وأن الأصل للكل المصدر. (حكيم).

(٥) والأولى : وفي المضارع وكأنه لخفاء الحال اقتصر على الماضي والمستقبل. (عصام).

(٦) قوله : (تمسكا) مفعول له لقيل ، على أن يكون مصدرا محمولا ، ولقالوا : المقدر على أن يكون مصدرا معلوما ، أو حال من فاعل قالوا المقدر ، أي : متمسكين. (وجيه زاده).

(٧) وقوله : (وقد عرفت وجه التمسك) وهو المراد إثبات الفعل أي : الذبح ، لا نافيه بدليل :(فَذَبَحُوها) وأما الجواب عنه فهو أن الذبح يعلم من قوله : (فذبحوها) لا من التقى الداخل على كاد وهذا مسلم بناء على ما مر من جواب لا بهيئته. (وجيه الدين).

(٨) وهو أنه لم يكن نفي كاد للإثبات للزم التناقض بين قوله : تعالى : (فَذَبَحُوها) وبين قوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ.) (وجيه).

(٩) وهو انتفاء عدم فعلهم الذبح في وقت وثبوت الذبح في وقت فلا يلزم التناقض. (وافية).

٣٤٣

(و) في الدعوى (١) الثانية يقول ذي الرمة (٢) :

إذا غير الهجر المحبين لم يكد

رسيس الهوى من حب مية يبرح

حين أراد بالنفي الداخل على (يكاد) انتفاء قرب رسيس الهوى عن البراح ، أي : الزوال.

فالنفي الداخل على (يكاد) كالنفي الداخل على سائر الأفعال (٣) وهذا (٤) مسلم لكن لا يثبت مدعاه (٥) بمجرد ذلك ما لم يثبت دعواه الأولى.

وقد عرفت وجه القدح فيه وفي تمسكه (٦) عليها.

(والثالث) وهو ما وضع لدنو الخبر وقرب ثبوته للفاعل دنو أخذ ، وشروع في الخبر (طفق) بمعنى (٧) : أخذ في الفعل يقال : طفق يطفق كعلم يعلم طفقا وطفوقا وقد

__________________

(١) قوله : (في الدعوى الثانية) لا تقول لم يكد ماض في جب أن يكون للإثبات لأنا نقول جعله إذا مستقبلا وكأن من خطأ ذا الوهمة رأى أنه ماض وكأنه غير ذو الرمة إما لغفلته عن تغيير أن الموصد ولباب اعتراض من القصرين. (عصام).

(٢) الرمة بالضم قطعة من حبل وقد يكسر وبه سمي ذو الرمة وميتة اسم حبيبة ذي الرمة يبرح يزول لم يكد يبرح أبلغ من قوله : (لم يبرح) لأن ذلك نفي لمقاربة الحب عن البراح يصف تمكن الهوى من قلبه فيقول إذا غير الهجر هل المحبة من المودة لم يكد رسيس الهوى من حب هذه الحبيبة يكون قريب الزوال عن قلبي فكيف الزوال. (س).

(٣) فإنه لو كان للثبات لزم إثبات زوال بقايا اللحبة وهو صاف لما أراده. (أيوبي).

(٤) ثم أراد أن يزيف قول القائل بالمذهب الثالث حيث تمسك في الدعوى الأولى بقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) وفي الدعوى الثانية بقوله : (ذي الرمة) وتخطئتهم عليه فيه فقال : (وهذا ... إلخ). (أيوبي).

(٥) قوله : (مدعاه) وهو أن النفي الداخل على كاد في الماضي للإثبات وفي المستقبل كسائر الأفعال. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (في تمسكه) أي : في تمسك الثاني على دعواه حيث أجيب عن التمسك الأول بما أجيب ولم يكن كونه للإثبات بناء على أن استدلاله بقوله : (فَذَبَحُوها) مسلما بذكان في خير المنع لم يثبت به المدعي وحاصله أن القائلين الآخيرين لم يثبت دعواهما ولنا قال المصنف إن كسائر الأفعال مطلقا في الأصح. (محرم).

(٧) أشار بتفسيره بأخذ إلى أن الدنو الذي يسببه الأخذ وإن كان مغاير له بحسب المفهوم لكنه عينه بحسب الوجود فلدا فسروه به. (عبد الحكيم).

٣٤٤

جاء : طفق يطفق ، كضرب يضرب.

(وكرب) بفتح الراء بمعنى (قرب) يقال : (كربت الشمس) إذا دنت للغروب.

(وجعل) بمعنى طفق (وأخذ) بمعنى شرع.

(وهي) أي : هذه الأفعال الأربعة في الاستعمال (مثل كاد) في كون خبرها المضارع بغير (أن) تقول : (طفق زيد) أو أخذ أو كرب يفعل) و (جعل يقول : وقال الله تعالى : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ) [الأعراف : ٢٢].

(وأوشك) بمعنى أسرع عطف على (١) طفق.

(وهي) أي : أوشك (مثل عسى وكاد) في الاستعمال (فتارة تستعمل (٢) استعمال (عسى) على وجهيه) ، نحو : (أوشك زيد أن يجيء) و (أوشك أن يجئ زيد) وتارة تستعمل استعمال (كاد) بدون (أن) نحو : (أوشك زيد يجيء).

(فعل التعجب)

(ما وضع لإنشاء التعجب) (٣) وفي بعض النسخ (أفعال التعجب) وفي أكثر النسخ (فعلا التعجب) بصيغة التثنية.

فإفراد الفعل بالنظر إلى أن التعريف للجنس ، وجمعه بالنظر إلى كثرة إفراده ، وتثنيته بالنظر (٤) إلى نوعي صيغته.

وعلى كل تقدير فالتعريف (٥)

__________________

(١) قوله : (عطف على طفق) إلى رد ما هو في بعض الشروح من أن أوشك ليست من القسم الثالث إذا لو كانت منه لا تمنع استعمالها مع أنه وإنما ذكرها بعد فراغه منه وكأنها مشتركة بين مقاربة الخبر رجاء وحصولا فلذا استعملت مع أن أو حذفها ووجه الرد أنه لم يستعمل أوشك بمعنى الرجاء. (سيالكوني).

(٢) قوله : (فتارة يستعمل) وإذا كان خبرها المضارع مع أن فهو بتقدير حرف الجر أي : أوشك زيد في أن يجيء ثم حذف وجوبا لكثرة الاستعمال. (عبد الحكيم).

(٣) بخلاف تعجبت وعجبت فإنه لإخبار التعجب لا لإنشائه وأما نحو : أعجب وتعجب فهو لإنشاء طلب التعجب لا لإنشاء التعجب. (خبيصي).

(٤) والتنبيه على أن الموجود من هذا المفهوم لأعم ليس إلا النوعين. (عصام).

(٥) فإن قيل : إن الجمع يراد به الأفراد وكذا التثنية والتعريف للجنس لا للأفراد فلا يجوز ـ

٣٤٥

للجنس (١) المفهوم في ضمن التثنية والجمع أيضا.

فهو (٢) ما وضع ، أي : فعل وضع ؛ لأن الكلام في فقسم الأفعال ، فلا ينتقض الحد بمثل (لله دره (٣) فارسا) و (واها له) (٤) لكن ينقض بنحو : (قاتله الله من شاعر) و (ولا شلّ (٥) عشرة).

فإنه (٦) فعل وضع ؛ لإنشاء التعجب (٧) وليس (٨).

__________________

ـ حمل التعريف إلى أفعال التعجب أو فعلا التعجب فكيف يجوز حمله على التثنية والجمع فأجاب بقوله : (فالتعريف للجنس. (لمحرره).

(١) حاصلة : إن أريد بأفعال التعجب أفراده وهي ما أنصره ما أقربه ما أخرجه وغيرها فالتعريف يحمل على الجنس الموجود في ضمنها كما أن الناس في الناس حيوان ناطق لما أريد به زيد وعمرو وبكر وغيرهم حمل على التعريف على الحيوان الناطق الموجود ضمنهم وأنه لما أريد بفعل التعجب نوعان وهما أفعله وأفعل به فالتعريف يحمل على الجنس الموجود في ضمنهما كما أن إنسانا في إنسان حيوان ناطق لما أريد به زيد وعمرو وبكر مثل حمل التعريف على الحيوان الناطق الموجود في ضمنهما. (وافية).

(٢) قوله : (فهو ما وضع) يعني : فعل وضع يعني ما اعتبر في النسختين الأخيرتين للمفرد المذكور في ضمن التثنية والجمع كان المال هو ما وضع يعني إلى المفرد فلا يضر العدول عن الأصل في التعريف ، اعلم أن الشارح أراد بهذا التوجيه إن يزيف الجواب المذكور في الحواشي الهندية بأن يقال أن إضافة التثنية كإضافة الجمع بجعل المضاف جنسا وتفصيل هذا البحث في وجيه الدين فارجع إليه أن كنت من أهل الدين. (أيوبي وغيره).

(٣) وهو ما يستعمل لإنشاء التعجب وليس بفعل فإذا تعجب من خير مشخص قلت : لله درّه أي : خيره.

(٤) صوت يتلفظ به عند التعجب خارج عن التعريف يجعل الموصول عبارة عن الفعل. (عبد الله أفندي).

(٥) قوله : (ولا شل) ذلك الشل اليبس في اليد وذهابها يقال : شلت معروفا ومجهولا والمراد بالعشرة الأصابع وهذا تعجب من حسن الرمي. (عصام).

(٦) دليل الانتقاض يعني : أن كل واحد من قاتلة الله من شاعر ولا شك فعل وقع. (لمحرره).

(٧) في نفس مصدر هذا الفعل وقاتلة الله من شاعر ولا شل عشره ليس كذلك. (عصام).

(٨) قوله : (وليس) جواب لما قيل : أنه لا ينتقض لأنا لا نسلم أنه وضع لإنشاء التعجب بل أنه وضع للدعاء لا يدفع النقض. (عبد الله أفندي).

٣٤٦

بمحض الدعاء إلا أن (١) يقال : هذه الأفعال ليست موضوعة للتعجب بل استعملت لذلك بعد (٢) الوضع.

أو المراد بما وضع ؛ لإنشاء التعجب (٣) فحسب ، بحيث لا يستعمل في غيره.

وما ذكر من مواد النقض فكثيرا ما تستعمل في الدعاء (٤).

(وله) أي : لفعل (٥) التعجب أو لما وضع ؛ لإنشاء التعجب (صيغتان) (٦) :

أحداهما : صيغة الفعل الذي تضمنه تركيب (ما أفعله).

وأخراهما : صيغة الفعل الذي تضمنه تركيب (أفعل به) بشرط أن يكونا في هذين التركيبين (وهما) أي : فعلا التعجب (غير (٧) متصرفين) (٨) فلا يتغيران (٩) إلى مضارع ومجهول وتأنيث.

__________________

(١) أشار إلى جواب النقض وإلى ضعفه يعني أنه لا يندفع إلا بأن يقال ... إلخ. (أيوبي).

(٢) قوله : (بعد الوضع) فإن الشيء إذا بلغ غايته يدعى عليه صونا له من العين للكمال وكذا لا شل عشرة دعاء له لعدم النسل. (سيالكوني).

(٣) يعني : اختص ذلك الوضع بالتعجب.

(٤) وما يستعمل في الدعاء ليس بمختص بالتعجب بهذا المعنى فهذا الحد لا يصدق على تلك المواد بهذا المعنى.

(٥) قوله : (أي : لفعل التعجب) كون المقصود من التعريف إجراء الأحكام برجع الأول وقرب المرجع مع اتحاد المعرف والمعرف يرجح الثاني فلذا سوى بينهما. (عبد الحكيم).

(٦) وزاد لفظ الصيغة إشارة إلى أن كل ما يوازنها فعل التعجب لا خصوص هذين الفعلين.

(سيالكوني).

(٧) قوله : (غير متصرفة) عن هذين اللفظين ليدل على إثبات المعنى ؛ إذ التصرف فيما يزول المعنى من زمان إلى زمان وفعليتهما لكون الأول على صيغة الماضي ناصبا ما بعله ملحقا به نون الوقاية والثاني على صيغة الأمر وعند الكوفيين أن الأول اسم بدليل التصغير في قوله : ياما أصبح غزلانا وبدليل عدم التصرف إلى المضارع وصحة الواو والياء في ونحو ما أقوم زيدا وما أبيع عمرا وعدم لحوق الضمائر تاء التأنيث وعند البصريين أن الأول لعدم التصرف أشبه الاسم فلحقه التصغير يا ما املح والتصحيح ما أقوم. (خبيصي).

(٨) لما عرفت من مشابهتهما الحرف بسبب تضمن معنى الإنشاء. (سيالكوني).

(٩) ولنا صحح العين في ما أقوله ، وأبيعه ولا يجوز الإدغام في أشدد به.

٣٤٧

وفي بعض النسخ (وهي) أي : أفعال التعجب (غير متصرفة).

(مثل : ما أحسن زيدا) و (أحسن بزيد) ، (ولا يبنيان) أي : فعلا التعجب (إلا مما يبني منه (أفعل) التفضيل) لمشابهتهما (١) له من حيث أن كلا منهما للمبالغة (٢) والتأكيد وكذا لا يبنيان إلا للفاعل كأفعل التفضيل.

وقد شذ : (ما أشهى (٣) الطعام) و (ما أمقت الكذب) (٤).

(ويتوصل (٥) في) الفعل (الممتنع) بناء صيغتي (٦) التعجب منه من رباعي أو ثلاثي مزيد فيه أو ثلاثي مجرد مما فيه لون (٧) أو عيب (٨) (يمثل : ما أشد استخراجه ، وأشدد باستخراجه) أي : يتوصل بناؤهما من فعل لا يمتنع بناؤهما منه ، وجعل الممتنع مفعولا (٩) أو مجرورا بالباء.

(ولا يتصرف فيهما) أي : في صيغتب التعجب (بتقديم) (١٠) أي : بتقديم جائز فيما

__________________

(١) لمشابتهما إياه في خروج كل منهما عن موضعه الأصلى وتحقق الغرابة فيهما. (عبد الحكيم).

(٢) قوله : (للمبالغة والتأكيد) فإن المقصود من إنشاء التعجب في قولنا : ما أحسن زيدا إثبات الحسن له على وجه الكمال والتقرير وكذا المقصود من زيدا فضل القدم كما له في الفضل. (سيالكوني).

(٣) ما اشتهى بصيغة المجهول يعني يتعجب أن الطعام غير مشتهي. (أيوبي).

(٤) وقوله : (وما أمقت الكذب) بصيغة المجهول أيضا يصير الكذب المذكور مبغوضا كما أن اسم التفضيل بمعنى المفعول محكوما بشذوذيته. (عبد الله أيوبي).

(٥) ولما حكم بامتناع بناء فعل التعجب مما امتنع فيه بناء اسم التفضيل أراد أن يشير إلى طريق بنائه في ذلك فقال : (ويتوصل). (تكملة).

ـ التوصل وهي طلب الوصلة إلى شيء بتكلف.

(٦) ولما كان الممتنع صيغة الفعل لكنه غير مسند إليه بل إلى متعلقة أشار إلى ذلك المتعلق بقوله : (بناء).

(٧) كالسواد ويمتنع منه أخذ ما أفعله وأفعل به وكذا عور يمتنع منه ما أفعله وأفعل به.

(٨) أي : ظاهري وأما الباطني فيجيء منه نحو : ما أجمل زيدا. (سيالكوني).

(٩) وإنما جعل الممتنع هاهنا مفعولا وفي أفعل التفضيل تمييز ؛ لأن اسم التفضيل لا يعمل في الفاعل والمفعول به الظاهرين بخلاف فعل التعجب. (سيالكوني).

(١٠) قوله : (بتقديم وتأخير وفصل) خص الوجوه بالذكر ؛ لأنه يجوز التصرف بحذف الجاز في ـ

٣٤٨

عدا صيغتي التعجب ، كتقديم المفعول أو الجار والمجرور على الفعل.

(وتأخير) أي : وتأخير جائز فيما عداهما كتأخير الفعل منهما وإنما قيدنا التقديم والتأخير (١) بما قيدنا (٢) ليكون عدم التصرف بهما من خواص صيغتي التعجب ، فإن المقام يقتضي بيان الأحكام الخاصة بها ، فلا يقال : (ما زيدا أحسن) ولا (بزيد أحسن) لأنهما بعد النقل إلى التعجب جريا مجرى الأمثال (٣) فلا يتغيران كما لا تتغير الأمثال (٤).

وقيل (٥) : عدم التصرف بالتقديم يستلزم عدم التصرف بالتأخير وبالعكس ؛ لأن تقديم الشيء يستلزم تأخير غيره وكذا تأخيره يستلزم تقديم غيره.

فلو اكتفى بأحدهما لكفى.

وأجيب (٦) :

__________________

ـ أحسن به إذا كان المجروران مع الفعل ويجوز حذف التعجب منه نحو : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)[مريم : ٣٨]. (حكيم).

(١) لأن الإطلاق جزء من التقييد ؛ ؛ لأنه متكفل المعرفة حال الضفين من غير حاجة إلى تذكير التقديمات الجائزة في غيرها. (عصام).

(٢) أي : لكونهما جائرين فيما عداهما بخلاف ما إذا لم يقيد بحيث لم يوجد أن في غيرهما أيضا مثل تقديم التمييز مثلا فإنه لا يكون من خواص فعل التعجب. (وجيه).

(٣) وليسا من قبيل المثل حقيقة أن القول السائر المثل مضربه بمورده. (وجيه).

ـ لمشابهتهما إياه في خروج كل منهما عن موضعه الأصلي وتحقق الغرابة فيهما. (حكيم).

(٤) لأن لما شبه المضروب بالمورود صار المضرب كأنه المورد فلا يتغير ذلك اللفظ من تذكيره وتأنيثه وإفراده وتثنيته كما أنه يكون على طريق واحدة عند استعماله في المورد. (وجيه الدين).

ـ مثل : أطرق كرا ، وهو مثل يضرب لم تكبريه وقد تواضع من هو أشرف منه ولا يثنى أطرق إذا قيل : لاثنين ولا يجمع إذا قيل : للجماعة وللمؤنث إذا قيل : للمؤنث بل أبقى على كونه مفردا مذكرا. (لمحرره).

(٥) ولما ورد الاعتراض على تعبير المصنف بلزوم زيادة قوله : وتأخير أشار إلى دفعة فقال : وقيل. (تكملة).

(٦) قوله : (وأجيب) لا يخفي على الفطن أن شيئا من الجوابين ليس بالمسكن والماء والبارد ولا يحصل من هذه الموارد وإلا حسن أن يقال المراد وأنه لا يقدم أحسن على ما ولا يؤخر علما بعدها لمنع فعل التعجب عن هذه التصرفات وإن كان هناك مانع آخر من تقدم أحسن على كلمة ما فتفطن. (عصام). ـ

٣٤٩

بأن ذكر التأخير إنما هو للتأكيد لا للتأسيس (١) ، على أن (٢) كل واحد منهما وإن لم ينفصل عن الآخر بالوجود ، لكنه ينفصل عنه بالقصد (٣) ، فكأنه اعتبر القصد.

(ولا) يتصرف فيهما بإيقاع (فصل) بين العامل (٤) والمعمول ، نحو : (ما أحسن في الدار زيدا) و (أكرم اليوم بزيد) لإجرئهما مجرى الأمثال (٥) كما سبق.

(وأجاز المازني الفصل بالظرف) لما سمع عن العرب قولهم : (ما أحسن بالرجل أن يصدق).

وأجاز الأكثرون (٦) الفصل بكلمة (٧) (كان) (ما كان أحسن زيدا).

ومعناه : أنه كان له في الماضي حسن واقع دائم إلا أنه لم يتصل بزمان المتكلم ، بل كان دائما قبله.

(وما) ابتداء) (٨) أي : مبتدأ على أن يكون المصدر بمعنى اسم المفعول ، أو ذو ابتداء بتقدير المضاف.

__________________

ـ قوله : (وأجيب) نقل عن الشارح وأجاب بعضهم فإن يجوزان يكون المراد تقديمه على شيء وتأخيره بالنسبة إلى شيء آخر. (سيالكوني).

(١) فلا يلزم الاستدراك وإنما يلزم لو كان للتأسيس والمقام مقام تأكيد ؛ لأن المخالف واحد تأكد حكم لئلا يذهب إليه أحد. (وجيه الدين).

(٢) قوال (على أن) جواب ثان بعد تسليم كونه للتأسيس وعلى علاوة والسؤال نقض والجواب منع. (لمحرره).

(٣) قد يكون القصد إلى تقدم المعمول وقد يكون إلى تأخير الفعل. (وجيه).

(٤) قوله : (بين المعامل) بقرينة قوله : (بالظرف) وإنما قيد بذلك لما سيأتي أنه أجاز الأكثرون المفصل بكلمة كان بين ما والفعل. (سيالكوني).

(٥) هذا مذهب الجمهور حيث لم يجوزوا ذلك التصرف مطلقا سواء كان في الظرف أو في غيره. (عبد الله أفندي).

(٦) أشار إلى مذهب آخر لم يذكره المصنف وهو قوله : (وأجاز الأكثرون). (أيوبي).

(٧) قوله : (بكلمة كان) فقط وهو زائدة للدلالة على ثبوت الحكم في الزمان الماضي وانقطاعه في الحال كما بينه الشارح. (عبد الحكيم).

(٨) قوله : (وما ابتداء) هذه التقريرات كلها باعتبار الأصل وبعد النقل صار كالعلم لإنشاء التعجب والإعراب بحسب التركيب السابق لما تقرر من أن المنقولات المركبة تبقى على إعرابها الأصلي. (سيالكوني).

٣٥٠

وفي بعض النسخ (وما ابتدائية) ومعناه ظاهر.

(نكرة) بمعنى (شيء) (١) لأن النكارة (٢) تناسب التعجب ؛ لأنه يكون فيما خفي سببه. (عند سيبويه).

(وما بعدها) أي : ما بعد (ما) (الخبر) من باب (٣) (شر أهرّ ذا ناب) (٤) ، (وموصولة) أي : (ما) موصولة (عند الأخفش) (٥).

(والخبر محذوف) أي : الذي أحسن زيد أي : جعله ذا حسن شيء عظيم.

وقال الفراء (٦) : ما استفهامية ما بعدها خبرها.

قال الشارح (٧) الرضي : وهو قوي من حيث المعنى ؛ لأنه كان جهل سبب حسنه فاستفهم عنه.

__________________

(١) فكان معنى ما أحسن زيد شيء من الأشياء لا أعرفه جعل زيد حسنا ثم نقل إلى التعجب. (سيالكوني).

(٢) قوله : (لأن النكارة) فكان معنى ما أحسن زيدا في الأصل شيء من الأشياء لا أعرفه زيد حسنا قال الرضي : مذهب سيبويه ضعيف من وجه وهو إذا استعمال ما نكرة غير مضافة نادر نحو : (فَنِعِمَّا هِيَ)[البقرة: ٢٧١] على قول مثل في صيدا فعلى هذا من باب شرا هو ذا ناب في مجرد كون المبتدأ نكرة وما بعده خبر. (وجيه الدين).

(٣) كأنه قيل : لا يصح وقوع النكرة مبتدأ ما لم يتخصص بوجه من وجوه التخصيص فلم صح هاهنا فأجاب بقوله : من باب شرّ أهر. (ل).

(٤) عند من جعل المعنى شر عظيم أهر ذا ناب لا شر حقير فللمعنى شيء خفى أحسن زيدا لا أمر حق إما من جعل المعنى شر أهر ذا ناب لا خير فلا يصح أن يكون ما أحسن زيد من قبيله ؛ لأنه يكون المعنى ما أحسن زيدا شيء إلا شيء فيلزم ستسنأ الشيء من نفسه. (عصام).

(٥) جوز الأخفش أن تكون موصولة معرفة والجملة صلتها وأن يكون نكرة موصوفة والجملة صفتها. (ك).

(٦) واعلم مذهب سيبويه أضعف من وجه وهو إذا استعمال ما نكرة غير موصوفة نادرة فنعما هي على قول ولم يرد مع ذلك مبتدأ وأظهر من وجه وهو أنه لا تقدير فيه ولم يقل من إنشاء إلى إنشاء بخلاف مذهب الأخفش فإن فيه لزوم خوف الخبر وبخلاف مذهب الأخفش فإن فيه لزوم خوف الخبر وبخلاف مذهب الفراء فإن فيه النقل المذكور وهو بعيد وما قيل : أن الاستفهام قد يستعمل في التعجب كثيرا فليس بطريق النقل بل بطريق المجازوهم. (س).

(٧) وإنما لم يلتفت المصنف ؛ لأنه لم يكن أحسن ح فعل التعجب من فوائد الاستفهام فالقول ـ

٣٥١

وقد يستفاد من الاستفهام معنى التعجب ، نحو : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ)(١).

وأما (٢) : أحسن بزيد ، ف : (أفعل) صورته أمر ، ومعناه الماضي (٣) من (أفعل) صورته أمر ، ومعناه الماضي من (أفعل) بمعنى : صار ذا فعل ، ك : (ألحم) أي : صار ذا لحم.

(وبه) أي : مجرورة (٤) (فاعل) لهذا الفعل (عند سيبويه) والباء زائدة لازمة إلا إذا كان المتعجب منه (أن) مع صلتها ، نحو : أحسن أن تقول أي : بأن تقول ، على ما هو قياس.

(فلا ضمير) عند سيبويه (في أفعل) لأن الفاعل واحد ليس إلا.

(وبه) أي : مجروره (مفعول عند (٥) الأخفش) (٦) ل : (أحسن) (٧) بمعنى (صر ذا حسن) على أن تكون همزة (افعل) للصيرورة (والباء للتعدية) (٨) أي : لجعل اللازم متعديا.

فالمعنى : صيره ذا حسن.

__________________

ـ يكون فعل التعجب لا يجامع هذا التوجيه. (عصام).

(١) إذ المعنى : ما أعلمك ، وما مبتدأ ، وأدراك مع المتعلقات غير ما الأولى. (حاشية).

(٢) قوله : (وأما أحسن زيدا) أي : ما أصل أحسن زيد فهذا ولكون الجملة بتأويل لم يحتج إلى عائد. (سيالكوني).

(٣) قوله : (معناه الماضي) لأن التعجب لا يكون إلا مما تحقق واستمر على ما عرفت وضعف قول بأن الأمر بمعنى الماضي بل العكس وبأن مجيء همزة للصيرورة وزيادة الباء في الفاعل قليل. (ك).

(٤) قوله : (أي : مجروره) وإنما عبر عنه ؛ لأن الباء الزائدة كالعدم فمع ذكره كأنه لم يذكر أولا للزومه كالجرة من الفاعل. (عصام).

(٥) ويؤيده جواز حذفه كما جاء في اسمع بهم وأبصر. (عصام).

(٦) كما في قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة : ١٩٥]. (نموذج).

(٧) لا كما قال سيبويه : إنه فاعل فيكون التقدير عند الأخفش أنه بمعنى. (محرم).

(٨) يعني : أن مذهب الأخفش بعدما حكم يكون المجرور مفعولا لأحسن يحتمل في الباء وتوجيهين أحدهما أنها للتعدية وليست بزائدة وهذا إذا كان همزة أحسن للصيرورة فإنها إذا كانت للصيرورة يكون أحسن لازما فحينئذ يكون الياء للتعدية. تكملة.

٣٥٢

(أو) الباء (زائدة) على أن يكون (أحسن) متعدين بنفسه ، ويكون همزة (أحسن) (للتعدية) ك : (أخرج).

(ففيه) أي : في الفعل (ضمير) هو فاعله ، أي : أحسن (١) أنت بزيد ، أو زيدا، أي : اجعله حسنا ، بمعنى : صفة به.

وقال الفراء وتبعه الزمخشري : إن (أحسن) أمر لكل أحد ، بأن يجعل زيدا حسنا.

وإنما يجعله كذلك بأن يصفه بالحسن ، فكأنه قيل : صفة بالحسن كيف شئت ، فإن فيه من جهات الحسن كل ما يمكن أن يكون في شخص.

(أفعال المدح والذم)

يعني الأفعال (٢) المشهورة عند النحاة بهذا اللقب (٣).

(ما وضع) أي : فعل وضع (لإنشاء (٤) مدح أو ذم).

فلم يكن (٥) مثل : (مدحته وذممته) منها لأنه لم يوضع للإنشاء.

__________________

(١) الخطاب لمن يتوجه إليه الكلام بتأويل المخاطب ولذا لا يتصرف فيه بتأنيث الفعل وتثنيته وجمعه. (س).

(٢) هذا التقرير لأجل دفع الدور الناشئ من قوله : (أفعال المدح ما وضع لإنشاء المدح) والذم الأول اصطلاحي والثاني لغوي فلا يلزم الدور فعلى هذا التقرير في أفعال التعجب إلا أن الشارح أهمل هذا البيان هناك وقرره والأنسب أن يبين هناك يهمل هنا فتأمل. (حسين أفندي).

ـ قوله : (يعني : الأفعال المشهورة) يعني : ليس المراد مفهوم التركيب الإضافي لئلا ينتقض الحد بمثل مدحته وذمته وغيرهما مما لم يوضع للإنشاء والظاهر أن يقال فعل المدح والذم في اصطلاح النحويين ما وضع لإنشاء مدح وذم كما أن المراد من قوله : (فعل التعجب هذا). (وجيه الدين).

(٣) قوله : (بهذا اللقب) أي : بهذا الاسم المشعر بالمدح أو الذم بالوضع اللغوي كاللقب وليس بلقب لعدم كونه علما. (سيالكوني).

(٤) قوله : (لإنشاء المدح) وذلك إذا قلت : نعم الرجل قائما ينشأ المدح ويحدث بهذا اللفظ وليس موجودا في الخارج في أحد الأزمنة. (عبد الحكيم).

(٥) قوله : (فلم يكن مثل مدحته) لأن القصد منه الإعلام بمدح بوجود في الزمان الماضي يقصد مطابقة هذا الكلام إياه. (سيالكوني).

٣٥٣

(فمنها نعم ، وبئس) وهما في الأصل فعلان (١) على وزن (فعل) بكسر العين ، وقد اطرد في لغة بني تميم في (فعل) إذا كان فاؤه مفتوحا وعينه حلقيا أربع لغات :

أحداها : (فعل) بفتح الفاء وكسر العين وهي الأصل.

والثانية : (فعل) بفتح الفاء وإسكان العين مع فتح الفاء.

والثالثة : إسكان العين مع كسر الفاء.

والرابع : كسر الفاء إتباعا للعين.

والأكثر في هذين الفعلين عند بني تميم إذا قصد (٢) بها المدح أو الذم ، كسر الفاء وإسكان العين.

قال سيبويه : وكان عامة العرب اتفقوا على لغة بني تميم.

(وشرطهما) (٣) أي : شرط (نعم وبئس) (أن يكون الفاعل معرفا باللام) (٤) للعهد الذهني وهي لواحد غير معين ابتداء ، ويصير معينا بذكر المخصوص بعده ، ويكون في

__________________

(١) واعلم أن البصريين اتفقوا على أن نعم وبئس فعلان ماضيان وتابعهم الكسائي بدليل لحوق الضمائر كنعموا وبئسوا وتاء التأنيث الساكنة وقال الكوفيون والفراء أنهما سمان لدخول حرف النداء في يا نعم المولى والنداء مختص بالاسم ؛ لأن المنادى مفعول به ويجاب عنه بإضمار المنادى فيكون التقدير يالله نعم المولى فيكون الصواب ما ذهب إليه البصرية. (شرح عوامل عتيق).

(٢) أما إذا لم يقصد بهما المدح والذم فهو كسائر الأفعال كما كان في عدم القصد بهما إياهما كسائر الأفعال. (لمحرره).

(٣) أشار إلى أن ورود فاعلهما نكرة نحو : نعم رجل زيد أو مضاف إلى النكرة نحو : نعم صاحب قوم لا سلام لهم قليل ملحق بالعدم.

(٤) وقال صاحب الضوء : اللام للجنس ووافقه ابن هشام وقال أبو علي : اللام للاستغراق ورد الرضي بأن علامته صحة وضع كل موضعه ولا يصح إن يقال : نعم كل رجل زيد.

ـ قوله : (للعهد الذهني) أي : قصد به إلى معهود في الذهن من حيث أن جنسه غير معين في الوجود كما في أدخل السوق إلا أنه حصل التعيين هاهنا بالمخصوص بالمدح بخلاف أدخل السوق كما أشار إليه الشارح بقوله : (وهي لواحد غير معين ابتداء) هو الذي اختاره المصنف في الإيضاح والشارح تبعة. (عبد الحكيم).

٣٥٤

الكلام تفصيل بعد الإجمال ، ليكون (١) أوقع في النفس نحو : (نعم الرجل زيد).

(أو) يكون مضافا إلى المعرف بها) أي : باللام إما بغير واسطة نحو : (نعم صاحب الرجل زيد) أو بواسطة نحو : (نعم فرس غلام الرجل) أو (نعم وجه فرس غلام الرجل) وهلم جرّا.

(أو) يكون (مضمرا (٢) مميزا بنكرة منصوبة) (٣) مفردة (٤) أو مضافة إلى نكرة أو معرفة إضافة لفظية نحو : (نعم رجلا) ، أو (ضارب رجل (٥) أو زيد) أو (حسن (٦) الوجه أنت).

(أو) مميزا (٧) (بما) بمعنى : شيء منصوب المحل على التمييز (مثل : (فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١]) أي : نعم شيئا هي.

__________________

(١) قوله : (ليكون) واقع إنما اختير التفصيل بعد الإبهام ولم يفصل ابتداء ليكون أوقع لشوق النفس إلى معرفة المبهم وليفيدونه مذكورا مرتين والمقام يقتضي إلا وقيعة ؛ لأن المدح العام مما يستجد وقوعه وهذا ظاهر إلا أن هذا غير مختص بالفاعل المعرف باللام. (حاشية).

(٢) قوله : (مضمرا الأظهر) الأغلب أنه لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث اتفاقا بين أهل المصريين لعدم التصرف في هذا الباب ولأن الضمير المفرد المذكر أسبابها ما من غيره لكن إلحاق تاء التأنيث هون من غيره للحدقة بعض الحروف تحولات وثمت وربت ولعلت فلذلك أطردت نعمت المرأة ولم يطرد نعما رجلين ونعموا رجال. (شيخ الرضي).

(٣) وصف فصوبة لمجرد التوضيح ؛ إذ التمييز أما منصوب أو مجرور وهنا لا يحتمل الجر إلا أن يراد به الاحتراز عن المجرور بمن كما في : قاتلة الله من شاعر.

ـ قوله : (منصوبة) لا مجرورة بالإضافة ولا فمن وهم الإضافة بناء على اختصاص الباب بخواص لم توجد في غيره ولكنهما اسمين عند الكوفيين. (حاشية).

(٤) قوله : (مفردة) في الرضي ذهب الجزولى ومن تبعه إلى لزوم إفراد تمييز هذا الضمير والظاهر أنه وهم منه بل يحبب مطابقته لما قصد عند أهل المصريين وقد صرح المصنف وابن مالك بمطابقته لما قصد وهو الحق.

(٥) عطف على رجل أي : نحو : نعم ضارب زيد هذا مثال لما وقع مضافا إلى معرفة بالإضافة اللفظية والمضاف اسم فاعل مضاف إلى معمولة أي : المفعول. (لمحرره).

(٦) أي : أو نعم حسن الوجد أنت مثال لما وقع مضافا إلى المعرف باللام حال كونه صفة مشبهة. شرح.

(٧) قوله : (أو بما) موصوفة بالجملة والمخصوص محذوف كما في (نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) ـ

٣٥٥

وقال الفراء (١) وأبو علي : هي موصولة بمعنى (الذي) فاعل لنعم ، وتكون (٢) لصلة بأجمعها في (فنعما هي) محذوفة ؛ لأن (هي) مخصوصة أي : نعم الذي فعله هي ، أي : الصدقات.

وقال سيبويه والكسائي : (ما) معرفة (٣) تامة بمعنى الشيء فمعنى (فَنِعِمَّا هِيَ :) نعم الشيء هي ، ف : (ما) هو الفاعل لكونه بمعنى ذي اللام ، و (هي) مخصوصة (وبعد ذلك) الفاعل (المخصوص) (٤) بالمدح أو الذم.

وبعديته (٥) إنما هي بحسب الغالب ؛ لأنه قد يتقدم المخصوص ، فيقال : (زيد نعم الرجل) صرح به في (المفتاح).

(وهو) أي : المخصوص (مبتدأ ما قبله) أي : الجملة الواقعة قبله غالبا (خبره) ولم تحتج (٦) هذه الجملة الواقعة خبرا إلى ضمير المبتدأ ،

__________________

ـ [النساء : ٨٥] أو مذكور كما في (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا)[البقرة : ٩٠] أو غير موصوفة كما في : (نعما هي) [النساء : ٨٥] وقوله : (دققته دقا نعما). (عبد الحكيم).

(١) وهذا التركيب من النوع الثالث وهو مذهب الجمهور واختيار المصنف أشار إلى مذهب المخالف بقوله : (وقال الفراء). (شرح).

(٢) قوله : (فيكون) إشارة إلى تضعيفه لا نحذف الصلة أجمعها قليل وكذا يضعفه قلة وقوع الذي مصرحا به فاعلا لنعم وبئس. (سيالكوني).

(٣) قوله : (معرفة تامة) يضعفه عدم مجيء ما تامة بمعنى شيء في غير هذا الموضع بل بمعنى شيء نكرة أما موصوفة أو غير موصوفة وأيضا يلزم في نحو : قوله تعالى : (نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ)[النساء : ٨٥] حذف موصوف الجملة أي : شيئا يعظكم به والقول بكون الجملة معترضة لبيان استحقاق شيء المدح. (حكيم).

(٤) وإنما فعل ذلك لكون ذكر الشيء مبهما عم مفسرا أوقع في النفس من وقوعه مفسرا أولا واللام في فاعل لتعريف المعهود حتى يتصور الإبهام في الذهن على الأصح أو يفسر الفاعل بالواحد والجمع فلو كان للجنس لم يجز تفسيره بالثلاث وكذا المضاف التي المعرف باللام والمضمر أي : المعهود في الذهن ومن بعضهم أنه للعموم أي : للجنس اعلم أن المراد بالعموم إما أفراد الجنس أو هو الجنس. (خبيصي مع حواشيه).

(٥) قوله : (وبعديته) كأنه قيل : أنتم قلتم أن المخصوص بالمدح والذم يذكر بعد الفاعل مع أنه ليس كذلك بل يقدم في بعض المواضع في جانب بقوله : (وبعديته ... إلخ). (محرره).

(٦) رفع لما توهم أن الجملة إذا وقعت خبرا تحتاج إلى عائد إلى المبتدأ أو رفعه بأن الواقع خبرا ـ

٣٥٦

لقيام (١) لام التعريف (٢) العهدي مقامه (٣).

(أو خبر مبتدأ محذوف) وهو (هو) (مثل : نعم الرجل زيد).

ف : (زيد) في هذا المثال إمّا مبتدأ ، و (نعم الرجل) مقدما عليه خبره ، وإمّا مبتدأ محذوف على تقدير سؤال فإنه لما قيل : (نعم الرجل) فكأنه سئل : من فقيل : زيد ، أي : هو زيد.

فعلى الوجه الأول (نعم الرجل زيد) جملة واحدة على الوجه الثاني جملة (٤) (وشرطه) أي : شرط المخصوص يعني : شرط صحة وقوع مخصوصا (مطابقة الفاعل) مطابقته (٥) الفاعل أو مطابقة (٦) الفاعل إياه في الجنس حقيقة ،

__________________

ـ لا تحتاج. (أيوبي).

(١) قوله : (لقيام لام التعريف) بمعنى أنهم قصدوا إلى معهود في الذهن كان كاسم الجنس الذي له شمول في المعنى وكما صح أن يقوم اسم الجنس مقام الضمير صح أن يقام اللام باعتبار المعقول في الذهن مقام الضمير ؛ لأنه مندرج تحت ما يقدر من حادة في المعنى. (عبد الحكيم).

(٢) وعند النحوي للجنس يشمل المخصوص وغيره ولم يحتج إلى ضمير كما في قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)[التوبة : ١٢٠] فاللام في المحسنين للجنس شامل للمبتدأ وغيره فلا يحتاج إلى الضمير. (موشح).

(٣) الذي عبارة عن المبتدأ ، فقد وقع الظاهر مقام المضمر ، كقوله :

لا أرى يسبق الموت شيء

نغّص الموت ذا الغني والفقيرا

ـ وقع الموت موقع الضمير ، أصله : سيقع. (خبيصي).

(٤) ورجح الوجه الثاني بأن ليس فيه إلا حذف المبتدأ وهو شائع وفي الوجه الأول تقديم الخبر الذي هو فعل المبتدأ وحول الخبر عن العائد ووقوع الظاهر موقع مضمر وبان التفسير والإبهام في الوجه الثاني حقيقي وفي الأول تقديري. (موشح).

(٥) قوله : (أي : مطابقته الفاعل) يحتمل أن يكون من إضافة المصدر إلى المعمول والفاعل متروك أو من إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول متروك فهذا ليس من قبيل الالتباس بل من تعدد طرق إفادة المعنى قدر الفرق بينهما في المرفوعات فلا يرد ما قيل : حصام أن الملتبس بالفاعل يتعين بالفاعل كما إذا التبس فعل الفاعل وبالمفعول يتعين المتقدم للفاعل. (وجيه الدين).

(٦) أما مطابقة التمييز للخصوص فليس بشرط جواز الأفراد أيضا كيف وقد عرفت وجود الأفراد عند الجزولى ومن تبعه. (حكيم).

٣٥٧

أو تأويلا (١) ، وفي الإفراد والجمع والتذكير والتأنيث لكونه عبارة عن الفاعل في المعنى نحو : (نعم الرجل زيد الرجلان الزيدان) و (نعم الرجال الزيدون) و (بئست المرأة هند) ، المرأتان الهندان) ، (بئست النساء الهندات).

ويجوز (٢) أن يقال (نعم المرأة هند) ، (بئس المرأة هند) لأنهما لما منصرفين أشبها الحروف فلم يجب الحالق العلامة بهما.

(و) قوله تعالى : ((بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا) [الجمعة : ٥]) جواب سؤال (٣) حيث وقع المخصوص (٤) ، أعني : (الَّذِينَ كَذَّبُوا) جمعا مع إفراد الفاعل ، القوم)

(وشبهه) مما لا يطابق الفاعل المخصوص (متأول) بتقدير : مثل : الذين كذبوا أو يجعل (الذين) صفة للقوم وحذف المخصوص (٥) ، أي : بئس مثل (٦) : القوم المكذبين

__________________

(١) لا يخص التعميم للمطابقة في الجنس بل يجري في المطابقة في غيره أيضا فالأنسب تأخيره. (عصام).

ـ قوله : (أو تأويلا) نحو : نعم الأسد زيد وإنما خص هذا التعميم بمطابقة الجنس إذا لم توجد المطابقة فيما عداه تأويلا وما يتوهم في نحو : بئس المرأة هند من أن تذكيره بتأويل المرأة بالجنس فباطل وإلا لجاز قام المرأة. (سيالكوني).

(٢) أشار إلى أن هذا الفعل كما جاز مطابقته لفاعله في التذكير والتأنيث يجوز ان لا يطابقه فيجوز أن يقال.

(٣) أشار إلى وجه إيراد المصنف يعني أن هنا ألا يراد من المصنف في معرض الجواب لسؤال مقدر بالنقض بإيراد مارة لم توجد فيها المطابقة وهي في هذه الآية الكريمة. (تكملة).

(٤) خص السؤال بعدم المطابقة في الأفراد مع عدم المطابقة في الجنس أيضا لجواز أن يقال : جعل مثل القوم نفس الذين كذبوا مبالغة في اتصافهم به فتحقق المطابقة في الجنس تأويلا. (سيالكوني).

(٥) قوله : (وحذف المخصوص) والقرنية تقدم ذكره في قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ)[الجمعة : ٥]. (عبد الحكيم).

(٦) قوله : (بئس مثل القوم المكذبين مثلهم) أشار بإقامة المكذبين مقام الذين كذبوا إلى أن الموصول حينئذ ليس العهد بل عبارة عن جنس المكذبين ليحصل الإبهام في المثل وضمير مثلهم نابع إلى (الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ) ؛ لأن المقصود ذمهم فالمعنى بئس حال المكذبين حال اليهود الذين جحدوا أيات نعت محمد عليه‌السلام فلا يلزم اتحاد الفاعل والمخصوص من لفظا ومعنى على ما وهم. (س).

٣٥٨

مثلهم (وقد يحذف المخصوص إذا علم) بالقرينة (مثل) قوله تعالى : (نِعْمَ الْعَبْدُ) [ص: ٣٠] أي أيوب ، بقرينة أن ذلك في قصته.

(و) قوله تعالى : ((فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) [الذاريات : ٤٨]) أي : نحن (١) (وساء) مثل : (بئس) في إفادة الذم والشرائط والأحكام.

(ومنها) أي : من أفعال المدح (٢) والذم (حب) في (حبذا) وهو ـ أي : حبذا ـ مركب من : حب الشيء ، أو : حب (٣) إذا صار محبوبا ، ومن ذا.

(وفاعله) (٤) أي : فاعل هذا الفعل (ذا ولا يتغير) (٥) أي : (حبذا) ، أو فاعله (ذا) عما هو عليه.

فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث ، إذا كان المخصوص مثنى أو جمعا أو مؤنثا لجريها مجرى الأمثال التي لا تتغير.

فيقال (حبذا الزيدان) و (حبذا الزيدون) و (حبذا هند).

(وبعده) أي : بعد (حبذا) (المخصوص (٦) ، وإعرابه) أي : إعراب مخصوص

__________________

(١) قوله : (أي نحن) يعني : أن الممدوح ذاته تعالى بقرنية ما قبله وهو قوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ)[الذاريات : ٤٧ ـ ٤٨] فإن الباني السماء والفارش للأرض وماهدها هو الله تعالى وإيراده بالجمع للتعظيم. (عبد الله أفندي).

(٢) قوله : (من أفعال المدح والذم) لم يقل من أفعال المدح ؛ لأن هذا اللفظ عند النحاة اسم لما يفيد إنشاء المدح أو الذم مع أن حبذا يعدد دخول لا يفيد الذم أيضا. (سيالكوني).

(٣) قوله : (أوجب) يريد أن في حب لفستان حب بفتح الحاء كما هو القياس وحب بضمها بنقل الضمير إلى الحاء ثم الإدغام إذا أصله حبب على وزن حسن وفي الصحاح تفصيلة وعند صاحب القاموس حب اسم بمعنى الحبيب وذا فاعله أي : هو حبيب. (عصام).

(٤) قوله : (وفاعله) ذا بخلاف نعم وبئس فإن فاعلهما ما تقدم وإنما خص ذا لما في أسماء الإشارة من الإبهام والمقصود في هذا الباب والمشار إليه بذا الأمر الذهني وأن كان وضع أسماء الإشارة إليه في الخارج. (عبد الحكيم).

(٥) لأنهم جعلوا الفعل والفاعل كالكلمة الواحدة فكرهوا التعرف فيه ولهذا قال بعضهم حبذا مبتدأ وما بعده خبر أو لأنهم عاملوه معاملة المضمور في نعم وإعراب مخصوصة كإعراب مخصوص نعم. (فاضل أمير).

(٦) قوله : (المخصوص) خلافا لابن كيسان فإنه ذهب إلى أنه يدل من ذا وقيل عطف بيان وإنما ـ

٣٥٩

(حبذا) (كإعراب مخصوص (نعم) على الوجهين (١) المذكورين.

(ويجوز أن (٢) يقع قبل المخصوص) أي : مخصوص (حبذا) (أو بعده) أي : بعد مخصوصه (تمييز (٣) أو حال على وفق مخصوصه) في الإفراد والتثنية والجمع والتأنيث والتذكير ، نحو : (حبذا رجلا زيد) و (حبذا زيد رجلا) و (حبذا راكبا زيد) و (حبذا زيدا راكبا) و (حبذا رجلين أو راكبين الزيدان) و (حبذا الزيدين أو الراكبين) و (حبذا امرأة هند) و (حبذا هند امرأة).

والعامل في التمييز أو الحال ما في حبذا من الفعلية (٤) وذو الحال هو (ذا) لا (زيد) لأن (زيد) مخصوص والمخصوص لا يجيء إلا بعد تمام المدح والركوب من تمامه ، فالراكب (٥) حال من الفاعل لا من المخصوص.

__________________

ـ قال : بعد حبذا ولم يقل : بعد فاعله كما في نعم وبئس إشارة إلى صيرورة ذا جزء من حبذا. (عبد الحكيم).

(١) يعني : كونه مبتدأ وما قبله حبره وعلى كونه خبر للمبتدأ المحذوف وهذا هو الحكم المشترك بينه وبين أخواته. (تكملة).

(٢) قوله : (ويجوز أن يقع) إنما لم يلتزموا التمييز في حبذا والتزموا في نعم إذا كان الفاعل في كل منهما أمر ذهني لوجهين الأول أن فاعل حبذا ملحوظ بخلاف فاعل نعم فإنه مستتر فجعل التمييز دليلا على وجوده والثاني لزوم التباس بين الفاعل والمخصوص عند عدم ذكر التمييز فيما إذا كان المخصوص معرفا باللام أو مضافا إليه نحو : نعم رجلا السلطان فإنه لا يدري لو حذف رجلا أن السلطان فاعل والمخصوص بالمدح محذوف أو هو المخصوص وفاعله مضمر. (حاشية عصام الدين).

(٣) قوله : (تمييز أو حال) فإن قصد تقييد المبالغة في مدح المخصوص بوصف كان المنصوب حالا نحو : حبذا هند مواصلة أو في حال مواصلتها وإن قصد بيان جنس المبالغة في مدحه كان تمييزا نحو : حبذا زيد راكبا وحبذا زيد رجلا ولا يلزم الفصل بالأجنبي ؛ لأن المخصوص ليس بأجنبي لاتحاده بالفاعل. (فاضل محشي).

(٤) فلا يتجه ما قيل : الأولى من الفعل ؛ لأن الفاعل هو حجب لأنه فعل وعند المبرد وابن السراج أن تركيب حب مع ذا أزال فعليه حب ؛ لأن الاسم أقوى فحبذا مبتدأ والمخصوص خبره وقال بعضهم : بل التركيب أزال لاسمية ذا ؛ لأن الفعل هذا المقدم فالفعلية له فصار العامل كبعض حروف الفعل فحبذا فعل والمخصوص فاعله. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (فالراكب) حال من الفاعل لا من المخصوص فيه مصادرة ؛ لأن المدعي أن ذا ذو ـ

٣٦٠