شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

اعلم (١) أن النحاة وضعوا باب يسمونه باب (الإخبار بالذي (٢) أو ما يقوم مقامه) ومقصودهم من وضعه تمرين (٣) المتعلم فيما تعلمه في هذا الفن من المسائل ، وتذكيره إيّاها.

فإنهم إذا قالوا لأحد : أخبر عن الاسم الفلاني في الجملة الفلانية ب : (الذي) بعد بيانهم طريقة الإخبار به ، لابد له من تذكر كثير من مسائل (٤) النحو : وتدقيق النظر فيها حتى يعلم أن ذلك الإخبار في أيّ اسم يصح؟ وفي أي اسم يمتنع؟.

فأراد المصنف الإشارة إلى هذا الباب ، فقال :

(وإذا أخبرت) (٥) أي : إذا أردت أن تخبر عن جزء جملة (بالذي) (٦) أي : باستعانة (الذي أو التي أو الألف واللام). فإن الباء ليست صلة للإخبار ؛ لأن (الذي)(٧) مخبر عنها لا مخبر بها.

__________________

(١) لما وسط مسألة الأخبار بالذي بين مقام الأجمال والتفصيل تباعا للنحاة أراد الشارح بيان فائدة توسيطهم لها فقال : (اعلم أن ... إلخ).

(٢) تقييد الإخبارية ؛ لأنه أول ما يعرفه المتعلم من الموصولات ، أو لأنه جرى العادة بالتمرين به وإلا هو جار في كل من الموصولات. (حاشية).

(٣) التمرين التمكين والتقريب أي : التعذر أي : ألقاه في المهالك حتى الجرأة كما هو عادة الفرسان في تعليم الذي فمعنى تمرين المتعلم تعوده في الجملة بإلغاء فكره في المسائل العميقة. (شرح الشرح).

(٤) مثلا لا بد من تذكير أن الحال والتمييز يجب أن يكونا نكرتين حتى يعلم أنهما لا يخبران عنهما والمجرور بحتى وكاف لا يقعان مضمرين حتى يعلم أنهما لا يخبران عنهما وأن ضمير الشأن يجب تقديره لغرض الإبهام قبل التفسير حتى يعلم أنه لا يخبر عنه وعلى هذا فقس غيره. (وجيه الدين).

(٥) عن اسم منسوب أو منسوب إليه في جملة فعلية أو اسمية لمن علم المنسوب أو المنسوب إليه على وجه مبهم غير جهة المخبر عنه. (خبيصي).

(٦) عن شيء معلوم باعتبار الذات ومجهول باعتبار العرض أو على العكس بالنسبة إلى السامع. (عوض).

(٧) قوله : (لأن الذي) بحسب الذكر وأما ذات المخبر عنه فهو زيد في المثال المذكور وإنما اعتبر هذا الوصف بالقياس إلى زيد دون الذي مع أنه المخبر عنه بحسب الظاهر ؛ لأن شان المخبر عنه أن يكون مفروغا عنه والجملة الأولى مع أجزائها مفروغ عنها دون الموصول. (غفور).

٦١

(صدرتها) (١) أي : أوقعت كلمة (الذي) أو ما يقوم مقامها في صدر الجملة الثانية (٢).

(وجعلت موضوع المخبر عنه) (٣) أي : في موضع ما هو مخبر عنه بالذي في الجملة الثانية يعني (٤) : في موضعه الذي كان له في الجملة الأولى.

(ضميرا لها) أي : لكلمة (الذي) (وأخرته) (٥) أي : المخبر (٦) عنه عن الضمير.

(خبرا) نصب على الحال أو ضمن (أخرته) معنى (جعلته) أي : جعلته خبرا متأخرا.

(فإذا أخبرت مثلا عن (زيد) من جملة (ضربت زيدا) بكلمة الذي أوقعتها في صدر الجملة الثانية ، وجعلت في موضع ما هو مخبر عنه في هذه الجملة أعني : (زيدا)

__________________

(١) اعلم أنه يجب تقديم المبتدأ وتأخير الخبر هاهنا مع أنه لم يذكرهما في مواضع وجوب تقديم المبتدأ وأما مواضع تأخير الخبر قيل : مذكور بقوله : (إذا كان المبتدأ مشتملا على ما له صدر الكلام) والاشتمال أهم من أن يكون من نفسه أو حاصلا من الغير فالأول موجود هاهنا. (متوسط).

(٢) أي : الذات الذي أخبر عنه باستعانة الذي المعلوم على الوجه المذكور في الجملة الأولى والمخبر عنه بالمعنى اللغوي لا الاصطلاحي وعلى هذا فلا حاجة إلى أن يقال المخبر عنه باعتبار ما يؤل إليه كم قيل. (وجيه الدين).

(٣) في أصل الكلام ؛ لأن المخبر عنه في الأصل زيد وإلا فالمخبر عنه في اللفظ الذي مفعول فيه جعلت كما أشار إليه الشارح الذي قصد الأخبار عنه. (هندي).

(٤) إشارة إلى كون هذا الموضع ليس بموضع المخبر عنه الحقيقي بقوله : (يعني). (أيوبي).

(٥) فشروط ذلك الأخبار أربعة :

الأول : تصدير بالجملة بالذي ؛ لأنها حينئذ يصير مميزا عنها وهو إنما يجيء متقدما نظرا إلى الأصل.

والثاني : تأخير الاسم المراد عنه الاخبار ؛ لأنه حينئذ يكون خبرا وهو مؤخر بذلك.

والثالث : وضع الضمير مكان الاسم المؤخر عن موضعه أما الضمير فللاحتياج إليه للربط ، وأما كونه في موضعه فلأنه كناية عنه فناسب أن يكون في مكانه.

والرابع : أن يكون الضمير عائدا إلى الموصول. (عافية).

(٦) اعتبر التأخير بالنسبة إلى الضمير والظاهر اعتباره مقابلا للتصدير فيكون بالنسبة إلى الجملة. (عصام).

٦٢

والمراد بموضعه : محله الذي كان له في الجملة الأولى ، وهو محل المفعول من : (ضربت) ضميرا ل : (الذي) ، وأخرت المخبر عنه ، يعني : (زيدا) وجعلته خبرا عن (الذي) (١) و (قلت : الذي ضربته (٢) زيد وكذلك) (٣) أي : مثل : (الذي) (الألف واللام في الجملة (٤) الفعلية خاصة (٥) ليصح بناء اسم الفاعل أو المفعول) (٦) منها. فإن صلة الألف واللام لا تكون إلا اسمي الفاعل أو المفعول (٧).

ويمكن أن يؤخذ اسم الفاعل من الفعل المبني للفاعل ، واسم المفعول من المبني

__________________

(١) وفي بعض النسخ بالواو ولم يوجد نسخ المتن مع الواو ؛ لأنه جواب إذا وأما اعتبار مزج الشارح لكلام المصنف مع كلامه فيقتضي الواو لعطفه على جعلته الذي هو بعض من كلام الشارح. (محرره).

(٢) أي : الشخص الذي أوقعت الضرب عليه زيد ولو علم المخاطب كون ذلك الشخص زيدا ولكن لم يعلم أنك أوقعت عليه الضرب قلت : الذي هو زيد ضربته ، أي : أوقعت عليه الضرائب. (عوض أفندي).

(٣) ولما اختص الأخبار بالألف واللام في الجملة الفعلية من الجملة أراد المصنف أن ينبه.

(٤) قوله : (في الجملة الفعلية) وأما الجملة الاسمية فليس شيء من اسم الفاعل والمفعول مع المرفوع بمعناها حتى يؤخذ منهما مع المرفوع وأما نحو : أقائم الزيدان ففي أوله حرف يمنع من وقوعه صلة اللام فإنه يجب أن لا يكون في أول تلك الجملة حرف لا يستفاد من اسم الفاعل والمفعول كالسين وسوف وغيرها.

(٥) إن قلت : اسم الفاعل والمفعول قد يكونان مع مرفوعهما جملة اسمية نحو : أضارب الزيدان وما مضروب البكران فلم لا يصح الأخبار بهما؟ قلنا : لأن هذين الحرفين يمنعان من وقوعهما صلة اللام. (غفور).

(٦) فإن قلت : عدم إمكان أخذ اسم الفاعل والمفعول من الجملة الاسمية إذا كان جزأ الاسمية اسمين أما إذا كان الجزء الأخير منها فعلا كما في زيد يقوم فلا نسلم ذلك ، قلت : نعم إلا أن هذا الإمكان لا يجديك نفعا ؛ إذ لا بد هاهنا من وضع الضمير مكان الاسم المخبر عنه وهو زيد فيلزم دخول الألف واللام على الضمير وذلك لا يجوز. (عافية).

(٧) الضاربه أنا زيد الألف واللام في محل رفع بأنه مبتدأ وضاربه مبتدأ ثان وأنا خبر مبتدأ ثان والمبتدأ الثاني مع خبره صلة الألف واللام وزيد خبره والألف واللام مثل الذي. (ابن الكمال النوري).

٦٣

للمفعول بشرط أن يكون الفعل الذي يتضمنه الجملة الفعلية متصرفا ، إذ غير المتصرف ، نحو : (نعم وبئس وحبذا وعسى وليس) لا يجيء منه اسم الفاعل ولا المفعول ، فلا يخبر بالألف واللام عن (زيد) في (ليس زيد منطلقا).

وبشرط أن لا يكون في أول ذلك الفعل حرف لا يستفاد من اسم الفاعل والمفعول معناها ، كالسين وسوف (١) وحرف النفي والاستفهام.

فلا يخبر باللام عن (زيد) في جملة (سيقوم زيد) فإنه إذا بنى اسم الفاعل (سيقوم) يكون (قائما) (٢) فيفوت معنى السين.

(فإن تعذر أمر منها) أي : من الأمور الثلاثة التي هي : تصدير الموصول ووضع عائد الموصول مقام ذلك الاسم ، وتأخير ذلك الاسم خبرا ، (تعذر الأخبار ومن ثم) أي: ومن أجل أنه إذا تعذر أمر منها تعذر الإخبار.

(امتنع الإخبار) بالذي (ضمير الشأن) (٣) بأن يكون ضمير الشأن مخبرا عنه ، لامتناع تصدير الجملة بالذي ، وتأخير المخبر عنه خبرا ، لوجوب تقديمه على الجملة.

وكذلك امتنع (في الموصوف) بدون الصفة (٤)

__________________

(١) قوله : (كالسين وسوف ... إلخ) فيه بحث ؛ لأن السين تفيد التأخير كما أن صيغة المستقبل تفيد ذلك وصيغة الماضي التقديم فإذا لم يبالوا في الإخبار بالألف واللام بفوت الزمان الدال عليه الجملة جاز أن لا يبالوا بفوت ما يفيده السين أو سوف فإنه بمنزلة الزمان ولأنه لا يجوز أن يؤخذ من الفعل المنفي اسم الفاعل المعدول فيقال في الإخبار عن زيد في زيد قائم بالألف واللام فتقول : القائم زيد. (فاضل محشي).

(٢) أي : دالا على مجرد نسبة القيام إلى الفاعل من غير دلالة على الزمان استقبل ومن غير دلالة على معنى السين. (عبد الله).

(٣) نحو هو زيد قائم ؛ لأن للضمير الشأن تصدر الكلام والآجار بالطريق المذكور يستلزم إبطال صدارته لوجوب تصدير وتأخير ما أريد الأخبار عنه هاهنا فظهر منه أن الأخبار بهذا الطريق لا يجوز عن ضمير الفصل لتعذر تأخير ضمير الشأن فلا يمكن أن يقال : الذي هو زيد قائم وكذلك يمتنع الإخبار بهذا الطريق من كل ما يقتضي صدر الكلام مثل كم الخبرية وغيرها وعدّ كم الاستفهامية من هذا القبيل سهو. (عوض أفندي).

(٤) فلا يقال في : جاءني رجل عالم الذي جاءني هو رجل لامتناع جعل الضمير مكان الموصوف لإبهام كون المضمر موصوفا وذا لا يجوز مع استلزامه تقديم الصفة على الموصوف. (محمد أفندي).

٦٤

(و) في (الصفة) (١) بدون الموصوف فلا يجوز في (ضربت زيدا العاقل) أن يخبر ب : (الذي) عن (زيد) ، بدون العاقل ، ولا عن (العاقل) بدون (زيد) لاستلزام وقوع الضمير صفة أو موصوفا ، بخلاف ما أخبرت عن مجموعهما فيقال : (الذي ضربته زيد العاقل) (٢).

(و) كذلك امتنع) في المصدر (٣) العامل) بدون (٤) المعمول.

فلا يجوز في نحو : (عجبت من دق القصّار الثوب) أن يخبر ب : (الذي) عن (دق القصار) بدون (الثوب) لأنه يؤدي إلى أن يعمل الضمير (٥) الذي جعل في موضع (دق القصار) عاملا في (الثوب) (٦) بخلاف (الذي عجبت منه دق القصار الثوب).

(و) كذلك امتنع في (الحال) (٧) لأن الحال يجب أن يكون نكرة ، فلا يجوز أن

__________________

(١) وكذا ألفاظ التأكيد في الأشهر ؛ إذ تلك الألفاظ معتبرة في التأكيد فلا يفيد الضمير ما أفادته ويجب أن يكون معيدا لما يفيده المخبر عنه وكذا عطف البيان دون المعطوف وأما البدل والمبدل منه فقد اختلف فيهما.

(٢) فإن لا يمتنع لعدم المانع ؛ لأن المخبر عنه هو الموصوف مع الصفة. (محمد أفندي).

(٣) لامتناع وضع الضمير مكانه فلا يقال في ضربي زيدا الذي هو زيدا ضربي لتعذر إعمال الضمير وإن كان عبارة عن العامل ؛ لأن لفظ العامل مرعي في العمل والإضمار يزيله وإن فرضنا بقاء الإعمال بالمصدر لزم تقديم معموله على المصدر وذلك لا يجوز ؛ إذ المصدر لا يعمل مؤخرا وإنما قيد المصدر بصفة العاملية ؛ لأنه لو لم يكن عاملا ليجوز الإخبار لعدم المحذور المذكور فتقول : أعجبني الضرب الذي أعجبني هو الضرب. (عوض أفندي).

(٤) وإنما قال : بدون المعمول ؛ لأنه لو كان الإخبار عن المصدر العامل مع معموله يجوز الإخبار فتقول في : أعجبني ضربي زيدا الذي أعجبني هو ضربي زيد لعدم المانع.

(٥) وهو غير جائز ؛ لأن المصدر يعمل بمشابهته الفعل باشتراكهما في الحروف الأصول والمعنى الكلي ولفظ الضمير ليس من لفظ الفعل في شيء. (وجيه الدين).

(٦) مثل أن يقول : الذي عجبت منه الثوب دق القصار. (محمد أفندي).

(٧) فلا يقال في نحو : ضربت زيدا قائما الذي ضربت زيدا إياه قائم لامتناع وضع الضمير مكانه لإبهام وقوع الضمير حالا مع وجوب كون الحال نكرة وبهذا علم امتناع الإخبار بالطريق المذكور عن التمييز المنصوب ومجرور ومفتوح لا النافية لتعذر وضع الضمير مكان هذه الأشياء ؛ لأن الضمائر معارف وهذه الأشياء لازمة التنكير فكذا حال كل ما يلزم التنكير. (عوض أفندي).

٦٥

يقع الضمير الذي هو معرفة في موضعه بالحالية (و) كذلك امتنع في (الضمير المستحق لغيرها) (١) أي : لغير كلمة (الذي) لامتناع تصدير (الذي) لاستلزام ذلك عود الضمير إليها ، فيبقى ذلك الغير بلا ضمير.

(و) كذلك امتنع (في الاسم المشتمل عليه) أي : على الضمير المستحق لغيرها.

نحو قولك (زيد ضربت غلامه) (٢) فلا يصح الإخبار عن (غلامه) بأن يقال (الذي زيد ضربته غلامه) لأنك إذا جعلت الضمير عائد إلى الموصول بقي المبتدأ بلا عائد وإن جعلته عائدا إلى المبتدأ بقي الموصول بلا عائد ـ وكل منهما (٣) ممتنع.

(وما الإسمية) (٤) لا الحرفية ، فإنها أما كافة نحو : (إنما زيد قائم) وأما نافية نحو : (ما ضربت زيدا) و (مازيد قائما).

(موصولة) (٥)

__________________

(١) سواء كان ذلك الغير مبتدأ نحو زيد ضربته أو موصولا نحو الذي ضربته أو موصوفا نحو : جاءني رجل ضربته، فلا يقال في الأول : الذي زيد زيد ضربته هو ، وفي الثاني : الذي ضربته زيد ، وفي الثالث : الذي جاءني رجل ضربته هو ، لئلا يلزم خلو المستحق فإنك لو رجعت الضمير الأول في المثال إلى زيد لبقي الموصول بلا عائد وإن رجعت إلى الموصول لبقي المبتدأ بلا عائد ، فعلى ذلك قياس غيره ، وإن قلت : لم لا يجوز التقسيم بأن يرجع الأول إلى المبتدأ والثاني إلى الموصول أو العكس؟ قلت : أما الأول فلأن العائد إلى الموصول لا بد وأن يكون في حيز الصلة وإن كان الضمير الأخير في خبرها فإنها يخبر فإن كان خبرا فيلزم الخلو المذكور ، وأما الثاني فلأن العائد إلى المبتدأ يجب أن لا يكون خبرا لغيرها وهاهنا كذلك. (عافية شرح الكافية).

(٢) ولا يصح أن يكون عائد الموصول الضمير الذي في غلامه ؛ لأن العائد إنما يكون في خبر الصلة. (محمد أفندي).

(٣) وأما إذا أريد الإخبار عن الاسم فقط وقيل : الذي ضربته هو غلام ليكون الضمير الإخباري عائدا إلى الموصول والثاني المضاف إليه عائد إلى المبتدأ فحينئذ وإن لم يلزم الخلو لكنه يلزم تقديم المضاف إليه على المضاف. (شرح اللطيف).

(٤) لما كان من المبنيات ما يوافق لفظه لفظ الموصول لم يجعل له بابا برأسه ، بل أراد أن يبين في ضمن الموصولات. (عوض).

ـ بيان أن ما الاسمية يجري فيها هذه الأقسام التي من جملتها الموصول بخلاف الحرفية وما الاسمية ستة كما بين المصنف. (وجيه الدين).

(٥) وهي على هذا الوجه تغير أولى العلم غاليا كما في قوله تعالى : (قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ)[الجمعة : ١١] وكقوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها)[الشمس : ٥]. (عوض).

٦٦

نحو : (عرفت ما اشتريته) (واستفهامية) (١) نحو : (ما عندك؟) و (ما فعلت؟) (وشرطية) نحو : (ما تصنع أصنع) موصوفة أما بمفردة نحو : (مررت بما معجب لك) أي : بشيء معجب لك ، وإما بجملة نحو :

ربّما تكره النفوس (٢) من الأم

ر له فرجة (٣) كحلّ العقال (٤)

أي : رب شيء تكرهه النفوس.

(وتامة (٥) بمعنى شيء) منكر عند أبي علي.

والشيء المعرّف عند سيبويه نحو قوله تعالى : (فَنِعِمَّا)(٦) هِيَ [البقرة : ٢٧١] أي : نعم شيئا أو : نعم الشيء هي.

(وصفة) نحو : (اضربه ضربا ما) أي : ضربا أيّ ضرب كان.

__________________

(١) وعلى هذا الوجه لغير أولى العلم مطلقا كقوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى)[طه : ١٧].

ـ قوله : (واستفهامية) باقية على معنى الاستفهام أو مستعاره ، بمعنى من معاني تناسب الاستفهام كالتحقير والتعظيم والتعجب والإنكار وقد يحذف المها من حرف الجر نحو عم والمضاف إذا لم يكن مع ذا وإثباتها قليل نحو ماذا تشتمل. (عصام وغفور).

(٢) فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون ما كافة كما في قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ)[الحجر : ٢] فيكون صالحا للاستدلال؟ قلت : يحتمل ذلك لكن الحمل على الأول أولى ؛ لأن التقدير حينئذ يكون ربما نكرة النفوس شيئا من الأمر فيلزم حذف الموصوف وإقامة الصفة أعني الجار والمجرور معا وهو قليل جدا وإن جعل المفعول الأمر يلزم زيادة من في الإثبات وهو غير جائز وأما ما يلزم من التقدير الأول من حذف الضمير العائد إلى الموصوف فشائع كثير وأيضا في إجراء لرب على بابه الكثير. (شرح المفصل).

(٣) أي : زوال العمي يعني رب عمي سيزول عن قريب.

(٤) أي : الحبل الذي يعقد ويشد ركبة البعير.

(٥) إنما سمي تامة لعدم الاحتياج إلى الصلة والعائد والصفة ، أو لأن نعم يقتضي شيئا يتم به. (لمحرره).

(٦) فما هذه ليست بموصوفة ؛ لأن ما بعدهما لا يصلح للوصفية وهو ظاهر ولا موصولة لعدم الصلة وكون شرط نعم أن يكون فاعله مرفوعا باللام أو مضمرا مميزا بنكرة منصوبة فهي نكرة في موضع تنصب كما لو كانت ملفوظة فالتقدير إن تبدوا الصدقات فالصدقات نعم شيئا إبداؤها ، أي : نعم الشيء شيئا وهي مخصوص بالمدح على تقدير حذف المضاف.

٦٧

(ومن كذلك) (١) أي تكون موصولة ، نحو : (أكرمت من جاءك) واستفهامية نحو : (من غلامك؟) وشرطية نحو : (من تضرب أضرب) وموصوفة إمّا بمفرد نحو قوله :

وكفى بنا فضلا على من غيرنا (٢)

حبّ النّبي محمد إيانا (٣)

أي : شخص غيرنا ، أو بجملة نحو : (من جاءك قد أكرمته).

(إلا في التامة (٤) والصفة) فإن كلمة (من) لا تجيء تامة ولا صفة.

(وأيّ) للمذكر (وأية) للمؤنث ك : (من) في ثبوت الأمور الأربعة وانتفاء التامة والصفة.

ف : (أي) الموصولة نحو : (اضرب أيّهم لقيت) والاستفهامية نحو : (أيّهم أخوك؟) و (أيهم لقيت؟) والشرطية نحو قوله تعالى (أَيًّا (٥) ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ

__________________

(١) قوله : (ومن كذلك) ولم يقل : ومن الاسمية كما قال : وما الاسمية ؛ لأن من لا يجيء معرفا لا عند البصرية ولا عند الكوفية إلا إنها قد تزاد عند الكوفيين بناء على تحويرهم زيادة الأسماء.

ـ ومن بجميع وجوهها الحض بأولى العلم ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث وقد يقع على ما لا يعلم كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ)[النور : ٤٥] قال بعض المحققين : إن هذا تغليبا ؛ لأنه تعالى قال : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) ففي ضمير فمنهم تغليب العلماء على غيرهم ، والضمير يرجع إلى (كُلَّ دَابَّةٍ) ثم بنى على هذا التغليب فقال : (مَنْ يَمْشِي ...).

(٢) قوله : (غير) بالجر على أنه صفة لمن بمعنى على كل إنسان.

(٣) أي : كفى حب النبي حال كونه فضلا عظيما.

(٤) والمستثنى منه محذوف تقديره في كل من الوجوه إلا التامة.

(٥) نزلت حين سمع المشركون أن رسول الله يقول : «يا الله يا رحمن» فقالوا : إنه ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلها آخر ، فالمراد على الأول هو التسوية بين اللفظين بأنهما يطلقان على ذات واحدة وإن اختلف اعتبار إطلاقهما والتوحيد إنما هو باعتبار الذات الذي هو المعبود وعلى الثاني أنهما سيان في حسن الإطلاق والإفضاء إلى المقصود وهو أصوب لقوله : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) والدعاء في الآية بمعنى التسمية وهو يتعدى إلى مفعولين حذف أولهما استغناء عنه وأو للتخيير والتنوين في أيا : عوض عن المضاف إليه وما صلة لتأكيد ما في أيا من الإبهام والضمير في فله للمسمى ؛ لأن التسمية له لا للاسم وكان أصل الكلام أيا ما تدعو فهو حسن فوضع موضعه : (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) للمبالغة على ما هو الدليل عليه وكونها لدلالتها على صفات الجلال والإكرام. (قاضي البيضاوي).

٦٨

الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠] والموصوفة نحو : (يا أيها (١) الرجل).

قيل : (أي) (٢) تقع صفة اتفاقا (٣) فلم جعلها المصنف ك : (من) التي لا تقع صفة أصلا؟

وأجيب : بأن (أيا) الواقعة صفة هي في الأصل استفهامية ؛ لأن معنى (مررت برجل أي رجل) (٤) : رجل عظيم يسأل عن حاله لا يعرفه كل أحد ، فنقلت عن الاستفهامية إلى الصفة (٥).

(وهي) أي : كل من (أي ، وأيّة) (معربة) بالاتفاق (٦) (وحدها) (٧) لا يشاركها في الإعراب غيرها من الموصولات إلا على الاختلاف (٨) في (اللذان) و (اللتان) وفي (ذو) الطائية.

وإنما أعربت ؛ لأنه التزم فيها الإضافة إلى المفرد (٩) التي هي من خواص الاسم المتمكن فلا يرد (١٠) (حيث وإذ وإذا)

__________________

(١) خص الرضي كونها معرفة بالنداء وأجاز الأخفش كونها نكرة موصوفة. (عصام).

(٢) ولما توجه على هذا الحصر سؤال وجواب ذكره عبد الله بقوله : (قيل).

(٣) بين النحاة في قوله : (مررت برجل أي رجل) أي : رجل عظيم القدر فيلزم على المصنف أن يقول : وأي كما إلا في التامة.

(٤) ليس معناه توصيف الرجل الأول بأي ، بل معناه إذ هذا الرجل ، أي : رجل عظيم.

(٥) فإن سبب الاستفهام هو الجهل في ذات المسؤول عنه أو في صفته وسبب الجهل توصيف الرجل بالعظمة فيكون من قبيل إطلاق المسبب إلى السبب.

(٦) وقيد الشارح بقوله : (بالاتفاق) ليظهر فائدة التقييد بقوله : (وحدها).

(٧) من بين أخواتها مع قيام العلة الموجبة لبنائها وهي مشابهتها الحرف أو تضمنها معناها وذلك تنبيها على أن الأصل في أخواتها هو الإعراب وأما اختصاص ذلك بها فلأنها لما كانت لازمة الإضافة ظاهر أو حقيقة وهي لكونها من خواص الاسم منافية للبناء عارضت تلك علة البناء فبقي الأصل سالما هو الإعراب وكذلك فيما لم يضف للاطراد كما في قوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا.)

(٨) يعني : اتفاق النحاة في كون بعض الموصولات معربا منحصر في هاتين الكلمتين دون سائر الموصولات ؛ لأن بعض الموصولات أيضا معرب لكنه معرب بالاختلاف كما في اللذان.

(٩) وإنما لم يجعلوا الإضافة إلى الجملة كالمقطوع عن الإضافة ؛ إذ الإضافة إلى الجملة في الحقيقة إضافة إلى مضمونها وهو غير مذكور صريحا فكان في حكم المقطوع عن الإضافة.

(١٠) أي : إذا كان الإضافة فيها إلى المفرد لا يرد حيث وإذ وإذا ؛ لأنها لا تضاف إلا إلى الجملة والجملة مبنية. (محمد أفندي).

٦٩

(إلا إذا) كانت موصولة (حذف صدر صلتها) (١) نحو قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا)(٢) فيمن قرأ (٣) بالضم ، أي : أيّهم هو أشد.

وإنما بنيت موصولة عند حذف صدر صلتها لتأكيد شبهها بالحرف من جهة الاحتياج إلى أمر غير الصلة ، وبنيت على الضم تشبيها لها بالغايات ؛ لأنه حذف منها بعض ما يوضحها كما حذف من الغايات ما بينها ، وهو المضاف إليه.

ولم يستثن (٤) الموصوف لبنائها مثل : (يا أيها الرجل) كما استثنى التي حذف صدر صلتها ؛ لأنه ذكر في قسم المنادي : إن كل ما يقع منادى مفردا معرفة فهو مبني وبناء الموصوفة لهذا فلا حاجة إلى الذكر ثانيا.

(وفي قولهم (ماذا صنعت؟) (٥)

__________________

(١) إذا كانت صلتها فعلية فلا يبنى معها وإن كانت اسمية وحذف صدرها أعني المبتدأ بشرط أن يكون ذلك الصدر ضميرا راجعا إلى أي : فإن كان مضاف يبني على الضم وأجاز سيبويه الإعراب وقال هذه لغة جيدة وإن لم يكن مضافا فالإعراب وأجاز بعضهم البناء قياسا لا سماعا. (عبد الغفور).

(٢) من كان إذ عصى وأعتى منهم فنظر فيها وفي ذكر الأشد تنبيه على أنه تعالى يعفو عن كثير من أهل العصيان ولو خص ذلك بالكفر فالمراد أنه يميز طوائفهم أعتاهم ويطرحهم في النار على الترتيب ، ويدخل كل طبقتها التي تليق بهم وأنه مبني على الضم عند سيبويه ؛ لأن حقه أن يبنى كسائر الموصولات لكنه أعرب جملا على كل وبعض للزوم الإضافة فإذا حذف صدر صلته زاد نقصه فعاد إلى حقه منصوب المحل بنزعن. (قاضي).

(٣) وأما قول الخليل : باد ، أي : في الآية ليست موصولة بل هي استفهامية مرتفعة على الابتداء وأشد خبرها وحينئذ يكون ارتفاعها على الحكاية بتقدير القول فضعيف ؛ إذ قلما يصار إليه في سعة الكلام لعدم اطراد ذلك وكذا قوله : يونس بالتعليق ؛ إذ لا يعرف تعليق المؤثر من الأفعال. (عافية شرح الكافية).

(٤) شروع في بيان الفرق بين كونها موصولة وموصوفة حيث استثنى الأول ولم يتعرض للثاني فقال : (ولم يستثن ... إلخ). (عوض).

(٥) وذا لا يجيء موصولة ولا زائدة إلا بعد ما من الاستفهاميتين والأولى فيما ذا هو ومن ذا هو خير منك الزيادة ويجوز على بعد أن يكون بمعنى الذي أي : الذي هو على حذف المبتدأ وأما قولك : من ذا قائما فذا فيه اسم إشارة لا غير ويحتمل أن فيمن ذا الذي أن تكون زائدة وأن تكون اسم إشارة كما في قوله تعالى : من (هذَا الَّذِي)[الملك : ٢٠] فإن هذا التنبيهية تدخل على اسم الإشارة. (رضي الدين).

٧٠

وجهان : أحدهما) أن معناه (ما الذي) (١) على أن يكون (ذا) بمعنى (٢) الذي ، فيكون التقدير : أي شيء الذي صنعت؟ أي : صنعته.

ف : (ما) : مبتدأ وما بعده خبره أو بالعكس (و) حينئذ (جوابه رفع) أي : مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف كما إذا قلت : الإكرام أي : الذي صنعته الإكرام ليكون الجواب مطابقا للسؤال في كون كل منهما جملة اسمية (٣).

(و) الوجه (الآخر) أن معناه (أي شيء) وهاهنا عبارتان أحداهما أن (ماذا) بكمالها بمعنى : أي شيء و (ذا) زائدة والظاهران مؤداهما واحد.

فإن معنى قولهم : إنها بكمالها بمعنى (أي شيء) (و) حينئذ (٤) (جوابه نصب) أي : منصوب على أنه مفعول لفعل محذوف (٥) ، كما إذا قلت : (الإكرام) ليكون الجواب مطابقا للسؤال في كون كل منهما جملة فعلية ويجوز في الأول (٦) نصب الجواب بتقدير الفعل المذكور وفي الثاني رفعه على أن يكون خبر مبتدأ محذوف.

ولم يعتبره المصنف لفوات المطابقة بين السؤال والجواب.

__________________

(١) أن يكون ذا بمعنى الذي لكون ما للاستفهام وصنعت صلتها والعائد محذوف فيكون التقدير ما الذي صنعت.

(٢) ولقائل أن يمنع مجيء ذا موصولة ويحكم في نحو ماذا صنعت بزيادتها أن قلت : رفع الجواب ورفع البدل عما يدل على أن الجملة الاسمية قلنا جاز أن يكون ما مبتدأ وذا مزيدة والفعل خبرا لما بتقدير العائد وفيه أن حرف الضمير من خبر المبتدأ قليل دون صلة الموصول. (لاري).

(٣) يؤيده أن ما نقلناه من الرضي من أن ذا موصولة أو زائدة. (لاري).

(٤) قال وحينئذ نصب هذا إذا كان بعد ذا فعل ناصب لما قبله أو مشتغل عنه بضمير أو متعلقه أما إذا لم يكن كذلك نحو ماذا عرض عليهم وماذا فلهم فالرفع لازم سواء جعلت ذا موصولة زائدة. (عبد الغفور).

(٥) إذا لم يقدر في صنعت ضمير منصوب للمفعولية أما لو قدر ذلك فيكون من باب المضمر عامله على شريطة التفسير فيكون في التقدير ماذا صنعته. (خبيصي).

(٦) قوله : (ويجوز في الأول ... إلخ) فرفع الجواب في الأول ونصب الجواب في الثاني بطريق الأولى والحسن كما قالوا محافظة على مطابقة الجواب للسؤال لا على طريق الوجوب كما هو ظاهر عبارة المنن إلا أنه في منه يوافق ما قالوا. وجيه الدين ع أي الراجح من العبارتين هي الأولى.

٧١

(أسماء الأفعال) (١)

(ما كان) أي اسم (٢) كان (بمعنى (٣) الأمر أو الماضي) اللذين هما من أسماء المبني الأصل.

فعلة بنائها كونها مشابهة لمبني الأصل.

فما قيل : إن (أف) بمعنى : أتضجر. و (أوه) بمعنى : أتوجع. فالمراد به : تضجرت وتوجعت ، غبّر عنه بالمضارع الحالي ؛ (٤) لأن المعنى على الإنشاء (٥) وهو الأنسب بأن يعبر عنه بالمضارع الحالي (مثل : (رويد (٦) زيدا) أي : أمهله) مثال لما هو بمعنى الأمر) (و (هيهات (٧) ...

__________________

(١) إذا كان ما عبارة عن الاسم فحصل الاحتراز عن نفس الأمر ونفس الماضي فإن قلت : أليس هذا التعريف منقوضا باسم الفاعل والمفعول إذا كانا بمعنى الماضي قلت : لا ؛ لأن المراد ما كان بمعنى وأحدهما بلا قرينة وشيء منهما ليس كذلك. عوض أفندي.

(٢) قوله : (ما كان) أي : اسم كان الظاهر أي : أسماء يقال كان هذه يحتمل التمام والنقصان والصيرورة والزيادة ولا يخفي أن الثالث النسب ومن حق أسماء الأفعال أن لا يكون لها إعراب كالماضي والأمر وقيل هي مرفوع المحل بالابتداء فهو مبتدأ فاعله سد مسد الخبر كما في قولنا أقائم زيد وهذا هو الذي اختاره المصنف في إيضاح المفصل وإن فاته بيان المبتدأ في هذا الكتاب وقيل مصادر منصوبة بأفعال محذوفة وينافي تقدير الفعل كونها اسم فعل. (عصام الدين).

(٣) والظرف خبر كان أو حال من المستكن فيه إن كان تاما بمعنى ثبت والجملة صفة ما أوصلته.

(٤) والمضارع الحالي يحتمل أن يكون إخبارا أو إنشاء.

(٥) لأن الإنشاء وإن لم يعتبر له خارج تطابقه أولا تطابقه إلا أن مدلولة واقع في الحال نحو بعت فإن البيع واقع في الحال وإن لم يعتبر مطابقته لما في الواقع وحكاية عنه.

(٦) في الأصل تصغيرا رواد أي : وفق تصغير الترخيم أرفق رفقا وإن كان صغيرا قليلا ويجوز أن يكون تصغير ورد بضم الراء وسكون الواو بمعنى الرفق عدى إلى المفعول به مصدرا أو اسم فعل بتضمينه الإمهال وجعله بمعناه ونحو رويدك زيدا يحتمل أن يكون اسم فعل والكاف حرف جر وإن يكون مصدرا مضافا إلى الفاعل (محشي).

ـ مثال المتعدي ونظيرها ما كان بمعنى الأمر فزيد مفعول رويد وهي مرفوعة المحل على الابتداء يسند الفاعل مسد الخبر كقائم الزيدان على الرأي : وفيه أن معنى الفعل يمنع الابتدائية وفيه أنا لا نسلم إن هذا النوع من المبتدأ ينافيه معنى الفعل لكونه مسندا به مسندا إليه.

(٧) أي : بضم التاء للتيسير بقوة الحركة على قوة معنى البعد وكان القياس على تقدير أن أصله ـ

٧٢

ذاك) بفتح التاء في الحجازية وبكسرها في بني تميم وبالضم (١) لغة بعضهم (أي : بعد) مثال لما هو بمعنى الماضي.

وقدم الأمر ؛ لأن أكثر أسماء الأفعال بمعناه.

والذي حملهم على أن قالوا : إن هذه الكلمات وأمثالها ليست بأفعال مع تأديتها معاني الأفعال (٢) ، أمر لفظي ، وهو أن صيغها مخالفة لصيغ الأفعال وأنها لا تتصرف تصرفها لا أنها موضوعة لصيغ الأفعال على أن يكون (رويد) مثلا موضوعا لكلمة (أمهل).

قال الشارح الرضي : (وليس ما قال بعهم إن (صه) مثلا اسم للفظ (اسكت) الذي هو دال على معنى الفعل ، فعل فهو علم للفظ الفعل لا لمعناه ، بشيء إذ العربي القح ربما يقول (صه) مع أنه لم يخطر بباله لفظ (اسكت) ربما لم يسمعه أصلا) ولهذا قال المصنف :

ما كان بمعنى الأمر أو الماضي ، ولم يقل (٣) ما كان معناه الأمر أو الماضي. والمتبادر أن يكون هذا بحسب الوضع (٤) فلا يرد مثل : الضارب أمس ، نقضا على التعريف.

(وفعال) (٥)

__________________

ـ هيهية كزلزلة أن لا يقف عليها إلا بالهاء لكن يوقف عليها في الأكثر بالتاء تنبيها على إلحاقها بالأفعال فكان تاءها تاء قامت.

(١) مثال اللازم نظير ما كان بمعنى الماضي وأشار بالمثالين إلى تقسيم أسماء الأفعال إلى ما كان بمعنى الأمر أو الماضي وإلى ما كان متعديا أو لازما وإلى ما كان المنقول عنه مستعملا فيه أولا. (هندي).

(٢) أي : لكونه ليس بشيء أو لكونه أسماء الأفعال غير موضوعة لألفاظ الأفعال (المحرره).

(٣) لأنه يفهم منه أن معناه لفظ الأمر والماضي بخلاف قوله : (بمعنى الأمر والماضي) فإنه يفهم منه أن معناه ومعنى الأمر والماضي واحد والمتبادر من قوله : ما كان بمعنى الأمر والماضي أنه كذلك بحسب الوضع ؛ لأنه بصدد بيان الأوضاع فلا ينتقض التعريف بمثل ضارب أمس ؛ لأنه بمعنى الماضي بحسب الاستعمال والقرينة لا بحسب الوضع. (وجيه الدين).

(٤) أي : دلالة الأسماء الأفعال على معنى الأفعال وإن كان وضعا ثانيا. كامل.

(٥) عطف على رويد كنزال بمعنى أنزل من كل اسم وتراك بمعنى اترك ذكر مثالين الأول ـ

٧٣

أي : ما يوزن (١) ب : (فعال) الكائن (بمعنى الأمر) المشتق (٢) (من الثلاثي) المجرد (قياس) أي : قياسي (ك : (نزال) بمعنى (انزل).

قال سيبويه هو مطرد في الثلاثي المجرد ويرد (٣) عليه أنه لا يقال : (قوام) و (قعاد) في (قم ، واقعد) فلهذا يؤل بعضهم قول سيبويه بأنه أراد بالاطراد الكثرة فكأنه قياس لكثرته.

وأما في الرباعي فاتفقوا على أنه لم يأت منه إلا نادرا (٤).

(وفعال) حال كونه (مصدرا (٥) معرفة (فجار) بمعنى (٦) (الفجرة أو الفجور) قال الشارح الرضي (هو على ما قيل : مصدر مؤنث ولم يقم لي إلى الآن دليل قاطع على تعريفه ولا تأنيثه) (٧).

__________________

ـ لازم والثاني متعد وفعال قياس في الأفعال الثلاثية عند سيبويه كضراب وقياس بمعنى اضرب وقتال بمعنى اقتل وقلت في الرباعي كقرقار.

(١) يعني : أن المراد بفعال مسماه وهو الموزون مثل نزال وتراك. (وجيه).

(٢) يعني أن قوله : (من الثلاثي صفة للأمر ولا يخفى أن تقدير المشتق الصق من تقدير الكائن.

(٣) وقال المبرد فعال في الأمر الثلاثي مسموع فلا يقال قوام وفعاد في قم واقعد وليس لأحد أن يبتدع صيغته لم يلقها العرب قال الأندلسي منع المبرد أقوى فالأولى أن يؤل ما قال سيبويه بأنه أراد بالإطراد الكثرة فكان قياس لكثرته. (وجيه الدين).

(٤) وهو كلمتان قرقار أي : صوت من التصويت وعرعار أي تلاعبوا بالوعرة وهي لقبة للصبيان وقال المبرد قرقار حكاية صوت الرعد وعرعار حكاية صوت الصبيان ؛ لأن الصبي إذا لم يجد أحدا رفع صوته فقال عرعار فإذا سمعوا خرجوا إليه وتلعبوا بتلك اللعبة وفيه أن الحكاية لا تغير فلو كان صوتين لقيل قرقار وعرعار كغاق فاق وعند الأخفش جعلا أمرا من الرباعي قياس. (وجيه الدين).

ـ معناه أن اسم الفعل بمعنى الأمر لم يوجد من الرباعي إلا نادرا إلا أن فعال بمعنى الأمر لم يأت من الرباعي وما ذكر من قرقار وعرعار ليس فعال كما لا يخفي. (عصام).

(٥) قال المصنف في الشرح كما كان في المبنيات ما يوافق الصيغة وإن لم يكن من أسماء الأفعال ذكر معه ولم يجعل له بابا آخر كما فعل في ما الاستفهامية والشرطية والموصوفة على ما تقدم. حاشية ج.

(٦) وأشار الشارح بقوله : (بمعنى الفجرة أو الفجور) إلى وقوع التردد بين كونه مستعملا في المؤنث وأيده بما نقله صفة مصدرا. عبد الله أيوبي.

(٧) وقال أيضا أن من كان مذهبه إن جميع أوزان فعال أمر أو صفة أو مصدرا أو علما مؤنثا ـ

٧٤

(و) حال كونه (صفة لمؤنث ، (١) مثل : (يا فساق) (٢) بمعنى : يا فاسقة (مبني) أي : كل واحد من القسمين الأخرين مبني (لمشابهته له) أي : ل : (فعال) بمعنى الأمر (عدلا (٣) وزنه) أما زنة فظاهر وأما عدلا فلما ذهب إليه النحاة أن (فعال) بمعنى الأمر معدول عن الأمر الفعلي للمبالغة وهذه الصيغة للمبالغة في الأمر. ك : (فعال) و (فعول) للمبالغة في (فاعل).

قال الشارح الرضي : (والذي أرى (٤) كون أسماء الأفعال معدولة عن ألفاظ الفعل شيء لا دليل لهم عليه.

كيف؟ والأصل في كل معدول عن شيء أن لا يخرج عن النوع الذي ذاك (٥) الشيء(٦) منهن فكيف خرج الفعل بالعدل من الفعلية إلى الاسمية؟

وأما المبالغة فهي ثابتة في جميع أسماء الأفعال).

وبين وجهها في كلام طويل فمن أراد الاطلاع عليه فليرجع إليه.

__________________

ـ فإذا سمي بها مذكر وجب عدم انصرافها ويجوز عند النحاة جعلها منصرفة وهذا منهم دليل على ترددهم في كونها مؤنثة. (عبد الغفور).

(١) لم يجئ في المذكر وجميعها تستعمل من دون موصوف وتستعمل أما لازمة للنداء سماعا نحو يا فساق وأما غير لازمة له وهي على ضربين أحدهما ما صار بالغلبة علما جنسيا نحو جياز للمنية وهي في الأصل لكل ما يجيد أي ثم اختصت بالغلبة بجنس المنايا والضرب الثاني ما بقي على وضعيتها نحو قطاط أي : قاطة. (كافية).

(٢) وفي إيراده بحرف النداء تنبيه على ذلك بنداء المؤنث.

(٣) أي : من جهة وجوب العدل في كل منها أما في فجار وفساق فلأنهما معدولان عن الفجور أو الفجرة عن فاسقة وأما في فعال الذي بمعنى الأمر فلأنه معدول منه للمبالغة. عوض أفندي.

(٤) على صيغة المتكلم المجهول من أرى أراءة أي : أظن وقد حقق في محله أن الإراءة وما يشتق منها إذا استعملت على صيغة المجهول يكون بمعنى الظن كقوله : (إن الذين ترونهم إخوانكم).

(٥) فيرد عليه أن ثلث عدل من ثلثة ثلثة وثلثة ثلثة بتمامها ليست أسماء بل لفظا مركبا من اسمين وخرج عن التركيب إلى الاسمية إلا أن يقال المراد أن الأصل أن لا يخرج عن نوع أصله أو نوع ما التأم منه أصله ومادة النقض من قبيل الثاني فلا نقض. (عصام).

(٦) يعني : إن كان من نوع الاسم فالواجب في المعدول أن يكون اسما أيضا فإذا كان الأصل في كل معدول أن يكون كذلك.

٧٥

(و) (فعال) (١) حال كونه (علما (٢) للأعيان) (٣) أي : لعين من الأعيان.

إنما قال : علما ليخرج (باب فاق) وإنما قال : للأعيان ليخرج (باب فجار) لأنه وإن كان علما كما قالوا لكنه للمعاني لا للأعيان.

وقوله (مؤنثا) (٤) ، صفة (علما) وذكره للتنبيه على أنه لم يقع إلا كذلك (ك ـ (قطام) علما لمؤنث (و (غلاب) كذلك (مبني (٥) في) استعمال أهل (الحجاز) لمشابهته (فعال) بمعنى الأمر (٦) عدلا (٧) وزنه (معرب في) استعمال (بني تميم إلا (٨) ما في آخره) أي : إلا في (فعال) علما للأعيان يكون في آخره (راء) فإن (٩) بني تميم اختلفوا فيه ،

__________________

(١) حال من ضمير مبني وقوله : (معرب) مستغن عن التقييد به لجعل ضميره إلى الفعال المقيد.

(٢) قال علما الأعيان حال من مفهوم قوله : (مبني في الحجاز معرب في بني تميم) أي : اختلف فيه حال كونه للأعيان وإنما قلنا ذلك ؛ لأنه إن تعلق بالى من قوله : (مبني ومعرب لزم توارد العاملين على معمول واحد وإن تعلق بأحدهما لزم خلو الآخر عن التعلق بهذا الحال اللهم إلا أن يقدر للآخر كما في باب التنازع. فاضل عبد الغفور.

(٣) قال العصام في الشرح قوله : (علما) عطف على مصدرا وقوله : مبني عطف على مبني السابق عطف الشيئين على معمولي عاملين مختلفين فتبع المصنف في هذا التركيب الفراء على خلاف مذهبه أو قدر مبتدأ بعد حرف العطف أي : وفعال علما آه.

ـ قوله : (علما للأعيان) أي : العين والشخص أو لام الجنس يبطل معنى الجمعية فلا يرد ما قيل : أن قطام علما ليس للأعيان فلا يصح التمثيل.

(٤) بيان للواقع وتنبيه على أنه لم يقع إلا كذلك حتى قيل : لو سمي به مذكر لكان معربا عافية.

(٥) قوله : مبني ومعرب بمعنى خبر واحد أي : مختلف في إعرابه وبنائه الاستثناء من قوله : (وفعال علما للأعيان) بمعنى ما يوازنه بفعال فيكون عاما فيستثنى منه ما خرج عن حكمه وهو الاختلاف في إعرابه وبنائه. (هندي).

(٦) فيه أن هذا القسم أما علم مرتجل أو منقول عن الوصفي فإن كان منقولا راعوا معناه الأصلي وكان فيه المبالغة وإن كان مرتجلا حملا على المنقول ؛ لأنه أكثر من غيره. (عبد الغفور).

(٧) وإن كان ذلك العدل فيه تقديرا ؛ إذ ليس لقطام قاطمة وغلاب غالبة عدلا عنهما تحقيقا وإنما احتاجوا إلى إثبات ذلك العدل ليتحقق المشابهة بنزال ليكون الأخوات على سنن واحدة قال المصنف وإنما وجب المصير إليه للعلم بأنهم لا يبنون إلا لمانع من الإعراب ولا مانع يمكن سوى ما قدروا.

(٨) استثناء من مستكن معرب يعني معرب كل ما كان على هذا الوزن عندهم إلا.

(٩) دليل للاستثناء يعني إنما يستثنى من هذا الحكم ما في آخره راء فإن بني تميم. (عبد الله أفندي). ـ

٧٦

فأكثرهم يوافقون الحجاز بين في بنائه ، وأقلهم لا يفرقون بين ذات الراء وغيرها بل يحكمون بإعراب الكل (نحو (حضار) علما لكوكب وجه الأكثرين : أن الراء حرف مستثقل لكونه في مخرجه كالمكرر.

فاختير فيه البناء ؛ لأنه أخف إذ سلوك طريقة واحدة أسهل من سلوك طرائق مختلفة.

(الأصوات) (١)

اعلم أن الأصوات (٢) الجارية على لفظ الانسان إما منقولة إلى باب المصادر ولزمت المصدرية ولم تصر اسم فعل.

فالأول مثل : (واها) للتعجب وحكمه حكم المصادر.

والثاني مثل : صه ، ومه وحكمه حكم أسماء الأفعال.

__________________

ـ فمعنى قول المصنف ومعرب في استعمال تميم أي : في استعمال بني تميم كلهم إلا في آخره راء فإنه ليس بمعرب في استعمال كلهم وإنما هو معرب في استعمال أقلهم. (وجيه).

ـ والحجازيون ينظرون إلى تحقيق الموجب للبناء فيبنون وعلة بنائها قوة شبهها بالواقع موقع المبنى ألا يرى أن يسار كنزال من وجهين أحدهما من حيث اللفظ فيسار كنز من حيث الحركات والسكنات وثانيها أن يسار معدول عن المسيرة كما أن نزال معدول عن انزل وبنو تميم ينظرون إلى الأصل الأسماء إذا الأصل فيها الإعراب والسبب الطارئ مغلوب عند اعتبار الأصل وقد يتحقق فيها العدل والعلمية فيمتنع من الصرف كسائر الأسماء الممتنعة من الصرف. (حاشية مفصلة).

(١) والمشهور أن الأصوات ليس قسما من أقسام الكلمة ؛ لأنه لا وضع فيها وإنما بحث عنها في أقسام الكلمة المبنية لمشاكلتها بالمبنى. (فتح الأسرار).

(٢) اعلم أن المراد من الأصوات هنا ليس مطلق الأصوات بل ما يكون من ألفاظ أسماء يكون في الأصل أصواتا ساذجة لا كلمات دالة على معان وكذا قال المصنف في تعريفها. (عوض).

ـ قوله : (اعلم أن الأصوات الجارية على لفظ الإنسان) بل لفظ العرب إما الزجر أو الدعاء أو غير ذلك من تسكين البهيمة أو حمله على الشرب أو إتاحته كما إذا قلت : نخ لا ناخة البعير.

ـ ولما كان لفظ الأصوات الذي هو المعدود من المبينات أخص من مطلق الأصوات احتاج إلى مقدمة تبين لها أنواعها وظهر من تلك الأنواع ما هو معرب وما هو مبني عنها فأراد الشارح أن يذكر تلك المقدمة. عبد الله أيوبي.

٧٧

وأما غير منقولة بل باقية على ما كانت عليه حين كونها أصواتا ساذجة ولم تصر مصادر وإلا أسماء أفعال وهي على أنواع.

فمنها : ما يعرض للإنسان عند عروض معنى له ، كقول المتندم (١) أو المتعجب (وي) وحينئذ (٢) لا يقدر (٣) أن يحكم عليه بشيء أو به على شيء.

ومنها : ما يجري على لفظ الإنسان على سبيل الحكاية بأن يصدر من نفسه ما يشابه صوت شيء كما إذا قلت : (غاق) قاصدا لإصدار ما يشابه صوت الغراب عن نفسك وحينئذ (٤) أيضا لا يقدر أن يحكم عليه أو به.

ومنها ما يصوت به لأجل حيوان إما لزجر أو دعاء أو غير ذلك كما إذا قلت : (نخ) لا ناخة البعير وحينئذ أيضا أن يحكم عليه أو به.

وهذه الأقسام كلها مبنيات ؛ لانتفاء التركيب فيها ، وإذا تلفظ بها على سبيل الحكاية. كما إذا قلت : (قال زيد عند التعجب وي ، (٥) أو عند اناخة البعير (نح) أو غاق عند حكاية صوت الغراب.

فهي في هذه الحالة أيضا (٦) مبنية لكن لا من حيث أنها أصوات بل من حيث أنها حكاية عنها.

__________________

(١) تعرض له الندامة وأراد إظهارها أو المتعجب أي : من يعرض له إدراك أمر غريب وينشأ منه التعجب فأراد إظهارها.

(٢) قوله : (وحينئذ لا تقدر أن تحكم عليه وبه) لأن وضعه على إظهار الندم أو التعجب أو الوجع كما في أخ وكذا وضع عاق على حكاية لا غير ووضع نخ ونحوه لأسماء هذا الصوت مجرى العادة بإناخته عنده فلم يحتج باعتبار المعنى الذي وضعت له إلى جزء آخر مركب معه حتى يحكم عليه أو به فإن وقع شيء مركب من هذا الباب. (وجيه الدين).

(٣) لأن وضعه لإظهار الندم أو التعجب أو الوجع كما في أخ فلم يحتج باعتبار المعنى الذي وضع له إلى جزء آخر يركب معه حتى يحكم عليه أو به.

(٤) أي : حين تجري على لفظ الإنسان على سبيل الحكاية أي : المشابهة.

(٥) وهي كلمة تعجب نقول ويك ووي لزيد وتدخل على كان المخففة والمشددة ووي يكنى بها الويل وقوله تعالى: (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ)[القصص : ٨٢] زعم سيبويه أنها وي مفصولة من كأن ، وقيل : معناه الم ترو ، قيل : اعلم ، وقيل : ويلك. (قاموس).

(٦) وتصلح أن تكون محكوما عليها وبها ؛ لأنها أسماء ، واعلم أن كل كلمة يتلفظ بها على سبيل الحكاية فهو مبنية.

٧٨

والمراد بالأصوات ههنا (١) : ما كانت باقية على ما هي عليه من غير نقلها على سبيل (٢) الحكاية (٣) وهي بهذا الاعتبار ليست بأسماء لعدم كونها دالة بالوضع وذكرها (٤) في باب الأسماء لإجرائها مجراها وأخذها حكمها وبنيت لجريها مجرى مالا تركيب فيه من الأسماء.

فالأصوات بهذا الاعتبار (كل لفظ) إنما قال (لفظ) ولم يقل اسم لعدم الوضع فيها، كما عرفت.

(حكى (٥) به صوت) أي : صدر (٦) على لسان الإنسان تشبيها بصوت شيء كما عرفت في القسم الثاني من الأصوات الغير المنقولة.

(أو صوت به للبهائم) (٧) ...

__________________

(١) وإنما سميت أصواتا ولم يسم سائر أقسام الكلمة أصواتا مع أنها من جنس الأصوات لكونها موضوعة لمعنى.

(٢) بأن جعلت مقول القول لعدم كونها دالة بالوضع لما أن الأول دال بالطبع وأن الثاني حكاية الصوت وإصدار على لسان الإنسان تشبيها بشيء ولا يخفى أنه ليس بموضوع وكذا الثالث ؛ لأنه لم يوضع لإناخة البعير وإنما هو مجرى عادة الله بإناخته عند إسماعه. (وجيه الدين).

(٣) والحق أن المراد بالأصوات وكذا كل قسم من أقسام المبني ما يشمل المراد به نفسه والمستعمل بما هو الغرض منه وإلا لكان بيان المبنيات في الكتب النحوية قاصرا وتعريف الأصوات يشمل كلها باعتبار الحكاية بها ؛ لأنه يصدق على الجميع حكى به صوت. (عصام).

(٤) جواب سؤال ورد على قوله : (ليست بأسماء) بأنها إذا لم تكن أسماء ينبغي أن لا تذكر في عداد الأسماء فأجاب عنه بما ترى. (أيوبي).

(٥) لم يقل ما حكى به صوت كالبيضاوي لئلا يتبادر منه اسم لشيوع إعادته منه ؛ لأنه ليس اسما بل لفظا لم يوضع ولا سبيل إلى كونه كلمة فضلا عن كونه اسما.

(٦) قوله : (أي : صدر ... إلخ) إنما فسر بذلك ؛ لأن حقيقة الحكاية لا يتأتى هاهنا إذ شرط الحكاية أن يكون مثل المحكي وهذه الألفاظ مركبة من حروف صحيحة محركة بحركات صحيحة وليس المحكي كذلك والحيوانات والجمادات لا يحسن الإفصاح بالحروف إفصاح الإنسان. (وجيه الدين).

(٧) قال بعض النحاة : هذا القسم داخل في أسماء الأفعال وارتضاه المرتضى وأرى أن الحق لدخوله في حدها بقي قسم ثالث للصوت وهو لفظ غير موضوع صادر عن الإنسان ودال على معنى الطبع كنخ عند الإعجاب ووي للمتندير وآه للمتوجع وأخ للسعال وهذا القسم ليس بكلمة وحكم آخره على ما تقتضيه الطبع فإذا حكى دخل في القسم الأول وقد سبق الكلام.

٧٩

يعني مثلا (١) أي : ؛ لإناختها أو زجرها أو دعائها أو غير ذلك.

وإنما قلنا : مثلا ؛ لأن المتبادر من البهائم ذات القوائم الأربع فلا يتناول ما هو للطيور، بل لبعض أفراد الإنسان أيضا كالصبيان والمجانين.

وإذا كان ذكرها على سبيل التمثيل يتناول التعريف كلها.

(فالأول ك : (غاق) (٢) إذا صوت به إنسان (٣) تشبيها بالغراب.

(والثاني ك : (نخ) مشددة أو مخففة عند إناخة البعير.

ولم (٤) يذكر المصنف القسم الأول ، وهو ما كان صوت الإنسان ابتداء من غير تعلق. بالغير.

قيل (٥) : ذلك ؛ لأنه لما كان هذان القسمان مع تعلقهما بالغير ملحقين بالأسماء المبنية كان كون ذلك القسم كذلك أولى لكونه صوت الإنسان من غير (٦) تعلق بغيره (٧)

__________________

(١) قوله : (يعني مثلا) الأولى لا يجعل ذكر البهائم للتمثيل حتى يشمل الطيور وغيرها بل يجعل التعليل ليشمل من دواعي أخرى للتصويت به من قضاء تعجب أو تسكين توجع أو تخفيف تحسر فيشمل القسم الأول أيضا بتكلف واحد لابد منه لغير دخول هذا القسم. (عصام).

(٢) وطاق حكاية صوت الضرب وطق بفتح الطاء وكسرها وسكون القاف حكاية وقع الحجارة بعضها ببعض وقب حكاية وقع السيف وشب حكاية مشا فر الابن عند الشرب.

(٣) أي : يصوت به لا على سبيل الحكاية عن إنسان بل عن الغراب نفسه. (أيوبي).

(٤) ولما قسم الشارح فيما سبق الغير المنقولة إلى ثلثة أنواع وأدخل الكل في الأصوات المبنيات حيث قال كلها مبنيات والمصنف لم يذكر إلا تعريفي القسمين الأخيرين والشارح أراد أن يذكر وجه ترك الأول على سبيل المثال فقال ولم يذكر.

(٥) فقوله قيل : إما بالباء الموحدة مقابل بعد وهو المناسب للسياق وإما بالياء المنقوطتين مجهول ، قال : أي : قيل : في الجواب ذلك أي : سبب ترك المصنف القسم الأول ؛ لأنه لما كان ... إلخ.

(٦) حاصل التوجيه أن البناء من خواص الأسماء وهذه الأصوات ليست بأسماء لعدم وضعها لمعنى كما سبق إلا أنها ألحقت بالأسماء المبنية والقسم الأول أولى لكونه صوت الإنسان من غير تعنق بغيره بوهم ذلك التعلق أنه من جنس أصوات الحيوانات لتكلم فيما بينها أو تحكى فيما بينها من غيرها التي ليست من الأسماء المبنية. (وجيه الدين).

(٧) من الحيوانات والجمادات كوى للمتعجب فإنه بمقتضى الطبع من غير نظر إلى الغير في ـ

٨٠