شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

(على الشرط) (١) متعلق بتقدم؟.

(لزمه الماضي) أي : لزم القسم أن يكون الشرط الواقع بعده ماضيا (لفظا أو معنى ليكون على وجه لا تعمل فيه أدوات الشرط فيطابق أي الشرط الجواب حيث يبطل عمل أدوات الشرط فيه ، أي : في الجواب.

(وكان الجواب للقسم) (٢) فقط (٣) (لفظا) لا للقسم والشرط جميعا ؛ لأنه يلزم (٤) أن يكون مجزوما وغير ومجزوم ز هذا محال.

وأما معنى (٥) فهو جواب للقسم ، لكون اليمين عليه وللشرط أيضا ، لكونه مشروطا بالشرط.

(والله إن أتيتني) مثال للماضي لفظا (وإن لم تأتني) مثال للماضي معنى (لأكرمتك(٦) ، وإن توسط) أي : القسم بين أجزاء الكلام (بتقديم الشرط) عليه (أو غيره)

__________________

(١) وهذا البحث لا يختص بأن ولو بل يشمل فاضل لولا وأسماء الشرط كما صرح به الرضي ولذا قال على الشرط ولم يقل عليهما. (عصام الدين).

(٢) قوله : (وكان الجواب للقسم) فقط لفظ التقوى القسم بالقصد وضعف الشرط بالتوسط وجاز قليلا أن يعتبر الشرط لقربه وضعف القسم في نفسه كزائد في المعنى فهو كالزائد والشرط مراد فيه معنى التوقيت. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (فقط) فالإطلاق قرينة التجريد كما قالوا. (ك).

(٤) قوله : (لأنه يلزم أن يكون مجزوما) أي : بالإطلاق العام على ما هو المتبادر من القضية الغير الموجهة بجهة أو غير مجزوم دائما ؛ لأنه القابل للإطلاق العام فاندفع ما قبل أن الشرط إذا كان ماضيا لم يجب جزم الجزاء فكيف يلزم كونه مجزوما وغير مجزوم إلا أن يتكلف ويقال أراد صحته كونه مجزوما ووجوب عدم كونه مجزوما. (سيالكوني).

(٥) قوله : (وأما معنى) بيان لفائدة قوله : (لفظا ومعنى) ؛ لأنه إذا روى جهة المعنى فالقسم والشرط قيدان للجواب أو رد للتحقيق والتوجيه فيكون جوابا لهما وإذا كان اعتبارا أحدهما مقدما على الآخر يفيد أن يكون جواب أحدهما مقيدا وجواب الآخر فاندفع ما قيل : إن جواب الشرط مجموع القسم وجوابه لا مجرد الجواب على العكس ما إذا كان الجواب للشرط فإن جواب القسم معنى ح مجموع الشرط والجزاء ثم أن هذا القائل بعد معنى كونه جواب القسم معنى ؛ لأن الجواب مجموعهما اعترف بكونهما جواب الشرط معنى فبين كلامية تدافع. (عبد الحكيم).

(٦) فإنه روعى فيه شرائط القسم من دخول اللام ونون التأكيد وهذا معنى كون الجواب له لفظا. (س).

٤٤١

أي : تقديم غير الشرط (١) (جاز أن يعتبر) القسم ويلغي الشرط (وأن يلغي القسم) ويعتبر الشرط.

ويحتمل أن يكون المعنى : جاز أن يعتبر الشرط ويلغى القسم (٢) ، وأن يلغى الشرط ويعتبر القسم (كقولك : أنا والله إن تأتني آتك) (٣) فعلى المعنى الأول هذا مثال لتقديم غير الشرط وجواز إلغاء القسم فيكون باعتبار (٤) التقديم والجواز ، كليهما نشرا على غير ترتيب اللف.

وعلى المعنى الثاني هذا مثال لتقديم غير الشرط وجواز اعتبار الشرط فيكون النشر باعتبار التقديم على غير ترتيب اللف وباعتبار الشرط على ترتيبه (وإن أتيتني والله لأتينك).

وإنما أورد في هذا المثال الشرط بصيغة الماضي على خلاف المثال الأول إشارة إلى اشتراط المضي في الشرط في صورة اعتبار القسم على تقدير توسطه كاشتراطه على تقدير التقديم.

فعلى المعنى الأول هذا مثال لتقديم الشرط وجواز اعتبار القسم فهو باعتبارهما جميعا نشر على ترتيب اللف (٥).

__________________

(١) قوله : (أي تقديم غير الشرط) فقوله : غير عطف على الشرط لا على التقديم فإن غير تقديم الشرط أعني تأخره لا يستلزم الوسط ويجب أن يكون ذلك الغير يطلب الجزاء أعني المبتدأ قبل التواضح أو بعدها نص عليه الرضي. (حاشية).

(٢) فيراعى فيه لزوم الجزم ودخول نون التأكيد إذا كان مضارعا مثبتا.

(٣) أصله آتيك بالياء حذفت لأجل الجزم ؛ لأنه جواب الشرط وجوابه أن يكون مجزوما لا جواب القسم ؛ لأنه لا يكون مجزوما. (وافية).

(٤) قوله : (فيكون باعتبار التقديم) والجواز في اللف كل من تقديم غير الشرط ولغو القسم متأخر وفي المثال قدم كل منهما إما تقديم الغير فظاهر وإما تقديم اللغو فلأنه قيل : أنك مع تجويز آتيك في هذا المثال فكأنه قيل : أنا والله إن تأتيني آتك وآتينك بخلاف المعنى الثاني فإن النشر باعتبار التقدم على غير ترتيب اللف وباعتبار الشرط على ترتيبه فإن تقدم الغير مؤخر وقدم في المثال واعتبار الشرط مقدم وقدم في المثال أيضا كما ذكرنا. (وجيه).

(٥) لأن تقديم الشرط مقدم في الذكر على جواز اعتبار القسم على الأول فكذلك في هذا المثال قدم ثم اعتبر القسم. (حسن أفندي).

٤٤٢

وعلى المعنى الثاني مثال لتقديم الشرط وجواز إلغائه ، فالنشر باعتبار الأول على ترتيب اللف ، وباعتبار الثاني على غير ترتيبه (١).

ففي كل من المثالين (٢) يقع من حيث المعنى الثاني اختلاف بين اعبتاريه بخلاف (٣) المعنى الأول فالحمل عليه أولى ، وعلى تقدير (٤) الحمل عليه ، وإن كان رعاية كون النشر على ترتيب اللف يقتضي (٥) تقديم المثال الثاني على الأول ؛ لكنه أراد اتصال المثال بالمثل له بقدر الإمكان (٦) ، على تقدير (٧) تقديم اللفين على نشرهما من حيث مثالاهما (٨).

__________________

(١) إما الأول فلان تقديم الشرط مقدم في الذكر كذلك في هذا المثال وإما الثاني فلان اعتبار الشرط ذكر بعد تقديم الشرط في اللف فهاهنا ذكر إلغاؤه بعده. (حسن أفندي).

(٢) قوله : (في كل من المثالين) وإما المثال الأول فلان النشر باعتبار التقديم على غير ترتيب اللف باعتبار الشرط على ترتيبه وإما في المثال الثاني فبالعكس بخلاف المعنى فإن النشر في المثال الأول باعتبار كل منهما على غير ترتيب اللف وفي المثال الثاني على ترتيبه. (وجيه الدين).

(٣) فإن الاعتبارين فيه متفقان كلاهما على ترتيب اللف في المثال الأول وعلى ترتيب اللف في المثال الثاني. (سيالكوني).

(٤) قوله : (وعلى تقدير الحمل) حاصله إن الحل على الأول وإن كان أولى من جهة عدم وقوع الاختلاف بين الاعتبارين لكن فيه هجنة وهي أنه لو كان مراد المصنف المعنى الأول يقدم المثال الثاني على الأول لاقتضاء رعاية كون النشر على ترتيب التقديم. (وافية).

(٥) قوله : (يقتضي تقديم) أي : كون النشر في المثال الثاني على ترتيب لفه على المثال الأول النشر على ترتيب اللف أظهر منه على غير ترتيبه. (عبد الحكيم).

(٦) قوله : (بقدر الإمكان) وإنما قال بقدر الإمكان ؛ لأنه لا اتصال ؛ إذ المثال الثاني غير متصل بالممثل له بل المثال الأول أيضا غير متصل به بكماله وذلك ؛ لأن الممثل له للمثال الأول مجموع تقديم غير الشرط وجواز الإلغاء وهو أن اتصل بالثاني لكن لم يتصل بالأول لوقوع جواز اعتبار القسم حاصلة بين الممثل والمثال. (حسن أفندي).

(٧) قوله : (على تقدير تقدم) وإما إذا ذكر مثال كل من اللفين بجنبه بأن يقال إذا توسط القسم بتقديم الشرط جاز أن يعتبر القسم ويلغى نحو : أن أتيتني والله لأتيك وكذا إذا توسط بتقديم غيره نحو : أنا والله إن تأتني آتك يحصل اتصال المثال بها لممثل له بتمامه. (س).

(٨) قيد بذلك ؛ لأنه إذا اعتبر من حيث أنهما مثال لمجموع اللفين كان الاتصال حاصلا بتمامه. (حكيم).

٤٤٣

(وتقدير القسم كاللفظ) (١) أي : كالتلفظ به أو مقدره كملفوظه في صدر (٢) الكلام فلزم في الشرط الذي بعده المضي وكان الجواب للقسم.

(نحو) قوله تعالى : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ) [الحشر : ١٢] أي : والله لئن أخرجوا فالشرط ماض و (لا يخرجون) جواب القسم.

فإنه لو كان جزاء الشرط لكان الجزم (٣) بحذف النون أولى به (٤) ، أي : لا يخرجوا (و) كذا قوله تعالى : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام : ١٢١] أي : والله إن أطعتموهم إنكم لمشركون.

فالشرط ماض و (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) جواب القسم ، فإنه لو كان جزاء الشرط يلزم(٥) الإتيان بالفاء (٦) ؛ لأن الجملة الاسمية الواقعة جزاء يجب فيها الفاء.

(و) إما (للتفصيل) (٧).

__________________

(١) أي : إذا كان تقدير القسم كاللفظ فيلزم الذي بعد ذلك القسم المعني بناء على ما مر آنفا من أنه إذا تقدم القسم أول الكلام على الشرط لزمه المعنى وكان الجواب للقسم. (قابل أفندي).

(٢) هذا قيد في المتوسط وغيره والظاهر منه أن القسم لا يقدر في الوسط. (وجيه).

(٣) قوله : (لكان الجزم بحذف النون أولى به) إنما قال ذلك ؛ لأن الشرط إذا كان ماضيا لم يجب الجزم بل كان أولى. (وجيه).

(٤) لأنه أكثر استعمالا قال الرضي في بحث أما نحو : أن ضربتني أكرمك بالجزم أكثر من أن ضربتني فأكرمك. (س).

(٥) قوله : (يلزم الإتيان بالفاء) وخص الفاء بالذكر ؛ لأنه الأصل وإلا فاللام مثل الفاء وإذا المفاجأ وهذا اللزوم في السعة وإما في الشعر فيجوز نحو : من يفعل الحسنات الله يشكرها. (عبد الحكيم).

(٦) لأن حذف الفاء لا يجوز إلا في الضرورة ولهذا زيف قول من استغنى عن تقدير القسم بتقدير الفاء لكن في لزوم الإتيان بالفاء فافهم واعلم أنه قد يقع الشرطية في مقام جزاء الشرط فأما إن يعتبر الشرط الثاني فيجعل مجموع الشرطية جزاء الشرط وتدخل الفاء على أداة الشرطية الجزائية. (عصام).

(٧) قوله : (وإما للتفصيل) قال الرضي وقد يحذف إما لكثرة الاستعمال وإنما يطرد ذلك إذا كان ما بعد الفاء أمرا أو نهيا وما قبلها منصوبان أو بمفسر به فلا يقال زيدا فضربته ولا زيد ـ

٤٤٤

أي : لتفصيل ما أجمله المتكلم (١) في الذكر نحو قولك : (جاءني أخوتك أما زيد فأكرمته ، وأما عمرو فأهنته وأما بشر فأعرضت عنه).

أو ما أجمله في الذهن ويكون معلوما للمخاطب بواسطة القرائن.

وقد جاءت للاستئناف من غير أن يتقدمها إجمال ، نحو : (إما) الواقعة في أوائل الكتب.

ومتى كانت لتفصيل المجمل وجب تكرارها ، وقد يكتفى بذكر قسم واحد (٢) ، حيث يكون المذكور ضد غير المذكور لدلالة أحد الضدين على الآخر ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) [آل عمران : ٧](٣).

فإن ما يقابل (أما) المذكورة هاهنا غير مذكور ، لكنه مقدر ، يعني (٤) : وأما الذين ليس في قولبهم زيغ فيتبعون المحكمات ، ويردون إليها المتشابهات.

والحكم (٥) بأن كلمة (أما) للشرط.

__________________

ـ فضربته بتقدير إما هذا فما وقع في توجيه إما في أوائل الكتب من قولهم : وبعد فات إلى آخره من أنه بتقدير إما فمن عدم تقدير التقدير كما ينبغي. (فاضل إسفرائيني).

(١) وهذا القسيس إشارة إلى بيان المجمل الصالح له ، وهو إجمال للمتكلم ، وهو نوعان ، أحدهما : ما أجمله في الذكر ، والثاني : ما أجهله في الذهن. (أيوبي).

(٢) كما في قول : (المصنف في غير المنصرفة) وأما فرازنة فمنصرف على ما قيل : لدلالة المنصرف على غير المنصرف الذي هو ضده. (حسن أفندي).

(٣) ولم يذكر بعده إما الأخرى لكونه معلوما من الأول ويدل على كونه للشرط لزوم الفاء في جوابها والقصد بأن الأول مستلزم للثاني. (وافية).

(٤) قوله : (يعني وإما الذي ليس في قلوبهم) أي : جعل ذكر القيد قرنية على تقديره ولم يجعل قوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ)[آل عمران : ٧] كما في المعنى ؛ لأنه لا يتجه على تقدير عدم الوقف على إلا الله وكذا لم يجعل قسيما له بحذف إما كما في التوضيح ؛ لأن حذف إما مع حذف الفاء لم يوجد في كلامهم. (سيالكوني).

(٥) قوله : (والحكم بأن كلمة) إما للشرط ولم يحكم بكون إذا وحين للشرط مع أنه يقال زيد حين لقيته فإنا أكرمه فإذا القيته فإنا أكرمه ولاذا شواهد كثيرة في القرآن لعدم لزومها بل جعلا حين الإتيان بالفاء ظرفين جاريين مجرى الشرط وإنما جاز أعمال المستقبل في الظرف الماضي وأن امتنع وقوع المستقبل في الماضي ؛ لأن الغرض لزوم تلك الأفعال المستقبلية حتى كان ـ

٤٤٥

لزوم (١) الفاء في جوابها وسببية الأول والثاني.

(والتزم حذف (٢) فعلها) الذي هو الشرط (وعوض بينها) أي : بين (أما) (وبين فائها) الواقعة في جزائها (جزء مما في حيزها) أي : حيز فائها أو حيز (أما) (٣) لأن حيز الفاء أيضا حيزها ، سواء كان ذلك الجزء مبتدأ نحو : (أما زيد (٤) فمنطلق) أو معمولا لما وقع بعد الفاء نحو : (أما يوم الجمعة فزيد منطلق).

(مطلقا) (٥) أي : تعويضا (٦) مطلقا غير مقيد بحال تجويز تقديم ذلك الجزء على الفاء وعدم (٧) تجويزه ، وهذا مذهب سيبويه فجعل سيبويه ل : (أما) خاصية جواز التقديم لما يمتنع تقديمه مطلقا.

__________________

ـ هذه الأفعال المستقبلية وقعت في الأزمنة الماضية وصارت لازمة لها كل ذلك لقصد المبالغة. (فاضل محشي).

(١) قوله : (للزوم الفاء) فإنها لا يجوزان أن تكون عاطفة إذ لا يعطف الخبر على المبتدأ ولا زائدة لعدم لزومها فهي سببية فتدخل على كونها للشرط وإنما قال للزوم الفاء ولم يقل لدخول الفاء ؛ لأن الدخول لا يدل على تضمن معنى الشرط الجواز أن يكون إجراؤه مجرى الشرط كما في حين وإذ وإذا نحو : زيد حين لقيته وإذا لقيته فأكرمه. (عبد الحكيم).

(٢) قوله : (حذف فعلها) الكثرة استعمالها في الكلام ولكونها للتفصيل لتكررها ولكونه فعلا عاما على طريقة واحدة في جميع المواضع كتعلق الظرف المستقر. (حكيم).

(٣) ولما ورد على التفسير الثاني بأن لم جاز أن يرجع ضمير خبرها إلى ما فقال : (لأن ... إلخ). (محرم).

(٤) حيث قدم زيد الذي هو المبتدأ الواقع في خبر الفاء عوض بين أما والفاء. (أيوبي).

ـ قوله : (إما زيد فمنطلق) تقديره على حذف الفعل والعوض بين إما وبين فائها جزء في حيزها مهما يكن من شيء فزيد منطلق أقيم إما مهما وحذف فعل الشرط مع متعلقة ووسط زيد بين إما والفاء وآخر الفاء إلى الخبر كراهة توالى حرف الشرط والجزاء لفظا فصار إما زيد فمنطلق. (لمحرره علي المرتضي).

(٥) إذا المقصود هو الاسم الواقع بعدها دون الفعل فحذف الفعل وجعلوا الاسم عوضا عنه وهو جزء مما في حيز جوابها وهذا عند سيبويه. (خبيصي).

(٦) أشار إلى أن مطلقا مفعول مطلق لعوض بتقدير الموصوف أو مفعول فيه بتقدير الموصوف أي : زمانا مطلقا وهذا كثير في كلامهم. (لمحرره).

(٧) أي : مع قطع النظر من الفاء وإلا فممتنع تقديم مع الفاء أيضا فلا معنى للتعميم فإن وقع بعد إما شيء يمنع تقديمه نحو : أن وما النافية مما له الصدر لا يجوز نحولنا يوم الجمعة فإنك ـ

٤٤٦

(وقيل) والقائل المبرد : (هو) أي : ما وقع بينها وبين فائها (معمول الشرط المحذوف) عملا (مطلقا) (١) أي : معمولية مطلقة غير مقيدة بحال تجويز التقديم وعدمه (مثل : أما يوم الجمعة فزيد منطلق) فإن تقديره على المذهب الأول : مهما (٢) يكن من شيء فزيد منطلق يوم الجمعة (٣) ، فحذف فعل الشرط الذي هو (يكن من شيء) وأقيم أي : (أما) مقام (مهما) ووسط (يوم الجمعة) بين (أما) وفائها لئلا يلزم توالي حرفي الشرط والجزاء ، فصار : أما يوم الجمعة فزيد منطلق ، كما ترى.

وأما على المذهب الثاني فتقديره : مهما يكن من شيء يوم الجمعة فزيد منطلق ، فيوم الجمعة معمول لفعل الشرط فلما حذف فعل الشرط صار : إما يوم الجمعة فزيد منطلق.

فهذا القائل لم يجعل ل : (أما) خاصية جواز التقديم أصلا.

(وقيل) والقائل المازني (إن كان) ما يتوسط بين (أما) وفائها (جائز التقديم) على الفاء مع قطع النظر عن الفاء كالمثال المذكور.

(فمن) قبيل القسم (الأول) وهو أن يكون المتوسط جزء الجزاء قدم على الفاء (وإلا) أي : وإن لم يكن جائز التقديم مع قطع النظر عن الفاء بل انضم إليها مانع آخر ، مثل : أما يوم الجمعة فإن زيدا منطلق.

__________________

ـ مسافر فسيبويه يجعل ما في حيزه في كلا الصورتين عوضا عن الفعل تقول لا ما خصه جواز التقديم لما يمتنع تقديمه. (وجيه الدين).

(١) مفعول مطلق لمعمول أو ظرف له بتقدير الموصوف أي : عملا مطلقا كما قدره الشارح أو زمانا مطلقا كما قدره الهندي وقيل حال من المعمول أو مفعول مطلق لقيل. (معرب).

ـ أي : من متعلقات الفعل المقدر قبل الفاء فأما زيد فمنطلق تقديره مهما حصل فعل زيد فهو منطلق. (موشح).

(٢) قوله : (مهما يكن) مهما اسم لا يعقل سوى الزمان ويكن تامة فاعلها الضمير المستتر الراجع إلى مهما ومن شيء بيان لمهما لزيادة التعميم كما في قوله تعالى : (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) وجعلها زائدة على قول الأخفش أو استغراقية باعتبار الحال وهم. (والواهم عصام الدين حاشية).

(٣) قوله : (يوم الجمعة) الذي هو الملزوم في قصد المتكلم للا يلزم توالى حرفي الشرط والجزاء في اللفظ فإنه يوهم ذكر المعطوف بدون المعطوف عليه والمسبب بدون السبب. (عبد الحكيم).

٤٤٧

فإن ما في حيز (أن) لا يعمل فيما قبلها (فمن) قبيل القسم (الثاني) (١) وهو أن يكون المتوسط معمول الشرط المحذوف.

وهذا القائل (٢) ميز بين أن لا يكون وراء الفاء مانع آخر وبين أن يكون.

فجعل ل : (أما) قوة رفع حكم الامتناع عن الأول دون الثاني (٣).

هذا تقدير (٤) الكلام إذا كان ما بعد (أما) منصوبا وأما إذا كان مرفوعا ، نحو : (أما زيد فمنطلق) فتقديره على المذهب الأول : مهما يكن من شيء فزيد منطلق ، أقيم (أما) مقام (مهما) وحذف فعل الشرط ، ووسط (زيد) بين أما والفاء لما ذكرنا فصار : أما زيد فمنطلق فارتفاع (زيد) بالابتداء كما كان أولا.

وعلى المذهب الثاني مهما يكن (٥) زيد فمنطلق ، أي : فهو منطلق ، أقيم (أما) مقام (مهما) وحذف فعل الشرط فصار : أما زيد فمنطلق.

ف : (زيد) فاعل الفعل المحذوف ، وأما (٦) تقديره على تقدير الرفع ، ب : (مهما

__________________

(١) وهو معمول الشرط المحذوف لضرورة امتناع كون جزء الجزاء لامتناع نحو : إما زيد فإن ضارب ؛ لأن إن تقطع ما بعدها عن العمل وهو وجوز أبو العباس المبرد جعل ؛ لأن خاصية تصحيح التقديم لما يمتنع تقديمه. (هندي).

(٢) قوله : (وهذا القائل) في شرح التسهيل وهو الحق وهو مذهب سيبويه وإليه رجع المبرد وفي الرضي ليس بشيء ؛ لأنه إذا جاز التقديم للغرض المذكور مع المانع الواحد فلا بأس بجوازه مع مانعين أو أكثر ؛ لأن الغرض منفهم ويجوز لتحصيل الفاء مانعين فصاعدا وفيه انتفاء الغرض المذكور مطلقا ممنوع إنما الغالب على هذا التقدير إقامة اللزوم القصدى مقام اللزوم الادعائي وفواته غير مضر ؛ لأن المقصود تأكيد وقع الجزاء وهو حاصل. (سيالكوني).

(٣) أي : في لا جائز التقديم مع ما يكون مانع آخر غير الفاء مثل أن في المثال المذكور. (لمحرره).

(٤) قوله : (هذا تقدير الكلام) إذا كان المتوسط ما سوى الظروف من المفاعيل كالمفعول به في قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)[الضحى : ٩] فجريان التقدير الثاني فيه محل بحث فإن لا يصح إن يقال مهما يكن اليتيم على أن اليتيم معمول لفعل الشرط.

(٥) قوله : (مهما يكن زيد) على أن مهما لعموم الأحوال العائد محذوف أي : أي : حالة يوجد زيد عليها فهو منطلق. (عبد الحكيم).

(٦) ولما كان في هذا المقام مذهب آخر في توجيه المرفوع والمنصوب المذكورين فيما بعد إما أراد الشارح أن يرده. (أيوبي). ـ

٤٤٨

يذكر زيد فهو منطلق) بصيغة الفعل الغائب المجهول على أن يكون (زيد) (١) مرفوعا بأنه فاعل الفعل المحذوف.

وتقديره على تقدير النصب ب : (مهما تذكر يوم الجمعة) بصيغة الفعل المخاطب المعلوم على أن يكون (يوم الجمعة) منصوبا بأنه مفعول به للفعل المحذوف ، فوجهه (٢) غير ظاهر مع أنه يوهم (٣) جواز : أما يوم الجمعة فزيد منطلق ، بالنصب بتقدير (تذكر) على صيغة المعلوم المخاطب ، وجواز (٤) : أما يوم الجمعة فزيد منطلق ، برفع اليوم بتقدير (يذكر) على صيغة المجهول الغائب مع عدم جوازهما (٥) بلا خلاف.

وإنما (٦) مثل : المصنف بما يكون الواسطة بين (إما) وفائها منصوبة لظهور أمثلة كونها مرفوعة لكثرتها.

(حرف الردع)

(كلا) (٧)

__________________

ـ أي : على المذهب الثاني مبتدأ وقوله : (تقديره عطف عليه وقوله : (فوجهه غير ظاهر خبره والجملة استئنافية. (س).

(١) ومهما عبارة عن الأحوال والرابط محذوف أي : أي : حاله يذكر زيد عليها. (حكيم).

(٢) قوله : (فوجهه غير ظاهر) لعل وجهه ظاهر لجريان في قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)[الضحى : ٩] بخلاف تقدير يكن كما سبق لكنه غير جائز في المفعول به والحال والجار والمجرور كما لا يخفى. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (مع أنه يوهم) إما قال يوهم أن المقصود في التقدير بيان وجه الإعراب في صورة الرفع والنصب الواقعين في الاستعمال وليس متفرعا على التقدير لكن نقول المقدر في الحالتين يوهم أن الإعراب تابع للتقدير ومن هذا ظهر أن الإبهام في تقدير مهما يكن. (حاشية).

(٤) قوله : (وجواز أما يوم الجمعة) عدم جوازه بلا خلاف عدم الجواز بتقدير يذكر وإلا فقه سمع جواره مرجوحا بتقدير العائد. (عصام).

(٥) أي : مع أن نصب زيد ورفع يوم الجمعة غير جائز. (عبد الله).

(٦) ثم أن المصنف لما اكتفى بمثال واحد وترك الآخر واختار منهما ذكر مثال منصوب أراد الشارح توجيهه فقال وإنما مثل. (عبد الله أيوبي).

(٧) قوله : (كلا) مذهبه إنها بسيطة وقال ابن يعيش أنها مركبة من كاف التشبيه واللام مشددة لتخرج من التشبيه. (حكيم).

٤٤٩

الردع : هو الزجر والمنع ، تقول لشخص : فلأن يبغضك ، فيقول (١) : كلا ، أي : ردعا (٢) لك ، أي : ليس الأمر كما تقول.

وقد يجيء بعد الطلب لنفي إجابة الطالب كقولك ـ لمن قال لك افعل كذا ـ : كلا، أي : لا يجاب إلى ذلك.

(وقد جاء) أي : كلا (بمعنى : حقا) (٣).

والمقصود (٤) منه تحقيق مضمون الجملة كقوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) [العلق : ٦] وإذا كان معنى (حقا) جاز أن يقال : إنه اسم بني لكون لفظه كلفظ (كلا) الذي هو حرف ولمناسبة معناه لمعناه ؛ لأنك تردع المخاطب عما يقوله تحقيقا لضده (٥) ، لكن النحاة حكموا بحرفيته إذا كان بمعنى (حقا) أيضا لما فهموا من أن المقصود به تحقيق مضمون الجملة ، كالمقصود ب : (أن) فلم يخرجه ذلك عن الحرفية.

(تاء التأنيث الساكنة)

لا المتحركة ؛ لأنها مختصة بالاسم.

__________________

(١) وقد يكون بيانا لكونه خبر أتى به المتكلم منكرا كقوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا)[مريم : ٨١] كلا. (عصام).

(٢) قوله : (ردعا لك) أي : عن المعاودة إلى مثل ذلك القول وقد كون زجرا عن فعل فيه الممنوع كقولك لم يذم عالما كلا ولا بد فيها من تقدم كلام يرد بها سواء كان من كلاهم من يتكلم بها على سبيل الإنكار كقوله تعالى : (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ)[القيامة : ١٠] كلا أو على سبيل الحكاية كقوله تعالى : (قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا)[الشعراء : ٦١ ـ ٦٢]. (عبد الحكيم).

ـ وتنبيها على الخطأ قال الله تعالى بعد قوله : (رَبِّي أَهانَنِ)[الفجر : ٢١] كلا أي : ليس الأمر كما يظن بك أعطا المال ليس للإكرام وتضييق للإهانة. (خبيصي).

(٣) قوله : (بمعنى حقا) فحينئذ يكون يجري مجرى القسم فيجاب باللام كما في الآية المذكورة وقد لا يكون كذلك كما في قوله تعالى : (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ)[القيامة : ٢١].

(٤) قوله : (والمقصود منه) تحقيق الجملة أما الجملة السابقة فيصح الوقف عليها أو اللاحقة ولذا لا يكون بعد كلا بمعنى حقا كسر إن بل هو مفوض إلى قصد المتكلم فإن أراد تأكيد ما بعدها فالفتح وإن أراد استئناف ما بعدها فالكسر. (فاضل محشي).

(٥) يعني : كأن الله تعالى في قوله : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى)[العلق : ٦] لما أثبت طغيان ـ

٤٥٠

(تلحق) الفعل (الماضي) لتكون من أول الأمر علامة (لتأنيث المسند إليه) (١) فاعلا كان أو مفعول ما لم يسم فاعله (٢).

وإنما جعلت هذه التاء ساكنة بخلاف تاء الاسم ؛ لأن أصل الاسم الإعراب وأصل الفعل البناء ، فنبه من أول (٣) الأمر بسكون هذه على بناء ما لحقته ، وبحركة تلك على إعراب ما وليته ؛ لأنهما كالحرف الأخير (٤) مما تلحقانه.

(فإن كان) (٥) أي : المسند إليه اسما (ظاهر غير) مؤنث (حقيقي فمخير) أي : فأنت مخير بين إلحاق تاء التأنيث وبين عدمه أو فهو : أي : إلحاق تاء التأنيث مخير فيه على الحذف والإيصال.

وهذه (٦) المسألة قد تقدمت إلا أنها ذكرت فيما تقدم من حيث إنها من أحكام المؤنث ، وهنا من حيث إنها من أحكام تاء التأنيث.

__________________

ـ الإنسان زجره عن الإثبات بضده الذي هو عدم طغيان. (تكملة).

(١) قوله : (لتأنيث المسند إليه) تحقيقا أو تنزيلا كما في الجموع المنزلة منزلة المؤنث بالتاء. (عصام).

(٢) بيان لفائدة التعبير بالمسند إليه دون الفاعل يعني يشمل مفعول ما لم يسم فاعله فإن ليس فاعلا عند المصنف. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (فنبة من أول الأمر) أي : قبل العلم لكونه فعلا ماضيا فإن صيغة الفعل الماضي قد تكون على زنة الاسم والحرف والأمر فخوفا فإذا قيل : علم قيل : التأمل في معنى الكلام إنه صيغة الماضي. (سيالكوني).

(٤) قوله : (كالحرف الأخير) إما تاء الاسم فلجريانه الإعراب عليه وإما تاء الفعل فشدة اتصاله به بحيث لا يمكن تلفظها بدونه ولذا قدمت على الفاعل المؤنث قصدا. (س).

(٥) قوله : (فإن كان) أي : المسند إليه والمعنى فإن كان تأنيث المسند إليه ظاهرا غير حقيقي أو المعنى فإن كان المسند إليه المؤنث ظاهرا غير حقيقي. (عصام).

(٦) أي : كون لحوق تأنيث وعدمه مخير عند كون المسند إليه اسما ظاهرا غير مؤنث حقيقي. (لمحرره).

ـ هذه دفع لما ذكره صاحب المتوسط حيث قال أن هذه تكن ؛ لأنه قد ذكر من قبل. (وجيه الدين).

ـ قوله : (وهذه المسألة) وبهذا يندفع كون ذكرها مستغنى فالوجه أن يقال المتبادر من قوله : (وتلحق الوجوب فاستثنى من قوله : (الظاهر الغير الحقيقي. (عصام).

٤٥١

(وأما إلحاق (١) علامة التثنية والجمعين) أي : جمعي المذكر والمؤنث في مثل : (قاما الزيدان) و (قاموا الزيدون) و (فمن النساء) (فضعيف) لعدم احتياجها إلى هذه العلامات مثل : احتياج المسند إليه إلى علامة التأنيث ؛ لأن تأنيثه (٢) قد يكون معنويا أو سماعيا وعلامة التثنية والجمع غالبا (٣) ظاهرة غاية الظهور.

وإذا ألحقت على ضعفها فليست بضمائر (٤) ، لئلا يلزم الإضمار قبل الذكر من غير فائدة ، بل هي حروف أتى بها للدلالة من أول الأمر على أحوال الفاعل ، كتاء التأنيث.

وفي شرح الرضي : هذا ما قاله النحاة ، ولا منع من جعل هذه الحروف ضمائر ، وإبدال الظاهر منها.

والفائدة في مثل : هذا الإبدال ما مر في بدل الكل (٥) من الكل ، أو تكون الجملة خبر المبتدأ والمؤخر.

والغرض كون الخبر مهما.

(التنوين)

في الأصل مصدر نونته أي : أدخلته نونا ، فسمي ما به ينون الشيء ـ أعني : النون ـ تنوينا ، إشعارا بحدوثه وعروضه لما في المصدر من معنى الحدوث. ولهذا سمى سيبويه المصدر حدثا.

__________________

(١) قوله : (وأما إلحاق علامة) استئناف لدفع كون علامة التثنية والجمع كتاء التأنيث في إلحاق التثنية على كون المسند إليه مثنى ومجموعا وفي عدم تقيد اللحاق بالماضي أو الفعل إشارة إلى عموم الحكم إلى إلحاقها بأي : شيء تلحق في الماضي والمضارع والصفة. (عبد الحكيم).

(٢) فلا يعرف تأنيث المسند إليه إلا بهذه العلامة التي تلحق المسند. (لمحرره رضا).

(٣) قوله : (غالبا) احتراز عما إذا كانت مدغمة أو محذوفة للالتقاء الساكنين وعن من وما إذا كانتا عبارتين عن الجمع من غير فائدة احتراز عن نعم رجلا ودية رجلا وباب التنازع. (سيالكوني).

(٤) قوله : (ليست بضمائر) يدل على إيراد الواو لغير العقلاء في أكلوني البراغيث والاستعمال النون للرجال في يعصرن السليط أقاربه والتأويل تكلف وإليه أشار المصنف بقوله : (وإما التغيير بلفظ العلامة وإلى أن الضعف على تقدير القول بالعلامة. (حكيم).

(٥) من التوضيح والتعبير يرد على التوجيهين حمل ما وقع في التنزيل من قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ)[الأنبياء : ٣] وقوله : (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ)[المائدة : ٧١]. (محشي ك).

٤٥٢

وهو في الاصطلاح (نون ساكنة) أي (١) : بذاتها فلا تضرها الحركة العارضة (٢) ، مثل : (عاداً الْأُولى) [النجم : ٥٠].

وهي شاملة نون (من ، ولدن ، ولم يكن) وأمثالها.

فأخرجها بقوله : (تتبع حركة الآخر) أي : آخر الكلمة (٣) ، فإن هذه أواخر تلك الكلمات لا توابع حركات أواخرها (٤).

وإنما قال : (تتبع حركة الآخر) ولم يقل : تتبع الآخر ؛ لأن المتبادر من متابعتها الآخر لحوقها به من غير تخلل شيء وهاهنا الحركة (٥) متخللة بين آخر الكلمة والتنوين (٦).

فإن قلت : فآخر الكلمة هي الحركة فلا حاجة إلى ذكر الحركة.

قلت : المتبادر من الآخر الحرف الآخر.

ولم يقل : أخر الاسم ، ليشمل تنوين الترنم في الفعل. (لا لتأكيد الفعل) (٧) فخرج نون التأكيد الخفيفة (٨).

__________________

(١) قوله : (أي : بذاتها) يعني : إنما قيد بها لئلا يخرج عاد الأولى وهو من أفراد التنوين وليس المراد أخراج غيره من النونات حتى يلزم ما قيل : أن أراد بالساكن بذاتها ما يكون ساكنا إلا ذمت يكن موجب التحريك فكل نون في آخره المعرب نحو : حسن ومنا من كذلك وإن أراد معنى آخر فلبين حتى يتكلم عليه وذلك أن المراد ما ذكره وليس المراد إخراج شيء حتى يتجه بل إدخال بعض أفراد المحدود. (وجيه الدين).

(٢) فالمتحركة ساكنة في الأصل فلا يردان التنوين ليس بجامع لروج التنوين المتحركة. (ك).

(٣) أي : آخر الكلمة حقيقة أو حكما فيدخل تنوين قائمة وبصرى وأخ بل المراد بالآخر ما ينتهي إليه المتكلم فيشمل تنوين قاض فإن الضاد ليس آخر الكلمة حقيقة ولا حكما بل آخره منوى لكنه ينتهي به التكلم.

(٤) فإن النون الساكنة من من مثلا هي نون ساكنة وآخر كلمة من. (عبد الله أفندي).

(٥) ولو قال تتبع الآخر لم يوجد اللحوق بتلك الصفة ؛ لأنها لاحقة بالآخر مع حصول التخلل بينهما. (عبد الله أيوبي).

(٦) فإن ضمة زيدا المرفوع مثلا متخللة بين الدال التي هي آخر الكلمة وبين النون الساكنة. (تكملة).

(٧) يعني : أن النون الواقعة في الآخر إنما سميت تنوينا إذا كانت داخلة عليه لا لتأكيده. (تكملة).

(٨) فإنها ساكنة يصدق عليها التعريف وأما الثقيلة غير ساكنة ولذا لم يدخل. (عروت).

٤٥٣

ولا ينتقص (١) التعرف بالنون في نحو : (يا رجل انطلق) فإن المراد بتبعيتها حركة الآخر تطفلها (٢) لها في الوجود تطفل العارض للمعروض ، وليس نون (انطلق) تابعا لحركة لام الرجل بهذا المعنى.

(وهو) أي : التنوين.

(للتمكن) (٣) وهو ما يدل على أمكنية الكلمة (٤) ، أي : كون الاسم لم يشبه الفعل (٥) بالوجهين المعتبرين في منع الصرف ، وحينئذ لا يتصور معناه (٦) في غير المتصرف.

(والتنكير) وهو الفارق بين المعرفة والنكرة (٧) ، فهو الدال (٨) على أن مدخوله غير معين ، نحو : صه ، أي : اسكت سكوتا ما في وقت ما ، وأما (صه) بغير التنوين فمعناه اسكت السكوت (٩) الآن.

__________________

(١) فإنه يوهم أن قوله : (نون ساكنة) تتبع حركة الآخر لتأكيد الفعل بعينه يصدق على النون الساكنة في قوله: انطلق فإنها نون ساكنة تتبع حركة اللام في رجل فأجاب بأن لا يرد النقض به. (محرم).

(٢) قوله : (تطفلها لها في الوجود) بأن يتبعها في الوجود والعدم يشير إليه تشبيه المصنف العارض للمعروض فلا يرد أن تفسير التبعية بالتفضل يوجب إخراج تبع حركة الآخر نوني التأكيد أيضا. (سيالكوني).

(٣) قوله : (للتمكن) يدل على تمكن الاسم وبقائه على الأصل وهو الانصراف. (سيالكوني).

ـ أي : قوية وسمى تنوين الصرف لفصله بين المنصرف والممتنع كرجل وزيد.

ـ وهو تنوين تلحق الاسم ليدل على أن له مكانة في الاسم نحو : زيد ورجل.

(٤) قوله : (أمكنية عبارة) من وجود الإعراب الأمكنية عدم مشابهة الفعل والحرف والمراد بالتمكن كونه منصرفا أو في حكم المنصرف ليشمل تنوين غير المنصرف للضرورة والالتباس. (عصام).

(٥) قوله : (لم يشبه الفعل) لم يقل لم يشبه الحرف والفعل كما في عامة الكتب ؛ لأن الأمكن في مقابلة غير المنصرف والتنوين فاروق بينهما. (حاشية).

(٦) قوله : (معناه) أن يتصور صورته للضرورة وبالتناسب فهي داخلة في تنوين التمكن وليس فيهما سادسا كما عده بعضهم. (حكيم).

(٧) من الأسماء المبنية عند القوم حيث قالوا أنه يختص بالصوت واسم الفعل ويطرد في ما في آخره ويه. (ك).

(٨) قوله : (فهو الدال) قال الرضي قيل : مختصة بالصوت واسم الفعل نحو : سيبويه وصه وقال في الصحاح تنوين صه للفرق بين الوصل والوقف فعند الوصل يقفون وقبل للفرق بين المعرفة والنكرة فمقتضى كلامه ثبوت قسم سادس للتنوين هو الفارق بين الوصل والوقف. (س).

(٩) فقولهم : اسكت السكوت الآن فمسامحة معناه اسكت سكوتا متصلا بالآن. (عصام).

٤٥٤

وأما التنوين (١) في نحو : رب أحمد وإبراهيم فليس للتنكير بل هو للتمكن.

قال الشارح الرضي : (وأنا لا أرى (٢) منعا من أن يكون تنوين واحد للتمكن والتنكير معا ، فأقول : التنوين في (رجل) يفيد التنكير أيضا فإذا جعلته (٣) علما تمحض للتمكن.

(والعوض)

وهو ما لحق الاسم عوضا (٤) عن المضاف إليه لتعاقبهما على آخر الكلمة ك : (يومئذ) أي : يوم إذ كان كذا.

ف : (اليوم) مضاف إلى (إذا) و (إذ) كانت مضافة إلى الجملة التي كانت بعدها فلما حذفت الجملة للتخفيف ألحق بها التنوين عوضا (٥) عن الجملة ، لئلا تبقى الكلمة ناقصة ، وكذلك (حينئذ) وساعتئذ وعامئذ) و (جعلنا بعضهم فوق بعض) أي : فوق بعضهم (ومررت بكل قائما) أي : بكل واحد ، وامتثال ذلك.

__________________

(١) قوله : (وأما التنوين) إنما خص المثال بخصوصه أي : بالنكرة للبينة ؛ لأن غير المنصرف إذا دخله التنوين بعد جعله كالنكرة في عدم التعيين سواء بسبب أولا ليس تنوينه للتنكير بل للتمكن ؛ لأنه الزائل بموانع الصرف فإذا زال المانع عاد بخلاف سيبويه فإنه كان مبنيا فإذا نكر يدخل فيه تنوين التنكير. (س).

(٢) أي : لا أظن منعا فيجوز أن يكون تنوين أحمد وإبراهيم بعد التنكير للتنكير والتمكن معا فإنه يدل عليهما. (س).

(٣) قوله : (فإذا جعلته علما) لما قال من أنه للتنكير لما بقي في نحو : رجل بعد العملية وفي بعض نسخ الرضي وإما التنوين في نحو : رب أحمد وإبراهيم قلم يتمحض للتنكير بل هو للتمكن أيضا ؛ لأن الاسم منصرف. (س).

(٤) قوله : (عوضا عن المضاف إليه) لم يقل عوضا عن حرف أصلي كجوار أو زائد كجندل فإن تنونه بدل من ألف جنادل أو مضاف إليه ؛ لأن كون التنوين فيهما للعوض مختلف فيه فعند المبرد تنوين جوار للصرف وعند ابن مالك تنوين جندل للصرف وليبس ذهاب الألف الدالة على الجمعية كذهاب الياء من جوار وفي تخصيص الأمثلة باذ وكل وبعض إشارة إلى اختصاصه بهذه الكلمات. (محشي مدقق).

(٥) جبر النقصان فلو لم يجبر تبقى الكلمة ناقصة وهذا معنى قوله : (لئلا تبقى الكلمة ناقصة). (وجيه الدين).

٤٥٥

(والمقابلة) وهو ما يقابل نون جمع المذكر السالم ك : (مسلمات) فإن الألف والتاء فيه علامة الجمع ، كما أن الواو علامة جمع المذكر السالم ، ولم يوجد فيه ما يقابل النون في ذلك ، فزيد التنوين في آخره ليقابله.

وتوهم بعضهم أنه للتكن وهو خطأ ؛ لأنه إذا سميت بمسلمات مثلا امرأة يثبت فيها التنوين ، ولو كانت للتمكن لزالت (١) للعلتين : العملية ، والتأنيث.

وظاهر أنه ليس تنوين التنكير لوجوده فيما كان علما ك : (عرفات) ولا تنوين العوض لعدم مساعدة المعنى (٢) ، ولا تنوين الترنم لوجوده في غير أواخر الأبيات والمصاريع فتعين أن يكون للمقابلة ؛ لأنها معنى مناسب (٣) لحمل التنوين عليه.

(والترنم) (٤) : وهو ما لحق أواخر الأبيات والمصاريع لتحسين الإنشاد ؛ لأنه حرف يسهل به ترديد الصوت في الخيشوم ، وذلك الترديد من أسباب حسن الغناء.

__________________

(١) قوله : (لزالت) ولنا سميت بمسلمة زال تنوينها وقال الزمخشري أنها تنوين الصرف وأن سمي به لضعف تأنيثه لعدم تمحض تائه للتأنيث ؛ لأن مع الألف علامة الجمع ولا يصح تقدير تاء فيه غيرها ؛ لأن اختصاص هذه التاء لجمع المؤنث يأبى عن ذلك كتام اخت وبنت مع أن التاء فيهما بدل من الواو يمنع عن تقدير تاء أخرى. (سيالكوني).

(٢) قوله : (لعدم مساعدة المعنى) أي : معنى العوض هاهنا إذا لا شيء محذوف هاهنا حتى يعوض عنه. (وجيه الدين).

(٣) لمشاركة النون في كون كل منهما علامة تمام الاسم فقط من غير دلالة على شيء. (ك).

(٤) وإنما سمي هذا التنوين تنوين الترنم ؛ لأنها إنما يجيء بها لوجود الترنم هو رفع الصوت يقال ترنم بكذا إذا رفع الصوت وذلك ؛ لأن حرف العلة مدة في الخلق فإذا أحدث منها التنوين يحصل الترنم ؛ لأن التنوين يمسه الخيشوم. (سعيد حلبي).

ـ وإنما سمى هذا التنوين تنوين نترنم لكونها عن حرف الترنم هو حرف المد واللين. (وافية).

ـ قوله : (أواخر الأبيات) في القاموس البيت من الشعر والمدور وبيت الشاعر والمصاريع جمع مصراع ومصراعا البيت من الشعر شبها بمصراع الباب لاستوائهما كذا في شمس العلوم والمصراعان من الأبواب والشعر ما كانت قافيتان في بيت وبابان منصوبان يتضمنان جميعا مدخلهما في الوسط منهما وشرع الشعر والباب جعله مصراعين ولعل استعمال هذين اللفظين في الشعر بطريق التشبيه. (عبد الحكيم).

٤٥٦

وإنما اعتبروا (١) ما لحق أواخر الأبيات والمصاريع وإن كان لحوقها للحروف والكلمات الواقعة في أثنائها جائزا بل واقعا كما تشاهد من أصحاب الغناء ؛ لأن محل التغني به إنما هو آخر ، لئلا يختل سلك النظم بتخلله بين كلمات الأبيات والمصاريع ، ولا يخل بفهم المعاني.

وهو إما أن يلحق القافية المطلقة (٢) وهي ما كان رويها متحركا مستتبعا بإشباع حركة واحدا من الألف والواو والياء.

وسميت هذه الحروف حروف الإطلاق ؛ لإطلاق الصوت بامتدادها.

ولحوق النون بهذه القافية إنما يكون بإبدال حروف الإطلاق به ، كما في قول الشاعر:

أقلي اللوم (٣) ـ عاذل ـ والعتابن

وقول ي إن أصبت لقد أصابن (٤)

فروى هذا البيت الباء وحصل بإشباع فتحها الألف وعوض عن الألف عند التغني نون الترنم.

__________________

(١) قوله : (وإنما اعتبروا) يعني أن محل ترد يد الصوت في الخيشوم هو الآخر فلذا اعتبروا اللحوق بالآخر. (سيالكوني).

(٢) قوله : (اتفاقية المطلقة) القافية عند الخليل مد آخر حروف البيت إلى أول ساكن يليه مع الحركة التي قبل ذلك الساكن وروى عنه أيضا أن المتحرك قبل ذلك الساكن هو أول القافية مشتقة من القفو وهو التبعية ؛ لأن القفو أن يجيء بعضها أثر بعض والروي هو الحروف الذي تبني عليه القصيدة وتنسب إليه فيقال قصيدة لامية أو نونية مثلا من رويت الحبل إذا قتلته أو رويت البعير إذا اشتددت عليه الرداء وهو الحبل الذي تجمع به الأحمال أو من الري ؛ لأن البيت يروى عند فيقطع. (حكيم).

(٣) والبيت لجرير أراد يا عاذلة أقلى لومك وعنا بك على أفعله وتأملي فيما أفعله وفقولي لقد أصاب جرير فيما فعل وانصفي ولا تكابري وفيه أن عاذلته على الخطأ فيما تقول. (سيالكوني).

ـ اللوم بفتح اللام وسكون الواو والعذل بفتح العين وسكون الذال المعجمة والعتاب بالكسر كلها إظهار العداوة مع إضمار العداوة. (لغة).

ـ والمعنى أقلى لومك وعتابك على ما افعله وتأمل فيه فإن كنت معيبا فصف بيني. (وجيه).

(٤) مفعول قولي والشرط متحلل في أجزاء ما دل على الجزاء. (ك).

٤٥٧

وإما أن يلحق القافية المقيدة وهي ما كان رويها حرفا ساكنا صحيحا كان أو غير صحيح.

وسميت مقيدة لتقيد الصوت بها وامتناع امتداده ؛ لأنه ليس هناك حركة يحصل من إشباعها حرف الإطلاق ليتيسر امتداد الصوت كقول الشاعر :

وقاتم (١) الأعماق خاوي المخترقن

مشتبه الأعلام لماع (٢) الخفقن

فإن روى القافية في هذا البيت القاف الساكنة ولا يمكن مد الصوت بها ، فحركت عند التغني بالفتح أو الكسر والحق بها النون ، فقيل (المخترقن ، والخفقن).

ويسمى هذا القسم من التنوين (الغلي) لأن الغلو هو التجاوز عن الحد.

وقد تجاوز البيت بلحوق هذا التنوين عن حد الوزن ، ولهذا يسقط عند التقطيع.

وليس للقسم الأول اسم يختص به.

وأعلم أن تنوين الترنم ليس موضوعا بإزاء معنى من المعاني ، بل هو موضوع لغرض الترنم (٣) ؛ لأن معناه الترنم كما أن حرف التهجي موضوع لغرض التركيب ، لا بإزاء معنى من المعاني.

__________________

(١) قوله : (القاتم الظلم) والعمق بفتحتين وبالضم ما بعد من أطراف المغازة والجمع أعماق والحاوي الحالي والمحترفين بفتح الراء وكسر القاف الحمر والطريق وقيل سهب الريح بحرقة والإعلام جميع علم وهو ما يهتدي به في الطريق والخفق بالسكون الاضطراب يقال خففت الدابة والقلب والسراب إذا اضطرب يقال خففت الدابة والقلب والسراب إذا اضطرب حرك للضرورة والمراد بالسراب الحافق نعت المصدر والمعنى رب مغارة مظلمة الأطراف حالية الممر لم يسكنها أحد ولم يتميز فيها إعلام لظلمتها أو لغمومها لماعة السراب وجواب رب محذوف أي : قطعته. (سيالكوني).

(٢) والمعنى رب مهمة مظلم الجواب في المرائي بعيد الأطراف حالي الطريق عن الأشجار مشتبه الإعلام غير متميزة لماع السراب قطعته. (وجيه).

(٣) وذلك لأن المقصود منه حصول الترنم في الخارج لا إفهام معنى الترنم وحصوله في الذهن. (س).

ـ أي : رفع الصوت وحسنه.

٤٥٨

ففي عده تنوين الترنم من أقسام الحروف ، التي هي من أقسام الكلمة المعتبر فيها الوضع تساهل وتسامح (١).

وأما التنوينات الأخر ففي اعتبار الوضع في بعضها أيضا تأمل (٢).

(ويحذف) أي : التنوين (٣) وجوبا (٤) (من العلم) حال كونه (موصوفا (٥) بابن) حال كون الابن (مضافا إلى علم آخر) نحو : جاءني زيد بن عمرو ، وذلك لكثرة استعمال (٦) (ابن) بين علمين أحدهما موصوف به والآخر مضاف إليه فطلب التخفيف لفظا بحذف التنوين من موصوفه وخطأ (٧) بحذف الألف من ابن.

وكذلك (٨) قولهم : هذا فلان بن فلان ؛ لأنه كناية عن العلم.

ويعلم منه إذا كان صفة لغير العلم ، أو كان مضافا إلى غير العلم ، نحو : جاءني رجل ابن زيد ، وزيد ابن عالم ، لم يحذف التنوين من اللفظ ، وألف (ابن) عالم ، لم

__________________

(١) قوله : (تسامح) بتنزيل الغرض من الشيء منزلته معناه نفي اعتبار الوضع في بعضها أيضا. (محشي ك).

(٢) كتنوين العوض والمقابلة فالتنوين العوض لغرض جبر النقصان وتنوين المقابلة لغرض المقابلة بخلاف تنوين التمكن فإنه يدل على مكانة في الاسمية بحيث لا يشبه الفعل ومبنى الأصل بخلاف تنوين التنكير فإنه يدل على أن مدلول مدخولها غير معين كصه. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (أي : التنوين) بشرط بقائه على حاله وعدم صيرورته بقربان جعل علما مع التنوين فإنه لا يحذف.

(٤) قوله : (وجوبا) فالاستمرار المستفاد من المستقبل قرنية الوجوب وهذا في السعة وأما في الضرورة فقد لا يحذف. (حاشية).

(٥) فلا يحذف في زيدين عمرو ومشرط الاتصال كما هو المتبادر فلا يحذف في زيد الظريف بن عمرو وشرط كون الثاني تذكر أبناء على إن العرب لا ينسبون الرجل إلى أمه واشتراط بعض المتأخرين كونهما مكبرين. (حكيم).

(٦) قوله : (لكثرة استعمال) أي : لانتقاء الساكنين فإن توجب الحذف لجواز تحريكه بالكسرة على ما هو الأصل في الساكن. (ك).

(٧) قوله : (وخطأ) بحذف ألف ابن وما فيما بين أرباب الحديث أن يحذف من العلم الموصوف بالابن المضاف إلى الأب دون الجد فرقا بينهما لعلة قاعدة وضعوها على خلاف قاعدة العرب. (محشي فاضل).

(٨) قوله : (وكذلك) فالعلم أعم من أن يكون صريحا أو كناية عنه كذا ما يجري مجرى العلم نحو : سيد بن سيد وطاهر بن طاهر وهي بن هي.

٤٥٩

يحذف التنوين من اللفظ ، وألف (ابن) من الخط ، لقلة الاستعمال.

ويعلم من قوله : (موصوفا) أنه لا يحذف إذا لم يكن (الابن) صفة (١) نحو : (زيد) ابن عمرو على أن يكون (ابن عمرو) خبرا عن زيد. وحكم (الابنة) (٢) حكم (الابن) في جميع ما ذكرنا إلا في حذف همزتها فإنها لا تحذف حيثما كانت (٣) ، لئلا تلتبس ببنت في مثل : (هذه هند ابنة عاصم).

(نون التأكيد) (٤)

قسمان :

(خفيفة ساكنة) (٥) لأنها مبنية والأصل في البناء والسكون.

(ومشددة مفتوحة) لثقلها وخفة الفتحة (مع (٦) غير الألف) أي : غير ألف التثنية نحو : (اضربان) (وألف الجمع) (٧) أي : الألف الفاصل بين نون جمع المؤنث ، والنون المشددة نحو : (اضربنان) ، فإنها تكسر معهما لشبهها فيهما بنون التثنية.

(تختص) أي : نون التأكيد (٨).

__________________

(١) لقلة استعماله مع التنوين إنما حذف الموصوف ولكونه مع الصفة كاسم واحد والتنوين علامة التمام وهذه العلة ليست موجودة في المبتدأ مع الخبر. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (وحكم الابنة) ولم يذكره المصنف اكتفاء بذكر الأصل ، أو لأنه اختلافي فإن منهم من منع ذلك ؛ لأن موضع الأسماء الابن حكاه ابن كيسان. (شرح التسهيل).

(٣) سواء كانت بين العلمين أو غيره.

(٤) قوله : (نون التأكيد) وأشار إلى جعله قسمين إلى أنهما أصلان كما هو مذهب البصريين وقال الكوفيون الثقيلة أصل ومعناهما التأكيد وقال الخليل التأكيد بالثقيلة أبلغ. (حكيم).

(٥) قدم الخفيفة لكونها بعضا من الثقيلة ومدلولها بعض من مدلولها. (عصام).

(٦) كالاستثناء من قوله : (مفتوحة) يعني أن المشددة مفتوحة إذا كانت مع غير الألف. (أيوبي).

(٧) قوله : (وألف الجمع) اختاره الشارح رعاية لمناسبة التشبيه وجعل عبارة القوم تفسير إله وهو الإطلاق واخترعه الشارح لمناسبة التثنية والشائع ألف الوصل. (سيالكوني).

(٨) قوله : (أي : نون التأكيد) رعاية لوحدة الضمير لوحدة الضمير وقيل لكل واحد منهما رعاية ـ

٤٦٠