شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

العوامل نحو : (من الرجل) (١) و (من امرئ) و (من زيد).

(وهي) أي : المبني ـ والتأنيث ، باعتبار الخبر ـ (المضمرات وأسماء الإشارة والموصولات (٢) والمركبات الكنايات (٣) وأسماء الأفعال والأصوات) بالرفع عطف على أسماء الأفعال (٤) ، لا على الأفعال لتصديره بحث الأصوات فيما بعد بالأصوات لا بأسماء الأصوات.

(وبعض الظروف) وإنما قال : بعض الظروف (٥) ؛ لأن جميعها ليست بمبنية بل بعضها.

فهذه ثمانية أبواب في بيان الأسماء (٦) المبنية ولا بد لكل واحد منها من علة البناء ؛ لأن الأصل في الأسماء الأعراب.

وإذا كان مبنيا على الحركة فلا بد عند ذلك من علتين أخريين :

أحدهما : علة البناء على الحركة فإن الأصل في البناء السكون.

__________________

(١) لأن من حرف والحرف مبني الأصل واختلف وحرك لالتقاء الساكنين في الصورتين الأوليين ، وأسكن في الصورة الأخيرة. (س ر ح).

(٢) وإنما لم يذكر أسماء الموصولات ؛ لأنهما موصولات ، لا أنها أسماء موصولات ، وإنما جمع لاختلاف أنواعه. (هندي).

ـ بنيت الموصولات لاحتياجها إلى الصلة ، كما أن الحروف تحتاج إلى متعلقاتها. (غجدواني).

(٣) الأولى أن يقول : وبعض الكتابات ؛ لأن بعضها معرب ، كفلان وفلانة. (لاري).

(٤) وفي جره نظر ؛ لأن المذكور من النسخ ونحوه صوت لا اسم صوت ، وكذا في رفعه ؛ لأن الصوت ليس باسم لعدم الوضع ، فكيف يذكر في الأسماء المبنية؟ والجواب : أنها ملحقة بالأسماء جارية مجراها في البناء ، وإن لم تكن أسماء على الحقيقة ؛ لعدم الوضع ، وعلى هذا لا يشكل ذكرها في الأسماء المبينة. (فاضل هندي).

(٥) ولم يقل بعض الموصولات مع أنه أتى معربة وحدها لقلتها ولئلا يتوهم أنه على مذهب من جعل اللذان واللتان مرتين ولكن ينبغي أن يقال : وبعض المركبات ؛ لأن المركبات قسمان قسم مبني من نحو خمسة عشر وقسم معرب وهو بعلبك. (فاضل محشي).

(٦) يعني لا يشكل حصر المبني في هذه الثمانية بما الشرطية والاستفهامية والصفة والتامة ومن بأقسامها سوى الموصولة ؛ لأن المراد بالموصولات ليس مجرد الموصولات بل ما هو من بيان طائفة من الأسماء المبنية موصولات كانت أو غيرها وفسر عليه البواقي.

٢١

والأخرى : للحركة المعنية أنها لما اختيرت دون الباقيتين (١).

(المضمر) (٢)

(ما (٣) وضع لمتكلم) (٤) من حيث إنه متكلم (٥) يحكي عن نفسه.

(أو مخاطب) من حيث أنه مخاطب يتوجه إليه الخطاب.

وقيل : المراد بالمتكلم من يتكلم به والمخاطب : من يخاطب به ، فإن (أنا) موضوع لمن يتكلم به ، و (أنت) لمن يخاطب به ، ويخرج بهذا القيد (٦) لفظ (المتكلم) و (المخاطب) فإن الأسماء الظاهرة (٧) كلها موضوعة للغائب مطلقا. (أو غائب تقدم (٨)

__________________

(١) منها بأن يقال مثلا : إن من الضمائر لم يبن على الفتح دون الكسر والضم. (عبد الله أفندي).

(٢) وهو في اللغة مشتق من أضمرت الشيء في نفسي إذا استترته وأضفيته فعلى هذا الأصل في الإضمار هو المستتر ؛ لأنه شيء لا لفظ له ظاهر بل هو موجود في النية والباقي محمول عليه في كونه ملتبسا بهذا اللقب. (عوض).

(٣) عبارة عن الاسم احتراز عن نحو ضرت وضرب فإنه أن يصد قرانه وضع لمتكلم أو غائب لكنه ليس المبين باسم. (عوض).

(٤) المشهور وعند النحاة وضع هذه الضمائر لمفهوم المتكلم والمخاطب والغائب والتحقيق وضعها لجزئيات معينة لهذه المفهومات والتعريف أظهر فيما هو التحقيق وبهذا استغنيت عما تكلف الشارح لإخراجها. (عصام).

(٥) الظاهر أنه زاد قيد الحيثية للاحتراز عن نفس المتكلم والمخاطب فإنهما وإن وضعا للدلالة على المتكلم والمخاطب لا لأنهما لم يوضعا لهما ولم يدلا عليها من تلك الحيثية بخلاف نحو أنا وأنت والنحويون لم يعتبروا الحيثية ويحترزون عن لفظ التكلم والمخاطب بقيد المتكلم والمخاطب فإنهما لم توضعا لمتكلم ومخاطب والظاهر ما قاله الشارح. (وجيه الدين).

(٦) أي : بقيد الحيثية على الأول ويكون المراد متكلم تكلم به على الثاني وقال العصام : أي : بقيد لوضع لكونه لأحد الأمور الثلاثة ولهذا أفرد القيد.

(٧) في حكم الغائب حيث يجري أحكامها عليها إلا أنها في أنفسها غيب ؛ لأن مدلولاتها قد تكون مخاطبا وقد تكون غائبا. (وجيه).

(٨) لا يقال هذا التعريف منقوض بلفظ المتكلم والمخاطب والغائب ؛ لأن الأول منها يصدق عليه أنه ما وضع لمتكلم وكذا الكلام في الثاني والثالث فإن يصدق عليهما أنهما وضعا لمخاطب ـ

٢٢

ذكره) ويخرج بهذا القيد الأسماء الظاهرية ـ أن كانت موضوعة للغائب مطلقا ـ إذ ليس تقدم ذكر الغائب شرطا فيها.

(لفظا أو معنى أو حكما) (١) أراد بالتقدم (٢) اللفظي : ما يكون المتقدم ملفوظا ، إما متقدما تحقيقا مثل : (ضرب زيد غلامه) أو تقديرا ، مثل : (ضرب غلامه زيد).

وبالتقدم المعنوي : أن يكون المتقدم مذكورا من حيث المعنى لا من حيث اللفظ (٣) ، وذلك المعنى إما مفهوم من لفظ بعينه كقوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) فإن مرجع الضمير هو العدل (٤) المفهوم من قوله تعالى : (اعْدِلُوا.)

فكأنه متقدم (٥)

__________________

ـ وغائب لأنا نقول معنى الكلام ليعبر به المتكلم عن نفسه أو مخاطبه وغائبه فلفظ المتكلم والمخاطب أو الغائب ليس كل منها وضع على ذلك بل بدليل على أنه من له المتكلم والمخاطب والغائب وفي كلام المصنف إشارة إلى أن الضمير في إياه وإياك وإيانا ليس إلا أيا واللواحق الباقية لبيان أحوال من هو له من التكلم والخطاب والغيبة والأفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث خلافا للبعض وفيه اختلاف كثيرة لا يليق بهذا الكتاب.

(١) على أن يراد الوضع على وجه الكناية فيخرج اسم الإشارة ونحوها وفيه أن نحوكم وكذا موضوع للغائب على وجه الكناية لكن لا بشرط تقدم الذكر فلا بد من التقييد به فكيف يكون غير داخل في الحد فهو احتراز عن الأسماء الإشارة لكونها غنيا كسائر الأسماء الظاهرة بغير شرط التقديم. (هندي).

(٢) اعلم أن تفسير التقدم اللفظي بما ذكره يدل على أنه جعل قوله : (لفظا أو معنى) من أقسام الذكر حقيقة لا من أقسام التقدم حقيقة لكن بما كان المقصود الأصلي هنا بيان التقدم جعله من أقسامه وبهذا الدفع اعتراض الرضي بأن تقسيم التقديم اللفظي إلى الحقيقي والتقديري خلاف ما به فإن عبارة المصنف جعل اللفظ قسيم التقدير كما قال في المعرب : لاختلاف العوامل لفظا أو تقديرا أو قال التقديري فيما تعذر ثم قال واللفظي فيما عدا كامله وغيره.

(٣) أراد بالذكر من حيث اللفظ أن يكون المعنى مقصودا باللفظ باستعماله فيه وإلا فمعنى اللفظ باعتبار أنه مدلول مذكور لفظا. (عصام).

(٤) أي : تضمنا أو التزاما ومنهم من جعل بالأول وجعل الثاني من باب السابق والأول أظهر.

(٥) قوله : (فكأنه متقدم ... إلخ) الظاهر أن يقال من حيث اللفظ ، اللهم إلا أن يقال إن الضمير يرجع إلى لفظ العدل المفهوم معناه من (اعْدِلُوا) فكان لفظ العدل مذكور من حيث معناه لا من حيث لفظه. (وجيه الدين).

٢٣

من حيث المعنى ، أو من سياق الكلام (١) ، كقوله تعالى (وَلِأَبَوَيْهِ) [النساء : ١١] ؛ لأنه لما تقدم ذكر الميراث دلّ على أن ثمة مورثا فكأنه تقدم ذكره معنى.

وأما التقدم (٢) الحكمي (٣) فإنما جاء في ضمير الشأن (٤) والقصة ؛ لأنه إنما جيء به من غير أن يتقدم ذكره قصدا لتعظيم القصة بذكرها مبهمة ليعظم وقعها في النفس ثم تفسيرها فيكون ذلك أبلغ من ذكره أولا مفسرا صار كأنه في حكم العائد إلى الحديث المتقدم المعهود بينك وبين مخاطبك وكذا الحال في ضمير (نعم (٥) رجلا زيد) و (ربه رجلا). (هو) أي : المضمر بالنظر إلى ما قبله قسمان :

(متصل ، ومنفصل (٦) فالمنفصل المستقل بنفسه) (٧) غير محتاج إلى كلمة أخرى قبله ليكون كالجزء منها ، بل هو كالاسم الظاهر (٨) سواء كان مجاورا لعامله ، نحو : (ما

__________________

(١) قوله : (من سياق) السابق على الضمير أو الواقع فيه الضمير وإن كان مع ضميمة قرينة خارجية كما قال الشيخ الرضي في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)[القدر : ١] أن النزول في ليلة القدر والتي هي في رمضان دليل على أن المنزل هو القرآن مع قوله تعالى :(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)[البقرة : ١٨٥]. (عبد الغفور).

ـ الفرق بين السباق والسياق الأول يطلق على المتقدم والثاني على المتأخر.

(٢) لم يقل وأراد بالتقدم الحكمي كما قال في اللفظي والمعنوي ؛ لأن مراد المصنف غير معلوم في حكمي ؛ لأن بعض المصنفين كالبيضاوي لم يذكر التقدم الحكمي أصلا وتفصيله في الامتحان.

(٣) والمراد بالتقدم الحكمي أن لا يتقدم ذكره لا لفظا ولا معنى بل يكون في حكم تقدم الذكر وذلك بأن يؤتى به مبهما كتعظيم القصة ثم يفسر فيكون تأخير التفسير الذي أصله التقديم لغرض فكان في حكم التقديم وكان متقدما حكما معهودا بينك وبين مخاطبك كسائر ما يرجع إليه الضمير من المتقدم لفظا أو تقديره. (وجيه).

(٤) ولضمير الشأن أربع مراتب : عدم تقديم المرجع ، وكون الخبر جملة ، وعدم رجوع الضمير منها إليه ، وكون مفهوم الشان.

(٥) تقول : نعم الرجل زيدا أو غلام الرجل زيد وبئس الرجل عمرو أو غلام الرجل عمرو وسمي الأول فاعلا والثاني المخصوص بالمدح والذم ويضمر الفاعل ويفسر بنكرة منصوبة فقال : نعم رجلا زيد.

(٦) لأنه إن لم يكن مستقلا في التلفظ فهو الأول وإلا فهو الثاني. (عافية).

(٧) في التلفظ أي : الذي صح التلفظ به في الاصطلاح وأما معنى المعنى فالمنفصل والمتصل كلاهما مستقلان ؛ لأنهما اسمان. (هندي).

(٨) فيه إشارة إلى أن المعتبر في الاستقلال وعدمه الفرق والاستعمال دون الفعل وإلا لما جاز اشتراك هما وهم وهن.

٢٤

أنت منطلقا) عند الحجازية ، أو غير مجاور له نحو : (ما ضربت إلا إيّاك).

(والمتصل غير المستقل بنفسه) المحتاج إلى عامله الذي قبله ليتصل به ويكون كالجزء منه. (وهو) أي : المضمر باعتبار الإعراب أقسام : (مرفوع ومنصوب (١) ومجرور) لقيامه(٢) مقام الظاهر ، وانقسام الظاهر إليها. (فالأولان) أي : المرفوع والمنصوب كل واحد منهما قسمان : (متصل) (٣) لأنه الأصل (ومنفصل) لمانع من الاتصال (٤) (والثالث) أي : الضمير المجرور (متصل) فقط ؛ لأنه لا مانع (٥) فيه (٦) من الاتصال الذي هو الأصل، وستعرف المانع من الاتصال إن شاء الله تعالى. (فذلك) (٧) أي : المضمر (خمسة أنواع) المرفوع المتصل والمنفصل والمنصوب المتصل والمنفصل والمجرور المتصل.

النوع (الأول) يعني : المرفوع المتصل ضمير (ضربت) على صيغة المتكلم الواحد المعلوم الماضي (وضربت) (٨)

__________________

(١) وإطلاق المرفوع والمنصوب والمجرور مجاز ؛ لأن المرفوع والمنصوب والمجرور حقيقة في المعرب والضمير مبني لكن لما كان واقعا موقع الظاهر قائما مقامه سمى باسمه مجازا.

(٢) لأن المضمر يكنى به عن الظاهر فكما أن الظاهر يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا كذلك المضمر لذلك فالضمير المرفوع كناية عن ظاهر مرفوع والمنصوب والمجرور كذلك وبهذا ظهر وجه تسمية كل منها بكلم الخاص. (شرح الكافية العافية).

(٣) أفرد الخبر مع أن المبتدأ مثنى تنبيها على أنه حكم على كل واحد فالمبتدأ مؤول بالمفرد ولا حاجة إلى تقدير مبتدأ هو كل منهما كما يعرفها العربي وإن اشتبه على الهندي. (عصام الكافية).

(٤) أي : لوجود مانع من الموانع من الآتية لكونه متصلا. (عبد الله).

(٥) قوله : (لأنه لا مانع) إذ لا يتقدم المجرور على الجار ولا يجوز الفصل بينه وبين جاره والفصل بين المضاف والمضاف إليه وإن جاز بالظرف في الشعر إلا أن يمنتع بواسطة اتصال الضمير ولا بحذف الجار في محل يكون مجروره مضمر ولا يكون عامله أمرا معنويا ولا حرفا والضمير مرفوع ولا يكون الضمير المجرور مسندا إليه صفة حرت على من هي له. (وجيه الدين).

(٦) إن قلت : من الموانع الفصل وقد يقع بين المضاف والمضاف إليه قلنا : لا يقع إذا كان المضاف إليه ضمير مع أن الفصل بينهما مطلقا. (غفور).

(٧) أتى المصنف باسم الإشارة الموضوع للبعيد تنبيها على أن المحكوم عليه المضمر دون المرفوع والمجرور بتأويل (عصام الكافية).

(٨) يقال : الأولى أن تقول : ضربت وتضرب إلى ضربن ويضربن ليكون أفراد الضمير المرفوع المتصل مستوفاة قلت : أشار إلى بيان الضمائر المتصلة بأنها دائرة على التعريف المعلوم ـ

٢٥

على صيغة المتكلم الواحد المجهول (١) الماضي المنتهيين : أولهما (٢) (إلى ضربن) على صيغة جمع الغائبة المعلوم الماضي وثانيهما (٣) إلى (ضربن) على صيغة جمع الغائبة المجهول الماضي.

وإنما بدأ بالمتكلم ؛ لأن ضمير المتكلم أعرف ، وأخر ضمير الغائب ؛ لأنه دون الكل وصورة التصريف هكذا : ضربت ، ضربنا ، ضربت ، ضربتما ، ضربتم ، ضربت ، ضربتما ، ضربتنّ ، ضرب ، ضربا ، ضربوا ، ضربت ، ضربتا ، ضربن ، وعلى هذا قياس المجهول.

(و) النوع (الثاني) أي : المرفوع المنفصل (أنا إلى هنّ) : أنا (٤) نحن ، أنت أنتما، أنتم ، أنتما ، أنتن ، هو (٥) ، هما ، هم ، هي ، هما ، هنّ ، الضمير في (أنت) إلى (أنتن) هو (٦) (أن) إجماعا (٧) والحروف الأواخر لواحق دالة على أحواله من الأفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث.

__________________

ـ في الصرف فلم يغنه الماضي والمستقبل وغيرهما ولكن أراد التنبيه على أن الضمير المرفوع قد يكون فاعلا وقد يكون مفعولا.

(١) فأراد أن ينبه على أن أفراد هذا النوع بهذه الصورة لا يتصل إلا بالماضي المبني للفاعل أو المفعول وأما غيرهما من المضارع والصفات فلا يتصل بها ؛ لأن لتلك الألفاظ اختصاص بهما كما سيجيء. (عافية).

(٢) بدل من المستتر في المنتبهين بدل البعض من الكل وأشار به إلى أن كلمة إلى للإسقاط لا لمد الحكم فلا يلزم دخول ما بعدها في الحكم. (عصام).

(٣) اعلم أن في إلى مذاهب أحده إنه لم يكن ما بعدها من إن ما قبلها شاملا لما بعدها فإلى فيه لمد الحكم إلى ما بعدها وهو خارج عن الحكم مثل : (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)[البقرة : ١٨٧] وإن كان ما بعدها من جنس ما قبلها فإلى الإسقاط ما وراءها بعدها فهو حينئذ داخل في الحكم.

(٤) قد تبدل همزته هاء نحو هنا وقد يمد همزته نحو آنا وقد يسكن نونه في الوصل وهو عند البصريين همزته ونون الألف زيدت للوقف (لاري).

(٥) فإن قيل : لم خص الهاء بالغائب قلت : لأن الهاء عندهم حرف خفي غاية الخفاء والغائب أيضا خفي فوضع لأجله.

(٦) ثم زيدت التاء لمناسبة الواو ولم يمكن زيادة حرف اللين لعدم تحمل الحركة وأسكنت النون لئلا يجتمع ثلث الحركات متواليات ؛ لأن ثلث حركات في المضمرات أربع حركات في المظهر.

(٧) وليس نقل الإجماع في هذا المحل بصحيح وإنما هو مذهب فإن الفراء قال : إن أنت بكماله ـ

٢٦

(و) النوع (الثالث) أي المنصوب المتصل ، وهو قسمان :

القسم الأول المتصل بالفعل (نحو : ضربني إلى ضربهن) ضربني ضربنا ضربك ضربكما ضربكم ضربك ضربكما ضربكن ضربة ضربهما ضربهم ضربها ضربهما ضربهن.

(و) القسم الثاني المتصل بغير الفعل نحو : (إنني) إننا إنك إنكما إنكم إنك إنكما إنكن إنه (إلى إنهن).

(و) النوع (الرابع) أي : المنصوب المنفصل (١) (إياي) إيانا ، إياك ، إياكما ، إياكم إياك ، إياكما ، إياكن إياه (إلى إياهن).

وفي (إياي) اختلافات كثيرة والمختار أن الضمير هو (إيا) (٢) ولواحق للدلالة على المتكلم والخطاب والغيبة والإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث.

(و) النوع (الخامس) (غلامي) مثال (٣) المتصل بالاسم ، (ولي) مثال المتصل بالحرف : غلامي ، غلامنا ، غلامك ، غلامكما ، غلامكم ، غلامك ، غلامكما ، غلامكم ، غلامه (ولي ، لنا ، لك ، لكما) (إلى لهنّ).

وكان القياس (٤) أن تكون ضمائر كل من المتكلم والمخاطب والغائب ستة لكنهم

__________________

ـ اسم فالتاء من نفس الكلمة وقال بعضهم أن الضمير هو التاء المصرفة كانت مرفوعات متصلة فلما أراد انفصاله وعمومها بمستقبل فإن قيل لعل مراده إجماعا للبصريين كما حمل عليه صاحب اللباب قيل هذا لا يدفع الاعتراض فإن ابن كيسان من البصريين هو قائل بأن التاء في أنت هي الاسم وهي التي في نحو قمت ولكنها كسرت بأن فلا إجماع من الكل ولا من البصريين. (وجيه الدين).

(١) وإنما خصت الباء بالمتكلم لامتناع الألف والواو وذلك أن الألف وضع للاثنين والواو للجمع وهما مرفوعان فلم يبق الضمير المنصوب أو المجرور إلا الياء.

(٢) واختلفوا في أي أنها اسم مشتق أو موضوع فمن قال : إنه مشتق من الأهواء وأصله أو ياء فاجتمع الواو والياء فصارا يا ومن قال : إنه موضوع اختلفوا أنه مظهر قال : إنه مضاف إلى الضمير واتفق أكثر المتأخرين أنه ضمير وضع للمنصوب والحق بآخره الكاف والهاء والياء.

(٣) وإنما أورد مثالين ليعلم اتصال الضمير المجرور بالاسم والحرف.

(٤) ثم لما كانت الأقسام الجائزة في الضمائر أكثر من التي وجدت في اللغات أراد الشارح أن يذكر وجه حصرها بما ذكر فقال : (وكان القياس). (عبد الله أفندي).

٢٧

وضعوا للمتكلم لفظين يدلان على ستة معان ك : (ضربت) و (ضربنا).

فضمير (ضربت) مشترك بين الواحد المذكر والمؤنث ، وضمير (ضربنا) مشترك بين الأربعة : المثنى المذكر ، والمثنى المؤنث ، والمجموع المذكر ، والمجموع المؤنث.

ووضعوا للمخاطب خمسة ألفاظ أربعة غير مشتركة ، وواد مشترك بين المثنى المذكر والمثنى والمؤنث ، وأعطوا الغائب (١) حكم المخاطب في ذلك.

فإن الضمير (٢) في مثل : (ضربا ، وضربتا) هو الألف المشترك بينهما والتاء حرف تأنيث وبقية الأنواع (٣) الخمسة جارية هذا المجرى ، أعني : أن للمتكلم لفظين ولمخاطب خمسة وللغائب خمسة ، فصار المجموع اثنتي عشرة كلمة لثمانية عشر معنى فإذا كان لكل من الأنواع الخمسة اثنتا عشرة كلمة لثمانية عشر معنى يكون جملتها ستين كلمة لتسعين معنى.

وبينوا لتلك الأمور عللا ومناسبات لا نطول الكلام بذكرها.

(فالمرفوع (٤) المتصل خاصة) (٥) يعني : لا المنصوب (٦) ...

__________________

(١) قوله : (وأعطوا) وذلك مبني على تغاير الواحد الغائب والواحدة الغائبة قياسا على المرفوع المنفصل كهو وهي.

(٢) ولما توهم أن تثنية الغائب ليس كتثنية المخاطب والقياس فيه مع الفارق ؛ لأن تثنية المخاطب لفظ واحد وتثنية الغائب ليس كذلك ؛ لأنهما لفظا مغايران أجاب بقوله : (فإن الضمير ... إلخ). (عبد الله أفندي).

(٣) أي : المرفوع المنفصل والمنصوب المتصل والمنصوب المنفصل والمجرور المتصل أما المرفوع المتصل ذكرها طريقها.

(٤) لما فرغ من الضمائر البارزات في الأنواع شرع في بيان المستترات فيها فقال : (فالمرفوع). (عبد الله أفندي).

(٥) قوله : (خاصة) حال من فاعل يستتر الآتي أو من المبتدأ على قوله : (والتاء للتأنيث) أي : طائفة خاصة وقيل : للنقل وفي الهندي : التاء للمبالغة والخاصة مصدر كالعافية والتقدير خص خصوصها والجملة معترضة ويمكن كون هذه الجملة حالا بتقدير قد خص خصوصا.

(٦) وهي ضربت وضربت وضربتم وضربتن ؛ لأن كل واحد من هذه الأربعة موضوعة لمعنى مستقل.

ـ وعدم كونه كالجزء في المرفوع المنفصل والمنصوب المنفصل ظاهر ؛ لأن المنفصل من الشيء لا يكون كالجزء منه وأما في المنصوب المتصل والمجرور المتصل فلان اتصالهما ليس بقوى فلا يفيد الجزئية بخلاف المرفوع المتصل فإنه شديد الاتصال فيه. (أفندي شرح كافية).

٢٨

والمجرور المتصلان (١) (يستتر) (٢) لأنهما فضله والمرفوع فاعل وهو كجزء الفعل (٣) فجوزوا في باب الضمائر التي وضعها للاختصار استتار (٤) الفاعل ، فاكتفوا بلفظ الفعل ، كما يحذف من آخر الكلمة هذا الاستتار ليس في شيء ويكون فيما أبقي دليل على ما ألقي ، على ما مضى في الترخيم ، ولكن هذا الاستتار ليس في جميع الصيغ بل (في) الفعل (٥) (الماضي للغائب) الواحد المذكر إذا لم يكن مسندا إلى الظاهر ، نحو : (زيد ضرب) (و) الواحدة المؤنثة (الغائبة) إذا لم تكن (٦) مسندة إلى الظاهر ، نحو : (هند ضربت) فإن التاء علامة التأنيث لا الضمير المرفوع وإلا لم يجتمع مع الفاعل الظاهر في نحو : (ضربت هند) (وفي) الفعل (المضارع للمتكلم مطلقا) سواء كان (٧) مثنى أو

__________________

(١) لأنهما لا يستتران أصلا لعدم علة الاستتار فيهما ؛ لأنها دلالة الفعل على المستتر مع غرض الاختصار وتلك الدلالة إنما يتحقق فيما يكون الجزء من الفعل. (عافية).

(٢) اعلم أن أصل الضمائر المتصل المستتر ؛ لأنه أخصر ثم المتصل البارز عند خوف اللبس بالاستتار لكونه أخصر من المنفصل ثم المنفصل عند تعذر الاتصال فلا يقال : ضربت أنا ؛ لأن ضربت مثله معنى وأخصر منه لفظا.

(٣) لأن الفعل مركب من ثلاثة معان وهي الحدث والزمان والنسبة إلى فاعل ما والفاعل الغير المعين جزء منه والفاعل المعين ليس بجزء كله نسبة بالجزء. (أيوبي).

(٤) قوله : (استتار الفاعل) ليس المستتر من مقولة الصوت والحرف ولا أدري من أي مقولة هو.

(٥) وفي فعل التعجب نحو ما أفعله وفي أسماء الأفعال مطلقا سواء كانت بمعنى الأمر أو الماضي ويستوي في اسم الفعل الواحد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث كقولك : نزال يا زيد ويا زيدان ويا زيدون ويا هند ويا هندان وكذا تقول زيد هيهات وهند هيهات والزيدون هيهات فلا يثنى ولا يجمع وكذا الظرف وشبهه تقول عندك أو في الدار والزيدان عندك وفي الأفعال المستعملة في الاستثناء وقد مر أنها غير متصرفة واللازم منها ما كان متكلم أو مخاطب وما في فعل التعجب وأفعال الاستثناء. (محشي).

(٦) وإنما كان الاستتار فيهما دون تثنيتهما وجمعهما ؛ لأنهما ضعيفان لأمر الغيبة فالخفة الحاصلة بالاستتار مناسبة له وأن الاستتار في التثنية والجمع يؤدي إلى الالتباس بالمفرد ولم يعكس الأمر ؛ لأن المفرد سابق على المثنى والمجموع فبأولوية السبق استحق الخفة أو لأنه أكثر من غيره والمتكلم ؛ لأنهما قويان فالقوة الحاصلة بالإيراد مناسبة لهما لا الضعف الحاصل بالاستتار. (عافية).

ـ قوله : (إذا لم يكن مسندا ... إلخ) لا حاجة إلى هذا القيد ؛ لأن الكلام في بيان استتار المرفوع المتصل حيثما كان ولا يكون في المسند إلى الظاهر. (عصام).

(٧) لقرينة دلت من هو له من الهمزة الدالة على المفرد والنون الدالة على أحد الأربعة أي : المثنى والمجموع مذكرا كان أو مؤنثا تأمل وضع صيغتين على ستة معان.

٢٩

مجموعا واحدا أو فوق الواحد مذكرا أو مؤنثا نحو : اضرب ونضرب.

(و) للواحد المذكر (المخاطب) (١) نحو : (تضرب) و (اضرب) (و) الواحد (الغائب (٢) والغائبة) إذا لم يكونا مسندين إلى الظاهر ، نحو : (زيد يضرب) و (هند تضرب) (وفي الصفة (٣) مطلقا) (٤) سواء كانت اسم فاعل أو مفعول ، أو صفة مشبهة ، أو أفعل للتفضيل ، وسواء كانت مفردا أو مثنى أو مجموعا مذكرا أو مؤنثا (٥) إذا لم يكن مسندا إلى الظاهر ، نحو : (أقائم الزيدان) كقولك : (زيد ضارب) و (هند ضاربة) و (الزيدان ضاربان) و (الهندان ضاربتان) و (الزيدون ضاربون) و (الهندات ضاربات) وليست (٦) الألف في (ضاربان) والواو في (ضاربون) بضميرين ؛ لأنهما ينقلبان (٧) ياء في النصب والجر والضمائر لا تتغير عن حالها إلا أن يتغير عاملها (٨) ،

__________________

(١) دون المخاطبة والمخاطبين ولا المخاطبتين والمخاطبات لدفع الالتباس للمفرد.

(٢) وعلة الاستتار ما مر في المتكلم فإن فعلها سبب وجود القرائن الدالة على الإضمار أعني حروف المضارعة استغنيت عن الإبراز فإن قلت : لم لم يستتر في مخاطبة المضارع على الأصح وتثنية غائبه وغائبته ومخاطبه ومخاطبته وجمعها مع وجود هذه العلة في الكل؟ قلت : تأثير العلة يتوقف على عدم المانع وفي كل هذه مانع من الاستتار وهو حصول الالتباس على ذلك التقدير أما في المخاطبة فلأنه لو استتر فلا يخلو إما أن يعتبر حركة الآخر للفرق أو لا فإن لم يعتبر يلتبس بالجمع المؤنث وإلا فبالمؤكد بالنون الثقيلة في الصورة وإن كان فيلتبس غيرها وكذا في الجمع المؤنث. (عافية شرح كافية).

(٣) أي : المحضة نحو زيد قائم ، أي : الباقية على الوصفية ويشتمل على أفعل التفضيل واحترز بها عما غلب عليها الاسمية كالأبطح والأجزع والصاحب وكالصفات المذكورة الاسمية ذو بمعنى صاحب والمنسوب كدمشقي. (شرح القطر).

ـ واعلم أن الاستتار في ستة : الصفة وجمعها واجب وإنما وجب استتار الضمير في الصفة مطبقا لوجود قرينة دالة على من مسند إليه كبير.

(٤) لو أبرز لزم اجتماع الألفين في المثنى والواوين في المجموع وحمل عليهما اطرادين يقول : زيد ضارب. (متوسط).

(٥) جواب سؤال مقدر تقديره : أليست الألف في ضاربان والواو في ضاربون ضميرين؟ فأجاب بقوله : (وليست لمخرج).

(٦) أي : يتبدلان ، أي : يتبدل العلامة بالعلامة ؛ لأن العلامة لا تتغير. (محمد أفندي).

(٧) قوله : (والضمائر لا تتغير بتغير العامل) أي : عامل الصفة ؛ لا عامل الضمائر فإنها تتغير بتغير عاملها نحو جاءني هو ورأيت أنا ومررت أنت فالضمائر المرفوعة في هذه الأمثلة قد تتغير بتغير العامل خطابا وغيبة وحكاية.

٣٠

والعامل (١) هاهنا ليس عاملا في الضمير وإنما هو عامل في اسم الفاعل والضمير فاعل له ، والضمير باق على ما كان عليه في الرفع.

فلو كانت ضمائر لا تتغير ، ألا ترى أن الياء في (تضربين) والنون في (تضربن) والواو في (تضربون) والألف في (تضربان) لا تتغير ، فهما أي : الألف والواو في الصفة حرف التثنية والجمع ، وليسا بمضمرين.

(ولا يسوغ) (٢) أي : لا يجوز ، الضمير (المنفصل) (٣) مرفوعا كان أو منصوبا لأجل شيء (إلا لتعذر المتصل) أي : لأجل تعذره ؛ لأن وضع الضمائر للاختصار ، والمتصل أخصر (٤) ، فمتى أمكن لا يسوغ الانفصال.

(وذلك) أي : تعذر المتصل (٥) (بالتقديم) أي : تقديم الضمير.

(على عاملة) لأنه إذا تقدم على عامله لا يمكن أن يتصل به ؛ إذ الاتصال إنما يكون بأخر العامل.

(أو بالفضل) الواقع (لغرض) لا يحصل إلا به ؛ إذ الفصل ينافي الاتصال وتركه يفوت الغرض.

(أو بالحذف) أي : حذف عامله (٦) ؛ لأنه إذا حذف علمه لا يوجد ما يتصل به.

__________________

(١) وأما إذا تغيرت عواملها فتغير لا محالة أما تغيرها بسبب تغير العوامل في غير مثل يضربان ويضربون فظاهر كما إذا دخلت النواسخ على الضمائر التي كانت مجرد عنها وكما إذ ابتدل ناسخ بغيره إلى غير ذلك.

(٢) جواب سؤال مقدر تقديره أن تغير الضمائر في اسم الفاعل بسبب العامل.

(٣) لما قسم الضمائر إلى المتصل والمنفصل أراد أن يبين أن أيهما من القسمين أصل في الضمائر وبأي علة يعدل بها في الأصل. (أيوبي).

(٤) قال : (ولا يسوغ المنفصل) لا ينحصر صور الانفصال في ذكره ؛ لأن الصفة الواقعة بعد حرف النفي أو حرف الاستفهام إذا كانت عاملة في الضمير الفاعل يجب انفصاله نحو أقائم أنتم ذلك لأن عامله أحد جزئي يحمله فاعتنى بإبرازه وكذا فاعل المصدر. (فاضل محشي).

(٥) فلأنها أقل حرفا ؛ لأنها إما ثلاثية أو ثنائية بخلاف الأسماء الظاهرة فإنها ثلاثية ورباعية وخماسية والضمير في إياكما وأنتما هو إيا وإن كان تقدم. (وجيه الدين).

(٦) على أن اللام في قوله : (إلا لتعذر المتصل) للتعليل ؛ لأنه علم في التعليل فتى أمكن لا يعدل لعنه وفيه تعريض لمن جوزهما هنا على السواء. (عصام الدين). ـ

٣١

(أو يكون العامل) أي : عامله (معنويا) (١) لامتناع اتصال اللفظ بالمعنى.

(أو) يكون عامله (حرفا والضمير) المعمول له (مرفوع) (٢) ؛ إذ الضمير المرفوع لا يتصل بالحرف ؛ لأنه خلاف لغتهم ، بخلاف المنصوب ، نحو : (إنني وإنك).

(أو بكونه) أي : كون الضمير (مسندا إليه) أي : إلى ذلك الضمير (٣) (صفة (٤) جرت على غير من هي) أي : تلك الصفة كائنة (له) فإنه لو لم ينفصل الضمير عن هذه الصفة لزم الالتباس في بعض الصور ، كما إذا قلت : (زيد عمرو ضاربه هو) فإنه لو

__________________

ـ احترز به عن نحو ضرب زيد إياك فإنه لا يجوز ذلك مع الفصل إذ لا غرض فيه ؛ لأن قولك : ضربك زيد بمعناه ثم اعترض عليه بأن التقديم يفيد الاهتمام فأجاب بأن تقديم المفعول لا يفيد ذلك بل قد يكون ذلك لاتساع الكلام بل قيل : إن تقديم المفعول على الفعل يفيد كونه أعم.

(١) إذ لو حصل بغيره لم يتحقق تعذر الاتصال وذلك فيما يكون تابعا ما تأكيد نحو : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)[البقرة : ٣٥] ، أو بدلا كقولك بعد ذكر أخيك لقيت زيد إياه أو عطف نسق نحو جاء في زيد وأنت أو يقع بعد ألا وإنما أولى ما الغرض الشك من أول الأمر جاءني أنت أو زيد أو يكون ثاني مفعول باب أعطيت أو علمت. (وجيه الدين).

(٢) كالمبتدأ والخبر نحو أنا زيد ؛ لأن الشيء الملفوظ لا يمكن اتصاله بما ليس بملفوظ. (عافية).

(٣) لأن الضمير المرفوع لو اتصل بالحرف لوجب إسكانه إذا كان مفردا غائبا لوجوب ذلك مع اسكان الضمير في الحرف ممتنع لضعف عمل الحرف ولكونه على خلاف لغتهم على تقدير الإبراز كقولك زيد ما هو قائم على لغة أهل الحجاز ثم جعل الباقي من التكلم والمخاطب والمثنى على المفرد الغائب وأن لم يجب الاستكنان فيها اطراد الباب. (عافية شرح الكافية).

(٤) ويعنى بالصفة اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة ونعني بالجري أن يكون نعتا نحو مررت بهذا رجل ضاربته هي أو حالا نحو قولك : جئتما في وجاءني زيد ضاربيه أنتما أو صلة نحو الضاربه أنت زيد أو خبرا نحو زيد هند ضاربها هو. (شيخ الرضي).

ـ مفعول ما لم يسم فاعله بقوله : (مسندا) ذكر عاملها لكون تأنيثها غير حقيقي مع وجود الفصل. (معرب).

ـ قوله : (صفة جرت ... إلخ) ليس المراد بالصفة هاهنا النعت النحوي بل المراد بالصفة المعنوية المفسرة بالمعنى القائم بالغير المفسرة عادل على ذات مهمة باعتبار المعنى هو المقصود.

ـ فإن قلت : لا حاجة إلى قوله : (أو بكونه صفة جرت ... إلخ) بعد قوله : (أو بالفصل لغرض ؛ لأن الفصل فيه لرفع الالتباس) قلت : يجب الفصل فيما لا يلتبس أيضا وبهذا ظهر وجه قوي لاختيار التمثيل بما لا يلتبس فيه وإنما قال صفة ؛ لأن الفعل الجاري على غير من هي له لا يجب فيه المنفصل بالاتفاق على ما في الرضي. (عصام).

٣٢

قيل : (زيد عمرو ضاربه) التبس على السامع أن الضارب (زيد أو عمر) بل المتبادر أنه (عمرو) لأنه أقرب إلى الضمير المستتر بخلاف ما إذا قيل : ضاربه هو ، فإنه لما (١) انفصل الضمير على خلاف الظاهر يعلم أن مرجعه ما هو بخلاف الظاهر ، وهو (زيد) وإلا لا حاجة إليه.

وإذا وقع الالتباس بدون الانفصال في بعض الصور حمل عليه ما لا التباس فيه لاطراد الباب.

وإنما قال : (من هي له) لا (ما هي له) كما هو الظاهر ليكون أشمل (٢) ، اقتصارا(٣) على ما هو الأصل (مثل إياك ضربت) مثال لتقديم الضمير على العامل.

و (ما ضربك (٤) إلا أنا) مثال الفصل لغرض وهو التخصيص هاهنا.

(و (إياك والشر) (٥) مثال لحذف العامل أي : اتق (٦) نفسك والشر.

__________________

(١) قوله : (فإنه لما انفصل ... إلخ) يعني عن الذي هو الاتصال إلى خلاف الظاهر تنبيها على أن المراد به خلاف الظاهر وإلا فلا حاجة إلى العدول والظاهر لا يعدل عن الظاهر إلا لنكتة.

(٢) لأن كلمة ما يجيء للعقلاء وغير العقلاء بخلاف كلمة من فإنها مختصة بالعقلاء فيكون أشمل.

(٣) قوله : (اقتصارا على ما هو الأصل) وهو العاقل لشرفه وجعل غيره تابعا له. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (وما ضربك إلا أنا) هذا مثال ما إذ أريد حصر الفعل على الفاعل المضمر بالا وأما إذا أريد ذلك بإنما يجب الانفصال مع وجود تأخره أيضا إذا ذكر شيء من المتعلقات ولا لزم اللبس وأما إذا لم يذكر فيحتمل الوجوب طردا للباب ويحتمل عدم الوجوب ؛ إذ يجوز حيث لا فصل لفظا كذا قال الشريف المرتضي. (حواشي هندي).

(٥) قوله : (وإياك والشر) أي : اتق نفسك من الشر والشر من نفسك وإنما وجب حذف العامل بضيق المقام فاستغنى عن ذكر النفس لعدم الموجب وهو اجتماع ضميري الفاعل والمفعول لواحد ولكونه من باب التحذير كما تقدم تعذر اتصاله فانفصل لذلك.

(٦) لا يخفى أنه لا يصح تقدير اتق في هذا المثال من حيث المعنى ولذا صرح الشارح في بحث التحذير بأن تقديره في أول النوعين من التحذير غير صحيح فتقدير اتق هاهنا من تصريحه بعدم صحته فيما سبق مبني على التبعية لما نعلم من عبارة المصنف في التحذير معمول بتقدير اتق ثم لا يخفى أن المفهوم من تعليل الشيء لقول المصنف أو بالحذف هو أن العامل إذا لم يحذف لوجب الاتصال وأنت خبير بأنه إذا قدر العامل في هذا المثال لا يمكن الاتصال. (حاشية).

٣٣

و (أنا زيد) مثال كون العامل معنويا.

(وما أنت قائما) مثال كون العامل حرفا ، والضمير مرفوعا ، و (هند زيد ضاربته هي) مثال الضمير الذي أسند إليه صفة جرت على غير من هي له ، فإنه أسند إليه (الضاربة) الجارية على (زيد) حيث وقعت خبرا له وهي صفة لهند ، حيث قام الضرب بها.

وإنما يصح ذلك إذا كان (هي) فاعلا لا تأكيدا ، وإلا لكان داخلا في صورة الفصل لغرض التأكيد ، ولكنه تأكيد لازم لا فاعل (١) بدليل : (نحن الزيدون ضاربوهم (٢) نحن).

وروى عن الزمخشري (ضاربهم نحن) وعلى هذا يكون فاعلا (٣) كما (٤) قال.

واختار بالتمثيل صورة لا لبس (٥) فيها ، ليثبت الحكم في صورة اللبس بالطريق الأولى.

(وإذا اجتمع (٦) ضميران وليس أحدهما مرفوعا) احتراز عن نحو : (أكرمتك) إذا المرفوع كالجزء من الفعل فكأنه لم يتحقق الفصل بين الفعل والضمير الثاني أصلا فيجب اتصاله.

__________________

(١) فإنه لو كان نحن فاعلا لا يجوز هذا التركيب للزوم اجتماع الفاعلين. (لمحرره).

(٢) قوله : (بدليل نحن الزيدون ضاربوهم) بصيغة الجمع ولو كان نحن فاعلا لوجب إفراده ويقال : ضاربهم نحن كما روى عن الزمخشري ؛ لأن المسند السببي يجب إفراده ؛ لأنه كالفعل والفعل إذا قدم على الاسم لا يثنى ولا يجمع. (وجيه الدين).

(٣) لأن ضاربهم لما كان بلفظ الأفراد لم يستتر تحته ضمير ؛ لأنه لو استتر يلزم أن يكون مفردا مذكرا فالمرجعان وهما الزيدون والعمرون لا يساعدانه. (عبد الله أفندي).

(٤) يحتمل أن يكون نقلا لتوجيه الزمخشري بمعنى أن الزمخشري بعدما سئل به قال : على طريق الاعتذار. (أيوبي).

(٥) أعنى أتى هند زيد ضاربته هي فإنه لا لبس فيها لعدم إمكان إرجاع الضمير المستتر في ضاربته إلى زيد.

(٦) أراد بالاجتماع أن يلي أحدهما بالآخر وليس المراد من الاجتماع وجودهما كيف كان فحينئذ لا يشكل يمثل ما أعطيك إلا إياه.

٣٤

(فإن كان) على تقدير اجتماعهما وعدم كون أحدهما مرفوعا.

(أحدهما) أي : أحد الضميرين (أعرف) (١) من الآخر ، احترازا عما إذا تساويا(٢)، نحو : (أعطاها إيّاه) حيث يجب الانفصال في الثاني للتحرز عن تقديم أحد المتساويين (٣) من غير مرجح.

(وقدمته) أي : أحد الضميرين الذي هو أعرف على الآخر ، احتراز (٤) عما إذا كان الأعرف مؤخرا ، نحو : (أعطيته إيّاك) فيلزم انفصاله ، ليعتذر (٥) المتكلم (٦) في تأخير الأعرف ، ولا يلحقه طعن في أول الوهلة بإيراده على خلاف الأصل.

وحكى سيبويه (٧) تجويز الاتصال أيضا نحو : (أعطيتهوك).

(فلك الخيار) أي : الاختيار (في) الضمير (الثاني) إن شئت أوردته متصلا (٨) (نحو

__________________

(١) غير مطابقين في التذكير والتأنيث والأفراد والتثنية والجمع لكنها في الرتبة وقد جاء متصلين فيما كانا متوافقين في الرتبة غائبين على ضعف نحو زيد عمرو والجبة أعطاهاه وأعطا هو ها ومنه ما سمع مفهم هم أحسن الناس وجوها وهذا عند سيبويه وأما عند المبرد فإنه يجوز نحو أعطا هوك. (موشح).

(٢) قال سيبويه إن كانا غائبين فإن الاتصال وهو عربي لكن الانفصال أكثر وإن لم يكونا غائبين لم يجز الاتصال وأجاز المبرد قياسا على الغائب. (لاري).

(٣) فيه أنه يجوز أن يترجح الأول بأنه فاعل في الأصل كضربتك أو فاعل بحسب المعنى كالمفعول الأول من باب أعطيت ويمكن أن يدفع بأن الترجيح بالفاعلية ترجيح في المعنى لا في اللفظ ووجوب الانفصال باعتبار البشاعة في اللفظ.

(٤) وكونه كالكلمة الواحدة في باب أعطيت دون غيره ؛ لأن المفعول الأول فيه فاعل في المعنى فكأن الثاني اتصل بضمير فلذلك يكون الاتصال فيه أولى. (زاهد).

(٥) ولأن الثاني أشرف من الأول لكونه أعرف فيألف من كونه متعلقا مما هو أدنى (لاري).

(٦) قوله : (ليعتذر المتكلم) لأنه لو لم يؤخر فيما هو كالكلمة الواحدة ولئلا يلحق أول الوهلة طعن كما يلحقه فيما إذا اتصل به أو رد على فلان الأصل وإن كان لا يلحقه آخر ؛ لأنه إنما قدم الأول فيما هو كالكلمة الواحدة لكونه فيه معنى الفاعلية فهو مستحق التقديم. (وجيه الدين).

(٧) لم يقل حكى الاتصال ليعلم أنه حكاية عن النحاة لا عن العرب وحكاية لسيبويه عن النحاة دون العرب مع كمال تبتعه ودليل ضعيف كما صرح به فقال : إنما هو شيء قاسوه ولم يتكلم به العرب فوضعوا الحروف غير موضعها واستجاز المبرد مذهب النحاة. (عصام الدين).

(٨) لأن الثاني وإن كان أعرف لكن الأول فيه معنى الفاعلية فهو يستحق التقديم نظرا إلى ـ

٣٥

أعطيتكه) (١) باعتبار عدم الاعتداد بالفصل بما هو متصل (و) أن شئت أوردته منفصلا نحو : (أعطيتك إياه) باعتبار الاعتداد بالفصل بما يفصله ، وإن كان متصلا.

(و) نحو : (ضربيك) فإنه (٢) اجتمع فيه ضميران ليس أحدهما مرفوعا الجر الأول بالإضافة ، ونصب الثاني بالمفعولية ، وقدم الأعرف الذي هو ضمير المتكلم فلك الوصل باعتبار عدم الاعتداد بالفصل بالمتصل (و) لك الفصل ، نحو : (ضربي (٣) إياك) للاعتداد بالفصل (وإلا) (٤) أي : وإن لم يكن أحدهما أعرف (٥) أو يكون ولكن ما قدمته (فهو) أي : الضمير الثاني على كل من التقديرين (٦) (منفصل) لا غير (٧).

أما على تقدير الأول فلئلا يلزم الترجيح (٨) في تقديم أحد المثلين على الآخر فيما هو كالكلمة (٩) الواحدة ، بلا مرجح ، وأما على تقدير الثاني فلكراهتهم تقديم الأنقص على الأقوى فيما هو كالكلمة الواحدة (نحو : أعطيته إيّاه) مثال لما لم يكن أحدهما أعرف لكونهما ضميرين غائبين.

(أو) أعطيته (إياك) مثال لما يكون أحدهما أعرف وهو ضمير المخاطب ولكن ما قدمته.

__________________

ـ ترجيح المعنوي عن الترجيح اللفظي. (حواشي هندي).

(١) فإن الكاف والهاء منصوبان ؛ لأنهما مفعولا أعطيت والكاف أعرف من الهاء ؛ لأن ضمير المخاطب أعرف من الغائب وقدم على الهاء وجاز أن يقال : أعطيتك إياه.

(٢) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : إن الباء في ضربك فاعل في الحقيقة وهو مرفوع فكيف يكون مثالا ، وأجاب بقوله : (لأنه ... إلخ).

(٣) ولا يجوز إياك لشدة اتصال الفاعل بالفعل منه بالمصدر لجواز الحذف منه كبير.

(٤) ولما فرغ المصنف من المسألة التي حكمها بالتمييز شرع في المسألة حكمها وجوب الانفصال فقال : (وإلا ... إلخ). (أيوبي).

(٥) بل متساويين في التكلم والخطاب والغيبة أشار إلى انعدام شرط الأول.

(٦) عدم التساوي أو التساوي في الأعرفية.

(٧) تأكيد له أي : لا يجوز فيه غير المتصل كما يجوز الوجهان في السابق. (عبد الله أفندي).

(٨) يعني لو جاز الاتصال والانفصال على تقدير عدم ، وأحدهما لزم ترجيح. (شرح الشرح).

(٩) فإن قلت : أليس يلزم ذلك في مثل ضربتني وضربوك قلت : الأصل في جميع الصور تقديم الأعرف على غيره إلا أن تأخيره إنما صح فيما ذكر تم من جهة كون الأول متوغلا في الجزئية فصار بالتقديم أولى. (عافية شرح الكافية).

٣٦

(والمختار (١) في خبر باب كان) أي : خبر كان وأخواتها إذا كان ضميرا (الانفصال)(٢) كما تقول : (كان زيد قائما وكنت إيّاه) لأنه (٣) كان في الأصل خبر المبتدأ(٤) ويجب أن يكون خبر المبتدأ ضميرا منفصلا (٥) ؛ لأن عاملة معنوي.

ويجوز أن يكون ضميرا متصلا أيضا ، نحو : (كان زيد قائما وكنته) لأنه شبيه بالمفعول ، وضمير المفعول في مثل : (ضربته) واجب الاتصال ففي شبيه المفعول وإن لم يكن واجب الاتصال فلا أقل من أن يكون (٦) جائز الاتصال ، لكن الانفصال مختار ؛ لأن رعاية (٧) الأصل (٨) أولى من رعاية المشابهة بالمفعول.

(والأكثر) في الاستعمال (٩) انفصال الضمير المرفوع بعد (لولا) لكون ما بعد

__________________

(١) قيل : مربوط بقوله : (وليس أحدهما) ، والأولى استئناف أو اعتراض.

(٢) لأنها اسمها ليس في الحقيقة فاعلا حتى يكون كالجزء من عامله بل الفاعل في الحقيقة مضمون الجملة ؛ لأن كان في قولك : كان زيد قائما قيام زيد كما يجيء في الأفعال الناقصة. (شيخ الرضي).

(٣) قوله : (لأنه كان في الأصل ... إلخ) أن قيل : انفصال خبر المبتدأ باعتبار أن عامله معنوي وقد انتفى بوجود الناسخ فيكف يصح بتمام أثره ناسخ في الحقيقة قيد للخبر فإن قولك : كان زيد قائما في معنى زيد قائم في الزمان الماضي. (لاري).

(٤) قوله : (خبر المبتدأ) فيه أن المفعول الثاني من باب علمت كذلك مع أنه ليس خبر كان.

(٥) فباعتبار رعاية الأصل يكون خبره أيضا ضميرا منفصلا وإن لم يكن العلة موجودة هاهنا ولو وجد العلة لم يكن لا باعتبار رعاية الأصل وجه. (وجيه الدين).

(٦) الضمير المستكن في يكون راجع إلى شبيه المفعول إن كانت لفظة في زائدة كما في قوله تعالى : (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها)[هود : ٤١] وإن لم تكن زائدة فهو راجع إلى لفظ الضمير المقدر والتقدير فالضمير في شبه المفعول وإن لم تكن واجب الاتصال.

(٧) قوله : (رعاية الأصل) ولم يقل من رعاية العارض إشارة إلى جهتي أولوية أحدهما : الإشارة بذكر الأصل إلى الترجيح بالأصالة ، وثانيهما : الإشارة بذكر المشابهة بالمفعول إلى ترجيح الخبرية ؛ لأن الخبرية حقيقة والمفعولية تشبيهية. (عصام الدين).

(٨) وهو عند سيبويه وأما الآخرون فالمختار عندهم هو الأصل لعله هو الاتصال لكونه مشابها للمفعول من حيث إنه منصوب.

(٩) لما فهم من الأكثر أنه أكثر المذاهب أراد الشارح أن يبين بالأكثرية الثنية إلى الاستعمال.

ـ لأنه الموافق للأصل إذ الضمير المرفوع لا يتصل بالحرف ؛ لأنه خلاف لغتهم.

٣٧

(لو لا) مبتدأ محذوف الخبر ، تقول : لو لا أنت إلى آخرها (١) يعني لو لا أنت لو لا أنتما، لو لا أنتم ، لو لا أنت ، لو لا أنتما ، لو لا أنتنّ ، لو لا هما ، لو لا هم ، لو لا هي لو لا هما ، لو لا هنّ لو لا أنا ، لو لا نحن (٢).

وكان الأوفق بما سبق (٣) أن يقول : (لو لا أنا ، لو لا نحن ، إلى آخرها) لكن غير الأسلوب تنبيها على أنه ليس بضروري.

(و) كذلك الأكثر في الاستعمال اتصال الضمير المرفوع بعد (عسى) لكون ما بعد (عسى) فاعلا تقول : (عسيت (٤) إلى آخرها).

(وجاء) في بعض اللغات (لولاك (٥) وعساك ، إلى آخرها) فذهب الأخفش إلى أن الكاف بعد (لو لا) ضمير مجرور وقع موقع المرفوع ، فإن الضمائر قد يقع بعضها موقع

__________________

(١) ولم يقل : لو لا أنا ليكون قوله : (إلى آخره) شاملا ما قصدت شمولا واضحا. (رضي).

(٢) وهذه الضمائر المتصلة بلولا كلها منفصلة لكونها مبتدأ وأخبارها محذوفة وجوبا كما مر في بحث الخبر والخبر محذوف وهو موجود. (عبد الله الأيوبي).

(٣) يعني : أن المصنف ابتدأ في بحث الضمائر من المتكلم وختم بالغائب وابتدأ هنا من المخاطب أراد الشارح أن يذكر نكتة فقال : (وكان ... إلخ).

(٤) عسيتما عسيتم عسيت عسيتما عسيتن وكذلك المتكلم والغائب وهذا مفهوم قوله : (إلى آخرها). (عوض).

ـ وقال : وعسيت وإنما لم يقل : لو لا أنت وعسيت إلى آخرهما لاختلاف الضميرين بالاتصال كما في باب عسى وبالانفصال كما في لو لا والمقصود من هذا الكلام بيان الواقع بعد لو لا يقع في الأكثر الضمير المرفوع المنفصل والواقع بعد عسى الضمير المرفوع المتصل أما الأول فلان لو لا يقع بعدها بحسب الوضع الظاهر المرفوع أما على الابتداء كما هو مذهب البصرية أو على أنه فاعل فعل محذوف كما هو مذهب الكسائي أو مرفوعا بلولا على ما هو رأى البعض فينبغي أن يكون الضمير كذلك لقيامه مقامه وعدم اتصاله لتعذر اتصال الضمير المرفوع بالحرف كما وأما الثاني فلان ذلك الضمير فاعل عسى فيكون مرفوعا واتصل به لإمكان اتصاله لكون عسى فعلا.

(٥) يعني أن في لو لا وعسى لغة أخرى عند مجيء الضمير معهما وعلى خلاف القياس وهي أن يجيء بعد لو لا ضمير مجرور وبعد عسى ضمير منصوب متصل قال سيبويه : إن الكاف بعد لولا في محل الجر وإن لو لا يعمل عمل الجر في الضمير على اللغة وهو حرف جرهن وإن الكاف في عساك في محل النصب وعسى بمعنى لعل الذي من الحروف المشبهة بالفعل فيقتضي اسما وخبرا كلعل. (لمحرره زيني زاده).

٣٨

بعض ، كما تقول : (ما أنا كأنت) ف : (أنت) في هذا المقام مع أنه ضمير مرفوع وقع موقع المجرور.

وذهب سيبويه إلى أن (لو لا) في هذا المقام حرف (١) جر ، والكاف ، ضمير مجرور واقع موقعه.

فالأخفش تصرف في ما بعد (لو لا) سيبويه (٢) في نفسه (٣).

وأما (عساك) فذهب الأخفش إلى أنه ضمير منصوب واقع موقع المرفوع.

وسيبويه : إلى أن (عسى) محمول على (لعل) لتقاربهما في المعنى (٤) ، فهاهنا أيضا الأخفش تصرف في الضمير وسيبويه في العامل.

(ونون (٥)

__________________

(١) لأن الضمير إذا لم يكن قبله فعل فيكون مجرورا إما بالإضافة إذا كانت هناك اسم مضاف وإما بحرف الجر إن لم يكن هناك اسم مضاف فتعين جعل لو لا حرف جر.

ـ ويشكل عليه بأن الجار إذا لم يكن زائدا فلا بد له من متعلق ولا يتعلق في نحو لولاك ظاهر ولا يصح تقديره وأجيب بأن حروف الجر إذا كانت لازمة وإلا لا وقبل متعلقه جوابه إذ معنى لولاك لهلكت انتفى هلاكي بوجودك وقيل : زائد من قبيل بحسبك درهم ولا يحتاج إلى متعلق.

(٢) ولكل من المذهبين رجحان أما ترجيح مذهب سيبويه فلان فيه تغيير واحدا وهو تغيير الداخل على المضمر وتغيير المضمر بعد ذلك تبع له فلا يلزم منه إلا تغيير واحد ومجيء المضمرات بعد ذلك فيما جار على القياس ومذهب الأخفش يلزمه أن يكون قد غير اثني عشر لفظا من الأول ؛ لأنه لم يبين على شيء جزئي فيه قياسا وأما ترجيح مذهب الأخفش فإن إيقاع بعض الضمائر مكان بعضها شايع كثير وكون الكلمة بتغيير عملها باعتبار ما يدخل عليه نادر وضعيف لا يكاد يوجد إلا في مثل لدى لما سيجيء ويمكن أيضا أن يقال أن الأخفش لا يلزم مذهبه إلا بتغير واحد من أول الأمر وهو إيقاع الضمائر بعضها مكان بعض وتغيرات إثني عشر بالنتيجة. (شرح كافية).

(٣) حيث جعله حرف جرف التصرف فيما بعده أولى من التصرف في نفسه فلهذا الاعتبار قدم مذهب الأخفش. (محمد أفندي).

(٤) لأن معناهما الإطماع والإشفاق فيراعى جانب لعل وعسى فينصب الاسم ويجعل خبره مضارعا البتة والغالب فيه أن يكون مع أن الرعاية عسى وجاز تركه لرعاية لعل.

(٥) وسمى أيضا نون العماد ؛ لأن العماد كما يخفظ السقف على السقوط يحفظ ذلك النون آخر الكلمة عن الانكسار. (لاري).

٣٩

الوقاية (١) مع الياء) أي : ياء المتكلم (لازمة في الماضي) إذا لحقه تلك الياء لتقي آخر الماضي من الكسرة المختصة بالاسم التي هي أخت الجر ولهذا سميت نون الوقاية ، نحو : (ضربني).

(و) وكذلك نون الوقاية لازمة (في المضارع) لكن لا مطلقا ، بل حال كونه (عريا عن نون الإعراب) (٢) أي : عن نون هي (٣) الإعراب ، نحو : (يضربني) لتقي آخر المضارع أيضا عن تلك الكسرة ، بخلاف كسرة (تضربين) لأنها في الوسط حكما(٤)،بخلاف كسرة : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) [البينة : ١] ، و (وَقُلِ الْحَقُ) [الكهف:٢٩] لعروضها (٥).

(وأنت (٦) مع النون) الإعرابين الكائنة (فيه) أي : في المضارع (و) مع (لدن وأن وأخواتها) يعني : أنّ وكأن ولكن وليت ولعلّ (مخير) بين الإتيان بنون الوقاية للمحافظة (٧)

__________________

(١) فإن قلت : نون الوقاية حرف فكما يضاف الفعل عن آخر الجر ينبغي أيضا عنه الحرف أيضا قبل كسرة النون الوقاية ليست أخت الجر لعدم كونها في الآخر لكونها على حرف واحد والآخر فما يكون وانظر من حال من مستكن لازمة الآتي وهذا أوفق لما سيذكر المصنف من قوله : (وأنت مع النون) وقد أشار الشارح فيما بعد حيث قال : وكذا نون الوقاية لازمة في المضارع فقول من قال : نون الوقاية مبتدأ مع الياء ضميره لازمة حال من الضمير مخالف لما ذكر المصنف والشارح.

(٢) كان معه نون الضمير ونون التأكيد أو لم يكن معه أحدهما وإنما جاز قيام نون الإعراب مقام نون الوقاية دون تلك النونات ؛ لأن نون الإعراب كنون الوقاية في أن لا معنى لها. (غفور).

ـ واختلف في فعل التعجب هل يلزم نون الوقاية أم لا فنقول : ما أفقرني إلى عفو الله تعالى عند من لا يلزمها فيه والصحيح أنها يلزم.

(٣) أشار إلى أن الإضافة بمعنى من كخاتم فضه ؛ لأن بين النون والإعراب عموما وخصوصا من وجه هندي وغيره.

(٤) إن كان في الآخر حقيقة ؛ لأن آخره في الحقيقة هو الياء ولكن كان في حكم الوسط لشدة اتصاله بالضمير فيه. (عبد الله).

(٥) بالنسبة إلى الكسرة العارضة للياء فإنها لزم ؛ لأنها كجزء الكلمة المستقلة.

(٦) الخطاب لمخاطب غير معين ولهذا عطف جملة على جملة.

(٧) وتلك المحافظة في بعضها محافظة حركاتها وفي بعضها محافظة سكونها أما محافظة حركاتها في غير لدن. (أيوبي).

٤٠