شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

(المركبات)

أي : المركبات المعدودة من (١) المبنيات.

(كل اسم) (٢) حاصل (من) تركيب (كلمتين) (٣) حقيقة أو حكما اسمين أو فعلين أو حرفين أو مختلفين (٤) ، وجعلهما كلمة واحدة (ليس بينهما نسبة) أصلا لا في الحال (٥) ولا قبل التركيب.

وإنما قلنا : حقيقة أو حكما لئلا يخرج مثل : (سيبويه) فإن الجزء الأخير منه صوت غير موضوع لمعنى فلا يكون كلمة لكنه في حكم الكلمة حيث أجرى مجرى الأسماء المبنية.

وقوله : ليس بينهما نسبة ليخرج مثل : (عبد الله) علما و (تأبط شرا) لأن بين جزئي كل واحد منهما نسبة قبل العلمية.

__________________

ـ غاية البعد من التركيب مع الغير فإن لم يكن ما هو أقرب إلى الغير معربا فما هو أبعد منه بطريق الأولى أن يكون معربا. (عصام).

(١) يعني أن المراد بالمركبات المذكورة سابقا وهي التي عدت في أقسام المبنيات أعم من أن يكون مبنية بكلا جزئيه أو بأحد جزئيه كبعلبك صرح بذلك في المفصل واللام للعهد ولا حاجة إلى كلمة كل ؛ إذ لا يطلب في الحد العموم وإنما يطلب فيه بيان ماهية الشيء والجنس هو حاصل من تركيب كلمتين لا اسم فقط حتى يرد عليه اعتراض الرضي بأنه لا حاجة إلى كلمة كل كما في سائر الحدود. (فاضل).

(٢) وفي الحمل تسامح ، والمراد المركب كل اسم ... إلخ ؛ لأن التعريف للجنس لا للإفراد وبالإفراد كما في التوابع.

(٣) وإنما لم يقل من اسمين لئلا يخرج سيبويه ؛ لأن الجزء الأخير صوت لا اسم ففيه أنه أن قيل : أن الصوت حرف فلم يقل به أحد وأن قيل : أنه ليس باسم ولا فعل ولا حرف لعدم الوضع فيخرج من كلمتين أيضا فلو قال من لفظين لكان أولى لئلا يخرج نحو بخت نصر ؛ لأن ثاني الجزئين فعل لكن يخرج منه بخت علما مركبا من مهمتلين. (هندي ع).

(٤) نحو بخت تصرفاته مركب من بخت بالضم وهو معرب بوخت بمعنى الابن وجد عنده صنم اسمه نصر نسب إليه خراب بيت المقدس ونصر ماضي التفعيل. (قاموس).

(٥) رد لبيان الرضي حيث قال أي : ليس بينهما نسبة قبل العلمية ووجه الرد أنه عدول من عموم العبارة بلا داع لكنه ليس بذاك ؛ لأن الاسم مستغن عن الوصف والتقييد بانتقاء النسبة في الحال حاشية بانتقاء النسبة قبل الاسمية.

٨١

ولا يخفى أنه يخرج بهذا القيد مثل (١) : (خمسة عشر) عن الحد مع أنه من أفراد المحدود ؛ لأن بين جزئيه (٢) قبل التركيب نسبة العطف ، وتعيين (٣) النسبة (٤) على وجه آخر ليخرج منها هذه النسبة أصعب من (خرط القتاد) والأحسن (٥) أن يقال : المراد بالنسبة نسبة مفهومه من ظاهر هيئة تركيب إحدى الكلمتين مع الأخرى.

ولا شك أنه يفهم من ظاهر الهيئة التركيبية التي في (عبد الله) النسبة الإضافية ومن ظاهر الهيئة التركيبيية التي في (تأبط شرا) النسبة التعليقية التي تكون بين الفعل والمفعول ، بخلاف مثل : (خمسة عشر) فإن هيئة تركيب أحد جزئية مع الأخر لا تدل نسبة أصلا كما أن هيئة تركيب أحد شطري (جعفر) مع الآخر لا تدل عليها من غير فرق ، فانطبق الحد على المحدود طرد وعكسا.

(فإن تضمن) الجزء (الثاني حرفا) أي : حرف عطف أو غيره (بنيا) (٦) أي : الجزآن الأول ، لوقوع أخره في وسط الكلمة الذي ليس محلا للإعراب.

__________________

(١) أراد بتمثيل خمسة عشر وبيت بيت مما يتضمن الثاني منه معنى حرف العطف كان أو حرف الجر كما في بيت بيت.

(٢) لأن أصله خمسة وعشرة فحينئذ لم يصدق عليه قوله : (ليس بينهما نسبة) ؛ لأنه سالبة كلية لكون النكرة في سياق النفي وقد خرج بقوله : (أصلا) فصار نصا للسلب الكلي فوجب الحمل على ما حمل عليه الشارح بقوله : (لا في الحال ولا في الأصل).

(٣) أي : تعيين تلك النسبة الأصعب كما هو الظاهر داود الشارح التحرير فاندفع ما لعصام هنا.

(٤) بأن يراد ليس بينهما نسبة إسناد ولا نسبة إضافة من خرط القتاد أي : من إمرار اليد على شجر له شوك ؛ إذ لا قرينة عليه أصلا قال الجوهري خرطت الورقة خلقته وهو أن يقبض على أعلاه ثم تمر يدك عليه إلى أسفله في المثل دون خرط الوجيه شجر له شوك وهو العوسج.

(٥) يرد عليه إنه لو كان هيئة خمسة عشر موضوعة لبيان معنى العطف فالنسبة مفهومة من ظاهر الهيئة وإلا فلا تفهم النسبة أصلا لا من ظاهر الهيئة ولا من باطنها فلا حاصل لهذا التوجيه فضلا عن أن يكون أحسن من كل وجيه ، والجواب أن هيئة خمسة عشر تدل على نسبة بين خمسة وعشر بل بين عشر وما نسب إلى خمسة مثلا ويلزم من ذلك نسبة بين خمسة وعشر بالعطف على أن خمسة عشر. كبعلبك. (عصام).

(٦) بنينا على الفتح إن لم يكن آخر الجزء الأول حرف عله فإن كان حرف العلة في الجزء الأول من هذا المركب ساكن نحو : كرب عصام (كافية).

٨٢

والثاني : لتضمنه الحرف (ك ـ (خمسة عشر) (١) فإن أصله (خمسة وعشرة) حذفت الواو وركبت عشرة مع خمسة.

(و) مثل : (حادي عشر) (٢) وأخواتها يعني : أخوات (حادي عشر) من ثاني عشر إلى تاسع عشر ، أو أخوات كل من (خمسة عشر) و (حادي عشر) وإنما أورد (٣) مثالين ليعلم أن البناء ثابت في هذا المركب سواء كان أحد جزئيه العدد الزائد على العشرة أو صيغة الفاعل المشتقة منه.

وقيل فيه نظر ؛ لأن الثاني فيه لا يتضمن الحرف ؛ لأنه لا يراد به حادي وعشر وجوابه أن المراد بصيغة الفاعل إذا اشتق من أسماء العدد واحد من المشتق منه لكن لا مطلقا بل باعتبار (٤) وقوعه بعد العد السابق على المشتق منه.

__________________

(١) أما بناء الجزء الأول فلتنزله منزلة الجزء الأول من الاسم المفرد فيكون آخره بمنزلة وسط الكلمة وأما كونه على الفتح فلكون الثاني منه بمنزلة تاء التأنيث من حيث أنه زائدة مضمومة ويزول بعض الحاصل من التركيب وأما بناء الثاني فلتضمنه الحرف ؛ إذ الأصل في المثال المذكر خمسة وعشرة فلما قصدا متزاج الاسمين وتركيبهما حذفت الواو الموزونة بالانفصال ـ والتاء للتخفيف وأما كونه على الفتح فللخفة. (عوض).

(٢) أورده مثالين ليعلم أن القبيلتين أعنى ما يكون المراد منه العدد وما يكون المراد منه الواحد من المتعدد مشتركان في الحكم المذكور إجراء للثاني مجرى أصله من أن أصله حادي أحد عشر ؛ لأن المراد أنه واحد من أحد عشر لا من عشر فحذف للتخفيف ففي عشر متضمنا لواو العطف باعتبار هذا الأصل. (عافية).

ـ فإن قيل : بأي : شيء يعرف ما كان متضمنا لواو العطف وما لم يكن متضمنا له فنقول كل لفظين ركبا فانظر إليهما فإن أريد لكل واحد من لفظيه معنى كخمسة عشر فإنه أريد بخمسة عدد وبعشر عدد أيضا فهو متضمن لواو العطف وإن أريد بكلا اللفظين معنى واحد فهو غير متضمن نحو يأوي به أو أشباهه فإنه لم يرد بكلا اللفظين الأولية والابتداء بالفعل.

(٣) قوله : (وإنما أورد مثالين ... إلخ) لم يجعل مدارا للبناء كون الجزئين عددين حتى يثنيه على أن صيغة الفاعل المشتق من العدد في حكمه بل على تضمين معنى الحروف وإن لم يكن شيء من جزئيه عددا نحو بيت فالأولى أن يقال ورد مثالين أحدهما لتضمن الحرف في نفس التركيب والآخر لتضمنه في أصله.

(٤) قوله : (بل باعتبار وقوعه بعد العدد ... إلخ) هذا لا يجري في الحادي فإنه مشتق من الواحد لكن ليس باعتبار وقوعه بعد العدد السابق ؛ إذ لا سابق على الواحد وجوابه أن الحادي لا يشتق من الواحد قبل تركيبه وبعده حتى يرد ما ذكرتم وإما بعد التركيب فاعتبار وقوعه بعد العدد ـ

٨٣

فإن الثالث مثلا واحد من الثلاثة لكن لا مطلقا بل باعتبار وقوعه بعد الاثنين فلما أخذوا هذه الصيغة من المفردات للدلالة على ما ذكرنا (١) أرادوا أن يأخذوا مثل : ذلك من المركبات ولا يتيسر ذلك من مجموع الجزئين ؛ لأن صيغة (فاعل) لا تسع حروفهما (٢) جميعا فاقتصروا على أخذها من أحد الجزئين إذ في بعض الحروف من كل جزء مظنة الالتباس(٣) واختاروا الأول ليدل على المقصود (٤) من أول الأمر ، فأخذوا مثلا من (أحد عشر) المتضمن حرف العطف (حادي (٥) عشر) بمعنى : الواحد من أحد عشر ، بشرط وقوعه بعد العشرة.

ف : (حادي عشر) متضمن حرف العطف باعتبار أنه مأخوذ من (أحد عشر) المتضمن حرف العطف لا باعتبار أن أصله (حادي عشر) إذ لا معنى (٦) له.

وعلى هذا القياس (الحادي والعشرون) لا فرق بينهما إلا بذكر الواو وحذفه.

(إلا (٧) اثني عشر) واثنتي عشرة فإنه لا يبني فيهما الجزآن بل يبني الثاني للتضمن

__________________

ـ السابق كما بين الشارح.

(١) أي : على الواحد الذي هو آخر وحدات ذلك العدد الذي بلغ به ذلك المبلغ.

(٢) أي : من حروف الجزئين وفي بعض النسخ حروفها ، أي : حروف الثلاثة الأصلية مع الألف الزائدة.

(٣) إذ لو أخذ من ثلاثة عشرتا عشر لم يعلم أنه أخذ من ثلاثة عشر أو من تعشر فلذا اختاروا الأول. (هندي).

(٤) كاسم الفاعل المشتق من المفرد على أحدهما لفظا ويكون المراد من حيث المعنى كونها من المجموع ؛ لأن المعنى واحد من مجموع العددين فاختاروا الأول ليؤذن من أول الأمر أن المراد المفرد من العدد لا العدد وعطف الثاني لفظا على تلك الصورة وهو معطوف من حيث المعنى على العدد المشتق ذلك الفاعل منه فهو واحد معطوف على العدد لا عدد على متعدد ويستوي فيما قلنا المعطوف بحرف ظاهر كما في ثالث والعشرون أو بحرف مقدر كما في ثالث عشر. (وجيه الدين).

(٥) أي : ليس تضمنه لحرف العطف باعتبار نفسه يعني باعتبار أن أصله اه. (أيوبي).

(٦) إذ لو كان أصله حادي وعشر يكون المقصود منه مجموع الحادي والعشر وليس كذلك. (عبد الله).

(٧) مستثنى من قوله : (خمسة عشر) ؛ لأنه يخالفه في بناء الجزء الأول كما في شرح المصنف وفي شرح العصام أنه مستثنى من الضمير في بنيا وقيل مستثنى من الأخوات. (زيني زاده).

٨٤

ويعرب الأول لشبهه بالمضاف بسقوط (١) النون.

(وإلا) أي : وإن لم يتضمن الثاني حرفا (أعرب الصثاني) مع منع صرفه (٢) أن لم يكن (٣) قبل التركيب مبنيا (٤) (ك ـ (بعلبك) وبني الأول) للتوسط المانع من الإعراب وعلى الفتح ؛ لأنه أخف (في الأفصح) أي : اعراب الثاني مع منع الصرف وبناء الأول إنما هو في أفصح اللغات وفيه لغتان أخريان أحدهما : إعراب الجزئين معا وإضافة الأول إلى الثاني ومنع صرف المضاف إليه.

وأخرهما : إاعراب الجزئين وإضافة الأول إلى الثاني وصرف الثاني (٥).

__________________

(١) إذ أصلة اثنين وعشر فلما حذف منه الواو المؤذنة بالانفصال لأجل التركيب وجب حذف النون أيضا ؛ لأنها تدل على الانفصال أيضا أو هربا عن كراهة إبقاء النون التي تؤذن بالانفصال مع حذف الواو التي تؤذن بالاتصال في الجملة فأشبه المضاف ؛ لأن حذف النون حكم من أحكام الإضافة فأعطى له حكم المضاف. عوض أفندي.

ـ لبيان حاله بتغيير الصدر إلى صيغة اسم الفاعل المقلوب من الواحد. (هندي).

ـ لأن نون المثنى والمجموع لم يعهد في غير هذا الموضع حذفها الإضافة فكأنه مضاف والتركيب الإضافي لا يوجب البناء. (وجيه).

(٢) لوجود العلتين المانعتين من الصرف وهما التركيب والعلمية وإنما قيد بذلك ؛ لأنه الأفصح دون غيره وإنما قيد بعد كونه مبنيا قبل التركيب احتراز عن مثل سيبويه فإنه لم يعرب فيه للتوسط المانع من الإعراب يعني لو أعرب يلزم الإعراب في وسط الكلمة بسبب التركيب وهو غير جائز واسطة بين الإعراب والبناء فيلزم البناء. (وجيه الدين).

(٣) إن كان آخره حرفا صحيحا كما في مثال المتن وإلا على السكون كعدى كرب لاستثقالهم أصل الحركة على الياء في مثل ذلك. (عافية).

(٤) كعمرو وزيد ونفطويه فإن الجزء الثاني وهو منه لعدم علة بنائه وتضمن الحرف في الثاني. محمد.

(٥) لأن فيه مذهبين آخرين غير هنا الأول إعراب الجزئين معا مع منع الصرف في الثاني فيكون الأول في الصورة كالمضاف إلى الثاني فأعرب على حسب العوامل والثاني على حسب إعراب المضاف إليه بامتناعه من الصرف على أن جعل اسم مؤنث وذلك لتشبيههم إياه بالمضاف والمضاف إليه تشبيها لفظيا من جهة أنهما اسمان ذكر أحدهما عقيب الآخر وليس فيه حكم الإضافة معنى كما في غلام زيد فإن زيد غير الغلام. (عوض).

٨٥

(الكنايات) (١)

جمع كناية وهي في اللغة الاصطلاح : أن يعبر عن شيء معين بلفظ غير صريح في الدلالة عليه لغرض من الأغراض كالإبهام على السامعين كقولك (جاءني فلان) وأنت تريد (زيدا).

والمراد بها هاهنا (٢) ما يكنى به لا المعنى المصدري (٣) ولا كل ما يكنى به بل بعضه ولا كل بعض (٤) بل بعض معين فكأنهم اصطلحوا في باب المبنيات أن يريدوا بها ذلك البعض المعين ولذلك لم يقل : بعض الكنايات (٥) كما قال بعض الظروف.

ويتعذر تعريفه إلى بالتصريح به مفصلا فلذلك أعرض عن تعريفها مطلقا.

وتعرض لذلك البعض المعين فقال : الكنايات (كم) (٦) وبناؤها لكونها موضوعة

__________________

(١) أي : المبينة وإلا ففلان وفلانة للأناسى والفلان والفلانة للبهائم وبابه من الكنايات ليست بمبنية. (عوض).

ـ هي أن يعبر عن شيء معين لفظا كان أو معنى بلفظ غير صريح في الدلالة عليه لغرض من الإغراض كالإبهام على السامع نحو أو لشناعة المعبر عنه كهن في الفرج أو لنوع فصاحة نحو فلان كثير الرماد والمراد منها بعض الكنايات ؛ لأن كلها غير سببيه. (عافية).

ـ إنما لو يعرف اكتفاء بذكر الجزئيات ؛ لأنها معدودة منحصرة معلومة باليقين فلا حاجة إلى تعريفها. (هندي).

ـ اعلم أن المصنف لما رأى : ضبط الكنايات المبنية متعسرا في تعريف واحد إذ لو عرفها بما ذكره في الشرح من أنها ألفاظ مبهمة يعبر بها عما وقع في كلام متكلم مفسرا أما لإبهامة على المخاطب وأما لنسيانه لزم خروج كم من بابها وهي أم الكنايات. (عافية).

(٢) وإنما قال هاهنا ؛ لأن الكنايات يطلق في علم النحو وغير الموضع على الإتيان بالضمير وفي علم المعاني على إطلاق اللازم وإرادة الملزوم.

(٣) أي : ليس المراد بها معناها المصدري وهو التكنيه والتعبير بقرينة إطلاقها على نفس الأسماء وبه يندفع توهم لزوم التعريف على المصنف.

(٤) أي : بعض عام لعموم الأفراد لكنه في دلالة العبارة على هذا المعنى خفاء بل المراد البعض المعين ولما تعذر التعريف ذلك المعين بدون التصريح به مفصلا فصل ذلك أعرض عن التعريف فقال الكنايات. (وجيه).

(٥) بقي أنه ما وجه الاصطلاح في الكنايات دون الظروف. (عوض).

(٦) مفرد عند البصرية ومركبة عن كاف وما الاستفهامية عند الكوفية وحذف الفها لكونها مع ـ

٨٦

وضع (١) الحروف أو لكون الاستفهامية متضمنة لمعنى الحرف وحمل الخبرية عليها.

(وكذا) وبناؤها ؛ لأنها (٢) في الأصل (ذا) من أسماء الإشارة دخل عليها كاف التشبيه ، فصار المجموع بمنزلة كلمة واحدة بمعنى (كم) وبقي (ذا) على أصل بنائه.

وكل واحد منهما يكون (للعدد) والكناية عنه.

وجاء (كذا) كناية عن غير العدد أيضا ، ونحو (خرجت يوم كذا) (٣) كناية عن يوم السبت أو غيره.

(وكيت (٤) وذيت (٥) للحديث) أي : الكناية عن الحديث والجملة. وإنما بنيا ؛ لأن كل واحد منهما كلمة واقعة موقع الجملة التي هي حيث هي لا تستحق اعرابا ولا بناء ، فلما وقع المفرد موقعها ولم يجز خلوه عنهما رجح البناء ، الذي هو الأصل في الكلمات قبل التركيب (٦).

__________________

ـ حرف الجر قياسا وسكن ميمها للتخفيف فكأنهم جرد وأعن معنى الاستفهام في الخبرية. (فتح الأسرار).

(١) أي : وضعت ثنائية وسمي هذا الاسم اسما ناقصا في القاموس كم اسم ناقص بني على السكون أو مؤلفة من كاف التشبيه وما قصرت وأسكنت وهي للاستفهام وينصب ما بعده تمييزا وللخبرية ويخفض ما بعده كرب وقد يرفع تقول كم رجل كريم إياه هذا.

(٢) أي : وإنما بنى لفظ كذا لكونه منقولا عن المبني ؛ لأن أصله ذا آه.

(٣) وكقول : (أئمة اللغة) قيل بعضهم أما تعرف بمكان كذا وكذا وجذا فقال بلى وجازا أي : أعرف بها وجازا والجمع وجذان ومنقوصة فجيم ساكنة وذلك معجمة النقرة في الجبل والجمع وجازا بكسر الواو وفي الحديث أنه يقال للعبد يوم القيامة أتذكر يوم كذا وكذا فعلت كذا وكذا. (وجيه).

(٤) وهما لا يستعملان إلا مكررين متوسطا بينهما حرف العطف تقول قال فلان كيت وكيت كما تقول من الأمر ذيت وذيت. (عوض أفندي).

ـ وأنهما في الأصل كيته وذيته على وزن المرة حذفت اللام وأبدل عنها تاء التأنيث كما في بنت ومن العرب من يستعملها على الأصل والوقف عليها حينئذ بالهاء ولا يكونان إلا مفتوحين. (حاشية).

(٥) بالحركات الثلث يعني يستعمل كل منهما مكررا وفي المكرر يجوز الحركات الثلث. (سيد عبد الله).

(٦) فإن قلت : فعلى هذا لا يكون الكنايات من قسمي المبني ما ناسب مبني الأصل وما وقع غير مركب قلت : قال المصنف في الشرح يصح أن يقال أنه كان ناسب مبني الأصل ؛ لأنه أشبه بالجملة التي لا إعراب لها لفظيا ولا تقديريا من حيث هي جملة على أنه قد عد البعض ـ

٨٧

ومن الكنايات (كأين) وإنما بنى ؛ لأن كاف التشبيه دخلت على (أي) و (أي) وإن كان في الأصل معربا لكنه انمحى عن الجزئين معناهما الإفرادي وصار المجموع كاسم مفرد بمعنى (كم) الخبرية فصار كأنه اسم مبني على السكون إذ آخره نون ساكنة كما في (من) لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع أن التنوين لا صورة (١) لها في الخط فمرتبته في البناء منحطة عن أخواتها (٢) فلذلك لم (٣) يذكره المصنف معها.

(ف : (كم) الاستفهامية) (٤) المتضمنة معنى الاستفهام (مميزها) الذي يرفع الابهام عن جنس المسؤول عنه.

(منصوب) (٥)

__________________

ـ الجملة من مبني الأصل ويصح أن يقال أنه وقع غير مركب ؛ لأنه لما كان حكاية عن الجملة تعذر وقوعه مركبا فإنه إنما تركيب الجمل من حيث كونه جملا فلا يقتضي إعرابا انتهى والوجه الثاني ظاهر أما الوجه الأول فمبني على أن الجملة من مبني الأصل كما عد بعضهم. (وجيه).

(١) دليل على كتابتها بالنون علامة على عدم كونها تنوينا ، يعني : أن كتابة النون بعد الياء علامة على أن تلك النون الساكنة بتنوين ؛ لأنها لو كانت تنوينا لم تكتب على صورة النون ؛ لأنه لا صورة للتنوين.

(٢) كما أن أصلها الإعراب وتخلف في بيانه بأن جعل تنوينه بمنزلة النون. (وجيه).

(٣) وهذا إشارة إلى أن رفعه للإبهام إنما هو عن الجنس الذي سئل عنه يعني أن المسؤول عنه من أي : جنس ملك أم انس أو جن رجل أو امرأة. (شرح الشرح).

(٤) الفرق بين كم الاستفهامية وكم الخبرية أن كم الاستفهامية لعدد مبهم عند المتكلم معلوم عند المخاطب في ظن المتكلم وكم الخبرية لعدد مبهم عند المخاطب ربما يعرفه المتكلم وأما المعدود فهو مجهول في كليهما فلهذا احتيج إلى المميز المبين للمعدود ولا يحذف إلا الدليل وأن الكلام مع الخبرية يحتمل الصدق والكذب بخلافه مع الاستفهامية وأن المتكلم مع الخبرية لا يستدعي من مخاطبه جوابا ؛ لأنه مخبر والمتكلم بالاستفهامية يستدعيه ؛ لأنه مستخبر وغير ذلك مما هو مذكور في مغني اللبيب وغيره.

(٥) وقد جاء الجر في المميز إذا كانت كم مجرورة كما في مسألة الكتاب على كم جذع بينك مبني أي : مائة جذع أو ألف جذع قصدا للتطابق بين كم وبين مميزها ثم ذلك بإضافة كم إليه عند الزجاج وحمله الخليل وسيبويه على تقدير من وإبقاء عملها وقولهما : أولى ؛ لأنه قد كانت بمنزلة عدد ينصب ما بعده ولو حففت بها مرة ما بعدها ونصب أخرى لزم تفضيل الفرع على الأصل وأما نحو قوله : (كم لك غلمانا) فالمخبر فيه محذوف وانتصاب غلمانا على الحال أي : كم شخصا أو نفسا لك حال كونها غلمانا. (عوض أفندي).

٨٨

على التمييز (١) (مفرد) لأنها لما كانت للعد ووسط العدد (٢) وهو من (أحد عشر إلى تسعة وتسعين) مميزه مفرد ، منصوب جعل مميزها كذلك ؛ لأنه لو جعل كأحد الطرفين لكان (٣) تحكما (٤).

(و) كم (الخبرية) مميزها (مجرور) (٥) بالإضافة (٦) (مفرد) تارة ومجموع (٧) أخرى.

تقول : (كم رجل عندي) و (كم رجال عندي) كما تقول : مائة ثوب وثلاثة أثواب.

وإنما جاء مفردا ؛ لأن العد الكثير مميزه كذلك وإنما جاء مجموعا ؛ لأن العدد الكثير فيه ما ينبئ عن كثرته صريحا ولما كان هذا ليس مثله في التصريح بالكثرة جعل

__________________

(١) جريا على الأصل كسائر المميزات لكون المميز فضيلة وكونها ثقيلة ؛ لأنها لا يحتاج إليه مفتقرة إلى التخفيف وكون المفرد أخف من غيره والنصب أخف من أخواتها ولا يجوز جمعه خلافا للكوفيين.

(٢) أي : المتوسط بين القلة والكثرة كذا في الرضي فاقل مراتب العدد الآحاد وأكثرها المأت إلى ما يتناهى وما بينهما متوسط ولعل هذا بناء على الفرق وإلا فقد عددا الثلاثة من الكثير كما سيجيء عن قريب حيث قالوا ؛ لأن العدد الكثير مميزه كذلك ومثلوا لذلك قوله : (ثلاثة رجال). (وجيه).

(٣) فإن قلت : جعله كالوسط أيضا تحكم؟ قلت : الوسط لا يساوي شيئا من الطرفين في كونه ظرفا ويميز عنهما وسطا فلا تحكم فلا حاجة في إخراجه عن التحكم إلى ما قاله الهندي أنه أكثر ولا إلى ما ذكره الرضي أن السائل في الأغلب لا يعرف القلة والكثرة فحملها على الدرجة الوسطى أولى وإلا وجه أن يقال نصب مميزكم الاستفهامية ؛ لأنه جعل مميزكم الخبرية كالطرفين دفعا للتحكم فلو جعل مميزكم الاستفهامية مثلها أو مثل أحدهما لالتبس بكم الاستفهامية فجعل كالوسط تمييزا ؛ لأن كم الخبرية متقدمة على الاستفهامية ليكون الاستفهام فرع الخبر فجعلت كالطرفين ؛ لأن الطرفين متقدم على الوسط. (قاضي محشي).

(٤) أي : ترجيحا بلا مرجح لتساويهما في الظرفية بخلاف وسطه ؛ إذ لا تساوي شيئا بينهما مع أن فيه لرجحان أيضا ؛ لأن خير الأمور أوسطها. (وجيه الدين).

(٥) وفيه وجه آخر وهو أن يقال انتصاب المميز في الاستفهامية وانجراره بالخبرية لأجل لفرق بينهما ثم الجر بالخبرية أولى لما أنها نقيض فحملت عليها. (كافية).

(٦) وعند الفراء جره بمن المقدرة ويجوز عمل الجار هنا وإن كانت مقدرة دخول من على مميز الخبرية والشيء إذا عرف في موضع جاز تركه لدلالة الموضع عليه. سيد عبد الله.

(٧) وهو التأكيد معنى الكثرة وظهور معناها في اللفظ بخلاف العدد الصريح كالمائة حيث لا يحتاج ثمة إلى تأكيدها. (خبيصي).

٨٩

مميزه كأنها نائبة عن معنى التصريح (١) بها.

(وتدخل (من) فيهما) أي : في مميزي (كم) الاستفهامية والخبرية ، تقول : (كم) من (٢) رجل ضربت؟) و (كم من قرية أهلكناها).

قال الشارح الرضي : (هذا في الخبرية كثير نحو : (وكم من ملك) ، (وكم من قرية) وذلك لموافقته جرا للمميز المضاف إليه (كم) وأما مميز (كم) الاستفهامية فلم أعثر عليه مجرورا بمن في نظم ولا نثر ولا دل على جوازه كتاب من كتب (٣) هذا الفن) لكن جوز الزمخشري أن يكون (كم) في قوله تعالى (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) [البقرة : ٢١١] ، استفهامية وخبرية (٤).

(ولها) أي : لكم استفهامية كانت أو خبرية (صدر الكلام) لأن الاستفهامية تتضمن الاستفهام وهو يقتضي صدر الكلام ليعلم من أول الأمر أنه من أي نوع من أنواع الكلام والخبرية أيضا تدل على إنشاء التكثير (٥) وهو أيضا نوع من أنواع الكلام.

فيجب التنبيه عليه من أول الأمر.

__________________

(١) ويجوز الفصل بينهما وبين مميزها نحو كم مالك درهما وادخل عليها حرف جر ففي مميزها الوجهان النصب كقولك بكم رجلا مررت والجر بتقدير من وإبقاء عملها كقولك بكم درهم تصدقت أي : بكم من درهم لا بإضافة بكم إليه خلافا للزجاج. (حاشية).

(٢) ثم أن كان فعل الجملة الفاصلة لما تبين له المفعول نحوكم نالني منهم فضلا وإلا فيجب دخول من على المميز لئلا يلتبس بالمفعول نحو قوله تعالى : كم تركوا من جنات وكم أهلنا من قرية. (عافية).

(٣) واعترض عليه التفتازاني وتبعه الشارح بأن صاحب الكشاف جوز أن يكون كم في قوله تعالى : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) استفهامية وخبرية وهو استاذ العربية والجواب أن مراد الرضي بعدم الاطلاع على جوازه إذا لم يقع فصل باجنبي بين كم ومميزها وأما في الأية فقد وقع الفصل بينهما بالجملة الفعلية وقد أشار الرضي أيضا إلى جوازه قبيل هذا فانظر إلى الشرح حتى تنكشف لك الحال فينقطع القيل والقال وقيل في الجواب من طرف الرضي قال الرضي في كتب هذا الفن فلا تحل بوجوده في كتاب الله تعالى بعيد غاية البعد.

(٤) وأما كونه خبرا فباعتبار أنه أخبار عن تلك الكثرة الخارجية بأنه كذا وأما كونه إنشاء فباعتبار استكثار المتكلم. (وجيه الدين).

(٥) أي : أنها نقيض رب لكونها لإنشاء التقليل ولرب صدر الكلام فكذا نقيضها. (عوض).

٩٠

(وكلاهما) (١) لو قال (كلتاهما) لكان أوفق لتأنيث الاستفهامية والخبرية فهو على تأويل (كلا هذين النوعين) وهما (كم) الاستفهامية والخبرية (٢) أي : كل واحد منهما (٣) (يقع مرفوعا (٤) ومنصوبا ومجرورا) ثمّ بين موقع كل منهما بقوله : (فكل ما) أي : كل واحد من (كم) الاستفهامية والخبرية يكون (بعد فعل) أو شبهه (٥) لفظا أو تقديرا (غير مشتغل عنه بضميره) (٦) أو متعلق (٧) ضميره فهو من حيث هو كذلك (٨) (كان منصوبا معمولا على حسبه) أي : على حسب (٩) عمل هذا الفعل.

__________________

(١) وقد سئلت قديما عن قول القائل : زيد وعمرو كلاهما قائم أو كلاهما قائمان أيهما الصواب فكتب أن قدر كلاهما توكيدا قيل : كلاهما قائمان ؛ لأنه خبر عن زيد وعمرو وأن قدر مبتدأ فالوجهان والمختار الأفراد فعلى هذا فإذا قيل : إن زيدا وعمرا ، فإن قيل : كليهما قيل : قائمان أو كلاهما فالوجهان وتعيين مراعاة اللفظ في نحو كلاهما لحب صاحبه ؛ لأن معناه كل منهما.

(٢) قوله : (أي : كل واحد منهما) أشار إلى وجه أفراد الخبر من وجوهه أن كلا مفرد اللفظ ومنها وجه لطيف خفي للطف وهو أنه نبه على أن كلاهما واحد بالذات والتعدد اعتباري وذكر كلاهما بتكلف اعتبار العدد لئلا يتوهم تخصيص اعتبار الإعراب بأحد اعتباري كم.

(٣) لا مجموعهما ؛ لأن الذي يقع مرفوعا ومنصوبا ومجرورا وهو كل واحد منهما لا مجموعهما. (وجيه).

(٤) على أن يكون ارتفاعه على الابتدائية أو الخبرية لا على الفاعلية لوجوب تأخير الفاعل واقتضائهما صدر الكلام. (عافية).

(٥) نبه على أن المراد بالفعل ما يعمه ويشبهه ليشمل نحو كم يوما أنت وكم رجلا أنت ضارب.

(٦) أي : لا يكون ذلك الفعل عاملا في ضمير يعود إلى كم ولا في متعلق ذلك الضمير. (عوض).

(٧) فمثال المشغول بالضمير نحو كم رجلا ضربته ومثال المشغول بمتعلق ضميره نحو كم رجلا ضربت غلامه. (عبد الله أفندي).

(٨) ولا يجوز كونه موصولا هنا ؛ لأن كلمة كل في المعرفة لإحاطة الأجزاء فلا يستقيم المعنى. (هندي).

(٩) قوله : (أي : على حسب عمل هذا الفعل) لا على حسب اقتضائه وعمل الفعل يتعين بحسب المميز لا بحسب الاقتضاء فلا يتجه ما قاله الرضي أن الأولى أن يقول معمولا على حسبيه وحسب المميز معا ووجه الدفع أنه وأن اقتضى كثيرا من المنصوبات إلا أنه عمله فيه على وجه الظرفية لا على وجه آخر. (وجيه الدين).

٩١

وعمله (١) لا يكون إلا بحسب المميز وذلك أنك تقول : (كم يوما ضربت؟) وف: (كم) منصوب على الظرفية مع اقتضاء الفعل للمفعول به. والمصدر والمفعول فيه وغير ذلك من المنصوبات.

فتعيينه لأحد المنصوبات إنما هو بحسب المميز فالاستفهامية نحو : (كم رجلا ضربت؟) في المفعول (٢) به ، و (كم ضربة ضربت؟) في المفعول المطلق ، (كم يوما سرت) في المفعول فيه.

والخبرية مثل : (كم غلام ملكت) و (كم ضربة ضربت) و (كم يوم سرت) (٣) وإنما جعلنا (٤) الفعل وشبهه أعم من أن يكون ملفوظا أو مقدرا ليدخل في قاعدة النصب ، مثل : قولك (كم رجلا ضربته؟) إذا جعلته من قبيل الإضمار على شريطة التفسير ، وقد قدرت بعده فعلا غير مشتغل عنه أي : (كم رجلا ضربت (٥) ضربته؟) فهو من حيث إن بعده فعلا مقدرا غير مشتغل عنه داخل في قاعدة النصب وإن لم تجعله من قبيلة ولم تقدر بعده فعلا مشتغل عنه فهو من هذه الحيثية مرفوع داخل في قاعدة الرفع.

(وكل ما قبله) أي : كل واحد من (كم) الاستفهامية والخبرية وقع قبله (حرف جر)

__________________

(١) أشار به إلى دفع ما اعترض به الرضي أن ينتقض بكم يوما ضربت ؛ لأنه ليس منصوبا على حسب اقتضاء فعل أبعده ، فإنه يقتضى منصوبات كثيرة وليس نصبه أل على الظرفية ، فأجاب الشارح بأن اقتضائه بكم يوما ليس إلا بالظرفية. (عصام).

(٢) إذ هي بمنزلة : أعشرين رجلا أو أعشرين ضربة ضربت ، أو أعشرين يوما سرت. (خبيصي).

(٣) لأن كلا من هذه وقع بعدها فعل غير فارغ عن عملها بسبب الاشتغال يعمل ضميرها ، فاقتضى كل من هذه الأفعال بحسب المميز ما اقتضى من المفعول به في الأول ، والمصدر في الثاني ، والظرف في الثالث. (تكملة).

ـ إذ هي بمنزلة : كثيرا من الغلمان ملكت ، وكثيرا من الضرب ضربت ، وكثيرا من الأيام سرت. (خبيصي).

(٤) قوله : (إنما جعلنا الفعل) أشار بذلك إلى دفع الاعتراض ، وهو أن كم رجلا ضربته خارج عن هذه القاعدة مع أنه منصوب معمول على حسبه ، ووجه الدفع أن جعل من قبيل شريطة التفسير بكون الفعل الناصب مقدرة بعده فيكون داخلا فيها وأن لم يجعل عن ذلك القبيل ولم يقدر الفعل بعده يكون مرفوعا داخلا في قاعدة الرفع. (وجيه الدين).

(٥) فيكون الفرق بينه وبين زيدا ضربته أن تقدير الناصب تم قبل المنصوب ، وهاهنا بعده لوجود المانع من تقديمه. (غجدواني).

٩٢

نحو : (بكم درهما اشتريت؟) أو (بكم رجل مررت) (أو مضاف) نحو : (غلام كم رجلا ضربت؟) و (عبدكم رجل اشتريت) (فمجرور) (١) بحرف الجر أو الإضافة.

وإنما (٢) جاز تقديم حرف الجر أو المضاف عليهما مع أن لهما صدر الكلام ؛ لأن تأخير الجار عن المجرور ممتنع لضعف عمله فجوز تقديم الجار (٣) عليهما على أن يجعل الجار ـ اسما (٤) كان أو حرفا ـ مع المجرور ككلمة واحدة مستحقة للصدر (٥).

(وإلا) أي : وإن لم يكن بعده ـ لا لفظا ولا تقديرا ـ فعل ولا شبه فعل غير مشتغل عنه بضميره أو متعلق ضميره ولا قبله حرف جر أو مضاف ، كما مجردا عن العوامل اللفظية (فمرفوع) أي : فهو مرفوع (مبتدأ إن لم يكن ظرفا) (٦) نحو : (من (٧) أبوك؟) ونحو كم إخوتك (٨) وهذا مبني على مذهب سيبويه فإنه يخبر عنه بمعرفة عن نكرة متضمنة استفهاما.

وأما عند غير سيبويه فهذا خبر مقدم على المبتدأ لكونه نكرة وما بعده معرفة

__________________

(١) خبر المبتدأ المتضمن بمعنى الشرط من قبيل كل رجل في الدار فله ، والجملة عطف على فكل ما بعده فعل اه. (هندي).

ـ أي : كم مجرور باعتبار المحل ؛ لأنه لا يبطل عمل الجار لغيره ويكون إعراب المضاف كإعرابه لو لم يكن مضافا ، ولذلك نصب في قولك : غلام كم رجل ضربت. (عافية).

(٢) جواب للسؤال الذي ورد بأن تقديم حرف الجر والاسم المضاف على كم الاستفهامية أو الخبرية مضاف لصدارتهما ، فاجاب بأنه جائز للضرورة. (تكملة).

(٣) وهذا الجواب على تقدير اعتبار كون الحمار كلمة منفصلة عنهما مع أعطاء حكم الصدارة لهما. (أيوبي).

(٤) جواب على اعتبار كل من الجار وما بعده كلمة واحدة ، فلا يلزم حينئذ أن يعطي حكم الصدارة للجار. (عبد الله).

(٥) فالاستفهام في : بكم اشتريت مقدر قبلها ، والتقدير ب : كثيرا اشتريت. (عوض).

(٦) كما مر في المثال ؛ لأنه حينئذ يكون مجرورا عن العوامل اللفظية بنوعيهما. (عافية).

(٧) قوله : (نحو : عن أبوك) نظير لامتثال ، ومنتقض تلك القاعدة بكم رجل صحبك ، فإنه يتعين كم هناك للخبرية ؛ لأن النكرة لا يكون مبتدأ للمعرفة بالاتفاق فيما عدا مثل : من أبوك؟ ومررت برجل أفضل منك أبوه ، كما مر. (حاشية).

(٨) كم رجلا أخوتك ، وكم درهما عندك ، وكم غلام لك شاهد على فلان ، وكم غلام لك ذاهب. (خبيصي).

٩٣

(وخبر إن كان ظرفا) (١) نحو : (كم يوما سفرك؟) (٢) ف : (كم) هنا منصوب المحل أولا ، (٣) داخل تحت قاعدة النصب (٤) باعتبار أعمال الكائن فيه ، وداخل في قاعدة الرفع ثانيا لقيامه مقام عامله الذي هو خبر المبتدأ.

(وكذلك) (٥) أي : مثل : كم في تأتي الوجوه الأربعة (٦) الإعرابية ، بالشرائط (٧) المذكورة.

(أسماء الاستفهام والشرط)

بمعنى (٨) :

__________________

(١) أي : مستقر ، فلا يرد نحو : كم يوما أو كم يوم من سيرك ، فإنه ليس بخبر مع كونه ظرفا مثاله نحو : كم يوما سيرك؟ وكم يوم سيرك؟ (هندي).

(٢) قوله : (سفرك) ولا يمكن أن يكون مبتدأ ؛ لأن المبتدأ والخبر من حيث الذات واحد ، وكم يوما سؤال عن الزمان ، والسؤال ليس كذلك ، فلا يكون هو هو ، قلت : تقديره سؤال واقع في كم مدة من الزمان فيكون هو هو. (حاشية خبيصي).

(٣) أي : باعتبار الأصل ، وذلك أن الخبر كان كائن وكم ظرف له ، ثم أقيم الظرف مقامه وجعل خبرا ، فيكون مرفوع المحل ثانيا. (وجيه).

(٤) لكون شبه الفعل بعده وهو كائن المحذوف ؛ إذ هو غير مشتغل عنه ؛ لأن لفظ الكائن هاهنا رافع للضمير الذي فيه على الفاعلية ، وناصب لكم على الظرفية ، وهذا يدل على أن لفظ الكائن مقدر بعد كم. (محرم).

(٥) ولما فرغ (المصنف) من بيان إعراب كم الاستفهامية والخبرية شرع في بيان أحوال سائر أسماء الاستفهامية والخبرية لاشتراكهما في الأحكام. (ع).

(٦) أحدها : كونه منصوبا معمولا على حسبه ، وثانيهما : كونه مجرورا بحرف الجر والإضافة وثالثهما : كونه مرفوعا بالابتداء بشرط أن لا يكون ظرفا ، ورابعها : كونه مرفوعا بالخبرية بشرط أن يكون ظرفا. (تكملة وجيه الدين).

(٧) وهي اشتراط نصبه بكون ما بعده فعلا ، واشتراط جره بكون مدخول أحد الجارين ، واشتراط رفعه بكون مجرورا عنهما. (أيوبي).

(٨) ولما لم تجر الوجه الأربعة في كمل اسم استفهام وشرط أوّله الشارح بأن المراد أنه يتأتى؟ اه وجعل غيره التأويل في التشبيه فقال معنى قوله : وكذلك ، أي : مثل كم في بعض تلك الوجوه أو جميعها أسماء الشرط والاستفهام ولا يخفى أن قوله : وكذلك أسماء الاستفهام والشروط حزازة ؛ لأن لا بد أن يراد جميع أسماء الشرط وما بقي أسماء الاستفهام. (عصام).

٩٤

أنه تتأتى تلك (١) الوجوه في جميع هذه الأسماء (٢) لا في كل واحد منها وهي (من ، وما ، وأي ، وأين ، وأنى ومتى) مشتركة بين الاستفهام والشرط و (إذا) مختصة (٣) بالشرط و (كيف وأيان) مختصتين بالاستفهام.

ف : (من ، وما) إذا كانتا استفهاميتين يتأتى فيهما الوجوه الثلاثة الأول : نحو (٤) : (من ضربت؟) و (ما صنعت؟) و (بمن مررت؟) و (غلام من ضربت؟) و (من ضربته؟) و (ما صنعته؟).

ولا يتأتى فيهما الرفع على الخبرية لامتناع ظرفيتهما.

وإذا كانتا شرطيتين (٥) فكذلك تتأتى فيهما تلك الوجوه الثلاثة ، نحو : (من تضرب أضرب) و (ما تصنع أصنع) و (بمن تمرر أمرر) و (غلام من تضرب أضربه) و (من يأتني فهو مكرم) و (ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله).

ولا يتأتى فيهما بل في جميع أسماء الشرط الرفع على الخبرية فإنه لا يقع بعدها إلا الفعل ولا يصلح الفعل للابتداء.

وما هو لازم الظرفية من هذه الأسماء ك : (متى وأين وأيّان وكيف وأنّى وإذا) إن لم ينجر (٦) بجار ، نحو : (من أين) فلا بد من كونها منصوبة على الظرفية وعن بعضهم إن

__________________

(١) فإنه تارة يقع مجرور وتارة يقع منصوبا وتارة يقع مرفوعا غالبا. (محرره).

ـ يشير إلى توجيه عبارة المصنف بتأويل المشبه لئلا يلزم تشبيه الشيء بنفسه وإلى أن المشبه مجموع ؛ لأن كل واحد منها حتى يلزم أن يقال أن الوجوه الأربعة لم يتصور في كل واحد واحد. (مصطفى جلبي).

(٢) لا في كلها ، وهذا لا ينافي أن لا يوجد بعض الوجوه في بعض تلك الأسماء. (عبد الله).

(٣) أي منفردة لكونه للشرط مع أنه غير جازم بخلاف الأخوات. (رضا).

(٤) مثال لما بعده فعل غير مشتغل منصوب المحل على أنه مفعول به مقدم على ضربت.

(٥) قوله : (وإذا كانتا شرطيتين اه) وإذا كان اسم الشرط مبتدأ فعلى أربعة مذاهب خبره إما الشرط والجزاء أو : الشرط فقط فهذان ظاهران من بيان المصنف فافهم أو الجزاء فقط أو اسم الشرط مبتدأ لا خبر له. (قاض محش).

(٦) يعني ما هو لازم الظرفية من أسماء الشرط يتأتى فيه وجهان من الوجوه الأربعة أحدهما الجر بحرف الجر إن دخل عليه وثانيهما النصب على الظرفية إن لم يدخل فإن دخل عليه الجار يجر به. (عبد الله).

٩٥

(إذا) قد يخرج عن الظرفية ويقع اسما صريحا نحو : (إذا يقوم زيد إذا يقعد عمرو) أي : وقت قيام زيد وقت قعود عمرو فهي مرفوعة بالابتداء.

وقال الشارح الرضي (وأنالم أعثر (١) لهذا على شاهد من كلام العرب) (٢) وما هو لازم الظرفية يرتفع في الاستفهام (٣) محلا مع انتصابه على الظرفية إذا كان خبر مبتدأ مؤخر ، نحو : (متى عهدك بفلان؟) أي : متى كائن عهدك به؟

وأما (أي) فتتأتى فيه الوجوه الأربعة (٤) كلها ، فإنه قد يقع في محل الرفع بالخبرية (٥) أيضا على تقدير انتصابه على الظرفية نحو : (أي وقت مجيئك؟) أي : أي وقت كائن مجيئك؟

(فأي وقت) على تقدير انتصابه على الظرفية مرفوع المحل بالخبرية والوجوه الباقية مثل : (أيهم ضربت؟) (وأيهم قائم؟) وفي (٦) مثل :

كم عمة لك يا جرير (٧) وخالة

يعني فيما احتمل الاستفهام والخبر وذكر المميز وحذفه (ثلاثة أوجه) هكذا في كثير ممن النسخ.

وفي بعضهما : (وفي تمييز كم عمة) أي : ما (٨) هو تمييز باعتبار بعض الوجوه فعلى النسخة الأولى يحتمل أن يعتبر الأوجه الثلاثة في (كم).

__________________

(١) قوله : (وأنا لم أعثر لهذا) أي : لوقوع ؛ إذا اسما صريحا وما هو لازم الظرفية يرتفع في الاستفهام محلا مع انتصابه على الظرفية إذا كان خبر مبتدأ مؤخر فلا يخرج عن الظرفية فقوله : (وما هو لازم) أيضا كلام الرضى.

(٢) من الحديث والآية والشعر.

(٣) احتراز عن الشرط ؛ إذ لا يتصور فيه الخبرية وإنما قيد الارتفاع بقوله : محلا ؛ لأنه إذا كان مبنيا صار له محلان أحدهما الرفع والآخر النصب.

(٤) من الجر والنصب ومن الرفع على الابتداء وعلى الخبرية. (تكملة).

(٥) وهذا غير مرضي بل المرفوع محل الجملة الظرفية النائبة عن الخبر. (سرح).

ـ يعني أنه منصوب لفظا لكونه معربا ، ومرفوع محلا لكونه خبرا.

(٦) ثم شرح المصنف في مسألة من مسائل كم بعد قياس سائره أسماء الاستفهام والشرط بها وهي جواز الوجوه الثلاثة فيها فقال طريق الاستشهاد وفي مثل كم عمة آه.

(٧) أراد به كل موضع احتمل فيه نصب كم بالفعل الواقع بعده مع احتمال رفعه بالابتداء.

(٨) أي جواب سؤال مقدر وهو أنه ليس إلا وجه الثلاثة في التمييز فلا يصدق قول المصنف في مثل تمييزكم ثلاثة أوجه. ـ

٩٦

أحدها : رفعه بالابتداء (١).

والآخر : أن نصبه على الظرفية أو على المصدرية (٢) فإنه أشار فيما سبق (٣) بقوله (منصوبا) معمولا على حبه) إلى كثرة وجوه النصب (٤) ولا يخفى أن هذا أليق (٥) بما سبق من وجوه إعراب (كم) (٦).

ويحتمل أن يعتبر الأوجه الثلاثة في مميزها ، أعني : عمة ، فأحدها : الرفع بالابتداء استفهامية كانت أو خبرية.

__________________

ـ قوله : (أي ما هو تمييز باعتبار بعض الوجوه) والأظهر أن المراد ما هو تمييز بحسب الظاهر فإن قلت : فليكن الأوجه الثلاثة في غير هذا التركيب ذكر التمييز نصبا وجرا وحذفه فلا حاجة إلى حمل التمييز على التمييز في بعض الأوجه قلت : يلزم أن يكون الأوجه أربعة ذكره نصبا وجرا حذفه كذلك فلا لحسن جعلها ثلاثة.

(١) لعدم شرط النصب والجر وعلى هذا يكون المميز مذكورا وهو لفظ عمة ويحتمل أن يكون محذوفا مقدرا بكم شخص أو شخصا.

(٢) مفعول فيه أو مفعول مطلق لقوله : قد حلبت على تقدير التمييز أي : كم حلبته بالنصب أو الجر ؛ لأن ما بعده فعل غير مشتغل عنه ومميز ظرف أو مصدر.

ـ قوله : (فكان الأليق تأخير هذا) لياقة تأخير الفرع عن الأصل فعلى هذا التوجيه مع التمحل في التمييز بجمله على التمييز في بعض الوجوه فوات حسن الترتيب فالأولى أن يقال المراد بالأوجه الثلثة نصب عمة وجرها مع الإفراد وجرها مع الجمعية والمراد بقوله : وقد يحذف أنه قد يحذف مثل كم مميز عمة لك يا جرير وخاله فإنه الذي سبق آنفا فيكون إشارة إلى ثلاثة أوجه آخر باعتبار المميز ، المميز المحذوف ويكون نحو : كم مالك وكم ضربت تنظير الحذف هذا المميز. (عصام).

(٣) عند بيان إعراب كم.

(٤) حيث لم يقل بالمفعولية بل قال على حسبه ، ليعمّ كل المنصوبات. (محرّم)

(٥) وجه الأليقية أن هذا التوجيه تخصيصا لكلام المصنف عن ورود لزوم الإخلال بذكره ما لم يذكر قبله. (عبد الله).

ـ من الوجهين الآخريين.

(٦) تقديره : كم عمة لك وخالة على عشاري ، فكم مبتدأ لكون مميزه فاعلا لحلبت بحسب المعنى وخبره قوله : قد حلبت صفة لكونها عبارة عن ضمير في حلبت ؛ يعنى يكون عمة حالبة لا محلوبة. (لمحرره).

٩٧

والآخر : أن النصب على التقدير كونها استفهامية (١) والجر على تقدير كونها خبرية ولا يخفى أن هذا الوجه (٢) مبني على اعتبار جواز حذف مميزها وهو غير مذكور فما سبق فكان الأليق تأخير هذا عن قوله (وقد يحذف في مثل ، كم مالك؟).

وأما على النسخة الأخرى فلا يحتمل إلا الوجه الأخير.

والبيت للفرزدق يهجو جرير وتمامه :

فدعاء (٣) قد حلبت (٤) عليّ عشاري (٥)

الفدعاء : المعوجة الرسغ من اليد أو الرجل ، فتكون منقلبة الكف أو القدم.

بمعنى أنها لكثرة الخدمة صارت كذلك أو هذه خلقة لها ، ونسبها إلى سوء الخلقة.

وإنما عدّى (حلبت) ب : (على) لتضمنه معنى (ثقلت) أي : كنت كارها لخدمتها مستنكفا منها فخدمتني على كره مني.

واختار (٦) من أنواع خدمتها الحلب ؛ لأنه خدمة المواشي. وهي أبلغ في الذم من خدمة الأناسي.

__________________

(١) ولم يرد معنى الاستفهام ولكنه على سبيل التهكم فكان متحقق ولكنه كم خبرية على التحقيق أي : كثير من عماتك وخالاتك يا جرير قد حلب على عشارى. (عوض أفندي).

(٢) وهو اعتبار الأوجه الثلاثة في نفس التمييز دون كم.

(٣) الفدعاء تأنيث الأفدع وهي المرأة التي اعوجت أصابعها من كثرة الحلب. (حلبي).

ـ الفدع محركة اعوجاج الرسغ من اليد والرجل حتى ينقلب الكف أو القدم إلى أليتها. (قاموس).

ـ على وزن حمراء مؤنث الأفدع.

(٤) وضمير حلبت راجع إلى كم حملا على لفظه وإن اقتضى المعنى ضمير التثنية. (معرب).

(٥) والعشار بكسر العين جمع عشراء وهي التي أتى على حملها عشرة أشهر.

ـ قوله : (عشاري) بكسر العين والراء مضافا إلى ياء المتكلم جمع عشراء يضم العين وفتح الشين المعجمة على وزن علماء وهي الناقة التي أتى عليها من يوم نزا عليها الفحل عشرة أشهر ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع. (حلبي).

(٦) قوله : (في واختار) ينافى قوله : على كرمني والظاهر وذكر من أنواع إلخ في الهندي ؛ لأنه أبلغ فيما قصده وقوله : من خدمة الأناس كذا في بعض النسخ وهو لغة في الناس الأناسي جمع ـ

٩٨

والعشار : جمع عشراء وهي الناقة (١) التي أتى على حملها عشرة أشهر.

واختارها ؛ لأنها تتأذى من الحلب ولا تطبع بسهولة ففي حلبها زيادة مشقة (٢).

وفي ذكر عمته وخالته إشارة إلى رذالة طرفيه أبيه وأمه.

فالاستفهام (٣) على تقدير النصب على سبيل التهكم (٤) كأنه ذهل عن كمية عدد عماته وخالاته فسأل عنه.

وكونها خبرية على تقدير الجر على سبيل التحقيق أي : كثير من عماتك وخالاتك وجلبت على عشاري.

وإذا حذفت المميز : أي : كم مرة أو كم حلبة على التهكم أو كم مرة أو كم حلبة على التكثير فارتفاع (عمة) على الابتداء.

ومصححه (٥) توصيفه بقوله (لك) ، وخبره (قد حلبت).

(وكم) استفهامية أو خبرية على تقدير ارتفاع (عمة) (٦) في موضع النصب (٧) ؛ لأن الفعل الواقع بعدها مسلط عليها تسليط الظرفية أو المصدرية.

__________________

ـ إنسان كما في الهندي ؛ لأنه أنسب بقوله المواشي جمع ماشية وهي الإبل والغنم. (ح).

(١) الناقة التي أتى عليها الفحل عشرة أشهر ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع ، والفرزدق استخف بالجرير في هذا البيت ؛ لأن معناه خالاتك وعماتك كن من خدمي ، ورعاة إبلي ، وكنت أستنكف أن يحلبن إبلي ويخدمني لحسنهن. (حلبي).

(٢) لمن حلبها وزيادة مشقة الجالب هي مقصود الشاعر لاستكراهه من خدمتها. (سرح).

(٣) أراد الشارح بهذا تطبيق لفظ كم بالمقصود على تقدير كونها استفهامية فقال فالاستفهام.

(٤) يعني الاستفهام ههنا ليس على حقيقته ؛ لأن حقيقة الاستفهام تقتضي جهالة المتكلم وعالمية المخاطب وههنا ليس كذلك ؛ لأن المتكلم عالم وليس الغرض من سؤاله استفادة العلم بل غرضه الاستهزاء مجازا بعلاقة اللزوم ؛ لأن كثرة الشيء ملزوم للجهل فكأنه من ذكر الملزوم وإرادة اللازم.

(٥) هنا دفع لما يتوهم من أن قوله : عمة ، كيف تكون مبتدأ لكونه نكرة وحاصل الدفع نعم نكرة لكنها مخصصة بالصفة. (لمحرره رضا).

(٦) أي : إذا كان المميز محذوفا فارتفاع عمة اه.

(٧) أي : منصوب المحل إما مفعول مطلق لخبر المبتدأ أو ظرفه وهو حلبت. (رضا).

٩٩

وإذا رفعت (عمة) رفعت (خالة) و (فدعاء) (١) وإذا نصبتها نصبتهما وإذا خفضتها خفضتهما وذلك واضح (٢).

(وقد يحذف) مميز (كم) استفهامية كانت أو خبرية (في مثل : (كم مالك؟) و (كم ضربت) : أي : في كل مثال قامت قرينه دالة على المحذوف فإنه إذا سئل عن كمية (مالك) أو أخبر عن كثرته فظاهر الحال قرينه دالة على أنه سؤال عن كمية دراهمه أو دنانيره أو أخبار عن كثرتهما فمعناه كم درهما ، أو دينارا أو كم درهم أو دينار مالك.

ف : (كم) في هذا المثال مرفوع على الابتداء (٣) ، ومالك خبره ، وإذا سئل عن ضربك بعد العلم بوقوعه ، أو أخبر به فالظاهر أن السؤال والإخبار إنما هو بالنسبة إلى مرات ضربك ، أي : كم مرة أو مرة ضربت ، أو إلى ضرباتك ، أي : كم ضربة أو ضربة ضربت ، فكم في هذا المثال إما منصوب على الظرفية أو المصدرية ، والفرق (٤) بين المعنيين إذا كان المصدر للنوع فظاهر وأما إذا كان للعد فالملحوظ في الظرفية أولا الزمان (٥) الدال عليه الألفاظ الموضوعة للزمان (٦) ،

__________________

(١) لأنهما تابعان لعمة فإن الأول عطف عليه والثاني صفة له.

(٢) ولمّا فرغ المصنف من معنى كم وإعرابه وتمييزه ، شرع في ذكر مميزه وحذفه. (لمحرره رضا).

ـ استباق أو عطف على مقدر أي : يذكر كثيرا وقد يحذف.

(٣) على مذهب سيبويه إذا كان استفهامية دون خبرية لجواز النكرة مبتدأ عنده لمعرفة إذا كان في جملة الاستثنائية خلافا للجمهور. (حاشية).

(٤) قوله : (والفرق بين المعنيين إذا كان المصدر للنوع فظاهر) ؛ لأنه على تقدير المصدرية يكون السؤال عن نوع الضرب أو الإخبارية وعلى تقدير الظرفية يكون السؤال عن المرة والعدد وأما إذا كان العدد فلا تظهر الفرق ؛ لأن في كل منهما السؤال عن العدد أو الإخبار به فيفرق بينهما بأن الملحوظ أولا في الظرفية العدد والحديث ثانيا وتبعا وفي المصدرية بالعكس. (وجيه الدين).

(٥) ولما كان المصدر الذي للعدد مشتركا مع المرة في الدلالة على الكمية احتاج إلى الفرق بينهما فبين الشارح الفرق. (تكملة).

ـ لأن الحدث لا يخلو من أن يقع في زمان لكن بذلك الزمان ليس هو الزمان الذي عليه الفعل بالتضمن بل المراد به هو الزمان الدال عليه. (أيوبي).

(٦) نحو أمس والآن وغدا ؛ لأن هذه الزمان مدلولات لهذه الألفاظ لا أنها مدلولات الفعل. (عبد الله).

ـ ولعل الفرق بين الزمان الذي هو مدلول الفعل وبين مدلول هذه الألفاظ هو أن مدلول الفعل ـ

١٠٠