شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

موضوعة للأمر المقطوع (١) به.

(وب (أن) مقدرة) عطف على قوله : (بلم) أي : وينجزم المضارع ب : (إن) مقدرة ، وسيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.

(ف : (لم) لقلب المضارع ماضيا ونفيه) أي : نفي المضارع ولا يبعد (٢) لو جعل الضمير عائدا إلى ما هو أقرب أعني (ماضيا).

(ولما) مثلها) أي : مثل : (لم) في هذا القلب والنفي.

(وتختص) (٣) أي : (لما) بالاستغراق) (٤) أي : استغراق أزمنة الماضي من وقت الانتفاء إلى وقت التكلم ب : (لمّا) تقول : ندم فلان ولم ينفعه الندم ، أي : عقيب ندمه ، ولا يلزم استمرار انتفاء نفع الندم إلى وقت التكلم بها ، وإذا قلت : (ندم فلان ولما ينفعه الندم) أفاد استمرار ذلك إلى وقت التكلم (٥) بها.

(وجواز حذف الفعل) أي : وتختص أيضا (لمّا) بجواز حذف الفعل المنفي بها إن دل عليه دليل ، نحو : (شارفت المدينة ولمّا) أي : ولما أدخلها. وتختص أيضا بعدم دخول أدوات الشرط عليها ، فلا تقول : (إن لما يضرب ، ومن لما يضرب) كما تقول :

__________________

(١) قوله : (للأمر المقطوع به) أي وجوده في اعتبار المتكلم في المستقبل فلم يكن فيها معنيان الشرطية ؛ لأن الشرط هو المفروض وجوده. (حاشية).

(٢) قوله : (ولا يبعد) أي من حيث المعنى وفيه إشارة إلى بعده في الجملة وذلك ؛ لأن لم يدخل المضارع ويؤثر فيه القلب والنفي معا وكونه لنفي الماضي إنما يصح لو اعتبر النفي بعد القلب وهو خلاف الظاهر ولذا زاد كلمة لو وإلا فالظاهر ولا يبعد جعل الضمير. (سيالكوني).

ـ وتقديم الجزاء وهو قوله : (لا يبعد) على الشرط وهو قوله : (لو جعل) جائز عند الكوفية ويقدر الجزاء في مثله عند البصرية.

(٣) قوله : (ويختص) أي لما بالاستغراق فلا يبعدان يستفاد ذلك من تأكيد لم بما النافية فيكون تركيب لما من كلمة ولم وما. (عصام).

ـ هذا إشارة إلى فرق بين لم ولما بعد اشتركهما فيما كان. (لمحرره).

(٤) ولا يبعد أن الاستغراق يستفاد من تأكيد لم بما النافية فيكون لما من تركيب لم وما. (عصام).

(٥) يقال : ندم الأدم ولم ينفعه الندم وندم الشيطان ولما ينفعه الندم. (هندي).

٢٨١

(إن لم يضرب ، ومن لم يضرب) وكأنّ ذلك لكونها فاصلة قوية بين العامل (١) ومعموله(٢).

وتختص أيضا باستعمالها غالبا في المتوقع ، أي : ينفي بها فعل مرتقب متوقع ، تقول لمن يتوقع ركوب الأمير : لمّا يركب.

وقد يستعمل (٣) في غير المتوقع أيضا ، نحو : ندم فلان ولما ينفعه الندم.

(ولام الأمر) هي اللام (٤) المطلوب بها الفعل.

ويدخل (٥) فيها لام الدعاء ، نحو : (ليغفر لنا الله) وهي مكسورة (٦) وفتحها لغة وقد تسكن بعد الواو والفاء وثم ، نحو قوله تعالى : (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا) [النساء : ١٠٢] و (ثُمَّ لْيَقْضُوا) [الحج : ٢٩].

__________________

(١) قوله : (بين عامل) أي بين العامل الحرف وما يكون معمولا له وهو الفعل حيث يقلبه الاستقبال فلا يكون داخلا على الفعل بل على الحرف وذا لا يصح بخلاف لم فإنه فاصل ضعيف فكأنه من تتمة الفعل وجزء له فيصح دخول إن عليه لبقاء دخوله على معموله وهو الفعل لصيرورة لم جزأ منه فلا يرد ما قيل أن تصريح بأن حرف الشرط هو الجازم للمضارع المنفي بلم وليس كذلك. (سيالكوني).

(٢) قوله : (ومعموله) فيه بحث لأن أن في أن لم أضرب ليس عاملا في اضرب ؛ لأنه مدخول ومعموله وإنما مدخول إن لم أضرب. (عصام).

(٣) قوله : (وقد يستعمل) إشارة إلى فائدة قوله : (خاليا) يعني : الاختصاص الاستعمال الغالب لا لمطلق الاستعمال فإنها قد تستعمل قليلا بالنسبة إلى الاستعمال الأول. (أيوبي).

(٤) قوله : (اللام المطلوب بها الفعل) أي : غير فعل الفاعل وهو المخاطب أما فعل المفعول أو فعل الفاعل الغائب المذكور وأما فعل الفاعل المتكلم وهو قليل الاستعمال وكان القياس في أمر الفاعل المخاطب أن يكون باللام أيضا لكن لما كثر استعماله حذف اللام وحرف المضارعة تخفيفا وبنى لزوال مشابهة الاسم بزوال حرف المضارعة وقد جاء باللام وهو في الشعر أكثر منه في النثر. (عبد الحكيم).

(٥) ولما كان الأمر من الأعلى لم يطلق على الدعاء ولكن الدعاء داخلا في الأمر أشار بقوله : (تدخل فيها) إلى أنه وأن لم تدخل بهذا الاعتبار لكنها تدخل باعتبار صورتها. (تكملة).

(٦) قوله : (وهي مكسورة) للفرق بينهما وبين الأم الابتداء التي دخلت على المضارع ولأنها لما كانت عاملة عملا مختصا بالفعل لشبهه اللام الجارة التي تعمل عملا مختصا بالاسم فكسرت كما كسرت. (وجيه الدين).

٢٨٢

(ولا النهي) هي لا (المطلوب بها الترك) أي : ترك الفعل.

وفي بعض النسخ (ولا النهي ضدها) أي : لا النهي التي هي ضد لام الأمر. وهي التي يطلب بها ترك الفعل ، وهي تدخل على جميع أنواع المضارع ، المبني للفاعل والمفعول ، خاطبا أو غائبا أو متكلما.

(وكلم المجازاة) (١) المذكورة من قبل (تدخل على الفعلين لسببيّة) الفعل (الأول ، ومسببية) الفعل (الثاني) أي : لجعل الفعل (٢) الأول سببا والثاني مسببا.

وفي شرح المصنف (وكلم المجازاة ما يدخل على شيئين لتجعل (٣) الأول سببا للثاني).

ولا شك (٤) أن كلم المجازاة لا تجعل الشيء سببا للشيء فالمراد (٥) بجعلها الشيء سببا: أن المتكلم اعتبر سببية شيء لشيء ، بل بلزومية (٦) شيء لشيء وجعل كلم

__________________

(١) قوله : (كلم المجازاة) وهي من الحروف إن ومن الأسماء غير الظروف من وما وأي ومن الظروف الستة الباقية بلا شذوذ وهي أين ومتى وأنى ومهما وحيثما وإذما ومع الشذوذ كيفما وإذا. (خبيصي).

(٢) ولما كان السبب أعم من السبب الحقيقي ومن السبب الجعلي وكان المراد هذا الأعم ولم تساعد عبارة المصنف في كافيته لإفادة المراد أراد أن يفسر مراده قال : (أي : الجعل).

(٣) أي : للدلالة على السببية الجعلية كما يدل عليه بيانه والتفسير بإفادة كون الأول سببا للثاني خلل عن هذه الفائدة بل يتبادر منه السببية المحققة فلذا لم يفسرها بها أي : كلم المجازاة. (سيالكوني).

ـ قوله : (لتجعل الأول) فهذا قرينة على أن مراده بالسببية هو المعنى الأعم يعني سواء كان سببا له في الحقيقة أو في اعتبار المتكلم. (محرم).

(٤) ولما أسند الجمع إلى تلك المتكلم أشار إلى أن إسناده إليها مجاز فقال : (ولا شك).

(٥) قوله : (فالمراد بجعلها الشيء سببا) يعني : أن المراد يجعلها الشيء سببيا لإفادتها السببية التي اعتبرها المتكلم بين الشيئين سواء كانت تلك السببية حقيقة أو لا بل ملزومية شيء لشيء على ما حققه الرضي لئلا يرد نحو : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)[النحل : ٥٣] ونحوه إعراض عن معنى إلى معنى أو من لفظ إلى لفظ أظهر حكيم. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (بل ملزومية شيء) إشارة إلى ما ذكره الشيخ الرضي معترضا على الشيخ ابن الحاجب حيث قال : إن الشرط سبب والجزاء سبب بأن الشرط عندهم ملزوم والجزاء لازم سواء كان ـ

٢٨٣

المجازاة دالة عليها.

ولا يلزم (١) أن يكون الفعل الأول سببا حقيقيا للثاني ، لا خارجا ولا ذهنا بل ينبغي أن يعتبر المتكلم بينهما نسبة يصح بها أن يوردهما في صورة السبب والمسبب ، بل الملزوم واللازم كقولك : (إن تشتمني أكرمك) فالشتم ليس سبا حقيقيا للإكرام ، ولا الإكرام مسببا حقيقيا له ، لا ذهنا ولا خارجا ، لكن المتكلم اعتبر تلك النسبة بينهما إظهارا لمكارم(٢) الأخلاق يعني أنه منها بمكان يصير الشتم الذي هو سبب الإهانة عند الناس سبب الإكرام عنده.

(ويسميان) أي : هذان الفعلان ب : أولهما : (شرطا) لأنه (٣) شرط لتحقق الثاني (و) ثانيهما.

(جزاء) (٤) من حيث (٥) أنه يبتني على الأول ابتناء الجزاء على الفعل (٦).

__________________

ـ سببا نحو : لو كانت الشمس طالعة فالنهار موجود أو شرطا نحو : إذا كان لي مال فججت أولا شرطا ولا سببا نحو : إن كان زيد أبي فكنت ابنه وإن كان النهار موجودا فالشمس طالعة إلى غير ذلك ولعل مرادهم بالسببية مجز التوصل في اعتقاد المتكلم ولو دائما فيؤل إلى الملازمة الادعائية. (عبد الحكيم).

(١) قوله : (ولا يلزم) عطف على اعتبر داخل تحت المراد وعائد المعطوف عليه كاف في الربط أو استيناق لبيان فائدة قيد الاعتبار. (سيالكوني).

(٢) قوله : (لمكارم الأخلاق) جمع للكرمة بمعنى الكريمة والإضافة من قبيل أخلاق ثياب أي : الأخلاق المستحسنة المرضية. (حكيم).

(٣) قوله : (لأنه شرط) لتحقق الثاني الشرط ما يتوقف عليه الشيء ويكون خارجا عنه. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (جزاء) مجاز بطريق التشبيه من حيث أنه يبتنى على الأول ابتناء الجزاء على الفعل فإن لافتضائه الشرط والجزاء وجعلهما كشيء واحد المفتضيين طولا في الكلام أعمل الجزم تخفيفا وكذا العشرة الباقية تصمنها معنى أن لمناسبتها إياها في الإبهام. (اطه وى).

(٥) قوله : (من حيث أنه يبتنى على الأول) قد يبتنى كذلك وذلك إذا كان الأول سببا وأما إذا كان ملزوما من غير سببية فليس الأمر كذلك والأظهر أن المراد أنه يسمى الفعل الفعلان مع ما تعلق بهما شرط وجزاء ؛ لأن الشرط هو الجملة الأولى والجزاء هو الجملة الثانية. (عصام).

(٦) قوله : (الجزاء على الفعل) يعني أنه من قبيل تسمية المشبه باسم المشبه به. (محرم).

٢٨٤

(فإن كانا) أي : الشرط والجزاء (مضارعين) (١) نحو : (إن تزرني أزرك) (أو الأول) فقط.

(مضارعا) (٢) نحو : (إن تزرني فقد زرتك).

(فالجزم) واجب في المضارع لدخول الجازم وهو (إن) أو ما يتضمنها مع صلاحية المحل.

(وإن كان الثاني) مضارعا (فالوجهان) أي : ففيه الوجهان ، الجزم لتعلقه بالجازم ، وهو أداة الشرط والرفع (٣) ، لضعف التعلق لحيلولة الماضي والفعل بغير المعمول ، نحو : (إن أتاني زيد آته (٤) أو آتيه).

(إذا كان الجزاء (٥) ماضيا (٦) بغير (قد) لفظا) تفصيل للماضي ، نحو : إن خرجت خرجت ، (أو معنى) نحو : إن خرجت لم أخرج.

ويحتمل أن يكون تفصيلا ل : (قد) أي : لم يقترن ب : (قد) سواء كان (قد) ملفوظا ، كقوله تعالى : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) [يوسف : ٧٧] أو معنويا مقدرا كقوله تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ) [يوسف : ٢٦] أي : فقد صدقت.

(لم يجز الفاء) في الجزاء لتحقق (٧) تأثير حرف الشرط فيه لقلب معناه إلى

__________________

(١) وأن كانا ماضيين نحو : أن قمت قمت فلا جرم في كل واحد منهما لكونهما مبنيين. (وافية).

(٢) والثاني ماضيا فخبر كان محذوف نحو : فاني وقيار بها لغريب أو الأول عطف على المضمر المرفوع المتصل وهو ضمير كان بلا تأكيد لمكان المتصل. (هندي).

(٣) مثال الرفع قول زهير :

وإن أتاه خليل يوم مسغبة

يقول لا غايب مالي ولا جرم

(حاشية).

(٤) على كون الجزاء مرفوعا فإن علامة الرفع فيه الياء وحذفها علامة الجزم. (محرم).

(٥) لما فرغ من المسائل التي تتعلق بوجوب الجزء وجوازه شرع في المسائل التي تتعلق وجوب إدخال الفاء وجوازه وامتناعه فقال : (وإذا كان ... إلخ).

(٦) أشار إلى بيان الجزاء الذي يمتنع دخول الفاء عليه والجزاء الذي يجوز ولا يجب والجزاء الذي يجب والضابطة فيه إذا اثر حرف الشرط في الجزاء معنى قطعا لم يجز دخول الفاء عليه لعدم الاحتياج إليه وإن احتمل تأثيره وعدم تأثيره فيه جاز الأمر أن وإذا لم يؤثر قطعا يجب دخول الفاء عليه ليدل على أنه جواب الشرط. (وافية).

(٧) قوله : (لتحقق تأثير حرف الشرط) أي تحقق التأثير معنى وإن لم يتحقق لفظا أما إن ـ

٢٨٥

الاستقبال ، فاستغنوا فيه عن الرابطة ، كقولك (إن أكرمتني أكرمتك ، وإن أكرمتني لم أكرمك).

وإنما قال (بغير قد) ليخرج عنه الماضي المحقق الذي لا يستقيم أن يكون للشرط تأثير فيه كقولك : (إن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس) لوجوب دخول الفاء فيه.

(وإن كان) أي : الجزاء (مضارعا (١) مثبتا أو منفيا ب : (لا) (٢) احترازا عما إذا كان منفيا ب : (لم فإنه مندرج فيما سبق ، لكونه ماضيا معنى ، أو ب : (لن) حيث يجب فيه الفاء لعدم تأثير أداة الشرط فيه (٣) معنى.

(فالوجهان) الإتيان (٤) بالفاء وتركها (٥) ؛ لأن أداة الشرط لم تؤثر في تغيير معناه كما تؤثر في الماضي فيؤتى بالفاء ، وأثرت في تغيير المعنى حيث خلصت لمعنى الاستقبال (٦) ، فيترك الفاء لوجود التأثير من وجه وإن لم يكن قويا ، نحو قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ) و (مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ.)

__________________

ـ ضربت ضربت فظاهر وأما في إن خرجت لم أخرج فلأن الجزم لم لا بأن لقربه وسبقه معنى ؛ لأن إن دخل على لم أخرج لا على أخرج حتى يكون سابقا في الطلب ويتصور فيه التنازع. (عصام).

(١) قوله : (وإن كان مضارعا مثبتا) ينبغي أن يقيد بغير المجزوم بلام الأمر ، نحو : إن تكرم زيدا فليكرمك ؛ لأنه يلزمه الفاء لعدم تأثير حرف الشرط فيه معنى لكونه مستقبلا بلام الأمر وبغير الدعاء والتمني فإنهما مستقبلان تحقيقا قبل دخول أن فلا تأثير له فيها معنى وكذا الاستفهام على ما سيجيء. (عصام).

ـ قوله : (مضارعا مثبتا) قيل : في إطلاقه نظر ، حيث يمتنع ترك الفاء في المضارع بالسين وسوف ولام الأمر والجواب أن الإطلاق قد يكون قرينة على اعتبار قيد التجرد فالمعنى إن كان مضارعا مثبتا فقط مجردا عن دخول شيء من الحروف وحينئذ تدخل الصور المذكورة في قوله : وإلا فالفاء. (سيالكوني).

(٢) مثال : دخول الفاء في المضارع المنفي بلا كقوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً)[الجن : ١٣]. (أمير).

(٣) تقوله : (معنى) قيد به ؛ لأنه المناط لترك الفاء وإيراده. (حكيم).

(٤) مثل : إن قمت فيقوم أي : فهو يقوم من حيث أنه جعل خبر مبتدأ محذوف فلم يؤثر فيه حرف الشرط. (وافية).

(٥) مثل : إن قمت يقوم من حيث أنه لم يجعل خبر مبتدأ بل جواب الشرط وهو أولى ؛ لأن عدم الحذف أولى من الحذف. (وافية).

(٦) لأن المضارع المثبت والمنفي بلا كان محتملا للمحال والاستقبال قبل دخول الأداة. (سيالكوني).

٢٨٦

(وإلا) أي : وإن لم يكن الجزاء الماضي أو المضارع المذكورين.

(فالفاء) (١) لازمة فيه ؛ لأن الجزاء حينئذ إما (٢) ماض ب : (قد) لفظا كما تقول: (إن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس) أو تقديرا كما تقول (إن أكرمتني اليوم فأكرمتك أمس) بتقدير (فقد أكرمتك) وعلى كلا التقديرين لا تأثير لحرف الشرط في الماضي (٣) ، فاحتاج إلى الرابطة وهي الفاء.

وإما جملة اسمية أو أمر أو نهي (٤) أو دعاء أو استفهام أو مضارع (٥) منفي ب : (ما أو لم (٦) أو لن) إلى غير ذلك ، كالتمني (٧) والعرض.

وفي جميع هذه المواضع لا تأثير لحرف الشرط في الجزاء (٨) ، فاحتاج إلى الفاء.

__________________

(١) لتعذر تأثير أداة الشرط في الجزاء هو فيما كان الجزاء جملة اسمية كقوله تعالى : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)[الأنبياء : ٣٤] إذ يتعذر تأثير حرف الشرط في الاسم لكن يجوز العطف على الجملة الاسمية بالجزء لكونها في محل مجزوم ومنه قوله تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ)[الأعراف : ١٨٦] ويذرهم بالجزم في بعض القراءة.

(٢) قوله : (أما ما من ؛ لأن انتفائهما) إما بانتفاء أن يكون فعلا بل جملة اسمية وبانتفاء كونه ماضيا ومضارعا بمعناهما المحققين فيكون إما أمرا أو نهيا أو دعاء أو استفهاما ما أو إنشاء من غير طلب أو بانتفاء تجرد الماضي عن قد ونحوه فيكون بقد وما ولا وبانتفاء تجرد المضارع عن الحروف فيكون بالسين وسوف وأن ولام الأمر ولا النهي أو بانتفاء كون المضارع المنفي بلا بأن يكون منفيا بلن وما فإنه يجب في جميع هذه الصور الفاء. (حكيم).

(٣) أما في لفظ الماضي فظاهر وأما في معناه فلان لما كان مقارنا بقد امتنع أن يراد به الاستقبال. (أيوبي).

(٤) قوله : (أو نهى) كقوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ.) (أمير).

(٥) نحو : إن لم يضربك زيد فاضربه أو مضارع منفي بما نحو : أن لم يضربك زيد فما تضربه ووجه عدم تأثير حرف الشرط فيهما أن الاستفهام يبقى على احتماله ولا ينقلب إلى المستقبل والنفي بما للحال غير انقلاب. (عصام).

(٦) الواجب إسقاط قوله : (أو لم) فإنه صرح فيما سبق أنه ماض معنى مندرج في قوله : (إذا كان ماضيا بغير قد) وفي بعض النسخ لم يوجد.

(٧) ووجه عدم تأثير حرف الشرط في الدعاء والتمني أنهما مستقبلان تحقيقا قبل دخول أن فلا تأثير له فيهما معنى. (عصام).

(٨) أما في الاسمية فظاهر وأما في الأمر والنهي والدعاء والتمني والعرض والمنفي إن فلان ـ

٢٨٧

(ويجيء إذا) التي للمفاجأة (مع الجملة الاسمية) التي وقعت جزاء (موضع (١) الفاء) (٢) لأن معناها قريب من معنى الفاء ؛ لأنها تنبئ عن حدوث أمر بعد أمر ، ففيها معنى الفاء التعقيبية (٣) ولكن الفاء أكثر.

وإنما اشترط اسمية الجملة الجزائية ، لاختصاصها بها ؛ لأن (إذا) الشرطية مختصة بالفعلية ، فاختصت هذه بالاسمية فرقا بينهما ، كقوله تعالى : (إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦] أي : فهم يقطنون.

(وأن) التي يجزم بها المضارع حال كونها (مقدرة) إنما كانت مقدرة (بعد الأمر)(٤) نحو : (زرني أكرمك) أي : إن تزرني أكرمك.

(والنهي) نحو : (لا تفعل الشر يكن خيرا لك) أي : إن لم تفعله يكن خير لك.

(والاستفهام) نحو : هل عندكم ماء أشربه) لأن المعنى : إن يكن عندكم ماء أشربه.

(والتمني) نحو : (ليت لي مالا أنفقه) لأن المعنى إن يكن لي مال أنفقه (والعرض) نحو : (ألا تنزل تصب خيرا) أي : إن تنزل تصب خيرا ، إذا كان (٥) المضارع الواقع بعد

__________________

ـ زمانها الاستقبال قبل دخول التغيير إلى الاستقبال كالجملة وأما النفي بما فلانها لنفي الحال صريح فيه ويكون المراد بالمنفي بما الحال مع كونه جوابا للشرط. (وجيه الدين).

(١) أي : نائبا منا بها في جواب الشرط ولذا لا يجتمعان فيه واجتماعهما في نحو : خرجت فإذا السبع لا يضره. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (موضع الفاء) نبه على أن الفاء وإذا لا يجتمعان ولذا لم يقل : ويكتفي بإذا مع الجملة الاسمية مع أنه أخصر. (عصام).

(٣) لأن غاية التعقيب أن يحدث أمرا عقيب أمر وهما مشتركان في تلك الإفادة. (أيوبي).

(٤) قوله : (بعد الا مرآه ... إلخ) أعلم أن كل ما يجاب بالفاء فينتصب المضارع بعدها يصح أن يجاب بمضارع مجزوم إلا النفي. (حكيم).

(٥) وإنما قيد بذلك ؛ لأن قصد السببية متوقف والا فالشرط هو قصد السببية. (وجيه الدين).

ـ قوله : (إذا كان) اعتبر الصلاحية) ؛ لأن في الطلب مع ذكر يصلح جزاء له معنى الشرط على ما صرح به الرضي وليس مجرد لنفسه أو ادعاء السببية كافيا في ذلك كما وهم. (وجيه الدين).

ـ الواهم عصام الدين حيث قال : لا حاجة في تقدير إن إلى اشتراط الصلاحية بل يكفي قصد السببية فإن تحقق السببية كان الكلام صادقا وإلا كاذبا أو ادعاء لنكتة فتدبر. (عليرضا).

٢٨٨

هذه الأشياء الخمسة صالحا ؛ لأن يكون مسببا لما تقدم (وقصدا لسببية) (١) أي : سببية ما تقدم له فحينئذ يقد (إن) مع مضارع يؤخذ مما (٢) تقدم ، ويجعل المضارع الواقع بعد هذه الأشياء مجزوما بها (٣).

وإنما أختص بتقدير (إن) بما بعد هذه الأشياء ؛ لأنها تدل على الطلب (٤) والطلب(٥) غالبا يتعلق بمطلوب يترتب عليه فائدة يكون ذلك المطلوب سببا لها ، وهي مسببة له.

فإذا كان المضارع الواقع بعدها تلك الفائدة وقصد سببية الفعل المطلوب بتلك الأشياء لها قدر (إن) مع (٦) ذلك الفعل ويجعل المضارع الواقع بعدها جزاء فينجزم (٧) بها (نحو : أسلم تدخل الجنة).

فالمطلوب ب : (أسلم) هو الإسلام وهو مطلوب فائدته دخول الجنة ، فهو سبب لها ، وقصد أداء تلك السببية فقدر (ان) مع الفعل المأخوذ من (أسلم) وجعل (تدخل الجنة) جزاء له ، فقيل : إن تسلم تدخل الجنة.

__________________

(١) ظرف للانجزام المفهوم أي : إنما يجزم المضارع وقت قصد السببية. (محرم).

ـ أي : سببية الأول للثاني والمعنى في الجميع إن وقع الأول وقع الثاني. (أمير).

(٢) من الأمر والنهي من متعلقات مدخول الاستفهام والتمني والعرض وغيرها مثلا يؤخذ المقدر في زرنى أكرمك لفظ تزرني وفي لا تفعل الشي أي : لا تفعل وهكذا.

(٣) أي : بأن المقدرة وجزاء للشرط المقدر فيكون الأشياء المذكورة قرية على ذلك المقدر وتكون السببية قرينة للشرط فإن لم تقسد السببية لم يجز الجزء بل يرفع فيكون ما صفة أو حالا.

(٤) أي : طلب الفعل في الأمر والترك في النهي وطلب السلم في الاستفهام وغيرها.

(٥) قوله : (ولا طلب) وأما الخبر فإنما هو لإفادة مضمونه للمخاطب لا أنه مقصود ولغيره فلو جئت بعده بما يصلح لم يقع الجزء في جواب النفي وإنما قال : (غالبا) لأن أكثر أفعاله الاختيارية التي يتعلق بها الطلب مطلوبة لغيرها وقل فعل اختياري يطلب لذاته.

(٦) قوله : (قدّر إن مع ذلك الفعل) لوجود القرنية المغنية عن ذكرهما أعني : الفعل الدال على الطلب المشعر بالترتيب والسببية. (حكيم).

(٧) قوله : (فينجزم بها ... إلخ) ظاهرة مذهب الأخفش جزم الجزاء بهذه الأشياء لا بأن مقدرة ؛ لأنه قال : إن هذه الأوائل كلها فيها معنى إن فلذلك انجزم الجواب ومذهب غيره أن أن مع الشرط مقدرة بعد هذه الأشياء وهي دالة على ذلك المقدر ولعل ذلك لاستنكارهم إسناد الجزم إلى الفعل. (سيالكوني).

٢٨٩

(نحو (لا تكفر تدخل الجنّة) أي : إن لا تكفر تدخل الجنة ؛ لأن النهي قرينة الفعل المنفي لا المثبت.

(و) لهذا (امتنع : لا تكفر تدخل النار) عند الجمهور (خلافا للكسائي) (١) فإنه لا يمتنع ذلك عنده.

فامتناعه عند الجمهور (لأن التقدير) (٢) على ما عرفت (٣) (إن تكفر) تدخل النار ، وهو (٤) ظاهر الفساد.

وأما عدم (٥) امتناعه عند الكسائي ، فلأنه يقول : معناه بحسب العرف : إن تكفر تدخل النار.

فالعرف في هذه المواضع قرينة الشرط المثبت (٦).

والعرف قرينة قوية (٧).

__________________

(١) قوله : (خلافا للكسائي) فإن يجوز جعل النفي قرينة للإثبات كما في قولنا : لا تكفر تدخل النار أن تكفر وعكسه كما في قولنا : أسلم تدخل النار أي : أن لا تسلم وقد صرح بذلك نجم الأئمة لكن لا يخفى أن جعل النفي قرينة للإثبات أقرب نحو : لا تدن من الأسد يأكلك ولا تكفر تدخل النار أي : إن تدن ... إلخ وأن تكفر وذلك لاشتمال النفي على مفهوم الإثبات وكونه واردا عليه وأما العكس نحو : أسلم تدخل النار أن لا تسلم ففيه بعد إذ ليس في الإثبات اشتمال على مفهوم النفي ولذلك كان تجويز القسم الأول منه أشهر. (سيد شريف).

(٢) قوله : (لأن التقدير على ما عرفت) أي : يجب أن يكون المقدر مثل المظهر إثباتا أو نفيا أما قولهم : في العرض : ألا تنزل بنا تصب خيرا إلى أن ننزل فلأن كلمة العرض همزة دخلت على حرف النفي فتفيد الإثبات. (عبد الحكيم).

(٣) وهو كون النهي قرينة الفعل المنفي لا المثبت.

(٤) قوله : (وهو ظاهر الفساد) لأن عدم الكفر ليس سببا لدخول النار وإنما سببه الكفر. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (وأما عدم امتناعه ... إلخ) يعني : يجوز عند قيام القرينة أن يضمر المثبت بعد المنفي والعكس فيجوز : لا تكفر تدخل النار كما يجوز : لا تكفر تدخل الجنة ويجوز أيضا : أسلم تدخل النار بمعنى أن لا تسلم تدخل النار وما ذكر ليس ببعيد إن ساعده النقل. (رضي).

(٦) وإن كان النهي قرينة الشرط المنفي.

(٧) يعني : أن مثل هذا التركيب يعارض مدلول القرينتين أحداهما قرينة النهي فمقتضاه الامتناع والأخرى قرينة العرف فمقتضاه الجواز فاعتبر الجمهور الأولى والكسائي الثانية. (عبد الله أفندي).

٢٩٠

هذا إذا قصدت السببية وأما إذا لم تقصد لم يجز الجزم قطعا بل يجب أن يرفع إما بالصفة كان صالحا للوصفية كقوله تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي) [مريم : ٥ ـ ٦] فمن قرأ بالرفع ، أي : وليا وارثا ، أو بالحال كذلك ، كقوله تعالى : (وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأنعام : ١١٠] أي : عمهين.

أو بالاستئناف كقول الشاعر :

وقال رائدهم (١) أرسلوا (٢) نزاولها (٣)

فكلّ حتف امرئ يجري بمقدار

(الأمر)

هكذا في بعض النسخ ، وفي بعضها (مثال الأمر) وكان المراد به صيغة الأمر ، فإنهم يطلقون (أمثلة (٤) الماضي وأمثلة المضارع) ويريدون صيغهما وفي بعض الشروح : إنما قال (مثال الأمر) (٥) لأن الأمر كما اشتهر في هذا النوع من الأفعال كذلك اشتهر في المعنى المصدري أيضا.

فأراد (٦) النص على المقصود.

__________________

(١) (قال رائدهم) هو الذي يتقدم القوم لطلب الماء والكلأ هذا إشارة إلى الغنم وسائر المواشي (أرسوا) أي : أقيموا من أرسيت السفينة حبستها بالمرساة (نزاولها) أي : نحاول تلك الحرب ونعالجها (فكل حتف أمري يجري بمقدار) أي : أقيموا القاتل فإن موت كل نفس يجري بقدر الله تعالى لا الجبن ينجيه ولا الإقدام يرديه وفيه حث على الشجاعة. (مختصر في بحث الفصل).

(٢) أصله ارسبوا من الارساء وهو الإثبات أي : اثبتوا في مكانكم. (أمير).

(٣) قوله : (نزاولها) أي : الإستشهاد على أن قولة : (نزاولها) ليس بجواب الأمر حتى يكون مجزوما بها بل هو مستأنف المزاولة معاونة ومناصرة ومعالجة. (فاضل أمير).

(٤) قوله : (فإنهم يطلقون أمثلة الماضي ... إلخ) أقوى الشواهد على إرادة الصيغة أنهم يقولون لهذا الأمر بالصيغة فقوله : مثال الأمر بمنزلة قولهم : الأمر بالصيغة. (عصام).

(٥) اعلم أن الأمر بالصيغة مقابل الأمر باللام أفرده بالذكر لكونه قسما من الفعل برأسه مغايرا للمضارع لفظا ومعنى وحكما بخلاف النهي والأمر باللام فإنهما مع الحرف ليسا بقسمين من الفعل كالنفي وبدونها كالمضارع لفظا وحكما. (شرح اللباب).

(٦) قوله : (فأراد النص على المقصود) من أول الأمر فلا يرد أن الأمر المعروف بصيغة لا يحتمل المعنى المصدري فزيادة لفظ المثال لدفع توهم إرادته توهم بعيد.

ـ وإنما قال (أراد النص) لأن إضافة الصيغة إلى ما بعده للبيان كما في صيغة الماضي ـ

٢٩١

وهو (١) في اصطلاح النحويين والأصوليين مخصوص (٢) بالأمر بالصيغة كذا ذكره المصنف في شرحه.

(صيغة يطلب بها الفعل) شامل (٣) لكل أمر غائبا كان أو مخاطبا أو متكلما معلوما أو مجهولا.

(من الفاعل) احتراز عن المجهول مطلقا فإنه (٤) يطلب به الفعل عن المفعول لا عن فاعل.

(والمخاطب) احتراز عن الغائب والمتكلم.

(بحذف حرف المضارعة) (٥) احتراز عن مثل : قوله تعالى : فبذلك فلتفرحوا [يونس: ٥٨] فيمن قرأ على صيغة الخطاب (٦) وعن مثل : (صه) و (رويد).

__________________

ـ والمضارع وغيرهما فلا يرد أنه يجوز أن يكون الأمر بالمعنى المصدري حينئذ أيضا أي : صيغة الأمر كما يقال لام الأمر. (سيالكوني).

(١) قوله : (وهو في اصطلاح النحويين) الظاهر أن هذا رد لما وقع في بعض الشروح من التوجيه بذكر المثال بأن يمنع اشتهار الأمر بمعنى المصدري عند النحويين بل استعماله بهذا المعنى مع أن الاشتهار عند النحويين مبنى على التوجيه المذكور. (فاضل الأمير).

(٢) في العبارة مسامحة ظاهرة ولكن حمل الكلام على حذف المضاف أي : الأمر بمعنى الصيغة أي : الصيغة المخصوصة. (فاضل أمير).

ـ قوله : (بخصوص ... إلخ) لأن شرطه عند الأصوليين أن يكون مدلوله الطلب على وجه الاستعلاء دون النحويين فإنهم يطلقون على الصيغة بأي معنى يستعمل. (س).

(٣) قوله : (شامل ... إلخ) أي : هو بمنزلة الجنس القريب للأمر المعرف فلا ينافي أن يكون صيغة بمنزلة الجنس البعيد فقوله : (يطلب بها) يخرج الماضي والمضارع وقوله : (الفعل) يخرج النهي. (سيالكوني).

(٤) قوله : (فإنه) أي : إنما حصل به الاحتراز ؛ لأن المجهول يطلب به الفعل الخ. (محرم).

(٥) قوله : (بحذف حرف المضارعة) احتراز عن مثل قوله تعالى : فلتفرحوا؟ إلخ والحق أنه ليس من تتمة التعريف والتعريف قد تم بدون بل هو شروع في كيفية اشتقاق الأمر فالتقدير هو بحذف حرف المضارعة أو بحذف مضارع. (عصام).

(٦) فإنه يصدق عليه أن صيغة يطلب بها الفعل من الفاعل المخاطب لكن هذا الطلب ليس بحذف حرف المضارعة. (محرم).

٢٩٢

(وحكم آخره) (١) أي ـ آخر الأمر في الحقيقة ـ عند البصريين الوقف والبناء على السكون ؛ لانتفاء ما يقتضي إعرابه وهو حرف المضارعة ؛ لأن مشابهته للاسم المقتضية للإعراب إنما هي بسببه وفي الصورة (حكم المجزوم) أي : مثل : حكم المضارع المجزوم في إسكان الصحيح وسقوط نون الإعراب وحرف العلة ؛ لأنه لما شابه ما فيه اللام من المجزوم معنى أعطي حكمه ، تقول (اضرب ، اضربا ، اضربوا) و (اخش وأغز وارم) كما تقول لم يضرب لم يضربا ، لم يضربوا) و (لم يخش ، ولم يغز ، ولم يرم)

وذهب الكوفيون إلى أنه معرب مجزوم بلام مقدرة.

(فإن كان بعده) (٢) أي : بعد حرف المضارعة أو بعد حذف حرف متحرك اسكن آخره (٣) ، وجعل ما بقي أمرا ، تقول في (تعد) عد وفي (تضارب) ضارب.

ولم يذكر المصنف هذا القسم لظهوره.

وإن كان بعده حرف (ساكن وليس) (٤) المضارع (برباعي) والمراد (٥) بالرباعي

__________________

(١) قوله : (وحكم آخره) لم يقل وحكمه ؛ لأن وظيفة النحو بيان حكم آخره لا مطلقا. (سيالكوني).

ـ قوله : (وحكم آخره) أي : آخر الأمر في الحقيقة يعني أن الأمر عند البصريين مبني وأن حكمه في الحقيقة البناء على السكون لانتفاء علة الإعراب إلا أنه جعل في الصورة حكمه حكم آخر المضارع المجزوم في حذف الحركات وحذف حرف العلة والنون لما شابه الذي فيه اللام معنى أعطى حكمه وعند الكوفيين إن معرب مجزوم قالوا حذف المضارعة مع عدم اللام مطرد لكثرة استعماله بخلاف أمر الغائب فإنه أقل استعمالا وبقي مجزوما بتلك اللام المقدمة. (وجيه الدين).

(٢) إذا عرفت تعريف الأمر وحكمه فاعلم طريق بنائه.

(٣) حقيقة بإزالة الحركة أو حكما بإسقاط النون وحرف العلة اللتين هما بمنزلة الحركة. (حكيم).

(٤) حال من ساكن والرابط من الحال إلى ذي الحال الواو فقط ولم يتقدم الحال على ذي الحال مع أنه نكرة محضة لكونه مقارنا بالواو ولأن الحال إذا اقترن بالواو كما في جاءني رجل والشمس طالعة لم يجز تقديم الحال على ذي الحال فضلا عن الوجوب رعاية لأصل الواو والذي هو العطف. (عصام).

(٥) قوله : (والمراد بالرباعي هاهنا) يعني : أن المراد بالرباعي في بيان موضع الأمر وبيان زيادة همزة الوصل في الأول وعدمها ما كان ماضيه على أربعة أحرف وهو باب الأفعال لا غير فإنه هو الرباعي الذي بعد حرف مضارعة ساكن فقط. (شيخ الرضي).

٢٩٣

هاهنا (١) ما يكون ماضيه على أربعة أحرف من المزيد (٢) فيه.

وإنما هو باب الأفعال لا غير.

(زدت همزة الوصل) على ما بقى بعد حذف حرف المضارعة ليتوصل بها إلى النطق بالساكن ، حال (٣) كون تلك الهمزة (مضمومة إن كان بعده) أي بعد الساكن (ضمة) دفعا للالتباس بالمضارع (٤) على تقدير الفتح.

فإنه إذا قيل في (أقتل) : أقتل بفتح التاء التبس بالواحد المتكلم للمجهول وبالماضي المجهول من الرباعي إذا قيل (أقتل) بكسر التاء (٥).

(ومكسورة (٦) فيما سواه) أي : فيما سوى ساكن بعد ضمة ، سواء كان بعده كسرة أو فتحة.

__________________

(١) أي : في علم النحو وأما في علم الصرف فهو ما كان الحروف الأصول فيه أربعة. (عصام).

(٢) قوله (من المزيد) فيه فيه نظر لأن الرباعي لا يختص المزيد فيه وقوله : (إنما هو باب الأفعال) لا يتم لانتقاضه بفاعل وفعل إلا أن يتكلف ويقال أن ضمير هو لا يعود إلى الرباعي بل إلى الرباعي الذي بعد حذف حرف مضارعة ساكن وكذا قوله : (هاهنا) بمعنى في مضارع رباعي بعد حذف حرف مضارعة ساكن. (عصام).

(٣) اختار الحال ؛ لأن اللازم ضم الهمزة في وقت الزيادة وفي الصفة يتبادر سبق ضمها على الزيادة على حرفي تعريف الكلمة. (سيالكوني).

(٤) قوله : (دفعا للالتباس بالمضارع) لا يذهب عليك أن هذا العمل أي : في شرح المصنف مضمومة أن كان بعده ضمة ضبطا لا يصدر عن العاقل لا يليق إسناده إلى الشارح الفاضل بل إلى قلم الناسخ الجاهل وإن كانت النسخة الواصلة البالغة إلى العشرة مقدار تتفق في ذلك الخبط يرشد له إلى ما قلنا فساد تحرير المراد أيضا فإن حقه أن يقول : فإنه إذا قيل في أقل أقتل بفتح الهمزة التبس بمجهول المتكلم لماضي الرباعي وبمعلومه إذا قيل أقتل بكسر التاء فالوجه الصواب في كون الهمزة مضمومة حينئذ فرارهم عن الصعود من الكسرة التي هي الأصل في همزة الوصل إلى الضمة فإن الساكن ليس بحاجز عند اتباع حركة الهمزة حركة العين مع أن في فتح الهمزة التباسا.

(فاضل أمير).

(٥) والصواب بكسر الهمزة لزم الخروج من الكسرة إلى الضمة وهو لقيل. (عصام).

(٦) قوله : (مكسورة فيما سواه) أي : زيدت همزة وصل على ما بقي بعد حذف حرف المضارعة حال كونها مكسورة في ساكن سوى ساكن بعد ضمة أي : في صورة وجود ساكن فيما بقى ـ

٢٩٤

فإنه لو ضم في مثل : (أضرب) التبس بالماضي المجهول من (الإضراب) ولو فتح لالتبس بالأمر منه ، ولو ضم في (اعلم) لالتبس بالمضارع المجهول ، ولو فتح لالتبس بالماضي الرباعي (نحو : اقتل) مثال لما يكون بعد حرف المضارعة ضمة.

(واضرب) مثال لما يكون بعده كسرة (واعلم) مثال لما يكون بعده فتحة.

(وإن كان رباعيا (١) فمفتوحة) أي : فالهمزة مفتوحة ؛ لأنها همزة أصل ردت لارتفاع موجب (٢) حذفها ، وهو اجتماع همزتين في المتكلم (٣) الواحد لا همزة (٤) وصل (مقطوعة) لذلك بعينه.

(فعل (٥) ما لم يسم فاعله)

أي : فعل المفعول الذي لم يذكر فاعله.

__________________

ـ سوى الساكن السابق فما عبارة من الساكن والكلام على حذف المضافين وهذا مراد الشارح رحمه‌الله وإرجاع الضمير إلى أمر من مضارع فيه ساكن سوى ساكن بعده ضمة تعسف لا يخفى. (سيالكوني).

(١) قوله : (وإن كان رباعيا) عطف على قوله : (وليس برباعي) بحسب المعنى أي : فإن لم يكن رباعيا وإن كان رباعيا. (عبد الحكيم).

(٢) قوله : (لارتفاع موجب ... إلخ) وتحقق مقتضى وهو امتناع الابتداء بالساكن ترك لظهوره بخلاف عد فإنه لم يرد فيه الواو والمحذوفة مع زوال موجب حذفها وهو وقوع الواو بين حرف المضارعة والكسر لعدم مقتضى الرد وأما نحو : اقم فإنما ردت الهمزة طرد الباب ومن هذا ظهر وجه عدم اعتداد المصنف له. (سيالكوني).

(٣) قوله : (في المتكلم الواحد) فإنه لم يجئ علي صورة أمر المخاطب المعلوم وأسلوبه لم يعتبر والاطراد فيه أي : في أمر المخاطب في حذف الهمزة بخلاف أمر الغائب معلوما أو مجهولا فافهم ولا تغفل. (فاضل أمير).

(٤) يعني : أن الهمزة ليست بهمزة وصل ؛ لأن همزة الوصل إنما تزاد للابتداء بالكلمة لا لإفادة معنى زائد على أصل المادة وهذه الهمزة ليست كذلك بل هي تزاد لإفادة معنى زائد على المعنى الذي أفاده الثلاثي. (محرم).

(٥) ولما كان صيغة الفعل المجهول مخالفا لصيغته المعلوم شرع في بيانه فقال : (فعل ما ... إلخ). (تكملة).

٢٩٥

وإضافة الفاعل (١) إليه لأدنى ملابسة أو على حذف مضاف ، أي : فاعل فعله الواقع عليه ، ولا يبعد أن يراد (٢) بالموصول الفعل الذي لم يذكر فاعله ، ويكون إضافة الفعل إليه بيانية (٣).

(وهو ما حذف فاعله) وأقيم (٤) المفعول مقامه.

ولم يذكر هذا القيد هاهنا اكتفاء (٥) بذكره فيما سبق.

(فإن كان) الفعل الذي أريد حذف فاعله ، وإقامة المفعول مقامه (ماضيا) ، غيرت صيغته دفعا للبس (٦) بأن (ضمّ (٧) أوله وكسر ما قبل آخره) مثل : (ضرب ودحرج، وعلم).

واختير له هذا النوع من التغيير ؛ لأن معناه غريب ، فاختير له وزن غريب لم يوجد في الأوزان لخروج الضمة إلى الكسرة ووزن (فعل) بالخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل (٨) ، فلا ضرورة في اختياره بعد حصول المقصود بأخف منه.

__________________

(١) قوله : (وإضافة الفاعل إليه لأدنى ملابسة) لأن : الفاعل إنما يضاف إلى الفعل لا إلى المفعول وإنما يضاف إليه لملابسة فعله ووقوع ذلك الفعل عليه. (وجيه الدين).

(٢) يعني : ليس المراد من الموصول جنس الفعل ويكون الصلة مخصصة له حتى يلزم إضافة الشيء إلى نفسه. (سيالكوني).

(٣) أي : من إضافة العام إلى الخاص كقولهم فعل الماضي فعل المضارع وأما الحرف المقدر فاللام عند الجمهور وكلمة من عند صاحب الكشاف حيث قال في تفسير قوله تعالى : (بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ)[المائدة : ١] من الإضافة البيانية بتقدير من. (فاضل محشي).

(٤) للاختصار أو للإبهام أو للجهل بالفاعل أو غيره والغرض من ذكره كيفية بنائه.

ـ قوله : (وأقيم المفعول) وزاد الشارح هذا القيد لكونه مرادا في هذا المقام ليكون الحد تاما. (لمحرره).

(٥) أو لاستشهاد أنه لا يجوز حذف الفاعل بدون إقامة المفعول مقامه. (عصام).

(٦) أي : ليس للمفعول المرفوع لقيامه مقام الفاعل. (رضي).

(٧) أشار بهذا إلى أن علة التغيير هي دفع اللبس والضم سبب له فأقيم السبب مقامه. (شرح).

(٨) من خروج الضمة إلى الكسرة ؛ لأن الأول خروج من أثقل منه ثقيل بخلاف الثاني. (سالكوني).

٢٩٦

(ويضم الثالث مع همزة الوصل) نحو : (انطلق واقتدر واستخرج) لئلا يلتبس (١) في الدرج بالأمر من ذلك الباب.

(و) يضم (الثاني مع التاء) (٢) مثل : (تعلّم ، وتجوهل وتدحرج) لئلا يبس بصفة مضارع (علمت (٣) ، وجاهلت ، ودحرجت).

(خوف اللبس) (٤) هذا علة لقوله (ويضم الثالث والثاني).

(ومعتل العين) (٥) أي : ما يكون عينه (٦) فقط (٧) معتلا لئلا يرد عليه مثل : (طوى، وروى) من اللفيف ، فإنه لا يعتل عينه لئلا يفضي (٨) إلى اجتماع إعلالين في (يروي ويطوي).

قيل : الأصوب أن يقال : معتل العين المنقلبة عينه ألفا لئلا (٩) يرد.

__________________

(١) قوله : (لئلا يلتبس) قدم العلة مع أنه تفسير لقوله خوف اللبس ليكون كل حكم مقرونا مع علته وأشار إلى كونه تفسير له هذا علة لقوله ويضم الثالث والثاني.

ـ يعني : لو لم يضم الثالث واكتفى بضم الهمزة لالتبس في الدرج ... إلخ. (محرره).

(٢) من قبيل عطف الشيئين بحرف واحد أو حال من الثاني. (معرب).

(٣) يعني : لو اقتصر على ضم التاء وقالوا : نعلم وتجاهل وتدحرج لالتبس بمضارع علم وجاهل ودحرج عند الوقف. (وجيه).

(٤) أي : التباس تعلم بمضارع علم وتجاهل بمضارع جاهل. (أمير).

(٥) منصوب محلا على التشبيه بالمفعول كما في حسن الوجه. (مغني اللبيب).

ـ أي : الفعل الماضي المجهول منه وفيه ثلاث لغات وأشار المصنف إلى ما هو إلا فصح. (أمير).

(٦) ولما كان معتل العين شاملا للمعتل العين وحده ومع اللام أراد أن يفسره على وفق المراد. (أيوبي).

(٧) قوله : (فقط معتلا) فإن الإطلاق قد يكون قرينة التجريد عن زائد. (سيالكوني).

(٨) قوله : (لئلا يفضي إلى اجتماع ... إلخ) يعني : لو أعلت العين من هذه الأبواب لوجب الإعلال بقلب العين ألفا في المضارع ؛ لأنه يتبع الماضي في الإعلال ؛ لأنه هو الماضي بزيادة حرف المضارعة وقد أعل آخره لكون الطرف محل التغيير فيلزم اجتماع الاعتلالين متواليين في الثلاثي وذا لا يجوز ولو لم يعمل آخره وأعل العين فقط وقيل بطأي مثلا لزم ضم الياء ولا يحتمل في الفعل لثقل ياء مضمونة وإن كان قبلها ساكن كما يحتمل في الاسم عوراء بخفته. (س).

(٩) قوله : (لئلا يرد) مثل عور وصيد مما لا يجئ البناء ومنه ؛ لأن كل واحد منهما لازم ولو اتصل ـ

٢٩٧

عليه (١) مثل : (عور ، وصيد).

وإنما (٢) خصّ معتل العين بالذكر لزيادة (٣) غموض ، واختلاف في المبني للمفعول من ماضيه كما ذكر وبتبعيته ذكر معتل العين في المبني للمفعول من مضارعه وإن لم يكن فيه ما ذكرنا.

(الأفصح فيه (قيل ، وبيع) أصلهما : قول وبيع نقل الكسرة (٤) من العين إلى ما قبلها بعد حذف حركته فصار (بيع وقول) فأبدل واو (قول) ياء لسكونها وانكسارها ما قبلها فصار (قيل).

(وجاء الإشمام) وهو فصيح في نحو : (قيل وبيع).

وفي شرح الرضي : حقيقة هذا الإشمام أن تنحو بكسرة فاء الفعل نحو : الضمة فتميل الياء الساكنة بعدها نحو : الواو قليلا ، إذ هي تابعة لحركة (٥) ما قبلها.

__________________

ـ به حرف التعدية فكذلك لا يجى هذا البناء منه لأنه في معنى ما يجب تصحيحه ، (وجيه الدين).

(١) أي : على ظاهره وهو العموم ؛ لأن قواعد العلوم كلية فلو حمل على المهملة فلا يرد فلذا قيل الأصوب. (حكيم).

(٢) قوله : (وإنما خص معتل العين) إلى قوله : (ما ذكرنا) سهو من الناسخ وصوابه : وإنما خص معتل العين بالذكر لزيادة غموض واختلاف في الماضي كما ذكر وتبعية ذكر مضارعه وإن لم يكن فيه ما ذكر المتعدي وغير المتعدي. (عصام).

(٣) قوله : (لزيادة الغموض واختلاف في المبني للمفعول منه) أما مزيد الغموض فلما فيه من نقل الكسرة إلى ما قبلها ثم إبدال الواو ياء بخلاف نحو : رمى ورمي فإنه لا نقل ولا إبدال في رمى ولا نقل في رمى وأما الاختلاف فيه فلاختلاف اللغات أحدها وقيل وبيع وهي أفصحها والثاني الإشمام وهي فصيح وإن كان قليلا والثالث قول وبوع وهو أقلها لثقل الضمة والواو. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (نقل الكسرة) لأن الكسرة أخف من حركة ما قبلها وقصدهم التخفيف فيجوز على هذا نقل الحركة إلى متحرك بعد حذف حركته إذا كانت حركة المنقول إليه أثقل من حركة المنقول عنه وهذا عند الجزولي وعند المصنف استشقلت الكسرة على حرف العلة ولم تنقل إلى ما قبلها ؛ لأن النقل إلى الساكن أولى فبنى قول وبيع بياء ساكنة بعد الضمة. (حكيم).

(٥) يعني إن كانت ما قبلها فتحة تقلب ألفا وان كانت كسرة استراحت في حالها وإن كانت ضمة اضطربت حالها. (أيوبي).

٢٩٨

هذا مراد القراء والنحاة بالإشمام في هذا الموضع.

وقال بعضهم : الإشمام هاهنا كالإشمام حالة الوقف ، أعني : ضم الشفتين فقط مع كسر الفاء خالصا (١).

وهذا خلاف المشهور عند الفريقين.

وقال بعضهم : هو أن تأتي بضمة خالصة بعدها ياء ساكنة.

وهذا أيضا غير مشهور عندهم.

والغرض من الإشمام : الإيذان بأن الأصل الضم في أوائل هذه الحروف (٢).

(و) جاء (الواو) أيضا على ضعف فقيل : (قول ، وبوع) (٣) بالإسكان بلا نقل ، وجعل الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها.

(ومثله) أي : مثل : باب الماضي المجهول من معتل العين من الثلاثي المجرد باب الماضي المجهول من معتل العين من (باب) الافتعال والانفعال ، نحو : (اختير وانقيد) في مجيء اللغات الثلاث فيه إذ (خير وقيد) فيهما مثل : (قيل وبيع) بلا تفاوت (٤).

(دون أستخير وأقيم) إذ (٥) ليس ذلك مثل : (قيل وبيع) لسكون ما قبل حرف العلة فيهما في الأصل ، إذ أصلهما (أستخير وأقوم) بالياء والواو المكسورتين.

والقياس فيهما إذا كان ما قبلهما أن تنقل حركتها إليه وتقلب العين ياء إذا كانت

__________________

(١) يعني من غير إمالة في الفاء لا في الياء بل هو عبارة عن ضم الشفتين. (محرم).

(٢) يعني الحروف التي تقع في فاء الكلمة من ماضي معتل العين. (أيوبي).

(٣) إلا أن قلب الياء واوا لمناسبة حركة ما قبلها وهذا القلب قليل لكون الواو أثقل من الباء ومن هذا القلب قول الشاعر :

ليت وهل ينفع شيئا ليت

ليت شبابا بوع فاشتريت

 ـ (خبيصي).

(٤) أي : في وقوع الضمة على الفاء ووقوع بعدها على الواو والياء. (فاضل أمير).

ـ فجاز فيه ما جاز في مثل قيل وبيع. (وجيه).

(٥) علة لمقدر لا تجيء اللغات الثلاث فيهما إذ ليس ذلك ... إلخ. (محرم).

٢٩٩

واو ، فيقال (أستخير وأقيم) لغة واحدة (١).

(وإن كان) (٢) أي : الفعل الذي أريد حذف فاعله وإقامة المفعول مقامه (مضارعا ضم أوله) وهو حرف المضارعة نحو : (يضرب ، ويكرم ، ويلتزم ، ويستخرج ويتدحرج) (وفتح ما قبل آخره) لخفة الفتحة وثقل المضارع بالزيادة.

(ومعتل العين) المبني للمفعول (ينقلب) (٣) العين فيه (ألفا) ياء كانت أو واوا ، نحو : (يقال ، ويباع ، ويختار ، وينقاد ، ويستجار ، ويستقام) لتحركهما (٤) حقيقة (٥) أو حكما وانفتاح ما قبلهما.

(المعتدي (٦) وغير المتعدي والمتعدي) (٧) من الفعل (٨) (ما يتوقف فهمه على

__________________

(١) ولا يجيء الإشمام والواو فيهما لعدم كون ما قبلهما مضموما في الأصل كما في اختير وإنقاد. (أيوبي).

(٢) معطوف على جملة إن كان ماضيا إلى آخره. (معرب).

ـ لما فرغ من بيان الماضي المجهول شرع في بيان حكم مضارعه فقال : (وإن كان ... إلخ). (تكملة).

(٣) والجملة خبر المبتدأ بتقدير العائد إلى المبتدأ أي : فيه وبهذا أشار الشارح بتقدير فيه. (لمحرره).

(٤) قوله : (لتحركهما) علة لمقدر وإنما ينقلب العين ألفا في المذكورات. (لمحرره).

(٥) قوله : (حقيقة) كما في ينقاد إذا أصله ينقيد فالياء متحركة أو حكما أي : بعد النقل كما في يقام فإنه كان في الأصل متحركا وأما انفتاح ما قبلها فهو حقيقة لا غير. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (المتعدي وغير المتعدي) هذان قيدان لقسمي الفعل لا قسمان فإن المتعدي أعم من الفعل وشبهه وكذا غير المتعدي إلا أن المتعدي مطلقا لا يمكن تعريفه بما يتوقف فهمه على متعلق فإن المصدر لا يتوقف فهمه على شيء فضلا عن المفعول لذا جاز حذف فاعله والسر في ذلك أن النسبة إلى الفاعل والتعلق بالمفعول به جزأن من معنى الفعل وما سوى المصدر ومما يشبهه فنقول المصدر المتعدى ما يشتق منه الفعل المتعدي فالمتعدي المطلق ما يتوقف فهمه على متعلق أو يتوقف فهم ما يشتق هو منه عليه وكأنه لذلك قال المتعدي من الفعل. (عصام).

ـ قوله : المتعدي وغير المتعدي التعدي في اللغة التجاوز وفي الاصطلاح تجاوز الفعل من فاعله إلى المفعول به فإن تجاوز إلى غيره كالمصدر والظرف لم يسم متعديا. (شرح).

(٧) كأنه قال الفعل مطلقا إما متعد أو غير متعد فصل كلا منهما بقوله : (فالمتعدي). (شرح).

(٨) قوله : (من الفعل) دون اسم الفاعل والمفعول والمصدر ، فإنها غير متعدية بهذا المعنى لعدم توقف فهمها عليه ولذا جاز ترك مفعولها. (عبد الحكيم).

٣٠٠