شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

لأن (١) يكون تمييزا على تقديره ذكره معهما الدال بجوهره على الجنس وبصيغته على الوحدة والاثنينية (عنهما) أي : عن الواحد إذا كان التمييز مفردا ، وعن الاثنين إذا كان مثنى (مثل (رجل ورجلان) فإن من صيغة (رجل) يفهم الجنس والواحدة ، ومن صيغة (رجلان) يفهم الجنس والاثنينية. فيذكرهما استغناء عن المميز (٢).

فإن قلت (٣) : هب (٤) أن مميز الواحد مغن عنه ، لكنا لا نسلم أن مميز الاثنين كذلك ، نعم إذا كان مميزه مثنى يغنى عنه لم لا يجوز أن يكون مفردا ، كما يقال : اثنا رجل(٥)؟.

قلت (٦) : لما التزموا الجمعية في مميز سائر الآحاد ينبغي (٧) أن يعتبر فيما لم

__________________

ـ لزوم الاستغناء ولا يتوجه النفي إلى القيد كما أشار إليه الشارح بقوله : (ويطرحون). (ح ع ف).

(١) اندفع بهذه العناية إيراد الرضي بأن هذا التعليل لا يستمر في نحو : واحد رجال واثنان رجالا. (سيالكوني).

(٢) على صيغة اسم المفعول وليس المراد بالتمييز ما هو الظاهر عنهما لا الاصطلاحي لعدم الاستغناء. (قدقي).

(٣) قوله : (فإن قلت : هب) حاصله أن المدعي عام كما مر والدليل خاص ؛ لأنه لا ينتهض فيما إذا ورد مميز الاثنين مفردا فإنه صالح لتمييز لكونه مبينا للجنس ولذا جاء في قول الشاعر حنظل والاستغناء بلفظه لعدم فهم الاثنينية منه. (حاشية س).

ـ قوله : (هب ... إلخ) فيه إشارة إلى أن إلا لجواز إفادته التأكيد كما في إله واحد ، وإلهين اثنين.

(٤) بمعنى احسب من أفعال القلوب وفاعله مستتر فيه وهو أنت ويتعدى إلى مفعولين ولا يبنى ماض من ولا غير منه. (خلاصة سراج).

(٥) سند للمنع والدليل على جواز كون مميز الاثنين مفردا ومن المنع ذكر الرضي نحو : واحد رجال واثنا رجال. (عصام).

(٦) جواب الأول بإثبات المقدمة الممنوحة ويحتمل بإبطال السند وهو أنه لا يجوز أن يكون المميز مفردا هاهنا ؛ لأنهم لما التزموا ... إلخ.

(٧) قوله : (ينبغي) أن اللائق بالقياس أن يعتبر في الاثنين المثنى رعاية للموافقة بمميز سائر الآحاد بقدر الإمكان فالمفرد ليس بصالح لتمييز الاثنين قياسا وما وقع في الشعر شاذ للضرورة. (عبد الحكيم).

١٤١

يتيسر الجمعية فيه ما هو أقرب إليها وهو الاثنينية ولا يبعد (١) أن يقال : معنى الكلام (٢) أنه لا يميز واحد ولا اثنان استغناء بلفظ التمييز أي : بجواهر حروفه المصورة بهيئته الخاصة (٣) القابلة للحوق علامة الإفراد به ، أعني التنوين أو علامة الاثنينية ، أعني : حرفي التثنية.

فإذا اعتبر مع علامة الإفراد استغنى به عن ذكر الواحد على حدة ، وإذا اعتبر مع علامة التثنية استغنى به عن ذكر الاثنين على حدة ، فاختاروا (٤) لحوق العلامة التي هي أخف على ذكرهما ولا شك أن : (رجلان) أخف من (اثنا رجل) وذلك الاستغناء إنما يكون (لا فائدته) أي : لا فائدة لفظ التمييز (النص (٥) المقصود) أي : التنصيص (٦) على

__________________

(١) وإنما قال : (ولا يبعد) لأن فيه حمل اللفظ على خلاف اللفظ السابق إلى الفهم. (فاضل).

ـ قوله : (ولا يبعد) تقرير السؤال ؛ إذ إغناء مميز الواحد مسلم لكن لا نسلم أن مميز الاثنين مغن وإنما يكون مغنيا لو تعين أن مميزه مثنى وهو في حيز المنع أم لا يجوز أن يكون مفردا مثل اثنا رجل وتقرير الجواب الأول وإثبات المقدمة الممنوعة وهو أنه تعين أن يكون مثنى وذلك أنهم لما التزموا الجمعية في مميز سائر الأحاد ولم يتيسر ذلك للمنافات بين الاثنين والجماعة اختاروا وما هو أقرب إلى الجمعية وهو أن معنى الكلام أن التمييز هو جوهر الحروف المعثورة بهيئته خاصية القابلة للحوق علامة الإفرادية والاثنينية فإما أن يذكر معه المعدود فارتفع احتمال ذكر المفرد من أصله. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (معنى الكلام) خلاصته أن معنى الكلام أنه لا يجمع بينهما وبين مميزهما استغناء بلفظ التمييز أعنى الصيغة من غير اعتبار علامة الإفراد والتثنية عنهما ؛ لأنه بإلحاق علامة الإفراد يفيد الوحدة بإلحاق علامة التثنية يفيد الاثنينية فلا حاجة إلى ذكر الواحد والاثنين. (عبد الحكيم).

(٣) نحو : رجل على هيئة الواحد الدال على الأفراد الذي هو ما أفادة لفظ الواحد بعينه وفر عليه التثنية. (محرره).

(٤) دفع لما يرد من أنه على هذا التوجيه حصل لنا طريقان لبيان الجنس مع الوحدة والاثنيية مغن عن الآخر فلا يصح أن لفظ التمييز مغن عنهما فقال : إن لحوق العلامة أخف فاختاروه لهذا الترجيح. (سيالكوني).

(٥) قوله : (النص) مفعول مطلق لقوله : (لإفادته) أي : لإفادته إفادة صريحة وقوله : (المقصود) مفعول به لها وقد كتب في الحاشية (النص) مفعول به وقوله : (المقصود) صفة. (حاشية هندي).

(٦) وإنما فسر الشارح النص بقوله : (أي : التنصيص) للتنبيه على أن المراد به هاهنا ليس ـ

١٤٢

العدد التصريح به الذي قصد ذلك التنصيص والتصريح (بالعدد) أي (١) : بذكر اسم العدد، فلما أفاد التمييز ذلك التنصيص استغنى في إفادته عن ذكر العدد على حدة (وتقول في المفرد من المتعدد) (٢) أي : في الواحد (٣) من المتعدد.

__________________

ـ معناه الاصطلاحي الأصولي وهو ما سبق له الكلام بل المراد به معنى المصدري بمعنى جعل الشيء منصوصا. (محرم أفندي).

(١) أشار بهذا التفسير إلى أن نفس العدد هو المقصود لا المقصود به.

(٢) والمراد بقوله : (في المفرد من المتعدد) المفرد المشتق من لفظ المتعدد كثالث فإنه لفظ مفرد وهو مشتق من متعدد وهو الثلثة وكذلك الرابع من الأربعة يعني بالمفرد اسم الفاعل المشتق من لفظ المتعدد المفرد أي : المتعدد الذي لا يتركب. (محمد أفندي).

ـ يعنى بالمفرد الواحد وبالمتعدد المعدود وقد تقدم أن جميع ألفاظ العدد كانت في الأصل لمجرد العد كما تقول ثلاثة نصف ستة ثم استعمل في المعدودات كما في رجال ثلاثة وستة رجال فإذا كان هناك معدود معين كعشرة رجال مثلا وقصدت ذكر واحد منهم فإذا أردت ذكره بلا ترتيب جئت بواحد أو أحد الذي هو أول تلك الألفاظ الاثني عشر فقلت : هذا واحد العشرة أو أحدهم وإن قصدت إلى واحد منهم مع حفظ الترتيب العدد فلذلك على وجهين أحدهما أن يقصد إلى ذلك الواحد المعين درجته العددية بالنظر إلى حاله أي : درجته التي هو فيها من العدد لا باعتبار عدد آخر كالثالث أي : الواحد من الثلاثة والثاني أي : الواحد من الاثنين وهو معنى قوله : (باعتبار حاله) والثاني ال يقصد إلى ذلك الواحد المراعى درجته العددية مع النظر إلى الدرجة التي تحت درجته أيضا فيكون واحدا من درجته بسبب تصييره الدرجة التي تحت درجته ممحوة ذاهبة الاسم وجعله للمجموع اسم درجة نفسه بسبب انضمامه إلى ما تحته نحو ثالث اثنين أي : واحد من ثلاثة بسبب انضمامه إلى ما تحته نحو : ثالث اثنين أي : واحد من ثلاث بسبب انضمامه إلى اثنين وجعله للمجموع اسم ثلاثة ومحوه عن المجموع اسم الاثنين فمعنى ثالث اثنين مصير اثنين ثلاثة بنفسه وهذا معنى قوله : (باعتبار تصييره) فإذا قصدت إليه باعتبار التصيير لم يجز أن يبنى من واحد ؛ إذ ليس تحت الأحد عدد يصبر أحدا بانضمامه إلى الأحد ويجوز أن يبنى من الاثنين نحو ثاني واحد أي : مصيّر واحد اثنين بنفسه فإذا جئت بعدة بمقول هذا المصير إما مجرورا أو منصوبا وجب أن يكون عددا أنقص من العدد المشتق منه هذا المصير بدرجة كرابع ثلاثة وخامس أربعة ولا يجوز أن يكون أنقص بأكثر من درجة ولا أزيد بشيء ؛ إذ المعنى أنه صير مفعوله بانضمامه إليه على العدد المشتق هو منه. (رضي الدين).

(٣) أي : في استعمال العدد في أحد المعدودات فقوله : (من ظرف مستقر) وقع صفة للمفرد أي : الواحد الكائن من المتعدد أو صلة الإفراد أي : أفرد من المتعدد. (هندي).

ـ أشار بهذا التفسير إلى أن المراد من المفرد هو اللفظ الدال على العدد الواحد سواء ـ

١٤٣

(باعتبار (١) تصييره) أي : بسبب اعتبار تصيره أي : تصيير ذلك (٢) المفرد عددا أنقص منه أو أزيد عليه بواحد.

(الثاني) في المذكر فقوله (الثاني) مقول (٣) القول ، وذلك القول إنما هو باعتبار تصييره الواحد اثنين بانضمامه إليه ، فيكون معنى ثاني الواحدة مصيره بانضمامه إليه اثنين.

وإنما ابتداء من الثاني إذ ليس قبل الواحد عدد حتى يكون الواحد مصيره واحد.

(والثانية) في المؤنث على هذا القياس وهكذا (إلى العاشر) في المذكر (والعاشرة) في المؤنث (لا غير) أي : لا تقول غير ذلك فلا يجري ذلك فيما تحت الاثنين ولا فيما فوق العشرة إذ ما فوقه مركبات ولا يتيسر اشتقاق (٤) اسم الفاعل منها.

(و) تقول في المفرد (باعتبار (٥) حاله) أي : مرتبته من ...

__________________

ـ بلفظ الواحد أو الثاني أو غيره.

(١) أي : قولا ملتبسا باعتبار تصيير ذلك المفرد عدد أنقص من عدده أزيد عليه بواحد أو يكون المعنى بسبب اعتبار قصيرة فقوله : (من إضافة المصدر إلى الفاعل) وكلا المفعولين محذوف. (هندي).

(٢) إشارة إلى مرجع ضمير تصييره وهو فاعل تصييره وعددا أنقص مفعوله الأول وأزيد مفعوله الثاني والمعنى باعتبار جعل ذلك المفرد العدد الأول الأنقص بواحد وهذا ظاهر عند التأمل في الأمثلة فلا تغفل. (لمحرره).

(٣) وأن كان مفردا لصحة كون المفرد مقول القول فلا حاجة إلى ما قيل.

(٤) قوله : (لا يتيسر اشتقاق) وذلك لأن اسم الفاعل ما اشتق من فعل لمن قام به معنى الحدوث ولا فعل لما فوق العشرة بخلاف العشرة وما تحتها فإن لها الفعل نحو ثنيت من الثني إلى عشرة من العشر على حد ضرب وجاء من حد فتح ما فيه العين أعنى ربع وسبع وتسع وأما ما هو لبيان الحال وإن كان في صورة اسم الفاعل كالحائط والكاهل فليس له معنى حدثي قائم به وإنما معناه الواحد في مرتبة فلا بأس أن يبنى من أول جزئي المركب ؛ إذ لا يحتاج إلى مصدر وفعل. (س).

(٥) وأجاز سيبويه أن يتجاوز العشرة ما هو بمعنى التصيير خلافا للاخفش والمازني والمبرد وقال أبو عبيدة : تقول : كانوا تسعة وعشرين فثلاثتهم أي : جعلتهم ثلاثين وكانوا تسعة وثلاثين فربعتهم وكذا إلى المائة قال السيرافي : إن كثيرا من النحاة يمنعون من الاشتقاق بمعنى التعبير فيما جاوز العشرة وهذا هو القياس قال : ومنهم من يجيزه ويشتقه من لفظ النيف فيقول : هذا ثاني أحد ـ

١٤٤

المتعدد (١) من غير اعتبار معنى التصيير (٢) (الأول (٣) والثاني) (٤) إذا وقع في المرتبة الأولى أو الثانية في المذكر (والأولى والثانية) في المؤنث ، كذلك من غير اعتبار معنى التصيير.

وإنما (٥) لم يقل (الواحد والواحد) لأنهما لا يدلان على المرتبة (٦) ، فأبدل منهما (الأول والأولى) للدلالة عليها ، وهكذا (إلى العاشر والعاشرة والحادي (٧) عشر) في المذكر (و (الحادية عشرة) في المؤنث.

(و) كذلك (الثاني عشر والثانية عشر إلى التاسع عشر والتاسعة عشرة).

__________________

ـ عشر وثالث اثني عشر وينونه قال المبرد : وهذا لا يجوز ؛ لأن هذا الباب يجري مجرى الفاعل المأخوذ من الفعل ونحن لا نقول رتب ثلاثة عشر ولا اعلم أحدا حكاه. (رضي).

(١) والثاني باعتبار حاله ووصفه في نفسه لا باعتبار تأثيره فالأول من مقولة والثاني من مقولة كيف فظهر الفرق وحسن المقابلة فلا يتجه ما قيل أن التعبير أيضا حال من الأحوال فلا يحس المقابلة بالحال وفسر الحال بالمرتبة حيث قال : الأول والثاني ولو قصد بيان حالة بمعنى أنه واحد من المتعدد من غير بيان مرتبة يقال واحد من الثلثة أو الأربعة وجيه الدين عنه مقول كيف عرض لا يقبل القسمة لذاته ولا نسبة لذاته ومقول الفعل هو التأثير في الغير.

ـ قوله : (أي) مرتبة من المتعدد في نفسه لا بالنظر إلى عدد تحته فيصح مقابلته باعتبار التصيير فإن حاله بالنظر إلى ما تحته. (عبد الحكيم).

(٢) بيان لفائدة قيد باعتبار حاله ولتحصيل المقابلة بينه وبين ما قبله. (عبد الله أفندي).

(٣) مقول القول مرفوع الحكاية منصوبة تقديرا عطف على الثاني والثانية من قبيل عطف الشيئين بحرف واحد على معمولي عامل واحد وهو جائز بالاتفاق. (زيني زاده).

(٤) من غير أن يتعرض فيه إلى أنه مصير ، ولكن معناه واحد من جملة هذا العدد ، فإذا مكث الثاني ، فمعناه واحد من اثنين. (شرح).

(٥) لما غير المصنف قوله : (الواحد إلى الأول والواحدة إلى الأولى) أراد الشارح أن يبين وجه العدول. (محرم).

(٦) بخلاف الأول والأولى فإنهما لمرتبة معينة من العدد ولفظا الواحد والواحدة ليسا كذلك. (محمد أفندي).

(٧) فنقول باعتبار حاله فيما زاد على العشرة من المركبات الحادي عشر في المذكر فهو عطف على الأول لا على العاشر وإلا يلزم تعدد الغاية. (هندي). ـ

١٤٥

واعلم (١) أن حكم اسم الفاعل من العدد سواء كان بمعنى المصير أولا حكم أسماء الفاعلين في التذكير والتأنيث فتقول في المذكر : (الثاني والثالث والرابع إلى العاشر) وفي المؤنث : (الثانية والثالثة والرابعة إلى العاشرة) وكذا في جميع المراتب من المركب والمعطوف نحو : (الثالثة عشرة) تؤنث الاسمين في المركب ، كما تذكرهما في المذكر نحو : (الثالث عشر) وإنما (٢) ذكر الاسمين ؛ لأنه اسم لواحد مذكر ، فلا معنى للتأنيث فيه بخلاف (ثلاثة عشر رجلا) فإنه للجماعة.

وتقول (٣) في المعطوف : (الثالث والعشرون) و (الثالثة والعشرون) (ومن ثمة) أي: ومن أجل (٤) اختلاف الاعتبارين اعتبار تصييره واعتبار حاله اختلف (٥) بالإضافة فلاختلاف إضافتهما (قيل في الأول) أي : المفرد من المتعدد المقول باعتبار تصييره (ثالث اثنين) بالإضافة (٦) إلى الأنقص بدرجة (أي مصيرهما) أي الاثنين ثلاثة (من)

__________________

ـ قوله : (والحادي عشر) متقلب الواحد إلى الحادي يجعل الفاء مكان اللام والعين مكان الفاء وقلب الواو لتطرفها فتسكن الياء فيه وكذا في الثاني عشر مع أنهما مركبان كما مر في معدي. كرب (رضي).

(١) ولما كان حكم اسم العدد في التذكير والتأنيث إذا وقع على صيغة اسم الفاعل مخالفا الحكمة إذا لم يقع كذلك أراد الشارح أن يبين. (أيوبي).

(٢) ثم بين وجه تذكير الاسمين هاهنا على القياس مخالفا لما أحد هو عنها من الأصول السابقة.

(٣) قوله : (وتقول في المعطوف) وأما العشرون والثلاثون إلى التسعين والمائة والألف فلفظ المفرد من المتعدد لفظ العدد فهما واحد وكان القياس العاشرون والثالثون كذا في الرضي ولذا تركهما الشارح. (سيالكوني).

(٤) قوله : (ومن أجل اختلاف الاعتبارين) الأولى أن المراد من أجل أن الأول بمعنى ما قام به الفعل وهو التصيير من عدد أقل إلى مرتبة العدد المستثنى هو منه بمجرد انضمامه إليه وأضيف إلى ما هو أقل بمرتبة واقتصد على ما جاء الفعل فيه ؛ إذ ما يؤدى معنى فعليا لا بد أن يشتق من فعل وذلك من اثنين إلى غيره بخلاف الثاني فإنه باعتبار حاله وليس فيه معنى فعلي فهو اسم فاعل صورة لا معنى فيصح اشتقاقه من نفس العدد ويصح إضافته إلى مثله وما فوقه لأنه بمعنى واحد في مرتبة خاصة من ذلك العدد. (عصام الدين).

(٥) قوله (اختلف) مقدر هاهنا ليتعلق به الجار حتى يكون قوله : (من ثمة) مفعولا له يعني إنما اختلف الإضافة في الاعتبارين لأجل ما تقدم. (محرم).

(٦) قوله : (ثالث اثنين بالإضافة) أو بالتنوين والأول هناك أكثر بخلاف سائر أسماء الفاعلين فإن الإضافة والنصب فيها متساويان أو الثاني أكثر كذا في الرضي. (عصام).

١٤٦

قولهم : (ثلاثتهما) (١) بالتخفيف أي : صيرت الاثنين ثلاثة.

(و) قيل (في الثاني) أي : في المفرد من المتعدد باعتبار حاله ، (ثالث ثلاثة) أو (أربعة أو خمسة) بالإضافة (٢) إلى عدد يساوي عدده ، أو يكون فوقه (أي أحدها) لكن (٣) لا مطلقا ، بل باعتبار وقوعه في المرتبة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة ، وألا يلزم جوازه إرادة الواحد الأول (٤) من (عاشر العشرة) وذلك مستبعد (٥) جدا.

(وتقول) في إضافة ما زاد على العشرة : (حادي عشر أحد عشر) بإضافة المركب الأول إلى المركب الثاني أي : واحد من أحد عشر متأخر بعشر درجات بناء (على) الاعتبار (الثاني) (٦) وهو اعتبار بيان الحال (خاصة) (٧) لأن الاعتبار الأول لا يتجاوز العشر كما عرفت.

__________________

(١) فيضاف المشتق إلى ما تحته وهو اثنان دونه ودون ما هو الأكثر منه لامتناع تصيير المشتق وفي التنزيل : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ)[المجادلة : ٧] فلا يتجاوز العشرة بهذا الاعتبار في مذهب المازني والمبرد والأخفش ؛ لأنه لا يمكن بناء اسم الفاعل من العقد المركب ؛ لأنه لفظان مختلفان إنه أجاز هذا رابع ثلثة عشر بإضافته وهنا خامس أربعة عشر بإضافته رابع عشر أي : مصيرها وقد ينصب اسم المصير بهذا الاعتبار أي : التصيير إذا كان بمعنى الحال ؛ لأنه اسم فاعل أو : الاستقبال فليقال رابع ثلثة تنوين الأول ونصب الثاني مفعول ثاني. (خبيصي).

(٢) فيضاف إلحاصل وفي التنزيل لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلثة وبهذا الاعتبار لا ينصب على الأكثر لعدم التصيير المقتضي للتعدد وعن الأخفش جواز النصب ؛ لأنه اسم فاعل أيضا فيجوز فيه ما يجوز في الأول. (خبيصي).

(٣) ولما توهم من قوله : (أحدها) أن المراد من أحد تلك الأعداد هو أحدها سواء اعتبر وقوعه في مرتبة أولا أراد الشارح أن يقيده بحيث يندفع عنه ذلك التوهم استدرك بما ترى.

(٤) يجوز إرادة المبدأ والمنتهى من عاشر العشرة ؛ لأنهما في المرتبة العاشرة كل منهما باعتبار مبدأ. (عصام).

(٥) أي : عند العقل إذا الظاهر أن يقال أول العشرة وثاني العشرة إلى عاشرها وأما الاستعمال فغير واقع. (عبد الحكيم).

(٦) ولم يقل بالاعتبار الأول لعدم فعل اشتق منه اسم الفاعل فوق العشرة بهذا المعنى ولهذا قال : على الثاني خاصة. (متوسط).

(٧) حال من الاعتبار الثاني وللمبالغة أو مصدر لفعل محذوف أي : خص الاعتبار الثاني خصوصا والحملة حال أو معترضة. (عباب). ـ

١٤٧

(وإن شئت قلت) في أداء هذا المعنى : (حادي أحد عشر) بحذف الجزء الأخير من المركب الأول استغناء عنه بذكره في المركب الثاني ، وهكذا تقول : (إلى تاسع تسعة عشر) فتعرب (١) الجزء الأول) (٢) من المركب الأول ؛ لانتفاء التركيب الموجب للبناء وبني الجزآن الباقيان لوجود موجب البناء فيهما وهو التركيب.

(المذكر والمؤنث) (٣)

ذكرهما بعد باب العدد ؛ لانجرار مباحثه إلى ذكر التذكير والتأنيث ، وقدم المذكر لأصالته (٤) وآخر تعريفه ؛ لأنه عدمي ، وتعريف المؤنث وجودي (٥).

(المؤنث : ما فيه) أي : اسم كان فيه (علامة التأنيث (٦) لفظا) (٧) أي : ملفوظة

__________________

ـ بإضافة المركب إلى المركب ويبنى الجميع للتركيب فيتجاوز العشرة بهذا الاعتبار أي : اعتبار الحال. (خبيصي).

(١) الفاء عاطفة وتعرب مضارع مخاطب من الأفعال مجزوم وتقديرا بأن ؛ لأنه لما التقى الساكنان أحدهما سكون الياء والثاني سكون لام التعريف حرك الياء بالكسرة دفعا للساكنين فصار الجزم تقديرا. (زيني زاده).

(٢) وإن شئت حذفت أول الثاني أيضا وقلت : حادي عشر وإلأكثرون على بنائهما لقيام ثاني الثاني مقام الثاني الأول وقيل بإعراب الأول وبناء الثاني فيقال : هذا ثالث عشر ورأيت ثالث عشر ومررت بثالث عشر وقيل : بإعرابهما. (خبيصي).

(٣) قوله : (المذكر والمؤنث) هذا تقسيم آخر للاسم باعتبار التذكير والتأنيث كتقسيمه إلى المعرفة والنكرة. (وجيه الدين).

(٤) ولأنه لا يحتاج إلى علامة التأنيث لا لفظا ولا تقديرا والمؤنث يحتاج إليها وغير المحتاج أصل بالنسبة إلى المحتاج المؤنث عليه. (وجيه الدين).

(٥) والوجود مقدم من العدمى والعدم بغدا الوجود أي : الوجود أولى إلى التقديم لشرفه.

(٦) قيل : يخرج نقض على التعريف عن تعريف المؤنث المؤنثات الصيغية كهذه والتي وأنت وقد يجاب عنه بأن قال بعضهم : الكلام في المذكر والمؤنث الذين من أقسام المعرب ؛ لأن المؤنث الذي من أقسام المبني قد ذكر فيه مستوفى المؤنث المضمر في المضمر واسم الإشارة في الاسم الإشارة والموصول في الموصول. (حاشية).

(٧) حال من علامة التأنيث أو من فاعل الظرف كما أشار إليه الشارح. (م).

١٤٨

كانت تلك العلامة حقيقية ك : (امرأة وناقة وغرفة) أو حكما (١) ك : (عقرب) إذا الحرف الرابع في المؤنث السماعي في حكم تاء التأنيث ، ولهذا لا تظهر التاء في تصغير الرباعي من المؤنثات السماعية (أو تقديرا) أي : مقدرة غير ظاهرة في اللفظ ك : (دار ونار ونعل وقدم) وغيرها من المؤنثات السماعية.

(والمذكر بخلافه) أي : اسم متلبس بمخالفة المؤنث ، أي : لم يوجد فيه علامة التأنيث ، لا لفظا ولا تقديرا.

(وعلامته : أي : علامة التأنيث (التاء والألف) (٢) حال كونها (مقصورة) ك : (سلمى وحبلى (أو ممدودة) ك : (صحراء وحمراء) وقد زاد بعضهم : الياء في قولهم (ذي وتي) (٣) وزعم أنها للتأنيث ، وليس ذلك (٤) بحجة ، لجواز أن تكون صيغة موضوعة للمؤنث، مثل : (هي وأنت وهن).

__________________

(١) قوله : (أو حكما) والحقيقي المقدر العلامة كزينب وسعاد وغير الحقيقي نادر ودار ودليل كون التاء مقدرة والألف رجوعها في التصغير وأما الزائد على الثلاثة فحكموا فيه أيضا بتقدير التاء قياسا على الثلاثي ؛ إذ هو الأصل وقد ترجع فيه أيضا شاذا نحو قديمة ووريئة في تصغير قدام ووراء. (رضي الدين).

(٢) وإن لم يكن بمعنى التأنيث فإنها تاء لأربعة عشر معنى حققها الرضى في هذا المقام. (عصام).

ـ واعلم أنه ما أريد بها الثبوت فيجرد من التاء ، وليس بمقدر ؛ لأنك تصغر حائضا كحويض. (عباب).

ـ ويكون ما قبلها مفتوحا أبدا فالتاء في أخت وبنت ليس لمجرد التاء بل هي مبدلة من الواو. (عباب).

(٣) وذكر أن تأنيثهما من خصائص اسم الإشارة فلعله قاتل في اسم الإشارة التصرف تذكير وتأنيث وإفراد وتثنية. (هن حاشية).

(٤) أي : ليس استعمل الكلمتين المذكورتين بالباء في المؤنث.

ـ والمؤنث السماعي ستون : العين والأذنان والنفس والدار والدلو والسن والكتفان وجهنم وسعير وعقرب والأرض والاست والعضدان والجحيم والنار والعصا والريح واللظى ويدان والغول والفردوس والفلك وعروض والدراع وثعلب والملح والفأس والوركان والقوس والمنجنيق وأرنب والخمر والبئر والفخذان وذئب وفهد وعرب والعين والدرع والقدمان وكبد وكرش وصقر والحرب والثعلان وفرس وكأس وأفعى والشمس والعقبان والعنكبوت والموسى واليمين وأصبح الإنسان والرجل والسراويل والسحال والضبع والكف والساقان.

ـ جمعها ابن الحاجب في قصيدة.

١٤٩

(وهو) أي : المؤنث (حقيقي ، لفظي ، فالحقيقي : ما) أي : اسم (بإزائه) (١) أي : في مقابلته (ذكرّ من) جنس (الحيوان ك : (امرأة) في مقابلة (رجل) (ناقة) في مقابلة (جمل).

(واللفظي : بخلافه) أي : متلبس بمخالفة المؤنث الحقيقي ، أي : ليس (٢) بإزائه ذكر من الحيوان بل تأنيثه منسوب إلى اللفظ لوجود علامة التأنيث في لفظه حقيقة أو تقديرا أو حكما بلا تأنيث حقيقي في معناه (ك ـ (ظلمة) (٣) مثال للتأنيث اللفظي حقيقة (وعين) مثال للتأنيث اللفظي تقديرا ، فإن تاء التأنيث مقدرة فيها ، بدليل تصغيرها على (عيينة) ولم يورد مثالا للمؤنث اللفظي الحكمي ك : (عقرب) لقلة وقوعه.

(وإذا أسند الفعل) (٤) بلا فصل كما هو الأصل (٥) (إليه) أي إلى المؤنث مطلقا حقيقيا أو لفظيا مظهرا أو مضمرا (٦) (فبالتاء) (٧) أي : فذلك الفعل متلبس بالتاء وجوبا إيذانا بتأنيث الفاعل من أول الأمر ، إلا إذا كان مسندا إلى ظاهر غير الحقيقي. فإنه حينئذ لك الاختيار في إلحاق التاء وتركه ، وإلى هذا أشار (٨) بقوله :

__________________

(١) قوله : (بازائه) ذكر ولو قال الحقيقي ذات العرج كان أولى ؛ إذ يجوز أن يكون حيوان أنثى لا ذكر لها من حيث التجويز العقلي. انتهى كلام الرضي ، لكن مادة النقض غير محققة فلذا قال : أولى. (عبد الحكيم).

(٢) يدخل فيه ما لا يكون بإزائه شيء أو يكون لكن لا يكون ذكر كظلمة فإن مقابلها النور وليس بذكر أو يكون بإزائه ذكر لكن لا من جنس الحيوان كنخلة فكلما مؤنث لفظي. (حاشية).

(٣) مما كان بإزائه شيء لكن لا يكون ذلك الشيء من الحيوان فإن بإزائها شيئا وهو النور ولكنه ليس من الحيوان. (سيد عبد الله).

(٤) أي : المتصرف فإنه يجوز التاء وتركه في نحو : نعم المرأة ويتعين تركه في نحو : أكرم بهند عند من أسند أكرم إلى هند وكذا الحال في شبه الفعل واللائق أن يقول الشارح : أي : الفعل المتصرف وشبهه بلا فصل كما هو الأصل. (سيالكوني).

(٥) إذا الأصل أن يلي الفاعل فعله كما مر في صدر المرفوعات. (قدقي).

(٦) وهذا تعميم بقرينة السياق حيث قال بعد ذلك : وأنت في ظاهر غير الحقيقي بالخيار. (هندي).

(٧) غالبا لأنه قد ورد حذفها مع ضمير المؤنث الغير الحقيقي نحو : والأرض أبقل إبقالها وحكى سيبويه عن بعض العرب : قال فلانة. (عبد الحكيم).

(٨) قوله : (إلى هذا بقوله : وأنت) أراد أن قوله : وأنت في ظاهر غير الحقيقي تخصيص كما في قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)[التوبة : ٥] بقوله عليه‌السلام : «ولا تقتلوا أهل الذمة» ـ

١٥٠

(وأنت (١) في ظاهر (٢) غير الحقيقي بالخيار) (٣) فهو بمنزلة الاستثناء من هذه القاعدة فلك أن تقول في : (طلعت الشمس) (طلع الشمس) بخلاف (الشمس طلعت) فإنه لا يجوز فيه (الشمس طلع) لكون التأنيث فيه لفظيا ، واستغنائه عن إلحاق التاء ، لما في لفظه من الإشعار به ، بخلاف مضمره (٤) ، إذ ليس فيه ما يشعر بتأنيثه ، وجعل بعض (٥) الشارحين : ضمير (إليه) راجعا إلى المؤنث الحقيقي ، أو ضمير المؤنث اللفظي (٦) بقرينة قوله : (وأنت ظاهر غير الحقيقي بالخيار). ولو كان يستثنى من هذه القاعدة صورة

__________________

ـ والتخصيص في معنى الاستثناء. (وجيه الدين).

(١) وأما مع ظاهر المفرد المؤنث الغير الحقيقي وكذا مثناه فلأن تأنيثه لما كان ضعيفا لكونه مؤنثا غير حقيقي لم يؤثر تأثيرا بليغا مع أن ظهور لفظ المؤنث دال على تأنيثه فلا يجب إلحاق العلامة بل يجوز نظر إلى مجرد تأنيثه. (سيد عبد الله).

(٢) واحترز به عن المضمر نحو : الشمس طلعت فإن التأنيث فيه واجب. (عباب).

ـ أنت مختار بين إتيان التاء وعدمها وتذكير الفعل وعدمه اعتبار جهتي التأنيث وعدمه باعتبار اللفظ والمعنى. (عباب).

ـ ما لم يكن علما المذكر نحو : طلحة فإنه لا يقال : جاءتني طلحة إلا عند بعض الكوفيين وعدم السماع مع الاستقراء ثم أن المؤنث اللفظي قد يكون حيوانا نحو : حمامة ودجاجة وقملة ونملة فيستوى الأمران فقول من قال : إن تأنيثه قالت في قوله تعالى : (قالَتْ نَمْلَةٌ)[النمل : ١٨] دال على أنها كانت أنثى غير مستقيم وإن استحسنه ضعفه النحويين قال المصنف في الأيضاح : إذ جاز هذه حمامة ذكر وثلاث من البط ذكور مع التصريح بالذكور فليجز (قالَتْ نَمْلَةٌ) بالتاء مع كونه ذكرا نعم يتم ذلك على قول ابن السكيت ولا يجوز تأنيث فعل المؤنث اللفظي إذا كان المذكرة علما له أولا فتأنيث نملة عنده كتأنيث طلحة. (سيالكوني).

(٣) هذا تخصيص لما قبله أي : يجوز حذف التاء منه إلى من غير الحقيقي. (خبيصي).

(٤) يعني إذا أسند إلى الضمير الراجع إلى المؤنث اللفظي يجب أن يكون الفعل بالتاء. (أيوبي).

(٥) حيث قال : إذا أسند إلى المؤنث الحقيقي وإلى ضمير المؤنث اللفظي الفعل. (متوسط).

ـ قوله : (وجعل بعض الشارحين) فعنده قوله : (وأنت في ظاهر ... إلخ) ناسخ لقوله : (إذا أسند الفعل إليه) فبالتاء وعند الشارح مخصص به ولا يخفى أن هذا الفرق إنما يظهر أثره في بقاء العام بعد الإخراج حقيقة كما بين في الأصول ولا فرق بينهما في إخراج بعض ما يتناوله. (عبد الحكيم).

(٦) يعنى إذا أسند الفعل إلى ظاهر المؤنث الحقيقي نحو ضربت فاطمة أو اسند إلى الضمير الراجع إلى المؤنث اللفظي نحو : عين جرت فحكم كله وجوب إلحاق التاء. (محرم).

١٥١

الفصل أيضا ، لئلا يحتاج إلى التقييد بقولنا : (بلا فصل) لكان أحسن استيفاء لا حكم جميع الأقسام. ففي صورة الفصل أيضا لك الخيار في إلحاق التاء بالفعل ، وفي تركه ، فتقول: (حضرت القاضي امرأة) و (حضر القاضي امرأة) وطلعت اليوم الشمس ، وطلع الشمس، إلا إذا كان المؤنث الحقيقي منقولا عما يغلب في أسماء الذكور ك : (زيد) إذا سميت به امرأة ، فإنه مع الفصل يجب إثباتها ، نحو : (جاءت اليوم زيد) لدفع الالتباس(١).

(وحكم ظاهر الجمع) لا ضميره فإن إلحاق التاء أو ضمير الجمع فيه واجب ، نحو : (الرجال جاءت ، أو جاءوا) (غير) الجمع (٢) (المذكر السالم) لأنه لو كان جمع المذكر السالم (٣) لم يجز تأنيثه ، فلا يقال : (جاءت الزيدون) ولا (الزيدون جاءت) (مطلقا)(٤)أي : سواء كان واحده مؤنثا نحو :

__________________

(١) واعلم أنه يلزم من قوله : (أنه يجب أن يقال : جاءتني طلحة وجاءني طلحة مع كونه اسم رجل لكونه مؤنثا لفظيا) وهو خلاف المشهور والمشهور أنه يجب ترك التاء في فعل بناء على أنه علم قصد فيه الإخراج عن موضوعه العلمي فلم يلتفت إلى اللفظ واعتبر المعنى فقط أو أن تأنيث نملة عند ابن السكيت كتأنيث طلحة فيجب ترك التاء فيه عنده إذا أريد به المذكر وهذا القول بنى أبو حنيفة رحمه‌الله الاستدلال على أن النملة في قالت أنثى ؛ إذ لو كان ذكرا لجاز ترك التاء في فعله كما لا يجوز التاء في فعل طلحة روي أن قتاده رضى الله تعالى دخل الكوفة فالتفت عليه الناس فقال : سلوني عما شئتم وكان أبو حنيفة حاضرا وهو شاب فسأله عن نملة سليمان أكان ذكر أو أنثى ، فأقحم فقال رضي‌الله‌عنه : كانت أنثى ، فقيل له : من أين عرفت؟ فقال : من كتاب الله تعالى وهو قوله تعالى : (قالَتْ نَمْلَةٌ)[النمل : ١٨] ولو كان ذكرا لقيل : قال نملة كما يقال : قال طلحة. (وجيه الدين).

(٢) وإنما قيد الجمع بغير الجمع المذكر السالم ؛ لأن جمع السلامة لم تؤنث لو جمعن أحدهما أن المفرد فيه سالم وهو مذكر فكما لا يقال : ذهبت زيد كذلك لا يقال : ذهب الزيدون والثاني هو أن هذا الجمع لما اختص بالعقلاء صار له نوع شرف وتفضيل في التأنيث نوع نقصان فلا يجمع فيه وضحان متنافيان. (غجدواني).

(٣) إلا بنوك فإنه يجوز فيه التاء قال الله تعالى : (آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ)[يونس : ٩٠] ؛ لأنه في حكم الجمع المكسر لتغير بناء الواحد فيه. (سيالكوني).

(٤) مفعول مطلق أطلق أو ظرف بمعنى التشبيه المفهوم من اتحاد الحكم أي : زمانا مطلقا أو في جميع الأحيان. (هندي).

١٥٢

(إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ) [الممتحنة : ١٢](١) أو مذكرا (٢) ، نحو (٣) : (جاءت الرجال).

(حكم ظاهر غير) المؤنث (الحقيقي) فأنت بالخيار ، إن شئت ألحقت التاء به ، وإن شئت تركتها ، نحو : (جاءت الرجال) و (جاء الرجال).

(وضمير) جمع الذكور (العاقلين) أي : جمع المذكر العاقل من جموع التكسير (٤) (غير الجمع المذكر السالم) (٥) فإنهم (٦) إذا جمعوا سالما فإن ضميرهم الواو لا غير يقال : (الزيدون جاؤوا) ولا يقال : (جاءت).

(فعلت) أي : ضمير (فعلت) وهو المستكن فيه المقرون بالتاء الساكنة (٧) للتأنيث، بتأويل الجماعة نحو : (الرجال جاءت).

(وفعلوا) أي : ضمير (فعلوا) (٨) يعني : الواو لكونها موضوعة لهذا النوع من الجمع.

(والنساء (٩) ، والأيام) أي : ضمير (النساء) وما

__________________

(١) سواء كان جمعا لمؤنث حقيقي كالزينبات لو غير حقيقي كالعيون. (سيد الشريف).

(٢) ذلك الجمع يعقل كرجال أو لا يعقل كالأيام أو مؤنثا كالزينبات والمسلمات. (حلبي).

(٣) بإثبات التاء لكونها في معنى الجماعة وحذف التاء لكون تأنيثهما لفظيا. (حلبي).

(٤) قوله : (من جموع التكسير) الصواب تأخيره عن قوله : (غير الجمع المذكر) لأنه بيان ما بقي بعد التخصيص وإن يزاد جمع المؤنث السالم كالطلحات ، في الرضي : وضمير العاقلين لا بالواو والنون أما الواو نحو الرجال والطلحات ضربوا نظرا إلى العقل وأما ضمير المؤنث الغائب نحو الرجال والطلحات فعلت نظرا لطريان معنى الجماعة على اللفظ. (سيالكوني).

(٥) صفة أو بدل الكل من العاقلين أو خبر مبتدأ محذوف كما مر في غير السابق.

(٦) تعليل لمقدر إنما استثنى جمع المذكر السالم من هذا الحكم فافهم.

(٧) لكونها علامة عليه والمقصود أن التاء وإن لم تكن ضميرا فهي دالة عليه فلذا قامت مقامة. (عبد الحكيم).

(٨) وفعل كضمير الغائب قليلا كقوله : (هو أحسن الفتيان وأجمله) إذ هو بمعنى أحسن فتى. (خبيصي).

(٩) شروع في بيان جمع المكسر المؤنث وفي الجمع من غير العقلاء. (أيوبي).

ـ أي : ضمير نحو النساء من جموع المؤنثات على طريق عموم المجاز أو على إرادة الصفة المشهورة من لفظ النساء كما في نحو لكل فرعون موسى ، والمراد في حكمها من ـ

١٥٣

يماثلها (١) في كونه (٢) جمع المؤنث ، وإن لم يكن من العقلاء (٣) ك : (العيون) وضمير الأيام وما يماثلها في كونه جمع المذكر غير العاقل (فعلت وفعلنّ) أي : ضمير (فعلت) مقرونا بتاء التأنيث ، بتأويل الجماعة وضمير (فعلنّ) أي : بالنون أمّا في جمع المؤنث فظاهر ؛ لأن هذه النون موضوعة له.

وأما في جمع المذكر غير العاقل ، كالأيام ، فلأنه لا أصل له في التذكير ك : (الرجال) فيراعى (٤) حقه ، فأجرى مجرى المؤنث.

وفي الحواشي الهندية) موافقا لشرح الرضي أن النون موضوعة لجمع العقلاء ك : (الواو) وضعت لجمع العاقلين.

فاستعمالها في النساء للحمل على جمع غير العقلاء ، إذ الإناث لنقصان (٥) عقولهن يجرين مجرى (٦) غير العقلاء.

__________________

ـ المؤنثات اللفظية والمعنوية وكذا التأويل في قوله : (والأيام) أي : ضمير نحو الأيام فلكونه من الجموع المذكر غير العاقل. (هندي).

(١) قوله : (وما يماثلها) يعني أن المراد بالنساء أشهر أوصافها وهو جمع المؤنث ؛ لأن هذا الحكم غير مختص بالنساء وكذا الحال في الأيام فيكون من قبيل : لكل فرعون موسى.

(٢) قوله : (في كون جمع المؤنث) الحقيقي والمجازي جمع تكسير أو سلامة نحو النساء والزينبات والدور والظلمات والقرينة على إرادة هذا المعنى من قوله : (والنساء). (سيالكوني).

(٣) وإنما ترك المصنف مثاله ؛ لأنه علم من قوله : (والنساء) بطريق الأولى فإنه إذا جاز في جمع المؤنث العاقل بمجرد انتفاء الذكور أيراد النون كان جوازه إذا انتفت الذكور والعقلاء أولى. (حاشية).

(٤) متفرع على النفي لا على النفي أي : إن كان له أصل في التذكير فيراعى حقه. (س).

(٥) كما أن الجوامد كلها تؤنث ؛ لأنها منفعلة كالأنامي. (محمد أفندي).

(٦) وظهر من هذا الخلاف إن النون موضوعة لجمع المؤنث على ما حققه الشارح ولغير العقلاء على ما حققه الهندى تبعا للرضي فنحو الأيام مضين ليس بحقيقة عند الشارح ؛ لأنها ليست بمؤنثه وحقيقة عند الرضي ؛ لأنها من عبر العقلاء. (أيوبي).

١٥٤

(المثنى) (١)

(ما لحق آخره) (٢) أي : آخر (٣) مفرده بتقدير المضاف ، أو قدر بعد قوله : (ونون مكسورة) قولنا : (مع لواحقه) (٤) وألا (٥) يصدق التعريف إلا على مثل : (مسلم) من (مسلمان (٦) ومسلمين) ، كما لا يخفي ولو اكتفى بظهور المراد (٧) لاستغنى عن هذه التكلفات.

(ألف) حالة الرفع (أو ياء مفتوحة ما قبلها) أي : مفتوح حرف كان قبل الياء حالتي النصب والجر ، ليمتاز عن صيغة الجمع ، ولم يعكس لكثرة التثنية وخفة الفتخة.

(ونون) عوضا (٨) عن الحركة أو التنوين.

__________________

(١) قال : (المثنى) أي : الاسم المثنى بدلالة المقام وليصح ما ذكره من اللواحق ولا يضر خروج نحو نصرا من التعريف ؛ لأنه ليس منه كما لا يخفي.

(٢) شرع في تقسيم آخر للاسم باعتبار الأفراد والتثنية والجمع وبين الفرعين وهما المثنى والمجموع ليعلم أن سواهما المفرد وما للاختصار وقدم المثنى على المجموع لسبق عدده على عدد المجموع ولقربه بالمفرد وسلامة لفظ المفرد فيه البتة ولكثرته ولعدم اختصاصه بشريطة بخلاف الجمع لاختصاص أقسامه بذكور العقلاء. (هندي).

(٣) قوله : (إنما آخر مفرده بتقدير المضاف) ولا يخفي بصدق على مسلمون ومسلمات فقد تبدل بهذا التقدير أشكال بأشكال ، لا آخر المثنى نفسه وبهذا التقدير دفع السؤال. تأملاتنا. (قائله عصام الدين).

ـ قوله : (أي آخر مفرده) قيل : يصدق على مسلمون ومسلمات فقد تبدل بهذا التقدير أشكال بأشكال والجواب أن قيد الحيثية في تعريف أمور الاعتيادية معتبر كما تقرر في محله فالتعريف لما لحق آخر مفرده من حيث إنه لحق فلا نقض نعم يرد عليه أنه إذا اعتبر قيد الحيثية فلا حاجة إلى تقدير المضاف أو تقدير مع لو أحقية وهنا التوجيه أحسن. (عبد الحكيم).

(٤) فحينئذ يكون التثنية مجموع المفرد والألف والياء والنون.

(٥) أي : وإن لم يكن أحد الأمرين بل يترك على ظاهره. (حاشية س).

(٦) فلم يكن التعريف جامعا لعدم صدقه على شيء من أفراده ولا مانعا لصدقه على المفرد وهو من الأغيار. (محمد أفنديأفند).

(٧) فإن المراد الملحوق مع اللاصق إلا أنه تسامح بجعل الجزء.

(٨) قد يكون عوضا عنهما إلا أنه لا يكون عوضا عن الحركة والتنوين معا أبدا فإن قولك : الرجلان النون فيه عوض عن الحركة في الواحد وهو الرجل ولم يكن فيه تنوين وقد يكون عوضا ـ

١٥٥

(مكسورة) (١) لئلا تتوالى الفتحات في صورة الرفع ، وهي فتحو ما قبل الألف التي الملحوق في حكم الفتحتين ، وفتحة النون (ليدل) ذلك اللحوق (٢) أو اللاحق وحده مع.

ولا بأس (٣) النون وعدم باشتماله على لحوق دلالة لحوقها على ذلك ؛ لأنه (٤) على تقدير (٥) تسليمه إذا دل أمران من أمور الثلاثة ثلاثة على شيء صح أن يقال أن هذه الأمور دالة عليه غاية ما في الباب أن تكون دلالتها بواسطة هذين الأمرين.

__________________

ـ عن التنوين نحو عصوان فإن مفرده عصا بالتنوين بدون الحركة لفظا فهو عوض عن التنوين فقط وقد يكون عوضا عن الأمرين كمسلمان فإن في مفرده وهو مسلم حركة أو تنوينا والنون عوضا عنهما. (شرح اللباب).

ـ قلت : الظاهر أن الألف والياء عوض عن الحركة خوافي قلت خوافي : هذا مذهب الكوفيين وعند البصرية لا يجوز تعويض الألف لعدم قبوله الحركة. (رضا).

(١) وفتح النون لغة في المثنى منه قول الشاعر :

على أحوذين استعلت عليهما

وقد يضم النون روى عنهم هما خليلان. (خبيصي).

ـ وحكى الكسائي أن فتحها لغة ، وقال ابن جنى : فتحها بعضهم في الثلاثة ، قال الشيباني : من العرب من رفع النون إذا كان بالألف وأما بالياء فلا يجوز ومن ذلك قول فاطمة رضى الله عنها يا حسنان ويا حسينان. (سيالكوني).

(٢) يعنى أن ضمير ليدل يحتمل أن يرجع إلى اللحوق الدال في ضمن لحق وأن يرجع إلى الألف والنون والياء باعتبار اللاحق أو المجموع. (لمحرره).

(٣) أشار إلى دفع ما أورده في حواشي الهند على إرادة اللحوق وهو أن اللحوق يشمل النون أيضا ولا دلالة لها على ذلك. (وجيه).

ـ كأنه قيل : لا دخل للنون في الدلالة على المثنى بل هي عوض عن الحركة والتنوين في المفرد فدفعه بقوله: (لا بأس ... إلخ).

(٤) أي : وإنما لم يكن بينهما تناف ؛ لأن عدم دلالة لحوق النون غير مسلم لجواز أن يكون النون لاحقة دالة على المقصود كما في باقي اللواحق (محرم).

(٥) مثل قوله : (على تقدير تسليمه) كل واحد من الاشتمال وعدم الدلالة أما منع الاشتمال فلان عدم المرجح لا يقتضي عموم الراجع كما في قوله : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ)[البقرة : ٢٢٨] فإن الراجع أعنى المطلقات شامل للمطلقات الرجعية واليائسة والضمير محض بالرجعية وأما منع عدم الدلالة فلأن ما أجمعوا عليه من أن علامة التثنية الألف أو الياء وأن النون عوض عن الحركة والتنوين إنما يدل على أن التنوين ليس جزأ من الدال لم لا يجوز أن يكون شرطا للدلالة وكونه عوضا لا يقتضي الاختصاص بالعوضية. (سيالكوني).

١٥٦

(على أن معه) أي : مع (١) مفرده (مثله) في العدد ، يعني : الواحد (٢) حال كون ذلك المثل (من جنسه) أي : من جنس مفرده باعتبار (٣) دخوله تحت جنس الموضوع (٤) له بوضع (٥) واحد مشترك (٦) بينهما.

ولو أريد (٧) بقوله (مثله) ما يماثله في الوحدة والجنس جميعا ، لاستغنى عن قوله : (من جنسه) وقوله : (ليدل) إشارة إلى فائدة لحوق هذه الحروف بالاسم المفرد ، وإلى أنه لا يجوز تثنية الاسم باعتبار (٨) معنيين مختلفين ، فلا يقال : (قرآن) ويراد بها الطهر

__________________

(١) أشار إلى أن الضمير راجع إلى ما بتقدير المضاف ، أو إلى المفرد المقدر ، فلا حاجة إلى تقدير المضاف. (زيني زاده).

(٢) قوله : (يعنى الواحد) حقيقيا أو اعتباريا فإنه يجوز تثنية اسم الجمع والجمع المكسر غير الأقصى على تأويل فرقتين كجمالين وقومين. (عبد الحكيم).

(٣) يعني : ليس المراد من كونه من جنسه أن يكون متفقين في الحقيقة بل في الجنس الذي وضع ذلك المفرد له سواء اتفقا في الحقيقة كرجلين أو اختلفا نحو أبيضين لإنسان وفرس. (حاشية).

(٤) بالمعنى الأعم للوضع أعني تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه أو بقرينة فيشمل المثنى أيضا كالأسدين. (شرح).

(٥) قوله : (بوضع واحد) احترز به عن المثنى المشترك باعتبار معينيه كالقرنين للطهر والحيص فإنه وإن دل على أن معه مثله باعتبار دخوله تحت جنس المفرد الذي وضع لذلك الجنس لكن لا بوضع واحد. (ح).

(٦)

(٧) قوله : (وإن أريد بقوله مثله) قيل : هذا كلام الهندية وتبعه الشارح وليس بذلك هذه الإرادة بالنظر إلى ما ذكرك تعريف الجمع حيث قال : ليدل على أن معه أكثر من جنسه فإن النظر فيه لا يفهم من قوله : مثله ، إلا ما يقابل الأكثر ويمكن أن يقال : إن الإرادة بقوله : (ما يماثله في الوحدة والجنس) مبني على أن المذكور حامل لمعنى الوحدة والجنس وأن المراد بالمفرد والواحد من الجنس المعني ، فلا راد في تعريف الجمع كذلك ، فلا تكون هذه الأربعة بعيدة ، وإنما تكون بعيدة لو كان المراد بالمفرد الواحد مطلقا. (وجيه الدني).

(٨) قوله : (باعتبار معنيين مختلفين) أي : غير داخلين تحت جنس الموضوع له ، سواء كانا حقيقيين كالقرآن أو مجازيين كاليدان في النعمة والقدرة أو أحدهما حقيقيا والآخر مجازيا كالأسدين إذا أريد به الأسد والرجل الشجاع ولاحل العموم ولم يقيد الاسم بالمشترك وبما حررنا ظهر اتجاه السؤال الآتي واندفع ماتوهم من أن الكلام في تثنية المشترك وأنه لا يجوز تثنية الاسم باعتبار معنيين مختلفين ومثنى التغليب كذلك. (سيالكوني).

١٥٧

والحيض ، بل يراد بها (طهران) أو (حيضان) على الصحيح (١) خلافا لبعضهم ..

فإن قلت : هذا يشكل بالأبوين للأب والأم والقمرين (٢) للشمس والقمر فإنه ثنى الأب باعتبار معنيين مختلفين هما الأب والأم وكذلك ثنى القمر باعتبار معنيين مختلفين هما الشمس والقمر.

قلنا (٣) : جاز أن يجعل الأم مسماة باسم الأب ، ادعاء لقوة التناسب بينهما ، ثم يزول الأيم بمعنى المسمى به ليحصل مفهوم يتناولهما ، فيتجانسان ، فيثني باعتباره ، فيكون معنى الأبوين المسميين بالأب وكذا الحال في الشمس بالنسبة إلى القمر.

فإن قلت : فليعتبر مثل : هذا التأويل في (القراءان) أيضا بلا احتياج إلى ادعاء اسميته للطهر والحيض ، فإنه موضوع لكل واحد منهما حقيقة وليؤول بالمسمى به ليحصل مفهوم يتناولهما فيثنى باعتباره.

قلنا (٤) : لا شبهة في

__________________

(١) بخلاف العلم فإن وضعه باعتبار دلالته على شخص من أي : جنس كان فيصح تثنيته ؛ إذ اجتمع معد آخر هو سمى به فهو كمفردين فرس وحمار. (خبيصي).

(٢) فإن القمر غالب على الشمس في الوجود ؛ لأن القمر يوجد في الليل وأكثرها والشمس لا يوجد في الليل وقال بعض من النحويين : الشمس غالب على القمر ؛ لأن أنوار الشمس مائة وتسع وثلاثون جزء ونور القمر واحد فلأجل هذا فالشمس غالب على القمر والقمر غالب على الشمس. (أبي بكر شرح).

ـ كالعمرين لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما والقمرين للشمس والقمر والحسنين للحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما وما أشبه ذلك مما غلب أحد المتصاحبين أو المتشابهين على الآخر بأن جعل الآخر متفقا له في الاسم ثم ثنى ذلك الاسم وقصد إليهما جميعا ويجب أن يغلب الأخف إلا أن يكون أحد اللفظين مذكرا فإنه يغلب على المؤنث كالقمرين ولا يخفي عليك أن أبون وقمرين من هذا القبيل لا من قبيل قوله تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ)[التحريم : ١٢] إذ ليس تغليب أحدهما على الآخر بأن يجري عليهما الوصف المشترك بينهما على طريقة إجرائه على الذكور خاصة بل بأن جعل أحدهما متفقا للآخر في اسمه ثم ثنى ذلك الاسم. (مطول).

(٣) في جواب هنالك من يمنع الجريان وصدق هذا الكلام عليه بأن يقول لا مسلم ، أن الأب والأم معان مختلفة حتى لا يجوز التثنية فيها لأنه مجازا. (محرم).

(٤) في جواب هذا الإبطال يمنع ملازمة الشرطية القائلة لو جاز الاعتبار هناك للزم جوازه يعني لا نسلم لزوم هذا الجور. (محرم).

١٥٨

صحة (١) هذا الاعتبار لكن الكلام في جواز التثنية بمجرد اشتراكه اللفظي بينهما ، وهو الذي اختلف فيه والمصنف اختار (٢) عدم جوازه وبهذا الاعتبار صح تقنية الأعلام المشتركة حقيقة أو ادعاء وجمعها.

ف : (زيد) مثلا إذا كان علما لكثرة يؤول (٣) بالمسة ب : (زيد) ثم يثني ويجمع ، وكذا (عمر) إذا صار علما ادعائيا لأبي بكر ويؤول بالمسمى ب : (عمر) ثم يثنى ويجمع،

ورده بعضهم وقال : الأولى أن يقال : الأعلام لكثرة استعمالها ، وكون الخفة مطلوبة فيها يكفي لتثنيتها وجمعها مجرد الاشتراك في الاسم. بخلاف أسماء الأجناس.

فعلى قول هذا البعض ينبغي أن لا يذكر في تعريف التثنية قوله : (من) جنسه (٤).

ولما كان آخر الاسم المفرد الذي لحقه علامة التثنية في بعض المواد مما يتطرق إليه التغيير (٥) أراد المصنف أن يبين حكم ما يتطرق إليه التغيير ؛ لأن حكم ما وراءه يعلم من تعريف المثنى ، فقال :

(والمقصور) (٦)

__________________

(١) يعني أن هذا الاعتبار صحيح وبهذا الاعتبار صحت تثنية الإعلام المشتركة كما ذهب المصنف أيضا إلا أن المصنف اختار عدم جواز تثنية المشترك كما تقره مثلا فلا يعتبر هذا التأويل في القرئين وذلك أنه اختلف فيه وذهب الجزولي والأندلسي وابن مالك إلى جواز تثنية المجرد للاتفاق في اللفظ دون المعنى ، وقال الأندلسي : في العيان في عين الشمس وعين الميزان وذهب المصنف إلى عدم جواره كذلك ؛ لأنه لم يوجد مثله في كلامهم بالاستقراء. (وجيه الدين).

(٢) في شرح الكافية وفي الإيضاح جوده شاذا ولذا قال الشارح والمصنف قدر وفي ذلك.

(٣) وهذا التأويل ثابت في نظر المتكلم مخطر بباله إذا العلمية كما في الاستعمال في أكثر من واحد وإذا أولت به وزالت علميتها صارت كأسماء الأجناس إلا أن أسماء الأجناس مشتركة في أمر معنوي محقق وهذه مشتركة في أمر مقدر وهو كونها سمى به. (حاشية).

(٤) ليشمل تثنية أسماء الأجناس والأعلام. (حاشية).

(٥) لاقتضاء قاعدة الصرف من كون آخر القا مقصورة أو ممدودة حيث يمتنع مع وجودهما إلحاق الألف. (لمحرره).

(٦) فالمقصور سمي مقصورا لامتناعه عن المد ، فاعلم أن التثنية أنواع : صحيح ومنقوص ـ

١٥٩

أي : الاسم (١) المقصور ، وهو (٢) ما في آخره ألف مفردة لازمة ، ويسمى مقصورا (٣) ؛ لأنه ضد الممدود (٤) ، أو ؛ لأنه محبوس من الحركات والقصر الحبس.

(إن كان ألفه) منقلبة (عن واو) حقيقية ، ك : (عصوان) أو حكما (٥) بأن كان مجهول الأصل (٦) ، ولم يمل ك : (إلوان) في المسمى (٧) ب : (إلى).

__________________

ـ وممدودة فالمقصور حكمه كذا والمجرور حكمه كذا والصحيح والمنقوص حكمها ظاهر لعدم جريان تغير في تثنيتها فالفاء للتفسير على هذا التحقيق. (هندي).

(١) المقصور لفظ مشترك بين الألف وما فيه الألف اللازمة لفظا أو تقديرا نحو : فتى والفتى ، واحترزنا بالألف اللازمة عن نحو زيدا في حال الوقف فإنه لا يسمى مقصورا وكذا عن أخرى في وقف الآخرين سمى مقصورا ؛ لأنه ضد الممدود ، أو لأنه محبوس عن الحركات والقصر الحبس انتهى ، فقد ظهر أن المقصور في اصطلاح النحو يطلق على الألف وعلى الاسم الذي فيه الألف اللازمة والمراد هنا المعنى الأخير فلا حاجة إلى تقدير الموصوف أي : الاسم المقصور كما توهم. (معرب).

(٢) قوله : (وهو ما في آخره ألف مفردة) احترز بقوله : (مفردة) عن المقرونة بهمزة فإنها ممدودة وبقوله : (لازمة) عن ألف زائد في الوقف فإنها لا يصير زائدا بها مقصورا لعدم لزمها لاختصاصها يحال الوقف. (عصام الدين).

(٣) هذا بيان لوجه المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي يحتمل المعنيين الأول. (ح).

(٤) قوله : (لأنه ضد الممدود) أي : مشتق من القصر المتعدي في مصدر قصره بقصره بمعنى ضد المد والحبس وأما القصر كعنب حلاف الطول فهو لازم مصدر قصر ككرم لا يمكن بناء المقصور منه. (س).

(٥) الظاهر كعصا وإلى بدل قوله : (كعصوان) والوان في المسمى بإلى فإن عصوان ولوان مثالان للتثنية لا للمقصور ألفه منقلبة عن واو حقيقية وأن يورد كعصوان ولوان بعد قوله : (قلت ألفه واوا). (عبد الحكيم).

(٦) أورد المثال من عديم الأصل فإن الألف في الأسماء العريضة في البناء كمتى وإذا وإلى لا أصل لها وفي الأسماء التمكنة لها الأصل وهو محل الإعراب وهو قد يكون معلوما وقد لا يكون معلوما. (حاشية).

(٧) فجعل إلى على مجهول الأصل محل نظر وينبغي أن يقول : ولم يمل وأميل وكان الأمالية سبب تمييز انقلاب الألف عن الياء فإن الرضي شرط في قلب عديم الأصل ومجهولة ياء إن كان مما سمع فيه الإمالة ولم يكن هناك سبب الإمالة غير انقلاب الألف عن الياء. (فاضل محشي).

١٦٠