شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

فرفعت ذلك التوهم بقولك : (لكن عمرا لم يجئ).

(تتوسط) (١) أي : لكن (بين كلامين متغايرين) نفيا وإثباتا (٢).

(معنى) أي : تغايرا (٣) معنويا.

والضروري هو المعنوي ولهذا اقتصر عليه (٤).

واللفظي قد يكون النفي صريحا نحو : (جاءني زيد لكن عمرا لم يجئ) وقد (٥) لا يكون ، نحو : (زيد حاضر لكن عمرا غائب).

(وتخفف) أي : لكن (فتلغى) (٦) عن العمل لخروجها عن المشابهة.

وأشبهت العاطفة لفظا ومعنى فأجريت مجراها بخلاف (إن ، وأن) المخففتين فإنه ليس لهما ما أجريتا عليه (٧).

وفي بعض النسخ (على الأكثر) وكأنه إشارة إلى ما جاء عن يونس والأخفش إنه يجوز إعمالها قياسها على أخواتها المخففة.

وقال الشارح الرضي : ولا أعرف له شاهدا.

__________________

(١) يعني أن كان الكلام الذي ما قبلها مثبت فيكون ما بعدها منفيا وإن كان ما قبلها منفيا فيكون ما بعدها مثبتا. (لمحرره).

(٢) قوله : (تغايرا معنويا) يجب أن يكون عين الأول موهما لنقيض الثاني. (حكيم).

ـ أشار إلى أنه مفعول مطلق بيان النوع المتغاير وهو التغاير المعنوي.

(٣) ولم يكتف بالإطلاق الذي يفيد التغاير الكامل وهو التغاير اللفظي. (محرم).

(٤) هذا المثال مما أثبته الرضي وأحكمه القرآن حيث وقع فيه وأن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون.

(٥) وخالف فيه يونس فاعملها كالمشدودة وليست عنده حرف عطف وهو ضعيف ؛ لأنه لم يظهر لها عمل أصلا في موضع من الاستعمال. (قطب قالي).

(٦) يعني : إن مادة الألف والنون مخالفة لهما بعد التخفيف فإنهما بعد التخفيف وإن خرجتا عن المشابهة لكن لم يحصل لهما مشابهة أخرى بحرف عين عامل مثلهما هذا في النسخ الكثيرة من غير قيد. (عبد الله أفندي).

(٧) لأن لكن المشدد للاستدراك فلا مانع من دخول العاطف بخلاف المخففة فإن المعطف فلا ـ

٤٠١

(ويجوز معها) (١) مشددة ومخففة (الواو) وهي إما لعطف الجملة على الجملة (٢) وإما اعتراضية.

وجعل (٣) الشارح الرضي : الأخير أظهر.

(وليت للتمني) أي : لإنشائه فتدخل على الممكن (٤) ، نحو : (ليت زيدا قائم) ، وعلى المستحيل نحو :

ألا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب

(وأجاز الفراء : ليت زيدا قائما) بنصب المعمولين بناء على أن (ليت) للتمني ، فكأنه قيل : أتمنى زيدا قائما ، أي : أتمناه كائنا على صفة القيام.

فجزآن (٥) منصوبان على المفعولية بمعنى (ليت).

__________________

ـ ينبغي أن يدخل عليها العاطفة فلو دخلته قيل : انتقل معنى العطف إلى الواو وتجردت لكن للاستدراك وأما المشددة فليست بعاطفة فيجوز معها الواو مطلقا. (قطب).

(١) بأن يعطف قوله : (لكن أكثرهم بأن تكون مع اسمها وخبرها جملة معطوفة على ما قبلها. (محرم).

(٢) قوله : (وجعل الشارح الرضي الأخير أظهر) قال وجعلها اعتراضية أظهر من حيث المعنى لعل وجهة أن الاعتراض لا يتعلق بما قبله وإنما يؤتى به لغرض من الأغراض كالتأكيد وغيره من الاستدراك من جملة الأغراض فيكون أنسب بالاعتراض. (وجيه الدين).

ـ ولعل وجهه أن الواو العاطفة للجمع وليس مقصود المتكلم بجاء زيد ولكن عمرو لم يجيء إفادة أن الحكمين المتغايرين محققان في نفس الأمر فإن المقيد لذلك جاء زيد ولم يجيء عمرو بل مجرد دفع توهم باش من الكلام السابق فهو لإتمام الأول فيكون الاعتراض. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (فتدخل على الممكن) بشرط أن يكون بعيد الخصال حقيقة نحو : ليتا ولبخيل يجود كقولك ليت زيدا يأتيني فيحدثني حيث تدل بعدم ذلك وعدم الطماعية فيه وأن ممكنا قريبا (وجيه) كقول علي رضي‌الله‌عنه.

بكيت على شباب قد تولى

فيا ليت الشباب لذا يعود

ولو كان الشباب بياع بيعا

لأعطيت المبيع ما يريد

(٤) قوله : (فالجزآن منصوبان) لا وجه على هذا التخصيص إجازة ليت زيدا قائما بالفراء ؛ لأن إجازته متفق عليها لكن توجيهه مختلف فيه فعند الفراء منصوبان بمعنى ليت وعند الكسائي نصب الثاني لكان المقدرة وعند المحققين بالحائية فالأوجه أن الفراء يعمل ليت بشبهها بتمنيت ثم هذا من مواقع وجوب حذف كان عند الكسائي ومواقع حذف عامل الحال وجوبا عند ـ

٤٠٢

وأجاز الكسائي (١) نصب الجزء الثاني بتقدير (كأن) ومتمسكها قول الشاعر :

يا ليت أيام الصبا رواجعا

فالفراء يقول : معناه : أتمنى أيام الصبا رواجعا ، والكسائي يقول : أي ليت أيام الصبا كانت رواجعا.

فالمحققون : على أن (رواجعا) منصوب على أنه حال من الضمير المستكن في خبرها لمحذوف ، أي : ليت أيام الصبا لنا كائنة (٢) حال كونها راجعة.

(ولعل) (٣) للترجي) (٤) أي : لإنشاءه ولا يدخل على المستحيل.

ومعناه توقع أمر مرجو ، أو مخوف كقوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [البقرة : ١٨٩] و (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى : ١٧].

والغالب هو الأول. (وشذ الجر بها) أي : بكلمة (لعل) كما جاء في اللغة العقيلية(٥).

وأنشد السيرافي في ذلك :

وداع (٦) دعا يا من يجيب إلى الندا

فلم يستجبه عند ذلك مجيب

__________________

ـ المحققين. (عصام).

(١) توجيه الكسائي مطرد في النكرة والمعرفة بخلاف ما قاله المحققون فإنه لا يجوز في ليت الشباب يعود يوما أتمنى الرجع إلى إلغاء من المشيب كان البدء الأول. (سيالكوني).

(٢) بدل من لنا أشار إلى نيابة الجار والمجرور المحذوف عن عامله وعمل الضمير. (ك).

(٣) قوله : (ولعل للترجي) ذهب الأخفش والكسائي إلى أنها تكون للتعليل بمعنى اللام وذهب الفراء ومن وافقة من الكوفيين إلى أنها تكون للاستفهام ونقل البعض عن الفراء أن لعل للشك وقال بعضهم : إن كونها للتعليل والاستفهام والشك خطأ من البصريين. (عبد الحكيم).

(٤) الترجي يستعمل في الممكن نحو : لعله يحدث بعد ذلك أمرا. (محرره).

(٥) بضم العين وفتح القاف وياء التصغير قبيلة وفي القاموس عقيل كزبير أو قبيلة. (عصام).

(٦) أي : سائل يسأل من القوم شيئا من درهم أو طعام مثلا.

ـ قوله : (وداع دعا) يقال استجاب له استجابة بمعنى إجابة أي : رب داع هل من مجيب إلى الندى أي : أهل أخذ يمنح المحتاجين فلم يستجيبه فقلت ادع دعوة أخرى وارفع الصوت مرة لعل إلى المغوار منك قريب فتجيبك ويمنحك فإنه الجواد والشاعر يقول على طريق ـ

٤٠٣

فقلت ادع أخرى وارفع الصوت

دعوة لعل أبي المغوار (١) منك قريب

وأجيب عنه : بأنه (٢) يحتمل أن يكون على سبيل الحكاية (٣) ، كذا قال المصنف في شرحه يعني : أنه وقع مجرورا في موضع آخر ، فالشاعر حكاه على ما كان عليه أو كان اشتهر ذلك الرجل بأبي المغوار بالياء (٤).

فيجب أن يحكى في الأحوال الثلاثة بالياء (٥).

ولعل (٦) مراد المصنف ـ بما ذكر من التأويل ـ أن هذا البيت يحتمل أن لا يكون من قبيل هذه اللغة الشاذة ، وإلا فلا حاجة إلى التأويل بعدما (٧) جزم فيه بوجود الجر بها ، وحكم بشذوذه.

__________________

ـ التلهف والتحسر على فقد من فقد. (شرح أبيات الكشاف).

(١) فأبى مجرور بلعل ولم يكن لها متعلق ؛ لأنه من الأسماء الستة المضافة إلى غير ياء المتكلم جرها بالياء والمغوار بالغين المعجمة المقاتل بني للمبالغة كالمجزام والمكثار وأبى المغوار كنية للمدوح له. (شيخ زاده).

ـ المغوار كثير الغارة إلى في العل أبي موصوف بأنه كثير الغارة أي : لعل الشأن أو القصة إلى قريب منك فاسم لعل ضمير الشأن وهي مبتدأ والمغوار صفة قريب منك خبره والجملة خبر لعل وعلى هذا لا يكون شاذا. (لمحرره).

ـ رجل مشهور في السخاوة في العرب ، هو في الأصل : المقاتل.

(٢) أي : لا نسلم أن يكون إنشاؤه إلا على استعمالها جارة ؛ لأنه ... إلخ.

(٣) لأنه إنشاد والإنشاد قراءة شعر الغير فيجوز أن يكون قراءته بالياء حكاية عن منشئه لا لالتزامه تلك اللغة. (أيوبي).

ـ قوله : (أو كان اشتهر ذلك) ومنه ما وقع في كتابة على رضي‌الله‌عنه كتبه على بن أبو طالب. (عصام).

(٤) ويكون أبى منصوبا على أنه اسم لعل وقريب خبر لكنه استعمل لفظ أبي في محل النصب بناء على شهرته بذلك. (أيوبي).

(٥) فلم لا يجوز أن يكون منصوبا لكنه ترجح نصبه لترجيح استعمال اللفظ الأشهر فإذا اشتهر لفظ بحال يستعمل عليها في الأحوال الثلث كما يقال كتب على ابن أبو طالب بالواو مع أن المقتضي أن يستعمل بالياء لكونه مضافا إليه للابن. (محرم).

(٦) جواب عما ورد على تأويل المصنف في شرح الكافية بأنه يعد حكمه بالشذوذ لا حاجة إلى هذا التأويل فأجاب عنه بما ترى.

(٧) قوله : (بعد ما جزم) الجزم بوجود الجر لبعد هذا التأويل والحاجة إلى لئلا يقال بجر ـ

٤٠٤

(الحروف العاطفة)

(الحروف العاطفة)

العطف في اللغة الإمالة.

ولما كانت هذه الحروف تميل (١) المعطوف إلى المعطوف عليه سميت عاطفة.

(وهي : الواو ، الفاء ، ثم ، وحتى ، وأو ، وإما) بكسر الهمزة (وأم ، ولا ، وبل ، ولكن) وعدّ (٢) بعضهم (أي) المفسرة منها ، وعند الأكثرين : إنما ما بعدها عطف بيان لما قبلها ، كما ذهب بعض آخر إلى أن (بل) التي بعدها مفرد ، نحو : (جاءني زيد بل عمرو) و (ما جاءني زيد بل عمرو) ليست منها ؛ لأن ما بعدها (٣) بدل غلط مما قبلها.

وبدل الغلط بدونها غير فصيح ، وأما معها ففصيح مطرد في كلامهم ؛ لأنها موضوعة لتدارك مثل : هذا الغلط (٤).

(فالأربعة (٥)

__________________

ـ لعل للإشكال مع أنه لاستدلاله أن هذا البيت عن عقيلي. (عصام).

(١) أي : في الحكم والإعراب في عطف المفرد على المفرد أو في لحمول في عطف الجملة على الجملة. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (وعد بعضهم) أي : المفسرة منها وهو السكاكي وصاحب المستوفي وأبو العباس المبرد وإليه ذهب الكوفيون ووقوعها مفسرة للضمير المجرور من غير إعادة الجار وللمرفوع المتصل من غير تأكيد بالمنفصل يقوي مذهب الأكثرين قال ابن هشام إنا لم نر عاطفة تصلح للسقوط دائما يعني أن يصلح للحذف دائما فلا يكون من حروف العطف. (وجيه الدين).

(٣) أي : ما بعد بن حينئذ وقوعها في عطف المفرد على المفرد. (محرم).

(٤) وحاصلة إن المراد بإيرادها تصحيح تركيب بدل الغلط ؛ لأن المراد بها العطف ويمكن أن يجاب أن تصحيح المذكور بالعطف لا ببل مجردة فتكون عاطفة أيضا. (عبد الله أفندي).

(٥) قوله : (فالأربعة الأول) فالفاء للتفسير أي : الحروف العشرة بعد اشتراكها في التشريك ثلاثة أقسام بالحصول الحكمي قسم يثبت به الحكم للتابع والمتبوع جميعا وهي الأربعة الأولى وقسم يثبت به الحكم لأحدهما لا بعينه وهو او وأما وقسم يثبت به الحكم لأحدهما بعينه وهو لا وبل ولكن ثم أن أحاد كل قسم تقترن باختصاص من كل منها بمعنى لا يوجد في الآخر. (سيالكوني).

٤٠٥

الأول للجمع) (١) أي : جمع المعطوف والمعطوف عليه في حكم واحد أعم من أن يكون مطلقا أو مع ترتيب (٢).

ومراد النحاة (٣) بالجمع هاهنا : أن لا يكون لأحد الشيئين أو الأشياء كما كانت (أو) و (إما).

وليس المراد اجتماع المعطوف والمعطوف عليه في الفعل في زمان أو مكان.

فقولك (٤) : جاءني زيد ، وعمرو ، أو فعمرو ، أو ثم عمرو ، أو حتى عمرو ، أي : حصل الفعل من كليهما (٥) ، لا من أحدهما دون الآخر.

(فالواو) للجمع مطلقا ، ولا ترتيب فيها).

فقوله : (لا ترتيب فيها) بيان لإطلاقها ، أي : لا ترتيب فيها بين المعطوف والمعطوف عليه ، بمعنى : أنه لا يفهم (٦) هذا الترتيب منها وجودا وعدما (٧).

__________________

(١) بين المفرد وبين ما في حكمه في كونهما مستدى إليهما ومفعولين أو حالين ونحو ذلك وبين الجملتين في حصول مضمونهما. (حكيم).

ـ فالمعنى لإفادة الجمع ؛ لأن أن موضوعها الجمع لا إنه ليس إلا موضوع الواو جزء من موضوعات البواقي. (عصام).

(٢) كما في الثلاثة الباقية سواء كان الترتيب أيضا مطلقا أو مع المهملة أو مع ملاحظة الجزئية. (محرم).

(٣) بيان لتصحيح التفسير يعني إنما صح تفسير الجمع بما قلنا ؛ لأن مراد النحاة. (محرم).

ـ قوله : (ومراد النحاة بالجمع) بل اجتماعهما في فعل المجيء إذا قلت : جاءني زيد وعمرو والذهاب إذا قلت : ذهب زيد وعمرو ؛ لأن مجيئهما وذهابهما ليسا بشرطين بأن يوجدا في زمان واحدا وفي مكان واحد. (ولفيه).

(٤) مبتدأ خبره أي : حصل ؛ لأنه في تأويل معناه حصل ومثله كثير في كلام المصنفين. (وجيه الدين).

(٥) من زيد وعمرو سواء كان في زمان واحدا وفي زمانين أو في مكان واحد أو في مكانين يعني المراد بالجمع هذا.

(٦) أي : فتعطف الشيء على مصاحبة وعلى سابقه وعلى لاحقه فقام زيد وعمرو واحتمل الثلاثة. (سيالكوني).

(٧) كما نقل عن المبرد والكسائي وبعض الفقهاء أو عدما بأن يكون للمعية ما ذهب إليه بعض ـ

٤٠٦

(والفاء للترتيب) أي : للجمع (١) مع الترتيب بغير مهلة (٢) (وثم) مثلها) أي : مثل : الفاء في مطلق (٣) الترتيب مقرونة (بمهلة).

(وحتى) مثلها) أي : مثل : (ثم) في الترتيب بمهلة ، غير أن المهلة في (حتى) أقل منها في (ثم).

فهي متوسطة بين الفاء التي لا مهلة فيها وبين (ثم) المفيدة للمهلة.

(ومعطوفها) أي : المعطوف ب : (حتى) بحسب ما اقتضاه وضعها (٤) (جزء) قوي (٥) أو ضعيف ، من حيث (٦) إنه قوي أو ضعيف.

(من متبوعه) أي : متبوع معطوفها.

__________________

ـ الحنفية قال ابن مالك وكونها للمعية راجح والترتيب أكثر وعكسه قليل. (مغني).

(١) أي : لجمع المعطوف والمعطوف عليه مع كون الثاني يعقب الأول من غير تراخ ولا مهلة نحو : جاءني زيد فعمرو. (وجيه).

ـ قوله : (للجمع مع الترتيب) فليس الجمع في معنى اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحصول معتبرا في الترتيب فلذا زاد الشارح بمعونة السابق فاندفع ما قيل : أن الترتيب هو الجمع الخاص فلا حاجة إلى تفسيره بالجمع مع الترتيب. (س).

ـ وفي هذا المقام تفصيل إن كنت من أهل المراق فارجع إلى وجيه الدين وجد فيه نفع كبير. (محرره).

(٢) أي : يشترط عدم المهلة فإنه المتبادر عند الإطلاق ، فلا حاجة إلى تفسير إلى التصريح.

ـ حقيقة أو عادة مثال العادة : (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً)[المؤمنون : ١٤] وقوله تعالى : (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً)[الحجر : ٢٢] فتصبح الأرض مخضرة. (خبيصي).

(٣) لا في الترتيب المطلق وإنما لم يقل ثم للترتيب بمهلة البشاعة التكرار. (حكيم).

(٤) يعني أنها موضوعة ؛ لأن تكون معطوفها جزأ قويا أو ضعيفا ما هو ظاهر كلام الرضي بل صريحة فيفيد على قوته وضعفه ويدل عليهما وإلا فلا وجه لدلالته عليهما. (وجيه الدين).

(٥) قدر الصفة بقرنية قوله : (تفيد) والمراد بالجزء أهم مما هو كجزء منه في الدخول في الحكم السابق نحو : أعجبني الجارية حتى حديثها ويمتنع حتى ولدها والضابط أنها تدخل حيث تصح استثناء المتصل وتمتنع حيث يمتنع. (مغني).

(٦) قيد بذلك ليترتب عليه قوله : (ليفيد) قوة أو ضعفا فإن ليعيد متعلق بمفهوم الكلام فإن قال يعطف بها جزء من المعطوف ليفيد. (حكيم).

٤٠٧

(ليفيد) (١) أي : العطف بها (قوة) في المعطوف (أو ضعفا) أي : ليدل عليها حتى (٢) يتميز الجزء بالقوة والضعف عن الكل.

فصار كأنه غيره فصلح ؛ لأن تجعل غاية (٣) وانتهاء للفعل المتعلق بالكل ، ودل انتهاء الفعل (٤) إليه على شموله جميع أجزاء الكل (٥) ، نحو : (مات الناس حتى الأنبياء) و (قدم الحاج حتى المشاة) والفرق بين (ثم) و (حتى) بعد اشتراكهما في الترتيب مع المهلة ، من وجهين (٦) :

أحدهما : اشتراط كون المعطوف ب : (حتى) جزءا من متبوعه ، ولا يشترط ذلك في (ثم).

وثانيهما (٧) أن المهلة المعتبرة في (ثم) إنما هي بحسب الخارج ، نحو : (جاءني زيد ثم عمرو) وفي (حتى) بحسب الذهن ، فإن المناسب بحسب الذهن أن يتعلق الموت أولا بغير الأنبياء ، وأن كان موت الأنبياء بحسب الخارج في أثناء سائر الناس (٨) وهكذا المناسب في الذهن تقدم قدوم ركبان الحاج على رجالتهم (٩) وإن كان في بعض الأوقات على عكس ذلك (١٠).

__________________

(١) واللام يتعلق بمفهوم الكلام كأنه قال يعطف بها جزء من المتبوع ليفيد قوة أو ضعفا. (هندي).

(٢) قوله : (حتى تمييز) إشارة إلى أن القوة المعطوف أو ضعفه إنما هو العطف بحتى لا يغيره من العواطف ؛ لأن حتى يميز الجزء. (أيوبي).

(٣) ففي العاطفة معنى الجارة لانتفاء وقوعها مع الواو العاطفة فالرعاية المعنيين يشترط أن يكون مدخول العاطفة جزأ ليحصل الاشتراك في الحكم قويا أو ضعيفا فيحصل معنى الغاية. (س).

(٤) فيصير معنى الكلام نصا في الشمول بخلاف ما إذا لم يذكر حتى نحو : قدم الحجاز. (ك).

(٥) المغاير لذلك الجزء المميز المخرج عنه بالعطف في القوة والضعف. (محرم).

(٦) بل من ثلاثة أوجه ثالثها ما تقدم من أن المهلة في حتى أقل. (إسفرايئني).

(٧) قوله : (وثانيهما) أشار بذلك إلى دفع ما نقلت سابقا عن الرضي بأن مراد الجزولي بقوله : (غير أن المهلة في حتى أقل مهلة) بحسب الذهن لا بحسب الخارج ولا شك أنها معتبر في حتى لا تدرج الذهن في تعلق الفعل بأجزاء المتبوع يقتضي اعتبار المهلة بدخولها. (حكيم).

(٨) فلا يجوزان بقال فيه مات الناس ثم الأنبياء فإنه خلاف الواقع. (أيوبي).

(٩) قوله : (على رجالتهم) على وزن علامة جميع راجل لمن ليس له ظهر يركب. (قاموس).

(١٠) بأن قدم الركبان بعد المشاة أو قدم بغض المشاة على بعض الركبان. (أيوبي).

٤٠٨

ومع هذا يصح أن يقال : (قدم الحاج حتى المشاة) (١).

واعلم (٢) أن الانتهاء بالجزء الأقوى أو الأضعف ، كما يفيد عموم الفعل جميع أجزاء الشيء كذلك (٣) الانتهاء بالملاقي للجزء الأخير يفيد ذلك العموم ، كقولك : (نمت البارحة (٤) حتى الصباح) فإنه يفيد شمول النوم لجميع أجزاء الليلة

وكذلك استعملت (حتى) الجارة في المعنيين جميعا (٥) ، إلا أنه لم يأت في العاطفة ما يلاقي الجزء الأخير ، فإن أصل (حتى) أن تكون جارة لكثرة استعمالها ، فتكون العاطفة محمولة عندهم على الجارة.

وإذا كانت محمولة عليها لم يستعملوها في معنييها جميعا ، ليبقى للأصل على الفرع مزية.

وإنما استعملوها (٦) في أظهر معنييها ، وهو كون مدخولها جزاءا ؛ لأن اتحاد الأجزاء في تعلق الحكم أعرف في العقل ، وأكثر في الوجود من اتحاد المتجاورين.

__________________

(١) يعني لا يضر وقوع العكس لصحة هذا التركيب بخلاف ثم فإنه لا يجوزان يقال في هذه الصورة قدم الحجاج ثم المشاة ؛ لأنه لما اعتبر فيها المهلة بحسب الخارج لزم أن يصبح أيضا فيما وقع في الخارج كذلك. (عبد الله).

(٢) ولما كان الانتهاء في كلام المصنف مقيدا بأن يكون الجزء الأقوى أو الأضعف جزأ من متبوعه علم منه أن الجزء المجاور الذي هو من مستعملات حتى خارج عنه فاشرح أن يليه عليه بقوله : (واعلم ... إلخ). (أيوبي).

(٣) قوله : (كذلك الانتهاء) يعني أن المقصود من اعتبار القوة والضعف ليس إلا ليصح جعله غاية وليحصل المقصود أعني شمول الفعل لجميع أجزاء المتبوع والانتهاء باطلا في بعيد الشمول المذكور من غير حاجة إلى اعتبار القوة والضعف لكونه غاية في نفسه. (سيالكوني).

(٤) أي : كنت نائما في الليلة الماضية على هذا اليوم حتى انتهى نومي إلى الصباح فإن الصباح غير داخل في أجزاء الليل ؛ لأن البارحة يطلق على الليل لكن الصباح غاية ينتهي إليها الجزء الأخير من الليل. (عبد الله).

(٥) في الانتهاء بالجزء الأقوى وفي الانتهاء بالملاقي للجزء الأخير. (أمير).

(٦) بيان لوجه الترجيح في تعيين البعض للترك يعني إنما استعملوا حتى الجارة التي هي الأصل وخصصوها بالاستعمال في المنتهى الملاقي وتركوا استعمال ذلك في العاطفة ؛ لأن هذا ـ

٤٠٩

وهكذا في بعض الشروح (١) ومن هذا ظهر وجه اختصاص معطوفها بكونه جزءا متبوعه ، وعدم الحاجة إلى أن يقال : الجزء أعم من أن يكون حقيقة أو حكما ، ليشمل المحاور أيضا كما وقع في بعض الحواشي (٢).

(وأو ، وإما ، وأم) كل من هذه الحروف الثلاثة (لأحد الأمرين) أي : للدلالة على أحد الأمرين أو الأمور حال كون ذلك الأحد (مبهما) أي : غير معين (٣) عند المتكلم.

ولا يتوهم أن (أو) في مثل : قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤](٤) لكل من الأمرين ؛ لأنها مستعملة لأحد الأمرين على ما هو الأصل فيها.

والعموم مستفاد من وقع الأحد المبهم في سياق النفي (٥)

__________________

ـ المعنى ليس بأظهر بالنسبة إلى المعنى الذي هو وكن المنتهى جزأ فاستعملوا العاطفة التي هي المفرع. (عبد الله أيوبي).

(١) إنما تمسك ببعض الشروح لكونه مذكورا فيه مشروحا وإلا فخصوصية حتى العاطفة بالجزء مذكورة في الرضي وغيره من الكتب. (سيالكوني).

(٢) قوله : (كما في بعض الحواشي) لكنه لو لم يقل يشمل المجاز ولم يمثل بنمت البارحة حتى الصباح لأمكن توجيه كلامية بأن مراده بقوله : (أو حكاما اعتبر كجزء بالنسبة إلى ما أنسب إلى المتبوع كما في قوله : (أعجبني الجارية حتى حديثها وضربني السادات حتى عبيدهم. (س).

(٣) تفسير لأحد المبهم باعتبار الوضع لا باعتبار العارض في الاستعمال فلا يتجه ما قيل : هذا في وللشك أما أو للتقليل كما في التقسيمات وأو للإبهام فهو للمعين. (وجيه).

ـ أي : غير معين عند المتكلم هذا بحسب أصل الوضع وأما المعاني الآخر مثل الشك والإبهام وغيرهما وإنما تعرض في الكلام قال الرضي دلالة أو وأما في الإباحة والتمييز والشك والإبهام والتفصيل على معنى أحد الشيئين أو الأشياء على السواء وهذه المعاني تعرض في الكلام لا من قيل : أو وأما بل من قبيل أشياء آخر فالشك من قبيل جهل المتكلم وعدم قصده إلى التفصيل والإبهام والتفصيل من حيث قصده إلى ذلك والإباحة من حيث يحصل به فيصله والتمييز من حيث لا يحصل به ذلك إلى هنا كلامه. (وجيه الدين).

(٤) يعني إذا وقع أو في حيز النفي ليس لأحد الأمرين بل الكل من الأمرين حتى يحصل في نفيه نفي كل منهما كما هو المراد منه لا نفي أحدهما ؛ لأنه ليس بمراد فأجاب بأن هذا التوهم. (عبد الله أيوبي).

(٥) أصل وضع أو الدلالة على أحد الشيئين بحيث ثبت أحدهما وينتفي الآخر سواء كان في النفي ـ

٤١٠

لا من كلمة (أو) (١).

(وأم المتصلة (٢) لازمة لهمزة الاستفهام) أي : غير مستعملة (٣) بدونها.

(يليها) (٤) أي : يذكر بعدها بلا فاصلة (أحد (٥) المستويين) والمستوى (الآخر) يلي (الهمزة) أي : همزة الاستفهام (بعد ثبوت أحدهما) أي : أحد المستويين عند المتكلم(٦).

(لطلب التعيين) من المخاطب (٧).

(ومن ثمة) أي : لأجل أن (أم) المتصلة يليها أحد المستويين والآخر الهمزة بعد ثبوت أحدهما لطلب التعيين.

__________________

ـ أو الإثبات وأن معنى رأيت زيدا أو عمرا وما رأيت زيدا أو عمرا على السواء وهي نفي أحدهما فقط ثم بعد ذلك جرى عادتهم أنه إذا استعمل لفظ أحد أو ما يؤدي معناه في الإثبات فمعناه الواحد فقط وإذا استعمل في غير الموجب فمعناه العموم في الأغلب ويحوزان يراد الواحد فقط. (شيخ الرضي).

(١) والفصل بين أو وأم في قولك : أزيد عندك أو عمرو وأزيد عندك يدل أم عمرو ، إنك في الأول لا تعلم كون أحدهما عنده فأنت تسأل عنه وفي الثاني تعلم أن أحدهما عنده إلا أنك لا تعلم بعينه فأنت تطالبه بالتعيين. (مفصل).

(٢) قوله : (وأم المتصلة) أراد أن يبين الفرق بين الثلاثة وبدأ من القريب. (حكيم).

(٣) قوله : (أي : غير مستعملة) يعني أن اللازم بالمعنى اللغوي المعبر عنه بالفارسية حبذه وليس بالمعنى المصطلح بين أرباب المعقول المفسر بما يمتنع انفكاكه عن الشيء حتى يرد أن الصواب وأم المتصلة ملزومة همزة الاستفهام ؛ لأنه حيث استعملت أم المتصلة دون العكس. (حكيم).

(٤) ولذا كانت أم المتصلة مختصة بعطف الاسم وقد تكون بين الفعلين والفاعل واحد نحو : أقام زيد أم قعد أما لو كان الفعل واحدا نحو : أقام زيد أم قام عمرو كانت منفصلة لا مكان المجيء بالمفرد فالعدول إلى الجملتين دليل الانفصال بخلاف الفعلين المشتركين في الفاعل لعدم إمكان المجيء بالمفردين. (عباب).

(٥) من المفردين أو فعلين أو اسمين أو حرفين. (موشح).

(٦) قوله : (عند المتكلم) منه بقوله : (عند المتكلم بالاستواء في علم المتكلم وبما يتوهم أن الأقرب أن يراد) الاستواء في الإعراب أو الإسناد ولا يستقيم ؛ لأنه ينتفض بمثل أقام عمرو. (عصام).

(٧) أشار إلى أن التعيين لما لم يوجد للمتكلم وجب إحالته إلى المخاطب. (محرم).

٤١١

(لم يجز) تركيب (أرأيت زيدا أم عمرا؟) فإن المستويين فيه (زيد وعمرو) وأحدهما وأن ولى (أم) ولكن الآخر لم يل الهمزة.

هذا ما اختاره المصنف.

والمنقول عن سيبويه : إن هذا جائز حسن فصيح ، و (أزيدا رأيت أم عمرا؟) أحسن وأفصح ، وحينئذ يكون تركيب (أرأيبت زيدا أم عمرا؟) حسنا وفصيحا وإن لم يكن أحسن وأفصح.

وفي الترجمة الشريفة (١) : أنه وجد بعض نسخ الكافية المقروءة على المصنف وعليه خطه هكذا (يليها أحد المستويين والآخر الهمزة على الأفصح ، ومن ثمة ضعف : أرأيت زيدا أم عمرا؟).

ولا يخفى (٢) أن الحكم بضعفه لتنزيله عن مرتبة الأفصحية إلى الفصيحية غير مناسب؛ لأن ما كان حسنا فصحيا (٣) لا يعد ضعيفا.

وبالجملة (٤) فكلام المصنف هاهنا لا يخلو عن اضطراب. والحق ما نقل عن سيبويه.

(و) أيضا (٥) (من ثمة) أي : من أجل ما ذكر بعينه (كان جوابها) أي : جواب أم المتصلة (بالتعيين) أي : بتعيين أحد الأمرين ؛ لأن السؤال عنه (دون نعم ، أو لا) لأنهما لا يفيدان (٦) التعيين ، بخلاف (أو) و (إما) مع الهمزة ، كما إذا قلت : (أجاءك زيد أم

__________________

(١) قوله : (في الترجمة الشريفية) إشارة إلى تخليص المصنف عنه بأن الحكم بعدم الجواز بناء على نسخة من نسخ الكافية بأنه ... إلخ. (شرح الشرح).

(٢) قوله : (ولا يخفى) إشارة إلى أن في النسخة التي وجدت هكذا خللا أيضا ؛ لأن حاصل اشتراط الوزن للأصح والحكم يضعف هذا التركيب لا يبطلانه. (عبد الله أفندي).

(٣) لأن ما كان فصيحا لا يعد ضعيفا لا كلام في عدم عده ضعيفا مطلقا أما عدم عله صنعا بالإضافة إلى الأفصح فنقله. (عصام).

(٤) أي : سواء كان الواقع من المصنف قوله : (لم يجز أو قوله : (ضعيف). (محرم).

(٥) ولم يجز زيد عندك عمرو بعير الهمزة إلا على شذوذ. (خبيصي).

(٦) قوله : (لأنهما لا يفيدان التعيين) لأن نعم لتقرير ما سبق ولا لرده وما سبق هاهنا ثبوت أحدهما غير معين فلا يستفاد منه التعيين. (س).

٤١٢

عمرو؟) أو (أجاءك إما زيد وإما عمرو؟) فإنه يصح (١) جوابهما ب : (لا) و (نعم) لأن المقصود (٢) بالسؤال أن أحدهما لا على التعيين جاءك (٣) أولا (٤).

وقد يجاب (٥) بنفي كليهما لاحتمال الخطأ في اعتقاد المتكلم بوجود أحدهما. فالمشار(٦) إليه ب : (ثمة) في الموضعين أمر واحد لكنه لما كان مشتملا على شرطين (٧) لصحة وقوع (أم) المتصلة فرع عليه باعتبار كل واحد منهما حكما آخر.

وجعلها إشارة في كل موضع إلى شرط آخر لا يخلو (٨) عن سماحة ، ولو اقتصر على قوله : (ومن ثمة لم يجز) في أول الكلام وعطف قوله : (كان جوابها بالتعيين) على

__________________

(١) قوله : (فإنه يصح) فيه إشارة إلى أنه تصح جوابه بالتعيين قال المصنف في شرح الكافية فإن أجيب بالتعيين فزيادة على السؤال ؛ لأنه لا يلزم من تعيين أحدهما ثبوت أحدهما فخص الجواب مع زيادة. (عبد الحكيم).

(٢) فالسؤال على أحد النسبة فيصح الجواب بنعم ولا لدلالتها على ثبوت النسبة أو نفيها. (ح).

(٣) أو لم يجيء فيجاب بأن أحدهما الأعلى التعيين جاء أو لم يجيء وهو معنى نعم. (وجيه الدين).

(٤) وإن قلت : في جوابه نعم يكون معناه أن أحدهما جاء لأعلى التعيين وإذا قلت : لا يكون معناه أن أحدهما لم يجيء بمعنى أنهما لم يجيئا. (محرم).

(٥) قوله : (وقد يجاب) يعني قد يكون المستفهم مخطئا في دعواه لثبوت أحد الأمرين بما لاح من استفهامه بالهمزة وأم فيقال له على سبيل التردد كما توهمه من وقوع أحدا لأمرين ويذكر بعد ذلك ما يرده إلى الصواب ففي كلا الأمرين ومنه أنه أخطأ في دعواه بثبوت أحدهما كما هو في قول ذي الرمة تقول عمرو مدرجي متروجا على بابها من عند أهلي وغاديا أدور وجه بالمصرام ذو خصومة مدرجي مصدر من أدرج الرجل أو المتزوج اسم الفاعل من نروح إذا ذهب في الزمن المسمى بالرواح وهو من زوال الشمس إلى الليل والزوجة منكوحة الرجل تقعد ذو روحة حبر مبتدأ محذوف أي : أنت ذو روجة بالمصرام ذو خصومة. (وجيه الدين).

(٦) أراد أن يعترض على المصنف بوقوع التكرار في كلامه مع ارتكابه على زعم منه فقال المشار إليه. (أيوبي).

(٧) قوله : (على شرطين) أحدهما أن يكون ما يليها أحد المستويين والآخر الهمزة والمفرع عليه عدم حوار التركيب المذكور والثاني لطلب التعيين والمفرع عليه كان جوابا لتعيين. (سيالكوني).

(٨) لأن المذكور سابقا حكم واحد لا حكمان حتى يشار لكل منهما استقلالا وفيه رد على الفاصل الهندي لكن فيه إن إعادة اسم الإشارة يقتضي أن يكون المشار إليه بالثاني غير الأول دفعا للتكرار. (حكيم).

٤١٣

قوله : (لم يجز) وتعلق كل حكم بشرط على طريق اللف والنشر ، لكان أخصر (١) وأحسن كما لا يخفى.

(و) أم (المنقطعة ك : بل) في الإضراب عن الأول (٢) (و) مثل : (الهمزة) للشك (٣) في الثاني ، والواقع قبلها إما خبر (مثل) قولك : (إنها لا بل أم شاء؟) أي : أن القطعة (٤) التي أراها لا بل ، وهي جملة خبرية فلما علمت أنها ليست إبل أعرضت عن هذا الإخبار ثم شككت في أنها شاء ، أو شيء أخر ، فاستفهمت عنها بقولك : أم شاء أي : بل أهي شاء؟ (٥).

وإما استفهام كما تقول : أزيد عندك أم عمرو؟ أي : بل أعمرو.

وحينئذ تقصد الإضراب عن الاستفهام الثاني.

(وأما) قبل المعطوف عليه لازمة مع إما) أي : غير مستعملة إلا معها يعني : إذا عطف شيء على آخر ب : (إما) نحو : (جاءني إما زيد وإما عمرو) ليعلم من أول الأمر

__________________

(١) لكن ما ذكره المصنف أظهر لعدم الاحتمال فيه على طريق جعل كل واحد مهما إشارة إلى شرط.

(٢) هذا هو الأكثر وقد يجيء لمجرد الأصوب إذا كان ما بعدها مقطوعا نحو : قوله تعالى : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ)[الزخرف : ٥٢] إذا لامعي للاستفهام هنا وكان ما بعدها مشتملا على حرف الاستفهام. (عصام).

ـ سواء كان لتدارك الغلط كما في مثال المتن أو لمجرد الانتقال من كلام إلى كلام كما في قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ)[السجدة : ٣] فلا يليها إلى الجملة أما ظاهرة الجزئين نحو : أزيد عندك أم عمرو عندك أو مقدرة أحدهما كما في مثال المتن. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (للشك في الثاني) هذا بالنظر إلى أصل المعنى ؛ لأن الهمزة للاستفهام قد تجيء للإنكار نحو : أم يقولون افتر به وقد تجيء بمعنى بل وحده كقوله تعالى : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) منه ونحو (هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)[الرعد : ١٦]. (سيالكوني).

(٤) وهي الطائفة من القر والغنم والجمع أقاطع على غير قياس كأنهم جمعوا قطعا. (سياكلوني).

(٥) واعترض على قولهم : إنها لا بل أم شاه أنه عطف الإنشاء على الأخبار وهو غير جائز وأجاب عنه الفاضل الهندى بأن هذا الاستفهام مستأنف فلا يلزم عطف الإنشاء على الأخبار أو العطف بالتأويل ؛ لأنه لما أضرب عن الأول وشك في الثاني كان كأنه قال بعد قوله : (أنها لا بل ليست كذلك فقال أم شاء أي : هي غير شاء أم شاء فيؤل على هذا الوجه إلى المتصلة من حيث المعنى. (وجيه الدين).

٤١٤

أن الكلام مبيني على الشك ، (جائزة مع (أو) يعني : إذا عطف شيء على آخر ب : (أو) يجوز أن يصدر المعطوف عليه ب : (أما) نحو : (جاءني إما زيد أو عمرو) ولكن لا يجب نحو : (جاءني زيد أو عمرو).

وذهب بعض النحاة (١) إلى أن (إما) ليست من الحروف العاطفة (٢) ، وإلا لم تقع عليه قبل المعطوف عليه ، وأيضا (٣) يدخل عليها الواو العاطفة.

فلو كانت هي أيضا للعطف يلزم إيراد عاطفين معا ، ويكون أحدهما لغوا والجواب عن الأول أن (إما) السابقة على المعطوف عليه ليست للعطف بل للتنبيه على الشك في أول الكلام ، كما عرفت.

وعن الثاني (٤) : أن الواو الداخلة على (إما) الثانية لعطفها على (إما) الأولى ، و (أما) الثانية لعطف ما بعدها على ما بعد (إما) الأولى ، فلكل منهما فائدة أخرى فلا لغو.

__________________

(١) وعند أبي علي الفارس أن إما مطلقا ليست من حروف العطف لتقدمها ودخول الواو على أما. (خبيصي).

(٢) أي : وإن كانت من العاطفة لزم الخلف فإن العاطفة. (شرح).

(٣) إشارة إلى دليل آخر على عدم كونها عاطفة وهو أنه لو كانت لم يحز دخول العاطفة الأخرى عليها وليس كذلك.

(٤) يعني : أنه لا يلزم من تقدم إما عدم كون الثانية عاطفة وإنما يلزم لو كانت الأولى للعطف وليس كذلك. (محرم).

ـ قوله : (وعن الثاني أن الواو الداخلة) هذا من مخترعات الشارح أمدة من قوله : (الأندلسي حيث قال العاطفة كلتاهما والواو لعطف أحديهما على الأخرى لتجعلهما كحرف واحد يعطف به ما بعد الثانية على ما بعد الأولى ويتجه على الشارح أنه لما لم يكن أما الأولى للعطف كيف يصح عطف الثانية عليها بحرف الجمع المفيد شركة المعطوف مع المعطوف عليه في حكم الترتيب والمشهوران الواو زائدة لتأكيد العطف ورفع الالتباس بغير العاطفة حتى قيل : التزامها دون لكن للزومها مصاحبة غيرها عاطفة بخلاف لكن. (عصام الدين).

ـ قال المصنف في شرح المفصل ؛ إن الواو في أما حرف عطف دخل على ما الغرض الجمع بيده وبين أما المتقدمة ويكون أما نفسها لغرض ما تجمع بينه وبين أما المتقدمة وهذا هو الصحيح انتهى كلامه فظهر أن هذا اليس من مخترعات الشارح كما قيل. (وجيه الدين).

٤١٥

(ولا وبل ولكن) هذه الحروف الثلاثة (لأحدهما معينا) أي : لنسبة الحكم إلى أحد من الأمرين المعطوف والمعطوف عليه على التعيين. فكلمة (١) (لا) لنفي الحكم الثابت للمعطوف عليه عن المعطوف.

فالحكم هاهنا للمعطوف عليه لا للمعطوف ، نحو : (جاءني زيد لا عمرو) فحكم المجيء فيه لزيد لا لعمرو.

وكلمة (بل) بعد الإثبات لصرف الحكم (٢) عن المعطوف عليه إلى المعطوف نحو : (جاءني زيد بل عمرو) أي : بل جاءني عمرو ، فحكم المجيء فيه للمعطوف دون المعطوف عليه على عكس (لا).

والمعطوف عليه في حكم المسكوت غنه ، فكأنه لم يحكم عليه بشيء ، لا بالمجيء ولا بعدمه.

والإخبار الذي وقع منه لم يكن بطريق القصد (٣) ، ولهذا صرف عنه بكلمة (بل) (٤)

__________________

(١) قوله : (فكلمة لا) فلا تجيء إلا بعد الإثبات اللفظي والمعنوي نحو : ما زال زيد قائما لا قاعدا ولا تعطف إلا الاسم وعطف المصنف دونها نادر. (سيالكوني).

(٢) قوله : (لصرف الحكم) هذا التفصيل في عطف المفرد على المفرد ببل وأما في عطف الجملة على الجملة للإضراب أما بالإبطال نحو : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)[الأنبياء : ٢٦ :] أي : بل هم مكرمون وأما الانتقال من غرض إلى آخر نحو : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا)[الأعلى : ١٤ ـ ١٦] وهي في ذلك كله حرف ابتداء عاطفة على الصحيح كذا في المعنى فلذا لم يتعرض الشارح ويجوزان يوافق ما بعدها لما قبلها إثبات أو نفيا قال الله تعالى : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)[النحل : ٥٥] وقال الله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ)[السجدة : ٣]. (س).

ـ أي : ذكر لم يكن مهما أو كان خطأ أو عمدا أو سهوا وليس المراد أنه وقع لا بطريق القصد. (س).

(٣) فإنه لو كان المقصود إثبات الحكم المجيئة إليها لقال جاءني زيد وعمرو ولو كان نفيه عن الأول لقال لم يجيء زيد بل عمرو الحكم الأول بالوجهين ثم شرع في استعمال الثاني لها فقال وأما كلمة. (أيوبي).

(٤) أي : في كون الأول في حكم السكوت عنه كما في الإثبات وفي كونه محكوما عليه بالنفي. (محرم).

٤١٦

وأما كلمة (بل) بعد النفي نحو : (ما جاءني زيد بل عمرو) ففيه خلاف (١).

فذهب بعضهم : إلى أن كلمة (بل) لصرف الحكم المنفي من المعطوف عليه إلى المعطوف أي : بل ما جاءني عمرو والمعطوف عليه في حكم المسكوت عنه.

وبعضهم : إلى أنها تثبت الحكم المنفي عن المعطوف عليه للمعطوف ، والمعطوف عليه في حكم المسكوت عنه أو الحكم منفي عنه.

فمعنى (ما جاءني زيد بل عمرو) بل جاءني عمرو و (زيد) إما في حكم المسكوت عنه أو المجيء منفي عنه.

(ولكن لازمة (٢) للنفي) أي : غير مستعملة بدونه.

فإن كانت لعطف المفرد على المفرد فهي نقيضه (٣) (لا) فتكون لإيجاب ما انتفى عن الأول فتكون لازمة لنفي (٤) الحكم عن الأول ، نحو : (ما قام زيد لكن عمرو) أي : قام عمرو.

وإن كانت لعطف (٥) الجملة على الجملة فهي نظيرة (بل) في مجيئها بعد النفي والإثبات.

__________________

(١) يعني أنها تصرف حكم عدم المجيئية في هذا المثال من زيد إلى عمرو فيكون المقصود نفيه عن عمرو. (تكملة).

(٢) قوله : (ولكن) للاستدراك وهو عبارة عن دفع توهم تولد عن كلام سابق ولذا توسط بين كلامين متغايرين معنى كما ذكر من حروف المشبهة بالفعل وهي أي : لكن في عطف الجملة نظيرة بل وفي عطف المفردات نقيضه لا أي : لإثبات ما لنفي عن الأول يعني إذا عطف بلكن الجملة على الجملة فيجيء لكن بعد النفي والإيجاب كما أن بل يجيء مد النفي والإثبات أيضا مثال ما يجيء لكن بعد الأيجاب قولك : ما جاءني زيد لكن عمرو قد جاء وإذا عطف بلكن المفرد على المفرد فتجيء لكن بعد النفي خاصة بعكس لا فإنها تجيء بعد الإثبات خاصة كقولك رأيت زيد لكن عمرا أي : لكن رأيت عمرا فإن قلت : زيدا لكن عمرا لم يجز. (شرح مغني).

(٣) قوله : (نقيضة) لا في أن ما قبلها يجب أن يكون منفيا وما قبل لا أن يكون في المفرد معنى النفي ؛ لأن حرف النفي إنما يدخل على الجمل فلا بد أن يكون لكن بعد النفي. (سيالكوني).

(٤) أي : الانتقاء عن الأول باق بحاله لم يفتح الحكم به غلط وإنما جيء لدفع التوهم. (عبد الحكيم).

(٥) قوله : (إن كانت) في عطف الجملة فشارة إلى أن الداخلة على الجملة عاطفة وهو ـ

٤١٧

فبعد النفي لإثبات ما بعدها وبعد الإثبات لنفي ما بعدها نحو : (جاءني زيد لكن عمرو وقد جاء) فعلى كل تقدير غير مستعملة بدون النفي.

(حروف التنبيه) (١)

(ألا ، وأما (٢) ، وها)

يصدر بها (٣) الجمل كلها حتى لا يغفل (٤) المخاطب عن شيء مما يلقى المتكلم إليه.

ولهذا سميت حروف التنبيه ، نحو : (ألا زيد قائم ، وها زيد قائم).

__________________

ـ مختار الزمخشري فلا يحسن الوقف على ما قبلها وقال الجزولي مخففة فيحسن الوقف على ما قبلها لكنها حرف النداء وقال يونس في جميع مواقعها مخففة لجواز دخول الواو عليها ففي المفرد يقدر العامل بعدها ويشكل ذلك إذا يبقى مجرورا بلا جار نحو : مررت لكن عمرو والقول في الجواب والتقدير لكن عمرو مررت به تكلف أن جر الجوار ليس بقياس. (عبد الحكيم).

(١) الظاهر أن هذه الحروف ليست من حروف المعاني بل أصوات وضعت لغرض التنبيه فالأليق أن يجعل من قبل حروف الزيادة. (عصام).

ـ قال المصنف في أمالي المسائل المتفرقة تسميتها حروف التنبيه أولى من تسميها بحروف الاستفتاح ؛ لأن إضافتها إلى المعنى المختصة به أولى من إضافتها إلى المعنى المختصة أولى من إضافتها إلى أمر ليس من دلالتها والتنبيه من دلالة هذه الحروف بخلاف الاستفتاح. (س).

(٢) إلا وأما مخفضين وضعتا لتنبيه المخاطب قبل الشروع في الجملة اسمية كانت أو فعلية إخبارية أو إنشائية وتحريضه على حسن الاستماع ليتقظن لما يقال نحو : إلا أن زيدا منطلق والإقام زيد وأما إنك خارج وفي التنزيل : (يَسْجُدُونَ)[النحل : ٢٥] وفي الشعر :

أما والذي أبكى وأضحك

الذي أمات وأحيى

ـ ويقال عما هما أم عم بابدال همزة أما هاء أو عينا وحدن الألف من الجميع. (خبيصي).

(٣) أي : يؤتى بها في صدر الجمل الاسمية والفعلية والخبرية والإنشائية الطلبية وغيرها فإلا وأما واجبتا التصدير وهي جائرة التصدير إلا إذا فصل بينهما وبين اسم الإشارة نحوها لعمر الله فاقسم. (سيالكوني).

(٤) قوله : (حتى لا يفضل) ومع ذلك يفيد إلا وأما تحقيق ما بعدهما لتركبهما من همزة الاستفهام الإنكاري وحرف النفي ولذا لا تكاد تقع الجملة بعد إلا المصدرة مما يتلقى به القسم نحو : قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)[يونس : ٦٢] وإما من مقدمات اليمين نحو : إما والذي لا يعلم الغيب غيره. (سيالكوني).

٤١٨

وتدخل (ها) خاصة من المفردات (١) على أسماء الإشارة حتى لا يغفل المخاطب عن الإشارة التي لا يتعين معنييها (٢) إلا بها ، نحو : هذا ، وهاتا ، وهذان ، وهاتان ، وهؤلاء.

(حروف النداء)

(يا أعمها) استعمالا ؛ لأنها تستعمل لنداء القريب والبعيد ، (وأيا) و (هيا) للبعيد (٣) ، و (أي) بفتح الهمزة وسكون الياء ، (والهمزة للقريب) وكأنه أراد بالقريب ما عدا البعيد ، فيدخل فيه المتوسط أيضا.

فإن القريب ينقسم إلى قريب متصف بأصل القرب من غير زيادة ، وله كلمة (أي) وإلى : أقرب متصف بزيادة القرب ، وله الهمزة بخلاف البعيد ، فإنه لم يذكر له مرتبتان.

فالقريب بالمعنى المقابل للأقرب هو المتوسط بين كمال البعد وكمال القرب.

(حروف الإيجاب)

(نعم (٤) ، وبلى ، وأي) بكسر الهمزة وسكون الياء.

__________________

(١) يعني : أن الأولين تختصان بالدخول إلى الجملة بخلافها فإنها تدخل على الجملة والمفرد لكن ليست بداخلة في جميع المفردات بل تدخل من الأسماء على أسماء الإشارة. (حاشية ك).

(٢) لأنها موضوعة للجزئيات بالوضع العام أو للمعنى العام بشرط الاستعمال في الجزئيات وعلى كلا التقديرين ما يدل على تعيين المراد بها الإشارة. (حاشية ك).

(٣) أيا من حروف النداء وينادى بها القريب والبعيد ولم يلتفت إلى كلام النحاة اعلم أن أيا كما أنه أعم بحب المغني أعم بحسب موارد الاستعمال فتكون محذوفة ومذكورة ولا يحذف من حروف النداء سواها ولا ينادي اسم الله تعالى والاسم المستغاث وإنها وأيها الإبها ولا ينديا ؛ لأنها أوبوا. (عصام).

ـ حقيقة أو حكما كالساهي أو النائم والمتخير ووجه التخصيص أن نداء البعيد يحتاج إلى رفع الصوت وذلك لكثرة حروف المد وهما متحققان في أيا وهيا ومنفيان في أي : والهمزة والمد تحقق دون الكثرة في يا فلا يصلح للقريب والبعيد وبهذا ظهر كون أي : للقريب والهمزة فلا قرب. (محشي ك).

(٤) قوله : (نعم فيه) أربع فتح العين وكسرهما وتبديلها وكسر النون إتباعا لكسرة العين. (سيالكوني).

٤١٩

(وأجل ، وجير ، وإن) بكسر الهمزة وفتح النون المشددة.

ومن بيان معاني تلك الحروف يتبين وجه تسميتها (١) بحروف الإيجاب.

(ف : نعم مقررة لما سبقها) أي : محققة لمضمونه (٢) استفهاما كان ، أو خبرا.

فهي في جواب : أقام زيد؟ بمعنى : قام زيد ، وفي جواب : ألم يقم زيد؟ بمعنى : لم يقم زيد.

و (بلى) في جواب (٣) : ألم يقم زيد؟ بمعنى : قام زيد.

فمعنى (بلى) في جواب : (ألست بربكم) أنت ربنا.

ولو قيل (٤) في موضع (بلى) هاهنا : (نعم) لكان كفرا.

فإن معناه حينئذ : لست بربنا (٥).

وقيل : يجوز استعمال (نعم) هاهنا بجعلها (٦)

__________________

(١) قوله : (وجه تسميها) وذلك معاني جميعها الإيجاب والإثبات إلا أنها تفترق في أن بعضها لإيجاب ما سبق من الكلام نفيا كان أو إثباتا استفهاما كان أو خبرا أو بعضها لإيجاب النفي وبعضها لإيجاب الخبر. (وجيه الدين).

(٢) أي : ليس المراد بالتقرير التأكيد فإنه إنما يوجد فيما بعد الجنس بل التحقيق. (ك).

(٣) قوله : (وبلى في جواب لم يقم) ذكرها هاهنا توطئة لبيان عدم صحية نعم في جواب ألست بربكم وصحته ولو اكتفى على قوله : (قال فلو قيل) : نعم في جواب ألست بربكم لكان كذا ، ولكان أخصر وأحفظ من الحوالة على ما بعده من لزوم التكرار في بيان معنى ألست بربكم قالوا بلى كما لا يخفي. (سيالكوني).

(٤) هذا إشارة إلى أنه إثبات بإبطال نقيضه يعني أن بلى لإيجاب النفي فقط. (محرم).

(٥) لكون نعم محققة لمضمون ما سبق نفيا أو إثباتا ومضمون ما سبق هاهنا منفي لدخول ليس وهذا هو المختار عند البلغاء لما تقرر في علم المعاني من أن مضمون النقي الداخل عليه همزة الإنكار منفي. (أيوبي).

(٦) قوله : (تصديقا) لا تقرير لما بعده همزة الاستفهام فلا يكون جوابا للاستفهام ؛ لأن جواب الاستفهام يكون بما بعده. (حكيم).

٤٢٠