شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

على الحركات البنائية في غير (لدن) (١) وعلى السكون في (لدن) ، وبين تركها تحرزا (٢) عن اجتماع النونات (٣) ، ولو حكما كما في (لعلّ) لقرب اللام من النون المخرج ، وحملا على أخواتها كما في (ليت).

(ويختار) لحوق نون الوقاية (في ليت) من بين أخوات (إنّ) لعدم مانع في ذاتها ، والحمل على أخواتها خلاف الأصل (٤).

(و) في (من وعن وقد وقط) وهما بمعنى (حسب) للمحافظة على السكون اللازم) الذي هو الأصل في البناء مع قلة الحروف.

(وعكسها) أي : عكس (ليت) (لعل) في الاختيار.

فالمختار فيها ترك النون ، لثقل التضعيف وكثرة الحروف.

(ويتوسط (٥)

__________________

(١) فإنه في قوة اجتماع أربع نونات ؛ إذ ليس الفاصل بين اللامين الأحرف واحد. (عبد الغفور).

(٢) أما جواز الإثبات في المضارع مع النون مرعاة له على القياس المتقدم نظرا إلى أن النون من تتمته في الظاهر وأما جواز الحذف فلكراهتهم اجتماع النونين مع الاستغناء بأحدهما عن الآخر فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون المحذوفة نون الإعراب إذا حذف بخلاف العكس مع أن منشأ الثقل هو نون الوقاية مفيدا لما يفيده نون الوقاية ؛ كما هو مذهب البعض قلت : لرجحان كون نون الإعراب لأنها ثابتة فكانت أولى بالحذف وأما جواز إثباتها حفظا لبنائه الوضعي على السكون وأما جواز الحذف فلكونها من الأسماء والأسماء لا احتياج لها إليها مع استلزام اجتماع المثلين وأما أن وأخواتها فالإثبات فيه لأجل المحافظة على فتحاتها ؛ لأنها مشابهة الماضي فتصان عن الكسرة كما صين وأما الحذف فلكراهة اجتماع النونات في الأربعة الأولى والأخيران محمولات عليها. (عوض).

(٣) وهو اجتماع النونات كما في الأخوات التي فيها النون والتضعيف كما في لعل والموجب لعدم النون هو الحمل على أخواتها وهو خلاف الأصل فكان الإتيان بالنون مختارا. (وجيه الدين).

(٤) أما جواز الإثبات فلكونها مشابها للفعل وعدم اجتماع النونات وأما جواز الحذف فللحمد على البواقي وأما كون الإثبات مختارا فلأن مشابهة ليست بالفعل أقوى في التأثير من مشابهتها لأخواتها ؛ لأن الفعل أقوى من الحروف قال سيبويه : لا يحذف فيه إلا لضرورة نحو قوله : كمنيبة جابر ؛ إذ قال ليتني أصادق وأفقد بعض مالي (عافية).

(٥) وقوله : (ويتوسط) أي : يدخل أو يقع ولم يقل ضمير مرفوع لمكان الاختلاف في كونه ضميرا فأورده ما هو المتفق عليه فعند أكثر البصريين أنه حرف استنكار لخلو الاسم من الإعراب لفظا ـ

٤١

بين المبتدأ والخبر (١) قبل العوامل) (٢) مثل : زيد هو القائم ، (وبعدها) أي : بعد العوامل، نحو : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ) [المائدة : ١١٧].

(صيغة (٣) مرفوع) ولم يقل ضمير مرفوع لمكان الاختلاف في كونه ضميرا.

(منفصل مطابق للمبتدأ) إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا وتكلما وخطابا وغيبة (يسمى) هذا المرفوع (فصلا) (٤) وذلك التوسط (ليفصل) (٥) ذلك المرفوع المتوسط (بين كونه) أي : كون الخبر (نعتا وخبرا) فيما يصلح لهما ثم اتسع فيه ، فادخل فيما لا لبس فيه وذلك عند اختلاف الإعراب ، وكون المبتدأ ضميرا وغير ذلك (٦) بالجمل على صورة اللبس.

__________________

ـ أو محلا وقال الخليل : إن اسم لا محل له من الإعراب وقال الكوفيون : له محل من الإعراب ، ثم قال الكسائي: محله بحسب ما بعده قال الفراء : بحسب ما قبله وهذا الاختلاف نقله ابن هشام والرضي نقله خلاف ذلك فقال: عند أكثر البصرية أنه اسم وقال بعض البصريين : إنه حرف. (فاضل وجيه الدين).

(١) أي : قبل الدخول على المبتدأ والخبر العوامل اللفظية وهي كان وإن وظننت وأخواتها.

(٢) قوله : (العوامل اللفظية) لأنها المتبادر ولا حاجة إليه إلا أنه ذكر توطئه لقوله : أو بعدها وهما ضميران لم يكونا بعد العوامل مبتدأ وخبرا لكن يصح التعبير عنهما بالمبتدأ والخبر حقيقة ؛ لأن المبتدأ والخبر ليسا بمشتقين حتى يجب اتصاف ما قصد بهما لمفهوميهما حتى تعلق الحكم بهما وليس التركيب من قبيل رأيت هذا الشاب في شبابه وصباه ؛ لأنه تعليق بالمشتق وجمع بين الحقيقة والمجاز ، فمن تمسك في كون ما نحن فيه حقيقة يكون هذا التركيب حقيقة فقد غفل والقول بأنه من الجمع بين الحقيقة والمجاز لا من قبيل عموم المجاز بعيد عن الصحة والجواز. (عصام).

(٣) قوله : (صيغة مرفوع) ظاهر في أنه اختار مذهب الخليل أنه حرف على صورة الضمير أي : لا يقال : إنه على اسم الضمير. (عصام).

(٤) والكوفيون يسمون عمادا لكونه حافظا ما بعده حتى لا يسقط عن الخبرية كالعماد في البيت الحافظ السقف من السقوط. (رضي الدين).

(٥) فقال المتأخرون إنما سمي فصلا ؛ لأنه فصل بين كون ما بعده تبعا وكونه خبر ؛ لأنك إذا قلت : زيد القاتم جاز أن يتوهم السامع كون القائم صفة فينتظر الخبر فجئت بالفصل لتعين كونه خبرا قال الخليل وسيبويه : فصلا لعضله الاسم الذي قبله عما بعده بدلالته على أن ما بعده ليس من تمامه بل هو ، وقال : المعنيين إلى شيء واحد لا أن تقديرهما أحسن. (وجيه الدين).

(٦) ككون الخبر أعرف من المبتدأ نحو المنطلق زيد وليس فيه ليس الخبر به الصفة ؛ لأنها لا يكون أعرف من الموصوف أو كون الخبر.

٤٢

(وشرطه) (١) أي : شرط الفصل بذلك المرفوع (أن يكون الخبر معرفة) لأن الفصل إنما يحتاج إليه فيها (أو أفعل من كذا) لا لحاقة بالمعرفة لامتناع اللام (٢) (مثل : كان زيد هو (٣) أفضل من عمرو) (٤).

واقتصر على مثال (أفعل) من بعد دخول العوامل دون المعرفة ، ودون الخبر قبل العوامل ، لاستغنائهما عن المثال لكثرتهما.

(ولا موضع له) أي : للفصل من الإعراب (عند الخليل) لأنه حرف عنده على صيغة الضمير ، وعند (٥) بعضهم : اسم مبني لا مقتضي فيه للإعراب ، ولا عامل (٦) ، لكن الخليل استبعد إلغاء الاسم ، فذهب إلى حرفيته.

(وبعض العرب يجعله مبتدأ) (٧) أي : يستعمله (٨) بحيث يحكم النحاة بكونه مبتدأ(٩) ، وإلا فالعرب لا تعرف المبتدأ والخبر.

__________________

(١) ولما كان جواز التوسط بشرط شيء لا مطلقا شرع المصنف في بيان ذلك الشرط.

(٢) لقيام من فيه مقام اللام ولهذا امتنع الجميع بينهما لا يقال : زيد الأفضل من عمرو.

ـ فلا يقال : زيد الأفضل من عمرو كما يمتنع دخوله على المعرفة.

(٣) نقول : غرضه من التمثيل توضيح الفرق بين هذا المذهب ومذهب بعض العرب وهذا الغرض يترتب على مثال يخالف ما بعد الفصل ما قبله إعرابا. (عصام).

(٤) ومما يجري مجرى افعل من فعل المضارع نحو زيد هو يضرب لامتناع دخول اللام على الفعل ولفظ المثال في قولك : حسبك أنت مثله لعدم قبوله حرف التعريف أيضا وهو عند الاخفش يتوسط بين حال وصاحبها أيضا نحو ضربت زيدا هو ضاحكا ومن شرطة أيضا حتى تأخير الخبر لو قدم لا ستغنى عنه خلافا للكسائي. (خبيصي).

(٥) نقد الشارح مذهبا آخر فيه وهو المذهب الذي استعبده الخليل.

(٦) وليس هذا المرفوع بعامل من العوامل اللفظية والمعنوية وهذا كالعلة لقوله : لاقتضى.

(٧) وبعضهم يجعله تأكيدا لما فيه وعينه دخول لام التأكيد عليه فإن لام التأكيد لا تدخل التوكيد. (لاري).

(٨) وفرق بين قولنا جعله العرب مبتدأ وبين قولنا جعله النحوي مبتدأ فمعنى الأول يستعمله بحيث يكون من أفراد المبتدأ ومعنى الثاني أنه صفة بكونه مبتدأ ومن لم يفرق قال : معناه أن العرب يستعمله. (عصام الكافية).

(٩) يعني ، وأن لم يكن الجعل بمعنى الاستعمال على ما فسره وأبقى على معناه الحقيقي وأسند إلى العرب إسنادا حقيقيا فلا يصح هذا الإسناد ؛ لأن العرب لا يعرف. (عبد الله).

٤٣

(وما بعده خبره) فقوله : (خبره) إما مرفوع على أنه خبر والجملة حال أو منصوب عطفا على ثاني مفعولي (١) (يجعله) (٢) وإنما يعرف من (٣) العرب جعله مبتدأ برفع ما بعده في مثل : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ) و (علمت زيدا هو المنطلق).

وفي بعض نسخ المتن (مبتدأ ما بعده خبره) بدون الواو وحينئذ الرفع متعين.

(ويتقدم قبل الجملة) (٤) وإيراد لفظ (قبل) لتأكيد التقدم ؛ لأن تقديم الضمير على مرجعه غير معهود ، ولا يبعد أن يقال معنى الكلام : ويقع متقدما من غير سبق مرجع(٥) ، وذلك بحسب المفهوم أعم من أن يكون قبل الجملة أولا فلذلك قيده بقوله (قبل الجملة) أي : قبل (٦) هذا الجنس (٧) من الكلام.

(ضمير (٨)

__________________

(١) الصواب أنه من بابل عطف المعمولين بعاطف واحد على معمولتين.

(٢) وما مع صلته في محل النصب معطوف على الضمير المنصوب في يجعله. (الهندي).

(٣) أراد الشارح أن يذكر العلامة التي يعرف بها جعله مبتدأ فقال : (إنما يعرف). (أيوبي).

(٤) إشارة إلى دفع ما أورد في الحواشي الهندية من أن لفظ قبل حشو لا فائدة فيه إذا الغرض يحصل بأن يقول ويتقدم الجملة ضمير غائب ووجه الدفع أن هذا مقام إنكار ؛ لأن تقديم الضمير على مرجعه الذي هو الجملة غير معهود فأكد التقديم بلفظ قبل لدفع الإنكار أو يقال ليس المراد ويتقدم الجملة ضمير غائب حتى يلزم الحشو بل المراد ويقع متقدما وهذا بحسب المفهوم أعم من أن يكون ما قبل الجملة وقبل المفرد فخض وقيد بقوله : (قبل الجملة) كما يخص جميع العمومات فلا حشو ولا استدراك كما في سائر العمومات والتخصيصات فكأنه قال ويقع متقدما على الجملة. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (من غير سبق مرجع) فليس بداخل في المراد لدفع الحشو وإنما هو تخصيص دفع انتقاض نحو الشاه هو زيد قائم كما سيصرح به. (وجيه).

(٦) قوله : (أي : قبل هذا الجنس من الكلام) سيشير إلى توجيه ما أعاد المصنف المعرفة بالظاهر حيث قال يفسر بالجملة مع أن المتبادر إعادة المعرفة بالضمير لكن هذا إذا كان المراد بالثاني عين الأول وأما إذا كان غير الأول فبالظاهر كما في هذا المقام إذ المراد بالجملة الأولى جنس الجملة وبالثانية الخصة من الجنس المذكور فهما متغايران.

(٧) دفع توهم يرد على عبارة المصنف بأن قوله : (بالجملة) في قوله : (يفسر بالجملة) بعده مستدرك لا فائدة له ؛ لأن المقام مقام الضمير فالحق أن يقول : بما بعدها بأن يقال : معناهما مختلف فإن أريد بها ما هو أخص مما قبلهما وفي مثله يؤتى بالضمير.

(٨) اعلم أن هذا الضمير مفارق سائر الضمائر من وجوه الأول : أنه لا يحتاج إلى تقديم ما ـ

٤٤

غائب يسمى ضمير الشأن) (١) إذا كان مذكرا رعاية للمطابقة ؛ لأن الضمير راجع إليه (و) ضمير (القصة) (٢) إذا كان مؤنثا.

ويحسن تأنيثه إذا كان العمدة فيها مؤنثا لتحصل المناسبة.

(يفسّر) ذلك الضمير الغائب لإبهامه (بالجملة) المذكورة (بعده) أي : بهذه الحصة من الجنس المذكور.

والظاهر أن قوله (يسمى ضمير (٣) الشأن والقصة) معترضة بيان للواقع ليس داخلا في بيان القاعدة.

__________________

ـ يفسره ، الثاني : أنه لا يعطف عليه ، الثالث : لا يؤكد ، الرابع : أنه لا يبدل والسر فيها أنها توضيحية والمقصود منه الإبهام هكذا في بعض شروح ، الخامس : أنه لا يجوز تقديم خبره عليه ، السادس : أنه لا يشترط عود ضمير من الجملة ، لأنها لما جرّت بحرف للمفرد من إنما هي المبتدأ ، لم يحتج إلى عائد كما لا يحتاج المخبر عنه إليه ؛ لأنه لا يفسر إلا بالجملة ، السابع : أن الجملة بعده لها محل من الإعراب ، الثامن : أنه لا يقوم الظاهر مقامه ، التاسع : أنه لا يكون إلا غابا ، والعاشر : أنه لا يجوز تثليثه وجمعه ، الحادي عشر أنه لا يستعمل أو يستعمل لعلة إلا في موضع يراد منه التعظيم والتفخيم.

(١) والضمير وهو ما دل على تكلم كأنا أو مخاطب كأنت أو غائب هو ولا بدّ ففسره إما معلوم أي : متفعل في الذهن نحو : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً)[يوسف : ٢] وإما مذكرا نحو : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ)[البقرة : ١٢٤] الآية ، أو رتبة لا لفظا نحو : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)[طه : ٦٧] ، أو متأخرة لفظا ورتبتا وهي منحصرة في سبعة ذكرها في الغني والشذوذ. (شرح القطر لابن هشام).

ـ وهي ضمير الشأن ، والقصة ، والضمير المخبر عنه بمفسر نحو : (ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا)[الأنعام: ٢٩] أي : ما الحياة إلا حياتنا الدنيا ، والضمير في باب ربّ ونعم ، والتنازع المتقدم على المفعول المتأخر. (شرح القطر).

(٢) لرجوعه إلى المؤنث ، أي القصة إذا كانت في الجملة المفسرة مؤنث لقصد القصة ، نحو قوله تعالى : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا)[الأنبياء : ٩٧] وهو مع ذلك جائز.

(٣) والفرق بين ضمير الشاذ والضمير المبهم مع أن كل واحد منهما يحتاج إلى ما يفسره أن ضمير الشأن يرجع إلى الشأن المسؤول عنه الملحوظ على الإيجاب فيجاب عنه بأن الشأن الذي تطلب بعينه هو هذا بخلاف الضمير المبهم فإنه لا يعلم ما يعني به إلا ما يتلوه من المفسر كما تقول : هي العرب تقول : ما شاء فلذا قيل : إنه نكرة.

ـ الشأن والحديث والأمر والحال والقصة بمعنى واحد فإن أريد ضمير الشأن والحديث أو الأمر يكون ذلك الضمير مذكرا وإن أريد الحال والقصة يكون مؤنثا هذا الشيء لتنبيه المتكلم. (مظهر).

٤٥

فإنه لا دخل للتسمية في هذا الحكم ، فإنه ثابت سواء وقعت هذه التسمية أولا.

وأيضا يلزم استدراك قوله (يفسر بالجمل بعده) فعلى (١) هذا (٢) لو لم يحمل التقدم على ما ذكرنا انتقض القاعدة بقولنا (الشأن هو زيد قائم) على أن يكون (هو) مبتدأ راجعا إلى الشأن ، و (زيد قائم) خبرا عنه.

فإنه يصدق عليه أنه ضمير غائب تقدم قبل الجملة مفسرا بالجملة بعده.

فإنه باعتبار (٣) رجوعه إلى الشأن لا يخرج عن الإبهام بالكلية (٤) بل إنما يرتفع بجملة (زيد قائم) كما لا يخفي.

(ويكون) ضمير الشأن أو القصة (متصلا ومنفصلا) (٥).

وإذا كان متصلا يكون (مستترا (٦) وبارزا على حسب العوامل).

فإن (٧) كان عامله معنويا بأن كان مبتدأ كان منفصلا وإن كان لفظيا يصلح لاستتار الضمير فيه كان مستترا وإلا بارزا (٨) (مثل (هو زيد قائم) مثال للمنفصل (و (كان زيد

__________________

(١) أي : على تقدير أن يكون قوله : (سمى ضمير الشأن) والقصة داخلا في القاعدة ؛ لأن قوله : (سمي ضمير الشأن) يخرج جميع ما عدا ضمير الشأن فلا حاجة إلى قيد يخرج ما عداه. (وجيه الدين).

(٢) أي : على ما ذكر من أن قوله : (ضمير يسمى ضمير الشأن) ليس بداخل في القاعدة لما سنبنيه مع أنه ليس بضمير الشأن بخلاف ما إذا دخلا فإنه لا ينتقض به ؛ إذ لا يسمى هذا ضمير الشأن.

(فاضل محشي).

(٣) كأنه قيل : يخرج من الإبهام برجوعه إلى الشأن ولا يحتاج إلى الجملة التي فسره فأجاب بقوله : (فإنه ... إلخ).

(٤) لأن الشأن لم يعلم أنه قيام زيد أم قعوده أم غير ذلك. فتأمل.

(٥) حيث وقع مبتدأ باعتبار قياس باب الضمائر. (عوض).

(٦) حيث وقع منصوبا سواء كان ناصبه فعلا نحو : ظننت زيد قائم أو حرفا كما في مثال المتن فيكون اتصاله وانفصاله واستناده وإبرازه على حسب. (عوض).

(٧) قوله : (فإن كان عامله معنويا) لم يأت بحق التفصيل وحقه أن يقال : إن كان معنويا أو حرفا وهو مرفوع كان منفصلا وإلا فإن كان مرفوعا يكون مستترا إلا فبارزا. (عصام).

(٨) أي : وأن لم يصلح بأن كان العامل معرفا حرفا كقوله تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ)[الجن : ١٩]. (حاشية).

٤٦

قائم) مثال المتصل المستتر (١) (وأنه زيد قائم) مثال للمتصل البارز.

(وحذفه) من اللفظ بإضماره ؛ لأنسيا منسيا حال كونه (منصوبا (٢) ضعيف) أي: جائز مع ضعف بخلاف ما إذا كان مرفوعا فإنه لا يجوز أصلا لكونه عمدة (٣) أما جوازه (٤) فلكونه على صورة الفضلات ، وأما ضعفه فلأنه حذف ضمير مراد بلا دليل عليه؛ لأن الخبر كلام مستقل ، مثاله :

إنّ من (٥) يدخل الكنيسة يوما

يلق فيها جآذرا وظباء

(ألا مع (أنّ) المفتوحة (إذا خففت فإنه) (٦) أي : حذفه بنيّة الإضمار هاهنا مع كونه منصوبا.

(لازم) (٧) كقوله تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)[يونس : ١٠]

__________________

(١) وإنما كان مستترا الوجوب استكنان الضمير المرفوع المفرد الغائب في الفعل بلا فصل. (حاشية).

(٢) اعلم أن ضمير الشأن إما مرفوع أو منصوب ولا يجوز أن يكون مجرورا ؛ لأنه مبتدأ أما لفظا أو معنى أو لأنه كناية عن الجملة. (عافية).

(٣) يريد عمدة لا دليل عليها لاستقلال ما بعدها وإلا فالمبتدأ مع كونه عمدة يحذف. (عصام).

(٤) قوله : (أما جوازه) فلكونه هكذا قالوا ، وفيه أن مجرد كونه على صورة الفضلات لا يصلح الحذف بل لا بد له من قرينة وجاز أن يقال : قد تقوم القرينة على الحذف وعلى خصوصية المحذوف أما على الحذف فكرفع الجزئين في نحو قوله عليه‌السلام «إن من أشد الناس عذابا يوم القيام المصورون» [أخرجه البخاري (٥٩٥٠) ، ومسلم (٢١٠٩)] وأما على خصوصية المحذوف فلأن حذف اسم الحروف المشبهة بما بالفعل إذا لم يكن ضمير الشأن لم يجز إلا في الشعر على ضعف من اللفظ. (عبد الغفور).

(٥) فمن مبتدأ ويدخل خبره ولا يجوز أن يكون اسم أن ؛ لأن له صدر الكلام فالمبتدأ والخبر في محل رفع بأنها خبران واسمها ضمير الشأن والتقدير إن من يدخل الكنيسة.

ـ قوله : (إن من يدخل الكنيسة) يفتح الكاف معبد النصارى وآلجاذر جمع جوذر بضم الجيم والذال المعجمة المضمومة ، ولد البقر الوحشية ، والظباء جمع ظبي والمعنى أن من يدخل معبد النصارى يوما يلق في ذلك المعبد النساء كالجآذر في سعة العين وكالضباء في شدة سواد العين. (وجيه الدين).

(٦) مستثنى مفرغ ، أي : ضعيف مع كل عامل إلا مع أن إذا خففت وإذا ظرف بمعنى المقارنة أو بمعنى الاستثناء أي : لا مقرونا بان وقت تخفيفها. (هندي).

(٧) أي : حذفه مع عدم الضعف لئلا يلزم مزيته للأضعف على الأقوى.

٤٧

وذلك لأنه قد خففت (إنّ) و (أنّ) لثقلهما بالتشديد الواقع فيهما وبعد تخفيفهما وجدوا (إنّ) المكسورة المخففة عاملة في الملفوظ كنا قال الله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١] ولم يجدوا (أن) المفتوحة المخففة عاملة في الملفوظ مع أنّ (أنّ) المفتوحة أقوى شبها بالفعل من المكسورة ، فهي أجدر بالعمل.

فإذا لم يجدوها عاملة في الملفوظ قدّروا عملها في ضمير الشأن لئلا يزيد المكسور عليها عملا من أنه أجدر به ولم يجوزوا إظهار ذلك الضمير ، لئلا يفوت التخفيف المطلوب هاهنا، كما يدل عليه حذف النون وحكموا بلزوم حذف ضمير الشأن مع (أن) المفتوحة إذا خففت.

(أسماء (١) الإشارة)

أي : أسماء الإشارة المعدودة (٢) في المبنيات بحسب الاصطلاح (ما وضع) أي : أسماء (٣) وضع كل واحد (٤) منها (لمشار إليه) أي : لمعنى مشار إليه إشارة حسية (٥) بالجوارح والأعضاء ؛ لأن الإشارة عند إطلاقها حقيقة في الإشارة الحسية. فلا يرد ضمير الغائب وأمثاله ، فإنها (٦) للإشارة إلى معانيها إشارة ذهنية لا حسية (٧) ، ومثل (٨) :

__________________

(١) لما فرغ عن بيان أحد أنواع المبني شرع في نوعه الثاني فقال (أسماء الإشارة). (عافية).

(٢) فسر أسماء الإشارة بأسماء المعدودة في المبنيات بحسب الاصطلاح دفعا للدور والمصرح ؛ لأنه أدخل قوله : (مشار إليه) في تعريف اسم الإشارة ، فالمراد باسم الإشارة الاصطلاحي وبقوله : (مشار إليه) معناه اللغوي فاندفع ذلك المحذور.

(٣) إنما فسر بقوله : (أي : أسماء) ليطابق أسماء الإشارة ، وقال : وضع كل واحدة ليطابق قوله المصنف المشار إليه حيث لم يقل : لمشار. (اليهي).

(٤) أشار به إلى أن التعريف للمفهوم المتحقق في كل فرد لا للأفراد وإلى وجه تذكير الفعل.

(٥) قوله : (إشارة حسية) هي مخيل امتداد واصل بين المخيل وما يصير غاية الامتداد وهي لا يكون إلا إلى محسوس مشاهد. (غفور).

(٦) فإن الضمائر ليست موضوعة للمعنى المشار إليه بالإشارة الحسية. (أيوبي).

(٧) فإنا إذا قلنا : زيد هو قائم فهو موضوع للإشارة إلى زيد لا وجود في الذهن لا إلى زيد الموجود الحاضر المحسوس المشاهد. (عبد الله أفندي).

(٨) جواب سؤال مقدر تقديره أن قولك : اسم الإشارة ما وضع لمشار إليه إشارة حسية متفوض بمثل ذلكم الله ربكم فإن ذا هاهنا للإشارة إلى الله والإشارة إلى الله لا يكون حسية بل ذهنية ؛ لأنها ـ

٤٨

(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) مما ليس الإشارة إليه حسية محمول على التجوز (١).

وإنما بنيت لشبهها بالحرف (٢) ، كما سبق.

(وهي) أي : أسماء الإشارة (٣) (ذا) حال كونها (للمذكر) الواحد (٤) والعامل(٥) في الحال معنى الفعل المفهوم من نسبة الخبر إلى المبتدأ.

(ولمثناه (٦) : ذان) رفعا (وذين) نصبا وجرا ، أي : وذان وذين حال كونهما لمثنى المذكر ، قدم ليكون (٧) الضمير أقرب إلى مرجعه ، وعلى هذا (٨) القياس في التراكيب الثلاثة الباقية.

__________________

ـ لا يتصور إلا إلى محسوس مشاهد والله تعالى نفسه منزه عن ذلك فأجاب بما ترى.

ـ (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) إشارة تعظيم قاضي من آخر القصص الظاهر أن معنى التعظيم يستفاد من الإشارة بلفظ الجيد تنزيلا لبعد درجة المشار إليه ورفعه محله منزلة المسافة كما في قوله تعالى : (الم ذلِكَ الْكِتابُ)[البقرة : ١ ـ ٢] فإن الأصل في أسماء الإشارة أن يشار بها إلى مشاهد محسوس قريبا أو بعيدا ؛ لأنه قد أشار به إلى محسوس حيز مشاهد إلى ما يستحيل إحساسه وتنزيلا الإشارة العقلية منزلة الحسية وما نحن فيه من هذا القبيل.

(١) أي : على المجاز ، أي : على الاستعادة المصرحة بأن يشبه غير المحسوس بالمحسوس المشاهد في غاية الظهور ويطلق عليه لفظ موضوع للمحسوس.

(٢) لاحتياجها في وضعها إلى ما يبين به من قرينة الإشارة وإما لأن وضعها بالأصالة وضع الحروف في البعض نحو ذا وثم حمل عليهما البواقي. (عوض).

(٣) بحسب المشار إليه على ستة أضرب في العقل ؛ لأنه إما مفرد أو مثنى أو مجموع وكل واحد منها إما مذكر أو مؤنث إلا أن العرب لما وضعت لفظ الجمع مشتركا بين المذكر والمؤنث فألفاظها بسبب ذلك لاشتراك خمسة أربعة منصوب وواحد مشترك. (عافية).

(٤) ولما كان المذكر اسم جنس شامل للتثنية والجمع أراد الشارح أن يبين أن المراد بالمذكر الواحد. (أيوبي).

(٥) كأنه قيل : قيل إذا كان حالا فلا بد من عامل فما العامل فأجاب بقوله : (والعامل).

(٦) واعلم أن اسم الإشارة حالتها متوسطة بين الظاهرة والمضمرة فأقربها من الظاهر جاز تصغيرها وتثنيتها ولقربها من المضمر جاز أن يكون ثنائية.

ـ وعند أبي إسحاق الزجاج أن المثنى مطلقا مبني لتضمنه معنى واو العطف إذ أصل زيدان زيد وزيد (هندي).

(٧) هذا جواب سؤال مقدر وهو أن قوله : (لمثناه) حال مع أنه قدم على صاحبه وهو ذان مع أنه لا يتقدم عليه في عرفهم فأجاب بقول : (ليكون أقرب).

(٨) أي : على تقديم الحال فقط أي : بدون اعتبار قرب مرجع الضمير ؛ لأنه لا ضمير في ـ

٤٩

فقوله (١) : (هي) مبتدأ ، وقوله : (ذا) مع ما عطف عليه مقيدا كل واحد منها بحال خبر له.

ويجيء (٢) في بعض اللغات (ذان) في جميع الأحوال الرفع والنصب والجر ، ومنه قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣] على أحد (٣) الوجوه.

(وللمؤنث) الواحدة (تا) (٤) قيل : هي الأصل في لغات المؤنث الواحدة ؛ لأنه لم يثن منها إلا هي.

(وذي) وقيل : هي الأصل لكونها بإزاء (ذا) للمذكر فينبغي أن يناسبها.

(وتي) بقلب الألف ياء (وته وذه) بقلب الألف والياء هاء بغير وصل الياء بهما.

(وتهي وذهي) بوصل الياء بهما.

(ولمثناه) أي : مثنى المؤنث (تان) في الرفع (وتين) في النصب والجر ولا يثنى (٥) من لغاته إلا (تا) لكثرة ورودها على الألسنة.

ووتوهم بعضهم من اختلاف أواخر (ذان وذين وتان وتين) باختلاف العوامل أنها معربة ، والجمهور على أن هذا الاختلاف ليس بسبب اختلاف العوامل ، بل (ذان (٦)

__________________

ـ قوله : (وللمؤنث تا) اللهم إلا أن يقال : الكلام على التغليب فيشابه إلى تقديم الحال مع قرب مرجع الضمير.

(١) قوله : (فقوله : هي مبتدأ ، وقوله : ذا مع ما عطف عليه مقيدا كل واحد منها بحال خبر له) فيعتبر العطف أولا ثم الحال فهذا مثل وأنواعه رفع ونصب وجر ومثل عدل ووصف وتأنيث وقد مر تحقيقه.

(٢) ولما كان في لفظ ذان لغتان أحدهما : ما اختاره الأمر ، وثانيهما : أن يكون مبنيا على ما يرفع به فقط أراد الشارح أن يبين فقال : (ويجيء).

(٣) قوله : (على أحد الوجوه) أحدها : هذا ، وثانيها : أن هاهنا بمعنى نعم و (هذانِ) مبتدأ و (ساحران) خبره ، وثالثها : ضمير الشأن محذوف والجملة خبر ضمير الشأن مفسر له ، كذا نقل عنه وإنما دخل اللام في خبر المبتدأ وإن كان قليلا ؛ لأنه يجوز مع قلة. (وجيه الدين).

(٤) تقلب للذان في المذكر تاء إذ العادة هي الفرق بينهما بها.

(٥) قوله : (ولا يثنى من لغاته) أي : لا رد على صورة المثنى فلا تثنية في المعنى بل اللفظ تمامه موضوع لمعنيين ولو كان مثنى لم يكن في مفهومه تعيين ؛ لأن المعرفة لا يثنى إلا بعد التنكير.

(٦) ذان اسم إشارة مبني على الكسر لا على الألف كما في نحو يا زيدان وكذلك ذي واللذين. (هكذا أفادني أستاذي).

٥٠

وتان) مرفوعان لتثنية المرفوع ، و (ذين وتين) لتثنية المنصوب والمجرور ، ووقوعهما على صورة المعرب اتفقي لا لقصد الإعراب لوجود (١) علة البناء فيها.

(ولجمعهما) أي : جمع المذكر والمؤنث (أولا) مدا وقصرا) أي : ممدودا ومقصورا.

وإذا كان مقصورا يكتب بالياء.

(ويلحقها) أي : أسماء الإشارة ، يعني : يدخل (٢) على أوائلها على سبيل اللحوق والعروض بعد اعتبار أصالتها (٣) (حرف التنبيه) وهي كلمة (ها) فهو في الحقيقة (٤) ليس منها ، وإنما هو حرف جيء به للتنبيه على المشار إليه قبل لفظه ، كما جيء بهاء للتنبيه على النسبة (٥) الإسنادية ، كقولك : ها زيد قائم ، وها إن زيد قائم.

(ويتصل بها) أي : بأواخر أسماء إشارة (حرف (٦) الخطاب) (٧) وهو الكاف تنبيها

__________________

(١) قوله : (لوجود علة البناء بها) كما في المفرد والجمع وذان ونان صيغتان ليستا مبنيتين على الواحدة ولو بنيتا عليها لقيل ذيان وتيان مذان صيغة للرفع وذين صيغة للنصب والجر قال الرضي : إن كل واحدة منها صيغة مستأنفة خلاف الظرف. (فاضل المحشي).

(٢) يعنى أن الظاهر أن يقال : يدخل إلا أن عدل عنه النكتة وهي التثنية على أن دخولها على سبيل العروض لا على سبيل الجزئية إلا أن الظاهر قوله : (ويلحق) ويتصل من باب التفسير في العبارة. (وجيه الدين).

(٣) وهو الهاء ليدل على تنبيه المخاطب من أول الأمر ليكون ذلك منهم تعظيما للأمر ومبالغة في إيضاح المقصود فيقال : هذا هذان هؤلاء ، ثم اعلم أن حروف التثنية إنما يتصل بها إذا لم يتحقق بآخرها اللام أما إذا لحق فلا يقال هذا لك والحكمة فيه عدم جواز الجمع بين الشيئين اللذين يفيد كل منهما ما يفيد الآخر ؛ لأن ذلك الحرف واللام للبعد فلا حاجة إلى ما يقال : إن المراد بقوله : (يلحقها) يلحق بعضها ؛ لأنه لا يجوز هذا لك قالوا : ففيه نظر. (عافية).

(٤) يعني : من فوائد كلمة اللحوق التنبيه على أنها ليست في الحقيقة منها على ما توهمه شدة الاتصال والامتزاج وكتابته كحروف الكلمة ولم يقل ويتصل بها لئلا يتوهم عدم جوار الفصل بينها وذا مع أنه كلمة أنا وأنتم وهو أخواتها تشير ومنه قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ.) (عصام).

(٥) على الاستماع والحفظ بمضمون الجملة التي بعدها لكونها من الأمور التي يجب أو يستحب الاعتناء بها. (أيوبي).

(٦) والدليل على حرفيته امتناع وقوع الظاهر موقعه وفيه أن ضمير أفعل كذلك وفيه أن وجد فيه دليل الاسمية وهو الاسناد إليه فكان الاسم واقعا موقعه حكما (هندي).

(٧) فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون ضميرا؟ قلت : لأنه لو كان كذلك إما ضمير مرفوع أو ـ

٥١

على حال المخاطب (١) من الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث وإنما جعلت هذه الكاف (٢) حرفا لامتناع وقوع الظاهر موقعها ولو كانت اسما لم يمتنع ذلك مثل : ضربك وبك) (٣)

وهي أي : حروف الخطاب (خمسة) (٤) والقياس يقتضي الستة ـ واشتراك خطاب الاثنين فرجعت إلى خمسة مضروبة (في خمسة) من أنواع أسماء الإشارة. يعني : المفرد والمذكر والمؤنث ، ومثناهما وجمعهما. وهي ستة راجعة إلى خمسة لاشتراك جمعهما.

وإنما قلنا : من أنواع أسماء الإشارة ؛ لأن إفراد المفرد المؤنث ترتقي إلى ستة (فتكون) أي : الحاصل من الضرب (خمسة وعشرين (٥) ، وهي) أي : تلك الهمسة والعشرون (ذاك إلى ذاكن) يعني : (ذاك) إذا أشرت إلى مذكر وخاطبت مذكرا و (ذاكما) إذا أشرت إلى مذكر وخاطب مذكرين و (ذاكم) إذا أشرت إلى مذكر وخاطبت مذكرين.

(و) على هذا القياس (ذانك) و (ذينك) إذا أشرت إلى مذكرين وخاطبت مذكرا (إلى ذانكن) و (ذينكن) إذا أشرت إلى مذكرين وخاطبت مؤنثات.

(وكذلك (٦) البواقي) يعني : (تاك) إلى (تاكنّ) و (تيك) إلى (تيكنّ) ، و (تانك)

__________________

ـ منصوب أو مجرور ولا جائز أن يكون ضمير مرفوع ومنصوب لعدم الرافع والناصب هاهنا وكذلك لا جائز أن يكون ضمير مجرور لاستلزامه تعريف المعرف. (عوض).

(١) غالبا نحو ذاك ، نحو قوله تعالى : (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ)[المجادلة : ١٢]. (محمد أفندي).

(٢) لأنها لو كانت اسما لكانت مضافا إليها لانتفاء واحتمال الغير ويلزم تعريف المعرف فيكون كالكاف في أياك حرفا دالا على الخطاب. (عجراوي).

(٣) أي : مقام ضربت زيدا مثال لما لا يمتنع وقوعه موقع الكاف.

(٤) وأسماء الإشارة خمسة على ما مر ، وأما تي وته وذه ففي معنى تا فيعد كلها لفظا واحدا أو يتصل خمسة الخطاب على كل من خمسة الإشارة فيكون خمسة وعشرين مثالا. (غجدواني).

ـ في اللفظ الاشتراك تثنية المذكور والمؤنث نحو ك بالفتح وك بالكسر. (عافية).

ـ ذكر العدد لاعتبار تذكير تمييزها أي : حروف الخطاب ولله در المصنف حيث أشار إلى تأنيث لفظ الحرف بقوله : (هي) وإلى تذكيره بقوله : (خمسة) وما في شرح العصام من أن المؤنث حرف الهجاء لا لفظ الحرف ليس كما ينبغي على أنه مخالف لما قاله في الحاشية فلا تغفل. (معرب).

(٥) لفظا ستة وثلاثين معنى ؛ لأن المعان ستة في ستة والألفاظ خمسة في خمسة. (غجدواني).

(٦) وإنما يقال كذلك للمناسبة بين قلة المسافة وقلة الحروف وكثرة الحروف وكثرة المسافات. (هندي).

٥٢

و (تنيك) إلى (تانكنّ وتينكنّ) و (أولئك) بالمد و (أولاك) بالقصر إلى (أولئكنّ) و (أولاكنّ).

وأما (ذيك) فقد أورده الزمخشري والمالكي.

وفي الصحاح : لا تقل (ذيك) فإنه خطأ.

(ويقال (١) : (ذا) للقريب و (ذلك) (٢) للبعيد و (ذاك) للمتوسط (٣) وآخر المتوسط ؛ لأن المتوسط لا يتحقق إلا بعد تحقق الطرفين.

ولما (٤) رأى المصنف كثرة استعملا كل (٥) من هذه الكلمات الثلاث مقام الآخرين منها لم يتخذ هذا الفرق مذهبا له وأحاله إلى غيره فقال :

(ويقال : (تلك وتانك وذانك) حال كون هاتين الأخيرتين ، (مشددتين (٦) :

__________________

(١) لما شرع في بيان الفرق بين تلك الأسماء في الاستعمال فقال : (يقال ... إلخ). (هندي).

ـ يعنى قال النحويون : الفرق بين ذا وذاك وذلك أن ذا إشارة إلى الحاضر وذاك إشارة إلى الغائب ليس ببعيد وذلك إشارة إلى بعيد وهذا ما وضعه الواضع وكذلك كسر اللام في ذلك ؛ لأنه لو فتحت لاشتبهت بلام لك فإنه لو قال : ذا لك بفتح اللام يظن السامع أن معناه هذا الشيء لك. (مجمل).

(٢) ويشار إلى المعنى الحاضر ؛ لأن المعنى غير مدرك بالحس فكان بعيدا وتاك مثل ذاك وتانك بالتخفيف.

ـ وقد يستعمل ذلك في موضع ذلكم كقوله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ)[النساء : ٢٥] كما قد يشار بما للواحد إلى اثنين كقوله تعالى : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ)[البقرة : ٦٨] وإلى الجمع كقوله تعالى: (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ)[الإسراء : ٣٨] بتأويل المثنى والجمع بالمذكور. (رضي الدين).

(٣) ونقل الثقاة لغة أخرى وهي إفراد حرف الخطاب وفتحه مطلقا تغليبا للواحد المذكر قال تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)[البقرة : ١٤٣] وقياس اللغة الأولى وكذلك فاعرفه. (محصول).

(٤) ولما كان عبارة المصنف في بيان المسائل هو ذكر أحكامها من غير إحالة إلى قائلها من غير التصدير بلفظ قيل : أو يقال وعدل هاهنا عن عادته حيث صدرها بلفظ يقال ، أراد الشارح أن يذكر نكتة عدوله فقال : (ولما رأى). (أيوبي).

(٥) من ذي القرب من أسماء الإشارة مكان ذى البعد منها بضرب من التأويل وكذا كل من ذي التوسط منها مكان كل ذي القرب والبعد أو بالعكس حاجه الشك في اختصاص بعضها بالقرب وبعضها للبعد واشتبه عليه أيهما للقرب وأيهما للبعد لم يتخذ هذا الفرق مذهبا. (وجيه).

(٦) قال الأندلسي : لا فرق بين تشديد النون وتخفيفها قربا وبعدا والنحاة فرقوا وذلك مذهب المبرد. (هندي).

٥٣

وأولا (١) لك باللام) أي : هذه الكلمات الأربع (مثل) (٢) كلمة (ذلك) في إفادة البعد.

ولا يبعد أن يجعل (ذلك) إشارة إلى كلمة (ذلك) (٣) المذكور سابقا وأما (تاك) و (ذانك) و (تانك) مخففتين ، و (أولاك) بغير اللام فللمتوسط وما (٤) هو للمتوسط بعد حذف حرف الخطاب منه للقريب.

(وأما (ثمّ) و (هنا) بضم الهاء وتخفيف النون (وهنا) بفتح الهاء وتشديد النون وهو الأكثر ، وجاء بكسر الهاء أيضا.

(فللمكان) الحقيقي الحسّي (خاصة) (٥) لا تستعمل في غير إلا (٦) مجازا على سبيل التشبيه (٧).

وأما ما عداها من أسماء الإشارة فقد تستعمل في المكان وغيره.

(الموصول) (٨)

أي : الموصول المعدود من المبنيات في اصطلاح النحاة :

__________________

(١) لبعيد جمع المذكر والمؤنث فيعلم منه أيضا أن أولا لقريب جمعهما وأولاك متوسط. (شرح الكافية عوض).

ـ ويزاد قبل الكاف لام البعد في الأفراد غالبا وفي الجمع قليلا ولا يراد في التثنية.

(٢) خبر مبتدأ وهو تلك مع ما عطف عليه فالمعنى أن هؤلاء كلهن مثل ذلك في أن يكون للبعيد. (عوض).

(٣) لأن ما عداه غير صالح لذلك ؛ إذ ليس فيما ذكره زيادتان إلا في ذلك (لاري).

(٤) لما كان المفهوم هاهنا محتملا للاستعمال في القريب والمتوسط أضطر حينئذ إلى التعين ، ثم شرع في بيان قاعدة.

(٥) حال من فاعل الظرف المستقر أو مفعول مطلق ، أي : أخص خصوصا ذكرت للتأكيد. (لاري).

(٦) نحو هنالك الولاية لله الحق أي : في ذلك الزمان لكن هنا يشار به إلى المكان القريب وهناك في المتوسط وثمة وهنا مشددة وهنالك إلى البعيد. (وجيه الدين).

(٧) وبينها وبين ما عداها فرق آخر إذا استعملت في المكان وهو أن هذه الألفاظ لا يكون إلا ظرفا والمستعمل مما عداها لا يلزم أن يكون ظروفا.

ـ أي : الاستعادة بالمكان سواء كان ذلك الغير زمانا كقوله تعالى هنالك الولاية أو مكانا كقول الفقهاء: مواقيت الإحرام ، أي : مواضعها. (لاري).

(٨) اعلم أن الموصول نوعان : اسم كالذي وحرف كان ويشترط وجود العائد إلى الموصول من الصلة في النوع الأول دون الثاني.

٥٤

(ما لا يتم (١) جزءا) أي : اسم لا يتم من حيث جزئيته ، يعني : لا يكون (٢) جزءا تاما أن كان (جزءا) تمييزا أولا يصير جزءا تاما أن كان (يتم) من الأفعال الناقصة.

والمراد بالجزء التام (٣) : مالا يحتاج في كونه جزءا أوليا ينحل (٤) إليه (٥) المركب أوّلا (٦) ـ إلى انضمام أمر آخر معه ، كالمبتدأ والخبر والفاعل والمفعول وغيرها (٧).

__________________

(١) وإنما قالك (جزأ) ولم يقل اسما كما قال بعض ؛ لأن احتياج الموصولات إلى الصلات للاسمية ؛ لأنها أسماء بدونها ، فإن قلت : كيف تكون أسماء وهن محتاجة إلى الأغيار وهذه الحاجة من خواص الحروف؟ قلت : هذه الحاجة ليست بالوضع فإن خاصة الحروف إلى متعلقها مشروطة في الوضع وحاجة الموصولات إلى الصلات عارضية غير مشروطة بالوضع. (غجدواني).

(٢) إشارة إلى أن التمييز لما انتصب عنه لا لمتعلقه والاتصال لا يكون جزؤه وإلى جعل المضمن أصلا والمضمن فرعا لقال : يعني لا يتم كائنا جزأ.

ـ تفسير على طريق يوضح أن التمامية صفة للجزء ؛ لأن التمييز هاهنا بمعنى الفاعل وأفاد أيضا أن النفي راجع إلى القيد أعنى نعي التمامية لا الجزئية. (شرح).

(٣) حمل الرضي الجزء التام على ركن الكلام كما ينساق إليه الفهم أولا وقال : معناه أن الموصول هو الذي لو أردت أن تجعله جزء الجملة لم يكن إلا بصلة هذا هو الحق ولكن الأوفق للتخصيص إذ لو أردت أن تجعله فضلة لم يكن إلا بصلة فلهذا مرن الشارح الجزء.

(٤) أي : يضاف إليه المركب وينزل إليه المزاد بالجزء التام ما هو ركن الكلام التام الذي يركب الكلام ولا معنى الوصول هو الذي لو أردت أن تجعله جزء الجملة لم يكن إلا بصلة هذا هو الذي ظهر لي في هذا المقام وهو الحق ؛ لأن ما يؤخذ من المير الشريف مردود من وجوه الله أعلم. (حاجي محمد أمين).

(٥) مثلا : زيد فإنك قطعت النسبة بينهما ينحل زيد قائم إلى المبتدأ والجذور لا يحتاجان في كونهما أوليان يتحمل أيهما المركب أولا إلى أمر آخر وثانيا ينحل المركب الموصول والصلة ولا يحتاج الموصول إلى أمر آخر بخلاف جاءني الذي قام أبوه فانك أنا قطعت النسبة بينهما ينحل المركب أولا إلى الفعل والموصول يحتاج في كونه جزأ أوليا ينحل إليه المركب.

ـ انضمام أمر آخر وهو الصلة : (شرح محمد).

(٦) لأنه إذا أنحل إليه انحلالا ثانويا يكون ذلك الجزء جزءا ناقصا لكونه جزءا جزء.

(٧) ومن هنا منشأ الاختلاف بينهم في أن الموضع من الإعراب محل للموصول وحده له مع صلته والحق أنه له وحده والصلة شرط خارج عنه بدليل ظهوره في مثل : جاءني أبوه قائم (عوض).

٥٥

وإنما نفي كونه جزءا تاما لا جزءا مطلقا ؛ لأنه إذا كان مجموع الموصول والصلة جزءا من المركب يكون الموصول وحده أيضا جزءا ، لكن لا جزءا تاما أوليّا؟.

(إلّا بصلة (١) وعائد) والمراد بالصلة : معناها اللغوي لا الاصطلاح فإن الاصطلاحي عبارة عن جملة مذكورة بعد الموصول مشتملة على ضمير عائد إليه ، فمعرفتها موقوفة على معرفة (٢) الموصول فلو عرف الموصول بها لزم الدور (٣).

والقرينة (٤) على أن المراد بها معناها اللغوي لا الاصطلاحي (٥) قوله : (وعائد) فإنه لو أريد بها معناها الاصطلاحي لكان هذا القول مستدركا ؛ لأنه لا خراج مثل : (إذا) و (حيث) وليس لهما صلة اصطلاحية.

ولقائل (٦) أن يقول (٧) : يمكن أن يعرف الصلة بما لا يتوقف معرفته على معرفة الموصول ، بأن يقال : الصلة جملة متصلة باسم لا يتم جزءا إلا مع هذه الجملة المشتملة على عائد إليه.

__________________

(١) واعلم أن الصلة كالدال من زيد والموصول كالزاي منه ، فالأولى أن لا تعمل فيما قبل الموصول فلا الصلة في الموصول وهو فيها. (شرح الجمع).

(٢) لأن معرفة المحدود موقوفة على الحد ومعرفته موقوف على أجزاء الموصول من أجزائه فمعرفة الصلة موقوفة على الموصول. (محرره).

(٣) فإنه لم يعرف ما الموصول فمن أين يعرف صلته؟ فمعرفة الموصول موقوفة على معرفة الصلة ومعرفة الصلة موقوفة على معرفة الموصول هل هذا الا دور.

(٤) جواب سؤال مقدر ، وهو أن يقال : إن استعمال الصلة بمعناه اللغوي عند النحاة مجاز ؛ لأنها عند النحاة عبارة عن جملة مذكورة ولا بد للمجاز من القرينة فالقرينة هنا ، فأجاب بقوله : (والقرينة). (محرره).

(٥) فإذا أريد بالصلة معناها الاصطلاحي فلا فائدة في ذكره ؛ لأنهما يحتاجان إلى الصلة ولا يحتاج إلى العائد.

(٦) قوله : (ولقائل ... إلخ) لا يقال : إن تعريف الصلة يصدق على الشروط للأسماء الشرطية نحو : من تضربه أضربه إلى غير ذلك ؛ لأنا نقول من في قولنا : من تضرب مفعول تضرب فهو جزء بدون جملة وبهذا عرفت أن من قال : بل يجب أن يحمل الصلة على الاصطلاحي وإلا لزم نقض الحد عن الشرطية فقد سها سهوا بينا. (عصام).

(٧) دفع لم يتوهم من أن تعريف الصلة بهذا يقتضي استدراك قوله : (وعائد) لأن العائد مأخوذ في تعريف هو مستغنى في تعريف الموصول عنه فأجاب بقوله : (وذكر العائد ... إلخ).

٥٦

فعلى هذا يجوز أن يكون المراد بالصلة معناها الاصطلاحي ولا يلزم الدور (١).

وذكر العائد مع أنه مأخوذ في مفهوم الصلة (٢) الاصطلاحية تصريح بما علم ضمنا (٣) مبالغة في الاحتراز عن مثل : (إذ ، وحيث) (٤).

ولما كانت (٥) الصلة بمعنييها أعم بحسب المفهوم (٦) من أن تكون خبرية أو غير خبرية، ولا تكون بحسب الواقع إلا خبرية ، والعائد أعم من أن يكون ضميرا أو غيره.

وإذ كان ضميرا أعم من أن يكون للموصول أو لغيره ـ والواجب (٧) أن يكون ضميرا للموصول ـ عينهما بقوله : (وصلته) (٨) أي : صلة (٩) ما لا يتم جزءا إلا بصلة.

(جملة (١٠)

__________________

(١) إذ لم يعرف الصلة الاصطلاحية بما يتوقف على الموصول كما في التعريف السابق وهو جملة مذكورة بعد الموصول مشتملة على عائد إليه. (وجيه الدين).

(٢) لا يخفى أنه تكلف ومع ذلك يلزم أن يكون لا يتم جزأ لغوا لدخوله في مفهوم الصلة.

(٣) قوله : (إلا بصلة) فإن الصلة يتضمن ضميرا عائدا إليه.

(٤) أي : عن الأسماء التي التزم ذكر الجملة بعدها وليس موصول فإن ذكر العائد في هذه الجملة التي وقعت بعد إذ وحيث ليس بملتزم وبهذا حصل الفرق بينهما وبين الموصول. (عبد الله أفندي).

(٥) يعني ليس المقصود تعريف الصلة كما هو الظاهر السوق حتى يرد أن التعريف غير مانع لكونه تعريف بالأعم. (عصام).

(٦) وإن كانت متساوية بحسب التحقق ؛ لأن الصلة لم يتحقق في الواقع إلا بالوصف المقصود وإما بحسب المفهوم فهي أعم من أن يكون. (حاشية).

(٧) وإنما قال الشارح : (والواجب) ، اهتماما بشأن كون الضمير ضميرا للموصول ؛ لأنه متفق عليه ؛ بخلاف وجوب كون العائد ضمير ، لأنه مختلف فيه. (شرح).

(٨) وإنما لم يقل : ما لا يتم جزأ إلا بجملة خبرية حتى يستغنى عن قوله : وصلته جملة خبرية ثانيا احترازا عن استعمال المجاز في التعريف ؛ لأن إطلاق الجملة على صلة الألف واللام مجاز.

(٩) جعل الضمير راجعا إلى ما اعتبر الصلة بالقياس إليه لا إلى الموصول.

(١٠) وإنما لم تكن الصلة مفردا ؛ لأن المفرد في نفسه غير تام لاحتياجه إلى ما يضربه كلاما ولذا كان ناقصا لم يجعل متمما للناقص.

ـ قال : جملة خبرية إنما كان كذلك ؛ لأن وضع الموصول على أن يطلقه المتكلم على ما يعتقد أن المخاطب يعرفه بكونه محكوما عليه بحكم معلوم الحصول له وذلك لا يتصور في الجملة وأما وقوع الجملة القسيمة صلة كقوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ)[النساء : ٧٢] فلأن الصلة هي جواب القسم وهو علة خبرية. (غفور).

٥٧

خبرية) (١) أو ما في معناها كاسمي الفاعل والمفعول (٢).

(والعائد (٣) ضمير) لا غير (٤) ضمير (له) أي : للموصول (٥) لا لغيره.

(وصلة (٦) الألف واللام اسم فاعل أو مفعول) (٧) لأن اللام الموصولة تشبه اللام

__________________

(١) معلوم للمخاطب ، فإن قيل : الموصول معرفة فكيف تبين الجملة وهي نكرة قلت : لا ضير فيه وقد يفيد النكرة ما لا يفيد المعرفة.

ـ ولو كانت الخبرية غير معلومة المضمون لا تقع صلة وبهذا ظهر الفرق بين الموصول والموصوف في مثل لقيت من ضربته ؛ لأن الموصول معلوم اتصافه بمضمون الصلة قل التكلم به بخلاف الموصوف فمعنى الموصول الإنسان المعهود ومعنى الموصوف إنسانا ما.

ـ لم تكن إنشائية لعدم كون مضمونها معروف للمخاطب قبل الإيراد كشف معلومة للسامع في اعتقاد المتكلم ليكون مضمونها حكما معلوما لردع له قبل المتكلم.

(٢) يعني أن الصلة أعم من أن تكون مركبة بالتركيب الإسنادي الخبري أو بالتركيب الغير الإسنادي بقرينة قوله بعده : (وصلة الألف واللام اسم الفاعل) واقتصار المصنف على الجملة الخبرية لكونها أصلا في الصلة.

(٣) والأصل كون الضمير الراجع إلى الموصول غائبا ؛ لأن الظواهر بأسرها غيب وقد يعدل عن الضمير الغائب إذا كان الموصول أو موصوفة خبرا عن المتكلم أو المخاطب نحو : قال علي رضي‌الله‌عنه :

أنا الذي سمتني أمي حيدره

أكيلكم بالسيف كيل السيدره

ونحو : أتيت الذي قال ، وإما إذا كان كل من الموصول والموصوف فخبرا عنه بأحدهما أو مشبها به فلا يجوز إلا الغيبة نحو الذي قال : أنا وأنت وعصام وغيرهما.

(٤) إلا نادرا فإنه قد يجيء الظاهر موضع الضمير نحو : جاء في زيد الذي ضرب زيد.

ـ تأكيد للقصر المستفاد من سوق الكلام أي : المراد بالعائد هو الضمير لا غير من العائدات.

(٥) لارتباط المذكور ثم ذلك العائد لا يجب أن يكون في جملة البتة بل لو وجد في متعلقها لكفن على ما مر في خبر المبتدأ. (عوض).

(٦) لما ذكر أن الصلة يجب أن يكون جملة استدرك ذلك فكأنه قال : لكن صلة الألف واللام اسم فاعل أو مفعول.

ـ عطف على ما قبلها من حيث المعنى كأنه قيل : صلة ما عدا الألف واللام جملة خبرية وصلة الألف واللام اسم فاعل. (معرب).

(٧) ولا يجوز أن يكون صلتها صفة مشبهة ولا اسم تفصيل ؛ لأنهما لبعدهما عن الفعل لعدم الدلالة على الحدوث لا يتناولان بالفعل فلا يصيران بمعنى الجملة.

٥٨

الحرفية ، فجعلت صلتها ما كان جملة معنى مفردا صورة ، عملا بالحقيقة والشبه جميعا.

(وهي) أي : الموصولات (الذي) (١) للمفرد المذكر (والتي) للمفرد المؤنث.

(واللذان) لمثنى المذكر (واللتان) لمثنى المؤنث ويكونان (بالألف) في حال الرفع (والياء) في حال النصب والجر.

(والأولى) على وزن (العلى) لجمع المذكر والمؤنث إلا أنه في جمع المذكر أشهر.

(والذين) (كاللائين) لجمع المذكر (واللائي) بالهمزة والياء ، (واللاء) بالهمزة المكسورة فقط (واللائي) بالياء فقط مكسورة أو ساكنة أجزاء للوصل مجرى (واللاتي واللواتي) لجمع المؤنث.

وجاء في (اللاتي) اللا ، بحذف الياء وإبقاء الكسرة على التاء ، وفي (اللواتي) (اللوا) بحذف التاء والياء معا.

(وما) بمعنى (الذي) فيما لا يعقل غالبا نحو : (عرفت ما عرفته) وجاء فيما يعقل ، نحو) والسماء وما بناها).

(ومن) أيضا بمعناه فيمن يعقل (٢).

ويستوي (٣) فيهما المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث.

(وأي) بمعنى (الذي) نحو : (أضرب أيهم في الدار) أي : اضرب الذي في الدار (وأيّة) بمعنى (التي) نحو : (اضرب أيّتهنّ في الدار) أي : التي في الدار.

(وذو الطائية) (٤) أي : المنسوبة إلى بني طيئ لاختصاص مجيئها موصولة بلغتهم

__________________

(١) أصله لذي عند البصرية زيدت اللام عليها تحسينا لفظ. (عوض).

(٢) وقد يجيء بغير العلم كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ)[النور : ٤٥] ، (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها)[الشمس : ٧] مجاز.

(٣) ومن فإنها موضوعة لذوات من يعقل وصفات غيرها وما لصفات من يعقل وذوات غيرهم كذا في أصول شمس الأئمة وفخر الإسلام وغيرهما ، والأكثرون على أن يعم العقلاء وغيرهم ويتناول ما ومن المذكر والمؤنث وإن عاد إليهما ضميره ويستعاذ أحدهما للآخر أما استعاذة من لما فلقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) أما العكس فكقوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها.)

(٤) أي : دل في الأشهر بمعنى العدا ويكون بمعنى الذي في لغة طي وهو اسم قبيلة. (عافية).

٥٩

بمعنى (الذي) أو (التي) قال الشاعر (١) :

 ...........

وبئري ذو حفرت وذو طويت

أي : التي حفرتها والتي طويتها.

(و (ذا) بعد (ما) الكائنة (للاستفهام) (٢) نحو : ماذا صنعت؟ أي : ما الذي صنعت.

(والألف واللام) أي : مجموعهما بمعنى (الذي) أو (التي) أو المثنى أو المجموع.

(والعائد (٣) المفعول) (٤) أي : العائد الذي لا يتم الموصول إلا به ، إذا كان مفعولا (يجوز حذفه) (٥) إذا لم يمنع مانع ؛ لأنه فضله إلا إذا كان فاعلا لكونه عمدة ، نحو قوله تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) أي : لمن يشاؤه.

__________________

(١) أوله :

فإن الماء ماء أبي وجدي

بئري كلام إضافي مبتدأ وذو حفرت خبره يقال : طويت البئر إذا بنيتها بالحجارة والمعنى أن الماء الذي فيه نزاع ماء أبي وجدي ورئتهما إياه وتبرئ أي : البئر المنازع فيه بئر التي حفرتها وطويتها. (وجيه وحلبي).

(٢) هذا رأى البصريين ؛ لأنهم خصصوا كونه بمعنى الذي بما وقع هذا الموقع بخلاف الكوفيين فإنهم عمموا ذلك يعني ذا عندهم إشارة بمعنى الذي وتقدم ما عليه ليس بشرط بل كل اسم إشارة عندهم يجيء بمعنى الموصول فيقدرون قوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ) بما التي بيمينك.

(٣) اعلم أن العائد لا يخلو من أن يكون مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا أو الآخر لا يخلو من أن يكون متسعا فيه بأن حذف الجار ووصل المجرور بمنزلة المفعول المنصوب أولا فإن كان مجرورا متسعا فيه يجوز حذفه.

(٤) الأصوب أن يقول ومتوسط كثر حذفه ؛ لأنه أقل حذف غيره.

ـ صفة العائد سوى العائد إلى الألف واللام فإنه لا يجوز حذفه لخفائه موصوليتها والضمير أحد دلائل موصوليتها. (عصام).

(٥) حذفا فصيحا لحصول العلم به بدلالة قرينة الكلام عليه مع كونه فضلة في الكلام واستطالته مع الموصول والصلة المركبة من الفعل والفاعل والمفعول ، كقوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً)[الفرقان : ٤١] أي : بعثه وقوله تعالى : (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ)[البقرة : ٦٨] أي : ما تؤمرون به ، وأما المرفوع فلا يجوز حذفه إن كان فاعلا لئلا يلزم حذف أحد جزئي الجملة مع احتياج إليه في حذف الفاعل ، وأما المرفوع الغير الفاعل والمجرور الغير المتسع فيه فلا يجوز حذفهما بلا ضعف فلا يكون حذف كل منهما فصيحا فعلى هذا الدفع ما نظر صاحب المتوسط. (عوض شرح الكافية).

٦٠