شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

(الحرف)

(ما دل على معنى في غيره) (١) أي : كلمة دلت على معنى حاصل في غيرها متعقل(٢) بالنسبة إليه ، أي : لا يكون (٣) مستقلا بالمفهومية بحيث (٤) لا يصلح ؛ لأن يحكم عليه أو به ، بل لا بدله في ذلك من انضمام أمر آخر إليه.

(ومن ثمة) أي : لأجل أنه يدل على معنى في غيره (احتاج في جزئيته) (٥) للكلام

__________________

ـ المال لا زيد وهو بعينه أن الراكب حال عن الفاعل لا عن المخصوص فالصحيح فالراكب حال من الفاعل لا عن المخصوص كما في بعض النسخ. (عصام الدين).

(١) وفي بمعنى الباء أي : الحرف ما دل على معناه باستعانة غيره حتى لو قلت : خرجت من لا يحصل لمعنى حتى يذكر البصرة مثلا. (أمير).

(٢) قوله : (متعقل بالنسبة إليه) صفة كاشفة لحاصل في غيرها فإن حصول المعنى في غير الكلمة يحتمل أن يكون باعتبار اتصاف الغيرية وأن يكون باعتبار دلالته عليه وأن يكون باعتبار تعلقه بالنسبة إليه. (حكيم).

(٣) تفسير لقوله : (متعلق بالنسبة إليه) أي : ليس المراد بكونه متعقلا بالنسبة إلى الضمير أن تعقله يستلزم تعقل النسبة إلى الغير وتقتضيه حتى يرد على معنى التعريف بالأسماء الموضوعة بالمعاني الإضافية كالابتداء المطلق والأبوة والبنوة مثلا بل أن لا يكون ذلك مستقلا بالمفهومية ويكون آلة لملاحظة ذلك الغير متعقلا تبعية لا قصدا وبالذات فلا يصلح أن يكون محكوما عليه وبه. (حاشية).

(٤) قوله : (بحيث) متعلق بالمعنى أن المراد بعدم الاستقلال أنه لا يصلح ؛ لأن يحكم عليه بأن يكون مبتدأ وفاعلا أو ؛ لأن يحكم به بأن يكون مسندا إلى غيره بأن يكون فعلا أو خبرا. (محرم).

ـ قوله : (بحيث يصلح) متعلق بالمنفى أعنى الاستقلال بالمفهومية وفي أكثر النسخ لا يصلح في يتعلق بالنفي أعني لا يكون. (حسن أفندي).

(٥) أي : في كونه جزأ من الكلام فإن يصح أن يكون جزأ من الكلام وأن لم يصح أن يكون ركنا. (هندي).

ـ قوله : (في جزئيته للكلام) بخلاف الاسم والفعل فإنه لا يحتاج أحدهما إلى الآخر في الجزئية بل في تأتي الكلام ومن هذا ظهر وجه التخصيص بالكلام واندفع ما قيل : الأولى أن يقال في جزئيته لما تقاربه شيء كلا ما كان أو مركبا ناقصا. (س).

ـ أي : في أن يصبر حزأ من الكلام من مسندا ومسند إليه ؛ لأن دلالته على معناه الإفرادي مشروط بذكر متعلق. (أمير).

٣٦١

ركنا (١) كان أو غيره (إلى اسم) يتعقل (٢) معناه بالنسبة إليه ، نحو : (من البصرة) (أو فعل) (٣) كذلك نحو : (قد ضرب).

(حروف الجر)

(ما وضع للإفضاء بفعل) أي : إيصاله (٤).

فإن (٥) معنى الإفضاء الوصول ولما عدي بالباء صار معناه الإيصال.

(أو معناه) أي : معنى الفعل وهو كل شيء استنبط منه معنى الفعل كاسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والمصدر والظرف (٦) والجار والمجرور وغير ذلك.

(إلى ما يليه) (٧) سواء كان اسما صريحا ، مثل : (مررت بزيد) و (أنا مارّ بزيد) أو كان في تأويل الاسم كقوله تعالى : (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) [التوبة : ١١٨] أي : برحبها.

__________________

(١) من ذلك الكلام اعتني المحكوم عليه وبه هذا مخالف لما حققه الشريف الفاضل في بعض مصنفاته من حاشية للطول والرسالة الحرفية من أن الحرف لا يكون محكوما عليه ولا به لا وحده ولا مع غيره وأن كان موافقا لما قال في الصغرى في تقسيم اللفظ إلى الكلمة والاسم والأداة فعليك بالتأمل الصادق. (أمير).

(٢) قوله : (يتعقل) معناه قيد الاسم والفعل بهذا القيد بقرنية المقام لئلا يرد الموصولات فإنها محتاجة في الجزئية إلى اسم أو فعل لكن ليس كذلك مما يتعقل معناها بالنسبة إليه لكون معانيها مستقلة بالمفهومية. (حكيم).

(٣) الحرف قد يحتاج إلى المفرد كما في حروف الجر وقد يحتاج إلى الجملة كحرف النفي والاستفهام والشرط وقد يحذف المحتاج إليه في نعم ولا وكان قد خرجت ولما. (رضي).

(٤) ولعله أراد أن هذا أثر الإيصال وعلامته وإلا فالإيصال أن يتعلق معنى الفعل بما يليه كما تعلق المرور بزيد كما أشار الشارح فيما سيأتي بقوله : أو لأن أثرها فيما يليه الجر. (ك).

(٥) إشارة إلى تفسير الإفضاء بالإيصال يعني أنه يصح أن يفسر الإفضاء بالإيصال فإن. (أيوبي).

(٦) قوله : (والظرف والجار) نحو : قولك : زيد عندك في الدار لإكرامك فاللام في إكرامك يعدى الظرف إلى إكرامك وهو في الحقيقة معد للفعل المقادر أو شبهه ؛ لأن التقدير شبهة جاز أن يقال أن الجار معدى للظرف.

(٧) وإنما قال : (ما يليه) ولم يقل إلى اسم يليه ليتناول قوله تعالى : (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ)[التوبة : ١١٨] فإن المضاف إليه هاهنا هو الفعل وإن كان في تقدير الاسم. (رضي).

٣٦٢

وسميت (١) هذه الحروف حروف الإضافة أيضا ؛ لأنها تضيف الفعل أو معناه إلى ما يليه ، وحروف الجر ؛ لأنها تجر معاني الأفعال إلى ما يليه ، أو لأن أثرها فيما يليه (٢) الجر.

(وهي) (٣) أي : حروف الجر (من ، وإلى ، وحتى ، وفي) ذكر هذه الحروف على سبيل الحكاية (٤) ؛ لأنها ليس لها أسماء خاصة (٥) يعبر بها عنها (والباء واللام) ذكرهما باسميها لوجودهما ، وكذلك ذكر الواو والتاء والكاف بأسمائها حيث وجدت بخلاف ما بقي منها.

(ورب واوها) أي : الواو التي تقدر بعدها (رب) وفي عدها (٦) من حروف الجر تسامح (٧).

(واو القسم وتاؤه وباؤه وعن وعلى والكاف ومذ ومنذ وحاشا وعدا وخلا) فالعشرة الأول لا تكون إلا حروفا والخمسة التي تليها تكون حروفا وأسماء (٨) والثلاثة

__________________

(١) قوله : (وسميت هذه الحروف) قدمها على بيان وجه التسمية بحروف وإن كان الظاهر يقتضي تأخيرها ؛ لأن العلم بالاسم أهم بالنسبة إلى المتعلم في العلم بوجه التسمية. (حاشية).

(٢) فالجر اسم للإعراب المخصوص اصطلاحا كما في قولهم : (حروف النصب وحروف الجزم. (لاري).

(٣) هذا إشارة إلى عدها وهي ثمانية عشر على ما ذكر. (أمير).

(٤) الحكاية تبدل الشيء من موضع إلى موضع آخر بغير تبدل هيئته وصفته. (لمحرره).

(٥) بل الاسم الذي يعبر عنها إنما هو عام لغيره لحرف الجر وحرف الإضافة. (فاضل أمير).

(٦) قوله : (وفي عدها) أي : على مذهب سيبويه وإما على مذهب الأخفش والكوفيين فهي بمعنى رب جارة بنفسها. (س).

(٧) فإنها لاستلزامها تقدير حرف مطرد وعدم ظهورهما بعدها كأنها الجارة فالمراد من حروف الجر أعم من أن يكون جارة بنفسها أو باستلزامها إياها. (ك).

ـ قوله : (تسامح) ولذا لم يجمع واو القسم معها كما جمع باؤه مع الباءات فرقا بين العدد مسامحة والمعدود حقيقة والأظهر أنه اختار مذهب الكوفيين لم يجمعها مع واو القسم للتصريح بأنها جاره عنده ولذا لم يذكر التأويل مع أن رب مفسر بعدها أيضا ولا يضمر بدون هذه الحروف الثلاثة في الشعر أيضا إلا شاذا. (عصام).

(٨) يعلم ذلك بدخول من على عن وعلى نحو : من عن يميني أي : من جانب يميني ومن عليه أي : من فوقه. (محرره).

٣٦٣

البواقي تكون حروفا (١) وأفعالا.

(ف : (من) للابتداء) أي : لابتداء الغاية (٢).

والمراد بالغاية المسافة إطلاقا (٣) لاسم الجزء على الكل ؛ إذ لا معنى لابتداء النهاية.

وقيل : كثيرا (٤) ما يطلقون الغيبة ويريدون بها الغرض والمقصود.

فالمراد بها الفعل ؛ لأنه غرض الفاعل ومقصوده.

وهذا الابتداء إما من المكان نحو : (سرت من البصرة) أو من (٥) الزمان ، نحو : (صمت من يوم الجمعة).

وعلامة (من) الابتدائية صحة إيراد (إلى) أو ما يفيد فائدتها في مقابلتها نحو : (سرت من البصرة إلى الكوفة) ونحو : (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) (٦) لأن معنى

__________________

(١) لأنه إذا جررت بها ما حرفا جارة وإن نصبت تكون أفعالا. (علي رضا).

(٢) وفي القاموس المسافة البعد فليست المسافة مختصة بالمكان على ما وهم فاعترض بأن تفسير الغاية بالمسافة توجب أن يكون استعمالها في الزمان مجازا وهو خلاف ما صرح به الشارح. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (إطلاقا لاسم الجزء على الكل) يعني أن النهاية جزء للمسافة كالابتداء فأطلق الغاية وأريد المسافة إذا الابتداء لا يكون للانتهاء وإنما هو للمسافة مثلا إذا قلنا سرت من البصرة يكون ابتداء السير من أول المسافة إلى آخرها لا من أول آخر المسافة وهو وارد على الحكاية. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (وكثيرا ما يطلقون الغاية) أي : يستعمل العلماء لفظ الغاية الذي هو يطلق في اصطلاحهم للفائدة المرتبة على الشيء بمعنى الفرض وهو ما لأجله أقدم الفاعل على الفعل وبمعنى المقصود مطلقا فالمراد بالغاية الفعل لعلاقة أنه قد يكون غرضا ومقصودا به كما إذا كان مختارا وليس المراد بالغاية هاهنا الغرض حتى يلزم اختصاص من الابتدائية بالأفعال الاختيارية ولا يصح على القدر من أول النهار إلى آخره على ما وهم. (سيالكوني).

(٥) قوله : (أو من الزمان) اختيار لمذهب الكوفيين من أن من الابتدائية تستعمل في الزمان على الحقيقة ؛ لأنه الظاهر الكثير وقال البصريون أنها للابتداء في غير الزمان سواء أكان المجرور بها مكانا أو غيره نحو : هذا الكتاب من زيد إلى عمرو.

(٦) في الصراح لجأ بفتحتين بناه كرفتن يقال لجأت والتجأت وعدت به ولجأت إليه بمعنى فالباء هنا بمعنى إلى. (سيالكوني).

٣٦٤

أعوذ به (١) : ألتجئ إليه.

(والتبين) بالجر (٢) عطفا على الابتداء ، أي : ويجيء (٣) (من) للتبين أيضا أي : لإظهار المقصود من أمر مبهم.

وعلامته (٤) صحة (٥) وضع الموصول في موضعه ، مثل : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج : ٣٠] فإنك لو قلت : (فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان) استقام المعنى.

(والتبعيض) أي : وقد يجئ (٦) (من) للتبعيض. وعلامته صحة وضع (بعض) مكانه نحو : (أخذت منه الدراهم) أي : بعض الدراهم.

(وزائدة) عطف على قوله للابتداء) فإنه مرفوع بالخبرية.

وزيادتها لا تكون إلا (في غير) (٧) الكلام (الموجب) نحو : (ما جاءني من أحد)(٨) و (هل جاءك من أحد) و (لا تضرب من أحد) (خلافا للكوفيين والأخفش) فإنهم يجوزون زيادتها في المجيب أيضا مستدلين بقولهم : (قد كان من مطر) فأجاب عن

__________________

(١) فحينئذ يفيد أن ابتداء التجائي وفراري من الشيطان وانتهائي إلى ربي. (أيوبي).

(٢) قوله : (بالجر عطفا) أشار بذلك إلى أن ما وقع في بعض النسخ وللتبيين بإعادة الجر غلط أو لا معنى لإعادة الجار هاهنا وتركه في قوله : للتبعيض. (س).

(٣) قوله : (ويجيء) لما كان دخول المعنيين تحت جار وأحد موهما لكون المجموع معنى من أزال ذلك الوهم بالتعبير المذكور وأفاد بلفظ يجيء إلى أن مجيئه للتبيين محقق سواء كان موضوعا له كما هو مذهب الجمهور أو راجعا إلى معنى الابتداء كما ذهب إليه الزمخشري. (حكيم).

(٤) أي : علامة اللفظية ، وأما المعنوية فتعلم من قوله : (لإظهار المقصود ... إلخ).

(٥) قوله : (صحة وضع الموصول في موضعه) بدون تفسير كما في الآية أو مع تفسير كما في قولهم : (قد كان من مطر إذا كانت من بيانية أي : الشيء الذي هو المطر. (حاشية).

(٦) قوله : (وقد يجيء) أشارا إلى أن مجيئه للتبعيض قليل بالنسبة إلى المعنيين السابقين وإلى أنه يجوز أن يكون موضعا له وأن يكون راجعا إلى الابتداء كما ذهب إليه المبرد وعبد القاهر والزمخشري ؛ لأن الدراهم في قولك : أخذت من الدراهم مبدأ الأفضل. (حكيم).

(٧) وقوله : (غير الموجب) سواء كان نفيا أو نهيا أو استفهام نحوها ما شيخ حلبي جاءني من أحد ولا تضرب من أحد وهل جاءني أحد أي : ما جاء في أحد ولا تضرب وهل جاءني أحد.

(٨) والدليل على زيادتها دخولها على ما يوصل الفعل إليه أعني الفاعل.

٣٦٥

استدلالهم بقوله : (وقد (١) كان من مطر وشبهه) مما يتوهم منه زيادة (من) في الكلام الموجب (متأول) بكونها للتبعيض أو التبيين أي : قد كان بعض مطر ، أو شيء من مطر، أو هو وارد (٢) على الحكاية كأن قائلا قال هل كان مطر؟ فأجاب بأنه قد كان من مطر.

(وإلى للانتهاء) أي : لانتهاء الغاية

فهي بهذا المعنى مقابلة ل : (من) سواء كان في المكان ، نحو : (خرجت إلى السوق) أو الزمان ، نحو : (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) أو غيرهما نحو : (قلبي إليك).

فإن قلت (٣) : المخاطب منته إليه ، باعتبار الشوق والميل.

(وبمعنى (مع) قليلا) كقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [النساء: ٢] أي : مع أموالكم.

(وحتى) كذلك) أي : مثل : (إلى) في كونها لانتهاء الغاية (٤) (وبمعنى مع كثيرا)

__________________

(١) ويكون قد من قوله : (قد كان من مطر) للنفي بأنها موضوعة لتقريب الماضي إلى أنه فإذا كانت كذلك يكون قد نافية إلى زمان الماضي فشابهت حرف النفي بذلك فكان الكلام غير موجب ولهذا جعل صاحب الضوء الفعل الماضي المثبت الواقع موقع الحال محرفا عن نهج الحال وأجرى عليها أحكام المنفى. (محرره).

(٢) قوله : (وهو وارد على الحكاية) فالمراد يكون في كلام غير موجب كونه في الحال وفي الأصل. (عصام).

(٣) فإن قلت : المخاطب الظاهر فإن قلب المتكلم منتهى إليك وغاية التكلف أن يقرأ المخاطب على صيغة اسم الفاعل وضمير الغيبة قائم مقام الخطاب. (محشي فاضل).

(٤) الغاية حد الشيء ونهايته التي ينتهي بها يعني أنها وضعت ؛ لأن تدل على أن ما بعدها غاية ونهاية لما قبلها كأني وأن كانت بينهما فرق من حيث أن حتى يجب أن يكون الغاية بعدها مما ينتهي به المعنى سواء كان الجزء الأخير مما قبلها نحو : بأنها أو ملاقياه نحو : نمت البارحة حتى الصباح فلا يجوز حتى نصفتها وأن إلى ليس كذلك فيجوز إلى نصفها وإلى ثلثها ولكن وقع الخلاف في دخول ما بعدها فيما قبلها فذهب الجمهور إلى عدم الدخول إذ هو الأصل واختاره فخر الإسلام ومن تبعه وذهب عبد القاهر والزمخشري وعامة المتأخرين إلى الدخول نظرا إلى الغرض من الفعل المتعدي بحتى وهو انقضاء الشيء الذي تعلق به شيئا فشيئا إلى أن يأتي على جميعه وذا لا يتحقق بدون الدخول وذهب الفراء والسيرافي إلى القول بدخول الجزء دون الملاقي فعلى الأول لم يأكل الرأس ولم ينم الصباح وعلى الثاني أكل الرأس وينام الصباح وعلى الثالث أكل الرأس ولم ينر الصباح. (رجائي وشرح ابن مالك).

٣٦٦

ولم يكتف في كونها بمعنى (مع) تشبيها ب : (إلى كما اكتفى في كونها ؛ لانتهاء الغاية للتفاوت الواقع بينهما بالقلة والكثرة.

(وتختص) أي : (حتى) (١) (بالظاهر) (٢) أي : بالاسم الظاهر ، فلا يقال : (حتاه) كما يقال (إليه) لأنها لو دخلت على المضمر لالتبس الضمير (٣) المجرور بالمنصوب (٤) لجواز وقوعه بعدها ، أي : بعد (حتى).

(خلافا للمبرد) فإنه جوز دخوله على المضمر مستدلا بما وقع في بعض أشعار العرب على سبيل الندرة (٥).

والجمهور يحكمون بشذوذه فلا يجوزونه قياسا.

(وفي للظرفية) (٦) أي (٧) : لظرفية مدخوله لشيء حقيقة نحو : (الماء في الكوز) أو مجازا نحو : (النحاة (٨) في الصدق).

__________________

(١) قوله : (أي حتى) أي : الجارة وإذا كانت عاطفة جاز دخولها على المضمر نحو : جاءني القوم حتى أنت ورأيت القوم حتى إياك ومررت بالقوم حتى بك. (رضي).

(٢) بخلاف إلى ؛ لأنها تدخل على المضمر والظاهر نحو : قرب زيد إلى عمرو وإليك. (لمحرره).

(٣) فإن حتى يجيء للعطف ويقع بعدها المرفوع والمنصوب والمجرور فيقع الاقتباس. (تقرير).

(٤) مع تخالفهما في المعنى وإن المنصوب يجب دخوله فيما قبله لكونه بعد حتى العاطفة بخلاف المجرور وهذا الالتباس فيما إذا تقدم ذو الأجزاء لفظا نحو : فلا وإليه لا يلقى أناس محتاجة لك يا أبا زيد ورده صاحب المغنى بأن قال في العاطفة حتى إياك بالفصل ؛ لأن الضمير لا يتصل إلى بعامله وفي الجارة حتاك بالوصل كما في البيت فلا التباس والجواب في السيالكوني. (لمحرره).

(٥) الفرق بين الشاذ والنادر أن الشاذ هو الذي يكون على خلاف القياس وإن كان كثيرا أو النادر هو الذي يكون وجوده قليلا لكنه على القياس. (لمحرره).

(٦) أي : الحلول شيء في غيره نحو : أجلس فلي الدار والمال في الكيس والحلاوة في العسل والسخاوة في خاتم والشجاعة في على رضي‌الله‌عنه. (خبيصي).

(٧) ولما كان الظرفية أمرا نسبيا بين الظرف والمظروف وكان لتلك الكلمة متعلقا ومدخولا أراد أن يبين تعين الطرفين فقال أي : لظرفية. (أيوبي).

(٨) كان الصدق محيط بها من جميع الجوانب بحيث لا يخرج منها شيء كالظرف بالمظروف. (سيالكوني).

٣٦٧

(وبمعنى على قليلا) كقوله تعالى : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] أي (١) : على جذوع النخل (٢)

(والباء للإلصاق) (٣) أي لإفادة لصوق أمر إلى مجرور الباء هذه (٤) ، كما ترى في : (مررت بزيد) فإن الباء فيه يفيد لصوق مرورك بزيد أي : بمكان يقرب منه.

(والمصاحبة) نحو : اشتريت الفرس بسرجه أي : مع سرجه فمعناه مصاحبة السرج واشتراكه مع الفرس في الاشتراء (٥) ولا يلزم أن يكون السرج حال اشتراء الفرس ملصقا به فالإلصاق يستلزم (٦) المصاحبة من غير عكس.

(والمقابلة) أي : لإفادة وقوع مجروره في مقابلة شيء آخر نحو : (بعت هذا بذاك).

(والتعدية) أي : جعل (٧) الفعل اللازم متعديا لتضمنه معنى التصيير ، بإدخال الباء

__________________

(١) وإنما حكم بأنها بمعنى على لما في الكلام من الاستعلاء والموضوع صالح لهما على حسب ما يقصده المتكلم منها معنى الظرفية والاستعلاء. (وجيه الدين).

(٢) الأولى أنها بمعنى الظرفية لتمكن المصلوب في الجذوع تمكن المظروف في الظرف. (رضي).

(٣) أي : لإلصاق الفعل بالمجرور حقيقية نحو : به أي : التصق به أو مجازا نحو : مررت بزيد أي : التصق مروري بموضع بقرب منه. (موشح).

(٤) جملة مستأنفة لبيان مغايرة الإلصاق للإيصال الذي هو مشترك بين جميع حروف الجر. (سيالكوني).

(٥) هذا إشارة إلى مادة الاجتماع ؛ لأن بين الإلصاق والمصاحبة عموما وخصوصا مطلقا. (لمحرره).

(٦) فيه بحيث لجواز أن يكون اشتراء الفرس في مكان بقرب من السرج ولا يصاحب السرج انغرس الفرس في الاشتراء. (عصام).

(٧) أي : جعل المتكلم الفعل اللازم متعديا والتعدية التي هي مدلول الباء صفة المتكلم. (حكيم).

ـ وهاهنا دقيقة يبغى أن يليه عليها وهي إن شيئا من حروف الجر لا يغير معنى الفعل سوى الباء فإنه يعبره في بعض المواضع نحو : ذهبت بزيد بخلاف قولك : مررت ثم من أن الذي يغير الباء معناه يجب فيه عند المبرد الفاعل للمفعول ؛ لأن باء التعدية عبده بمعنى منع وقال سيبويه أن الباء في مثله كالهمزة والتضعيف فمعنى ذهب أو هبته فيجوز لمصاحبة وعدمه وأما في الهمزة والتضعيف فلا بد من التغير خذ هذا فليكن عندك من ودائعنا والحمد لله رب العالمين. (لمحرره رضا).

٣٦٨

على فاعله ، فإن معنى (ذهب يزيد) صدور الذهاب عنه ، ومعنى (ذهبت بزيد) صيرته ذاهبا.

والتعدية (١) بهذا المعنى مختص بالباء ، وأما التعدية بمعنى إيصال الفعل إلى معموله بواسطة (٢) حرف الجر ، فالحروف الجارة كلها فيها سواء ، لا اختصاص لها بحرف دون حرف (٣).

(والظرفية) نحو : (جلست بالمسجد) أي : في المسجد.

(وزائدة في الخبر في الاستفهام) ب : (هل) لا مطلقا نحو : (هل زيد بقائم؟) فلا يقال : أزيد بقائم؟

(والنفي) بليس ، نحو : ليس زيد براكب ، وب (ما) (٤) نحو : (ما زيد براكب) فهي تزاد في الخبر في هذه الصور (٥) (قياسا وفي غيره) (٦) أي : غير الخبر الواقع في الاستفهام والنفي (سماعا) سواء لم يكن خبرا نحو : (بحسبك زيد) (٧) ، و (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) [الفتح : ٢٨] و (ألقى بيده) (٨) أي : حسبك زيد ، وكفى بالله شهيدا ، وألقى يده.

__________________

(١) قوله : (والتعدية بهذا المعنى مختصة بالباء) وما وقع في عبارة الصرفيين أن تعدية اللازم بحرف الجر في الكل في الثلاثي المجرد وغيره فمخصوص بالباء. (عصام).

(٢) معناه في وقت الاستفهام أي : في جملة الاستفهام ظرف لزائدة بعد تعلق في الخبرية. (ك).

(٣) تعريض للمصنف بأنه ما كان له أن يطلق الاستفهام والنفي. (حاشية).

(٤) قوله : (وبما خص النفي) ليس وما ؛ لأن زيادتها لم تثبت في أن النافية واختلف في لا التربية نحو : لا خير بخير بعدة النار فقيل الباء زائدة وقيل أنها بمعنى في الظاهر من كلامه لا فرق بين ما الحجازية وهو المتفق عليه وبين ما التميمية وهو المختلف فيه مذهب الفارسي والزمخشري إلى أنها لا تزاد في خبرها وجوزه غيرهما. (سيالكوني).

(٥) قوله : (في هذه الصور) يعني في الاستفهام بهل وفي النفي بليس وبما. (محرم).

(٦) وتزاد قياسا في مفعول علمت وعرفت ورأيت وسمعت وتبينت وحسبت. (رضي).

(٧) زيادة الباء في بحسبك وفاعل كفى وتصرفاته وفي فاعل فعل التعجب على مذهب سيبويه قياسا ولا منافاة ؛ لأن زيادتها من حيث النظر إلى خصوصية لفظ حسبك وكفى سماع ومن حيث النظر إلى عموم مواقع حسبك وفاعل كفى قياس وكذا الحال في أفعال القلوب التي مرت. (سيالكوني).

(٨) قوله : (وألقى بيده) أي : نفسه ولو كان المراد به نفسه سبب يده لم تكن الباء زائدة. (حكيم). ـ

٣٦٩

أو كان خبرا ولكن لا في الاستفهام والنفي ، نحو : حسبك بزيد.

(واللام (١) للاختصاص) (٢) بملكية (٣) نحو : (المال لزيد) وبلا ملكية نحو : (الجل للفرس).

(والتعليل) أي : لبيان علة (٤) شيء ذهنا نحو : (ضربت للتأديب) (٥) أو خارجا نحو : (خرجت لمخافتك) (٦).

(وبمعنى (عن) مع القول) (٧) نحو : (قلت لزيد إنه لم يفعل إنه لم يفعل الشر ، أي: قلت : عنه (٨) وزائدة نحو : (رَدِفَ لَكُمْ) [النمل : ٧٢](٩) أي : ردفكم.

__________________

والباء زائدة والضمير مضاف إليه ليد راجع إلى المستكن في ألقى والمعنى ألقى يده أي : نفسه كما في الهند وقال العصام في الشرح من قبيل ذكر الجزء وإرادة الكل كقوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)[المسد : ١] ومنه قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة : ١٩٥] أي : ولا تلقوا أنفسكم إلى التهلكة. (خلاصة خوافي).

(١) قوله : (واللام) هذا اللام مكسورة مع كل ظاهر إلا مع المستغاث المباشر ليا ومفتوحة مع كل مضمر إلا مع ياء المتكلم. (حكيم).

(٢) قوله : (للاختصاص) أي : الحصر كما ذهب إليه البعض والارتباط والمناسبة كما هو التحقيق ويؤيده عدم عدهم اللام من طرق القصر وكثرة استعماله في مواقع لا حصر فيها وإليه يشير تعميم الشارح. (سيالكوني).

(٣) قوله : (بملكية) إشارة إلى أن ما ذكروه من معاني اللام من الملك والاستحقاق كلها داخلة في الاختصاص. (حاشية ك).

(٤) لعله أنه أراد الغاية وهو ما تقدم في التصور وتأخر في الوجود ؛ لأن المتكلم قصد حصول التأديب أولا ثم ضرب ولان التأديب غير موجود في الخارج قبل الضرب ؛ لأن وجوده بعد الضرب. (علي المرتضي).

ـ وهي العلة الفائية. (وجيه).

(٥) قوله : (ضربت للتأديب) فإن التأديب صلة غائية للضرب متقدمة عليه في الذهن متأخرة عند في الخارج مترتبة عليه والفرق بين الضرب والتأديب بالاعتبار فإنه من حيث أنه فعل يؤلم ضرب ومن حيث أنه يترتب عليه الأثر عند ما لا ينبغي تأديب فهو قولهم : رماه فقتله. (س).

(٦) فإن المخافة مقدمة في الوجود على الخروج حاملة. (عبد الحكيم).

(٧) كقوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا)[العنكبوت : ١٢] أي : عن الذين آمنوا.

(٨) ولو كان اللام بمعناه كان زيد مخاطب القول فوجب أن يقول أنت لم تفعل الشر. (حاشية).

(٩) وآخره : (بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ)[النمل : ٧٢] أي : ردفكم ، والردف التابعه أي : قرب أن يلحقكم بعض العذاب في الدنيا. (خبيصي).

٣٧٠

(وبمعنى الواو (١) في القسم للتعجب) نحو : لله لا يؤخر الأجل (٢).

وإنما يستعمل في الأمور العظام فلا يقال : لله لقد طار الذباب.

(وربّ للتقليل) (٣) أي : لإنشاء التقليل (و) لهذا وجب (لها صدر الكلام) كما أن (كم) وجب لها صدر الكلام لكونها لإنشاء التكثير.

(مختصة بنكرة) (٤) لعدم احتياجها إلى معرفة.

(موصوفة) (٥) ليتحقق التقليل الذي هو مدلول (رب) لأنه إذا وصف (٦) الشيء صار أخص وأقل مما لم يوصف.

واشتراط (٧) كونها موصوفة إنما هو (على) المذهب (الأصح) وهذا مذهب أبي علي ومن وافقه.

وقليل : لا يجب ذلك.

وهذا الذي ذكره من التقليل أصلها ، ثم يستعمل (٨) في معنى التكثير كالحقيقة وفي

__________________

(١) قوله : (وبمعنى الواو) في القسم لم يقل بمعنى الباء في القسم مع أن الياء أصل تنبيها على أنه كواو القسم لا كبائه. (عصام).

(٢) وإنما لم يقل والله لإظهار أن مراده بالإتيان هو التعجب. أيوبي.

(٣) قوله : (ورب للتقليل) فيه ست عشر لغة ضم الراء وفتحها وكلاهما مع التشديد والتخفيف فالأوجه الأربعة مع تاء التأنيث ساكنة أو متحركة ومع التجرد منها فهذه اثنتا عشرة والضم والفتح مع إسكان الباء وضم الحرفين مع التشديد والتخفيف كذا في المعنى. (عبد الحكيم).

(٤) لامتناع التقليل في شيء واحد فلا بد من أن يكون بعد خبر ليتصور فيه التقليل. (خبيصي).

(٥) ظاهرة كانت تلك النكرة أو مضمرة نحو : رب رجل لقيته ورب رجل. (لمحرره).

(٦) قوله : (لأنه إذا وصف الشيء) الظاهر أن المراد بالتقليل هو هذا الموصوف والذي يظهر من كلامهم أنه وصفها لتقليل نوع من الجنس فوجب وقوع النكرة لحصول معنى الجنس ووصف النكرة ليحصل النوع. شرح المفصل للمصنف.

(٧) قوله : (واشتراط) كونها إشارة إلى أن قوله : (على الأصح) قيد لقوله : (موصوفة) لا النكرة أيضا ؛ لأن اختصهاصها بالنكرة متفق عليه. (سيالكوني).

(٨) يعني : أن رب وضع في الأصل المعنى التقليل ثم استعماله مجازا في معنى التكثير فصار كالحقيقة في إفادته ذلك المعنى بلا قرينة وقل استعماله في معناه الحقيقي وهو التقليل فصار كالمجاز في إفادة ذلك المعنى بقريبة. (وافية).

٣٧١

التقليل كالمجاز المحتاج إلى القرينة.

(وفعلها) أي : فعل (رب) يعني الذي تعلق به (رب) (ماض) لأنها للتقليل المحقق ، ولا يتصور ذلك إلا في الماضي ، نحو : (رب رجل كريم لقيته) أو : (رب رجل كريم لم أفارقه) (١).

(محذوف) أي : ذلك الفعل الماضي.

(غالبا) أي : في غالب الاستعمالات (٢) ، لوجود (٣) القرائن نحو : (رب رجل كريم) أي : لقيته.

(وقد تدخل) أي : رب) على مضمر مبهم لا مرجع له (٤) (مميز بنكرة منصوبة) على التمييز (والضمير مفرد) وان كان المميز مثنى أو مجموعا (مذكر) (٥) وأن كان المميز مؤنثا ، نحو : (ربه رجلا أو رجلين ، أو رجالا ، أو امرأة ، أو امرأتين (٦) ، أو نساء).

خلافا للكوفيين في مطابقة التمييز في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ، فإنهم يقولون : (ربه رجلا ، وربهما رجلين ، وربهم رجالا وربها امرأة وربهما امرأتين ، وربهن نساء).

__________________

(١) فإن كلمة لم تقلب معنى المضارع ماضيا فيكون لم أفارقه ماضيا معنى. (أمير).

ـ قوله : (لم أفارقه) إشارة إلى أن التقليل المحقق متصور في المضارع المنفى بلم ولما لدلالته على الماضي. (لمحرره).

(٢) وإنما قيد الحدف بالغالب ؛ لأنه قد يظهر بجورب رجل كريم اجتمعت. به أمير.

(٣) لأن رب جار والجار تدل على حذف الفعل كما في بسم الله الرحمن الرحيم. (غجدواني).

(٤) قوله : (لا مرجع له) عند البصريين وإذا كان له مرجع لما احتاج إلى التمييز خلافا للكوفيين فإنهم قالوا إن الضمير راجع إلى مذكور كأن قائلا قال هل من رجل كريم فقيل له ربه رجلا وإنما احتاج إلى التمييز لعدم كون المرجع مذكورا في هذا الكلام. (س).

(٥) قوله : (مفرد مذكر) لأنه أشدا بها ما من غيره والقصد بهذا الضمير الإبهام فما كان أشد كان أنسب مع أمن اللبس بالتمييز. (عبد الحكيم).

(٦) مثال لكونه مذكرا على تقدير تأنيث الضمير وكونها داخلة على ذلك الضمير المبهم متفق عليه لكن الضمير المذكور غير مطابق لمميزه مختلف فيه فما ذكره المصنف بقوله : (مفرد مذكر يعني أنه غير مطابق مذهب البصريين. (أيوبي).

٣٧٢

(وتلحقها) أي : (رب) (ما) الكافة أي : المانعة عن العمل (فتدخل) بعد لحوق (ما) زائدة (فتدخل) بعد لحوق ما (على الجملة) (١) نحو : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢] وقد تكون ما زائدة فتدخل على الاسم ، وتجر نحو : ربما ضربة بسيف صقيل (٢) بين بصرى وطعنة نجلاء.

(وواوها) أي : واو (رب) (٣) في حكمها (تدخل على نكرة موصوفة) مثل :

وبلدة ليس بها أنيس (٤)

إلا اليعافير (٥) وإلا العيس

وهذه الواو للعطف عند سيبويه وليست بجارة.

فإن لم تكن في أول الكلام فكونها للعطف ظاهر ، وإن كانت (٦) في أوله فيقدر له معطوف عليه.

__________________

(١) أي : قصد تعليل النسبة المفهومة عن الحمل نحو : رب ما قام زيد ورب ما زيد قائم ولا تقول رب يقوم زيد؛ لأن رب للزمان الماضي وأما قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) فهو بمنزلة المضي لصدق العبد ونحققه فكلمة يود بمنزلة ود. (فاضل أمير).

(٢) فالصيقل بمعنى المفعول من صيقله أي : جلاه وبين بصرى أي : بين أمكنة بصرى بالضم والسكون هاهنا قرية بالشام وإنما قيدنا أمكنة ؛ لأن بين لا يضاف إلا إلى المتعدد والعفن الضرب ونحلا وبالنون والجيم مؤنث بخل ومع الحرب بالنسيان وتقديره رب طعنة بخلا وبين الصرف فإن المعطوف والمعطوف عليه يشتركان في القيد والمعنى باستغاثة البيت الآتي أبتليت بصر بات على بالسيف والرمح في بصرى الشام.

(٣) وهي الواو التي تبتدأ بها في أول الكلام معنى رب ولماذا تدخل على النكرة الموصوفة ويحتاج إلى جواب مذكور أو محذوف ماض. فاضل الأمير.

(٤) الأنيس : الديك ويعافير جمع يفوب وهو ولد الظبي وولد البقر الوحش والمعنى رب بلدة صارت خرابا بحيث لا يوطن فيها أحد أو ديك أو موانيس إلا هذان فقوله : (اليعافير) مرفوع بدل من أنيس وجاز نصبه على الاستثناء. شرح أبيات.

(٥) اليعافير جمع يعفور وهو حمار الوحشي والعيس جمع أعيس وهو الظبي الأحمر والاستثناء.

منقطع لان الألسن بمعنى الإنسان فاليعافير ليس من جنس الإنسان كان حقه فإن ينصبه لما مر في الاستثناء المنقطع وقيل إذا الأنيس براد به ما يؤانس به وهو أعم من أن يكون إنسانا أو غيره فاليعافير داخلة في الإنس فالاستثناء يكون متصلا في الكلام المنفي فيرتفع على البدل كما هو الأفصح. والله أعلم.

(٦) قوله : (وإن كانت في أوله) فإن لم يكن قبلها ما يصلح لعطف عليه سواء كان قبلها كلام أو لا. (سيالكوني).

٣٧٣

وعند الكوفيين أنها حرف عطف ثم صارت قائمة مقام (رب) جارة بنفسها لصيرورتها (١) بمعنى (رب) فلا يقدرون له معطوفا عليه ؛ لأنه ذلك (٢) تعسف.

(وواو القسم إنما تكون عند (٣) حذف الفعل) أي : فعل القسم ، فلا يقال : (أقسمت والله) وذلك لكثرة استعمالها في القسم فهي أكثر استعمالا من أصلها ، أعني : الباء.

(لغير السؤال) يعني : لا تستعمل الواو في السؤال ، فلا يقال : والله أخبرني؟ كما يقال : بالله أخبرني؟ حطا للواو عن درجة الباء.

(مختصة بالظاهر) يعني : الواو مختصة بالاسم الظاهر ، سواء كان الاسم الظاهر اسم الله غيره فلا يقال : وك : لأفعلن ، مثلا بل يقال : (والله ، أو رب الكعبة) وذلك الاختصاص أيضا لحط رتبته (٤) عن رتبة الأصل ـ وهو الباء ـ بتخصيصه بأحد القسمين ، وخص الظاهر لأصالته (٥).

__________________

(١) قوله : (لصيرورتها) بمعنى رب بدليل أنه لا يجوز إظهار بي بعدها كما جار بعد إلغاء وبل ومع ذلك لا يجوز دخول حرف العطف عليها في وسط الكلام اعتبار الأصل بخلاف واو القسم فإنها لم تكن في الأصل واو العطف فلذلك حاز دخول حرف العطف عليها نحو : فو الله والله ثم والله. شيخ الرضي.

(٢) قوله : (لأن ذلك تعسف) أي : تقدير المعطوف عليه تعسف فإن قلت : وجوب ارتكاب الفاء وبل ليسهل ذلك ويخرج عن كونه تعسفا قلنا إن هذه الواو كانت حرف عطف قياس على الفاء وبل لكنها صارت بمعنى رب مجردة كما تجرد لو كانت للعطف جاز إظهار رب بعدها كما جاز بعد إلقاء فظهر الفرق بينهما فالتعسف باق. (وجيه الدين).

(٣) أي : لا يكون عند حذف الفعل ولا يكون إلا لغير السؤال وليس أحدهما متعلقا بيكون والآخر خبر الفساد المعنى فافهم. (عصام).

(٤) قوله : (لحط رتبته) عن رتبة الأصل وإنما كان الأصل هو الباء ؛ لأن تعلق الفعل بالمقسم به الصافي والباء هي الثابتة للإلصاق في غير هذا الباب ولم يأت التاء والواو إلا في هذا الباب وعوضت الواو عنها لاتحادهما فخرجا ؛ لأنهما شفويان وقربهما معنى ؛ لأن الإلصاق قريب من الجمع الذي الواو له وأبدلت التاء عن الواو ولقرب مخرجهما أيضا ؛ لأن الواو من الشفة والتاء من طرف اللسان وأصول الأسنان. (وجيه الدين).

(٥) فإن الضمير فرع الظاهر عبر عنه به للاختصاص والأصل أولى بالاستعمال. (عبد الحكيم).

٣٧٤

(والتاء (١) مثلها) ي : مثل : الواو في اشتراطها (٢) بحذف الفعل وكونها لغير السؤال (مختصة باسم الله) من الأسماء الظاهرة حطا لمرتبتها عن مرتبة أصلها الذي هو الواو بتخصيصها ببعض المظهر ، وخص منه (٣) ما هو أصل في باب القسم وهو اسم الله تعالى.

(والباء أعم منهما) أي : من الواو والتاء (في الجميع) أي : في جميع ما ذكر من حذف الفعل وكونهما لغير السؤال والدخول على المظهر مطلقا ، أو على اسم الله خاصة فهي كما تكون عند حذف الفعل تكون عند ذكره ، نحو : (بالله ، وأقسم بالله) وكما تكون لغير السؤال تكون للسؤال أيضا نحو : (بالله لأفعلن) و (بالله اجلس).

وكما تدخل على المظهر تدخل على المضمر ، نحو : (بالله لأفعلن) و (بك لأفعلنّ) وفي الدخول على المظهر لا تختص باسم الله خاصة ، نحو : (بالرحمن لأفعلن) بخلافهما فإنهما مختصان ببعض هذه (٤) الأمور ، كما عرفت.

فالمراد بالجميع (٥) : جميع ما ذكر من الأمور المختصة لا الاختصاص فلا يرد أنه لا يصح أن يقال : الباء توجد مع الاختصاص وبدونه لمكان التنافي.

__________________

(١) والتاء مبدلة من الواو وكما أبدلوها تاء في تراث وأصلها وارث. (خبيصي).

(٢) لم يقل اختصاصها بالظاهر وإن كان مثلها شاملا له أيضا لانفهامه من قوله : (مختصة باسم الله ففي إدخاله في مثلها تكرار. (سيالكوني).

(٣) كأنه قيل : لم لم يقل بالرحمن مثلا وخص باسم الله فأجاب بقوله : (وخص). (لمحرره).

(٤) وهو كون الواو عند حذف الفعل ولغير السؤال واختصاصها بالظاهر وكون التاء مثلها واختصاص باسم الله تعالى.

(٥) قوله : (فالمراد بالجميع) أشار بذلك إلى أن ما ذكره في حواشي الهندية من السؤال والجواب تقرير السؤال أن قوله : (في الجميع) يتناول الاختصاص المذكور أيضا ولا معنى لاعمية الباء حيث لا يصح أن يقال الياء توجد مع الاختصاص بالظاهر وبدونه تقرير الجواب أن المراد بالجميع ما ذكر من الأمور المخصوصة وهو حذف الفعل وكونها لغير السؤال إلى آخرها ذكر من حذف الفعل لا الاختصاص بالظاهر والاختصاص باسم الله تعالى حتى تجده السؤال. (وجيه الدين).

ـ قوله : (فالمراد) يعني : أن المذكور سابقا أربعة أحكام الاختصاص بالحذف والاختصاص بغير السؤال والاختصاص بالظاهر والاختصاص باسم الله تعالى وليس المراد بالجميع تلك الأحكام حتى يصير المعنى أن الباء أعم منهما في الاختصاص فيفيد أنها توجد مع الاختصاص وبدونه ـ

٣٧٥

(ويتلقّى) (١) أي : يجاب (القسم) الذي لغير (٢) السؤال (باللام ، و (إن) وحرف النفي) (ما) أو (لا).

فاللام في الموجبة الاسمية نحو : (والله لزيد قائم) والفعلية (والله لأفعلن) كذا و (إن) فيها (٣) ، أي : في الاسمية ، نحو : (والله إن زيدا لقائم).

و (ما) و (لا) في المنفية اسمية كانت أو فعلية نحو : (والله ما زيد بقائم ، ويقوم زيد).

وقد يحذف حرف النفي (٤) لوجود القرينة كقوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] أي : لا تفتؤ (٥) تذكر.

وأما قسم السؤال فلا يتلقى إلا بما فيه من معنى الطلب ، نحو : (بالله أخبرني؟) و (بالله هل قام زيد؟).

(و) قد (يحذف جوابه) أي : جواب القسم (٦) (إذا اعترض) (٧).

__________________

ـ بل المراد جميع الأمور المحكوم باختصاصها وسعى أهميتها في الأمور المذكورة أنها لا تختص بوجودها ولا بعدمها بخلاف الواو والتاء فإنهما مختلفان.

ـ بوجودها فلا يردان الأهمية في الحذف مثلا تفيد كون حذف الفعل في الياء أكثر من حذفه فيها وهو فاسد. (عبد الحكيم).

(١) قوله : (ويتلقى القسم) في الصحاح تلقاه استقبله ومنه قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ)[البقرة: ٣٧] أي : استقبلها وفي الحديث نهى النبي عليه‌السلام عن تلقي الجلب أي : استقبال ما يجلب إلى البلد فالمعنى يستقبل القسم بكذا أي : يؤتي في جوابه اللام وأن. سيد الكوفي.

(٢) قوله : (لغير السؤال) إشارة إلى أن اللام في قوله : (القسم للعهد) أي : القسم المذكور سابقا بقوله : (لغير السؤال). (عبد الحكيم).

(٣) أي : كلاهما في الإثبات نحو : أن سعيكم لشتى في جواب والليل إذا يعشى. هندي.

(٤) أي : مع المضارع والماضي والجملة الاسمية. تسهيل.

(٥) قوله : (لا تفتؤ) قدر لأنه أكثر استعمالا في نفي المضارع والقرنية عدم صحة المعنى بدون لا. (حاشية).

(٦) أي : الجملة التي يؤتى لأجلها بالقسم كان القسم ويطلبها كالسؤال للجواب. (حاشية).

(٧) قوله : (إذا اعترض) يقال : اعترض أي : صار كالخشبة المعترضة في النهر كذا في الصحاح فالمعنى إذا صار كالخشبة المعترضة في النهر أي : متوسطا بين أجزاء الجملة فقوله : أي : وسط بيان لحامل المعنى وليس هذا من باب التنازع كما وهو ؛ لأن اعترض لازم. (عبد الحكيم).

٣٧٦

أي : توسط (١) القسم بين أجزاء الجملة التي تدل على جواب القسم.

(أو تقدمه) أي : القسم (ما يدل عليه) أي : على جوابه نحو : (زيد والله قائم) و (زيد قائم والله) لاستغنائه عن الجواب في هاتين الصورتين لوجود ما يدل عليه.

والجملة (٢) المذكورة وإن كانت جوابا للقسم بحسب المعنى ، لكنه بحسب اللفظ لا يسمى إلا الدال على الجواب (٣) لا الجواب (٤) ولهذا لا يجب فيها علامة جواب القسم.

(و (عن) للمجاوزة) أي : لمجاوزة شيء وتعديته عن شيء آخر وذلك إما بزواله عن الشيء الثاني ووصوله إلى الثالث ، نحو : (رميت السهم عن القوس على إلى الصيد) أو بالوصول (٥) وحده نحو : (أخذت عنه العلم) (٦) أو بالزوال وحده (٧) نحو : (أديت عنه الدين).

(وعلى للاستعلاء) (٨).

__________________

(١) قوله : (أي : توسط) تنازع اعترض وتقدم ما يدل عليه فاعمل وحذف معمول اعترض وإليه أشار الشارح. (عصام الدين).

(٢) قوله : (والجملة المذكورة) استيناف يعني وإنما قلنا أن الجواب محذوف والمذكور عليه دال ولم يجعل المذكور جوابا ؛ لأن الجملة التي ذكرت ليست جوابا بحسب اللفظ والمعنى. (عبد الله أفندي).

ـ إذ القسم لا يتوسط ولا يتأخر.

(٣) لاقتضاء القسم الصدارة لكونه إنشاء فيستحق الصدارة لتوفر فهم السامع من أول الأمر على المقصود. وهبة وغيره.

(٤) قوله : (لا الجواب مجامعة) لا مع النفي والاستثناء قد تقع في تراكيب المصنفين للتنصيص على المقصود وإن لم تقع في كلام البلغاء الذين يستشهد بكلامهم نص عليه في المطول. (سيالكوني).

(٥) إشارة إلى الصورة الثانية وهي كونه واصلا إلى الثالث. (أيوبي).

(٦) فإن العلم وصل إلى زيد مثلا مع ثبوته في المأخذ عنه لكن لم يتصور معنى البعد هاهنا. مشكوة.

(٧) وهو الصورة الثالثة يعني أزال عنه سواء وصل أولا. (أيوبي).

(٨) الاستعلاء حقيقيا حسيا أو معنويا أو مجازيا لقوله تعالى : (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ)[المؤمنون : ٢٨] أي إذا ركبتم الفلك في الحقيقي الحسي وعليه دين وفلان علينا ـ

٣٧٧

أي : لاستعلاء (١) شيء على شيء نحو : (زيد على السطح) و (عليه دين).

(وقد يكونان أي : عن ، وعلى (اسمين) (٢) يعلم ذلك (بدخول (٣) (من) عليهما) نحو : (من عن (٤) يميني) أي : من جانب يميني ، و (من عليه) أي : من فوقه(٥).

(والكاف للتشبيه) نحو : (زيد كالأسد) وزائدة نحو : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] إذا التقدير (٦) : ليس (٧) مثله شيء ، على بعض (٨) الوجوه.

__________________

ـ أمير في الحقيقي المعنوي ومررت عليه أي : جاوزته في المرور في المجازي لأنك جاورتك إياه كأنك صرت فوقه من كثرة السير. (خبيصي).

(١) فإن قيل : يرد عليه قوله تعالى : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ)[النمل : ٧٩] فإنه ليس للاستعلاء ولا حقيقة ولا حكما أجيب بأنه المعنى الاعتماد والاستناد ففيه معنى الرفعة أيضا من حيث المعنى ؛ لأن المراد به الاعتماد على فضل الله تعالى وحفظه.

(٢) بمعنى جانب وفوق فيبنيان ح لكونهما على لفظ الحرفين ومناسبين لهما معنى فيلزم عن الإضافة بخلاف على. (سيالكوني).

(٣) إنما يتعين اهميتهما بدخول من عليهما ؛ لأن حرف الجر من خواص الأسماء. (وجيه).

(٤) نحو : جلست من عند ومنه قول الحماسي :

ولقد أرأني للرماح درية

من عن يميني مرة وأمامي

ـ والآخر غدت من عليه بعدما عطشها أي : من فوقه. (خبيصي).

(٥) وإنما فسر من عليه بقوله : (من فوقه ؛ لأن على إذا كان اسما يكون بمعنى الفوق. (لمحرره).

(٦) قوله : (إذا التقدير) ليس مثله شيء به قال الأكثرون إذا لو تقدر بزائدة صار المعنى ليس مثل مثله شيء فيلزم المال وهو إثبات المثل وإنما زيدت لتوكيد نفي المثل أن زيادة الحروف بمنزلة إعادة الجملة ثانيا قال ابن ضيف و؛ لأنهم إذا بالغوا في نفي الفعل عن أحد قالوا مثلك لا يفعل كذا ومرادهم إنما هو النفي عن ذاته ؛ لأنهم إذا نفوه عمن هو على أخص أوصافه فقد نفوه والتفصيل في سيالكوني فارجع إليه إن كنت من أهل المراق. (عبد الحكيم).

(٧) لأن المقصود في أن يكون الشيء مثله لا نفي أن يكون شيء مثله بدليل سياق الكلام وهو قوله تعالى : (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)[الأنعام : ١٤]. (وجيه).

(٨) وإنما قال على بعض الوجوه ؛ لأن في هذه الآية ثلاثة أوجه أحدهما زيادة الكاف وثانيها زيادة المثل وثالثها عند زيادتهما. (وافية).

ـ فمنه مالا زيادة فيه شيء وهو أن نفي مثل المثل كتابة عن نفي المثل ؛ إذ لو وجد المثل لكان للمثل وهو الله تعالى ؛ لأن المماثلة من الجانبين وهذا وجه تلقاه الفحول بالقبول ورجحوه بأن الكناية أبلغ من التصريح وعدم الزيادة أحق بالترجيح. (عصام).

٣٧٨

(وقد تكون) أي : الكاف (اسما) (١) بمعنى (مثل) ، نحو :

يضحكن عن المبرد (٢) المنهم

أي : عن أسنان مثل : البرد الذائب للطافته.

(وتختص) أي : الكاف (بالظاهر) أي : بالاسم الظاهر عند الجمهور ، فلا يقال: (كه) استغناء عنه (٣) بمثل ونحوه.

وقد تدخل في السعة على المرفوع نحو : (ما أنا كأنت) (خلافا للمبرد) فإنه أجاز ذلك مطلقا ، نظرا إلى ما جاء في بعض أشعارهم.

(ومذ ومنذ) للزمان الماضي أو الحاضر فهما (للابتداء في) الزمان (الماضي) يعني : إذا أريد بهما الزمان الماضي فالمراد أن مبدأ زمان الفعل المثبت أو المنفي هو ذلك الزمان الماضي الذي أريد بهما لا جميعه كما إذا قلت : سافرت من البلد مذ سنة كذا ، أو ما رأيت فلانا مذ سنة كذا ، بشرط أن تكون هذه السنة ماضية ، ألا تكون أنت فيها ، فإن معناه حينئذ : أن مبدأ مسافر عدم رؤيتي كان هذه السنة وامتد إلى الآن.

(والظرفية) عطف على الابتداء أي : وهما للظرفية المحضة من غير اعتبار معنى الابتداء في (الزمان الحاضر) أي : الذي اعتبرته حاضرا وأن مضى بعضه ، يعني : إذا أريد بهما الزمان الذي اعتبرته حاضرا (٤) ، فالمارد أن جميع زمان الفعل هو ذلك الزمان الحاضر (نحو ما رأيته مذ شهرنا ، ومذ يومنا) أي : جميع زمان انتفاء رؤيتنا هو هذا

__________________

(١) يتعين اسميتها للدخول من عليه ويتعين حرفيتها بوعه صلة ويحتملها في نحو : زيد كالأسد. (وجيه الدين).

(٢) أوله :

بيض ثلث كنعاج جم

ـ النعاج جمع نعجة والجم جمع الجماء وهي التي لا قرن لها والمنهم الذائب ثلاثة مبتدأ خبره يضحكن والمعنى نساء بيض الألوان مشبهاة بنعاج لا قرن لهن يضحكن من أسنان مثل البرد الذائب في الرقة واللطافة. وجيه الدين).

(٣) فلا تدخل على المضمر استغناء بمثل ؛ لأن الكاف بمعنى المثل فتدخل المثل على المضمر بدلا عن الكاف. (لمحرره).

(٤) والزمان كالماء الجاري لا يتصور فيه الحاضر كما في الماء الجاري إلا بالاعتبار لأنك إذا اعتبرت شهرا واحدا زمانا واحدا وشهرا آخر زمانا آخر فحصل لك زمان الحاضر بالنسبة إلى شهر آخر وإلى يوم آخر. تقرير الأستاذ.

٣٧٩

الشهر أو اليوم الحاضر عندنا ؛ لأنهما (١) لم ينقضيا بعد ، ولم يمتد زمان الفعل إلى ما ورائهما فكيف يصح اعتبارهما مبدأ زمان الفعل؟.

فالمثالان المذكوران كلاهما للظرفية ، ويمكن أن يجعل (٢) الأول مثلا للابتداء كما يتوهم بحسب الظاهر (٣) ، لكن بتقدير مضاف ، أي : ما رأيته مذ دخول شهرنا (٤).

(وحاشا وعدا وخلا للاستثناء) (٥) أي : لاستثناء (٦) ما بعدها عما قبلها فإذا جررت بها ما بعدها تكون حروفا جارة ، وبهذا الاعتبار ذكرت هاهنا ، نحو : (جاءني القوم حاشا زيد ، وعدا زيد ، وخلا زيد) وإذا نصبت تكون (٧) أفعالا.

الحروف المشبهة بالفعل

(الحروف المشبهة (٨) بالفعل) (٩)

__________________

(١) قوله : (لأنهما) إشارة إلى تحقق معنى الظرفية المحضة يعني أن الظرفية في المثالين إنما يتحقق إذا كان الزمانان المذكوران لم ينقضيا. (محرم).

(٢) قوله : (ويجعل الأول مثالا) ليكون النشر على ترتيب اللف وأن احتمل الثاني بتقدير المضاف أي : في فجر يومنا. (س).

(٣) قوله : (كما يتوهم بحسب الظاهر) فالظاهر أن يكون المثالان للمعنيين وإنما قال : (يتوهم) لأنه بعد التأمل لا يساعده كون المثالين لسما إلا بتكلف. (سيالكوني).

ـ يعني أن حمل المصنف على ترك المثال للأول لا يليق بل الظاهر حمله على أنه أورد المثالين للمقصد كما هو الظاهر من حاله. (أيوبي).

(٤) ولا حاجة إلى تقدير وقت مضاف إلى الدخول ؛ لأن ذلك إنما هو في مد ومنذ الاسمين ليصبح الحمل كما مر. (عبد الحكيم).

(٥) وحاشا على الأصح وعدا وخلا على الأضعف ولولا عند سيبويه إذا كان مجرورها مضمر أو هي لامتناع شيء لوجود غيره ولات عند عيسى إذا كان مجروها ظرف زمان. لب الألباب.

(٦) قوله : (لاستثناء ما بعدها) وإذا استعمل حاشا في الاستثناء وفي غيره فمعناه تنزيه الاسم الذي بعده من سوء ذكر فيه أو في غيره فلا يستثنى به إلى في هذا المعنى. (رضي).

(٧) وهو مذهب المبرد والكوفين.

(٨) قوله : (الحروف المشبهة) كان الأنسب تقديمها على الحروف الجارة على طبق تقديم المرفوع والمنصوب على المجرور إلا أنه أوعى أصالة حرف الجار في العمل لها وفرعية جنة الحروف. (عصام).

(٩) وقال ابن مالك : إن سبب أعمالها اختصاصها بمشابهة كان الناقصة في لزوم الخبر والمبتدأ والاستغناء بهما. طبيعي.

٣٨٠