شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

قال (١) الأندلسي : لا يتجاوز (٢) (جاء وقعد) الموضع الذي استعملهما العرب فيه خلافا للفراء.

(تدخل) هذه الأفعال ، وما كان نحوهن (٣) (على الجملة الاسمية) المركبة من المبتدأ(٤) والخبر (لإعطاء الخبر) أي : لأجل إعطائها الخبر (حكم معناها) (٥) أي : معنى هذه الأفعال يعني : أثره المترتب عليه مثل : (صار زيد غنيا) فمعنى (صار) الانتقال وحكم معناه ، أي : أثره المترتب عليه كون الخبر منتقلا إليه ، فلما دخل على الجملة الاسمية ، أعني : (زيد غني) وأفاد معناه الذي هو الانتقال ، أعطي الخبر وهو (غني) أثر ذلك الانتقال وهو كون الغنى منتقلا إليه.

(فترفع) هذه الأفعال الجزء (الأول) لكونه فاعلا (٦) (وتنصب) الجزء (الثاني) لشبهه بالمفعول به في توقف الفعل عليه (٧) (مثل (كان زيد قائما) ف : (كان) (٨).

(تكون ناقصة) كائنة (لثبوت (٩) خبرها).

__________________

(١) ولما انفهم من كلام المفركون قعدت وجاء مستعملين ناقصا في هذين التركيبين فقط وأن المعنى ذهب إلى مذهب قال : إنه لا يتجاوز أشار إلى المذهبين فقال : (قال الاندلسي). (محرم).

(٢) قوله : (لا يتجاوز جاء وقعد) ولهذا جاء المصنف بالتركيبين اللذين هما وقعا فيها ، لكن قال المصنف في بعض تصانيفه : الحق في جاء الاطراد ، فإنه يقال : جاء البر قفيزين ، وقيل في ضبطه : مواضع استعمال قعد أن يكون الخبر كأنه هذا. (عصام).

(٣) قوله : (ما كان نحوهن) إشارة إلى عموم هذا الحكم يعني الأفعال الناقصة وكذا الأفعال التي كانت مثلها في كونها نواسخ المبتدأ والخبر من أفعال القلوب وغيرها تدخل. (عبد الله).

(٤) احترازهن المركبة من المبتدأ والفاعل نحو : أقائم زيد وما قائم زيد. (عصام).

(٥) كما يعطي الخبر حكم معناها يعطي الاسم أيضا فصار زيد غنيا يجعل الغنى مستقلا إليه ويجعل زيد منتقلا. (حاشية).

(٦) قوله : (لكونه فاعلا) أي : فاعلا اصطلاحيا بناء على أن الفعل لا بد له من فاعل لفظي ولذا لم يعد المصنف اسمها في المرفوعات على حدة. (سيالكوني).

(٧) يعنى : كما أن الفعل المتعدى لا يتم معناه بدون المفعول به لا تتم معنا هذه الأفعال بدون أخبارها. (حكيم).

(٨) قوله : (فكان) تفصيل لبيان المعاني يمتاز بها بعض هذه الأفعال عن بعض بعد ذكر القدر المشترك بينها المميز عما سواها. (سيالكوني).

(٩) ظرف مستقر منصوبة المحل صفة ناقصة أو حال من المستكن في تكون أو ناقصة كما ـ

٣٢١

لاسمها ثبوتا (١) (ماضيا) أي : كائنا في الزمان الماضي (دائما) من غير دلالة (٢) على عدم سابق وانقطاع لاحق نحو كان زيد فاضلا (أو منقطعا) نحو كان زيد غنيا فافتقر (وبمعنى صار) (٣) عطف على قوله لثبوت خبرها أي كان فكون ناقصة كائنة بمعنى صار فهو من قبل عطف أحد القسمين على الآخر لا على ما هو قسم منه كقول الشاعر :

(٤) قفر والمطي كأنها

قطا الحزن (٥) قد كانت فراخا بيوضها

أي صارت فراخا بيوضها فإن بيوضها (٦) لم تكن (٧) فراخا (٨).

__________________

ـ اختاره المصنف ليصبح عطف قوله : (ويكون فيها ضمير الشأن) عليه أو خبر بعد خبر لتكون. (لمحرره).

ـ قوله : (كائنة) لثبوت خبرها هذا تقسيم لكان الناقصة إلى الاقسام الثلاثة أحدها : ما كان هي لثبوت خبرها لفاعلها ماضيا ، والثاني : بمعنى صار ، والثالث : ما فيه ضمير الشأن بعطف أحد الأقسام الثلاثة على الآخر وقال البعض : كان المضمر فيها ضمير الشأن تامة فاعلة ذلك الضمير أي : وقت القصة تم فسرت بالقصة بالجملة الأولى ؛ لأنه لم يثبت في كلام العرب ضمير الشأن لا مبتدأ في الحال وفي الأصل. (وجيه الدين).

(١) جعل قوله : (ماضيا) لمصدر محذوف ليصبح كون دائما أو منقطعا صفة له.

(٢) قوله : (من غير دلالة) أي : دواما ناشئا من عدم دلالة يعنى أن الدوام واستمرار الثبوت ليس مدلول كان بل ناشىء من عدم الدلالة. (حكيم).

(٣) يعني : بمعنى دال على الانتقال من صفة إلى صفة ، لا بمعنى ثبوت الخبر للاسم. (محرم).

(٤) الباء بمعنى في متعلق محذوف أي : كنافي مفازة حالية.

ـ التيهاء المفازة التي لا يهتدي فيها من التية مصدر تاه يتيه بمعنى العجز. (حاشية).

(٥) فالشاعر يصف المطي بسرعة سيرها فإنها بمنزلة قطا تركت بيوضا صارت فراخا فهي تمشي بسرعة إلى فراخها. (عباب).

ـ بفتح الحاء للمهملة وسكون الراء ما غلظ من الأرض وارتفع. (وجيه الدين).

ـ يصف سرعة سير المطر كأنها بمنزلة قطا تركت بيوضا صارت فراخا وفيه مبالغة في سرعة السير فإن القطا مثل في السرعة سيما قطار الحزن إذا عركت البيوض فصارت فراخا فإنها أهدى في هذه الحالة وفي المثل : فلان أهدى من القطا قيل : تطلب الماء من مسيرة عشرة أيام وأكثر من فراخها من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فلا يخطئ صادرة ولا دراية. (حاشية).

(٦) إشارة إلى قرينة كونها بمعنى صارت فإنها لو كانت بمعنى كانت يقتضي كون البيض باقيا وقت كونها فراخا وليس كذلك. (أيوبي).

(٧) ولا يجوز أن يقال : البيض فراخ فإن الفراخية لا تثبت على البيض. (محرم).

(٨) لا حال البيوضة ولا قبلها فلا يصبح جعل كان لثبوت الخبر لاسمها ولإقامة بأن يكون ـ

٣٢٢

بل صارت فراخا (١) (ويكون فيها ضمير الشأن) هذا أيضا عطف على قوله لثبوت أي : كان تكون ناقصة يكون فيها ضمير الشأن اسما لها والجملة واقعة بعدها خبرا مفسرا للضمير كقوله :

إذا مت كان الناس صنفان (٢) شامت

وآخر (٣) مين بالذي كنت أصنع (٤)

(وتكون تامة) عطف على قوله : تكون ناقصة أي : كان تكون تامة تتم بالمرفوع من غير حاجة إلى المنصوب (بمعنى ثبت) ووقع (٥) كقولهم : كانت الكائنة والمقدر كائن وكقوله (٦) تتماكن فيكون (و) تكون (زائدة) (٧) وهي (٨) التي وجودها وعدمها لا يخل (٩)

__________________

ـ فراخا حمالا ؛ لأنها تقتضي اجتماع البيوضة والفراخة. (سيالكوني).

(١) في الحال أو في الاستقبال بالانتقال من صفة إلى صفة أخرى. (أمير).

(٢) والقرنية قوله : (صفتان) مأخوذ بالألف فإنه لو لم يكن فيه ضمير الشأن لكان بالياء. (تكملة).

(٣) والمثنى اسم فاعل من اثنى عليه بالخير وهو من يمدح الناس. (وجيه).

(٤) والمعنى : إذا مت كان الناس نوعين نوع يفرح بموتي ونوع يحزن ويثني بالذي كنت أصنعه في حياتي. (وجيه).

(٥) قوله : (ووقع) زاده على طبق الأيضاح إشارة إلى أن كان التامة كما يكون للثبوت المطلق تكون بمعنى الثبوت المسبوق عن الحدوث وقال القاضي في تفسير قوله : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ)[الواقعة : ١] أي : حدث والكائنة الحادثة والمقدور من قدر الله تعالى ذلك عليه بقدره قدر بمعنى قدره عليه تقديرا وأورد الأمثلة الثلاثة إشارة إلى مجيئها تامة بمتصرفاتها. (حكيم).

(٦) قوله : (وكقوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ)[البقرة : ١١٧]) الأظهر أن قوله تعالى في موقع الإيجاد بمعنى ثبت وفي موقع جعل شيء موصوفا بشيء بمعنى كن كذا بل يحتمل أن يكون في الجميع ناقصة ويكون في مقام الأيجاد وأيضا بمعنى كن موجودا. (عصام).

ـ قوله : (وكقوله) أعاد الجار إشارة إلى شراقته ومعنى كن أحدث فيحدث سواء كان حدوثه في نفسه أو في محله ؛ لأن خطاب كن تابع للإرادة كما تدل عليه الأية وهي صفة تخصص وقوع المقدورات في وقت دون وقت وليس معناه كن كذا كما توهم. (سيالكوني).

(٧) في اللفظ والمعنى مثل قوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)[مريم : ٢٩] أو في اللفظ فقط نحو : زيد كان قائم. (أمير).

(٨) هذه محققة بلفظ كان بخلاف ما سبق فإنها الشاملة بجميع تصاريفها. (عصام).

(٩) قوله : (لا يخل بالمعنى الأصلى) أي : ما هو المقصود بالإفادة من ذلك الكلام لا مالا يفيد أصلا إذ الزائد لا يخلو من فائدة معنوية كالتأكيد أو لفظية كنزيين اللفظ واستقامته الوزن والسجع. (حكيم).

٣٢٣

بالمعنى الأصلي كقوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) [مريم : ٢٩] أي : كيف تكلم من (١) هو في المهد حال كونه صبيا فكان زائدة لتخمين اللفظ إذ لس المعنى على المفتي وإنما ذكر هذين القسمين مع كونهما غير ناقصة استيفاء لجميع استعمالاتها (وصار (٢) للانتقال) أما من صفة إلى صفة نحو صار زيد عالما أو من حقيقة إلى حقيقة (٣) نحو : صار الطين خزفا وتكون تامة بمعنى الانتقال من مكان إلى مكان أو من ذات إلى ذات ويتعدى بإلى نحو : صار زيد إلى بلد كذا أو من بكر إلى عمرو ويلحق بصار مثل آل ورجع واستحلا وتحول قال الله تعالى فارتد بصيرا وقال الشاعر :

إن العداوة تسجل مودة (٤).

وقال :

فيا لك (٥) من نعمي تحولن أبوءسا

(و (أصبح وأمسى وأضحى) لاقتران مضمون الجملة بأوقاتها المدلول عليها (٦)

__________________

(١) إذا لم يتوجه استبعادهم المدلول عليه بكيف ؛ لأن كل من بكلمة الناس حاله كذلك فلا تكون ناقصة ولا تامة ولا بمعنى صار إذا لا بد فيها من معنى المضي. (حاشية).

ـ أي : لم يعهد صبيا في المهد كلمة عاقل وصبيا حال مؤكدة. (أيوبي). (س).

(٢) لما فرغ من بيان معنى كان وأقسامها شرع في بيان سائر أخواتها. (أيوبي).

(٣) سواء كانت شخصيتين فانتقل النوع أو نوعين فانتقل الجنس نحو : صار الماء هواء. (سيالكوني).

(٤) أخره :

بتدارك الهفوات بالحسنات.

(٥) فيالك من نعيمي تحولن بؤسا (فيا لك) اللام للاستغاثة ، والخطاب لله سبحانه (نعمى) مستفات له بمن، نحو : بالله من ألم الفراق ، والنعمى : الدّعة والمال والمسرة (نحو لله) ضمير تحولن لنعمى ، وهو إن كان مفردا في معنى الجنس في المعنى الضمير في قوله : تحولن ، قيل : راجع إلى السماء ، والسماء ، والسماء في معنى الجنس (أبؤسا) جمع بؤس ، بمعنى شدة ، والمعنى : أستغيث بك رضي يا الله من أجل نعمتي صارت شديدة ، وقيل اللام للتعجب والاستغاثة ، والطاف بالكسر ، ومن نعمى بيان له ، ويتعجب منها ويستغيث.

(٦) يعني : أن الأفعال الثلاثة موضوعة لأجل بيان اقتران ثبوت منصوباتها لمرفوعاتها بالأزمنة التي دلته تلك الأفعال على تلك الأزمنة. (تكملة).

٣٢٤

بموادها لا بصورها (١) ، مثل : (أصبح زيد قائما) و (أمسى زيد مسرورا) و (أضحى زيد حزينا).

فالمثال الأول يدل على اقتران مضمون الجملة وهو (قيام زيد) بوقت الصباح (٢) وعلى هذا القياس المثالان الآخران (٣).

(و) تكون (بمعنى صار) (٤) نحو : (أصبح ، أو أمسى ، أو أضحى زيد غنيا).

أي : (صار) وليس (٥) المراد : أنه صار في الصباح أو في المساء أو الضحى إلى هذه الصفة.

(وتكون تامة) بمعنى الدخول (٦) في هذه الأوقات (٧) ، تقول : (أصبح زيد) إذا دخل في الصباح.

(وظل (٨) وبات) لاقتران مضمون الجملة بوقتيهما.

__________________

(١) أي : ليس المراد هاهنا الأوقات المدلول عليها بعبورها أعني. الزمان الماضي ؛ لأن المقصود بيان المعاني التي يتميز بها بعضها عن بعض. (س).

(٢) فإن معنى أصبح زيد قائما اتصف زيد بالقيام المتصف بالحصول في وقت الصبح في الزمان الماضي. (رضي).

(٣) يعني : أن سرور زيد مقارن بوقت المساء في اسمى وأن حزن زيد مقارن بوقت الضحى في أضحى.

(٤) كقوله تعالى : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً)[آل عمران : ١٠٣] أي : صرتم ؛ لأن خصوصية الأخوة في وقت الصباح ليست المرادة وقول :

الإثم ضموا كأنهم ورق جف

ف فالذي به الصبا والدبور

(خبيصي).

(٥) أشار بهذا إلى أنه إذا كانت تلك الأفعال بمعنى صار لا يكون المراد منها أنه صار.

(٦) ومنه قوله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)[الروم : ١٧] وقول الآخر : أضحى جليدها والمعنى دخل الجليد في وقت الضحى. (موشح).

(٧) أي : لثلثة المذكورة وفي شرح التسهيل وتكون الثلاثة أيضا بمعنى أقام في الأوقات المذكور. (لمحرره).

(٨) ومضارع ظل يظل يفتح العين ظلالا وظلولا بمعنى الكون في جميع النهار. (سيالكوني).

٣٢٥

فإذا قلت : (ظل زيد سائرا) فمعناه : ثبت له ذلك ف جميع نهاره ، وإذا قلت : (بات زيد سائرا) فمعناه : ثبت له ذلك في جميع ليله.

(وبمعنى صار) (١) نحو : (ظل زيد غنيا) و (بات عمرو فقير) أي : صار.

وقد يجيء هذان الفعلان تامين (٢) أيضا ، نحو : (ظللت بمكان كذا و (بت مبيتا طيبا) لكن لما كان مجيئهما تامين في غاية القلة جعله في حكم العدم ولذلك لم يذكرهما تأمين وفصلهما عن الأفعال الثلاثة السابقة.

و (آض (٣) ، وعاد وغدا ، وراح) فهذه الأفعال الأربعة ناقصة إذا كانت بمعنى (صار) وتامة في مثل : قولك (آض ، أو عاد زيد من سفره) أي : رجع ، وغدا (٤) إذا مشى في وقت الغداة (٥) ، وراح ، إذا مشى في وقت الرواح ، وهو ما بعد الزوال إلى الليل.

__________________

(١) كقوله تعالى : (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا)[النحل : ٥٨] أي : صار ؛ إذ ليس المراد السواد من النهار بل عم في الليل والنهار وكقوله تعالى : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)[الشعراء : ٤] أي : صارت فإنه لا يختفى بزمان دون زمان.

ـ قوله : (وبمعنى صار) مجردا عن الزمان المدلول عليه بالمادة قال تعالى : (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) في الرضي : مجيء بات بمعنى صار محل نظر قال الأندلسي : جاء في الحديث بات بمعنى صار وهو قوله عليه‌السلام : «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلهما في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت» [أخرجه البخاري (١٦٢)] انتهى يعني : من جسده فلا يدري هل لاقت مكانا ظاهرا أو بخسا بثرة أو جرحا أو أثر الاستنجاء بالأحجار بعد بلل المحل أو اليد. (خالد المسكيني).

(٢) قال ابن مالك يقال : بات القوم وبات بالقوم وإذا نزل بهم ليلا يستعمل متعديا بنفسه وبالباء وقال غيره : تكون تامة بمعنى أقام ليلا وظل تكون تامة بمعنى دام وطال وزاد بعضهم وبمعنى أقام نهارا.

(٣) قوله : (ترك المصنف) أيضا ذكر أفعال آخر من الأفعال الناقصة أراد الشارح ذكرها وبيان وجهه تركها.

ـ قال ابن السكيت هو مصدر قولك : آض يتيض أيضا بمعنى عاد يقال آض إلى أهله أي : رجع وآمن بمعنى صار. (علي المسكيني).

(٤) وقوله : ابن مسعود رضي‌الله‌عنه : اغد عالما أو متعلما ولا تكون إمّعة ، أي : الذي يقول مع كل واحد أنا معك لضعف رأيه.

(٥) كقوله عليه‌السلام : «لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقتم كما ترزق الطيور تغدو خماصا وتروح بطانا» [أخرجه الترمذي (٢٣٤٤)]. (خبيصي).

٣٢٦

وأسقط المصنف ذكر هذه الأفعال الأربعة من البين في مقام التفصيل مع ذكرها في مقام الإجمال ، وكان الوجه في ذلك أنها من الملحقات ولذالم يذكرها صاحب المفصل.

وقال صاحب اللباب : وألحق بها (آض وعاد ، وغدا وراح) فأسقطها عن البين إشارة (١) إلى عدم الاعتداد بها ؛ لأنها من الملحقات (٢).

(وما زال) من زال يزال ، لا من زال يزول فإنها تامّة.

(وما برح) بمعناه من برح أي : زال ومنه البارحة : الليلة الماضية.

(وما فتئ) أيضا بمعناه.

(وما انفك) (٣) أي : ما انفصل (لاستمرار خبرها) أي : خبر تلك الأفعال ، (لفاعلها) قيل : سمي (٤) اسمها فاعلا (٥) تنبيها على أن اسمها (٦) ليس بقسم على حدة من المرفوعات كما أن خبرها قسم على حدة من المنصوبات (٧)

(مذ (٨) قبله) أي : قبل فاعلها خبرها.

__________________

(١) قوله : إشارة إلى عدم الاعتداء بها فالذكر في الإجمال لكونها ناقصة في الجملة ، وعدم الذكر في التفضيل إشارة إلى عدم الاعتداد. (س).

(٢) قوله : (لأنها من الملحقات) في الأصل ، وإن صارت في الاستعمال ناقصة بخلاف آل ورجع واستحال وتحول وارتد ، فإنها ملحقات مطلقا فلذا تركها في الإجمال والتفصيل ..

(٣) وفي الصحاح : ما انفك فلان قائما ، أي : ما زال قائما ، وإنما لم يقل بمعناه كما في الأولين ؛ لأن الزوال هاهنا مدلوله اللازمي الانفكاك ، ولذا أشار إلى معناه الأصلي الذي دل عليه بالمطابقة بقوله : (أي : ما انفصل). (أيوبي).

(٤) والحاصل : أن مراد هذا القائل أن أسماء الأفعال الناقصة داخله في تعريف الفاعل. (محرم).

(٥) في مقام التسمية بالاسم لاقترانه بالخبر بخلاف ما تقدم من قوله : لتقرير الفاعل على صفة ، فإنه يجوز أن يكون إطلاقه علينا توسعا كإطلاق الصفة على الخبر. (حاشية).

(٦) أي : اسم الأفعال الناقصة مطلقا ، وإن كانت التسمية واقعة في الأفعال المصدرة بالنفي ؛ لأن خصوصية هذه الأفعال ملغاة في التسمية. (حكيم).

(٧) من حيث إنه ركن من الكلام لا يتم الإفادة بدونه ، وإن هذه أفعال في المعنى قيد بخلاف غيره من المفعولات. (وجيه).

(٨) قوله : (مذ) ظرف من الظروف المبنية بمعنى أول المدة مبني على السكون مرفوع مبتدأ ـ

٣٢٧

أي (١) : من وقت يمكن أن يقبله عادة ، فمعنى (ما زال زيد أميرا) استمرار أمارته من زمان قابليته وصلاحيته (٢) للإمارة ، أما دلالتها (٣) على الاستمرار فلأن النفي مأخوذ من معاني هذه الأفعال (٤) ، فإذا دخلت أدوات النفي عليها كانت معانيها نفي النفي (٥) ، ونفي النفي استمرار الثبوت (٦).

واعتبار (٧) الصلاحية والقابلية معلوم عقلا (٨).

(ويلزمها) أي : هذه الأفعال الأربعة إذا أريد بها استمرار الثبوت (٩)

__________________

ـ عند المصنف ، كما مر في بحث الظروف وجملة فعلية صغرى مرفوعة المحل خبر المبتدأ بتقدير الزمان ، أي : زمان قبله ، وعند الزجاج مذ خبر مقدم وما بعده مبتدأ مؤخر وعلى هذين القولين فالجملة اسمية. (زيني زاده).

(١) قوله : (أي من وقت) وهذا تفسير لمذ ، يعني : أن المراد بقوله مذ قبله أن الخبر مستمر للفاعل وابتداء ذلك الاستمرار هو الزمان الذي يمكن. (حاشية).

(٢) وإنما اعتبر الاستمرار من زمان الصلاحية ؛ لأنه المتبادر عند الإطلاق. (حاشية).

(٣) قوله : (أما دلالتها) إنما احتيج إلى بيان وجه الدلالة ؛ لأن دلالة المركبات على معانيها بمفردها ليس بوضع سوى وضع المفردات فلا يرد أن هذه الأفعال بمعنى كان دائما معتمد قبله بحسب الوضع فلا حاجة إلى هذا البيان. (حكيم).

(٤) بحيث قصد نسبته إلى الفاعل في جزء غير معين من أجزاء الزمان الذي هو مدلول تلك الأفعال.

(٥) لأن معاني كل منها دالة على انتفى وهو الزوال والانفصال ، فإذا دخلت عليه حرف النفي يكون نفي النفي ، أعني : نفي الزوال والانفصال. (أيوبي).

(٦) وذلك أن استمرار العدم لا يفتقر إلى سبب بخلاف استمرار الوجود. (وجيه الدين).

(٧) قوله : (واعتبار الصلاحية) شروع في بيان فائدة قوله : مذ قبله ، يعني : كأنه قيل : إن الاستمرار مدلول تلك الأفعال ، وهذا ظاهر ، وأما دلالتها على الصلاحية فليست بمدلولها ولا اعتبروها فقال : واعتبار الصلاحية. (عبد الله أفندي).

(٨) جعله خارجا عن الوضع مع أن ظاهر عبارة المصنف لما قيد بقوله : مذ قبله اقتضى عدم التفريق بين الدلالتين لاعتباره القيد مع المقيد ، ويمكن أن يجاب أن مراده تحقيق للواقع لا تفسير الكلام المصنف ، يعني : أنه في الواقع كذا وكذا. (حكيم).

ـ أي : بمعونته ، والحاصل : أن الفريق بين الدلالتين هو أن الأولى وضعية أي : داخلة ، والثانية عقلية أي : خارجية. (أيوبي).

(٩) يعني : إذا كانت موضوعة لاستمرا الثبوت وأيد بها ذلك لشرحها النفي ليدل على الاستمرار. (وجيه).

٣٢٨

(النفي) (١) بدخول أدواته (٢) عليها لفظا ، وهو ظاهرا وتقديرا (٣) كقوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] أي : لا تفتؤ (٤).

فإنه لو لم تدخل أدوات النفي عليها لم يلزم نفي النفي المستلزم الاستمرار المقصود منها.

(وما دام (٥) لتوقيت أمر) أي : تعيينه (بمدة ثبوت خبرها لفاعلها) بأن جعلت تلك المدة ظرف زمان له ، وذلك (٦) لأن لفظة (ما) مصدرية ، فهي مع ما بعدها في تأويل (٧) المصدر وتقدير الزمان (٨) قبل المصادر كثير.

__________________

(١) يعني : إذ قد حذف حرف النفي لفظا ويراد معنى وذلك في جواب القسم ، كقوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) أي : لا تفتؤ ، وقول امرئ القيس :

فقلت لها والله أبرح قاعدا

ـ أي لا أبرح. (خبيصي).

(٢) إن كانت ماضية فما ولم ولا في الدعاء ، وإن كانت مضارعة فما ولا ولن والأولى أن لا يفصل بين ما ولا وبينهما بظرف وشبهه وإن جاز ذلك فيغير هذه الأفعال لا ليوم جئتني ولا أمس. (سيالكوني).

(٣) وحذفها لم يسمع إلا في مضارعاتها وإنما جاز حذفها لعدم اللبس ؛ إذ قد تقرر أنها لا تكون ناقصة إلا معها ويحذف مع القسم كثيرا. (رضي).

(٤) ولا يجيء منهم الأمر والنهي إلا ما زال فإنه قد جاء منه النهي كقول الشاعر :

صاح شمرة ولا تزل ذاكر

الموت فنسيانه ضلال مبين

 ـ (مرشح).

(٥) اعلم أن ما دام يكون تامة بمعنى بقي ، كقوله تعالى : (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ)[هود : ١٧] وبمعنى سكن أيضا ، كقوله عليه‌السلام : «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الساكن» [أخرجه مسلم (٢٨١)]. (أمير).

(٦) قوله : (وذلك) بيان لكون مدلولات التوقيت المذكور باعتبار وضعها التركيبي ولا ينافي في ذلك صيرورته علما بعد لاستعمال في الظرفية بحيث لا يصح تقدير الزمان معه. (حكيم).

ـ أي : مادة ذلك المراد دلالتها على الوقت حاصل به. (أيوبي).

(٧) إذا استعمل ظرفا كما في شرح المفصل إذ يقد قبله زمان كما قاله الرضي واستبعده الشارح. (وجيه الدين).

(٨) قوله : (تقدير الزمان) جعل تقدير الظرف هنا فرع تقديره في المصادر ولك مندوحة عنه ؛ لأن ما في ما دام صار علما في تقدير الزمان معه حتى يمتنع ذكر الزمان معه ، وليس الأمر بهذه المثابة في شيء من المصادر. (عصام).

٣٢٩

وإذا قدر الزمان (١) قبله ، فلا بدّ هناك من حصول كلام يفيد فائدة تامة.

وإلى هذا أشار بقوله (ومن ثم) أي : ومن أجل أنه لتوقيت أمر بمدة ثبوت خبرها لفاعلها (احتاج إلى) وجود (كلام) مستقل بالإفادة (لأنه) حينئذ مع اسمه وخبره (ظرف) والظرف فضلة غير مستقل بالإفادة ، مثل : (أجلس ما دام زيد جالسا) أي : أجلس مدة دوام جلوس زيد.

فما دام لم يشفع (ما دام) (٢) ب : (أجلس) ولم يحصل من المجموع كلام لا يفيد فائدة تامة ، بخلاف الأفعال المصدرة بحرف النفي فإنها مع أسمائها وأخبارها كلام مستقل بالإفادة ، فلا حاجة إلى وجود كلام ورائها.

(وليس (٣) لنفي مضمون الجملة حالا) أي : زمان الحال ، مثل : ليس زيد قائما ، أي : الآن.

وهذا هو مذهب الجمهور.

(وقيل) هي لنفي مضمون الجملة (مطلقا) ولذلك تقيد (٤) تارة بزمان الحال ، كما

__________________

(١) بخلاف ما لم يقدر الزمان حينئذ يكون مؤولا بالمصدر المضاف إلى مضمون الجملة ، فلا بد من تقديم مفرد آخر يصير معه كلاما تاما. (س).

(٢) وفي هذا الكلام ظرافة ظاهرة فإن المراد بما دام الأول معناه ، وقوله : (لم يشفع) على صيغة المجهول من التشفيع والجملة صلة ما في ما دام الأول وهو ظرف لقوله لا يفيد. (تكملة).

ـ قوله : (ما دام لم يشفع) أي : لفظه وقد تنازع الفعلان فيه ، فإن أعملت الثاني ففي الأول ضمير هو اسمه ، وإن أعملت الأول فهو اسمه ولم يشفع خبره تقدم على الاسم ، وعلى التقديرين لا يدخل ما دام على الجملة الفعلية على ما وهم. (س).

(٣) قوله : (وليس) كلمة نفي ، وهي فعل ماض وأصلها ليس بكسر الياء فسكنت استثقالا ولم يقلب ألفا ؛ لأنها لا من حيث استعملت بلفظ الماضي حالا ، والدليل على أنها فعل قولهم : لست لستما لستم ، كقولهم : ضرب ضربتما ، والباء يختص بخبرها دون أخواتها ، نحو : ليس زيد بمنطلق ، فالباء لتعدية الفعل وتأكيد النفي ، ولك أن لا تدخل الباء لأن المؤكد يستغني عنه ، ولا من الأفعال ما يتعدى بنفسه وبحرف الجر ، وقد يستثنى بها تقول : جاءني القوم ليس زيدا ، تقديره : ليس الجائي زيد. (مختار الصحاح).

(٤) قوله : (ولذلك يقيد) فإنه لو كان لنفي الحال يكون التقيد بزمان الحال تأكيدا والتقييد بزمان الماضي والاستقبال محتاج إلى التجريد ، وكلاهما خلاف الأصل ، قال الأندلسي : ليس ـ

٣٣٠

تقول : ليس زيد قائما الآن ، وتارة بزمان الماضي ، نحو : (ليس خلق الله مثله) وتارة بزمان المستقبل نحو قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) وهذا مذهب سيبويه (١).

(ويجوز تقديم أخبارها) أي : أخبار الأفعال الناقصة (كلها على أسمائها) إذ ليس فيها إلا تقديم المنصوب على المرفوع فيما عامله فعل (٢).

فإن أريد (٣) بجواز التقديم نفي الضرورة عن جانبي وجوده وعدمه فينبغي أن يفيد بمثل قولنا : ما لم يعرض ما يقتضي تقديمها عليها ، نحو : (كم كان مالك) (٤) ، أو تأخيرها (٥) عنها ، نحو : (صار (٦) عدوي صديقي).

وأن أريد به نفي الضرورة عن جانب العدم فقط (٧) ، فينبغي أن يقيد بمثل قولنا :

__________________

ـ بين القولين تناقض ؛ لأن خبر ليس إن لم يقصد بزمان يحمل على الحال كما يحمل لا يجاب عليه في نحو زيد قائم ، وإذا قيد بزمان من الأزمنة فهو على ما قيد هذا إذا كان الاختلاف بينهم في الاستعمال ، كما يشير إليه قوله : (يحمل) لكن الظاهر أن الاختلاف المذكور في الوضع فالتناقص بين المذهبين باق. (سيالكوتي).

(١) ودليل المذهب الثاني راجح ؛ لأن الاستعمال بتقييده بالأزمنة الثلاثة يدل على أن موضوع للقدر المشترك لئلا يلزم القول بالاشتراك أو بالحقيقة والمجاز والأصل ينفيهما. (حاشية).

(٢) احتراز عما إذا كان العامل حرفا ، نحو : زيد قائما وإن زيدا قائم فإنه لا يجوز تضعيف العامل. (سيالكوني).

(٣) قوله : (فإن أيد بجواز التقديم) يمكن أن يختار هذا الشيء ، ويراد أنه يجوز تقديم أخبارها على أسمائها بمعنى أنها لا تمنع من هذا التقديم قد علم حكمها فلا حاجة إلى التعرض لها هاهنا. (عصام).

(٤) قوله : (كم كان مالك) الظاهر أن هذا بمعزل عما هو فيه ؛ إذ الكلام في تقديم الخبر على مجرد الاسم وهذا المثال داخل في تقديم الخبر على نفس الفعل نعم هذا يتجه على قولهم : قسم يجوز. (عصام الدين).

(٥) وإنما ينبغي أن يقيد به ليخرج ما إذا عرض ما يقتضي التقدم والتأخر ؛ لأنه حينئذ يكون التقديم والتأخير واجب لا جائزا فعلى هذا بطل إرادة الإمكان الخاص. (وجيه).

(٦) ولما كان قوله : ما لم يعرض ما يقتضي تقديمها عليها غير ظاهر في التقديم على الأسماء والأفعال مما تعرض لمثال إشارة إلى دخوله فيه. (لمحرره).

(٧) على ما هو مقتضيا لإمكان العام إلى التقديم بما ذكر ؛ لأن الصورة المذكورة أيضا من ـ

٣٣١

(إذا لم يمنع مانع من التقديم) وحينئذ يجوز (١) أن يكون واجبا كالمثال المذكور.

(وهي) (٢)(٣) : الأفعال الناقصة (في تقديمها) (٤) أي : تقديم أخبارها (عليها) أي : على تلك الأفعال واقعة على (ثلاثة أقسام : قسم (٥) يجوز) تقديم (٦) أخبارها عليها (وهو من كان إلى راح) وهو أحد عشر فعلا ، لكونها أفعالا.

وجواز (٧) تقديم المنصوب على المرفوع في الأفعال لقوتها.

__________________

ـ صورة الجواز المعنى المذكورة ، لكن ينبغي أن يفيد بما إذا لم يمنع من التقديم مانع ؛ لأنه إذا كان مانع يمنع من التقديم لا يجوز التقديم كما إذا انتفى الإعراب فيهما ، والقرينة نحو : كان موسى عيسى ، ولا حلاجة إلى هذا القدر إذا أريد بالجواز المعنى الأول وهو ظاهر. (وجيه).

(١) قوله : (وحينئذ يجوز) فصور وجوب التقديم على الأسماء كلها داخلة في قوله : يجوز تقديم أخبارها على أسمائها ، وأما إرادة نفي الضرورة عن جانب الوجود فلا تتحملها عبارة المتن ؛ لأن الإمكان أما عبارة عن سلبا لضرورة عن الطرفين أو سلب الضرورة من الجانب المخالف للحكم والحكم المصرح به في المتن الإيجاب ، فلا يمكن حمله على سلب ضرورته. (سيالكوتي).

(٢) ولما فرغ المصنف تقسيم الأفعال الناقصة بحسب ذاتها شرع في بيان تقسيمها بالنسبة إلى جواز تقديم أخبارها عليها وعلم جوازها فقال : (وهي). (أيوبي).

(٣) قوله : (أي : الأفعال الناقصة) لأن الكلام في أحوالها وفيه إشارة إلى رد من قال : إن الضمير راجع إلى الأخبار لمناسبته للسياق فإن ما تقدم كان حكم الأخبار. (سيالكوني).

(٤) ظرف للخبر الظرف ، أعني به على ثلاثة أقسام أو ظرف مستقر حال من المبتدأ عند ابن مالك أو من ضمير المستكن في الخبر عند الأخفش وابن برهان خلافا لسيبويه ، فإنه المجوز تقديم الحال على عامله الظرف مطلقا. (زيني زاده).

(٥) بدل البعض من ثلاثة أقسام بحذف العائد أي : منها أو بدل الكل مع ما عطف عليه منها. (معرب).

(٦) قوله : (تقديم أخبارها عليه) أشار بتأنيث الضميرين إلى أن ضمير يجوز راجع إلى التقديم المذكور سابقا لا إلى القسم إذا اللازم ح تذكير الضمير ليعود إلى القسم والعائد محذوف أي : قسم يجوز فيه. (حكيم).

(٧) قوله : (وجواز) لم يعد اللام إشارة إلى أن المجموع دليل واحد فالجزء الأول لإثبات أنه لا مانع من جانب العامل والجزء الثاني لإثبات أنه لا مانع من جانب المرفوع لمن قال إنه سهو من طغيان القلم والصواب وجواز تقديم المنصوب على الأفعال فقدسها. (حاشية).

٣٣٢

(وقسم لا يجوز) تقديم أخبارها (١) عليها (وهو) أي : هذا القسم (ما في أوله) كلمة (ما) نافية كانت أو مصدرية.

أما إذا كانت نافية فلا متناع تقديم ما في حيز النفي ؛ لأنه يقتضي التصدر ، وأما إذا كانت مصدرية فلا متناع تقديم معمول المصدر على نفس المصدر. ويخالف (٢) هذا الحكم (خلافا) ثابتا (لابن كيسان) (٣) بأن يكون هذا الخلاف واقعا ظاهرا من جانبه ، لا من انب الجمهور ، كما يقتضيه باب المفاعلة لتقدمهم فكأنه (٤) لا مخالفة منهم.

وذلك الخلاف منه (في غير ما دام) لأن أداة النفي لما دخلت على الفعل الذي معناه النفي أفادت الثبوت ، فصار بمنزلة (كان) فلا يلزم تقديم ما في حيز النفي ، بحسب المعنى (٥).

(وقسم مختلف فيه) ظهر فيه الخلاف من الجمهور من بعضهم مع بعض فإن الافتعال (٦) هاهنا بمعنى التفاعل المقتضى لمشاركة أمرين في أصل الفعل.

__________________

(١) فالمراد منه الأفعال الخمسة المذكورة سابقا عبر عنها بهذه العبارة اختصارا لأن كل ما دخله ما مثل ما كان وما سار.

(٢) قدر الفعل العامل مع الواو إشارة إلى أن المحذوف جملة مستأنفة وليس حالا لعدم صحته لفظا ومعنى ؛ لأن الواو مقدرة ؛ إذ لا دليل عليه. (حكيم).

ـ ولما كان هذا الحكم متفقا عليه للجمهور ولم يخالفهم إلا ابن كيسان أراد المصنف أن يذكر ذلك الخلاف وقدر الشارح إشارة إلى أنه مفعول مطلق. (أيوبي).

(٣) لأنها للمشاركة فيكون كل من الفاعل والمفعول شريكا في أصل الفعل. (وجيه).

(٤) قوله : (فكأنه لا مخالفة منهم) ولا يتحقق التخالف المقتضى للمشاركة في أصل الفعل صريحا فلا يندرج القسم الثاني في القسم الثالث. (محشي).

(٥) وإن كان لازما من حيث الصورة والموجب للصدارة تغيير المعنى والحق أنه اعتبر نسبة الفعل ولا إلى الجملة ثم اعتبر النفي كان النفي الذي هو مدلول ما متوجها إلى الجملة فلا يجوز التقديم وإن اعتبر نسبة النفي إلى الفعل ولأثم اعتبر بعد الصيرورة مثبتا نسبة إلى الجملة لم تكن الجملة معمولة النفي فيجوز التقديم والظاهر هو الثاني ؛ لأن صيرورة ناقص. (حاشية).

(٦) قوله : (فإن الافتعال) دليل لدلالة هذا اللفظ ودفع لما قيل : إن هذا اللفظ من باب الافتعال فلا دلالة على المشاركة فكيف يدل على الخلاف المشترك فيما بينهم فكأنه أجاب عنه بأن الافتعال وإذا لم يدل على الخلاف ولكنه دل عليه منها. (تكملة).

٣٣٣

صريحا (١) (وهو) أي : القسم المختلف فيه كلمة (ليس).

فالمبرد والكوفيون وابن السراج والجرجاني : على أنه لا يجوز ، مراعاة المنفي ، إذ يمتنع تقديم معمول النفي عليه.

والبصريون وسيبويه (٢) والسيرافي والفارسي : على أنه يجوز ، بناء على أنه فعل ، وجواز تقديم معمول الفعل عليه.

وبين الطائفتين في حكم هذا القسم معارضة ومجادلة.

وبهذا اندفع (٣) ما قيل : كان من الواجب على المصنف أن يجعل ما في أوله (ما) النافية من القسم المختلف فيه ، لوقوع الخلاف فيها من ابن كيسان.

(أفعال المقاربة)

(أفعال المقاربة) (٤)

__________________

(١) قوله : (صريحا) بخلاف المفاعلة فإنها المشاة أمرين في أصل الفعل من أحد الجانبين صريحا ومن الآخر ضمنا.

(٢) قوله : (وسيبويه) في شرح التسهيل لم ينص سيبويه على ذلك لكن ظاهر كلامه يقتضي ذلك على أنه يجوز في الذي وهو الصحيح لما ثبت مثلا قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)[هود : ٨] فيوم يأتيهم معمول لمصروفا وإذا تقدم معمول عامل جاز تقديم العامل نحو : إما زيد فاضرب وبأن ينصب يوم بفعل مقدم أي: يعرفون يوما أو بأنه مبتدأ بين لإضافة إلى الجملة وبأن الظرف قد يتوسع فيه. (سيالكوني).

(٣) وذلك أن المخالف في ليس طائفة كثيرة من محققي البصرية بخلاف غيرها ما دام فإن المخالف فيه ابن الأبناري فلم يعتد باختلافه. (وجيه الدين).

ـ حاصلة الفرق بين الاختلاف والخلاف فإن الأول لمشاركة أمرين في أصل الفعل صريحا فيقتضي وقوع الفعل من الجانبين معا والثاني يقتضي وقوع الفعل من أحد الجانبين صريحا. (سيالكوني).

ـ وقوله : (وبهذا أن دفع ما قيل) : كان وجه الدفع أن المراد بالخلاف عدم اجتماع المخالفين وتأخر المخالف والمراد بالاختلاف كون المخالفين معاصرين منازعين دل عليه قوله : بأن يكون هذا الخلاف واقعا ظاهرا من جانبه لا من جانب الجمهور كما يقتضيه باب المفاعلة لتقدمهم وحاصل الكلام ضعف جانب المخالف في الخلاف فإنه كمخالفة الإجماع وعدم جانب في الاختلاف ؛ لأنه ليس فيه خلاف ما تقرر. (عصام الدين).

(٤) اعلم أنه هذه الأفعال من أخوات كان لكونها لتقرير الفاعل على صفة إلا أنه أفرد بالذكر لاختصاص خبرها بالفعل المضارع وامتناع تقديم خبرها عليها. فاضل الأمير.

٣٣٤

(ما وضع) أي : فعل (١) وضع (لدنو الخبر) أي (٢) : للدلالة على قرب حصوله للفاعل (رجاء) منصوب على المصدرية (٣) بتقدير مضاف ، أي دنو (٤) رجاء بأن يكون ذلك الدنو بحسب رجاء المتكلم ، وطمعه حصول الخبر له ، لا بجزمه به.

ف : (عسى) في قولك : (عسى زيد أن يخرج) يدل على قرب حصول الخروج لزيد ، بسبب أنك ترجو ذلك وتطمعه ، لا أنك جازم به.

(أو) وضع لدنو الخبر وقرب ثبوته للفاعل (حصولا) أي : دنو حصول ، بأن يكون إخبار المتكلم بذلك الدنو لإشراف الخبر على حصوله للفاعل.

__________________

(١) إشارة إلى أن التعريف لفعل المقاربة ؛ إذ التعريف للماهية دون الأفراد فقوله : (أفعال المقاربة) بتقدير هذا باب أفعال المقاربة وقوله : (ما وضع) خبر للعائد إلى فعل المقاربة أي : هو ما وضع. (عصام).

ـ فالوصول إما خبر مبتدأ محذوف عن هو الراجع إلى الفعل المفهوم في ضمن الجمع أو إضافة الأفعال للجنس فتبطل الجمعية فيكون خبرا لها واختار صيغة الجمع للإشارة إلى تقديرها كما تقرر في الأصول. (عبد الحكيم).

(٢) لما لم يكن الدنو المذكور تمام ما وضع له أفعال المقاربة لدخول النسبة والزمان في مدلولها أيضا والمتبادر مما وضع له تمام الموضوع له لم يجعل اللام صلة للوضع وجعلها للغرض قدر الدلالة والظاهر أن المراد بيان المعنى المشترك بينها الذي به يمتاز عن باقي الأفعال كما في تعريف الأفعال الناقصة فلا حاجة إلى تقدير الدلالة. (سيالكوني).

(٣) حاصل كلامه أن الدنو الذي اعتقده المتكلم قد يكون سببه ومنشؤه رجاء المتكلم الحصول الخبر للفاعل وقد يكون جزمه بإشراف الخبر على الحصول من غير أن يشرع فيه وقد يكون جزمه بشروع الفاعل في الخبر فالدنو يتنوع أنواعا ثلاثة باعتبار منشأ وسبب حصوله في ذهن المتكلم والأول مدلول عسى ، والثاني مدلول كاد ، والثالث مدلول طفق. (فاضل محشي).

(٤) يعلم منه عسى موضوع لرجاء دنو الخبر ومثل لنفس دنو حصول الخبر ومثل أخذ لدنو الشروع في الخبر وليس كذلك فإن عسى لم توضع لطمع دنو الخبر بل للطمع مطلقا سواء يرجى حصوله عن قريب أو مدة مديدة نحو : عسى الله أن يدخلني الجنة وأخذوا مثاله موضوعة لنفس الشروع في الخبر لا لدنو الشروع فيه صرح بذلك الرضي فالعبارة المتجردة كما قال صاحب المنهل أقوال المقاربة ما وضع لدلالة ما على دنو حدوث الخبر ككاد أو على رجائه كعسى أو على الأخذ فيه طفق.

٣٣٥

ف : (كاد) في قولك (كاد زيد أن يخرج) يدل على قرب حصول الخروج لزيد لجزمك بقرب حصوله.

(أو) وضع لدنو الخبر وقرب حصوله للفاعل (أخذا فيه) أي : دنو أخ وشروع في الخبر ، بأن يكون ذلك الدنو بسبب جزم المتكلم بشروع الفاعل في الخبر بالتصدي لما يفضى إليه.

ف : (طفق) في قولك : (طفق زيد يخرج) يدل على قرب حصول الخروج لزيد بسبب جزم المتكلم بشروعه فيما يفضي إليه.

(فالأول) ما وضع لدنو الخبر رجاء (عسى).

قال سيبويه : عسى (١) طمع وإشفاق.

فالطمع في المحبوب ، والإشفاق في المكروه ، نحو : (عسيت أن أموت) ومعنى الإشفاق : الخوف.

(وهو غير متصرف) حيث لا يجيء منه (٢) مضارع ومجهول وأمر ونهي إلى غير ذلك من الأمثلة.

وإنما لم يتصرف في (عسى) لتضمنه معنى إنشاء الطمع والرجاء ك : (لعلّ) (٣) والإنشاءات (٤) في الأغلب من معاني الحروف ، والحروف لا يتصرّف فيها.

__________________

(١) يعني : أن لفظ عسى يجب كون اتصال الفاعل بالخبر نوعان الأول طمع.

ـ قوله : (عسى طمع وإشفاق) فيخرج عن تعريف فعال المقاربة عسى للإشفاق فينبغي أن يقول رجاء أو إشفاق لا تقول عسى الإشفاقية موضوعة لدنو الخبر رجاء لأنا نقول قيد الحيية مراد وكيف لا وأفعال المقاربة قد يكون لبعضها معنى لا يكون باعتباره منها.

ـ قوله : (قال سيبويه : عسى طمع) المقصود من هذا الكلام إفادة أن القسم الأول مقصود ومختص بعسى وليس عسى مختصا به فغنه يجيء للإشفاق أيضا وحينئذ لا ترد ما قيل : إنه يجب أن يوق لالمص رجاء أو إشفاقا ؛ إذ ليس المقصود ضبط المعاني بل ضبط الأقسام ولا قسم خارج عن الأقسام الثلاثة وأن كان لما وضع للقسم الأول معنى آخر.

(٢) إلا أنه منصرف في نفسه فإنه يجيء منه صيغة الماضي كلها.

(٣) ولهذا لا يستعمل في المحال فلا يقال عسى زيد أن يطير.

(٤) قوله : (والإنشاءات) أي : المعاني الإنشائية من التمني والترجي والعرض والقسم ـ

٣٣٦

(تقول) (١) على أحد استعماليه : (عسى زيد أن يخرج) وهو أن يكون بعده اسم ثم فعل مضارع مصدر ب : (أن) الاستقبالية تقوية لمعنى الترجي ، الذي هو توقع وجود الفعل في الاستقبال (٢).

ف : (زيد) اسم عسى و (أن يخرج) في محل النصب (٣) بالخبرية ، أي : عسى زيد الخروج (٤) ، بتقدير (٥) مضاف ، أما في جانب (٦) الاسم نحو : (عسى حال زيد الخروج) وأما في جانب الخبر ، أي : عسى زيد ذا الخروج ، لوجوب (٧) صدق الخبر على الاسم.

وعلى هذا (عسى) ناقصة (٨).

وقيل (٩) : المضارع مع (أن) مشبه بالمفعول وليس بخبر ، لعدم صدقه على الاسم

__________________

ـ والنداء والتحضيض والطلب من معاني الحروف وإنما قال : في الأغلب ؛ لأن طلب الفعل مدلول الأمر عند البصريين وهو مع كثرته في نفسه معلوف للحروق الإنشائية.

(١) ولما استعمل لفظ عسى بحسب لعدم اسمه على حبره وتأخره عنه أورد المصنف مثالين شير إليهما فقال : (وتقول).

(٢) ولما كان المضارع المجرد محتملا للحال والاستقبال أكد بأن التي هي مخصصة للمضارع بالاستقبال. (أيوبي).

(٣) للمثل السائر عسى الغدير أبؤسا وقول الشاعر :

لا تكثرون إني عسيت صائما

(٤) أي : قرب اتصافه بالخروج في حال كون استقامة معناه وصحة الحمل. (أيوبي).

(٥) وقيل : إنه من قبيل : رجل عدل ، وقيل : إن زائدة.

(٦) قوله : (أما جانب الاسم) يزيقه ما جاء في كلامهم من قولهم : عسيت صائما ويرجح تأويل الخبر باسم الفاعل. (عصام).

(٧) متعلق بتقدير المضاف أي لوجوب صدق الخبر على الاسم لكونها في الأصل مبتدأ وخبر والحدث لا يصدق على الجثة. (حاشية).

(٨) قوله : (ناقصة) بمعنى أنها لا تتم بالمرفوع لا بمعنى تقدير الفاعل على صفة كما عرفت. (حكيم).

ـ وهذا التوجيه موافق لكون أفعال المقاربة من الأفعال الناقصة. (لمحرره).

(٩) شروع إلى توجه آخر الذي يقتضي أن يكون عسى من الأفعال التامة. (أيوبي).

٣٣٧

وتقدير المضاف تكلف (١) وذلك ؛ لأن المعنى الأصلي : قارب زيد أن يخرج أي : الخروج ثم نقل (٢) إلى إنشاء الطمع (٣).

فالمضارع مع (أن) وإن لم يبق على المفعولية في صورة الإنشاء فهو مشبه بالمفعول الذي كان في صورة (٤) الخبر ، فانتصب لشبهه المفعول.

و (عسى) على هذا تامة.

وقال الكوفيون (أن يفعل) (٥) في محل الرفع بدلا مما (٦) قبله ، بدل الاشتمال ؛ لأن فيه إجمالا ثم تفصيلا (٧) ، وفي إبهام الشيء ثم تفسيره وقع عظيم لذلك الشيء في النفس.

وقال الشارح الرضي : والذي أرى (٨) أن هذا وجه قريب.

__________________

(١) قوله : (تكلف) إذا لم يظهر هذا التناف في اللفظ أبدا لا في الخبر كذا في الرضي واعتذر بعضهم بأنه من باب رجل عدل وصوم فلا يقدر مضاف. (وجيه).

(٢) فصار عسى زيد أن يخرج منقولا من معناه الأصلي الذي هو خيار المقاربة إلى معنى الإنشاء فكأن المتكلم قال : أنشأت طمعي بهذا اللفظ. (محرم).

(٣) أي : طمع حصول معنى الفعل لمرفوعها فلم يبقى معنى الفعل المتعدى وهو تعلق الحدث القائم بالفاعل بالمفعول فهو في الاستعمال الأول كالفعل المتعدى وفي الاستعمال الثاني كاللازم. (سيالكوني).

(٤) قوله : (في صورة الخبر) كما في ما أحسن زيدا فإن قيل : معناه شيء جعل حسن ثم تغير عنه بإفادة إنشاء التعجب فلم يكن مفعولا فصار في صورة المفعول ومشبها به. (وجيه الدين).

(٥) أي : مع فعلة الذي هو المضارع ليس بمنصوب الخبرية في التوجيه الأول ولا بمشابهة المفعول كما في التوجيه الثاني بل هو في محل الرفع. (تكملة).

(٦) قوله : (بدلا مما قبله) والفعل قاصر بمنزلة قرب كذا في المتفق وأما عسيت صائما وعسى الغدير أبؤسا فشاذان أو على تضمنها معنى كان أو على تقدير عسى الغدير أن يكون أبؤسا حذف الفعل مع أن لكثرة وقوعه بعد عسى. (س).

(٧) وهو ذكر الخروج بعده وكل لفظين إذا قصد الإجمال بالأول والتفصيل بالثاني يكون الثاني بدل الاشتمال من الأول. (أيوبي).

(٨) فيه أنه لا نسلم وجود معنى المقاربة في عسى فكيف يظن قرب هذا الوجه ومعنى التوقع والرجاء الذي اعترف به لا يتم المرفوع. (سيالكوني).

٣٣٨

(و) تقول على الاستعمال الآخر (عسى أن يخرج (١) زيد) بأن يذكر مرفوع فقط ، هو ما كان منصوبا في الاستعمال الأول ، فاستغنى عن الخبر لاشتمال الاسم على المنسوب والمنسوب إليه كما استغنى في (علمت أن زيد قائما) عن المفعول الآخر ، أي : مقامهما(٢) فهي في هذا الاستعمال ناقصة (٣).

وإن اقتصر على المرفوع من غير قصر إقامته مقام المرفوع والمنصوب ، بمعنى : (قرب خروج زيد) فهي تامة.

وهاهنا احتمال آخر : وهو أن يكون (زيد مرفوعا بأنه اسم (عسى) وفي (يخرج) ضمير يعود إلى (زيد) (٤) و (أن يخرج) في محل النصب بأنه خبر عسى وآخر (٥) : وهو أن يجعل ذلك من باب التنازع بين (عسى) (ويخرج) في (زيد) فإن أعمل الأول كان (زيد) اسم (عسى) و (أن يخرج) خبرا له مقدما عليه ، وإن أعمل الثاني كان اسم (عسى) ما استكن فيه من ضمير (زيد) وخبره (أن يخرج زيد) فهي على هذين الاحتمالين ناقصة أيضا (٦).

__________________

(١) مثّل بمثالين تنبيها على استعمال عسى كونه حاصل الرفع والنصب وكونه عامل الرفع فقط بأن يكون أن يخرج وزيد فاعل عسى ولا يكون له منصوب. (عصام الكافية).

(٢) وكذا قام أن يخرج مقام المنسوب والمنسوب إليه. (لمحرره).

(٣) قال به ابن مالك وذلك أنه قال : عمده أنها ناقصة ولكن سدت أن وصلتها في هذه الحالة مسد الخبرين كما في : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا)[العنكبوت : ٢] إذا لم يقل أحد بأن حسب خرجت حين ذلك عن أصلها. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (إلى زيد) ولا يمنع بتقديم الخبر التباس الاسم بفاعل الخبر كما في زيد قام ؛ لأن كونه طالبا للاسم مع امتناع الإضمار قبل الذكر بوجب كون زيد اسمه فلا يلتبس بالفاعل بخلاف زيد قام نعم يتوقف صحة هذا التوجيه على ثبوت عسى إن يخرجا الزيدان ويزيفه أيضا أنه لو كان كذلك ينبغي أن يجوز عسى يخرج زيد بحذف أن قتأصل عصام فلا التباس باتحاد المعنى بل هو تعدد وجوده الاستعمال بخلاف زيد قام قائد لو قدم قام يفوت التعدي فضية التباس.

(سيالكوني).

(٥) هاهنا احتمال آخر يكون عسى فيه مستعملا بالاستعمال الأول متحدا معه في المعنى لا يتوقف ثبوته على ثبوت استعمال عسى أن يخرجا الزيدان وعسى الزيدان أن يخرجا. (عبد الحكيم).

(٦) اعلم أن التوجيه الأول يتوقف على ثبوته في الاستعمال عسى أن يخرج الزيدان ولو ـ

٣٣٩

(وقد يحذف (أن) عن الفعل المضارع في الاستعمال الأول تشبيها (١) لها ب : (كاد) فكما أن (كاد زيد يخرج) لم يذكر فيه (أن) كذلك (عسى زيد يخرج) لا يذكر فيه (أن) كقولهم : عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب (٢)

كان الأصل فيه (أن يكون وراءه) فحذف (أن) منه دون الاستعمال الثاني لعدم مشابهة قولك : عسى أن يخرج زيد ، بقولك (٣) كاد زيد يخرج.

(والثاني) أي : ما وضع لدنو الخبر دنو حصول (كاد) تقول : (كاد (٤) زيد يجيء) فتخبر عن دنو الخبر لعلمك بإشرافه (٥) على الحصول للفاعل في الحال (٦).

__________________

ـ كان الاستعمال عسى أن يخرج الزيدان فلا شيء على مذهب البصريين من اختيار إعمال الثاني. (محشي).

(١) قوله : (تشبيها لها ب : كاد) لاشتراكهما في كونهما فعلين للمقاربة لا على وجه الشروع وفي كون ما بعدهما اسما ثم مضارعا لا لعل لقلة المشابهة بها. (سيالكوني).

(٢) والبيت لهدبة بن الخشرم كان من فصحاء بادية الحجاز وكان هدبة قد قتل ابن عم زائدة بن زيد الجاري فهرب وأخذ عمه ابن غيره لأجله فسجن فبلغه ذلك فقال : عسى الكرب محل معاوية فقدم عليه عبد الرحمن محوال إلى معاوية فادعى عليه قتل أخيه فقال معاوية : ما تقول يا هدبة؟ فطلب منه عبد الرحمن أن يقتله فكره معاوية على الكرب الذي. (حاشية).

ـ والمعنى عسى الحزن الذي أمسيت فيه وصرت واقعا فيه يكون وراؤه وأمامه وانفراج قريب. (شرح).

(٣) هذا واضح على تقدير أن يكون زيد فاعل يخرج أما لو كان اسم عسى وأن يخرج خبره أو يكون اسم عسى ضمير زيد كما جوزه فالمشابهة متحققة كما كانت في الاستعمال الأول. (عصام).

(٤) فعل ناقص التصرف من حد سمع لم يأت فيه إلا الماضي والمضارع ومعناه قارب كذا الاتفاق يأتي في الأشهر وأوى عند الأصمعي. (ك).

(٥) في القاموس أشرف المريض على الموت أشفي عليه. (سيالكوني).

ـ قوله : (بإشرافه) على الحصول أي : بإشراف الخبر وإطلاعه على حصوله للفاعل قال في الصحاح : أشرفت عليه ، أي : أطلعت عليه من فوق. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (في الحال) متعلق بالحصول في الزمان الحال لشدة قربه منه إلا أنه لم يشرع فيه على ما في الرضي فإذا كان في الإثبات يدل على ثبوت شدة القرب وإذا كان في النفي يدل على شدة نفي القرب لا على الشدة كما أن الجملة الاسمية المنفية تدل على دوام النفي لا على نفي ـ

٣٤٠